بعد الحِجاب جاءت المسيّرات.. هل خلت جعبة الغرب من الذرائع؟

قيم هذا المقال
(0 صوت)
بعد الحِجاب جاءت المسيّرات.. هل خلت جعبة الغرب من الذرائع؟

بعد الاجراء المتهور وغير المدروس الذي اتخذته القيادة الاوكرانية والمتمثل في تفجير جسر القرم، جاء الرد الروسي، كما كان متوقعا، قويا طال بعض البنى التحتية لاوكرانيا، انطلاقا من مبدا الرد بالمثل، نظرا لاعتبار جسر القرم بنية تحتية روسية، الا انه، وكما سيتضح لاحقا، ان هناك من همس في اذن الرئيس الاوكراني فولاديمير زيلنسكي، ليستغل الهجوم الروسي ويعلن ان موسكو استخدمت في هجومها ضد بلاده مسيّرات إيرانية من طراز شاهد 136.

كان واضحا منذ البداية ان الهمس في اذن زيلنسكي كان مزدوجا، فهو امريكي "إسرائيلي"، بدليل ان القيادة الاوكرانية، عندما اتهمت ايران ومن دون ان تقدم ادنى دليل، اعتبرت تزويد ايران لروسيا بالمسيّرات، انتهاكا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2231 الصادر في 2015 والذي رعى الاتفاق النووي بين ايران ومجموعة 5+1.

اللافت ايضا ان القيادة الاوكرانية لم تكتف بهذه الاشارة، بل دخلت في عمق تفاصيل القرار 2231، ودعت الى فرض المزيد من العقوبات على ايران، وعلى الفور تلقف الثلاثي الامريكي البريطاني الفرنسي، الدعوة الاوكرانية، وطالبوا بعقد جلسة لمجلس الامن لبحث سبل الرد على ايران لانتهاكها القرار ، ويبدو ان العقوبات كانت جاهزة من قبل حيث تم فرض عقوبات طالت كيانات واشخاص بذريعة ارتباطهم بالمسيّرات.

لا يحتاج المتابع لذكاء خارق ليعرف ان الطريقة التي تم الترويج لها لكذبة المسيّرات الايرانية من قبل اوكرانيا والغرب، غايتها حصرا استهداف ايران وليس روسيا، فالتاكيد اللافت على هذه الكذبة رغم النفي القاطع لايرن وروسيا لها، هدفه الضغط على ايران، التي تتعرض لحرب نفسية واعلامية شرسة على خلفية احداث الشغب التي شهدتها بعض المدن الايرانية مؤخرا، لدفعها للتوقيع على اتفاق نووي وفقا لشروط امريكا والثلاثي الاوروبي.

رغم ان نفي ايران المتكرر لمزاعم اوكرانيا والغرب ارسالها السلاح الى روسيا، فاننا نفترض جدلا صحة هذه المزاعم، ومع هذه الحالة فان ايران لم تنتهك القرار 2231، لان القيود التي يفرضها القرار على بيع ايران للاسلحة التقليدية، انتهت في تشرين الاول / أكتوبر من عام 2020 ، ومنذ ذلك الحين لا تخضع أي من إجراءات إيران لتوريد أو بيع أو نقل أسلحة تقليدية أو مواد ذات صلة إلى دول أخرى للقرار 2231، ولكن تبقى هناك قيود وفقا للفقرة 4 من الملحق "ب" من القرار مفروضة على المواد والمعدات والسلع والتكنولوجيا المتعلقة بتطوير أنظمة صواريخ والأسلحة النووية، وهو ما تلتزم به ايران حاليا.

يبدو ان ذريعة المسيّرات، التي يقف وراءها الثنائي الامريكي الاسرائيلي، اضعف من ذريعة الحجاب، التي يتمسك بها الغرب هذه الايام، بعد خلو جعبته من الذرائع، فمن جانب يؤكد الاعلام الغربي ان المسيّرات الايرانية تستهدف المدنيين، لكن الاعلام الاوكراني يؤكد ان المسيّرات تسببت بمقتل 4 مدنيين فقط. وفي الوقت الذي تعلن فيه الاستخبارات الامريكية ان المسيّرات الإيرانية أصيبت باعطال في أحيان كثيرة، وان روسيا تبحث عن مصادر اخرى لتوريد المسيرات، وان اوكرنيا اسقطت منها 220 مسيرة حتى الان، نرى وزير الدفاع الإستوني هانو بيكور يقول "علينا جميعا ( الناتو) فهم أهمية تكريس جهودنا لهذا (التصدي للمسيّرات الايرانية) ، وفهم كيفية عملها وكيفية إسقاطها"!.

على اصحاب القرار في اوروبا، ان يفكروا ولو لمرة واحدة بمستقبل بلدانهم، بعيدا عن التأثير الامريكي، وان يتعاملوا مع روسيا كجار اوروبي، يمكن حل جميع مشاكلهم معه دبلوماسيا، ويكفي مشهد تساقط الحكومات في بريطانيا وايطاليا، على خلفية الازمات الاقتصادية التي اخذت تلقي بظلالها على شعوب اوروبا، بسبب الحرب الاوكرانية، بينما امريكا تقف على بعد الاف الكيلومترت وترسم على وجهها ابتسامة صفراء. اما بالنسبة لايران، فعلى اصحاب القرار الاوروبي ان يقفوا ويتأملوا جيدا نتائج سياستهم ازاءها، بعيدا عن اللوبيات الصهيونية، عسى ان يعيدوا حساباتهم، فاليوم نراهم يتداعون لتجنيد كل امكانيات الامم المتحدة، وفي مقدمتها مجلس الامن، لمنع ايران من تزويد قوة عظمى مثل روسيا بالسلاح، بعد مرور اكثر من اربعة عقود، على عقوباتهم التي فرضوها على الشعب الايراني!.

نجم الدين نجيب – العالم

 

قراءة 416 مرة