الرسول الأكرم مظهر للصدق والأمانة والمروءة
ميلاد النبي المكرم سيدنا محمد بن عبد الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم).. ميلاد حامل راية التوحيد والعدالة والعلم والطهر : "هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلوا عليهم آياته ويزكّيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة" . مظهر كل هذه الأمور هو ذلك الكيان المقدس.
فمنذ ولادته وحتى مبعثه - أي خلال أربعين عاماً - كانت هذه الفترة فترة اختبار للطهر والأمانة والمروءة والصدق عند رسولنا العزيز. الصديق والعدو من رؤساء القبائل إلى كل فرد من الناس، والمسافرون الذين كانوا يقصدون مكة، أو الذين التقوا الرسول الأكرم في أسفارهم التجارية، اعترفوا وشهدوا كلهم أن هذا الإنسان الجليل النجيب مظهر للطهر والأمانة والصدق والمروءة. لم ير أي بشر أية نقطة سلبية في حياة هذا العظيم. لم يسمع أية كذبة. لم يشاهد أي أعتداء أو تطاول منه على حقوق الآخرين. الناس كلهم اعترفوا بهذا الشيء، وعرفوا الرسول الأكرم بهذه الخصال والصفات طيلة أربعين عاماً.
أعداء الرسول إنما يعادون رسالته لا شخصه
وبعد الأربعين - حينما انطلقت دعوة الرسول - انهمرت سيول العداء والحقد والاتهام والافتراء على الرسول من قبل قسم كبير من أولئك الناس أنفسهم. أولئك الناس أنفسهم الذين كانوا يشهدون للرسول بالنـزاهة والطهر والعلم والصدق قبل البعثة، قالوا عنه بعد البعثة، إنه ساحر، ومجنون، وكذاب، وغيرها من التهم المذكورة في القرآن. إذن، لم تكن مشكلة أعداء الرسول مع شخص الرسول، إنما مع رسالته. كل الذين شكلوا جبهة متحدة ضده كانوا يعادون رسالته في التوحيد والعدل وسائر تعاليم مدرسته.
وطوال هذه الألف وأربعمائة سنة أيضاً لم تكن القضية سوى هذه. إنْ كنا نلاحظ إهانات توجه للرسول في أدبيات بعض البلدان الغربية، وعلى أقلام وألسنة سياسيين من أكناف العالم الغربي، فالقضية هنا أيضاً قضية الجاهلية الأولى. الذين يعادون الرسول اليوم أيضاً، والذين يوجهون الإهانة لاسمه وذكراه، إنما يعادون ويعارضون رسالة التوحيد والعدل والتحرر التي جاء بها للبشر.
كل الذين أحرزوا القوة والثروة عن طريق الظلم، والخداع، والإكراه، وإهانة البشر واستعبادهم، يعادون هذه الرسالة.. يعادون رسالة التوحيد.. رسالة التوحيد التي تدعو الناس لعبودية الله الواحد. من يغدو عبداً لله الواحد سيخرج طبعاً من عبودية أرباب الثروة والمِكنة والقوة. الذين أرسوا دعائم حياتهم على أساس التمييز بين الشعوب والبشر لا يرغبون في نبي العدل، ويعادونه.
عداء المستكبرين لرسول الله مؤشر ضعف وخوف
لقد كان هذا العداء مؤشر ضعف وخوف يومذاك، وهو اليوم أيضاً مؤشر ضعف وخوف. الذين يعارضون الرسول والإسلام، ويحقدون عليهما، ويوجّهون لهما التهم، يمارسون هذا السلوك السيء من موضع الضعف لا من موضع القوة. خافوا يومها من رسالة التوحيد والعدل التي جاء بها الرسول وشعروا بالخطر، واليوم أيضاً - حيث قلوب الناس في كل أنحاء العالم ظامئة للمعنوية نافرة من منطق القوة الذي يعتمده جبابرة العالم - يشعرون بالخطر من الإسلام الذي يرفع راية العدل والمساواة والمعنوية والعبودية لله في العالم، ويدعو البشر المرهقين من النظم المادية إلى نفسه. اليوم أيضاً، يوجه مستكبرو العالم ومرتزقتهم الإهانات للرسول بسبب خوفهم؛ هذه علامة هزيمتهم وليست مؤشر قوتهم أو اقتدارهم
الإساءة الغربية للرسول سياسة وليست أعمالا فردية
يخطئ من يتصور - في هذا المضمار - أن شخصاً واحداً أو كاتباً مأجوراً مثل سلمان رشدي أو رسام كاريكاتير مأجوراً - كالذي كان في بعض البلدان الأوربية - هو الطرف الذي يقف مقابل الإسلام. هؤلاء هم قوات المشاة البائسون سود الوجوه للاستكبار العالمي. إنما الطرف في القضية هو السياسات... الطرف في القضية هم أعضاء الشبكة الاستعمارية والاستكبارية في العالم، شبكة الصهاينة الغدارين السفاحين والساسة الخاضعين لنفوذهم. لذا تلاحظون مسؤولاً في الاتحاد الأوربي يعلن صراحةً أن على جميع وسائل الإعلام الغربية إهانة رسول الإسلام وبشكل جماعي. ليس هذا سوى كشف للنقاب وفضح للذات في مثل هذه القضايا. واضح أن الإسلام بتغلغله إلى قلوب الناس في كافة أرجاء العالم بث الخوف بشدة في قلوب المستكبرين والجبابرة، فصاروا يرون الحل في معاداة رسول الإسلام. وقد هزموا في الماضي وسيهزمون اليوم أيضاً على يد المسلمين بحول من الله وقوة.
* الإمام الخامنئي دام ظله.