
emamian
سُراق الصلاة
هناك آثار لترك الصلاة تبرز في حياة الإنسان العملية، قد أُكّد عليها من لدُن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حديثه الذي أوردناه حول الخصال الخمس عشرة أكّدت على أنّ الله تعالى ينزع البركة من عمر الإنسان التارك للصلاة، وهذه البركة المنزوعة لها معان:
الأوّل: أنّ الله تعالى لا يُبارك في عمر التارك للصلاة، وبالتّالي يكون عمره قصيراً.
الثاني: أنّه لا يوفّق للخيرات الأخرى، وهذا المعنى أُشير له في الروايات أنَّ الصلاة عمود الدين إن قُبِلت قُبِل ما سواها وإن رُدّت رُدّ ما سواها، أي، إنَّ جميع الخيرات التي تصدر من لدن الإنسان تكون غير مقبولة بل لا يترتّب عليها أيّ أثر، لأنّه ترك عمود الإسلام وعماده، وكما شبّهه الإمام الباقر عليه السلام بعمود الخيمة، الذي بدونه تسقط الخيمة كلّها، وكذلك، كلّ الأعمال الصالحة تُقبَل وتؤثّر بواسطة قبول الصلاة، فإذا تُركت الصلاة، فإنّ كل تلك الخيرات الأخرى لا تترتّب ولا تُؤثّر.
الثالث: يقصد من نزع البركة من عمره بمعنى حرمانه من الذرّية الصالحة، التي تدعو له، لأنّه قد يُوفّق الإنسان في ذرّية صالحة بحيث يُمكن أن يأتي أحد أحفاده ولو بعد خمسين حفيد، فيدعو لهذا الإنسان ويعمل له الطاعات وأعمال البر، التي ترجع عليه بالفائدة والنفع الكبير. ولكن الإنسان التارك للصلاة لا يكتب الله تعالى في ذرّيته البركة، والإنسان الصالح يحفظ الله تعالى له صلاحه، وتنعكس آثار هذا الصلاح على ذرّيته جيلاً بعد جيل، وقد رأينا ذلك في ما قصّه الله تعالى علينا في سورة الكهف ممّا جرى بين العبد الصالح. الخضر عليه السلام، وكليم الله موسى عليه السلام: ﴿وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي﴾[1]، وفي أقل الروايات الواردة في تشخيص هذا الأب الصالح قيل: هو الجد السابع، فتأمّل.
سُرّاق الصلاة:
روي عن أمير المؤمنين عليه السلام، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "أسرق السرّاق من سرق من صلاته ـ يعني لا يتمّ فرائضها"[2]، وربما يتصوّر بعض سرّاق الصلاة أنّ العجلة فيها من علامات الفقه، فكلّما سرق ركوعها وسجودها وأركانها كان ذلك علامة فضيلته وفقهه، هؤلاء ضرب لهم مثلاً مولانا أمير المؤمنين عليه السلام ، فاستمع إليه إذ قال: "مثل الذي لا يتمّ صلاته كمثل حُبلى حملت حتّى إذا دنا نفاسها أسقطت، فلا هي ذات حمل ولا هي ذات ولد"[3] وروي عن سلمان المحمدي وابن مسعود وابن عباس حديث واحد، واللفظ لسلمان قال رضي الله عنه: "الصلاة مكيال، فَمَنْ وَفَّى وفِيَ لَهُ، ومن طفّف فقد علمتم ما قال الله في المطفّفين"[4].
قال مولانا الإمام الصادق عليه السلام: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "لا يزال الشيطان ذَعِراً من المؤمن ما حافظ على الصلوات الخمس لوقتهنّ، فإذا ضيّعهنّ تجرّأ عليه فادخله في العظائم"[5].
قربان الأتقياء، دار المعارف الإسلامية الثقافية
[1] سورة الكهف، الآية 82.
[2] القاضي النعمان بن محمد المغربي، دعائم الإسلام، ج 1، ص 133.
[3] المصدر السابق، و كنز العمال، ج 7، ص 509، ح 20006.
[4] يوسف بن عبد الله بن عبد البر النمري، الاستذكار، ج 1، ص 67، طبعة:1دار الكتب العلمية.
[5] ثقة الإسلام الشيخ الكليني، الكافي، ج 3، ص 269، حديث 8.
حزب الله يتبنى وحماس تبارك.. صفارات الإنذار تدوي في شمال إسرائيل وهضبة الجولان المحتلة
تعزيزات عسكرية إسرائيلية على الحدود مع سوريا ولبنان
قصف حزب الله اللبناني -اليوم الجمعة- أراضي مفتوحة في محيط مزارع شبعا التي تحتلها إسرائيل، وقد ردت الأخيرة بقصف مدفعي على أراض مفتوحة بمحيط قرى في جنوب لبنان.
وقال بيان للجيش الإسرائيلي إن صفارات الإنذار تدوي في شمال إسرائيل وهضبة الجولان المحتلة.
وأفاد مراسل الجزيرة بأن "صواريخ تستهدف موقعا إسرائيليا في مزارع شبعا المحتلة"، ونقل عن مصدر أمني لبناني أن الموقع الإسرائيلي في مزارع شبعا استهدف براجمة صواريخ.
وقال المصدر إن أكثر من 10 صواريخ أطلقت باتجاه الموقع الإسرائيلي في مزارع شبعا.
ونقلت مراسلة الجزيرة أن صفارات الإنذار تدوي في مناطق عدة في هضبة الجولان السوري والجليل الأعلى.
من جهتها، نقلت وكالة رويترز عن مصدر أمني لبناني أن صواريخ أطلقت باتجاه إسرائيل من جنوب لبنان.
وقال متحدث عسكري إسرائيلي إن صفارات الإنذار أطلقت اليوم الجمعة في عدة بلدات إسرائيلية في شمالي البلاد.
ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية أن القبة الحديدية لم تسقط كل الصواريخ وإن قسما منها سقط في مناطق مفتوحة في الجولان
وذكرت وكالة الأنباء الفرنسية أن دخانا يتصاعد من منطقة مزارع شبعا المحتلة، وقد تبنى حزب الله قصف أراض مفتوحة في محيط مواقع إسرائيلية بمزارع شبعا المحتلة.
وقال الحزب في بيان إنه "عند الساعة 11:15 دقيقة من قبل ظهر اليوم الجمعة وردا على الغارات الجوية الإسرائيلية على أراض مفتوحة في منطقتي الجرمق والشواكير ليلة الخميس الماضي قامت مجموعات في المقاومة الإسلامية بقصف أراض مفتوحة في محيط مواقع الاحتلال الإسرائيلي في مزارع شبعا بعشرات الصواريخ من عيار 122 ملم".
وقال الجيش الإسرائيلي في بيان "أطلقت أكثر من 10 صواريخ من لبنان نحو الأراضي الإسرائيلية، معظم الصواريخ اعترضها نظام الدفاع الجوي"، مضيفا أن الصواريخ الأخرى سقطت في مناطق غير مأهولة.
ومن جتنبه أعلن الجيش الإسرائيلي أنه قصف بالمدفعية مناطق جنوبي لبنان ردا على إطلاق صواريخ على بلدات إسرائيلية.
وبعد فترة توقف تجدد القصف المدفعي الإسرائيلي على مناطق مفتوحة في محيط تلال كفرشوبا اللبنانية.
ونقل مراسل الجزيرة أن القوات الاسرائيلية تستخدم القذائف الفوسفورية في قصف محيط تلال كفرشوبا وأفاد باندلاع حرائق جراء القصف الإسرائيلي.
ونقل مراسل الجزيرة أن مقاتلات حربية إسرائيلية تحلق بكثافة في أجواء منطقة العرقوب (جنوبي لبنان).
ونقل مراسل بدء مشاورات عسكرية في وزارة الدفاع الإسرائيلية بحضور بينت وغانتس ورئيس الأركان كوخافي.
واعتبرت صحيفة هآرتس أن مجرد أن تمكن حزب الله من إطلاق أكثر من 10 صواريخ على الأراضي الإسرائيلية دون أن تعرف المخابرات بذلك قبل الإطلاق فإن ذلك يجب أن يقلق الجيش الإسرائيلي.
وقالت إنه كان يجب إحباط مثل هذا الحادث حتى قبل الإطلاق. و"هناك خلل في العمليات والاستخبارات ويجب على الجيش الإسرائيلي فحص ذلك".
المقاومة الفلسطينية تبارك
من جانبها عبرت حركة حماس عن مباركتها ودعمها الكامل لقصف حزب الله لأهداف إسرائيلية.
وقالت حماس في بيان لها إنها تبرق التحية للمقاومة في لبنان وهي "ترد على العدوان وتكسر المعادلات التي حاول الاحتلال فرضها وتثبيت معادلة القصف بالقصف والبادئ أظلم".
وشددت حركة حماس على أن مقاومة الاحتلال والرد على جرائمه وانتهاكاته حق مكفول للشعوب المحتلة والمعتدى عليها ، وأكدت أن المعركة مع الاحتلال يجب أن تظل مفتوحة على كل الجبهات حتى زواله وتحرير المقدسات والأرض العربية والإسلامية .
وكذلك قالت حركة الجهاد الإسلامي إنها تعبر عن دعمها الكامل لرد حزب الله الصاروخي، وتؤكد على الحق في مقاومة الاحتلال وعدم السماح له بفرض معادلات جديدة أو تغيير قواعد الاشتباك.
وأكدت أن "الرد على جرائم الاحتلال بكل الوسائل حق لن تتخلى عنه المقاومة وشعوب الأمة التي تنشد الحرية والخلاص من الاحتلال".
استبعاد الحرب
أما رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان حسان دياب فقد طالب الأمم المتحدة بالضغط على إسرائيل لإلزامها باحترام القرار 1701.
وقال دياب "يجب عودة الهدوء ووقف الخروقات الإسرائيلية المتكررة للسيادة اللبنانية".
ونقل مراسل الجزيرة أن دياب يجري اتصالات لاحتواء التصعيد في جنوب لبنان.
من جانبه قال رئيس الوزراء اللبناني السابق وزعيم تيار المستقبل سعـد الحريري إن لبنان ليس جزءا من الاشتباك الإيراني الإسرائيلي والدولة هي المسؤولة عن حماية المواطنين.
وأضاف "استخدام جنوب لبنان منصة لصراعات إقليمية غير محسوبة النتائج والتداعيات خطوة نحو المجهول".
وقال إن "الوضـع علـى الحدود مـع العدو الإسـرائـيـلـي خـطـيـر جـدا وتهديـد غيـر مسبوق للقرار 1701"
وفي الجانب الآخر، قال الجيش الإسرائيلي إنه "لا مصلحة لنا في التصعيد والذهاب للحرب وسنحاول عدم تحويل لبنان إلى خط مواجهة".
ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مسؤول إسرائيلي قوله "نتجه لإنهاء الحدث ولا نية لعقد اجتماع للمجلس الأمني المصغر.
تغيير قواعد الاشتباك
وتأتي هذه التطورات بعد يومين من شن غارات جوية ومدفعية على أهداف داخل لبنان.
وفي وقت سابق، حين اعتبر الرئيس اللبناني ميشال عون أن استخدام إسرائيل سلاحها الجوي ضد بلاده يكشف عن نوايا عدوانية تصعيدية.
وأعلنت السلطات اللبنانية أمس الخميس أنها ستتقدم بشكوى إلى مجلس الأمن الدولي بشأن الغارات والقصف الإسرائيلي.
وأفاد بيان للحكومة اللبنانية بأن رئيس الوزراء حسان دياب طلب من وزيرة الخارجية زينة عكر تقديم شكوى عاجلة إلى مجلس الأمن بشأن العدوان الإسرائيلي على لبنان.
ونقل البيان عن دياب قوله إن "العدو الإسرائيلي -بمدفعيته أولا وبطائراته الحربية ثانيا- نفذ عدوانا صريحا على السيادة اللبنانية".
وأوضح أن "العدو (إسرائيل) اعترف علنا بهذا الخرق الفاضح للقرار 1701، متذرعا بسقوط صواريخ مشبوهة الأهداف والتوقيت على شمال فلسطين المحتلة من الأراضي اللبنانية، ولم تتبنها أي جهة".
وأضاف أن "هذا العدوان الجديد والخطير يشكل تهديدا كبيرا للهدوء على حدود لبنان الجنوبية بعد سلسلة من الخروقات الإسرائيلية للسيادة اللبنانية واستخدام الأجواء اللبنانية للعدوان على سوريا".
ودعا دياب الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي إلى "ردع إسرائيل لوقف انتهاكاتها المتكررة للسيادة اللبنانية، وتهديدها القرار 1701 والاستقرار القائم منذ عام 2006″، حسب البيان ذاته.
المصدر : الجزيرة + وكالات
السيد رئيسي: نمد يد الصداقة الى كل دول المنطقة خاصة الجوار
اكد الرئيس الايراني ابراهيم رئيسي على ضرورة أن تحل الأزمات الاقليمية من خلال الحوار الحقيقي بين دول المنطقة، قائلا: نمد يد الصداقة الى كل دول المنطقة خاصة الجوار.
وجرت مراسم القسم الرئاسي بموجب المادة 121 من الدستور الايراني يوم الخميس، أمام نواب مجلس الشورى الاسلامي وبحضور عشرات الوفود الاجانب، والقادة العسكريين ورئيس السلطة القضائية حجة الاسلام غلامحسين محسني ايجئي.
وفي كلمة القاها بعد اداءه اليمين الدستورية في البرلمان الايراني قال رئيسي: ان تعزيز قوة إيران هي التي توفر الأمن والاستقرار في المنطقة وتكون سدا منيعا بوجه القوى الاستكبارية ، مؤكدا على ضرورة أن تحل الأزمات الاقليمية من خلال الحوار الحقيقي بين دول المنطقة، واضاف: نمد يد الصداقة الى كل دول المنطقة خاصة الجوار.
واضاف رئيسي: نكون إلى جانب المظلوم أينما كان في سوريا أو فلسطين أو أفريقيا أو اليمن، مؤكدا ان التدخل الأجنبي في المنطقة لا يحل أي مشكلة بل هو المشكلة بعينها.
واردف رئيسي قائلا: ان سياسة الضغط والمقاطعة لن تصرف الشعب الإيراني عن مطالبته بحقوقه الشرعية بما فيها العلم، مطالبا برفع كل العقوبات عن إيران.
ولفت الى اننا نرحب بأي مشروع لتحقيق هذه المهمة ، مؤكدا ان البرنامج النووي الإيراني سلمي والسلاح النووي محرم شرعاً في عقيدتنا.
وقال رئيسي في كلمته :ان بزوغ الثورة الإسلامية في إيران فتح فصلا جديدا من الحرية والديمقراطية في البلاد، لافتا ان إرادة الشعب الإيراني تجسدت لمواصلة مسيرة الثورة وتكون البلاد على طريق الحرية والعدالة والتطور، مؤكدا: اعتز أن أكون خادما للشعب الإيراني.
واشار الى ان الانتخابات كانت بداية انطلاقة مشاركة الشعب وليس إنتهاء مشاركته، مؤكدا: نريد أن نستمر بالتعاون البناء مع كل دول العالم.
واكد رئيسي: نريد تشكيل حكومة تحارب الفساد... الشعب يريد حريته الثقافية والإجتماعية... أبناء الشعب يريدون إزالة المضايقات على معيشتهم وأن يعيش المجتمع الفرح...اليوم حان وقتنا لكي نؤدي الأمانة لهذا الشعب العظيم وسوف نشكل حكومة تمثل الوفاق الوطني في البلاد.
واضاف: نحن ملتزمون بمبادىء الثورة الإسلامية في تجفيف الفساد ودعم الاقتصاد الوطني، معربا عن امله بأن يكون المستقبل زاهراً أمامنا ويكون لائقاً بالجمهورية الإسلامية، مؤكدا ان نجاح الشعب الإيراني هو أكبر وأبعد من أي سلطة ويحتاج إلى تعاون الجميع.
المباهلة ومقام أهل البيت (عليهم السلام)
سأل وفد نجران النبيّ (صلى الله عليه وآله) أن يكتب مقدار الجزية التي اتفق على دفعها من قبل أهالى نجران إلى النبي (صلى الله عليه وآله) في كتاب، وأن يضمن النبي (صلى الله عليه وآله) أمن نجران في ذلك الكتاب، فكتب أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب بأمر النبي كتابا هذا نصه:
«بسم الله الرحمن الرحيم. هذا ما كتب النبي محمّد رسول الله لنجران وحاشيتها، إذ كان له عليهم حكمة في كل ثمرة وصفراء وبيضاء وسوداء ورقيق فأفضل عليهم وترك ذلك لهم: ألفي حلة من حلل الأواقي في كل رجب ألف حلة، وفي كل صفر ألف حلة، كل حلة أوقية، وما زادت حلل الخراج أو نقصت عن الأواقي فبالحساب، وما نقصوا من درع أو خيل أو ركاب أو عرض أخذ منهم بالحساب، وعليهم في كل حرب كانت باليمن ثلاثون درعا، وثلاثون فرسا، وثلاثون بعيرا عارية مضمونة لهم بذلك، وعلى أهل نجران مثواة رسلي (واستضافتهم) شهرا فدونه، ولهم بذلك جوار الله وذمة محمّد النبي رسول الله على أنفسهم وملتهم وارضهم واموالهم وبيعهم ورهبانيتهم على أن لا يعشّروا ولا يأكلوا الربا ولا يتعاملوا به فمن أكل الربا منهم بعد ذلك فذمّتي منه بريئة»([1]).
أكبر فضيلة:
تعتبر واقعة المباهلة وما نزل فيها من القرآن أكبر فضيلة تدعم موقف الشيعة على مر التاريخ. لأن ألفاظ الآية النازلة في المباهلة ومفرداتها تكشف عن مكانة ومقام من باهل بهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) والذين يتخذهم الشيعة قادة لهم.
فهذه الآية اعتبرت الحسن والحسين أبناء لرسول الله (صلى الله عليه وآله) وفاطمة الزهراء المرأة الوحيدة التي ترتبط برسول الله (صلى الله عليه وآله) ويصدق عليها عنوان «نسائنا». وقد عبّر عن عليّ (عليه السلام) بأنفسنا فكان علي (عليه السلام) تلك الشخصية العظيمة بحكم هذه الآية بمنزلة نفس رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ترى أية فضيلة أعظم وأسمى من أن ترتفع مكانة المرء من الناحية المعنوية ارتفاعا وتسمو سموا عظيما حتى أنه يوصف صاحبها بأنه بمنزلة نفس النبي([2]).
أليست هذه الآية شاهد صدق على أفضلية أمير المؤمنين علي (عليه السلام) على جميع المسلمين.
لقد ذكر الفخر الرازي الذي عرف الجميع اسلوبه في الابحاث الكلاميّة ومواقفه من القضايا المرتبطة بالإمامة، ذكر استدلال الشيعة بهذه الآية ثم أورد على هذا الاستدلال اعتراضا قليل الأهمية ممّا لا يخفى جوابه على أرباب العلم وأهل المعرفة.
هذا ويستفاد من الأحاديث الواردة عن ائمة أهل البيت أنّ المباهلة لا تختص بالنبي الاكرم بل يجوز أن يتباهل كل مسلم في القضايا الدينية مع من يخالفه ويجادله فيها، وقد جاءت طريقة المباهلة والدعاء المخصوص بها في كتب الحديث، وللوقوف على هذا الامر يراجع كتاب «نور الثقلين»([3]).
سيد المرسلين (صلى الله عليه وآله)، آية الله الشيخ جعفر سبحاني
([1]) فتوح البلدان: ص 76، امتاع الاسماع: ص 502 واعلام الورى: ص 78 و79.
([2]) وقد استند رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى هذه الآية في قوله: «علي مني كنفسي».
([3]) نور الثقلين: ج 1 ص 291 و292، وراجع أيضا الكافي ج 2 كتاب الدعاء باب المباهلة، وقد اشار العلامة الطباطبائي في احدى رسائله إلى هذه الموضوع أيضا، ويعتبره من معاجز الاسلام الخالدة.
تونس وثورة التصحيح.. ماذا في تفاصيل قرارات قيس سعيّد؟
محمود الشربيني
بعد إعلان الرئيس قيس سعيّد تجميد عمل البرلمان وإقالة الحكومة، الأحد 25 تموز/يوليو، يبدو السؤال الأكثر تداولاً: هل ما قام به يمثل تصحيحاً لمسار الثورة التونسية أو أنه انقلاب على الدستور؟
جاء بيان سعيّد بعد أن وعد وتوعّد لأسابيع عانت تونس خلالها معاناة مركّبة، لم تغب عنها الضّائقة الماليّة وجائحة كورونا التي اكتسحت البلاد، والسيولة السياسية التي شلَّت حركة المجتمع، والدّولة التي تشظَّت وتنافس على قيادتها أكثر من رأس، لوجود دستور مفخّخ، لا هو رئاسي، ولا هو برلماني، ولا هو مختلط.
جاءت هذه القرارات منسجمة مع الهبّة الشعبية الطامحة إلى كنس منظومة الحكم الفاسدة، والتي يشير إصبع الاتهام فيها إلى حركة "النهضة" الإسلامية؛ إحدى زعانف التنظيم الدولي للإخوان المسلمين. وقد أظهرت الحركة في السنوات الأخيرة، وخصوصاً بعد "ثورة الياسمين"، أنّها القوة الوحيدة الفعلية والمنظمة في البلد، في حين أنها تحمل مشروعها الخاصّ الّذي يتناقض في الأغلب مع المشروع الثوري التقدّمي ذي الأولويّة الاجتماعيّة.
مشروع "النهضة" يحمل في مضمونه انقلاباً ناعماً على الأهداف الثورية، ويحتمي في الديمقراطية الشكلية المزيفة المعتمدة على استخدام الخطاب الديني حتى تشرعن وجودها. وقد كشفت تصرفاتها التي تُوّجت بوصول زعيمها راشد الغنوشي إلى موقع رئيس مجلس النوّاب، والإتيان برئيس حكومة موالٍ لها وبتوجهاتها الخاصة، أنّها تراهن على الوقت من أجل التمكّن من تونس.
أظهرت "النهضة" أيضاً دهاءً في تعاطيها مع الوضع التونسي. وشيئاً فشيئاً، تسلّلت إلى الإدارات التونسيّة. ترافق ذلك مع تدهور مستمرّ للوضعين الاقتصادي والاجتماعي، في ظلِّ فوضى إدارية. كان واضحاً رهانها على نشر البؤس والتخلّف من أجل التمكّن نهائياً من تونس، ما يجعلها المسؤول الأول عن الانهيار الحادث في البلاد التي تعيش أسوأ أزمة اقتصادية منذ استقلالها في العام 1956.
ليس قيس سعيّد عازفاً منفرداً في مقاومته "النهضة"، التي تتحدّث حالياً عن "انقلاب" قام به رئيس الجمهورية. كان الانقلاب الحقيقي يتمثل في امتناعه عن أخذ المبادرة، وترك الثورة المضادة المتمثلة في مشروع رجعي تقوده حركة "النهضة" والتفرج على بلد ينهار. كلّ ما في الأمر أنّ الرجل تحمّل مسؤوليّاته لا أكثر. الأهمّ من ذلك كلّه أنّ الشعب التونسي أثبت أنّه يرفض الاستسلام للفوضى والتخلّف والمؤسسات الموازية لمؤسسات السلطة التي أنشأتها "النهضة" وتحوّلت إلى ثقوب سوداء في الدولة التونسيّة.
مدى مشروعية قرارات الرئيس قيس سعيّد
استند سعيّد إلى الفصل الثمانين من الدستور التونسي المنصوص فيه: "لرئيس الجمهوريّة في حالة خطر داهم مهدّد لكيان الوطن أو أمن البلاد أو استقلالها، يتعذّر معه السير العادي لدواليب الدولة، أن يتّخذ التدابير التي تحتمها تلك الحالة الاستثنائية، وذلك بعد استشارة رئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب وإعلام رئيس المحكمة الدستورية، ويعلن عن التدابير في بيان إلى الشعب".
لا شكَّ في أنّ هذا النصّ أحدث جدلاً واسعاً في تلك اللحظة الحرجة من تاريخ تونس، لأنّه يحتمل أكثر من تأويل، بحسب سياق كلّ حدث، وخصوصاً جملة "في حالة خطر داهم"، ولم يتم تحديد نوع الخطر. إذاً، العملية هنا تقديرية. ولأنَّ رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب هما الطرفان اللذان يشكلان الخطر الداهم على الدولة، فلا مجال لاستشارتهما في تفعيل النص، بل تم تفعيل مضمونه في غياب المحكمة الدستورية.
لا يُحسم هذا الجدل بالشرعية الدستورية والقانونية بقدر مشروعيته الأخلاقية والمجتمعية، لمدى انسجامه مع مزاج الشارع التونسي وإرادته بالتغيير. واعتبر سعيد أنّ الشرعيّة يجب أن تتناغم مع مطالب الشعب، في حين وصفت حركة "النهضة" وزمرة مؤيّديها ما حدث بأنه انقلاب صريح سيؤدي إلى إطاحة النظام الديمقراطي ومكتسباته بعد "ثورة الياسمين".
وفي إطار النظرة العلميّة إلى مصطلح الانقلاب في أدبياتنا، فإنه عمل تآمري على سلطات لها شرعيتها الدستورية، ومحصنة بقبول شعبي، وتحظى بثقة متبادلة مع كل أركان الدولة والمواطن، وهو ما لم يحدث مطلقًا، بل نحن أمام سخط شعبي كبير على أداء مؤسّسات الحكم، وعلى رأسها البرلمان والحكومة، في ظلِّ وجود خلل في المنظومة الدستورية والبنية السياسية غير المكتملة، حتى إنَّ المحكمة الدستورية لم تؤسّس بعد.
العوامل الداعمة لقرارات سعيّد
ثمة عوامل دعمت قرارات الرئيس لتصحيح المسار وإنقاذ البلاد من أي فوضى محتملة، وهي:
- استقلاليّة شخصيّته من أيّ نفوذ في الداخل أو الخارج.
- نظافة يده ونزاهته المشهودة له من المعارض قبل المؤيد.
- انتخابه المباشر بنسبة كبيرة تفوق 73%، ما يفيض له شرعية غير مسبوقة مقارنة بأي جهة منتخبة، ويرسّخ قبوله شعبياً، وخصوصاً في الأوساط الشبابية، علاوةً على رفضه القاطع للتطبيع وتجريمه.
- دعم المؤسّستين الأمنية والعسكرية له، وهو الدعم الذي جاء بعد لقائه قياداتهما، والتنسيق المسبق والاتفاق على تحديد نقطة للتحرك المحسوب بعناية فائقة.
- وقوف أعمدة الحركة الوطنية التونسية مع القرارات، وعلى رأسها الاتحاد العام التونسي للشغل، والذي يحظى بتوافق شعبي كبير، لما له من مواقف نضالية وثورية، فيما دعمت الخطوة أهم الأحزاب الوازنة في الحياة السياسية، وأكثرها وجوداً داخل المجلس النيابي، وعلى رأسها حزب حركة "الشعب" الناصري وحزب "التحالف الديمقراطي"، وغيرها من الأحزاب والقوى التقدمية والحركات الثورية والشبابية.
- قلّة عدد المشاركين في التظاهرات الداعمة لائتلاف حزب حركة "النهضة" مثلما كان متوقعاً. ولوحظت قلة عدد النواب الذين انضموا إلى رئيسه المعتصم أمام المجلس بعد أن أغلقته قوات الأمن.
وعلى الرغم من حزمة العوامل الداعمة والظروف الاستثنائية التي أتيحت للرئيس لاتخاذ تلك الإجراءات التاريخية، فإنَّ ثمة تحديات تواجه المسار، تتمثل في عدم وجود إجماع أو توافق بين الطبقة السياسية التونسية على كيفية السير إلى الأمام، فهناك تجاذبات كبيرة بينهم بسبب حدة خطاب النخبة السياسية، وهناك منسوب عالٍ من عدم الثقة وتبادل الاتهامات، متزامنة مع احتقان في الشارع.
وبالتالي، إنّ الأزمة الحالية صناعة محلّية، وأبطالها ساسة منشغلون بخلافاتهم، وربما برعاية إقليمية، وآخر يتمثل في الخلاف القائم بين المؤسسات الدستورية، والتي يوظفها أعداء الثورة التي ما زالت تبحث عن طريقها وتطهر نفسها بأن الديمقراطية لا تصلح لنا، في محاولة العودة إلى الوراء، إلا أن رهان الرجل ما زال يرتكز على الشارع التونسي وضميره الحيّ لإنقاذ البلاد والاصطفاف حول قراراته.
تونس الّتي تعدّ استثناءً بين الدول العربية التي شهدت ثورات حقّقت تقدماً في العملية الديمقراطيّة، لكن هذه الديمقراطية هشة ومهددة ما دامت تتمكّن منها قوى اليمين الديني والرجعي والمال السياسي الّذي استغل حاجة أغلبية المجتمع الفقير وقوة الدولة العميقة الفاسدة المتجذرة، فبقيت شكلية فقط من دون مضمون حقيقي يحمي مكتسبات الثورة.
إن الرهان على المسألة الديمقراطية مرتبط بتوفير أدواتها، من وعي شعبي وقوى تقدمية منظمة كطليعة لعملية التغيير الجذري الشامل وخارطة طريق يحميها دستور يجسد المتطلبات الشعبية، ويسد الثغرات والفراغات التي يمكن الالتفاف حولها، كما يسعى الرئيس إلى الذهاب بها إلى تغيرات جذرية في سبيل تحقيق أهداف الثورة (شغل وحرية وكرامة وطنية). إن تونس الآن أمام مخاض عسير وتفاؤل حذر.
إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الميادين وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً
محمود الشربيني
كاتب سياسي مصري
هل ينجح ميقاتي في تشكيل الحكومة اللبنانية المقبلة؟
مرةً جديدة وفي محاولة لانقاذ البلاد على جميع النواحي، كلف الرئيس اللبناني ميشال عون رئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي تشكيل الحكومة الجديدة.
رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي وبعد تكليفه مباشرة قال ان لبنان كان على شفير الانهيار وأمام حريق يمتد إلى كل بيت لذلك قرر أخذ مهمة الانقاذ. واكد ميقاتي انه بحاجة لثقة الشعب اللبناني، معتبرا ان المهمة صعبة لكنها تنجح اذا تضافرت الجهود.
وعلى إثر استشارات نيابية ملزمة أجراها الرئيس اللبناني، حصل ميقاتي على 72 صوتا في البرلمان من اصل مائة وثمانية عشر صوت فيما حصل المرشح نواف سلام على صوت واحد وامتنع اثنين واربعين نائبا عن التصويت بالاضافة الى غياب ثلاث نواب.
وعلى الرغم من عدم تسمية اي مرشح، قال رئيس تكتل لبنان القوي النائب جبران باسيل ان امام الرئيس المكلف نجيب ميقاتي فرصة شهر لتصحيح الخطأ في تشكيل الحكومة، واكد باسيل على اهمية وضرورة الاسراع في تشكيلها.
ومع ان الرئيس ميقاتي قد ترأس الحكومة اللبنانية في السابق مرتين، الأولى عام 2005 والثانية عام2011، الا ان المهمة هذه تبدو صعبة بعد فشل محاولتان لتأليف مجلس للوزراء يتولى مهمة إخراج البلاد من دوامة الانهيار الاقتصادي المتسارع.
ويأتي تكليفه إثر اعتذار رئيس الحكومة السابق سعد الحريري بعد تسعة أشهر من تسميته لتأليف الحكومة، وذلك بعدما حالت الخلافات السياسية الحادة دون إتمامه المهمة، وقبل الحريري، اعتذر مصطفى أديب، عن اتمام المهمة جراء الخلافات بين القوى السياسية.
مبدأ عيد الغدير الأغر
إن عهد عيد الغدير يمتد إلى أمد قديم متواصل بالدور النبويّ، فكانت البدأة به يوم الغدير من حجّة الوداع بعد أن أصحر نبيُّ الإسلام (صلى الله عليه وآله) بمرتكز خلافته الكبرى، وأبان للملأ الديني مستقر إمرته من الوجهة الدينيَّة والدنيويَّة، وحدَّد لهم مستوى أمر دينه الشامخ، فكان يوماً مشهوداً يسرُّ موقعه كلّ معتنق للاسلام، حيث وضح له فيه منتجع الشريعة، ومنبثق أنوار أحكامها، فلا تلويه من بعده الأهواء يميناً وشمالاً، ولا يسفّ به الجهل إلى هوّة السفاسف وأيّ يوم يكون أعظم منه؟ وقد لاح فيه لاحب السنن، وبان جدد الطريق، وأكمل فيه الدين، وتمَّت فيه النعمة، ونوّه بذلك القرآن الكريم.
وإن كان حقّاً اتخاذ يوم تسنّم فيه الملوك عرش السلطنة عيداً يحتفل به بالمسرّة والتنوير وعقد المجتمعات وإلقاء الخطب وسرد القريض وبسط الموائد كما جرت به العادات بين الأمم والأجيال، فيوم استقرّت فيه الملوكيّة الإسلاميّة والولاية الدينيّة العظمى لمن جاء النصّ به من الصادع بالدين الكريم الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحيٌ يوحى، أولى أن يُتّخذ عيداً يُحتفل به بكلّ حفاوةٍ وتبجيلٍ، وبما أنّه من الأعياد الدينية يجب أن يزاد فيه على ذلك بما يقرّب إلى الله زلفى من صوم وصلاة ودعاء وغيرها من وجوه البرّ، كما سنوقفك عليه في الملتقى إن شاء الله تعالى.
ولذلك كلّه أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) مَن حضر المشهد من أُمته، ومنهم الشيخان ومشيخة قريش ووجوه الأنصار، كما أمر أُمَّهات المؤمنين، بالدخول على أمير المؤمنين (عليه السلام) وتهنئته على تلك الحظوة الكبيرة بإشغاله منصَّة الولاية ومرتبة الأمر والنهي في دين الله.
حديث التهنئة:
أخرج الإمام الطبري محمد بن جرير في كتاب الولاية حديثاً بإسناده عن زيد بن أرقم، مرّ شطر كبير منه ص 214 ـ 216([1])، وفي آخره فقال:
«معاشر الناس، قولوا: أعطيناك على ذلك عهداً عن أنفسنا وميثاقاً بألسنتنا وصفقةً بأيدينا نؤدِّيه إلى أولادنا وأهالينا لا نبغي بذلك بدلاً وأنت شهيدٌ علينا وكفى بالله شهيداً، قولوا ما قلت لكم، وسلِّموا على عليٍّ بإمرة المؤمنين، وقولوا: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللهُ﴾([2]) فإنَّ الله يعلم كلّ صوت وخائنة كلّ نفس، ﴿فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيم﴾([3])، قولوا ما يُرضي الله عنكم ف ﴿إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ﴾([4])».
قال زيد بن أرقم: فعند ذلك بادر الناس بقولهم: نعم سمعنا وأطعنا على أمر الله ورسوله بقلوبنا، وكان أوَّل من صافق النبيَّ (صلى الله عليه وآله) وعليّاً: أبو بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وباقي المهاجرين والأنصار وباقي الناس، إلى أن صلّى الظهرين في وقت واحد، وامتد ذلك إلى أن صلَّى العشاءين في وقت واحد، وأوصلوا البيعة والمصافقة ثلاثاً([5]).
ورواه أحمد بن محمّد الطبريُّ الشهير بالخليلي في كتاب مناقب عليّ بن أبي طالب، المؤلَّف سنة 411 بالقاهرة، من طريق شيخه محمّد بن أبي بكر بن عبد الرحمن، وفيه:
فتبادر الناس إلى بيعته وقالوا: سمعنا وأطعنا لِما أمرنا الله ورسوله بقلوبنا وأنفسنا وألسنتنا وجميع جوارحنا، ثمّ انكبّوا على رسول الله وعلى عليٍّ بأيديهم، وكان أوَّل من صافق رسول الله([6]) أبو بكر وعمر وطلحة والزبير ثمّ باقي المهاجرين والناس على طبقاتهم ومقدار منازلهم، إلى أن صُلّيت الظهر والعصر في وقت واحد والمغرب والعشاء الآخرة في وقت واحد، ولم يزالوا يتواصلون البيعة والمصافقة ثلاثاً، ورسول الله كلّما بايعه فوجٌ بعد فوج يقول: «الحمد لله الذي فضَّلنا على جميع العالمين»، وصارت المصافقة سنّة ورسماً، واستعملها مَن ليس له حقٌّ فيها.
وفي كتاب النشر والطيّ([7]):
فبادر الناس بنعم نعم سمعنا وأطعنا أمر الله وأمر رسوله آمنّا به بقلوبنا، وتداكوا على رسول الله وعليّ بأيديهم، إلى أن صُلِّيت الظهر والعصر في وقت واحد وباقي ذلك اليوم إلى أن صُلّيت العشاءان في وقت واحد، ورسول الله كان يقول كلّما أتى فوجٌ: «الحمد للهِ الذي فضّلنا على العالمين»([8]).
وقال المولوي ولي الله اللكهنوي في مرآة المؤمنين في ذكر حديث الغدير ما معرّبه:
فلقيه عمر بعد ذلك فقال له: هنيئاً يا بن أبي طالب، أصبحت وأمسيت... إلى آخره، وكان يُهنّئ أمير المؤمنين كلُّ صحابيٍّ لاقاه([9]).
وقال المؤرخ ابن خاوند شاه المتوفّى 903 في روضة الصفا([10]) في الجزء الثاني من 1: 173 بعد ذكر حديث الغدير ما ترجمته: ثمّ جلس رسول الله في خيمة تختصّ به، وأمر أمير المؤمنين عليّاً (عليه السلام) أن يجلس في خيمة أُخرى، وأمر اطباق الناس بأن يهنئوا عليّاً في خيمته، ولَمّا فرغ الناس عن التهنئة له أمر رسول الله أمّهات المؤمنين بأن يسرن إليه ويهنئنه ففعلن، وممَّن هنَّأه من الصحابة عمر بن الخطاب فقال: هنيئاً لك يا ابن أبي طالب، أصبحت مولاي ومولى جميع المؤمنين والمؤمنات([11]).
وقال المؤرِّخ غياث الدين المتوفى 942 في حبيب السير([12]) في الجزء الثالث من 1: 144 ما معرّبه:
ثمّ جلس أمير المؤمنين بأمر من النبيّ (صلى الله عليه وآله) في خيمة تختصّ به يزوره الناس ويهنئونه وفيهم عمر بن الخطاب، فقال: بخٍ بخٍ يا ابن أبي طالب، أصبحت مولاي ومولى كلّ مؤمن ومؤمنة، ثمّ أمر النبيّ أُمهات المؤمنين بالدخول على أمير المؤمنين والتهنئة له([13]).
وخصوص حديث تهنئة الشيخين رواه من أئمّة الحديث والتفسير والتاريخ من رجال السنّة كثيرٌ لا يستهان بعدّتهم، بين راوٍ مرسلاً له إرسال المسلّم، وبين راوٍ إيّاه بمسانيد صحاح برجال ثقات تنتهي إلى غير واحد من الصحابة: كابن عباس، وأبي هريرة، والبراء بن عازب، وزيد بن أرقم.
عيد الغدير في الإسلام، العلامة الأميني
([1]) أي: 1: 214 ـ 216 من كتابه الغدير.
([2]) الأعراف: 43.
([3]) الفتح: 10.
([4]) الزمر: 7.
([5])كتاب الولاية: نقل عنه بواسطة كتاب ضياء العالمين، وروى الفتال في روضة الواعظين: مثله عن الإمام الباقر (عليه السلام).
([6]) فيه سقط تعرفه برواية الطبري الأول (المؤلّف (قدس سره))
([7]) قال السيد ابن طاوس: فمن ذلك ما رواه عنهم مصنّف كتاب الخالص، المسمّى بالنشر والطي، وجعله حجة ظاهرة باتفاق العدوّ والوليّ، وحمل به نسخة إلى الملك شاه مازندران رستم بن عليّ لمّا حضره بالري. الإقبال 2: 240.
([8]) النشر والطيّ: وعنه في الإقبال لابن طاوس 2: 247، ط مكتب الاعلام الإسلامي.
([9]) مرآة المؤمنين: 41.
([10]) ينقل عنه عبد الرحمن الدهلوي في مرآة الأسرار وغيره معتمدين عليه (المؤلّف (قدس سره)).
([11]) تاريخ روضة الصفا 2: 541، ط انتشارات خيام.
([12]) في كشف الظنون 1: 419: أنه من الكتب الممتعة المعتبرة، وعدّه حسام الدين في مرافض الروافض من الكتب المعتبرة، واعتمد عليه أبو الحسنات الحنفي في الفوائد البهية وينقل عنه في: 86 و87 و90 و91 وغيرها (المؤلّف (قدس سره)). راجع: كشف الظنون 1: 629، ط وكالة المعارف الجليلة.
([13]) حبيب السير 1: 411.
ماذا قدّمت لغدٍ؟!
قال تعالى: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ﴾([1])
إشارات:
- يكرّر الله سبحانه وتعالی في هذه الآية الأمر بالتقوی، وهذا يفيد التأكيد، ومضافاً إليه يمكن أن يدلّ التكرار علی المعاني الآتية:
١- الدعوة الأولی تتعلّق بأصل العمل، والثانية تتعلّق بكيفيّة أدائه.
٢- الدعوة الأولی هي دعوة إلی فعل الخير، والثانية هي دعوة إلی ترك المحرّمات.
٣- وربّما تكون الدعوة الأولی دعوة إلی التوبة، والثانية دعوة إلی التزوّد للآخرة.
- عن الإمام الصادق (عليه السلام)، عن رسول الله (صلی الله عليه وآله): "تصدّقوا ولو بصاع من تمر، ولو ببعض صاع، ولو بقبضة، ولو ببعض قبضة، ولو بشقّ تمرة، فمن لم يجد فبكلمة طيّبة، فإنّ أحدكم لاقی الله فيقال له: ألم أفعل بك؟ ألم أفعل بك؟ ألم أجعلك سميعاً بصيراً؟ ألم أجعل لك مالاً وولداً؟ فيقول: بلی، فيقول الله تبارك وتعالی: فانظر ما قدّمت لنفسك، قال، فينظر قدّامه وخلفه وعن يمينه وعن شماله، فلا يجد شيئاً يقي به وجهه من النار([2]).
التعاليم:
١- الإيمان هو الأرضيّة المساعدة علی التقوی، والتقوی هي الشرط الذي يرتّب النفع علی الإيمان: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا«.
٢- علی الإنسان أن لا يراهن علی فعل ورثته الخير له، بل عليه أن يفكّر هو نفسه في آخرته، ويعدّ العدّة لها: «وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ«.
٣- علينا أن ننعم النظر في ما ندّخره لآخرتنا بوصفه عملاً صالحاً: «وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ«.
٤- محاسبة النفس من الواجبات: «وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ»، (فإذا لم ننظر اليوم ونتأمّل فسوف نشعر بالخجل والحياء يوم القيامة من تقصيرنا: «يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا»([3]).
٥- ليس يوم القيامة بعيداً: «لِغَدٍ» (وفي محلٍّ آخر يقول سبحانه وتعالی: «إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا وَنَرَاهُ قَرِيبًا»([4]).
٦- بعد النظر والتفكير في العاقبة، من لوازم الإيمان: «مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ«.
٧- التقوی من دواعي محاسبة النفس، ومحاسبة النفس سبب للرشد وتمتين حالة التقوی: فقد ورد قوله تعالی: «وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ»، بين أمرين بالتقوی.
٨- لا ينبغي أن يعدّ الإنسان نفسه في مأمنٍ في أيّ فترة من فترات حياته: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ... واتَّقُوا اللَّهَ«.
٩- الإيمان بخبرة الله وسعة علمه، من العوامل المساعدة علی التقوی: «وَاتَّقُوا اللَّهَ...إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ«.
تفسير النور، سماحة الشيخ محسن قراءتي
([1]) سورة الحشر، آية 18
([2]) تفسير نور الثقلين، ج٥، ص٣١٣.
([3]) سورة النبأ: الآية ٤.
([4]) سورة المعارج: الآية ٦.
ما هو السيناريو القادم للأزمة السياسية في تونس؟
قرارات الرئيس تقسم الشارع التونسي بين مؤيد ومعارض؛ في بلد يتأرجح على محك نهاية الديمقراطية.
ردود الفعل حول اختبار الديمقراطية هذا؛ أجمعت على ضرورة ان تنتهج الأطراف التونسية طريق الحوار لتجاوز الأزمة.
وأبدت أطراف عدة في العالم قلقها من تبعات الاجراءات الرئاسية المفاجئة.
وحث الاتحاد الأوروبي الأطراف السياسية الفاعلة على احترام الدستور، ودعا كافة الأطراف في تونس إلى احترام الدستور ومؤسساته وسيادة القانون، والتزام الهدوء وتجنب اللجوء إلى العنف حفاظا على استقرار البلاد.
وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف في تصريح مقتضب إن بلاده تراقب التطورات في تونس. وأعرب عن أمله ألا يهدد شئ استقرار وأمن الشعب التونسي.
بدورها أعربت وزارة الخارجية الألمانية عن قلقها مما يجري وأملها في عودة تونس إلى النظام الدستوري في أقرب وقت ممكن. وأشارت إلى انها لا ترغب بالحديث عن انقلاب؛ وانها ستبحث الوضع مع السفير التونسي وأبدت جاهزيتها للانخراط في مباحثات.
ودعت الخارجية التركية إلى إعادة إرساء الشرعية الديموقراطية؛ وقالت إن الحفاظ على إنجازات تونس الديموقراطية، له أهمية كبيرة للمنطقة وكذلك لتونس.
فيما دعت وزارة الخارجية القطرية أطراف الأزمة التونسية إلى "تغليب صوت الحكمة وتجنب التصعيد"؛ وأعربت عن أمل الدوحة في أن تنتهج الأطراف التونسية طريق الحوار لتجاوز الأزمة.
وفي اليمن، قال عضو المجلس السياسي الأعلى محمد علي الحوثي في رسالة موجهة الى سعيد؛ إن "العمل على اللحمة الداخلية والحفاظ على الوطن هو المعيار الحقيقي لأي معالجات.
وقال الجنرال الليبي المتقاعد خليفة حفتر؛ إن تونس تخلصت من أكبر عثرة في طريق تطورها بعد الانتفاضة ضد الإخوان.
هذه الأزمة قد تسلك منحينات مختلفة.. وفي قراءة السناريوهات المحتملة؛ يرى متابعون للشأن التونسي أن أحدها قد يكون العنف في الشارع.
فيما يرى آخرون سيناريو مختلف يتمثل في تعيين الرئيس لرئيس وزراء جديد أو عكس ذلك باحكام قبضته على مفاصل البلاد.
وربما باستغلال الازمة لتحويل النظام في البلاد إلى نظام رئاسي؛ أو ربما تفضي التغيرات إلى حوار واتفاق سياسي جديد
المصدر:العالم
لماذا واقعة الغدير خالدة؟
لقد تعلّقت المشيئة الربانية بأن تبقى واقعة الغدير التاريخية في جميع القرون والعصور كتاريخ حيّ يجتذب القلوب والافئدة، ويكتب عنه الكتّاب الاسلاميون في كل عصر وزمان ويتحدثون حوله في مؤلفاتهم المتنوعة في مجال التفسير والتاريخ والحديث والعقائد، كما يتحدث حوله الخطباء في مجالس الوعظ ومن فوق صهوات المنابر، ويعتبرونها من فضائل الإمام «علي» الذي لا يتطرق إليها أي شك أو ريب.
ولم يقتصر هذا على الكتّاب والخطباء بل استلهم الشعراء من هذه الواقعة الكبرى التي فجرت بالتفكير حول هذه الحادثة، وبالاخلاص لصاحب الولاية ينابيع التعبير في وجودهم فأنشئوا أروع القصائد، وجادت قرائحهم بأنواع مختلفة من القصيد الجميل، وخلّفوا لمن بعدهم وبلغات مختلفة آثارا أدبية ولائية خالدة.
ولهذا قلّما نجد حادثة تاريخية حظيت في العالم البشري عامة وفي التاريخ الاسلامي والامة الاسلامية خاصة بمثل ما حظيت به واقعة الغدير، وقلما استقطبت اهتمام الفئات المختلفة من المحدّثين والمفسرين والكلاميين والفلاسفة، والشعراء والأدباء، والكتّاب والخطباء، وارباب السير والمؤرخين كما استقطبت هذه الحادثة، وقلّما اعتنوا بشيء مثلها اعتنوا بها.
إن من أسباب خلود هذه الواقعة الكبرى ودوام هذا الحديث هو: نزول آيتين من آيات القرآن الكريم فيها([1])، فما دام القرآن الكريم باقيا مستمرا يتلى آناء الليل وأطراف النهار تبقى هذه الحادثة في الاذهان والنفوس ولا تمحو خاطرتها من العقول والقلوب.
وحيث إن المجتمع الاسلاميّ في العصور الغابرة وكذا الطائفة الشيعية كانوا يعتبرون هذا اليوم عيدا كبيرا من الأعياد الدينية، وكانوا يقيمون فيها ما يقيمونه من المراسيم في الأعياد الاسلامية لهذا فإن هذه الحادثة التاريخية (حادثة الغدير) قد اتخذت طابع الابديّة والخلود الذي لا تمحى معه خاطرتها من الأذهان والخواطر.
هذا ويستفاد من مراجعة التاريخ بوضوح أن اليوم الثامن عشر من شهر ذي الحجة الحرام كان معروفا بين المسلمين بيوم عيد الغدير وكانت هذه التسمية تخطى بشهرة كبيرة إلى درجة أن ابن خلّكان يقول حول «المستعلي بن المستنصر»: فبويع في يوم غدير خمّ وهو الثامن عشر من شهر ذي الحجة سنة 487([2]).
وقال في ترجمة المستنصر بالله العبيدي: وتوفي ليلة الخميس لا ثنتي عشرة ليلة بقيت من ذي الحجة سنة سبع وثمانين واربعمائة، قلت: وهذه هي ليلة عيد الغدير اعني ليلة الثامن عشر من شهر ذي الحجة وهو غدير خم([3]).
وقد عدّه ابو ريحان البيروني في كتابه «الآثار الباقية» ممّا استعمله أهل الاسلام من الأعياد([4]).
وليس ابن خلّكان وابو ريحان البيروني، هما الوحيدان اللذان صرّحا بكون هذا اليوم هو عيد من الاعياد، بل هذا الثعالبيّ قد اعتبر هو الآخر ليلة الغدير من الليالي المعروفة بين المسلمين([5]).
إن عهد هذا العيد الاسلامي وجذوره ترجع إلى نفس يوم «الغدير» لأن النبي (صلى الله عليه وآله) أمر المهاجرين والانصار بل أمر زوجاته ونساءه في ذلك اليوم بالدخول على «عليّ» (عليه السلام) وتهنئته بهذه الفضيلة الكبرى.
يقول زيد بن ارقم: كان أول من صافق النبي (صلى الله عليه وآله) وعليا: أبو بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وباقي المهاجرين والانصار وباقي الناس([6]).
الدلائل الاخرى على أبديّة الغدير:
ويكفي في أهميّة هذا الحدث التاريخي أنّ هذه الواقعة التاريخية رواها مائة وعشرة صحابيّ، على أن هذه العبارة لا تعني أنّ رواية هذه الواقعة اقتصرت على هؤلاء المائة والعشرة من ذلك الحشد الهائل بل يعني أن هؤلاء جاء ذكرهم في كتب أهل السنّة ومصنفاتهم.
صحيح أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ألقى خطابه المذكور الذي تضمّن نصب عليّ (عليه السلام) للخلافة في مائة الف او يزيدون من الناس ولكن كثيرا منهم كانوا قد أتوا من مناطق نائية من الحجاز ولهذا لم يروعنهم هذا الحديث، كما ان كثيرا من الذين حضروا ذلك المشهد التاريخي العظيم رووا ونقلوا للآخرين هذا الحديث ولكن التاريخ لم يوفق لذكر أسمائهم، أو إذا تمّ ذلك لكن لم يصل إلينا.
ثم إنّه روى هذا الحديث في القرن الثاني الاسلاميّ وهو عصر التابعين تسعة وثمانون تابعيا.
وقد بلغ عدد من روى حديث «الغدير» في القرون اللاحقة في كتابه من علماء أهل السنة وفضلائهم ثلاثمائة وستون شخصا، وصحّحه جمع كبير منهم واعترفوا بتواتره.
ففي القرن الثالث رواه
اثنان وتسعون عالما.
وفي القرن الرابع رواه
أربعة واربعون.
وفي القرن الخامس رواه
أربعة وعشرون.
وفي القرن السادس رواه
عشرون.
وفي القرن السابع رواه
واحد وعشرون.
وفي القرن الثامن رواه
ثمانية عشر.
وفي القرن التاسع رواه
ستة عشر.
وفي القرن العاشر رواه
أربعة عشر.
وفي القرن الحادي عشر رواه
اثنا عشر.
وفي القرن الثاني عشر رواه
ثلاثة عشر.
وفي القرن الثالث عشر رواه
اثنا عشر.
وفي القرن الرابع عشر رواه
عشرون عالما.
ولم يكتف البعض بنقل ورواية هذا الحديث في كتبهم ومؤلّفاتهم بل ألّفوا حوله رسائل أو كتبا مستقلة.
وقد ألّف المؤرخ الاسلامي الكبير «الطبري» كتابا في هذا المجال أسماه «الولاية في طرق حديث الغدير» روى فيه هذا الحديث عن النبي بخمس وسبعين سندا.
ولقد روى «ابن عقدة» في رسالة «الولاية» هذا الحديث بمائة وخمسين حديثا.
وروى أبو بكر محمّد بن عمر البغدادي المعروف بالجمعاني هذا الحديث بخمس وعشرين سندا.
كما روى من علماء الحديث هذه الواقعة نظراء:
أحمد بن حنبل الشيباني
بـ 40 سندا
ابن حجر العسقلاني
بـ 25 سندا
الجزري الشافعي
بـ 80 سندا
أبو سعيد السجستاني
بـ 120 سندا
الأمير محمّد اليمني
بـ 40
النسائي
بـ 250 سندا
أبو العلاء الهمداني
بـ 100 سندا
أبو العرفان الحبان
بـ 30 سندا
وبلغ عدد من ألّف رسالة خاصة أو كتابا مستقلا حول هذه الواقعة وخصوصياتها وتفاصيلها 26 شخصا ولعلّ هناك غيرهم ممن ألّف كتابا أو رسالة مستقلّة حول هذه الحدث التاريخي الهامّ لم يذكر التاريخ أسماءهم، أو ضاعت مؤلفاتهم مع التطورات التي طرأت على الأمة الإسلامية وضيّعت الكثير من تراثها الفكريّ خلال عمليات الاغارة والنهب أو الهدم والإحراق (ولقد اقتبسنا كل هذه الاحصاءات من كتاب الغدير الجزء الاول).
ولقد كتب علماء الشيعة كتبا قيمة حول هذه الواقعة أجمعها واشملها كتاب «الغدير» بقلم العلامة الجليل والكاتب الاسلامي القدير المرحوم آية الله الشيخ الأميني (قدس سره)، والذي يقع في أحد عشر مجلدا في ما يقرب من ستة آلاف صفحة، وقد استفدنا كثيرا من تلك الموسوعة في تنظيم الفصل الحاضر.
ثم ان النبي (صلى الله عليه وآله) لم يلبث ان نزل عليه قوله تعالى بعد نصبه عليا لإمرة المسلمين في تلك الواقعة:
«الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً»([7]).
فكبّر النبي (صلى الله عليه وآله) بصوت عال ثم أضاف قائلا:
«الحمد لله على إكمال الدين وإتمام النعمة ورضى الربّ برسالتي، وولاية عليّ بن أبي طالب من بعدى».
ثم نزل رسول الله (صلى الله عليه وآله) من ذلك المنبر المصنوع من حدائج الابل وأمر امير المؤمنين عليّا (عليه السلام) أن يجلس في خيمة وأمر أطباق الناس وكلّ من حضر المشهد من امته ومنهم الشيخان ومشيخة قريش ووجوه الأنصار كما أمر امّهات المؤمنين بالدخول على أمير المؤمنين (عليه السلام) وتهنئته على تنصيبه لمنصب الامامة والخلافة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله).
ففعل الناس ذلك وانكبّوا على «علي» (عليه السلام) بأيديهم وكان أول من صافق وهنأ عليّا أبو بكر وعمر واصفين إياه بالولاية.
وهنا قام «حسان بن ثابت الأنصاري» شاعر الاسلام واستأذن رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أن ينشد شعرا بهذه المناسبة، فأذن له رسول الله (صلى الله عليه وآله) قائلا: قل على بركة الله.
فقام حسان وقال:
يناديهم يوم الغدير نبيهم
بخم وأسمع بالنبيّ مناديا
وقد جاءه جبريل عن أمر ربّه
بأنّك معصوم فلا تك وانيا
وبلّغهم ما انزل الله ربهم
إليك ولا تخشى هناك الأعاديا
فقام به إذ ذاك رافع كفّه
بكف عليّ معلن الصوت عاليا
فقال فمن مولاكم ووليّكم
فقالوا ولم يبدوا هناك تعاميا
إلهك مولانا وأنت وليّنا
ولن تجدن فينا لك اليوم عاصيا
فقال له: قم يا عليّ فإنني
رضيتك من بعدي إماما وهاديا
فمن كنت مولاه فهذا وليّه
فكونوا له أنصار صدق مواليا
هناك دعا اللهم وال وليّه
وكن للذي عادى عليّا معاديا
فيا ربّ انصر ناصريه لنصرهم
امام هدى كالبدر يجلو الدياجيا
ولقد كان هذا الحديث على مدى التاريخ الاسلامي اكبر دليل على أفضلية علي (عليه السلام) على جميع صحابة النبي (صلى الله عليه وآله) كافة، حتى أن أمير المؤمنين عليا (عليه السلام) احتج به مرارا فقد احتج به في مجلس الشورى الذي عقد لتعيين الخليفة عقيب وفاة الخليفة الثاني، وفي أيام خلافة عثمان وفي أيام خلافته (عليه السلام) أيضا، كما أن شخصيات كثيرة من وجوه المسلمين احتجوا به على منكري حق عليّ وأفضليته وكان ذلك دأبهم دائما وأبدا.
سيد المرسلين (صلى الله عليه وآله)، آية الله الشيخ جعفر سبحاني
([1]) المائدة: 67 و 3.
([2])وفيات الأعيان: ج 1 ص 60.
([3])وفيات الأعيان: ج 1 ص 60.
([4])ترجمة الآثار الباقية: ص 395 الغدير: ج 1 ص 267.
([5])ثمار القلوب: ص 511.
([6]) راجع مصدره في الغدير: ج 1 ص 270.
([7]) المائدة: 1 و3.