إن الدفاعات الجوية تعتبر مفهوماً متعدد المستويات وواسعاً للغاية وله العديد من التعاريف المختلفة.
وفي السنوات الأخيرة، ومع ظهور صواريخ كروز والقنابل الموجهة الثابتة والطائرات من دون طيار من مختلف الأحجام، ولا سيما نماذج الأعمال الصغيرة، واجهت الدفاعات الجوية تحديات خطيرة ومختلفة.
ويعتقد العديد من الخبراء أننا سنشهد خلال السنوات القليلة القادمة حروباً جوية بين الطائرات من دون طيار، والتي لحسن الحظ، تعتبر إيران إحدى الدول الرائدة في صناعة وإنتاج مثل هذا النوع من الطائرات في العالم.
يذكر أن وحدة الصناعات العسكرية الإيرانية تمكّنت خلال السنوات القليلة الماضية من صناعة أنواع مختلفة من الطائرات من دون طيار الانتحارية والكثير من الصواريخ والقاذفات وتمكّنت أيضاً من دخول عالم الحرب الإلكترونية، وتمكّنت من تزويد قوات الدفاع الجوية والقوات المسلحة بمعدات وقواعد عسكرية مجهزة للقيام بمهمات محددة وحساسة.
طائرة بدون طيار من فئة "سرير"
وحول هذا السياق، كشفت العديد من المصادر الإخبارية بأن وحدة الصناعات العسكرية الإيرانية أزاحت الستار في عام 2014 عن إنجازات جوية وصاروخية وتجهيزات عسكرية جديدة خلال أسبوع الدفاع المقدس، ومنها طائرة من دون طيار اعتراضية مزوّدة بصواريخ مضادة للجو وتنتمي إلى عائلة "مهاجر-4" وهي طائرة استطلاعية لها القدرة على إجراء المسح الجوي بدقة وفعالية متناهية، وهي صالحة للاستخدام العسكري وغير العسكري، ولها قابلية كشف الأهداف وتحديدها على بعد 150 كلم.
وتتميز هذه الطائرة بامتلاكها جناحين مركبَين في وسط الهيكل. وجسم هذه الطائرة يشبه الصاروخ، ويحمل في الذيل محرّكاً قوياً.
والسؤال الذي قد يطرحه الكثير من الناس هو، لماذا تبذل إيران الكثير من الجهود للوصول ولصناعة مثل هذه الأنظمة المتطورة؟ وهنا يمكن القول بأن أحد الأسباب المهمة لهذه الخطوة، تتمثل في الحاجة إلى وجود طبقة دفاع جوية متطوّرة للتعامل مع التهديدات الخارجية مثل الطائرات من دون طيار والمروحيات المقاتلة المتطورة.
تعتبر الطائرات من دون طيار أحد الخيارات المهمة والمفيدة للتصدي للعديد من التهديدات وذلك لما تتمتع به من صغر في الحجم وسرعة في الأداء وقدرتها على التخفّي وحمل صواريخ موجّهة ومن أنواع الصواريخ المناسبة لهذا النوع من الطائرات من دون طيار، يأتي اسم منظومة الصواريخ "ميثاق" وهو صاروخ أرض جو موجّه حرارياً ويمتاز هذا الصاروخ بقدرته على التمييز بين البالونات الحرارية التي تطلقها الطائرات وبين حرارة الطائرة نفسها مما يَصعُب خداعه والتخلص منه وهذه الصواريخ هي من الأسلحة المتطورة التي تُستخدم في مجال الدفاع الجوي وبإمكانها تعقب وتدمير الأهداف الجوية للعدو في مناطق الظل التي لا تكشفها الرادارات ومع استخدام هذا السلاح المتطوّر من قبل قوات الحرس الإيراني، أدّى ذلك إلى رفع القدرات الرادعة لطهران بشكل كبير. كما وباستطاعة هذه الصواريخ العمل بفاعلية في مجال الحرب الالكترونية وهي لا تنخدع بالأهداف الوهمية ونظراً لتفوق إيران في الحرب غير المتكافئة فإن هذا السلاح يمنح قواتها المزيد من المرونة في التحرك.
طائرة "كيان" المسيرّة.. تدشّن المرحلة الأولى من عمل رصد هذه الطائرة من دون طيار
أماطت وحدة الصناعات العسكرية التابعة لقوات الجيش الإيراني يوم الأحد الماضي الستار عن طائرة "كيان" المسيرة، وذكرت أنها صُممت وصنعت وتم اختبار أدائها العسكري الأخير خلال عام واحد فقط، وذلك بعد أن سبق لها وأعلنت إنتاج عدد كبير من الطائرات المسيرة المحلية، واستنساخ الطائرة الأمريكية "RQ-170" التي استولت عليها عام 2011.
وخلال الاحتفال بالإعلان عن الطائرة الجديدة، قال قائد قوة الدفاع الجوي في الجيش الإيراني العميد "علي رضا صباحي"، إنها "صممت بخبرات محلية لمهام التصويب بدقة عالية، وأنها تتمتع بقدرة عالية السرعة لمهام الاعتراض والاستطلاع واستمرارية التحليق على ارتفاع خمسة آلاف متر".
وذكر "صباحي" أن الطائرة "كيان" قادرة على التحليق "لأكثر من ألف كيلومتر وتحديد هدفها بدقة، وبإمكان القوات المسلحة الإيرانية إصابة الأهداف في عقر دار العدو وتأمين الدفاع الجوي في أراضيها".
ازاحة الستار عن طائرة "كيان" المسيرّة
وأكد "صباحي" أن "الطائرة إيرانية الصنع بالكامل، وأنتجتها وحدة الطائرات المسيرة في الدفاع الجوي للجيش الإيراني، بأمر من قائده العام".
ووفقاً للعديد من المصادر الإخبارية، فإن الطائرة المسيرة الجديدة "ذات محرك نفاث"، وصمّمت في نوعين يتميّزان بألوانهما البرتقالي والأبيض، وستضطلع بمهام الرصد والاستطلاع ومهاجمة الأهداف بدقة عالية، وهي قادرة أيضاً على حمل أنواع مختلفة من الذخيرة.
ويأتي هذا الإعلان في خضمّ توترات بين طهران وواشنطن على إثر الانسحاب الأحادي الجانب لأمريكا من الاتفاق الدولي حول النووي الإيراني وإعادة فرض عقوبات أمريكية قاسية تخنق الاقتصاد في إيران.
إعطاء جزء من المهام القتالية للطائرات الحربية الإيرانية للطائرات من دون طيار
إن طائرة "كيان" المسيرة تختلف كثيراً عن الطائرات المسيرة التي تمكّنت وحدة الصناعات العسكرية الإيرانية من صناعتها خلال السنوات الماضية.
يذكر أن طائرة "كيان" المسيرة تتميّز بحجمها الصغير وسرعتها الكبيرة وقدرتها على التخفي وحمل صواريخ موجهة ولديها العديد من الأنظمة المتطورة التي لا تملكها الطائرات المسيرة الأخرى ولهذا فإن لهذا النوع من الطائرات المسيرة القدرة على التعامل والتصدي للكثير من التهديدات الجوية التي قد يقوم بها العدو.
وفي سياق متصل، يذكر العديد من الخبراء العسكريين بأن عملية التصدي للطائرات دون طيار، خاصة الصغيرة منها، تواجه صعوبات وتحديات مختلفة، حيث يتعذّر كشفها أو رؤيتها بواسطة العين المجردة، كما أن رادارات الدفاع الجوي مصممة أساساً للطائرات الكبيرة، علاوة على التكلفة الباهظة التي تتطلبها أنظمة التصدي للطائرات الحربية المأهولة والصواريخ الباليستية عند اللجوء الاضطراري إليها.
فعلى سبيل المثال، فإن أنظمة باتريوت المصممة للتصدي للصواريخ الباليستية يكلف الواحد منها مليون دولار أمريكي، فيما قد تبلغ قيمة الطائرة دون طيار نحو 500 دولار أمريكي فقط.
لقد قدّمت تقنية الطائرات دون طيار، حلولاً لكثير من المخاطر والتكاليف البشرية والمادية ذات الصلة بالعمليات العسكرية، التي تقوم بها الجيوش في البر والبحر والجو، علاوة على ما وفّرت من ميزات قتالية تتعلق بالحصول السهل، والوافر، والسريع، على المعلومات، بواسطة ما تحمله من مستشعرات، وكاميرات، يعمل، الكثير منها، بدقة متناهية.
وفي هذا الوقت، يمكن القول إن جمهورية إيران الإسلامية قد أصبحت في السنوات الأخيرة دولة رائدة ومتقدّمة على الكثير من بلدان العالم في هذا المجال، خاصةً بعدما كشفت طهران عن عدة نماذج من الطائرات بدون طيار التي تمكّنت من صناعاتها وانتاجها خلال الفترة الماضية.
ونظراً لقلة عدد البلدان التي لها القدرة على صناعة مثل هذه الأنواع من الطائرات المسيرة المتطورة، واستمرار وحدة الصناعات العسكرية الإيرانية بصناعة وإنتاج العديد من الطائرات المسيرة الحديثة، فإنه يمكن القول بأن إيران سوف تصبح الدولة الأولى عالمياً في مجال صناعة مثل هذه الطائرات المتطورة.