
Super User
هل ثمة احاديث عن المعصومين(ع) في فرض الحجاب على النساء؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في (العلل/ 565): عن الرضا (عليه السلام) كتب فيما كتب من جواب مسائله: (حرم النظر إلى شعور النساء المحجوبات بالأزواج وغيرهن من النساء لما فيه من تهييج الرجال وما يدعو التهييج إلى الفساد والدخول فيما لا يحل ولا يجمل وكذلك ما أشبه الشعور ...)الحديث.
وفي (الكافي 5: 521): عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له ما يحل للرجل أن يرى من المرأة إذا لم يكن محرماً, قال: (الوجه والكفان والقدمان).
وفي (قرب الاسناد 363): عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: سألت الرضا (عليه السلام) عن الرجل أيحل له أن ينظر إلى شعر اخت زوجته ؟ فقال: (لا إلاّ أن تكون من القواعد) قلت له: اخت امرأته والغريبة سواء قال : (نعم...) الحديث.
وفي (الكافي 2: 520): عن الفضيل بن يسار قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الذراعين من المرأة أهما من الزينة التي قال الله تبارك وتعالى (( ولا يبدين زينتهن إلاّ لبعولتهن )) قال: (نعم وما دون الخمار من الزينة وما دون أسوارهن).
وفي (قرب الاسناد 82): عن مسعدة بن زياد قال: وسمعت جعفراً (عليه السلام) سئل عمّا تظهر المرأة من زينتها قال: (الوجه والكفين).
وفي (الكافي 5: 532) عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: (لا يصلح للجارية إذا حاضت إلاّ أن تختمر إلاّ أن لا تجده).
هذا قليل من كثير وعليك بالمراجعة.
ودمتم في رعاية الله
النجديَّة – من فرق الخوارج
وهم أتباع نجدة بن عامر الحنفي، ومن الغريب أنّه كان للخوارج إمامان في وقت واحد، إمام في البصرة وهو نافع بن الأزرق، وإمام في اليمامة وأطرافها وهو نجدة بن عامر، وذلك انّه لمّا أظهر نافع آراءه المستهجنة الشاذّة كالبراءة من القعدة حتّى سمّاهم مشركين، واستحلّ قتل أطفال مخالفيه ونسائهم، تبرّأ منه عدّة من الخوارج، منهم أبو فديك، وعطية الحنفي، وراشد الطويل، ومقلاص، وأيّوب الأزرق، فذهبوا إلى اليمامة، فاستقبلهم نجدة بن عامر في جند من الخوارج يريدون اللحوق بعسكر نافع، فأخبروهم باحداث نافع وردّوهم إلى اليمامة، وبايعوا بها نجدة بن عامر، وكفّروا من قال بإكفار القعدة منهم عن الهجرة إليهم، وأكفروا من قال بإمامة نافع، وأقاموا على إمامة نجدة إلى أن اختلفوا عليه في اُمور نقموها منه.
ثمّ الذين اختلفوا عليه بعد ما اجتمعوا حوله صاروا ثلاث فرق:
1 ـ فرقة صارت مع عطيّة بن الأسود الحنفي ففارقهم إلى سجستان، وتبعهم خوارج سجستان، ولهذا قيل لخوارج سجستان في ذلك الوقت: عطويّة .
2 ـ فرقة صارت مع أبي فديك وهم الذين قتلو نجدة .
3 ـ وفرقة عذروا نجدة في ما أحدثه من البدع وأقاموا على إمامته.
والذين خالفوه نقموا عليه الاُمور التالية:
الف ـ إنّه بعث جيشاً في غزو البّر وجيشاً في غزو البحر، ففضّل الذين بعثهم في البّر على الذين بعثهم في البحر في الرزق والعطاء.
ب ـ بعث جيشاً فأغاروا على مدينة الرسول ـ صلّى الله عليه وآله وسلم ـ وأصابوا منها جارية من بنات عثمان، فكتب إليه عبدالملك في شأنها، فاشتراها نجدة من الذي كانت في يديه، وردّها إلى عبدالملك بن مروان، فقالوا له: إنّك رددت جارية لنا على عدوّنا.
ج ـ عذر أهل الخطأ في الاجتهاد إذا كان سببه الجهل وذلك يعود إلى الحادثة التالية:
بعث ابنه المضرج مع جند من عسكره إلى القطيف، فأغاروا عليها، وسبوا منها النساء والذرّية وقوَّموا النساء على أنفسهم، فنكحوهنّ قبل اخراج الخمس من الغنيمة، وقالوا: إن دخلت النساء في قسمنا فهو مرادنا، وإن زادت قيمتهنّ على نصيبنا من الغنيمة غرمنا الزيادة من أموالنا، فلمّا رجعوا إلى «نجدة» وسألوه عمّا فعلوا من وطء النساء، ومن أكل طعام الغنيمة قبل اخراج الخمس منها، وقبل قسمة أربعة أخماسها بين الغانمين، قال لهم: لم يكن لكم ذلك، فقالوا: لم نعلم أنّ ذلك لا يحلّ لنا، فعذَّرهم بالجهالة. ثم قال: إنّ الدين أمران:
أحدهما: معرفة الله تعالى، ومعرفة رسله ـ عليهم الصلاة والسلام ـ ، وتحريم دماء المسلمين ـ يعنون موافقيهم ـ والاقرار بما جاء من عند الله جملة، فهذا واجب على الجميع، والجهل به لايعذر فيه.
والثاني: ما سوى ذلك، فالناس معذورون فيه إلى أن تقوم عليه الحجّة في الحلال والحرام.
قالوا: ومن جوّز العذاب على المجتهد المخطئ في الأحكام قبل قيام الحجّة عليه فهو كافر.
د ـ تولّى أصحاب الحدود من موافقيه وقال: لعلّ الله يعذّبهم بذنوبهم في غير نار جهنّم ويدخلهم الجنّة، وزعم أنّ من خالفه في دينه يدخل النار.
هـ ـ أسقط حدّ الخمر(1) .
و ـ من نظر نظرة صغيرة، أو كذب كذبة صغيرة، وأصرّ عليها فهو مشرك، ومن زنى وسرق وشرب الخمر غير مصرّ عليه فهو مسلم، إذا كان من موافقيه على دينه.
ولهذه البدع، استتابه أكثر أتباعه وقالوا: اُخرج إلى المسجد، وتب من احداثك في الدين، ففعل ذلك.
ثمّ إنّ قوماً منهم ندموا على استتابته، وانضمّوا إلى العاذرين له، وقالوا له: أنت الإمام ولك الإجتهاد ولم يكن لنا أن نستتيبك، فتب من توبتك، واستتب الذين استتابوك وإلاّ نابذناك، ففعل ذلك، فافترق عليه أصحابه، وخلعه أكثرهم، وقالوا له: اختر لنا إماماً، فاختار «أبافديك». وصار «راشد الطويل»
(أحد رۆساء الخوارج) مع «أبي فديك» يداً واحدة، فلمّا استولى أبو فديك على اليمامة علم أنّ أصحاب نجدة إذا عادوا من غزواتهم أعادوا نجدة إلى الإمارة فطلب نجدة ليقتله فاختفى نجدة في دار بعض عاذريه، ينتظر رجوع عساكره الذين كان قد فرّقهم في سواحل الشام و نواحي اليمن، ونادى منادي «أبي فديك»: من دلّنا على «نجدة» فله عشرة آلاف درهم، وأي مملوك دلَّنا عليه فهو حر، فدلّت عليه أمة، فأنفذ أبوفديك «راشد الطويل» في عسكر إليه فكبسوه وحملوا رأسه إلى «أبي فديك» .
ولما قُتِلَ نجدة فصارت النجدات بعده ثلاث فرق:
1 ـ فرقة اكفرته وصارت إلى أبي فديك، كراشد الطويل، وأبي بيهس، وأبي الشمراخ وأتباعهم.
الفرق الضالة
2 ـ فرقة عذَّرته فيما فعل، وهم النجدات.
3 ـ وفرقة من النجدات هاجروا من اليمامة، وكانوا بناحية البصرة شكوا فيما حكي من احداث نجدة وتوقّفوا في أمره وقالوا: لاندري هل أحدث تلك الاحداث أم لا؟ فلانبرأ منه إلاّ باليقين.
وبقى أبوفديك بعد قتل نجدة إلى أن بعث إليه عبدالملك بن مروان، عمربن عبيدالله بن معمر التميمي في جند فقتلوا أبا فديك، وبعثوا برأسه إلى عبدالملك بن مروان، فهذه قصة النجدات (2) .
وبالامعان فيما نقلنا عنه من الآراء يظهر مذهب النجدية، وأنّهم كانوا أخف وطأة من الأزارقة وتتلخّص الأفكار التي امتازوا بها عن غيرهم من فرق الخوارج في الاُمور التالية:
1 ـ التقيّة جائزة (3).
2 ـ تعذير قَعَدة المسلمين وضَعَفَتهم.
3 ـ تحريم قتل الأطفال .
4 ـ لزوم رد أمانة المخالف(4) .
5 ـ لا حاجة للناس إلى إمام قط، وإنّما عليهم أن يتناصحوا فيما بينهم، فإن هم رأوا أنّ ذلك لايتم إلاّ بإمام يحملهم عليه فأقاموه، جاز(5) .
6 ـ تولّي أصحاب الحدود والجنايات من موافقيه.
7 ـ من نظر نظرة صغيرة، أو كذب كذبة صغيرة وأصرّ عليها فهو مشرك (ولعلّه في حقّ مخالفيهم) ومن زنى، وسرق، وشرب الخمر غير مصرّ عليه فهو مسلم، إذا كان من موافقيه على دينه(6) .
هذه آراۆهم وسوف نرجع إلى دراسة هذه الموضوعات في فصل خاص.
وأخيراً نعيد ما ذكرناه: انقسمت النجدية بعد «نجدة» إلى ثلاث فرق هم: النجدية والفديكية، والعطوية (7) .
وهذا يدل على أنّ كثيراً من الفرق كانت فرقاً سياسية، لادينية.
بحوث في الملل والنحل لأية الله الشيخ جعفر السبحاني ، ج5
الهوامش
1. هذا ما يقوله البغدادي، ويقول الشهرستاني: غلظ على الناس من حد الخمر تغليظاً شديداً، والظاهر صحّة الثاني لكون نجدة من الخوارج .
2. البغدادي: الفَرق بين الفِرق 87 ـ 90 ; الأشعري: مقالات الإسلاميين 1/89 ; الشهرستاني: الملل و النحل 1/122 ـ 125 .
3. ولو صحّ ذلك كما هو صريح كتاب نجدة لايصحّ ما نسب إليهم الأشعري في مقالاته من أنّهم استحلّوا دماء أهل المقام وأموالهم في دار التقيّة وبرأوا ممّن حرمّها، الأشعري: مقالات الاسلاميين 1/91 .
4. لاحظ في هذا الاُصول الأربعة كتاب نجدة إلى نافع تجد فيه تلك الآراء.
5. الشهرستاني: الملل والنحل 1/124 .
6. الأشعري: مقالات الإسلاميين 1/91 .
7. الأشعري: مقالات الإسلاميين 1/92 .
هل تقرأ طهران رسائل أوباما ؟
الكثير من الايرانيين يشككون كثيرا في إمكانية ان تغير الولايات المتحدة الامريكية سلوكها العدائي ازاء الجمهورية الاسلامية في ايران بمجرد اعتراف الرئيس الامريكي باراك اوباما بإرساله رسائل الي الرئيس حسن روحاني.الحقيقة ان الشكوك الايرانية تستند الي تجربة تاريخية مؤلمة ومُرة عاشها الشعب الايراني مع التدخلات الامريكية في شؤونه الداخلية قبل وبعد انتصار الثورة الاسلامية ، و وصلت هذه التدخلات ذروتها عندما اقدمت امريكا قبل الثورة الاسلامية علي اسقاط حكومة الدكتور محمد مصدق الوطنية عام ۱۹۵۱بعد اقدامها علي تأميم النفط الايراني.
اما بعد انتصار الثورة الاسلامية في ايران عام ۱۹۷۹ جندت الولايات المتحدة الامريكية كل امكانياتها لوأد هذه الثورة ، بدءا من اثارة القلاقل القومية والمذهبية واغتيال رجالات الثورة ومحاولات قلب النظام عبر عملائها ، ومرورا بالحرب الظالمة التي فرضها النظام الصدامي علي الجمهورية الاسلامية والتي استغرقت ثماني سنوات بتحريض ودعم امريكي ، وانتهاء بالحظر الظالم التي تفرضه امريكا علي ايران واغتيال علمائها علي خلفية برنامجها النووي السلمي.
ان ما يؤكد هذه الشكوك هو ان العداء الامريكي للجمهورية الاسلامية لم يتغير بتغير الحكومات الايرانية التي قادتها شخصيات من مختلف المشارب ، معتدلة واصلاحية ومحافظة ، بل عل العكس تماما ان العداء الامريكي اصبح اكثر شراسة في ظل حكومة الرئيس محمد خاتمي ، المعروف باعتداله ودعوته للحوار بين الحضارات ، حيث وضع الرئيس الامريكي حينها ، جورج بوش ، ايران علي محور الشر ، ولم تُفلح اجراءات خاتمي في وقفه لتخصيب اليورانيوم علي مدي عامين ، ولا توقيعه علي البرتوكول الاضافي طواعية ، في تغيير السلوك العدائي الامريكي ازاء ايران.
في مقابل هذا الراي ، هناك راي اخر ، ورغم انه لايبتعد كثيرا عن الراي السابق ، يقول ان الوقائع علي الارض تغيرت كثيرا خلال العقد الفائت ، فلم تعد امريكا ، من وجهة نظر انصار هذا الراي ، القوة العظمي الوحيدة في العالم التي تفرض ارادتها علي الاخرين دون رادع ، والدليل علي ذلك الفوضي التي سادت امريكا ، علي مستوي القيادة والنخب السياسية بسبب الازمة السورية وكيفية التعامل معها ، كما لم يعد الشعب الامريكي ولا الشعوب الاخري تنطلي عليها حكاية المعلومات السرية للاستخبارات الامريكية والتي كانت سببا في احتلال دول والعدوان علي اخري ، وهي مغامرات كلفت امريكا وشعبها واقتصادها ونفوذها في العالم أثمانا باهظة.
ويري اصحاب هذا الراي انه بالاضافة الي ما تقدم ، فان التراجع الامريكي الواضح عن نهج المواجهة العسكرية لحل الازمات الدولية ، بغض النظر عن الاسباب التي وراء ذلك ، اذا ما اُسند الي التصريحات الامريكية الباحثة عن مقاربة مشرفة مع ايران وآخرها رسائل الرئيس الامريكي اوباما الي الرئيس حسن روحاني في ذروة الازمة السورية ، كل ذلك يضع الجانب الايراني في موقف يفرض عليه اتخاذ ما من شانه يسحب البساط من تحت اقدام الجهات التي تحاول دائما ان تُظهِر الجانب الايراني بانه الجانب الذي يرفض الحوار ولايغتنم الفرص المتعددة التي تظهر في افق العلاقة الامريكية الايرانية ، وان مثل هذه الجهات ليست قليلة في امريكا والعالم ولاتخلو ايران منهم ايضا.
يبدو ان اصحاب الرأيين ورغم الاختلاف الظاهر بينهما الا انهما ينطلقان من مقولة قائد الثورة الاسلامية سماحة اية الله السيد علي الخامنئي التي اكد فيها سماحته انه ليس متفائلا بالحوار مع امريكا الا انه لا يعارضه في الوقت نفسه ، فالحوار اذا ليس خطا احمر في ايران ، بل الخط الاحمر هو مباديء واهداف الثورة الاسلامية ، التي لايمكن لاية حكومة ايرانية ان تتخطاها ابدا في اي حال من الاحوال ، اما التفاؤل البعيد المنال ، فلن يكون عائقا امام هذا الحوار.
انطلاقا من هذا المبدأ اعتبر الكثير من العقلاء في ايران ومن بينهم كبير مستشاري قائد الثورة الاسلامية في الشؤون الدولية الدكتورعلي ولايتي ، اعتبروا انتخاب الرئيس حسن روحاني فرصة لقياس مدي صدقية الغرب ازاء ايران ، وعلي الغرب الا يُفوّت هذه الفرصة ، واكدوا علي استعداد ايران للدخول مع الجميع في حوارات متعددة او ثنائية الاطراف ، ودون اي شروط مسبقة ، للوصول الي حلول مشرفة للجميع ، شريطة ان يثبت الغرب انه يعمل علي تغيير موقفه المعادي لايران.
اخيرا علي الرئيس الامريكي باراك اوباما ، الا يُكلف نفسه عناء إرسال الرسائل الخطية الي طهران ليبرهن انه ينوي تغيير سياسته ازاء الشعب الايراني ، يكفي ان يغير سلوك ادارته المعادي لهذا لشعب عبر اجراءات عملية ملموسة ، فمثل هذه الرسائل فقط تُقرأ في طهران.
بقلم: ماجد حاتمي
تل أبيب تشكو ميولاً «انعزالية» أميركية: الاتفاق يضمن استمرار حكم الأسد
مقاربات عديدة للاتفاق الروسي ــ الأميركي ظهرت في الصحف العبرية، لكن الأخيرة أجمعت على صعود نجم موسكو في المنطقة وتحوّلها إلى رقم صعب، بالتوازي مع مسلّمة بقاء الرئيس بشار الأسد في السلطة من موقع المتحكم بسير الأحداث في بلاده.
ورأى المعلق السياسي في صحيفة «معاريف»، شالوم يروشالمي، أنّه «يمكن النظر إلى الاتفاق الروسي ـــ الأميركي من زوايا عدة، إذ على عكس رجال الرئيس باراك أوباما الذين يرونه إنجازاً أميركياً؛ لكونه تحقق بعد تهديد الرئيس، من المحتمل أن يكون التهديد الذي نجح في تحقيق هدفه كان تهديد الرئيس بشار الأسد الذي وعد بإحراق الشرق الأوسط، فردع بذلك الأميركيين والفرنسيين والبريطانيين وكل الآخرين الذين لم يرغبوا بالتورط في مغامرة شرق أوسطية أخرى».
أما المعلق الأمني في صحيفة «معاريف» عمير ربابورت، فقد رأى أنّ «التسوية تتضمن كما يبدو استمرار حكم بشار الأسد، وهو أمر من الصعب جداً فهمه من منظور إسرائيلي»، مضيفاً أنّ «محادثات مع أصحاب القرار ومحافل رئيسية، جرت في الأسابيع الأخيرة في واشنطن ولندن، تضيء الصورة بنحو أوضح». وأكد أنّ «أوباما اعتزم حقاً مهاجمة سوريا، لكن في الطريق إلى التنفيذ بدا أنّ شيئاً ما تغيّر... وأوله الموقف الروسي». وينقل ربابورت أنّ محافل أميركية لا تخجل من الاعتراف بأن ميولاً انعزالية تقليدية أميركية تتزايد جداً، وتنظر إلى التطورات من خلف المحيط على أنها «ليست من شأننا».
وشدّد ربابورت، على أنّ «التسوية التي يتحدثون عنها الآن هي المخرج الأفضل لكل الأطراف، فمن جهة تُثبت مكانة روسيا قوةً عظمى شبه مساوية للولايات المتحدة، كذلك يمكن أوباما أن يدعي أنّ التهديد الملموس بالهجوم سيؤدي إلى نزع السلاح الكيميائي من سوريا».
ويرى المتفائلون أنّ مساراً مشابهاً إزاء إيران، يمكن أن يحقق النتائج نفسها في المستقبل. أما الأقل تفاؤلاً، فيرون أن السلوك الأميركي يبثّ رسالة ضعف ويشجع طهران على مواصلة برنامجها النووي، انطلاقاً من فرضية أنّ الولايات المتحدة ستجد دوماً المبرر لعدم الهجوم. وعلى المستوى السوري، ينقل ربابورت أنّ التقديرات تشير إلى أنّ الحرب هناك ستستمر بهذا الشكل أو ذاك، حتى لو دخلت التسوية حيز التنفيذ.
أما معلق الشؤون العربية في صحيفة «هآرتس»، تسفي برئيل، بالرغم من أنّه شكك في فوائد هذا الاتفاق، لكنه رأى أنّه يكرس عدداً من السوابق المهمة، ولا يستطيع حل الأزمة داخل سوريا أو يضع حداً للقتال؛ إذ للمرة الأولى تفرض روسيا على الرئيس الأسد شروطاً تتضمن جدولاً زمنياً ولا تكتفي بتوصيات.
الاتفاق انتصار للأسد
بموازاة ذلك، رأى الخبير في الشؤون السورية، البروفيسور ايال زيسر، أنّ «كل من قدَّر أنّ سقوط نظام الأسد مسألة وقت تبيّن أنه واهم»، مشيراً إلى أنّ «الاتفاق الذي يعلق الخطة الأميركية لضرب الجيش السوري، يمنح الأسد تفوقاً كبيراً في حربه ضد أعدائه في الداخل». وأكّد أنّه «لا يحتاج إلى الأسلحة الكيميائية كي يتغلب على أعدائه في الداخل، ولا حتى لردع إسرائيل».
ورأى، أيضاً، أنّ هذا السبب هو الذي جعل الروس يوافقون، بعد موافقته، على التخلي عن سلاح يوم القيامة مقابل منحه الحصانة من الصواريخ التي كان الأميركيون عازمون على ضربه بها، وكان يمكن أن تسقط النظام السوري. وتابع زيسر بالقول إنّ طريق النصر فُتح أمام الأسد، لكنه ما زال طويلاً؛ إذ ما زال عليه التغلب أولاً على «أسراب جراد» المتمردين، مؤكداً أنّ النصر الكامل سيكون في جيبه بعد قليل من الصبر وضبط النفس.
من جهته، رأى بوعز بسموت، في صحيفة «إسرائيل اليوم»، أنّ الاتفاق هو من نوع الاتفاقات التي ترضي كل الأطراف، تقريباً، مشيراً إلى أنّ الطرف الوحيد الغاضب هو المتمردون في سوريا.
بعد سوريا ابحثوا عن إيران
في المقابل، رأى تشيلو روزنبرغ، في صحيفة «معاريف»، أنّ انتقال الولايات المتحدة من المبادرة إلى الرد والانجرار وراء اقتراحات غير واقعية بالنسبة إلى سوريا من شأنه إلحاق أضرار جسيمة للغاية، بمن تعتبر نفسها القوة العظمى في العالم؛ إذ إنّ قبول الاقتراح الروسي من قبل واشنطن، كحلّ ممكن دون مهاجمة سوريا، معناه تحول المنطقة كلها إلى إيران.
إلى ذلك، رأى السفير الإسرائيلي السابق في الأردن والاتحاد الأوروبي، والباحث في معهد أبحاث الأمن القومي، عوديد عيران، في مقالة له في صحيفة «معاريف» أنّ المقارنة بين استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا وبين البرنامج النووي الإيراني هي مقارنة مصطنعة. رغم ذلك، رأى عيران أنه لا يوجد لدى المسؤولين الإيرانيين ما يدعوهم إلى الاحتفال عندما أظهر أوباما تردداً وامتناعاً عن استخدام جيشه.
ولفت إلى أنّ استعداد روسيا للتعاون مع المبادرة الأميركية في تقييد سوريا هو سابقة سهلة بالنسبة إلى زعماء إيران، الذين لا بد أن ينظروا بقلق إلى السابقة التي يحتمل أن تستخدم ضدهم في المستقبل أيضاً.
حَقّ الْمُسْتَنْصِحِ
41. وَ أَمّا حَقّ الْمُسْتَنْصِحِ فَإِنّ حَقّهُ أَنْ تُؤَدّيَ إِلَيْهِ النّصِيحَةَ عَلَى الْحَقّ الّذِي تَرَى لَهُ أَنّهُ يَحْمِلُ وَ تَخْرُجَ الْمَخْرَجَ الّذِي يَلِينُ عَلَى مَسَامِعِهِ وَ تُكَلّمَهُ مِنَ الْكَلَامِ بِمَا يُطِيقُهُ عَقْلُهُ فَإِنّ لِكُلّ عَقْلٍ طَبَقَةً مِنَ الْكَلَامِ يَعْرِفُهُ وَ يَجْتَنِبُهُ وَ لْيَكُنْ مَذْهَبُكَ الرّحْمَةَ وَ لا قُوّةَ إِلّا بِاللّهِ
12 قتيلاً في مبنى للبحرية في واشنطن
حادثة اطلاق نار جديدة في مقر عسكري في الولايات المتحدة تؤرق واشنطن وتعيد السجال حول أسباب الظاهرة التي تزداد وتيرتها يوماً بعد يوم. أكثر من 10 قتلى سقطوا في هجوم مسلح على مبنى تابع للبحرية الأميركية، بقيت أسبابه مجهولة حتى وقت متأخر من مساء أمس.
وقال رئيس بلدية العاصمة، فنسنت غراي، في مؤتمر صحافي، إن 12 شخصاً على الأقل قتلوا في اطلاق النار.
وأعلنت المتحدثة باسم شرطة المدينة، كايثي لانيير، مقتل شخص يشتبه في أنه القاتل، لافتة الى أن «مسلحين آخرين اثنين» قد يكونان ضالعين في اطلاق النار. وقالت لانيير: «ربما لدينا شخصان آخران أطلقا النار لم يُحدَّد مكانهما حتى الآن»، مشيرة إلى أن هذا الأمر يثير «قلقاً كبيراً لدينا». وأضافت أن أحد الرجلين الفارين هو أبيض يرتدي زياً بنياً وقبعة، وكان مزوداً سلاحاً وشوهد للمرة الأخيرة عند الساعة 8,58. وتابعت أن الآخر رجل أسود في الخمسينيات من عمره، كان مزوداً «سلاحاً طويلاً» ويرتدي زياً أخضر. وأكدت أنه «ليس لدينا أي معلومة تتيح لنا القول إن هذين الشخصين هما عسكريان».
وكان مسؤولون عسكريون أميركيون قالوا إن شخصاً لم تعرف هويته، أطلق النار ثلاث مرات على الأقل في احد مباني الحرم حيث يعمل نحو ثلاثة آلاف موظف في البحرية.
وذكرت صحيفة «واشنطن بوست» نقلاً عن مصادر في الشرطة إن عدد المهاجمين بلغ ثلاثة، بينهم شخص كان يرتدي زياً عسكرياً. كذلك أكد مسؤول في البحرية الأميركية لوكالة «رويترز» أنه ربما كان هناك أكثر من مهاجم واحد في الحادث، وكان مسؤول في البحرية قد كشف في وقت سابق أنه أُلقي القبض على مهاجم واحد.
وإثر الحاث طوق الحي الواقع على ضفاف نهر اناكوستا بجنوب شرق العاصمة الفدرالية، وتمركز عناصر من الشرطة والجيش عند كل مفترق.
يذكر أن موقع نيفي يارد في واشنطن يضم المقر العام لقائد الانظمة البحرية في سلاح البحرية الاميركية، المكلف تصميم وبناء السفن والغواصات الاميركية، ويضم مقر سكن رئيس اركان البحرية الاميركية الاميرال جوناثان غرينيرت.
وفور وقوع الحادث، ارسل مكتب التحقيقات الفدرالي «أف بي آي» فريقاً للتدخل إلى الموقع الذي حلقت فوقه مروحيات، بينما اقتحم عناصر من الشرطة المبنى 197 حيث يعتقد أن مطلق النار تحصن في احدى قاعاته.
وأكدت البحرية التي امرت موظفي الموقع بالاحتماء في «ملجأ في المكان»، «أن اجهزة الاغاثة في المكان».
من جهته، ذكر مسؤول في الرئاسة الاميركية أن مستشارين في مكافحة الارهاب والامن الداخلي يقومون بإطلاع الرئيس باراك اوباما على تطور الوضع بحسب الظروف. فيما توقفت حركة اقلاع الطائرات تماماً من مطار رونالد ريغان الواقع على مسافة بضعة كيلومترات من موقع البحرية بسبب الحادث.
روحاني للقوات الأجنبية: غادروا المنطقة
حذّر الرئيس الايراني حسن روحاني أمس من مخطط غربي لتغيير العالم العربي بشكل يتلاءم مع مصالح اسرائيل، واعتبر أن النزاع في سوريا جزء من هذه الخطة، غير أن قائد الحرس الثوري الجنرال محمد علي جعفري لمّح الى ان الحرس يمكن ان يتدخل «اذا ما قامت الولايات المتحدة بعمل عسكري في سوريا»، مؤكداً أنها «ستواجه حتماً مشكلات عدة... سيقوم الحرس آنذاك بواجبهم». وقال روحاني، خلال المنتدى العام العشرين لقادة الحرس الثوري الاسلامي في طهران، إن الثورات في سوريا وليبيا وتونس ومصر واليمن والبحرين، اضافة الى عدم الاستقرار الناجم عنها «سلسلة في مخطط واحد بهدف واحد» والهدف هو «تأمين مصلحة اسرائيل وتعزيز قوتها» مع اضعاف الجبهات المعادية للغرب ولاسرائيل «حيث تدعم ايران وسوريا حزب الله اللبناني وحركة حماس الفلسطينية»، حسبما نقل عنه التلفزيون الحكومي.
واضاف روحاني «ندرك جيداً أن النزاع في سوريا لا يتعلق بمن سيكون الشخص الذي سيتسلم الرئاسة»، مضيفاً أنه «من الواضح تماماً أن الغرب اتخذ قراراً للمنطقة بأسرها حيث انه لا يقبل بمنطقتنا بشكلها الحالي». وخاطب روحاني القوات الأجنبية في المنطقة قائلاً «أنتم ضيوف غير مرغوب فيكم في منطقتنا.. غادروها».
وأكد الرئيس الايراني: «سنتوافق مع اي شخص ينتخبه المواطنون السوريون لادارة بلادهم»، مشدداً أمام قادة الحرس على ضرورة معرفة التهديد جيداً والعمل على وضع استراتيجية صحيحة لمواجهته ومن ثم الخروج بحصيلة عن نهاية العمل والهدف النهائي في ضوء الامكانات المتاحة «حيث شهدنا خطأ الأميركيين في حساباتهم في العراق وأفغانستان والأمر كذلك بالنسبة لهم في سوريا الآن»، حسب وكالة «فارس». وأكد روحاني أهمية القضية السورية للمنطقة كلها ولربما تكون تداعياتها عالمية ايضا، قائلاً إن «سوريا الآن في موضع حساس وان النزاع ليس حول شخص رئيس الجمهورية او طائفة ما، بل القضية ابعد من ذلك ومن الواضح للجميع ان الغرب خطط للمنطقة كلها ولا يحبذ ان يبقى على وضعه الراهن، حيث يسعى البريطانيون والفرنسيون للعودة الى المنطقة بعد اعوام طويلة».
وتابع الرئيس روحاني، أن «صوت الشعب يجب ان يكون هو السائد في سوريا والعراق وجميع الدول الأخرى وحتى في فلسطين، فمثلما اكد قائد الثورة الاسلامية ينبغي ان يعود جميع اللاجئين الفلسطينيين الى ديارهم ويدلوا بأصواتهم».
وكرر الرئيس الإيراني رفض وادانة ايران لاستخدام السلاح الكيميائي اينما كان ومن قبل اي طرف كان، وقال «نحن في الأساس نرفض الحرب الأهلية والمجازر في سوريا التي يجب ان يعود الاستقرار اليها، ولمن يصوت الشعب بعد ذلك فانه يحظى بقبولنا».
من جهته، قال القائد العام للحرس الثوري إن «الأعداء عمدوا الى تدخل عسكري في سوريا، الا ان هذا التوجه قد باء بالفشل حتى الآن ونأمل ان تواجه كل المؤامرات نفس المصير في المستقبل».
وفي كلمة أمام الدورة الـ20 للاجتماع العام لقادة ومسؤولي الحرس، لفت اللواء جعفري، إلى فشل مؤمرات العدو في فلسطين ولبنان وسوريا، قائلاً إن «فشل العدو يستمر بينما نرى الثورة الاسلامية يتواصل زخمها بكل جدارة»، منوهاً الى «أن آخر تلك الهزائم التي مُنى بها العدو هي هزيمته امام محور الممانعة في سوريا».
وحذّر جعفري من أن الحرس الثوري يمكن ان يتدخل «اذا ما قامت الولايات المتحدة بعمل عسكري في سوريا»، مؤكداً أنها «ستواجه حتماً مشكلات عدة... سيقوم الحرس آنذاك بواجبهم».
في غضون ذلك، أكد رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الاسلامي (البرلمان الإيراني)، علاء الدين بروجردي، أن الدبلوماسية التي انتهجتها إيران منذ بداية الأزمة السورية كانت مؤثرة في منع العدوان الأميركي على سوريا.
وقال بروجردي، على هامش مراسم تأبين المرجع الديني طاهري خرم آبادي، «إن الأميركيين لم يكن لديهم خيار آخر سوى التراجع عن شن الهجوم على سوريا لأن ذريعتهم كانت البحث عن الأسلحة الكيميائية، والأميركان حالياً تحوم حولهم الشبهات في موضوع الأسلحة الكيميائية». وأشار كذلك الى دور طهران في منع العدوان على سوريا، قائلاً: «نظراً الى ان الجمهورية الاسلامية الايرانية أعلنت منذ اليوم الأول للأزمة السورية منذ أكثر من عامين ونصف العام، أن هذه الأزمة ليس لها حل عسكري وإنما حل سياسي، فإن هذه الدبلوماسية كانت مؤثرة بالتأكيد، وان العالم اجمع اقتنع بها في الوقت الحاضر».
من جهة ثانية، أشادت مساعدة الأمين العام للامم المتحدة لشؤون الاغاثة، فاليري آموس، خلال لقائها وزير خارجية ايران محمد جواد ظريف، بجهود ايران ومساعداتها الانسانية في التخفيف عن آلام الشعب السوري.
وأكدت «الدور الهام والمؤثر لإيران في مسار تطورات المنطقة لا سيما في دعم وتوسيع الشؤون الانسانية والتخفيف من معاناة وآلام الشعوب في بعض الدول ومن بينها سوريا، عن طريق تسهيل ايصال المساعدة الى الشعب السوري».
أما ظريف، فقد أشار إلى الأوضاع الحساسة والمعقدة في المنطقة ومن بينها الأزمة الراهنة في سوريا، شارحاً المساعي السياسية والدبلوماسية للمساعدة في ايجاد حل سلمي للقضية السورية، وكذلك المساعدات الانسانية التي قدمتها ايران الى الشعب السوري على مختلف الصعد.
وشدد ظريف على المواقف المبدئية لبلاده منذ بداية الأزمة السورية على ايجاد حل سياسي لها، ومعارضة وادانة استخدام السلاح الكيميائي من قبل أي طرف وفي أي مكان، معرباً عن ارتياحه للجهود الدبلوماسية لتجاوز هذه المرحلة الحساسة.
الى ذلك، رحّبت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الايرانية، مرضية أفخم، بانضمام سوريا الى معاهدة الأسلحة الكيميائية، مطالبة المجتمع الدولي بالعمل على انضمام اسرائيل الى هذه المعاهدة.
موسكو: لا فصل سابعاً في سوريا
كلام الأميركيين يمحوه الروس. لعله التعبير الأدق للسجال القائم حول تفاهمات جنيف. بات واضحاً بما لا لبس فيه أنّ الاتفاق واحد، لكن التفسير اثنان. ما سعت واشنطن إلى ترويجه على أنه نصر لديبلوماسيتها أجهضته موسكو بالضربة القاضية: لا قرار تحت الفصل السابع في مجلس الأمن، بل لا اتفاق إن واصل الغرب سياسته تجاه دمشق لناحية تسليح المعارضة وتقويض الاستقرار
صحيح أن كلام سيرغي لافروف يوم أمس حمل الكثير من التعابير الدبلوماسية، لكن صوته كان أقوى من أزيز الرصاص. بدأ حديثه، في موتمره الصحافي المشترك مع نظيره المصري نبيل فهمي في موسكو، بالقول إنه «أكيد أنّه رغم كل التصريحات الصادرة عن بعض العواصم الأوروبية، فإن الجانب الأميركي سيلتزم بدقة ما اتفق عليه كشريك جدي».
لكنه أردف قائلاً إنّه «إذا أراد أحد ما التهديد أو البحث عن ذرائع لشنّ ضربات، فإنها طريق تعطي إشارة للمعارضة وكأننا ننتظر منهم استفزازات جديدة، وهي أيضاً طريق يمكن أن تنسف بشكل نهائي آفاق انعقاد جنيف 2».
وشدد لافروف على وجوب أن «ندرك أنّه إذا أردنا حلّ مسألة إتلاف الأسلحة الكيميائية في سوريا، فإن خريطة الطريق الروسية ــ الأميركية تطرح طريقاً مهنياً وملموساً»، مشيراً إلى أن الاتفاق الذي أُبرم مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري لا ينص على أن القرار الذي يجب أن يعتمده مجلس الأمن الدولي حول تفكيك الترسانة الكيميائية السورية سيأتي على ذكر اللجوء إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي يجيز استخدام القوة.
وقال إن «البعض لم يفهم ما توصلنا إليه مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري، والبند السابع غير مطروح»، مشيراً إلى «الجاهزية للقاء كافة أفرقاء المعارضة السورية في موسكو ومناقشة كل شيء».
تصريحات لافروف، التي تزامنت مع أجواء احتفالية عكستها الصحف الروسية أمس بالانتصار الدبلوماسي في المواجهة الأخيرة مع الغرب حول سوريا، عكست امتعاضاً روسياً من محاولة واشنطن ترويج قراءتها لتفاهمات جنيف، وجاءت صدى لاجتماعات باريس التي جمعت كيري إلى نظيريه الفرنسي لوران فابيوس والبريطاني وليام هيغ. وكان الوزراء الثلاثة قد دعوا إلى صدور قرار على وجه السرعة من الأمم المتحدة يلزم سوريا بالتخلص من ترسانتها الكميائية. وقال كيري إن «روسيا وافقت على الفصل السابع في حال عدم التزام الاتفاق واستخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا، لذا تطبيق الفصل السابع يأتي تلقائياً في حال عدم التزام الاتفاق»، مشيراً إلى أن «اتفاق جنيف سيحمي الأقليات ويأتي بنظام يحترم الآخر». وأضاف أن «السبيل الوحيد للنصر في سوريا هو عبر إعطاء الشعب السوري فرصة اختيار قائده الجديد»، مشيراً إلى أن «الأسد فقد أي شرعية تخوله أن يحكم بلاده».
بدوره، قال فابيوس: «إننا عازمون على الحصول على قرار قوي من مجلس الأمن الدولي خلال الأيام المقبلة»، معلناً تنظيم «لقاء دولي واسع حول الائتلاف الوطني السوري» المعارض الاسبوع المقبل في نيويورك. وقال: «علينا أن نجعل النظام (السوري) يدرك أنّه لا آفاق أمامه سوى طاولة المفاوضات. نعرف أنّه من أجل التفاوض على حل سياسي، يجب أن تكون هناك معارضة قوية، وبالتالي فإننا نعتزم أيضاً تعزيز دعمنا للائتلاف الوطني السوري».
أما هيغ، فقال إنّ «نظام دمشق تحت الضغط من أجل أن يطبق هذا الاتفاق بشكل تام. يجب أن يكون العالم على استعداد لاستخلاص النتائج إن لم يفعل».
كلام كرره الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند خلال استقباله لكيري وهيغ. قال إنّ «من الأساسي» التوصل إلى «قرار قوي وملزم» حول سوريا في مجلس الأمن، داعياً إلى «جدول زمني دقيق» لضبط الأسلحة الكيميائية السورية وإتلافها. وشدّد على ضرورة أن يبقي الحلفاء الثلاثة «الخط الحازم نفسه الذي سمح بإطلاق هذه العملية الدبلوماسية والتضامن»، على ما علم من محيطه.
من جهته، رأى الرئيس الأميركي، باراك أوباما، أن الاتفاق الروسي ـــ الأميركي يمكن أن يضع حداً للتهديد الكيميائي هذا لسوريا، منبهاً إلى أن الاتفاق ما زال يجب تطبيقه، مضيفاً: «إننا لم نصل بعد إلى ذلك».
وفي السياق، أعلنت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، أمس، أن برنامج تدمير مخزون الأسلحة في سوريا سيبدأ «خلال أيام». وأضافت، في بيان، أنّ «خبراء في منظمة تدمير الأسلحة الكيميائية بدأوا عملهم ويعدون خريطة طريق تستبق مختلف التحديات بهدف التحقق من المخزونات المعلنة في سوريا»، مشيرة إلى أنّ «المجلس التنفيذي للمنظمة سيلتئم قريباً جداً» لبحث الملف السوري. ويتوقع أن يعقد هذا الاجتماع الخميس أو الجمعة.
وكان لافتاً تأكيد المبعوث الأممي العربي إلى سوريا، الأخضر الإبراهيمي، أنّ هناك أملاً كبيراً في انعقاد مؤتمر «جنيف 2» الشهر المقبل، مؤكداً أنّ على أطراف المعارضة أن تدرك أن لا حلّ عسكرياً في سوريا. وأكد، في مقابلة مع قناة «روسيا اليوم»، أنّ الدور الأميركي والروسي أساس في أي تسوية مستقبلية في سوريا، مضيفاً: «نأمل أن يتوحد الموقف العربي إزاء الحل السلمي للأزمة السورية». وأشار إلى أن اللقاء المقبل في الأمم المتحدة سيكون موسعاً وستشارك فيه أطراف دولية وإقليمية.
الرياض ضد «الاختزال»
تمنيات الإبراهيمي بموقف عربي موحد مؤيد للحل السلمي تناقضت مع موقف لمجلس الوزراء السعودي، أمس، أكد فيه أنّ «تعنت النظام السوري» يصبّ في مصلحة المتطرفين، وطالب بتعزيز الدعم للمعارضة وبعدم «اختزال» الأزمة في «جريمة استخدام الأسلحة الكيميائية».
وأفادت وكالة الأنباء الرسمية بأنّ مجلس الوزراء برئاسة ولي العهد سلمان بن عبد العزيز «جدد الدعوة للمجتمع الدولي بضرورة اتخاذ قرارات فاعلة لوقف القتال فوراً، وتعزيز الدعم الدولي للمعارضة لتمكينها من مواجهة هجمات النظام الذي يصب تعنته في مصلحة الحركات المتطرفة».
يشار إلى أن السعودية لم تتخذ موقفاً حيال المبادرة الروسية للأسلحة الكيميائية السورية.
أنقرة تُسقط مروحية
أما الرئيس التركي عبد الله غول، فأكد «دعم بلاده لأي خطوة من شأنها القضاء تماماً على مخزون النظام السوري من الأسلحة الكيميائية». وتعليقاً على الاتفاق الروسي - الأميركي بشأن الأسلحة الكيميائية السورية، قال: «سيسرّنا ذلك؛ لأن البلد الذي يستخدم السلاح الكيميائي هو جارنا»، مشدداً على أنه «لا يمكن القوى العالمية أن تتصرّف وكأن لا شيء خطيراً يحصل في سوريا، حتى وإن لم يكن النظام قد استخدم السلاح الكيميائي ضد شعبه».
وفي تطور ميداني بالغ الدلالة، أعلنت السلطات التركية أن قواتها أسقطت أمس مروحية عسكرية سورية من طراز «ام آي 17» انتهكت أجواءها الجوية، على ما أفاد نائب رئيس الوزراء التركي بولنت أرينج.
وأوضحت هيئة أركان الجيش التركي، في بيان، أنّ «المروحية السورية رصدتها محطة المراقبة في دياربكر، فيما كانت على بعد 26 ميلاً بحرياً (48 كلم) من الحدود التركية، ووجه إليها تحذير عندما وصلت إلى بعد خمسة أميال بحرية (نحو تسعة كلم) من خط التماس». وأضافت هيئة الأركان: «رغم كل ذلك، واصلت المروحية السورية اقترابها من المجال الجوي التركي». وتابعت أنّ المروحية «سقطت في الأراضي السورية على بعد كيلومتر من الحدود بعدما استهدفتها واحدة من مقاتلتين «اف 16» وضعتا في حال استنفار في المنطقة».
ونبّه وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو إلى أنّ «كل التدابير» اتخذت لردع أي محاولة مقبلة لانتهاك المجال الجوي التركي. وأوضح، في مؤتمر صحافي في السفارة التركية في باريس، أنّه سيتم إبلاغ الحلف الاطلسي والأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي بتفاصيل الحادث.
وكانت القوات المسلحة السورية قد أسقطت في حزيران من العام الماضي طائرة تركية مقاتلة وأصابت أخرى بعدما اخترقتا الأجواء السورية من ناحية الساحل.
حَقّ الْمُشِيرِ عَلَيْكَ
40. وَ أَمّا حَقّ الْمُشِيرِ عَلَيْكَ فَلَا تَتّهِمْهُ فِيمَا لَا يُوَافِقُكَ عَلَيْهِ مِنْ رَأْيِهِ إِذَا أَشَارَ عَلَيْكَ فَإِنّمَا هِيَ الآْرَاءُ وَ تَصَرّفُ النّاسِ فِيهَا وَ اخْتِلَافُهُمْ فَكُنْ عَلَيْهِ فِي رَأْيِهِ بِالْخِيَارِ إِذَا اتّهَمْتَ رَأْيَهُ فَأَمّا تُهَمَتُهُ فَلَا تَجُوزُ لَكَ إِذَا كَانَ عِنْدَكَ مِمّنْ يَسْتَحِقّ الْمُشَاوَرَةَ وَ لَا تَدَعْ شُكْرَهُ عَلَى مَا بَدَا لَكَ مِنْ إِشْخَاصِ رَأْيِهِ وَ حُسْنِ وَجْهِ مَشُورَتِهِ فَإِذَا وَافَقَكَ حَمِدْتَ اللّهَ وَ قَبِلْتَ ذَلِكَ مِنْ أَخِيكَ بِالشّكْرِ وَ الْإِرْصَادِ بِالْمُكَافَأَةِ فِي مِثْلِهَا إِنْ فَزِعَ إِلَيْكَ وَ لا قُوّةَ إِلّا بِاللّهِ
ولادة الإمام علي بن موسى الرضا(ع)
نشأة الإمام الرضا (ع)
انحدر الإمام عليّ بن موسى الرضا (ع) من سلالة طاهرة مطهّرة، ارتقت سلّم المجد والكمال، وكان أبناؤها قمة في جميع مقومات الشخصية الإنسانية; في الفكر والعاطفة والسلوك، فهم نجوم متألّقة في المسيرة الإنسانية، والقدوة الشامخة في تاريخ الإسلام، استسلموا لله واقتدوا برسول الله(ص) وكانوا عِدلاً للقرآن الكريم .
أبوه الإمام موسى بن جعفر الكاظم (ع) الوارث لجميع الخصال والمآثر الحميدة لأبيه جعفر الصادق(ع) كما وصفه ابن حجر الهيتمي قائلاً : «وارثه علماً ومعرفة وكمالاً وفضلاً، سمّي الكاظم لكثرة تجاوزه وحلمه، وكان معروفاً عند أهل العراق بباب قضاء الحوائج عند الله، وكان أعبد أهل زمانه وأعلمهم وأسخاهم»(1).
واُمّه أم ولد سمّيت بأسماء عديدة منها : نجمة، وأروى، وسكن، وسمان، وتكتم، وهو آخر أساميها(2)، ولما ولدت الرضا (ع) سمّاها الإمام الكاظم(ع) بالطاهرة(3).
ولد (ع) في مدينة رسول الله (ص) سنة (148 هـ )(4)، وقيل سنة (151 هـ ) وقيل : (153 هـ )(5)، والقول الأوّل هو الأشهر(6) .
وحينما ولد هنّأ أبوه اُمَّه قائلاً لها : «هنيئاً لكِ يا نجمة كرامة ربّكِ»، فناولته إياه في خرقة بيضاء، فأذَّن في اُذنه اليمنى وأقام في اليسرى، ودعا بماء الفرات فحنّكه به، ثم ردّه إليها وقال :«خذيه، فإنّه بقية الله تعالى في أرضه»(7)، وسمّاه باسم جدّه أمير المؤمنين (ع).
وقد لقّب بألقاب كريمة أشهرها: الرضا، الصابر، الزكي، الوفي، سراج الله، قرة عين المؤمنين، مكيدة الملحدين، الصدّيق ، والفاضل(8).
وأشهر كناه : أبو الحسن. وللتمييز بين الإمام الكاظم (ع) والرضا (ع) يقال للأب: أبو الحسن الماضي، وللأبن : أبو الحسن الثاني(9) .
ولد (ع) بعد ستة عشر عاماً من سقوط الدولة الاُموية وتأسيس الدولة العبّاسية، في ظروف اتّسع فيها الولاء لأهل البيت ((عليهم السلام)) وتجذرت مفاهيمهم في عقول الأغلبية العظمى من المسلمين، وكان التعاطف معهم قائماً على قدم وساق ، وذلك واضح من حوار هارون العبّاسي مع الإمام الكاظم (ع) حيث قال له : أنت الذي تبايعك الناس سرّاً؟، فأجاب (ع) : «أنا إمام القلوب وأنت إمام الجسوم»(10).
وكانت الأنظار متوجّهة الى الوليد الجديد الذي سيكون له شأن في المسيرة الإسلامية; لترعرعه في أحضان العلم والفضائل والمكارم.
وكان الرضا (ع) كثير الرضاع، تام الخَلق، فقالت اُمّه : أعينوني بمرضع، فقيل لها : أنقص الدرّ؟! فقالت : ما أكذب، والله ما نقص الدرّ، ولكن عليّ ورد من صلواتي وتسبيحي، وقد نقص منذ ولدت(11).
وفي ظلّ المكارم والمآثر ترعرع الإمام الرضا (ع)، وتجسّدت فيه جميع القيم الصالحة بعد أن نهلها من المعين الزاخر بالتقوى والإخلاص والسيرة الصالحة مقتدياً بأبيه الكاظم للغيظ وأجداده العظام، وكان الإمام الكاظم (ع) يحيطه برعاية فائقة وعناية خاصّة .
فعن المفضّل بن عمر قال : «دخلت على أبي الحسن موسى بن جعفر(ع)، وعليّ ابنه في حجره، وهو يقبّله ويمصّ لسانه ويضعه على عاتقه ويضمه إليه، ويقول : بأبي أنت وأُمي ما أطيب ريحك وأطهر خلقك وأبين فضلك! قلت : جعلت فداك لقد وقع في قلبي لهذا الغلام من المودّة ما لم يقع لأحد إلاّ لك، فقال (ع) : يا مفضل هو منّي بمنزلتي من أبي (ع) ذريةٌ بعضها من بعض والله سميع عليم، قال: قلت : هو صاحب هذا الأمر من بعدك ؟ قال :نعم»(12).
وكان الإمام الكاظم (ع) يحيط ابنه الرضا (ع) بالمحبة والتقدير والتكريم ويخاطبه بلقبه وكنيته، فعن سليمان بن حفص المروزي قال : «كان موسى بن جعفر بن محمّد ... يسمّي ولده عليّاً(ع): الرضا، وكان يقول : «اُدعوا إليَّ ولدي الرضا، وقلت لولدي الرضا، وقال لي ولدي الرضا، وإذا خاطبه قال له : يا أبا الحسن»(13).
وكان يلهج بذكره ويثني عليه ويذكر فضله ليوجّه الأنظار إلى دوره الرائد في المستقبل القريب وكان يبتدئ بالثناء على ابنه عليّ ويطريه، ويذكر من فضله وبرّه ما لايذكر من غيره، كأنه يريد أن يدلّ عليه(14).
انطباعات عن شخصيّة الإمام الرضا (ع)
إنّ شخصيّة الإمام أبي محمّد الرضا (ع) قد احتلت عواطف العلماء والمؤلّفين في كلّ جيل وعصر، وتمثّل ذلك في جمل الثناء والتعظيم على شخصيّته، وإليك بعض ما ورد من الثناء عليه :
الإمام الكاظم (ع) :
لقد أشاد الإمام الكاظم (ع) بولده الإمام الرضا ، وقدّمه على السادة الأجلاّء من أبنائه ، وأوصاهم بخدمته ، والرجوع إليه في اُمور دينهم، فقال لهم:
«هذا أخوكم عليّ بن موسى عالم آل محمّد (ص)، فاسألوه عن أديانكم، واحفظوا ما يقول لكم، فإنّي سمعت أبي جعفر بن محمّد (ع) غير مرّة يقول لي : إنّ عالم آل محمّد(ص) لفي صلبك، وليتني أدركته فإنّه سميُّ أمير المؤمنين...»(15).
المأمون :
وأعلن المأمون العبّاسي فضل الإمام الرضا(ع) في كثير من المناسبات:
1 ـ قال المأمون للفضل بن سهل وأخيه : «ما أعلم أحداً أفضل من هذا الرجل ـ يعني الإمام عليّ بن موسى ـ على وجه الأرض»(16).
2 ـ أشاد المأمون بالإمام الرضا (ع) أيضاً في رسالته التي بعثها للعبّاسيين الذين نقموا عليه بولاية العهد للإمام (ع) قائلاً :«ما بايع له المأمون ـ أي للإمام الرضا ـ إلاّ مستبصراً في أمره عالماً بأنّه لم يبق أحد على ظهرها ـ أي على ظهر الأرض ـ أبين فضلاً، ولا أظهر عفّة، ولا أورع ورعاً، ولا أزهد زهداً في الدنيا، و لا أطلق نفساً، ولا أرضى في الخاصّة والعامّة، ولا أشدّ في ذات الله منه، وأنّ البيعة له لمُوافقة رضى الربّ»(17).
قال أبو الصلت عبدالسلام الهروي ، وهو من أعلام عصره:
«ما رأيت أعلم من عليّ بن موسى الرضا، ولا رآه عالم إلاّ شهد له بمثل شهادتي، ولقد جمع المأمون في مجالس له ذوات عدد، علماء الأديان، وفقهاء الشريعة والمتكلمين فغلبهم عن آخرهم، حتى ما بقي منهم أحد إلاّ أقرّ له بالفضل وأقرَّ على نفسه بالقصور...»(18) .
وقال زعيم الشيعة الشيخ محمّد بن محمّد النعمان العكبري البغدادي الملَقَّب بالشيخ المفيد :
«وكان الإمام بعد أبي الحسن موسى بن جعفر((عليهما السلام)) ابنه أبا الحسن عليّ بن موسى الرضا((عليهما السلام)) لفضله على جماعة اخوته، وأهل بيته، وظهور علمه وحلمه وورعه واجتهاده، واجتماع الخاصّة والعامّة على ذلك فيه، ومعرفتهم به منه»(19).
وقال جمال الدين أحمد بن عليّ النسّابة، المعروف بابن عنبة، عند ذكره عقب الإمام الرضا: «ويكنى أبا الحسن ولم يكن في الطالبيّين في عصره مثله، بايع له المأمون بولاية العهد، وضرب اسمه على الدراهم والدنانير، وخطب له على المنابر»(20).
وقال جمال الدين، أبو المحاسن يوسف بن تغري بردي : «الإمام أبو الحسن الهاشمي العلوي، الحسيني، كان إماماً عالماً... وكان عليّ هذا سيّد بني هاشم في زمانه، وأجلّهم، وكان المأمون يعظّمه ويبجّله ويخضع له، ويتغالى فيه، حتى جعله وليّ عهده ..»(21).
وقال صفي الدين الخزرجي: «كان ـ أي الإمام الرضا ـ سيّد بني هاشم، وكان المأمون يعظّمه، ويجلّه، وعهد له بالخلافة، وأخذ له العهد ..»(22) .
قال ابن حجر : «قال ابن السمعاني: كان الرضا من أهل العلم والفضل مع شرف النسب..»(23).
قال اليافعي : «الإمام الجليل المعظَّم، سلالة السادة الأكارم: أبو الحسن عليّ بن موسى الكاظم... أحد الأئمة الاثني عشر، أولي المناقب الذين انتسبت الإمامية إليهم، وقصروا بناء مذهبهم عليه..»(24).
والذهبي الذي عرف بالبغض والعداء لأهل البيت((عليهم السلام)) لم يسعه إلاّ الاعتراف بفضل الإمام الرضا (ع)، بقوله:
«الإمام أبو الحسن بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمّد الباقر ابن عليّ زين العابدين بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب الهاشمي العلوي .. وكان سيّد بني هاشم في زمانه، وأجلّهم، وأنبلهم، وكان المأمون يعظّمه ، ويخضع له ويتغالى فيه، حتى أنّه جعله ولي عهده..»(25).
قال الشبراوي: «كان رضي الله عنه كريماً جليلاً، مهاباً موقّراً وكان أبوه موسى الكاظم (ع) يحبّه حبّاً شديداً»(26).
مدحه أبو نؤاس ـ الشاعر المشهور ـ الذي كان قد ترك مدحه إعظاماً له، وقد أجاد فيما قال، حين عوتب على عدم مدحه الإمام الرضا(ع) بعد توليته لولاية العهد فقال مجيباً:
قيل لي أنت أوحد الناس طرّاً *** في فنون من الكلام النبيه
لك من جوهر الكلام بديع *** يثمر الدر في يدي مجتنيه
فعلى ما تركت مدح ابن موسى *** والخصال التي تجمّعن فيه
قلت : لا اهتدي لمدح إمام *** كان جبريل خادماً لأبيه(27)
وخرج الإمام الرضا(ع) يوماً على بغلة، فدنا منه أبو نؤاس، وسلّم عليه وقال له : «ياابن رسول الله! قد قلت فيك أبياتاً وأحب أن تسمعها مني».
فقال له : «هات». فانبرى أبو نؤاس قائلاً :
مطهّرون نقيّات ثيابهم *** تجري الصلاة عليهم كلّما ذكروا
من لم يكن علويّاً حين تنسبه *** فما له في قديم الدهر مفتخر
فأنتم الملأ الأعلى وعندكم *** علم الكتاب وماجاءت به السور(28)
وأعجب الإمام (ع) بهذه الأبيات فقال لأبي نؤاس :
«قد جئتنا بأبيات ما سبقك إليها أحد ..».
ثم التفت الى غلامه فقال له : هل معك من نفقتنا شيء؟ فقال له: ثلاثمائة دينار، فقال : أعطها إيّاه. فلما ذهب الى بيته ، قال لغلامه : لعلّه استقلّها، يا غلام سق إليه البغلة(29).
وهام دعبل الخزاعي في الإمام الرضا(ع)، وكان مما قاله فيه :
لقد رحل ابن موسى بالمعالي *** وسار بيسره العلم الشريف
وتابعه الهدى والدين كلاًّ *** كما يتتبع الالف الأليف(30)
مظاهر من شخصيّة الإمام الرضا (ع)
لقد كانت شخصيّة الإمام الرضا (ع) ملتقى للفضائل بجميع أبعادها وصورها، فلم تبق صفة شريفة يسمو بها الإنسان إلاّ وهي من نزعاته، فقد وهبه الله كما وهب آباءه العظام وزيّنه بكل مكرمة، وحباه بكل شرف وجعله علماً لاُمّة جدّه، يهتدي به الحائر، ويسترشد به الضال، وتستنير به العقول.
إنّ مكارم أخلاق الإمام الرضا(ع) نفحة من مكارم أخلاق جده الرسول الأعظم (ص) الذي امتاز على سائر النبيّين بهذه الكمالات، فقد استطاع(ص) بسمو أخلاقه أن يطور حياة الإنسان، وينقذه من أحلام الجاهلية الرعناء، وقد حمل الإمام الرضا(ع) أخلاق جدّه، وهذا إبراهيم بن العبّاس يقول عن مكارم أخلاقه:
«ما رأيت ولا سمعت بأحد أفضل من أبي الحسن الرضا(ع)، وشاهدت منه ما لم أشاهده من أحد، وما رأيته جفا أحداً بكلامه قط، ولا رأيته قطع على أحد كلامه حتى يفرغ منه، وما ردّ أحداً عن حاجة يقدر عليها، ولا مدّ رجليه بين يدي جليس له قط، ولا اتكأ بين يدي جليس له قط، ولا رأيته يشتم أحداً من مواليه ومماليكه، وما رأيته تفل قط، ولا رأيته يقهقه في ضحكه، بل كان ضحكه التبسّم، وكان إذا خلا ونصبت مائدته أجلس على مائدته مماليكه ومواليه حتى البوّاب والسائس، وكان قليل النوم بالليل كثير السهر، يحيي أكثر لياليه من أوّلها الى الصبح، وكان كثير الصوم، ولا يفوته صيام ثلاثة أيام في الشهر، ويقول: «ذلك صوم الدهر» وكان كثير المعروف والصدقة في السرّ، وأكثر ذلك يكون في الليالي المظلمة، فمن زعم أنّه رأى مثله في فضله فلا تصدّقوه»(31) .
ومن معالي أخلاقه أنّه مع تقلّده ولاية العهد التي هي أرقى منصب في الدولة الإسلاميّة إلاّ أنّه لم يأمر أحداً من مواليه وخدمه في الكثير من شؤونه وإنّما كان يقوم بذاته في خدمة نفسه، حتى قيل : إنه احتاج الى الحمّام فكره أن يأمر أحداً بتهيئته له، ومضى إلى حمّام في البلد لم يكن صاحبه يظن أنّ ولي العهد يأتي الى الحمّام في السوق فيغسل فيه، وإنما حمامات الملوك في قصورهم .
ولما دخل الإمام الحمّام كان فيه جندي، فأزال الإمام عن موضعه، وأمره أن يصب الماء على رأسه، ففعل الإمام ذلك، ودخل الحمّام رجل كان يعرف الإمام فصاح بالجندي هلكت، أتستخدم ابن بنت رسول الله(ص)؟! فذعر الجندي، ووقع على الإمام يقبل أقدامه، ويقول له متضرّعاً :
«هلاّ عصيتني إذ أمرتك؟».
فتبسّم الإمام في وجهه وقال له ، برفق ولطف : «إنّها لمثوبة، وما أردت أن أعصيك فيما اُثاب عليه»(32).
ومن سموّ أخلاقه أنّه إذا جلس على مائدة أجلس عليها مماليكه حتى السائس والبوّاب وقد أعطى بذلك درساً لهم، لقاء التمايز بين الناس، وأنهم جميعاً على صعيد واحد، ويقول إبراهيم بن العبّاس : سمعت عليّ بن موسى الرضا(ع) يقول : «حلفت بالعتق، ألا أحلف بالعتق إلاّ أعتقت رقبة، وأعتقت بعدها جميع ما أملك، إن كان يرى أنه خير من هذا ـ وأومأ الى عبد أسود من غلمانه ـ بقرابتي من رسول الله(ص)، إلاّ أن يكون له عمل صالح فأكون أفضل به منه»(33).
وقال له رجل : والله ما على وجه الأرض أشرف منك أباً .
فقال (ع) : «التقوى شرفهم، وطاعة الله أحظتهم» .
وقال له شخص آخر : أنت والله خير الناس ...
فردّ عليه قائلاً: «لا تحلف يا هذا! خير مني من كان أتقى لله تعالى، وأطوع له، والله ما نسخت هذه الآية (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)(34)»(35).
زهده :
ومن صفات الإمام الرضا (ع) الزهد في الدنيا، والاعراض عن مباهجها وزينتها، وقد تحدث عن زهده محمّد بن عباد حيث قال : كان جلوس الرضا في الصيف على حصير، وفي الشتاء على مسح(36)، ولبسه الغليظ من الثياب حتى إذا برز للناس تزيّن لهم(37).
والتقى به سفيان الثوري ـ وكان الإمام قد لبس ثوباً من خز ـ فأنكر عليه ذلك وقال له : لو لبست ثوباً أدنى من هذا. فأخذ الإمام (ع) يده برفق، وأدخلها في كُمّه فإذا تحت ذلك الثوب مسح، ثم قال له :
«يا سفيان! الخزّ للخلق، والمسح للحقّ»(38).
وحينما تقلّد ولاية العهد لم يحفل بأي مظهر من مظاهر السلطة، ولم يقم لها أي وزن، ولم يرغب في أي موكب رسمي، حتى لقد كره مظاهر العظمة التي كان يقيمها الناس لملوكهم .
سخاؤه :
ولم يكن شيء في الدنيا أحبّ الى الإمام الرضا(ع) من الإحسان الى الناس والبر بالفقراء. وقد ذكرت بوادر كثيرة من جوده وإحسانه، وكان منها ما يلي :
1 ـ أنفق جميع ما عنده على الفقراء، حينما كان في خراسان، وذلك في يوم عرفة فأنكر عليه الفضل بن سهل، وقال له : إنّ هذا لمغرم ...
فأجابه الإمام(ع): «بل هو المغنم لا تعدّنّ مغرماً ما ابتغيت به أجراً وكرماً»(39).
إنّه ليس من المغرم في شيء صلة الفقراء والإحسان الى الضعفاء ابتغاء مرضاة الله تعالى، وإنّما المغرم هو الإنفاق بغير وجه مشروع كإنفاق الملوك والوزراء الأموال الطائلة على المغنّين والعابثين .
2 ـ وفد عليه رجل فسلّم عليه، وقال له : «رجل من محبيك ومحبي آبائك وأجدادك((عليهم السلام))، مصدري من الحجّ، وقد افتقدتُ نفقتي، وما معي ما أبلغ مرحلة، فإن رأيت أن تنهضني الى بلدي، ولله عليَّ نعمة فإذا بلغت بلدي تصدقت بالذي توليني عنك فلستُ موضع صدقة، فقال له : اجلس رحمك الله. وأقبل على الناس يحدّثهم حتى تفرّقوا، وبقي هو وسليمان الجعفري، وخيثمة وأنا»، فاستأذن الإمام منهم ودخل الدار وبقي ساعة ثم خرج وردّ الباب وأخرج من أعلى الباب صرّة، وقال : «أين الخراساني؟ فقال:ها أنا ذا، فقال(ع) : خُذ هذه المائتي دينار واستعن بها في مؤونتك ونفقتك، ولا تصدّق بها عني». وانصرف الرجل مسروراً قد غمرته نعمة الإمام. والتفت إليه سليمان فقال له: جعلت فداك لقد أجزلت ورحمت، فلماذا سترت وجهك عنه؟»
فأجابه الإمام (ع) : «مخافة أن أرى ذل السؤال في وجهه لقضائي حاجته، أما سمعت حديث رسول الله(ص) : المستتر بالحسنة يعدل سبعين حجّة، والمذيع بالسيئة مخذول ... أما سمعت قول الأوّل:
متى آته يوما لأطلب حاجة *** رجعت الى أهليووجهي بمائه»(40)
3 ـ وكان إذا أكل أتي بصحفة فتوضع بقرب مائدته فيعمد إلى أطيب الطعام ممّا يؤتى به، فيأخذ من كل شيء شيئاً فيضع في تلك الصحفة ثم يأمر بها الى المساكين، ويتلو قوله تعالى: (فَلاَ اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ)(41)ثم يقول : «علم الله عزّ وجلّ أنه ليس كل إنسان يقدر على عتق رقبة فجعل لهم السبيل الى الجنّة»(42).
4 ـ وروي: أن فقيراً قال له : «أعطني على قدر مروّتك».
فأجابه الإمام(ع) : «لا يسعني ذلك» .
والتفت الفقير الى خطأ كلامه فقال ثانياً : «على قدر مروّتي».
وهنا قابله الإمام(ع) ببسمات فيّاضة بالبشر قائلاً له: «اذن فنعم» .
ثم قال: «يا غلام! أعطه مائتي دينار»(43).
5 ـ ومن معالي كرمه ما رواه أحمد بن عبيدالله عن الغفاري، قائلاً: «كان لرجل من آل أبي رافع ـ مولى النبيّ(ص) ـ يقال له: طيس، عليَّ حقّ فتقاضاني، وألحَّ عليَّ، وأعانه الناس، فلما رأيت ذلك صليت الصبح في مسجد الرسول(ص) ثم توجهت نحو الرضا (ع) وهو يومئذ بالعريض، فلما قربت من بابه إذا هو قد طلع على حمار، وعليه قميص ورداء فلما نظرت إليه، استحييت منه، فلمّا لحقني وقف ونظر إليّ، فسلمت عليه ـ وكان شهر رمضان ـ فقلت: جعلني الله فداك، إنّ لمولاك طيس عليّ حقّاً وقد والله شهرني، وأنا أظنّ في نفسي أنّه يأمره بالكف عنّي، ووالله، ما قلت له كم له عليّ، ولا سميت له شيئاً. فأمرني بالجلوس إلى رجوعه، فلم أزل حتى صلّيت المغرب، وأنا صائم فضاق صدري وأردت أن أنصرف، فإذا هو قد طلع عليَّ وحوله الناس، وقد قعد له السؤال وهو يتصدق عليهم، فمضى ودخل بيته، ثم خرج ودعاني فقمت إليه ودخلت معه فجلس وجلست فجعلت أحدّثه عن ابن المسيّب، وكان أمير المدينة وكان كثيراً ما أحدّثه عنه فلما فرغت قال: لا أظنّك أفطرت بعد، فقلت : لا ، فدعا لي بطعام ووضع بين يديّ، وأمر الغلام أن يأكل معي فأصبت والغلام من الطعام، فلمّا فرغنا قال لي: ارفع الوسادة وخذ ما تحتها، فرفعتها، وإذا دنانير فأخذتها ووضعتها في كُمّي، وأمر أربعة من عبيده أن يكونوا معي حتى يبلغوني منزلي... ، فصرت الى منزلي ودعوت بالسراج ونظرت الى الدنانير، وإذا هي ثمانية وأربعون ديناراً، وكان حقّ الرجل عليّ ثمانية وعشرين ديناراً، وكان فيها دينار يلوح فأعجبني حسنه فأخذته وقربته من السراج فإذا عليه نقش واضح: حقّ الرجل ثمانية وعشرون ديناراً وما بقي فهو لك»(44).
تكريمه للضيوف : كان (ع) يكرم الضيوف، ويغدق عليهم بنعمه وإحسانه وكان يبادر بنفسه لخدمتهم، وقد استضافه شخص، وكان الإمام يحدّثه في بعض الليل فتغيّر السراج فبادر الضيف لإصلاحه فوثب الإمام، وأصلحه بنفسه، وقال لضيفه : «إنّا قوم لا نستخدم أضيافنا»(45).
عتقه للعبيد : ومن أحب الاُمور الى الإمام الرضا(ع) عتقه للعبيد، وتحريرهم من العبودية، ويقول الرواة : إنّه أعتق ألف مملوك(46).
إحسانه الى العبيد :
وكان الإمام (ع) كثير البر والإحسان الى العبيد، وقد روى عبدالله بن الصلت عن رجل من أهل (بلخ)، قال : كنت مع الإمام الرضا(ع) في سفره الى خراسان فدعا يوماً بمائدة له فجمع عليها مواليه، من السودان وغيرهم، فقلت : جعلت فداك لو عزلت لهؤلاء مائدة، فأنكر عليه ذلك وقال له :
«مه أنّ الربّ تبارك وتعالى واحد، والاُم واحدة، والأب واحد والجزاء بالأعمال...»(47).
إنّ سيرة أئمة أهل البيت((عليهم السلام)) كانت تهدف الى الغاء التمايز العرقي بين الناس، وأنهم جميعاً في معبد واحد لا يفضل بعضهم على بعض إلاّ بالتقوى والعمل الصالح .
علمه :
والشيء البارز في شخصية الإمام الرضا (ع) هو إحاطته التامة بجميع أنواع العلوم والمعارف، فقد كان بإجماع المؤرخين والرواة أعلم أهل زمانه، وأفضلهم وأدراهم باحكام الدين، وعلوم الفلسفة والطب وغيرها من سائر العلوم، وقد تحدّث عبدالسلام الهروي عن سعة علومه، وكان مرافقاً له، يقول:
«ما رأيت أعلم من عليّ بن موسى الرضا، ولا رآه عالم إلاّ شهد له بمثل شهادتي، ولقد جمع المأمون في مجالس له ذوات عدد، علماء الأديان، وفقهاء الشريعة والمتكلمين، فغلبهم عن آخرهم حتى ما بقي منهم أحد إلاّ أقرّ له بالفضل، واقرّ له على نفسه بالقصور، ولقد سمعت عليّ بن موسى الرضا((عليهما السلام)) يقول : كنت أجلس في الروضة والعلماء بالمدينة متوافرون فإذا أعيا الواحد منهم عن مسألة أشاروا إليّ بأجمعهم، وبعثوا اليّ بالمسائل فاُجيب عنها»(48).
لقد كان الإمام أعلم أهل زمانه، كما كان المرجع الأعلى في العالم الإسلامي الذي يرجع إليه العلماء والفقهاء فيما خفي عليهم من أحكام الشريعة، والفروع الفقهيّة .
قال إبراهيم بن العبّاس : «ما رأيت الرضا يسأل عن شيء قط إلاّ علم، ولا رأيت أعلم منه بما كان في الزمان الأوّل، الى وقته وعصره، وكان المأمون يمتحنه بالسؤال عن كل شيء فيجيب فيه...»(49).
قال المأمون : «ما أعلم أحداً أفضل من هذا الرجل ـ يعني الإمام الرضا ـ على وجه الأرض...»(50)
معرفته بجميع اللغات :
وظاهرة اُخرى من علومه هي : معرفته التامة، وإحاطته الشاملة بجميع اللغات، قال أبو إسماعيل السندي: «سمعت بالسند أن لله في العرب حجّة، فخرجت منها في الطلب، فدُلِلت على الرضا (ع) فقصدته فدخلت عليه وأنا لا اُحسن العربية كلمة، فسلّمت عليه بالسندية، فرد عليَّ بلغتي، فجعلت اُكلمه بالسندية، وهو يجيبني بالسندية فقلت له : إنّي سمعت بالسند أنّ لله حجّة في العرب، فخرجت في الطلب، فقال ـ بلغتي ـ(ع): نعم، أنا هو، ثم قال: فسل عمّا تريد فسألته عمّا أردته...»(51) .
وقد أكّد هذه الظاهرة الكثيرون ممن اتصلوا بالإمام، يقول أبو الصلت الهروي : كان الرضا (ع) يكلم الناس بلغاتهم، فقلت له في ذلك فقال :
«يا أبا الصلت أنا حجّة الله على خلقه، وما كان الله ليتخذ حجّة على قوم، وهو لا يعرف لغاتهم. أوَما بلغك قول أمير المؤمنين (ع): أوتينا فصل الخطاب، وهل هو إلاّ معرفته اللغات»(52).
وروى ياسر الخادم فقال : كان لأبي الحسن(ع) في البيت صقالبة، وروم، وكان أبو الحسن قريباً منهم فسمعهم بالليل يتراطنون بالصقلبية والرومية، ويقولون : إنّا كنّا نفصد كل سنة في بلادنا، ثمّ ليس نفصد ها هنا، فلمّا كان من الغد وجّه أبو الحسن إلى بعض الأطباء فقال له: افصد فلاناً عرق كذا، وافصد فلاناً عرق كذا(53).
الإمام(ع) والملاحم :
وأخبر الإمام الرضا (ع) عن كثير من الملاحم والأحداث قبل وقوعها، وتحققت بعد ذلك على الوجه الأكمل الذي أخبر به، وهي تؤكد ـ بصورة واضحة ـ أصالة ما تذهب إليه الشيعة من أنّ الله تعالى قد منح أئمة أهل البيت (ع) المزيد من الفضل والعلم، كما منح رسله، ومن بين ما أخبر به ما يلي :
1 ـ روى الحسين بن بشار فقال : «قال الرضا (ع) : إنّ عبدالله ـ يعني المأمون ـ يقتل محمّداً ـ يعني الأمين ـ فقلت له : عبدالله بن هارون يقتل محمّد بن هارون، قال لي: نعم، عبدالله الذي بخراسان يقتل محمّد بن زبيدة الذي هو ببغداد فقتله»(54)وكان يتمثل بهذا البيت :
وانّ الضغن بعد الضغن يفشو *** عليك، ويخرج الداء الدفينا(55)
ولم تمض الأيام حتى قتل المأمون أخاه الأمين .
2 ـ ومن بين الأحداث التي أخبر عنها : أ نّه لما خرج محمّد بن الإمام الصادق بمكة، ودعا الناس الى نفسه، وخلع بيعة المأمون، قصده الإمام الرضا، وقال له : يا عم لا تكذب أباك، ولا أخاك ـ يعني الإمام الكاظم(ع) ـ فإنّ هذا الأمر لا يتم، ثم خرج، ولم يلبث محمّد إلاّ قليلاً حتى لاحقته جيوش المأمون بقيادة الجلودي، فانهزم محمّد ومن معه، وطلب الأمان، فآمنه الجلودي، وصعد المنبر وخلع نفسه، وقال : إنّ هذا الأمر للمأمون وليس لي فيه حقّ(56).
3 ـ روى الحسين نجل الإمام موسى (ع) قال : «كنّا حول أبي الحسن الرضا (ع)، ونحن شبّان من بني هاشم إذ مرّ علينا جعفر بن عمر العلوي وهو رثّ الهيئة فنظر بعضنا الى بعض وضحكنا من هيئته، فقال الرضا : سترونه عن قريب كثير المال، كثير التبع، فما مضى إلاّ شهر ونحوه، حتى ولي المدينة وحسنت حاله»(57).
4 ـ روى محول السجستاني فقال : «لما ورد البريد باشخاص الرضا (ع) الى خراسان كنت أنا بالمدينة فدخل المسجد ليودع رسول الله (ص)، فودعه مراراً كل ذلك يرجع الى القبر، ويعلو صوته بالبكاء والنحيب، فتقدمت إليه، وسلمت عليه، فردّ السلام، وهنأته، فقال : ذرني فإني أخرج من جوار جدّي، وأموت في غربة، واُدفن في جنب هارون، قال : فخرجت متبعاً طريقه، حتى مات بطوس ودُفن إلى جنب هارون»(58).
وتحقق ما أخبر به فقد مضى الى خراسان، ولم يعد منها واغتاله المأمون العبّاسي، ودفن الى جانب هارون .
5 ـ روى صفوان بن يحيى قال : لما مضى أبو إبراهيم ـ يعني الإمام الكاظم(ع) ـ وتكلم أبو الحسن (ع) خفنا عليه من ذلك، فقيل له : إنّك قد أظهرت أمراً عظيماً، وأنّا نخاف عليك هذا الطاغية ـ يعني هارون ـ فقال(ع): «ليجهد جهده فلا سبيل له عليّ»(59).
وتحقق ذلك فإن هارون لم يتعرّض له بسوء، وقد اكّد الإمام هذا المعنى لبعض أصحابه، فقد روى محمّدبن سنان قال : قلت لأبي الحسن الرضا في أيام هارون: إنّك قد شهرت نفسك بهذا الأمر، وجلست مجلس أبيك، وسيف هارون يقطر الدم ـ أي من دماء أهل البيت وشيعتهم ـ فقال (ع) : «جرّأني على هذا ما قال رسول الله (ص) : إن أخذ أبو جهل من رأسي شعرة، فاشهدوا أني لست بنبي، وأنا أقول لكم : إنّ أخذ هارون من رأسي شعرة فاشهدوا أني لست بإمام»(60).
لقد أعلن (ع) غير مرّة أنّ هارون لا يعرض له بسوء، وأنه يدفن الى جانب هارون، فقد روى حمزة بن جعفر الأرجاني: خرج هارون من المسجد الحرام من باب، وخرج الرضا من باب فقال الرضا(ع) ـ وهو يعني هارون ـ : «ما أبعد الدار وأقرب اللقاء، يا طوس، يا طوس; ستجمعني وإيّاه»(61).
وأكّد الإمام دفنه بالقرب من هارون في كثير من الأحاديث فقد روى موسى بن هارون قال : رأيت عليّ بن موسى الرضا في مسجد المدينة، وهارون يخطب، فقال (ع) : «أتروني وإياه ندفن في بيت واحد»(62).
6 ـ ومن الأحداث التي أخبر عنها نكبة البرامكة، فقد روى مسافر أنه كان مع أبي الحسن عليّ الرضا، فمرّ يحيى بن خالد البرمكي، وهو مغط وجهه بمنديل من الغبار، فقال (ع) : «مساكين هؤلاء ما يدرون ما يحل بهم في هذه السنة».
وأضاف الإمام قائلاً : «وأعجب من هذا هارون وأنا كهاتين، وضمَّ إصبعيه».
قال مسافر : فوالله ما عرفت معنى حديثه حتّى دفنّاه معه(63).
7 ـ روى محمّد بن عيسى عن أبي حبيب النباجي فقال : رأيت رسول الله (ص) في المنام، قد وافى النباج (64) ونزل بها في المسجد الذي ينزله الحاج كلّ سنة وكأني مضيت إليه، وسلّمت عليه، ووقفت بين يديه، ووجدت عنده طبقاً من خوص نخل المدينة فيه تمر صيحاني، فكأنه قبض قبضة من ذلك التمر فناولني فعدّدته فكان ثمانية(65) عشرة تمرة، فتأولت أنّي أعيش بعدد كل تمرة سنة فلمّا كان بعد عشرين يوماً كنت في أرض تعمر بين يدي للزراعة حتى جاءني من أخبرني بقدوم أبي الحسن الرضا(ع) من المدينة ونزوله ذلك المسجد، ورأيت الناس يسعون إليه، فمضيت نحوه فإذا هو جالس في الموضع الذي كنت رأيت فيه النبيّ(ص) وتحته حصير مثل ما كان تحته، وبين يديه طبق خوص فيه تمر صيحاني، فسلمت عليه، فرد السلام عليَّ، واستدناني فناولني قبضة من ذلك التمر فعدّدته فإذا هو بعدد ما ناولني رسول الله (ص) فقلت له : زدني منه يابن رسول الله، فقال : «لو زادك رسول الله(ص) لزدناك»(66).
8 ـ روى بكر بن صالح قال : «قلتُ للرضا (ع): امرأتي أخت محمّد بن سنان بها حمل فادع الله أن يجعله ذكراً، قال : هما اثنان، قلت في نفسي: هما محمّد وعليّ، بعد انصرافي، فدعاني بعد، فقال: سمِّ واحداً عليّاً والأُخرى اُمّ عمر فقدمت الكوفة وقد ولد لي غلام وجارية في بطن، فسميت كما أمرني»(67).
عبادته وتقواه :
ومن أبرز ذاتيات الإمام الرضا (ع) انقطاعه الى الله تعالى، وتمسّكه به، وقد ظهر ذلك في عبادته، التي مثلت جانبا كبيراً من حياته الروحية التي هي نور، وتقوى وورع، يقول إبراهيم بن عبّاس في حديث: «... كان(ع) قليل النوم بالليل، كثير السهر، يحيي أكثر لياليه من أوّلها الى الصبح وكان كثير الصيام فلا يفوته صيام ثلاثة أيام في الشهر...»(68).
ويقول الشبراوي عن عبادته إنه: كان صاحب وضوء وصلاة، ليله كلّه يتوضّأ ويصلّي، ويرقد ثم يقوم فيتوضأ، ويصلّي ويرقد هكذا الى الصباح(69).
لقد كان الإمام (ع) أتقى أهل زمانه، وأكثرهم طاعة لله تعالى. لنقرأ ما يرويه رجاء بن أبي الضحّاك عن عبادة الإمام، إذ كان المأمون قد بعثه الى الإمام ليأتي به الى خراسان، فكان معه في المدينة المنورة الى مرو يقول :
والله ما رأيت رجلاً كان اتقى لله منه، ولا أكثر ذكراً له في جميع أوقاته ولا أشدّ خوفاً لله عزّ وجلّ عنه وكان إذا أصبح صلّى الغداة فإذا سلّم جلس في مصلاه يسبح الله، ويحمده ويكبره، ويهلله، ويصلي على النبيّ(ص) حتى تطلع الشمس، ثم يسجد سجدة يبقى فيها حتى يتعالى النهار، ثم أقبل على الناس يحدثهم، ويعظهم الى قرب الزوال، ثم جدد وضوءه، وعاد الى مصلاه، فإذا زالت الشمس قام فصلّى ست ركعات يقرأ في الركعة الأُولى الحمد، وقل يا أيها الكافرون ، وفي الثانية الحمد وقل هو الله، ويقرأ في الأربع كلّ ركعة الحمد لله، وقل هو الله أحد، ويسلّم في كل ركعتين ويقنت فيهما في الثانية قبل الركوع وبعد القراءة، ثم يؤذّن ويصلّي ركعتين ثم يقيم، ويصلي الظهر، فاذا سلّم سبّح الله وحمّده، وكبّره، وهلّله ما شاء الله، ثم سجد سجدة الشكر، يقول فيها مائة مرة شكراً لله، فإذا رفع رأسه قام فصلى ست ركعات، يقرأ في كلّ ركعة الحمد، وقل هو الله أحد، ويسلم في كل ركعتين، ويقنت في ثانية كلّ ركعتين قبل الركوع وبعد القراءة، ثم يؤذن، ثم يصلي ركعتين ويقنت في الثانية، فإذا سلّم قام وصلى العصر، فإذا سلّم جلس في مصلاه يسبّح الله، ويحمّده، ويكبّره، ويهلّله ما شاء الله، ثم سجد سجدة يقول فيها مائة مرة: حمداً لله، فإذا غابت الشمس، توضأ وصلّى المغرب ثلاثاً بأذان وإقامة، وقنت في الثانية قبل الركوع وبعد القراءة، فإذا سلّم جلس في مصلاّه يسبّح الله ويحمّده، ويكبّره، ويهلّله ما شاء الله، ثم يسجد سجدة الشكر، ثم يرفع رأسه ولم يتكلم، حتى يقوم ويصلّي أربع ركعات بتسليمتين، ويقنت في كلّ ركعتين في الثانية قبل الركوع وبعد القراءة، وكان يقرأ في الاُولى من هذه الأربع الحمد وقل يا أيّها الكافرون، وفي الثانية الحمد وقل هو الله أحد ويقرأ في الركعتين الباقيتين الحمد وقل هو الله، ثم يجلس بعد التسليم في التعقيب ما شاء الله، ثم يفطر، ثم يلبث حتى يمضي من الليل قريب من الثلث، ثم يقوم فيصلي العشاء الآخرة أربع ركعات، ويقنت في الثانية قبل الركوع وبعد القراءة فإذا سلّم جلس في مصلاه يذكر الله عزّ وجلّ ويسبّحه ويحمّده ويكبّره ويهلّله ما شاء الله، ويسجد بعد التعقيب سجدة الشكر ثم يأوي الى فراشه .
فإذا كان الثلث الأخير من الليل قام من فراشه بالتسبيح والتحميد والتكبير والتهليل والاستغفار، فاستاك ]استعمل السّواك[ ثم توضّأ ثم قام الى صلاة الليل، فيصلّي ثمان ركعات ويسلّم في كل ركعتين، يقرأ في الأولين منها في كلّ ركعة الحمد مرة وقل هو الله أحد ثلاثين مرة.
ثمّ يصلّي صلاة جعفر بن أبي طالب أربع ركعات يسلّم في كلّ ركعتين، ويقنت في كلّ ركعتين في الثانية قبل الركوع وبعد التسبيح، ويحتسب بها من صلاة الليل، ثم يقوم فيصلي الركعتين الباقيتين، يقرأ في الاُولى الحمد وسورة الملك، وفي الثانية الحمد لله وهل أتى على الإنسان، ثم يقوم فيصلّي ركعتي الشفع، يقرأ في كلّ ركعة منهما الحمدلله مرة وقل هو الله أحد ثلاث مرات، ويقنت في الثانية قبل الركوع وبعد القراءة، فإذا سلم قام فصلّى ركعة الوتر يتوجه فيها ويقرأ فيها الحمد مرة، وقل هو الله أحد ثلاث مرات وقل اعوذ برب الفلق مرة واحدة، وقل اعوذ برب الناس مرة واحدة، ويقنت فيها قبل الركوع وبعد القراءة، ويقول في قنوته :
«اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد، اللهمّ إهدنا فيمن هديت وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت، وبارك لنا فيما أعطيت، وقنا شرَّ ما قضيت، فإنك تقضي ولا يقضى عليك انّه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربّنا وتعاليت ...».
ثم يقول : «استغفر الله وأسأله التوبة» سبعين مرة، فإذا سلّم جلس في التعقيب ما شاء الله، فإذا قرب الفجر قام فصلّى ركعتي الفجر يقرأ في الاُولى الحمد وقل يا أيها الكافرون وفي الثانية الحمد وقل هو الله أحد، فإذا طلع الفجر أذّن وأقام وصلّى الغداة ركعتين، فإذا سلّم جلس في التعقيب حتى تطلع الشمس، ثم يسجد سجدة الشكر حتى يتعالى النهار ...(70).
لقد سرى حب الله في قلب الإمام، وتفاعل في عواطفه ومشاعره حتى صار من خصوصيات شخصيّته.
تسلّحه بالدعاء :
ومن مظاهر حياة الإمام الروحية تسلحه بالدعاء الى الله والتجاؤه إليه في جميع أُموره، وكان يجد فيه متعة روحية لا تعادلها أية متعة من متع الحياة.
وأُثرت عن الإمام الرضا (ع) كوكبة من الأدعية الشريفة كان من بينها ما يلي :
1 ـ قال(ع): «يا من دلّني على نفسه، وذلّل قلبي بتصديقه، أسألك الأمن والإيمان في الدنيا والآخرة»(71).
وحفل هذا الدعاء على إيجازه، بظاهرة من ظواهر التوحيد وهي أنّ الله تعالى دلّ على ذاته، وعرّف نفسه لخلقه، وذلك بما أودعه، وأبدعه في هذا الكون من العجائب والغرائب، وكلّها تنادي بوجوده .
2 ـ وقال(ع): «اللهمّ أعطني الهدى وثبّتني عليه، واحشرني عليه آمناً، أمن مَن لا خوف عليه، ولا حزن ولا جزع إنك أهل التقوى، وأهل المغفرة»(72).
لقد دعا الإمام (ع) بطلب الهداية، والإنقياد الكامل الى الله الذي هو من أعلى درجات المقربين والمنيبين إلى الله تعالى.
الهوامش:
(1) الصواعق المحرقة: 2/590.
(2) عيون أخبار الرضا(ع): 1 / 26، الاختصاص للمفيد: 197.
(3) عيون أخبار الرضا(ع): 1 / 24، 26، الاختصاص: 197، المناقب: 3/475 ـ 476.
(4) الكافي: 1/486، الإرشاد: 2/247، إعلام الورى: 2/40.
(5) شذرات الذهب : 2 / 76، وقد ردّد بين القولين، وقد ذكر القول الأخير جماعة منهم الصدوق في العيون: 1/28، وعنه ابن شهر آشوب في المناقب: 3/476 وغيرهم.
(6) إذ عليه أغلب العلماء والمحققين ورجّحه الشيخ الكليني أعلى الله مقامه في الكافي: 1/486 .
(7) عيون أخبار الرضا(ع): 1 / 29 ـ 30، وعنه في كشف الغمّة: 3/90.
(8) انظر المناقب: 3/475، نور الأبصار: 232، مطالب السؤول: 2/129.
(9) وهذا واضح لمن تتبع الأخبار والروايات.
(10) الصواعق المحرقة: 2/592، الإتحاف بحبّ الأشراف: 298 ـ 299.
(11) عيون أخبار الرضا(ع): 1 / 28، وعنه في بحار الأنوار: 49/5.
(12) عيون أخبار الرضا(ع): 1 / 40، وعنه في بحار الأنوار: 49/20.
(13) عيون أخبار الرضا(ع): 1 / 23، وعنه في كشف الغمّة: 3/89، وعنه أيضاً في بحار الأنوار: 49/4 .
(14) انظر عيون أخبار الرضا(ع): 1 / 38، وعنه في بحار الأنوار: 49/18.
(15) إعلام الورى بأعلام الهدى: 2/64 ـ 65، الصراط المستقيم: 2/164، وعن إعلام الورى في كشف الغمّة: 3/111، واللفظ للأوّل.
(16) الإرشاد: 2/261 ، إعلام الورى بأعلام الهدى: 2/73، مقاتل الطالبيين: 375، الفصول المهمّة: 2/1005.
(17) الطرائف: 279.
(18) إعلام الورى : 2/64 وعنه في كشف الغمّة: 3/110 ـ 111، واللفظ للأوّل.
(19) الإرشاد: 2/247، وعنه في كشف الغمّة: 3/63.
(20) عمدة الطالب: 198 .
(21) النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة: 2/174.
(22) خلاصة تذهيب تهذيب الكمال: 278.
(23) تهذيب التهذيب: 7 / 340، وانظر أنساب السمعاني 3: 74.
(24) مرآة الجنان: 2 / 11 .
(25) تاريخ الإسلام، حوادث وفيات (201 ـ 210 هـ ): ص270.
(26) الإتحاف بحب الأشراف: 312.
(27) عيون أخبار الرضا(ع): 2/154، كشف الغمّة: 3/111، الأئمة الاثنا عشر، لابن طولون: 98 ـ 99، واللفظ للثاني.
(28) خلاصة الذهب المسبوك لعبدالرحمن قنينو: 200 .
(29) عيون أخبار الرضا(ع): 2/155، إعلام الورى: 2/65، كشف الغمّة: 3/111، الإتحاف بحب الأشراف: 320 ـ 321، الفصول المهمّة: 2/981، واللفظ لكشف الغمّة، وانظر الأبيات الشعرية أيضاً مع بعض التفاوت في: وفيات الأعيان: 3/271، الوافي بالوفيات: 22/155 وغيرها.
(30) ديوان دعبل : 132 .
(31) عيون أخبارالرضا(ع):2/197ـ198،إعلام الورى: 2/63، مناقب آل أبي طالب: 3/469 ـ 470، واللفظ للثاني.
(32) الوافي بالوفيات: 22/156 ـ 157، نور الأبصار: 232 ـ 233 واللفظ للثاني.
(33) عيون أخبار الرضا(ع): 2/262 وعنه في بحار الأنوار : 49 / 95 ـ 96 .
(34) الحجرات (49): 13.
(35) عيون أخبار الرضا(ع) : 2/261 وعنه في بحار الأنوار: 93/224.
(36) المسح : الكساء من الشعر .
(37) عيون أخبار الرضا(ع): 2 / 192، إعلام الورى: 2/64، المناقب: 3/470 واللفظ للأوّل.
(38) المناقب: 3/470.
(39) المناقب: 3/470 وعنه في بحار الأنوار: 49/100.
(40) الكافي: 4/23 و 24 و مناقب آل أبي طالب: 3/470، وعن الكافي في بحار الأنوار : 49/101 ، ح 19. واللفظ للأوّل.
(41) سورة البلد (90): 11 .
(42) المحاسن للبرقي : 2/392 ، ح 39، والكافي: 4/52 واللفظ للثاني.
(43) مناقب آل أبي طالب: 3/470 وعنه في بحار الأنوار: 49/100، وفي كشف الغمّة للإربلي: 3/161، ونسبها للإمام الجواد(ع) .
(44) الكافي: 486 ـ 488، ح 4، الإرشاد: 2/255 ـ 257، وعنه في كشف الغمّة: 3/67 ـ 68، وعنه أيضاً في بحار الأنوار: 49/97 ـ 98، ح 12، واللفظ للأوّل.
(45) الكافي : 6/283، وعنه في بحار الأنوار: 49/102، ح 20.
(46) الإتحاف بحب الأشراف : 312.
(47) الكافي: 8/230، وعنه في بحار الأنوار: 49/101 ، ح 18 .
(48) إعلام الورى: 2/64 وعنه في كشف الغمّة: 3/110 ـ 111 وعنه أيضاً في بحار الأنوار: 49/100 .
(49) عيون أخبار الرضا(ع): 2 / 193، إعلام الورى: 2/63، وعنه في كشف الغمّة: 3/110، الفصول المهمّة: 2/998، واللفظ للأوّل.
(50) الإرشاد: 2/261، إعلام الهدى: 2/73، مقاتل الطالبيين: 375، الفصول المهمّة: 2/1005.
(51) الخرائج والجرائح: 1/340، ح 5، الثاقب في المناقب لابن حمزة الطوسي: 498، وعن الخرائج في كشف الغمّة: 3/97، وعنه أيضاً في بحار الأنوار: 49 / 50، ح 51 .
(52) عيون أخبار الرضا(ع): 2/251، إعلام الورى: 2/70، المناقب : 3 / 446 واللفظ للآخير.
(53) عيون أخبار الرضا(ع): 2/250، إعلام الورى: 2/70، المناقب: 4/362 واللفظ للأخير، والفَصد: ضرب العِرق للحجامة.
(54) عيون أخبار الرضا(ع): 2/226، إعلام الورى: 2/56، دلائل الإمامة: 367، المناقب: 3/447، واللفظ للأوّل.
(55) المناقب: 3 / 447، وعنه في بحار الأنوار: 49/34.
(56) انظر عيون أخبار الرضا(ع): 2/224 وعنه في كشف الغمّة: 3/93 ـ 94، وعنه في بحار الأنوار: 47/246 ـ 247 باب 30 ، ح 5 .
(57) عيون أخبار الرضا(ع): 2/225 ـ 226، إعلام الورى: 2/65، نور الأبصار: 243، واللفظ للثاني.
(58) عيون أخبار الرضا(ع): 2/234، وعنه في بحار الأنوار: 49/117.
(59) الكافي: 1/487، عيون أخبار الرضا(ع): 2/246، الإرشاد: 2/255، الفصول المهمّة: 2/975، واللفظ للأوّل.
(60) الكافي: 8/257، المناقب: 3/451، واللفظ للأوّل.
(61) عيون أخبار الرضا(ع): 2/233، إعلام الورى: 2/59، الفصول المهمّة: 2/976، الإتحاف بحبّ الأشراف: 316 واللفظ للثاني.
(62) عيون أخبار الرضا(ع): 2/247، كشف الغمّة: 3/96، نور الأبصار: 244، الإتحاف بحبّ الأشراف واللفظ للأوّل.
(63) الكافي: 1/491، عيون أخبار الرضا(ع): 2/245، الإرشاد: 2/258، نور الأبصار: 243، الفصول المهمّة: 2/976 واللفظ للأوّل.
(64) النباج : منزل لحجاج البصرة .
(65) والصحيح في النحو «ثمان عشرة».
(66) عيون أخبار الرضا(ع): 2/227، إعلام الورى : 2/54 عن الحاكم وعنه نور الأبصار: 242 ـ 243، جامع كرامات الأولياء: 2 / 311، واللفظ للأوّل.
(67) الخرائج والجرائح: 1/362، الثاقب في المناقب: 214، الفصول المهمّة: 2/977، نور الأبصار: 243، واللفظ للأوّل.
(68) عيون أخبار الرضا(ع) : 2/198 ، إعلام الورى: 2/63، وقريب منه في المناقب: 3/470.
(69) الإتحاف بحب الأشراف : 312.
(70) عيون أخبار الرضا(ع): 1/194 ـ 195 وعنه في بحار الأنوار: 49 / 92 ـ 93 مع تفاوت يسير في الألفاظ، واللفظ المنقول من العيون، وفي الحديث بقية الى بيان بعض أذكاره وعباداته وقرائته لبعض السور في صلواته المندوبة .
(71) الكافي: 2 / 579 .
(72) عيون أخبار الرضا(ع): 1/63، إعلام الورى: 2/188، واللفظ للثاني.