اختارت وسائل الإعلام العربية والغربية المعادية للجمهورية الإسلامية الإيرانية وفروعها الإعلامية الناطقة بالفارسية نهج العبور بصمت وعدم لفت الانتباه في قضية الهجوم الذي استهدف مرقد السيد أحمد بن موسى الكاظم (ع) في مدينة شيراز جنوب إيران مساء أمس الأربعاء.
التحليل:
- بينما كان من المتوقع أن تركز وسائل الإعلام المعادية، -مثل الحالات المماثلة السابقة- قصارى جهدها على إظهار الضعف الأمني للجمهورية الإسلامية الإيرانية في حادث شيراز الذي وقع مساء أمس الأربعاء، وأسفر عن استشهاد 15 إيرانيا وإصابة 40 آخرين، إلا أنها لم تتخذ هذه السياسة في الحادث.
دليل اتخاذ هذا النهج واضح تماما، فتخشى هذه الوسائل الإعلامية أن يربط الجمهور الهدف من وراء الحادث بأهداف مثيري الشغب، وبالتالي أن تذهب سدى ما يسمى مجهودها التي استمرت 40 يومًا .
-ويمكن أن نستخلص نهج هذه الوسائل الإعلامية في أنها إذا ركزت على انعدام الأمن في إيران فعليها أن تفسر الدعايات الغريبة التي قامت بها خلال الأربعين يومًا الماضية ووصفت خلالها قوات الأمن وإنفاذ القانون الإيرانية كقوات مسلحة متعطشة للدماء وأعداء للشعب.
- في الحادث الآنف ذكره، تصرفت وسائل الإعلام المعادية بشكل منسق مع بعضها تماما، بحيث لم تركز على الحادث الإرهابي في شيراز إنما سلكت طريق التردد والحذر في تحليل أسبابها. وحكمها على اقصى تقدير في التعامل مع العمليات الإرهابية في شيراز هو التشكيك في قضية تبني داعش العملية. أو التشكيك في تصريحات المسؤولين الإيرانيين الذين قالوا بحق إن الاضطرابات وأعمال الشغب توفران الأرضية لتنفيذ الأعمال الإرهابية ومن الواضح أنها تحاول من خلال الإجراء الأخير اعتبار مثيري الشغب بانهم محتجون .
- أما فيما يتعلق بتبني داعش هذه العملية، فإن وسائل الإعلام الإيرانية استندت إلى خبر رويترز الذي نشر مساء أمس وكذلك إلى الإعلان المنسوب إلى هذا التنظيم، وغير ذلك لا يوجد حتى الآن أي شواهد أو مستندات أو بيان رسمي من السلطات يؤكد هذا الموضوع. لكن من المؤكد أن الهجوم الإرهابي في شيراز كان مدبرا من خارج الحدود نظرا لهوية منفذ العملية.
-من جانب آخر لا يقبل اي عاقل أن تكون الحكومة تحاول التغلب على أزمة أقل خطورة عبر إفتعال أزمة أخرى. ومن الواضح كوضوح الشمس أن مثل هذه المواقف الشاردة وعديمة المنطق ناجمة عن موقفين محددين. أولاً ، إما كانت هذه الوسائل الإعلامية على علم بحادث شيراز منذ البداية، أو أنها أصبحت العوبة بيد الاخرين دون أن تشعر. لكن في كلتي الحالتين، اختارت هذه الوسائل الإعلامية اتباع نهج إعلامي موحد ومنسق لعدم التركيز على العمليات الإرهابية في شيراز.
- لقد شهدنا في الأيام الأخيرة إفتعال الازمات وفي أشكال مختلفة في الجمهورية الإسلامية الإيرانية بتوجيه من خارج الحدود. بداية من أعمال الشغب الاخيرة مرورا إلى اتهام إيران ببيع طائرات مسيرة لروسيا في الحرب ضد أوكرانيا، وبالتالي إلى التركيز على سيناريو "استخدام مندسين لقتل المحتجين والصاق التهم للقوات الامنية"، واتهام المسؤولين الإيرانيين بالكذب، وتنفيذ عملية إرهابية في أربعينية مهسا أميني.
مع يسير من التأمل في كل أزمة من هذه الأزمات والتركيز على تزامنها الخاص بعضها مع بعض، يظهر أن عقلا منفصلا عن هذه االأزمة خارج الحدود، يدير حربا هجينة صعبة واخرى ناعمة ضد الشعب الإيراني.
ورغم أن الحكم على كواليس حادث شيراز يتطلب التحقيق، الا أن مما لا شك فيه أن هذه العملية لن تبقى دون رد والخيوط الأولية لتحديد كواليس حادث شيراز الارهابي قد تتواجد لدى الداعمين الأجانب لبعض وسائل الإعلام الخاصة في اعمال الشغب الاخيرة .
من المؤكد أن جريمة شيراز لن تمر مرور الكرام ولم يعد التسامح والالتزام بوقف التصعيد حلاً في مواجهة التوترات الإعلامية والميدانية المتكررة لمفتعليها الذين يعيشون خارج البلاد.
المصدر:العالم