أتمنى أن تذكروا المصادر التي روت حديث الثقلين بلفظ (وسنتي)
الجواب:
ورد حديث كتاب الله وسنة نبيه أو (سنتي) في بعض المصادر وبعدة طرق نقتصر بذكر المشهور دون من ذكره بلا إسناد سوى ما رواه مالك في موطئه بلاغاً، وهو أقدم الكتب الحديثة التي ذكرته ولكن من دون سند. حيث أن مالك ذكر بعض الأحاديث في موطئه من دون اسناد وقال فيها مباشرة: بلغنا عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال, وهذا الطريق غير ثابت ولا يحتج به بالإجماع حيث أنه قد يكون موضوعاً مكذوباً.
وحكم الشيخ المحدث السلفي الألباني على هذا الطريق بأنه معضل, وهو ما سقط من سنده اثنان فأكثر.
أما بقية الطرق التي لها إسناد فهي:
أولاً: رواية الحاكم في (المستدرك 1/ 93) عن إبن عباس: مرفوعاً: إني قد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبداًً كتاب الله وسنة نبيه (صلى الله عليه وآله). وإسناده تالف ففيه عكرمة المرمي بالكذب والمتهم بكونه من الخوارج.
وفيه أبو أويس المتهم بالكذب أيضاً, وكذلك إبنه إسماعيل إبن أبي أويس متهم بالكذب, وإن حاول البعض الدفاع عنهم لكونه من رواة الصحيح.
ثانياً: رواية الحاكم في مستدركه أيضاً (1/ 93) عن أبي هريرة: يرفعه إلى النبي (صلى الله عليه وآله): إني قد تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما أبداً كتاب الله وسنتي ولن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض.
وهذا الإسناد تالف أيضا ً حيث أن فيه صالح بن موسى الطلحي وهو متفق على ضعفه حيث قال إبن معين: ليس بشيء، وفي رواية: ليس بثقة, وقال أبو حاتم عنه: منكر الحديث جداً كثير المناكير عن الثقات. وقال البخاري: منكر الحديث. وقال النسائي: لا يكتب حديثه, وقال عنه في رواية أخرى: متروك الحديث. وقال أبو نعيم عنه: متروك يروي المناكير.
ثم إن هذا الطريق للحديث قد يكون محرفاً أو مصحفاً فقد رواه البزار بنفس الإسناد وقال فيه (صلى الله عليه وآله): خلفت فيكم كتاب الله ونسبي... وليس (وسنتي) !
ثالثاً: رواية الخطيب البغدادي في كتابه (الفقيه والمتفقه 1/ 94) عن أبي سعيد الخدري: مرفوعاً بلفظ: إني قد تركت فيكم الثقلين كتاب الله وسنتي.
وإسناده تالف أيضاً حيث أن فيه سيف بن عمر التميمي الذي كان مشهوراً بالكذب ووضع الحديث واختلاق الحكايات والأحداث والأشخاص. حيث قال أبو حاتم: متروك الحديث، وقال أبو داود: ليس بشيء, وقال ابن حبان: يروي الموضوعات عن الأثبات. ونقل إبن حبان عن ابن نمير قوله فيه: وكان سيف يضع الحديث وكان قد اتهم بالزندقة . وقال الدار القطني عنه: متروك. وقال الحاكم فيه: إتهم بالزندقة وهو في الرواية ساقط. وقال أبو نعيم: متهم في دينه مرمي بالزندقة ساقط الحديث لا شيء.
بالإضافة إلى وجود شخص ضعيف آخر في السند وهو شعيب بن إبراهيم التميمي.
رابعاً: رواية أبو الشيخ في كتابه (طبقات المحدثين باصبهان 2/288): عن أنس بن مالك: مرفوعاً: لقد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا كتاب الله وسنة نبيه.
وسنده تالف أيضاً حيث أنه فيه: هشام بن سلمان وقد ضعفه ابن حبان فقال: منكر الحديث جداً ينفرد عن الثقات بالمناكير الكثيرة وعن الضعفاء بالأشياء المقلوبة على قلة روايته، لا يجوز الإحتجاج به فيما وافق الثقات فكيف إذا انفرد؟
وروايته هنا عن يزيد الرقاشي فقال ابن عدي فيه: وأحاديثه عن يزيد (الرقاشي) غير محفوظة. وضعفه أيضاً موسى بن إسماعيل.
وفي سنده أيضاً يزيد الرقاشي وهو مطعون به جداً,حيث قال شعبة عنه: لئن أقطع الطريق أحب إلي من أن أروي عن يزيد الرقاشي، وفي رواية أخرى قال شعبة: لئن أزني أحب إلي من أن أروي عن يزيد الرقاشي. وقال عنه الفسوي وأبو أحمد الحاكم: متروك الحديث، وكذا قال النسائي، ولكنه في رواية ثانية قال عنه: ليس بثقة وضعفه إبن مسعود والدارقطني والبرقاني وابن معين أيضاً.
فتبين بأن هذه الرواية ليس لها إسناد يفرح به أو تقوم به حجة وإن تعددت طرقه حيث أن طرقه أحدها أضعف من الآخر وكلها فيها متهمون بالكذب فلا يزيد الحديث والحال هذه.الإ ضعفا.
تعليق على الجواب
ذكرتم أن الألباني ضعف حديث ((وسنتي)) لكني وجدته في كتابه ((سلسلة الأحاديث الصحيحة)) يقول بأنه صحيح والعلم عند الله فهل لكم أن تزودونا بالمصدر؟
الجواب:
أولاً: لم نطلع على حديث (وسنتي) معنوناً باستقلال, ضمن الأحاديث الصحيحة في السلسلة وإنما المقصود هو ما أورده ضمن كلامه على حديث الثقلين بالمتن المشهور (وعترتي أهل بيتي).
ثانياً: إن هذا الحديث (وسنتي) ورد بعدة طرق ضعيفة, أذكر لك منها طريقاً واحداً وهو مصب كلام الألباني:
إن الحديث ورد عن الإمام مالك مرسلاً والحديث المرسل وبلا سند لا يحتج به وقد قال عنه الألباني (حديث معضل), والحديث المعضّل ما يسقط من سنده اثنان فأكثر فكيف بهذا الحديث الذي لا سند له, والألباني يعترف بأن الحديث ضعيف أو مضعف, بالإضافة إلى هذا فلو تأملت أيها الأخ السائل إلى استعراض الحديث بلفظ (وعترتي), (أهل بيتي), (أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي, فالذوق العربي والفطرة السليمة ميالة إلى هذا الحديث بحكم هذهِ التأكيدات خصوصاً وأن الحديث صحيح وسليم وتقويه شواهد كثيرة وأسانيد متنوعة وطرق كثيرة, فأنك تجد ص355, وص356, وص357, ص358, كلها يتحدث فيها الألباني عن صحة هذا الحديث من أحمد والطبراني, وأبن أبي عاصم ويقول: (إسناده صحيح ورجاله رجال الصحيح), نقلاً عن أحمد والطبراني والطحاوي في أخراج الحديث من طريق علي بن ربيعة, وهو مع كل هذا لا يزال يذكر الشواهد والمقويات والمؤيدات والطرق كما عن ابن عباس ويقول بأنه شاهد قوي, بعد كل هذا نجد الألباني يذكر من يضعف هذا الحديث بأنه ناشئ في هذه الصنعة, ويرد على كلّ من يضعّف هذا الحديث سنداً ومتناً.
ثالثاً: ثم يعمد الألباني إلى حديث مالك محاولاً تقويته بعد أن ضعفه بنفسه بالحديث الأصل (وعترتي) والذي هو المحور الذي يدور عليه المتن والسند, فيحمل ما هو قوي ومعتمد وأصل على ما هو فرع وغير صحيح ويجعله شاهداً, وهذا لا يجوز عند أهل العلم والحديث والطريق الذي سلكه كان من خلال التأويل الذي عمد إليه فإنه أول لفظة أهل البيت بأنها تعني المتمسكون بالكتاب والسنة لا بل المقصود بالذات السنّة في الحديث وكذلك جعلها أحد الثقلين, وهذا فيه مؤنة زائدة لا بل تجاوز على الحديث الأصل.
رابعاً: من كل ما مضى يتبين أن ما حاوله الألباني لا يتم وفق مباني علم الحديث ولا يمكن له أن يقوي حديث ضعيف السند بهذه الطريقة.
فأن حديث وعترتي قوي صحيح بنفسه وما كان من أسانيده ضعيفاً يتقوى بالصحيح منها والشواهد التي يأتي بها لتقوية حديث ضعيف يجب أن تكون بنفس المعنى والمضمون من حيث الظهور. والقاعدة الصحيحة أنه لو أراد تقوية حديث وسنتي أن يأتي بشاهد قوي فيه نفس المعنى والمضمون لكي يقوي ما كان سنده ضعيفاً. لا أن يأتي إلى حديث صحيح بمعنى آخر, ويتعسف في تأويله حتى يقوي به ما أراده من الحديث الضعيف فما هذا إلا من الهوى والتعسف والميل, هذا ما من حيث السند.
ولو أراد الأنصاف لكان يجب عليه أن يحمل ويفسر متن حديث وسنتي الضعيف سنداً على ما ثبت من الحديث الصحيح من قوله (صلى الله عليه وآله) وعترتي ويجمع بينهما بحمل السنة على السنة الصحيحة المنقولة عن أهل البيت (عليهم السلام) وهذا هو الأوفق بالذوق والظهور والجمع العرفي.
والخلاصة: فأن الألباني أعترف بضعف أسانيد وسنتي وما حوله من تأويل لا نوافق عليه, فلنا ما اعترف به من ضعف سند الحديث وله ما أدعاه من تأويل للحديث.
ودمتم في رعاية الله
تعليق على الجواب
هل تعدد طرق حديث وسنتي وصل به إلى التواتر؟
لأن التواتر يغني عن البحث في السند كما هو معلوم؟
الجواب:
ان ما ذكر من الطرق الى الحديث كتاب الله وسنتي ليس فيه اسانيد تحقق التواتر فمثلا رواه الحاكم مرفوعا وكذلك الخطيب البغدادي لان تحقق السند يحتاج الى ذكر جميع طبقات الرواة الى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وهذا لا يمكن اثباته.
بل ان التواتر حصل في حديث كتاب الله وعترتي لتعدد طرقه من السنة والشيعة ففي غاية المرام وصلت احاديثه من طرق السنة الى (39) حديثا ومن طرق الشيعة الى (82) حديثا (راجع الاصول العامة للفقه المقارن 165).
هل توجد طرق غير هذه تعضد من رواية وسنتي؟
الجواب:
اخي العزيز ما ذكرناه وخرجناه هنا لن تجده في مكان اخر بل ان الشيخ الالباني خاتمة المحدثين وما يطلق عليه محدث العصر اكتفى بذكر ثلاثة طرق في تخريجه حيث قال عنه في اثناء تخريجه لحديث الثقلين كتاب الله وعترتي وتصحيحه بنفسه وطرقه قال 4/357 ضمن كلامه عن حديث رقم 1761 في سلسلة لحاديثه الصحيحة : وله شواهد أخرى من حديث أبي هريرة عند الدارقطني ( ص 529 ) والحاكم ( 1 / 93 ) والخطيب في الفقيه والمتفقه ( 56 / 1 ) . وابن عباس عند الحاكم وصححه، ووافقه الذهبي وعمرو بن عوف عند ابن عبد البر في ( جامع بيان العلم: 2 / 24، 110 ) وهي وإن كانت مفرداتها لا تخلو من ضعف فبعضها يقوي بعضا، وخيرها حديث ابن عباس . أ هـ )
نقول: ويبدو ان الرواية الاخيرة (طريق عمرو بن عوف) هو نفسه طريق الموطأ البلاغ .