مقتل كسرى ملك الفرس الذي دعاه النبي (ص)، للإسلام (6/ جمادى الأولى / السنة 6 هـ)

قيم هذا المقال
(16 صوت)
مقتل كسرى ملك الفرس الذي دعاه النبي (ص)، للإسلام  (6/ جمادى الأولى / السنة 6 هـ)

كان كسرى من الجبابرة في الأرض، حتى أنه ما كان يعرف بقليل رحمة في قلبه، وكان قد بنى لنفسه إمبراطورية عظيمة تحكم نصف العالم، ولكثرة ما تعاظمه الغرور والاستكبار، أمر قومه بالعبادة له وبتسميته رباً([1])، وكان ظلمه وعنفه قد طال الفرس فضلاً عن من كان تحت إمبراطوريته من غيرهم، ولما استقرت حكومة النبي(ص)،  في المدينة كان قد أرسل(ص)،  كتاباً إليه يدعوه إلى الإسلام، وقد حمل هذا الكتاب إلى كسرى عبد الله بن حذافة، وجاء فيه:

من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس، سلام على من اتبع الهدى، وآمن بالله ورسوله، وشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، وإني أدعوك بدعاء الله، وإني رسول الله إلى الناس كافة، لأنذر من كان حياً، ويحق القول على الكافرين. فأسلم تسلم، وإن توليت فإنّ إثم المجوس عليك.

 فلما قرأه مزّقه([2])، وقال: يكتب إليّ بهذا، وهو عبدي.

 ثم كتب إلى باذان وهو باليمن: أن ابعث إلى هذا الرجل الذي بالحجاز رجلين من عندك جلدين فليأتياني به. فبعث باذان بابويه، وكان كاتباً حاسباً، ورجلاً آخر من الفرس يقال له: خرخسوه، وكتب إليه يأمره بالمسير إليه إلى كسرى، وتقدم إلى بابويه أن يأتيه بخبر رسول الله (ص)، ، وسمعت قريش بذلك ففرحوا، وقالوا: أبشروا فقد نصب له كسرى ملك الملوك، كفيتم الرجل. فخرجا حتى قدما على رسول الله(ص)، ، وقد حلقا لحاهما وأعفيا شاربهما، فكره النظر إليهما، وقال: ويلكما من أمركما بهذا؟ قالا: ربنا، يعنيان الملك. فقال: لكن ربي أمرني أن أعفي لحيتي وأقصّ شاربي، فأعلماه بما قدما له، وقالا: إن فعلت كتب باذان فيك إلى كسرى، وإن أبيت فهو يهلكك ويهلك قومك. فقال رسول الله(ص)،: ارجعا حتى تأتياني غداً. وأتى رسول الله (ص)،  الخبر من السماء: أنّ الله قد سلّط على كسرى ابنه شيرويه فقتله في شهر كذا وليلة كذا، فدعاهما رسول الله(ص)،  وأخبرهما بقتل كسرى، وقال لهما: قولا لهُ إن ديني وسلطاني سيبلغ ملك كسرى وينتهي ما انتهى الخف والحافر، وأمرهما أن يقولا لباذان: أسلم، فإن أسلم أقره على ما تحت يده وملكه على قومه. ثم أعطى خرخسوه منطقة ذهب وفضة أهداها له بعض الملوك، وخرجا فقدما على باذان، وأخبراه الخبر، فقال: والله ما هذا كلام ملك، وإني لأراه نبياً، ولننظرنّ فإن كان ما قال حقاً فإنه لنبي مرسل، وإن لم يكن فنرى فيه رأينا. فلم يلبث باذان أن قدم عليه كتاب شيرويه يخبره بقتل كسرى وأنه قتله غضباً للفرس، لما استحل من قتل أشرافهم، ويأمره بأخذ الطاعة له باليمن، وبالكف عن النبي (ص)،  فلما أتاه كتاب شيرويه أسلم وأسلم معه أبناء من فارس([3]).

 

([1]) الكامل في التاريخ لابن الأثير 2: 97.

([2]) روي عن رسول الله أنه قال لمّا بلغه أن كسرى مزّق كتاب النبي: Sمزق الله ملكه. وفعلاً تمزق ملكه بقتل ولده لهR.

([3]) سيد المرسلين للشيخ جعفر السبحاني 2: 363.

قراءة 18501 مرة