emamian

emamian

كشف القيادي في حركة الجهاد الاسلامي خالد البطش ان المقاومة الفلسطينية أصبحت قادرة علی اقتحام الحدود وهذا بفضل الله ودعم الشهيد قاسم سليماني.

وقال خالد البطش في حديث خص به قناة العالم: "عندما قرر نتنياهو وليفني الهجوم علی قطاع غزة خلال عام 2008، تصدت المقاومة الفلسطينية للعدوان بامكانياتها المتواضعة فقصفت مستوطنات صهيونية علی مدی 40 كيلومتر بأربعين صاروخ غراد واستخدمت في هذه المعركة صواريخ القدس 1 و2 و صواريخ القسام 1 و2 ".

وتابع البطش: "عندما قرر الحاج قاسم بدعم المقاومة الفلسطينية، استطاعت المقاومة في عام 2014 ان تدك تل أبيب وليس فقط المستوطنات المحاذية لغزة ولأول مرة في التاريخ، قصفت سرايا القدس تل ابيب بصواريخ فجر الايرانية التي ارسلها الشهيد قاسم سليماني".

وأضاف القيادي في حركة الجهاد الاسلامي: "في معركة 2014 التي استمرت 51 يوماً امطرت سرايا القدس وكتائب القسام وباقي فصائل المقاومة، تل أبيب وحيفا والمدن المحيطة بها ومطار بن غوريون بأكثر من 150 صاروخا. واستمر القصف في اخر معركة اثر استشهاد بهاء ابوالعطا قصفت سرايا القدس لوحدها، بأكثر من 300 صاروخ".

وبيّن البطش ان كل هذا تم تحت اشراف ودعم الشهيد سليماني واخوانه. مضيفاً ان الشهيد سليماني ساهم أيضاً في مستويات اخری كالتجهيز والتدريب والاعداد والتمويل والمساندة ودورات التطوير والاعداد للمقاومة الفلسطينية وكانت معسكرات الحاج قاسم مفتوحة لأبطال المقاومة في فلسطين من أجل ان يتدربوا ويكونوا علی مستوی الحدث.

وصرح البطش ان هذا التجهيز والاعداد هو الذي يجعل "اسرائيل" عاجزة عن اجتياح قطاع غزة وجنوب لبنان.

المصدر:فارس

هل تفلح برودة يناير/كانون الثاني في خفض حدة التوتر الخليجي، أم أن الصفيح الساخن الذي تتقلب فوقه المنطقة منذ حصار قطر أقدر على تحويل الشتاء الخليجي إلى قطعة من حرّ الصيف؟

وهل يحمّل المراقبون القمة الـ41 لمجلس التعاون الخليجي أكثر مما يمكن أن تحتمل؟

يُجمع المراقبون على أن الوساطة الكويتية تبذل جهدا لا تخطئه عين لتضميد جراح تحول دون شفائها طموحات تصل إلى حدّ الشطحات من قبل من هَووا بمعول حوّل 40 عاما من محاولات بناء بيت خليجي إلى شذرات.

فالمتابعون للاستنفار البحريني في جزر حوار والمياه الخليجية والذي انعكس في صورة تصعيد ضد قطر، سواء تحت غطاء أزمة صيادين مفتعلة أو عبر اختراق أجواء الدوحة، يجمعون تقريبا على أن السلوك البحريني إنما هو صدى لرغبة دولة الإمارات في افتعال مبررات لإفشال جهود المصالحة.

وإذا كان ظاهر المشهد يروّج لتسريبات تتحدث عن احتمالات تلبية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لدعوة سعودية للمشاركة في القمة، فإن مصادر مطلعة على بواطن العلاقات بين القاهرة وأبو ظبي، نقلت أن الزيارة الأخيرة لولي عهد أبو ظبي إلى القاهرة إنما كانت لتنسيق المواقف بشأن إفشال الوساطة الكويتية، لا العكس.

وإن كان الحال هكذا عند 3 من أطراف الحصار (الإمارات والبحرين ومصر)، فكيف إن أضيف له وضع إقليمي ملتهب تتلاعب به أيام الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأخيرة في البيت الأبيض، وتتنزه قاذفات "بي-52" (B-52) الأميركية في سمائه، دون أن يدري أهل الخليج أنفسهم أين ومتى وإن كانت ستلقي حمولتها في مواجهة الشطرنج "الترامبية" الإيرانية.

أي حسابات سيفكر فيها القائمون على الوساطة في المصالحة والمدعوون إلى الدخول فيها وهم يتابعون أحاديث من مقربين من مواقع القرار في الإمارات، عن غواصة نووية إسرائيلية تشق طريقها إلى الخليج الذي وطئت تل أبيب بترحيب مبالغ فيه اثنتين من عواصمه (أبو ظبي والمنامة)؟ وأي تقديرات تتطلبها وهم يراقبون زيارة القادة العسكريين الإيرانيين إلى جزر طنب الكبرى والصغرى وأبو موسى، في رسالة إيرانية واضحة بأن الرد الإيراني على أي هجوم أميركي قد يطال الخاصرة الرخوة لحلفاء ترامب، ولا سيما أن في طهران من لا ينسى أن أبو ظبي سبق أن حرّضت على ضرب إيران  .

وإذا كان الكثيرون في مراكز التفكير الإستراتيجي بالولايات المتحدة يقدّرون أن إدارة بايدن المقبلة تحمل حزمة حسابات قد لا تشتهيها سفن  حلفاء الحقبة الترامبية، بل قد تضعهم في موقف صعب، فإن مجمل  الظروف التي تنعقد فيها القمة التي عنوانها "المصالحة"، تلقي بظلال كثيفة على إمكانية الوصول إلى العنوان المأمول.

اعلان

فإذا كانت المصالحة الحقيقية بين أي طرفي أزمة تستتبعها إعادة النظر في التحالفات التي قد تتعارض مع هذه المصالحة، فإنه -من وجهة نظر مراقبين- يبدو الأكثر ترجيحا أن التحالفات التي بناها كل طرف خلال سنوات الحصار لقطر، هي الأكثر قابلية من وجهة نظر كلا الطرفين، للتعويل عليها .

إن صحّت هذه المقاربة فإن شتاء يناير/كانون الثاني لن يكون قادرا على احتواء سخونة الخلافات الخليجية، وأقصى ما يمكن أن يجود به هو لقاءات شكلية لا تعرف من الدفء إلا ما يعرفه أكثر شهور العام برودة.

المصدر : الجزيرة

 

لفت الأمين العام ل​حزب الله​ ​السيد حسن نصرالله​ في كلمة بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لاغتيال قائد ​فيلق القدس​ ​اللواء​ ​قاسم سليماني​، والقائد في ​الحشد الشعبي​ ​أبو مهدي المهندس​، إلى أنه "في مثل هذا اليوم من كانون الثاني عام 2020 كانت هذه الحادثة الكبيرة والمفجعة والتي ستبقى خالدة في التاريخ بحجمها ومظلوميتها وتداعياتها وآثارها ونتائجها على كل المنطقة".

واشار السيد نصر الله إلى انه "يجب ان نعترف بفضل الشهداء ومعروفهم وعدم السكوت وأن نذكرهم للناس و​العالم​ وشعوبنا وأجيالنا وبتضحياتهم وبإنجازاتهم، ومن عناوين الوفاء تكريم هؤلاء الشهداء وتقديم الاحترام لهم وأن نشكرهم على ما قدموا وضحوا به".

من ​الساعة​ الأولى لهذه الحدثة العظيمة وإلى اليوم في الذكرى السنوية الأولى، نحن شهدنا مظاهر كبيرة ومهمة من الوفاء، وعلى سبيل المثال، في ​إيران​ مستوى التفاعل الشعبي الهائل والكبير مع الحادثة والاندفاع إلى الساحات في الكثير من المحافظات والمدن وفي استقبال جثمان الشهداء وتشييعهم الذي كان تاريخيا"، وقال: "ما شهدناه حتى اليوم تعبير عالي عن الوفاء، هذا درس لنا جميعا كيف يجب ان نتعاطى مع شهدائنا وكيف يجب ان نكرمهم ونحترمهم ونمجدهم، هذا الأمر شهدناه منذ ​الساعات​ الأولى في ​العراق​ الذي سقطت فيه هذه الدماء الذكية وفي ​اليمن​ و​سوريا​ و​فلسطين​ و​لبنان​ والبحرين، وفي لبنان نحن معنيون بأن نذكر ونعترف ونشكر ونقدر من وقف معنا منذ اليوم الأول للاجتياح الاسرائيلي في لبنان".

وأوضح انه "كلنا يتذكر عندما اجتاح جيش ​الاحتلال الاسرائيلي​ الاراضي اللبنانية وكان في تهديد أن يكمل باتجاه كل الاراضي اللبنانية وكان إيران مشغولة بالحرب عليه ومع ذلك الامام الخميني لم يترك لبنان ولم يترك سوريا". وسأل "من الذي ساعد لبنان على تحرير أرضه، ومن الذي وقف إلى جانب اللبنانيين ودافع عنهم؟". وأكد ان "المقاومة هي التي تحمي لبنان في مواجهة العدو الاسرائيلي ضمن المعادلة الذهبية وهي التي تحافظ على حقوق لبنان وسيادة لبنان".

من جهة أخرى، أوضح ان هناك "وسائل الاعلام زوّرت وحرّفت تصريح قائد سلاح الجو في الحرس الثوري الايراني حاجي زاده وهم مزوّرون وضعفاء، هم الذين يحرّفون التصريحات الإيرانيّة، نعم الجمهورية الإيرانيي هي التي تدعم المقاومة بالسلاح والصواريخ ونحن وغزة جبهة أمامية في وجه الاحتلال الاسرائيلي". ورأى انه "إذا كان هناك من يسأل عن لبنان فهو بسبب هذه المقاومة وهذه الصواريخ وكلنا بتنا نعرف قيمة لبنان وشعب لبنان عند كل الدول العالمية والدول الاقليمية".

كما اعتبر انه "إذا كان في أمل ان يملك لبنان بعض المال فهو من النفط والغاز وإذا أعطي الفرصة لذلك فهو ببركة المقاومة وصواريخ المقاومة التي أعطتها إيران للمقاومة". وشدد على أن "كل الدعم الإيراني للمقاومة هو غير مشروط وبلا شروط وكل المعارك التي خاضتها المقاومة كانت من أجل تحرير لبنان والدفاع عن ارضه ومياهه وستبقى كذلك ولعله من أهم المقاومات في تاريخ البشرية هي هذه المقاومة الموجودة في لبنان".

وأكد انه "لا يمكن ان نساوي بين من دعمنا بالمال والسلاح وأعاننا لتحرير أرضنا وسلاحنا وساعدنا لنكون قوة ردع، أن نساوي بينه وبين من تآمر على لبنان ودعم العدو الاسرائيلي خلال كل سنوات الاحتلال".

واعتبر السيد نصرالله انه "طول السنة هذه الحادثة حاضرة بقوة في المعادلا ت السياسية والأمنية والعسكرية وهناك ققل كبير في المنطقة، أمس الاسرائيليون أعلنوا انهم رفعوا نسبة الاستنفار إلى أعلى المستويات بسبب هذه الذكرى السنوية، واليوم المنطقة في حالة توتر شديد وأي حادث لا نعرف إلى أين يجر المنطقة والاميركيون يتصرفون بالحد الأدنى بحالة خوف وانتظار والاخوة في إيران يفتضرون ان ترامب قد يحضر لشيء ما، وأنا أقول ان هذه الحادثة ستبقى حاضرة بقوة وهنا أشير إلى نقطة مهمة جدا لأن البعض يفكر بطريقة خاطئة، البعض يفترض ان إيران ستعتمد على وكلائها للرد على اغتيال سليماني وأنا أقول ان إيران لا تطلب شيئا وهي تقرر عندما تريد ان ترد أمنيا أو عسكريا بما يتناسب مع الحادثة". وشدد على ان "إيران ليست ضعيفة وهي تعرف متى ترد عسكريا أو أمنيا متى رأت ذلك مناسبا".

وأشار إلى ان "محور المقاومة استطاع ان يستوعب هذه الضربة الكبيرة جدا، الخسارة كانت كبيرة جدا لكن المحور استطاع ان يستوعب، الاميركيون افترضوا ان الوضع في العراق سينهار لمصلحتهم وان محور المقاومة سينهار عند اغتيال سليماني، هذا كله تم معالجته واستيعابه ونحن بحسب ثقافتنا وانتمائنا وتاريخنا نعرف كيف نحول التهديدات إلى فرص، والدم إلى دافع قوي للثبات والصمود والاحساس أكثر بالمسؤولية". وتوجه إلى الأميركيين وكل من هو في محورهم، قائلا: "اقتلونا فإن شعبنا سيعي أكثر فأكثر، عندما تقتلونا سيزداد شعبنا وعي". وأضاف "عندما تقتلون قادتنا نزداد عنادا وتصلبا وتمسكا بالحق ومن يراهن انه بالقتل والاغتيال والحروب ومن يراهن بالحصار والعقوبات بأنه سيضعفنا هو واهم".

ورأى نصرالله ان "تداعيات هذه الحادثة على درجة عالية جدا من الاهمية، أولا "اخراج أميركا من المنطقة" ما كان هذا الشعار ليصبح شعارا لولا هذه الحادثة التاريخية وضخامتها، الاميركيون اخترعوا داعش باعتراف أحد كبار الجنرالات الأميركان وحتى الوزير السابقة هيلاري كلينتون تعترف بهذا الأمر، واخترعت داعي ليعود الاحتلال إلى العراق لكن بطريقة مختلفة"، وقال: " ما كُشف عمّا قام به سليماني حتّى الآن قليل وسيتمّ الحديث عن إنجازاته لاحقاً واغتياله وضع القوات الأميركية على طريق الخروج من العراق".

وبما خصّ "القرض الحسن"، قال: "لدي معلومات ان أميركا دفعت مئات آلاف الدولارات بعض الوسائل الاعلامية للقيام بتقارير عن جميعة القرض الحسن".

 

الإثنين, 04 كانون2/يناير 2021 06:20

السؤال: بيان معنى الولاة في الآية

يتمسّك البعض بالآية (83) من سورة النساء وهي قوله تعالى: (( وَإِذَا جَاءَهُم أَمرٌ مِنَ الأَمنِ أَوِ الخَوفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَو رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الأَمرِ مِنهُم لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَستَنبِطُونَهُ مِنهُم... )) بأنّ المراد: خصوص حالة الخوف - كما في صدر الآية - وذلك يكشف أنّ المراد من (( أُولي الأَمر )) هم: أُمراء السرايا والغزوات الذين كان الرسول(صلّى الله عليه وآله وسلّم) ينصّبهم ويعيّنهم، وليس المراد بهم الأئمّة، وهذا من الآية واضح..

 وتُفسّر هذه الآية، أي قوله تعالى: (( أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمرِ مِنكُم فَإِن تَنَازَعتُم فِي شَيءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُم تُؤمِنُونَ بِاللَّهِ وَاليَومِ الآخِرِ ذَٰلِكَ خَيرٌ وَأَحسَنُ تَأوِيلاً )) (النساء:59) بالآية السابقة, وإذا أردنا أن نستعين في تفسير هذه الآية بالروايات على أنّها نصّ في الخلافة، فذلك خلاف (القرآن يفسّر بعضه بعضاً)؛ ففي هذه الآية عيّن موارد لزوم الرجوع إلى الله وإلى الرسول(صلّى الله عليه وآله وسلّم)؟

الجواب:

أولاً: إنّ الأُمّة قد اختلفت في تعيين وليّ الأمر، وهذا ممّا لا شكّ فيه, ولكنّهم مهما اختلفوا فقد إتّفقوا وأجمعوا، من حيث يريدون أو لا يريدون، على ما يوجب كون الآية تنطبق على الإمام أمير المؤمنين علی ابن ابیطالب(عليه السلام) وذلك أنّ الأقوال في تفسير أُولي الأمر ستّة:

1- أُمراء السرايا والغزوات(1)، وهو ما أُشير إليه في السؤال.

2- العلماء، كما عن بعض المفسّرين(2).

3- الأُمراء والولاة(3).

4- أهل الرأي من الصحابة(4).

5- هم: القوّام على الناس والآمرون بالمعروف الناهون عن المنكر(5).

6- هم: عليّ وأبناءه الأئمّة المعصومون(عليهم السلام)، كما هو قول اتباع اهل البیت (6).

ولا شك أنّ عليّاً(عليه السلام) كان من أُمراء السرايا، كما كان من العلماء ومن القوّام على الناس بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكان من الأُمراء والولاة، ومن أهل الرأي من الصحابة، فهو مرادٌ بالآية على أيّ تقدير بالإجماع، كما بيّناه, أمّا غيره مهما كان ومَن كان فليس عليه مثل هذا الاتّفاق.

فإذا ثبت ذلك له(عليه السلام) وكان هو وليّ الأمر، فهو الذي يعيّن الذي بعده بحكم ولايته, وإذا قلنا بأنّه(عليه السلام) ليس له ذلك، فهو خلاف القول بالولاية.

 

ثانياً: إنّ الاستعانة في تفسير الآية بالروايات خلاف (القرآن يفسّر بعضه بعضاً)، فليس كذلك صغرى وكبرى، أمّا الكبرى وهي (القرآن يفسّر بعضه بعضاً) فهي ليست آية، وهذا كتاب الله خال منها, ولا رواية عنه(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وإن زُعم أنّها رواية فلماذا لم يلتزم بها الرسول(صلّى الله عليه وآله وسلّم) نفسه؟

ولنضرب مثلاً واحداً في فريضة واحدة هي من أهم فرائض الإسلام، وهي الصلاة المفروضة خمس مرّات يومياً, ولنأخذ منها فعلاً واحداً من واجباتها كشاهد على ما نقول، وذلك هو: التشهّد، ونختار من أذكاره كيفية الصلاة على النبيّ وآله(عليهم السلام) فيه.

ولا يفوتنا التنبيه على أنّه قد ذهب إلى وجوبها من غير الشيعة الشافعي، وقال ابن حجر في (الصواعق): (( ...الذي ذهب إليه الشافعي هو الحقّ الموافق لصريح السُنّة ولقواعد الأُصوليين، ويدلّ له أيضاًً أحاديث صحيحة كثيرة استوعبتها في شرحي الإرشاد والعباب، مع بيان الردّ الواضح على من شنّع على الشافعي، وبيان أنّ الشافعي لم يشذ، بل قال به قبله جماعة من الصحابة، كـابن مسعود وابن عمر وجابر وأبي مسعود البدري وغيرهم، والتابعين، كـالشعبي والباقر وغيرهم، كإسحاق بن راهويه وأحمد، بل لمالك قول موافق للشافعي رجّحه جماعة من أصحابه, بل قال شيخ الإسلام خاتمة الحفّاظ ابن حجر - العسقلاني -ـ: لم أر عن أحد من الصحابة والتابعين التصريح بعدم الوجوب إلاّ ما نقل عن إبراهيم النخعي مع إشعاره بأنّ غيره كان قائلاً بالوجوب ))(7).

نقول: فإنّ كيفية هذه الصلاة في التشهد لم يکن يعرفها الصحابة، فسألوه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عن كيفيّتها لمّا نزلت الآية: (( إنَّ اللَّهَ وَمَلَائكَتَه يُصَلّونَ عَلَى النَّبيّ يَا أَيّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيه وَسَلّموا تَسليمًا )) (الاحزاب:56)، فقد صحّ عن كعب بن عجرة، قال: (( لمّا نزلت هذه الآية قلنا: يا رسول الله! قد علمنا كيف نسلّم عليك فكيف نصلّي عليك؟ فقال: (قولوا اللّهمّ صلّ على محمّد وعلى آل محمّد... إلخ ) ))(8).

فهذه الآية أمرت المؤمنين بالصلاة على النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، أمّا كيف؟ ومتى؟ فذلك ما تكفّلت السُنّة ببيانه, ولم يُذكر في شيء من مصادر التفسير أو الحديث أنّ أحداًَ من الصحابة اعترض على الرسول(صلّى الله عليه وآله وسلّم) وقال له: كيف فسّرت القرآن من نفسك، وإنّما (القرآن يفسّر بعضه بعضاً)؟ أو قال له: إنّ الآية أمرتنا بالصلاة عليك وحدك ولم تذكر الآل معك، فمن أين أوجبت الصلاة عليهم ولم يرد ذلك في آية أُخرى تفسّر هذه الآية؟

وهذا الذي ذكرناه هو ما يأتي به المصلّي كلّ يوم في فرائض الصلوات الخمس، فكيف بباقي الأحكام؟ إذاً ليس (القرآن يفسّر بعضه بعضاً)، وقد تبيّن حال الصغرى ممّا سبق أيضاً.

 

ثالثاً: لو التزمنا جدلاً بأنّ القرآن يفسّر بعضه بعضاً، فإنّ في آي الذكر الحكيم ما يدلّ على تعيين (وليّ الأمر) كما في قوله تعالى: (( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم رَاكِعُونَ )) (المائدة:55)، وحيث ثبت أنّ الولاية - في هذه الآية - هي لله ولرسوله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) وللذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون لا لغيرهم بقرينة (إنّما)، وهي أداة حصر، فهذه فسّرت من هو المراد بـ(أُولي الأمر) في الآية المشار إليها في السؤال.

بقي تعيين مَن تنطبق عليه تلك الأوصاف الثلاثة مجتمعة: (الإيمان، وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة وهو راكع)، وهو ما ثبت لأمير المؤمنين(عليه السلام)، كما في تفسير ابن جرير، وكشّاف الزمخشري، والفخر الرازي، والقرطبي، والحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل، والدرّ المنثور للسيوطي، وغيرهم(9).

وبهذه الآية التي تكفّلت معنى الولاية في المقام وأنّها من سنخ ولاية الله وولاية الرسول(صلّى الله عليه وآله وسلّم) نفسّر الآية المشار إليها آنفاً في السؤال؛ فلاحظ!

وتعقيباً على ما تقدّم من أنّ القرآن يفسّر بعضه بعضاً، نقول: إنّ آية المباهلة التي هي قوله تعالى: (( ...فقل تَعَالَوا نَدع أَبنَاءنَا وَأَبنَاءكم وَنسَاءنَا وَنسَاءكم وَأَنفسنَا وأَنفسكم... )) (آل عمران:61) قد نصّت على أنّ أمير المؤمنين(عليه السلام) هو نفس النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم)؛ حيث أخرج مسلم والترمذي وأحمد والبيهقي والحاكم والرازي والزمخشري وابن جرير والواحدي وابن حجر وغيرهم: أنّه(صلّى الله عليه وآله وسلّم) دعا عليّاً وفاطمة والحسن والحسين، وقال: (اللّهمّ هؤلاء أهلي...)(10)، فإذا كان عليّ(عليه السلام) نفس الرسول(صلّى الله عليه وآله وسلّم) بنصّ الآية المذكورة، فلماذا تخلّف المسلمون عنه وقد أمرهم الله تعالى بأن لا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه، كما في قوله تعالى: (( مَا كَانَ لأَهل المَدينَة وَمَن حَولَهم مّنَ الأَعرَاب أَن يَتخلّفوا عَن رَّسول اللّه وَلاَ يَرغَبوا بأَنفسهم عَن نفسه... )) (التوبة:120)؟

ولو لم يكن عليّ(عليه السلام) هو المراد لمّا عبّر تعالى عنه بقوله: (( عَن نفسه ))، ولقال: (ولا يرغبوا بأنفسهم عنه)؛ فلاحظ!

 

وأمّا أنّ المراد من (أولوا الأمر) في قوله تعالى: (( وَلَو رَدّوه إلى الرَّسول وَإلَى أولي الأَمر منهم لَعَلمَه الَّذينَ يَستَنبطونَه منهم... )) (النساء:83)، هم: أُمراء السرايا أوّل الكلام.

كيف وقد عممت الآية في أوّلها الأمر على حالتي الأمن والخوف لا خصوص حالة الخوف، كما يدّعي هذا المستشكل، قال تعالى: (( وَإِذَا جَاءَهُم أَمرٌ مِنَ الأَمنِ أَوِ الخَوفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَو رَدّوه... )).

والآية نازلة لبيان حالة إشاعة الأراجيف بين المسلمين من قبل ضعاف النفوس، وأنّهم لو ردّوا الأمر إلى الرسول وإلى أُولي الأمر لأعلموهم حقيقة الحال وواقع هذه الأراجيف.

فهذه الآية ناظرة إلى ما يمس أمن الدولة واستقرارها، واتّخاذ القرار في هذا الشأن أنسب بمنصب الإمام ورئيس الدولة لا بأُمراء السرايا الذين هم قادة عسكريون. مع أنّ الآية ساوت في الردّ إلى رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) وأُولي الأمر، وأخبرت بأنّ ما يستنبطونه يحصل به العلم، ولا يصحّ ذلك إلا إذا ثبتت لهم العصمة كرسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)؛ لأنّ من قوله يحصل العلم لمحلّ العصمة، وأُمراء السرايا لا يصيبون دائماً؛ لأنّهم غير معصومين.

ومن هنا وردت الروايات الكثيرة عندنا بأنّ المراد من (أُولوا الأمر) في الآية هم: الأئمّة من أهل البيت(عليهم السلام)(11).

فظهر من هذا أنّ (أُولي الأمر) في آية الولاية هم المعنيون نفسهم في قوله تعالى: (( وَلَو رَدّوه إلى الرَّسول وَإلَى أولي الأَمر منهم لَعَلمَه الَّذينَ يَستَنبطونَه منهم... )).

ودمتم في رعاية الله

(1) تفسير ابن أبي حاتم 3: 988 قوله تعالى: ((يَا أَيّهَا الَّذينَ آمَنوا أَطيعوا اللَّهَ وَأَطيعوا الرَّسولَ... )).

(2) معاني القرآن للنحاس 2: 121(134)، تفسير الواحدي 1: 271.

(3) تفسير البيضاوي 2: 205، جامع البيان 5: 202.

(4) معاني القرآن للنحاس 2: 121، تفسير الثعلبي 3: 334.

(5) الفصول المختارة: 118.

(6) الفصول المختارة: 118، شواهد التنزيل 1: 189 قوله تعالى: ((أَطيعوا اللَّهَ وَأَطيعوا الرَّسولَ... )).

(7) الصواعق المحرقة 2: 433 الباب الحادي عشر في فضائل أهل البيت النبوي، الفصل الأوّل، الآية الثانية.

(8) صحيح البخاري 7: 156 باب (الصلاة على النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم))، سنن الدارمي 1: 309 باب (الصلاة على النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم)).

(9) جامع البيان 6: 389 - 390، الكشّاف 1: 624، تفسير الرازي 12: 26، تفسير القرطبي 6: 221 - 222، شواهد التنزيل 1: 209 - 239 ح216 - 240، الدرّ المنثور 2: 293، 294.

(10) صحيح مسلم 7: 120 كتاب فضائل الصحابة باب(فضائل علي عليه السلام)، سنن الترمذي 4: 293 أبواب تفسير القرآن عن رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، ومن تفسير آل عمران ح4085، ومناقب علي بن أبي طالب ح3808، مسند أحمد 1: 185 مسند سعد بن أبي وقّاص، السنن الكبرى للبيهقي 7: 63 باب (اليه ينسب أولاد بناته)، المستدرك على الصحيحين 3: 150 مناقب أهل البيت، تفسير الرازي 8: 85، الكشّاف 1: 434، جامع البيان 3: 407 - 410، أسباب نزول الآيات: 67 سورة آل عمران، فتح الباري 7: 60 مناقب علي بن ابي طالب.

(11) تفسير العيّاشي 1: 260 قال تعالى: ((وَإِذَا جَاءَهُم أَمرٌ مِنَ الأَمنِ أَوِ الخَوفِ... ))، تفسير القمّي: 145، التبيان 3: 273، بشارة المصطفى: 170، خطبة الحسن بن علي(عليه السلام)، المحاسن 1: 268ح356.

لادلاء تعليق على الاجابة انقر هنا.

المصدر:مرکز الابحاث العقائدیه

السؤال: لا يعقل الأمر بالطاعة المطلقة من دون العصمة والاصطفاء

في آية ولاية الأمر، هل من المعقول نقلياً وقرآنياً وعقلياً أن يأمر الله جلّ وعلا بطاعة إنسان من دون أن يصطفيه بعلمه وحكمته؟

 

الجواب:

إنّ هذا الذي ذكرتموه بعينه قد استفاد منه الفخر الرازي عند تفسيره لقوله تعالى: (( أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمرِ مِنكُم )) عصمة (ولاة الأمر)؛ لأنّ الطاعة المطلقة لفرد هي فرع عصمته عن الخطأ، وإلاّ كان الأمر بالطاعة المطلقة مع فرض حصول الخطأ أمر باتّباع الباطل، وهو محال على المولى سبحانه... فإذاً لا بدّ من العصمة والاصطفاء ثمّ الأمر بالطاعة.

 

قال الفخر الرازي: (( والدليل على ذلك أنّ الله تعالى أمر بطاعة أُولي الأمر على سبيل الجزم في هذه الآية ومن أمر الله بطاعته على سبيل الجزم والقطع لا بدّ وأن يكون معصوماً عن الخطأ؛ إذ لو لم يكن معصوماً عن الخطأ كان بتقدير إقدامه على الخطأ يكون قد أمر الله بمتابعته، فيكون ذلك أمراً بفعل ذلك الخطأ، والخطأ لكونه خطأً منهيّ عنه، فهذا يفضي إلى اجتماع الأمر والنهي في الفعل الواحد بالاعتبار الواحد، وأنّه محال، فثبت أنّ الله تعالى أمر بطاعة أُولي الأمر على سبيل الجزم، وثبت أنّ كلّ من أمر الله بطاعته على سبيل الجزم وجب أن يكون معصوماً ))(1).

 

ثمّ تمحّل بأنّ المراد من (أُولي الأمر) أهل الحلّ والعقد من الأمّة، وأنّ ذلك يوجب القطع بأنّ اجتماع الأُمّة حجّة، مع أنّه واضح البطلان بنصّ الآية؛ فإنّها تنصّ على أنّ (أُولي الأمر) بعض الأمّة، فقد قال تعالى: (( أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمرِ مِنكُم )).

المصدر:مرکز الابحاث العقائدیه

إن مما لا شـك فيه أن الإنسـان قد وجد في هذا العالم لغاية وهدف، قـال تعـالى: ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون﴾[1]، وهو يسعى فطريا لتحقيق سعادته، وتحصيل كمالاته التي تكون بها إنسانيته من خلال عبادة الله تعالى، والاتصال به.

 

وغني عن البيان أن تحقيق الكمال وبلوغ السعادة، موقوف على معرفة طرقها ووسائلها، والعوائق التي تقف بوجهها، والسعي إلى رفعها، ولهذا كان الإنسان مفطورا على البحث وتحصيل المعرفة، قبل ان يدخل في أي عمل، فتراه يعمل عقله في أهداف وغايات عمله، قبل كل شيء، ثم تقييم هذه الغايات، ومدى انسجامها مع ما يرجوه من سعادة، حتى إذا ثبت له الانسجام بين هذه الأمور، بادر إلى تحقيقه.

 

إن مقومات السعادة الإنسانية تتنوع، بتنوع المجالات الحياتية، التي يعيشها الإنسان، ويطمح إليها، سواء في ذلك الفرد والجماعة، من التعرف على القوانين الحاكمة في الكون، كما قال تعالى: ﴿أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت، وإلى السماء كيف رفعت﴾[2].

 

والقوانين التشريعية التي ينبغي إلتزامها والعمل بها، لتحسين السلوك الإنساني، الذي يخدم الهدف الذي يسعى إليه، والذي يعبر عنه في المصطلح القرآني "الإخراج من الظلمات إلى النور"، كما في قوله تعالى: ﴿كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور﴾[3]، وقوله تعالى: ﴿يزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة﴾[4].

 

وإقامة العدل بين الناس، قال تعالى: ﴿لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط﴾[5].

 

ورفع الاختلاف الحاصل بينهم، قال تعالى: ﴿كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه﴾[6].

 

وإرجاعهم إلى أحكام العقل البديهية، قال تعالى: ﴿هذا بلاغ للناس ولينذروا به وليعلموا أنما هو إله واحد وليذكر أولو الألباب﴾[7].

 

وبالتالي إلى إتمام الحجة عليهم، قال تعالى: ﴿قل فلله الحجة البالغة﴾[8].

 

وقال تعالى: ﴿رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل﴾[9].

 

 وتحذيرهم وإنذارهم من النار إلى غير ذلك من أهداف سامية، توصلهم إلى الحياة الكريمة، قال تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم﴾[10].

 

وقال تعالى: ﴿ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء﴾[11].

 

قصور المعرفة الإنسانية:

إن المعارف الإنسانية تعتمد، فيما لو خلي الإنسان ونفسه، على طريقين أساسيين في حصولها وتحققها، وهما الحس والعقل.

 

وتحصل المعارف الحسية، نتيجة مواجهة الإنسان بحواسه، لظواهر العالم الخارجي، فتنطبع صورها في قواه المدركة، التي يتعرف بواسطتها على ما يحيط به، هذا النوع من المعرفة لا يتجاوز ظواهر الأشياء عند مماستها والإحساس بها.

 

وأما المعارف العقلية فتحصل نتيجة ما زود به العقل البشري، من قدرة على معرفة الأوليات، وتجريدها بواسطة المتخيلة، وإدراك الكليات وتطبيقها على الظواهر، واستفادة التعميم فيها، الذي يفيد تحصيل القانون العام وتقنينه، وهو ما يؤدي إلى كشف بعض البواطن التي ينطوي عليها عالم التكوين، ونفس الكلام يجري في القوانين التشريعية، التي يسعى من خلال الالتزام بها، إلى انتظام أمور معاشه ومعاده..

 

فالمعرفة الإنسانية إذن متوقفة، على تحقق التعاون والتلاقح، بين المدركات الحسية والمدركات العقلية.

 

ولما كان تحقيق السعادة متوقفا على حصول المعرفة، فمن الطبيعي أن يثار تساؤل مهم، وهو هل تكفي المعارف الحسية والعقلية في الوصول إلى المراد أم لا؟

 

إن الوصول إلى الحياة الطيبة وتحصيل السعادة الحقيقية، مرتبط بمعرفة كل ما يحيط بالإنسان، من ظواهر وبواطن، ومن علاقات الأشياء بعضها مع بعض، ومدى تأثيرهما الإيجابي أو السلبي، من خلال هذه العلاقة، مضافا إلى معرفة القوانين الحاكمة في هذا العالم، ليتمكن من التفاعل والانسجام معها، على نحو يمكنه أن يحقق بواسطته الغاية المنشودة.

 

والأمر المعلوم بالملاحظة والتجربة، أن كلا من الحس والعقل لا يفيان، وحدهما، بالغرض والغاية المنشودة، وهو ما نراه من تعديل وتبديل للقوانين، مرة بعد أخرى، في كافة المجتمعات الإنسانية، الأمر الذي يكشف عن عدم إصابتها كبد الحقيقة، مع ما يترتب عليه من مظالم وتجاوزات بحق الآخرين، بل بحق الإنسان نفسه.

 

هذا مع الأخذ بعين الاعتبار أن القوانين الوضعية كثيرا ما تستفيد من النصوص المقدسة، والقوانين الإلهية الواردة في الكتب السماوية.

 

فلا بد إذن من وجود طريق ثالث للمعرفة يجب التعرف عليه والاستناد إليه، في تحقيق الهدف، وهذا الطريق هو الوحي، لوضوح محدودية قدرة العقل الإنساني في إدراك حقائق الأشياء، والربط بينها.

 

وحصول المعرفة عن طريق الوحي، متوقف على وجود الأنبياء، المتصلين بالمبدأ الأعلى مباشرة، من دون توسط بشري.

 

وهذا دليل على ضرورة بعثة الأنبياء، وعلى أن الإنسان الأول، أي آدم (عليه السلام)، لا بد أن يكون نبياً، مرتبطاً بالوحي، ليتمكن من رسم الحدود الصحيحة، التي تصل بالإنسان إلى مبتغاه، ويحقق خلافة الله تعالى في الأرض، كما أخبر تعالى ملائكته حين قال: ﴿إني جاعل في الأرض خليفة﴾[12].

 

ولولا هذه النبوة لم يكن الإنسان الأول قادراً، على  تحصيل المعارف والكمالات، التي أراد الله تعالى منه أن يحققها في مسيرة حياته.

 

وقد بين أمير المؤمنين (عليه السلام) أهمية الوحي والنبوة في حياة الإنسان، حين قال: "فبعث إليهم رسله، وواتر إليهم أنبياءه، ليستأدوهم ميثاق فطرته، ويذكروهم منسي نعمته، ويحتجوا عليهم بالتبليغ، ويثيروا لهم دفائن العقول، ويروهم آيات المقدرة"[13].

 

سماحة الشيخ حاتم إسماعيل

 

[1] سورة الذاريات، آية: 56

[2] سورة: الغاشية، آية:17-18   

[3] سورة: إبراهيم، آية:1

[4] سورة: آل عمران، آية:164

[5] سورة: الحديد، آية:25

[6] سورة: البقرة، آية:213

[7] سورة:إبراهيم، آية:52

[8] سورة: الأنعام، آية:149

[9] سورة: النساء، آية:165

[10] سورة:الأنفال، آية:24

[11] سورة: الأعراف، آية:96

[12] سورة البقرة، آية:31

[13] نهج البلاغة، الخطبة الأولى، ص43، تحقيق صبحي الصالح

تلقى أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني رسالة خطية تضمنت دعوة من الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز آل سعود لحضور القمة الخليجية، المقرر عقدها في الخامس من يناير/كانون الثاني القادم.

وقال الديوان الأميري -في بيان رسمي- إن "أمير قطر تسلم رسالة خطية من أخيه خادم الحرمين الشريفين، تضمنت دعوة سموه لحضور اجتماع الدورة الحادية والأربعين للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج (الفارسی)، المقرر عقدها بالمملكة العربية السعودية".

وأضاف البيان أن الأمين العام لمجلس التعاون نايف فلاح الحجرف سلّم الرسالة خلال استقبال أمير قطر له بمكتبه بالديوان الأميري صباح اليوم.

وقبل أيام، أعلن مجلس التعاون الخليجي أن الملك السعودي كلف الأمين العام للمجلس بنقل دعوات حضور القمة إلى قادة الخليج.

ويسود تفاؤل بأن تشهد تلك القمة توقيعا على اتفاق ينهي أزمة خليجية متواصلة منذ أكثر من 3 أعوام ونصف العام، بعد توسط دول بينها الكويت.

وفي الرابع من ديسمبر/كانون الأول الجاري، أعلن وزير الخارجية الكويتي أحمد ناصر الصباح عن "مساع حثيثة للتوصل إلى اتفاق نهائي لحل النزاع الخليجي"، بما يضمن وحدة مجلس التعاون.

ومنذ الخامس من يونيو/حزيران 2017، تفرض السعودية والإمارات والبحرين ومصر حصارا بريا وجويا وبحريا على قطر، وتتهمها بـ"دعم الإرهاب"، وهو ما تنفيه الدوحة.

كما أن العلاقات بين قطر وإيران كانت أحد المبررات التي دفعت بها الدول الأربع من أجل حصار قطر

 

المصدر:الجزیره

الخميس, 31 كانون1/ديسمبر 2020 18:44

فاطمة الزهراء (عليها السلام) قدوتي

 

"القُدْوَةُ اسم من اقتدى به، إذا فُعِل مثل فعله تأسّيا، وفلان‏ قُدْوَةٌ، أي يُقتدى به"[1]. أمّا في معنى الْأُسْوَةُ، فقالوا هي "كالقدوة، وهي الحالة الّتى يكون الإنسان عليها في اتّباع غيره"[2].

 

وعليه، فالاقتداء والتأسّي هو التبعيّة للمُقتدى به والتسنّن بسنّته من قول أو فعل عمومًا، وهو المعنى الاصطلاحيّ أيضًا. فالاقتداء هو طلب موافقة الآخر في فعله، واتّباع شخصيّة تنتمي إلى القيم نفسها التي يؤمن بها المقتدي، وعادة ما يمثّل شخص المقتدَى به قدراً من المثاليّة والرقيّ والسموّ عند أتباعه ومحبّيه. والقدوة تنطوي في داخلها على نوع من الحبّ والإعجاب اللذين يجعلان المقتدِي يحاول أن يطبّق كلّ ما يستطيع من أقوال المقتدى به وأفعاله[3].

 

السيدة فاطمة عليها السلام القدوة الحقيقيّة

بعد أن اتّضح معنى القدوة وموقعها في حياتنا وخصائصها، علينا البحث عن المصداق الحسن والواقعي لقدوة كلّ مؤمن ومؤمنة في هذه الحياة، يقول الله عزّ وجلّ في محكم كتابه: ﴿أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ﴾[4]، حيث تبيّن لنا هذه الآية الكريمة وتعطينا فكرة واضحة عن النموذج الذي ينبغي علينا الاقتداء به، وهم ﴿الَّذِينَ هَدَى اللّهُ﴾، وفي موضع آخر يقول عزّ وجلّ: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرً﴾[5]، وتبيّن أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو الأسوة والنموذج الأحسن والأتمّ، ولكن ليس لجميع الناس بطبيعة الحال، بل لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرًا. وبالتالي، فإنّ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم هو القدوة الحقيقية لكلّ مؤمن متديّن ومؤمنة متديّنة. وكذا هو الحال بالنسبة لأهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ومن سار على خطاهم، فهم عليهم السلام قدوة كلّ تائق نحو الكمال الحقيقي والجمال الواقعي وملاذه.

 

 والإسلام العزيز، كدين، قد منّ على المؤمنات أيضاً أنّ قدّم لهنّ نموذجًا كاملًا من النساء، يلحظ خصوصيّاتهن ويجسّد حياتهن بمختلف أبعادها، وهذا النموذج هو السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام. فالسيّدة فاطمة عليها السلام هي بنت الوحي والرسالة، وهي التي تربّت في حجر سيّد الخلق، فكانت الناطق العمليّ والمترجم السلوكيّ للإسلام في الحياة، كما يقول الإمام الخمينيّ قدس سره: "إنّ مختلف الأبعاد التي يمكن تصورّها للمرأة وللإنسان تجسّدت في شخصية فاطمة الزهراء عليها السلام. لم تكن امرأة عاديّة، كانت امرأة روحانيّة ملكوتيّة..."[6]. فعندما نطّلع على سيرتها العطرة نجد أنّ أغلب الجوانب الحياتيّة التي تقاسيها المرأة - إن لم نقل كلّها - قد مرّت بها عليها السلام، حيث تقدّم لنا، بسلوكها النابع من الذوبان في الإسلام، الأسس والقواعد - على أقلّ تقدير - التي ينبغي اتّباعها في الحياة للالتحاق بها وتحقيق الهدف من الخلق. إنّ طريق الزهراء عليها السلام هو طريق العظمة، هو طريق رضى الله عزّ وجلّ والمراتب العلى، كما يقول الإمام الخمينيّ قدس سره في إحدى كلماته مخاطباً النساء بمناسبة يوم المرأة: "إنكنّ حين رضيتنّ بأنْ يكون يوم ولادة فاطمة الزهراء عليها السلام يوماً للمرأة، فهذا يرتّب على عواتقكنّ مسؤوليّات وتكاليف. يومكم، يوم المرأة ويوم الأمّ، وهو يوم فاطمة الزهراء عليها السلام، فما معنى هذا؟ إنّها خطوة رمزيّة وعمل رمزيّ (شعائري)، ومعناه أنّ المرأة يجب أن تسير على هذا الصراط، والعظمة والجلالة، وعلوّ المقام والقدر يتحقّق للمرأة في هذا الدرب، الدرب الذي تتوافر فيه التقوى والعفاف، والعلم والخطابة، والصمود في مختلف الميادين التي تحتاج إلى الصمود، وتربية الأبناء، والحياة العائليّة، وفيه الفضائل والجواهر المعنويّة كلّها. على النساء السير في هذا الاتّجاه"[7].

 

ولا يقولنّ لنا أحد أنّ السيدة فاطمة عليها السلام كانت معصومة فلا يصدر عنها إلّا الكامل من القول أو الفعل، وليست هذه حال الناس، فكيف يمكن أن يَقْتدي غير المعصوم بالمعصوم؟ أليس ذلك تكليفاً بما لا يُطاق؟

 

ففي سياق الإجابة نورد كلامًا للإمام الخمينيّ قدس سره، يقول فيه: "والإنسان الشرعيّ هو الذي ينظّم سلوكه وفق ما يتطلّبه الشرع، يكون ظاهره كظاهر الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، يقتدي بالنبيّ العظيم صلى الله عليه وآله وسلم ويتأسّى به في جميع حركاته وسكناته، وفي جميع ما يفعل وما يترك. وهذا أمر ممكن، لأنَّ جعْلَ الظاهر مثل هذا القائد أمر مقدور لأيّ فرد من عباد الله"[8]. فلو رجع الإنسان إلى نفسه ووجدانه لوجد أنّه يستطيع أن لا يعصي، ولكنّه يركن إلى الشيطان ونفسه الأمّارة، فالعصمة عن الذنوب والمعاصي أمر مقدور للجميع وإن احتاج إلى مجاهدة، إلّا أنّ هذا السلوك الظاهريّ المعصوم ليس مُختصًّا بالمعصوم، بل إنّ العديد من مراتب العصمة الأخرى أيضًا مُتاحة للإنسان، وهو أمر نشهده في سير العلماء. فقابليّة الإنسان أن يعصم نفسه تدفع الإشكال إن ورد، وإن كان للكمّل من خلق الله عليهم السلام من الأنبياء والسيدة فاطمة والأئمة خصوصيّة أنّ الله يصطفيهم ويعصمهم، ولديهم مراتب عصمة مختصّة بهم، وليس هذا محلّ البحث، وإنّما يبحث في علم العقائد والكلام، فنكتفي بالإشارة.

 

المصدر: السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام قدوة وأسوة - بتصرّف، دار المعارف الإسلامية الثقافية

 

[1] المصطفوي، الشيخ حسن، التحقيق في كلمات القرآن الكريم، مؤسّسة الطباعة والنشر وزارة الثقافة والإرشاد الإسلاميّ، إيران، 1417ه، ط1، ج‏ 9، ص 238.

[2] المصدر نفسه، ج 1، ص 99.

[3] راجع: مقال حول القدوة أهمّيتها ودورها، شبكة المعارف الإلكترونية.

[4] سورة الأنعام، الآية 90.

[5] سورة الأحزاب، الآية 21.

[6] الإمام الخمينيّ، السيد روح الله الموسويّ، مكانة المرأة في فكر الإمام الخمينيّ قدس سره، مؤسّسة تنظيم ونشر تراث الإمام الخمينيّ قدس سره - قسم الشؤون الدولية، إيران، لا.ت، لا.ط، ص 12.

[7] الإمام الخامنئيّ دام ظله، خطاب الولي 2011م، إعداد لجنة التأليف في مركز المعارف للتأليف والتحقيق، دار المعارف الإسلاميّة الثقافية، لبنان - بيروت، 2012م، ط1، ص168، خطابه في ذكرى ولادة الصدّيقة فاطمة الزهراء عليها السلام، بمناسبة ولادة بضعة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فاطمة الزهراء عليها السلام، في طهران، بحضور جمع من السيدات ، بتاريخ 12/05/2012م، 01/03/1390 ه.ش، 18/06/1432ه.ق.

[8] الإمام الخمينيّ، السيد روح الله الموسويّ، الأربعون حديثًا، لا.ن، لا.م، لا.ت، لا.ط، ص4.

الخميس, 31 كانون1/ديسمبر 2020 18:39

عن الحرية في المجال الاجتماعي

 كما يخوض الإسلام معركة التحرير الداخلي للإنسانية، كذلك يخوض معركة أخرى لتحرير الإنسان في النطاق الاجتماعي، فهو يحطم في المحتوى الداخلي للإنسان أصنام الشهوة التي تسلبه حريته الإنسانية، ويحطم في نطاق العلاقات المتبادلة بين الأفراد الأصنام الاجتماعية، ويحرر الإنسان من عبوديتها، ويقضي على عبادة الإنسان للإنسان، (قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً، ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله)([1]). فعبودية الإنسان لله تجعل الناس كلهم يقفون على صعيد واحد بين يدي المعبود الخالق، فلا توجد أمة لها الحق في استعمار أمة أخرى واستعبادها ولا فئة من المجتمع يباح لها اغتصاب فئة أخرى ولا انتهاك حريتها، ولا انسان يحق له ان ينصب نفسه صنما للآخرين.

 

 ومرة أخرى نجد أن المعركة القرآنية الثانية من معارك التحرير قد استعين فيها بنفس الطريقة التي استعملت في المعركة الأولى: (معركة الإنسانية داخلياً من الشهوات)، وتستعمل دائما في كل ملاحم الإسلام.. وهي: التوحيد. فما دام الإنسان يقر بالعبودية لله وحده، فهو يرفض بطبيعة الحال كل صنم وكل تأليه مزور لأي إنسان وكائن، ويرفع رأسه حرا أبيا ولا يستشعر ذل العبودية والهوان أمام أي قوة من قوى الأرض أو صنم من أصنامها. لان ظاهرة الصنمية في حياة الإنسان نشأت عن سببين:

 أحدهما: عبوديته للشهوة التي تجعله يتنازل عن حريته إلى الصنم الإنساني، الذي يقدر على إشباع تلك الشهوة وضمانها له.

 

 والآخر: جهله بما وراء تلك الأقنعة الصنمية المتألهة من نقاط الضعف والعجز.

 

 والإسلام حرر الإنسان من عبودية الشهوة كما عرفنا آنفا، وزيف تلك الأقنعة الصنمية الخادعة: - (إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم)([2]). فكان طبيعيا أن ينتصر على الصنمية، ويمحو من عقول المسلمين عبودية الأصنام بمختلف أشكالها وألوانها. وعلى ضوء الأسس التي يقوم عليها تحرير الإنسان من عبوديات الشهوة في النطاق الشخصي، وتحريره من عبودية الأصنام في النطاق الاجتماعي، سواء كان الصنم أمة، أم فئة أم فردا.. نستطيع ان نعرف مجال السلوك العملي للفرد في الإسلام، فإن الإسلام يختلف عن الحضارات الغربية الحديثة التي لا تضع لهذه الحرية العملية للفرد حدا إلا حريات الأفراد الآخرين، لان الإسلام يهتم، قبل كل شئ _ كما عرفنا _ بتحرير الفرد من عبودية الشهوات والأصنام، ويسمح له بالتصرف كما يشاء على أن لا يخرج عن حدود الله. فالقرآن يقول: (خلق لكم ما في الأرض جميعا)([3]). (وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه)([4]). وبذلك يضع الكون بأسره تحت تصرف الإنسان وحريته ولكنها حرية محدودة بالحدود التي تجعلها تتفق مع تحرره الداخلي من عبودية الشهوة، وتحرره الخارجي من عبودية الأصنام. واما الحرية العملية في عبادة الشهوة والالتصاق بالأرض ومعانيها، والتخلي عن الحرية الإنسانية بمعناها الحقيقي واما الحرية العملية في السكوت عن الظلم والتنازل عن الحق، وعبادة الأصنام البشرية والتقرب إليها، والانسياق وراء مصالحها، والتخلي عن الرسالة الحقيقية الكبرى للإنسان في الحياة فهذا ما لا يأذن به الإسلام لأنه تحطيم لأعمق معاني الحرية في الإنسان، ولأن الإسلام لا يفهم من الحرية ايجاد منطلق للمعاني الحيوانية في الإنسان، وانما يفهمها بوصفها جزءا من برنامج فكري وروحي كامل، يجب ان تقوم على أساسه الإنسانية.

 

 [المدلول الغربي للحرية السياسية:] ونحن حين نبرز هذا الوجه التحريري الثوري للإسلام في النطاق الاجتماعي.. لا نعني بذلك انه على وفاق مع الحريات الاجتماعية الديمقراطية في إطارها الغربي الخاص. فإن الإسلام كما يختلف عن الحضارة الغربية في مفهومه عن الحرية الشخصية _ كما عرفنا قبل لحظة _ كذلك يختلف عنها في مفهومه عن الحرية السياسية والاقتصادية والفكرية. فالمدلول الغربي للحرية السياسية يعبر عن الفكرة الأساسية في الحضارة الغربية القائلة: إن الإنسان يملك نفسه، وليس لأحد التحكم فيه. فإن الحرية السياسية كانت نتيجة لتطبيق تلك الفكرة الأساسية على الحقل السياسي، فما دام شكل الحياة الاجتماعية ولونها وقوانينها يمس جميع أفراد المجتمع مباشرة فلابد للجميع ان يشتركوا في عملية البناء الاجتماعي بالشكل الذي يحلو لهم، وليس لفرد ان يفرض على آخر ما لا يرتضيه، ويخضعه بالقوة لنظام لا يقبله. وتبدأ الحرية السياسية تتناقض مع الفكرة الأساسية منذ تواجه واقع الحياة، لأن من طبيعة المجتمع ان تتعدد فيه وجهات النظر وتختلف، والاخذ بوجهة نظر البعض يعني سلب الآخرين حقهم في امتلاك ارادتهم والسيطرة على مصيرهم. ومن هنا جاء مبدأ الأخذ برأي الأكثرية، بوصفه توفيقا بين الفكرة الأساسية والحرية السياسية. ولكنه توفيق ناقص: لأن الأقلية تتمتع بحقها في الحرية وامتلاك ارادتها كالأكثرية تماما، ومبدأ الأكثرية يحرمها من استعمال هذا الحق فلا يعدو مبدأ الأكثرية ان يكون نظاما تستبد فيه فئة بمقدرات فئة أخرى، مع فارق كمي بين الفئتين. ولا ننكر ان مبدأ الأكثرية قد يكون بنفسه من المبادئ التي يتفق عليها الجميع، فتحرص الأقلية على تنفيذ رأي الأكثرية باعتباره الرأي الأكثر أنصارا، وان كانت في نفس الوقت تؤمن بوجهة رأي أخرى، وتعمل لكسب الأكثرية إلى جانبه. ولكن هذا فرض لا يمكن الاعتراف بصحته في كل المجتمعات، فهناك توجد كثيرا الأقليات التي لا ترضى عن رأيها بديلا، ولو تعارض ذلك مع رأي الأكثرية.

 

 ونستخلص من ذلك: ان الفكرة الأساسية في الحضارة الغربية لا تأخذ مجراها في الحقل السياسي، حتى تبدأ تتناقض وتصطدم بالواقع، وتتجه إلى لون من ألوان الاستبداد والفردية في الحكم، يتمثل على أفضل تقدير في حكم الأكثرية للأقلية. والإسلام لا يؤمن بهذه الفكرة الأساسية في الحضارة الغربية لأنه يقوم على العقيدة بعبودية الإنسان لله، وان الله وحده هو رب الإنسان ومربيه، وصاحب الحق في تنظيم منهاج حياته... (أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار *... ان الحكم إلا الله أمر ألا تعبدوا إلا إياه... )([5]). وينعى على الافراد الذين يسلمون زمام قيادهم للآخرين، ويمنحونهم حق الإمامة في الحياة والتربية والربوبية (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله... )([6]). فليس لفرد ولا لجموع أن يستأثر من دون الله بالحكم، وتوجيه الحياة الاجتماعية ووضع مناهجها ودساتيرها. وفي هذا الضوء نعرف ان تحرير الإسلام للإنسان في المجال السياسي، انما يقوم على أساس الايمان بمساواة أفراد المجتمع في تحمل أعباء الأمانة الإلهية، وتضامنهم في تطبيق احكام الله تعالى (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته)([7]). فالمساواة السياسية في الإسلام تتخذ شكلا يختلف عن شكلها الغربي، فهي مساواة في تحمل الأمانة وليست مساواة في الحكم. ومن نتائج هذه المساواة تحرير الإنسان في الحقل السياسي من سيطرة الآخرين، والقضاء على ألوان الاستغلال السياسي واشكال الحكم الفردي والطبقي. ولذلك نجد ان القرآن الكريم شجب حكم فرعون والمجتمع الذي كان يحكمه، لأنه يمثل سيطرة الفرد في الحكم وسيطرة طبقة على سائر الطبقات (ان فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم)([8]). فكل تركيب سياسي يسمح لفرد أو لطبقة باستضعاف الافراد أو الطبقات الأخرى والتحكم فيها.. لا يقره الإسلام، لأنه ينافي المساواة بين أفراد المجتمع في تحمل الأمانة، على صعيد العبودية المخلصة لله تعالى.

 

المدرسة الإسلامية ،  السيد محمد باقر الصدر

 

([1]) آل عمران: 64.

([2]) الأعراف: 194.

([3]) البقرة: 39.

([4]) الجاثية: 13.

([5]) يوسف: 39 - 40.

([6]) التوبة: 31.

([7]) بحار الأنوار 75: 38.

أعلن الأمين العام لحزب الله اللبناني السيد حسن نصرالله أمس الأحد في مقابلة مع قناة "الميادين"، أن أمريكا والكيان الصهيوني والسعودية يحاولون اغتياله.

وقال الأمين العام لحزب الله إنه وفق مصادر موثوقة، حاول ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في زيارته الأولى لواشنطن، إقناع ترامب باغتيال قادة حزب الله وكبار المسؤولين فيه.

ووفق قائد المقاومة اللبنانية، فإن السعوديين أعلنوا أنهم مستعدون لدفع جميع التكاليف المالية للحرب، في حال نشوب حرب بعد اغتياله.

تعاون المخابرات السعودية مع الصهاينة

على مرّ السنين، كانت السمة البارزة لخطابات السيد حسن نصر الله، سواء في الخطابات أو في المقابلات التلفزيونية، هي إتقانه المذهل للتطورات المحلية والإقليمية والدولية، فضلاً عن نهجه الواقعي والاستراتيجي تجاه القضايا المطروحة.

لذلك، فإن الكشف عن تورط السعوديين وابن سلمان نفسه في كواليس جهود ومخططات اغتيال السيد حسن وقادة آخرين في المقاومة الإسلامية في المنطقة، يمكن اعتباره علامةً على تبعية الأسرة السعودية العميقة لكونها أداةً بيد أعداء العالم الإسلامي، وخاصةً الكيان الصهيوني.

وهذا يتطلب تعاوناً بين المخابرات السعودية وأجهزة الأمن الصهيونية، وذلك في حين أن الكيان الصهيوني له تاريخ واضح في إثارة الحروب والأزمات في الدول الإسلامية المجاورة، مثل لبنان وسوريا، فضلاً عن تأجيج نيران الطائفية في المنطقة والعالم الإسلامي.

في الواقع، لم يعد الأمر مجرد صراع عائلة آل سعود مع خطاب المقاومة الإسلامية في المنطقة، بل الرياض كطرف مؤثر في تطورات دول مثل لبنان وفلسطين والأردن وسوريا، تتعاون سياسياً مع كيان هو العدو الرئيس لهذه الدول ويحتل جزءاً من أراضيها.

وبعبارة أخرى، فإن أمريكا والكيان الصهيوني يتابعان نواياهما المزعزعة للاستقرار في لبنان من خلال السعوديين، فيما يتفق جزء كبير من أنصار الجماعات السياسية اللبنانية المقربة من السعودية مع لبنانيين آخرين، على اعتبار الكيان الصهيوني عدواً لبلدهم.

كذلك، كانت الرياض على مدى العقود الماضية تتظاهر دائماً بلعب دور المناصر للشعب الفلسطيني في الصراع مع المحتلين الصهاينة، بينما الآن فإن طبيعة تبعية النظام السعودي تنفي مثل هذا الدور أكثر فأكثر.

جذور المقاومة في أعماق معتقدات الشعوب

قصة خطة الاغتيال لقادة المقاومة ليست جديدةً ولم تؤثر في مهمات وأفعال قادة فصائل المقاومة أبداً، كما كان الحاج قاسم حاضراً في معارك كثيرة ضد الجماعات التكفيرية في الخطوط الأمامية للحرب في سوريا والعراق، مع علمه أن أعداءه المتوحشين كانوا متعطشين لدمائه.

إن حركات المقاومة ليست قائمةً على شخص بعينه وذلك بسبب جذورها القومية والأيديولوجية العميقة بين الشعوب، على عكس الجماعات التكفيرية التي يرعاها الغرب والمشيخات الرجعية في المنطقة، والفكرة القائلة بأن اغتيال قادة المقاومة يمكن أن يجفف جذور هذه الشجرة المباركة، تنبع من عمق الجهل لدى قادة أمريكا والكيان الصهيوني والسعودية.

ذلك أننا نجد حزب الله في لبنان والفصائل الفلسطينية والحشد الشعبي في العراق وأنصار الله في اليمن، وعلى الرغم من خسارة بعض أهم قياداتهم الدينية والسياسية والعسكرية في القتال ضد الإرهابيين أو في اغتيالات العدو الأعمى، ولكنهم لم يختفوا خلال السنوات الماضية فحسب، بل وقفوا ضد الأعداء أقوى وأكثر جرأةً.

خطأ استراتيجي حتى نهاية الكيان الصهيوني

لكن هناك قضية مهمة أخرى برزت في رغبة القادة السعوديين في اغتيال السيد حسن نصر الله، بإعلانهم عن استعدادهم لتغطية جميع تكاليف أي حرب محتملة بعد الاغتيال، وهي أن الصهاينة الذين ادعوا مراراً وتكراراً أنهم يعرفون المكان الدقيق للسيد حسن (بافتراض صحة هذه الادعاءات)، فلماذا أعرضوا عن اتخاذ مثل هذا الإجراء؟

كان "عاموس يدلين" الرئيس السابق لفرع المخابرات العسكرية في الجيش الصهيوني (أمان)، هو الذي بدأ هذه المزاعم في منتصف آب من هذا العام، في مقابلة مع القناة التلفزيونية الثانية عشرة للكيان، وتبعه "غادي أيزنكوت" رئيس أركان الجيش الإسرائيلي.

يقال إنه بعد الهزيمة في حرب الـ 33 يوماً، اضطرت مجموعة استخباراتية عملياتية مكونة من عناصر من الموساد (جهاز المخابرات الخارجية للكيان الصهيوني)، والشاباك (جهاز الأمن الداخلي للكيان الصهيوني)، وأمان (فرع المخابرات العسكرية الصهيونية)، لمتابعة تحركات السيد حسن نصرالله على مدار الساعة، وجمع أي معلومات عنه على مدار 24 ساعة.

يمكن العثور على إجابة هذا السؤال جيداً في جزء آخر من خطاب السيد حسن نصر الله. في المقابلة ذاتها، قال الأمين العام لحزب الله إن عدد الصواريخ الدقيقة للمقاومة في لبنان قد تضاعف الآن مقارنةً بالعام الماضي، وإن حزب الله قادر على استهداف أي جزء من الأراضي الفلسطينية المحتلة في أي وقت شاء.

لم يتجاهل الصهاينة أبداً تهديدات السيد حسن، وبعد أسابيع من وعد حزب الله بالثأر لمقاتله الذي استشهد على يد الصهاينة، ما زالت قوات الكيان على الحدود اللبنانية في حالة طوارئ وتطلق النار على الأشجار والأشباح.

لا يزال الصهاينة يعيشون كابوس هزيمة 33 يوماً بعد 14 عاماً، في حين أن قوة حزب الله العسكرية الآن لا تقارَن بالماضي، وهكذا، فإن تجاهل الدولارات النفطية للرياض يظهر أن الصهاينة، الذين رموا ابن سلمان في السابق في مستنقع الحرب اليمنية، لا يريدون الآن السقوط في هاوية الدمار الكامل باغتيالهم السيد حسن

المصدر:الوقت