كلمة الإمام الخامنئي في لقاء ذاكرين أهل البيت(عليهم السلام)_15/2/2020
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا أبي القاسم المصطفى محمد، وعلى آله الأطيبين الأطهرين المنتجبين، لا سيما بقية الله في الأرضين. اللهم صلّ على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها.
أرحّب بكم أيها الإخوة الأعزاء والأخوات العزيزات من المجتمع ذي الأثر المؤثر الحاسم لذاكري أهل البيت (عليهم السلام). أنتم بنفسكم مؤثرون، بالإضافة إلى أن سلوككم وكلامكم وبرامجكم لها دور حاسم في بعض الظروف. وقد استفدنا كثيرًا اليوم وأنا أتقدم -جادًّا ومن الأعماق- بالشكر للقارئ المحترم وللمنفذين المحترمين ولذاكري أهل البيت المحترمين، وللشاعر المحترم، وللمقدم المحترم. فقد كانت جلسة جد طيبة وقد استفدنا منها إلى أقصى حد.
مهمّتكم: توجيه المجالس إلى حيث يريدها الأئمّة
حسنًا، مجتمع ذاكري أهل البيت يتولى على عاتقه مهمة كبيرة وهي إدارة أفراح المجتمع وأتراحهم. إنكم في الواقع تديرون الأفراح المعنوية والمآتم الأساسية والقلبية العميقة وتوجهونها وتديرونها. المجتمعات التي ليس لها هذا الوضع ولا تملك هذه المجالس وهذا البكاء وهذه الأفراح، تشعر بهذا الفراغ، وأنا على اطلاع بأنهم يريدون بشكل من الأشكال ملء هذا الفراغ وردمه. ولكن من دون جدوى. مهمتكم هي هذه. وتقاليد هذه المهمة لا تعود إلى اليوم والأمس القريب. بل تعود إلى زمن الأئمة (عليهم السلام). حين ترون أنهم يشجعون دعبل أو أمثال هؤلاء الأجلاء بهذا الشكل ويحثّونهم ويجلسون للاستماع إلى أشعارهم ويحثّونهم ويدفعونهم لمواصلة هذه الأعمال، فهذا العمل هو عين المهمة التي تقومون أنتم اليوم بها. والعمل الذي عرضه أعزاؤنا اليوم هنا نموذج له.
بعد حادثة كربلاء أضحت إقامة العزاء للشّهداء عملًا شائعًا. فقد روّجوا لمجالس العزاء للشهداء والأئمة (عليهم السلام) ما بقي إلى يومنا هذا. وخلافًا لما تصوّره البعض –في بعض الفترات كانت هناك ميول تنويرية لدى البعض تقول إنّ التّعازي والبكاء علامة ضعف وما شاكل ذلك– البكاء في مجالس الشهداء ليس بكاء ضعف بل هو بكاء إرادة وبكاء عزم وبكاء تبيين للمشاعر السامية لإنسان وسط الميدان. وهذا هو حال العزاء للشهداء اليوم. فتشييع جثامين الشهداء ومجالس عزاء الشهداء وتكرار أسمائهم كله عزاء. كما وفيه بكاء. لكنّه وسيلة للشعور بالعزة والشعور بالقوة والشعور بالشجاعة. ولاحظوا ما الذي حدث في البلد كله [في تشييع] شهيدنا العزيز الأخير هذا. ليس فقط في بلدنا بل في خارجه أيضًا لاحظوا أي حدث عظيم سطّره تكريم هؤلاء الشهداء الأخيرين؛ الشهيد سليماني وأبي مهدي المهندس والآخرين! هذا هو معنى توجيه وإدارة مجالس العزاء. أي إنّ باستطاعتكم توجيه وإدارة مجالس العزاء ومآتم الناس بالاتجاه الذي يريده الأئمة (عليهم السلام) ويحتاجه المجتمع.
الحاجة الكبيرة التي يعيشها بلدنا اليوم هي أن يتسلح شبابنا بأنواع الأسلحة الناعمة، أسلحة الحرب الناعمة، أي القدرة الروحية والفكرية. وقد أشرت مرارًا إلى بعض النقاط فيما يتعلق برفع مستوى قوة البلد. من الجوانب والنواحي المهمة الحاسمة في تعزيز البلد ورفع قدراته وقواه هو هذا الأمر؛ أي أن نسلح شبابنا بسلاح الفكر وسلاح التفكير الصحيح وما تزخر به معارف أهل البيت (عليهم السلام) والمعارف الفاطمية. وسوف أشير لاحقًا إلى نموذج صغير منها.
جيلنا الشاب الذي عقدنا عليه آمالنا –لأن مستقبل هذا البلد بأيديكم أنتم الشباب والأمل معقود على الشباب– يجب أن يكون فولاذيًا صلبًا وذا عزم وبصيرة. وأن يعلم ما الذي يريد أن يفعله وإلى أين يريد أن يصل وكيف يجب عليه أن يقطع الطريق. ما يستلزم معارف أهل البيت. هذا السلاح يصون المجتمع والنظام الإسلامي والإسلام والمسلمين. إذًا نحن بحاجة إلى إحياء معارف أهل البيت (عليهم السلام).
وأقولها لكم أيها الإخوة الأعزاء الذين تشكلون مجتمع ذاكري أهل البيت وتمارسون هذا الدور:
إنّ هذه المسؤولية مسؤولية مهمة. فإذا لم نعمل بمسؤولية الهداية بالشكل الذي ذكرناه، سوف نُسأل أمام الله تعالى. يعني أنه ما إن توجه واجب ما نحونا، علينا أن نعمل بهذا الواجب. وإذا لم نعمل به فسيغضب الله تعالى. لاحظوا نموذج النبي يونس في القرآن، وهو النبي الإلهي العظيم، حيث غضب على قومه. وهو من وجهة نظرنا لم يقم بأمر خارج عن المنطق. فهو كان قد دعا قومه إلى الهداية لسنين طويلة. لكنّهم أصروا على الكفر والضلال. فما عسى هذا الإنسان أن يفعل؟ غضب عليهم وخرج من عندهم. لكن في المنطق الإلهي، ما كان يجب أن يغضب عليهم. «وَذَا النّونِ اِذ ذَهَبَ مُغاضِبًا فَظَنَّ اَن لَن نَقدِرَ عَلَيه» تصوّرَ أننا لن نتشدد عليه «فَنادىٰ فِي الظُّلُمٰتِ اَن لا اِلٰهَ اِلّا اَنت» ابتلاه الله تعالى بتلك الحادثة العجيبة؛ ولو لم يقرأ هذه الأذكار ولو لم يتوسل بهذا التوسل «لَلَبِثَ في بَطنِه اِلى يومِ يبعَثون»! كان مقرّرًا أن يبقى هناك إلى يوم القيامة؛ لاحظوا! لأنه كان نبيًّا كان عقابه أشد من الآخرين. إذا كنا في موقع المسؤولية ولم نعمل بها فإن الله تعالى سيعاقبنا «فَظَنَّ اَن لَن نَقدِرَ عَلَيه» ، تصور أننا لن نتشدّد معه. بلى، سوف نتشدّد معه. الله يتشدد ويعاقب. إذا كنتم شعراء أو من ذاكري أهل البيت أو خطباء أو وعّاظًا... كلّما كان مستواكم المعرفي أعلى وأكبر، وكلما كان مستواكم المعنوي أعلى، كانت التّوقّعات منكم في ساحة العدل الإلهي وفي حضرة الحق أعلى وأكبر. هذا ما ينبغي أن نتذكّره دائمًا، ويجب أن نطلب العون من الله.
صبرٌ عجيب.. بركة هذه المجالس والمحافل
وإذا تحقّقت مهمّة نقل معارف أهل البيت في مجالس العزاء والهيئات الحسينية وما شاكل، فسيكون ذلك ذخرًا لا ينتهي. وتلاحظون اليوم أن بلادكم ومجتمعكم يصبر صبرًا عجيبًا تحت ضغوط متنوعة. نحن نقرأ كلامهم ونشاهدهم ونسمعهم. وقد أثار صبر الشعب الإيراني هذا دهشة المراقبين في العالم. إنهم متعجّبون. لا تستطيع الشعوب [الأخرى] الصبر على خُمس أو رُبع هذه الضغوط التي يمارسها الغول الأمريكي المتوحّش. بينما يقف الشعب الإيراني بصلابة. وهذه مظاهراته -في الثاني والعشرين من بهمن وقبلها تشييعه لقائده السماوي- أذهلت الجميع بأن أي شعب مقاوم هذا. وهذا ببركة معارف أهل البيت وببركة هذه المجالس والمحافل وبفضل اسم وذكر الحسين بن عليّ وببركة اسم وذكر فاطمة الزهراء (سلام الله عليها).
من الأمور التي ينبغي أن تتابع في هذه المجالس بكل تأكيد وبفضل من الله قضيّة نمط العيش الإسلامي. ما أود أن أطلبه هو أن يركّز الإخوة الأعزاء على قضيّة نمط عيش الأئمة (عليهم السلام) ونمط العيش الإسلامي في مطالعاتهم وأبحاثهم. وليزين شعراؤنا الملتزمون البارزون –الذين سمعتم اليوم نموذجًا لأعمالهم هنا– هذه القضية بفنونهم الشعرية وليقدموها ويقرأوها في المجالس حتى يصار إلى صناعة ثقافة في هذا الشأن. إذا أردنا أن نعيد نمط العيش إلى حالته الإسلامية بشكل صحيح مقابل موجة جبهة العدو، فهذا هو السبيل. أي ينبغي صناعة ثقافة في هذا الخصوص. لاحظوا أنكم تقولون في الدعاء: «اللَهُمَّ اجعَل مَحياي مَحيا مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّد وَمَماتي مَماتَ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّد» حسنًا، ما معنى محيا؟ معنى محيا هو أن اجعل حياتي شبيهة بحياتهم. يعني نمط العيش، هذا ما نريده؛ هذا ما أرادوا منا أن نقوله ونريده ونعمل به. قضية نمط العيش هذه من الأمور التي ينبغي أن تتابع.
لقد استطاع العدو للأسف مستفيدًا من ضعف وخيانة الرؤساء العملاء المرتبطين بالأنظمة الإسلامية. من جملة ما كان واقعًا في بلادنا طوال سنيّ ما قبل الثورة. حيث استطاع الترويج لنمط عيشه. إذا كنّا نشاهد لامبالاة، وإذا كنا نشاهد إسرافًا، وإذا كنا نشاهد مشكلات متنوعة في داخل البلاد فالسبب هو الابتعاد عن الأخلاق الإسلامية وعن نمط العيش الإسلامي. إذا أردنا تحكيم نمط العيش الإسلامي فيجب بناء ثقافة. وبناء الثقافة يتم بهذه الوسيلة وأنتم أفضل من يستطيع صناعة الثقافة وبناءها بين الناس. وإعادة التّيّار نحو الإسلام بكل ما للكلمة من معنى.
في هذه الأدعية المتوفرة بين أيدينا – الأدعية المأثورة التي وصلتنا عن الأئمة – هناك تضرع وهناك توجه وهناك جاذبية وأنس وصفاء وبكاء. وهذا كله محفوظ. ولكن بالإضافة إلى ذلك، فهذه الأدعية دروس؛ بمعنى أنها توقظ الفكر في ذهن الإنسان وتمنحه تفكيرًا جديدًا. عندما تقرأون في الدعاء: «اَللهمّ اَغنِني عَن هِبَةِ الوَهّابينَ بِهِبَتِك وَاكفِني وَحشَةَ القاطِعينَ بِصِلَتِك» فما معنى ذلك؟ معنى ذلك أنه حتى لو قاطعكم العالم كله فلن تستوحشوا إذا كنتم على اتصال بالله، «حَتّى لا اَرغَبَ اِلى اَحَدٍ مَعَ بَذلِك وَلا اَستَوحِشَ مِن اَحَدٍ مَعَ فَضلِك» ، إنه درس. إنه ما يمنحنا فكرًا وتحليلًا لمستقبل حياتنا وهو أن نخطّط ونتصل بالله ونرتبط به ولا نخشى قطع الآخرين لصلتهم بنا وعداءهم لنا. وهذا أمر حدث في صدر الإسلام أيضًا. وتلاحظون أنّه يحدث الآن أيضًا. لو أن أحدًا قال في بداية الثورة إنّ هذا المجتمع الإسلامي والثورة الإسلامية يمكنها الوصول إلى هذه المحطات من حيث المرتبة العلمية والتقنية والموقع السياسي والنفوذ في المنطقة وما إلى ذلك، لما صدّق ذلك أي إنسان بالتأكيد. لكنّه حدث فعلًا. وذلك لأنّكم اعتمدتم على الله وعملتم. وواضح طبعًا أن الاعتماد على الله لا يعني الإقلاع عن العمل والبطالة.
عن السيدة الزهراء.. نحن غرباء!
حسنًا، وفيما يخص السيدة الزهراء (سلام الله عليها) فإن مراتبها المعنوية أسمى بكثير من حدود تفكيرنا العادية نحن البشر. نعم. أهل الله والخواص يدركون بعض الأمور في عالم المعنى. أمّا نحن فغرباء للإنصاف. ولا ندرك تلك المقامات القدسية. ولا ندرك «وَالسِّرِّ المُستَودَعِ فيها» ولا نستطيع إدراكه حقًا. لكننا نرى السلوكيات الحياتية العادية ونستفيد منها ونستلهم منها الدروس. فالشائع والمشهور عن هذه السيدة العظيمة في مجال القضايا الثقافية وقضية الحجاب والوقوف أمام الباطل لتثبيت الحق والدفاع عن الولاية، وما شاكل؛ أمور تشاهد وتكرر. لكن هناك جانبًا آخر من سلوك هذه الإنسانة العظيمة ومن المعارف الفاطمية وهو قضية مساعدة الآخرين. وأريد اليوم أن أتحدث قليلًا عن قضية التضامن الاجتماعي ومساعدة الآخرين. فعندما يسألها ابنها لماذا تدعين فقط للآخرين في أدعيتك وتضرعك؟ تجيب «يا بُنَي الجّارَ ثُمَّ الدّار» إنه درس وطريق ومسؤولية اجتماعية تذكرنا بها. أو في قضية المسكين واليتيم والأسير حيث يذكر الله تعالى تلك الحادثة بكل تلك العظمة في سورة "هل أتى" بسبع عشرة آية أو ثماني عشرة آية ما يدل على عظيم قدرها. ﴿وَيطعِمونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّه مِسكينًا وَ يتيمًا وَاَسيرًا * اِنَّما نُطعِمُكم لِوَجهِ الله﴾. هذه الحادثة حادثة رمزية، بلى. صبر أولئك الأجلاء على جوعهم وجوع كل أفراد عائلتهم وقدّموا المساعدة لليتيم والمسكين والأسير. لقد حدث هذا الأمر على أرض الواقع لكنه رمزي. كان بوسع السيدة الزهراء أن تقول لهم اذهبوا إلى مسجد النبي فهناك مركز الدولة الإسلامية –والآن أيضًا يقول البعض لماذا تساهمون في تربية المتسوّلين، إنها دولة إسلامية بالتالي ويجب أن تقوم بذلك– كلا. واجبات الدولة لا تنفي واجبات المجتمع. من واجب الأفراد في المجتمع أن يساعدوا بعضهم بعضًا بكل ما للكلمة من معنى. سواء المساعدة المالية أو المساعدة الفكرية أو المساعدة في حفظ ماء الوجه. ينبغي أن تتكون في المجتمع الإسلامي مختلف أنواع المساعدة. هذا درس فاطمي ومعرفة فاطمية.
من مشاكل مجتمعنا في الوقت الحاضر قضية الشباب: قضية فرص العمل للشباب وزواج الشباب.
عناصر الشباب من الفتيات والفتيان متواجدة بوفرة. لكن الزواج صعب وغير ممكن. يجب أن تتم المساعدة. وعلى الأفراد أن يعملوا في هذه المجالات ويسعوا. ويجب بناء ثقافة في هذا الخصوص. فعندما يجري الترويج لقلة الإنجاب وتحديد النسل في الإعلام متعدد الجوانب والشامل، سنصل إلى الوضع الحالي. الذي يحذر فيه أصحاب الخبرة والاختصاص مما سيحدث بعد عشرين عامًا وثلاثين عامًا من حيث شيخوخة البلد والمجتمع. فالمجتمع العجوز لا يمكنه الوصول إلى تلك القمم. وكل حالات التقدم عندنا إلى اليوم كانت بفضل تواجد الشباب ومشاركتهم. الشيوخ وكبار السن لهم دورهم بلا شك، لكن المحرّك هم الشباب. وإذا حرم هذا المجتمع من نسبة ملحوظة من الشباب فسوف يتسلط العدو عليه. بناء هذه الثقافة عملية ضرورية وهي بأيديكم. تشكيل العائلة يحتاج إلى صناعة ثقافة. والزواج الميسّر يحتاج إلى صناعة ثقافة. وعدم التشدّد في الزواج يحتاج إلى صناعة ثقافة. وعملية صناعة الثقافة أمرٌ تقدرون عليه أنتم. وهي مهمتكم وواجبكم. شريحة ذاكري أهل البيت بوسعها القيام بالكثير من الأعمال.
من هذه المعارف الصمود وعدم الاستسلام مقابل التعسّف. وقد كانت الكثير من أشعار السادة اليوم مختصة بهذه القضية وهي صحيحة ورصينة. هناك محفّزات شديدة وقوية لإقناع الشعب الإيراني بأنه عليه أن يتنازل. إذاعات العالم ووسائل التواصل الجماعي في العالم ووسائل إعلام العدو ومجمع مراكز الأبحاث والجمعيات الفكرية تجلس وتخطط لإقناع شعب إيران بأنه عليه التنازل أمام أمريكا ولا سبيل سوى ذلك. لكن شعبنا بحمد الله صامد. ولكن ينبغي بث الطاقة المعنوية تباعًا وإحياؤها باستمرار. هذه إحدى المعارف. ورد في دعاء الصحيفة السجادية: «وَلا تَجعَل لِفاجِرٍ وَلا كافِرٍ عليّ ... يدَا» أي لا تجعلني مدينًا لكافر أو فاسق ولا تجعلني محتاجًا لهم. فلا تكون عيني مسمرة على أيديهم ولا أشعر بالضعف أمامهم. هذه إحدى المعارف. أن يطلب من الله أن لا يبتله بمثل هذا الوضع مقابل العدو. فمعنى ذلك أنه ينبغي عدم الابتلاء بمثل هذا الوضع مقابل العدو.
صناعة الثقافة؛ اختصاصكم وواجبكم
نحمد الله أن الروح الملحمية حية في بلادنا. في كل القضايا والأحداث التي تستدعي مشاركة ملحمية من قبل الشعب، يشارك الشعب بالحماسة اللازمة بكل ما للكلمة من معنى. ينبغي تعميق هذه الحماسة والمعنوية والمشاعر، وخصوصًا عند الشباب. ينبغي إقناع الأذهان عبر ثقافة متكاملة. وهذا متاح عبر صناعة الثقافة. وهو من اختصاصكم وشأنكم. إنه من واجب شريحة ذاكري أهل البيت. عندما أنظر لمجتمعنا أرى أن ذاكري أهل البيت المؤمنين الثوريين الشجعان ينجزون حقًّا أعمالًا ويؤثّرون على مستوى البلاد. فلنعمل على أن تكون كل شرائح ذاكري أهل البيت على هذا الشكل. كذلك الأشعار التي تقرأ والأداء الذي يقدم. لتتزود المجموعات الشابة التي تشارك وتحضر عادة في هذه التجمعات بالمعنوية والمعرفة والبصيرة بكل ما للكلمة من معنى وينهضوا بزاد معنوي وفير.
الحمد لله أن معدن الحكومة الإسلامية والمجتمع الإسلامي والجمهورية الإسلامية من هذا النوع. فلدينا قادة عسكريون جيدون، ولدينا شباب علماء متحفزون جيدون. ولدينا صنّاع ثقافة ذوو همة وغيارى وفنّانون جيّدون جدًا. ولدينا جماهير مستعدة وجاهزة في كل الساحات وفي كل مكان يحتاجه الإسلام والدولة الإسلامية والنظام الإسلامي. نساءً ورجالًا جاهزون يشاركون ويعملون. هذا هو معدن الجمهورية الإسلامية بفضل ولطف من الله. وأنا أشعر؛ يعني أنّني أرى حقًّا وأشاهد، فإنّ النّصر الحاسم النهائي على جبهة العدو الواسعة سيكون بلا شك حليف الشعب الإيراني.
في نهاية كلامي أؤكد على الإخوة الأعزاء ذاكري أهل البيت – وإذا كانت هناك أخوات عاملات في هذا الصراط – بأن يستحضروا دومًا في أذهانهم وخواطرهم الكريمة بأنكم صناع ثقافة. ويجب أن تصنعوا الثقافة. ينبغي أن تقوموا بما من شأنه أن يعكس الفكرة الصحيحة والعمل الواجب بصورة واضحة في أذهان الناس وقلوبهم وتبقى راسخة فيها. هذا العمل أكبر عبادة وأكبر صدقة وسوف يعينكم الله تعالى إن شاء الله.
اللهم بحق فاطمة الزهراء أحينا فاطميين وأمتنا فاطميين. ربنا بحق محمد وآل محمد احشرنا فاطميين. اللهم انصر شعب إيران واجعله شامخًا في كل الساحات، واحشر شهداءنا الأبرار مع الرسول. واجعل ما قلناه وسمعناه لك وفي سبيلك. واجعلنا مشمولين بلطفك ورحمتك وفضلك.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.