حق الله

قيم هذا المقال
(1 Vote)

اعْلَمْ رَحِمَكَ اللّهُ أَنّ لِلّهِ عَلَيْكَ حُقُوقاً مُحِيطَةً بِكَ فِي كُلّ حَرَكَةٍ تَحَرّكْتَهَا أَوْ سَكَنَةٍ سَكَنْتَهَا أَوْ مَنْزِلَةٍ نَزَلْتَهَا أَوْ جَارِحَةٍ قَلَبْتَهَا وَ آلَةٍ تَصَرّفْتَ بِهَا بَعْضُهَا أَكْبَرُ مِنْ بَعْضٍ وَ أَكْبَرُ حُقُوقِ اللّهِ عَلَيْكَ مَا أَوْجَبَهُ لِنَفْسِهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى مِنْ حَقّهِ الّذِي هُوَ أَصْلُ الْحُقُوقِ وَ مِنْهُ تَفَرّعَ ثُمّ أَوْجَبَهُ عَلَيْكَ لِنَفْسِكَ مِنْ قَرْنِكَ إِلَى قَدَمِكَ عَلَى اخْتِلَافِ جَوَارِحِكَ فَجَعَلَ لِبَصَرِكَ عَلَيْكَ حَقّاً وَ لِسَمْعِكَ عَلَيْكَ حَقّاً وَ لِلِسَانِكَ عَلَيْكَ حَقّاً وَ لِيَدِكَ عَلَيْكَ حَقّاً وَ لِرِجْلِكَ عَلَيْكَ حَقّاً وَ لِبَطْنِكَ عَلَيْكَ حَقّاً وَ لِفَرْجِكَ عَلَيْكَ حَقّاً فَهَذِهِ الْجَوَارِحُ السّبْعُ الّتِي بِهَا تَكُونُ الْأَفْعَالُ ثُمّ جَعَلَ عَزّ وَ جَلّ لِأَفْعَالِكَ عَلَيْكَ حُقُوقاً فَجَعَلَ لِصَلَاتِكَ عَلَيْكَ حَقّاً وَ لِصَوْمِكَ عَلَيْكَ حَقّاً وَ لِصَدَقَتِكَ عَلَيْكَ حَقّاً وَ لِهَدْيِكَ عَلَيْكَ حَقّاً وَ لِأَفْعَالِكَ عَلَيْكَ حَقّاً ثُمّ تَخْرُجُ الْحُقُوقُ مِنْكَ إِلَى غَيْرِكَ مِنْ ذَوِي الْحُقُوقِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْكَ وَ أَوْجَبُهَا عَلَيْكَ حُقُوقُ أَئِمّتِكَ ثُمّ حُقُوقُ رَعِيّتِكَ ثُمّ حُقُوقُ رَحِمِكَ فَهَذِهِ حُقُوقٌ يَتَشَعّبُ مِنْهَا حُقُوقٌ فَحُقُوقُ أَئِمّتِكَ ثَلَاثَةٌ أَوْجَبُهَا عَلَيْكَ حَقّ سَائِسِكَ بِالسّلْطَانِ ثُمّ سَائِسِكَ بِالْعِلْمِ ثُمّ حَقّ سَائِسِكَ بِالْمِلْكِ وَ كُلّ سَائِسٍ إِمَامٌ وَ حُقُوقُ رَعِيّتِكَ ثَلَاثَةٌ أَوْجَبُهَا عَلَيْكَ حَقّ رَعِيّتِكَ بِالسّلْطَانِ ثُمّ حَقّ رَعِيّتِكَ بِالْعِلْمِ فَإِنّ الْجَاهِلَ رَعِيّةُ الْعَالِمِ وَ حَقّ رَعِيّتِكَ بِالْمِلْكِ مِنَ الْأَزْوَاجِ وَ مَا مَلَكْتَ مِنَ الْأَيْمَانِ وَ حُقُوقُ رَحِمِكَ كَثِيرَةٌ مُتّصِلَةٌ بِقَدْرِ اتّصَالِ الرّحِمِ فِي الْقَرَابَةِ فَأَوْجَبُهَا عَلَيْكَ حَقّ أُمّكَ ثُمّ حَقّ أَبِيكَ ثُمّ حَقّ وُلْدِكَ ثُمّ حَقّ أَخِيكَ ثُمّ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ وَ الْأَوّلُ فَالْأَوّلُ ثُمّ حَقّ مَوْلَاكَ الْمُنْعِمِ عَلَيْكَ ثُمّ حَقّ مَوْلَاكَ الْجَارِيَةِ نِعْمَتُكَ عَلَيْهِ ثُمّ حَقّ ذِي الْمَعْرُوفِ لَدَيْكَ ثُمّ حَقّ مُؤَذّنِكَ بِالصّلَاةِ ثُمّ حَقّ إِمَامِكَ فِي صَلَاتِكَ ثُمّ حَقّ جَلِيسِكَ ثُمّ حَقّ جَارِكَ ثُمّ حَقّ صَاحِبِكَ ثُمّ حَقّ شَرِيكِكَ ثُمّ حَقّ مَالِكَ ثُمّ حَقّ غَرِيمِكَ الّذِي تُطَالِبُهُ ثُمّ حَقّ غَرِيمِكَ الّذِي يُطَالِبُكَ ثُمّ حَقّ خَلِيطِكَ ثُمّ حَقّ خَصْمِكَ الْمُدّعِي عَلَيْكَ ثُمّ حَقّ خَصْمِكَ الّذِي تَدّعِي عَلَيْهِ ثُمّ حَقّ مُسْتَشِيرِكَ ثُمّ حَقّ الْمُشِيرِ عَلَيْكَ ثُمّ حَقّ مُسْتَنْصِحِكَ ثُمّ حَقّ النّاصِحِ لَكَ ثُمّ حَقّ مَنْ هُوَ أَكْبَرُ مِنْكَ ثُمّ حَقّ مَنْ هُوَ أَصْغَرُ مِنْكَ ثُمّ حَقّ سَائِلِكَ ثُمّ حَقّ مَنْ سَأَلْتَهُ ثُمّ حَقّ مَنْ جَرَى لَكَ عَلَى يَدَيْهِ مَسَاءَةٌ بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ أَوْ مَسَرّةٌ بِذَلِكَ بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ عَنْ تَعَمّدٍ مِنْهُ أَوْ غَيْرِ تَعَمّدٍ مِنْهُ ثُمّ حَقّ أَهْلِ مِلّتِكَ عَامّةً ثُمّ حَقّ أَهْلِ الذّمّةِ ثُمّ الْحُقُوقُ الْجَارِيَةُ بِقَدْرِ عِلَلِ الْأَحْوَالِ وَ تَصَرّفِ الْأَسْبَابِ فَطُوبَى لِمَنْ أَعَانَهُ اللّهُ عَلَى قَضَاءِ مَا أَوْجَبَ عَلَيْهِ مِنْ حُقُوقِهِ وَ وَفّقَهُ وَ سَدّدَهُ .

 

فَأَمّا حَقّ اللّهِ الْأَكْبَرُ فَإِنّكَ تَعْبُدُهُ لَا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً فَإِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ بِإِخْلَاصٍ جَعَلَ لَكَ عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يَكْفِيَكَ أَمْرَ الدّنْيَا وَ الآْخِرَةِ وَ يَحْفَظَ لَكَ مَا تُحِبّ مِنْهَا .

قراءة 3939 مرة
المزيد في هذه الفئة: « حَقّ نَفْسِكَ