إنَّ فكرة المهدي الموعود ذلک المصلح العالمي ،وإنتظاردولته العادلة لم تخُّص الأديان ، بل هي فكرة أساسية عند كبار العلماء ومدارسهم الفكرية والفلسفية، وقد تطرق لبحثه غير واحد من رجالات العلم والمعرفة في الأديان والمذاهب السماوية ،وحينما تصرِّح الأديان بفكرة المنقذ العالمي فإنما تكشف عن ضمير إنساني يتطلع إلی الحياة الأففضل والمستقبل الأزهر، وحينما يصرِّح الإسلام بهذه الفكرة، إنما يصرِّح بحقيقة دينية أكيدة آتية لا محالة و يطرحُها بنحو أفضل مما طرحتها الأديان السابقة، وهذه الفکرة بغض النظر عن تفاصيلها موضع اتفاق جمهور المسلمين فإنّ روايات المهدي وانتظار الفرج على يديه وظهوره ليملأ الأرض عدلاً وردت عند كل من الشيعة والسنة.، ولکن حينما يتحدث الشيعة عن هذه الفكرة فإنما يقدِّمون البيان الأكمل في هذا الموضوع، ويشخِّصون مصداقه وهو الإمام محمد المهدي ابن الإمام الحسن العسكري رجل من ذرية رسول الله (ص) ومن ولد الحسين(ع) الذي ولد في سنة 255 هـ في سامراء، وهو الآن حي يرزق غائب عن الأنظار ولکن يقوم بمهامّه وينتظر الإذن من الله للظهور والقيام لإقامة العدل والقسط في العالم.
المهدي الموعود في الشَّرايع السماوية
إنَّ فكرة حتمية ظهور المنقذ العالمي وإنتظار ذلك الوعد الإلهي ،يعبّر عن حاجة فطرية عامة للإنسان وتقوّم هذه الحاجة على تطلع الإنسان إلى الكمال، فهي فكرة قديمة وليست مقصورة على الإسلام، وقد تعرّض القرآن لهذه الفكرة والوعد الإلهي الذي جاء في الزبور وهو كتاب داوود، والذِّكر وهو التوراة، کتاب موسی(ع) ،بقوله تعالى: “وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِي الصَّالِحُونَ” ([1]). ولابدَّ أن يتحقق هذا الوعد الإلهي يوماً مّا، ولو كان هذا اليوم هو آخر يومٍ من عمر الدنيا كما ورد عن رسول الله (ص) : «لو لم يبقَ من الدهر إلا يوم واحد لبعث الله رجلاً من أهل بيتي يملؤها عدلاً كما ملئت جوراً» ([2]).
إنّ أمثال هذه الآيات والروايات التي لم نذكر إلا نماذج منها، شواهد على أنَّ قيادة العالم ستنتهي لعباد الله الصالحين، وهذا الأمر لا خلاف فيه بين الأديان والمذاهب، وهذه الحقيقة من شأنها أن تساعد على إسقاط و بطلان الشبهة القائلة بتفرّد الشيعة بالقول بالمهدوية،وبطلان الشبهة القائلة بأن منشأ هذه الفكرة اليهود ، وبطلان القول بأنَّ المهدوية أسطورة ، إذ ليست هناك أسطورة تحظى بإجماع الأديان السماوية ويتبناها العلماء والمفكرون والفلاسفة. وأيضاً تساعد على بطلان قول القائل بأنَّ فكرة المهدوية وليدة الظروف السياسية الحرجة التي عاشها أتباع أهل البيت (ع) ، فما أكثر المظلومين والمضطهدين على مَرِّ التاريخ وعبر الزمن وفي شتى بقاع الأرض ومع ذلك لم يعرف عنهم هذا الاعتقاد، وما أكثر الأفراد والجماعات التي آمنت بهذه الفكرة بدون معاناة لظلم واضطهاد.
إذن الإيمان بحتمية ظهور المصلح الديني العالمي وإقامة الدولة الإلهية العادلة في كل الأرض من نقاط الاشتراك البارزة بين جميع الأديان والمذاهب، والاختلاف بينهم إنما هو في تحديد هوية ومصداق هذا المصلح العالمي الذي يحقق جميع أهداف الأنبياء والأوصياء،وسنبحث حول هوية هذا المنقذ والمصلح العالمي، وسوف نبرهن على أنّه قد ولد ولا زال موجوداً ولكن غاب عن الأنظار لمصلحة علمها عند الله سبحانه وتعالى، والمتتبع للأحاديث الصحيحة الواردة في المهدي المنتظر (عج) في كتب علماء أهل السنّة سيجدها تنسجم مع روايات علماء الشيعة وتؤكد حقيقة واحدة،وهي: أن نسب المهدي(عج) يرجع إلى رسول الله (ص) وأنه من أهل البيت (ع) ، من ولد فاطمة (س) وقد ولد في منتصف شعبان سنة، 255 من الهجرة في سامراء وهو محمد بن الحسن العسكري (ع)، وهو الإمام والخليفة الثاني عشر بعد الرسول (ص) الذي يملأ الله به الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت ظلماً وجوراً، وبهذا المعنى وردت روايات كثيرة عن النبي (ص) وأهل بيته (ع) ،ويتطلب منّا بحثٌ كهذا الرجوع لمرويات الفريقين من الشيعة والسُّنة والمصادر التاريخية لمعرفة ذلک المصلح المنتظر والمهدي الموعود([3]).
المهدي الموعود (عج) في روايات أهل السنّة
نرى بأنَّه قد خرّج أحاديث المهدي جماعة کثيرة من أئمة الحديث من علماء أهل السنة،حيث يقول صاحب عون المعبود في شرح سنن أبي داوود: «إعلم أن المشهور بين الكافّة من أهل الإسلام على مرّ الأعصار، أنه لابُدّ في آخر الزمان من ظهور رجل من أهل البيت (ع) يُؤيد الدين،ويظهر العدل ويتبعه المسلمون، ويستولي على الممالك الإسلاميّة،ويُسمّى بالمهدي، ويكون خروج الدجال بعده، وأنّ عيسى (ع) ينزل بعد المهدي، أو ينزل معه فيساعده على قتل الدَّجال، ويأتّم بالمهديّ في صلاته، وخرّج أحاديث المهدي جماعة من الأئمة منهم أبو داوود، والترمذي، وابن ماجة، والحاكم، والطبراني وأبو يعلى وإسناد أحاديث هؤلاء بين الصحيح والحسن والضعيف »([4]).
وقال أحمد بن حجر الهيثمي الشافعي (المتولد عام 974 هـ) في كتابه (الصواعق المحرقة) في آخر الفصل الثالث من الباب الحادي عشر ما هذا نصّه: «أبو محمد الحسن الخالص، ولد سنة اثنتين وثلاثين ومئتين... مات بسُرَّ من رأى، ودفن عند أبيه وعمّه، وعمره ثمان وعشرون سنة، ويقال: إنّه سُمّ أيضاً، ولم يخلّف غير ولده أبي القاسم محمد الحجة، وعمره عند وفاة أبيه خمس سنين، لكن أتاه الله فيها الحكمة، ويسمى القائم المنتظر، قيل لأنّه سُتِرَ بالمدينة وغاب فلم يعرف أين ذهب»([5]).بل ذهب ابن حجر تبعاً للنصوص إلى تكفير منكر المهدي فقد أجاب في الفتاوى الحديثية حين سئل عن من ينكرون خروج المهدي المنتظر فقال: فهؤلاء المنكرون للمهدي الموعود به في آخر الزمان وقد ورد في حديث عن أبي بكر الإسكافي أنّ النبي صلى الله عليه (وآله) وسلّم قال: «من كذب بالدجال فقد كفر، ومن كذب بالمهدي فقد كفر».
وروی ابن حجرفي صواعقه عن اُمّ سلمةأنَّهاقالت: سمعت رسول الله (ص) يقول: «المهدي من عترتي ، من ولد فاطمة » ([6])، وروی عن علي (ع) عن النبي (ص) : «المهدي منّا أهل البيت، يصلحه الله في ليلة » ([7]).وروی ابن تيمية عن ابن عمر قال: قال رسول الله (ص) : «يخرج في آخر الزمان رجل من ولدي، اسمه كاسمي وكنيته ككنيتي، يملأ الأرض عدلاً كما مُلئت جوراً فذلك هو المهدي» ([8]). وفي مسند ابن حنبل عن حذيفة بن اليماني قال: خطبنا رسول الله (ص) فذكّرنا بما هو كائن، ثم قال: «لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد، لطوّل الله عزّ وجل ذلك اليوم حتى يبعث فيه رجلاً من ولدي اسمه اسمي» فقال سلمان الفارسي : يا رسول الله من أي ولدك؟ قال (ص) : «من ولدي هذا» وضرب بيده على الحسين(ع)([9]).
وقال ابن خلكان (المتوفی عام 681 هـ) في وفيات الأعيان: «أبو القاسم محمد بن الحسن العسكري بن علي الهادي بن محمد الجواد المذكور قبله، ثاني عشر الأئمة الإثني عشر على اعتقاد الإمامية المعروف بالحجة... كانت ولادته يوم الجمعة منتصف شعبان سنة خمس وخمسين ومئتين» ([10]).
هذا بعض المأثورات من علماء أهل السنة في الإِمام المهدي(عج)، أما علماءالشيعة فأدلتهم العقلية والنقلية في موضوع الإِمام المهدي بكل جوانبه كثيرة ، نتطرق إليها بإختصار:
المهدي الموعود (عج) عند الشيعة
قد ألَّف علماء الشيعة كتباً كثيرة استوفت وغطت كل التساؤلات حول موضوع الإِمام المهدي: مثل كتاب الغيبة لمحمد بن إبراهيم النعماني، وكمال الدين وتمام النعمة لمحمد عليِّ بن بابويه القمي، وكتاب الغيبة لمحمد بن الحسن الطوسي وتطرق إلی هذا الموضوع المفيد في الفصول، وفي الإرشاد ،والعلامة المجلسي في بحارالأنوار ،وهناک الکثير من الکتب والمقالات القديمة والحديثة التي تناولت هذا البحث.
وقد استعرض کتَّاب الشيعة الأدلة العقلية والنقلية من الآيات والروايات في موضوع المهدي المنتظر(عج) نذکر بعضها:
الدليل العقلي علی وجود الإمام المهدي(ع)
من أهمِّ الأدلة العقلية في موضوع المهدي المنتظر هي: قاعدة اللطف، ومفاد هذا الدليل أنّ العقل يحكم بوجوب اللطف على الله تعالى وهو فعل ما يقرِّب إلى الطاعة ويبعِّد عن المعصية ويوجب إزاحة العلة وقطع العذر بما لا يصل حد الإِلجاء لئلا يكون للناس على الله حجة فكما أنّ العقل حاكم بوجوب إرسال الرسل وبعثة الأنبياء ليبينوا للناس ما أراد الله منهم وللحكم بينهم بالعدل: كذلك يوجب نصب الإِمام ليقوم مقامهم تحقيقاً لنفس العلة، فإنّ الله لا يخلي الأرض من حجة، وليس زمان بأولى من زمان في ذلك، إلى آخر ما أوردوه.
المهدي الموعود في الآيات والروايات
لقد أورد السيد هاشم التوبلي البحراني في کتابه (المحجة فيما نزل في القائم الحجَّة) ما يقارب (133آية) من الايات المؤلة والمفسّرة حول الإمام المهدي المنتظر ،وأمّا الأحاديث لقد أحصی العلماء أربعمئة (400) حديثاً عن النبي (ص) في المهدي الموعود من طرق أهل السنة، کما اُحصيت أکثر من ستة آلاف (6000) رواية من النبي وأهل بيته (ع) من طرق الشيعة ، وسنذكر هنا بعضاً من الآيات والروايات.
أمَّا الآيات منها قول الله تعالى: : “ وَعَدَ اللَّهُ الَّذينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَ لَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَ لَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَني لا يُشْرِكُونَ بي شَيْئاً وَ مَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ “ ([11]). فقد فسرت هذه الآية بخروج المهدي وتحقيق هذه الأمور على يديه([12]) . ومنها قوله تعالی: “وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّة وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ” ([13]) وهذه الآية وإن وردت في شأن بني إسرائيل واستيلائهم على زمام الأمور بعد تخلصهم من قبضة الفراعنة، ولكن هذا التعبير (ونريد) يشير إلى إرادة إلهية مستمرة، ولذلك طبقت الآية في الكثير من الروايات على زمن ظهور المهدي (عج) ([14])
وأمَّا الروايات التي استدل بها الشيعة في موضوع المهدي الموعود (ع) فلقد جمعها علماؤهم في مجموعة من الکتب قديماً وحديثاً ، فمن الکتب القديمة: الغيبة للنعماني، کمال الدين للشيخ الصدوق، الغيبة للطوسي وبحار الأنوارللمجلسي( کتاب الفتن والمحن وکتاب تاريخ الحجة بن الحسن (ع))، ومن الکتب الحديثة: معجم أحاديث الإمام المهدي، وكتاب منتخب الأثر للصافي الگلبايگاني و هناک كتب اُخرى .
والروايات التي مرَّ ذکرها من مصادرکتب أهل السنة قد روتها أيضاً المصادر الشيعية ونضيف علی ذلک حديث الثَّقلين حيث يستفاد منه عدة معاني ومفاهيم ومصاديق منها: قضية ضرورة بقاء عَلَم من أعلام أهل البيت (ع) في کلِّ عصر إلی قيام يوم السَّاعة.
المهدي الموعود في حديث الثَّقلين
إنّ الأمر النّبوي بوجوب إتّباع الثَّقلين مطلقاً، والإخبار عن عدم افتراقهما إلي يوم القيامة، دليل علی بقاء أهل البيت (ع) إلی يوم القيامة، بمعنی توفّر عَلَم من أعلامهم علی طول الزمان إلی يوم القيامة، فالالتزام بأقوالهم وأفعالهم، يمثّل الالتزام الكامل بما أمر به النّبيّ (ص) وبالتالي هو أمر الله تعالي، هذا من جهة، ومن جهة أخری، فأنّ النّبيّ (ص) قد قرنهم بالكتاب العزيز، وعليه فكما أن الكتاب هو الحجة البالغة لله تعالی علي خلقه، فكذلك أهل البيت (ع) ، وفي مقابل هذا فإنّ اتّباع غيرهم بما يخالفهم لا يكون كذلك، لأنّه ربّما يوقعهم في الخطأ أو الزيغ. وقد أشار إلي المعني المذكور ابن حجر بما نصّه :« وفي أحاديث الحثّ علي التمسّك بأهل البيت إشارة إلي عدم انقطاع متأهل منهم للتمسّك به إلی يوم القيامة كما أنّ الكتاب العزيز كذلك ، ولهذا كانوا أماناً لأهل الأرض... »([15]).
إذن إضافة علی الروايات الخاصَّة بلزوم وجود خليفة الله وحجَّته في الأرض دائماً وأنَّ الأرض لا تخلو من الحجَّة ولو خلت لساخت بأهلها کما ورد هذا المعنی في عدَّة أحاديث ينقلها علماء الفريقين الشيعة والسُّنة، فإنَّ حديث الثقلين أيضاً يثبت تواجد خليفة الله وحجَّته في هذا العصر وهوصاحب العصر والزمان الحجَّة بن الحسن العسکري المهدي الموعود الذي به ثبتت الأرض والسَّماء وبه رزق الوری.
هذه إشارة إلى إجماع المسلمين على موضوع المهدي الموعود. ويبقی الکلام أنَّ هذا الإمام والمنقذ والمصلح العالمي لماذا غيِّب عن الأنظار، و أين هو الآن وماذا يفعل؟
غيبة الإمام المهدي (عج) عن الأنظار
لعلّ أهم بحث يرغب المسلم معرفته، ويتعطّش المؤمن الموالي لإستماعه وفهمه، هو البحث عن غيبة الإمام المنتظر (عج)، ومعرفة الأسباب التي دعت إلى هذه الغيبة والعوامل الكامنة خلف احتجابه عن أنظار المسلمين وعدم قيامه بمهامه كإمام وزعيم في السَّاحتين الاجتماعية والسياسية، كما يهم القرّاء والمستمعين معرفة معنى الغيبة وأسبابها ومعرفة توابع الغيبة من امتداد عمره الشريف إلى يومنا هذا، وعدم خضوع الإمام لظاهرة الشيخوخة وغيرها من المسائل المتعلقة بالغيبة والظهور، التي سوف نتحدث عنها باختصار.
ومعنى غيبة الإمام المنتظر (عج) هو اختفاؤه عن عيون الناس حسب إرادة الله، فلا تراه العيون مع كونه موجوداً أو يراه البعض ولكن لا يعرفه، كما دلَّت على ذلك بعض الروايات، ولذا عند ظهوره يقول الكثير من الناس إني قد رأيته من قبل، وقد يراه بعض أصحاب الإيمان والتقوى من أولياء الله، و سنتطرق لذكر بعض القصص والحكايات المرتبطة بهذه اللقاءات ، في البحث حول غيبته الکبری،وقبل ذلك لابدَّ من الحديث حول أسباب غيبة الإمام المنتظر (عج).
أسباب غيبة الإمام المنتظر(عج)
لا شك أنَّ الغيبة هي من أسرار الله وهو أعرف بأسبابها وفوائدها الحقيقية ولكن هناك أسباب صرَّحت بها الأخبار والأحاديث، ومن تلك الأسباب أن حياة الإمام المهدي (عج) كانت مهددة بالقتل من قبل الحكّام العباسيين فكانوا يبحثون عنه في كل مكان حتى فتشوا دار الإمام العسكري (ع)، ولذا كان الإمام العسكري(ع) يحاول إخفاء ولادة الإمام (عج) عن عامّة الناس، تحفّظاً على حياة ولده من شرّ الحكّام العباسيين وهكذا استمر الخطر عليه من قبل سائر حكّام الجور ، لأنهم علموا بأن المهدي (عج) هو الذي يدمِّر كيانهم، ولا زال الخطر محدقاً بالإمام (عج) وهذا الأمر سبب طول غيبته، لذا فإنّ شيعته دائماً يدعون له بالسلامة من الأعداء ، وثمَّة سبب آخر علِّل به غيبة الإمام (عج)، وهو امتحان العباد و اختبارهم، وتمحيصهم، فقد ورد عن النبي (ص) انه قال: «أما والله ليغيبنَّ إمامكم شيئاً من دهركم، ولتُمَحَصُنَّ، حتى يقال: مات أوهلك بأي وادٍ سلك، ولتدمعن عليه عيون المؤمنين» ([16])أو مجازاة وتأديب الأمة التي ما عرفت قدر أئمتهم ، فعن الإمام الباقر(ع)« إنَّ الله إذا كره لنا جوار قومٍ نزعنا من بين أظهرهم » ([17]).
و بما أنَّ للقائم غيبتان كما هو المشهور والمذكور في الرِّوايات فلا بدَّ من الحديث حول تاريخ الغيبة الصغرى، ثمَّ الحديث حول غيبته الکبری وفوائده فيها.
الغيبة الصغرى للإمام المهدي(عج)
قد اختلف العلماء والمحدثون حول بداية الغيبة الصغرى، وأنّها هل بدأت من أوائل عمر الإمام المهدي (عج) وفي عهد والده أم بدأت بعد شهادة الإمام العسكري؟ و المشهور هو القول الثاني فتكون الغيبة الصغرى للإمام بدأت في سامراء من عام (260هـ. ق) بعد وفاة أبيه الإمام العسكري(ع) ومن سرداب([18]) بيته، حيث کان في ذلك المکان، آخرمحاولة للقبض علی الإمام (عج) أوإغتياله من قبل الخليفة العباسي المعتضد بالله ([19]).
لقد حُوصِر بيت الإمام (عج) من قبل الخليفةالعباسي وخرج الإمام (عج) من سرداب البيت ولم يروه بقدرة الله ،فسُمیَّ واشتهر بعد ذلك المکان بسرداب الغيبة ، واصبحت هذه القصة موضع إتهام الشيعة في آرائهم، والحقيقة بما أنَّ هذا البيت والسِّرداب الذي فيه کان محلاً لمولد الإمام و مسکناً له ولأبيه وجدِّه (ع) ،فهو مکان محترم عند الشيعة يزورونه ، وحيث أنَّ الإمام المنتطر لاموضع له يقصد فيه جاءت کلمات أهل البيت (ع) للحثِّ علی إستحباب زيارته في ذلك المکان وليس أکثرمن ذلك. ([20])
لقدوقعت الغيبة الصغری لتكون مقدمة تمهيدية للغيبة الكبری لئلا يصطتدِم المؤمنون منها إذا وقعت،واستمرَّت إلى عام (329 هـ. ق) الذي توفي فيه النائب الرابع للإمام (عج) أبو الحسن علي بن محمد السَّمري وحينئذ تكون الغيبة الصغرى 69 عاماً.و في زمن الغيبة الصغرى لم يکن يعلم بمكان الإمام(عج) إلا خاصّة شيعته، وقد عيَّن الإمام (عج) نوَّاباً عنه وأولى مهامهم ربط الأمّة به بواسطهم، و تعتبر النيابة الخاصة من المناصب المهمة التي لا تليق إلا بمن تتوفر فيه الصفات اللازمة من االأمانة والتقوى والورع وكتمان الأمور وتنفيذ الأوامر والتعليمات الواصلة من الإمام (عج) وغير ذلك من الشروط.
ولا يخفى أن النيابة الخاصة أهم وأعلى من النيابة العامة التي هي مرتبة الاجتهاد للعلماء والفقهاء والمراجع في زمن الغيبة الكبرى، ولا نريد الخوض في هذا البحث أكثر من هذا، وإنّما نكتفي بذكر أسماء النوّاب الأربعة بحسب الترتيب الزمني كما يلي:
النائب الأوّل: أبو عمرو عثمان بن سعيد بن عمرو العمري الأسدي (وكيل الإمام الهادي والعسكري (عج) ) ،ولمَّا توفي قام بتجهيزه ولده محمد بن عثمان السفير الثاني و دفنه في بغداد.
النائب الثاني: ابنه أبو جعفر محمد بن عثمان بن سعيد العمري وهو أطول السفراء بقاءً في السفارة ، وقدتوفى سنة (304 هـ ق) ودفن عند والدته في بغداد في منطقة الخلاني.
النائب الثالث: أبو القاسم الحسين بن روح القمّي الشهير بالنوبختي المتوفى سنة(326 هـ.ق) وقبره في بغداد في النوبختية
النائب الرابع: أبو الحسن علي بن محمد السَّمُري المتوفى سنة(329 هـ ق) والمدفون في بغداد، وكانت سفارته ثلاثة اعوام من اقصر السفارات.
و کان هناك وكلاء آخرون للإمام - غير هؤلاء الأربعة - يقومون بدور بين الإمام والسفراء أو بين الإمام والناس ومن بين هؤلاء الوكلاء علي بن مهزيار الأهوازي، وأحمد بن إسحاق بن سعيد بن مالك الأشعري القمي وكان واسطة بين القميّين والأئمة الجواد والهادي والعسكري (ع) وأدرك شطراً من غيبة الإمام المهدي (عج)، وهُو الذي عرَّف عليه الإمام العسكري ولده المهدي (عج) حينما سأله عن خليفته وأراه إيّاه وحدّثه ببعض ما يكون من أمره .
ونظراً لأهمية منصب السفارة بين الناس حاول الكثير اكتساب هذا الشرف ولو كذباً وزوراً وذلك بعد أعوام قليلة بعد النُّواب الأربع، وأوَّل من ادَّعی ذلك الحسن الشُريعي وكان من اصحاب الهادي والعسكري، ومن بعده محمَّد بن نُصير النُميري ثمَّ الكرخي وهما من اصحاب العسكري وبعدهم الصوفي المشهور الحسين بن منصور الحلّاج وغيرهم .
وهكذا استمرت النيابة الخاصة للإمام المهدي (عج) إلى عام (329 هـ ق) الذي توفي فيه النائب الرابع وهو أبو الحسن علي بن محمد السَّمُري، وقبل ستة أيام من وفاة السفير الرابع أخرج للمؤمنين توقيعاً من الإمام المهدي (عج) يعلن فيه انتهاء الغيبة الصغرى وعهد السفراء المعيَّنين من قبل الإمام مباشرة إيذاناً ببدء الغيبة الكبرى وكان هذا آخر توقيع صدر عن الإمام في الغيبة الصغرى ونص التوقيع هو:
بسم الله الرحمن الرحيم
« يا علي بن محمد السَّمُري، أعظم الله أجر إخوانِك فيك فإنَّك ميت ما بينك وبين ستَّة أيام، فاجمع أمرَك ولا توصِ إلى أحد فيقوم مقامك بعد وفاتك. فقد وقعت الغيبة التامة، فلا ظهور إلا بإذن الله تعالى ذكره وذلك بعد طول الأمد وقسوة القلوب وامتلاء الأرض جوراً، وسيأتي لشيعتي من يدعي المشاهدة ألا فمن ادعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كذّاب مفتر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم» ([21]).
الغيبة الكبرى للإمام المنتظر (ع)
كما أشرنا سابقاً فقد انتهت الغيبة الصغرى بوفاة النائب الرابع للإمام المهدي (عج) وذلك في سنة (329 هـ. ق) وابتدأت الغيبة الكبرى، ولا تزال مستمرة إلى الآن وبذلك انقطعت طرق الاتصال بالإمام المهدي (عج)، وقد أرشد الإمام (عج) الشيعة لحل مشاكلهم وأخذ معالم دينهم بإرجاعهم إلى رواة الأحاديث والعلماء في التوقيع الذي كتبه إلى أحد وجهاء الشيعة وهو إسحاق بن يعقوب، بواسطة النائب الثاني محمد بن عثمان والذي جاء فيه: «... وأمّا الحوادث الواقعة، فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا، فإنّهم حجّتي عليكم وأنا حجة الله عليكم...»([22]).
وينقل المرحوم الطبرسي في كتاب «الاحتجاج» عن الإمام الصادق (ع) انه قال ضمن حديثٍ: «وأمّا من كان من الفقهاء صائناً لنفسه حافظاً لدينه مخالفاً لهواه مطيعاً لأمر مولاه فللعوام ان يقلدوه» ([23]).فقد فوض الإمام (ع) شؤون المسلمين في زمان الغيبة الكبرى إلى الولي الفقيه([24]) الجامع للشرائط، وصحيح أنَّ منصب الفتوى والقضاء كان قد جعل للفقهاء من قبل بواسطة الأئمة (ع) وفي عهدهم إلا أنَّ شرعية المرجعية والزعامة والحكومة تبدأ من تاريخ الغيبة الكبرى وهي مستمرة إلى ظهور الإمام صاحب الأمر والزمان وعندما يظهر يكون هو المرجع والزعيم والحاكم إن شاء الله.
وفي ضوء الغيبة الكبرى للإمام المهدي (عج) أثيرت بعض الشكوك والأوهام وتبادرت إلى أذهان الناس. بعض التساؤلات،عن جدوى وجود الإمام المهدي (عج) حال غيبته الكبرى وما فائدة الناس به وما ينتفعون منه وكيف عمّر إلى هذا اليوم؟ وغيرها من الشبهات والتساؤلات، نطرح بعضها ونجيب عنها بإختصار.
ما الفائدة في وجود إمامٍ غائبٍ؟
لقد وردت أحاديث متعددة تذكر فوائد وجود الإمام الغائب(عج) ووجه الانتفاع به، وفيما يلي نذكر بعضها:عن جابر بن عبد الله الأنصاري أنه سأل النبي (ص) : هل ينتفع الشيعة بالقائم (عج) في غيبته؟
فقال (ص) : «إي والذي بعثني بالنبوة، إنَّهم لينتفعون به،ويستضيئون بنور ولايته في غيبته، كإنتفاع الناس بالشمس وإن جللها السحاب» ([25]).فالشمس أمان للمجموعة الشمسيّة من الفناء والزوال وفيها فائدة عظيمة للإنسان والحيوان والنبات والهواء والماء والجماد، ومن الواضح أن السحاب لا يغير شيئاً من تأثير الشمس، وفوائدها، وإنّما يحجب الشمس عن الرؤية - في المنطقة التي يخيم عليها السحاب - فقط. والإمام المهدي (عج) الذي شُبِّه بالشمس وراء السحاب هو الذي بوجوده يتنعم البشر وهو أمان لأهل الأرض، لأنّ الأرض لا تخلو من الحجة ولو خلت لساخت بأهلها،وورد هذاالمعنى في رسالة الإمام المهدي (عج) إلى إسحاق بن يعقوب: «... وإني لأمان لأهل الأرض كما أنّ النجوم أمان لأهل السماء... » ([26]).
وبالإضافة إلى هذا فانّ إمام العصر أرواحنا فداه يحضر في مواسم الحج كل عام، ويتردد على المجالس والمحافل، وما أكثر المشاكل التي يحلها بواسطة أو من دون واسطة لبعض المؤمنين،ولعل الناس لا يرونه ولا يعرفونه ولكن الإمام (عج) يراهم ويعرفهم، وقد ظفر كثير من الناس بلقائه خلال الغيبة الصغرى والكبرى ورأوا كثيراً من معاجزه وكراماته، وحُلَّت على يديه مشاكل عدد من المؤمنين، ومسائل علماء الدين .
هذا والإمام يرعى شيعته، ويمدهم بدعائه الذي لا يحجب، وقد أعلن ذلك في إحدى رسائله للشيخ المفيد، فقد قال(ع): «إنّا غير مهملين لمراعاتكم ولا ناسين لذكركم، ولولا ذلك لنزل بكم اللأواء ([27])، واصطلمكم ([28]) الأعداء... » ([29]).
كيف عمَّر الإمام (ع) إلى هذا اليوم؟
إن الاعتقاد بغيبة الإمام المهدي (عج) عن الأنظار واستمراره إلى حين يأذن الله تعالى له بالظهور، يستلزم عمراً طويلاً ومفتوحاً مع انفتاح الزمن كيف نعالج ونجيب على هذا السؤال؟
قد عولجت هذه المسألة بإجابات عديدة نذكر الملخَّص منها، وهي أنَّ طول عمر الإنسان وبقاءه قروناً متعددة أمر ممكن منطقياً و علمياً، و العلم سائر في طريق تحقيق هذا الإمكان، وعلى هذا الضوء نتناول عمر الإمام المهدي (عج) وما أحيط به من استفهام أو استغراب، فإنّ عمر الإمام المهدي (عج) قد سبق العلم نفسه وليس ذلك هو المجال الوحيد الذي سبق فيه الإسلام حركة العلم.
ولكن لنفترض أنَّ العمر الطويل غير ممكن علمياً، فماذا يعني ذلك؟ يعني أنَّ إطالة عمر الإنسان كنوح والخضر ولقمان بقدرة الله وإرادته، وبخلاف القوانين الطبيعية والعلم، وبذلك تصبح هذه الحالة معجزة عطلت قانوناً طبيعياً في حالة معينة، وليست هذه المعجزة فريدة من نوعها، وقد عطل هذا القانون للحفاظ على إبراهيم، فقيل للنار حين ألقي فيها إبراهيم “قُلْنا يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ” ([30]) فخرج منها كما دخل سليماً لم يصبه أذى إلى كثير من القوانين الطبيعية التي عطلت لحماية أشخاص من الأنبياء والأولياء وهكذا يتضح أن العمر الطويل أمر ممكن علمياً أوبنحو المعجزة وقد تحقق ذلك بالنسبة إلى بعض الأنبياء والأولياء كما تحدَّث عنه القرآن الكريم.
وإذا نظرنا إلى موضوع العمر على ضوء القرآن ومن الناحية العقائدية وجدناه أمراً عادياً جداً، لأنَّ كل مؤمن يعتقد أن الآجال بيد الله تعالى، فإذا قدّر الله تعالى لأحدٍ من عباده طول العمر فمن البديهي أن يهيّئ له الأسباب المادية، والطبيعية الموجبة لطول العمر، ومن الممكن أن يطوّل عمره بأمور ممّا وراء الطبيعة لا نعرفها، فهو قادر على كل شي ء فكما طوّل الله عمر آدم ونوح ولقمان وغيرهم من المعمرين، وطوّل عمر النبي الخضر الذي بقى حياً من عهد النبي موسى (ع) إلى يومنا هذا، وطوَّل عمر النبي عيسى الذي عرج به إلى السماء وبقى حيّاً إلى يومنا هذا وسوف ينزل من السَّماء عند قيام الإمام المنتظر (عج) ويصلي خلفه ، فهو قادرعلى أن يطوّل عمر الإمام المهدي (عج) إلى متى ما يشاء.
وتتجلى القدرة الإلهية في تحقيق مشيئته ، وإخضاع الطبيعة، في قصّة النبي يونس (ع) الذي “فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ * فَلَوْ لا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ” ([31]) فالظاهر من هذه الآية أن يونس (ع) لو لم يكن من المسبحين في بطن الحوت للبث حيّاً في بطنها إلى يوم القيامة.
أليس الله بقادر على أن يحفظ وليّه من الموت ويعمره آلاف السنين ليظهره في الوقت المناسب ليقوم بالإصلاح الشامل لجميع جوانب الحياة فإنّه آخر مصلح عالمي ادّخره الله للبشر.
مكان الإمام المهدي (عج) و إمكان رؤيتة
تصرّح بعض الأحاديث الشريفة بأنَّ من سيرته (عج) في غيبته الكبرى حضور موسم الحج في كل عام وهي فرصة مناسبة للإلتقاء بالمؤمنين من أنحاء أقطار العالم وإيصال التوجيهات إليهم ولو من دون التعريف بنفسه صراحة.ولا شك أن الإمام المهدي (عج) يحضر في كثير من الأماكن المقدسة الاُخری کمسجد النبي (ص) والمسجد الأقصى ومسجد الكوفة ومسجد السهلة المنتسب إليه وهكذا يحضر المراقد المشرفة كمرقد جده النبي المصطفى (ص) ومراقد أجداده أئمة الهدى (ع) في المدينة المنورة والعراق وإيران، فيزور تلك الأماكن المقدسة والمقامات العالية ويصلي فيها ويدعو لشيعته ومحبيه كما انه لا يستبعد أنَّ الإمام (عج) يحضر مجالس ومحافل المؤمنين بالأخص العلماء الربانيين ولعل الناس لا يرونه ولا يعرفونه ولكن الإمام (عج) يراهم ويعرفهم،وتتبارك تلك المجالس والمحافل بحضوره ودعائه لهم.
ومن جملة الأماكن المقدسة التي لا يستبعد أن يحضر فيها الإمام صاحب الأمر والزمان (عج) هو: مسجد جمكران المقدَّس([32]) المنتسب إليه في قم المقدسة عش آل محمد (ع) ومدفن السيدة فاطمة المعصومة بنت موسى بن جعفر كريمة أهل البيت (ع) ، وهذا المسجد هو مكان يجتمع فيه المؤمنون المنتظرون في ليالي الأربعاء والجمعة من مختلف أنحاء إيران وخارجها لأداء العبادات الدينية ، ويذكرون فيه اسم الله ويدعون فيه لتعجيل ظهور الإمام (عج) ،وهذا الاجتماع العبادي المتواصل أسبوعياً تحت راية الإمام الحجة (عج) وتحت قبة بنيت باسمه الشريف في مدينة قم المقدسة اجتماع يرمز إلى النصر للولاية والتمهيد للظهورفي بلد الولاء والمحبة لأهل البيت (ع) .
ويستفاد من عدد من الأحاديث الشريفة أنَّ للإمام المهدي (عج) جماعة من الأولياء المخلصين يلتقون به باستمرار في غيبته الكبرى ومن أهل كل عصر، وتصرِّح بعض الأحاديث بأنّ عددهم ثلاثون شخصاً، فعن الإمام الصادق (ع) قال: «لا بدَّ لصاحب هذا الأمر من غيبة ولا بدَّ له في غيبته من عزلة ونعم المنزل طيبة وما بثلاثين من وحشة » ([33]) . وليس من أفراد هذا العدد الأهل والعيال إذ لم تذکر الروايات کون الأمام في زمن غيبته متزوجاً وله أولاد فإذا کان الإمام ليس متزوجاً فذلک لأسباب ومصلحة إلهية کما کان النبي عيسی(ع)، ولکن يظهر من بعض الروايات أنَّ في زمن الظهور يکون للإمام أهل وعيال ، کمافي رواية أبي بصير عن أبي عبدالله بقوله:« يا أبا محمد! کأني أری نزول القائم في مسجد السهلة بأهله وعياله. قلت يکون منزله؟ قال: نعم، هو منزل إدريس ...» ([34])، وروي عنه (ع): «للقائم غيبتان إحداهما قصيرة والأخرى طويلة، الغيبة الأُولى لا يعلم بمكانه إلا خاصّة شيعته والأخرى لا يعلم بمكانه فيها إلا خاصّة مواليه»([35]) وجاء في بعض الأحاديث بأنّ الخضر (ع) من خاصّة مواليه و مرافقيه في غيبته ولعله يستعين بهؤلاء الأولياء المخلصين للقيام بمهامٍّ، كحفظ ورعاية المؤمنين وتسديد العلماء ودفع الأخطار عنهم والتمهيد لظهوره.
الإنتظار الحقيقي وتكاليف المؤمنين زمن الغيبة
الإنتظار الحقيقي لظهور المهدي الموعود (عج) الذي يكون عبادة بل أفضل الأعمال والعبادات كما صرحت به الروايات ([36]) هو الإنتظار البنّاء الباعث للتحرك والإلتزام الديني ولا يتحقق هذا الانتظار الحقيقي إلا ضمن الشروط التالية التي تعتبر من تكاليف المؤمنين الموالين للإمام المهدي المنتظر (عج) في زمن غيبته الكبرى.
أولاً - ترسيخ معرفة الإمام المهدي (عج) والإيمان بإمامته في زمن غيبته والإعتقاد بظهوره وبدوره التاريخي في اصلاح المجتمع البشري، والقيام بارساء دعائم دولة عادلة كريمة تملأ الأرض قسطاً .
ثانياً - تربية النفس واعدادها بصورة كاملة من خلال العمل بالكتاب والسنّة والتمسك بالثقلين كتاب الله وعترة نبيه (ص) ثمَّ التحرك بدعوة الناس إلى الحق وتربية أنصار الإمام (عج) للتمهيد لظهوره. قال الإمام الصادق (ع): «من سرَّه أن يكون من أصحاب القائم فلينظر وليعمل بالورع ومحاسن الأخلاق وهو منتظر، فإن مات وقام القائم بعده كان له من الأجر مثل مَن أدركه... » ([37]).
هذا والإمام المهدي (عج) قد صرّح بحقيقة إنتظار فرجه في كتابه إلى الشيخ المفيد ، بقوله: «فليعمل كل امرء بما يقرب به من محبتنا، ويتجنب ما يُدنيه من كراهتنا وسخطنا فإنّ أمرنا بغتة فجاء ة حين لا تنفعه توبة ولا يُنجيه من عقابنا ندم على حوبة ([38]) والله يلهمكم الرشد، ويلطف لكم في التوفيق برحمته»([39]).
ثالثاً- ومن أهمِّ تكاليف المؤمنين في عصر الغيبة التي أكّدتها الأحاديث الشريفة، هو الدعاء للإمام المهدي (عج) بالحفظ والسلامة من الأعداء والتصدق عنه ولتعجيل فرجه وظهوره والنصر على أعدائه والمواظبة على زيارته وغير ذلك مما ذكرته الروايات وقد جمعت في كتاب «مكيال المكارم في فوائد الدعاء للقائم» وكتاب«وظائف الأنام في غيبة الإمام» لآية الله السيد الأصفهاني.
ومن أفضل الأدعية التي يندب بها الإمام الحجة لتعجيل ظهوره، هو دعاء الندبة المعروف الذي تستحب قراءته في كل جمعة، وقد اعتاد شيعة الإمام ومحبوه ومنتظروه أن يقرأوا هذا الدعاء كل جمعة في الأماكن المقدسة والمشاهد المشرّفة وفي البيوت.ومن تلك الأدعية المهمة المعروفة التي ينبغي لكل مؤمن منتظر أن يدعو بها في زمن الغيبة، هو دعاء الإمام الصادق (ع) الذي علمه لزرارة وقال له: إذا أدركت زمن غيبة القائم ادع بهذا الدعاء: «اللهمّ عرفني نفسك فإنك إن لم تعرفني نفسك لم أعرف رسولك، اللهمّ عرفني رسولك...»([40]).
ومن أفضل الزيارات التي يُزار بها الإمام الحجة (عج) هي زيارة آل ياسين، التي وردت من ناحيته المقدسة. وهناك أدعية وزيارات تضمَّنت تجديد العهد بالامام المهدي(عج)والبيعة له والدُّعاء لحفظه والتعجيل لظهوره و التي يزار بها الامام (عج)أو يدعی له وهي ما بين أدعية و زيارات قصيرة ومتوسطة وتفصيلية.
علائم ظهور الإمام المنتظر(عج)
يمكننا أن نقسِّم علائم ظهور الإمام المنتظر (عج) حسب ما نتلخّصه من الأحاديث، إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأوّل: العلائم العامة التي تحدث قبل الظهور بعشرات السنين، وهي التي تتحدث عن الإنحرافات التي تنتشر في المجتمعات الإسلامية وغيرها من الظلم والجور والفسق والفجور وارتكاب الذنوب والمحرمات، فتتلوث بها المجتمعات البشرية وقد تحقَّق الكثير من تلك العلامات.
القسم الثاني: العلائم التي تحدث قبل ظهور الإمام المهدي(ع) بسنوات قليلة، وهذه العلائم كثيرة وقدذكرتها أغلب الكتب التي اُلّفت حول الإمام المهدي الموعود، منها: كسوف الشمس في النصف من شهر رمضان، وخسوف القمر في آخره على خلاف القاعدة ،أي: خلاف القاعدة الطبيعية الفلكية التي يكون كسوف الشمس يحدث في أواخر الشهر وخسوف القمر يحدث في أواسط الشهر القمري ([41]). ومنها: خروج الدَّجال الأعور من قرية بين الشام والعراق وقيل هو أصله من إصفهان ([42])،ويفتك بالمؤمنين ويتبعه اليهود ،ونهاية هذا المجرم تكون على يدي الإمام المنتظر (ع) والنبي عيسی(ع) ([43]).ومنها: هلاك يأجوج ومأجوج وهم قوم من الرُّوس على يدي النبي عيسی(ع) ([44])،وهكذا موت خليفة في الحجاز إسمه عبدالله، حيث لا يجتمع الناس بعده علی أحدٍ ([45]). ومنها: خروج الرايات السُّود من خراسان.
القسم الثالث: العلائم المحتومة لظهور الإمام المهدي (عج) وهي التي تحدث قطعاً وتكون مقارنة لظهور الإمام، وهذه العلائم خمسة كما جاء في حديث الإمام الصادق (ع): «قبل قيام القائم خمس علامات محتومات: اليماني والسفياني، والصيحة، وقتل النفس الزكية والخسف بالبيداء » ([46]).
1 - النداء أو الصيحة السماويّة:عن الإمام الصدق (ع):« الصيحة في شهر رمضان تکون ليلة الجمعة لثلاث وعشرين مضين من شهر رمضان » ([47]) وهذا النِّداء بواسطة جبرئيل ليعلن للبشريَّة أنَّ الحق في ال محمد (ص) ويبَّشر بظهور المهدي (عجج) ويدعو الناس إلی متابعته كما ورد عن النبي (ص) :« إذا نادی منادٍ من السماء أنَّ الحقَّ في ال محمد فعند ذلك يظهر المهدي علی أفواه النَّاس ...» ([48]).
2 و3 - خروج السفياني وإنخساف الأرض بجيشه: من العلامات المحتومة هي خروج السفياني من الشام، وهذاالرجل أمويّ النسب من ولد عُتبة بن أبي سفيان واسمه «عثمان بن عنبسة » وهو من أخبث الناس ومن ألدّ أعداء أهل البيت (ع) ، فهو يظهر في الشام ويستولي عليها ثم يجهّز جيشاً فيرسل قسماً منه إلى العراق فيحتل المدن الكثيرة ومنها النجف والكوفة ويرسل قسماً آخر من الجيش نحو المدينة ويعبث جيش السفياني بالمدينة قتلاً ونهباً ثلاثة أيام، ثم يتجه الجيش نحو مكة لإلقاء القبض على الإمام المهدي (ع) وفي الصحراء الفاصلة بين المدينة ومكة تنخسف بهم الأرض فتبلعهم جميعاً وعندئذ ينهض الإمام القائم (عج) من مكة المكرمة ثم يسير نحو المدينة ثم من المدينة نحو الكوفة ويفرّ السفياني من العراق إلى الشام ويرسل الإمام جيشاً يتعقب السفياني وبالتالي يتم القضاء عليه في بيت المقدس ويحزّون رأسه([49]).
4 - خروج اليماني:وهي من أفضل رايات الحجَّة وأهداها ،كما روي عن الإمام الباقر (ع) أنه قال: «وخروج السفياني واليماني والخراساني (الهاشمي) في سنة واحدة،في شهرٍ واحد، في يوم واحد...، وليس في الرايات أهدى من راية اليماني، هي راية هدى لأنه يدعوكم إلى صاحبكم»([50]).
5 - قتل النفس الزكية: يعتبر ذبح النفس الزكية بين الركن والمقام من العلائم المحتومة التي تحدث قبل قيام القائم (عج) بأيام قليلة ، كما جاء ذلك في حديث الإمام الصادق (ع) ([51]).وقد ذكراسمه في رواية الإمام الباقر (ع) وانَّه حسني:«...وقتل غلام من آل محمد بين الركن والمقام ،اسمه محمد بن الحسن ،النفس الزكية ...فعندذلك خروج قائمنا » ([52]).وجاء في بعض الروايات ، أنَّ هذا الغلام يخرج من خراسان أو من ناحية الديلم في شمال إيران فيجيبه رجال من طالقان،([53]) ويحارب جيش السفياني وينتصر عليهم، ثمَّ يرسله الإمام المهدي(عج) إلی مكة ليمهِّد له الظهور فيقتلونه أهل مكة بين الركن والمقام ويبعثون برأسه إلی السفياني وعند ذلك بعد أيام قليلة يظهر صاحب هذا الأمر. ([54])
ظهور وقيام الإمام المهدي (عج)
قد ورد في الأخبار أنّ بداية ظهور الإمام المهدي (عج) وخروجه عن الاستتار يكون في المدينة المنورة، و يصل خبر ظهوره إلى السفياني وقد استولى على بلاد الشام فيرسل السفياني جيشاً إلى المدينة للقضاء على الإمام (عج)، ولكن الإمام يخرج من المدينة قاصداً مكة المكرمة للقيام من هناك، و يتوجه الجيش الذي أرسله السفياني للقبض علی الإمام نحو مكة و قبل الوصول يخسف الله بهم الأرض جميعاً و تبلعهم في البيداء بين مكة و المدينة، و يصل المهدي (عج) إلى مكة و تمرّ الأيام القليلة و يعلن الإمام (عج) قيامه منها في يوم السبت يوم عاشوراء من الأعوام الفردية كماورد عن الإمام الصادق (ع)، أو يوم الجمعة کما في بعض الروايات، ولعل الجمع بين التأريخيين هو أن ظهوره يكون يوم الجمعة وفيها يخطب خطبته في المسجد الحرام فيما يكون خروجه منها باتجاه الكوفة يوم السبت. ([55])
ويحضر الإمام المهدي (عج) في ذلك اليوم في المسجد الحرام ويُصلي ركعات عند مقام إبراهيم (ع) ويقف بين الركن والمقام ويخطب في الناس كراراً ويستنصرهم ويشير إلى مظلومية أهل البيت (ع) ، وأوّل مَن يبايعه في مكة جبرئيل، ثم يبايعه صفوة أصحابه وهم ثلاثمئة وثلاثة عشر رجلاً (313) بعدد أصحاب أهل بدر، حيث جاءوا من شرق الأرض وغربها واجتمعوا في مكة، وهم أصحاب الألوية وحكّام الله في أرضه، وهؤلاء لم يسبقهم الأولون، ولا يدركهم الآخرون كما عبّر عنهم الإمام الصادق (ع)، ثم يبايعه سائر الناس من أهل الحجاز واليمن وأصحاب رايات السُّود من إيران،و« الأبدال من الشام ،والنجباء من أهل مصر،والأخيار من أهل العراق » ([56]) وغيرهم حتى يتم أنصاره عشرة آلاف، من مختلف أقطار العالم، ثم يسيرالإمام(عج) من مكة إلى المدينة، بعد أن ينصب فيها والياً من قبله، وهناك في المدينة يقوم بأعمال وانجازات، ثم ينصب والياً من قبله ويتوجه من المدينة نحو العراق، ويستقر في الكوفة ويتَّخذها عاصمة لخلافته وحكومته إقتداءً بجدِّه الإمام علي (ع) كما أخبر بذلك النبي (ص) وأهل بيته (ع) ([57]) .
وعندما يدخل الكوفة يوحِّد الرَّايات، وفي الكوفة يلتحق السيد الحسني وجيشه بالإمام (ع) ويبايعونه، ثم الإمام المهدي (ع) وبعدما تستقيم له في الكوفة الأمور، يتوجه نحو الشام للقضاء على السفياني، ويصل الإمام المهدي (ع) بجيشه إلى فلسطين، عندها ينزل السيد المسيح عيسى (ع) من السماء ويقتدي به في الصلاة، وينصره في حربه مع جيش السفياني ([58]).
دور النَّصاری واليهود في زمن الظهور
إن َّنزول النبي عيسى بن مريم (ع) من السماء والاقتداء بالإمام المهدي (عج) من الحقائق الثابتة عند جميع المسلمين، ولعلّ الحكمة في نزوله هي تقوية الإمام المهدي(ع)، إذ لاشك أنّ النصارى الحقيقيين إذا سمعوا بأن عيسى ابن مريم (ع) قد نزل من السماء واقتدى بالإمام المهدي (عج) ستجد الکثير من المسيحيين يدخلون تحت راية الإمام المهدي (عج) ويعتنقون الدين الإسلامي.
وأمّا اليهود الحقيقيون فإنهم يجتمعون عند الإمام المهدي (عج) فيخرج لهم ألواح التوراة الحقيقية فيجدون فيها أوصاف الإمام وعلائمه، فيؤمنون به ويعتنق الكثير منهم دين الإسلام، وأمّا سائر الأديان والملل، فيدعوهم الإمام إلى الإسلام الصحيح الكامل فيتقبله أكثر الملل والشعوب وتنقاد له أكثر الدول والحكام ، ولا شكَّ أنَّ الذي لا ينقاد إلى الحق ويقف أمام قيام المهدي(عج) فإن الإمام يستخدم القوة من السيف والوسائل الأخرى، لإخضاع هؤلاء ([59]).
إيران الإسلام تُمهِّد لظهور الحجة (عج)
لقد كان للإيرانيين الدور البارز والمشهود في مساندة الرسالة المحمدية من بداية عصر الرسالة إلی يومنا هذا، والروايات الواردة عن المعصومين والعلماء وتاريخ الإسلام يشهد لذلك ومن أراد الإطلاع علی ذلك فليراجع كتاب الإسلام وإيران للإستاذ الشهيد مرتضی مطهري ، بتعريب الشيخ محمد هادي اليوسفي الغروي .
وحسب الروايات والأحاديث الواردة سيكون للإيرانيين الدور المهم في التمهيِد لظهور المهدي(عج) ومواكبة ومؤازرة المسيرة الإصلاحية لنهضة حفيد الرسول (ص) حتی النصر النهائي، وتشكيل دولته العالمية ، ويمكن تلخيص تلك الأعمال البارزة التي سيقومون بها في ظل حركة الظهور المقدس وإقامة الدولة الكريمة ، في ضمن الأمور التالية :
أولاً:وجود أنصار المهدي(عج) الخواص من إيران : إنَّ حضور عدد كبير من إيران بين أصحاب الإمام الخواص ، هو خير دليل علی الدور المهم الذي سيقوم به الإيرانيون في نهضة الإمام الحجة (عج) ،وهؤلاء من مدن الأهواز والدَّيلمان و الرَّي وطهران وشيراز وطوس خراسان وطالقان وقزوين وقم وغيرها من المدن، وأكثرهم عدداً من منطقتي طالقان وقم ([60]) . وقد ذكرتهم الروايات منها الرواية المنقولة عن أمير المؤمنين (ع) في دلائل الإمامة ([61]) وبحسب ما نستفيد من الأحاديث لقم دورً كبير في التمهيد لظهور الإمام المنتظر (عج) ، وسوف يكون لهم الدور الفعال في قيامه وتشكيل دولته العالمية ، لقد ورد عن الإمام الصادق (ع):«إنّما سمّيت قم؛ لأنّ أهلها يجتمعون مع قائم آل محمّد (ص) ويقومون معه ويستقيمون عليه وينصرونه»([62]). وبالنسبة إلی طالقان([63]) . عبرَّ عن رجالها في الروايات بكنوز الطالقان ،فقد روی ابن اعثم الكوفي في كتاب الفتوح عن أميرالمؤمنين (ع) أنَّه قال:«ويحاً للطالقان فإنَّ فيها كنوزاً ليست من ذهب ولا فضَّة ولكن بها رجال مؤمنون عرفوا الله حقَّ معرفته وهم أيضاً أنصار المهدي في آخر الزمان ». ([64])
ثانياً: خروج الرايات السود و أهل المشرق بقيادة الخراساني و شعيب بن صالح:من العلامات الحتمية التي وردت في سياق علامات الظهور،تلك الروايات التي تشير إلی الرايات السود لقوم من المشرق ومن خراسان ،يخرجون لنصرة المهدي ومؤازرته في قتال أعداء الدين،و لا شک أنَّ هؤلاء القوم من أهل إيران ، فعن النبي (ص) : «إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، وإن أهل بيتي سيلقون بعدي بلاء وتطريدا وتشريدا حتى يأتي قوم من نحو المشرق أصحاب رايات سود، يسألون الحق فلا يعطونه، فيقاتلون فينصرون، فيعطون ما سألوا فلا يقبلوها حتى يدفعوها إلى رجل من أهل بيتي، فيملأها عدلا كما ملأوها ظلما فمن أدرك ذلك منكم، فليأتهم ولو حبوا على الثلج فإنه المهدي » ([65])، وفي رواية أخری عنه (ص) تصرِّح بأنَّ هؤلاء الناس من المشرق، هم من أهل خرسان:« إذا رأيتم الرايات السُّود قد جاءت من قبل خراسان فاستقبلوها مشياً علی أقدامکم، لأنَّ فيها خليفة الله المهدي (عج) »([66]).
ثالثاً:إنَّ وقوع نهضة الشعب الإيراني وانتصار ثورته الإسلامية المباركة في عصرنا هذا التي بدأت من قم بقيادة الإمام الخميني ، وأثمرت بتشكيل الحكومة الإسلامية والتي لا زالت تواصل الإثمار والعطاء بقوةٍ بقيادة الإمام الخامنئي هو دليل آخر على مكانة إيران والإيرانيين ودورهم في التمهيد لظهور الحجة المنتظر (عج) كما تشير إلى ذلك الرواية التالية الواردة عن الإمام الصادق (ع) :«کأني بقومٍ خرجوا من المشرق يطلبون الحق..... ولا يدفعونها إلاَّ إلی صاحبكم، قتلاهم شهداء ،أما إني لو أدرك ذلك لأبقيت نفسي لصاحب هذا الأمر» ([67])
إنَّ ماتقوم به الجمهورية الإسلامية في عصرنا هذا من التَّصدي لأعداء الدِّين و الدَّعوة إلی الإسلام المحمدي الأصيل في قبال الإسلام الأمريكي الذي يُروِّجه الغرب ،و الدِّفاع عن الشعوب المستضعفة ودعم حركات التحرير في العالم، ومساندة المقاومة الإسلامية في لبنان وفلسطين وأفغانستان والعراق وغيرها من البلدان تجاه الإستكبار العالمي ،كلّه في الواقع يشكِّل التَّمهيد العام لظهورالإمام الحجة المنتظر (عج)، و سيصبح هذا النظام الإسلامي بشعبه وحكومته من القواعد الأساسية لتشكيل دولة ذلك المصلح العالمي إن شاءالله.
دولة المستضعفين و المحرومين
لقد وعد الله المستضعفين أن يستخلفهم في الأرض ،وقد أخبر القرآن بهذا الوعد الإلهي الذي جاء في الزبور وهو كتاب داوود، والذِّكر وهو التوراة، بقوله تعالى: “وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِي الصَّالِحُونَ”([68]). والآية الأخرى التي تشير إلى هذا الوعد الإلهي،قوله تعالى:” وَعَدَ اللَّهُ الَّذينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَ لَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَ لَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَني لا يُشْرِكُونَ بي شَيْئاً وَ مَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ “ ([69]).
والآيتان المذكورتان تنصَّان وتؤكِّدان علی ذلك الوعد اللإلهي المقدس بإستخلاف المستضعففين علي الأرض من الذين آمنوا وعملوا الصالحات ، ويتمثَّل هذا الإستخلاف الکامل و التَّمکين التام بإشادة دولة الحق العالمية في الكرة الأرضية،وذلك في آخر الدهر ونهاية مسيرة الإنسان في هذه الحياة ،و هي دولة الإمام المهدي(عج) والذي عبَّر عنها في الروايات، بدولة آل محمد (ص) ،وفي الأدعية بالدولة الکريمة، وستكون هذه الدَّولة آخر الدُّول کما أخبر بذلك الإمام الصادق حيث قال (ع) :
«لكل أناس دولة يرقبونها ودولتنا في آخر الدهر تظهر» ([70])
وکما أخبر بذالك الإمام الباقر (ع) حيث قال: «إنّ دولتنا آخر الدول، ولن يبقى أهل بيت لهم دولة إلا ملكوا قبلنا، لئلا يقولوا إذا رأوا سيرتنا: إذا ملكنا سرنا مثل سيرة هؤلاء، وهو قول الله عزّ وجل «وَالْعاقِبَة لِلْمُتَّقِينَ» ([71]).
وطالما دعونا الله وندعوه دائماً لتحقيق هذه الدولة الکريمة التي فيها عزُّ الإسلام وأهله: اللهم إنا نرغب إليك في دولة كريمة تعزّ بها الإسلام وأهله وتذل بها النفاق وأهله وتجعلنا فيها من الدُعاة إلى طاعتك والقادة إلى سبيلك وترزقنا بها كرامة الدنيا والآخرة ([72]).
وتتكون هذه الدولة الكريمة التي طالما انتظرها المستضعفون في الأرض، بعد ما يظهر المهدي (عج) ويقوم بالأمر من مكة المكرمة ويسير نحو المدينة ثم يتوجه نحو العراق ويستقر في الكوفة، ويتخذها مركزاً وعاصمة لخلافته ودولته العادلة، ثم يفتح الإمام(عج) شرق العالم وغربه ويبعث الثلاثمائة والبضعة عشر رجلاً إلی الآفاق كلها ولاة من قبله في الأمصار المهمة ([73]). وينشر الإمام(عج) الإسلام في جميع أرجاء العالم، ويسير ويحكم ويطبق الإسلام حسب كتاب الله وسنّة نبيه وجده أمير المؤمنين (ع) ويحكم بين الناس بعلم الإمامة ولاينتظر شهادة الشهود ولا إقامة البينة من المدّعي، يقول الإمام الصادق (ع): «إذا قام قائم آل محمد (ص) حكم بين الناس بحكم داود، لا يحتاج إلى بيّنة، يلهمه الله تعالى فيحكم بعلمه، ويخبر كل قوم بما استبطنوه» ([74]).
وتنص الأحاديث الشريفة أنه(عج) يسير بسيرة جده (ص) ، ولكن ثمة فروقاً بين السيرتين تفرضهما بعض الخصوصيات الزمانية لكل منها، كما في سياساته العسكرية والإدارية والقضائية فالإمام يحكم بين الناس بعلمه إذا لم تك بينة كما اشار جدِّه الإمام الصادق(ع) في الحديث السابق، وهي من خصوصيات الإمام(عج)، فلا يضر ذلك بحقيقة أن سيرتيهما واحدة.
إنجازات الدولة الكريمةو بركاتها
لا شك انَّ عصر الإمام المهدي (عج)، يصبح من أفضل العصور منذ خلق الله آدم (ع)، ومن الصحيح أن نسمي عصر الإمام بعصر النور وعصرالعلم و الثقافة لأنّ في عصره تتكامل العقول والعلوم للبشرية الإسلامية وغيرها من العلوم الطبيعية والتجريبية و... وتنعم البشرية في دولة المهدي(عج) بالأمن والرخاء والعدالة والحرية وجميع مستلزمات الحياة الكريمة.
وخلال حكمه تظهر الأرض بركاتها وتزداد الثروة وينعدم الفقر ويعيش البشر حياة سعيدة في أمن وأمان، لا فقر ولا حرمان ولذلك يرضى عنه ساكن الأرض وساكن السماء كما أخبر عن ذلك جدّه المصطفى (ص) : فعن أبي سعيد الخدري عن النبي (ص) قال: «تنعم أمتي زمن المهدي نعمة لم ينعموا مثلها قط، ترسل السماء عليهم مدراراً، ولاتدع الأرض شيئاً من النبات إلا أخرجته والمال كُدُس، يقوم الرجل فيقول: يا مهدي أعطني فيقول خذ» ([75]).
وهكذا يسود الإسلام والسلام في كافة بقاع الأرض، وترى الشعوب والحكومات تدخل في دين الإسلام أفواجاً، وينعم جميع البشر في ظلِّ هذه الدَّولة الكريمة.وتستمر حكومة الإمام المهدي (عج) حوالي عشرين سنة حسب ما جاء في روايات أهل البيت (ع) منها قول الإمام الصادق (ع) «يملك القائم (ع) تسع عشرة سنة وأشهراً»([76]) وهناك أقوال أخرى حول مدة حكومته([77]) .
شهادة الإمام الثَّاني عشر (عج)
وبعد أن تحقق دولة الإمام المهدي(عج) أهدافها ، وبعد أن ينجز الإمام(عج) كل المهام المأمور إلهيا بإنجازها يتوفاه الله تعالى بالأجل المحدد ، ويدركه الموت الذي لا بد منه إمّا بالسم أو بالقتل فإنّ الإمام المهدي يشمله هذا الحديث «ما منا إلا مسموم أو مقتول» ([78]).
وبعد أن يغيب القمر الثاني عشر والأخير من أقمار أهل بيت النبوة (ع) فمن يغسل الإمام المهدي ويصلي عليه؟
إنَّ الأحاديث والزيارات تصرّح برجعة([79]) بعض الأئمة من أهل البيت (ع) ، وأول من يرجع هو الإمام الحسين (ع) حيث يقوم بتجهيز الإمام والصلاة عليه ودفنه ، يقول الإمام الصادق (ع) : «...فيكون الحسين(ع) هوالذي يلى غسله (عج) وكفنه وحنوطه ويواريه في حفرته»([80]) ،كما تصرِّح الروايات برجعة بعض الأنبياء والأولياء والمؤمنين ولو بصورة محدودة وبمهمَّة خاصة.
ومن الزيارات المأثورة المروية عن الأئمة (ع) التي فيها التَّصريح بالرجعة هي الزيارة الجامعة الكبيرة المروية عن الإمام الهادي (ع) وهي من أفضل الزِّيارات التي يُزار بها كل إمام من أئمة أهل البيت (ع) وفيها تقول«... مؤمن بإيابكم، مصدق برجعتكم منتظر لأمركم، مرتقب لدولتكم..»([81]). وفي زيارة الإمام المهدي (عج) المعروفة بزيارة آل ياسين، والتي صدرت من ناحيته المقدسة أيضاً تقول: «... وإنّ رجعتكم حق لاريب فيها... ». ولقد أراد الإمام المهدي (عج) من شيعته بأن يزوره بهذه الزيارة، (أي: زيارة آل ياسين) ثم يدعو له عقيبها بما يأتي من الدعاء المبارك، الذي فيه الدعاء له بالتعجيل في الظهور والنصر له على الأعداء.
وبعد فترة من شهادة الإمام المهدي(عج) ورجوع بعض الأشخاص، وبعد إنتهاء دولة آل محمد (ص) ([82])، تأتي نفخة الصورالاُلی من قبل إسرافيل فيموت من في السموات والأرض ، وتنتهي الحياة الدنيا ، ويأتي النداء الإلهي لمن الملک اليوم؟ فلا تجد جواباً من أحد ، فيأتي الجواب منه تعالی: لله الواحد القهَّار ، وتأتي النفخة الثانية فتقوم الأموات من الأجداث ينتظرون الحساب ، قال تعالی : “ وَ نُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ إِلاَّ مَنْ شاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ”([83]). وقال تعالی : “ وَ نُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذا هُمْ مِنَ الْأَجْداثِ إِلى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ “ ([84]) . وبعد الحساب تبدأ الحياة الاُخروية الأبدية، ولا يعلم تفصيل ذالك كمَّاً وكيفاً إلاَّ الله سبحانه وتعالی .
([3]) إنَّ الأخبار الواردة حول المهدي (عج) تتمثَّل في مئات الروايات عن النبي(ص) وأهل بيته (ع) ،فراجع معجم أحاديث الإمام المهدي وكتاب منتخب الأثر للصافي الگلبايگاني والكتب الأخرى التي ألِّفت في هذا الموضوع.
([4]) عون المعبود في شرح سنن أبي داوود ، کتاب المهدي. وراجع أعيان الشيعة4: 348.
([5]) الصواعق المحرقة ،الطبعة الثانية : 124 وط.الثالثة: 313.
([6]) الصواعق المحرقة:141، الباب11،الفصل1 .
([7]) الصواعق المحرقة: 163، الباب11،الفصل1 و مسند ابن حنبل 1: 84.
([8]) منهاج السنّة لابن تيمية 4: 86 ، تذكرة الخواص لابن الجوزي : 363 .
([9]) مسند ابن حنبل 1: 378،ينابيع المودة 3: 63 باب 93.
([10]) وفيات الأعيان4: 176و 562
([12]) راجع تفاسير الآية في کنب التفاسير ، وراجع کتاب أعيان الشيعة4: 389 .
([15]) إشارة إلى الرواية التي أخرجها أبو يعلى، عن سلمة بن الأكوع: أنّ النّبيّ (ص) قال: «النجوم أمان لأهل السماء، وأهل بيتي أمان لأمتي» الصواعق المحرقة:2: 442، 546.
([16]) كمال الدين 2: 347،الباب33، الغيبة للنعماني: 153 ،الباب10.
([17]) بحار الأنوار 52: 90باب 20 ،علة الغيبة .
([18]) السِرداب هو قَبو تحت الأرض في البيوت القديمة يُلجأ إليه من حرِّ الصيف.
([19]) راجع القصة بکاملها في بحار الأنوار 52: 52 ،ح37.
([20]) راجع مفاتيح الجنان،الباب3،في الزِّيارات.
([21]) كمال الدين: 516، الغيبة لطوسي: 242،وقال العلامة المجلسي: لعله محمول على من يدّعي المشاهدة مع النيابة، وإيصال الأخبار من جانبه (عج) إلى شيعته على مثال السفراء، لئلا ينافي الأخبار التي مضت والتي ستأتي فيمن رآه (عج) (بحار الأنوار 52: 151 ).
([22]) هذا نص في كتاب (الغيبة) للشيخ الطوسي، أما في (كمال الدين) للشيخ الصدوق 2: 484 فقد ورد الشطر الأخير ـ من الحديث ـ هكذا: «وأنا حجة الله عليهم» وفي كتاب (الاحتجاج) للطبرسي 2: 470 لا يوجد لفظ «عليهم» ولا «عليكم».
([23]) الإحتجاج، للطبرسي 2: 263، بحار الأنوار 2: 88.
([24]) لقد بحثت مسألة ولاية الفقيه من جوانب متعدِّدة من قبل العلماء بعد الثورة الاسلامية، وقدألِّفت حولها الکتب الکثيرة .
([26]) كمال الدين 2: 485 ، الغيبة للطوسي: 177.
([27]) الأواء: الشدة ـ المصباح 2: 256.
([28]) إصطلمه: استأصله ـ القاموس 4: 140.
([29]) الاحتجاج للطبرسي 2: 598.
([32]) بني هذا المسجد بأمر من الحجة (عج)في السابع عشر من شهر رمضان المبارك سنة ثلاث وتسعين وثلاثمئة للهجرة (393 هـ ) في قرية جمكران من ضواحي قم علی ما أخبر به العبد الصالح الحسن بن مثلة الجمکراني ، وللاطلاع على تاريخه وكيفية انتسابه إلى صاحب الزمان والأعمال المندوبة فيه، عليك بمراجعة كتاب تاريخ قم للشيخ حسن القمي المعاصر للشيخ الصدوق، وکتاب (النجم الثاقب) للشيخ النوري، أوكتاب مفاتيح الجنان، وغيرها من الكتب التي اُلِّفت في هذا الموضوع.
([33]) أصول الكافي 1: 340، الغيبة للنعماني: 188.
([34]) الکافي 3: 495، بحارالأنوار3: 524.
([35]) أصول الكافي 1: 340 ،الغيبة للنعماني: 170.
([36]) راجع كمال الدين: 645، بحار الأنوار 52: 140.
([37]) بحار الأنوار 52: 140، الباب 22.
([38]) الحوبة: الخطيئة والحوب: الإثم ـ مجمع البحرين.
([39]) الإحتجاج للطبرسي 2: 599 .
([40]) أصول الكافي 1: 337، الغيبة للنعماني: 166، كمال الدين 2: 342.
([42]) معجم أحاديث الإمام المهدي 2 : 59ح415.
([43]) راجع منتخب الأثر: الفصل 6، الباب7: 570 وفي الفصل7، الباب 9: 602 .
([44]) معجم أحاديث الإمام المهدي 2 : 145ح487.
([46]) الغيبة للنعماني:133، كمال الدين 2: 650.
([49]) الغيبة للطوسي: 265، منتهى الآمال2: 656.
([50]) الغيبة للنعماني: 255 باب 14 ح13، وبحار الأنوار 52: 232.
([51]) كمال الدين 2: 649، وبحار الأنوار 52: 203.
([52]) بحار الأنوار 52: 192و 307
([53]) طالقان،منطقة واسعة تشمل مجموعة مدن و قری ،تقع بين طهران و قزوين.
([54]) بحار الأنوار 53: 15، وأعيان الشيعة 2: 75.
([55]) راجع كمال الدين2: 653، الإرشاد :378،وإعلام الوری:430.
([56]) معجم أحاديث الإمام المهدي 3 : 102ح645.
([57]) راجع غيبة الطوسي: 274، وبحار الأنوار13 :180.
([58]) راجع كمال الدين2: 653. والإرشاد :378 .
([59]) ولتوثيق المقولات بالروايات راجع بحار الأنوار14: 530 وكتاب منتخب الأثر.
([60]) من قم(18 رجلاً)، ومن طالقان (24 رجلاً )، راجع أعيان الشيعة 1: 84 .
([61]) راجع دلائل الإمامة:307 .
([62]) ترجمة تاريخ قم: 100، وفي بحار الأنوار 60: 216.
([63]) طالقان،منطقة واسعة تشمل مجموعة مدن و قری ،تقع بين طهران و قزوين.
([64]) بحار الأنوار 51: 87 باب ا ، وراجع أعيان الشيعة 1: 84 .
([65]) بحارالأنوار51: 82 باب 1 .
([66]) بحارالأنوار51: 82 باب 1 .
([70]) بحار الأنوار 51: 143 ح30.
([72]) فقرات من دعاء الإفتتاح( مفاتيح الجنان ، أعمال ليالي رمضان) .
([73]) راجع بحار الأنوار 52: 336.
([75]) الفصول المهمة: 288 فصل 12،ودلائل الإمامة:255.
([76]) الغيبة للنعماني، باب 26 ح 2.
([77]) راجع کتاب منتخب الأثر:492.
([78]) بحار الأنوار27: 217 ح19.
([79]) تعني الرجعة ،أن الله سبحانه وتعالى سيعيد أشخاصاً من الأموات الى الدنيا ، وأن هؤلاء على قسمين: مَن مَحَض الإيمان محضاً في حياته الاُولى، ومن كان قد محض الكفر، محضاً فيها، ثم يديل الله سبحانه وتعالى المحقين من المبطلين، والمظلومين من الظالمين، وأن ذلك سيحدث لدى قيام المهدي (عج) ، ثم يصيرون بعد ذلك الى الموت، وهناك من فسّر الرجعة بأنها تعني رجعة الحق الى نصابه وذلك على يد المهدي (عج) والرأي الأوّل هو الشائع بين الإمامية أخذاً بما جاء عن آل البيت G.والرجعة ليست من تلك الاُصول التي لا يسوغ الخلاف فيها، وقد أجاد الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء حيث يقول: «ليس التدين بالرجعة في مذهب التشيع بلازم، ولا إنكاره بضار،... (أصل الشيعة وأصولها:35)،ولمزيد الإطلاع حول الرجعة راجع إثبات الرجعة لإبن شاذان وکتاب الرجعة للشيخ الصدوق،وإثبات الرجعة للعلامة الحلِّي ، والشيعة والرجعة للمرحوم الشيخ محمد رضا الطبسي النجفي .
([80]) بحار الأنوار53: 103 ،باب29ح130.
([81]) عيون أخبار الرضا 1: 307، بحار الأنوار99: 131.
([82]) مايقارب أربعين يوماً بعد شهادة الإمام المهدي کما روي.