ما تحاول القوى الأميركية والإسرائيلية تحقيقه عبر ورشة البحرين، هو جعل الصراع العربي الإسرائيلي صراعاً عربياً-عربياً، عبر زيادة هوّة العداء بين العرب بالانتقال من المُدافِع عن القضية الفلسطينية إلى الساعي لتحقيق مصالحه باسم القضية الفلسطينية، مُستغلّة التوتّرات الحاصلة في منطقة الشرق الأوسط، لاستخدامها كورقة ضغطٍ على أصحاب الكراسي وليس على أصحاب القرار، وذلك عبر زجّ العرب في حروبٍ لا تخدم إلا هذا الكيان الغاصِب، هو وعدٌ قطعته أميركا لإسرائيل، وترامب يُنفّذ لعلّه يحظى برئاسةٍ جديدةٍ يُكمِل ما توقّف عنده.
مؤتمر البحرين .. وأبعاده الإستراتيجية المُبطّنة.
بعد عقد عدّة مؤتمرات من أجل حلّ الأزمات في الشرق الأوسط، والتي تتربّع على عرشها القضية الفلسطينية، وإن كان المشهد العام على الساحة الإقليمية يُركّز بأضوائه على الحربين السورية واليمنية، إلا أن خفايا السياسات الغربية دائماً تتكشّف لينبثق عنها الوجه الآخر المطلوب سياسياً وإدارياً، كنتيجةٍ لمؤامرات المطبخ الصهيو أميركي، فمسألة احتمالية نجاح ورشة البحرين التي ستُعقَد يومي 25/26من شهر حزيران الجاري، لا تتعدّى الكلام السياسي المنطوق من قِبَل الحاضرين للمؤتمر، وقد أُعلن بداية الأسس التي يقوم عليها المؤتمر وهي المسألة الاقتصادية لصفقة القرن، على اعتبار أن المسألة العسكرية قد فشلت في كثيرٍ من مفاصلها لجهة توسيع رقعة الكيان الصهيوني جغرافياً، رغم أنهم أعلنوا بعضاً من الملف السياسي العسكري لصفقتهم عبر الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل أولاً، وتقديم الجولان السوري المحتل للكيان الإسرائيلي في اجتماعٍ هزلي لترامب ونتنياهو ثانياً.
ومع انعقاد هذا المؤتمر في المنامة، وقبول كل من مصر والأردن والمغرب والسعودية والإمارات حضوره، ومقاطعة لبنان وسوريا والجزائر والكويت، مع الإشارة إلى مقاطعة ورفض مَن يُقام على شرفه هذا المؤتمر ممثلاً بالسلطة الفلسطينية كمُسبّبٍ للاجتماع.
فهل سينجح هذا المؤتمر العربي ظاهرياً والإسرائيلي مضموناً؟!، أمْ أن شيئاً سيمنع نجاح الدول التي تستثمر سياسياً القضية الفلسطينية من تفعيل مخرجاته ومقرّراته؟!.
"الأهداف والغايات السياسية للقوى الغربية من هذا المؤتمر"
- محاولة استراتيجية عبر بعض الدول العربية المُطبّعة والخانِعة لأميركا وإسرائيل لتهميش الدور السياسي للدولة الفلسطينية، وبالتالي إبعادها عن الساحة كعضوٍ مركزي وأساسي في قضية تعنيه دوناً عنهم، لتظهر السلطة بموقف الضعيف وغير القادر عل حل قضيته الجوهرية.
- التأكيد على أن مسألة قيام الدولة الإسرائيلية بات حتمياً مع انعقاد هذا المؤتمر، وهو اعتراف باستقلالية إسرائيل عبر علاقاتها مع دول الجوار المُطبّعة معها كالأردن ومصر.
- إيصال رسائل ضغط سياسية للمجتمع الدولي على أحقيّة الكيان بقيام دولته بما سيقدّمه من حلولٍ اقتصاديةٍ مشتركةٍ مع أميركا لحل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي بمبلغ قدره 86مليار دولار، سيوزّع بين قطاع غزّة والضفة الغربية بالإضافة للأردن ومصر، لتقديمهم وادي عربة في الأردن وسيناء في مصر، كوسيلة ضغط على القيادة الفلسطينية للقبول نتيجة الوضع المُذري الذي يعاني منه الشعب الفلسطيني في القطاع والضفة.
- محاولة صهيو أميركية بمساعدة عربية لخلق ما يُسمّى جماعات ضغط اقتصادية مؤيّدة للحل الاقتصادي، مُستغلّة المشهد لتحقيق مشاريعها عبر الدعم الذي ستتلقّاه من اللوبي الصهيوني، مُتخفّية بمسألة تحسين المستوى المعيشي والذي يُعتَبر الهمّ الأول لأيّ مواطن فلسطيني في الداخل المحتل.
- نزع القضية الفلسطينية من الفكر العربي والفلسطيني خصوصاً، لحل فصائل المقاومة عبر ترسيخ الخلافات والمُنازعات بين الفصائل، فيتم تفكيكها، وبالتالي التخلّص من رُعب صواريخ المقاومة والعمليات الاستشهادية للشباب الفلسطيني.
- إشغال الفلسطينيين بقضايا الاستثمار والعيش عبر مشاريع وهمية، قد يُطبَّق منها القليل، لسحب البساط من الفلسطينيين لجهة حق تقرير المصير.
- العمل على حل الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية مع إلغاء فكرة التقيّد بقرارات مجلس الأمن وحدود الرابع من حزيران 1967، ليتسنّى لها قَضْم الجزء الأكبر من فلسطين المحتلة.
ما تحاول القوى الأميركية والإسرائيلية تحقيقه عبر ورشة البحرين، هو جعل الصراع العربي الإسرائيلي صراعاً عربياً-عربياً، عبر زيادة هوّة العداء بين العرب بالانتقال من المُدافِع عن القضية الفلسطينية إلى الساعي لتحقيق مصالحه باسم القضية الفلسطينية، مُستغلّة التوتّرات الحاصلة في منطقة الشرق الأوسط، لاستخدامها كورقة ضغطٍ على أصحاب الكراسي وليس على أصحاب القرار، وذلك عبر زجّ العرب في حروبٍ لا تخدم إلا هذا الكيان الغاصِب، هو وعدٌ قطعته أميركا لإسرائيل، وترامب يُنفّذ لعلّه يحظى برئاسةٍ جديدةٍ يُكمِل ما توقّف عنده.