ولادة الإمام المهدي (ع) (يوم المستضعفين) (15/ شعبان/ السنة 255 هـ)

قيم هذا المقال
(2 صوت)
ولادة الإمام المهدي (ع) (يوم المستضعفين) (15/ شعبان/ السنة 255 هـ)

ولد الإمام محمد بن الحسن المهدي(ع)  في سامراء ليلة مباركة وهي ليلة النصف من شعبان سنة (255هـ) الموافق لسنة: (868م)، أبوه الإمام العسكري(ع)  وأمه نرجس وتسمى بريحانة وسوسن صاحبة الفضل والكرامة العظيمة، ولقب الإمام (ع)  بالحجة، والقائم، وقائم آل محمد، والخلف الصالح، وصاحب الزمان، وبقية الله في أرضه، والغائب، وأشهرها المهدي([1])، وقد سُمي هذا اليوم من قبل الإمام الخميني الراحل (ره) بيوم المستضعفين لما يحمل من آمال كبيرة لهم لنصرتهم على المستكبرين بواسطة قيامه وإصلاحه العالمي المنتظر.

الإمام المهدي المصلح العالمي:

اتفق المسلمون جميعاً على ظهور المهدي في آخر الزمان، لإزالة الظلم والجور والفساد، وإصلاح العالم ولنشر العدل وإعلاء كلمة الحق، وإظهار الدين كله ولو كره المشركون، وهو يحقق الوعد الإلهي الذي وعده للمؤمنين بقوله تعالى:(وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ)([2]).

قوله تعالى: )وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ(([3])، وقوله تعالى: (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ...(([4]).

هذا بالإضافة إلى ما تختزنه مصنفاتهم من روايات كثيرة بلغت حد التواتر، منها:

1- ما رواه أحمد في (مسنده)، عن رسول الله (ص) ، ، أنه قال: «لو لم يبق من الدهر إلا يومٌ واحد لبعث الله رجلاً من أهل بيتي يملأها عدلاً كما ملئت جوراً»([5]).

2- ما رواه أبو داود، عن عبد الله بن مسعود، أن رسول الله (ص) ،  قال: «لا تنقضي الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي».

3- وروي عن أم سلمة، قالت: سمعت رسول الله (ص) ،  يقول: «المهدي من عترتي من ولد فاطمة».

وعلى كل حال ففكرة المهدي المنقذ الذي يملا الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً، ليست فكرة شيعية، بل هي فكرة إسلامية - بل هي فكرة دينية يدين بها أهل الشرائع الإلهية السابقة - توافق عليها المسلمون واعتقدوا بها وصدقوها لكثرة الروايات المنقولة عن النبي(ص) ،  بالتبشير به (ع).

نعم إذا كان هناك خلاف فإنما هو في أنه ولد أم سيولد، فقد ذهب علماء الإمامية إلى أنه ولد في سنة (255هـ). في مدينة سامراء واختفى بعد وفاة أبيه عام (260هـ).

وقد تواترت الروايات عن آبائه الطاهرين عليهم السلام  عندهم بما لا تدع أدنى شك أو ارتياب  بذلك وهي روايات صحيحة الإسناد، وبدرجة عالية من الوثاقة اتصف رواتها، وقد نقل الكليني والصدوق والطوسي كثيراً من هذه الأخبار الدالة على ولادته في ذلك الزمان، وأن الإمام العسكري قد عقّ عنه وتصدّق عنه وبعث العطايا والهدايا لفقراء الشيعة، كما تشرف جماعة من أصحابه برؤيته في حياة أبيه([6]).

كما ورد عن الأئمة المعصومين عليهم السلام التصريح بغيابه عن أمته، إلى أن يأذن له الله تعالى بالظهور فيملأها قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً، بل في بعضها التصريح بوجود غيبتين له، وللوقوف على ذلك نكتفي بما رواه الكليني بإسناده الصحيح عن أبي هاشم - داود بن القاسم - الجعفري قال: قلت لأبي محمد العسكري(ع) : جلالتك تمنعني من مسألتك أفتأذن لي أن أسألك؟

فقال: سل، قلت: يا سيدي هل لك ولد؟ فقال: نعم.

فقلت: فإن حدث بك حدث فأين أسأل عنه ؟ قال (ع) : بالمدينة([7]).

إلى غير ذلك من الأخبار التي تؤكد مولده المبارك.

وقد وافق في هذا الأمر جماعة من علماء السنة، وقالوا بأنه ولد وأنه ابن الإمام الحسن العسكري، منهم كمال الدين محمد بن محمد القريشي الشافعي، في كتابه (مطالب السؤول في مناقب آل الرسول)، قال: المهدي الحجة، الخلف الصالح المنتظر، فأما مولده فبسر من رأى، وأما نسبه أباً فأبوه الحسن الخالص... ثم قال:.... إنّ الرسول لما وصفه، وذكر اسمه ونسبه، وجدنا تلك الصفات والعلامات موجودة في محمد بن الحسن العسكري علمنا أنه هو المهدي.

ومنهم، أبو عبد الله محمد بن يوسف بن محمد الكنجي الشافعي في كتابيه: (البيان في أخبار صاحب الزمان)، و(كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب)([8])، ومنهم نور الدين علي بن محمد بن الصباغ المالكي في كتابه (الفصول المهمة في معرفة الأئمة)، ومنهم الفقيه الواعظ شمس الدين المعروف بسبط ابن الجوزي في كتابه (تذكرة الخواص)، وقد ذكر السيد الأمين في (الأعيان) عشرة من علمائهم، غير ما ذكرناه، ثم قال: والقائلون بوجود المهدي من علماء أهل السنة كثيرون...([9]).

ليلة النصف من شعبان

وهي ليلة بالغة الشرف، وقد روي عن الصادق (ع)  قال: سئل الباقر (ع)  عن فضل ليلة النصف من شعبان فقال (ع) : «هي أفضل الليالي بعد ليلة القدر، فيها يمنح الله العباد فضله، ويغفر لهم بمنّه، فاجتهدوا في القربة إلى الله (تعالى)  فيها، فإنها ليلة آلى الله عزّ جل على نفسه أن لا يردّ سائلاً فيها، ما لم يسأل الله المعصية، وإنها الليلة التي جعلها الله لنا أهل البيت بإزاء ما جعل ليلة القدر لنبينا (ع)  فاجتهدوا في دعاء الله (تعالى) والثناء عليه».

ومن عظيم بركات هذه الليلة المباركة أنها ميلاد سلطان العصر وإمام الزمان أرواحنا له الفداء، ولد عند السحر سنة خمس وخمسين ومائتين في سرّ من رأى، وهذا ما يزيد هذه الليلة شرفاً وفضلاً، وقد ورد فيها أعمال:

أولها: الغسل، فإنه يوجب تخفيف الذنوب.

الثاني: إحياؤها بالصلاة والدعاء والاستغفار، كما كان يصنع الإمام زين العابدين(ع) .

وفي الحديث: من أحيا هذه الليلة لم يمت قلبه يوم تموت القلوب.

الثالث: أن يأتي بما ورد في هذه الليلة من الصلوات، وأهمها صلاة جعفر الطيار (ع) .

الرابع: زيارة الحسين (ع)  وهي أفضل أعمال هذه الليلة وتوجب غفران الذنوب([10])، وقراءة مجموعة من الأدعية الواردة في هذه الليلة، يمكنك مراجعتها في كتب الأدعية ومنها مفاتيح الجنان.

 

 

([1]) إعلام الورى 418، والفصول المهمة 310، وإثبات الوصية 248.

([2]) سورة الأنبياء: الآية 105.

([3]) سورة القصص: الآية 5.

([4]) سورة النور: الآية 55.

([5]) مسند أحمد 1: 48/781/7812.

([6]) راجع الكافي 1: 328- 369، وكمال الدين وتمام النعمة، للصدوق 2: 372، والغيبة، للشيخ الطوسي.

([7]) المصدر السابق: حديث 2.

([8]) وقد طبعا أخيراً معاً.

([9]) أعيان الشيعة: 2/7564.

([10]) مفاتيح الجنان: أعمال ليلة النصف من شعبان.

قراءة 7999 مرة