كتب جوناثان تيرون تقريراً في موقع "بلومبيرغ" الأميركي كشف فيه عن ضغوط أميركية على الوكالة الدولية للطاقة النووية لفتح تحقيق خاص في الأبعاد العسكرية للبرنامج النووي الإيراني، ناقلاً عن دبلوماسيين في الوكالة قولهم إن هذه الضغوط لم تثمر حتى الآن بسبب ممانعة الدول الأخرى الراعية للاتفاق النووي مع إيران. والآتي ترجمة نص التقرير:
تحث إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الوكالة الدولية للطاقة النووية على إعادة فتح تحقيق خاص في الأبعاد العسكرية للعمل النووي الإيراني السابق. لكنها لا تكتسب زخماً بين المسؤولين الدوليين القادرين على تحقيق ذلك.
وقد ضاعف المسؤولون الأميركيون ضغوطهم على الوكالة الدولية للطاقة الذرية في الأسابيع الاخيرة ويهددون بفرض عقوبات جديدة ويدعون الى إجراء مزيد من عمليات التفتيش الصارمة، وذلك وفقاً لوثائق حصل عليها موقع بلومبرغ ومقابلات أجراها مع دبلوماسيين.
ومع ذلك، فإن الجهود لم تؤتِ أكلها، كما يقول ثلاثة دبلوماسيين شاركوا في اجتماع عقد إلى جانب سفارة الولايات المتحدة في واشنطن الأسبوع الماضي في فيينا.
إنه ضغط نادر بالنسبة للولايات المتحدة في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي كان مفتشوها فعالين في فرض عقوبات الأمم المتحدة السابقة على إيران. توضح هذه الواقعة الصعوبة المتزايدة التي يواجهها المسؤولون الأميركيون في إقناع الحلفاء باتباع الولايات المتحدة بشأن إيران.
وطلب دبلوماسيون شاركوا في اجتماع فيينا عدم الكشف عن أسمائهم في مقابل مناقشة تفاصيل اللقاء الخاص الذي عقد في 20 كانون الثاني / يناير وحضره 70 دبلوماسياً تم تعيينهم كممثلين لبلادهم لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهي الهيئة المكلفة بالتحقق من الاتفاق النووي لعام 2015 بين إيران والقوى العالمية الذي انسحب منه الرئيس الأميركي دونالد ترك ترامب في أيار – مايو 2018.
وقد سمع المبعوثون تفاصيل حول ما وصفه مستشار الأمن القومي جون بولتون بـ "أدلة جوهرية" بأن إيران كذبت على مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وقال إيلي جيرانمايه وهو باحث بارز في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية : "هناك شعور بأن الإدارة محبطة لأن حملتها لإعادة التفاوض على الصفقة (مع إيران) لا تعمل. ما نراه هو أن حملة الضغط الأميركية الأقصى تزداد تسخينًا".
وكان أساس ادعاء بولتون تحليل قام به اثنان من المعارضين لفترة طويلة للاتفاق النووي مع إيران - وهما مؤسسة "الدفاع عن الديمقراطيات" و"معهد العلوم والأمن الدولي". وقد زعم هذان الباحثان المقيمان في واشنطن، باستخدام بيانات جديدة مقدمة من "إسرائيل"، وهي جزء من وثائق كانت مخبأة زعمت "إسرائيل" أنها سرقتها من إيران العام الماضي، أنها تعرفا على منشأة نووية إيرانية لم تكن معروفة من قبل، إلى جانب وجود فجوات في تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وتتطلّب هذه المعلومات من الوكالة الدولية للطاقة الذرية "إعادة تنشيط تحقيقاتها حول ماضي إيران النووي، وربما حول برنامج أسلحة نووية مستمر"، وفقاً لوثائق وزّعت في الاجتماع داخل الوكالة وحصل عليها "بلومبيرغ". وتريد الولايات المتحدة الحصول من الوكالة الدولية على مزيد من المعلومات حول المواقع الإيرانية التي يتم تفتيشها، وتهدد بفرض عقوبات على مشاريع التعاون التقني التي تقوم بها الوكالة مع إيران، وذلك وفقًا لوثيقة منفصلة اطلع عليها "بلومبيرغ" ووزعت على الدبلوماسيين في فيينا الشهر الماضي.
وقد رفضت السفارة الأميركية في فيينا التعليق لدى سؤال مراسل موقع "بلومبيرغ" لها، مشيرة إلى إغلاق الحكومة الفيدرالية الأميركية. كما امتنعت الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن التعليق.
وقد أنهت الوكالة في عام 2015 تحقيقاً استمر 12 عامًا بشأن برنامج إيران النووي، وخلص إلى أن العلماء أجروا دراسات تتعلق بالأسلحة النووية قبل عام 2009 من دون التقدم على الإطلاق لصنع قنبلة نووية.
وقال المدير العام للوكالة الدولية يوكيا أمانو في أكتوبر / تشرين الأول الماضي إن الوكالة تخضع معلومات جديدة بشأن إيران إلى "مراجعة صارمة". وقال إن الاتفاق مع إيران يوفّر للمفتشين "أكثر آلية مراقبة صارمة تم التفاوض بشأنها على الإطلاق."
وقال الدبلوماسيون إن البيانات الإسرائيلية عززت الحاجة إلى صفقة نووية مع إيران، الأمر الذي يمنح المفتشين مراقبة فورية للمواد النووية من المهد إلى اللحد. وأشاروا إلى المستوى القياسي لعمليات التفتيش المفاجئة التي أطلقتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية في إيران، فضلاً عن ثلاث سنوات من تقارير الرصد التي تظهر أن طهران قد التزمت جانبها من الصفقة.
وقال جيرمانمايه الذي يقدم المشورة للحكومات الأوروبية بشأن إيران: "كان هناك قلق من أن الولايات المتحدة وبعض الدول الأخرى ترغب في خلق أزمة التفتيش. لكن هناك مقاومة لهذا. يشعر أصحاب المصلحة في الصفقة بأنهم يملكون قبضة جيدة على ما يحدث في إيران ".
منذ انسحاب الولايات المتحدة الأميركية من الاتفاق النووي، تكافح القوى المتبقية في الصفقة - الصين، وفرنسا، وألمانيا، وروسيا، وبريطانيا - لتوفير تخفيف العقوبات الذي تم التعهد به عندما وافقت إيران على القيود النووية. في حين أنه من المتوقع أن تكون هناك آلية أوروبية خاصة مصممة لحماية الشركات من العقوبات الأميركية جاهزة في غضون أيام، إلا أنها تواجه تأخيرات وتشككًا في قدرتها على إقناع الشركات بالتداول مع إيران بنجاح.
وقال رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية علي أكبر صالحي، هذا الأسبوع، إن إيران مستعدة لإعادة تشغيل برنامج تخصيب اليورانيوم باستخدام تكنولوجيا أكثر تقدماً إذا فشل الاتفاق النووي، بحسب ما أوردته وكالات الأنباء الإيرانية. وتنظر طهران في تصنيع الوقود النووي المستخدم في أنظمة الدفع البحري، مما يعني أنها قد تزيد من مستوى تخصيب اليورانيوم على مقربة من النقاء المطلوب للأسلحة النووية.
وقال الدبلوماسيون في فيينا إنه في الوقت الذي سيواصلون فيه التعامل مع الولايات المتحدة، فإنهم يريدون تجنب إثارة سيناريو سيتصاعد إلى أزمة جديدة مع إيران. وقال أحد المبعوثين إن إجبار الوكالة الدولية للطاقة الذرية على إعادة صياغة معلومات عمرها 20 عاماً قد يغلق الأبواب أمام الدبلوماسية ويؤدي إلى "عواقب مأساوية".