انعقد مؤتمر عملية إسطنبول الثامن (قلب آسيا) الاثنين 9 ديسمبر. تزامناً مع مرور عاماً على محادثات السلام الأفغانية والتي من المحتمل أن تتوصل إلى اتفاق، فإن مؤتمر عملية اسطنبول الثامن له أهمية خاصة بالنسبة للدول المشاركة.
مؤتمر قلب آسيا
تم إطلاق مؤتمر عملية اسطنبول - قلب آسيا (HOA-IP) في عام 2011 لتوفير منبر ومنصة لمناقشة القضايا الإقليمية. والغرض الرئيسي منه هو تشجيع التعاون الاقتصادي والسياسي والأمني بين أفغانستان وجيرانها، وخاصة في مجالات مثل التطرف والفقر والمخدرات والتهديدات الإرهابية. تشكل الركائز الثلاث محور مناقشات المؤتمر، والتي تشمل التشاور السياسي وتدابير بناء الثقة والتعاون مع المنظمات الإقليمية.
يتألف أعضاء المؤتمر الحاليون من 14 دولة مجاورة لأفغانستان في الغالب مثل إيران وروسيا والصين والهند وتركيا ، لكن بعض الدول المستفيدين من الخارج مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وأستراليا يدعمون المؤتمر كل عام، ويشارك في جلساته أكثر من 20 دولة. كما تقوم ثلاث عشرة منظمة رئيسية مثل الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي ومنظمة التعاون الاقتصادي برعاية وحضور المؤتمر سنويًا. وعُقد أول اجتماع لعملية إسطنبول في أعقاب جهود تركيا في عام 2011 لتوسيع التعاون الإقليمي مع أفغانستان بمشاركة 14 وزيراً للخارجية في إسطنبول. ومن أجل زيادة عدد الدول المشاركة والتأثير الإيجابي لجيران أفغانستان، يعقد هذا الاجتماع عادة كل عام في إحدى الدول الأعضاء.
أهمية عملية إسطنبول
لطالما كانت منطقة غرب آسيا مكانًا للتنافس القوى العالمية والإقليمية بسبب موارد الطاقة وأهميتها الجغرافية الإستراتيجية. ومع ذلك ، فإن هشاشة بلدان مثل أفغانستان تسبب تحديات للعلاقات الاقتصادية والسياسية في المنطقة. لأن هذه الهشاشة، جنبًا إلى جنب مع الفقر وانعدام التماسك السياسي، أتاحت المجال لنمو الجماعات المتطرفة ذات الأيديولوجيات المتطرفة. على سبيل المثال، تم تشكيل مصدر وجوهر المجموعات التكفيرية المتواجدة في العراق وسوريا والتي كانت سبباً في الحرب الأهلية في هذه البلدان في أفغانستان ومن ثم انتقلوا إلى هذه البلدان. من ناحية أخرى، فإن المنظمات الدولية والمؤتمرات التي ليست أساساً من بين الدول المجاورة لأفغانستان ليس لها تأثير كبير على خلق الاستقرار والأمان في البلاد.
ركز المشاركون منذ المؤتمر الثالث في "ألماتي" قرغيزستان، بشكل أكبر على تعزيز البنية التحتية الاقتصادية لأفغانستان. ومن الأمثلة التي تم التركيز عليها في هذه الاجتماعات مشاريع الطاقة وخاصة توليد الكهرباء ونقلها، والسكك الحديدية، وتطوير الطرق السريعة، والتعدين والتنمية الصناعية في أفغانستان. الصين هي واحدة من الأعضاء الرئيسيين في المؤتمر، والذي لديه مخاوف اقتصادية وأمنية خاصة بشأن أفغانستان، وتسعى إلى القضاء على التطرف في أفغانستان من خلال التمويل والاستثمارات الاقتصادية، ووضع أفغانستان طريق اقتصادي صحيح. لذلك وبموافقة الدولتين عقدت القمة الرابعة في بكين وتعهدت الصين بتقديم 81.43 مليون دولار كمساعدات مالية لأفغانستان.
في الاجتماع السادس في "امر تسر" الهندية، دعمت الدول المشاركة قرار مجلس الأمن رقم 1325 ودور المرأة في السلام والأمن. حيث وافقت نيودلهي على دفع مليار دولار من المساعدات المالية لأفغانستان بلا قيد او شرط، وتعهدت بلدان أخرى بالمساعدة في تعزيز الاقتصاد الأفغاني عن طريق إزالة الحواجز غير الجمركية أمام التجارة الأفغانية. ما سبق هو نتائج ملموسة في المجال الاقتصادي لعملية إسطنبول حتى الآن.
تحديات عملية إسطنبول
كان أحد التحديات الرئيسية للمؤتمر (HOA-IP) بعد الجولات السبع للاجتماع عدم وجود برنامج واضح وعملي وعدم امتثال الدول الأعضاء لالتزاماتها. وفي النهاية تناولت أغلبية محاور هذه الاجتماعات انتقادات للبيانات العامة. فشلت المجالس المشاركة في إنشاء آلية متخصصة لتنفيذ برامج الأمم المتحدة للقضاء على التمييز في أفغانستان ومعالجة "التعصب الديني" في البلاد. لدى بعض الأعضاء المؤثرين، مثل الهند وباكستان والصين، خلافات خطيرة حول كيفية دمج أفغانستان في نظام التجارة الإقليمي.
وقال السيد فاضل محجوب، وهو خبير أفغاني حول نتائج عملية اسطنبول: " فشلت منظمة دول قلب آسيا في تنفيذ خططها بشكل عملي في واحدة من الدول الأعضاء فيها وجميع البيانات التي صدرت عن هذه المنظمة بقيت مجرد كلام وحبر على ورق".
وبسبب الانقسامات السياسية الحادة في أفغانستان، فضلت البلدان المشاركة حتى الآن التركيز على المشاريع الاقتصادية والتبرعات. النقطة المهمة هي أن ضخ المساعدات المالية لأفغانستان فعال في الحد من الفقر والقضاء على الجذور الاجتماعية للإرهاب والتطرف إذا كانت الجماعات السياسية في أفغانستان لديها إجماع كامل على الإطار القانوني والسياسي، وفي حال عدم وجود منصات سياسية فستؤدي هذه المساعدات إلى استئجار بعض الجماعات وتقوية مجموعات اخرى والتمييز في أجزاء أخرى من أفغانستان.
ونظرًا لاحتمال التوصل إلى اتفاق نهائي بعد الجولة التاسعة من المفاوضات الأفغانية، يمكن لقمة عملية اسطنبول الثامنة أن تساهم في التكامل السياسي في أفغانستان أكثر من أي قمة اخرى. ومع ذلك، بسبب خروج الولايات المتحدة من أفغانستان ورغبة طالبان في التعاون الإقليمي، فإن قدرة الدول المجاورة لأفغانستان على المناورة في ازدياد.أعلى النموذج.