ولد علي الأكبر(ع) في الحادي عشر من شعبان سنة (33 هـ)، وقيل 41 أو 35، والأصح ما قدمناه([1])، أبوه الإمام أبو عبد الله الحسين(ع) ، وأمه ليلى بنت أبي مرة بن عروة بن مسعود الثقفي، وكانت أمها ميمونة بنت أبي سفيان أخت معاوية، وعمة يزيد، ولهذا عرض عليه الأمان لمّا برز للقتال، رعاية لرحمه من يزيد بن معاوية، غير أنه رفضه وقال: «إن قرابة رسول الله(ص) ، أحقّ أن ترعى»([2]).
يكنّى بأبي الحسن، ويلقّب بـ (الأكبر) تمييزاً له عن أخيه علي الأصغر(ع) ، وهو الإمام زين العابدين(ع) ، الذي كان يصغره بعدة سنوات([3]).
كان (ع) من أصبح الناس وجهاً، وأحسنهم خلقاً، كان يشبه جده رسول الله(ص) ، في الخَلق والخُلق والمنطق([4])، كما ورد ذلك عن أبيه الحسين(ع) .
الظاهر أنه (ع) لا عقب له، إذ لا يوجد ما يؤكّد زواجه، وإن ما ورد في بعض زياراته تخصيصه وأولاده بالسلام، ولعله من زيادة النسّاخ، والله العالم بالحال([5]).
استشهد (ع) مع أبيه الحسين(ع) في كربلاء، وكان أول شهيد فيها من بني هاشم([6]).
فضائل علي الأكبر(ع) :
1- أخلاقه الرفيعة:
لما طلب علي الأكبر(ع) من أبيه الرخصة في القتال، وخرج إلى الميدان، رفع الحسين رأسه إلى السماء وقال: «اللهم اشهد على هؤلاء القوم، فإنه قد برز إليهم غلام أشبه الناس خلقاً وخُلقاً ومنطقاً برسولك، وكنّا إذا اشتقنا إلى نبيك نظرنا إليه»([7]).
إن ما ذكره الحسين(ع) من حسن خُلق علي(ع) ، ومنطقه إلى درجة كان في ذلك أشد الناس شبهاً برسول الله(ص) ، تُعد شهادة من المعصوم، الذي لا ينطق إلاّ حقاً وصدقاً في حق علي(ع) .
وقد قال الله في حق نبيه (ص) ، : (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ)([8])، وكان علي الأكبر شبيهاً لجده المصطفى (ص) ، في ذلك الخلق الذي امتدحه به ربه.
2- الإيمان الواعي العميق:
كان علي الأكبر(ع) يتمتع بأعلى مستويات الوعي الإيماني، فقد جرى حوار بين الإمام الحسين(ع) وابنه الأكبر، وذلك بعد أن علم الحسين وصحبه ما جرى على مسلم بن عقيل في الكوفة.
سمع الأكبر أباه الحسين يقول: إنّا لله وإنّا إليه راجعون، والحمد لله رب العالمين.
سأله علي عن استرجاعه، فقال له الحسين(ع) : إني خفقت برأسي فعنَّ لي فارس وهو يقول: القوم يسيرون والمنايا تسري إليهم، فعلمت أنها أنفسنا نعيت إلينا.
فقال علي الأكبر: لا أراك الله سوءاً ألسنا على الحق؟ فقال الحسين: بلى والذي إليه مرجع العباد. فقال علي (ع) : إذن لا نبالي أن نموت محقين، فقال الحسين: جزاك الله من ولد خير ما جزى ولداً عن والده([9]).
فنظرية علي في هذه الوثيقة التاريخية واضحة بالنسبة للحياة والممات، حيث أن الممات على الحق لا ضير فيه ما دام على الحق، فعلي(ع) لا ينظر إلى أنه يموت أو يحيى، وإنما كان معيار تفكيره وميزان عقله الحق، وجادته، وما دام هو على جادة الحق فلا يبالي أجاءه الموت، أو قدم بنفسه إلى الموت.
([2]) واقعة كربلاء في الوجدان الشعبي: 118.
([6]) أعيان الشيعة 8: 206، ومقاتل الطالبيين: 80.