عرض الرئيس الأفغاني حميد قرضاي، أول من أمس، لمستشارة الأمن القومي الأميركي سوزان رايس شروطه لتوقيع الاتفاق الأمني بين البلدين، والذي يصرّ على إرجائه رغم نفاد صبر واشنطن.
وقال مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، إن رايس التي تقوم بزيارة لأفغانستان، وتستمر لبضعة أيام، التقت الرئيس الأفغاني مساءً في كابول بناءً على طلب الأخير.
وخلال اللقاء، عرض قرضاي لرايس الضمانات التي يأمل الحصول عليها من الولايات المتحدة قبل توقيع الاتفاق الأمني الثنائي الذي يخوض البلدان مفاوضات شاقة في شأنه منذ أشهر. وفي لقاء متأخر ليلاً طلبه قرضاي، اتهمت رايس الرئيس الأفغاني بفرض شروط جديدة ضمن الاتفاقية الأمنية، بعدما قال الأسبوع الماضي إنه يريد أن يوقّعها بعد الانتخابات الرئاسية الأفغانية.
وبحسب البيت الأبيض، فقد أوضحت رايس للرئيس الأفغاني أن «الولايات المتحدة ترحب بموافقة الأكثرية الساحقة» من أعضاء اللويا جيرغا على المعاهدة الأمنية، مؤكدة استعداد واشنطن «للتوقيع عليها في الأيام المقبلة».
وعلقت واشنطن الاثنين على مماطلة الرئيس الأفغاني، مؤكدة أن هذه المناورات تهدد الاستعدادات الضرورية لإبقاء الجنود الأميركيين في أفغانستان.
من جهته، قال المتحدث باسم البنتاغون الكولونيل ستيف وارن، إن انتظار الانتخابات الرئاسية في نيسان «مرفوض وغير واقعي»، مضيفاً «نريد توقيع الاتفاق. الحكومة الأميركية ترغب في ذلك والشعب الأفغاني يرغب في ذلك، على قرضاي إذن أن يوقّعه».
وكان تغيير الرئيس الأفغاني لمواقفه خلال المحادثات بشأن الاتفاقية الأمنية مع الولايات المتحدة قد أثار استياء واشنطن وأربك العديد من الأفغان، لكن محللين يرون أن تكتيكه هذا مصدره اعتقاده بأنه يتفاوض من موقع قوة.
ووضعت المفاوضات حول الاتفاقية الأمنية، التي تتيح بقاء بعض القوات الأميركية في أفغانستان بعد 2014 موعد انسحاب القوات الدولية، الرئيس الأفغاني في مواقف من الصعب توقعها، حيث أضاف مطالب جديدة وتراجع عن وعود سبق أن قطعها وتعامل باستخفاف مع حلفائه.
وشهدت رئاسة قرضاي لأفغانستان منذ سقوط نظام طالبان في 2001 محاولات لكي يبرز صفاته كقومي مستقل، رغم اعتماده على المساعدة الأميركية والقوة العسكرية. وفي الأشهر الأخيرة من رئاسته، يبدو أنه يراهن على تراجع الولايات المتحدة عن تطبيقها للخيار الذي تهدد به بسحب كل قواتها من البلاد، ما أعطاه فرصة ليقدم نفسه بصورة الشخصية الوطنية.
وتكثفت المفاوضات حول مستقبل الوجود الأميركي في أفغانستان أول من أمس، حين كررت واشنطن القول إن الانسحاب الكامل لقواتها مطروح على الطاولة.
ورأى المحلل والمسؤول الأفغاني السابق داود مراديان أن «المفاوضات تقدم لقرضاي فرصة تشديد مواقفه نظراً إلى التوقيت وإلى رغبة الأميركيين الشديدة في توقيع هذه الاتفاقية في أسرع وقت ممكن»، مضيفاً أن «الاتفاقية الأمنية الثنائية ستكون أول اتفاق بارز يسمح لقوة كبرى بإبقاء قواعد عسكرية هنا، وهو أحد الخطوط الحمر في القومية الأفغانية».
وشدد على أن «قرضاي لا يريد أن يحكم عليه التاريخ بأنه شخص وقّع اتفاقية باعت الأراضي الأفغانية إلى أجانب. هذه صفقة كبرى لأفغانستان».
ورفض الرئيس الأفغاني الذي لا يحق له الترشح لولاية ثالثة، الأسبوع الماضي، توقيع الاتفاقية الأمنية بشكل سريع رغم أن «اللويا جيرغا»، المجلس التقليدي الأفغاني، خوّله القيام بذلك.
لكن مدير شركة أبحاث في كابول، أحمد إدريس رحماني، قال إنه كان يتوقع أن تصويت «اللويا جيرغا» سيدفع قرضاي إلى توقيع الاتفاقية، مشيراً الى أنه «يحاول تشديد موقفه لكي يحقق تنازلات، لكن الآن أعتقد أنه سيوقّع الاتفاقية في نهاية الأمر... قرضاي لا يريد أن يحكم عليه التاريخ بأنه شخص وقّع اتفاقية باعت الأراضي الأفغانية إلى أجانب».