زهرة فضلي تونس
تونس أحيت كسائر بلدان العالم يوم الاثنين 9 كانون الأول/ديسمبر (اليوم العالمي لمكافحة الفساد)، الذي تزامن مع المؤتمر الوطني الرابع لمكافحة الفساد، في ظل العديد من العوائق والإشكاليات التي تكبل مسار مكافحة الفساد في البلاد.
- تونس تواجه عوائق وإشكاليات في حربها ضد الفساد
أكثر من 1300 ملف فساد تمت إحالته على القضاء التونسي منذ سنة 2016، لكن نسب الفصل في هذه الملفات ما تزال ضعيفة وتتراوح بين 10 و15 بالمائة، بحسب رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، شوقي الطبيب.
وقال رئيس الهيئة، بمناسبة انعقاد المؤتمر الوطني الرابع لمكافحة الفساد تحت شعار "مكافحة الفساد مسار تشاركي"، الذي انعقد في تونس يومي 8 و9 كانون الأول/ديسمبر، إن جزءاً كبيراً من هذه الملفات يهتم بالصفقات العمومية واستغلال النفوذ والإضرار بالمال العام وبالإدارة والاستيلاء على الأملاك المصادرة.
بعض الفاسدين موجودون في مفاصل الدولة
وأشار شوقي الطبيب إلى أن "بعض الفاسدين يحصنّون أنفسهم بالقفز إلى قيادة الدولة وأن العديد منهم موجودون في مفاصل الدولة وفي الحكم"، مؤكداً أنهم يستغلون النصوص القانونية للإفلات من العقاب على غرار الفساد في الصفقات العمومية.
ودعا في هذا السياق إلى ضرورة البتّ في قضايا الفساد وتنقيح القوانين، ومنها الإجراءات الجزائية، وتوسعة مجالات مكافحة الفساد، مضيفاً أن سياسة الردع والتخويف وتنفيذ العقوبات على الفاسدين ليست مقاربة ناجعة في غياب الجانب الوقائي، بحسب تعبيره.
من جهته، اعتبر رئيس المجلس الأعلى للقضاء، يوسف بوزاخر، أن القضاء متدخّل رئيسي في مكافحة الفساد ولا يجب أن يكون غائباً في السياسات المتعلّقة بهذه المسألة والمرسومة من قبل السلطة التنفيذية ونظيرتها التشريعية، مشيراً إلى أن انخراط القضاء بجميع مؤسساته يضمن المساواة أمام القانون وتكريس عدم الإفلات من العقاب.
وفي ما يتعلق بمدى نجاعة ونجاح القضاء في فصل الملفات المتعلّقة بالفساد المالي والإداري، قال بوزاخر إن السلك القضائي لا يزال يشكو من صعوبات عديدة، أهمّها عدم تفعيل القسم الفني الذي بقي حبراً على ورق لأسباب مادية، داعياً إلى ضرورة مراجعة المنحة المسندة لأعضاء هذا القسم لوضع أكبر الخبرات فيه.
وذكر رئيس المجلس الأعلى للقضاء، يوسف بوزاخر، أنّ القضاء جزء لا يتجزّأ من مسار مكافحة الفساد ولا بدّ من تعزيز نزاهته ومنع الفساد فيه، موضّحا أنّ "عدم تعاون الإدارات مع المحاكم وإعاقة جلسات التقاضي والمحاكمة وتغيير هيئات قضائيّة، إضافة إلى تدخّل السلطة التنفيذية، كلها عوامل تضرب في العمق نزاهة العمل القضائي"، بحسب تعبيره.
كما أبرز أيضا أهمية الحرص على تطوير آليات العمل القضائي عبر الرقمنة ووضع قانون أساسي جديد للقضاة.
يذكر أنه، تم تركيز السلك القضائي الاقتصادي والمالي في تونس كمؤسسة قضائية مختصّة في البحث والتتبع والتحقيق في الجرائم الاقتصادية والمالية المتشعبة منذ أكثر من 4 سنوات بمقتضى أمر حكومي ليتم في 2016 سنّ القانون الأساسي المنظم له.
374 مهمة رقابية بمختلف الوزارات التونسية
بدوره، أفاد رئيس حكومة تصريف الأعمال يوسف الشاهد بأنّ الهياكل الرقابيّة العامّة قامت منذ أيلول/سبتمبر 2016 بـ 374 مهمّة رقابيّة بمختلف الوزارات، وأحالت 58 ملفاً على القضاء، مشيراً إلى أنّ تونس ومنذ إعلان الحرب على الفساد أنجزت خطوات مهمّة ترتّب عليها تحسين تصنيفها حسب مؤشّر الفساد، وشدّد على أنّ مكافحة الفساد حرب طويلة المدى تتطلّب الإرادة والعزيمة ومواجهة اللوبيات والمافيات، وفق تعبيره.
وذكّر الشاهد، بالترسانة التشريعية التي تم سنها في مجال مكافحة الفساد، على غرار قانون التصريح بالمكاسب والمصالح ومكافحة الإثراء غير المشروع وتضارب المصالح وقانون الإبلاغ عن الفساد وحماية المبلغين والقانون الأساسي للقطب القضائي الإقتصادي والمالي.
كما أكد أنه تم تدعيم هذه الترسانة بالعديد من الأوامر، من بينها الأمر المتعلق بتقليص عدد التراخيص، مشيراً إلى أنه سيتم هذا الأسبوع إصدار أمرين آخرين يتعلّقان بضبط شروط وإجراءات إسناد الحوافز في مجال التوقّي من الفساد وإسناد مكافأة ماليّة للمبلغين عن الفساد تقدّر بـ 5 بالمائة من المبلغ الذي سيتمّ استرداده، ويمكن أن يصل إلى 50 ألف دينار.
وبيّن أيضاً أنّه تمّ العمل على تدعيم دور القضاء عبر إحداث 12 محكمة إدارية بالجهات، إضافة إلى محكمة المحاسبات ودعم المرفق القضائي، مشدداً على ضرورة توفير ظروف جيّدة للمرفق القضائي للقيام بدوره في مجال مكافحة الفساد.
وفي هذا الصدد ذكّر بمقترح الحكومة ضمن قانون المالية لسنة 2020 والمتعلّق بإحداث صندوق دعم العدالة، معرباً عن أمله في أن يتمّ تمريره في مجلس نواب الشعب، وإعادة النظر فيه من قبل لجنة التوافقات، بعد إسقاطه خلال النقاش من قبل اللجنة المؤقتة التي تم إحداثها بمجلس نواب الشعب.
المصدر : الميادين نت