
Super User
حَقّ الْجَارِ
31. وَ أَمّا حَقّ الْجَارِ فَحِفْظُهُ غَائِباً وَ كَرَامَتُهُ شَاهِداً وَ نُصْرَتُهُ وَ مَعُونَتُهُ فِي الْحَالَيْنِ جَمِيعاً لَا تَتَبّعْ لَهُ عَوْرَةً وَ لَا تَبْحَثْ لَهُ عَنْ سَوْءَةٍ لِتَعْرِفَهَا فَإِنْ عَرَفْتَهَا مِنْهُ عَنْ غَيْرِ إِرَادَةٍ مِنْكَ وَ لَا تَكَلّفٍ كُنْتَ لِمَا عَلِمْتَ حِصْناً حَصِيناً وَ سِتْراً سَتِيراً لَوْ بَحَثَتِ الْأَسِنّةُ عَنْهُ ضَمِيراً لَمْ تَتّصِلْ إِلَيْهِ لِانْطِوَائِهِ عَلَيْهِ لَا تَسْتَمِعْ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُ لَا تُسْلِمْهُ عِنْدَ شَدِيدَةٍ وَ لَا تَحْسُدْهُ عِنْدَ نِعْمَةٍ تُقِيلُ عَثْرَتَهُ وَ تَغْفِرُ زَلّتَهُ وَ لَا تَدّخِرْ حِلْمَكَ عَنْهُ إِذَا جَهِلَ عَلَيْكَ وَ لَا تَخْرُجْ أَنْ تَكُونَ سِلْماً لَهُ تَرُدّ عَنْهُ لِسَانَ الشّتِيمَةِ وَ تُبْطِلُ فِيهِ كَيْدَ حَامِلِ النّصِيحَةِ وَ تُعَاشِرُهُ مُعَاشَرَةً كَرِيمَةً وَ لَا حَوْلَ وَ لا قُوّةَ إِلّا بِاللّهِ
بريطانيا تتجسّس على دول الشرق الأوسط
كشفت صحيفة «ذي اندبندنت» البريطانية أن بريطانيا تدير محطة سرية لمراقبة الإنترنت في الشرق الأوسط، مستندة في معلوماتها هذه على الوثائق التي سربها أخيراً المستشار السابق للاستخبارات الأميركية إدوارد سنودن.
وأضافت «ذي اندبندنت»، التي رفضت الكشف عن كيفية حصولها على التفاصيل الواردة في ملفات سنودن، إن القاعدة البريطانية تتصل بكابلات الألياف البصرية تحت البحر في منطقة الشرق الأوسط. وهي تعيد إمرار المعلومات إلى وكالة التنصت الإلكتروني البريطانية «غوفرنمنت كومينيكشن هيدكوارترز» (جي سي اتش كيو) في شلتنهام جنوب غرب إنكلترا، وتعالج المحطة بعد ذلك البيانات وتنقلها إلى المقر العام للاتصالات الحكومية، أي وكالة الاستخبارات البريطانية التي تعنى بالتجسس على الاتصالات والبيانات الإلكترونية، ومن ثم تتقاسم المعلومات مع وكالة الأمن القومي الأميركية.
وأوضحت الصحيفة أن المحطة تستطيع اختراق الكابلات البحرية التي تمرّ عبر المنطقة، ويجري نسخ جميع الرسائل والبيانات التي تمر في تلك الكابلات، ذهاباً وإياباً، وتخزينها في كمبيوترات ومخازن بيانات عملاقة، لتفرز بعد ذلك المعلومات ذات الأهمية الخاصة وتلك المتعلقة «بالنيات السياسية للقوى الأجنبية، والإرهاب وانتشار الأسلحة والمرتزقة والشبكات العسكرية الخاصة وعمليات الاحتيال المالي الخطيرة».
وفيما لم تكشف «ذي اندبندنت» عن موقع المحطة، أشارت إلى أنّها ذات أهمية كبيرة بالنسبة إلى بريطانيا والولايات المتحدة، فالحكومة البريطانية تدعي أنّ هذه المحطة عنصر أساسي في «حرب الغرب على الإرهاب» وأنّها تعطي «إنذاراً مبكراً حيوياً عن الهجمات الإرهابية المحتملة حول العالم».
وبحسب الصحيفة، فإن عملية جمع البيانات هذه هي جزءٌ من مشروع قيد الإنشاء في المقر العام للاتصالات الحكومية وتبلغ كلفته نحو مليار جنيه استرليني. والمشروع بدوره جزء من منظومة مراقبة ورصد يطلق عليها اسم «تمبورا»، تهدف إلى اعتراض واسع النطاق للاتصالات العالمية. ويجري تعقب الاتصالات الهاتفية من ثلاثة مواقع عبر الأقمار الصناعية واعتراض كابلات الألياف البصرية.
وأول تعليق لها على تقرير «ذي اندبندنت»، رفضت وزارة الخارجية البريطانية التعليق على ما اعتبرته «قضايا استخبارية».
ويأتي نشر هذه المعلومات في وقت أعلن فيه جهاز الشرطة البريطانية «ميتروبوليتان بوليس» فتحه تحقيقاً إرهابياً بشأن مواد ضُبطت في جهاز كمبيوتر تابع لدايفيد ميراندا، الزوج البرازيلي للصحافية في «ذي غارديان» غلين غرينوالد. وأكدت الشرطة البريطانية أنّ المواد التي جرى الاطلاع عليها «حسّاسة للغاية والكشف عنها قد يعرّض حياة البعض للخطر».
وأفادت سكوتلنديارد في بيان أن «الدراسة الأولية للمواد المصادرة رصدت معلومات فائقة الحساسية قد يؤدي الكشف عنها الى تعريض حياة البعض للخطر».
وتابعت «بالتالي بدأت قيادة مكافحة الإرهاب اليوم تحقيقاً جنائياً».
وقررت المحكمة البريطانية العليا الخميس أنه يحق للشرطة ووزارة الداخلية درس الوثائق المصادرة من ميراندا جزئياً لأغراض الأمن القومي في أعقاب شكوى رفعها البرازيلي لمنع ذلك.
ورحبت شرطة لندن بالقرار، فيما أكدت محامية ميراندا، غويندولن مورغان، أن الحكم نصر جزئي لمنعه السلطات البريطانية من مشاطرة هذه المعلومات مع أي حكومة أجنبية «إلا لأغراض حماية الأمن القومي».
وكانت «الغارديان» قد أعلنت مطلع الأسبوع الجاري أن الحكومة البريطانية أجبرتها على إتلاف الملفات السرية التي استندت إليها لتحقيق هذا السبق.
سلطانية يغادر وكالة الطاقة مطلع أيلول
أعلن مندوب ايران لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا، علي أصغر سلطانية، أن مهمته انتهت في هذا المنصب، وأنه سيعود الى بلده.
وأكد سلطانية في حديثه لوكالة أنباء «فارس» الايرانية خبر انتهاء مهمته لدى وكالة الطاقة، قائلاً «أعتز بخدمتي لبلادي في فيينا، وأقدّر الثقة التي أولانيها الشعب والمسؤولون، وسأعود مسروراً الى بلادي».
وكانت بعض وسائل الاعلام ذكرت أول من أمس أن سلطانية ستنتهي مهمته مندوباً لايران لدى الوكالة الدولية من الأول من شهر أيلول المقبل. فيما اعلن سلطانية لوكالة «اسوشييتدبرس» انه لم يتم بعد تعيين بديل له.
ويعتبر تغيير مندوب ايران لدى وكالة الطاقة، آخر تغيير يقوم به رئيس الجمهورية الاسلامية، حسن روحاني في تركيبة المسؤولين النوويين.
وكان روحاني قد عيّن الاسبوع الماضي، وزير الخارجية السابق علي اكبر صالحي، رئيساً لمنظمة الطاقة الذرية الايرانية، وهو نفس المنصب الذي كان يتولاه قبيل تسلمه حقيبة الخارجية.
من جهته، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الايرانية عباس عراقجي، إنه «تم اختيار مندوب جديد (لدى وكالة الطاقة) وسيقدّم قريباً».
وكان المتحدث الايراني قد أعلن الثلاثاء الماضي أن روحاني لم يتخذ قراراً بعد بتعيين الشخص الذي سيقود المفاوضات حول الملف النووي مع القوى الكبرى.
وقال «لا يهم اي شخصية من المجلس الأعلى للأمن القومي أو وزارة الخارجية ستكلف قيادة المفاوضات. هناك مبادئ لن تتغير، على سبيل المثال الدفاع عن حقوق الجمهورية الاسلامية وانجازات البرنامج النووي».
لكن عراقجي أضاف ان المجلس الاعلى للامن القومي «مكلف اتخاذ القرارات المتعلقة بالمسائل الكبرى في البلاد. والامر ينطبق على المفاوضات النووية.. ويمكن ان يقرر روحاني تعيين شخص آخر لقيادة المفاوضات، فهما امران مختلفان».
وذكرت وسائل الاعلام الايرانية ان وزير الخارجية الجديد محمد جواد ظريف، سيعين حوالى خمسين سفيراً جديداً لبلاده.
من جهة ثانية، أعلن مساعد وزير الخارجية الإيرانية للشؤون العربية والافريقية حسين أمير عبداللهيان، أن وفداً من الخارجية يضم اعضاء اللجنة القنصلية والقانونية سيتوجه الاثنين المقبل الى العاصمة اليمنية، لمتابعة مصير الملحق الاداري لدى سفارة ايران في صنعاء نور أحمد نيكبخت، المُختطف منذ 21 تموز الماضي على ايدي مسلحين مجهولين.
وأضاف عبداللهيان أنه «تتوفر لدينا معلومات عن سلامة نيكبخت».
جمعة طرابلس الحزينة: تفجيران للفتنة
دخل يوم أمس قائمة الأيام السوداء في تاريخ طرابلس ولبنان، وزرع الرعب في نفوس المواطنين بشكل لم يعهدوه، وجعل عاصمة الشمال مدينة مفتوحة على كل الاحتمالات الصعبة. كان واضحاً ان الهدف من الانفجارين الإرهابيين اللذين وقعا أمام مسجدي التقوى والسلام في طرابلس اسقاط أكبر عدد من القتلى والجرحى، وشحن المواطنين طائفياً ومذهبياً.
وبدا من اختيار المكانين أن الفاعل محترف، ويعرف تفاصيل المدينة جيداً. فمسجد التقوى يقع عند المدخل الشمالي للمدينة، ويعبر قربه القادمون من مناطق المنية والضنية وعكار وسوريا، ويلاصق منطقة باب التبانة ذات الكثافة السكانية الأكبر في طرابلس، إضافة إلى قربه من مستديرة الملولة وبولفار نهر أبو علي اللذين تنتشر في محيطهما بسطات بيع الخضر والفواكه على نحو كثيف ومتلاصق. أما مسجد السلام فيقع عند المدخل الجنوبي للمدينة، ويعبره القادمون والذاهبون باتجاه بيروت، وقد شهدت النقطة المحيطة بالمسجد، الملاصق أيضا لسنترال الميناء، ازدحاماً كبيراً في الآونة الأخيرة، نتيجة تحويل السير إليها بسبب تنفيذ مشروع الأوتوستراد العربي الذي يصل المدخل الجنوبي للمدينة بشمالها، من غير المرور بوسطها.
إضافة إلى ذلك فإن للمسجدين دلالات ورمزية دينية وأمنية، فجامع التقوى يخطب فيه رئيس هيئة العلماء المسلمين في لبنان الشيخ سالم الرافعي، وهو من أبرز مشايخ التيار السلفي في طرابلس، كما أن جامع السلام لا يفصله سوى شارع عن منزل المدير العام السابق لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي، ويخطب فيه شيخ قراء طرابلس بلال بارودي المقرب من ريفي. وهذا الأمر زاد منسوب الرعب في طرابلس خشية ان يكون المستهدفون هم الرافعي وريفي وبارودي، لأن ذلك، في حال حصوله، ستكون له ردود فعل عنيفة.
لكن توقيت وقوع الانفجارين جعل فرضية قتل أكبر عدد من المواطنين وإحداث تدمير في المكانين هي الأرجح. فقد وقع الانفجاران في وقت كان المصلون في جامعي التقوى والسلام لا يزالون داخلهما يؤدّون صلاة الجمعة، مع فارق في التوقيت بين الانفجارين لم يتجاوز عشر دقائق، كما أن إطالة الرافعي وبارودي خطبتيهما حالت دون خروج المصلين أثناء وقوع الانفجارين، وإلا لكان عدد الشهداء والجرحى أضعاف ما سقط. علماً أن المسجدين، كما غالبية مساجد طرابلس، أحيطا بإجراءات أمنية مشددة بعد انفجار الرويس في الضاحية الجنوبية، ومنع وقوف السيارات في محيطهما.
في جامع التقوى، وفور وقوع الانفجار حصل هرج ومرج بين المصلين الذين أصابهم الهلع فخرجوا من أبواب المسجد على غير هدى، فيما كانت جثث الضحايا والجرحى بالعشرات عند مدخل المسجد وفي باحته الخارجية التي افترشها المصلون لأداء الصلاة في الهواء الطلق. كما كانت النيران تشتعل بعشرات السيارات في محيط المسجد، وسط دخان أسود كثيف غطى سماء المنطقة. وتسبب الانفجار في تكسير زجاج السيارات والمحال والتجارية ونوافذ المنازل في قطر مساحته قرابة 500 متر.
وبعد أقل من 10 دقائق على انفجار مسجد التقوى، وفيما كانت أشلاء الشهداء والجرحى تنقل من محيطه إلى المستشفيات، وقع انفجار ثان أمام مسجد السلام الذي تطايرت شظاياه أكثر من 150 متراً وهزّ أرجاء المدينة، ما أدى الى بث الذعر في أرجاء المدينة، فتراكض المواطنون في الشوارع، وكان بعضهم يصرخ أو يبكي خوفاً، فيما شهدت مداخل طرابلس ازدحاماً خانقاً لنازحين من المدينة، بعد إشاعات عن احتمال وقوع انفجار ثالث فيها.
المشاهد المشتركة بين الانفجارين كانت عديدة، أبرزها سقوط عدد كبير من الضحايا نتيجة ضخامة الانفجارين بلغ نحو 50 شهيداً وأكثر من 500 جريح، وإنْ كان الأمر في مسجد السلام أكبر نظراً لوجود كثافة في الأبنية السكنية والمحال التجارية والمقاهي في محيطه، فضلاً عن احتراق مئات السيارات والمحال التجارية والبيوت في محيطهما.
لكن أبرز المشاهد بين المكانين، تعرّض بعض الشبّان لعناصر الجيش الذين وصلوا إلى الموقعين فوراً، ورشقهم بالحجارة، على وقع هتافات منددة بالجيش وتدعو إلى إعلان الجهاد والانتقام من المجرمين، وترافق ذلك مع انتشار مسلح شهدته معظم مناطق طرابلس، وأقيمت حواجز تفتش العابرين وتدقق في هوياتهم. كما وقعت اشتباكات متقطعة واستنفار مسلح في منطقة الأسواق وفي محيط محور باب التبانة ـ جبل محسن وجواره.
وسط هذه الأجواء ارتفعت أصوات دعت إلى التهدئة وعدم القيام بأي رد فعل غير محسوب النتائج، من دون أن يحجب ذلك دعوات الى التصعيد حملت في مضامينها انتقادات لحزب الله تحديداً، حمّلته مسؤولية مباشرة أو غير مباشرة عن التوتير الأمني في لبنان نتيجة تدخله العسكري في سوريا. على هذا الأساس كان يعم الخوف طرابلس، في الايام الأخيرة، من حصول انفجار أمني كبير فيها، سواءٌ في تجدّد الاشتباكات على محور باب التبانة ـ جبل محسن، أو في انفجار سيارة أو عبوة ناسفة لا تقل حجماً وضرراً عن انفجار الرويس.
حَقّ الْجَلِيسِ
30. وَ أَمّا حَقّ الْجَلِيسِ فَأَنْ تُلِينَ لَهُ كَنَفَكَ وَ تُطِيبَ لَهُ جَانِبَكَ وَ تُنْصِفَهُ فِي مُجَارَاةِ اللّفْظِ وَ لَا تُغْرِقَ فِي نَزْعِ اللّحْظِ إِذَا لَحَظْتَ وَ تَقْصِدَ فِي اللّفْظِ إِلَى إِفْهَامِهِ إِذَا لَفَظْتَ وَ إِنْ كُنْتَ الْجَلِيسَ إِلَيْهِ كُنْتَ فِي الْقِيَامِ عَنْهُ بِالْخِيَارِ وَ إِنْ كَانَ الْجَالِسَ إِلَيْكَ كَانَ بِالْخِيَارِ وَ لَا تَقُومَ إِلّا بِإِذْنِهِ وَ لا قُوّةَ إِلّا بِاللّهِ
نصرة المسلمين على ضوء مدرسة أهل البيت(ع)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين وصحبه المنتجبين.
تحدّيات خطيرة في ساحة المسلمين
في العقود الأخيرة من القرن العشرين بدأت بوادر نهضة إسلامية تحررية في أرجاء مختلفة من العالم ـ وخصوصاً في أعقاب انتصار الثورة الإسلامية في إيران ـ وأخذت تلك النهضة والصحوة تشق طريقها في أوساط المسلمين وغيرها.
في المقابل أخذت القوى الوضعية «المعسكر الشرقي ـ المعسكر الغربي» بالتراجع غير أنها ما لبثت أن وثبت لتستعيد قوّتها بشتى الوسائل، أخذت تخطط في الخفاء وفي العلن لإحكام قبضتها الاستعمارية والاستغلالية، وبعد حين من الدهر تبدّى في واقع المسلمين تحديات خطيرة طلع قرنها على شكل خلافات غير مببرة بين المسلمين، ومواقف هزيلة من بعض القوى الرسمية، ومآسي فرضت نفسها على واقع المسلمين; ففي فلسطين يعيش أهلها في حصار وقتل ودمار، ويسعى الكيان الصهيوني الغاصب لمنح الفلسطينيين وطناً أصغر من حبّة قمح، ويقوم الآن بتهويد المعالم الإسلامية في القدس وغيرها و.. و...
وفي أفغانستان تتحرك جيوش الغرب في هذا البلد بزعامة أمريكا، وتقتل مَن تشاء بغير حساب، ومنذ أكثر من تسعة أعوام وتلك الجيوش تعيش فساداً في هذا البلد المسلم.وسعت تلك القوى الغربية الاستعمارية لنقل نفوذها وسيطرتها إلى باكستان بذريعة محاربة الإرهاب المزعوم والموهوم; وبالفعل انتهكت سيادة البلد، وقُتِلَ الكثير من أبنائه بشكل عشوائي.
وأخيراً نزلت بهذا البلد السيول فأتت على ما يكون وأهلكت الحرث وبعضاً من النسل فأصبحوا في حالة من الحرمان والبلاء، وهم بحاجة الى مَن يمدّ لهم يد العون والمساعدة.
أمّا في العراق فما أن وطئت جيوش الغرب أرض هذا البلد حتّى أخذت الفوضى والنزاعات والقتل بالانتشار، وأخذت الأُمور بالإنحدار والتدحرج من سيء إلى أسوأ.
نعم إنّهم يديرون فوضى تعود أرباحها الى تلك القوى القادمة من بعيد.
وفي الصومال لازال هذا البلد نهباً لصراعات حادة تسير به إلى شفير الهاوية.
وفي الجمهورية الإسلامية الإيرانية؛ كشف الجمهورية عن الوجه القبيح للغرب حيث أنّهم وقفوا موقفاً سياسياً استعمارياً في وجه المفاعل النووي السلمي ، إذ أنهم قاموا بتعريف هذا المفاعل على أنه مفاعل لتصنيع الأسلحة النووية، وجعلوا الاعلام الغربي كلّه يطبّل في هذا الاتجاه في حين أنه مفاعل مدني وسلمي، وأكد المسؤولون في الجمهورية الإسلامية لمرات وكرّات أنه مفاعل مدني وسلمي وسمحوا للمفتشين التابعين لمنظمة الطاقة النووية بالتفيش ، وكانت التقارير ايجابية، غير أنّهم لا يريدون الاعتراف بذلك فحوّلوه الى مجلس الأمن للدول التي تتهم الجمهورية الإسلامية بأنّها لديها مشروع عسكري ، ومن باب العلم أنّ إيران تعلم جيداً أنّ مشروعها النووي واستخداماته يدخل في مئات المشاريع الصناعية المدنية ، غير أنهم يصرّون على أنه لصنع قنبلة نووية من غير دليل.
وأما في اليمن فقد بدأت فتن جديدة في هذا البلد بالنهوض من مرقدها لزعزعة استقراره وأمنه.
وفي السودان ابتدعوا له مشكلة الجنوب وأردفوها بدارفور، ثم أثاروا الغبار حول حكومته وشعبه.
وفي بلاد أُخرى وأخرى من أرض الإسلام صنعوا لها وصفة خاصة في مطابخهم طبقاً لوضعها وقالبها، ولازالت تلك المؤامرات مستمرة على هذه الأُمة.
وفي بلاد الغرب قدّمت الماكنة الإعلامية تعريفاً للمسلم بأنّه مرادف للإرهاب فأصبح كثير من الغربيين ينظرون للمسلم نظرة مختلفة وفرضوا عليهم قوانين غير أخلاقية من قبيل منع ارتداء الحجاب، ومنع الهجرة، وهدم المنائر، وإتهام كثير منهم بأنّ لهم إرتباط بالإرهاب، وفق كل ذلك فإنّ أذهان المجتمع الغربي أصبحت مهيأة لإلصاق أي تفجير في بلادهم بالمسلمين.
وأساء الغرب استخدام الحرية فأساء بعض منهم إلى معتقدات المسلمين ووفّر الحماية لهم تحت غطاء حرية التعبير، ونشروا الرسوم الكاريكاتورية المسيئة لشخص الرسول(ص)، وحرق بعضهم نسخاً من القرآن و.. و..
نعم توجد في البين مصلحة مشتركة، وتفكير مشترك يدفع بالقوى المادية في أن تحمل كل هذه الحملة، وتتداعى على الأُمّة الإسلامية، وتلك المصلحة هي نهب تلك الخيرات الوفيرة في الشعوب «الضحية»، تماماً على شاكلة عالم الحيوان حيث يفترس القوي ضحيته ويأخذ نصيبه منها، ومن ثم تأتي الحيوانات الأضعف لتأكل ما بقي من تلك الفريسة، ويكون ذلك على شكل إتفاقيات غير متكافئة يكون السهم الأوفر للدولة الأقوى، ثم تأتي نوبة باقي الدول الأخرى.. إنّها مأدبة دسمة فتحت شهية تلك القوى الشرهة، في حديث ثوبان مولى رسول الله(ص) قال: قال رسول الله: «يوشكُ أن تُداعى عليكم الأُمم من كلّ أُفق كما تداعى الأكلةُ على قصعتها، قال قلنا: يا رسول الله أمن قلّة بنا يومئذ، قال(ص): أنتم يومئذ كثيرٌ، ولكن تكونونَ غَثاءً كغثاء السّيل، تُنتزعُ المهابةُ من قلوب عدوّكم، ويجعل في قلوبكم الوهن»(1).
أصفق أعداء الأُمّة الإسلامية في التحالف ضدّنا، قضايانا، واجتمعت كلمتهم على تشطير أُمّتنا وتشظيتها. من أجل هذا تتجلّى أهمية نصرة المسلمين في حياتنا من خلال تسليط الضوء على بحث أهم ركائز النصرة ومعالمها، وفيما يلى بيان ذلك:
ركائز نصرة المسلمين
تقوم وتستقيم نصرة المسلمين عند توفّر ثلاث مرتكزات أساسية، وهي:
أوّلاً: الاهتمام بأُمور المسلمين
المسلمون تغمر وجودهم عاطفة قوية،وحس اجتماعي مرهف يبزغ نوره من خلال إظهار الاهتمام بشؤون المسلمين فقد ورد عن الرسول الأعظم(ص): «مَن أصبح لا يهتم بأُمور المسلمين فليس بمسلم»(2).
إنّ المسلم يصبح وهمّه منصرف إلى شؤون المسلمين، ويتردّد فكره في عرصاتهم، ويستولي على وجدانه ذلك الهمّ الإنساني النبيل في كيفية ترجمته الى الواقع العملي.
نعم إنّه الودّ والمحبّة الإلهية للمسلم من أخيه المسلم وقد تعهّد نمو تلك المودة وديمومتها تلك الأحاديث الشريفة التي تبعث في النفس الحياة والأمل وتنتشر بين بني البشر.
جاء عن أبي جعفر(ع) قال: «قال رسول الله(ص): ودّ المؤمن للمؤمن في الله من أعظم شعب الإيمان، ومن أحبّ في الله، وأبغض في الله، ومنع في الله فهو من أصفياء الله»(3).
المؤمنون يتردّدون على ساحات العمل، ويتسابقون في الخيرات، ويؤلمهم أن تقصر يدهم عن سد حاجة لأخ منهم في الدين أو نظير لهم في الخلق، فيشغلهم ذلك الهم الرهيف، ويرقن ذلك في صحائفهم، ويتفضّل الله تعالى عليهم بمنّه فيدخهلم الجنّة لما داخلهم من الهمّ; عن أبي جعفر(ع) قال: «إنّ المؤمن ترد عليه الحاجة لأخيه فلا تكون نده فيهتمّ بها قلبه، فيدخله الله تبارك وتعالى بهمّه الجنّة»(4).
لقد أراد الإسلام من المسلم أن يكون له شغل يشغله بأخيه المسلم أينما يكون، ودون فرق في عرق أو نحلة ينتحلون. إنّه الإسلام العظيم الذي يعلو على تلك الأُطر المصطنعة، يناشد المسلمين سواسية للإهتمام ببعضهم.
ثانياً: وجود مجتمع متماسك
سعى الرسول الأعظم لبناء مجتمع تحكمه علاقات اجتماعية رصينة، فآخى بين المسلمين بعد أن كانت تتجاذبهم الخلافات وتتحكّم بمصائرهم النزاعات، وما كان لأحد أن يؤلّف بين تلك القلوب المتنافرة لولا الله تعالى: {لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَاأَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلكِنَّ اللّهَ ألَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}(5).
وانتقل أولئك المسلمون من أشتات متفرقين إلى إخوة متحّابين: {فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً}(6).
فالإسلام أقام صرح علاقات إنسانية بين المسلمين، وأسّس فيهم بنيان الإخوّة ـ التي لا تقبل التنابذ والتخاصم ـ بغرس الإيمان في نفوسهم، وجعله أساساً في علاقاتهم مع بعضهم {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}(7).
وفي نفس الاتجاه والشطر الذي حدّدته بوصلة الآيات الإلهية، نثر الرسول الكريم لئاليء وحيه وعلمه، فرسم لهم لوحة الإخوّة المرجوّة كمثل الجسد الواحد; فقال(ص): «ترى المؤمنين في تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى عضو تداعى له سائر جسده بالسهر والحمّى»(8).
إنّه تمثيل رائع للوشائج الاجتماعية التي تصبغ المؤمنين في بنائهم الداخلي، ويعكس هذا التمثيل النبوي مدى التماسك الاجتماعي وأيضاً مدى قوة الجبهة الداخلية في ساحة المسلمين، وتلاحمهم المصيري فهم يشكّلون جبهة إسلامية متنوّعة ومتماسكة الأجزاء {كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ}(9).
وفي أحاديث أهل البيت(ع) وردت كثير من الروايات في باب الإخوّة لها نفس المضمون الذي أشار له الرسول(ص) ; عن المفضّل بن عمر قال: قال أبو عبدالله(ع): «إنّما المؤمنون إخوة بنو أب وأُمّ وإذا ضرب على رجل منهم عِرقٌ سهر له الآخرون»(10).
وعن جابر الجعفي قال: تقبضت بين يدي أبي جعفر(ع) فقلت: جعلك فداك ربّما حزنت من غير مصيبة تصيبني أو أمر ينزل بي حتّى يعرف ذلك أهلي في وجهي، وصديقي، فقال: «نعم يا جابر إنّ الله عزّ وجلّ خلق المؤمنين من طينة الجنان وأجري فيهم من ريح روحه، فلذلك المؤمن أخو المؤمن لأبيه وأُمّه. فإذا أصاب روحاً من تلك الأرواح في بلد من البلدان حزن، حزنت هذه لأنّها منها»(11).
نعم يوجد إرتباط عميق فيما بين المؤمنين فيحزن لحزن الآخر الذي هو في مكان آخر، إنّه رباط الاُخوة ووثاق الإيمان ينزل الى قلوب المؤمنين فيصنع منهم أُمّة متوحّدة متماسكة يشدّ بعضها بعضاً.
ثالثاً: المثابرة نحو العمل
حثّ سبحانه وتعالى المؤمنين على العمل الصالح في كثير من آياته الكريمة: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ...}(12)، وقوله سبحانه: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ...}(13)، وقوله تعالى: {إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عاقِبَةُ الدّارِ...)(14)، وقوله تعالى: (اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْراً}(15) و..
والعمل الصالح قرن بالإيمان في كثير من الآيات: {إِلاَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيراً}(16)، وقوله تعالى: {إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ}(17) وغيرها من الآيات الكريمة.
وهذا أمير المؤمنين علي(ع) يؤكّد على العمل الصالح، وأثره في ميدان الحياة الإسلامية، فيقول: «العمل العمل، ثم النهاية النهاية، والاستقامة الاستقامة، ثم الصبر الصبر، والورع الورع. إنّ لكم نهاية فانتهوا الى نهايتكم.. واخرجوا الى الله بما افترض عليكم من حقّه، وبيّن لكم من وظائفه...»(18).
إنّ العمل الذي يحمل صفة الاستقامة فيه نظرة إلى أفق بعيد وهو نهاية الإنسان وآخرته، ويحتاج تجسيده الى ذخيرة من الصبر على طريق الاستقامة، وتحمل لتبعات ذلك العمل الذي ربّما طويت فيه محن. ولذا نجد أمير المؤمنين يحثّ المسلمين الى العمل بوظائفهم، فاليوم يحتاج المسلمون منّا العمل والتنفيذ ولا وقت للإنتظار، فكم من مسلم يَئِنّ تحت وطأة الحصار والدمار كما في أهلنا في غزة التي تستغيث ولا مغيث، وكم من مسلمة حسروا رأسها، ووضع عنها حجابها، لأنّ مظهرها العفيف لا ينسجم وطبيعة القيم الغربية المتحلّلة، {قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوط مِن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ}(19).
ثمّ انظروا الى ما نزل بأهلنا في باكستان فقد خسروا أنفسهم وأموالهم من جراء ذلك السيل العرم، والمطر المنهمر عليهم، واستغاثوا ممّا أصابهم فكانت المساعدات دون المستوى المتواضع... وغيرهم الكثير..
ونحن نسأل أبناء أُمّتنا، هل أنّ هذا العمل والعطاء من المسلمين يتناسب مع ما منحنا الله تعالى من رزقه العميم الكريم؟
وهل أن «اعملوا» حدودها تقتصر على المساعدات المادية أم غير ذلك؟
معالم نصرة المسلمين
تتبدّى معالم نصرة المسلمين، في الأخذ بالخطوات التالية، وأهمّها:
1 ـ تقديم النصح للمسلمين
على المسلم إسداء النصح الى إخوانه المسلمين، قال تعالى: {وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ}(20)، وقال أمير المؤمنين(ع): «ولا تدّخروا أنفسكم نصيحة»(21) ولايمنع نفسه عن نصيحة، فإن النصيحة مركباً لوطئ الجادة الصحيحة.
لقد علّمنا الرسول الأعظم(ص): «الدين النصيحة»(22) فينبغي إيصال النصيحة والإرشاد الى الجميع وأن يكون ذلك النصح والقول سديداً، ففي وصية أمير المؤمنين لولديه الحسن والحسين(ع) قال: «وقولا بالحقّ، واعملا للأجر...»(23).
وورد عن أبي عبدالله عن آبائه عن علي(ع) قال: «قال رسول الله(ص): أنسك الناس نسكاً أنصحهم حبّاً، وأسلمهم قلباً لجميع المسلمين»(24).
إنّ العبادة ونسكها يترشّح منها النصح الى المسلمين بقلب سليم ملئه الحبّ والرحمة بهم جميعاً، فهو مجبول على مودّتهم، ومصقول على نصحهم.
وما أحرى بالمسلمين اليوم من التواصي بالحقّ والتواصي بالصبر من خلال الإعلام المقروء والمسموع والمرئي في نصرة بعضهم وإسعادهم بالنطق والنصيحة، وإظهار مظلوميتهم وكيفية رفعها، أو التخفيف من عبئها، لا سيّما ما يجري على المسلمين في فلسطين والتي دعا الإمام الخميني الراحل+ في أكثر من مناسبة لنصرتهم كما دعا الدول الإسلامية: أن تلزم الجدّية في هذا الصراع المقدّس، وأن¬ تقوّي إرادتها، وتستقيم وتصمد في نهجها، وأن لا تغفل عن التواصي بالحقّ والتواصي بالصبر الذي يعتبر من الأوامر الإلهية للمسلمين(25).
2 ـ الدفاع عن المسلمين
المسلمون يدٌ واحدة في مقابل أعدائهم، وعليهم تقع مسؤولية الدفاع عن بعضهم البعض، فلو تعرّض واحد منهم الى تظلّم كان حقيقاً عليهم نصره ومؤازرته وقد ورد عن أمير المؤمنين قال: «قال رسول الله(ص) من ردّ عن قوم من المسلمين عادية ماء أو نار وجبت له الجنّة»(26).
وكان الإمام علي(ع) قد وصّى بنيه الحسن والحسين‘ يقول: «وكونا للظالم خصماً، وللمظلوم عوناً..»(27).
إنّه يدفع بولديه نحو مقارعة الظلم والوقوف بوجه كلّ تجاوز وتعدّي على الآخرين بغض النظر عن هويتهم الدينية والقومية، فأمير المؤمنين(ع) لم يقل: «وللمسلم عوناً» بل قال: «وللمظلوم عوناً» إنّها نصرة للإنسان من أخيه الإنسان في وجه الظلم.
ومعلوم أن النصرة لا تقتصر على القول وحسب، بل تتعدى الى مجالات أخرى كالجود بالنفس، أو التبرّع بالدم أو المال وما الى ذلك.
ولاشك إنّ المسلمين عندما يكون بعضهم لبعض ظهيراً فإنّ يد الطامعين والظالمين والمستعمرين سوف لا تمتدّ إليهم، أمّا إذا كان المسلمون لكلّ امريء منهم شأن يغنيه، فإنّ هذا الإنكفاء سوف تكون له مردودات سلبية كبيرة على واقع المسلمين، وقد نبّه أمير المؤمنين(ع) على هذا الشرّ المستطير بقوله: «أيّها النّاس لو لم تتخاذلوا عن نصرة الحقّ، ولم تهنوا عن توهين الباطل، لم يطمع فيكم من ليس مثلكم، ولم يقو من قوي عليكم»(28). إذن لا مجال للنكوص عن نصرة الحقّ وأهله، ولا فسحة عيش كريم إلا بالاعتصام بحبل الإخوّة والنصرة فيما بيننا في وجه كلّ معتد أثيم.
3 ـ رعاية حقوق المسلمين
للمسلمين سلوك يجسّد في مفصل منه رعاية حقوق الآخرين في كثير من مفردات الحياة، ففي الحديث عن علي(ع) قال: «قال رسول الله(ص) للمسلم على أخيه المسلم ثلاثون حقّاً لا براءة له منها إلا بأداء العفو يغفر زلّته، ويرحم عبرته، ويستر عورته، ويقيل عثرته، ويقبل معذرته ويردّ غيبته.. ولا يسلّمه ولا يخذله...»(29).
فالمسلم له مكانة في قلب المسلم، وقد حدّد الرسول الأعظم(ص) للمسلمين ما بينهم من الحقوق، وجعل لهم إطاراً نورياً يمشون به في الناس فمنهم في حصانة منيعة، ومكانة رفيعة بما أوتوه من الحقوق ; حتّى أن¬ّ الله تعالى ينظر الى تلك الحقوق التي بين عباده بعين رحمته، ويكون قريباً من عبده عندما يرعى تلك الحقوق أو يهتم بها، فقد ورد عن الرسول(ص) أنّه قال: «إنّ الله عزّ وجلّ يقول يوم القيامة: يا ابن آدم مرضت فلم تعدني قال ياربّ كيف أعودك وأنت ربّ العالمين؟ قال: أما علمت أن عبدي فلاناً مرض فلم تعده أما علمت أنّك لو عدته لوجدتني عنده. يابن آدم استطعمتك فلم تطعمني، قال: يا ربّ وكيف أطعمك وأنت ربّ العالمين؟ قال: أما علمت أنّه استطعمتك عبدي فلاناً فلم تطعمه أما علمت أنّك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي. يابن آدم استسقيتك فلم تسقني قال ياربّ وكيف أسقيك وأنت ربّ العالمين؟ قال: استسقاك عبدي فلاناً فلم تسقه أما أنّك لو سقيته وجدت ذلك عندي»(30).
ذكر ابن شهر آشوب نقلاً عن الزهري: لما مات زين العابدين فغسّلوه وجد على ظهره محل فبلغني أنّه كان يستسقي لضعفة جيرانه بالليل. وفي حليّة الأولياء قال عمرو بن ثابت: لما مات علي بن الحسين فغسّلوه جعلوا ينظرون الى آثار سواد في ظهره وقالوا: ما هذا؟ فقيل: كان يحمل جرب الدقيق ليلاً على ظهره يعطي فقراء أهل المدينة. وفي روايات أصحابنا: أنّه لما وضع على المغتسل نظروا الى ظهره وعليه مثل ركب الإبل مما كان يحمل على ظهره الى منازل الفقراء.
وكان(ع) إذا انقضى الشتاء تصدّق بكسوته، وإذا انقضى الصيف تصدّق بكسوته، وكان يلبس من خز اللباس، فقيل له: تعطيها مَن لا يعرف قيمتها ولا يليق به لباسها فلو بعتها فتصدّقت بثمنها، فقال: «أنّي أكره أن أبيع ثوباً صلّيت فيه»(31).
هذه الأحاديث وغيرها تدعو المسلمين الى الاهتمام بحقوق الآخرين وتفعيلها في حياتهم العملية. وما أجدر بالمسلمين اليوم في تقديم شتى أشكال الدعم رعاية لتلك الحقوق، وما أشدّ حاجة المسلمين اليوم الى إرسال التجهيزات الطبية والمعونات العلاجية والمادية، أو زيارتهم وعيادتهم ومواساتهم بالإلتفات إليهم و.. و..
4 ـ تقديم الخدمة والمنفعة للمسلمين
هناك خدمات يقدّمها المسلمون من باب كسب الأجر والتقرب الى الله تعالى ونفع المسلمين كالخدمات المجّانية في مساعدة الآخرين كما هو في إقراض الآخرين، قال تعالى: {مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ}(32).
فالمسلمون اليوم بحاجة الى القيام بخطوة عملية في تأسيس صندوق نقد إسلامي يتكفّل بمساعدة المتضرّرين من المسلمين من جرّاء الحوادث الإنسانية أو الكوارث الطبيعية، وهم بهذا يقدّمون خدمة لبعضهم، وسيضاعف الله لهم العمل والأجر والثواب ويجعل في ذلك البركة، عن جميل بن دراج قال: سمعته يقول: «المؤمنون خدم بعضهم لبعض، قلت: وكيف يكونون خدماً بعضهم لبعض؟ قال: يفيد بعضهم بعضاً...»(33).
كما أنّ المسلمين اليوم بحاجة الى تأسيس فضائيات وقنوات إعلامية مشتركة تحت رعاية المسلمين أنفسهم، أو بعض الدول الإسلامية وتتولّى الدفاع عن قضايا المسلمين وتهتمّ بأمر الوحدة وبشكل خاص فيما بين المسلمين من أجل إرشادهم نحو الصراط السوي السليم; فقد جاء عن أبي عبدالله(ع) قوله: «إن¬ّ المؤمن أخو المؤمن عينه ودليله»(34).
5 ـ الإيثار لمصالح المسلمين
الإيثار من المفاهيم الأخلاقية والتربوية التي رافقت حياة المسلمين، وقد ذكر الله تعالى للمؤمنين إيثارهم بقوله تعالى: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ}(35).
فهذا الإيثار يعبّر عن روح التضحية، والتخطّي للحدود الذاتية الى الحدود الإنسانية العالية، وهذا المبدأ يعبّر أيضاً عن عمق الإيمان في إيثار مصلحة الآخرين على مصلحته، عن أنس أن النبي(ص) قال: «لا يؤمن أحدكم حتّى يحبّ لأخيه ما يحب لنفسه»(36).
وفي الرواية عن أبان بن تغلب جاء إليه أحد أصحابه في حاجة وكان أبان برفقة الإمام الصادق(ع) فقال له الإمام(ع): «يا أبان تقاسمه شطر مالك، ثم نظر إليَّ فرأى ما دخلني، فقال: يا أبان أما تعلم أن¬ّ الله عزّ وجل قد ذكر المؤثرين على أنفسهم؟ قلت: بلى جعلت فداك، فقال: أما إذا أنت قاسمته فلم تؤثره بعد، إنّما أنت وهو سواء إنّما تؤثره إذا أنت أعطيته من النصف الآخر»(37).
إنّ مفهوم الإيثار لو تم تطبيقه بين المسلمين لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم بما كانوا يعلون ويؤثرون.
أمّا إذا لم يلتزم كثير من المسلمين بمبدأ التضحية والإيثار فذلك لا يعني سقوط التكليف عنهم بل هم مطالبون بالعمل به أو بما يستطيعون فعله، فهذه الآية والأحاديث التي تحثّ المسلمين على الإيثار تبقى قائمة وشاهدة على النّاس حتى لو تنصّل فريق منهم عن العمل بها. وعليه فمن باب التذكير بمبدأ الإيثار ـ الذي عمل به صدور هذه الأُمّة فأفلحوا ـ فإنّ له فاعلية في توثيق الصلة بين المؤمنين وترسيخ الإيمان في ساحتهم وتقوية الفقراء في مقاومة شدّة الفقر، وشد أزر المعوزين بما تجود به أنفس المؤمنين من إيثار.
الخاتمة
يواجه المسلمون اليوم تحدّيات خطيرة من جميع الاتجاهات، وكلّ تلك التحدّيات إن لم يتداركها المسلمون بالنصح والوحدة والعمل فسوف ينعكس ذلك سلباً على أُمتهم وحياتهم.ولا يمكن للأُمّة أن تنهض من جديد إلا بالتمسّك بقيمها الأصيلة، وتقديم الحلول الصحيحة من خلال دراسة أوضاعها وتحديد مكامن الضعف والخلل فيها، وتقوية نقاط القوّة في هذه الأُمّة المتأثرة والمنفعلة بما يلقى إليها.
إنّ من معالم نصرة المسلمين إسداء النصح الخالص الصحيح لهم، والدفاع عنهم وعن حقوقهم في المحافل الدولية سواء السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو الثقافية وغيرها.
نعم إنّ خدمة المسلمين تعد هدفاً مقدّساً من خلال بذل الخدمات المتعددة له في بلاد الله العريضة، ويجب أن تكون لدينا آليات للتواصل مع بعضنا وتقديم الخدمات اللازمة للمتضرّرين والجلوس معهم في خندق المواجهة والصمود.
نعتقد أنّ المسلم الواقعي هو الذي يؤثر مصلحة المسلم على نفسه بل مصلحة المسلمين وتقديمها على مصالحه الخاصّة، وقد عمل صدور هذه الأُمّة بتلك المبادئ السامية فكانوا كما وصفهم الباري تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّة أُخْرِجَتْ لِلْنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}(38).
محمد عيدان العبادي
الهوامش:
(1) مسند أحمد 5: 278، حديث ثوبان.
(2) الكافي 2: 163، باب الاهتمام بأُمور المسلمين والنصيحة لهم، ح1.
(3) المحاسن 1: 263.
(4) الكافى 2: 196، باب السعي في حاجة المؤمن، ح14.
(5) الأنفال: 63.
(6) آل عمران: 103.
(7) الحجرات: 10.
(8) صحيح البخاري 7: 77، كتاب الأدب.
(9) الصف: 4.
(10) الكافي 2: 16، باب اُخوّة المؤمنين بعضهم لبعض، ح1.
(11) الكافي 2: 165، باب اُخوّة المؤمنين بعضهم لبعض، ح2.
(12) التوبة: 105.
(13) فاطر: 10.
(14) الأنعام: 135.
(15) سبأ: 13.
(16) الشعراء: 227.
(17) سورة ص: 24.
(18) نهج البلاغة: الخطبة 176.
(19) النمل: 56.
(20) العصر: 3.
(21) نهج البلاغة: الكتاب ، 51.
(22) صحيح البخاري 1: 20، كتاب الإيمان.
(23) نهج البلاغة: الوصية رقم 47.
(24) مشكاة الأنوار: 318.
(25) نداء الإمام الخميني(قده) الى الدول والشعوب الإسلامية، في رمضان سنة 1393 هـ . ق.
(26) الكافي 5: 55.
(27) نهج البلاغة: الوصية 47.
(28) نهج البلاغة: الخطبة 166.
(29) كنز الفوائد: 141.
(30) صحيح مسلم 8: 14، باب ثواب المؤمن فيما يصيبه من مرض أو حزن.
(31) مناقب آل أبي طالب، ابن شهر آشوب 3: 294، وانظر: سير أعلام النبلاء 4: 393، البداية والنهاية 9: 133 وغيرها من المصادر.
(32) البقرة: 245.
(33) الكافي 2: 167، باب أخوة المؤمنين بعضهم لبعض، ح9.
(34) المصدر السابق 2: 166، باب أخوة المؤمنين بعضهم لبعض، ح8.
(35) الحشر: 9.
(36) المعجم الأوسط 8: 167.
(37) الكافى 2: 171، باب حقّ المؤمن على أخيه وأداء حقّه، ح8.
(38) عمران: 110.
فهرس المصادر
1 ـ البداية والنهاية، ابن كثير الدمشقي (ت 774 هـ)، تحقيق علي شيري، دار إحياء التراث العربي، بيروت ط1 ـ 1408.
2 ـ سير أعلام النبلاء، شمس الدين الذهبي (ت 748 هـ)، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط9 ـ 1413 هـ .
3 ـ صحيح البخاري، محمد بن إسماعيل البخاري (ت 256 هـ)، دار الفكر، بيروت، سنة الطبع 1401 هـ .
4 ـ صحيح مسلم، مسلم النيسابوري (ت361 هـ)، دار الفكر، بيروت.
5 ـ الكافى، محمد بن يعقوب الكليني الرازي (ت 329 هـ)، تحقيق علي أكبر غفاري، دار الكتب الإسلامية، طهران، ط 4 ـ 1365 ش.
6 ـ كنز الفوائد، أبو الفتح الكراجكي (ت 449 هـ)، مكتبة المصطفوي، قم، ط2 ـ 1369ش.
7 ـ المحاسن، أحمد بن محمد بن خالد البرقي (ت 274 هـ)، دار الكتب الإسلامية، طهران، سنة الطبع 1370 هـ.
8 ـ مشكاة الأنوار، علي الطبرسي، دار الحديث، قم، ط 1 ـ 1418 هـ.
9 ـ مسند أحمد، الإمام أحمد بن حنبل (ت 241 هـ)، دار صادر، بيروت.
10 ـ مناقب آل أبي طالب، ابن شهر آشوب (ت 588 هـ)، المطبعة الحيدرية، النجف الأشرف، سنة الطبع 1376 هـ / 1956م.
11 ـ المعجم¬الأوسط، الطبراني (ت 360 هـ)، دار الحرمين للطباعة، سنة الطبع 1415 هـ .
12 ـ نهج البلاغة، الإمام علي(ع)، شرح محمد عبده، دار الذخائر، قم، ط 1 ـ 1412 هـ .
13 ـ نداء الإمام الخميني(ره) الى الدول الإسلامية، في رمضان سنة 1393 هـ. ق.
«الجماعة» تُخرج «ثعلبها» إلى المواجهة
الرجل الأقوى داخل التنظيم، رغم وقوفه طوال الوقت خلف الرجل الأول. هو محمود عزّت، الذي أُعلن أمس اختياره مرشداً عاماً جديداً لجماعة «الإخوان المسلمين» في مصر بعد ساعات من إعلان وزارة الداخلية إلقاء القبض على المرشد العام للجماعة محمد بديع.
محمود عزت (69 عاماً)، هو الأمين العام لجماعة «الاخوان» سابقاً، وعضو مكتب الارشاد حالياً، ونائب المرشد. أب لخمسة أبناء. اعتُقل في العهد الناصري، بعدما حُكم عليه في عام 1965 بعشر سنوات سجن، وكان في حينها طالباً في السنة الرابعة بكلية الطب، التي عاد وتخرج منها في عام 1976. ثم اعتُقل لاحقاً لمدة ستة أشهر على ذمة التحقيق في قضية «الإخوان» المعروفة بقضية «سلسبيل»، قبل أن يُفرج عنه في أيار 1993. وفي عام 1995 حُكم عليه بخمس سنوات لمشاركته في انتخابات مجلس شورى الجماعة، واختياره عضواً في مكتب الإرشاد، وخرج عام 2000 من سجنه قبل أن يُعاد اعتقاله من جديد في كانون الثاني 2008 لمشاركته في تظاهرة وسط القاهرة احتجاجاً على العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وقتها.
يقول الموقع الإلكتروني لجماعة الإخوان المسلمين إن عزت نال درجة الماجستير عام 1980 والدكتوراة عام 1985 من جامعة الزقازيق، وحصل على دبلوم معهد الدراسات الإسلامية عام 1998 وإجازة قراءة «حفص» للقرآن الكريم من معهد القراءات عام 1999.
على المستوى العملي تشير سيرة الرجل الذاتية الى أن له عدّة أبحاث طبية، في مجال مقاومة عدوى المستشفيات في مصر وبريطانيا، وبحوثاً في الأمراض الوبائية في مصر مثل الالتهاب السحائي الوبائي ووباء الكوليرا.
الرجل حصل على العديد من الأوصاف جميعها تؤكّد على أنّه واحد من صقور الجماعة التي يخشى من فكرها الجميع. ينتمي إلى التيار القطبي المسيطر على الجماعة حالياً، وهو الفكر الأكثر تشدّداً في مواجهة التيار الآخر داخل الجماعة، الذي يسمى تيار «التلمساني»، نسبة إلى المرشد الأسبق للجماعة عمر التلمساني؛ هذا التيار الذي انسحق أمام صعود التيار القطبي، الذي ينتمي اليه أيضاً محمد بديع ومحمد خيرت الشاطر ومحمود عزت، والذي أطاح قيادات أخرى للجماعة مثل محمد حبيب والدكتور عبد المنعم أبو الفتوح والمحامي مختار نوح، رغم تاريخهم العريق في الجماعة.
يصف البعض عزت بأنه رجل «مخابراتي» معتمدين على طبيعته الغامضة، التي لم يستطع أحد فكّ طلاسمها حتى الآن، وساعدته على ذلك الهالة التي أحاط بها نفسه؛ فكان بعيداً عن الإعلام، غير أنّه كان العقل الحقيقي المحرك للجماعة، وذهب البعض الى اعتباره المرشد الحقيقي للجماعة، وأن بديع ليس إلا مجرد واجهة، مستدلين على ذلك بأن عزت كان يستطيع تمرير أي قرار يتبناه داخل التنظيم من دون أن يجرؤ أحد على معارضته. فيما أطلق عليه شباب الجماعة وصف «الثعلب»، لما يتمتع به من مكر وخداع.
الرجل، حسب العديد من أعضاء الجماعة الذين كانوا في وقت من الأوقات من المقربين منه قبل أن ينشقوا عن التنظيم، يثابر على التركيز على هدف أساسي طوال الوقت، وهو كيفية الحفاظ على التنظيم متماسكاً ومسيطراً على أعضائه.
المراقبون لشؤون الجماعات الإسلامية يرون أن اختيار عزت في هذا التوقيت سيزيد من حالة التوتر بين الجماعة والدولة، خاصة وأن عزت صاحب فكر متشدد؛ رأيٌ انعكس في فرحة شباب الجماعة باختيار عزت في منصبه الجديد، حيث احتفلت صفحات الإخوان بالخبر، وكتبت تقول «احنا مسمينو في الجماعة «الرجل الحديدي»، رجل لا يظهر في الإعلام. السيسي هيتعمل معاه الصح».
ولايتي: انتخاب روحاني اختبار فعلي لنوايا الغرب
بعد نحو أسبوعين من أدائه اليمين الدستورية، لا يزال الرئيس الإيراني حسن روحاني يدرس قرار تعيين شخص لقيادة المفاوضات النووية مع الغرب، في وقت تحدثت فيه طهران عن منجزات عسكرية للسلاح البحري تتضمن غواصات وطوربيدات وصواريخ.
وفي موقف يمثل المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية سيد علي خامنئي، قال وزير الخارجية الأسبق، علي أكبر ولايتي، إنه مع وصول الرئيس روحاني الى سدة الرئاسة أصبحت الفرصة متاحة أمام القوى العالمية للتوصل الى تفاهمات مع إيران حول برنامجها النووي، منوهاً بأن طهران لن تعلّق نشاطاتها النووية مجدداً.
وأكد مستشار سيد القائد للشؤون الدولية في مقابلة أجرتها معه وكالة «آسوشيتد برس»، أن انتخاب روحاني اختبار فعلي لنوايا الغرب، وأن على الدول الغربية استغلال هذه الفرصة.
وأشار ولايتي الى أن حل المواضيع العالقة يتطلب العقلانية، وأن «القرار النهائي في ما يتعلق بالبرنامج النووي يرجع الى المرشد الأعلى سيد علي خامنئي، لا الى الرئيس حسن روحاني وحده».
وحول إمكان إجراء حوار مباشر مع الولايات المتحدة، استبعد ولايتي ذلك إذا ما استمرت في سلوكها العدائي تجاه إيران، مؤكداً أن على أميركا التنازل والابتعاد عن فكرة أنها دولة كبرى».
وأعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية عباس عراقجي، أمس، أن الرئيس روحاني لم يتخذ قراراً بعد بتعيين الشخص الذي سيقود المفاوضات حول الملف النووي مع القوى الكبرى. وأضاف في تصريحه الصحافي الأسبوعي «لا يهم أي شخصية من المجلس الأعلى للأمن القومي أو وزارة الخارجية ستكلف قيادة المفاوضات. هناك مبادئ لن تتغير. على سبيل المثال، الدفاع عن حقوق الجمهورية الإسلامية وإنجازات البرنامج النووي... لكن في الوقت الراهن، لم يتخذ الرئيس قراراً».
لكن عراقجي أشار الى أن المجلس الأعلى للأمن القومي «مُكلّف باتخاذ القرارات المتعلقة بالمسائل الكبرى في البلاد. والأمر ينطبق على المفاوضات النووية... ويمكن أن يقرر روحاني تعيين شخص آخر لقيادة المفاوضات، فهما أمران مختلفان».
وتحدثت الصحافة الإيرانية عن احتمال أن يقود وزير الخارجية الجديد، محمد جواد ظريف، المفاوضات النووية. لكن مستوى الوفود الممثلة للقوى الكبرى من مجموعة 5+1 (الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين وألمانيا) والتي يتولاها مديرو الخارجية أو نواب وزراء يمكن أن يطرح مشكلة.
من جهة ثانية، أعلن نائب قائد القوة البحرية للجيش الإيراني، الأميرال غلام رضا خادم بيغم، أن الصناعات البحرية العسكرية تعمل حالياً على تطوير صواريخ وطوربيدات الغواصات المتوسطة وتصنيع غواصات ثقيلة في القريب العاجل.
وتحدث بالتفصيل، في مقابلة خاصة أجرتها معه وكالة أنباء «فارس» الإيرانية، عن بعض «منجزات الصناعات البحرية العسكرية والخطط والبرامج المستقبلية الطموحة»، ومنها تصنيع غواصات متوسطة أكثر تطوراً من السابق وتصنيع غواصات ثقيلة وصواريخ وطوربيدات ذكية متطورة.
وأشار الى أنه يتم حالياً صنع فرقاطات قاذفة للصواريخ، منها «بيكان» و«جوشن»، مضيفاً إنه سيُعلن عنها قريباً.
كذلك أكد بيغم أن القوة البحرية تمتلك الآن طائرات من دون طيار ذات أبعاد ومديات مناسبة لغرض الاستطلاع والقيام بعمليات الدورية، ولفت الى امتلاك القوة البحرية طائرات قتالية من دون طيار. وأضاف، «إننا لا نرى سبباً يدعونا إلى الوجود بالقرب من المياه الأميركية أو الدول البعيدة الأخرى إلا إذا كان ذلك جزءاً من سياسات القوات المسلحة، وهي ليست كذلك في الوقت الحاضر. وعلى أي حال، لنا القدرة على إنجاز ذلك وقد أثبتناه بالفعل من خلال العبور من مضيق مالاغا والوجود في المحيط الهادئ».
حَقّ إِمَامِكَ فِي صَلَاتِكَ
29. وَ أَمّا حَقّ إِمَامِكَ فِي صَلَاتِكَ فَأَنْ تَعْلَمَ أَنّهُ قَدْ تَقَلّدَ السّفَارَةَ فِيمَا بَيْنَكَ وَ بَيْنَ اللّهِ وَ الْوِفَادَةَ إِلَى رَبّكَ وَ تَكَلّمَ عَنْكَ وَ لَمْ تَتَكَلّمْ عَنْهُ وَ دَعَا لَكَ وَ لَمْ تَدْعُ لَهُ وَ طَلَبَ فِيكَ وَ لَمْ تَطْلُبْ فِيهِ وَ كَفَاكَ هَمّ الْمَقَامِ بَيْنَ يَدَيِ اللّهِ وَ الْمُسَاءَلَةِ لَهُ فِيكَ وَ لَمْ تَكْفِهِ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ تَقْصِيرٌ كَانَ بِهِ دُونَكَ وَ إِنْ كَانَ آثِماً لَمْ تَكُنْ شَرِيكَهُ فِيهِ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْكَ فَضْلٌ فَوَقَى نَفْسَكَ بِنَفْسِهِ وَ وَقَى صَلَاتَكَ بِصَلَاتِهِ فَتَشْكُرَ لَهُ عَلَى ذَلِكَ وَ لَا حَوْلَ وَ لا قُوّةَ إِلّا بِاللّهِ
تراجع العنف مع انحسار المسيرات
مقارنة بيوم السبت، يمكن وصف يوم أمس بالهادئ نسبياً، مع تراجع وتيرة العنف وأعداد القتلى الذين قاربوا الألف، فضلاً عن آلاف الجرحى، منذ فض اعتصامات أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي، في ميادين «رابعة العدوية» و«النهضة». تراجع العنف يمكن ردّه الى ارتباك جماعة «الإخوان المسلمين» التي أعلنت إلغاء مسيرات في القاهرة، ثم تراجعت عن القرار، وذلك عقب الضربة الموجعة التي تلقتها إثر إجبار أنصارها على الخروج من مسجد الفاتح، حيث اعتصموا طوال ساعات الليل والنهار، واشتبكوا مع القوات الأمنية قبل استسلامهم.
وإضافة الى آلاف القتلى والجرحى، بينهم أبناء قادة لهم، آخرهم ابن المرشد العام محمد بديع (عمار)، فقد كلّفت معركة «الإخوان» مع الإدارة الانتقالية، حتى الآن، اعتقال المئات، بينهم قادة، فضلاً عن تعريض جماعتهم لخطر الحظر، حيث ناقشت الحكومة، أمس، اقتراحاً بذلك. في وقت عقد فيه اجتماع قيادي للقوة الأمنية برئاسة القائد الأعلى للقوات المسلحة، عبد الفتاح السيسي، الذي أكد أنّ مصر تتسع للجميع، وشكر الدول الخليجية والأردن، باستثناء قطر، على دعمها.
رغم حجم التوتر والاشتباكات الدموية، فإن مفردات الحوار والمصالحة ونبذ العنف لم تسقط من تصريحات المسؤولين كافة، وحتى ممن بقي من «الإخوان» طليقاً.
وخرجت مسيرات خجولة للإخوان أمس، في إطار فعاليات أسبوع «رحيل الانقلاب»، رغم فرض حالة الطوارئ، وقرار منع التجوال بعد الساعة السادسة مساءً، والذي فرض على القاهرة، المدينة التي لا تنام، سكوناً في الليل.
وكان «التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب» قد دعا الى مسيرات في القاهرة، على أن تخرج من تسعة مساجد وتتجه الى مقر المحكمة الدستورية العليا في ضاحية المعادي وميدان روكسي، غير أنه عاد وأصدر بياناً ألغى فيه مسيرتين في محافظتي الجيزة والقاهرة لدواع أمنية، ثم عاد وتراجع في بيان لاحق.
وفي إطار ملاحقة أنصار «الإخوان»، اعتقلت السلطات محمد الظواهري، شقيق زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري. وقال مصدر أمني إن «قوات الأمن تمكنت من القبض على الظواهري في كمين بالجيزة».
وفي السياق، أعلنت مصادر أمنية اعتقال نحو 404 مناصرين للإخوان خلال اليومين الماضيين، بعد اعتقال أكثر من ألف شخص يوم الجمعة الماضي، ليرزح بذلك الآلاف من أنصار الجماعة في أقبية السجون، الى جانب بعض قادتهم. غير أنّ أحداثاً وقعت في أحد السجون لتزيد من توتر المشهد، حيث أُعلن مقتل أكثر من 38 شخصاً خلال اشتباكات بين القوات الأمنية ومسلّحين حاولوا تحرير أنصار المعزول من منطقة سجون أبو زعبل بمحافظة القليوبية.
بدوره، خاطب المتحدث باسم الجماعة أحمد عارف أنصارها قائلًا على صفحته الفيسبوكية إن هناك «معاني تربوية مهمة من المدرسة الشعبية الثورية لاستعادة الشرعية ورحيل الانقلاب الدموي». وأوضح أن أهم تلك المعاني هو أن «القضية واضحة وهي الحفاظ على أم الدنيا وأخت الزمان، إنها مصر». وحذّر أنصاره من «العنف فهو غاية الخائن منكم، وأنتم يا شعب مصر أذكى من أن يرسم لكم الانقلابيون القضبان على الأرض فتسيرون عليها، فمعارك العنف سخيفة وخاسرة، والجيش هو جيش العائلة المصرية لا جيش طوائف ولا أعراق ولا مذاهب».
على الجانب الحكومي، عقدت الحكومة الانتقالية برئاسة حازم الببلاوي اجتماعاً لمناقشة الأوضاع في مصر وسبل إنهاء المواجهة الدامية، كما بحثت اقتراحاً بحظر جماعة «الإخوان المسلمين». وكان الببلاوي قد أعلن أنه لن يكون هناك تصالح مع من تلطخت أياديهم بالدماء وهاجموا الدولة ومؤسساتها.
وقبل اجتماع الحكومة، قدّم نائب رئيس الوزراء زياد بهاء الدين اقتراحاً تصالحياً يدعو إلى إنهاء حال الطوارئ ومشاركة كل الأحزاب في العملية السياسية وضمانات باحترام حقوق الإنسان، بما في ذلك حق التظاهر.
وفي وقت سابق، عُقد اجتماع أمني رفيع بقيادة السيسي وحضور وزير الداخلية محمد ابراهيم وعدد من قادة وضباط القوات المسلحة وهيئة الشرطة. وأكّد السيسي أن «من يتصور أن العنف سيركع الدولة والمصريين يجب أن يراجع نفسه، وأننا لن نسكت أمام تدمير البلاد والعباد وحرق الوطن وترويع الآمنين ونقل صورة خاطئة للإعلام الغربي بوجود اقتتال داخل الشارع». وقال إنه «لم يتم التنسيق أو التعاون خارجياً مع أي دولة في الشأن المصري»، وإن «المصلحة العليا للوطن تقتضي وضع مصلحة مصر وأمنها القومي فوق كل اعتبار»، غير أنه خص كلاً من «السعودية والإمارات والكويت والأردن والبحرين» لشكرها على ما قدموه للشعب المصري، وقال «لن يُنسى لهم ذلك». وعن رسالته لأنصار الرئيس المعزول محمد مرسي، أشار الى أنها تقول: «مصر تتسع للجميع».
وكان المتحدث باسم الرئاسة مصطفى حجازي قد أعلن في مؤتمر صحافي أن «كل من في جماعة الإخوان المسلمين أو خارج الجماعة يرغب المشاركة في المسيرة المصرية السلمية نحو المستقبل مرحّب به»، قبل أن يستدرك «نرحب بمشاركة كل الأحزاب والفصائل طالما أنها لم تشترك في إشاعة العنف أو أي أعمال إرهابية».
بدوره، أكد وزير الخارجية المصري نبيل فهمي، أن الحكومة المصرية المؤقتة لم تتخل عن مسار الديموقراطية، وقال «أطمئن أصدقاءنا الى أننا نطبق خريطة الطريق للوصول الى الديموقراطية». وأكد أن المصريين «لن يقبلوا أن تظل البلاد خاضعة لحالة الطوارئ المفروضة حالياً لمدة طويلة». وأشار الى أن السلطات ترحب بمشاركة أنصار مرسي في حوار حول مستقبل مصر السياسي «فور استعادة الهدوء والنظام».
في غضون ذلك، طالب شيخ الأزهر الإمام الأكبر أحمد الطيب جماعة الإخوان بالمسارعة إلى حماية مصر، مؤكداً أن «الشرعية لا تكتسب بدماء تسيل». وقال: «إلى جماعة الإخوان، إن مشاهد العنف لن تكسب استحقاقاً لأحد، والشرعية لا تكتسب بدماء تسيل، ولا بفوضى تنتشر بين العباد، ولا تزال هناك فرصة وأمل متسع لكثيرين منكم ممن لم يثبت تحريضه على العنف».