emamian

emamian


 
الاستقامة الحسينية؛ وتشكيك الآخرين

كان لدى الإمام الحسين هدفٌ واضح؛ لكن الآخرين[1] كانوا يشككون بهذا الهدف الواحد تلو الآخر. وهؤلاء لم يكونوا من عامة الناس؛ كانوا من شخصيات الدرجة الأولى في عالم الإسلام؛ مثل: عبد الله بن الزبير وعبد الله بن جعفر وعبد الله بن عباس؛ أشخاص لو طالعتم اليوم تاريخهم لرأيتم أنهم على قدر كبير من الشأن في عالم الإسلام.

وهؤلاء كانوا يلتقون الإمام الحسين (عليه السلام) الواحد تلو الآخر، ويناقشونه في هذا الهدف ويشككون فيه[2]! قالوا له: أيها السيد! ما هو الدليل على أن هذا اليوم هو اليوم الذي يجب عليكم أن تذهبوا وتقفوا في وجه يزيد؟ وعددوا شواهد كثيرة لإثبات نظريتهم بحيث كانت تهزّ من يسمعها!

قالوا له: أنت كابن النبي اذهب وبلّغ الأحكام الإلهية؛ أليس هذا أفضل لك من أن تُقتل؟ أليس الأفضل أن تبقى حيًا، - تحدّث وتبين الاحكام وتعظ؟ - من أن تُقْتَلْ ثمّ يأتي ذلك الرجل الظالم وينشد الزغاريد والأشعار على قبرك ويبدّل كلماتك؟ وإذا مدّ الله تعالى في عمرك 20 سنة أخرى؛ ففي هذه السنوات سيكون حجم المعارف التي ستبينها عظيمًا وكبيرًا؛ وهذا أفضل من ذاك!

انظروا، ليس من السهل أبدا ان يخلص الإنسان نفسه من ورطة هذه إشكالات ومصيدة هذه التشكيكات!

كانوا يقولون للإمام عليه السلام: الآن وقد عزمت على الرحيل؛ إرحل؛ في ختام المطاف سَتَرِدْ ميدان الجهاد وتبرز إلى القتل؛ لكن إلى أين تأخذ هذه النسوة وأولئك الأطفال؟ كيف ستكون عليه الحال؟ لماذا تذهب وتضع الناس على المذبح؟ لماذا تذهب إلى الكوفة؟

نعم؛ هذه الإشكالات ترتعد لها فرائص الإنسان. لقد أدرك الإمام الحسين (عليه السلام) وفهم حجم ومدى صعوبة القضية. قالوا له: حسن؛ أيها الإمام، عد وبايع يزيدًا. في النهاية قم وبايع؛ أأنت أفضل من الإمام الحسن (عليه السلام)! ما هي الموجبات والأسباب التي تدفعك لأن تذهب وتضع نفسك في هذه المعركة الكبيرة؟!

لقد واجه الإمام الحسين (عليه السلام) هذا النوع من الشبهات والإشكالات بشكل مستمر ومتواصل[3] - من حين خروجه من المدينة وحتى لحظة وصوله إلى مكة وإلى أن وصل إلى كربلاء، ومن لحظة وروده كربلاء والى يوم عاشوراء- من قبل شخصيات عاقلة لها شأنها، وناقشته بخلفية العقل المدبّر الناظر إلى المصالح وهو ليس غريبًا أبدًا عن العناصر القيمية!

في ذلك الوقت وقف الإمام الحسين (عليه السلام) أمامهم ثابتا- وهو الشخصية المجسّدة للقيم-؛ أي أنه لم ينس الهدف، ولم تدفعه هذه الكلمات إلى ترك الخط المستقيم الذي يعرفه هو؛ وهم لا يعرفونه[4].
 
الاستقامة الحسينية والأعذار الشرعية
فالإمام الحسين (عليه السلام) وقف أوّل الأمر بوجه هذه الحكومة، في وقت لم تكن المشاكل قد برزت بعد، ثم غدا يواجه المشاكل الواحدة تلو الأخرى. فكانت مسألة الاضطرار للخروج من مكة، ثم اندلاع المعركة في كربلاء وما تلاها من الضغوط التي تعرّض لها في تلك الواقعة.

أحد الأمور المهمة التي تعترض سبيل المرء في المواقف الكبرى هي الأعذار الشرعية. فالفروض أو التكاليف توجب على الإنسان أن يؤدّيها، ولكن حينما يستلزم مثل هذا العمل وقوع إشكال كبير- كأن يقتل فيه على سبيل المثال أشخاصٌ كثيرون - هنا يشعر المرء أنّه لم يعد مكلّفًا.

معروفة هي الأعذار الشرعية التي تتالت في وجه الإمام الحسين (عليه السلام) وكانت كفيلة بصرف أي إنسان سطحي الرؤية عن هذا السبيل؛ فقد واجه أولًا نكول أهل الكوفة ومقتل مسلم بن عقيل. وهنا كان بإمكان الإمام الحسين (عليه السلام) أن يقول: أنَّ العذر بات شرعيًا وقد سقط التكليف، فأنا كنت عازمًا على عدم البيعة، ولكن تبيّن لي أنّ موقفًا كهذا لا يمكن الاستمرار عليه في مثل هذه الأوضاع والظروف، والناس لا طاقة لهم على التحمّل. إذن فالتكليف ساقط وأنا أبايع مكرهًا.

المرحلة الثانيّة هي واقعة كربلاء بذاتها، حيث كان بمقدور الإمام الحسين (عليه السلام) عند مواجهة ذلك الموقف أن يتصرف على شاكلة الإنسان الذي يحلّ معضلة المواقف الكبرى بمثل هذا المنطق ويقول: إنّ هؤلاء النسوة والصبية لا قبل لهم بتحمل هذه الصحراء المحرقة، وعلى هذا فالتكليف مرفوع. فيميل نحو التسليم ويقبل بما لم يكن قبله حتى ذلك الحين. أو حتى بعد اندلاع القتال في اليوم العاشر واستشهاد ثلة من أصحابه فهناك تكاثرت عليه المصائب وبات بإمكانه التذرع بأنَّ القتال لم يعد ممكنًا، ولا إمكانية للاستمرار، ولا محيص من التراجع. أو حينما تكشّف للإمام الحسين (عليه السلام) بأنّه سيستشهد، ومن بعد استشهاده ستبقى حُرَم الله وحُرَم النبي (صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين (عليه السلام) بيد الرجال الأجانب. وهنا يعرض له موضوع الشرف والعرض. وكان له - باعتباره إنسانًا ذا غيرة - القول بارتفاع التكليف: لأنني إذا واصلت هذا الطريق وقُتِلتُ فإنَّ النساء من آل الرسول وبنات أمير المؤمنين وأطهر نساء الإسلام سيقعن سبايا بيد الأعداء من الرجال الذين لا أصل لهم ولا فصل ولا يفقهون شيئًا من معاني الشرف والغيرة؛ إذن فالتكليف مرفوع.

لو شاء الإمام الحسين (عليه السلام) النظر إلى بعض الحوادث الشديدة الألم والمصائب المرة كحادثة استشهاد ابنه "علي الأصغر" وسبي النساء وعطش الصبية ومقتل الشبان وغيرها من الحوادث الأخرى المروّعة في كربلاء، بمنظار المتشرّع العادي ويتغاضى عن عظمة دوره ورسالته، كان باستطاعته التراجع خطوة بعد خطوة، ثم يقول سقط التكليف عني، والآن لا مناص من مبايعة يزيد، وإنّ «الضرورات تبيح المحظورات». إلاّ أنّه (عليه السلام) لم يتصرف على هذه الشاكلة. هذه هي استقامة الإمام الحسين (عليه السلام) وهذا هو معنى الاستقامة.

ليست الاستقامة بمعنى تحمّل المشاكل في أي موضع كان، لأنّ تحمّل المصائب بالنسبة للإنسان الفذ العظيم أيسر من تحمل المسائل التي تبدو في المقاييس- المقاييس الشرعيّة والعرفيّة والعقليّة البسيطة- خلافًا للمصلحة، وإن تحمّلها أصعب من تحمّل سائر المصائب.(14/3/1375).

افرضوا أنهم عرضوا القضية على الإمام الحسين (عليه السلام) على الشكل التالي: تريد أن تجاهد في سبيل الله، هذا جيد جدًا، تريد مواجهة يزيد، بالطبع هذا جيد أيضا، تريد ان تضحي بنفسك، وأنت مستعد وحاضر، هذا جيد جدا، لكن ذلك الطفل ذي الستة أشهر الذي كان يتململ من شدة العطش، بأي مقياس ودليل يظهر على هذا النحو؟! قل كلمة وأرح هذا الطفل!

لاحظوا، فالاستقامة تظهر وتتجلى على هذا النحو، أي عندما تعترض طريق الإنسان فجأة مسألة، يمكن أن تجعل الإنسان، حتى الفذ والفطن[5]، عرضة للشك والتردد.(14/3/1375).
 
الاستقامة والبصيرة، مقتطف من كلمات سماحة الإمام القائد السيد علي الخامنئي (دام ظله) حول البصيرة والاستقامة

[1] -(من الصحابة والوجوه)
[2] - مناقشة عبد الله بن الزبير مع ابي عبد الله الحسين (عليه السلام): شرح الأخبار، ج3، ص143؛ الكامل، ج4، ص38؛ بحار الانوار، ج44، ص364. مناقشة عبد الله بن جعفر مع ابي عبد الله الحسين: الفتوح، ج5، ص67؛ الارشاد، ج2، ص 68-69.
[3] - الطبقات الكبرى، الخامسة1، صص 444-447؛ أنساب الاشراف، ج3، صص163؛ تاريخ الطبري، ج4، ص 253، و 286-287؛ مروج الذهب، ج3، ص67؛ مناقب آل أبي طالب، ج3، ص56 و60؛ دلائل الامامة، ص182؛ مقتل الحسين، الخوارزمي، ج1، صص 271-273؛..
[4] -في لقاء أعضاء الشورى المركزية، الجهاد الجامعي، 8/10/1376. (29/12/1997).
[5] - في لقاء قادة ومسؤولي الحرس الثوري،14/12/1376 – 5/3/1998

 

الإثنين, 23 آب/أغسطس 2021 04:44

تقسيم مراحل الطفولة

تمهيد
إنّ تقسيم مراحل الطفولة له دور رئيس في العمليات التربوية؛ لأنّ كلّ مرحلة من المراحل التي يمرّ بها الطفل تُعتبر ظرفاً لبعض الأحكام التربوية الخاصّة بها. وهناك عدّة تقسيمات لمراحل الطفولة عند علماء النفس والتربية، وضعت وفق معاييرهم التي اعتمدوها في المقام ليستفيدوا منها في التربية والتحليل النفسي. وهذه التقسيمات وإن كانت ذات فائدة عملية من بعض الوجوه، إلا أنّنا نُريد تقسيم مراحل الطفولة بنحوٍ يُمكننا من الاستثمار الإيجابيّ فيه بالنسبة لتربية الطفل في ضوء المنهاج الإسلاميّ. وفي هذا الدرس سنتوقّف عند النظرة الإسلامية إلى مراحل الطفولة1، ثم نعرض في الفقرات الأخيرة ثلاث نماذج من التقسيمات الأخرى للطفولة.

تقسيم مراحل الطفولة في النصوص الإسلامية
يُمكن ملاحظة مراحل الطفولة من زاويتي نظر في النصوص الإسلامية:

التقسيم الاستقرائيّ حسب المراحل
نقصد بالتقسيم الاستقرائيّ: تتبّع النصوص الشريفة للخروج بخلاصات عامّة عن تقسيم مراحل الطفولة - بالمعنى الأعم من الحقيقيّ والمجازيّ - بالنسبة لما يتعلّق بالتربية. ويُمكن تصنيفها بالاستقراء على النحو التالي:

1- مرحلة حسن اختيار كلٍّ من الزوجين للآخر.

2- مرحلة الجماع، ما قبل الحمل الواقع منه تكوين الجنين.

3- المرحلة الصلبية، وحياة الطفل - بصورتها الأوّلية - تبدأ من النطفة التي هي مادّة حاملة للفعلية القريبة الواقعة على صراط تكوين طفل فعليّ الوجود لاحقاً، يقول تعالى: ﴿فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ * خُلِقَ مِن مَّاء دَافِقٍ * يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ2.

4- المرحلة الجنينية أي مرحلة الحمل.

5- المرحلة من 0 يوم حتى 7 أيام.

6- مرحلة الرضاع، من 0 سنة حتى 2.

7- مرحلة الحضانة، مرحلة ما قبل التمييز، من 0 سنة حتى 2/7 سنوات.

8- مرحلة التمييز، من 7 حتى البلوغ.

وقد تُضاف إليها بالاعتبار حكماً لا موضوعاً مرحلة تاسعة، هي:
9- مرحلة البلوغ السفهيّ غير الرشيد، التي يُمكن اعتبارها ملحقة بمرحلة الطفولة في بعض أحكام فقه التربية، لأنّ دخول الطفل إلى مرحلة البلوغ يكون على نحوين:

الأوّلأن يدخل مرحلة البلوغ وهو رشيد، بمعنى أن تكون للبالغ ملكة نفسانية تقتضي تصرّفه ضمن حدود الصلاح اللائق بأفعال العقلاء، أي المرحلة التي يُحسن فيها التصرّف في شؤون نفسه وبدنه وماله بنحو يراه العقلاء عملاً مقبولاً، فلا يكون لأحد ولاية عليه.

الثانيأن يدخل مرحلة البلوغ وهو غير رشيد، بمعنى أنّه لا يُحسن التصرّف في نفسه وماله وشؤونه، فلا تنفذ جميع تصرّفاته بحقّ نفسه بشكل مستقلٍّ على نحو الموجبة الكلية، بل يحتاج إلى رعاية الوليّ الشرعيّ، ويلحق بالطفل من جهة بقاء وليّه السابق مستمرّ الولاية عليه3. - سيأتي بحث هاتين النقطتين في الدرس الخامس عشر -.

ونُعيد التذكير، بأنّ هذا التقسيم للمراحل، ليس استنسابياً أو جزافياً، بل يترتّب على كلّ مرحلة منه أحكام وتشريعات فقهية وتربوية خاصّة4.

الطفولة في اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل
ورد في المادّة الثانية من ميثاق الطفل في الإسلام، الصادر عن اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل5، ما نصّه:

1 - تشمل رعاية الشريعة الإسلامية للطفل المراحل التالية:
1- اختيار كلٍّ من الزوجين للآخر.
2- فترة الحمل والولادة.
3- من الولادة حتّى التمييز (مرحلة الطفل غير المميّز).
4- من التمييز حتّى البلوغ (مرحلة الطفل المميّز).

وتنشأ للطفل في كلّ من هذه المراحل حقوق تُلائمها6.

وهو تقسيم مقبول إلى حدٍّ ما، ونُسجّل عليه ملاحظة، وهي أنّه لم يُفصّل في ذكر عناوين المراحل، كالمرحلة الصلبية، والجُماعية، والأسبوعية، والرضاعية، والحضانية و... بل بقيت مطوية في تقسيم المراحل الأخرى، مع أنّ لها أحكاماً وتشريعات خاصّة بها بعنوانها.

2- تقسيم الـ: "ثلاث سبعات"
التقسيم الثاني الذي يُمكن أن يُستفاد من الروايات بشكل واضح هو التقسيم المعروف بـ: "ثلاث سبعات".

- عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال: "الولد سيّد سبع سنين، وعبد سبع سنين، ووزير سبع سنين، فإن رضيت خلائقه7 لإحدى وعشرين سنة، وإلا ضرب على جنبيه8، فقد أعذرت إلى الله"9.

- وعن الإمام عليّ عليه السلام، قال: "يُربّى الصبي سبعاً، ويؤدّب سبعاً، ويُستخدم سبعاً..."10. وفي لفظ آخر: "يُرخى الصبي سبعاً..."11.

- وعن الإمام جعفر الصادق عليه السلام، قال: "دع ابنك يلعب سبع سنين، ويؤدّب سبع سنين، وألزمه نفسك سبع سنين، فإن أفلح، وإلا فلا خير فيه"12.

- وعنه عليه السلام، قال: "الغلام يلعب سبع سنين، ويتعلّم الكتاب سبع سنين، ويتعلّم الحلال والحرام سبع سنين"13.

وقريب منها:
- عنه عليه السلام، قال: "دع ابنك يلعب سبع سنين، وألزمه نفسك سبعاً، فإن أفلح وإلا فإنّه ممّن لا خير فيه"14.

- وعنه عليه السلام، قال: "أمهل صبيّك حتّى يأتي له ستّ سنين، ثمّ ضمّه إليك سبع سنين، فأدّبه بأدبك، فإن قبل وصلح، وإلا فخلِّ15 عنه"16.

سرّ السنوات السبع الأولى
يظهر من خلال الروايات السابقة أنّ مرحلة السبع الأولى من حياة الطفل لها ميّزة خاصّة، لأنّ الطفل في هذه المرحلة قد خرج إلى عالم الحياة جاهلاً ضعيفاً فاقداً لكلّ كمال فعلي لا يملك أيّ تصوّر عن هذا العالم وليس لديه أيّ انطباع أو شعور واتّجاه نفسيّ انفعاليّ عنه أو أيّ مهارة سلوكية فيه، ويبدأ رحلته في اكتساب المعارف والقيم والاتجاهات والميول والمهارات والسلوكات المختلفة في الساحات المتعدّدة بالتدريج، وبطبيعة الحال يحتاج إلى فترة زمنية معيّنة ليتمّ له اكتساب تلك الأمور بنحو يصل إلى مرحلة عمرية يُصبح فيها قادراً على التمييز بين ما هو إيجابيّ وسلبيّ ولو بنحو إجماليّ، ويكوّن صورة أوّلية عن مفهوم الخطأ والصواب والحسن والقبيح والضارّ والنافع من تلك الأمور، فيحتاج في هذه المرحلة الأولى إلى إعطائه هامشاً من الحرّية والفسحة لأجل اكتشاف نفسه والأشياء المحيطة به، ولبناء خطوط علاقاته معها.

لذا، كان التوجيه التربويّ الإسلاميّ لوليّ أمر الطفل نحو إعطاء الطفل هامشاً من الحرّية وعدم تقييده بلوائح كثيرة من الممنوعات حتّى لا تُحاصر قدرته على اكتشاف الأشياء والتعرّف إليها ولمسها واختبارها بشكل شخصيّ، فعبّرت الروايات عن هذه المرحلة بعبارات مثل: "سيّد"، "أمهل"، "يرخى".

وباعتبار أنّ القدرة الاستكشافية لدى الطفل يتمّ إشباعها من خلال ما فطره الله تعالى عليه من أسلوب اللعب والنشاط الحركيّ، حثّت الروايات على ترك الطفل يعيش حياته بمناخ من اللعب، وبعد أن يمرّ الطفل بهذه المرحلة من اللعب والإمهال والإرخاء ليكتشف العالم المحيط به ويختبره يصل إلى مرحلة امتلاك قدرة التمييز بين الإيجاب والسلب، فيخرج من تلك المرحلة الأولى ويدخل في الثانية. وقد قدّرت الروايات المرحلة الأولى بـ 7 سنوات، وهذا ما أثبتته التجربة التربوية والنفسية كما سنوضحه في درس التربية باللعب، فترك الطفل في المرحلة الأولى من حياته بهذا النحو هو بحدّ نفسه تربية.

خصوصية دخول الطفل في سنّ السابعة
إنّ لسنّ السابعة ميّزة خاصّة في النصوص الدينية، وهذا يُشير إلى أنّها نهاية مرحلة عمرية خاصّة وبداية أخرى بالنسبة للطفل، فالسبع الأولى هي مرحلة اللعب والإمهال (لا الإهمال)، أمّا السبع الثانية فهي بداية مرحلة التعليم والتأديب (الانتقال إلى مرحلة جديدة من التربية) كما اتّضح من النصوص السابقة. ونذكر بعض الروايات التي توضح خصوصية هذا السنّ.

ففي التربية الجنسية:
- عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، قال: "فرّقوا بين أولادكم في المضاجع إذا بلغوا سبع سنين"17.

- وعن الإمام الصادق عليه السلام، قال: "... الغلام لا يُقبِّل المرأة إذا جاز سبع سنين"18.

وفي التربية العبادية:
- عن الإمام الصادق عليه السلام، قال: "... مروا صبيانكم بالصلاة إذا كانوا بني سبع سنين"19.

لذا، عبّرت الروايات عن السبع الثانية بـ: "العبد"، "أدّبه"، "ألزمه نفسك"...، لأنّها مرحلة جديدة تحتاج إلى أصول وأساليب وتقنيات مختلفة.

معايير تحديد مرحلة التمييز
نُركّز النظر حول معايير تحديد مرحلة التمييز بسبب الخصوصية التي تتمتّع بها مرحلة دخول الطفل في سنّ السابعة، بحيث يُصبح في الأغلب طفلاً مميّزاً. ومفردة الطفل المميّز أو التمييز لم ترد في نصٍّ دينيٍّ يدلّ على تحديد معناها حتّى يُعتمد كمعيار في المقام، لذا لا بدّ من الرجوع إلى مدلول الكلمة في اصطلاح الفقهاء، ومع استقراء نصوص الفقهاء نخرج بالآراء التالية:

المعيار الأول: 6-7 سنوات حتّى البلوغ
تبنّى غالبية فقهاء أهل السنّة المعيار الزمانيّ لتحديد مرحلة التمييز، فهي تمتدّ من سنّ الـ6-7 حتّى مرحلة البلوغ20، وهو رأي بعض فقهاء الإمامية، ولعلّ منشأ ذلك عندهم هو الروايات السابقة التي تُفيد كون سن الـ7 يُشكّل مرحلة جديدة لها مستلزمات خاصّة في حياة الطفل.

قال الشيخ الطوسيّ: "... وإن كان طفلاً يُميّز وهو إذا بلغ سبع سنين أو ثمان سنين فما فوقها إلى حدّ البلوغ..."21.

وقال العلّامة الحلّي: "إذا بلغ الطفل سبع سنين،... لأنّ هذا السنّ يحصل فيه التمييز من الصبي..."22.

وقال الشيخ جواد التبريزي: "التمييز هو أن يُميّز الشيء القبيح من غيره، ويكون غالباً إذا بلغ الولد ستّ سنين... إذا أكمل الطفل ستّ سنوات فهو مميّز"23.

وسُئل الشيخ التبريزي: هل هذا - تحديد ضابط الصبيّ المميّز بالستّ سنوات - من باب تشخيص الموضوع؟ فلو شخّص المكلّف أنّ ابنه لم يُميّز (حتّى بعد بلوغ الستّ) يعتمد على تشخيصه أم لا؟ أجاب: "هذا التحديد وارد في الروايات"24.

المعيار الثاني: معرفة الحسن من القبح
قال الشهيد الثاني: "المراد بالمميّز مَنْ يعرف الأضرّ من الضارّ والأنفع من النافع، إذا لم يحصل بينهما التباس بحيث يخفى على غالب الناس"25.

وقال السيد محمد رضا الكلبايكاني: "الصبيّ إذا ميّز الحسن من القبيح، وفهم ما يفهمه الكبار فهو مميّز"26.

وقال الشيخ محمد علي الآراكي: "المميّز هو القادر على تشخيص القبيح والحسن"27.

وليس المراد من التمييز أن يكون الطفل قادراً على التفرقة بين الحسن والقبيح والضارّ والنافع بشكل تفصيليّ وإنّما يكفي التمييز الإجماليّ.

وقد يُقال إنّ المعيار السابق لا يختلف عن هذا المعيار، لأنّه وكما عبّر الشيخ جواد التبريزي: التمييز هو أن يُميّز الشيء القبيح من غيره ويكون غالباً إذا بلغ الولد ستّ سنين، فيكون تحديد الفقهاء له بـ6 أو 7 سنوات من باب تشخيص المصداق، ولكن ينفيه أنّ جوابه بكونه وارداً في الروايات يوحي بأنّه من باب التعيين لا التشخيص.

ولكن مع ذلك، فإنّ صريح عبارات بعض الفقهاء ممّن يتبنّى هذا الرأي يُفيد كون تحديد مرحلة التمييز بالـ 7 من باب تطبيق المعيار (وهو قدرة الطفل على التفرقة بين النافع والضارّ) على الطفل الخارجيّ والتشخيص للمصداق، لا من باب التحديد والتعيين.

المعيار الثالث: مرجعية النظرة العرفية
قال السيد محمد جواد العاملي: "المرجع في المميّز إلى العرف، لأنّه المحكّم في مثله"28.

المعيار الرابع: اختلاف التمييز باختلاف متعلّق التكليف
سُئِل السيد علي السيستاني: ما هو ضابط الصبيّ المميّز في مسألة جواز النظر إلى عورته، وجواز نظره إلى عورة الغير، وكون عباداته صحيحة، والاعتماد على أخباره؟

أجاب: "يختلف المميّز في كلّ مكان، ففي الأول المراد بالمميّز الذي يتأثّر من النظر إلى العورة أو النظر إلى عورته لو التفت وتتحرّك غريزته نسبياً، وفي اعتبار صحّة عباداته الذي يُميّز التكاليف وأنّ الأمر من قِبَل الله تعالى ويُمكنه قصد القربة، وفي الاعتماد على إخباره بالنجاسة إذا كان ذا اليد، إذا كان مميّزاً قوي الإدراك لها"29.

المعيار الخامس: اختلاف المميّز باختلاف الزمان والمكان والأفراد
سُئل السيد علي الخامنئي دام ظله: جاء في بعض الأحكام للصبيّ المميّز بأنّه الصبيّ الذي يُميّز الحسن من القبيح، فما هو المراد من الحسن والقبيح؟ وما هي سنّ التمييز؟

أجاب: "المراد من الحسن والقبيح هو ما يكون كذلك بنظر العرف، مع ملاحظة ظروف حياة الصبيّ والعادات والآداب والتقاليد المحلّية، وأمّا سنّ التمييز فهو مختلف تبعاً لاختلاف الأشخاص في الاستعداد والإدراك والذكاء"30.

الاستنتاج:
إنّ ما تقدّم في أقوال الفقهاء ليس معايير متعدّدة، وإنّما هو معيار واحد تمّ تسليط الضوء عليه من زوايا مختلفة، والمعيار هو: أن يصل الطفل إلى مرحلة عمرية تُصبح لديه ملكة التمييز بنحو إجمالي بين الحسن والقبيح والضارّ والنافع في الحياة. وممّا لا شك فيه أنّ متعلّقات الحسن والقبح تختلف مجالاتها وساحاتها، فقد تتعلّق بأمور جنسية وأخرى سياسية وثالثة اجتماعية ورابعة مالية وخامسة عبادية... إلخ، وعليه سيختلف التمييز بلحاظ المتعلّق، كما سيتفاوت التمييز في الطفل نفسه بين شيء وآخر، وكذلك الأمر سيختلف التمييز بين طفل وآخر، وبين منطقة وأخرى... إلخ، ويكون مرجع تحديد أنّ هذا الطفل مميّز في هذا المجال أو ذاك هو النظرة العرفية الاجتماعية التي يعيش ويتحرّك الطفل داخل محيطها.

نعم، في الأعمّ الأغلب قد يكون بلوغ الطفل سنّ السابعة هو المُدخِل له إلى مرحلة التمييز لما ذكرناه في فقرتي: سرّ السنوات السبع الأولى وخصوصية دخول الطفل في سنّ السابعة، ولهذا ركّزت الروايات على هذه السنّ.

وعليه، فإنّ الضابط الكلّي لتحديد التمييز ليس زمانياً بل معرفيّ، إلا بناءً على المعيار الأول، على تفسير، أي تُحدّد مرحلة التمييز بالسنّ 6-7 من باب التعبّد بالنصّ الشرعيّ، فيكون ميزان دخول الطفل في مرحلة التمييز هو نفس السنّ بغضّ النظر عن الحالة المعرفية لابن سبع سنوات.

تقسيم الطفولة على أساس مراحل نمو المعرفة وتأثير البيئة على النموّ31
اعتمد هذا التقسيم جان بياجيه (1896-1980)، حيث سلّط الضوء في أبحاثه على مراحل الطفولة من خلال ربطها بعملية تكوين المعرفة المتأثّرة بالبيئة المحيطة بالطفل، فقسّمها إلى خمس مراحل، هي:
1- المرحلة الأولى: الذكاء الحسّيّ- الحركيّ: من صفر يوم إلى سنتين (0-2).
2- الثانية: مرحلة الصور العقلية: (2-4 سنوات).
3- الثالثة: مرحلة الذكاء الحدسيّ: (4-7 سنوات).
4- الرابعة: مرحلة العمليات الحسّية أو الذكاء المحسوس: (7-12 سنة).
5- والخامسة: الذكاء المجرّد، سنّ 13 وما فوق.

تقسيم مراحل الطفولة في مدرسة التحليل النفسيّ32
وهو التقسيم المعتمد عند سيجموند فرويد (1856-1939) وأتباع مدرسة التحليل النفسيّ:
1- ما قبل الولادة: صفر يوم إلى 250-300 يوم.
2- حديث الولادة: الأسابيع الأولى عقيب الولادة.
3- المرحلة الفميّة: السنة الأولى.
4- المرحلة الشرجية: 1-3.
5- المرحلة القضيبية: 2-5.
6- مرحلة الكمون: 5-10.
7- مرحلة ما قبل البلوغ: 10-12 سنة.
8- مرحلة المراهقة: 13-20 سنة.

تقسيم مراحل الطفولة على أساس الخصائص الجسمية33
1- المرحلة الجنينية: ما قبل الولادة: وتمتدّ من صفر يوم إلى 250-300 يوم.
- بويضة: من صفر يوم إلى أسبوعين.
- جنين: من أسبوعين إلى 10 أسابيع.
- جنين متكامل: من 10 أسابيع إلى الولادة.

2- مرحلة الولادة:
- حديث الولادة: الأسبوعان الأوّلان عقيب الولادة.
- المهد: من أسبوعين إلى عامين.

3- الطفولة: تمتدّ من: 3-12 سنة.
- المبكرة: 3-5 سنوات.
- الطفولة الوسطى: 6-10 سنوات.
- الطفولة المتأخّرة: 10-12 سنة.

4- المراهقة:
- المبكرة: 12-14.
- الوسطى: 14-17.
- المتأخّرة: 17-20.

وهذا الاختلاف بين الباحثين في تحديد مراحل الطفولة وتعيين أدوارها، إنّما هو بسبب اختلاف المعايير المعتمدة في هذا المجال، فمنها معايير معرفية، ومنها نفسية، ومنها فيزيولوجية...

* المنهج الجديد في تربية الطفل، نشر جمعية المعارف الإسلامية الثقافية.

1- أنظر: عجمي، سامر توفيق، عقوبة الطفل في التربية الإسلامية، الفصل الثالث.
2-
سورة الطارق، الآيات 5-7.
3-
الصدر، محمد صادق، ما وراء الفقه، ج5، ص58.
4-
مع الإشارة أيضاً إلى أنّ هذا التقسيم لا يعني الفصل الهندسي بين المراحل، بل قد تتداخل بعض المراحل من حيث الزمان والأحكام، ولكن كلّ مرحلة لها علامات مميّزة لها في فقه التربية ستظهر في موضعها الخاص كانت هي الميزان والملاك في تبويب هذا التقسيم، فمثلاً مرحلة أسبوع الطفل هي جزء من مرحلة الرضاع لكن لها أحكام تربوية خاصّة بها من غير جهة الرضاع، ومرحلة الرضاع هي جزء من مرحلة ما قبل التمييز لكن لها أحكام خاصة بها من جهة الرضاع، وهكذا.
5-
وهي إحدى لجان المجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة.
6-
يراجع: مناع، حقوق الطفل-الوثائق الإقليمية والدولية الأساسية، ص79.
7-
في نسخة مكارم الأخلاق: "أخلاقه".
8-
في نسخة مكارم الأخلاق: " فاضرب على جنبه".
9-
العاملي، محمد بن الحسن، تفصيل وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة، ج21، ص476، ح27627. والطبرسي، الحسن بن الفضل، مكارم الأخلاق، ص222.
10-
من لا يحضره الفقيه، ج3، ص493، ح4746.
11-
مكارم الأخلاق، ص223.
12-
من لا يحضره الفقيه، ج3، ص493، ح4743.
13-
الكافي، ج6، ص47، باب تأديب الولد، ح3.
14-
م.ن، ح1.
15-
خلِّ: فعل أمر من خلى يخلي، بمعنى ترك.
16-
الكافي، ج6، ص47،ح2.
17-
مكارم الأخلاق، ص223.
18-
من لا يحضره الفقيه، ج3، ص437، ح4510.
19-
الكافي، ج3، ص409، باب صلاة الصبيان، ح1.
20-
يراجع: ابن حجر العسقلاني، فتح الباري في شرح صحيح البخاري، ج1، ص158. والنووي، يحيى بن شرف، المجموع شرح المهذب، ج9، ص361.
21-
الطوسي، محمد بن الحسن، الخلاف، ج5، ص131.
22-
تذكرة الفقهاء، ج4، ص335.
23-
التبريزي، جواد بن علي، صراط النجاة، ج6، ص65.
24-
صراط النجاة، م.ن.
25-
العاملي، زين الدين بن علي، روض الجنان في شرح ارشاد الأذهان، ج2، ص648.
26-
الكلبايكاني، محمد رضا، إرشاد السائل، ص128.
27-
الآراكي، محمد علي، المسائل الواضحة، ج2، ص91.
28-
العاملي، محمد جواد، مفتاح الكرامة، ج6، ص432.
29-
السيستاني، علي، الاستفتاءات، ص125-126.
30-
الخامنئي، علي، أجوبة الاستفتاءات، ج2، ص300، مسألة 822.
31-
يراجع: سليم، مريم، علم نفس النمو، ص44-45.
32-
للتفصيل يراجع: ن.م.
33-
يراجع: الأشول، عادل عز الدين، علم نفس النمو من الجنين إلى الشيخوخة، ص38.

يمضي الرئيس التونسي في قراراته بعد تجميد عمل البرلمان واقالة الحكومة، واعداً بخطوات تنفيذية جديدة، فيما حركة النهضة المستهدف الرئيس من اجراءات سعيد، تحاول احتواء هذه القرارات بدل مواجهتها، في ظل واقع قد ينعكس على دول الجوار والمنطقة في حال تفاقمه.

ويرى محللون تونسيون، ان حركة الرئيس التونسي قيس سعيد جاءت بناءاً على خطة طريق لم يتم الاعلان عنها لكن ملامحها بدأت تتضح.

وقالوا: ان الرئيس سعيد يريد تطبيق فصل 80 من الدستور والبدء بمرحلة تأسيسية، بعدما تعفنت الاوضاع السياسية في تونس، وصنّاع القرار السياسي لم يكونوا في مستوى انتظارات وتطلعات الشعب التونسي الذي نادى برحيل هذه المنظومة السياسية منذ اشهر عديدة، ما وقعت عملية الاصلاح على كاهل رئيس الجمهورية الذي اختار ان يعلن عن قراراته تزامناً مع احتجاجات عارمة عمت جل المحافظات التونسية.

واكدوا، ان النظام السياسي التونسي الهجين الخليط بين البرلمان ورئاسة الحكومة في تونس قد ثبت عجزه عن ادارة شؤون البلد منذ 7 سنوات، ولذا طرح الرئيس سعيد مشروعاً الانتخابيا بتغيير هذا النظام السياسي واجراء استفتاء على طبيعة النظام السياسي القادم، هل سيكون برلماني بحتاً، أم ستكون الرئاسة بحتة؟ واعتبروا ان تونس على اعتاب بناء الجمهورية الثالثة من اجل تقديم الاسعافات اللازمة للداخل التونسي لمواجهة المشاكل الصحية والاقتصادية والاجتماعية.

من جانبهم بين مراقبون سياسيون، بان ما حصل في تونس مؤخراً كان نتيجة منطقية للسياسة التي انتهجتها المنظومة السياسية الحاكمة، وهي منظومة صفاتها الفساد والارهاب والتي مارستها حركة النهضة طيلة السنوات العشر الماضية.

واوضحوا، ان الشعب التونسي فرح فرحاً شديداً حين اطاح بالنظام الديكتاتوري السابق واعتقد ساذجاً بان ثورته ستلبي كل متطلباته سواء في الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، لكن الثورة التي قام بها الشباب التونسي والطبقة الوسطى والفئات الاجتماعية الفقيرة سرعان ما تبخرت احلامهم فيما يتعلق بانتظاراتهم الاستراتيجية، لا لشي وانما بسبب المنظومة السياسية التي حكمت منذ 2011 والى الان حيث شكلت حركة النهضة العمود الفقري فيها.

وقال المديني: للاشف الشديد اثبتت هذه المنظومة بانها انتجت الفقر وقادت البلاد الى الخراب، وعجزت بشكل فاضح ومكشوف عن ادارة دواليب الدولة، وتحولت تونس من دولة مرموقة على الصعيد الاقليمي الدولي الى دولة متسولة، وان حركة النهضة هي المسؤولة الاولى لما آل اليه الوضع التونسي، بعدما دخلت بتحالفات مشبوهة مع لوبيات ومافيات التي تجسد الفساد وعجزت عن اجراء تنمية حقيقية في تونس.

واعتبروا، ان الرئيس سعيد بادر باتخاذ اجراءات في غاية الاهمية تتناغم مع تطلعات الشعب التونسي الذي سئم من هذه المنظومة السياسية الحاكمة الموسومة بالفساد والارهاب وارتكبت جرائم ارهابية في سوريا بعد تسفير 8 آلاف ارهابي للقتال في سوريا.

ما رأيكم...

  • الى أين يتجه الوضع في تونس في ضوء قرارات الرئيس؟
  • هل سيتمكن من الاستمرار في اجرائاته حتى النهاية؟
  • لماذا تتبع حركة النهضة سياسة الاحتواء بدل المواجهة؟

 

نصّ حكم الإمام الخامنئيّ في تنفيذ رئاسة الجمهوريّة لحجّة الإسلام السيّد إبراهيم رئيسي؛ بتاريخ 2021/08/03م

بسم الله الرحمن الرحيم


والحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على محمّد وآله الطاهرين، ولا سيما بقيّة الله في الأرضين.

أشكر الله العليم القدير الذي جعل إيران بفضله وعنايته مرفوعة الرأس مرة أخرى في الامتحان السياسي والاجتماعي للانتخابات. الشعب العظيم في وضع معقّد وصعب، لكنه أثبت بحضوره المهم والمُعز حاكمية اختيار الشعب لإدارة أمور البلاد. وأظهر عزمه الراسخ على اتباع طريق الثورة الإسلامية النوراني، طريق العدالة والتقدّم والحرية والعزة، وذلك باختيار شخصية شعبية وجليلة من سلالة السيادة والعلم، متزيّنة بالتقوى والحكمة، وتتمتّع بسوابق إداريّة لامعة.

وطننا العزيز متعطش اليوم للخدمة، ومستعد لحركة الطفرة إلى الأمام في جميع المجالات، ويحتاج إلى إدارة كفؤة وجهادية وحكيمة وشجاعة تستطيع تعبئة قدرات الشعب الواضحة والمخفية -خاصّة الشباب الذين تفوق قدراتهم المشكلات بأضعاف- وتجلبها إلى ميدان العمل والسعي البنّاء، وتزيل الموانع أمام الإنتاج، وتتابع أيضاً سياسة تقوية العملة الوطنية بنحو جاد، وتمكّن الفئات المتوسطة والفقيرة من المجتمع التي يقع ثقل المشكلات الاقتصادية فوق كاهلها. فالإدارة ذات النهج الثقافي الحكيم تمهّد الطريق للارتقاء المادي والمعنوي للشعب الإيراني، ويجب أن تسرّع حركة البلاد نحو موقعها الجدير.

الآن، مع التوجّه بالشكر إلى الناس الأعزاء، وتبعاً لتصويتهم وانتخابهم العالمَ الحكيم الذي لا يعرف الكلل، ذا الخبرة والشعبية، أنصّب حجة الإسلام السيد إبراهيم رئيسي رئيساً لجمهورية إيران الإسلامية. وأسأل الله -تعالى- التوفيق والعزة له ولزملائه، وأذكّره أن تصويت الشعب وتنفيذي له سيستمران ما دام نهجه دائماً في اتباع صراط الإسلام المستقيم والثورة الإسلامية، وسوف يكون هكذا بفضل الله، إن شاء الله.

والسلام على عباد الله الصالحين
السيّد عليّ الخامنئيّ
03/08/2021م

 

بعد أن ردّت المقاومة الاسلامية في لبنان على الغارات الجوية الإسرائيلية، الاحتلال يختار عدم التصعيد بوجه حزب الله.

بعد أن ردّت المقاومة الاسلامية في لبنان على الغارات الجوية الإسرائيلية على أراضٍ مفتوحة في منطقتي الجرمق والشواكير ليلة الخميس الماضي، وقامت مجموعات الشهيد علي كامل محسن ‏والشهيد محمد قاسم طحان بقصف أراضٍ مفتوحة في محيط مواقع الاحتلال ‏الإسرائيلي في مزارع شبعا، نقل مراسل الجبهة الشمالية في قناة كان الاسرائيلية روبي هامرشلاغ على حسابه في موقع "تويتر" عن قائد المنطقة الشمالية في جيش الاحتلال اللواء أمير برعام قوله لرؤساء "السلطات المحلية" إن "إطلاق حزب الله للصواريخ وُجّه باتجاه مزارع شبعا، وهو لم يعتزم اطلاق الصواريخ باتجاه المستوطنات".

وأضاف برعام إن "صفارات الإنذار جرى تفعيلها بسبب الصواريخ الاعتراضية للقبة الحديدية.. لذلك تمّ توجيه السكان بالحفاظ على الروتين".

بالموازاة، قال المتحدث باسم جيش الاحتلال "لا يوجد لدينا رغبة بالتصعيد على الحدود الشمالية"، مضيفًا إن "حزب الله أطلق الصواريخ تجاه مناطق غير مأهولة، لذلك لا رغبة لدينا في التصعيد والشمال بدون قيود حيث الحياة الروتينية".

المصدر:العالم

رغم كورونا والظروف الخاصة التي يشهدها العالم حضر أكثر من 115 شخصية سياسية من 73 دولة من بينهم رؤساء جمهورية ورؤساء برلمانات ورؤساء حكومات ووزراء خارجية ووزراء اخرين، وعشرات الشخصيات السياسية المرموقة حول العالم مراسم أداء اليمين الدستورية للرئيس الايراني الجديد السيد ابراهيم رئيسي.

يأتي هذا في وقت تحاول فيه أمريكا والكيان الاسرائيلي بمساعدة بريطانيا ووسائل الإعلام العربية المأجورة، تأليب الرأي العالمي ضد ايران تحت مزاعم شتى كان آخرها الهجوم الذي تعرضت له ناقلة نفط اسرائيلية قبالة ساحل عمان الاسبوع الماضي، ويحاول الكيان الاسرائيلي استغلال هذا الحادث لعرض ايران كتهديد وتسانده امريكا وبريطانيا في هذا، وفي هذا الامر يمكن مناقشة عدة اعتبارات:

أولا: لم يكن أمام الكيان الاسرائيلي بعد فشل محاولاته المتكررة في تشويه صورة الجمهورية الاسلامية وعرضها كتهديد نووي تارة وتهديد اقليمي تارة أخرى، علاوة على فشله في ثني الدول العظمى التي تدرك قدرات وطاقات ايران الاقتصادية والعلمية عن فكرة التوافق مع ايران نوويا، لم يكن امامه سوى ان ينتقل الى مرحلة جديدة تتحدث عن أمن المياه الدولية.

ثانيا: يروق لأمريكا التي ترفض الامتثال لرغبة الكيان الاسرائيلي في عدم مناقشة اتفاق نووي مع ايران ان ترضي رغبات هذا الكيان في عرض ايران كتهديد من منظور آخر وهو الامن البحري مثلا، أو التكلم عن برنامج ايران الصاروخي ومحاولة ايقاف تطويره على الرغم من أنه برنامج دفاعي ويتعلق بأمن ايران القومي ولايحق لأحد الحديث عنه خاصة من قبل من يهدد امن المنطقة ويعتدي على اهلها ويحتل أراضيها كأمريكا والكيان الاسرائيلي.

ثالثا: تحاول امريكا عبر الضغط على ايران سياسيا، خاصة بعد فشلها في عزل ايران عن محيطها الاقليمي وفشل عقوباتها الاقتصادية على الشعب الايراني، تحاول اقناع الجمهورية الاسلامية في تليين موقفها في ما يتعلق بالاتفاق النووي، من هنا يأتي تأكيد امريكا على "رد جماعي" على الهجوم الذي استهدف الناقلة الاسرائيلية رغم عدم وجود أي دليل بيد هؤلاء حول من نفذ الهجوم ومن هنا يمكن معرفة ان الامر سياسي بحت.

رابعا: ليس أمام بينيت ومعه لابيد اللذين تغلبا على معارضهم الحالي ومنافسهم السابق نتنياهو بصعوبة فائقة سوى البروباغندا الاعلامية لتثبيت اقدامهما أمام الرأي العام الاسرائيلي والنجاة من الانتقادات حول ضعفهم، خاصة بعد الفشل الاخير للعدوان الصهيوني على سوريا والذي كان موضوع الاعلام الاول لاكثر من 10 أيام.

خامسا: لماذا ستنكر ايران هجوما نفذته بنجاح على مصالح اسرائيلية ان كان الكيان الاسرائيلي يفتخر باغتيال علماء ايرانيين ويفتخر بتنفيذ عمليات تخريب في الجمهورية الاسلامية ويفتخر بقصف رجال المقاومة في سوريا، وهل الانتهاكات الاسرائيلية هذه مشروعة والرد الايراني "المفترض" عليها محرم وغير شرعي؟!.

على الكيان الاسرائيلي ان يعلم ان ايران في حال ارادت ان ترد على اعتداءاته وانتهاكاته فإنها سترد بحزم وعلنا، كما ردت على امريكا عندما اغتالت الشهيد الفريق قاسم سليماني وأمطرت قاعدتها في العراق بالصواريخ علنا، واما عن محاولات أمريكا وربيبها الصهيوني في عزل ايران وإظهارها كتهديد فإن الحضور الكبير في مراسم اليمين الدستورية للرئيس الايراني الجديد، رغم ظروف كورونا التي تعصف بالعالم، أكبر دليل فشلهم وعلى ان الكيان الاسرائيلي وداعموه فشلوا في تحويل هجوم من قبل مجهول على الكيان الاسرائيلي الى هجوم او تهديد للأمن البحري كما يزعمون وسترفض بقية دول العالم المشاركة في حرب هي حرب الكيان الاسرائيلي الذي يعتدي على الآخرين ويدفعهم للرد ولن يشاركوا في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل إلا اذا كانوا مستفيدين كأمريكا وبريطانيا.

المصدر:العالم

الجمعة, 06 آب/أغسطس 2021 15:46

ما هو القرض الحسن؟

 
كلّ قرض كان مُخلَصاً لله تعالى، أي: خالٍ عن الشوائب من الشرك، والرياء، والسّمعة، ومن المنِّ والأذى، وفيه الخير والمنفعة العامّة العائدة على الصّالح العامّ، فهو من القرض الحسن. من أجل ذلك علينا أن نتنبّه إلى كمائن الشّيطان الّذي لا يترك فرصة إلّا وينتهزهَا ليُوقِعنا في شرك الرّياء والسّمعة، فنقدّم المال لأجل أن نُذكر على المنابر، أو يقال انظروا إلى فلان وفلان ما الّذي قدّمه لبناء المسجد، وغير ذلك من الحبائل الّتي قد يَحيكها إبليس بطريقة يغفل الإنسان عنها!!
نعم، في بعض الأحيان قد يكون من باب التّشجيع للآخرين كي يقدّموا ويَبذلوا قروضاً حسنة، فهذا شيءٌ ممدوحٌ ومطلوب، ولكن لا بدّ من الاحتياط والالتفات إلى خدع الشّيطان الّتي تَقتنص كلّ فرصة لتسقطنا في حفر المعاصي والذّنوب، فنكون من الّذين يظنّون أنّهم يحسنون صنعاً، وما لهم في الآخرة من نصيب، قال تعالى: ﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا﴾[1].
 
وفي هذا السّياق تُروى في سبب نزول آية الإقراض حادثة جرت مع النّبي صلى الله عليه وآله وسلم وأحد أصحابه، وهو أبو الدّحداح، وفيها من العبر ما ينفعنا، فإليك خلاصتها وعبرها:
"لما نزل: "مَنْ ذَا الذي يقرض الله قرضاً حسناً" قال أبو الدحداح: فداك أبي وأمي يا رسول الله! إِنَّ الله يستقرضنا وهو غنيٌّ عن القرض؟
قال صلى الله عليه وآله وسلم: "نعم يريد أن يدخلكم الجنة به".
قال: "فإنّي إنْ أقرضتُ ربّى قرضاً يضمن لي به ولصبيتي الدحداحة معي الجنة؟"
قال صلى الله عليه وآله وسلم: "نعم".
قال: "فناولني يدك"، فناوله رسوله الله صلى الله عليه وآله وسلم يده. فقال: "إِنَّ لي حديقتين إحداهما بالسافلة والأخرى بالعالية، والله لا أملك غيرهما، قد جعلتهما قرضاً لله تعالى".
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "اجعل إحداهما لله والأخرى دعها معيشة لك ولعيالك".
قال: "فأشهدك يا رسول الله أنّى قد جعلت خيرهما لله تعالى، وهو حائط فيه ستمائة نخلة".
 قال: "إذاً يجزيك الله به الجنة".
 
فانطلق أبو الدحداح حتى جاء أمّ الدحداح وهي مع صبيانها في الحديقة تدور تحت النخل فأنشأ يقول:
هداكِ ربّي سبلَ الرشاد                 إِلَى سبيل الخير والسداد
بيني من الحائط بالوداد                 فقد مضى قرضاً إِلَى التناد
أقرضتُه اللهَ على اعتمادي              بالطّوعِ لا منٌّ ولا ارتداد
إِلَّا رجاء الضعف في المعاد             فارتحلي بالنفسِ والأولاد
والبرُّ لا شكّ فخير زاد                 قدّمه المرء إِلَى المعاد

 
قالت أمُّ الدحداح: رَبِحَ بيعك! بارك الله لك فيما اشتريت، ثم أجابته أمُّ الدحداح وأنشأت تقول:
بشّرك الله بخيرٍ وفرح                     مثلك أدّى ما لديه ونصح
قد متّع الله عيالي ومنح                  بالعجوةِ السوداء والزهو البلح
والعبد يسعى وله ما قد كدح            طول الليالي وعليه ما اجترح

 
"ثمّ أقبلت أمُّ الدحداح على صبيانها تخرج ما في أفواههم وتنفض ما في أكمامهم، حتى أفضت إلى الحائط الآخر، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: كم من عذق[2] رداح ودار فياح (أي: واسع) لأبي الدحداح"[3].
 
العبرة من القصّة:
العِبر الّتي تستفاد من هذه الحادثة الحقيقيّة التي جرت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كثيرة نشير إِلَى أهمّها:
- الغِنى المطلق لله تعالى، ومع ذلك يَستقرض الله من النّاس قروضاً حسنةً لمنفعتهم.
 
- جزاء القرض ليس مكسباً دنيويًّا بل هو جزاء أخرويّ، فالنّبيّ صلى الله عليه وآله وسلم يدعو المؤمنين للتعلّق بالآخرة من خلال أفعالنا في هذه الحياة الدّنيا.
 
- تأكيد رسول الله (الصّلاة) على أبي الدحداح بأن لا يتصدّق بكلّ ما لديه، فيبقي بستانا له ولعياله، ويتصدّق بالآخر. وإن كان البستان الباقي هو صدقة أيضاً، ولكن صدقة يجريها على عياله، فالبذل على العيال صدقة، وبذلك لا يصير أبو الدّحداح عالةً على غيره، فالتّواكل على الغير وطلب المعونة من الغير مذمومٌ عند الله تعالى.
 
- الزّوجة المخلصة لله تعالى تحثّ زوجها على فعل الخير وعلى الإقراض الحسن، ولا تصدّه عن أداء المعروف مع النّاس. وانظروا إِلَى المقام الَّذِي وصلته هذا المرأة، حيث إِنَّها بمجرّد ما سمعت من زوجها أَنَّه تصدّق بكلّ ما يملك بادلته الرضا والحثّ، وسارعت إِلَى أولادها أخذت تمر الصدقة من أفواههم، خلافاً لبعض نساء هذا العصر، حيث قد تبادر زوجها بالاعتراض والقطيعة.
 
فحريٌّ بنا جميعاً رجالاً ونساءاً أن نَعتبر من هذه الدّروس الّتي أعطانا إيّاها النّبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأنْ نبذل ما لدينا في سبيل الله تعالى، ونكون من أهل القروض الحسنة.
  
... وَزِدْنَاهُمْ هُدًى، جمعية المعارف الإسلاميّة الثقافية

[1] سورة الكهف، الآيتان: 103 - 104.
[2] العذق (بفتح فسكون): النخلة. وبكسر فسكون: العرجون (الغصن) بما فيه من الشماريخ. ورداح: ثقيلة.
[3] القرطبي، محمَّد بن أحمد الأنصاري، الجامع لأحكام القرآن، ج 3، ص 238، تحقيق: أحمد عبد العليم البردوني، نشر دار إحياء التُّراث العربي 1405، بيروت.

 

لطالما اعتبر الحمص والفاصوليا والفول بمثابة “اللحم” بالنسبة للفقراء، حيث يعود ذلك إلى الفوائد الكثيرة لصحة الإنسان نتيجة تناول هذه الأغذية.

وذكرت فيرا إرماكوفا -في تقرير نشره موقع "غود هاوس" (goodhouse) في نسخته الروسية- أن أسعار البقوليات تعد أرخص بنحو 3 مرات مقارنة بأسعار الدجاج أو اللحم البقري أو السمك. ونظرا لاحتوائها على نسب عالية من البروتين، تعود البقوليات بالفوائد نفسها على الإنسان.

على ماذا تحتوي حصة واحدة من الفاصوليا المعلبة؟

218 سعرا حراريا

14.5 غراما من البروتينات

0.5 غرام من الدهون

40 غراما من الكربوهيدرات

غرام من سكر

16.6 غراما من الألياف

5 مليغرامات من الحديد

84 مليغراما من المغنسيوم

259 مليغراما من الفسفور

739 مليغراما من البوتاسيوم

331 مليغراما من الصوديوم

1.3 مليغرام من الزنك

0.4 مليغرام من الثيامين

0.3 مليغرام من الريبوفلافين

146 ميكروغراما من حمض الفوليك

ما هي فوائد الفاصوليا السوداء؟

إلى جانب احتوائها على البروتين النباتي، الذي يعزز صحة القلب والأوعية الدموية يمقدار أكبر من البروتين الحيواني، تحتوي الفاصوليا السوداء على الألياف القابلة وغير القابلة للذوبان، ناهيك عن كونها غنية بالبوتاسيوم العنصر الضروري لصحة القلب، فضلا عن المغنسيوم الذي يدعم الجهاز العصبي والزنك، وهو عنصر مهم للغاية لتحسين عمل الجهاز المناعي.

مفيدة للهضم

تساعد الألياف الغذائية على تخفيف الإمساك والانتفاخ عن طريق دفع الطعام بشكل حرفي، مما يجبر الأمعاء على العمل بنشاط أكبر. ويعدّ تناول ما بين حصة إلى حصتين من البقوليات في الأسبوع أمرا ضروريا بالنسبة للأشخاص الذي يرغبون في تحسين عملية الهضم.

تقلل مستوى الكوليسترول "الضار"

يضمن الالتزام بتناول ما بين 25 و30 غراما من الألياف يوميا الاقتراب من نسبة الكوليسترول الآمن.

حماية العظام

تحتوي الفاصوليا على المغنسيوم، العنصر المهم لأداء أكثر من 300 تفاعل في الجسم، بما في ذلك التمثيل الغذائي، علما بأن التمثيل الغذائي الصحيح يعدّ -بدوره- مهما للحفاظ على قوة وصلابة العظام.

السيطرة على ضغط الدم

يدعم البوتاسيوم الذي تحتويه البقول الجافة صحة الأوعية الدموية، كما يساعد الدم على التحرك بشكل أفضل داخل الشرايين.

مصدر رائع للبروتين

تحتوي الحصة الواحدة من البقول الجافة على 15 غرامًا من البروتين، الذي يمثّل عنصرا مهما بشكل خاص للأشخاص الذين يتبعون نظامًا غذائيًا نباتيًا.

ما كمية الفاصوليا والفول التي ينبغي تناولها يوميا؟

تنخفض معدلات الإصابة بمرض السكري وأمراض القلب والأوعية الدموية في البلدان التي يرتفع فيها استهلاك البقوليات. وللحصول على أكبر قدر من الفوائد الصحية، ينبغي تناول 3 حصص في الأسبوع أو نصف كوب من الفاصوليا أو الفول أو البازلاء أو الحمص يوميًا.

هل يمكن لمرضى السكري تناولها؟

بشكل عام، تعتبر البقوليات من أكثر الأطعمة الصحية لمرضى السكري نظرا لأنها تحتوي على البروتين النباتي والألياف، العناصر التي تساعد على إبطاء استجابة نسبة السكر في الدم وتخفيض مستويات السكر في الدم.

ما هي البقوليات الصحية المعلبة أو المجففة؟

في الحقيقة، تحتوي البقوليات سواء كانت مجففة أو معلبة على القيمة الغذائية نفسها ومحتوى الفيتامينات والعناصر المفيدة.

يبدو ان القرار الذي صادق عليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والقاضي بفصل الموظفين التابعين لجماعة الاخوان المسلمين من الوظائف الحكومية، سيكون الشغل الشاغل للمجتمع المصري، بشقيه المؤيد والمعارض لهذا القرار، لفترة لن تكون قصيرة في كل الاحوال، رغم كل ما قيل عن ان هذا القرار لا يترتب عليه حرمان الموظف من الراتب أو المكافأة المالية.

القرار الذي صادق عليه الرئيس المصري، هو قانون ظهر لاول مرة في مجلس الشعب المصري في عام 2020، الا انه وضع في الادراج، ولكنه اُخرج منها في شهر حزيران/ يونيو الماضي ، ونُقل الى قاعة مجلس الشعب مرة أخرى، بعد مناقشات من اعضائه تفيد بان موظفين محسوبين على جماعة الاخوان يعملون على افشال التطور في الدولة المصرية وربطهم بصورة مباشرة في حوادث القطارات التي وقعت أخيرا.

يُقال ان ما دفع بعض البرلمانيين المصريين الى اعادة القرار الى قبة البرلمان والموافقة عليه قبل نحو اسبوعين ورفعه الى الرئيس الذي اقره، كان قرارات النيابة العامة وتحقيقاتها، التي اشارت الى وجود مخالفات فنية ومسلكية لعدد من عاملي ومسؤولي السكة الحديد، مثل تزوير أوراق الحضور والانصراف والتواجد في أماكن المراقبة والتسيير، وعدم الإخطار بضرورة إبطاء السرعة في أماكن معينة.

وزير النقل المصري كامل الوزير، كان قد القى ايضا وبشكل علني بمسؤولية حوادث القطارات، التي تكررت بشكل ملفت في الاوانه الاخيرة، واسفرت عن موت العشرات من المواطنين المصريين، على موظفين اتهمهم بأنهم من الإخوان المسلمين أو من المتعاطفين معهم أو من وصفهم بالمتطرفين دينياً، بهدف إفشال الجهود التي تبذلها الحكومة من اجل تطوير قطاع النقل وباقي القطاعات الاخرى في مصر.

في المقابل يرى الاخوان المسلمون، ان قرار فصلهم من العمل الحكومي ، جاء مدفوعاً برغبة أمنية وحكومية في ملاحقة ضحايا التقارير الأمنية والرقابية في الجهاز الإداري للدولة، وتحميلهم مسؤولية كل فشل تقع فيه القطاعات المختلفة، وأحدثها وأكثرها إلحاحاً الآن قطاع النقل، وان هذا القانون يعتبر بداية لمرحلة جديدة من خطة الحكومة المصرية لمحاربتهم ومحاربة امتدادهم في المجتمع المصري، خاصة في المؤسسات الحكومية، لاسيما قطاع السكك الحديدية.

يرى بعض المراقبين للمشهد المصري من المتعاطفين مع الاخون ، ان هذا القانون كان يُطبق بشكل او بآخر منذ خمسين عاماً تقريباً على العاملين في الجهاز الإداري للدولة والهيئات والمؤسسات العامة ووحداتها الاقتصادية فقط، الا ان هذه القانون بصيغته الحالية، سيطال جميع العاملين في مختلف أجهزة الدولة دون استثناء.

اخيرا، مهما كانت طبيعة الاسباب التي دفعت السلطات المصرية الى اتخاذ هذا القرر، الا ان جميع اهدافه قد لا تكون في متناول اليد، وقد يتسبب في وضع المجتمع المصري امام خطر الانقسام والدخول في ازمات عميقة تزيد من تصدع الشارع المصري.

 

تمهيد
إنّ تسليط الضوء على طبيعة الطفل وحقيقة فطرته يُعتبر من الأبحاث المهمّة من حيث الجواب عن السؤالين البنيويّين التاليين:

السؤال الأوّل: ما هي طبيعة التركيبة الفطرية للطفل بأصل الخلقة، هل هي طبيعة شرّيرة أم خيّرة أم حيادية؟ حيث إنّ تحديد الجواب عن هذا السؤال بأيّ من الافتراضات السابقة يُغيّر من المسار في كيفية تربية الطفل.

السؤال الثاني: هل طبيعة الطفل وفطرته ثابتة غير قابلة للتغيير أم أنّها تتبدّل من حال إلى حال؟ وبعبارة أخرى: هل الطفل الذي يولد شرّيراً بطبعه - بحسب بعض النظريات - يستحيل تغييره بالتربية أم يُمكن تغييره؟ لأنّه إذا كان الجواب بأنّ شخصية الطفل ثابتة لا تتحوّل فهذا يعني عبثية التربية للطفل.

في الجواب عن السؤال الأول يُمكن رصد ثلاث نظريات1:

النظرية الأولى: شريّة طبيعة الطفل
يرى أصحاب هذه النظرية أنّ طبيعة الطفل تميل إلى الأخلاق الذميمة، بمعنى أنّ نفس الطفل جُبلت بأصل الخلقة على الشرّ، وعُجنت طينته بالرذيلة والأطباع الخبيثة والسيّئة، فـ "الشرّ جزء من تكوينه النفسيّ، وبه يندفع إلى العدوان والانحراف. وقد عبّر عن هذه النظرة المتشائمة بعض رجال الدين المسيحي"2. ويترتّب على هذه النظرية أن "تقوم التربية باستخدام وسائل العنف والقسوة لانتزاع الشرّ منه"3.

النظرية الثانية: حيادية طبيعة الطفل
ترى هذه النظرية أنّ الطفل يميل بنحو متساوٍ إلى الخير والشرّ، وبعبارة أخرى إنّ نفس الطفل "من طبيعة محايدة، وإنّما يلحق الفساد بهذه الطبيعة نتيجة لفساد التربية التي يتلقّاها"4. يقول سعيد إسماعيل علي في هذا السياق: "الإشكالية التي شُغل بها الفكر الفلسفيّ والتربويّ والأخلاقيّ من حيث التساؤل عمّا إذا كان الإنسان بطبعه خيّراً أو شرّيراً هي إشكالية زائفة، ذلك أنّ الطبيعة الفطرية للإنسان محايدة، صفحة بيضاء، مثلها مثل المادّة الخام"5.

النظرية الثالثة: خيرية فطرة الطفل
يعتقد أصحاب هذه النظرية بعكس النظرية الأولى، أنّ طبيعة الطفل وفطرته جُبلت على حبّ الخير، فهو يميل إلى الخير والصلاح بأصل الخلقة.

وقفة مع النظريّات الثلاث
سنُحاول في هذه الفقرة التوقّف عند بعض النقاط التي ستُمهّد الطريق لتبنّي الرأي الذي نراه أقرب للصواب من ضمن النظريّات السابقة في الجواب عن السؤال الأول، وسيتّضح بنحو جليّ أيضاً موقفنا من الجواب عن السؤال الثاني خلالها بالتبع.

أولاً: لا ريب في أنّ الطفل في مراحل الطفولة المبكرة وما قبل سنّ التمييز، لا يعرف معنى الخير أو الشر، فإن سُلّم جدلاً بميل طبيعة الطفل نحو أيٍّ منهما فهو ميل فطريّ جبلّيّ غير واعٍ.

ثانياً: لا يُمكن إنكار وجود ردّات فعل طبيعية في الطفل بأصل الخلقة هدته إليها يد الله تعالى، والمقصود بها السلوكات الصادرة عن الغريزة والتي تُسبّبها القوى الطبيعية (الشهوية والغضبية) المجبول عليها الإنسان بأصل الفطرة، كالخوف أو الحبّ... إلخ. ولكن يُطرح السؤال: هل ردّات الفعل النفسانية الطبيعية هذه هي خير أم شرّ أم حيادية؟

في الحقيقة، إنّ النظر إلى ردّات الفعل هذه بلحاظ القوى النفسية الناشئة منها أي بالنظر إلى نفس القوّة الشهوية أو الغضبية لا بدّ من أن يدخل في دائرة الحسن والخير، لأنّ الله تعالى لا يخلق إلّا ما هو حسن جميل، يقول تعالى: ﴿الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ6، فهذه القوى النفسية تعمل بأصل الفطرة بحسب ما يقتضيه طبعها المسخّرة له، إنّما تكمن المشكلة في كيفية توظيف هذه القوى النفسية وتسييرها في أيّ اتّجاه.

وبناءً عليه، وظيفة التربية ليست استئصال هذه الغرائز والانفعالات والأحاسيس النفسية واقتلاعها من جذورها، لأنّ ذلك مستحيل، فكلّ ما زرعته يد الله تعالى بأصل الخلقة يستحيل استئصاله، نعم، يُمكن التعمية عليه ودسّه ودفنه في دائرة الظلمة. فلا يُمكن للتربية إزالة فطرة حبّ الأنا من نفس الطفل، ولا استئصال القوة الداخلية المحرّكة له نحو الحبّ أو البغض أو الخوف أو الحياء أو... بل هو إيجاد حالة من التحكّم والقيادة والسيطرة على هذه الانفعالات بنحو ينضبط السلوك على ضوء التعاليم التربوية الحسنة والجميلة، لذا يُقال بأنّ التربية وظيفتها الدفع وليس الرفع والاستئصال7.

فليس من المعقول تربية الطفل بالطلب منه أن لا يغضب أو لا يشتهي بعض الأشياء، فإنّ هذه الحالات النفسانية أمور طبيعية في ذات فطرته غير قابلة للإزالة، وإنّما المطلوب هو ضبطها وتوجيهها وإرشادها، لا قمعها وكبتها. وإذا أردت أن تُطاع فاطلب المستطاع.

ثالثاً: إذا كان المقصود بميل الطفل نحو الخير أو الشرّ بأصل الخلقة هو ذلك النحو من الميل الفطري الجبري الذي يُمانع الاختيار وإمكانية التغيير، فهذا ممّا لا يُمكن قبوله انطلاقاً من عقيدتنا بأنّ الإنسان كائن حرّ مختار، لذا لا بد من البحث عن الميل الفطري نحو الخير أو الشرّ بمعنى يُحافظ على اختيارية الطفل وإمكانية التغيير. لأنّنا نُنكر صحّة نظرية المذهب الطبيعيّ في الأخلاق، التي تعتقد بأنّ الملكات الأخلاقية في الطفل وبالتّالي السلوك الصادر عنها طبيعيّ بأصل خلقته، بمعنى أنّ كلّ طفل يولد مزوّداً بأخلاق تقتضيها طبيعة هويّته على نحو الضرورة، وبالتّالي فإنّ هذه الأخلاق الطبيعية ثابتة وغير قابلة للتغيير والتبديل، ويترتّب على ذلك عدم جدوائية وفعالية العمليات التربوية التي تهدف إلى إكساب الطفل ملكات أخلاقية وسلوكات على خلاف مقتضى طبيعته.

وقد ناقش فلاسفة الأخلاق المسلمون كمسكويه، الغزالي، الطوسي، الكاشاني، والنراقي، وغيرهم هذا المذهب في كتبهم بنحو تفصيليّ8، حيث ردّوا المذهب الطبيعيّ في الأخلاق، بأنّه لو كان صائباً لأُلغيت الشرائع والديانات، ولبطلت تعاليم ووصايا الأنبياء، ولكانت الدعوة إلى التهذيب والتزكية والتأديب وتحسين الأخلاق... عبثاً ولهواً، وجلّ الله تعالى وأنبياؤه عن اللغو والعبث.

كما أنّ التجربة التربوية العملية تفيد بإمكان إزالة الخلق بالأسباب الخارجية من التأديب والنصائح وغيرهما. فزرع القيم التربوية وتعديل سلوكات الطفل أمر ممكن فعلاً بالوصايا والمواعظ والنصائح والإرشاد.

يقول الإمام السيد عليّ الخامنئيّ دام ظله: "صناعة الإنسان وتشكيل وبناء الإنسان المطلوب في الإسلام هو أمر يحصل بالتربية. فإنّ كلّ الناس لديهم قابلية التربية. قد يتقبّل البعض التربية متأخّراً والبعض أسرع، فالبعض قد تترسّخ التربية لديه وتدوم أكثر والبعض قد تُفارقه بسرعة أكبر، لكن كلّ الناس معرّضون للتغيير والتبدّل الذي يحصل بالتربية"9.

رابعاً: وبذلك يظهر أيضاً أنّ الأخلاق والسلوكات الحسنة ليست وليدة الطبيعة لأنّ ما هو طبيعيّ لا تُمكن إزالته وتغييره. نعم الطبيعيّ والفطريّ هو مبادئ وقوى وقابليات واستعدادات تلك الأخلاق والأفعال، أمّا كيفية استخدام هذه القوى والمبادئ فهو خاضع لإرادة الإنسان وخاضع للتربية10.

يقول الشيخ جعفر السبحاني: "إنّ للإنسان ماهيّتين: أولاً: ماهيّة عامّة يتكوّن معها ويتولّد بها. وثانياً: ماهيّة خاصّة يكتسبها في ضوء إرادته عن طريق العمل... أمّا الطبيعة العامة، فهي عبارة عن الطاقات والمواهب الإلهية المودعة في وجوده وهي ميول طبيعية تسوقه إلى نقطة خاصّة فيها سعادته أو شقاؤه، وقد أعطى سبحانه زمامها بيد الإنسان المختار في كيفية الاستفادة منها كمّاً وكيفاً... وأمّا الطبيعة الخاصّة، فهي عبارة عمّا يتكوّن في نفس الإنسان من الروحيات العالية أو الدانية نتيجة استفادته من تلك المواهب الأوّلية، إفراطاً أو تفريطاً أو اعتدالاً"11.

وتربية الطفل في جعله يميل إلى أحد الاتّجاهين إنْ خيراً أو شرّاً إنّما تحصل من خلال تكرار الأعمال المتشابهة بالدربة والعادة لمدّة زمنية معيّنة وطويلة غالباً، فهو الذي يؤدّي إلى إيجاد الصفات الحسنة أو السيّئة في نفس الطفل، لا أنّ الصفات الحسنة بمعنى الملكات موجودة بالفطرة. وهذا يؤكّد أهمّية عدم الإهمال والإغفال للعادات السيّئة التي قد يكتسبها الطفل تحت عنوان أنّه ما زال صغيراً، بل ينبغي الانتباه واليقظة في إيجاد العادات الحسنة عند الطفل حتى لو لم يعِ حسنها، لأنّها ستتحوّل لاحقاً إلى طبيعة ثابتة فيه وتُصبح خلقاً تصدر عنه الأفعال بسهولة.

وبهذا يظهر أنّ التربية ليست مجرّد عملية إعطاء المعرفة وإكساب العلم، وبالتّالي يحصل السلوك تلقائياً، بل التربية هي عملية تنمية اتّجاهات وزرع وتفتّح قيم وتغيير سلوك وإكساب مهارات بالدربة والعادة كي يتّجه الطفل نحو الهدف المطلوب. فالمعارف التي يتلقّاها المتربّي لا تُحرّكه أوتوماتيكياً تجاه السلوك، وإن كانت المعرفة واحدة من مبادئ الفعل. وفي نفس الوقت حذراً من الوقوع في فخّ تحوّل الطفل إلى مجرّد آلة فيزيائية يصدر عنه العمل نتيجة العادة من دون الإحساس بالشحنة القيمية التي تُحرّكه، لا بدّ من إعطاء جرعة إضافية إلى جانب التعويد، وهي جرعة أن يكون العمل الذي تعوّد عليه الطفل صادراً عنه عن قناعة ورغبة وإرادة ذاتية وشعور بالمسؤولية.

وبمعنى آخر لا ينبغي تربية الطفل بنحو يصدر عنه الفعل تحت وطأة الشعور بالحاجة إلى العمل لمجرّد إلحاح تكرار العادة (الإدمان)، بل أن يصدر العمل عن الطفل في المرحلة العمرية التمييزية على أقلّ تقدير انطلاقاً من الوعي بالقيم وانتهاء إلى الوعي بالنتائج. وإلا فإنّ تعويده على قيم معيّنة موجبة أو سالبة من دون وعي وقناعة ورغبة قد يكون السبب في إضعاف الإرادة من ناحية توليد العجز عن مقاومة المتغيّرات، ممّا سيجعله يُعرض عنها بمجرّد أن يصل إلى مرحلة عمرية يُصبح فيها قادراً على الانتخاب والتمييز، أو عرضة لمؤثّرات بيئية معيّنة (مدرسة، صداقة...)، مما يؤدّي إلى انعطافة وتحوّل سريع في أخلاقه وسلوكه، أمّا العادة المنطلقة من إرادة ووعي تمنح الطفل القدرة على التغلّب على كلّ المتغيّرات، بل على طبيعته أيضاً12.

خامساً: يظهر من بعض العلماء المسلمين تعارض مجموع آرائه في كتاباته حول الموضوع13. وفي الحقيقة لا تعارض بين وجهات النظر الثلاث، فإنّ كلّ تعبير ناظر إلى حيثية من حيثيات طبيعة الطفل وإلى قوّة من قواه، فإنّ الطفل له قوى متعدّدة، وبلحاظ كلّ قوّة يُمكن التوصيف بالخير أو الشرّ أو الحياد، فإنّ نفس الطفل بلحاظ كونها من نور الله تعالى وروحه فهي خير وتميل إلى الخير، وبلحاظ قوّة الشهوة والغريزة تميل إلى الشرّ، وبلحاظ كونها مختارة هي مستعدّة لكلّ واحد من الطرفين، بمعنى أنّها غير مجبرة على أحدهما دون الآخر، وإنّما تسير باتّجاه الخير أو الشرّ نتيجة عوامل خارجية لا ذاتية، أي نتيجة التربية والتأديب والتعليم والبيئة... إلخ.

الرأي المختار في المسألة
انطلاقاً ممّا تقدّم، نقول إنّ طبيعة الطفل خيّرة بالطبع وبأصل الفطرة، كما تُفيده النصوص الدينية التي تتحدّث عن الفطرة التوحيدية. ولكنّ الطفل على الرغم من ميله الفطريّ بحسب الصبغة الإلهية إلى الخير ﴿فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَ14، لا ينتفي ويرتفع استعداده النفسيّ للسير في الاتّجاهين معاً نتيجة عوامل خارجية كالتربية والبيئة وداخلية كالتفاعلات النفسية مع الأشياء ﴿إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورً15، فبسبب عنصر الاختيار يكون لديه استعداد للسير في اتّجاه الخير أو اتجاه الشرّ وهو بهذا المعنى حياديّ، ولكن أيضاً بسبب ضعفه وحاجته وعدم إدراكه ووعيه ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ16، "ضعف الإدراك والجسم في الأطفال"17 من جهة، ونتيجة قواه الحيوانية لأنّه لم يتشكّل على صورة إنسان بعد من جهة ثانية، وبفعل عدم وجود قيم عقلية ودينية تُسيّر تصرّفاته، سيتحرّك على مقتضى ما تُمليه عليه قواه الطبيعية، وبالتّالي سيميل إلى ما تأمره به قوّة الشهوة والغضب وحبّالأنا، ممّا يترتّب عليه آثار ونتائج سلبية وغير حسنة، فهو للسير في اتّجاه الشرّ نتيجة ضعفه وجهله ونقصه وحاجته أوفق ﴿إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولً18، ﴿وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفً19, ﴿إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ20. وهنا يأتي دور التربية في الأخذ بيد الطفل والسير به في أيّ اتجاه من الاتجاهات، فالطفل في المحصّلة هو صناعة التربية.

والتربية قبل ولادة الطفل لها دور في تكوين استعدادات خاصّة فيه، بحيث يولد مجهّزاً بتلك الاستعدادات حتى بالوراثة، ويُصبح فيما بعد من الصعوبة - وليس المستحيل - تدارك تلك الاستعدادات وتحويلها عن مسارها الذي رسم في شخصية الطفل.

وبناءً عليه، نفهم رأي نصير الدين الطوسي في أنّ الطفل يميل إلى الأخلاق الذميمة بسبب ما في طبيعته من النقص والحاجة21. فهذه النظرية التي يتبنّاها الطوسي ليست في مقام البيان من جهة الفطرة والجبلّة، وإنّما في مقام البيان من جهة العمل والسلوك، بمعنى أنّ الطفل لأنّه ليس كائناً عقلائيّاً ومتشرعيّاً، فإنه سيميل إلى طاعة الغريزة والشهوة، وهي بطبعها تُحرّكه نحو تحقيق ما فيه لذّته الشهوية والمادّية، وبعبارة أخرى إنّ الطفل لو خُلّي وقواه النفسية الشهوية والغضبية مع جهله وضعفه وعدم تزوّده بقضايا العقل العمليّ والوحي كضوابط للقيم والسلوك، سيجعل قواه تجذبه نحو تحقيق ما يُلائمها ويُنافرها، وهو بحسب الغالب يكون سيراً باتّجاه القبح أكثر منه نحو الحسن، لذا يُنبّه في هذا المجال فيقول الطوسي: "عندما تتمّ أيام رضاعه يجب الانشغال بتأديبه وتدريبه على الأخلاق الفاضلة قبل أن يتعوّد على الأخلاق الفاسدة، إذ يكون الطفل مستعدّاً لها، وأكثر ميلاً للأخلاق الذميمة بسبب ما في طبيعته من النقصان والحاجة"22.

وفي ذات السياق، يقول الفيض الكاشاني: "إنّ الصبيّ إذا أُهمل في ابتداء نشوئه خرج في الأكثر رديّ الأخلاق، كذّاباً، حسوداً، سروقاً، نمّاماً، لجوجاً، ذا فضول وضحك، وكيّاد، ومجانة، وإنّما يحفظ عن جميع ذلك بحسن التأديب"23.

إذاً، لا تنافي بين النظرية التي ترى أنّ الطفل خيّرٌ بطبعه وبين ما يذهب إليه بعض الحكماء المسلمين في بعض كلماته من ميل الطفل إلى الشرّ والأخلاق الرذيلة، فإنّ النظرية الأولى تُفيد أنّ طبيعة الطفل بأصل الفطرة تميل إلى الخير والتوحيد وقبول الدين، ولكن هذا لا يعني أنّه تلقائياً لو خُلّي الطفل وطبعه وبيئته وتربيته ستذهب نفسه في هذا الاتّجاه، بل تسلك اتّجاهاً آخر يتناسب مع البيئة الاجتماعية والتنشئة والتربية، لأنّ الميل الفطريّ نحو الخير لا يُنافي الاستعداد الطبيعيّ بسبب قوّة الاختيار الكامنة فيه إلى الطرفين معاً. وبهذا التفسير نفهم قول الإمام عليّ - لولده الحسن - عليهما السلام: "إنّما قلب الحدث كالأرض الخالية، ما أُلقي فيها من شيء قِبلته، فبادرتك بالأدب قبل أن يقسو قلبك ويشتغل لبّك"24، بنحو لا يتنافى مع قول النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: "كلّ مولود يولد على الفطرة"25.

حقّ الطفل في الخطأ
نختم الدرس بنقطة بنيويّة في كيفية التعامل التربويّ مع الطفل، وهي أنّه سواء أكانت طبيعة الطفل خيّرة أم شرّيرة أم حيادية، فإنّ هذا لا يعني أنّ الطفل لن يقع فيما نراه نحن الراشدون أنّه خطأ أو خطيئة، لأنّ الطفل نتيجة جهله المطلق وضعفه ونقصه يسير في طور الاكتشاف لذاته وللمحيط من حوله، ومن الطبيعيّ أن يقع في الخطأ، فإنّه يتعلّم من أخطائه، لذا يُمكن تأسيس قاعدة عامّة في سياق تربية الطفل، وهي مراعاة حقّه في أن يقع في الخطأ.

عن الإمام الباقر عليه السلام: "أنّ علياً عليه السلام كان يقول: عمد الصبيان خطأ..."26.

وعن الإمام الصادق عليه السلام، قال: "عمد الصبيّ وخطؤه واحد"27.

وقد وقع الاختلاف في وجهات النظر عند الفقهاء في كون هذه الروايات مختصّة بباب الديات والجنايات أم أنّها عامّة ومطلقة. وقد استظهر بعض الفقهاء منها عدم الاختصاص بباب الجنايات، منهم الشيخ الأنصاري حيث قال: "كل حكم شرعيّ تعلّق بالأفعال التي في ترتّب الحكم الشرعيّ عليها القصد بحيث لا عبرة بها إذا وقعت بغير القصد فما يصدر منها عن الصبيّ28 قصداً بمنزلة الصادر عن غيره بلا قصد"29. وهذا مؤشّر إلى أنّ الفعل العمديّ الصادر عن الطفل - حتى المميّز، فكيف بالطفل دون سنّ التمييز - يُنزّل في الشريعة الإسلامية منزلة الخطأ، ويتمّ التعامل معه كالتعامل مع المُخطئ.

هذا، بالإضافة إلى إمكانية استفادة المعنى السابق من أحاديث: "رفع القلم30 عن الصبيّ حتّى يحتلم"31. يقول الشيخ محمد حسين النائيني: "إنّ الظاهر من قوله عليه السلام: "رفع القلم عنه"، ما هو المتعارف بين الناس والدائر على ألسنتهم: من أنّ فلاناً رفع القلم عنه، ولا حرج عليه، وأعماله كأعمال المجانين، فهذه الكلمة كناية عن أنّ عمله كالعدم، ورفع عنه ما جرى عليه القلم فلا ينفذ فعله، ولا يمضي عنه، فإنّ ما صدر عنه لا يُنسب إليه"32.

وهذا يُشعر بأنّه من حقّ الطفل الوقوع في الخطأ. والمقصود بالحقّ هنا الحقّ القانونيّ والأخلاقيّ والطبيعيّ، لكون وقوع الطفل في الخطأ سنّة طبيعية في مراحل نموّه، فما نُصّنفه نحن الراشدون في دائرة الخطأ لا يُصنّفه الطفل في مراحل طفولته المبكرة كذلك، خصوصاً في مرحلة ما دون التمييز، لعدم معرفته بمعنى الصواب والخطأ33.

يبقى أن نُشير إلى نقطة أخيرة - ستتضح ملامحها خلال درس التربية بالعقوبة - وهي أنّ حقّ الطفل في الوقوع بالخطأ لا يعني إقراره على خطئه، أو عدم تنبيهه وإرشاده وتوجيهه إلى الصواب، أو التساهل والتسامح معه في كلّ خطأ كان وبأيّ مرحلة عمرية كانت.

* المنهج الجديد في تربية الطفل، نشر جمعية المعارف الإسلامية الثقافية.

1- يراجع: العطاران، محمد، تربية الطفل وفقاً لآراء ابن سينا والغزالي والطوسي، ص27-30.
2- أبو دف، محمود خليل، مشكلة العقاب البدني في التعليم المدرسي وعلاجها في ضوء التوجيه التربوي الإسلامي، مجلة الجامعة الإسلامية، المجلد السابع، العدد الأول، يناير 1999.
3- تركي، عبد الفتاح ابراهيم، فلسفة التربية- مؤتلف علمي نقدي، ص32.
4- تركي، فلسفة التربية- مؤتلف علمي نقدي، ص32.
5- علي، سعيد إسماعيل وفرج، هاني عبد الستار، فلسفة التربية رؤية تحليلية ومنظور إسلامي، ص299.
6- سورة السجدة، الآية 7.
7- جامع السعادات، ج1، ص49.
8- يراجع مثلاً: الغزالي، أبو حامد محمد بن محمد، إحياء علوم الدين، ج8، ص101. والنراقي، جامع السعادات، ج1، ص46-49.
9- من كلمة للسيد علي الخامنئي في لقاء المعلمين والتربويين بمناسبة أسبوع المعلم بتاريخ:07/05/2014. على الرابط التالي: htt p://www.almanar.com.lb/wa padetails. php?eid=840376.
10- أرسطو، أخلاق نيكوماخوس، ص36-37.
11- المكي، حسن محمد، الإلهيات على ضوء الكتاب والسنة العقل محاضرات الشيخ جعفر السبحاني-، ج1، ص681.
12- يراجع: الطوسي، نصير الدين، أخلاق ناصري، ص101-103.
13- فمثلاً نرى الغزالي في موضع يقول: "حبّ الإنسان للحكمة والخالق عزّ وجلّ والمعرفة والعبادات لن يُماثل الرغبة في الأكل، إذ إنّه من مقتضيات طبيعة الإنسان، وذلك لأنّ قلب الإنسان من الأمور الربّانية فيما يعد اندفاع الإنسان إلى الرذائل من مقتضيات الشهوة، ولا علاقة له بالطبيعة". كيماء السعادة، ج3، ص499. وفي موضع آخر من نفس الكتاب، ص37، يقول: "اعلم أنّ النفس مجبولة على الابتعاد عن الخير والتعلّق بالشر، وترغب في التقاعس والشهوة". وفي كتاب آخر يقول: "إنّ الصبيّ أمانة عند والديه، وقلبه الطاهر جوهرة نفيسة ساذجة خالية عن كلّ نقش وصورة، وهو قابل لكلّ نقش ومائل إلى كلّ ما يمال به إليه، فإن عوّد الخير وعلّم نشأ عليه، وسعد في الدّنيا والآخرة، شاركه في ثوابه أبواه، وكلّ معلّم له ومؤدّب، وإن عوّد الشرّ وأهمل شقي وهلك". إحياء علوم الدين، ج8، ص130. وهذا الرأي يظهر منه أن الطفل مجبول على الخير بمعنى أن نفسه تميل إلى الخير أكثر من الشر.
14- سورة الشمس، الآية 8.
15- سورة الإنسان، الآية 3.
16- سورة الروم، الآية 54.
17- مغنية، محمد جواد، التفسير المبين، ص538. ومغنية، محمد جواد، التفسير الكاشف، ج6، ص151. قال:" ضعف البنية والإدراك في الطفل".
ويراجع: مجمع البيان، ج8، ص485. في تفسير الآية: "خلقكم أطفالاً لا تقدرون على البطش، والمشي، والتصرفات". وشبّر، عبد الله، تفسير القرآن الكريم، ص390، قال: "أي ابتدأكم أطفالاً ضعافاً". والميزان في تفسير القرآن، ج16، ص215، قال: "أي ابتدأكم ضعفاء، ومصداقه على ما تفيده المقابلة أول الطفولية".
18- سورة الأحزاب، الآية 72.
19- سورة النساء، الآية 28.
20- سورة يوسف، الآية 53.
21- أخلاق ناصري، ص280-284.
22- أخلاق ناصري، ص280.
23- الفيض الكاشاني، محمد بن المرتضى، المحجة البيضاء في تهذيب الأحياء، ج5، ص125.
24- نهج البلاغة، من وصية له لولده الحسن كتبه إليه بحاضرين منصرفاً من صفين، رقم269، ص526.
25- الصدوق، محمد بن علي، التوحيد، ص363.
26- تهذيب الأحكام، ج10، ص233، ح921.
27- م.ن، ص233، ح920.
28- الصبي من باب التغليب، وإلا فهو يشمل كل طفل سواء أكان ذكراً أم أنثى، ولا خصوصية للطفل الذكر.
29- الأنصاري، مرتضى، المكاسب، ج3، ص282.
30- المقصود برفع القلم هو إما: رفع الأحكام الإلزامية، أو رفع مطلق الأحكام الإلزامية والترخيصية، وبالتالي رفع المؤاخذة والعقاب، وإما رفع المؤاخذة والعقوبة، وإما رفع الاثنين معاً، أي الأحكام والمؤاخذة.
31- روي الحديث بألفاظ مختلفة، مثل: "عن الصبي حتى يدرك"، "عن الصبي حتى يبلغ"، "عن الصبي حتى يحتلم"، "عن الصبي حتى يكبر"، "عن الصبي حتى يعقل"، "عن الصبي حتى يشب". يراجع: الطوسي، الخلاف، ج2، ص41. وسائل الشيعة، ج1، ص20. والبخاري، محمد بن إسماعيل، صحيح البخاري، ج6، ص169. والسجستاني، أبي داود، سنن أبي داود، ج2، ص338. والترمذي، محمد بن عيسى، سنن الترمذي، ج2، ص438.
32- الخوانساري، موسى بن محمد، منية الطالب في شرح المكاسب، تقرير بحث الميرزا محمد حسين النائيني، ج1، ص359.
33- أنظر: عجمي، سامر، عقوبة الطفل في التربية الإسلامية، ص240 وص305.