قال الشيخ المفيد في ( أوائل المقالات ) : "واتفقت الإمامية على أن آباء رسول الله (ص) من لدن آدم إلى عبد الله بن عبد المطلب مؤمنون بالله عز وجل موحدون له ، واحتجوا في ذلك بالقرآن والأخبار …" .
يستشكل المخالفون على الشيعة هذا الاعتقاد بقوله تعالى :
"وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ" .
مدعين صراحة الآية القرآنية بكفر والد إبراهيم عليه السلام !
الرد :
أولاً : الأب في اللغة لا تساوي الوالد ، بل يمكن أن تستخدم بمعنى المربي والعم ، قال تعالى "إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـهَكَ وَإِلَـهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ" ، وإسماعيل (ع) هو عم يعقوب (ع) وليس والده أو جده .
ثانياً : يدلنا بكل صراحة ووضوح وبلا أدنى شك على أن آزر أبا إبراهيم (ع) ليس والده ، بعض التأمل في آيات الله الحكيم ، يقول عز وجل :
"وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأوَّاهٌ حَلِيمٌ" .
هذا يعني أن إبراهيم (ع) توقف عن الاستغفار لأبيه آزر بعد أن تبين له أنه عدو الله ولا يرجى منه خير .
أما النقطة الحاسمة فهي قوله تعالى على لسان إبراهيم (ع) :
"الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاء رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاء رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ" .
ولا شك أن هذا الكلام كان بعد قصة استغفاره لأبيه وتوقفه عن ذلك ، ولو كان آزر هو والده لما استغفر له إبراهيم كما هو واضح .