Super User

Super User

تقرير الكيميائي: ثُغَر بلا توضــيح وتساؤلات بلا إجابة

استُخدم السلاح الكيميائي في الغوطة وخان العسل. تقرير الأمم المتّحدة أثبت ذلك من دون أن يُجرّم أحداً، لكن المشتبه فيهما بتنفيذ الهجوم اثنان لا ثالث لهما: إمّا الجيش السوري، وإما مسلّحو المعارضة. هنا معلومات ميدانية وروايات شهود عيان وأسئلة لم نجد إجابات عنها، يُضاف إليها تسريبات من مسؤولين في الأمم المتّحدة بشأن هوية منفّذ الهجوم. وتساؤلات عن التقرير نضعها برسم المراقبين الدوليين والرأي العام. وهنا أيضاً، مقابلة مع خبيرين بريطانيين في الأسلحة الكيميائية وعرض مشاهدات للصحافي الأردني الذي أجرى تقريراً ميدانياً مع مراسلة وكالة «أسوشييتد برس» البريطانية، التي خلُصت إلى أنّ إحدى مجموعات المعارضة السورية المسلّحة هي من نفّذ الهجوم الكيميائي

لم يصل «مسلّحو المعارضة» إلى أعتاب قصر الرئاسة السورية. لم يقف هؤلاء أمام منزل الرئيس السوري بشّار الأسد في حيّ المالكي، بل لم تُهدّد هجماتهم العاصمة دمشق بالسقوط حتى. فلماذا إذاً، قد يستخدم النظام السوري السلاح الكيميائي؟ بل أكثر من ذلك، وعلى عكس السابق، هذه المرّة كان التقدّم الميداني حليف الجيش السوري. وكانت نتائج المعارك المحتدمة في محيط الشام وريفها تصبّ في مصلحته.

وكانت أيضاً «استغاثات مسلّحي المعارضة تُنشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، واتصالات المناشدة للتدخّل لوقف تقدم الجيش السوري كانت تُعرض مباشرةً على شاشتي العربية والجزيرة، قناتي الثورة السورية». وأيضاً وأيضاً، كان هناك وفدٌ جديد من المراقبين الدوليين قد وصل إلى سوريا قبل يومين للتحقيق في حادثة استخدام الكيميائي في خان العسل والشيخ مقصود وسراقب، التي وجّهت فيها المسؤولة الرفيعة في الأمم المتحدة كارلا ديل بونتي في مقابلة مع التلفزيون السويسري الاتّهام بداية إلى مسلّحي المعارضة. كانت الكفّة راجحة بوضوح لمصلحة النظام السوري. فجأة، انقلبت الصورة رأساً على عقب. خرجت فجر ٢١ آب مقاطع فيديو مصوّرة تُظهر عشرات القتلى يُزعم فيها أنهم ضحايا هجوم كيميائي نفّذه الجيش السوري. لم يكن هناك آثار دماء على الضحايا الذين كانوا أطفالاً ونساءً، ولم يكن بينهم مسلّحون حتّى. هكذا خرجت وسائل الإعلام والناشطون على هوائها لاتّهام النظام السوري، مستبقة أي تحقيق، بارتكاب مجزرة الغوطة التي زعموا أن ضحاياها قاربوا ١٤٠٠ قتيل. فهل يُعقل ذلك؟ هل دمشق استخدمت السلاح الكيميائي فعلاً؟ تساؤلٌ يُجيب عنه مسؤول رفيع في الأمم المتحدة، معنيٌّ مباشرة بالملف السوري، في حديثه مع «الأخبار»، مستبعداً تورّط النظام السوري باستخدام السلاح الكيميائي لأنه «انتحار». يستعيد المسؤول المذكور المجريات الميدانية التي كانت في مصلحة الجيش السوري حينها، فيخلُص إلى أن جهازاً استخبارياً متورّطٌ في الهجوم لتوريط دمشق. ولدى الاستفسار منه عن هوية الجهة أجاب قائلاً: «أعتقد أنّه بندر، لكنّ أحداً لن يجرؤ على قول ذلك»، (أي بندر بن سلطان رئيس جهاز الاستخبارات السعودية). ثم يضيف: «السعوديون أكثر المستفيدين، فلم يكد المراقبون الدوليون يصلون إلى سوريا حتى استُخدم الكيميائي فوراً... الطريقة الأسرع لتركيع الأسد». استنتاج المسؤول الأممي، رغم استبعاده تورّط النظام وتوجيهه اتّهام تنفيذ الهجوم ضمنياً لمسلّحي المعارضة، لا ينفي احتمال أن يكون ضباط سوريون خالفوا أوامر القيادة واستخدموا صواريخ كيميائية من طريق الخطأ أو لغاية في أنفسهم، (ربما انتقاماً أو خدمة مدفوعة الثمن بناءً على طلب جهة استخبارية).

الأبواب مفتوحة على كافة الاحتمالات، لكن الحقيقة أنّ الجيش السوري كان يُحقّق تقدّماً استثنائياً في ريف دمشق في تلك الأيام. فلماذا قد يستخدم الكيميائي في المعضمية وزملكا وعين ترما وجوبر الملاصقة لعاصمة نظامه، ولا يستخدم السلاح الكيميائي في حلب وإدلب اللتين تبعدان عنه، أو في قرية جبل الزاوية التي تعجّ بالمسلّحين ولا مدنيين فيها؟ لماذا لم يكن بين الضحايا مسلّحون ما دامت قوات الجيش السوري استهدفت مسلّحي المعارضة واقتصرت المقاطع التي عُرضت على جثث الأطفال والنساء فحسب؟ ألا يُمكن أن تكون جُثث هؤلاء قد حُقنت بالكيميائي أو أنّ مجموعة معارضة مأجورة استهدفت النساء والأطفال عن سابق إصرار للعائلات لتوجيه أصابع الاتهام إلى النظام السوري للحؤول دون استمرار تقدّمه؟

 

المسلسل مستمرّ

مسلسل الكيميائي لم ينته هنا؛ فقد علمت «الأخبار» أن مجموعات من المعارضة المسلّحة اتّصلت منذ أيام بعدد من أعضاء فريق الأمم المتحدة، زاعمة أن النظام السوري استخدم الكيميائي ضدّهم مجدداً. وتكشف المصادر أنّ هؤلاء أرسلوا مقاطع فيديو لضحايا زعموا أنّهم سقطوا في قصفٍ بصواريخ كيميائية، لكن لم يجرِ التثبّت من المقطع المُرسل. كذلك تكشف المعلومات عن دخول ٤٠٠ كمّامة وملابس خاصة للحماية من الكيميائي إلى كل من إدلب وحلب. وتشير المصادر السورية إلى أنّه جرى الحديث عن وجود ١٤٠٠ ضحية، لكن لم يُعثر إلا على نحو مئتي جثة. أمّا بشأن صور الضحايا التي عُرضت، فبعضها كان قد عُرِض سابقاً. كذلك أُثيرت نقطة أُخرى تتعلّق بتقرير الأمم المتحدة الذي ذكر أن الكيميائي استُخدم بشكل كبير؛ إذ لم تُرَ حيوانات أو طيور نافقة. وكذلك كان المسعفون من دون أقنعة.

لقد خرج إلى الضوء تقرير الأمم المتّحدة عن استخدام الكيميائي السوري في الغوطة، لكنّه لم يُشر إلى عناصر الجيش السوري الموجودين في مستشفى المزة وتشرين لإصابتهم بالكيميائي إثر عثورهم على حُقن تحتوي على مواد كيميائية في أنفاق قريبة من المعضمية تبيّن أنها مادة غاز السارين. علماً أنّ مصادر الجيش السوري تكشف لـ«الأخبار» عن مقتل سبعة عسكريين وإصابة ٣٥ آخرين جراء تعرّضهم للكيميائي. ولم تُشر إلى ما كشفته مصادر الأمم المتّحدة عن اتصال تلقّاه المراقبون قرابة الساعة الثالثة فجراً لإبلاغهم بتعرّض الغوطة لهجوم بالسلاح الكيميائي، حيث تحدّث المتصلون عن سقوط آلاف القتلى، كاشفة أنّ المراقبين طلبوا منهم إرسال مقاطع فيديو وصلهم بعد نحو ربع ساعة، لكن بدا في بعض المقاطع أنّ المشاهد في وضح النهار.

هذا في المضمون. أمّا في الشكل، فلم يوجّه تقرير الأمم المتحدة بشأن استخدام السلاح الكيميائي في الغوطة الصادر الاثنين الماضي أي إدانة، سواء للحكومة السورية أو مسلّحي المعارضة باستخدام الكيميائي، لكنّ معلّقين إعلاميين ومسؤولين من بلدان عدة انطلقوا منه لتوجيه اتّهامات ضد الرئيس السوري بشّار الأسد بارتكاب الهجوم في الغوطة وفي عدد من المواقع الأخرى. التقرير الأخير الصادر عن الأمم المتحدة بشأن الأسلحة الكيميائية قد يوفر بعض القرائن، لكنّه لا يُحدّد من يتحمّل اللوم بين طرفي النزاع، إلّا أنه يبدو كأنّه يتبنّى رواية المعارضة بشأن هجمات الغوطة. وتجدر الإشارة إلى أن التحقيق اعتمد على ثلاثة أنواع من الأدلة: العينات البيئية والعينات البشرية والذخائر.

لقد جمع فريق الأمم المتحدة عينات بيئية من موقعين في الغوطة والمعضمية الواقعة شرق الغوطة، وعين ترما وزملكا في غربها. عينات المعضمية جُمِعت في ٢٦ آب عندما مكث فريق الأمم المتحدة قرابة الساعتين في المنطقة. أما عيّنات عين ترما وزملكا فجُمعت في ٢٨ و٢٩ آب خلال فترة عمل قُدّرت بخمس ساعات ونصف ساعة. محققو الأمم المتحدة حددوا هذه التواريخ في الملحق السادس من التقرير، لكن في الملحق السابع، قصة مختلفة تماما تنبثق من نتائج الاختبار على العينات البيئية في الغوطة. هذا الجزء من التقرير مليء بالجداول التي لا تُحدد المدن التي جُمعت العينات البيئية منها، لكن فيها التواريخ، ورموز مخصصة للعينات، ووصف من العينات ومن ثم نتائج اختبارات الأسلحة الكيميائية من مختبرين منفصلين. لكنْ بنظرة متفحّصة للرسوم البيانية يظهر وجود تباين كبير في نتائج المختبر للعينات المأخوذة من شرق الغوطة وغربها. كذلك لا توجد عينة واحدة في المعضمية أظهرت فحوصها وجود السارين.

هنا معلومات مثيرة للجدل. هذه العينات أُخذت من «مواقع الهجوم والمناطق المحيطة بها»، وليس عشوائياً من البلدة. وعلاوة على ذلك، في المعضمية، العينات البيئية أُخذت بعد خمسة أيام من تاريخ الهجوم. في حين أنّه في عين ترما وزملكا حيث عُثر على عينات جاءت نتيجة فحصها إيجابية لجهة احتوائها على السارين، فقد جمعها محققو الأمم المتحدة بعد سبعة أو ثمانية أيام على الهجوم. أي حيث يبدو تفكك العوامل الكيميائية أكثر وضوحاً. ومع ذلك، في المعضمية حيث أُجري اختبار على الضحايا الذين تعرضوا للهجوم بالسلاح الكيميائي، تبيّن تعرّضهم لكمية أكبر من السارين بنتيجة راوحت بين ٩٣٪ و١٠٠٪ (يرجع التفاوت في الأرقام تبعاً لاختلاف المختبرات التي فحصت نفس العينات). وفي زملكا، كانت النتائج بين 85٪ و91٪. ليس وارداً من الناحية العلمية، إن لم يكن من المستحيل، اكتشاف تعرّض الضحايا لهذه الكمية من غاز السارين من دون العثور على دليل بيئي واحد يُظهر وجود آثار للسلاح الكيميائي. فلماذا لم تُسلّط الأمم المتحدة الضوء على هذه النتيجة المثيرة للقلق في تحقيقاتها؟

في واقع الأمر، يُطرح تساؤل ملحّ بشأن ضرورة تحديد المذنب في الهجمات الكيميائية في سوريا، وهناك استنتاجات عدة بشأن النقص في الأدلة البيئية ووفرة الأدلة البشرية للتلوث بالسارين في المعضمية. الاحتمال الأول بسيط، هو أنه لا وجود لأي هجوم كيميائي في المدينة، بحسب البيانات البيئية. والتفسير الثاني هو أن العينات المأخوذة من المعضمية، كانت ملوّثة بالسارين بطريقة ما، رغم أن العينات البشرية لم تُظهر شيئاً من هذا القبيل. وهذا تفسير محتمل. وثمة تفسير ثالث مفاده أن «المصابين أُدخلوا إلى المعضمية من منطقة أُخرى لتقديم سرد لهجمات كيمائية لم تحصل قط»، بحسب القائد السابق لفوج الدفاع الكيميائي في الجيش البريطاني، هاميش دي بريتون غوردون.

في النهاية، تقرير الأمم المتّحدة لم يخبرنا ماذا حصل في الغوطة فجر ٢١ آب. لم يُخبرنا التقرير مَن استخدم السلاح الكيميائي أو كيف استُخدم. ورغم ذلك، يتوجّه الفريق الأممي لاستكمال التحقيق في حادثة استخدام الكيميائي في خان العسل. ربّما، ليس في يد فريق الأمم المتّحدة حيلة أو أنّه غير مسموحٍ له بوضع إصبعه على الجُرح وتحديد المذنب بين الطرفين، لكن على الأدلة المعروضة مستقبلاً أن تكون أكثر وضوحاً في المرة المقبلة كي لا تلتبس الحقيقة مجدداً.

 

صحافي أُردني من قلب الحدث

بعد انقضاء يومين على الهجوم، في ٢٣ آب، دخل المراسل الأردني يحيى عبابنة، في واحدة من جولاته المعتادة في سوريا، إلى الغوطة حيث قابل مسلّحي المعارضة. حصيلة جولته خلُصت إلى اتّهام مجموعة من المعارضة بالهجوم الكيميائي، ونُشرت في أكثر من موقع إخباري، كما نشرتها مراسلة وكالة «أسوشييتد برس» دايل غافلاك في موقع «منت برس». وفي اتصال عبر السكايب مع عبابنة، أعاد في حديثه مع «الأخبار» تأكيد الوقائع التي عاينها في اليوم نفسه الذي وقع فيه الهجوم الكيميائي. فذكر أن المواد الكيميائية التي كانت في أيدي المعارضين قتلت من طريق الخطأ ١٢ شخصاً في أحد خنادق الغوطة. وذكر أن مسلّحي المعارضة الذين تحدثوا إليه زعموا أنهم حصلوا على الأسلحة من مصادر سعودية. وتحدث عبابنة عن حالة غضب عارمة لدى المسلّحين لأنهم لم يُنبّهوا إلى كيفية استخدامها، ما سبّب الحادثة. عبابنة الذي قال إنه سمع القصة نفسها من عشرات المسلّحين المنهارين في ذلك اليوم، أوضح قائلاً: «التقيت ضابطاً منشقاً عن الجيش السوري انضم إلى صفوف المعارضة المسلّحة، وقال لي إنه تركهم لأنهم لم يعلموه بأن هذه أسلحة كيميائية. بل أخبروه بأنها أسلحة عادية. الضابط المذكور أخبرني أنّ مسلّحين من تنظيم القاعدة والمعارضة المسلّحة نقلوا الأسلحة إلى الغوطة عبر خنادق». وكشف أنّه جرى إخفاؤها في الخنادق قبل أن تنفجر من طريق الخطأ. وذكر أن بعض هذه الأسلحة الحديثة كان في أنابيب، وبعضها كان في قساطل رفيعة، مشيراً إلى أنّهم أخبروه بأنها كانت المرة الأولى التي يرون فيها نوعاً من الأسلحة كهذا؛ إذ كانت ناعمة، لكنها ثقيلة في نفس الوقت، علماً بأنّهم طلبوا من المسلّحين حملها بطريقة معينة، لكنّهم لم يُخبروهم بماهيتها.

روسيا: أميركا تبتزّنا... ومستعدّون لحماية المفتّشين

اتهم وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أمس، الولايات المتحدة بالسعي إلى ابتزاز روسيا حتى تدعم قراراً لمجلس الأمن الدولي بشأن سوريا، وانتقد الغرب معتبراً أنه أعمى حيال فكرة تغيير في نظام سوريا. وقال لافروف، في مقابلة مع «تشانل وان»، إن «شركاءنا الأميركيين بدأوا يمارسون الابتزاز معنا (ويقولون) إنه إذا لم تدعم روسيا قراراً في مجلس الأمن على أساس الفصل السابع، فإننا سنوقف العمل بمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية».

وأضاف لافروف إن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية «على وشك اتخاذ قرار» حول سوريا، لكن العملية مهددة بسبب «الموقف المتصلب لبعض الشركاء الغربيين»، موضحاً «أنهم بحاجة إلى الفصل السابع».

ولفت لافروف إلى أن «شركاءنا يعميهم الهدف الأيديولوجي بتغيير النظام (في سوريا)»، وتابع «كل ما يقولونه هو أن على بشار الأسد أن يرحل».

وأشار لافروف إلى أنهم «لا يريدون الاعتراف بأنهم خدعوا مرة أخرى كما خدعوا في ليبيا عبر قصف البلد وتركه على شفير الفوضى، وكما خدعوا في العراق وتركوا الأمر نفسه وعبر شن عملية برية أيضاً، تاركين البلد في وضع صعب للغاية حيث يموت عشرات الأشخاص كل يوم في اعتداءات».

وفيما أكد أن هدف روسيا «حل مشكلة الأسلحة الكيميائية في سوريا»، لفت لافروف إلى أن «هدفهم الوحيد هو إثبات تفوقهم».

وحذّر لافروف من أنه إذا سقط النظام السوري ووصل المسلحون المعارضون إلى السلطة، فإنه «لن يعود هناك من دولة علمانية» في سوريا، مؤكداً أن «ما بين ثلثي وثلاثة أرباع» المسلحين هم من «الجهاديين».

وكشف لافروف عن أن المعطيات الروسية حول سوريا تثبت وقائع سيطرة المسلحين على المناطق التي كانت تقع فيها مستودعات السلاح الكيميائي، وأشار إلى أنه «أثناء عمل مفتشي منظمة حظر الأسلحة الكيميائية تمهيداً لوضع مواقع تخزين السلاح الكيميائي تحت المراقبة، يجب على من يموّل مجموعات المعارضة، والمتطرفة منها، أن يجد طريقة لمطالبتها بتسليم ما جرى الاستيلاء عليه ويجب تدميره وفقاً لاتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية».

من جهة أخرى، أبدى لافروف استعداد بلاده لإرسال قوات إلى سوريا في إطار وجود دولي لتوفير أمن عمل الخبراء في مواقع الأسلحة الكيميائية، وقال «نحن على استعداد لإشراك عسكريينا، الشرطة العسكرية، للمشاركة في هذه الجهود».

ورفض الوزير الروسي الفكرة القائلة بأن روسيا باتت مسؤولة عن برنامج تفكيك الترسانة الكيميائية السورية، موضحاً «أننا لسنا الضامنين لنزع الأسلحة الكيميائية السورية»، مضيفاً إن موسكو سمحت فقط بأن تقبل دمشق الانضمام إلى الاتفاقية حول حظر الأسلحة الكيميائية من دون أي شرط.

من جهة أخرى، أعلنت الخارجية الروسية أن «وزير الخارجية سيرغي لافروف بحث مع نظيره الأميركي جون كيري في اتصال هاتفي بمبادرة من الأخير سير تطبيق الاتفاقات الروسية الأميركية بشأن وضع الأسلحة الكيميائية السورية تحت الرقابة الدولية».

وكان وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو قد أعلن أن روسيا لا تنوي إرسال قوات خاصة إلى سوريا لحراسة الكيميائي، لكنها جاهزة لإجلاء المواطنين الروس المقيمين هناك بواسطة سفن إلانزال.

بدوره، أكد مدير ديوان الرئاسة الروسية سيرغي إيفانوف أن بلاده قد تغيّر موقفها من القضية السورية إذا تبيّن أن الرئيس السوري بشار الأسد «يخادع». وأوضح إيفانوف، خلال اجتماع المؤتمر العاشر لمعهد لندن الدولي للدراسات الاستراتيجية، «أقول ذلك من الناحية النظرية والافتراضية، ولكن في حال ظهور قناعة لدينا بأن بشار الأسد يخادع فقد نغيّر موقفنا».

وأضاف لدى إجابته عن سؤال حول موقع الترسانة الكيميائية السورية: «علينا أن ندرك أن الأسد لا يسيطر على كامل الأراضي السورية. ولا نعرف حتى اليوم أين يقع مخزون السلاح الكيميائي بأكمله. أعتقد أن ذلك سيتضح خلال أسبوع».

وتابع المسؤول الروسي الوثيق الصلة بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين حديثه قائلاً إن المدة والتكلفة والتكنولوجيا المطلوبة لتدمير السلاح الكيميائي السوري قد تتضح بشكل نهائي بعد شهرين أو ثلاثة.

وفي ما يتعلق بمؤتمر «جنيف 2»، شدد إيفانوف على أنه أمر ضروري لتسوية الأزمة السورية، لافتاً إلى أنه لا يمكن تجاوزه.

في إطار آخر، ذكر مساعدو الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أن الأخير سيدعو أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الثلاثاء، إلى تبني «قرار ملزم بأكبر قدر ممكن» بشأن مراقبة الترسانة الكيميائية السورية مع أو من دون الإشارة إلى الفصل السابع الذي يجيز اللجوء إلى القوة. وقال المساعدون «نرغب في إمكانية المراقبة والتحقق وعقوبات قصوى. ومن ثم، فإن كل ما يقترب من الفصل السابع وإمكانية معاقبة سوريا إذا ما أخلت بالتزاماتها، سيكون موضع ترحيب وتشجيع إيجابي من فرنسا». وأشاروا إلى ضرورة مراعاة «مواقف واعتبارات دول أخرى لديها حق الفيتو».

من جهة ثانية، حذر الرئيس الإيراني حسن روحاني الغربيين من أي تدخل عسكري في سوريا، داعياً إلى «السياسة والحوار» لإنهاء الحرب. وأضاف روحاني، متوجهاً إلى الغربيين في خطاب ألقاه بمناسبة عرض عسكري في جنوب طهران، «لا تسعوا إلى حرب جديدة في المنطقة لأنكم ستأسفون على ذلك. لا يمكن إطفاء الحرب بالحرب. يجب إطفاؤها بالسياسة والحوار». وتابع «نعتقد أن على الجميع بذل الجهود لوقف الحرب في سوريا ومنع الإرهابيين من تعزيز قواهم في المنطقة»، معرباً عن تمنيه بأن «تجلس مجموعات المعارضة السورية إلى طاولة المفاوضات مع الحكومة».

بدوره، رأى وزير الخارجية الألماني غيدو فيسترفيله أن «من الممكن أن تكون هناك فرصة لوقف إطلاق النار وذلك لأول مرة منذ فترة طويلة، توفر للناس في سوريا فرصة لالتقاط الأنفاس وتسهل من عملية توصيل المساعدات الإنسانية وتمهد الطريق أمام حل سياسي في مؤتمر جنيف».

في سياق متصل، أكد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أن المشاورات جارية بين الأطراف الدولية والعربية بهدف التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في سوريا يمهّد لإطلاق عملية سياسية تضع حداً للأزمة القائمة.

وقال الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي، بعد لقائه بان كي مون، إن القضية السورية ومفاوضات السلام ستشكلان ملفات محورية في اجتماعات الجمعية العامة لهذه السنة.

 

المقداد: سوريا لن تقبل تمثيل المتطرفين في «جنيف 2»

وفي سياق الكلام عن مؤتمر «جنيف 2»، أكد نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد أن الحكومة السورية لا يمكن أن تقبل تمثيل الجماعات المتطرفة المنتمية إلى تنظيم «القاعدة» في مؤتمر «جنيف 2».

وشدد المقداد، في حديث إلى صحيفة «صنداي تايمز» البريطانية، على أن مجموعات الثوار التابعين لـ«القاعدة» ستستبعد من أي محادثات سلام مستقبلية بخصوص سوريا.

بالمقابل، أعلن رئيس «الائتلاف» المعارض أحمد الجربا، أن الائتلاف سيحضر مؤتمر «جنيف 2»، شرط أن يهدف إلى تأسيس حكومة انتقالية بسلطات كاملة. وذكر جربا، في رسالة إلى مجلس الأمن، أن «الائتلاف» يؤكد من جديد استعداده للمشاركة في مؤتمر جنيف في المستقبل، ولكن يجب على كل الأطراف الموافقة على أن هدف المؤتمر سيكون تأسيس حكومة انتقالية بسلطات تنفيذية كاملة كما هو منصوص عليه في اتفاق القوى الدولية العام الماضي.

الإثنين, 23 أيلول/سبتمبر 2013 04:56

مصادر ومعايير السيرة النبوية الشريفة(1)

مصادر ومعايير السيرة النبوية الشريفة(1)

لبيك يا رسول الله (1):

مصادر ومعايير السيرة النبوية الشريفة من الضروري جداً إذا أردنا أن نكوّن صورة واضحة ونقيّة عن حياة رسول الله (ص) وسيرته أن نعتمد على مصادر صحيحة ومعايير وضوابط تكون قادرة على إعطائنا الصورة الحقيقية الأكثر نقاء وصفاءً عن شخصية النبي محمد(صل الله عليه وأله وسلم).

فما هي تلك المصادر التي ينبغي اعتمادها في استخراج سيرة رسول الله(ص)، وما هي تلك المعايير والضوابط والقواعد التي يجب أن نعتمدها لتمييز النصوص الصحيحة من النصوص المزيفة؟.. في الحقيقة هناك عدة مصادر يمكننا أن نستخلص منها اعتمادنا عليها في تحديد معالم شخصية الرسول الأعظم (ص) وتفاصيل حياته وسيرته.

وهي أولاً : القرآن الكريم، الذي أعطى صورة واضحة ورائعة عن شخصية النبي(ص) وصفاته وخصائصه، ومواقفه في كثير من السور والأيات المباركة. ويستطيع قارئ القرآن الكريم بالتدبر التام في أياته التي نزلت في شان رسول الله (ص) أن يحيط بمختلف جوانب شخصيته وحياته منذ أن بعثه الله نبياً ورسولاً إلى أن فارق هذه الدنيا.

فقد أشار القرآن الكريم مثلاً إلى مكانة النبي (ص) ومنزلته وعظمته في سور الحجرات والنور والأحزاب وغيرها من السور المباركة.

كما أنه أشار إلى أسمائه وألقابه في سورتي "الصف" و"أل عمران" وغيرهما من السور.. كما أنه أشار إلى صفاته وخصائصه، وإلى العصمة والطهارة والرأفة والرحمة والعطف والشجاعة في سور آل عمران والتوبة والأحزاب ولأنبياء وغيرها.

وأشار القرآن الكريم إلى أخلاق النبي (ص) وإلى صبره وثباته في مواقع المواجهة والتحدي، وإلى طريقة تبليغه للرسالة، وإلى مواقفه من عدم استجابة قومه لدعوته إلى غير ذلك مما يرتبط بحياته وسيرته في كثير من الآيات والسورة المباركة. فالرجوع إلى القرآن الكريم نفسه واستخراج صورة النبي (ص) وصفاته وأفعاله من خلال ما عرضته الآيات الكريمة يعدّ من أوثق وأصح المصادر والمراجع لدراسة شخصية الرسول (ص)، وتكوين صورة واضحة عن حياته وأخلاقه وعلاقاته ومواقفه وقيادته والتحديات التي واجهها في طريق الدعوة إلى الدين الإسلامي.

ثانياً : النصوص الواردة عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) التي عرضت لسيرة الرسول الأكرم وحياته. فإن هذه النصوص تعدّ بعد القرآن الكريم أحد أهم المصادر التي نأخذ منها خصائص شخصية الرسول (ص) ومميزاتها وتفاصيل حياته، على اعتبار أن أهل البيت أدرى بما فيه، وخصوصا ما ورد عن الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) الذي لازم رسول الله (ص) في جميع مراحل حياته.

وكان يتبعه اتباع الفصيل أثر أمه، ويراه في الأوقات التي لا يراه فيها غيره. ولقد ورد عن أئمة أهل البيت (ع) مئات النصوص والروايات التي تحدثت عن حياة رسول الله (ص) العامة والأحداث الكبرى اليت عاشها في حياته، كذلك عن حياته الشخصية والخاصة.

ثالثاً : الروايات التاريخية المروية بالتواتر عن المسلمين الأولين. فالنصوص المروية عن الصحابة والتي تتحدث عن سيرة النبي (ص) تعدّ من مصادر السيرة والتاريخ إذا ثبتت صحتها بالتواتر أو بإحدى وسائل الإثبات الأخرى.

أما النصوص والروايات التاريخية الأخرى التي لم ترو عن أئمة أهل البيت (ع) ولم تكن متواترة فلا بد إذا أردنا تقييم هذه النصوص من أن نعتمد ضوابط وقواعد ومعايير محددة نستطيع من خلالها أن تمييز النص الصحيح الذي يعكس الواقع التاريخي بصورة صادقة من النص المصطنع أو المحرّف. وأهم الضوابط والقواعد التي ينبغي اعتمادها في هذا المجال، هي أولا دراسة أحوال وأوضاع الناقلين للحديث.

فإن أول ما ينبغي في الحديث المنقول هو سنده. والسند هو عبارة عن مجموعة أسماء لأشخاص نقلوا لنا الحديث أو الحدث التاريخي. فلا بد من دراسة أحوال هؤلاء وأوضاعهم.

وثانياً أن يكون مضمون النص الذي يحكي لنا فعل وسلوك النبي (ص) منسجماً مع صفات الشخصية النبوية وخصائصها ومميزاتها.

فإذا جاء النص منسجماً ومتناسباً مع الوضع الطبيعي لشخصية رسول الله (ص) المثالية بما لها من خصائص ومميزات رسالية فإنه يكون مقبولاً ونأخذ بمضمونه إذا توافرت فيه سائر شروط القبول الأخرى.

فمثلا إذا ثبت لدينا بالدليل القطعي الصحيح أن شخصية النبي (ص) هي في أعلى درجات الطهر والعصمة والحكمة والشجاعة وأنه تحلّى بكل الصفات النبيلة والفضيلة جامعة لكل القيم الإسلامية، فلا بد من جعل كل ذلك معياراً وميزاناً لأيّ نص يرد بشأنه ويريد أن يسجل لنا قولا أو فعلا أو سلوكا أو موقفا له (صل الله عليه وأله وسلم). فإذا جاء النص منسجماً مع هذه الخصائص والمميزات الثابتة بالدليل القطعي الصحيح، فإنه يكون مقبولاً. وإلا إذا لم يتوافق مع هذه الصفات فإننا لا نتردد في رفض مثل هذا النص. رابعاً : عرض النصوص التاريخية وغيرها على القرآن الكريم فما وافق كتاب الله نأخذ به، وما خالفه نتركه. وهذه قاعدة لا بد من اعتمادها، ليس في أحاديث سيرة النبي (ص) فحسب، بل في كل الأحاديث المنقولة عنه أو عن أحد من أئمة أهل البيت (ع)، سواء كانت تاريخاً أو فقهاً أو أخلاقاً أو غير ذلك. فقد روي عن النبي (ص) أنه قال :" تكثر لكم الأحاديث بعدي، فإذا روي لكم حديث فاعرضوه على كتاب الله فما وافق كتاب الله فاقبلوه وما خالف فردوه".

 

الإثنين, 23 أيلول/سبتمبر 2013 04:26

كلمات للإمام الخامنئي حول الصلاة

كلمات للإمام الخامنئي حول الصلاة

"الصلاة في جميع الأديان الإلهية هي أهم الممارسات الدينية و أوضح و أشمل علامات الإيمان". الإمام الخامنئي 07/04/2009

أساس كل المرارات التي يتجرعها البشر هو الغفلة عن الله وعدم الخروج عن دائرة المصالح الشخصية. الصلاة تحرر الإنسان من هذه الأسوار المظلمة. الصلاة في جميع الأديان الإلهية هي أهم الممارسات الدينية و أوضح و أشمل علامات الإيمان. و صلاة الإسلام أكمل و أجمل الصلوات.

كل واحدة من كلمات الصلاة و أذكارها خلاصة لجانب من معارف الدين، و هي تذكر المصلّي بتلك المعارف دائماً و بلا انقطاع. الصلاة التي تقام بتدبّر في المعاني و بلا سهو أو غفلة تعرِّف الإنسان باطراد على المعارف الإلهية و تزيد من حبه لها.

حينما تكون الصلاة مصحوبةً بالتوجه و حضور القلب فسوف لن تلطِّف وتنوِّر و تعطِّر قلب المصلّي و روحه و حسب، بل تلطِّف و تنوِّر و تعطِّر الأجواء المحيطة به أيضاً، و تضيئ البيت و العائلة و أجواء العمل و محافل الأصدقاء و تجمعات المواطنين و كل أجواء الحياة. الصلاة بتوجه و حضور قلب و المفعمة بالذكر و التذكر، و التي تعلِّم الإنسان دوماً أرقى المعارف الإسلامية، مثل هذه الصلاة تحرر الإنسان من العبثية و اللاهدف و الضعف، و تمنحه الهمّة و الإرادة و ترسم له الأهداف، و تضيئ آفاق الحياة في عينيه، و تحرر قلبه من الميول المنحطّة و المعوجّة.

من هنا فإن الإنسان يحتاج للصلاة دائماً، و هو أحوج إليها في مواطن الخطر. الواقع أن الصلاة أفضل أسس الدين و طروحاته و يستطيع كل إنسان الانتفاع منها بمقدار ما يريد. الصلاة أول خطوات السلوك إلى الله. بيد أن سعة و استيعاب هذا العامل الإلهي إلی درجة يستطيع معها أن يكون أجنحة عروج الإنسان حتى في ذروة الكمال الإنساني.

فالإنسان الأرقى في التاريخ أعني رسول الإسلام الكريم يقول: »قرة عيني في الصلاة«. ربما أمكن القول إنه ما من عامل عبادي آخر كالصلاة يستطيع منح الإنسان الحلول و القوة و التقدم به إلى الأمام في كافة مراحل تكامله المعنوي.

الصلاة ركن الدين الأساسي و يجب أن تحتل المكانة الرئيسية في حياة الإنسان. الحياة الإنسانية الطيبة في ظل سيادة الدين الإلهي تتأتّى حينما يُحيي الإنسان قلبه بذكر الله، و يستطيع بمعونته أن يجاهد كل جاذبيات الشر و الفساد، و يحطِّم كافة الأصنام و يقصِّر أيدي جميع الشياطين الداخلية و الخارجية عن التطاول على كيانه. هذا الذكر و الحضور الدائم لا يحصل إلا ببركة الصلاة.

و الصلاة في حقيقتها رصيد هائل و كنـز لا يفنى يتوفّر عليه الإنسان دائماً و في كل الأحوال في كفاحه ضد شيطان نفسه التي تجرفه نحو الانحطاط و الجبن، و ضد شياطين الهيمنة التي تفرض عليه الذلة و الاستسلام بما لها من إمكانيات مادية و قوة قاهرة. الإنسان و المجتمع اليوم يتعرضان لضغوط شديدة في العصر الراهن حيث سيطرة النظام الآلي على كل المجتمعات البشرية. أبناء البشر في مثل هذا النظام مضطرون لتنظيم و ملاءمة أنغام حياتهم الفردية و الاجتماعية على إيقاع الماكنة الثقيل الناخر للأرواح.

لذلك فإن حاجة الإنسان في العالم اليوم للعلاقة المعنوية مع الله الرحيم أمسُّ و أكبر من أي وقت مضى، و الصلاة أفضل و أنجع وسيلة لإشباع هذه الحاجة. ثمة في الصلاة ثلاثة خصائص رئيسية تعزز دورها الأفضل في تهذيب النفس و تربية الإنسان روحياً.الخصوصية الأولى هي أن الصلاة بالشكل المحدد لها في الإسلام، أي هذه الحركات و الأذكار الخاصة تدعو المصلّي بشكل طبيعي للبعد عن الذنوب و التلوث بها.

الخصوصية الثانية هي أنها تحيي لدى الإنسان روح العبودية و الخضوع أمام الباري تعالى الذي يمثل المحبوب الحقيقي و الفطري لكل إنسان. و الخصوصية الثالثة هي أنها تهدي لروح المصلي و قلبه الطمأنينة و السكون الذي يعد الشرط الرئيس للنجاح في كل ميادين الحياة، و تعالج فيه حالة التزلزل و الاضطراب التي تعتبر عقبة كبيرة في سبيل المبادرات الجادة للتربية الأخلاقية. والإنسان معرض لمختلف أنواع الخطأ.

لكل إنسان بالتالي سهوه و أخطاؤه و خطاياه التي تعرض له. إذا أراد الإنسان النجاح في طريق الحياة فبمقدور الصلاة أن تمارس دور التعويض له. يقول الباري في الآية القرآنية الشريفة: »أقم الصلاة طرفي النهار و زلفاً من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات«. الصلاة نور يبدد الظلمات و يمحو المساوئ و يغسل آثار الذنوب عن القلب. قد يتعرض الإنسان على كل حال لصنوف من الأدران و التلوث، و إذا التزمتم بالصلاة فسوف تبقى هذه النورانية فيكم و لا تجد المعاصي الفرصة للتغلغل إلى أعماق أرواحكم. والمسجد ليس للصلاة فقط. هناك أنواع من العبادة يمارسها الإنسان في المسجد.

من هذه العبادات التفكر الذي يكسبه رواد المساجد بواسطة كلام علماء الدين و الفقهاء هناك. إذن، المسجد مدرسة و جامعة و مكان للتفكّر و التأمل و محل لتنقية الروح و التمرّن على الإخلاص و اتصال العبد بربه. إنه مكان لارتباط الأرض بالسماء. مكان يعرج فيه الإنسان بنفسه إلى مصدر الفيض و القدرة الخالد. إقامة الصلاة هي الثمرة و العلامة الأولى لحكومة الصالحين.

من أكبر أعمال إمامنا الجليل (رضوان الله تعالى عليه) هو استئنافه لإقامة صلاة الجمعة. هو الذي أعاد صلاة الجمعة لشعبنا. كنّا محرومين من صلاة الجمعة سنوات طوالاً. اعتقد أن من أهم عوامل حفظ إيمان الجماهير و معنوياتهم هو صلاة الجمعة و خطب الجمعة و المشاركة المعنوية للجماهير في ميدان صلاة الجمعة، و أن يقف إنسان أمين يثق به الشعب ليطلع الجماهير كل جمعة بلسان صادق على أوضاع البلاد، و ينصحهم و يصحح توجهاتهم. يجب أن تكون صلاة الجمعة موقعاً لاستقطاب الجماهير و نصيحتهم و تعليمهم. على أئمة الجمعة المحترمين بذل كل جهودهم بمساعدة المصلّين في هذا الاتجاه.

استقبل سماحة آية الله العظمى السيد علي الخامنئي قائد الثورة الإسلامية صباح يوم الثلاثاء 17/09/2013 م قادة و روّاد و منتسبي حرس الثورة الإسلامية، و اعتبر الملف المشرق لحرس الثورة الإسلامية دليلاً على عمق هوية الشعب الإيراني و شخصيته و تجاربه، و أكد في معرض بيانه لمفهوم الحراسة العامة للثورة الإسلامية: الرسالة الأصلية و الجذابة للثورة الإسلامية هي تجنّب ممارسة الظلم و عدم الرضوخ للظلم، و يجب تحليل و تفسير كل القضايا بما في ذلك أقوال و أفعال المهيمنين في إطار التحدي الأساسي الذي يواجهه نظام الهيمنة مع هذه الرسالة.

و بارك قائد الثورة الإسلامية العيد السعيد لميلاد عالِم آل محمد الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) منوّهاً: المقامات و المراتب المعنوية لإئمة الهدى (ع) فوق الإدراك العقلاني و التوصيف اللساني، لكن حيوات هؤلاء الأجلاء دروس عملية خالدة.

و أشار سماحته إلى عمر الإمام الثامن علي بن موسى الرضا (ع) الذي امتد لخمسة و خمسين عاماً، و فترة إمامته التي استمرت نحو عشرين عاماً، مضيفاً: كان للإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) و خلال هذه الفترة القصيرة نسبياً و في فترة القمع الهاروني الشديد، نظرة طويلة الأمد بحيث نشر و عمّق حقيقة الإسلام و أفكار الولاية و مدرسة أهل بيت النبوة بشكل عجزت الأجهزة المستبدة السفاحة الحاكمة في ذلك الحين عن مواجهته، و اضطرت خلافاً لمخططاتها الأولى أن تقتل هذا الإمام الهمام.

و اعتبر قائد الثورة الإسلامية سياق استشهاد و دفن الإمام الثامن (ع) في مدينة مشهد المقدسة تدبيراً و هندسة إلهية مردفاً: يجب النظر و التخطيط للمشاريع بعيد الأمد بنفس هذه الحوافز و النظرات التي كانت للإمام الرؤوف.

و أثنى سماحته في جانب آخر من حديثه على الملف المشرق بحق لحرس الثورة الإسلامية قائلاً: نزل حرس الثورة إلى ساحة الجهاد و المقاومة بإيمان عميق و عقيدة راسخة، و خرّج أفضل المدراء و أكثرهم تدبيراً و تمرّساً و أهداهم لمؤسسات الدولة إلى جانب إعداده أذكى و أقوى القادة و الاستراتيجيين العسكريين.

و عدّ آية الله العظمى السيد الخامنئي «العيش الثوري و البقاء على الطابع الثوري» و «ثبات الأقدام» من التجليات الجميلة لحرس الثورة الإسلامية، ملفتاً: لم تنحرف هذه التنظيمات القوية المتينة عن الدرب الأصلي الصحيح أبداً بذرائع من قبيل المتغيّرات في العالم و ضرورة التغيير في الداخل.

و ألمح قائد الثورة الإسلامية إلى تذرّعات البعض لتبرير ندمهم و انهزاميتهم، مردفاً: أن يكون العالم قد تغير ليس ذريعة لتغيّر المبادئ و الأهداف و تغيير الطريق الصحيح المقطوع لحد الآن.

و أضاف آية الله العظمى السيد الخامنئي: على حرس الثورة الإسلامية و لأجل صيانة الثورة أن يتعرف تماماً على التحوّلات و التيارات الموجودة في الميادين المختلفة.

و أشار قائد الثورة الإسلامية في هذا الصدد إلى خلط مباحث يرد أحياناً في النقاشات السياسية قائلاً: لا ضرورة لأن ينشط حرس الثورة الإسلامية في المجال السياسي، لكن حراسة الثورة بحاجة إلى معرفة دقيقة للواقع، و إذن، لا يمكن للمنظومة التي هي الذراع الحامية للثورة أن تبقى مغمضة العينين و عمياء حيال التيارات االمنحرفة المتنوعة و التيارات غير المنحرفة التابعة، و باقي التيارات السياسية.

و تابع آية الله العظمى الخامنئي حديثه بشرح المفهوم الدقيق لحراسة الثورة الإسلامية متطرقاً لقضية مهمة هي التحدي الأصلي و الأساسي للثورة.

و أكد سماحته أنه يجب عدم اختزال التحديات الأصلية إلى تحديات فئوية و مواجهات حزبية و فردية بين هذا و ذاك، ملفتاً: التحدي الأصلي هو مواجهة نظام الهيمنة برسالة الثورة الإسلامية الشيّقة، بمعنى اجتناب أن نكون ظالمين أو مظلومين.

و أشار قائد الثورة الإسلامية إلى النظام الجديد الذي تعرضه الثورة الإسلامية على البشرية منوّهاً: قسّم نظام الهيمنة العالم إلى قسمين أحدهما ظالم و الآخر مظلوم، لكن الثورة الإسلامية جاءت بمنطق مقارعة الظلم و تجنّبه، و كان من شأن هذا المنطق أن لا تبقى رسالة الثورة الإسلامية محصورة بحدود إيران، بل جرى الترحيب بها بين الشعوب الأخرى.

و عدّ سماحته الحكومات المتجبّرة و الدول التابعة لنظام الهيمنة و الشبكة الدولية للنهب من جملة معارضي رسالة الثورة الإسلامية للشعب الإيراني مردفاً: نظام الهيمنة و التابعون له يتابعون ثلاث سياسات أصلية هي «تأجيج الحروب، و صناعة الفقر، و إثارة الفساد» و الإسلام يعارض كل هذه السياسات، و هذه المعارضة هي أساس التحدي الجذري للثورة.

و أكد آية الله العظمى السيد الخامنئي على أنه يجب تحليل كل تحركات العدو و مؤامراته خلال الأعوام الـ 34 الماضية في إطار هذا التحدي الأساسي، مردفاً: يجب تقييم الملف النووي أيضاً على أساس هذه النظرة.

و لفت سماحته قائلاً: إننا لا نوافق السلاح النووي، لا من أجل أمريكا أو غير أمريكا، بل بسبب معتقداتنا، و حين نقول يجب أن لا يمتلك أي طرف سلاحاً نووياً، فإننا بالتأكيد لا نسعى إليه بدورنا، لكن الهدف الحقيقي لمعارضي إيران في هذا المضمار شيء آخر.

و أضاف قائد الثورة الإسلامية: هذه البلدان المعدودة لا تريد طبعاً انكسار احتكارها للطاقة النووية، لكنها لا تثير الضجيج لأجل هذا الشيء. و بالتالي فإن الضجيج و الصخب الأمريكي و الغربي و ضجيج التيارات التابعة لهم في خصوص الملف النووي يجب أن يستوعب و يحلل في إطار التحدي العميق بين نظام الهيمنة و الثورة الإسلامية.

و أكد الإمام السيد علي الخامنئي في معرض تبيينه لعمق الخصام الذي يكنّه المستكبرون للثورة الإسلامية: كانت عظمة الإمام الخميني (رض) بالشكل الذي يفرض احترامه حتى على أعدائه، و لكن في عمق نظرة الأعداء لم يكن هناك أحد أبغض إليهم من تلك الشمس المشرقة، لأن الإمام الخميني الراحل أدرك بمنتهى البصيرة أهدافهم العدائية، و وقف أمامهم بكل حسم كالسدّ المنيع.

و أضاف آية الله العظمى السيد الخامنئي: و الوضع اليوم أيضاً على نفس الشاكلة، و كل من يكون أكثر التزاماً بالرسالة الأصلية للثورة و يحلل مؤامرات الأعداء و سلوكياتهم في إطار التحدي بين نظام الهيمنة و الثورة الإسلامية يكون مغضوباً عليه في أعين المستكبرين أكثر من غيره.

و أشار سماحته إلى تعقيدات عالم الدبلوماسية مردفاً: المضمار الدبلوماسي مضمار الابتسامات، و طلب المفاوضات، و المفاوضات، و لكن يجب فهم هذه السلوكيات و إدراكها في إطار التحدي الأصلي.

و أعرب قائد الثورة الإسلامية عن موافقته للتحركات الصحيحة و المنطقية في السياسات الخارجية و الداخلية مردفاً: إنني أوافق القضية التي سمّيتها قبل سنوات المرونة البطولية، لأن هذه الحالة جيدة و لازمة في الكثير من المواطن، و لكن عبر الالتزام بشرط أساسي.

و أوضح سماحته أن إدراك ماهية الطرف المقابل و الفهم الصحيح لأهدافه هو الشرط الأصلي لاستخدام تكتيك المرونة البطولية، مردفاً: المصارع المتضلع أيضاً يبدي في بعض الأحيان مرونة لأسباب احترافية فنية، لكنه لا ينسى من هو خصمه و ما هو هدفه الأصلي؟

و أيّد قائد الثورة الإسلامية في جانب آخر من حديثه كلام القائد العام لحرس الثورة الإسلامية حول واجبات هذه المؤسسة مضيفاً: تابعوا هذه الواجبات بالاعتماد على الوعي الصحيح للشيء الذي تتولون حراسته، و بكل ثبات أقدام.

و أوصى سماحته الحرس الثوري توصية أكيدة بالاستعانة بالمعنويات مردفاً: الاستعانة بالمعنويات و الاعتماد عليها لا يتنافى طبعاً مع التطرّق للأصول المادية للأعمال و الأمور و تنظيمها الصحيح.

و خصّص قائد الثورة الإسلامية الجانب الأخير من حديثه للتأكيد على المستقبل المشرق للثورة الإسلامية. و لشرح فكرة أن المستقبل المشرق للثورة حقيقة و ليس مخادعة للذات، طرح سماحته دليلين أحدهما دليل التجربة.

فأشار الإمام الخامنئي إلى التفاوت المدهش بين الوضع الراهن للبلاد على المستويات العلمية و العسكرية و الإدارية و الاقتصادية و سائر المجالات و بين وضع البلاد في بداية انتصار الثورة مردفاً: كل حالات التقدم هذه تحققت في غمرة الضغوط و المؤامرات التي حاكها الأعداء، و هذه التجربة الثمينة تدل على أنه لا يوجد مانع بمقدوره إيقاف شعب مؤمن منسجم مصمم يعرف طريقه.

و أضاف قائد الثورة الإسلامية في هذا الصدد: الخسائر التي تحملها العالم الإسلامي في الأحداث الأخيرة التي اجتاحت المنطقة ناجمة عن أن البعض لم يكونوا يعرفوا الطريق، و بالطبع فأن الوضع لن يبقى على هذا المنوال، و سوف تفعل الصحوة الإسلامية غير المسبوقة فعلها.

و أقام سماحته دليله الثاني لإثبات المستقبل المشرق للثورة الإسلامية على أساس المنطق و الحسابات العلمية.

فلفت قائد الثورة الإسلامية قائلاً: يتقدم الشعب الإيراني إلى الأمام على أساس المنطق و الحسابات العلمية، لكن العدو و بسبب بنيته الداخلية المتناقضة يتراجع إلى الوراء و يصاب بالضعف حتى لو لم يذكر ذلك بلسانه، و في هذه المواجهة من الطبيعي أن يكون المستقبل للذي يتقدم إلى الأمام وفق حسابات دقيقة.

و كان التأكيد على تمتين البنية الداخلية للنظام و استمرار التقدم العلمي و نمو الإنتاج الداخلي و الاعتماد على المواهب الداخلية النقاط الأخيرة التي ذكرها قائد الثورة الإسلامية في هذا اللقاء.

فقد شدّد سماحته على أن المستقبل المشرق للثورة الإسلامية أمر حتمي، لكن تحقيقه العاجل أو الآجل منوط بأداء الشعب و المسؤولين، فإذا كنا متحدين و أقوياء و مصمّمين سيتحقق هذا المستقبل أسرع، و إذا منينا بالكسل و الأنانية و المشكلات الأخرى فإنه سيتحقق في فترة أبعد.

في بداية هذا اللقاء تحدث حجة الإسلام و المسلمين سعيدي ممثل الولي الفقيه في حرس الثورة الإسلامية مقدماً تقريراً عن أهم محاور أداء مؤسسة ممثلية الولي الفقيه في الحرس الثوري.

و تحدث في اللقاء أيضاً اللواء جعفري القائد العام لحرس الثورة الإسلامية عارضاً تقريراً حول المكتسبات و النجاحات القيّمة للحرس الثوري في الميادين العسكرية و الثقافية.

«دولة الإسلام»: حرب وقائية ضد ... «المنافقــين»

أرض الشام تحت ظلال الشريعة قريباً. قُضي الأمر بالنسبة إلى «جهاديي سوريا»، بعدما حسمت الذراع الأقوى لـ «تنظيم القاعدة» خيارها، باستباق أي تسوية محتملة ستكون حتماً على حسابها. هكذا أعلنت «الدولة الإسلامية في العراق والشام» حرباً وقائية ضد مجموعات المعارضة المسلّحة، عنوانها «إقصاء المنافقين». وهكذا بدأت معركة التمكين في أرض الشام

انطلقت المعركة الكبرى في أرض الشام. فتح التنظيم الأكثر راديكالية في سوريا حرباً استباقية. بدأ معركة تثبيت أركان «الدولة الإسلامية»، وحتّى رسم حدودها بالدم. رأس حربته «مُجاهدو الدولة»، المقاتلون الغرباء القادمون من مختلف أصقاع الأرض فحسب. السوريون قلّة بينهم. هؤلاء أعلنوا القطيعة مع جميع فصائل المعارضة السورية، وحتى الإسلامية منها. أشهروا عداءهم لهم، ثمّ أعلنوا الحرب المفتوحة ضد الجميع. أوّل من أمس، انطلقت من بلدة أعزاز شرارة المواجهة، بعدما كانت قد سبقتها عدة حوادث لُملمت ذيولها لتأخير الانفجار. «الدولة الإسلامية في العراق والشام» قالت كلمتها: الأمر لي، ثمّ شنّت هجوماً كاسحاً على أعزاز. ضربت لواء عاصفة الشمال. قتلت من عناصره واعتقلت آخرين ثم احتلّت معاقله. كذلك فعلت مع لواء أحفاد الرسول، الذي اعتقلت قادته أيضاً. واشتبكت مع لواء التوحيد التابع لـ «جماعة الإخوان المسلمين». وقبلها، اغتالت قيادياً في «حركة أحرار الشام»، ذات النهج السلفي المتشدّد.

لم يسلم من بطش «الدولة الإسلامية في العراق والشام» حتى «جبهة النصرة». فرع «القاعدة» وجد نفسه أيضاً في مواجهة «الدولة الإسلامية» في الميدان السوري، فانكفأ حقنا لدماء المجاهدين. ماذا يحصل بالضبط على أرض سوريا؟ تساؤلٌ يُجيب عنه قادة إسلاميون بأنّ السوريين سيتمنّون حُكم «تنظيم القاعدة» ألف شهر على تحكّم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» بهم شهراً واحداً. يستعيد هؤلاء تاريخ التنظيم الذي وُلد من رحم «دولة العراق الإسلامية». التنظيم الأكثر تشدداً الذي يقوده الشيخ أبو بكر البغدادي، تربطه علاقة متوتّرة أيضاً بـ «تنظيم القاعدة العالمي»، الذي يتزعمه أيمن الظواهري، إذ يُزايد هؤلاء في تطرّفهم على أصولية «القاعدة» نفسه، ولا سيّما أن زعيم التنظيم الراحل أسامة بن لادن كان قد نبّه مراراً وتكراراً الأمراء الجهاديين في العراق للتخفيف من الغلو والبطش بحق مخالفيهم. وبحسب التجربة في العراق، فإن طبيعتهم معاداة كل الناس. وتُعرف عنهم رغبتهم الدائمة في الدخول في حرب استنزاف. يتحدث قادة إسلاميون عن جلافة وتشدّد يحكمان تصرفاتهم قلّ نظيرهما، وفق منطق «الحق معنا وغيرنا الباطل». ويستعير هؤلاء القادة مواقف قادة إسلاميين منهم، فيذكرون أن قائد «لواء الاسلام» زهران علّوش سمّاهم «الفئة الباغية». أمّا أمير «حركة أحرار الشام» أبو عبد الله الحموي، فوصفهم غير مرّة بـ «الغلاة المنبوذين من الشارع السوري»، ناعياً أحد قادة الحركة، الذي قتله عناصر «داعش»، قائلاً «رحم الله أبا عبيدة، قتله البغاة الذين اختزلوا الدين بثوب قصير وشعر نابت في الوجه. هنيئا لكم طريق عبدتموه إلى سقر».

تتعدّد الوقائع الميدانية التي بدأت العلاقة تتدهور بسببها بعدما كان عناصر «الدولة الإسلامية في العراق والشام» يُستقبلون استقبال الأبطال. يُذكر منها في البدايات، على سبيل المثال، اعتقال قائد كتيبة الفاروق في منبج، الملقّب بـ «البرنس»، وسجنه في مستشفى العيون في حلب، رغم اعتراض فصائل المعارضة. حادثة أُخرى تضاف إلى سجلّهم. اعتقال إمام مسجد أبي حنيفة النعمان في منبج الشيخ محمد سعيد الديبو، الذي كان ينتقد تصرّفاتهم في خطبه، مشيرا إلى أنها حرام شرعاً، ولا سيما الإعدامات العشوائية. اعتقاله أشعل التظاهرات الشعبية ضُدّهم. أُُطلق سراحه، لكنه اغتيل عقب صلاة الفجر بعدها بأيام. وُجّهت أصابع الاتهام فوراً إلى مسلّحي «الدولة الإسلامية». تعاظمت الكراهية الشعبية ضد هؤلاء، فأصدروا بياناً أعلنوا فيه أنّ «مسلّحي الجيش الحر إخوتنا، لكن كل من لا يريد الدولة الإسلامية في العراق والشام مرتدّ يجب قتاله».

أما بالنسبة إلى شرارة اندلاع الاشتباكات الأخيرة، فتُفيد المعلومات أن الخلاف بدأ بعدما قام طبيب ألماني في أعزاز بتصوير أحد جرحى «الدولة الإسلامية في العراق والشام». وقع خلاف عندها، تطوّر إلى إطلاق نار قُتل خلاله عنصران من «الدولة الإسلامية»، لكنّه لم يلبث أن تطوّر إلى مواجهات ضارية، بعد رفض لواء عاصفة الشمال تسليم الطبيب ومُطلق النار. في المقابل، تحدثت معلومات عن أن «خلفية قرار جنود الدولة الإسلامية تطهير مدينة أعزاز من لواء عاصفة الشمال مردّها إلى خوات صار يفرضها هؤلاء أخيراً على المجاهدين القادمين من الخارج». إزاء ذلك، وتحت عنوان «كشف الحقيقة»، نشرت مواقع جهادية شريطا مصوراً نسبته إلى «الدولة الإسلامية في العراق والشام»، تحدثت فيه عن «شرارة الاقتتال بين الدولة الإسلامية في العراق والشام، ولواء عاصفة الشمال في أعزاز». وذكرت أن «الاشتباكات بدأت بعد اغتيال عنصر من لواء عاصفة الشمال اثنين من مجاهدي الدولة»، مشيرة إلى أنّ «الدولة طالبت بتسليم قاتل المجاهدين في أعزاز، لكنّ قادة عاصفة الشمال رفضوا، فوقعت اشتباكات، أدت إلى مقتل خمسة منهم». وتطرّق المقطع المصوّر إلى الخلاف مع لواء أحفاد الرسول، كاشفاً عن أن «عناصر أحفاد الرسول هاجموا الدولة الاسلامية في الرقة، واستهدفوا أحد قادتها بعبوة ناسفة، ما أدى إلى مقتله، وأدى ذلك إلى اندلاع اشتباكات، ثم زُعم أن الدولة تقتل أحفاد الرسول». كذلك ذكر البيان نفسه معلومات تفيد عن «مهاجمة كتائب الفاروق مقر الدولة في البحتري، وتفجير الآليات والاعتداء بالأسلحة على المجاهدين، بعد تعرّض مقرّهم للقصف من جيش الأسد»، مشيراً إلى حرب إعلامية شعواء تُشنّ ضدها.

ورغم ذلك، فإن ارتكابات «الدولة الإسلامية» لا تُعدّ ولا تُحصى. ضجّت بها فصائل المعارضة المسلّحة بكافة أطيافها. كذلك الأمر شعبياً، إذ خرجت أمس تظاهرة للأهالي في بستان القصر في حلب، تطالب برحيل الأجانب، بعد اشتباكات دارت ظهراً بين «داعش» والجيش الحر. كذلك توعّد متحدث باسم لواء عاصفة الشمال عبر الإعلام بأن «الجيش الحر يحشد لاستعادة أعزاز قبل 4 ساعات من انتهاء المهلة مع داعش».

وتقاطعت مصادر الجهاديين على أن الأيام المقبلة ستشهد احتداماً في المعارك بين «الدولة الإسلامية في العراق والشام» من جهة، ومختلف الفصائل من جهة أخرى. وتُشير المعلومات إلى أن «خيارها اتُّخذ بالمواجهة المفتوحة، كنوعٍ من حرب وقائية للقضاء على باقي الفصائل، التي تفترض أنّها ستتكتّل لقتالها مستقبلاً إذا نضجت تسوية دولية».

السبت, 21 أيلول/سبتمبر 2013 06:48

حَقّ الْكَبِيرِ

43. وَ أَمّا حَقّ الْكَبِيرِ فَإِنّ حَقّهُ تَوْقِيرُ سِنّهِ وَ إِجْلَالُ إِسْلَامِهِ إِذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الْفَضْلِ فِي الْإِسْلَامِ بِتَقْدِيمِهِ فِيهِ وَ تَرْكُ مُقَابَلَتِهِ عِنْدَ الْخِصَامِ وَ لَا تَسْبِقْهُ إِلَى طَرِيقٍ وَ لَا تَؤُمّهُ فِي طَرِيقٍ وَ لَا تَسْتَجْهِلْهُ وَ إِنْ جَهِلَ عَلَيْكَ تَحَمّلْتَ وَ أَكْرَمْتَهُ بِحَقّ إِسْلَامِهِ مَعَ سِنّهِ فَإِنّمَا حَقّ السّنّ بِقَدْرِ الْإِسْلَامِ وَ لا قُوّةَ إِلّا بِاللّهِ

روحاني ومحاولة تدوير زوايا الملف النووي الإيراني

هناك من يري ان رغبة إيران في إيجاد تسوية لبرنامجها النووي السلمي ، تقف عند تخوم بون شاسع يفصل بين أهدافها وأهداف الغرب وخاصة أمريكا فيما يتعلق بهذا الملف ، الأمر الذي يجعل من اي حوار بين الجانبين حوارا بيزنطينيا.

هذه الرؤية وان كانت واقعية ، الا انها ، وهذا هو الملفت ، ستكون الارضية التي سيخطو عليها الرئيس الإيراني روحاني ، اولي خطواته علي طريق ايجاد تسوية مشرفة للبرنامج النووي الايراني علي قاعدة الجميع رابح!!.

هذه الرؤية الروحانية الي الملف النووي الايراني ، الذي حاول الغرب ان يجعله شائكا رغم انه ليس كذلك ، تكفّل رئيس الدبلوماسية الإيرانية الجديد محمد جواد ظريف ، فك رموزها في اكثر من تصريح.

يري ظريف ، الذي ستتولي وزارته مسؤولية التفاوض مع مجموعة ۵+۱ ، ان الرؤية القائلة بوجود اهداف متناقضة لايران والغرب ازاء الملف النووي الايراني ، اذا ما حاولنا تحليلها لن تكون كذلك ، وأذا ما امعنا النظر جيدا فان الاهداف المختلفة هي اهداف مشتركة في الحقيقة!!.

يؤكد ظريف ان الإطمئنان من سلمية البرنامج النووي الإيراني ليس هدفا غربيا فقط ، بل هو هدف إيراني ايضا ، لماذا؟ لان من مصلحة الأمن القومي الإيراني ان يطمئن العالم من ان إيران لاتسعي وراء امتلاك السلاح النووي ، واذا ما تصور العالم خلاف ذلك فأن ايران ستتضرر.

أما كيف يمكن لايران ان تُطمئن العالم بأن يبقي برنامجها النووي سلميا؟، ليس هناك من سبيل الا وضع هذا البرنامج تحت اشراف الوكالة الدولية للطاقة النووية ، وان تتعاون ايران مع الوكالة بشكل كامل لتثبت بشكل قاطع شفافية برنامجها النووي وبتأييد دولي.

يبقي هناك هدف اخر وهو التخصيب ، بغض النظر عن نسبة التخصيب ، والذي يجب ان يكون هو الاخر هدفا مشتركا بين ايران والغرب ، كما تري حكومة روحاني ، لماذا ؟ لان التخصيب والبرنامج النووي الايراني هو صناعة إيرانية وطنية لا ترتبط بالخارج ، لذلك لا يمكن حرمان ايران من شيء هو جزء منها ، لذا علي الجانبين ان يعملا ، علي ضمان شفافية هذا البرنامج ، بكل الوسائل المتوفرة لدي الوكالة الدولية للطاقة النووية.

اما الحوار بين الجانبين فلن يكون له اي معني لو لم يكن قائما علي النوايا الحسنة ، فعلي الجانبين ان يدخلا مضمار المفاوضات علي قاعدة الظن الحسن في الجانب الاخر ، فتسوية البرنامج النووي الايراني لم ولن تتحقق لو بقيت النوايا الحالية هي التي تتحكم في الحوار ، كما اثبتت تجربة العقد الماضي . وفي هذا الاطار يشير ظريف الي ان امريكا ، وانطلاقا من سوء نيتها ازاء ايران ، تري ان طهران تدفع ، عبر تحملها اعباء الحظر ، ثمن رغبتها في الحصول علي السلاح النووي ، حيث يري ظريف ان امريكا مخطئة في ذلك بالمرة ، فهو يري ان ايران ، تدفع عبر تحملها اعباء الحظر ، ثمن طلبها للاحترام والتعامل معها بندية.

اخيرا علي الإدارة الأمريكية والغرب بشكل عام ، اغتنام الفرصة والرد بإيجابية علي السياسة الحكيمة للرئيس روحاني ومحاولاته الدؤوبة والجادة لتدوير زوايا الملف النووي الايراني ، التي تخندقت فيها الاطراف المعنية دون ان تبرحها خلال عقد من الزمن.

بقلم: ماجد حاتمي

السبت, 21 أيلول/سبتمبر 2013 06:36

كيبك على خطى فرنسا: لمنع الرموز الدينية

كيبك على خطى فرنسا: لمنع الرموز الدينية

تشهد مقاطعة كيبك الكندية سجالاً حاداً حول مشروع قانون لإرساء «شرعة القيم الكيبكية والعلمانية»، لما يتضمنّه من بنود تمنع إبراز الرموز الدينية في مراكز العمل. السجال خرج من الصالونات السياسية ووصل إلى الشارع الذي بدأ يشهد ممارسات عنصرية من جهة، وحملات مدنية لمواجهته من جهة ثانية، خصوصاً لما له من تداعيات اجتماعية واقتصادية

مونتريال | الإعلان الذي وضعه مستشفى لاكريدج هيلث في مقاطعة أونتاريو الكندية، وتتصدّره ممرضة محجبة كانت رسالته واضحة: «نحن لا نهتم بما تضعين على رأسك بل نهتم بما في الداخل». يقول الإعلان متوجهاً إلى كلّ محجبة تبحث عن عمل في القطاع الصحي... ويساجل على طريقته المقاطعة الفرنكوفونية كيبك في مشروعها المثير للجدل «شرعة القيم الكيبكية والعلمانية».

فكيبك مقاطعة متمردة تاريخياً على الفدرالية الكندية، وقد أرادت حكومتها هذه المرة الذهاب بعيداً في تمايزها عن باقي المقاطعات عبر طرح مشروع قانون يقضي بمنع الرموز الدينية في المؤسسات العامة.

 

التجربة الفرنسية

مستلهمة التجربة الفرنسية تدافع رئيسة حكومة كيبك وزعيمة الحزب الكيبكي، بولين ماروا، عن المشروع بكل ما أوتيت من حجج تستقدمها من خارج الحدود الفدرالية. هي تدير ظهرها لكندا وتبحث في ما وراء الأطلسي، في فرنسا، عن كل السبل للتماهي مع هذا البلد الذي يشاركها اللغة الفرنسية.

واللغة هنا في كيبك هي التي تفرّق وتجمع، وإلا ما معنى أن يقول وزير المؤسسات الديموقراطية والمشاركة الوطنية برنارد درانفيل، صاحب مشروع «شرعة القيم الكيبكية والعلمانية»، إن «على كندا الإنكليزية ألا تنخرط في النقاش الحاصل حول القيم الكيبكية» وإنه «ليس هناك من دروس حول الاستقبال والدمج نأخذ بها من باقي المقاطعات الكندية؟».

الدروس تبحث عنها حكومة كيبك إذاً في فرنسا، في محاولة للتماهي مع النموذج الفرنسي الذي لا يشكل مثالاً صالحاً يُحتذى به، لا سيما أن الواقع في كيبك له خصوصيته.

هذه البلاد التي لم تغلق أبوابها في وجه الهجرة، تستمد استمرارها من تدفق المهاجرين إليها. وأيّ فرض لقيود دينية أو عرقية سيسبّب مشاكل لم يختبرها المجتمع الكيبكي، المعروف بأنه «مجتمع تعدّدي ومتسامح»، كما يرى أستاذ علم الاجتماع والديموغرافيا أسعد الأتات، مشيراً إلى أن الهدف من الطرح هو «إحياء الخلافات السابقة بين المقاطعات الفرنسية والإنكليزية في كندا». ويرى «أن المشروع يحمل إلى حدّ ما طابعاً انفصالياً، ويمثل نقلة نحو الانفصال عن كندا».

هذه النزعة الانفصالية التي يتبنّاها الحزب الكيبكي، تعبّر في كل مرة عن نفسها عبر طروحات تسعى لتمييز كيبك الفرنسية عن باقي مقاطعات كندا، ما دفع برئيس الحكومة الكندية ستيفن هاربر الى اتهام الحزب بـ«أنه يحب المواجهة مع أوتاوا وباقي المقاطعات»، محذّراً من أن الحكومة الفدرالية «ستتخذ الإجراءات الضرورية لاحترام الحقوق الأساسية للكنديين إذا ما تبنّت الجمعية الوطنية قانوناً ينتهك هذه الحقوق».

لكن حكومة ماروا وخلفها الحزب الكيبكي متمسكان بالمشروع الذي يعمّق الانقسام السياسي. وقد وصل الأمر بأحد الأحزاب الداعمة له، وهو حزب الكتلة الكيبكية، الى حد طرد النائبة الفدرالية ماريا موراني من كتلته البرلمانية، لأنها أعلنت رفضها الصريح للمشروع.

موراني، اللبنانية الأصل، قطعت بدورها كل الصلات بالكتلة الكيبكية وقالت إن «كيبك تسير الآن على خطى السياسة الفرنسية التي أدت الى كارثة في مجال دمج المهاجرين».

 

رفض المهاجرين للمشروع

يدرك المهاجرون في كيبك التحدي الجديد الذي ينتظرهم في حال إقرار مشروع القانون. وهو تحدّ لم يكن مطروحاً حينما تقدموا بالهجرة الى هذه البلاد التي تُقدّم نفسها على أنها نموذج للتعددية والتنوع المجتمعي. البعض بدأ يتحدث عن الرغبة في الانتقال الى مقاطعة كندية أخرى لا تفرض على مواطنيها قيوداً تتعلق بالمظاهر الدينية.

ندى، طبيبة التغذية، لن تجد مانعاً في ترك مدينة مونتريال، التي ولدت وكبرت وتعلمت فيها، والذهاب الى أونتاريو، إذا ما خُيّرت بين خلع الحجاب والطرد من العمل.

تؤكد الطبيبة اللبنانية الأصل أن ثمة تناقضاً صارخاً بين ما تعلمته في المؤسسات التعليمية الكيبكية عن المساواة وحرية المعتقد وبين ما يُطرح اليوم. في رأيها «هدف القانون ليس الاندماج، بل فرض نمط حياة محدد على المهاجرين كما سبق أن فعل المستعمرون الأوروبيون بالسكان الأصليين».

بدوره، يشير إمام المركز الاسلامي اللبناني في مونتريال، نبيل عباس، إلى أن «الحزب الكيبكي محشور سياسياً بعدما عجز عن ملامسة ملفات مهمة كالاستشفاء والضرائب، فيحاول الهروب إلى الأمام عبر طرحه» هذا.

ويدعو عباس الجالية المسلمة إلى «عدم الانجرار الى ردود فعل ارتجالية أو عنفية كي لا يسهّلوا على واضعي القانون عملية إمراره من خلال تخويف الناس من المسلمين».

 

أحداث عنصرية

التخوّف من تداعيات مشروع حكومة ماروا على استقرار المجتمع الكيبكي وتماسكه له ما يبرّره في أوساط الرافضين، لا سيّما مع تسجيل حوادث عنصرية لم تألفها كيبك من قبل.

في مدينة مونتريال التي تضم ما يقارب سبعين في المئة من المهاجرين إلى كيبك، ذكرت صحيفة «لوسوليه» أن امرأة مُحجّبة من أصول جزائرية تعرّضت للشتم من قبل سيدتين هاجمتاها بعبارات «قولي لزوجك أن يشتري لك حجاباً من غوتشي أو غيّري دينك».

وفي حادثة مشابهة داخل حافلة للنقل العام، تعرّض رجل بكلام قاس لامرأة محجبة، وطالبها بالعودة إلى بلادها، متوعداً إياها بأنه وماروا سينزعان عنها الحجاب، وذلك بحسب ما أظهره مقطع فيديو نشر على موقع «هافنغتون بوست كيبك».

ويرى رافضو المشروع أن هذه الحوادث ما كانت لتطفو لولا جرعة «العنصرية» التي منحتها الحكومة لأولئك الذين كانوا يخشون التعبير علناً عن مواقفهم العدائية.

 

تحرّكات رافضة ومخاوف

التحركات لمواجهة المشروع، التي بدأت تنتظم، لا تقتصر على المهاجرين، بل تشمل شرائح مختلفة من المجتمع الكيبكي.

مثقفون وفنانون ومحامون وأكاديميون وضعوا عريضة «من أجل كيبك شاملة» جمعت إلى الآن آلاف التواقيع للمطالبة بسحب المشروع المثير للجدل.

كذلك لم تكن فدرالية شؤون النساء في كيبك بعيدة عن النقاش، فقد أبدت تخوفها من أن يؤدي المشروع إلى إقصاء بعض النساء عن العمل بسبب لباسهن، مذكّرة الحكومة بأن مساواة المرأة تمر بالاستقلالية الاقتصادية.

أكاديمياً، أعلنت جامعة ماكغيل رفضها للمشروع، ودخلت أستاذة الفلسفة السياسية في الجامعة كاثرين لو على طلابها مرتدية الحجاب تعبيراً عن موقفها المندّد بقانون «يجعل اندماج المهاجرين الجدد أمراً أكثر صعوبة، ويغذّي المخاوف من الاختلافات الثقافية والدينية داخل المجتمع الكيبكي».

على النطاق المجتمعي، سجلت خمس عشرة مدينة مرتبطة بجزيرة مونتريال اعتراضها بالإجماع على مشروع القرار، وقالت إنها لن تلتزم به، وإن «حكومة ماروا تبحث عن حل لمشكلة لا نراها على الأرض».

أما في القطاع الصحي الذي يعاني من نقص حاد في كادره البشري، فسيكون التخلي مستقبلاً عن ممرضة أو طبيبة تضع رمزاً دينياً بمثابة التخلي عن عملة نادرة.

القضية أثارت القلق داخل المستشفيات التي بدأ بعضها يعلن منذ الآن أنه في حلّ من مشروع كهذا. التبعات الاقتصادية للقرار حضرت بقوة. ففي حين يروّج برنارد درانفيل الى أن مشروعه يساعد على دمج المهاجرين في سوق العمل، تطالب غرفة التجارة في مونتريال بسحب مشروع القانون في نسخته الحالية على الأقل، لأنه سيستهدف مباشرة الكثير من المهاجرين الذين تحتاج إليهم المؤسسات. التحذيرات بدأت ترتفع من الثمن الاقتصادي لمشروع منع الرموز الدينية في أماكن العمل. فحول هذه القضية يسأل البعض ماذا ستفعل الحكومة إذا ما قرّرت الأقليات ترك مقاطعة كيبك أو العيش على الإعانات الاجتماعية الحكومية في حال تعذّر عليها العمل بسبب ارتداء الرموز الدينية؟

 

«شرعة القيم الكيبكية»

تتضمن الشرعة منع ارتداء الرموز الدينية الظاهرة التي يمكن رؤيتها بسهولة، مثل الصليب والبرقع والنقاب والحجاب الاسلامي والتشادور والقبعة اليهودية وعمامة الهنود السيخ... ويطال المنع العاملين في مؤسسات القطاع العام كالإدارات والمدارس والمستشفيات والجامعات ودور الحضانة والبلديات وغيرها. وهي تهدف بحسب الحكومة إلى توحيد الكيبكيين حول قيم مشتركة مثل المساواة بين النساء والرجال والحيادية الدينية للدولة.

ويؤيد مشروع قانون منع الرموز الدينية الحزب الكيبكي الحاكم، فيما يدعم ائتلاف مستقبل كيبك بعض بنوده، في حين يعارضه الحزب الليبرالي وحزب كيبك متضامنة اليساري. على الصعيد الشعبي، أظهرت آخر استطلاعات للرأي انقساماً حاداً داخل المجتمع الكيبكي: 43 في المئة يؤيّدون المشروع و42 في المئة يرفضونه.

 

استفتاء ثالث للانفصال

في عام 2012 فاز الحزب الكيبيكي الذي تتزعمه بولين ماروا، على غريمه الحزب الليبرالي في الانتخابات التشريعية، وعاد إلى السلطة بعد غياب تسع سنوات.

وتتقاسم مقاعد الجمعية الوطنية في كيبك ثلاثة أحزاب هي الحزب الليبرالي وائتلاف حزبي «مستقبل كيبك» و«كيبك متضامنة». ويعدّ الحزب الكيبيكي أبرز لاعبي الحركة السيادية التي تطالب بالانفصال عن كندا، فيما الليبرالي فيديرالي النزعة، أي إنّه يدعم بقاء كيبك كمقاطعة في النظام الفيديرالي الكندي.

عقب فوز حزبها، وعدت ماروا بإعادة إجراء استفتاء ثالث عام 2014 حول انفصال كيبيك عن كندا بعد إخفاق حزبها في انتزاع الانفصال في استفتاءين أُجريا عامي 1980 و1995.

الأربعاء, 18 أيلول/سبتمبر 2013 07:02

حَقّ النّاصِحِ

42. وَ أَمّا حَقّ النّاصِحِ فَأَنْ تُلِينَ لَهُ جَنَاحَكَ ثُمّ تَشْرَئِبّ لَهُ قَلْبَكَ وَ تَفْتَحَ لَهُ سَمْعَكَ حَتّى تَفْهَمَ عَنْهُ نَصِيحَتَهُ ثُمّ تَنْظُرَ فِيهَا فَإِنْ كَانَ وُفّقَ فِيهَا لِلصّوَابِ حَمِدْتَ اللّهَ عَلَى ذَلِكَ وَ قَبِلْتَ مِنْهُ وَ عَرَفْتَ لَهُ نَصِيحَتَهُ وَ إِنْ لَمْ يَكُنْ وُفّقَ لَهَا فِيهَا رَحِمْتَهُ وَ لَمْ تَتّهِمْهُ وَ عَلِمْتَ أَنّهُ لَمْ يَأْلُكَ نُصْحاً إِلّا أَنّهُ أَخْطَأَ إِلّا أَنْ يَكُونَ عِنْدَكَ مُسْتَحِقّاً لِلتّهَمَةِ- فَلَا تَعْبَأْ بِشَيْ‏ءٍ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى كُلّ حَالٍ وَ لا قُوّةَ إِلّا بِاللّهِ