
emamian
باحثون: قشرة الزيتون تحفز جهاز المناعة
أوضح علماء من إسبانيا أن قشرة الزيتون تحتوي على 90% من حمض الزيتون؛ والذى يعمل بفاعلية على تأخير تطور الأورام السرطانية وتدمير الخلايا السرطانية.
وقال العلماء أنه منتج لا يقدر بثمن في محاربة أمراض السرطان.
وأشار العلماء في مقالهم، إلى أن تناول هذه المادة الغذائية يساعد الجسم في مكافحة خطر سرطان القولون والثدي؛ وعلاوة على مكونات مكافحة السرطان.
وقال الباحثون إلى أن الزيتون يحتوي على فيتامين "E" الضروري جدا لعمل جميع أعضاء وأجهزة الجسم بصورة طبيعية، وهذا الفيتامين مضاد قوي للأكسدة، ويحمي الجسم من التأثير الضار للسموم، ويحفز جهاز المناعة ويساهم في حماية الجسم من العدوى الفيروسية والبكتيرية ويحسن عملية تجدد الأنسجة.
إيران: نتابع الإجراءات القانونية لملاحقة مجرمي اغتيال الشهيد سليماني
أكد المتحدث باسم مجلس صيانة الدستور الإيراني عباس علي كدخدائي متابعة الإجراءات القانونية لملاحقة مرتكبي جريمة اغتيال الجنرال الشعيد قاسم سليماني.
وقال المتحدث باسم مجلس صيانة الدستور عباس علي كدخدائي اليوم الاربعاء في المؤتمر الصحفي للمؤتمر الدولي حول الأبعاد القانونية والسياسية لاغتيال الجنرال الشهيد قاسم سليماني، الذي نظمته الأمانة الدولية للسلام والمقاومة، يجري اتخاذ إجراءات لمتابعة اغتيال الشهيد سليماني بشكل قانوني، حيث تتابع مختلف دوائر القضاء ووزارة الخارجية الايرانية والمركز القانوني لرئاسة الجمهورية هذا الأمر.
وقال كدخدائي: إن استشهاد هذا الرجل العظيم ورفاقه جريمة نكراء ارتكبها قادة أميركيون وقاموا باغتياله وهي جريمة أدانها المجتمع الدولي لهذا السبب، ولم يستطع شخص عاقل الموافقة على هذه الجريمة.. وفي البعد الدولي توجد عدة وثائق تدين هذا العمل وهو أيضا عرف دولي يؤكد أنه مخالف للقانون الدولي.
ومضى قائلا إن: اغتيال الشهيد سليماني قضية لم تحدث في أي مكان في العالم حيث يسافر مسؤول رفيع المستوى لدولة ما إلى الدولة المضيفة، ويغتال من قبل مسؤولي نظام آخر، وهي حالة خاصة تتطلب تحقيقا قانونيا دقيقا.. كما يجب اتخاذ الإجراءات القانونية لملاحقة مرتكبي هذه الجريمة.
وأضاف: تُعرف الجريمة التي ارتكبها المسؤولون الأميركيون أيضا بإرهاب الدولة، ويمكن مقاضاتها في المحاكم المحلية، وقد بدأ هذا الأمر وستتم متابعته، وسنمضي الأشهر الأخيرة في المجال القانوني، ونأمل أن نحقق نتائج جيدة في الأشهر القليلة المقبلة
المصدر:العالم
الفصائل الفلسطينية تجري مناورة "الركن الشديد".. الرسائل والدلالات
أجرت الفصائل الفلسطينية المسلحة يوم أمس "الثلاثاء" مناورات عسكرية حملت اسم "الركن الشديد"، هي الأولى من نوعها قطاع "غزة" المحاصر، واستخدمت في هذه المناورات الذخيرة الحية، وتزامنت هذه المناورات مع الذكرى السنوية للعدوان الإسرائيلي على القطاع في 2008، وقالت الفصائل إن المناورات التي تشمل تدريبات برية وساحلية، تمثل اختباراً لمدى استعدادها لأي مواجهة مقبلة مع إسرائيل.
الفصائل الفلسطينية المشاركة
شاركت جميع الفصائل الفلسطينية المسلحة في هذه المناورة، وجميعها انضوت تحت لواء الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة، وتخللها اشتراك مقاتلين من كافة الأجنحة المسلحة، في عروض عسكرية، وبينت لقطات مصورة وزعتها غرفة العمليات المشتركة للمقاومة، تنفيذ المسلحين مناورات اقتحام مبان، وإطلاق نار، كما شملت إطلاق العديد من الصواريخ التجريبية التي تصنعها الفصائل، والتي يصل مداها إلى مدن مثل تل أبيب، كما شهدت شوارع القطاع انتشارا للنشطاء المسلحين، وقد وضع كل منهم إشارة تظهر الجهة التي ينتمي إليها، كما حلقت في سماء غزة طائرات مسيرة (بدون طيار)، التي يملكها الجناح العسكري لحركة حماس، ومن بينها طائرات هجومية.
وشهدت المناورات التي يشارك فيها 14 فصيلًا في مقدمتهم مقاتلون من الأجنحة العسكرية لحماس، والجهاد الإسلامي، ولجان المقاومة الشعبية وفصائل مسلحة أصغر حجما، إطلاق 8 صواريخ في البحر المتوسط، قبالة قطاع غزة.
وخلال التدريبات وضعت صورة ضخمة على الطريق الساحلي الرئيسي بغزة، لقائد فيلق القدس فى الحرس الثوري الإيراني، الشهيد قاسم سليماني، الذي طالته يد الغدر في هجوم أمريكي في العراق في يناير الماضي، وهذه الصورة كانت رسالة واضحة للاسرائيلي والأمريكي وأذنابهم في المنطقة، وهي عربون وفاء وولاء لمن قدم روحه فدائاً للمقاومة والدفاع عن الحق والحرية، ولا ننسى أن الشهيد سليماني كان الداعم الأول لفصائل المقاومة الفلسطينية، وفي المقابلة الأخيرة له كشف الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله لقناة الميادين عن دور الشهيد قاسم سليماني في إيصال صواريخ الكورنيت إلى غزة ودعمه المقاومة العراقية ضد الاحتلال الأميركي ودوره ووجوده في الضاحية الجنوبية لبيروت أثناء حرب تموز.
المناورات الفلسطينية استمرت لساعات وتم إطلاق صواريخ تزامنت مع تنفيذ تدريبات تحاكي تصدي وحدات الفصائل الفلسطينية لعمليات تسلل بري تجريها قوات الاحتلال الإسرائيلي، بالإضافة إلى تدريبات نفذتها عناصر الضفادع البشرية بالذخيرة الحية، حاكت خلالها التصدي لقوات البحرية الإسرائيلية. وترافقت مناورة "الركن الشديد" مع انتشار واضح لعناصر من عدة وحدات قتالية في مختلف المناطق في غزة، بالإضافة إلى الطائرات المسيرة، والتي لم تغب هي الأخرى عن المناورة الكبرى، إذ كانت حاضرة منذ اللحظة الأولى لإعلان انطلاقها.
وتزامن تنفيذ المناورة مع زخم إعلامي غير مسبوق من قبل وسائل الإعلام، خصوصاً التابعة للفصائل، والتأكيد على أهميتها، وأنها تحمل رسائل ذات دلالات سياسية للاحتلال والمحيط، في ظل موجة التطبيع الحاصلة واستمرار حصار غزة.
وذكرت تقارير عبرية أن جيش الاحتلال الإسرائيلي رفع حالة التأهب بالتزامن مع انطلاق مناورات "الركن الشديد"، وأوضحت أن معظم حالة التأهب "استخبارية" للوقوف على ما يدور.
الرسائل والدلالات
أولاً: المناورات حملت رسائل سياسية وعسكرية للاحتلال الاسرائيلي، وأكدت له أن الفصائل الفلسطينية تشترك في نهج واحد، ألا وهو مواجهة الاحتلال، وأن الفصائل الفلسطينية على جهوزية تامة لأي مغامرة شيطانية اسرائيلية جديدة تحاول من خلالها مهاجمة قطاع غزة المحاصر.
ثانياً: أكدت هذه المناورات ان الفصائل الفلسطينية متمسكة بحمل السلاح والدفاع عن أرضها حتى تحريرها وردع العدوان ورفع الظلم، وأن معادلة الردع ستبقى على ما هي عليه، والمناورة تحذير واضح بأن المقاومة سترد على اي هجوم محتمل بقوة، وستصل صواريخها الى تل ابيب.
ثالثاً: هذه المناورة تساهم في رفع الجهوزية وتوحيد صفوف المقاومة وتعطي المقاومين ثقة أكبر من أي وقت مضى، وترفع الروح المعنوية لديهم.
رابعاً: تشير المناورة إلى تطور واضح في عمل الغرفة المشتركة التي تأسست قبل قرابة عامين، ومحاولة لمأسسة العمل فيها، عبر التدريب المشترك بين عناصر الأذرع العسكرية المختلفة، وزيادة العمل المشترك، عسكرياً واستخباراتياً، بما يخدم المقاومة. ولاشك بأن هناك قلق إسرائيلي واضح من مشاركة 12 فصيلاً عسكرياً، على رأسها "سرايا القدس" الذراع العسكرية لـ"الجهاد"، و"كتائب القسام" الذراع العسكرية لـ"حماس"، في مناورة مشتركة.
خامساً: الرسالة الاكبر هي للمطبعين العرب، خصوصاً في ظل موجة التطبيع الحاصلة مع إسرائيل، وهي تحاول، عبر المشاركة الفصائلية الواسعة فيها، تأكيد تمسك المقاومة بسلاحها ورفض كل التهديدات والإغراءات.
على الاسرائيلي أن يكون حذرا في اي معركة قادمة، لأن المقاومة تزداد قوتها يوما بعد يوم، والتطبيع الذي تجريه اسرائيل مع بعض الدول العربية، لن يحدث فرق كبير في معادلة الصراع، بل على العكس سيزيد من قوة المقاومة التي ادركت اليوم العدو من الصديق بعد سقوط الاقنعة، ولطالما كانت الدول المطبعة تهاجم الفلسطينيين، عوضا عن دعمهم، لذلك لن يغير التطبيع أي شيء، وتريد فصائل المقاومة من وراء هذه المناورة الضخمة، والأولى من نوعها، أن تكون مستعدة لأي طارئ في الميدان، وأن يسهل التعاون المشترك في التدريبات العمل الحقيقي على الأرض، في حال وقعت أي مواجهة عسكرية، خاصة وأن قادة عسكريين في دولة الاحتلال يهددون باستمرار بشن عمليات عسكرية ضد القطاع. وتحمل المناورة أيضا رسائل تؤكد خلالها المقاومة أنها حاضرة وبقوة وجاهزة لصد أي عدوان إسرائيلي، وقادرة أن تقصف بالصواريخ أي مكان في إسرائيل، في حال قرر قادة إسرائيل تغيير قواعد الاشتباك.
المصدر:الوقت
الذكرى العاشرة للصحوة الإسلامية في الوطن العربي.. ماذا حققت وماذا خسرت ؟
يصادف الـ 17 ديسمبر 2020 الذكرى العاشرة للصحوة الإسلامية في الوطن العربي. حيث كان الـ 17 ديسمبر 2010 هو اليوم الذي أضرم فيه "محمد البوعزيزي"، بائع خضار تونسي مثقف، النار في نفسه احتجاجًا على عنف مسؤولي البلدية. ولقد أشعلت خطوة "البوعزيزي" احتجاجات شعبية في تونس أطاحت بـ"زين العابدين بن علي" من السلطة. ومع إطاحة "بن علي"، واجهت مصر وليبيا واليمن والبحرين وبعض الدول العربية الأخرى احتجاجات شعبية واسعة النطاق. وتمت الإطاحة بـ"حسني مبارك" في مصر ، وشن "معمر القذافي" حربًا أهلية استمرت تسعة أشهر في ليبيا خلفت عشرات الآلاف من القتلى والجرحى، لكن القذافي قُتل في النهاية على يد الثوار الليبيين، وتمت إزالته من السلطة. كما اُطيح بـ"علي عبد الله صالح" في اليمن على الرغم من دعم مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة له. وفي دول عربية أخرى أيضًا، ضُعفت أسس القوة الديكتاتورية، واستمرت الاحتجاجات في دول مثل البحرين إلى حتى الأن بعد عقد من بدء الصحوة الإسلامية.
لقد كانت انتفاضة شعوب شمال إفريقيا وغرب آسيا في خريف وشتاء عام 2010 بمثابة نهاية سنوات من الحكم الاستبدادي. وبعد عدة عقود من الحكومات المطلقة في البلدان النامية (تونس ، ليبيا ، مصر ، إلخ)، انتشار الفساد، والبطالة، والتضخم، وهيمنة الجهاز الحاكم على جميع المجالات الاقتصادية، وعدم تشكيل مؤسسات مدنية، وتجاهل الرأي العام، قامت أحزاب المعارضة وغيرها بنشر موجة من الاحتجاجات الشعبية ضد الحكام في جميع أنحاء المنطقة. ولقد أدت تلك الحركات الشعبية إلى اسقاط أنظمة "مبارك" و"القذافي" و"بن علي" وأدت أيضا إلى حدوث بعض الإصلاحات في المغرب العربي والأردن وغيرهما. وبعد ثماني سنوات، بدأت الموجة الثانية من الاحتجاجات في بعض دول غرب آسيا، مثل الجزائر والسودان، منهية حكم "عمر البشير" و"بو تفليقة".
أهداف الصحوة الإسلامية
كان الهدف الأهم لبدء الاحتجاجات الشعبية في العالم العربي هو الإطاحة بالديكتاتوريين من السلطة واستعادة الكرامة الإسلامية. ورغم الإطاحة بأربعة ديكتاتوريين، بينهم "بن علي" و"مبارك" و"القذافي" و"عبد الله صالح"، وتحقق بعض أهداف الثوّار، إلا أن هذا لم يكن يرضي نادي الطغاة العرب بقيادة "آل سعود" وداعميهم الغربيين، وخاصة الولايات المتحدة. لذلك كان تحويل مسار الصحوة الإسلامية، على جدول أعمال السعودية والولايات المتحدة.
انحراف مسار الصحوة الإسلامية
لقد انحرف مسار الصحوة الإسلامية بسبب تدّخل بعض الجهات الفاعلة المضادة للثورة، وخاصة المملكة العربية السعودية، بدعم من الولايات المتحدة. ولقد نفذت الرياض استراتيجية خاصة للتدخل في الصحوة الإسلامية. وهنا يمكن القول إن منع تحقيق المطالب الشعبية، وخاصة في اليمن، التي كانت مدعومة في البداية من مجلس التعاون الخليجي بقيادة السعودية، أدت إلى إجراء انتخابات لمرشح واحد، وانتهت برئاسة "عبد ربه منصور هادي"، وهذا الامر يعد تدخلا سافراً من تلك الدول الخليجية. كما قامت تلك الدول بإدخال الجماعات الإرهابية إلى الدول العربية وإحداث حرب بين الأنظمة السياسية للدول والجماعات الإرهابية، وخاصة في سوريا، وهذا الامر يُعد أيضا شكلاً مهما آخر من أشكال التدخل. ويمكن القول إن هذا النوع من التدخل كان أكثر أهمية من أشكال التدخل الأخرى، لأنه في الواقع أغرق المنطقة في حرب إرهابية وتطرف وعنف شديد ومنظم، حتى إن الناس في الدول العربية الأخرى شاهدوا الكوارث التي تسببها الجماعات الإرهابية في سوريا و فضّلوا عدم متابعة المظاهرات المناهضة لحكوماتهم.
إن دعم الجيش للوصول إلى السلطة وتمهيد الطريق لاستمرار النظام السياسي القديم بفاعّلين جدد، لكن بخصائص أخلاقية وسياسية مختلفة، كان شكلاً آخر من أشكال التدخل لتحويل الصحوة الإسلامية، خاصة في مصر. وفي ليبيا وهذا النوع من التدخل أطاح بالإخوان المسلمين، التي كانت تعتبر واحدة من أهم الجماعات السياسية الداعمة للصحوة الإسلامية، عمليًا من السلطة وتم تقديمها كمنظمة إرهابية. وكانت الحرب شكلاً آخر ملموسًا من أشكال التدخل في عملية الصحوة الإسلامية كمثل تلك التي حدثت في اليمن، حيث شنت المملكة العربية السعودية حربًا على اليمن في مارس 2015 بهدف منع "أنصار الله" من الوصول إلى السلطة وتحقيق الديمقراطية.
لقد أدت هذه الحرب إلى أكبر كارثة إنسانية في النظام العالمي في العقود الأخيرة، لكن "أنصار الله" أصبحوا اليوم القوة الأكثر تنظيماً وقوة بالقرب من الحدود السعودية. وعلى الرغم من أن معارضي الصحوة الإسلامية حاولوا تحويل مسارها من خلال التدخل في هذا الحدث العظيم، إلا أن الحقيقة هي أن الأنظمة اليوم في غرب آسيا لا يمكن مقارنتها بالأنظمة التي كانت عليها قبل عقد من الزمن. الجدير بالذكر أن الفوضى زادت في المنطقة من جراء التدخل العربي والغربي وهذا أمر يصب بالطبع في مصلحة الكيان الصهيوني. ولكن من جهة أخرى تعززت مكانة المقاومة في المنطقة وأصبح لها دور مهم لا يمكن إنكاره في محاربة الإرهاب. ونتيجة للاستراتيجيات السعودية ونهج الحكومة الأمريكية الفعّال، تشهد منطقة غرب آسيا سباقات تسلح تؤثر بشكل مباشر على اقتصادات الدول وتزيد من التحديات الاقتصادية. وفي الوقت نفسه، أصبحت قواعد قوة الديكتاتوريين، وخاصة في البحرين والمملكة العربية السعودية، أضعف من أي وقت مضى.
أهداف الغربيين من حرف مسار الصحوة الإسلامية
إن ترسيخ الديمقراطية المنشودة من الغرب في إطار عقيدة الشرق الأوسط الجديدة، وإرساء الأمن على الحدود الجنوبية لأوروبا في البحر المتوسط، وترسيخ الأمن والاستقرار للمشاريع الاقتصادية الغربية في هذه البلدان، وضمان تصدير موارد النفط والغاز، والحد من النفوذ الروسي والصيني، تأتي في سياق التنافس السياسي والاقتصادي الأمريكي والأوروبي، وهذه الأهداف هي التي منعت تشكيل حكومات إسلامية وشعبية حقيقية معارضة للكيان الصهيوني، خلال فترة الصحوة الإسلامية في المنطقة.
سبب فشل الثورات العربية الشعبية
في بداية الاحتجاجات الشعبية التي خرجت في العديد من الدول العربية، دعمت الدول الغربية الحركات الشعبية، وذلك لأنها كانت تعلم جيداً أن الأنظمة السابقة لم تُعد فعّالة بما فيه الكفاية، ولهذا سعت لتحقيق أهدافها غير المعلنة، وسعت لتحقيق مصالحها الخاصة، مما حال دون نجاح تلك الانتفاضات الشعبية وتشكيل الحكومات التي كان تحلم بها الشعوب الثائرة.
تهديدان رئيسيان للحركات الشعبية
لقد كان التهديدان الرئيسيان لتلك الحركات الشعبية، هما التدخل العسكري (مثل مصر والسودان) والتدخل الأجنبي ( مثل ليبيا واليمن والبحرين)، فضلاً عن تنامي التطرف، وهذه الامور هددت الحركات الشعبية في المنطقة في السنوات الأخيرة وحولت مسار تلك الانتفاضات. ففي مصر، قام "عبد الفتاح السيسي" بانقلاب عام 2013 ضد "محمد مرسي" ، قام بزيادة حالة الفقر والقمع في مصر عما كان عليه في عهد الدكتاتور "مبارك". ولقد غرقت ليبيا في أزمة داخلية بسبب التدخل الأجنبي، واُحتلت البحرين وتم قمع الاحتجاجات فيها من قبل السعوديين، واليمن كذلك أصبحت غارقة في حرب أهلية وكارثة إنسانية بسبب التدخلات الأجنبية وتدخلات المملكة العربية السعودية.
تونس مثال ناجح للديمقراطية
من بين دول المنطقة، تمكنت تونس من تحقيق الديمقراطية والتطور السياسي بين الدول العربية الأخرى بسبب الخصائص التاريخية والاجتماعية وتمكنت من صياغة دستور جديد وإجراء عدة انتخابات خلال هذه السنوات العشر. ومع ذلك، لا تزال بعض المشاكل السابقة، بما في ذلك المشاكل الاقتصادية والظلم في هذا البلد موجودة حتى الان ولم تتمكن الحكومة التونسية الجديدة من ايجاد حلول جذرية لتلك المشاكل الاقتصادية.
الحث على العمل والفعل في القرآن الكريم
وردت في القرآن الكريم (360) آية تحدثت عن العمل ووردت (190) آية عن (الفعل) وهي تتضمن أحكاماً شاملة للعمل، وتقديره ومسؤلية العامل وعقوبته ومثوبته([1]) ولا بد لنا من عرض بعض الآيات التي حثت على العمل الصالح الذي يترتب عليه الثواب والمغفرة من اللّه كما لا بد من عرض الآيات الأخر التي حثت على لزوم السعي والكسب لتحصيل الرزق، والى القراء ذلك:
1 - العمل الصالح:
إن العمل الصالح شعار الاسلام وهدفه الأسمى. انه رمز عظمة هذا الدين الذي أقام العدل، وبسط الخير ونشر المحبة بين الناس. انه عنوان الدعوة الاسلامية الخالدة التي أعلنها المنقذ الأعظم محمد صلى اللّه عليه وآله وسلم فجعل العمل الصالح جوهرها وحقيقتها التي لا تنفصل عنه. إنه نشيد الأبرار والعظماء والمصلحين من أبناء القرآن. إنه صلاح القلوب، وسلامة النية، وطهارة النفس، وأصل التسامح والتعاون على البر والتقوى. إنه أساس الامتياز بين الناس في نظر الاسلام، فليس التفوق بكثرة الأموال، ولا بالمتع الزائلة، وإنما هو بالتقوى وعمل الخير «إن أكرمكم عند اللّه أتقاكم». ولنستمع إلى الآيات الكريمة التي أشادت بالعمل الصالح، ورفعت من كيان الصالحين. قال اللّه تعالى: (ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى اللّه، وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين)([2]). وقال تعالى: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلاً)([3]). وقال تعالى: (من عمل صالحاً من ذكر وأنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة، ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون)([4]). وقال تعالى: (ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيراً)([5]). وقال اللّه تعالى: (والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً وعد اللّه حقاً ومن أصدق من اللّه قيلا)([6]). وقال تعالى: (فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحدا)([7]). وقال تعالى: (يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً اني بما تعملون عليم)([8]). وقال اللّه تعالى: (واني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى)([9]). وقال تعالى: (الذين يعملون الصالحات إن لهم أجراً كبيراً)([10])، إلى غير ذلك من الآيات الكريمة التي دعت الناس إلى العمل الصالح وحفزتهم إلى كسبه والتسابق إليه، وانه خير ما يكتسبه الانسان في حياته فإنه ذخر له في آخرته وشرف له في دنياه.
2 - الحث على الكسب:
لقد أعلن القرآن الكريم دعوته الأكيدة على ضرورة العمل، وعلى الكسب، وبذل الجهد قال اللّه تعالى: (فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض، وابتغوا من فضل اللّه، واذكروا اللّه كثيراً لعلكم تفلحون)([11]). إن المنهج الاسلامي يتسم بالتوازن بين العمل لمقتضيات الحياة في الأرض، وبين العمل في تهذيب النفس، والاتصال باللّه تعالى وابتغاء رضوانه، والى ذلك يشير القرآن الكريم: (وابتغ فيما آتاك اللّه الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا)([12]) انه ليس من الاسلام في شيء أن يتجه المسلم بجميع قواه وطاقاته لتحصيل متع الحياة، والظفر بملاذها وينصرف عن اللّه، وكذا لا يتجه نحو عمل المثوبة فحسب بل عليه أن يعمل لدنياه وآخرته معاً. إن القرآن الكريم قد دعا الناس إلى العمل، وحثهم عليه وحتم عليهم أن يكونوا ايجابيين في حياتهم يتمتعون بالجد والنشاط ليفيدوا ويستفيدوا، وكره لهم الحياة السلبية، والانكماش والانزواء عن العمل، قال تعالى: (فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور)([13]). إن اللّه تعالى خلق الأرض، وملأها بالنعم والخيرات لأجل أن يعيش الانسان في رفاهية وسعة، قال تعالى: (وآية لهم الأرض الميتة أحييناها، وأخرجنا منها حباً فمنه يأكلون وجعلنا فيها جنات من نخيل وأعناب، وفجرنا فيها من العيون ليأكلوا من ثمره وما عملته أيديهم أفلا يشكرون)([14]) ولن يظفر الانسان بهذه النعم إلا بالعمل والجد والكسب.
العمل وحقوق العامل في الإسلام، الشيخ باقر شريف القرشي
([1]) الاسلام: ص 154.
([2]) سورة حم السجدة: آية 32.
([3]) سورة الكهف: آية 6.
([4]) سورة النحل: آية 66
([5]) سورة النساء: آية 23.
([6]) سورة النساء: آية 21.
([7]) سورة الكهف: آية 111.
([8]) سورة المؤمنون: آية 52.
([9]) سورة طه: آية 81.
([10]) سورة الاسراء: آية 8.
([11]) سورة الجمعة: آية 10
([12]) سورة القصص: آية 76
([13]) سورة الملك: آية 15
([14]) سورة يس: آية 33 و 34 و35
الجهاد الإسلامي: سليماني شريك في انتصارات المقاومة الفلسطينية
قال ممثل مكتب حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية في إيران إنه الشهيد الفريق قاسم سليماني كان له دور كبير في دعم المقاومة الفلسطينية والقضية الفلسطينية بشكل عام وفي تأهيل قوات المقاومة الفلسطينية في داخل وخارج فلسطين، مؤكدا أن الشهيد سليماني شريك في الانتصارات التي حققتها المقاومة الفلسطينية.
وأضاف ناصر أبو شريف، في مقابلة مع وكالة "إرنا" أن الثورة الإسلامية هي التي أخذت على عاتقها دعم القضية الفلسطينية ودعم الشعب الفلسطيني ونضاله المشروع ضد الاحتلال الصهيوني.
وأشاد أبو شريف بدور الجمهورية الإسلامية الإيرانية في دعم الانتفاضة الفلسطينية إعلاميا وسياسيا وغير ذلك، وأكد أنه ظهر دور الحاج قاسم بشكل بارز من خلال مواجهة السياسات الغربية في العراق وإفغانستان وسوريا ومواجهة الحروب التي شنتها إسرائيل ضد لبنان من أجل القضاء على المقاومة الإسلامية في جنوب لبنان، وقال إن إيران شريكة في انتصارات المقاومة في قطاع غزة.
وأشار إلى محاولة الغرب لإيجاد الشرق الأوسط الجديد وشن الحروب في قطاع غزة، وقال: بالتأكيد لقوات القدس والحاج قاسم سليماني دور كبير في دعم المقاومة.. بدأت بعد عام 2005 عملية تأهيل قوات المقاومة وتدريبها وتسليحها في قطاع غزة لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي عسكريا ليس فقط بالحجر والسكين بل إنما بالصاروخ.
وتطرق إلى دور الحاج قاسم سليماني في تأهيل المقاومة الفلسطينية في داخل وخارج فلسطين حتى في إيران من خلال إقامة دورات، وقال: كان للحاج قاسم وإخوانه وقوات القدس دور كبير في انتصارات المقاومة، وإيران تكون شريكة في انتصارات المقاومة في قطاع غزة.
وأكد أبو شريف أن: الهجمة الغربية تستهدف الأمة الإسلامية في العراق وأفغانستان وإيران وسوريا وفي محور المقاومة واليمن بشكل كبير، وكان للحاج قاسم أحد أبرز القيادات التي واجهت المشاريع والمخططات الغربية دور كبير في دعم القضية الفلسطينية من خلال دعم مشروع المقاومة الفلسطينية بشكل خاص، وكانت له علاقات مع فصائل فلسطينية وعمل على تعزيز التنسيق بينها وكل هذا الجهد مشكور.
وأضاف أن: الحاج سليماني كان يدعم القضية الفلسطينية حتى في العراق بصفتها كان جزءا من مشروع المقاومة ومواجهة الكيان الصهيوني، كما أنه قام بخلق جبهة المقاومة من الناس المستضعفين والمخلصين بالمقاومة في اليمن.
وحول أوضاع قطاع غزة قال أبو شريف: إن امكانيات قطاع غزة ضئيلة جدا وتواجه مشاكل اقتصادية كثيرة بما فيها مشكلة نقص المياه والكهرباء وتفشي وباء كورونا حيث تفاقمت أوضاع ماساوية في قطاع غزة منذ عام 2007 الذي فرض عليه الحصار الإسرائيلي، لكن هناك إرادة كبيرة وإيمان راسخ في قطاع غزة، وهذا جزء من مشروع المقاومة، وللحاج قاسم دور بارز في خلق ميزان الردع للكيان الصهيوني.
وأضاف أنه: رغم أن الكيان الصهيوني له تجارب متنوعة، لكن لم يستطع من تحقيق أهدافه في قطاع غزة، لذلك دخل الاحتلال في المعارك تجاه قطاع غزة مثل ما حدث في جنوب لبنان.
وأكد أبو شريف: نحن نستغل أبسط الإمكانيات بكل إيمان وصبر كبير ضد أكبر إمكانيات أسرائيل لأن لديها قوة كبيرة تدعمها الولايات المتحدة، وللأسف الشديد هناك بعض الدول العربية قامت بالتطبيع.. لكننا نأمل بتحقيق الإنجازات بإيماننا وصبرنا ووحدتنا
الإنفاق ونيل منزلة البِر
قال تعالى: ﴿لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّی تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ﴾([1]).
إشارات:
- "البِرّ" هو الخير والبرکة الواسعة، کما يطلق علی الأرض المعدّة للزراعة أو السکن. ويقال للقمح - وهو طعام عموم الناس والحيوانات- "البُرّ" بضمّ الباء..
في ضوء الاشتقاقات اللغوية لکلمة "برّ" والتي تعني التوسّع في الخير، فإنّنا نقرأ في القرآن معاني عديدة لهذه الکلمة من قبيل الإيمان والعمل الصالح والجهاد والصلاة والوفاء بالعهد، «لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ»([2]) .
- يوصي القرآن الکريم الجميع بالتعاضد في أمور البرّ، «تَعَاوَنُوا عَلَی الْبِرِّ»([3]) ، وفي هذه الآية الکريمة فإنّ الله تعالی يقول للمؤمنين بأنّکم لن تحصلوا علی هذا الشيء الثمين ما لم تنفقوا من طيّب ما تحبّون.
أمثلة علی إنفاق المؤمنين
١. کان "أبو طلحة" أکثر أنصاريي المدينة نخلاً، وکان أحبّ أمواله إليه بيرحاء، وکانت مستقبلة المسجد، وکان رسول الله صلّی الله عليه وآله وسلّم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب. وکانت هذه الحديقة الغنّاء تدرّ عليه مالاً وفيراً وأصبحت مدار حديث الناس. فلما نزلت الآية «لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّی تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ» قام أبو طلحة فقال: يا رسول الله إنّ الله يقول: «لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّی تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ»، وأنّ أحبّ أموالي إليّ بيرحاء، وأنّها صدقة لله أرجو برّها وذخرها عند الله، فضعها يا رسول الله حيث أراک الله، قال رسول الله صلّی الله عليه وآله وسلّم: بخ بخ ذلک مال رابح لک وقد سمعت ما قلت وإني أری أن تجعلها في الأقربين. قال أبو طلحة: أفعل يا رسول الله، فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه([4]).
٢. استضاف أبو ذر الغفاري ضيفاً فقال للضيف: إنّي مشغول، وإنّ لي إبلاً فاخرج وآتني بخيرها فذهب فجاء بناقة مهزولة، فقال أبو ذر: خنتني بهذه، فقال: وجدت خير الإبل فحلها، فذکرت يوم حاجتکم إليه، فقال أبو ذر: إنّ يوم حاجتي إليه ليوم أوضع في حفرتي، مع أنّ الله يقول: «لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّی تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ»([5]).
٣. عندما زُفّت السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام، في ليلة عرسها إلی بيت زوجها، جاء إليها فقير وطلب منها ثوباً قديماً فتلت الآية الکريمة «لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ...» ثمّ أعطته ثوب عرسها.
٤. مرّ عبد الله بن جعفر علی بستان يعمل فيه غلام أسود، عندما جلس الغلام ليتناول طعامه دخل البستان کلب وجلس أمامه، فأعطاه الغلام لقمة، فعاود الکلب بنظراته يطلب المزيد، فناوله الغلام لقمة أخری وهکذا استمرّ في ذلک حتی آخر لقمة من طعامه، حينذاک سأله عبد الله بن جعفر: وماذا عنک؟ أجابه الغلام: لا نصيب لي اليوم، فسأله: ولم فعلت ذلک؟ قال: لقد جاء الکلب من مکان بعيد، وکان جائعاً. فأعجب عبد الله بن جعفر بفتوّة الغلام، فاشتری البستان والغلام، وأعتق الغلام ثمّ أهداه البستان([6]).
- ورد في الأحاديث حول تفسير هذه الآية: أنّ طريق بلوغ البرّ هو مساعدة الوالدين قبل أن يطلبوا ذلک حتی لو کانا غير محتاجين([7]).
وعن الإمام أبي عبد الله جعفر الصادق عليه السلام وهو يوصي تلميذه المفضل بن عمر قائلاً: "سمعت أبي يقول: من مضت له سنة لم يصلنا من ماله قلّ أو کثر لم ينظر الله إليه يوم القيامة إلَّا أن يعفو الله عنه، ثم قال: يا مفضل إنّها فريضة فرضها الله علی شيعتنا في کتابه إذ يقول: «لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّی تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ» فنحن البرّ والتقوی وسبيل الهدی وباب التقوی، ولا يحجب دعاؤنا عن الله"([8]).
التعاليم:
١ـ السبيل الوحيد لبلوغ منزلة المحسنين الإنفاق الخالص ممّا نحب، «لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ...».
٢ـ ليس هدف الدين الإسلامي من الإنفاق محاربة الفقر فحسب، بل دفع المنفق نحو الکمال. أمّا أهمّ نتائج الإنفاق فهي نزع الأهواء والعلائق المزيّفة من قلب المنفق، وتنمية روح السخاء والکرم في نفسه، «لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ...».
٣ـ طلب الدنيا يحرم المرء من بلوغ البرّ، «لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ...».
٤ـ سعادة المرء مرهونة برؤيته الاجتماعية وسخائه، «لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّی تُنْفِقُوا«.
٥ ـ "الروح" هي أغلی ما يملک الإنسان، لهذا فإنّ الشهداء الذين ضحّوا بأرواحهم في سبيل الله يتربّعون علی ذری البرّ، «تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ«.
٦ـ أنفق ممّا تحب، لا ممّا يحبّ البائس الفقير؛ إذ لربّما رضي الفقير بالنزر اليسير لشدّة فقره.. «مِمَّا تُحِبُّونَ»، لا "ممّا يحبّون".
٧ـ الإنسان الذي تربّی في المدرسة الإلهية، لا يسمح لنفسه أن يکون عبداً للمال بل يصيّره عبداً له، «تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ«.
٨ ـ المهمّ في الإنفاق النوعيّة لا الکمّية، «مِمَّا تُحِبُّونَ«.
٩ـ الإسلام مدرسة لحبّ البشرية لا عبادة المال، «تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ«.
١٠ـ لا إفراط ولا تفريط في الإنفاق، أنفق قسماً ممّا تحبّ، «مِمَّا تُحِبُّونَ»؛ "من" تفيد التبعيض.
١١ـ حبّ المال مغروس في نفس کلّ إنسان: «مِمَّا تُحِبُّونَ»؛ بيد أنّ الخطير في الأمر هو المغالاة في حبّ المال الذي يحول دون الإنفاق، «وإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ»([9]) .
١٢ـ الإنفاق مهمّ حتی وإن قلّ، «ومَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ» نعم، فورقة صفراء علی سطح الماء قد تکون سفينة لمئات النمل.
١٣ـ إذا کان الله ناظراً لإنفاقنا، فلماذا نبخس کمّه ونوعه؟ تعالوا إذن ننفق الأفضل، «فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ«.
تفسير النور، سماحة الشيخ محسن قراءتي
([1]) آل عمران: 92
([2]) سورة البقرة، الآية ١٧٧.
([3]) سورة المائدة، الآية ٢.
([4]) التفسير الكبير؛ وتفسير مجمع البيان؛ صحيح البخاري، ج٢، ص٨١.
([5]) تفسير مجمع البيان.
([6]) تفسير المنار.
([7]) الكافي، ج٢، ص ١٥٧.
([8]) تفسير العيّاشي.
([9]) سورة العاديات، تلآية ٨.
5 فوائد مذهلة لتناول 'اللب' يوميا
كشفت دراسة حديثة، احتواء اللب على العديد من الفوائد المذهلة، لاحتوائه على نسبة كبيرة من المعادن والفيتامينات.
العالم- منوعات
وأفاد تقرير نشره موقع "بوابة أخبار اليوم"، بأن اللب يعد من المكسرات المفضلة لكثير من الأشخاص، ويتنوع أشكاله، فمنه اللب السورى واللب السوبر واللب الأبيض.
وأضاف التقرير أن هذه الأنواع هي الأشهر والمفضلة لدى المصريين، مشيرا إلى احتوائها على عناصر مفيدة للجسم، أبرزها:
- فيتامين "إي" والذي يساعد على منع تلف الخلايا، كما يساهم في التئام الجروح في وقت سريع.
- غني بالماغسيوم والفسفور، مما يساهم في تقوية العظام والحماية من مرض هشاشة العظام.
- له دور في فقدان الوزن، لأن يساعد في تعزيز شعور الشبع لديك وخصوصا اللب الأبيض.
- يحتوي على نسبة عالية من الألياف التي تحافظ على أداء الجهاز الهضمي.
- مهم لمرضى السكر لأنه يعمل على ضبط مستوى الكولسترول في الدم، بحسب موقع "هيلث لاين".
كورونا.. 3 دول عربية بدأت التطعيم وأخرى وفرت جرعات وفئة ثالثة ينقصها التمويل
سعودي يحصل على لقاح كورونا بأحد المراكز الصحية في العاصمة الرياض (رويترز)
19/12/2020|آخر تحديث: 20/12/202012:17 AM (مكة المكرمة)
بدأت السعودية والإمارات والبحرين قبل بضعة أيام تطعيم مواطنيها بلقاح مضاد لفيروس كورونا المستجد، كما استطاعت دول أخرى تأمين الدفعة الأولى من جرعات اللقاح، وأعلنت فئة ثالثة من الدول العربية أنها ستحصل على الشحنة الأولى من اللقاح في الأشهر القليلة المقبلة، في حين أن بعض الدول العربية تعاني مصاعب مالية لإبرام عقود لاستيراد اللقاح.
وشرعت السعودية الخميس في حملة تطعيم موسعة ضد فيروس كورونا بلقاح شركتي فايزر (Pfizer) الأميركية وبيونتك (BioNTech) الألمانية، لتكون أول دولة عربية تستخدم لقاح الشركتين، وكان وزير الصحة توفيق الربيعة من أوائل من تلقوا اللقاح بغرض طمأنة المواطنين والمقيمين على سلامة وفعالية اللقاح.
وقالت وزارة الصحة الجمعة إن أكثر من 300 ألف شخص في المملكة سجلوا للحصول على لقاح كورونا حتى الآن.
وباشرت دولة الإمارات الاثنين الماضي حملة التلقيح ضد الفيروس في العاصمة أبو ظبي، وذلك بعد أيام من تسجيل السلطات رسميا للقاح شركة "سينوفارم" (Sinopharm) الصينية، وكانت الإمارات من بين الدول التي استضافت المرحلة الثالثة من التجارب السريرية للقاح الشركة الصينية، وقالت سلطات أبو ظبي إن النتائج الأولية للتجارب أظهرت فعالية اللقاح بنسبة 86%.
وبدأت البحرين الأربعاء الماضي حملة التطعيم بلقاح سينوفارم، وذلك عقب موافقة الهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية في المملكة على تسجيل لقاح "كوفيد-19" الذي تنتجه الشركة الصينية، وقد تلقى ملك البحرين الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة الأربعاء اللقاح.
سيدة تتلقى جرعة من لقاح سينوفارم الصيني في منشأة صحية في العاصمة البحرينية (الأناضول)
الفئة الثانية
ومن ناحية أخرى، زارت وزيرة الصحة المصرية هالة زايد الخميس دولة الإمارات لبحث خطة توريد لقاح الفيروس، وذلك بعد ما استقبلت القاهرة في العاشر من الشهر الحالي الدفعة الأولى من لقاح شركة سينوفارم الصينية قادمة من دولة الإمارات.
وفي السودان، قال رئيس الوزراء عبد الله حمدوك إن بلاده حصلت على 8.4 ملايين جرعة لقاح مضاد لفيروس "كوفيد-19″، مضيفا أن الكمية ستخصّص لتحصين "القطاعات الأكثر تعرّضا للمرض ولا سيما القطاع الطبي". ولم يوضح حمدوك أي لقاح بالتحديد حصلت عليه بلاده، كما لم يعلن موعد انطلاق أولى عمليات التحصين.
وفي قطر قال رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية خالد بن خليفة آل ثاني السبت إن أول شحنة من لقاح فيروس كورونا ستصل غدا الاثنين إلى البلاد.
وكان المدير الطبي لمستشفى حمد العام (حكومي) يوسف المسلماني صرح، الأربعاء الماضي، أن السلطات القطرية تعاقدت مع شركتي مودرنا وفايزر الأميركيتين لتوفير اللقاح، لكنه لم يذكر عدد اللقاحات التي ستصل البلاد.
المصدر:الجزیره
كلمة الإمام الخامنئي في الذّكرى الوطنيّة لمقارعة الاستكبار العالميّ
كلمة الإمام الخامنئي في ذكرى مولد النّبي الأكرم (ص) والإمام جعفر الصادق (ع)، والذّكرى الوطنيّة لمقارعة الاستكبار العالميّ 3-11-2020
بسم الله الرحمن الرحيم،
والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبيّنا أبي القاسم محمد، وعلى آله الطيّبين الطاهرين المنتجبين المعصومين، ولا سيما بقيّة الله في الأرضين.
إنّ ولادة النبي الأكرم (ص) مهّدت لأعظم حادثة في تاريخ البشرية. أبارك لجميع المشاهدين الأعزاء، وجميع أبناء الشعب الإيراني، وأبناء الأمة الإسلامية العظيمة، ذكرى المولد السّعيد للنبي الأكرم والرسول الأعظم (ص)، وذكرى مولد الإمام جعفر الصادق (ع)، اللذين يُعدّان من الأعياد العظيمة. لقد مهّد هذا المولد المبارك الأرضية للبعثة النبوية الشريفة التي هي أعظم حادثة في تاريخ البشرية قاطبة. أسأل الله – تعالى – أن يجعل هذا العيد مباركاً على شعبنا العزيز وجميع الشعوب المسلمة، وأن يكون أساساً لكثير من البركات للمجتمع البشري أجمع.
تزامنت مع هذا اليوم ثلاث مناسبات إحداها المولد المبارك للنبي الأكرم (ص) وحفيده العزيز الإمام الصادق (ع)، والمناسبة الثانية «أسبوع الوحدة الإسلامية»، وهي مناسبة مهمّة جداً، والمناسبة الثالثة الذكرى السنوية لمقارعة الاستكبار التي تصادف الثالث عشر من آبان [الثالث من تشرين الثاني]. سنتحدث لشعبنا الإيراني العزيز باختصار عن كل واحدة من هذه المناسبات الثلاث.
التلاؤم الواضح بين بعض آيات «القرآن الكريم» ووضع البشرية الحالي
هناك عدد من الآيات في القرآن الكريم التي نزلت حول النبي الأكرم (ص)، وبعضها يناسب بوضوح الوضع الحالي للبشرية، إذ عندما يقرأ الإنسان هذه الآيات يشعر كأنها تخاطب البشرية الآن. من هذه الآيات الآيةُ المباركة من سورة «براءة»: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} (التوبة، 128)؛ تخصّ الجملتان الأوليان في الآية جميع البشر. كما يقول في آية أخرى: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} (الأعراف، 158)، فخطاب النبي الأكرم (ص) موجّه إلى جميع البشر. هاتان الجملتان مهمّتان جداً: الأولى {عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ}، أي ليعُزّ على النبي العظيم (ص) معاناة كلّ فرد من أبناء البشر، فهو يـتألّم لآلامهم، والجملة الثانية: {حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ}، أي غيور عليكم ومشتاق لكم ومهتمّ بمصيريكم. هذا الخطاب موجّه إلى أبناء البشرية جمعاء.
إنّ المجتمع البشري اليوم هو مصداق لهذا الخطاب، أي هناك تناسب كبير بين هذا الخطاب والوضع الحالي للمجتمع البشري. في الحقيقة، يمكننا القول إن البشرية تعاني اليوم أكثر من أيّ وقت مضى في تاريخها. فهناك غيابٌ للمساواة، وحروب، وإشعال للصّراعات، ونزعة مادية متشددة قلّ نظيرها في حقب التاريخ الماضية من حياة البشر، واستخدامٌ للتطور العلمي والتقني لقمع الشعوب، كما للطغيان وأنواع الشرور والطواغيت.
توظيف الاستكبار العلمَ والتطور التّقني لتفعيل قوّته الطّاغوتية
طبعاً بعض هذه الأمور، من مثل غياب المساواة، والتمييز، وفقدان العدالة، ووجود الطواغيت، كانت موجودة على مر التاريخ وليست وليدة هذا العصر، لكن اليوم يجري توظيف العلم والتّطور التّقني لإعمال هذه القوّة الطّاغوتية. مثلاً كان فرعون يقول: {أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ} (الزخرف، 51)، أي كان يمارس طغيانه في نطاق محدود هو مصر. أما اليوم، فأمريكا التي تمثّل فرعون هذا العصر لا تكتفي ببلاد أمريكا، ولا تقول: «أليس لي ملك أمريكا!»، بل تتدخّل في شؤون البلدان الأخرى، وتصنع الحروب، وتتسلّط، وتنشئ قواعد عسكرية لها. الوضع على هذا النحو، فاستخدام الطواغيت المعرفة البشرية والتّطور العلمي جعل انتشار التّمييز والحروب أكثر من أي وقت مضى. إنّ الرّوح الطاهرة للنبي الأكرم (ص) تتألّم حقاً لما تعانيه البشرية اليوم، كما ورد في هذه الآية المباركة: {عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ}. وهو في أمَسّ الشّوق لتحقيق سعادة البشرية وهدايتها، وهو بما للكلمة من معنى كأب حنون يريد السعادة للبشرية، وأن تهتدي إلى الصّراط المستقيم، وأن تصل إلى النّهاية التي فيها نفعُها.
تمييز الخطاب القرآني بين أئمة الكفر وغيرهم من عامّة الكفّار
من النقاط اللافتة في هذه الآية المباركة أنها جاءت آخر سورة «براءة» (التّوبة). و«براءة» هي سورة الحرب، والبراءة من الكفار، وسورة الأمر بالجهاد وأمثال ذلك. فأن يقول القرآن آخر هذه السورة: {عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ} ويكون الخطاب موجّهاً إلى أفراد البشر كافة، كما أسلفنا، فهذا يمكن أن نفهم منه هذه النقطة: تلك الخطابات التي وجّهتها هذه السورة لا تخصّ الأفراد الجاهلين والغافلين من غير المسلمين، وإنما قادة الكفر والاستكبار، وتلك الأنظمة المتحكّمة بمصير المجتمعات البشرية التي عبّر عنها القرآن في إحدى آياته بأئمّة الكفر: {فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ} (التوبة، 12)، كما عبّر عنها في مكان آخر في سورة «القصص» بالأئمة الذين يدعون إلى النار: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنْصَرُونَ (41)}، أي يجرّون الناس إلى جهنم ويدعونهم إلى النار. في الواقع إنّ تلك الحدّة والشدّة التي يبديها القرآن قُبالة أعداء الإسلام، والكفّار، إنّما موجّهة إلى تلك التيّارات. أما عامّة الأشخاص من غير المسلمين، الذين ينشدون الحقّ ويميلون إليه وليسوا من أهل العناد وليس لديهم أهداف مغرضة، فهم المخاطبون في هذه الجملة الجميلة من القرآن الكريم: {عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ}.
إن العدوّ الأساسيّ للإسلام اليوم، والمصداق الحقيقي لتلك الآية: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ}، هي قوى الاستكبار والصهيونية. هؤلاء من يواجهون الإسلام ويعارضونه بكلّ ما أوتوا. وآخر حلقة في مسلسل المواجهة ما حدث، للأسف، الأسبوع الماضي في باريس. هذه الرّسوم المسيئة التي عُرضت في باريس تحتاج إلى كثير من الدّقة والانتباه (إلى الهدف منها).
سقوط الفن في فرنسا وتلقّيه الدّعم السّياسي من الدّولة
إنّ قضية نشر الرّسومات الكاريكاتيرية المسيئة إلى النبيّ (ص) ليست مجرّد أن رسّاماً كاريكاتيرياً فاسداً ومنحرفاً ارتكب هذا الفعل القبيح وأساء إلى نبيّ الإسلام (ص) بلغة الكاريكاتير، بل توجد أيدٍ خفيّة وراء هذه الحادثة. ما الدليل على ذلك؟ الدليل هو ما شاهدناه من التحرك المفاجئ لرئيس جمهورية فرنسا، وحتّى بعض الدول، للدّفاع عن هذا العمل الفنيّ العادي! واضحٌ أن هناك جهات تقف وراء هذه القضية، فالمسألة ليست مجرّد أن الفنّ في فرنسا وصل إلى هذا المستوى من السقوط والانحطاط، بل القضية هي سياسة تلك الدولة التي تدافع عن هذا العمل الخطأ، وذاك المسؤول السياسي الذي يعلن دعمه الصّريح لهذا العمل. حسناً، أنتم تقولون إنّ هذا الطّرف [المسلم] قتل ذلك الإنسان. حسناً! فلماذا بدلاً من إظهاركم الأسف والتّعاطف مع المقتول تأتون بهذه الرسوم المسيئة وتنصبونها في مكان ظاهر للجميع وتدافعون عنها بكلّ صراحة؟ هذه حادثة مؤلمة وقبيحة جداً على مستوى دولة، وليست مجرّد عمل لفنان أو رسام كاريكاتير. في المرّات السابقة، عندما حدثت أعمال مشابهة لذلك، رأينا أيضاً، كيف أن مسؤولين في الدولة وشخصيات سياسية انبروا للدّفاع عن هذه الأعمال وحمايتها.
غضب الأمّة الإسلامية يدلّ على أن المجتمعات الإسلاميّة حيّة
طبعاً إنّ الأمّة الإسلامية تبدي اليوم اعتراضاً وغضباً عارمين، وهذا يدّل على أن المجتمعات الإسلامية لا تزال حيّة، وهو ما يبعث على الرّضا. إنّ الشّعوب المسلمة وحتى كثيرين من المسؤولين والشّخصيات السياسية شرقيّ العالم الإسلامي وغربيّه – طبعاً هناك من أظهر حقارته حتى هنا – عبّروا عن غضبهم واعتراضهم، ودافعوا عن الهويّة الإسلامية والشّخصية العظيمة للنبي الكريم (ص)، وهذا يدّل على أن الشعوب المسلمة حيّة. لكن هناك عبرة لافتة في هذه الحادثة هي من جملة الأشياء التي يجب أن يلتفت إليها الذين يعملون بالسياسة ويتابعون المسائل السياسية في العالم. العبرة في الحادثة هي ربط الدّولة الفرنسية بين هذه القضيّة وموضوع حقوق البشر وحرّية التعبير وأمثالها.
تقديم الدّولة الفرنسيّة الدّعم إلى أكثر الإرهابيّين وحشيّة وعنفاً في العالم
لنرَ الآن هذه الدولة الفرنسية أيّ دولة هي، وسياستها أي سياسة؟ هي السياسة نفسها التي انتهجتها وجعلت من أراضيها ملاذاً آمناً لأكثر الإرهابيين عنفاً ووحشية في العالم، أي الإرهابيّين الذين استهدفوا رئيس الجمهورية في بلادنا، ورئيس الوزراء، ورئيس السّلطة القضائية، وأشخاصاً كثيرين من أعضاء المجلس والحكومة والسلطة القضائية، وأدّوا إلى استشهادهم. طبقاً للإحصاءات لدينا تسبّب هؤلاء في استشهاد أكثر من سبعة عشر ألف شخص من عامّة الناس في الأزقة والأسواق. هؤلاء ليسوا إرهابيّين عادييّن، وهم يقيمون في فرنسا وباريس، ثم يأتي هؤلاء ويدّعون الدّفاع عن حقوق الإنسان وحرية التعبير. هذه الدولة نفسها كانت من أكبر الداعمين للذئب الدموي صدّام [حسين] أيّام الحرب المفروضة – طبعاً لا يمكننا القول إن دعمها كان أكبر من الدّول الأخرى لكنها كانت من الدّاعمين الكبار لصدّام أثناء هذه الحرب – وقدّمت إليه أحدث الطّائرات والمعدّات الحربية المتطورة، ولم تخجل من فعلتها واعترفت بذلك. هذا سلوكهم تجاه الإرهابيين وأمثالهم وقد شاهدتم بأُمِّ أعينكم كيف تعاملوا مع المتظاهرين من شعبهم في مظاهرات أيام السبت التي اندلعت خلال السنة الأخيرة! ثمّ يأتي هؤلاء ويدّعون أنهم من أهل الدّفاع عن الحريّات وحقوق الإنسان وأمثال ذلك!
الدّفاع عن الوحشيّة الثقافيّة وعن المنافقين وصدّام وجهان لعملة واحدة
أعتقد شخصياً أن الدّفاع عن هذه الوحشية الثقافية، أي العمل الإجرامي لرسام الكاريكاتير، والدّفاع عن المنافقين (جماعة «خلق») وعن صدّام وتقديم الدّعم إليهما، هما وجهان لعملة واحدة.
لقد تكرّرت أمثال هذه الحوادث في السنوات الأخيرة في الدّول الأوروبية وأمريكا، الإساءة إلى القرآن وإلى النبي المعظّم (ص)، لكنها لن تستطيع الخدش، لو قليلاً، بكرامة نبي الإسلام (ص) وجلالته وعظمته؛ واضح جداً أن الوجه النّوراني لنبي الرّحمة (ص) لن تؤثّر فيه مثل هذه الأشياء، وسيزداد نور شمسه سطوعاً يوماً بعد يوم. وكما أنّ زعماء مكّة والطّائف في تلك الأيام، رغم كلّ الجهود التي بذلوها، لم يستطيعوا محو الاسم المقدس لنبيّ الإسلام (ص)، اليوم أيضاً لن يستطيع هؤلاء «الحضرات» الذين يشبهونهم أن يلحقوا أيّ ضرر بالنبي (ص).
علامات ظهور الجاهليّة الحديثة والحضارة الغربيّة المتوحّشة
ما يمكن أن نفهمه من أمثال هذه الأفعال أنها تكشف عن الذّات الظّالمة للحضارة الغربية. إنها تكشف مدى الظّلم والوحشيّة في ذات هذه الحضارة وهذه الثقافة التي تمثّل في حقيقتها جاهليّة حديثة. طبعاً يخفون هذا الوجه الوحشيّ لأنّ لديهم علماً وتطوراً تقنياً، فيوظّفون العلم والتّقنيات الحديثة ليخفوا خلفها تلك الوحشية عبر أنواع التعابير الإنسانية والوجوه التي في ظاهرها بشرية. يخفون حقيقتهم الوحشيّة خلف ظاهر مجمّل بربطات العنق والعطور وأمثال ذلك. إذاً، الإسلام ونبيّه الكريم (ص) لن يمسّهما سوء، لكن هذه الأفعال وسيلة لنعرف – أنا وأنتم – هذه الحضارة على حقيقتها. حضارة وحشيّة حقاً! لقد كانت هذه الحضارة وبالاً على شعوبها أنفسهم. الآن، بعد مرور قرون على هذه الحضارة وعصر النّهضة، تشاهدون غياب المساواة، والفقر، وفقدان العدالة، وحالة الانحلال الأخلاقي المخجلة في الدّول الأوروبية وفي أمريكا وأتباعهم. هذه هي طبيعة الحضارة الغربية وحقيقتها. إلى هنا كان الحديث عن المناسبة الأولى.
الابتكار العظيم للإمام الخميني الراحل (قده) بإعلانه «أسبوع الوحدة الإسلامية»
في ما يتعلّق بـ«أسبوع الوحدة الإسلامية»، أظنّ أنه اتّضحت اليوم أهمّية هذا الابتكار العظيم للإمام الراحل أكثر من أي وقت مضى. في ذلك اليوم الذي أعلن فيه إمامنا العظيم «أسبوع الوحدة الإسلامية»، ودعا جميع الفرق والمذاهب الإسلامية إلى توحيد توجّهاتها وميولها العامة والسياسية والاجتماعية، لم يستطع كثيرون ممّن عناهم هذا الخطاب أن يدركوا المدى لأهمية هذا النداء، ولا سيما مسؤولي عدد من الدّول الإسلامية، إذ لم يفهموا حجم الأهمية التي ينطوي عليها النداء. بل إن كثيرين منهم أظهروا العناد، وتجاهلوا هذا النّداء لأغراض في أنفسهم. واليوم نحن ندرك كم كان هذا النداء مهمّاً. عندما يرى الإنسان هذه الأحداث اليوم، وهذه الاختلافات الكثيرة بين الدول الإسلامية، وهذه الأحداث المريعة في بعض دول المنطقة، في سوريا والعراق وليبيا واليمن وأفغانستان، يدرك كم أنّ الحاجة إلى اتّحاد المسلمين مهمّة، وكم أنّ وحدة الأمة الإسلامية ذات قيمة، تلك التي طرحها الإمام الرّاحل ودعا إليها، ولو أنها تحققت، ما حدثت كثير من هذه القضايا.
الحركة الخائنة للتّطبيع مع الصّهاينة من نتائج تفرّق العالم الإسلاميّ
في الواقع إنّ ما نشهده اليوم في العالم الإسلامي، ولا سيما في هذا الجزء منه، أي منطقتنا، مؤلم للغاية؛ لقد همّشوا القضية الفلسطينية وحرّكوا مسار التّطبيع الخائن والمذلّ مع الصّهاينة. هذا كله ناتج عن غياب الوحدة في العالم الإسلامي، فبسبب هذا التّنافس والدّوافع الفاسدة وغير السليمة لدى بعضهم جاء الإقدام على هذا العمل القبيح وتضييع حقوق الشّعب الفلسطيني.
لكن القضية الفلسطينية لن تنتهي، وهؤلاء لن يستطيعوا، وهم أصغر من أن يستطيعوا، تصفية القضية الفلسطينية. إنّ هذه القضية ستستمرّ، وستعود فلسطين إلى الفلسطينيّين، وهذا الكيان الصهيوني المُختلق هو من سيزول. هذا مما لا شك فيه، وكل ما يفعله هؤلاء هو مجرّد زرع للعراقيل أمام ذلك، ومنها موضوع التّطبيع مع هذا الكيان الغاصب القاتل المجرم. هذه حقيقة الكيان الصهيوني: غصب أرض فلسطين وقتل شعبها. فكم قتل هؤلاء الصهاينة من أبناء الشعب الفلسطيني وكم ارتكبوا من جرائم! هم فرحون بعملهم هذا (التّطبيع) ويختلقون لأنفسهم مبرّرات تُضحك الثّكلى.
إدراك العدوّ لمدى الأهمية لوحدة المسلمين وتخطيطِه ضدّها
أريد أن أقول: من المؤسف أن كثيراً من الدول الإسلامية لم تدرك مدى الأهمية للطرح الذي قدّمه الإمام الراحل آنذاك، لكنّ العدو أدرك ذلك جيداً وأدرك أهمية هذه الدعوة التي وجّهها الإمام الرّاحل لوحدة المذاهب الإسلامية على أساس التوجهات الكليّة – مع احتفاظ كل منها بعقائده ومناسكه الخاصة – وكم ستحدّ من نفوذه داخل البلدان الإسلامية. لهذا، بدأ التخطيط ضد هذا المسار وهذه الحركة. ووضع خططاً عملانية لمواجهة نداء الوحدة الذي رفعه إمامنا العزيز، من جملتها. أولاً: إيجاد مراكز لإنتاج الفكر المُعادي لما نسميه التّقريب بين المذاهب الإسلامية. أنشؤوا مراكز وقدموا المال إلى بعض العملاء ليجلسوا في هذه المراكز وينتجوا أفكاراً وأبحاثاً تتعارض مع فكرة التقريب، أي أن يعملوا عبر مراكز لإنتاج الفكر من أجل إحباط سياسة الإمام وهذا التدبير الإلهيّ العظيم الذي عمل عليه. ثانياً: صناعة الجماعات التكفيرية. فجماعة «داعش» الجرّارة أوجدها أعداء الإسلام، وقد اعترف الأمريكيون بذلك. طبعاً نحن كنّا نعلم بذلك ولدينا معلومات، لكن عندما ندّعي هذا الادّعاء ربّما يكون كلامنا محلّ أخذ وردّ، لكن هم أنفسهم اعترفوا بهذا، سواء الذين أوجدوا «داعش» في الحكومة الأمريكية السابقة أو التي بعدها، ولا سيما هذا الذي يتربّع على عرش السلطة الآن (1). لقد قال بكل صراحة إنهم من أوجدوا «داعش» وقدموا إليها الحماية والدعم، بل أمروا عملاءهم في المنطقة، الدول التابعة لهم، لكي يمدّوا «داعش» بالمال ويشتروا لها السلاح وكلّ ما تحتاجه من عتاد وتجهيزات.
إذاً، هؤلاء أوجدوا مراكز لإنتاج الفكر المُعادي للوحدة، وكذلك تيارات تكفيرية إرهابية، واستطاعوا أن يُقحموا في هذا المسار كثيرين من العناصر الجاهلة والغافلة، وأن يُدخلوهم في هذه اللّعبة، بإثارة غضبهم ودفعهم ليشتم كلٌّ منهم الآخر. لهذا، نرى مثلاً شخصاً من أهل المنبر، في إحدى الدول الجارة، يقوم فجأة ويصعد المنبر ويكيل الإساءات إلى مقدسات المذهب الآخر ورموزه، ثم ينزل من على المنبر، ويذهب إلى السفارة البريطانية طالباً اللجوء. أمثال هذه الحوادث كثيرة وليست قليلة أبداً. يدفعون أشخاصاً ليحرّضوا الناس ويثيروا غضبهم، كي يقتتلوا بينهم. إذاً، هؤلاء قالوا بصراحة إنهم وراء هذه الأعمال. لكن ما أريد أن أقوله: إنّ إثم بعض دول المنطقة الذين تولّوا تقديم الدعم المالي إلى هذه الجماعات أكبرُ بكثير من الأفراد التّابعين لها، أي ذاك الشخص الذي جاء من إحدى بقاع العالم الإسلامي وانضم إلى هذه الجماعات من منطلق التعصّب الديني وبسبب الجهل ذنبه أقلّ من ذاك الرئيس وذاك المسؤول وذاك الملك الذي أمدّ هذه الجماعات بالمال وقدّم إليها التّسهيلات، وهيّأ لها السّلاح والعتاد وغيرها. طبعاً يبقى المجرم الأساسيّ الأمريكيّين. هذا هو الواقع.
أمريكا والنّظام السعوديّ هما المجرمان الأساسيّان في مسألة التيّارات التّكفيريّة
أما موضوع التيّارات التكفيرية في هذه المنطقة، فيتحمّل جرمها أساساً الأمريكيّون، ثمّ أتباعهم السعوديّون الذين قدّموا المال والدعم إليها، كما أنّ الأمريكيّين ارتكبوا جرماً آخر بغزوهم البلدان الإسلامية بذريعة هذه الجماعات التكفيرية، فغزوا أفغانستان وسوريا، وكانوا يخططون لغزو أماكن أخرى مثل العراق ولا يزالون، لكنّ شباب العراق والشعب العراقي المؤمن لن يسمحوا لهم بذاك، فغيرتُهم وتعصّبهم للحق سيمنعان أمريكا، إن شاء الله، من تحقيق مبتغاها. لكن هؤلاء لديهم خطة ويسعون جاهدين للنفوذ داخل هذه الدول. طبعاً في كلّ مكان دخلوه زرعوا الخراب وسلبوا الأمان. لقد دمّروا البنى التحتية للدول التي دخلوها ونشروا الفوضى وأشعلوا الحروب الداخلية وأرهقوا كاهل الحكومات بإشغالهم بالمشكلات لكي لا تتمكّن من القيام على وظائفها الأساسية. إنّهم المصداق الحقيقيّ لقوله – تعالى –: {وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ} (البقرة، 205)؛ هذا ما فعلوه تماماً، فهذه الآية تنطبق عليهم بما للكلمة من معنى.
علاج القضيّة الفلسطينيّة وفاجعة حرب اليمن يكونُ بوحدة الأمّة الإسلاميّة
في اعتقادي «أسبوع الوحدة الإسلامية» مهمّ للغاية، واتّحاد المسلمين هو العلاج لكثير من آلام الأمّة الإسلامية. مثلاً هذه الحرب المفجعة في اليمن منذ خمس سنوات، وهذا الشعب المظلوم الذي يتعرّض للقصف في الأزقة والأسواق والبيوت والمستشفيات والمدارس وحتّى التجمّعات البشرية، هذا حدث ليس صغيراً. إنه حدث كبير جداً. وقد أظهر السعوديّون في هذه الحرب قسوة رهيبة. أو (مثلاً) في ما يخصّ القضية الفلسطينية وما فعلته بعض الدول الضعيفة الذليلة من التّطاول على العالم الإسلامي والأمة الإسلامية وتجاهلها القضية الفلسطينية وتطبيعها العلاقات مع الغاصب القاتل. بلا شكّ، كلّ هذه الأمور لا تعالج إلا بالوحدة الإسلامية، وكذلك المشكلات الأخرى للدول والشّعوب المسلمة – هناك مشكلات كثيرة في أنحاء العالم الإسلامي مثل قضية كشمير والحرب في ليبيا وغيرها – لن تزول إلا ببركة اتّحاد المسلمين. هذا بشأن الوحدة الإسلامية.
مقارعة النّظام الأمريكيّ المستكبر أمر عقلانيّ وحكيم
أما مسألة الثالث عشر من آبان [الثالث من تشرين الثاني]، فمن محاسن المصادفات هذه السنة هذا التّزامنُ بين ذكرى المولد النبوي الشريف ويوم مقارعة الاستكبار، الأمر الذي يستحضر في ذهن الإنسان هذه الآية المباركة: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} (الفتح، 29). فمن جهة لدينا المولد، ومن جهة أخرى {أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ}، وهي الحركة العظيمة التي فعلها شبابنا. لقد كان الثالث عشر من آبان مظهراً من مظاهر مقارعة الشعب الإيراني للاستكبار. لم تكن القضية مجرّد مشكلة مع بعض الموجودين داخل إحدى السفارات، بل كانت عملاً مهماً وفي محلّه، وله رمزيته في المواجهة ضد الاستكبار. فالنّظام الأمريكي نظام استكباري، ومثل هذا النّظام ينطوي على كثير من المساوئ والشّيطنات والمضارّ، فهو يشعل الحروب ويمارس الإرهاب ويرعاه، ويتدخّل في شؤون الغير، كما أنه فاسد ومحتكر. أي عندما نقول «نظام استكباري» نعني ذاك النظام الذي فيه كل هذه المساوئ والقبائح والشّيطنات. بناءً على هذا، إنّ مواجهة هذا الاستكبار وهذه الظّاهرة هي عينُ العقلانيّة. هناك من يقول: يا سيّد! هذا خلاف العقلانية والحكمة. ونحن نقول له: ليس هذا خلاف الحكمة بل هو عين العقلانية، وإنما خلاف العقلانية هو الاستسلام والخنوع.
أمريكا هي البادئة بالعدوان
لم نكن البادئين، أي لم نشرع في العدوان – اللّطيف أنه يوجد في القرآن الكريم عبارة تعبّر عن وضعنا تماماً، قوله تعالى: {وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ} (التوبة، 13) – بل هم من بدؤوا. نحن لم نهاجم السفارة الأمريكية بعد انتصار الثورة مباشرة، بل كانت في بدايات انتصار الثورة موجودة وموظّفوها يؤدّون أعمالهم، لكنِ الأمريكيّون هم من بدؤوا التحرّك ضدّ الثورة. لقد أصدروا قرارات ضدّها في الكونغرس الأمريكي، وراحوا يهاجمون الجمهورية الإسلامية في تصريحاتهم وفي الكونغرس، وصنعوا الجماعات الإرهابية، وعملوا على دعم العناصر والجماعات الانقلابية بالتخطيط والإمكانات، فيما كانت سفارتهم في طهران – كما وُصفت بحقّ «وكرٌ للتجسس» – تشرف على أعمال تجسّس كبيرة جداً. إذاً، هم كانوا البادئين، وما فعله الطلاب من تحرّك واحتلالهم السفارة الأمريكية كان عملاً دفاعياً، وفي محلّه. إنّه عمل عقلاني تماماً.
التّصوّر الخطأ لبعضهم حول الاستسلام أمام أمريكا
أريد أن أقول في هذا الإطار إنّ بعضهم لديه تصوّر خطأ عن الدولة والنظام الأمريكيين. يظنّون أنه لو استسلمت دولة ما للنظام الأمريكي، فستحقّق مكاسب من ذلك. هذا الأمر غير صحيح، وإنْ كان هناك دول تقيم علاقات مع أمريكا ووضعها الاقتصادي جيّد، فذلك بسبب أنها لا ترضخ – بمقدار ما تسمح هذه الدول لأمريكا أن تتدخل في شؤونها، ستتلقى الضربات – وأما تلك الدول التي استسلمت للإرادة الأمريكية وخضعت لسياساتها وإملاءاتها، فتلقت ضربة. مثال ذلك معاهدة «كامب ديفيد» التي أدّت إلى تأخّر الدولة الموقّعة عليها ثلاثين سنة أو أربعين إلى الوراء. المثال الآخر النظام البهلوي في بلادنا الذي أرجعها إلى الوراء بسبب استسلامه أمام سياسات أمريكا. ويوماً بعد يوم تزداد هذه الأنظمة تبعيّة ومعاناة.
سياستنا المدروسة والثّابتة تّجاه أمريكا
سياستنا تجاه أمريكا مدروسة وواضحة، ولا يبدّلها ذهاب الأشخاص ومجيئهم. اليوم هناك انتخابات في أمريكا، وبعضهم يتساءلون: من الذي سيفوز ومن سيخسر، وإنْ فاز فلان، فماذا سيحدث، أو لو فاز الآخر، ماذا سيحدث... نعم، من الممكن أن تقع أحداث لكنها لا تعنينا، أي لن تُؤثّر في سياستنا، فسياستنا مدروسة وواضحة ولا يؤثر فيها تبدّل الأشخاص. لكن لو لاحظتم حال هؤلاء، لوجدتم وضعاً مدعاةً للفرجة. فرئيس الجمهورية الموجود الآن على رأس السلطة ويُجري الانتخابات يقول إنّها أكثر الانتخابات تزويراً في تاريخ أمريكا! من يقول هذا؟ رئيس جمهورية أمريكا الموجود على رأس السلطة، والذي في الواقع يُدير إجراء الانتخابات. أمّا منافسه (2)، فيقول إن ترامب لديه نيّة كبيرة للتّزوير! هذه هي الدّيمقراطية الأمريكية! هم يتحدثون عن انتخاباتهم على هذا النحو. هذا نموذج من الوجه «الكريه» للدّيمقراطية الليبرالية داخل أمريكا. وبغضّ النظر عمّن سيفوز – ربما هذا المرشّح أو ذاك، هذا الأمر سيُعرف اليوم أو غداً – هناك أمر واضح وجليّ، هو ذاك الانحطاط السياسيّ والمدنيّ والأخلاقيّ في النّظام الأمريكيّ، فأيّ من المرشحين فاز لن يختلف الأمر.
الانحطاط السياسيّ والمدنيّ والأخلاقيّ في النّظام الأمريكيّ
للحقّ والإنصاف أنّ النّظام الأمريكي يعاني من تردٍّ كبير على المستوى السياسيّ والمدنيّ والأخلاقيّ. هذا ليس تحليلاً. ما أقوله ليس مجرّد تحليل، بل هو ما يقولونه بأنفسهم، ما يقوله كتّابهم ومفكّروهم داخل أمريكا. هم من يقولون هذا. في السنوات الأخيرة، أُلّفت كُتُب عدّة حظيت بنسبة مبيع كبيرة داخل أمريكا تكشف الستار عن أمور كثيرة. تُرجم أحدها إلى الفارسية، وقد قرأته شخصياً. إنّه مليء بالشواهد على هذا التردّي والانحطاط، أي من يقرأ هذا الكتاب، فسيجد في الحقيقة أنه من أوّله إلى آخره يشير إلى مدى الانحطاط في النظام السياسي الأمريكي وتصرّفات الرؤساء الأمريكيين. على هذا الوضع، لن يطول الأمد بهذه الإمبراطورية. عندما يصل الوضع السياسي إلى هذا المستوى من التردّي في نظام ما، من الواضح أنه لن يُعمّر طويلاً، وسوف ينهار. طبعاً إنْ جاء أحدهم إلى السلطة، فسيُعجّل الانهيار، والآخر ربّما يؤخّره قليلاً، لكن في جميع الأحوال هذه هي الحقيقة.
تقوية البلاد هي السّبيل الوحيد قبالة العداوات
إنّ عداءهم لنا سببه أننا لم نقبل هيمنتهم الظّالمة، أي أنّنا لم نخضع لإملاءاتهم، ولم نوافق على سياساتهم في المنطقة، ورفَضنا سياستهم في القضية الفلسطينية. هم يعادوننا لأننا رفضنا سياساتهم الظالمة، وهذه العداء سيستمرّ. السّبيل الوحيد لحلّ هذه العداوة هي إيصالهم إلى مرحلة اليأس، أي يجب على الشّعب الإيراني والدّولة والنّظام في الجمهورية الإسلامية أن يواصلوا العمل على نحو ييأس معه الطرف المقابل من اعتقاده بقدرته على توجيه ضربة قويّة، أي يجب أن نصير أقوياء. هذا الكلام قلته مراراً لشعبنا العزيز وللمسؤولين في جلسات العمل والجلسات الخاصة وأمام الرأي العام. يجب علينا أن نعمل على تقوية وسائل القوّة لدينا – القوّة الحقيقيّة، لا الشكليّة – ليصير شعبنا قويّاً ودولتنا قويّة. عندئذ سيشعر العدوّ باليأس. إنّ شعبنا في الحقيقة قاوم جيّداً، واستطاع الصمود وتحمّل الصعاب، وأظهر الاستقامة.
الحاجة إلى تحرّك أكثر لدى المسؤولين على ثلاثة أصعدة
في رأيي، يجبُ على المسؤولين أن يتحرّكوا على نحو أفضل في ثلاثة مجالات: الاقتصاد، والأمن، والثقافة. علينا، نحن المسؤولين، أن نُضاعف جهودنا في هذه المجالات الثلاثة. فعلى صعيد الاقتصاد النّظرةُ الصّحيحة والأساسية هي ألّا ننظر خارج البلاد مُطلقاً، لا بمعنى أن نقطع علاقاتنا مع الخارج. كل مرّة كنت أدعو فيها أن نبحث عن علاج لمشكلاتنا في الداخل، كان يبتر بعضهم سياق الكلام وينشرون على الإنترنت: «السيد يعتقد أنه يجب أن نقطع العلاقات مع الخارج». لا! الأمر ليس كذلك، بل يجب أن تبقى العلاقات. لكن المهم في الموضوع ألّا نطلب الحلول من الآخرين، وألّا نستجدي العلاج من الخارج، لأن العلاج موجود فينا، موجود داخل البلاد، ومن أهمّ عناصره زيادة الإنتاج، الأمر الذي أكّدته مراراً. يجب أن نؤدّي جهوداً مدروسة ومنظّمة على الصعيد الاقتصادي.
حلّ المشكلات الاقتصادية يتوقّف على التناغم الإداري بين الإدارات
إنّ كثيراً من مشكلاتنا الحاليّة لا علاقة لها بالحظر الاقتصادي وأمثال ذلك، وإنما سببها نحن، سببها ضعف التنسيق. موجة ارتفاع الأسعار الأخيرة لا مبرّر لها أبداً، وكثير من حالات ارتفاع الأسعار الأخيرة غير مبرّرة. يجب أن تُعالَج، وهي قابلة للعلاج، ويجب على المسؤولين أن ينسقوا بينهم لعلاجها. عندما ننظر، نجد أنّ ارتفاع الأسعار شمل اللحم الأحمر ولحم الدجاج والطماطم وصولاً إلى حِفاض الأطفال. ارتفاع أسعار هذه السلع لا مبرّر له، ولا يوجد دليل يُبرّره، فهذه السلع متوافرة. إذاً، المشكلة هي في وزارة الصّناعة والتّعدين والتّجارة، وفي «هيئة التعزيرات الحكومية» (3) والتّعبئة وجميع الأجهزة المعنيّة بهذا الأمر مثل الجمارك وغيرها. على هؤلاء أن يتعاونوا وينسّقوا بينهم ليريحوا الناس من هذه المشكلة. جميع هذه الأمور يمكن ضبطها. إذاً، بحُسن التّنسيق الإداري بين مختلف الأجهزة، يمكن علاج هذه المشكلات.
إرساء الأمن الخارجي والأمن الداخلي
في ما يخصّ أمن البلاد، وعلى صعيد الأمن الخارجي، يجب تجهيز البلاد بالوسائل الدّفاعية اللّازمة، مثل الصواريخ والطائرات المسيّرة والطائرات الحربية التي تُصنّع اليوم في الداخل، فهذه الوسائل تُرسي الأمن الخارجي لبلادنا، أي تحميه من مطامع الأعداء. ليس الأمر أن نتصوّر أنّ صناعة الصواريخ تحلّ المشكلات جميعاً. كلّا، هناك بعض المشكلات لا ارتباط لها بالصّواريخ بتاتاً، لكن هناك مشكلات كثيرة نجد لها ارتباطاً بهذه الوسائل الدّفاعية.
أما في الأمن الداخلي، فيجب على أجهزتنا الأمنية الحذر من اختراقات العدو. فالاختراق هو المسألة الأساسية، ونفوذه داخل الأجهزة المختلفة في الدولة وزرعه أنواع الوساوس، أي المطامع والإغراءات... هذه هي المشكلة الأساسية. عليهم أن ينتبهوا إليها جيداً.
الحاجة إلى جهود ذكيّة في مجال العمل الثقافي
الشيء نفسه في المجال الثقافي. على المسؤولين المعنيّين أن يبذلوا جهوداً ذكيّة في هذا الإطار. أحياناً يكون لدينا أعمال ثقافية كثيرة لكن علينا أن نكون أذكياء في العمل، أي أن نعلم مكان احتياجنا إلى شيء وأين نحتاج الأعمال الثقافية، فننفذ ما نحتاجه. في رأيي إنّ هذه المواضيع الثلاثة، أي الاقتصاد والأمن، والثقافة، إنْ عملنا عليها جيداً، فهي من المواضيع الأساسية التي يمكن التقدّم بها عبر حسن التدبير والتنسيق والمتابعة، والحمد لله، المسؤولون مشغولون بالعمل، لكن المطلوب منهم هو المزيد من الجديّة في تنفيذ الأعمال.
تحرير الأراضي الأذربيجانيّة المحتلّة وتأمين الحماية للأرمن
النّقطة الأخيرة هي الحرب المؤسفة الدائرة بجوارنا بين دولتين جارتين لنا، أي أذربيجان وأرمينيا. هذه الحرب حدث مرير يهدّد أمن المنطقة، وليست جيدة على بلادنا، ولذا يجب أن تتوقف في أقرب وقت. طبعاً يجب أن تُحرّر جميع الأراضي الأذربيجانية التي تُسيطر عليها أرمينيا، وتنبغي إعادتها إلى الدولة الأذربيجانية – هذا من الشّروط الأساسية – لأنّ هذه الأراضي تعود ملكيّتها أساساً إلى أذربيجان، ولها الحقّ في استعادتها، ويجب أن تُحرّر. طبعاً في الوقت نفسه، يجب الحفاظ على أمن الأرمن الموجودين في هذه المناطق، كما تجب رعاية الحدود الدولية، أي على طرفي النزاع ألّا يتعدّوا على الحدود الدولية للدول الأخرى، وأن يحافظوا على هذه الحدود، وألّا يسمحوا للإرهابيّين بالاقتراب من حدودنا. كما تشير التقارير، وإنْ كان هناك من يُنكر ذلك لكن هناك تقارير موثوقة، ثمة دخول لأعداد من الإرهابيّين من هنا وهناك على خطّ الصراع. هؤلاء إنِ اقتربوا من الحدود وشعرنا بأي خطر، فقطعاً سنتعامل معهم بمنتهى الحزم، فعليهم ألّا يقتربوا.
نأمل من الله أن تتخلّص جميع الشّعوب المسلمة وشعوب المنطقة وأفراد البشرية من هذه المشكلات، وأن ينتظر شعبنا الإيراني العزيز أياماً جميلة في المستقبل، ببركة هذا المولد العظيم والرّوح المطهّرة لنبي الإسلام الأكرم (ص) والإمام الصادق (ع)، وروح إمامنا المطهّرة، ونحن كلّنا أمل، إن شاء الله، في أننا قد اقتربنا من هذا المستقبل.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
(1) الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
(2) المرشّح الديمقراطي جو بايدن.
(3) تسمّى أيضاً هيئة العقوبات التقديرية، وهي مؤسسة حكومية وظيفتها الرقابة على الأسعار ومكافحة الغلاء.