إعادة إقفال طرقات في مناطق لبنانية مختلفة من قبل متظاهرين ومناصرين لسعد الحريري، والجيش اللبناني ينفي إعلان حالة الطوارئ وحظر التجول.
إعادة فتح الطرقات في لبنان بعد بيان الجيش (أ/ف/ب).
أفاد مراسلون بأن متظاهرين ومناصرين لرئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري، أعادوا قطع طرقات في مناطق لبنانية مختلفة بدءاً بجسر الرينغ في بيروت وطرابلس، وجب جنين وغزة وحوش الحريمة في البقاع الغربي، وكذلك في عكار وصيدا.
مراسلنا في طرابلس نقل عن متظاهرين خشيتهم من محاولات قوات مكافحة الشغب فض الاعتصام بالقوة وقمع المعتصمين، وتأكيدهم أن هذا الأمر سيواجه من قبلهم بالقوة أيضاً، في حين سيعمدون إلى إعادة إقفال الطرقات بغية "الضغط على السلطة لتحقيق مطالبنا".
لكن منصة اعتصام طرابلس قالت إنها تبلغت من وحدات الجيش في محيط الاعتصام أن دورها هو حماية التحرك وليس فضه بالقوة.
من جانبه، دعا الحريري جمهور "تيار المستقبل" ومناصريه إلى الحفاظ على الهدوء والتعاون مع الجيش اللبناني والقوى الأمنية، في حين شهدت طرابلس مواكب سيارة مؤيدة لتيار المستقبل جالت في المدينة.
وقال الحريري في تغريدة إن "الحفاظ على الهدوء ومنع أي انزلاق إلى الاستفزازات مهمتنا جميعاً الآن".
مصادر قيادة الجيش اللبناني نفت الإشاعات عن إعلان حالة الطوارئ وحظر التجول في البلاد، في وقت أصدر حزب الله وحركة أمل بياناً ينفي ما يتم تناقله على وسائل التواصل عن رسالة وجهت الى قائد الجيش اللبناني، بضرورة فتح الطرقات صباح الخميس.
وعمل الجيش في اليوم الــ 14 للحراك الشعبي على إعادة فتح العديد من الطرقات الرئيسية والحيوية.
قيادة الجيش اللبناني طلبت من جميع المتظاهرين المبادرة إلى فتح الطرقات المقفلة لإعادة الحياة إلى طبيعتها، مؤكّدة على حق التظاهر في الساحات العامة فقط.
وكان رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري سلّم الثلاثاء كتاب استقالته إلى رئيس الجمهورية ميشال عون، وقبيل توجّهه إلى القصر الجمهوري لتقديم استقالة حكومته، وجّه الحريري في كلمة مقتضبة دعوة للبنانيين والشركاء في الحياة السياسية إلى تحمّل مسؤولياتهم في حماية البلاد.
مصادر القصر الجمهوري أعلنت أنه يمكن التريث في إصدار بيان عن الرئاسة لقبول الاستقالة، وأكّدت مصادر مقرّبة من الرئاسة اللبنانية أن الحريري لم ينسّق مع عون بشأن استقالته على الإطلاق، وأشارت المصادر إلى مطالب تعجيزية يضعها الحريري للحكومة المقبلة، وأكّدت أن المسار الدستوري سيكون هو الحكم، في إشارة إلى الغالبية النيابية.
وما أن قدّم رئيس الحكومة اللبنانية كتاب استقالته إلى رئيس الجمهورية حتى توالت ردود الفعل حول البلاد. التحركات في مختلف المناطق اللبنانية استمرت على امتداد الخارطة، في صيدا وصور وطرابلس وجل الديب وجبيل وبيروت، غير أن استمرار بعض المتظاهرين بقطع الطرق أدى إلى مواجهات مع معترضين على تعطيل الحياة العامة، أعادوا على إثره فتح جسر الرينغ وسط بيروت، إضافة الى تحطيم خيم ومنصات في ساحة الشهداء.
هذا الإشكال أعقبته إعادة انتشار وحدات الجيش اللبناني وقوات مكافحة الشغب في المنطقة وإغلاق جميع المنافذ إليها، فض الاعتصامات في وسط بيروت والمواجهات جرت في ظل ترقّب كلمة لرئيس الحكومة سعد الحريري أعلن استقالته فيها.
استقالة الرئيس الحريري تلاها نزول المتظاهرين بزخم إلى الشوارع في مختلف المناطق إنطلاقاً من بيروت وصولاً إلى أقصى الشمال والجنوب وكذلك في البقاع، احتفالاً بتحقيق ما يعتبرونه أول مطالبهم.
بعد ردود الفعل التي تلت فض الاعتصامات في وسط بيروت واستقالة رئيس الحكومة سعد الحريري عاد عشرات المتظاهرين الى ساحتي الشهداء ورياض الصلح، وأعادوا نصب الخيم مع الدعوة إلى استمرار الاعتصام والعودة إلى الساحات.
مجموعات الحراك المنضوين تحت ما يسمى بـ "هيئة تنسيق الثورة" اعتبرت أن التطورات تفتح الباب أمام تحقيق باقي المطالب، ودعت إلى فتح كامل الطرق كبادرة حسن نية، وتسهيلاً لتأمين الحاجات الحيوية للبنانيين.
ردود الفعل الدولية والداخلية بعد إعلان رئيس الحكومة اللبنانية
ردود الفعل الدولية والداخلية توالت بعد إعلان رئيس الحكومة اللبنانية استقالته (أ/ف/ب).
توالت ردود الفعل الداخلية بعد تقديم الحريري استقالته. رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط دعا إلى الحوار بين جميع الفرقاء، وقال في اتصال مع الميادين إنه لا يعرف ما هي ظروف الحريري، لكنه معه إذا قرر العودة إلى رئاسة الحكومة.
جنبلاط اعتبر أن إسقاط النظام لا يكون بهذه الطريقة بل عبر قانون انتخابي عصري يعتمد لبنان دائرة انتخابية واحدة، كما أكّد أنه ضدّ قطع الطرقات، وفي الوقت نفسه ضدّ الطريقة التي تمّ التعامل بها مع المتظاهرين.
وعلّق النائب في البرلمان اللبناني أسامة سعد على استقالة رئيس الحكومة، معلناً أنه لن يمنح الثقة لحكومة انتقالية يرأسها سعد الحريري، لافتاً إلى أنه لم يمنح هذه الحكومة والحكومات السابقة الثقة بسبب الخلاف على السياسات الوطنية والاقتصادية والاجتماعية معها، داعياً الجميع إلى ترجمة تغير الموازين بواقع سياسي ودستوري.
من جهته، أكّد عضو تكتل لبنان القوي النائب سيزار أبي خليل لـ الميادين أن استقالة الرئيس الحريري لم تكن منسّقة مع رئيس الجمهورية ولا مع التيار الوطني الحر، ولفت أبي خليل إلى أن رزمة الإصلاحات التي طرحها الحريري تُعد إنجازاً وكان على الحكومة تنفيذها.
رؤساء الحكومات السابقون فؤاد السنيورة وتمام سلام ونجيب ميقاتي، توجّهوا إلى اللبنانيين بكلمة شددوا فيها على ضرورة تحمّل الجميع المسؤولية باتجاه حركة إنقاذية وطنية تتجاوب مع مطالب الناس وتحافظ على السلم الأهلي، وتقي لبنان من الانهيارات السياسية والاقتصادية.
وفي المواقف الدولية، دعت الولايات المتحدة القادة السياسيين في لبنان إلى الإسراع في تأليف حكومة جديدة على أن تكون قادرة على بناء لبنان مستقر ومزدهر وآمن يستجيب لاحتياجات مواطنيه، بحسب بيان لوزارة الخارجية الأميركية.
البيان الأميركي طالب بوقف ما وصفه بـ "الأعمال الاستفزازية والعنف"، داعياً الجيش والأجهزة الأمنية اللبنانية إلى مواصلة ضمان حقوق المحتجين وسلامتهم.
ودعا وزير خارجية فرنسا جان إيف لو دريان السلطات اللبنانية إلى ضمان وحدة البلاد، وقال أمام البرلمان الفرنسي إن استقالة الحريري تجعل الأزمة أكثر خطورة.
بدورها، أملت ألمانيا ألا تتسبب استقالة الحريري في تقويض استقرار لبنان.
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، دعا جميع القوى السياسية في لبنان إلى الهدوء، مطالباً قوات الأمن بحماية المتظاهرين.
استقالة الحريري ليست المطلب الوحيد؟
استقالة الحريري ليست المطلب الوحيد؟ (أ/ف/ب).
ما بدأ كحركة احتجاجية بسبب احتمال فرض ضرائب إضافية على كاهل اللبنانيين رفعت شعارات مطلبية واقتصادية، تحوّلت سريعاً إلى حركة احتجاج بمطالب سياسية، فمن شعارات رفض الضرائب وإسقاط حكم المصرف، انتقل الشارع إلى المطالبة بمحاسبة كل مسؤول عن الوضع الخانق الذي وصل اليه الناس.
مجريات الشارع انعكست على شعارات الحراك الذي انقسم مجموعات مختلفة منها من ركّز على ضرورة تصويب السياسيات المالية عبر استهداف مصنعها الأساسي وهو المصرف المركزي، فيما أبقى آخرون على المطالب المعيشية في إطارها العام محملاً مسؤولية الأوضاع الاقتصادية الصعبة إلى منظومة فساد سياسي ومصرفي.
مناطق لبنانية عديدة شاركت في الاحتجاجات بقوة، من الشمال إلى الجنوب. الشعارات تشعبت وتعددت من وحي اللحظة التي اختلطت فيها المطالب الاقتصادية بالسياسية، كما استعيدت شعارات من حراكات سابقة وأبرزها "الشعب يريد إسقاط النظام".
بعض الشعارات ذهبت في اتجاهات كيدية وموجهة ضدّ خصوم سياسيين عبر حناجر المحتجين، وهي مهما تباينت فقد سمعت وكتبت ورسمت لتصل من يجب أن تصل اليهم.