في سابقة من نوعها اقدمت قوة من جهاز مكافحة الارهاب في وقت متأخر من ليلة الخميس على مداهمة مقر اللواء ٤٥ التابع للحشد الشعبي - كتائب حزب الله - بحجّة القاء القبض على متهمين يقومون بإطلاق الصواريخ على المنطقة الخضراء. وبالفعل قامت هذه القوه باعتقال ١٤ منتسبا من الحشد كتائب حزب الله .
هذه العملية المفاجئة والمتهورة واجهت ردة فعل سريعة و قوية من ابناء الحشد والشعب العراقي انتهت بالافراح عن المعتقلين وتسليمهم الى جهاز امن الحشد ، لكن تداعياتها والخلفيات التي دفعت للقيام بهذه الخطوه مازالت تتفاعل وقد تشكل بداية فصل جديد من التوتر والاصطفاف السياسي والامني في العراق بناء على المعطيات التالية :
اولا - ان هذه العملية لم تكن وليدة الساعة وانما كانت نتاج تفاعلات سياسية داخلية وخارجية ومن اهمها الحوار الاستراتيجي الامريكي العراقي الذي انطلق قبل اسابيع وبموجبه قدمت الحكومة العراقية برئاسة مصطفى الكاظمي في باكورة هذا الحوار تعهدا بحماية القواعد والمنشات الامريكية في العراق
ثانيا - عملية المداهمة والاعتقال جاءت في خضم التحضيرات لزيارى السيد مصطفى الكاظمي لواشنطن ولذلك وصفها البعض بانها عربون لتلك الزيارة ولاثبات انه جاد في التصدي لفصائل المقاومة الرافضة للاحتلال الامريكي
ثالثا - الخطر الاكبر الداهم في هذه العملية التي لم يتجرأ اي رئيس وزراء منتخب وكامل الصلاحية قبل الكاظمي القيام بها هو زج قوتين عسكريتين هما الحشد الشعبي وجهاز مكافحة الارهاب في مواجهة غير محسوبة لو كانت الامور تطورت لدخلت البلاد في اتون حرب اهلية مهولة .
رابعا- العملية كانت بمثابة جس نبض للحشد الشعبي على استهداف عناصره ، ولذلك فان ردة فعل الحشد على عمليه الاعتقال واستنفاره وانتشاره في شوارع العاصمة ودخوله المنطقة الخضراء والذي انتهي بالافراج عن المعتقلين وتقديم الاعتذار احبطت المخطط واعطت درسا قاسيا للمخططين في الغرف السوداء والمنفذين للاجندة الامريكية في العراق وهو مايشكل عاملا رادعا لعدم تكرار السيناريو.
خامسا- مايؤخذ على ادارة رئيس الوزراء الموقت السيد مصطفى الكاظمي حسب المراقبين هو وضع حماية القواعد والقوات الامريكية المحتلة على سلم اولوياته والاستعجال بتقديم العربون في حين ثمة ملفات اكثر الحاحا كان يفترض على رئيس الوزراء الموقت الاهتمام بها ، ومن ابرزها التحضير للانتخابات المبكرة وهي المهمة الرئيسية والفلسفة الوجودية لهذه الحكومة ونقص الاوكسجين وابسط المستلزمات في المستشفيات العراقية في مواجهة جائحة كورونا والتوغل التركي و...
سادسا- اذا كانت الحجة وراء المداهمة والاعتقال هي حماية القواعد والمنشات الامريكية فان الوجود الامريكي بعد قرار البرلمان هو احتلال ومقاومته حسب كل القوانين الدولية امر مشروع و اذا كانت واشنطن والحكومة العراقية حريصة على عدم تكرار الهجمات فان السبيل الاسهل لبلوغ هذا الهدف هو انهاء الاحتلال وتنفيذ قرار البرلمان العراقي لامهاجمة المقاومين وزج البلاد بفتنة داخلية .
وبناء على كل ماتقدم فان عملية المداهمة واستفزاز الحشد الشعبي وكتائب حزب الله كانت خطا استرايجيا واملاء امريكيا وعربونا مستعجلا وفاشلا لم يجلب لمخططيه ومنفذيه سوى المزيد من الوهن وفقدان الثقه لدى الاخرين . فيما اثبت الحشد حكمته وصلابته واستعداده لمواجهه الظرف الطاريء.
نويد بهروز - العالم