
emamian
رسالة مهمة وجهها قائد الثورة لجمعيات الطلبة باوروبا
وجه قائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي خامنئي رسالة الى الاجتماع السنوي الرابع والخمسين لاتحاد الجمعيات الاسلامية للطلبة في اوروبا.
وبحسب المركز الاعلامي لمكتب قائد الثورة الاسلامية فقد قال سماحته إن الاستشهاد، واظهار القدرات العسكرية ، والتواجد الشعبي المنقطع النظير، ومعنويات الشباب القوية وعزمهم الراسخ ، إلى جانب الآلاف من المجموعات النشطة في مجال العلوم والتكنولوجيا ، كذلك النهج الديني والروحي لنسبة كبيرة من الشباب في جميع أنحاء البلاد، كل هذه الأحداث تُنبئ عن تجلي ظاهرة فريدة في العالم المعاصر قادرة على ترك آثار عميقة ومصيرية في مستقبل التاريخ.
واضاف ، ينعقد مؤتمركم هذا العام وسط أحداث مهمة تدل كل واحدة منها من ناحية معينة على عظمة وقيمة إيران الإسلامية والشعب الثوري.
وتابع ، إن الاستشهاد ، واظهار القدرات العسكرية ، والتواجد الشعبي المنقطع النظير، ومعنويات الشباب القوية وعزمهم الراسخ ، إلى جانب الآلاف من المجموعات النشطة في مجال العلوم والتكنولوجيا ، كذلك النهج الديني والروحي لنسبة كبيرة من الشباب في جميع أنحاء البلاد ، جميعها تنبىء عن ظاهرة فريدة من نوعها في عالم اليوم. ظاهرة يمكن أن يكون لها آثار عميقة ومصيرية على مستقبل التاريخ.
واكد قائد الثورة انه لم تتشكل لحد الآن الأمة الإسلامية بمعناها الحقيقي، أي الكيان الواحد المنسجم الذي يملك إرادة ويسعى خلف هدف مشترك، وللأسف بات توجيه الاتهامات والخلاف والحروب داخل البلدان الإسلامية رائجاً مقابل دعوات الحريصين وأصحاب النوايا الحسنة للوحدة الإسلامية.
المصدر:العالم
جليسة بيت الأحزان
بعد استشهاد خاتم الأنبياء (صلى الله عليه وآله) بنى أمير المؤمنين (عليه السلام) بيتاً للزهراء (عليها السلام) في البقيع نازحا عن المدينة يسمى بيت الأحزان، وكانت إذا أصبحت قدمت الحسن والحسين (عليهما السلام) أمامها وخرجت إلى البقيع باكية، فلا تزال بين القبور باكية فإذا جاء الليل أقبل أمير المؤمنين (عليه السلام) إليها وساقها بين يديه إلى منزلها.
ولم تزل على ذلك إلى أن مضى لها بعد رحيل أبيها سبعة وعشرون يوما، واعتلت العلة التي توفيت فيها فبقيت إلى يوم الأربعين، وقد صلى أمير المؤمنين (عليه السلام) صلاة الظهر وأقبل يريد المنزل إذ استقبلته الجواري باكيات حزينات، فقال (عليه السلام) لهن: ما الخبر ومالي أراكن متغيرات الوجوه والصور؟ فقالوا: يا أمير المؤمنين أدرك ابنة ابن عمك الزهراء، وما نظنك تدركها. فأقبل أمير المؤمنين (عليه السلام) مسرعاً حتى دخل عليها، وإذا بها ملقاة على فراشها، وهو من قباطي مصر، وهي تقبض يمينا وتمد شمالا، فألقى الرداء عن عاتقه، والعمامة عن رأسه، وحل أزراره، وأقبل حتى أخذ رأسها وتركه في حجره، وناداها: يا زهراء فلم تكلمه، فناداها: يا بنت محمد المصطفى فلم تكلمه، فناداها: يا بنت من حمل الزكاة في طرف ردائه وبذلها على الفقراء فلم تكلمه، فناداها: يا بنت من صلى بالملائكة في السماء مثنى مثنى فلم تكلمه، فناداها: يا فاطمة كلميني فأنا ابن عمك علي بن أبي طالب. قال: ففتحت عينيها في وجهه ونظرت إليه وبكت وبكى وقال: ما الذي تجدينه فأنا ابن عمك علي بن أبي طالب؟ فقالت: يا ابن العم اني أجد الموت الذي لابد منه ولا محيص عنه، وأنا أعلم انك بعدي لا تصبر على قلة التزويج، فإن أنت تزوجت امرأة اجعل لها يوما وليلة واجعل لأولادي يوما وليلة، يا أبا الحسن ولا تصح في وجوههما فيصبحان يتيمين غريبين منكسرين، فإنهما بالأمس فقدا جدهما واليوم يفقدان أمهما، فالويل لامة تقتلهما وتبغضهما، ثم أنشأت تقول:
ابكني إن بكيت يا خير هادي * واسبل الدمع فهو يوم الفراق
يا قرين البتول أوصيك بالنسل * فقد أصبحا حليف اشتياق
ابكني وابك لليتامى ولا تنس * قتيل العدى بطف العراق
فارقوني فأصبحوا يتامى حيارى * يخلف الله فهو يوم الفراق
قالت: فقال لها علي (عليه السلام): من أين لك يا بنت رسول الله هذا الخبر، والوحي قد انقطع عنا؟ فقالت: يا أبا الحسن رقدت الساعة فرأيت حبيبي رسول الله (صلى الله عليه وآله) في قصر من الدر الأبيض، فلما رآني قال: هلمي إلي يا بنية فإني إليك مشتاق، فقلت: والله اني لأشد شوقا منك إلى لقائك، فقال: أنت الليلة عندي، وهو الصادق لما وعد والموفي لما عاهد، فإذا أنت قرأت "يس" فاعلم اني قد قضيت نحبي فغسلني ولا تكشف عني فإني طاهرة مطهرة، وليصل علي معك من أهلي الأدنى فالأدنى، ومن رزق أجري، وادفني ليلا في قبري، بهذا أخبرني حبيبي رسول الله (صلى الله عليه وآله). فقال علي (عليه السلام): والله لقد أخذت في أمرها، وغسلتها في قميصها ولم أكشفه عنها، فوالله لقد كانت ميمونة طاهرة مطهرة، ثم حنطتها من فضلة حنوط رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكفنتها وأدرجتها في أكفانها.
* اللمعة البيضاء - بتصرّف
تفقهوا في دين الله...
عن الإمام موسى الكاظم عليه السلام أنّه قال: "تفقّهوا في دين الله، فإنّ الفقه مفتاح البصيرة، وتمام العبادة، والسبب إلى المنازل الرفيعة والرتب الجليلة في الدين والدنيا... ومَن لم يتفقّه في دينه لم يرضَ الله له عملاً"[1].
تمهيد
الفقه: الفهم والفطنة، يُقال: يفقه الخير والشرّ، أي يفهمه، ففي المصباح المنير: "الفقه فهم الشيء، وكلّ علم بشيء، فهو فقه له"[2]، وتقول العرب: أُوتي فلان فقهاً في الدين، أي فهماً له. وقد ورد في القرآن الكريم استعمال الفقه بمعنى الفهم، قال الله -تعالى-: ﴿قَالُواْ يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِّمَّا تَقُولُ﴾[3] و﴿وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ﴾[4]، أي لا تفهمون تسبيحهم.
وفي لسان العرب: "الفِقه، العلم بالشيء والفهم له"[5]، وفي القاموس المحيط: "الفِقه (بالكسر)، العلم بالشيء والفهم له والفطنة، وغَلَبَ على علم الدين لشرفه..."[6].
والفِقْه، العلم بأحكام الشريعة، يُقال: فَقَهَ الرجل فقاهةً: إذ صار فقيهاً، وفقِهَ: أي فهِم فقهاً، وفقِهَهُ: أي فهمَهُ، وتفقَّه، إذا طلبَه فتخصَّص به، قال - تعالى -: ﴿لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي ٱلدِّينِ﴾[7].[8]
1- الحثّ على التفقّه في القرآن[9]
قال الله - تعالى -: ﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾[10].
لا شكّ أنّ المقصود من التفقّه في الدين هو تحصيل المعارف والأحكام الإسلاميّة، وهي أعمّ من الأصول والفروع، لأنّ هذه الأمور كلّها قد جُمعت في مفهوم التفقّه. وعليه، فإنّ هذه الآية دليل واضح على وجوب توجّه فئة من المسلمين وجوباً كفائيّاً على الدوام لتحصيل العلوم في مختلف المجالات الإسلاميّة، وبعد الفراغ من التحصيل العلميّ يرجعون إلى مختلف البلدان، وخصوصاً بلدانهم وأقوامهم، ويعلّمونهم مختلف المسائل الإسلاميّة[11].
دلّت الآية على وجوب تعلّم الأحكام لغاية الإنذار والإرشاد بالنسبة إلى القوم الذين لا يعلمون، فيجب إرشاد الجاهل على العالم بحكم الآية الكريمة. ومن المعلوم أنّ الآية تكون في مقام بيان غائيّة العمل، أي الإنذار غايةً للتفقّه، فتفيد وجوب الإرشاد قطعاً، كما قال السيّد الخوئيّ قدس سره: "أمّا الأحكام الكلّيّة الإلهيّة، فلا ريب في وجوب إعلام الجاهل بها، لوجوب تبليغ الأحكام الشرعيّة على الناس، جيلاً بعد جيل إلى يوم القيامة، وقد دلّت عليه آية النفر، والروايات الواردة في بذل العلم وتعليمه وتعلّمه"[12].
2- التفقّه في الدين
ورد في فضل التفقّه وأهمّيّته والحثّ عليه، والنهي عن تركه، الكثير من الروايات الشريفة:
أ- الأمر بالتفقّه في الدين
روي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال: "إذا تفقّهت، فتفقّه في دين الله"[13].
وعن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: "ليت السيّاط على رؤوس أصحابي حتّى يتفقّهوا في الحلال والحرام"[14].
ب- ذمّ ترك التفقّه في الدين
روي عن النبيّ الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "أفٍّ لكلّ مسلم لا يجعل في كلّ جمعة الأسبوع يوماً يتفقّه فيه أمر دينه، ويسأل عن دينه"[15].
وعن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: "تفقّهوا في دين الله، ولا تكونوا أعراباً، فإنّ من لم يتفقّه في دين الله لم ينظر الله إليه يوم القيامة، ولم يزكِّ عمله"[16].
وعنه عليه السلام قوله أيضاً: "لا خير فيمن لا يتفقّه من أصحابنا يا بشير، إنّ الرجل منهم إذا لم يستغنِ بفقهه، احتاج إليهم، فإذا احتاج إليهم أدخلوه في باب ضلالتهم، وهو لا يعلم"[17].
ج- فضل التفقّه في الدين
- أفضل العبادة: روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "أفضل العبادة الفقه، وأفضل الدين الورع"[18].
- الخير من الله: عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: "إذا أراد الله بعبدٍ خيراً فقّهه في الدين"[19].
- من الكمال: عن الإمام الباقر عليه السلام أنّه قال: "الكمال كلّ الكمال التفقّه في الدين، والصبر على النائبة وتقدير المعيشة"[20].
الرجوع إلى الفقهاء
أمرت الروايات الواردة عن أهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام بالرجوع إلى الفقهاء، ممّن قيّض الله فيهم روح الاجتهاد في العلم، والتفقّه في الدين، واتّصفوا بالعدالة، ليكونوا مصابيح للهداية، ونذراً للحقّ، فيرجع المسلمون إليهم، فهم حفظة التراث، وحملة الشريعة، وخزّان العلم، والأمناء على القيادة الإسلاميّة.
وقد ورد عن الإمام الحسن العسكريّ عليه السلام أنّه قال: "فأمّا من كان من الفقهاء صائناً لنفسه، حافظاً لدينه، مخالفاً على هواه، مطيعاً لأمر مولاه، فللعوام أن يقلِّدوه، وذلك لا يكون إلّا بعض فقهاء الشيعة، لا جميعهم..."[21].
3- خصائص التفقّه وآثاره
يظهر من الروايات وجود العديد من الخصائص الخاصّة بالفقيه، إلى جانب العديد من الآثار التي ينبغي أن تنعكس على سلوك المتفقّه في دين الله - تعالى -، منها:
أ- القصد في العمل: عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "ما ازداد عبد قطّ فقهاً في دينه، إلّا ازداد قصداً في عمله"[22].
ب- إصلاح المعيشة: فعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلمأنّه قال: "من فقه الرجل أن يصلح معيشته..."[23].
ج- الورع: فعن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال: "الورع شيمة الفقيه"[24].
د- عدم الغرور: فعن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال: "إنّ من الحقّ أن تتفقّهوا، ومن الفقه أن لا تغترّوا"[25].
هـ- الحلم والقصد في الكلام: فعن الإمام الرضا عليه السلام أنّه قال: "من علامات الفقه الحلم والعلم والصمت"[26].
4- التفقّه روح العبادة
ترتبط العبادة بالعلم ومعرفة الله - تعالى - ارتباطاً وثيقاً، وهو ما نجده في العديد من الروايات التي قرنت بين التفقّه والعبادة، فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "قليل الفقه خير من كثير العبادة"[27].
وعن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال: "لا خير في عبادة ليس فيها تفقّه، ولا خير في علم ليس فيه تفكّر، ولا خير في قراءة ليس فيها تدبّر"[28]، "ولا عبادة إلّا بتفقّه"[29]، كما عن الإمام زين العابدين عليه السلام.
خاتمة
التفقّه في الدين من القضايا التي أرسل الله - تعالى- الأنبياء لأجلها، حيث كلّفهم بالدعوة إلى الدين، وتعليم الناس أحكام الله - تعالى -، كي يتفقّهوا في الدين، ويستقيم سلوكهم، وينظّموا علاقتهم بالله - تعالى -.
ولا يقصد بالتفقّه أن يتفرّغ الناس جميعاً لدراسة العلوم الدينيّة والفقه بالمصطلح المتداول، بل المراد أن يتفقّه الناس بالمقدار اللازم من الدين، فيتعلّمون من العقيدة ما يصحّح إيمانهم واعتقادهم وفكرهم، ويتعلّمون من الفقه ما ينظّم عباداتهم وعلاقتهم بالله والناس، ومن الأخلاق ما يزكّي النفس ويهذّب السلوك.
الإنسان والمجتمع، دار المعارف الإسلامية الثقافية
[1] العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، مصدر سابق، ج78، ص321.
[2] أحمد بن محمّد المقريّ الفيوميّ، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير للرافعيّ، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، لا.ت، لا.ط، ج2، ص154.
[3] سورة هود، الآية 91.
[4] ابن منظور، العلّامة محمّد بن مكرم الإفريقيّ المصريّ، لسان العرب، نشر أدب الحوزة، إيران - قم، 1405ه، لا.ط، ج12، مادّة فقه.
[5] سورة الإسراء، الآية 44.
[6] الفيروز آبادي، الشيخ مجد الدين محمّد بن يعقوب الشيرازيّ، القاموس المحيط، دار العلم للجميع، لبنان - بيروت، لا.ت، لا.ط، ج4، ص289.
[7] سورة التوبة، الآية 122.
[8] الراغب الأصفهانيّ، أبو القاسم الحسين بن محمّد، مفردات ألفاظ القرآن، تحقيق صفوان عدنان داوودي، طليعة النور، لا.م، 1427ه، ط2، ص1421
[9] راجع: سورة الأنعام، الآيتان 65 و 98.
[10] سورة التوبة، الآية 122.
[11] الشيرازيّ، الشيخ ناصر مكارم، الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، لا.ن، لا.م، لا.ت، لا.ط، ج6، ص269.
[12] الخوئيّ، السيّد أبو القاسم الموسويّ، مصباح الفقاهة، مكتبة الداوري، إيران - قم، لا.ت، ط1، ج1، ص 122.
[13] الحرّانيّ، الشيخ ابن شعبة، تحف العقول عن آل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، تصحيح وتعليق علي أكبر الغفاري، مؤسّسة النشر الإسلاميّ التابعة لجماعة المدرِّسين بقم المشرَّفة، إيران - قم، 1404ه - 1363ش، ط2، ص410.
[14] الشيخ الكلينيّ، الكافي، مصدر سابق، ج1، ص31.
[15] العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، مصدر سابق، ج1، ص176.
[16] الشيخ الكلينيّ، الكافي، مصدر سابق، ج1، ص31.
[17] المصدر نفسه، ص33.
[18] الصدوق، الشيخ محمّد بن عليّ بن بابويه، الخصال، تصحيح وتعليق علي أكبر الغفاري، مؤسّسة النشر الإسلاميّ التابعة لجماعة المدرِّسين بقم المشرَّفة، إيران - قم، 1403ه - 1362ش، لا.ط، ص30.
[19] الشيخ الكلينيّ، الكافي، مصدر سابق، ج1، ص32.
[20] الشيخ الكليني، الكافي، مصدر سابق، ج1، ص32.
[21] الطبرسيّ، الشيخ أبي منصور أحمد بن عليّ بن أبي طالب، الاحتجاج، تعليق السيّد محمّد باقر الخرسان، دار النعمان للطباعة والنشر، العراق - النجف الأشرف، 1386ه - 1966م، لا.ط، ج2، ص264.
[22] الشيخ محمّد الريشهريّ، ميزان الحكمة، تحقيق ونشر دار الحديث، لا.م، لا.ت، ط1، ج3، ص2455.
[23] المصدر نفسه.
[24] التميميّ الآمديّ، عبد الواحد بن محمّد، غرر الحكم ودرر الكلم، تحقيق وتصحيح السيّد مهدي رجائي، نشر دار الكتاب الإسلاميّ، إيران- قم، 1410ه، ط2، ص995.
[25] الشيخ المحموديّ، نهج السعادة في مستدرك نهج البلاغة، مؤسّسة الأعلميّ للمطبوعات، لبنان - بيروت، لا.ت، لا.ط، ج3، ص29.
[26] المفيد، الشيخ محمّد بن محمّد بن النعمان، الاختصاص، تحقيق علي أكبر الغفاري والسيّد محمود الزرنديّ، دار المفيد للطباعة والنشر والتوزيع، لبنان - بيروت، 1414ه - 1993م، ط2، ص232 .
[27] الريشهريّ، ميزان الحكمة، مصدر سابق، ج3، ص2459.
[28] الحرّانيّ، تحف العقول، مصدر سابق، ص204.
[29] العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، مصدر سابق، ج70، ص204.
المعاد
1- آيات قرآنية:
1 ـ ﴿إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا وَعْدَ اللهِ حَقًّا إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُه﴾([1]).
عن الإمام علي بن الحسين «عليه السلام»: والعجب كل العجب لمن أنكر النشأة الأخرى، وهو يرى النشأة الأولى([2]).
2 ـ ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ﴾([3]).
حكمة الله وعدله قضت بحياة أخرى، يكون فيها الحساب، ويُنتصر للمظلوم من الظالم. وليس الله بغافل عمّا يعمل الظالمون، ولا هو مخلفٌ ما أتى به الرسل، وإنما اقتضت حكمته أن يؤخِّر عقابهم ليوم مخيف، تسكن فيه الأبصار ولا تغمض لشدة ما ترى.
3 ـ ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ﴾([4]).
إنّه توبيخ يشمل المنكرين والغافلين عن يوم القيامة، وتذكيرهم بأن الله لم يخلق الخلق عبثاً ولغواً ولم يتركهم سدى، بل سيبعثهم ويرجعون إليه للحساب، لأن الله منزّه عن العبث والباطل.
4 ـ ﴿ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ﴾([5]).
بيان لعظيم التدبير الإلهي، وإنّ مسار الإنسان لا محالة إلى الموت، ثم يبعث يوم القيامة للسؤال والجزاء.
5 ـ ﴿لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَ﴾([6]).
لقد لبث أصحاب الكهف في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعاً، ثمّ بعثهم الله من رقدتهم الطويلة، وأطلع الناس عليهم، ليعلم المكذبون بالبعث أن وعد الله حق، وأن البعث والحساب واقعان لا محالة.
6 ـ ﴿وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ﴾([7]).
إنّ اقتران الإيمان باليوم الآخِر بالإيمان بالله، تدليلٌ على عظمة وجوب الإيمان به.
7 ـ ﴿يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُم * فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه﴾([8]).
يوم القيامة يخرج الناس من قبورهم متفرقين، حسب أعمالهم ومراتبهم لِيُجَازَوا بما يستحقون.
8 ـ ﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاء اللهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُم قِيَامٌ يَنظُرُونَ﴾([9]).
نفخة الصعق هي من المراحل الأولى للقيامة وتأتي بغتة، يموت فيها كل ذي روح في السماوات والأرض، إلا ما شاء الله، ثم تكون نفخة البعث، حيث يُبعث الأموات، ثمّ يحشرون إلى أرض المحشر ينتظرون حكم الله فيهم.
9 ـ ﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ﴾([10]).
النفخ في الصور كناية عن صيحة الإحياء، والبعث من القبور، وهي من أهوال يوم القيامة، ويحصل ذلك بغتة أيضاً، حيث يخرجون من قبورهم مسرعين إلى المحشر، ويتعجب الذين كانوا يُنكرون البعث بعد الموت من إحيائهم مقرّين بأنّ البعث والحساب حق.
روايات معتـبرة ســـنداً:
1 ـ روى الشيخ الصدوق عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن إبراهيم بن هاشم، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن محمد بن قيس، قال:
قال أبو جعفر «عليه السلام»: كان أمير المؤمنين «عليه السلام» بالكوفة إذا صلى العشاء الآخرة ينادي الناس ثلاث مرات حتى يسمع أهل المسجد:
أيها الناس، تجهزوا رحمكم الله، فقد نودي فيكم بالرحيل.
...واعلموا أن طريقكم إلى المعاد، وممركم على الصراط([11]).
2 ـ روى الشيخ الكليني عن عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيه عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ قَالَ:
سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ «عليه السلام» يَقُولُ: عَجَبٌ كُلُّ الْعَجَبِ لِمَنْ أَنْكَرَ الْمَوْتَ، وهُوَ يَرَى مَنْ يَمُوتُ كُلَّ يَوْمٍ ولَيْلَةٍ، والْعَجَبُ كُلُّ الْعَجَبِ لِمَنْ أَنْكَرَ النَّشْأَةَ الأُخْرَى وهُوَ يَرَى النَّشْأَةَ الأُولَى([12]).
3 ـ روى الشيخ الكليني عن مُحَمَّدِ بْن يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُصَدِّقِ بْنِ صَدَقَةَ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ مُوسَى، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله «عليه السلام» قَالَ:
سُئِلَ عَنِ الْمَيِّتِ يَبْلَى جَسَدُه؟
قَالَ: نَعَمْ، حَتَّى لَا يَبْقَى لَه لَحْمٌ ولَا عَظْمٌ، إِلَّا طِينَتُه الَّتِي خُلِقَ مِنْهَا، فَإِنَّهَا لَا تُبْلَى تَبْقَى فِي الْقَبْرِ مُسْتَدِيرَةً حَتَّى يُخْلَقَ مِنْهَا كَمَا خُلِقَ أَوَّلَ مَرَّةٍ([13]).
4 ـ روى الشيخ الصدوق عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد، عن أبيه، عن محمد بن يحيى، عن حماد بن عثمان، عن أبي عبد الله «عليه السلام» أنه قال لرجل:
يا فلان، مالك ولأخيك؟
قال: جعلت فداك، كان لي عليه شيء، فاستقصيت في حقي.
فقال أبو عبد الله «عليه السلام»: أخبرني عن قول الله عز وجل: ﴿وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ﴾، أتراهم خافوا أن يجور عليهم أو يظلمهم؟ لا، ولكنهم خافوا الإستقصاء والمداقة([14]).
5 ـ روى الشيخ الصدوق بالأسانيد الثلاثة([15]) (معتبرة الإسناد) عن الرضا «عليه السلام» عن آبائه قال:
قال رسول الله «صلى الله عليه وآله»: إن الله عز وجل يحاسب كل خلق إلا من أشرك بالله، فإنه لا يحاسب يوم القيامة، ويؤمر به إلى النار([16]).
6 ـ روى الشيخ الطوسي عن المفيد، عن أَبي غَالِبٍ أَحْمَد بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّرَارِيّ، عن عَلِيّ بْن سُلَيْمَانَ بْنِ الْجَهْمِ، عن أَبي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّد بْن خَالِدٍ الطَّيَالِسِيّ، عن الْعَلَاء بْن رَزِينٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِم الثَّقَفِيِّ، قَالَ:
سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ «عَلَيْهِمَا السَّلَامُ» عَنْ قَوْلِ اللهِ (عَزَّ وجَلَّ): ﴿فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيم﴾، فَقَالَ «عَلَيْهِ السَّلَامُ»:
يُؤْتَى بِالْمُؤْمِنِ الْمُذْنِبِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُقَامَ بِمَوْقِفِ الْحِسَابِ، فَيَكُونُ اللهُ (تَعَالَى) هُوَ الَّذِي يَتَوَلَّى حِسَابَهُ، لَا يُطْلِعُ عَلَى حِسَابِهِ أَحَداً مِنَ النَّاسِ، فَيُعَرِّفُهُ ذُنُوبَهُ حَتَّى إِذَا أَقَرَّ بِسَيِّئَاتِهِ، قَالَ اللهُ (عَزَّ وجَلَّ) لِمَلَائِكَتِهِ: بَدِّلُوهَا حَسَنَاتٍ، وأَظْهِرُوهَا لِلنَّاسِ. فَيَقُولُ النَّاسُ حِينَئِذٍ: مَا كَانَ لِهَذَا الْعَبْدِ سَيِّئَةٌ وَاحِدَةٌ، ثُمَّ يَأْمُرُ اللَهُ بِهِ إِلَى الْجَنَّةِ، فَهَذَا تَأْوِيلُ الْآيَةِ، وهِيَ فِي الْمُذْنِبِينَ مِنْ شِيعَتِنَا خَاصَّةً([17]).
7 ـ روى الشيخ الكليني عن عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيه، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ مُسْكَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ:
سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ الله «عليه السلام» عَنْ قَوْلِ الله عَزَّ وجَلَّ: ﴿سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِه يَوْمَ الْقِيامَةِ﴾، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، مَا مِنْ أَحَدٍ يَمْنَعُ مِنْ زَكَاةِ مَالِه شَيْئاً، إِلَّا جَعَلَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ ذَلِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُعْبَاناً مِنْ نَارٍ مُطَوَّقاً فِي عُنُقِه يَنْهَشُ مِنْ لَحْمِه حَتَّى يَفْرُغَ مِنَ الْحِسَابِ، ثُمَّ قَالَ هُوَ قَوْلُ الله عَزَّ وجَلَّ: ﴿سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِه يَوْمَ الْقِيامَةِ﴾ يَعْنِي مَا بَخِلُوا بِه مِنَ الزَّكَاةِ([18]).
8 ـ روى الشيخ الطوسي عن الْحُسَيْن بْن سَعِيدٍ، عَنْ فَضَالَةَ، عَنْ حُسَيْنِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ سَمَاعَةَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ «عليه السلام» يَقُولُ: إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ، الصَّلَاةُ، فَإِنْ قُبِلَتْ قُبِلَ مَا سِوَاهَا([19]).
9 ـ روى الشيخ الكليني عن عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيه، ومُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيلَ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ جَمِيعاً، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله «عليه السلام» قَالَ:
إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ يَقُومُ عُنُقٌ مِنَ النَّاسِ، فَيَأْتُونَ بَابَ الْجَنَّةِ، فَيَضْرِبُونَه، فَيُقَالُ لَهُمْ: مَنْ أَنْتُمْ؟ فَيَقُولُونَ: نَحْنُ أَهْلُ الصَّبْرِ، فَيُقَالُ لَهُمْ: عَلَى مَا صَبَرْتُمْ؟ فَيَقُولُونَ: كُنَّا نَصْبِرُ عَلَى طَاعَةِ الله، ونَصْبِرُ عَنْ مَعَاصِي اللَه، فَيَقُولُ اللهُ عَزَّ وجَلَّ: صَدَقُوا، أَدْخِلُوهُمُ الْجَنَّةَ، وهُوَ قَوْلُ الله عَزَّ وجَلَّ: ﴿إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ﴾([20]).
10 ـ روى الشيخ الكليني عَنْ عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيه، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُمَرَ الْيَمَانِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ «عليه السلام» قَالَ:
كُلُّ عَيْنٍ بَاكِيَةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غَيْرَ ثَلَاثٍ: عَيْنٍ سَهِرَتْ فِي سَبِيلِ اللهِ، وعَيْنٍ فَاضَتْ مِنْ خَشْيَةِ الله، وعَيْنٍ غُضَّتْ عَنْ مَحَارِمِ الله([21]).
11 ـ روى الشيخ الكليني عن مُحَمَّد بْن يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ، عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ «عليه السلام» يَقُولُ: إِنَّ اللَه ثَقَّلَ الْخَيْرَ عَلَى أَهْلِ الدُّنْيَا، كَثِقْلِه فِي مَوَازِينِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وإِنَّ اللَه عَزَّ وجَلَّ خَفَّفَ الشَّرَّ عَلَى أَهْلِ الدُّنْيَا، كَخِفَّتِه فِي مَوَازِينِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ([22]).
12 ـ روى الشيخ الصدوق عن أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني، عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، قال:
سمعت موسى بن جعفر «عليه السلام» يقول: لا يُخلّد الله في النّار إلا أهل الكفر والجحود، وأهل الضلال والشرك، ومن اجتنب الكبائر من المؤمنين لم يُسأَل عن الصغائر، قال الله تبارك وتعالى: ﴿إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمً﴾([23]).
13 ـ روى الشيخ الكليني عن عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيه، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ الله «عليه السلام» قَالَ:
إِنَّ فِي جَهَنَّمَ لَوَادِياً لِلْمُتَكَبِّرِينَ يُقَالُ لَه: سَقَرُ، شَكَا إِلَى الله عَزَّ وجَلَّ شِدَّةَ حَرِّه وسَأَلَه أَنْ يَأْذَنَ لَه أَنْ يَتَنَفَّسَ، فَتَنَفَّسَ فَأَحْرَقَ جَهَنَّمَ([24]).
14 ـ روى الشيخ الكليني عن عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيه، عَنِ النَّوْفَلِيِّ، عَنِ السَّكُونِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله «عليه السلام» قَالَ:
قَالَ رَسُولُ الله «صلى الله عليه وآله»: مَنْ تَرَكَ مَعْصِيَةً لِلهِ مَخَافَةَ الله تَبَارَكَ وتَعَالَى، أَرْضَاه اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ([25]).
15 ـ روى الشيخ الكليني عن عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيه، ومُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيلَ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ جَمِيعاً، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ «عليه السلام» قَالَ:
سَمِعْتُه يَقُولُ: إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، جَمَعَ اللُه تَبَارَكَ وتَعَالَى الأَوَّلِينَ والآخِرِينَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ: أَيْنَ أَهْلُ الْفَضْلِ؟
قَالَ: فَيَقُومُ عُنُقٌ مِنَ النَّاسِ، فَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ، فَيَقُولُونَ: ومَا كَانَ فَضْلُكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: كُنَّا نَصِلُ مَنْ قَطَعَنَا، ونُعْطِي مَنْ حَرَمَنَا، ونَعْفُو عَمَّنْ ظَلَمَنَا، قَالَ: فَيُقَالُ لَهُمْ: صَدَقْتُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ([26]).
هذه عقيدتنا في المعـــاد:
يجب الإعتقاد بالمعاد، وأنّ الله تعالى سيبعث النّاس بأجسادهم وأرواحهم بعد موتهم يوم القيامة.. ويجمعهم، ويريهم أعمالهم، ويحاسبهم عن الصغيرة والكبيرة، ولا يظلم مثقال ذرة، فيثيب من أطاعه ويعاقب من عصاه، ويغفر لمن يشاء.
ومن أهوال يوم القيامة، زمن ذلك اليوم العظيم: ﴿فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ﴾([27]).
وورد: أنّ في القيامة خمسين موقفاً، مقدار كل موقف ألف سنة، وأنّ ذلك اليوم يُخفّف عن المؤمن، حتى يكون أخفّ من صلاة مكتوبة.
وإنَّ قيام الساعة لا يكون إلا بغتة، وما علمها إلاّ عند الله تعالى.
وفي مراحل القيامة الأولى نفخة في الصّور للصعق والإماتة، فيموت الخلق في السموات والأرض، فلا حسّ ولا محسوس إلا من شاء الله، ثمّ تليها نفخة الإحياء والقيام لرب العالمين.
ويطول زمان ما بين النفختين إلى ما يشاء الله، وقد ورد أنّ المدة أربعون سنة، وفي نص آخر أربعمائة سنة.
وقد ثقلت الساعة في السماوات والأرض لعظمتها وثقل وقوعها وما فيها من الشدائد، من حساب وعقاب وجزاء الخ..
يومئذٍ يكشف الغطاء، ويجد الكفّار أعمالهم حاضرة لا يستطيعون إخفاءها، فيتحسرون لما يرون من شدائد، وما يصيبهم من أهوال ومصائب، ويتمنون لو أنهم لم يُخلقوا وكانوا تراباً.
وأما المؤمنون ففي ظل الله آمنون، سعداء راضون، مستبشرون بما أعدّ الله لهم.
وفي القيامة حشر، وحساب، وميزان، وصراط، وشفاعة، وجنّة ونار الخ..
وهو يوم تحقّق العدل الإلهي، فلا يكون المحسنون كالمفسدين، ولا المتقون كالفجّار.
قال تعالى: ﴿فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ﴾([28])
وقال سبحانه: ﴿فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ﴾([29]).
والخلود في النار يختص بأهل الكفر والشرك بالله.
أما المذنبون، ومرتكبو الكبائر من أهل التوحيد، فأمرهم إلى الله، فإن شاء عفا عنهم، وإن شاء عذّبهم في النّار، ولا يخلّدون فيها، وإنّما يخرجون منها بالرحمة التي تدركهم، أو الشفاعة التي تنالهم، والله غفور رحيم.
سماحة الشيخ نبيل قاووق
([1]) الآية 4 من سورة يونس.
([2]) الكافي، ج3 ص258.
([3]) الآية 42 من سورة إبراهيم.
([4]) الآية 115 من سورة المؤمنون.
([5]) الآيتان 15 و 16 من سورة المؤمنون.
([6]) الآية 21 من سورة الكهف.
([7]) الآية 177 من سورة البقرة.
([8]) الآيات 6 ـ 8 من سورة الزلزلة.
([9]) الآية 68 من سورة الزمر.
([10]) الآية 51 من سورة يس.
([11]) أمالي الصدوق، ص402، وبحار الأنوار، ج68 ص263.
([12]) الكافي، ج3 ص258، ومرآة العقول، ج14 ص257.
([13]) الكافي ج3 ص251 ومرآة العقول ج14 ص240.
([14]) معاني الأخبار للصدوق ص247.
([15]) الأسانيد الثلاثة للشيخ الصدوق عن الرضا «عليه السلام»:
1 ـ أبو الحسن محمد بن علي عن أبي بكر بن محمد بن عبد الله النيسابوري عن أبي القاسم عبد الله بن أحمد عن أبيه ..
2 ـ أبو منصور بن إبراهيم عن أبي اسحاق إبراهيم بن هارون عن جعفر بن محمد عن أحمد بن عبد الله الهروي ..
3 ـ أبو عبد الله الحسين بن محمد الأشناني عن علي بن محمد بن مهروية عن داوود بن سليمان الفراء ..
([16]) عيون أخبار الرضا، ج2 ص37، وبحار الأنوار، ج7 ص260.
([17]) أمالي الطوسي، ص72، وبحار الأنوار، ج7 ص262.
([18]) الكافي، ج3 ص502، ومرآة العقول، ج16 ص13.
([19]) تهذيب الأحكام، ج2 ص239، وبحار الأنوار، ج7 ص268، والكافي، ج3 ص268.
([20]) الكافي، ج2 ص75، وبحار الأنوار، ج67 ص101.
([21]) الكافي، ج2 ص80، وبحار الأنوار، ج7 ص195.
([22]) الكافي، ج2 ص143، وبحار الأنوار، ج68 ص225.
([23]) التوحيد للصدوق، ص408، وبحار الأنوار، ج8 ص351.
([24]) الكافي، ج2 ص310، وبحار الأنوار، ج70 ص218.
([25]) الكافي، ج2 ص81، ومرآة العقول للمجلسي، ج8 ص78.
([26]) الكافي، ج2 ص107، ومرآة العقول للمجلسي، ج8 ص194.
([27]) سورة المعارج الآية 4.
([28]) سورة هود الآية 105.
([29]) سورة الشورى الآية 7.
الكوابيس مفيدة لصحتك.. تعرف أكثر..
سواء كنت تنام بشكل مريح أو بتململ، من المحتمل أنك استيقظت في إحدى الليالي وأنت تتصبب عرقا وقلبك يرتجف خوفا، ولم تتنفس الصعداء إلا حين أدركت أن الشخص الذي كان يطاردك في زقاق مظلم كان جزءا من مجرد كابوس مزعج.
وفي تقريرها الذي نشره موقع "ميديوم" الأميركي، قالت الكاتبة تيسا لوف إنه من الشائع أن تجعلك الأحلام المزعجة تستيقظ من نومك وأنت تشعر بالخوف، فقد أكدت الجمعية الأميركية لطب النوم أن نحو 85% من البالغين يرون كوابيس من حين لآخر، وهي عبارة عن أحلام قوية ومزعجة تثير مشاعر التهديد أو القلق أو الخوف أو مشاعر سلبية أخرى.
وتعد الكوابيس من مظاهر النوم الطبيعية، وإن كانت تثير الرعب في نفوسنا قليلا، لكن انتشارها يثير سؤالا مهما: هل هناك سبب يجعل عقولنا تضعنا في هذه السيناريوهات المخيفة؟
أوردت الكاتبة أن الخبراء يعتقدون أن الكوابيس تؤدي هدفا معينا. ورغم عدم وجود نظرية واحدة وموحدة تحدد ماهية هذا الهدف، فإن الأبحاث أظهرت بشكل متزايد أن الكوابيس يمكن أن تساعد الأشخاص على تحسين حياتهم حين يكونون مستيقظين.
أمام هذا الأمر، قالت ديردري باريت، وهي عالمة نفس أميركية وأستاذة بجامعة هارفارد ومؤلفة كتاب "لجنة النوم"؛ "إن محتوى الحلم يدخل في دوائر متكررة بالطريقة ذاتها التي يعمل بها تفكيرنا اليقظ. كل ما تفكر فيه أو تكافح من أجله أثناء الاستيقاظ يميل إلى الظهور في هذه الحالة بشكل أكثر مجازا، ويكون بصريا أكثر وأقل شفوية".
وأضافت باريت أن الكوابيس هي طريقة العقل في "توقع الأمور السيئة بطريقة مثيرة للقلق ومحاولة التفكير فيما يجب فعله".
رد فعل
من جهة أخرى، يعتقد العديد من الخبراء -بما في ذلك باريت- أن الكوابيس تطورت كرد فعل عصبي تجاه التهديدات التي تفرضها الحياة والنظام الاجتماعي.
وأوضحت باريت أن "رؤية كابوس متكرر لصدمة ما يساعد في إبقائك على أهبة الاستعداد، لكن في مجتمع اليوم ليست هذه هي الحال، لكن لا يزال لدينا تلك الآلية الغريزية".
وأشارت الكاتبة إلى أن هذه الغريزة قد تكون مسؤولة عن نوع الكوابيس التي يكون ضررها طفيفا، أي تلك التي تسببها اضطرابات ما بعد الصدمة. وعلى عكس الكوابيس العادية، غالبا تحدث الكوابيس الناتجة عن اضطراب ما بعد الصدمة خارج مرحلة نوم حركة العين السريعة، وهي حالة النوم العميق التي تحدث فيها معظم الأحلام العادية.
ورغم أن الكوابيس العادية تكون غالبا سيناريوهات مكتملة ولا تؤثر على حياة الحالمين عند استيقاظهم، فإن الأشخاص الذين يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة يكونون أكثر عرضة لرؤية كوابيس مزعجة للغاية، والتي تعد إعادة تمثيل لصدمة حقيقية مروا بها.
وذكرت الكاتبة أن مجموعة متنوعة من الكوابيس تظهر المخاطر المحتملة للشخص الحالم، وقد تكون أو لا تكون لها علاقة بما يخافونه في الحياة اليومية.
ويقول جون آلان هوبسون، وهو طبيب نفسي في كلية الطب بجامعة هارفارد، إن وجود غريزة الحلم هذه ما زال يعد جانبا رئيسيا لسلامة حياتنا في اليقظة. بالإضافة إلى ذلك، فإن الكوابيس تعد بمثابة كيفية استجابة البشر للمحاربة أو الهروب في السيناريوهات الخطيرة في العالم الواقعي، بغض النظر عن احتمال حدوث تلك الأحداث في الحقيقة.
اعلان
ورغم أن هذه النظرية قد تبدو غير واضحة، فإن دراسة حديثة وجدت أن الكوابيس يمكن أن تساعد في الواقع في التخفيف من حدة القلق حول مواقف الحياة الواقعية عبر العمل كتمرين عاطفي.
تعديل الخوف
وأجرى الدراسة باحثون من جامعة جنيف وجامعة ويسكونسن والمستشفيات الجامعية في جنيف، ووجدوا أن الشعور بالخوف في الأحلام يمكن أن يساعد في تعديل الخوف في حياة اليقظة.
ونوهت الكاتبة إلى أن هذه النظرية ليست صحيحة تماما؛ فقد خلصت بعض الدراسات إلى أن الكوابيس من الممكن أن تغذي القلق بدل الحد منه. فعلى سبيل المثال، حللت دراسة نشرت عام 2009 أحلام ومستويات الإجهاد لدى 624 من طلاب المدارس الثانوية، ووجدت أن أولئك الذين ذكروا أنهم يشعرون بالانزعاج إزاء أحلامهم كانوا أكثر احتمالا للإبلاغ عن معاناتهم من القلق.
وفي دراسة صغيرة أخرى نشرت عام 2019، وجد الباحثون أن مناطق الدماغ المرتبطة بالعواطف السلبية في الأحلام كانت نشطة بعد مشاهدة صور مزعجة، مما يدل على أن الكوابيس يمكن أن تعزز في الواقع المعاناة في الحياة اليومية.
قد تكون الأحلام السيئة طريقة العقل للتعبير عن الحالة العاطفية السيئة. وعموما، هناك حاجة إلى مزيد من البحث حول كل هذه النظريات لكي نفهم على وجه التحديد كيفية تأثير الكوابيس على حياتنا اليومية، وكيف يمكن للناس أن يفهموا أنفسهم بشكل أفضل من خلال رؤاهم الليلية الأكثر قتامة.
المصدر:العالم
القمار
يقول تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ﴾1.
﴿إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ﴾2.
رسم الإسلام منهجاً للإنسان في معيشته هو منهج العمل والكسب الحلال، فحثّ على التجارة والعمل حتّى ورد أن النبي (صلى الله عليه وآله) قبّل يد عامل، معتبراً أنّها يدٌ يحبّها الله.
وحاولت الشريعة الحنيفة أن تبعد الإنسان عن الكسب الذي يعتقده أيسر إلا أنّ فيه شائبة السلبيات والمخاطرة، ومن هذا الكسب السلبي القمار الذي أطلق عليه أسم ميسر من اليسر، لأنه يأخذه دون جهد مع ما فيه من مخاطر وضّحها الله تعالى بقوله: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ﴾3.
المقامر بين الربح والخسارة
وإذا ربح المقامر فسينجر نحو الفساد وارتياد الملاهي، ﴿وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ﴾4؛ لأن كسبه من غير جهد يدفعه نحو ذلك، والمثل يقول: "ما جاءت به الريح، تذهب به الريح".
فمن لا يشعر بتعب المال لا يبالي به أين يذهب .
وإذا خسر المقامر فإنه سيحقد على الرابح الذي أخذ منه ماله بيسر، وقد لا يتوانى عن أيّ عمل ينطلق من الحقد ولو كان جريمة كما يحصل في أحيان كثيرة.
في الولايات المتحدة الأميركية تقرير أنّه كل ثانية تحدث جريمة عنف، وأنّ 30 % من الجرائم المرتكبة هي بسبب القمار.
ما هو القمار المحرّم؟
الإمام الهادي (عليه السلام) يجيب: "كل ما قومر به فهو الميسر"5.
وقيل لرسول الله (صلى الله عليه وآله): "ما الميسر، فقال(صلى الله عليه وآله): " كل ما تقومر به، حتى الكعاب والجوز"6.
قال أحدهم للإمام الصادق (عليه السلام): "الصبيان يلعبون بالجوز والبيض ويقامرون؟ فقال(عليه السلام): لا تأكل منه فإنه حرام"7.
القمار وأسوار الحرمة
في رواية عن الإمام الباقر(عليه السلام) بعد أن عدّد أنواع ادوات القمار: "وكل هذا بيعه وشراؤه، والانتفاع بشيء من هذا حرام..."8.
كما أفتى مشهور الفقهاء بحرمة التسلية بأدوات القمار كورق الشدّة حتى الكمبيوتر كما أفتّى بذلك بعض الفقهاء، والحكمة من ذلك أن الإسلام وضع أسواراً محرّمة أمام المحرّم الأشدّ، كما حرّم النظر بشهوة، ولمس الأجنبية، والخلوة كأسوار حرام أمام المحرّم الأشدّ وهو الزنا.
فلو كانت هذه الأسوار مباحة، فاقتحم النظرة والخلوة واللمسة على أساس الحلية، فسيكون حاله بعد ذلك كحال من وصفه الشاعر بقوله:
ألقاه في اليمّ مكتوفاً وقال له إياك إياك أن تبتل بالماء9.
وهكذا حال من يلعب بأدوات القمار عن تسلية، فإن انشداده إلى ذلك قد يشدّه نحو القمار.
فضلاً عن أنّ ذلك يصدّه عن سبب سعادته المتحقّق بذكر الله والذي به تطمئن القلوب ﴿أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوب﴾10 وهذا ما ألفت إليه القرآن الكريم بقوله: ﴿وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ﴾11 .
لقد أراد الإسلام للإنسان أن لا يترك نفسه لساحة لهوٍ تُفسد حياته وتحول بينه وبين التركيز على الأولويات في هذه الحياة : ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلً﴾12. سواء على مستوى تزكيّة النفس أو الاهتمام بقضايا المجتمع والأمّة.
سماحة الشيخ د. أكرم بركات
1- البقرة 219.
2- المائدة، 90.
3- المائدة، 91.
4- المائدة، 91.
5- الحر العاملي، وسائل الشيعة، 7 17، ص 326.
6- الحلي، تذكرة الفقهاء،ج12، ص 141.
7- روح الله، الخميني، المكاسب المحرّمة، ج2، ص 15.
8- المنتظري، المكاسب المحرّمة، ج2، ص 187.
9- المظفر، محمد رضا، عقائد الإمامية، ص 23.
10- الرعد، 28.
11- المائدة، 91.
12- الملك،2.
العامل على غير بصيرة
روي عنْ طَلْحَةَ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّه عليه السلام يَقُولُ: "الْعَامِلُ عَلَى غَيْرِ بَصِيرَةٍ كَالسَّائِرِ عَلَى غَيْرِ الطَّرِيقِ، لَا يَزِيدُه سُرْعَةُ السَّيْرِ إِلَّا بُعْداً"[1].
معنى البصيرة
البصيرة هي القدرة على الرؤية الصحيحة المتشكّلة من عقل الإنسان وثقافته وتربيته وتجربته ودينه، وهي ما نصطلح عليه اليوم ب(الوعي)، فقد يكون الإنسان ذا بصرٍ حادّ، لكنّه ذو بصيرةٍ كليلة ضعيفة، ولذا يبيّن الله - جلّ وعلا - أنّ رؤية البصيرة أهمُّ بكثير من رؤية البصر، وذلك في قوله تعالى: ﴿فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾[2].
يقول أمير المؤمنين عليّ عليه السلام: "ذهاب البصر خير من عمى البصيرة"[3].
أهمّيّة البصيرة
الشخص الذي يمتلك بصيرة، هو ذاك الإنسان العاقل الذي يَعي الواقع ويدركُه ويَعرِف الناس من حوله، أي إنّ لديه القدرة على التمييز بين ما هو مستقيم وما هو منحرِف، ما هو عدلٌ وما هو ظُلم، ما هو حقٌّ وما هو باطل، حسب تعبير الإمام عليّ عليه السلام: "الْخَيْرُ مِنْه مَأْمُولٌ والشَّرُّ مِنْه مَأْمُونٌ، إِنْ كَانَ فِي الْغَافِلِينَ كُتِبَ فِي الذَّاكِرِينَ، وإِنْ كَانَ فِي الذَّاكِرِينَ لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الْغَافِلِينَ"[4]، لأنّه مستقيم في فِكره وعمله.
وكما قال تعالى: ﴿أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾[5].
ومعنى الآية: منكّساً رأسه إلى الأرض، أي لا يُبصر الطريق، ولا من يستقبله، ولا ينظر أمامه ولا عن يمينه ولا عن شماله، فيعثر كلّ ساعة، ويخرّ على وجهه لوعورة طريقه واختلاف أجزائه انخفاضاً وارتفاعاً. فحاله نقيض حال من يمشي سويّاً، ولذلك قابله الله تعالى بقوله: ﴿أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّ﴾، أي مستوياً قائماً يبصر الطريق وجميع جهاته، فيضع قدمه سالماً من العثار والخرور ﴿عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾، يعني مستوي الأجزاء والجهة. وقيل: "يراد الأعمى الَّذي لا يهتدي إلى الطريق فيعتسّف، فلا يزال ينكبّ على وجهه، وأنّه ليس كالرجل السويّ الصحيح البصر، الماشي في الطريق المهتدي له"[6].
إنّ الذي يمشي سويّاً، ببصره وبصيرته، أهدى من المنكبّ على وجهه، لا ينتفع ببصره في المشي ولا ببصيرته، لأنّ السير على الطريق المستقيم لا يحتاج فقط إلى عينين مفتوحتين، وإنّما إلى عقل مفتوح أيضاً. أما رأيتَ لو أنّ السائق غفل عن الطريق وشرد ذهنه إلى مكانٍ آخر، لم تنفعه عيناه في ضبط السَيْر حتّى يعود إلى وعيه؟ إذاً، فإنّ الاعتماد على البصر-حتّى في الأمور البصريّة - غير كافٍ، فأنت حينما ترى قصراً أثريّاً ترى منظره الخارجيّ، أي طراز البناء وشكله وهندسته، لكنّ البصيرة تتدخّل لتنقلك إلى مَنْ بناه، ومَنْ سكنَه، لتحصل لديك حالة (الاعتبار) بالآثار.
الْعَامِلُ عَلَى غَيْرِ بَصِيرَةٍ
"الْعَامِلُ عَلَى غَيْرِ بَصِيرَةٍ كَالسَّائِرِ عَلَى غَيْرِ الطَّرِيقِ، لَا يَزِيدُه سُرْعَةُ السَّيْرِ إِلَّا بُعْداً".
ومعنى الحديث: شبّه الإمام عليه السلام الجاهل العامل على غير بصيرة قلبيّة، ومعرفة يقينيّة بما يعلمه، بالسائر على غير الطريق المطلوب، تنفيراً بذلك التشبيه عن الجهل الموجِب لسقوط العمل عن درجة الاعتبار، وإيضاحاً للمقصود. وأشار إلى وجه التشبيه بقوله: "لا يزيده سرعة السَيْر إلاّ بُعداً"، أي بُعداً عن المطلوب أو عن طريقه، إذ بُعده عن المطلوب بقَدر بُعدِه عن طريق ذلك المطلوب.
وسرّ ذلك، أنّ الطريق الذي يوصل إلى الحقّ هو طريق واحد، تحيط به طرق الباطل الكثيرة، فمن ضعفت بصيرته سوف تزلّ قدمه، ويختار طريقاً من طرق الباطل والضلال، وسوف يبتعد شيئاً فشيئاً عن طريق الحقّ.
أمّا العامل على بصيرة وهدًى، فهو يعمل بنور بصيرته وهديها، الذي يوصله إلى طريق الحقّ والهداية، فيترقّب أحوال نفسه، فيعرف ما يضرّه وما ينفعه، ليختار الثاني ويترك الأوّل، ثمّ يبقى على هذه الحالة، حتّى ينتهي طريقه ويحصل له القرب المطلوب، الذي هو لقاء الله تعالى[7].
أعمى البصيرة في المفهوم القرآنيّ
من المعروف أنّ المصطلحات تُعرَف بأضّدادها، فإذا عرفنا معنى "أعمى البصيرة" فسنعرف معنى البصيرة بشكلٍ أوضح، بل إنّ هذه الطريقة، أي معرفة الأشياء بأضّدادها، هي من الأساليب التربويّة التي اعتمدها القرآن الكريم في هداية الناس، أي لفْت الأنظار بذِكْر الموازنة بين الضّدين، وإثبات عدم المساواة بينهما ليأخذ بالقلوب نحو اختيار النافع والصالح، وترْك ما سِواه. وهناك آياتٌ كثيرة بيّنت هذا المفهوم، منها الآية السابقة، ومنها قوله تعالى: ﴿يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُوْلَئِكَ يَقْرَؤُونَ كِتَابَهُمْ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً * وَمَن كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيل﴾[8]، وغير ذلك من الآيات.
وإذا دقَّقنا النظر، في هذه الآية وغيرها من آي الذِّكر الحكيم، سنجد أنَّه لم يُرَدْ بالعمى - ولِنَقُل في أغلب الآيات القرآنيّة - المكفوف الذي ذهب بصرُه، وإنّما أُريدَ من العمى عمى البصيرة، أي العمى العقديّ، العمى المعنويّ، القلبيّ، الفكريّ، السياسيّ، وما شاكل ذلك.
تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ
قال الله تعالى: ﴿يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُوْلَئِكَ يَقْرَؤُونَ كِتَابَهُمْ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً * وَمَن كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيل﴾.
يُستفاد من الآية الكريمة عدّة أمور، منها:
• المراد بإمام كلّ أناس في الآية، من ائتمّوا به، سواء كان إمام حقّ أو إمام باطل.
• المراد بالدعوة - على ما يُعطيه سياق الذيل - هو الإحضار، فهم محضرون بإمامهم، ثمّ يأخذ من اقتدى بإمامٍ حقّ كتابه بيمينه، ويظهر عمى من عَمِيَ عن معرفة الإمام الحقّ في الدنيا واتّباعه، هذا ما يُعطيه التدبُّر في الآية.
النتيجة
فالبصيرة مرجِعٌ لِرَفع الالتباس والغموض والحيْرة، أي إنّنا بحاجة إلى نور آخر نكشف به الظلمة العقليّة والروحيّة، وهذا النور هو ما نسمّيه (البصيرة) لرؤية الباطن.
إنّ معي لبصيرتي، دار المعارف الإسلامية الثقافية.
[1] الكلينيّ، محمّد بن يعقوب، الكافي، صحّحَهُ وعلّق عليه عليّ أكبر الغفاريّ، دار الكتب الإسلاميّة، طهران، 1363ه. ش، ط5، ج1، ص43.
[2] سورة الحج، الآية 46.
[3] الواسطيّ، عليّ بن محمّد الليثيّ، عيون الحِكَم والمواعظ، تحقيق الشيخ حسين الحسينيّ البيرجنديّ، دار الحديث، قم، ط1، ص 256.
[4] الرضيّ، السيّد محمّد بن حسين، نهج البلاغة،خُطَب الإمام عليّ عليه السلام، تحقيق وتصحيح صبحي الصالح، دار الهجرة، إيران - قم، 1414ه، ط1، ص305، الخطبة 193.
[5] سورة الملك، الآية 22.
[6] الكاشانيّ، الملّا فتح الله، زبدة التفاسير، تحقيق ونشر مؤسّسة المعارف الإسلاميّة، قم، 1423ه، ط1، ج7، ص 133.
[7] راجع: المازندرانيّ، محمّد صالح، شرح أصول الكافي، ج2، ضبط وتصحيح السيّد علي عاشور، مع تعليقات الميرزا أبو الحسن الشعرانيّ، دار إحياء التراث العربيّ، بيروت، 2000 م، ط1، ص 135.
[8] سورة الإسراء، الآيتان 71 - 72.
المصدر:شبکه المعارف
الزهراء (عليها السلام) حاملة إرث النبوة
توفيت السيدة خديجة (عليها السلام) وقد خلفت للنبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) أغلى وأثمن ذكرى مقدسة، وهي الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين (عليها السلام). وقد أصبحت الزهراء (عليها السلام) قطب الرحى في حياة أبيها العظيم حتى أنه كان يسميها بأم أبيها. وقد قامت منه مقام البنت والأم فهي تجهد أن تعوضه بحنانها عما افتقده بافتقاد أمها خديجة (عليها السلام)، وهي تسعى أن تكون لرسالته كما كانت أمها من قبل، فلم تمنعها حداثة السن عن التعرف إلى جميع مشاكل أبيها وآلامه مهما كانت المشاكل مهمة ومهما كانت الآلام هائلة. لم تضعف ولم تهن ولم تتردد أو تتراجع. وقد جاء في رواية عن ابن مسعود قال: بينما رسول الله يصلي عند البيت وأبو جهل وأصحابه جلوس وقد نحرت جزور بالأمس فقال أبو جهل أيكم يقوم إلى سلى[1]جزور بني فلان فيضعه بين كتفي محمد إذا سجد؟ فانبعث أشقى القوم فأخذه. فلما سجد النبي (صلى الله عليه وآله) وضعه بين كتفيه فاستضحكوا وجعل بعضهم يميل على بعض وأنا قائم أنظر، لو كانت لي منعة لطرحته عن ظهره، والنبي ساجد لا يرفع رأسه حتى انطلق إنسان فأخبر فاطمة (عليها السلام) فجاءت وطرحته عنه ثم أقبلت عليهم تؤنبهم على ذلك.
هذه إحدى الروايات التي تدل على منزلة الصديقة في قلب أبيها ومحلها من دعوته ورسالته وكأنها قد شعرت مع حداثة سنها بأنها مسؤولة عن أن تكون المحور الأساسي في حياة الله رسول (صلى الله عليه وآله) حيث واكبت سيره بكل شجاعة وإقدام.
لقد انصهرت الزهراء صلوات الله عليها بأفكار الإسلام روحياً وفكرياً فقد كانت، وهي بنت أعظم رجل عرفه التاريخ وريحانته الغالية والتي كان النبي يدعوها بأم أبيها ويقول: فاطمة بضعة مني من أرضاها فقد أرضاني ومن أغضبها فقد أغضبني وكان يقول حينما يقبلها إني أشم منها رائحة الجنة، وهي الحوراء الإنسية، كانت عنده بمنزلة ما فوقها منزلة، فكانت آخر من يراه عند سفره وأول من يلقاه عند رجوعه من السفر. وكانت هي من انحصر فيها نسله صلوات الله عليه ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وآله يجهل ذلك.
نعم كانت هي هكذا وكانت أكثر من هذا ولكنها ومع كل هذه المميزات الروحية والمعنوية كانت بسيطة في إسلوب حياتها لا تكاد تختلف عن أي امرأة فقيرة، فبيتها متواضع للغاية لا يحوي إلا النزر القليل من الأثاث الضروري الذي لا يمكن الاستغناء عنه.
فهي مثال المرأة المسلمة المترفعة عن المواد الدنيوية والصاعدة بروحها وروحياتها إلى أفق الكمال وسماء العصمة والفضيلة. فإن النفس البشرية إذا استنارت بنور الإسلام وإذا نفذت إلى مكنوناتها تعاليمه وحكمه استغنت بمعنوياتها عن كل ما تحتاج إليه النفوس الضعيفة من مقومات لشخصيتها.
نعم هكذا كانت فاطمة الزهراء وهي ريحانة النبوة وزهرة الهاشميين فتاة ترعرعت في أحضان الأبوة الرحيمة، وهكذا كانت وهي عروس تزف إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام).
فاطمة الزهراء عليها السلام هي بحق القدوة الكاملة التي يجب أن يستلهم من سلوكها وحياتها كل الناس رجالاً ونساء، لأنها جسدت في فترة عمرها القصير أعلى نماذج التضحية والعطاء والزهد والعبادة والصبر والعرفان.. فاستحقت بسبب ذلك كل الألقاب التي لقبت بها والتي لم تكن ألقاباً عابرة، بل ألقاباً أطلقت عليها بعدما حملت مضمونها خلال مسيرة حياتها.
* نساء في حياة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) - بتصرّف
[1] السلى: جمعها أسلاء، جلدة يكون ضمنها الولد في بطن أمه إذا انقطع في البطن هلكت الأم والولد. يقال: « انقطع السّلى في البطن » أي ذهبت الحيلة وعظم الويل. المنجد
التظاهرات العراقية وفضيحة الديمقراطية الأمريكية
يصاب الانسان بصدمة من حجم نفاق الديمقراطية الامريكية التي طالما تبجحت بها امريكا، فنفاق هذه الديمقراطية تجلى بابشع صوره خلال اربعة اشهر فقط بدءا من شهر تشرين الاول اكتوبر الماضي وحتى شهر كانول الثاني يناير الحالي
امريكا جندت كل امكانياتها في العراق وخارجه السياسية والاعلامية وحتى الامنية وكل اذرعها ورجالاتها وطابورها الخامس، لدعم التظاهرات المطلبية للشعب العراقي ضد الفساد، والتي خرجت تحديدا من محافظات "شيعية"، معتبرة دعمها لهذه التظاهرات هو دعم للحرية والممارسات الديمقراطية.
هذه الحمية الامريكية الزائدة للديمقراطية لم تخبو حتى بعد ركوب عصاباتها من الجوكر موجتها وارتكبت افضع الجرائم بحق ابطال الحشد الشعبي، والاساءات التي وجهتها للرموز الدينية والوطنية، وما ارتكبته من اعمال لا يمكن وصفها الا بالارهابية عندما قامت بحرق المقرات الحزبية والاضرحة والمنشات الحكومية من مصارف ودوائر ومدارس و..، فبقيت امريكا تعتبر ممارسات الجوكر "ممارسات ديمقراطية" لا بد من دعمها وحمايتها.
هذه الديمقراطية الامريكية تنقلب راسا على عقب في غضون ثلاثة اشهر فقط، فبالامس شهدت بغداد خروج نحو ثلاثة ملايين عراقي مطالبين بخروج القوات الامريكية من العراق بعد الجرائم التي ارتكبتها بحق العراقيين والسيادة العراقية واخرها جريمتهم النكراء في استشهاد ابطال النصر القائدين الشهيدين قاسم سليماني وابو مهدي المهندس، فاذا بهذه الديمقراطية تكشف عن وجهها المنافق البشع، وبدلا من ان تدعم هذه "الممارسة الديمقراطيية" كما دعمت ممارسات الجوكر، فاذا بها تعتبر كل هذه الملايين لا تعبر عن راي جميع اطياف العراق، فهي تعبر عن طيف واحد وهو "الشيعي"!!.
اولا لا ندري كيف صبغت امريكا كل تلك التظاهرة الضخمة التي لم يشهدها العراق من قبل بالصبغة"الشيعية" رغم ان كبار علماء الدين السنة وعلماء دار الافتاء والوقف السني كانوا من اكبر المشاركين والمؤيدين لمطالب المتظاهرين بالاضافة الى مشاركة مختلف اطياف الشعب العراقي الاخرى، ثانيا لماذا لم تصبغ الديمقراطية الامريكية المنافقة التظاهرات المطلبية التي خرجت في تشرين الاول في العراق بالصبغة الشيعية رغم انها كانت محصورة في محافظات الوسط والجنوب "الشيعية"؟!!، انها قمة النفاق الامريكي .. والعاقل يفهم.
رسالة المقاومة على لسان السيد الصدر في مليونية العراق
بينما يقدر عدد المتظاهرين ضد الوجود الامريكي في العراق بحوالي مليوني شخص على الأقل، حاولت وسائل الإعلام المناهضة للمقاومة التقليل من شأن هذا الحراك الضخم من خلال الفبرکة والتضلیل الاعلامي.
التحلیل:
إن مظاهرات اليوم غير المسبوقة في العراق تعكس في الواقع وجهة نظر معظم العراقيين حول تواجد الأميركيين في بلادهم.
-كانت مظاهرات اليوم تاييدا لقرار البرلمان العراقي الأخير الذي دعا الى طرد القوات الامريكية من البلاد كعامل لعدم استقرارها والفساد فيها.
-في المقابل حاولت وسائل الإعلام التابعة للولايات المتحدة وبعض الدول التابعة لترامب في المنطقة عدم تغطية هذه المظاهرات أو فبركتها والتقليل من شأنها أو حاولوا اظهار العراقيين منقسمين في موضوع التواجد الامريكي في بلادهم من خلال ادعاء اقامة مظاهرات اخرى مماثلة من ساحة التحرير الى الخلاني، لكنها لم تقدم اي مستندات لاثبات هذا الادعاء.
- وسعت وسائل الإعلام هذه لتقليل عدد المتظاهرين من خلال تخويف الناس قبل بدء المظاهرات، و فبركة وجهة نظر العراقيين الحقيقية بضرورة طرد الأمريكيين من العراق بعد المظاهرات.
- وحاولت وسائل الإعلام المناهضة للمقاومة تلخيص الدعوات العراقية للمشاركة في المظاهرات فقط من خلال دعوة السيد مقتدى الصدر وتجاهل الدعوات العديدة التي وجهتها باقي الاحزاب العراقية. وبهذا النهج، حاولت ايجاد الخلاف بين الجماعات العراقية.
- كما حاولت وسائل الإعلام هذه ترويج اجزاء من بيان السيد مقتدى الصدر حول المظاهرة المليونية فقط والايحاء بان البيان يركز على ايجاد الانقسام بين الجماعات العراقية.
- وكان الايحاء بوجود خلافات بين السيد الصدر وباقي القيادات العراقية من جهة وتعدد آراء العراقيين حول لقاء برهم صالح وترامب من ناحية أخرى، ذريعة وسائل الاعلام المناهضة للمقاومة لحرف المظاهرة عن رسالتها الرئيسية.
- وكانت النقطة الأساسية في خطاب السيد مقتدى الصدر في هذا الاجتماع العظيم هي اعتبار الولايات المتحدة دولة محتلة إذا لم تغادر العراق، وهذا في الواقع كان مطلب كل جماعات المقاومة، وبهذا يمكن القول ان الحجة اليوم اكتملت على الأميركيين.