
emamian
أثر الإعلام على حياة الناس
ممّا لا شكّ فيه أنّ عالمنا يتغيَّر بصورة متسارعة بسبب تدفُّق المعلومات، فقد أصبح لوسائل الإعلام المكتوبة والمسموعة والمرئيّة الأثر الكبير اليومي في حياة الأفراد والجماعات، بل إنّ أثرها قد طغى في بعض الأحيان على العادات والتقاليد المتوارثة في المجتمعات، وأفرزت هذه الوسائل عادات وتقاليد حياتية جديدة مكتسبة لم تكن مألوفة للنّاس، لدرجة إنّ وسائل الإعلام باتت تتمكَّن من قولبة النّاس وشحذ شخصيتهم ليصح قول الصحافية تالا ياغي "قل لي ما تشاهد أقول لك من أنت".
لقد اعتبر الإعلام في عصرنا الحاليّ "سلطة رابعة" نتيجة لما له تأثير واضح وأكيد على حياة وسلوكيات الأفراد والجماعات، فمع نشأة وسائل الإعلام في بداية القرن العشرين بدأ الناس ينتقلون من حالة "التواصل" عبر الحكاية أو القصة أو الحديث المقروء والمسموع بينهم إلى حالة الالتفاف حول جهاز المذياع والإنصات إلى ما يبوح به، فبدأت مع هذا الجهاز مرحلة التحلق في الخيال لما تسمعه الأذن والشوق إلى رؤية ومعرفة من يتكلّم عبر هذا الجهاز، وبدأت أيضاً مع هذه المرحلة تراجع مسألة التواصل بين الناس والالتفاف إلى حالة الانفرادية مع جهاز يتحدث إلى الفرد، ثمّ مع اختراع التلفزيون عام 1927 أصبح وسيلة أساسية في يومنا هذا للترفيه والتثقيف، وحلّ محل عدد كبير من وسائل التواصل الأخرى فصار بوسع الإنسان أن يرى العالم من خلال جهاز صغير يتحدث إليه بالصورة والصوت، وصار له انتشار واسع واستطاع أن يستقطب مليارات البشر في أنحاء العالم، ولابدّ من القول أنّ التلفزيون يعتبر "أوكسجين" حياة الكثير من الناس في مجتمعاتنا العربية، ومع وجود التلفزيون كشريك معنا في البيوت ومجال الأعمال وغيرها تراجعت بشكل حاد حالة التواصل بين الناس، كما تسارعت وتيرة انتقال المعلومة عبر اختراع "الإنترنت" و"الكمبيوتر" الذي نستطيع أن نغوص فيه لساعات دون أن نلاحظ صمتنا وانصهارنا به، إلا إنّنا نعتقد أنّ التلفزيون ما زال هو الوسيلة الإعلامية المسيطرة على التواصل.
في كلِّ الأحوال، إنّ أغلب وسائل الإعلام وخاصة المرئية منها لها الصفات التالية:
1- تصدّر المعلومة بالصوت والصورة (أي ناقلة وغير متلقية).
2- لديها متلقي سلبي في أغلب الأحيان لا يستطيع أن يناقشها أو يحاورها.
3- تعتبر وسيلة مروّجة للفكر (الإيجابي والسلبي) وكذلك المادة الاستهلاكية والقيم الحياتية (الإيجابية والسلبية).►
المصدر: كتاب الإعلام وقضايا المرأة
ما هي الخيارات امام بايدن حتى نهاية المهلة الايرانية وهل سيتجاوز الضغوط؟
قال مندوب إيران الدائم لدى الأمم المتحدة مجيد تخت روانجي إن طهران لم تنسحب من الاتفاق النووي لتعود اليه الآن، وأضاف أن تقليص ايران لإلتزاماتها النووية يندرج في إطار المادة السادسة والثلاثين من الاتفاق النووي التي تسمح لإيران بالتخلي عن بعض أو كل تعهداتها اذا قام أحد أطراف الاتفاق بانتهاك واضح وخطير.
وأعلنت طهران أنها ستوقف العمل بالبروتوكول الإضافي الطوعي اعتبارا من الثالث والعشرين من الشهر الجاري بسبب عدم وفاء الأطراف الأخرى بالتزاماتها الواردة في الاتفاق النووي.
محللون سياسيون رأوا أن المفاوضات معروف فيها ان كل طرف يعض على يد الطرف الآخر ومن يصرخ اولا هو الذي يخسر، وفي الاتفاق النووي الايراني يشهد العالم نموذج المفاوضات بين محترفين، فهناك طرف يملك القوة وطرف عنده طول بال غير عادي ولافت.
ويشير هؤلاء الى ان الطرفين هما عبارة عن الحكومة الايرانية ومجلس الشورى الإسلامي، في مقابل فريق الرئيس الاميركي جو بايدن ومعه الكونغرس، وهنا يضغط مجلس الشورى على الحكومة الايرانية، والكونغرس يضغط ايضا على فريق بايدن في هذا الموضوع، وبالتالي هناك ضغوط كثيرة من عدة اتجاهات.
ويعتبر المراقبون ان الخطوة المطلوبة يجب ان تأتي من بايدن وفريقه بإعتبار ان الطرف الاميركي هو الذي انسحب من الاتفاق النووي، فبالتالي الطرف المنسحب الاجدر به ان يعود عن انسحابه بشكل طبيعي وهذا ما يقوله الايراني، لكن بايدن صرح بشكل واضح ورد على ذلك وقال اذا لم نر رجوعا ايرانيا الى التزاماتها فلن نعود، وقائد الثورة الإسلامية السيد الخامنئي خلال لقاء كبيرة مع قادة سلاح الجو الايراني، لم يتحدث فقط عن عودة الاميركي الى الاتفاق ورفع كل انواع الحظر بل وتحقق ايران من رفع الحظر قبل العودة الى الاتفاق، لكنهم استبعدوا رفع الحظر على ايران خلال المهلة لان الوقت ضيق وتلبية ما تريده ايران صعب وتلبية ما تريده الولايات المتحدة صعب، وهناك كتلة كبيرة داخل الكونغرس الاميركي تضغط على بايدن لكي لا يعود للاتفاق.
في حين يرى خبراء أن الحظر الامريكي هو آلية تريد من خلالها اميركا ان تجسد قوة مساومة لها في المفاوضات لا فقط امام ايران بل حتى امام روسيا والصين. وان تصريحات بايدن بأن واشنطن لن ترفع الحظر لعودة طهران للمفاوضات بل عليها هي اولا وقف تخصيب اليورانيوم، هي تصريحات ناجمة عن الضغوط الداخلية واللوبيات الصهيونية، وما يوجد في الساحة العملية الدبلوماسية الاميركية هو طريق آخر، والرسائل التي تأتي من بايدن لايران هي غير هذه التصريحات التي هي اعلامية فقط، فاليوم برنامج بايدن والاطراف الاوروبية وخاصة بريطانيا تؤكد على اهمية ايجاد حل وسطي للخروج من هذا الطريق المسدود.
ويعتقد المحللون ان امريكا وحلفاءها وكذلك الصين وروسيا يريدون ان يكون هناك اثبات لحسن النوايا ما بين الاطراف، لكن كلا الطرفين الآن يرفع من سقف طلباته بحيث انه عند وصوله الى طاولة المفاوضات يستطيع ان يخفض هذه المطالب للامور التي يعتبرها في قراره انها اساسية بالنسبة له.
ويؤكد المراقبون لهذه الازمة أن الدول الاوروبية سوف تمشي في ركب الادارة الاميركية الجديدة بقيادة بايدن، لانها من مصلحتها اقتصاديا ان تعود الحركة التجارية ما بين ايران والدول الاوروبية، خاصة في ظل الظروف الحالية وما يمر به الاقتصاد العالمي وخاصة الاقتصاد الاوروبي من ازمات وشدائد بسبب كورونا.
ويعتبر المحللون ان السقف الذي رفعته ايران الى اقصى درجة ممكنة وكذلك السقف الذي رفعته الادارة الاميركية الى اقصى درجة ممكنة ما هي الا محاولات لطرح جميع المشاكل على الطاولة، وفي نهاية المفاوضات ستعود الاطراف الى العقلانية، مشيرين الى ان خروج امريكا من الاتفاق النووي كان خطأ سياسيا فادحا.
فما رأيكم؟
- هل ضاقت الفرصة المحدودة امام ادارة بايدن للعودة الى الاتفاق النووي؟
- ماذا يعني تحذير ايران من وقف التنفيذ للبروتوكول الاضافي نهاية الاسبوع المقبل؟
- كيف يُقرأ كلام روحاني ان على الادارة الامريكية بدء المسار الجديد بسرعة؟
- ما الخيارات المتاحة امام بايدن لاثبات حسن النية والعودة الى الاتفاق بلا ضغوط؟
- ما هي السيناريوهات امام امريكا حتى الثامن عشر من شباط؟
ما هو الدرس الذي لقنته الجزائر لـ "إسرائيل" والدول المُطبعة؟
في صفعة قوية للدول المُطبعة والكيان الصهيونيّ المجرم، انسحب وفد برلمانيّ جزائريّ من محاضرة للجمعية البرلمانيّة للبحر الأبيض المتوسط، بعد جمع بين متدخل جزائريّ وآخر صهيونيّ، وقام 3 نواب جزائريون، من بينهم عمار موسى الذي كان محاضراً، إضافة إلى نائبين آخرين، بإرسال تقارير للانسحاب من الفقرة الثانية للشبكة البرلمانيّة لمنظمة "او سي دي"، والتي بحثت عودة النشاط الاقتصاديّ بعد أزمة فيروس كورونا المستجد.
شمل الانسحاب الجزائريّ من الفقرة الثانية الخاصة بعملية التلقيح ضد فيروس كورونا، والإجراءات التي ستليها، والتي حضرها عضو في البرلمان الصهيونيّ، ميكي ليفلي، حيث غادر النواب الجزائريون الجلسة بناءً على رسالة تلقوها من المجلس الشعبيّ الوطنيّ الجزائري (البرلمان)، دعاهم إلى الانسحاب من المحاضرة، وذلك مع ازدياد حجم التكالب على فلسطين وداعميه من خلال الانجرار نحو اتفاقات العار لتمرير "صفعة القرن" التي تهدف إلى تصفيّة قضيّة الشعب الفلسطينيّ والعربيّ، والغوص في مشاريع التفتيت والتقسيم في المنطقة.
ومن الطبيعيّ أن يصدر هذا الموقف عن الجزائر التي كانت أول دولة تعترف بدولة فلسطين، وافتتحت معسكرات تدريبيّة للمقاتلين الفلسطينيين في ستينيات وسبعينيات القرن الفائت، وقد ثمنت حركتا "حماس" و"الجهاد الإسلامي" في فلسطين، انسحاب الوفد البرلماني الجزائريّ من الاجتماع الدولي، بسبب المشاركة الصهيونيّة.
وفي هذا الشأن، ثمن المتحدث باسم حركة حماس، حازم قاسم، انسحاب الوفد الجزائريّ من اجتماع الشبكة البرلمانية الدولية للبحر الأبيض المتوسط، وهي المنتدى الرئيس الذي تتداول فيه برلمانات منطقة الأورومتوسطية للوصول إلى الأهداف الاستراتيجيّة نحو تهيئة أفضل بيئة وظروف سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية لمواطني الدول الأعضاء، وأكد قاسم أنّ هذا الموقف يعبر عن الإجماع الشعبيّ العربيّ الرافض للتطبيع مع كيان الاحتلال الغاصب، لافتاً إلى أن الموقف الجزائريّ يعكس تجذر القضية الفلسطينيّة في ضمير الشعب الجزائريّ، وعمق انْتِماء الجزائر على كل المستويات الشعبيّة والرسميّة للقضايا القوميّة وفي مقدمتها القضية الفلسطينيّة، وفق الإعلام التركيّ.
كذلك، أشار عضو المكتب السياسيّ لحركة "الجهاد الإسلاميّ"، نافذ عزّام في بيان، أنّ الجزائر عوّدت الشعب والقيادات الفلسطينيّة على هذه المواقف المبدئية والأصيلة، ونوه بأنّ التصدّي للتطبيع بكل أشكاله يمثل واجباً أخلاقيّاً ودينيّاً وعروبيّاً، وأنّ الجزائر تُمثل بوضوح شديد هذا الموقف الحر الراسخ، معتبراً أن هذا الموقف هو إدراك من الجزائر لمسؤوليته تجاه فلسطين والانتصار لقضيتها.
وتعد الجزائر من الدول العربيّة الداعمة بقوة للقضية الفلسطينيّة، وترفض رفضاً قاطعاً إقامة علاقات مع الكيان الصهيونيّ، ومطلع هذا العام، قدم نواب جزائريون مشروع قانون لتجريم التطبيع مع تل أبيب إلى رئاسة البرلمان، وتضمن بنوداً تمنع السفر أو أيّ اتصال مباشر أو غير مباشر مع العدو الغاشم، ولم يحسم بشكل كامل حتى الآن.
يشار إلى أنّ المداخلات تطرّقت إلى أن النساء من بين الأكثر تضرراً من جائحة فيروس كورونا، الذي أدى إلى ارتفاع معدلات البطالة وزيادة العنف الأسريّ، وهو ما أشار إليه تقرير الجمعية البرلمانيّة للبحر المتوسط، حيث شجعت الدول الأعضاء والمجتمع الدولي بشكل عام على تبني القرارات اللازمة، ودعت التوصيات إلى التعاون بين البلدان على ضفتي البحر الأبيض المتوسط من أجل تحقيق تعاف شامل ومرن، وخاصة فيما تعلق باقتناء اللقاح وتوزيعه.
إضافة إلى ذلك، تم التطرق إلى الإجراءات المتخذة من قبل الحكومة الجزائرية لمجابهة جائحة كورونا، حيث كانت من بين الدول التي تبنت استراتيجيّة اجتماعيّة منذ البداية أي بداية من شهر أيار 2020، كما تم تضمين إعفاءات ضريبية للمؤسسات والشركات وخفض ساعات العمل ومنح إجازات مدفوعة الأجر وخاصة للحوامل والمصابين بأمراض مزمنة، وكذلك دفع بعض الإعانات للحرفيين والعاملين لحسابهم الخاص مثل النقل والمطاعم.
ومن الجدير بالذكر، أنّ الجمعية البرلمانية الأورومتوسطية تأسست في نابولي ثالث أكبر مدن إيطاليا، في 3 كانون الأول عام 2003، بقرارٍ من المؤتمر الوزاريّ للشراكة الأوروبيّة المتوسطية، وتعتبر هذه المؤسسة أحدث مؤسسة في الشركة، كما افتتحت الجمعية البرلمانيّة الأورومتوسطية فعالياتها في أثينا يومي الثاني والعشرين والثالث والعشرين من شهر آذار عام 2004، ويضم مكتبها رؤساء مجلس الشعب المصريّ والبرلمان الأوروبيّ ومجلس النواب التونسيّ والبرلمان اليونانيّ.
وتقوم الجمعية البرلمانية اليورومتوسطية بدور استشاريّ وتساهم وتدعم توطيد وتطوير الشراكة الأوروبيّة المتوسطيّة، وتعبر الجمعية عن آرائها في جميع القضايا المتعلقة بشأن الشراكة بما في ذلك تنفيذ تلك الاتفاقيات، وتتبنى الجمعية بعض القرارات أو التوصيات الموجهة إلى المؤتمر الأورومتوسطيّ، وتضم الشراكة الأورومتوسطية 44 عضواً، 28 من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي و16 دولة في الشراكة هي ألبانيا، المغرب، البوسنة والهرسك، تركيا، مصر، الكيان الصهيونيّ، الأردن، لبنان، تونس، موريتانيا، موناكو، الجبل الأسود، ليبيا، سوريا والجزائر، فضلاً عن السلطة الفلسطينيّة.
وما ينبغي ذكره، أنّ الجزائر في ظل الفوضى التي اجتاحت الشرق الأوسط على خلفية التطبيع والجدل الذي انتشر في الشارع العربيّ، بسبب الضخ الإعلامي المكثف من الدول المطبعة والإعلام الغربيّ لدفع بقية الدول العربيّة نحو التطبيع، اختارت عدم الصمت عن هذه الفوضى، وإيقاف هذه السموم الإعلامية، عبر طرح مشروع قانون لمنع الترويج للتطبيع مع الكيان الصهيونيّ، عبر وسائل الإعلام والإعلام البديل.
في النهاية، إنّ ما قامت به الجزائر يُعد موقفاً وطنيّاً عروبيّاً بامتياز، في ظل الهجوم القذر على القضية الفلسطينيّة وداعميها، ما يشي بأنّ أصحاب الضمائر الحية في العالم العربيّ لا يمكن أن يستكينوا للخانعين والمُستسلمين والراضخين وأسيادهم، ومن المتوقع أن يعاني الكيان الصهيونيّ المجرم كثيراً من هذه الموقف التي تؤكّد كل يوم عدم شرعيته وعدوانه، في اللقاءات السياسيّة والاقتصاديّة والرياضيّة.
المصدر: الوقت
ربيعي: ايران جاهزة للعودة الى الوضع الاول للاتفاق النووي ان عادت اميركا الى التزاماتها
تلتقي برامج التثقيف الاسلامي عند محور مركزي يمثل الدورة الثقافية السنوية الأم التي تتفرع عنها وتتماهى معها كل برامج السنة والعمر. إنها دورة الأشهر الثلاثة رجب وشعبان وشهر رمضان.
ويكشف التأمل في منظومة برامج أعمال كل من شهري رجب وشعبان عن تمهيد رجب لشعبان وتمهيد الشهرين لشهر رمضان لتظهر الشخصية الواحدة لهذه الأشهر من خلال خصائص الدورة الثقافية الواحدة التي تمتد من بداية أول ليلة من رجب إلى ما بعد توزيع الجوائز في يوم العيد.
وقد ورد التعبير بالجوائز في الحديث الشريف عن الإمام الباقر عليه السلام عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): «إذا طلع هلال شوال نودي المؤمنون: أن اغدوا إلى جوائزكم».
الأشهر الثلاثة والشخصية الواحدة:
ورد الحديث عن الشخصية الواحدة للأشهر الثلاثة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كما في الحديث الشريف الآتي: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «إن من عرف حرمة رجب وشعبان، ووصلهما بشهر رمضان شهر الله الأعظم شهدت له هذه الشهور يوم القيامة، وكان رجب وشعبان وشهر رمضان شهوده بتعظيمه لها، وينادي مناد: يا رجب يا شعبان ويا شهر رمضان كيف عمل هذا العبد فيكم وكيف كانت طاعته لله عز وجل؟ فيقوم رجب وشعبان وشهر رمضان: يا ربنا ما تزود منا إلا استعانة على طاعتك واستمدادا لمواد فضلك، ولقد تعرض بجهده لرضاك، وطلب بطاقته محبتك. فقال للملائكة الموكلين بهذه الشهور: ماذا تقولون في هذه الشهادة لهذا العبد؟ فيقولون يا ربنا صدق رجب وشعبان وشهر رمضان، ما عرفناه إلا متقلبا في طاعتك، مجتهدا في طلب رضاك، صائرا فيه إلى البر والاحسان، ولقد كان يوصله إلى هذه الشهور فرحا مبتهجا. أمل فيها رحمتك، ورجا فيها عفوك، ومغفرتك وكان مما منعته فيها ممتنعا وإلى ما ندبته إليه فيها مسرعا لقد صام ببطنه وفرجه و سمعه وبصره، وساير جوارحه ولقد ظمأ في نهارها ونصب في ليلها، وكثرت نفقاته فيها على الفقراء والمساكين، وعظمت أياديه وإحسانه إلى عبادك، صحبها أكرم صحبة، وودعها أحسن توديع أقام بعد انسلاخها عنه على طاعتك، ولم يهتك عند إدبارها ستور حرماتك، فنعم العبد هذا. فعند ذلك يأمر الله تعالى بهذا العبد إلى الجنة فتلقاه ملائكة الله بالحباء و الكرامات، ويحملونه على نجب النور، وخيول النواق، ويصير إلى نعيم لا ينفد، ودار لا تبيد، لا يخرج سكانها، ولا يهرم شبانها، ولا يشيب ولدانها، ولا ينفد سرورها وحبورها، ولا يبلى جديدها، ولا يتحول إلى الغموم سرورها لا يمسهم فيها نصب ولا يمسهم فيها لغوب، قد أمنوا العذاب، وكفوا سوء الحساب وكرم منقلبهم ومثواهم»[1].
محور العمر كله:
يؤكد هذا الحديث الشريف ست حقائق:
1- شهادة هذه الأشهر لمن عمل فيها بطاعة الله تعالى.
2- شهادة خاصة من الملائكة لمن انتظر هذه الشهور وأحسن صحبتها.
3- الخطوط العامة للعمل في هذه الدورة – المسابقة.
4- المحافظة على روح هذه الدورة ومواد العمل فيها، بعد انقضاء أشهرها. (ولم عند إدبارها ستور حرماتك).
5- النعيم الخاص وكفاية سوء الحساب، ويعني الأخير عدم المداقة في الحساب وهو في بابه فوز عظيم.
والحديث حول دوام روح هذه الأشهر وعدم هتك سترها عند إدبارها، حديث عن محورية هذه الدورة الثقافية العبادية في البناء الثقافي العقيدي والعبادي للسنة كلها. ثم إن تكرارها السنوي يجعلها محور العمر كله.
ومن الأهمية بمكان أن يلحظ في هذا السياق بالتحديد العلاقة بين ليلة قدر هذه الدورة التربوية الإلهية وبين ليلة الجمعة. ليلة الجمعة ليلة قدر الأسبوع كما هي ليلة القدر التي تقع في نهايات دورة الأشهر الثلاثة، ليلة قدر السنة.
حرمة رجب وليلته الأولى:
ولابد من التنبه أيضاً في خصائص الأشهر الثلاثة أنها تبدأ بأحد الأشهر الحرم وهو شهر رجب.
في خطبة النبي (صلى الله عليه وآله) عام حجة الوداع.. إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً: منها أربعة حرم: ثلاثة متوالية رجب مضر الذي بين جمادي وشعبان[2].
شاء الله تعالى أن يكون الشهر الأول من أشهر دورة السنة التأهيلية شهراً حراماً وأن تختم بالشهر الذي لا يضاهي فضله شهر، وهو شهر رمضان. وما بينهما شهر خاص – وبامتياز- برسول الله: «ألا إن شعبان شهري، فرحم الله من أعانني على شهري»[3].
كما شاء سبحانه أن تكون الليلة الأولى من هذا الموسم السنوي ودورته الإلهية التأهيلية، من الليالي التي يستحب إحياؤها بالعبادة.
عن الإمام الرضا عن أبيه الإمام الكاظم عن أبيه الإمام الصادق عن أبيه الإمام الباقر (عليه السلام): «أن علياً عليه السلام كان يعجبه أن يفرغ الرجل نفسه في أربع ليال من السنة: ليلة الفطر، وليلة النحر (الأضحى) وليلة النصف من شعبان، وأول ليلة من شهر رجب»[4].
فرادة البرامج:
لدى التأمل في برامج الأشهر الثلاثة المتنوعة والشاملة، تتجلى فرادة المنهج الإسلامي المعتمد في بناء الشخصية المؤمنة. إن الواجبات التي حدد لها وقت معين، ووفرة الأعمال المستحبة الموزعة على الأشهر الإثني عشر، والتي تشكل أعمال الأشهر الثلاثة منها القلب والجوهر، سواء أكانت هذه الأعمال ذكراً أم دعاءً أم صلاة أم صياماً، أم زيارة عن قرب أو بعد – ينبغي أن ينظر إليها جميعاً، الواجبات والمستحبات – باعتبارها تظهيراً فريداً لمفاهيم الثقافة الإسلامية التي عقد المسلم القلب عليها حين اعتقد بالأصول بالدليل والبرهان.
لابد للمنتمي إلى خط فكري أن يتواصل على الدوام مع الفكر الذي انتمى إليه، وليست هذه الأعمال المبثوثة في كل مفاصل الزمن إلا تجسيد رعاية منهج التوحيد للقلب الذي استضاء بنوره، حتى لا يخبو هذا النور لفرط ما يواجه من رياح الظلام والأعاصير.
كما يلتزم القانون اعتماداً على المختص، يجب التعامل مع الثابت من المستحبات والمكروهات اعتماداً على من أظهرهم الله تعالى على الحقائق والأسرار. ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾[5].
ولتثبيت حقيقة أن التعامل مع القانون الإلهي ومنه المستحبات والمكروهات، هو من سياق التزام القانون ثقة بالمختص، نجد في روايات المستحبات عموماً وروايات رجب بالخصوص التأكيد مكرراً على أن هذا الثواب الكثير وهذه النتائج المرجوة رهن اليقين. فهل نُقبل على موسم الأشهر الثلاثة ودورتها الأم، بملء اليقين؟
في بيان خطورة نقص اليقين، يقول الإمام الخميني قدس سره: "إن مصدر جميع الخطايا والمعاصي التي تصدر من الإنسان، هو النقص في اليقين والإيمان، وإن مراتب اليقين والإيمان مختلفة على مستوى لا يمكن عدها وبيانها. وإن اليقين الكامل والاطمئنان التام الذي يحظى به الأنبياء، والحاصل من المشاهدة الحضورية هو الذي يعصمهم من الآثام".
رزقنا لاله تعالى اليقين وأن نقرن القول بالعمل.
* سماحة الشيخ حسين كوراني
[1] بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 94 - ص 38
[2] الخصال - الشيخ الصدوق - ص 487.
[3] إقبال الأعمال - السيد ابن طاووس - ج 3 ص 288.
[4] بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 94 ص 39.
[5] سورة الملك / 14.
الطاقة الذرية: إيران أخطرتنا بوقفها تنفيذ الإجراءات الطوعية بموجب الاتفاق النووي
أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن طهران أخطرتها بتعليق إيران إجراءاتها الطوعية بموجب الاتفاق النووي بما فيها البروتوكول الإضافي، اعتبارا من الـ23 من فبراير.
وقالت الوكالة إن مديرها رافائيل غروسي اقترح السفر لإيران للتوصل إلى حل يسمح للوكالة بمواصلة أنشطة الرقابة الأساسية.
وكان المندوب الدائم لإيران لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية كاظم غريب ابادي، أعلن يوم أمس أنه تم تسليم المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رسالة وقف الاجراءات الطوعية لايران بموجب الاتفاق النووي في 23 فبراير .
وقال غريب أبادي إن "هذا الإجراء يأتي تنفيذا للقانون الذي أقره مجلس الشورى الإسلامي لرفع الحظر وحماية مصالح الشعب الإيراني وبما يتماشى مع حقوق جمهورية إيران الإسلامية بموجب المادتين 26 و36 من الاتفاق النووي لعدم امتثال الأطراف الأخرى بتعهداتها في اتجاه رفع الحظر غير القانوني".
وأضاف: "من الآن فصاعدا، سيستمر التعاون بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية على أساس التزامات اتفاقية الضمانات فقط ، حتى رفع الحظر بشكل عملي وملموس لتمهيد الأرضية لإيران للعودة إلى تنفيذ هذه الإجراءات".
المصدر: "رويترز" + "فارس"
إغتنام أمطار الرحمة في رجب الأصب
هناك دورة إلهية تقام مسابقتها في كل عام تبلغ ذروتها في ليلة القدر، وما بعد ليلة القدر إلى يوم العيد فترة ملحقة بالدورة، ليلتحق بها وبسابقتها من لم يلتحق، ثم توزع الجوائز في يوم العيد.
هذه الدورة الإلهية، دروة ليلة القدر تبدأ بإطلالة هلال شهر رجب.
لابد من الوقوف على بعض أسرار هذا الشهر المبارك التي يهب الله تعالى أنوارها للرجبيين، علّ هذا القلب ببركة أجواء البعثة ومولد الأمير في رجب، يصبح مؤهلاً بعض الشئ، ولدى الله تعالى المزيد.
شهر رجب شهر مجهول، ولأننا نجهله فنحن نتعاطى معه كغيره من الشهور، ولو كنا نعرف قيمته لانتظرناه بفارغ الصبر، ولاغتنمنا فرصته الإلهية الفريدة.
لهذا الشهر شخصية خاصة ولشهر شعبان شخصية خاصة وكذلك لشهر الله تعالى، وللأشهر الثلاثة معاً، شخصية متميزة تتضح بيسر معالمها من الروايات لدى مراجعتها.
من الأعمال المستحبة من أول ليلة من شهر رجب، أن يكثر الإنسان فيها من ذكر شهر شعبان وشهر رمضان، لأن الشخصية واحدة، ولأن الدورة طيلة هذه الأشهر واحدة. صحيح أن كل أيام السنة ينبغي أن تكون أيام عبادة ولكن هناك امتياز لأيام وليال عن غيرها.
إذاً نحن على أبواب شهر هذه بعض ملامح أهميته وعظمته.
والسؤال: ما هو الهدف من هذه الدورة الإلهية التي تبدأ بأول ليلة من شهر رجب؟
الجواب: الأهداف ثلاثة: ليتوب العاصون، ويلحق المقصرون، ويسبق العاملون.
ربما تسمع من عالم من علمائنا كلاماً يكشف عن شديد حرقته على أصحاب الضلال، المنحرفين، يتحرق عليهم، لماذا؟ لأنه يريد لهم الخير والهداية، يريدهم أن يرجعوا إلى الله عز وجل.
إذا كان عالم من علمائنا يحمل هذه الحرقة على أهل الضلال، فكيف هي الحالة التي يعيشها الإمام المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف، أو أي من المعصومين؟
وكم هي الرحمة الإلهية تجاه هؤلاء العاصين؟
بعث الله عز وجل إلى فرعون موسى وهارون وقال لهما: ﴿فقولا له قولاً ليناً لعله يتذكر أو يخشى﴾ .
وأرسل رسوله المصطفى الحبيب (صلى الله عليه وآله) خير خلق الله، إلى من؟ إلى قوم فيهم أبو جهل الذي هو بنص رسول الله (صلى الله عليه وآله): أعتى من فرعون.
كم هي رحمة الله تعالى للعاصين؟ لنا نحن معاشر العاصين. أيها الأحبة، ينبغي أن نطمع على أبواب شهر رجب. إن الله عز وجل يريد أن يشملنا برحمته، (الشهر شهري والعبد عبدي والرحمة رحمتي). كأنه تعالى يقول للمستكثرين جزيل الثواب – كما هو واضح من أدنى ملاحظة لروايات رجب – لماذا تتدخلون بيني وبين عبادي المريدين لي؟
إن الله سبحانه وتعالى يريد هذه الفرصة:
1- ليتوب العاصون: الذنوب تمنع من التوبة، فإذا وفق الإنسان لعمل صغير في شهر رجب وأسقطت عنه تراكمات هائلة من الذنوب، فربما أصبح مؤهلاً للتوفيق للتوبة، وإذا تاب فإن الله عز وجل يقبل توبته.
2- أيضاً، ليلحق المقصرون: رب إنسان يحمل هماً مبرحا في سويداء قلبه، إلهي أعرف أن قراءة القرآن مستحبة، والصلوات المستحبة ما أكثرها، الصوم المستحب كم هو عظيم، الأذكار، الأمور التي هي زاد الآخرة أعرفها، لكني يا إلهي مقصر، لم أدخر لآخرتي شيئاً، لم أحصل الزاد ليوم المعاد.
وهاهو شهر رجب الأصب الذي تصب الرحمة فيه يا إلهي صباً. إنها بداية الفرصة الإلهية الفريدة لكي يلحق المقصرون. تماماً كما يهتدي الفرد منا في المجال الدنيوي إلى مجال عمل ما، فيربح في اليوم مئات الآلاف مثلاً، فيقوض بذلك كسلاً وضياعاً طيلة سنوات. كذلك الأمر في باب الثواب مع إطلالة هذا الشهر المبارك. إننا أمام التدقيق في التعامل مع فرصة استثمار نوعي "ليلحق المقصرون".
3- وليسبق العاملون: والمراد بالعمل السابق هو العامل لآخرته، فمن عداه بطال. ثم إننا لا نحتاج عادة وفي الغالب إلى الحث على العمل لدنيانا، فنحن حريصون عليها. نرقع دنيانا بتمزيق ديننا، فلا ديننا يبقى ولا ما نرقع.
نبذل كل الجهد لدنيانا. حتى الأمور التي من شأنها أن ترفعنا إلى أعلى عليين، من قبيل قضاء حوائج الناء أو من قبيل الرحمة للآخرين، أو من قبيل التدريس والكتابة، ندخل فيها عناصر الأنا والأنانية، فننسفها في اليم نسفاً، نقضي عليها، فما هي الحصيلة التي تبقى؟
التعرض لنفحات الله تعالى:
يراد ب"العامل" من يعمل لآخرته. إذا كان هذا العامل جاداً إلا أن هناك عوائق تقف أمامه، فإن هذه الفرصة الإلهية الفريدة تتيح له أن يسبق. أيها الحبيب، الطبيب الرؤوف، ومن هو "طبيب دوار بطبه"، وبالمؤمنين رؤوف رحيم، أي المصطفى الحبيب (صلى الله عليه وآله) يقول لنا: «إن لربكم في أيام دهركم نفحات، ألا فتعرضوا لها ولا تعرضوا عنها»! كيف أنك عندما تجد ابنك يتضور من الألم وتريده أن يشرب الدواء وتتكلم معه بحنان، برفق، يا بني، إشرب هذا الدواء، لمصلحتك، أو تجده يتصبب عرقاً من شدة الحر وتقول له: تعرض لهذا الهواء البارد، لهذا النسيم العليل.
كذلك يريدنا صلى الله عليه وآله وسلم أن نتعرض لنفحات ربنا عز وجل في شهره، لكننا نصر على أننا لسنا بحاجة، ولا نريد.
وأحيانا يقيم المنهج الشيطاني الخاطئ سداً كبيراً بيننا وبين التعرض لنفحات الله عز وجل، فيقال مثلاً: هذه الروايات التي تحدثنا عن ثوات عجيب غريب لا يمكن التعاطي معها بإيجابية. إنها أمور غير معقولة، ثم نعرض عنها!
فسر لي أيها الحبيب، معنى الإعراض عن شهر رجب وشهر شعبان؟ يأتي شهر رجب ويمضي، ولا كأننا معنيون بالحديث عنه! كيف كان علماؤنا الأبرار من السلف الصالح وكيف هم علماؤنا الآن في تعاطيهم مع هذا الشهر ومع هذه الدورة الإلهية؟ إذا نظرت في سيرة العالم بالله- لأن هناك فرقاً كبيراً، فرق ما بين الأرض والسماء بين العالم بالإسلام والعالم بالله – تجد برنامجه في شهر رجب وشهر شعبان وشهر رمضان برنامجاً عباديا حافلا، لأن الصلوات والأدعية والأذكار، بالإضافة إلى الصوم في هذا الشهر، بل في هذا الموسم كله، ملء السمع والبصر. يقول الشيخ الطوسي عليه الرحمة: "شهر رجب شهر عظيم البركة، كانت الجاهلية تعظمه وجاء الإسلام بتعظيمه، وهو الشهر الأصم. سمي بذلك لأن العرب لم تكن تغير فيه ولا ترى الحرب وسفك الدماء، وكان لا يسمع فيه حركة السلاح ولا صهيل الخيل، ويسمى أيضاً الشهر الأصب، لأنه يصب الله فيه الرحمة على عباده".
الرحمة بدون صب من الله عز وجل هي هذه الرحمة الظيمة، فكيف إذا كانت الرحمة تصب صباً؟
مظاهر الاحتكاك بين الإسلام والغرب
د. شلتاغ عبود
2012/08/08لم تكن العلاقة بين الشرق والغرب على وئام طيلة مراحل الاحتكار بينهما قديماً وحديثاً. وغالباً ما كانت هذه العلاقة علاقة تصادم وتدافع. وكان نتيجة ذلك أن قامت بينهما حروب وصراعات تصير الغلبة فيها مرة للشرق وأخرى للغرب، وبقي الشرق شرقاً والغرب غرباً، ولم تكن الغلبة أو السيادة تامة لأحدهما على الآخر، على تفاوت في ارتفاع درجات الغلبة أو الخضوع في هذه المرحلة التاريخية من الصراع أو تلك إلى يومنا هذا.
وبعد انتقال المسيحية إلى الغرب ومجيء الإسلام صار الصراع صراعاً دينياً، وإنّ غلب عليه العنصر السياسي أو الاقتصادي في بعض الأحيان. لقد بدأ الإسلام يتسع شرقاً وغرباً بسرعة مذهلة، وصار يهدد الروم في عقر ديارهم. وبعد أن فتح المسلمون الأندلس وصقلية، وصارت لهم أساطيل بحرية قوية تهدد الروم في حدودهم الجنوبية، أعدت أوربا المسيحية عدتها ووضعت الخطط الدفاعية على المدى القريب والهجومية على المدى البعيد، فكانت الحروب الصليبية، وكانت المرحلة الثانية من الصراع الدامي بين الإسلام والغرب.
ـ الحروب الصليبية:
للفكرة الصليبية مفهومان: الأول واسع وشامل، والثاني محدد بالحروب التي شنتها الكنيسة على العالم الإسلامي عام 489هـ ، 1095م، وانتهت بعد قرنين من الزمن 690هـ ، 1291م. والحروب الصليبية بمعناها الواسع هي التي أعلنتها المسيحية ضد مخالفيها من جميع الأديان والمذاهب باسم الصليب، وشملت المخالفين والمنشقين من المسيحيين أنفسهم. وهي ترجع في بداياتها إلى زمن الإمبراطور البيزنطي هرقل ما بين سنة 610 و 641م، حيث أعلنها حرباً صليبية ضد أعداء الدولة والكنيسة. وهذه الحرب ما هي إلا حلقة واحدة من حلقات الصراع بين الإسلام والغرب المسيحي ابتداءً من معركة مؤتة والمعارك التي خاضها المسلمون في عصورهم الأولى حتى اليوم.
وترجع البدايات الأولى لهذه الحرب بمعناها المحدد إلى زمن البابا سليفستر الثاني الذي فكر في إشهار الحرب الصليبية عام 999م، ولكنه لم يجد إصغاءً من لدن الرهبان والملوك، وقد ترجمت هذه الفكرة إلى حيز الواقع زمن البابا أوربان الثاني عام 1095م، حين توفرت لها الظروف المناسبة والأشخاص المناسبون من أمثال بطرس الناسك الذي عاد من زيارة له إلى بيت المقدس وأوحى إلى البابا خرافة زيارة السيد المسيح له في المنام، وإعلامه بأنّ الوقت قد حان لإعلان الحرب المقدسة ضد الإسلام والمسلمين في الشرق.
ولم يعوز الباب وأصفياءه من رجال الكنيسة ورجال الإقطاع والملوك أن يبحثوا عن شتى الأسباب والمبررات لإعلان هذه الحرب. فقد أشاعوا بأنّ المسلمين يؤذون الحجاج المسيحيين الذاهبين إلى بيت المقدس من أوربا كما صوروا المسلمين بصور بشعة، واختلقوا القصص الغريبة عن أوضاع المسلمين وعن عدائهم للمسيحية والسيد المسيح بشكل خاص، مما ألهب مشاعر الخاصة والعامة، ودفعهم إلى الرحلة المقدسة من أجل إنقاذ قبر السيد المسيح من قبضة (الأنجاس) المسلمين.
لقد أحيطت بدايات هذه الحرب بهالة من القداسة صاحبها حماس شديد ورغبة غامرة في الانتقام من الإسلام والمسلمين، فقد ألقى البابا موعظته الأولى في مجمع كلرمونت 1095م. بعد أن وزعت الصلبان على الحاضرين. وحث فيها النصارى على القتال، ووعدهم بأن يكون قتالهم بمثابة غفران كامل لذنوبهم، بالإضافة إلى إغراءات أخرى تتعلق بحفظ بيوتهم وممتلكاتهم أثناء رحلتهم.
اجتمعت أوربا على هدف واحد في هذه الحرب التي اشترك فيها النرمنديون والصقالبة والسكسون من إنكلترا وإمارات أسبانيا ودويلات إيطاليا والدولة البيزنطية بقيادة الملوك والرهبان، وبرعاية وتوجيه من الكنيسة التي كانت وراء كل المواقف المضادة للإسلام قبل الحروب الصليبية وبعدها.
وعلى الرغم من هذا الوجه الكنسي الديني للحرب، ولكن الباحثين يضيفون إليه الدافع الاقتصادي الذي كان وراءه البرجوازية الأوربية الناشئة، بل إنّ الصراع في وجوهه كلها صراع حضاري بين حضارتين وأسلوبين مختلفين في النظر إلى الكون والحياة، ولكنه من الصحيح أن يقال بأنّ واقع المسلمين المتردي آنذاك هو الذي شجع المسيحيين على التحرك والمبادرة. ففي الأندلس أخذت الحواضر الإسلامية تتساقط بيد الإمارات الأسبانية المجاورة، وفي المشرق والمغرب لم يكن العالم الإسلامي على وفاق ووحدة، بل كان الفاطميون يستقلون بالمغرب والعباسيون بالمشرق فضلاً عن الدويلات المستقلة الكثيرة في الهند وإيران وفي الأقطار العربية ذاتها. ولولا هذه التجزئة وهذا التشتت والضعف ما كان للمسيحين أن يتحركوا في البر أو البحر، لأنّهم خبروا من قبل المسلمين وقوة شوكتهم في القتال يدفعهم في هذا روحية عالية في حب الاستشهاد ورغبة عميقة في نشر دعوة الحق في الأرض.
وعلى الرغم من الحشود الأوربية الهائلة التي بلغت حوالي ثلاثمائة ألف رجل، وعلى الرغم من أنّ عدد الحملات الصليبية بلغ السبع على فترات متقاربة شملت أرض الشام ومصر، ومع كل ما اقترفه الصليبيون من جرائم وقتل وتدمير فإنّهم لم يستطيعوا الإحساس بالأمن والاستقرار في ديار الإسلام طيلة القرنين اللذين مكثوا فيها، فسرعان ما قيض الله لدينه وعباده مَن ينافح عنهما بروح جهادية مع قلة العدد إزاء الوجود الصليبي الذي شمل أمم أوربا كلها. وكانت هذه الشخصية هي شخصية صلاح الدين الأيوبي (الكردي الأصل)، وكانت خيبة النصرانية كبيرة، وكانت هزيمتهم منكرة، وانتهت هذه المرحلة من الصراع بين الإسلام والغرب، في انتظار مرحلة قادمة بتصور جديد وأسلحة جديدة (وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ) (آل عمران/140).
وقبل الحديث عن هذه المرحلة لابد من وقفة عند آثار الاحتكاك الغربي، وما أفاده الأوربيون من علاقاتهم بالإسلام سواء عن طريق الحرب أو التجارة أو الصناعة أو الثقافة والفكر.
ـ أثر الحضارة الإسلامية على حركة الحياة الأوربية:
لم تكن الحروب الصليبية ـ كما نعلم ـ أول احتكاك بين الإسلام والغرب، بل كان هناك هذا الاحتكاك منذ السنين الأولى من تاريخ الإسلام، عن طريق الفتوحات الإسلامية عبر الشام وعبر الشمال الأفريقي، ثم الأندلس وجزر البحر الأبيض المتوسط.
وما من شك في أنّ الحضارة الإسلامية في العصرين الأموي والعباسي على وجه الخصوص، قد أفادت من الحضارة اليونانية عبر جهود الترجمة التي قام بها العلماء العرب والمسلمون لكثير من المعارف التي كانت سائدة آنذاك عدا المعارف التي تتعلق بالعقائد الوثنية اليونانية، ثم كان الهضم والتمثل والإضافة والإبداع ذو الخصوصية الإسلامية الذي شارك فيه العلماء المسلمون من الأجناس المختلفة المكونة للحضارة الإسلامية.
وكان على أوربا أن تتلقى العلوم والمعارف على أيدي علماء الإسلام بعد أن كانت تغط في سباتها العميق في مرحلة ما سموه بالعصور الوسطى وكان ذلك عن طريق التماس والتفاعل العميق في كل من الأندلس وصقلية، وعبر الحروب الصليبية.
لقد أسس المسلمون في الأندلس حضارة عريقة شملت مظاهر الحياة كافة من علوم وصناعات وفنون ومظاهر سلوك، بحيث أصبحت الأندلس من الحواضر الإسلامية المرموقة، وكانت قبلة للزوار من طلبة العلم والعلماء على السواء، سواء من المشرق الإسلامي، أو الغرب الأوربي. وكان الاتصال بين المسلمين والأوربيين سهلان وكان اللقاء والتلاقح قائمين حيث كان الإقبال شديداً على تعلم اللغة العربية وتعلم أنماط العلم والثقافة، وتقليد المسلمين في مظاهر حياتهم الحضارية. وكانت الترجمة من العربية إلى الاتينية واحداً من مظاهر هذا التفاعل، وكان اقتناء الكتب، وإنشاء الجامعات على غرار الجامعات العربية مظهراً آخر من مظاهر هذا التقليد والاقتباس.
هذا في مراحل السلم، أما في المرحلة التي استطاعت الإمارات الأوربية المجاورة للأندلس أن تتهيأ للهجوم على الحواضر الإسلامية الأندلسية، فكانت تستولي على مكتباتها وتجتهد في ترجمتها خاصة تلك التي تتوفر على علوم الهندسة والطب والفلك وغيرها، حدث هذا حين استولى الفونس السادس سنة 1085م على قرطبة، ثم تبعتها طليطلة وساليرنو وغيرها.
أما صقلية التي فتحها الأغالبة القادمون من تونس عام 827م، وتمكنوا ـ بعد ذلك ـ من تهديد روما مرتين، مما اضطر البابا حنا الثامن أن يدفع الجزية لمدة سنتين. في هذه الجزيرة أقيمت حضارة راقية تضاهي الحضارة التي قامت في الأندلس. وكان انتقال الحضارة الإسلامية منها إلى أوربا سريعاً ومؤثراً، وقد وصفت صقلية بأنّها جنة أهل العلم آنذاك، وقد بدت آثار الحضارة الإسلامية فيها. ويمكن أخذ (فردريك الثاني) حاكمها الذي أغرم بالعلوم الإسلامية والثقافة الإسلامية مثالاً لهذا.
أما اللقاء الإسلامي الأوربي عبر الحروب الصليبية، فقد كان عظيم الأثر في حركة الحياة العلمية والفكرية في أوربا. فقد عاد الأوربيون بعد هزيمتهم في المشرق الإسلامي، وهم أكثر معرفة وخبرة بطبيعة الحياة في العالم الإسلامي، فلم يعودوا يؤمنون بما كان يروجه القساوسة والرهبان عن هذه الحياة وعن طبيعة التفكير لدى المسلمين، بل عادوا وهم يحملون معلومات ناضجة، وتجارب غنية عن الإنسان المسلم وإنجازاته العلمية، وعن الأرض وطبيعتها، بل وعن مواطن القوة والضعف في الديار الإسلامية عامة.
ويمكن القول بأنّ (الحروب الصليبية انتهت بانتصار المسلمين عسكرياً، إلا أنّ المسيحيين استطاعوا أن ينتصروا علمياً من خلال الذخائر العلمية التي حصلوا عليها في فترة حربهم مع المسلمين) ..
لقد حدث في أوربا بعد الحروب الصليبية ثورات كبرى في مجال العلم، بل والدين. ففي مجال العلم كان ظهور المنهج العلمي التجريبي الذي نما وازدهر على أيدي المسلمين، بعد أن استنقذوه من أيدي تلاميذ أرسطو الذين رسخوا المنهج الاستنباطي لسنين طويلة، فكان ظهور روجرز بيكون، 1214 ـ 1294م الذي كان على صلة تامة بالعلوم العربية ومنهجها، ثم تلاه فرنسيس بيكون وغاليلو وغيرهم، حيث كانت جهودهم امتداداً لجهود الرازي وجابر بن حيان وابن الهيثم وابن النفيس وغيرهم من العلماء المسلمين. وعلى المستوى الديني كان ظهور توما الإكويني 1255 ـ 1274م، الذي أصلح كثيراً من مظاهر التفكير اللاهوتي المسيحي بما تعلمه من مناهج المسلمين وطرق تفكيرهم في العلوم والعقائد، ثم تلاه مارثن لوثر الألماني بثورته الدينية العارمة التي اقتبست الكثير من طريقة المسلمين في علاقتهم بربهم وعلمائهم الروحانيين خاصة.
إنّ الأمر الذي يكاد يجمع عليه الباحثون عدا بعض المستشرقين والمفكرين الأوربيين المتعصبين هو أنّ أوربا أفادت من علاقاتها بالإسلام وأهله في مواطن اللقاء كلها، وإنّ النهضة الأوربية لم تحدث في القرن السادس عشر كما هو شائع، بل بدأت قبل هذا منذ القرن العاشر بفعل الشروع بحركة الترجمة والنقل عن العربية عبر الأندلس وصقلية، كما أشرنا. ولقد كان التأثير الإسلامي شاملاً في العلم والفنون والآداب والعادات، ويحضرني هنا قول للروائي الفرنسي (استاندال) في كتابه (في الحب): (لقد كنا برابرة ... لقد اقتبسنا أنبل عاداتنا عن طريق الحروب الصليبية والغرب في أسبانيا).
على أنّه من الضروري التأكيد على أنّ الأوربيين أخذوا من المسلمين الوسائل، ولم يأخذوا الغايات والأهداف، وكان لهم طريق ومنهج آخر في التعامل مع العلوم الإسلامية، بل إنّهم حين دالت دولة الإسلام، وقويت شوكتهم أعادوا الحروب الصليبية ثانية، ولكن بأساليب جديدة وأحقاد جديدة، وعاد الصراع كما هو، وعاد الشرق شرقاً، والغرب غرباً، كما هما منذ قديم الزمان، ولكن الهجمة الأوربية في هذه المرحلة كانت قاسية وتدميرية.
ـ العصر الاستعماري:
لعل أفضل تسمية لهذا العصر الذي يطلق عليه عصر النهضة أو العصر الحديث أن يسمى بعصر الاستعمار، لأنّ أبرز ظاهرة فيه هي ظاهرة الاستحواذ على خيرات الشعوب واستعبادها. وهذا بعد أن أصبحت أوربا قوة، وذلك لأسباب عديدة.
ويهمنا أن نشير هنا إلى الخطط التي وضعتها أوربا المسيحية لمواجهة الإسلام بعد فشلها في الحروب الصليبية. لقد أدرك المهزومون عسكرياً أن لا جدوى من قتال المسلمين ومواجهتهم مواجهة مباشرة في سوح القتال، وأنّه لابد من سبل أخرى لاختراقهم وإضعافهم والانتصار عليهم. وهذا هو فحوى وصية (لويس التاسع) قائد الحلمة الصليبية السابعة (وهي الأخيرة) إثر عودته إلى فرنسا بعد وقوعه أسيراً في درنية المنصورة بمصر. وكان لابد من تغيير المنهج والأداء في التعامل مع الإسلام ومعتنقيه، بعد هذا التعرف على مواطن قوته التي تكمن في عقيدته وشريعته.
وهكذا كان، فقد اتجهت أوربا اتجاهين متوازيين يعضد أحدهما الآخر:
الأول: تقوية أوربا عسكرياً واقتصادياً وعلمياً.
والثاني: اختراق العالم الإسلامي وتطويقه ودراسته دراسة قائمة على العلم والمكر والدهاء.
أما كيف قويت أوربا واغتنت فتلك قضية تحتاج إلى بسط في القول وتفصيل، نجمله بالقول بأنّ أوربا بعد التحدي الإسلامي الذي واجهها واستعصى عليها وخضد شوكتها، خاصة بعد التقدم الإسلامي من جهة الشرق على يد الأتراك، وبقيادة محمد الفاتح، الذي تم على يديه فتح القسطنطينية عام 1453م، أعتى وأمنع حصن للصليبية، وكاد يواصل تقدمه إلى قلب أوربا وغربها، لولا ظروف يصعب الإشارة إليها في هذا المجال، أقول بعد هذا الهجوم الإسلامي أفاقت أوربا من هول الصدمة ورجعت إلى ذاتها واستندت بتراثها وعجلت من تكثيف جهودها على إخراج المسلمين من الأندلس، وقد تم لها هذا بعد مقدمات كثيرة بدأت بالاستيلاء على المدن الأندلسية الواحدة تلو الأخرى، وكان آخرها سقوط غرناطة عام 1492م. وقد تزامن مع هذا الجهد العسكري جهد مكثف من لدن الأسبان والبرتغاليين لاختراق طرق التجار التي كانت بيد المسلمين، وقد توجت هذه الجهود بالوصول إلى الأمريكتين على يد كريستوفر كولومبس عام 1492م، وهو نفس العام الذي استولى فيه الأسبان والبرتغاليون على غرناطة آخر حصن للمسلمين في الأندلس. وتشير بعض المصادر إلى أنّ هذا الاكتشاف تم بالاستعانة ببعض البحارة المسلمين وبالمعلومات الجغرافية التي توصل إليها المسلمون. فمن المعلوم أنّ الشريف الإدريسي صنف كتابه الهام (نزهة المشتاق في اختراق الآفاق) تحت رعاية الملك رجار الثاني في صقلية. وكان قد أشار فيه إلى كروية الأرض وإلى معلومات فلكية وجغرافية وظفت في عصر النهضة العلمية والكشوفات الجغرافية فيما بعد.
وعلى المستوى الداخلي الأوربي فقد ساعد التحرر السياسي والديني من يود الكنيسة التي كانت متحالفة مع الملوك والإقطاع على التطور والنمو في التجارة والزراعة والصناعة ومجالات الابتكار العلمي كافة. وقد رفعت المصادرة والتأمين والضرائب الباهظة على النشاط التجاري والصناعي والزراعي، وأسست الشركات المساهمة وتم التنظيم الدقيق للعمل، وساهمت الدولة في تعضيد النشاط الفكري والعلمي فكان ما كان بعد هذا من الثورة الصناعية والانتقال من الخشب إلى الحديد ثم إلى الكهرباء ... وكان أن التحم العلم والثروة والسياسة في وحدة وتعاون، بعد أن كان كل منهما يسير في سياق مستقل.
على أنّ أهم مصدر من مصادر الغنى الأوربي في هذه المرحلة هو النهب الاستعماري في القرن الخامس عشر على يد البرتغاليين والأسبان الذين ذهبوا للبحث عن الذهب في أفريقيا الغربية ثم انتقلوا منها إلى الهند، ثم تبعهم الهولنديون الذين نهبوا خيرات الدول الواقعة جنوب شرق آسيا مثل ماليزيا والفلبين وأندونوسيا، وجاء بعدهم الفرنسيون وما كان منهم من نهب في الفيتنام، وما كان منها من استحواذ على خيرات أفريقيا الشمالية والوسطى، فكان العنب من الجزائر والمنغنيز من المغرب وموريتانيا، والنفط من الغابون .. وأخيراً ورثت بريطانيا هذه الدول الاستعمارية وكانت أكبر دولة أوربية تستأثر بثروات الأمم وتستجلبها إلى بلادها، ولعل نهبها لدولة كبيرة مثل الهند خير دليل على حجم الأموال والثروات والطاقات التي أفادتها من هذه البلاد. وكان ما كان بعد هذا من نمو الصناعة الأوربية بفضل نمو رأس المال وتكديسه في أوربا، فكان السعي الحثيث ـ بعد هذا ـ إلى السيطرة على الأسواق خارج أوربا، فكان التنافس مرة أخرى على تصريف السلع والمنتجات في بلدان العالم الفقير في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية. وكان هذا الاستئثار والنهب والتدمير ذا وجهين: وجه استجلاب المواد الأولية للصناعة من البلاد المستعمرة، ووجه تصدير هذه المواد بعد تصنيعها إلى هذه البلدان نفسها ..
لقد كانت مرحلة عتو واستكبار وشراهة أوربية على خيرات الشعوب واستعبادها. فما من دولة أو منطقة من مناطق العالم غير الأوربي إلا ولونت بلون الدولة الأوربية التي تستعمرها مثل أسبانيا، هولندا، بلجيكا، ألمانيا، فرنسا، بريطانيا، بل وروسيا القيصرية التي استطاعت أن تقضم المنطقة تلو المنطقة من الدولة العثمانية وإيران، وتدخل في التنافس على اقتسام العالم الإسلامي وتمزيقه ونهب خيراته، وتدمير حضارته، واستغلال إنسانه. استوت أوربا كلها غربها وشرقها في هذا الهدف الاستعماري التدميري وتعاونت جميعها في تبادل الخبرات وتطوير وسائل التدمير والنهب والإضعاف.
لقد تكدست الثروات في أوربا، وساهمت في تعجيل وتيرة التقدم العلمي، ومدت الآلة العسكرية بمزيد من التطور، وساهمت في الإنفاق على الأساطيل التي صارت تجوب شرق العالم وغربه، ومن ثم إنفاق الأموال الطائلة على كل ما من شأنه إضعاف المسلمين، ووضعت خططاً شاملة لهذا التدمير والاستغلال والإضعاف. وكان أن أفادوا من تجاربهم السابقة الفاشلة.
فقد تعلموا أنّ الحرب والعداء المباشر ونفي الدين الإسلامي غير مجد، فلابد من تحسين صورة المحارب الأوربي والجيوش الأوربية الغازية للعالم الإسلامي على أنّ هدف الأوربيين هو التحضير وتحرير الشعوب من الجهل، أو من (الاستعمار التركي) كما صورته الدراسات الأوربية. وقد تعلموا كذلك أنّهم كانوا إبان الحروب الصليبية قد أقبلوا على بلاد لم يدرسوها جيداً، فلابد أن توضع الدراسات الشاملة المعمقة المتشعبة لديار الإسلام في هذه المرحلة من أجل الاختراق ومن ثم الاستيلاء، ولم ينسوا في هذا المجال أن يلتفتوا إلى مسألة التعاون مع الأقليات غير الإسلامية واستغلالها في خلق بؤر وجيوب مناصرة لهم داخل الجسم الإسلامي.
تعلموا هذا كله، واستغلوه أحسن استغلال، وكان الانسجام والتنسيق التام بين الأهداف والوسائل، فكان الاستشراق. وكان ثمة فرق بين ترجمة العلوم الإسلامية إلى اللاتينية أثناء الحروب الصليبية وبعدها، وبين دراسة العالم الإسلامي والتعرف على تراثه وخصائصه وطرق تفكيره وكنوزه ومواطن قوته وضعفه في هذه المرحلة. فقد كانت الأولى من أجل إثراء الثقافة الأوربية ورفع مستواها إلى الدرجة التي أتاحت لها فعلاً تلك الخطوات الموفقة التي هدتها إلى حركة النهضة. أما المرحلة الاستعمارية فقد كان فيها هذا الانفتاح على عالم الإسلام ودراسته من أجل تعديل حضاري وسياسي في المنطقة الإسلامية نفسها بما يخدم أوربا ذاتها فكان لهذا الاستشراق أهداف متعددة، منها الدينية من أجل تشويه الإسلام والوقوف في وجه امتداده إلى أوربا، ومنها الاقتصادية لتسهيل اكتشاف ممرات البحار الإسلامية، والصحاري الشاسعة في البلاد الإسلامية، وإمداد يد العون للجيوش الاستعمارية، وكانت وسيلتهم في ذلك الرحّالة والمغامرين، فضلاً عن الأهداف السياسية الطامحة إلى وضع مخطط جديد للمنطقة بحيث تلحق كلياً بأوربا، وتصبح جزءاً من منظومتها الحضارية، بعد عمل الوسائل اللازمة لتفريغ العقل الإسلامي من موروثاته وخصائصه كلها.
وكان قبل البدء بالهجوم العسكري والانقضاض على الجسم الإسلامي لابد من رسم خارطة لهذا الجسم. وكانت البداية جيشاً من نمط آخر، جيشاً من الرهبان والقناصل والمتطوعين ممن عرفوا شيئاً من العربية في أوربا، و في طول العالم الإسلامي وعرضه، يجمع المخطوطات العربية وغير العربية في بلاد الإسلام شراءً وسرقة، شأنها شأن ما تم من سرقة الآثار الثمينة في إهرامات مصر وغيرها من آثار المدن التاريخية في مشرق العالم الإسلامي ومغربه من طنجا إلى جاكرا، ثم يتبرعون بهذه الكنوز إلى الملوك أو الكنائس أو المؤسسات التي وظفتهم لهذا العمل الذي سيخدم الاستعمار العسكري ويمهد له.
ثم عضد هذا جيش آخر من المبشرين الذين توزعوا ما بين أفريقيا وآسيا بحماس منقطع النظير، إذ عاشوا في بيئات صحراوية أو استوائية صعبة، يحملهم على هذه التضحيات الأهداف الدينية المسيحية التي نذروا أنفسهم من أجلها. وكان هذا الجيش من المبشرين ينجح في أحيان كثيرة في تنصير الناس من غير المسلمين في أفريقيا وآسيا، وفي أحيان قليلة بين أوساط المسلمين وبين الأطفال والمعوزين والمرضى، لأنّهم وجدوا في العلاج الطبي مدخلاً إلى قلوب الناس، إذ كان منهم الطبيب أو ممن له طرف من العلم الطبي. وكانت لديهم إمكانات مادية ضخمة توفرها لهم الكنائس ووزارات ما وراء البحار، وكانوا يستثمرون هذه الإمكانات لتنصير الناس الفقراء خاصة.
وكان هذا التبشير يتقدم ويكسب مواقع جديدة في دار الإسلام فكان يقوم عمله باستمرار بتوجيه من مراكز القرار في أوربا، وقد عقدت عدة مؤتمرات لدراسة ثمار التبشير في العالم الإسلامي، منها المؤتمر الذي ترأسه الأب زويمر في القاهرة عام 1956. وقد استوحى أ.ل. شاتليه من هذا المؤتمر تعبير (الغارة على العالم الإسلامي) بكل ما تعنيه الغارة من استعداد للغزو بأسلحته ومعداته.
وكان الاستشراق أكثر جهداً وأعظم أثراً في التعرف على العالم الإسلامي من الداخل. وكان قد مر بمراحل متعددة تطورت فيها أدواته وأساليبه، تبعاً لتغير أهدافه، فهو بعد الحروب الصليبية غيره في مرحلة القرن الخامس عشر والسادس عشر، وهو غيره قبيل الحرب العالمية الأولى، كما هو غيره بعد الحرب العالمية الثانية، وفي مرحلتنا المعاصرة اليوم.
ولقد تعاون التبشير والاستشراق معاً في اختراق العالم الإسلامي، وعملا على تشويه الإسلام في الذهنية الأوربية، وإضعاف تأثيره بين أبنائه، كما استطاعا أن يكونا سلاحين ماضيين بيد الاستعمار مهد له القيام بمهمته العسكرية والسياسية والثقافية أحسن تمهيد، بل إنّهما صنعا جيوباً دينية وفكرية موالية للاستعمار ساهمت في توطيد أركان حكمه فيما بعد.
بناءً على هذا الجهد المسبق الدؤوب الذي كان أبطاله من الرحالة والمكتشفين والتجار والمغامرين والمبشرين والمستشرقين، تكونت الصورة كاملة في الذهن الأوربي عن (الآخر)، وبدأ الهجوم والانقضاض على ديار الإسلام مشرقها ومغربها، ولم يكن هذا الهجوم من دولة واحدة، ولا في وقت واحد، بل من دول أوربية عدة، وفي أوقات متعددة. انطلقت أوربا الفتية تطوق دار الإسلام من شواطئ المغرب إلى شواطئ الهند وجاوة وسومطرة. كان ذاك ابتداءً من يوم تهاوت قلاع الإسلام في الأندلس فكان الأسبان والبرتغاليون مزهوين بروح الانتصار قد انطلقوا إلى شواطئ الأمريكتين، وإلى شواطئ أفريقيا الغربية والجنوبية ثم إلى جنوب شرقي آسيا، وكانوا يقتلون يدمرون الحواضر والمدن السياحية بمدافعهم ونيرانهم، ثم تجرأوا وأخذوا يتابعون المسلمين الفارين من مذابحهم في الأندلس، فاحتلوا كثيراً من الموانئ المغربية، ثم توجهوا صوب الموانئ الجزائرية، فاحتلوا تلمسان ووهران، حتى وصلوا إلى طرابلس الغرب، ونكلوا بأهلها أشد التنكيل، ثم لم يلبثوا أن تخلوا عنها لفرسان القديس يوحنا.
وكان الهولنديون يتسابقون والبرتغاليين كفرسي رهان في خوض بحار المسلمين، فقد أعقبوا البرتغاليين في احتلال الخليج، ثم نافسهم في السيطرة على جزر الفلبين وأندونوسيا وماليزيا وجنوب الهند، وكانت لهم شركاتهم التجارية مثل شركة الهند الشرقية التي كانت سابقة لمثيلتها الإنجليزية التي مهدت لاحتلال الهند، درة تاج المستعمرات البريطانية بعدئذ. وكانت الغلبة النهائية لبريطانيا في الخليج في أواخر القرن السادس عشر بعد طرد الهولنديين منه، ثم دخلت فرنسا وألمانيا وغيرهما من الدول الأوربية بقوة في احتلال المناطق الإسلامية في آسيا وأفريقيا المنطقة تلو المنطقة، وكان هذا قبل الحرب العالمية الأولى والسيطرة الكاملة على العالم الإسلامي.
وقصة هذا الغزو العسكري طويلة ودامية، ونريد أن نشير فقط إلى بعض المواقع لنرصد الخطوط العامة لهذا التسابق الأوربي الشره لتدمير العالم الإسلامي. فبعد السيطرة البرتغالية والهولندية والبريطانية على بحار جنوب شرق آسيا واستثمار بلاد التوابل والعجائب، دخلت فرنسا بقوة لتحتل مصر بقيادة نابليون فيما سمي بالحملة الفرنسية عام 1798م. وكثيراً ما يؤرخ لهذه الحملة على أنّها فاتحة تنوير ونهضة لبلاد العرب، في حين إنّها ـ كما يلاحظ كاتب عربي كبير مثل محمود محمد شاكر ـ جاءت لوأد النهضة التي كانت تتحفز على يد العلماء الكبار مثل الجبرتي والبغدادي والزبيدي، فكان أن نقلت كنوز القاهرة من المخطوطات خلال ثلاثة أعوام من الاحتلال إلى باريس.
ثم تلا ذلك حملتها على الجزائر عام 1830م، وما رافقها من مجازر ومذابح استمرت حتى عام 1847م و استسلام بطل المقاومة الأمير عبدالقادر الجزائري، وليظل الاحتلال مائة عام كاملة من المظالم والدمار للحرث والنسل والدين والحضارة، وكان عام 1882م حيث احتلت فرنسا بقوتها وجبروتها تونس، وأكملت أطباقها على الشمال الأفريقي عام 1916م حين فرضت الحماية على المغرب، ثم واصلت امتدادها في أفريقيا عبر الصحراء الكبرى لتحتل السنغال والنيجر ومالي وتشاد والكاميرون وغيرها، وكان ذلك بفضل قوتها العسكرية التي كونتها من النهب الاستعماري للعالم الإسلامي، وبفضل جيش الرحالة والمبشرين وموظفي وزارة ما وراء البحار.
وفي طرف آخر من العالم الإسلامي كانت بريطانيا تكون إمبراطوريتها التي لا تغيب عنها الشمس من الهند فأفغانستان ثم إيران والخليج، حتى إذا ما أعلنت الحرب العالمية الأولى كانت حصة الأسد لها من أملاك الدولة العثمانية، فكان أن احتلت العراق وفلسطين والجزيرة العربية. ومن المعلوم أن مصر وقعت بأيديهم منذ عام 1882م. ولقد صدق الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء في العراق حين عبر شعراً عن خبث الانجليز وحقدهم وعدائهم للعرب والمسلمين:
كم نكبة تحطم
الإسلام فيها والعرب
فالأنجليز أصلها
فتش تجدهم السبب
بل كل ما في الأرض من
ويلات حرب وحرب
هم أشعلوا نيرانها
وصيروا الناس الحطب
وا سوأتا إن حدّث الـ
ـتاريخ عنهم وكتب!!
ولقد عبر عن هذا الحقد الصليبي على الإسلام قائدهم الجنرال اللنبي حين احتل القدس ووقف على قبر صلاح الدين الأيوبي قائلاً: (اليوم انتهت الحروب الصليبية).
ولقد أشرنا من قبل أنّه ما من دولة أوربية إلا كانت تتمنى أن يكون لها نصيب من أشلاء العالم الإسلامي، فهذه إيطاليا بعد امتلاكها للحبشة تنظر يمنة ويسرة لتبتلع أقرب أرض إسلامية لها، ألا وهي ليبيا، وكان لها أن احتلتها عام 1911م، وكان احتلالاً لم يعرف إلا الحرائق والتدمير والتهجير والإبادة، بحدودهم إلى ذلك حقد ربما فاق أحقاد الصليبيين الآخرين. هاك نشيدهم الذي كان يردده جندهم آنذاك، وهو من نظم شاعرهم العنصري رانزيو:
يا أماه ..
أتمي صلاتك، ولا تبكي، بل اضحكي وتأملي
ألا تعلمين أنّ إيطاليا تدعوني
وأنا ذاهب إلى طرابلس فرحاً مسروراً
لأبذل دمي لسحق الأمة الملعونة
ولأحارب الديانة الإسلامية التي تجيز البنات الأبكار للسلطان
وسأقاتل بكل قوتي لأمحو القرآن!!.
وهكذا تناوشوا قلب العالم الإسلامي وأطرافه، وعقدوا المؤتمرات الدولية لاقتسام الحصص، وكان المسلمون في هذه المؤتمرات كالأيتام على مائدة اللئام، فكان مؤتمر سايكس بيكو عام 1916م بعد الحرب العالمية الأولى، وكانت الشعارات التي تفتقت عنها العبقرية الأوربية في المكر والدهاء والخبث، مثل شعار الحماية والوصاية وتقرير المصير، وكانت كلها حبراً على ورق، وكانت من قبيل ذر الرماد في عيون الأمم المغلوبة التي لا تستطيع تقرير مصيرها إلا إذا قرر السيد القوي تقرير هذا المصير، وقد قرر العبودية للأمم المغلوبة، حتى ولو دخلت دين النصرانية نفسه!! فهذه أفريقيا دخلت بعض دولها في النصرانية ودخل بعض الفقراء منها في هذا الدين، فهل وجدوا العزة والغنى والتقدم؟! أم أنّ الاستغلال والاقتصاد هو الدين الأول لأوربا قبل أي دين؟!!.
ولعل المرء يتصور أنّ الأوربيين نظروا إلى الشعوب المستضعفة التي وقعت في شراك احتلالهم، وخاصة أمة الإسلام على أنّها شعوب قاصرة، لم تبلغ سن الرشد بعد، وهي ـ بهذا ـ بحاجة إلى حماية عم أو ولي حميم، وكان هذا العم أو الولي، أوربا بكنيستها واستعمارها ورؤسائها المكرة!!.
وارجع إلى الفترة التي تم فيها ذلك الانتداب والحماية والوصاية، وانظر إلى حنان ذلك الولي ومسؤوليته إزاء الطفل القاصر، كيف كان التدجين له على أن يكتسب لساناً جديداً وعادات غير عاداته، وديناً غير دينه، وكيف كانت عمليات التفسيخ والمسخ والإلحاق بحضارة الوصي، ودينه. وكيف كان العمل قائماً على قدم وساق، ولكن بشكل غير كشوف في بعض الأحيان، من أجل أن يكون العالم الإسلامي كله تابعاً للمركز الأوربي سياسياً واقتصادياً وحضارياً ..
وارجع ثانية إلى فترة الحماية والوصاية آنذاك وتأمل كيف كانت تدار الحكومة، أبالملك أو الرئيس، أم بالمستشار الإنجليزي الذي يحرك الملك والرئيس، كما تحرك اليد دمى القراقوز في لعبة خيال الظل أو لعب الأطفال؟!!.
مهما يكن فقد وقع العالم الإسلامي في كماشة الصليبية الجديدة، وحكم حكماً عسكرياً مباشراً أحياناً وحكماً غير مباشر على أيدي أناس أمناء على مصالح الاستعمار في أحيان أخرى، إلى أن جاءت المرحلة التي أخذت شعوب العالم تنتقض على هذا الكابوس الاستعماري لتتحرر منه فكان للعقل الأوربي الذي قطع شوطاً بعيداً في ميادين العلم أن يوظف أدوات للعلم خارج المعامل والمختبرات حيث ميدان السياسة والعلاقات بين الأمم، فكانت له لعب وأساليب جديدة في التعامل مع الثورات ومع الشعوب المطالبة بالاستقلال، فصار يأخذ باليسار ما يعطيه باليمين بحيث أفرغ بعض الاستقلالات من محتواها، وعاد الاستعمار من جديد ولكن بأثواب جديدة، وبقيت الأغلال ترسف من جديد بالرقاب، ولكنها ربما تكون أغلالاً من ذهب!! كي يُمنّي العبد أو الأسير نفسه بما يرى، وأنى له ذلك التمني!!.
على أنّه من الضروري الإشارة إلى ردود الفعل من لدن انسان المنطقة المسلم على وجه الخصوص، متمثلاً بقادته وعلمائه والمثقفين الأحرار منه. فلم تكن جيوش الاستعمار لتجد أرضاً خالية دون شعوب أو حضارات، بل ودت أمة كانت ـ في الحقبة السابقة من الزمن ـ معلمة للعالم ومنه أوربا نفسها، وكانت صاحبة حضارة تميزت بعقيدة ربانية وعلم نافع وتعامل مع الشعوب رحيم رؤوف، ولكن عوادي الزمن ـ ولأسباب كثيرة ـ جعلتها تضعف وتتخلى عن وظيفتها القيادية. ولكنها لم تستكن لجحافل الغزاة بل كانت تقاوم على قلة من السلاح وعدم تكافؤ في القوة. فكانت تقاوم الروس كما تقاوم الإنجليز والفرنسيين على السواء فكان أبطال المقاومة من أمثال الشيخ شامل في المناطق الإسلامية التي احتلها الروس، وعبدالكريم الخطابي في المغرب، وعبدالقادر الجزائري في الجزائر، وعمر المختار في ليبيا، وأحمد عرابي في مصر، ومحمد تقي الشيرازي، قائد ثورة العشرين في العراق، بالإضافة إلى أبطال المقاومة الآخرين في إيران، وفي الشام، وفي السودان.
ومثلما كان الأمر على مستوى المقاومة العسكرية، كانت هناك المقاومة الثقافية التي حاولت أن تحافظ على أصالة الأمة وحضارتها، وكان لهذا الميدان رجاله من العلماء والساسة والأدباء، ولكن كفة المحتل بما لديه من قوة وإغراء وسيطرة على مقاليد الحكم جعل الميزان يميل لصالح كفة المتغربين والراضين بـ (نعمة) الاحتلال، والداعين إلى الأخذ بحضارته، خيرها وشرها، حلوها ومرها، كما جاء على لسان واحد من دعاة التغريب.
المصدر: الثقافة الإسلامية بين التغريب والتأصيل
ماذا يحدث للجسم عند تناول اللوز يوميا؟
كشفت الدكتورة سينتيا ساس، أخصائية التغذية الأمريكية الشهيرة، ماذا يحدث في الجسم عند تناول اللوز يوميا.
تشير الأخصائية، إلى أن نتائج الدراسات الأخيرة، أظهرت أن تناول 40 غراما من اللوز في اليوم، يخفض مستوى الكوليسترول الضار، ويساعد على جعل مستوى ضغط الدم طبيعيا، ويساعد الأوعية الدموية على الاسترخاء.
اللوز يساعد على تخفيض مستوى الكوليسترول
وتضيف، اللوز غني بمضادات الأكسدة والمواد المغذية. فمثلا تحتوي 23 حبة من اللوز على دهون مفيدة للقلب، وستة غرامات من البروتين النباتي وأربعة غرامات من الألياف الغذائية (13% من الكمية اليومية التي يحتاجها الجسم)، ونصف كمية فيتامين Е وفيتامين B وعناصر الحديد والبوتاسيوم والمغنيسيوم اليومية. مع العلم أن فيتامين Е في هذه الحالة يعمل كمضاد للأكسدة، ويحمي الخلايا من التلف (السبب الرئيسي للشيخوخة المبكرة والأمراض)، كما يدعم منظومة المناعة ويقلل الالتهابات ويساعد على توسيع الأوعية الدموية ما يحسن تدفق الدم.
وأما المغنيسيوم، فضروري ومهم لصحة الدماغ والعظام والمزاج والنوم وتنظيم مستوى السكر في الدم ومستوى ضغط الدم.
وتشير الخبيرة، إلى أن العلماء اكتشفوا أن اللوز يعمل كغذاء للبكتيريا المفيدة في الأمعاء، فعلى سبيل المثال، خضعت مجموعة من الطلاب لتجربة عام 2019 تضمنت تناول اللوز يوميا لمدة ثمانية أسابيع. وبعد انقضاء الفترة، لاحظ الباحثون حصول تغيرات في تركيب نبيت الأمعاء. فمثلا ازدادت عندهم اعداد البكتيريا المؤثرة في الوزن والأنسولين وتنظيم الكوليسترول.
وتضيف، وقد تم إثبات فائدة اللوز في تخفيض مؤشر كتلة الجسم وتخفيض محيط الخصر. وأن الدهون الصحية والبروتينات النباتية الموجودة في اللوز، تساعد على الشعور بالشبع وتأخير الشعور بالجوع.
وبالإضافة إلى هذا، أظهرت الدراسات الحديثة، أن اللوز يحتوي على سعرات حرارية أقل بنسبة 20% من المذكور في الملصقات، حيث لا تمتص جميع السعرات الحرارية من الأمعاء إلى الدم.
واتضح، أن اللوز يساعد على مكافحة شيخوخة الجلد. فقد أظهرت دراسة، تضمنت تقسيم النساء السليمات بعد سن اليأس المشتركات فيها، إلى مجموعتين. تناولت نساء المجموعة الأولى 20% من كمية السعرات الحرارية اليومية على شكل لوز لمدة 16 أسبوعا. وأما المجموعة الثانية فقد استمرت على النظام الغذائي المعتاد. وقد أظهرت نتائج هذه الدراسة، أن التجاعيد قلت عند نساء المجموعة الأولى مقارنة بنساء المجموعة الثانية.
المصدر: نوفوستي
فقه الاختلاف والمستقبل الإسلامي
د. أحمد التويجري
◄مقدمة:
الاختلاف سنة من سنّن الله في الحياة، وسرّ من أسرار الوجود العظمى. وهو بجميع درجاته، بدءاً من التناقض والتضاد إلى التشابه والتماثل، ضرورة حياتية لا يمكن أن يتصوّر وجود بدونها. ولئن كان جزء غير يسير من النصوص وجزء آخر من مأثورات الأئمة على امتداد التاريخ الإسلامي قد أفاض في ذم الاختلاف فإنّ ذلك محمول على الاختلاف المؤدي إلى الفرقة والتناحر والذي لم يبنِ على علم واجتهاد.. فقد جاءت نصوص ومأثورات أخرى تضع مبادىء وأصولاً للاختلاف المحمود ترتقي به في كثير من الأحيان إلى درجة الوجوب العملي، والتجربة الإسلامية على المستويين المعرفي والواقعي تؤكد أنّ الاختلاف كان دعامة من دعائم الوجود الإسلامي على مر العصور. فقد تعدّدت المدارس الإسلامية في كلّ ضرب من ضروب الحياة وفي كلّ فرع من فروع المعرفة. وكان نتيجة ذلك كلّه الرصيد المشرق للحضارة الإسلامية الذي لم تعرف البشرية له مثلاً على الإطلاق.
ومن المثير للعجب أن توجد في أوساط المسلمين بين الحين والحين تيارات تنفر من الاختلاف وتضيق به وتعدّه بكلّ صوره رجزاً من عمل الشيطان، بل تتعدى ذلك فتسعى جاهدة للقضاء عليه وإزالته من الوجود، متأثرة بأمور كثيرة أهمها، في نظري، عدم أو قلة فهم النصوص المحذرة من الاختلاف، أو وضعها في غير مواضعها، أو الخلط بين ما هو مطلق وما هو نسبي من الحقيقة، وقد كانت هذه التيارت وما تزال من أخطر ما تواجهه الأُمّة الإسلامية لما تحمله أطروحاتها من دواعي الفتنة والتناحر ولما تجسّده ممارساتها من حجر على الفكر وكبت للحرّيات. وقد أحسن الدكتور يوسف القرضاوي في وصف فئة من هذه التيارات حين قال في كتابه، (الصحوة الإسلامية بين الاختلاف المشروع والتفرق المذموم): "ونحن نشاهد على الساحة الإسلامية أُناساً لا هَمّ لهم إلّا الجدل في كلّ شيء وليس لديهم أدنى استعداد لأن يعدلوا عن أي رأي من آرائهم، وإنما يريدون للآخرين أن يتبعوهم فيما يقولون، فهم على حقّ دائماً، وغيرهم على باطل أبداً. منهم مَن يجادل في كلمات أعطاها اصطلاحاً خاصّاً خالفه فيه غيره، ويريد أن يلزم الآخرين برأيه مع أنّ علماءنا قالوا: لا مشاحة في اصطلاح. ومنهم مَن يذم التعصب للمذاهب، وهو يقيم مذهباً جديداً، يقاتل الآخرين عليه! ومَن يُحرّم التقليد ويطلب من الناس أن يقلّدوه! أو يمنع تقليد القدامى وهو يقلد بعض المعاصرين! ومَن يقيم معركة من أجل مسائل فرعية، وجزئية، اختلف السلف فيها وفي أمثالها، ولم تعكر لعلاقاتهم صفواً".
والمتأمّل في حال هذه الفئات يجد أن تأثّرها (وهو تأثّر غير شعوري) بالأعراف والتقاليد أكثر من تأثّرها بالأحكام الشرعية. وطالما عجبت لحماس كثير منهم وتشنجه في الإنكار على مخالفيه في مسائل مثل الموسيقى وغطاء وجه المرأة في حين لا يكترث باختلاف المسلمين في أركان الصلاة وواجبات الحج وبعض الأحكام الكبرى في الدِّين. والسبب الرئيسي، في نظري، لمثل هذه المواقف هو قلة الفقه بوجه عام، وقلة الفقه بما يمكر أن يطلق عليه "فقه الاختلاف" بوجه خاص ومن المحزن أن تكون هذه حال المسلمين، وموروثهم الفقهي زاخر بالمصنفات التي أفردت لقضايا الاختلاف وشرح أسبابه ودواعيه وتاريخهم في كثير من جوانبه هو في حقيقة الأمر ثمرة من ثمرات الاختلاف.
ولئن كان الفقه العام متيسراً للجميع، فإنّ فقه الاختلاف أمر دقيق يحتاج إلى عناية خاصّة، فعلى الرغم من كثرة المصنفات التي تطرقت إلى الاختلاف ومسائله فإنّ القليل القليل منها الذي قدم تأصيلاً له وبلور تصوّراً شاملاً للموقف منه، إذ اكتفت معظم المصنفات بذكر أسباب الاختلاف وسرد مسائله وبعض آدابه، دون تنظير فلسفي وتأصيل فقهي له.
إنّ فقه الاختلاف، في نظري، يتكوّن من ثلاثة جوانب رئيسة: الأوّل: جانب تصوّري عقدي يحرر الموقف الفكري والفلسفي للإسلام تجاه الاختلاف سواء من حيث تحليل الدواعي والأسباب، أم من حيث تقرير المقاصد والغايات. والثاني: جانب فقهي تشريعي يؤصل الضوابط والحدود للاختلاف ويرسي المبادىء والأصول العامّة له ويبيّن حقوق المختلفين وواجباتهم. والثالث: جانب أخلاقي يرسم المسار السلوكي للاختلاف ويحدد القيم والمثل التي يجب أن تحيط به.
وغني عن القول إنّ حاجة الأُمّة لهذا النوع من الفقه اليوم هي أعظم من أي وقت مضى، وهذه الدراسة محاولة متواضعة وجهد مقل للإسهام في هذا الجانب، وهي في حقيقة الأمر بداية تثير من القضايا أكثر مما تقدّم من الحلول، وتطرح من الأسئلة أكثر مما تقدم من الإجابات.
الاختلاف العام:
لا يسع المتأمّل في النصوص القرآنية إلّا أن يدرك أنّ الاختلاف سنة من سنّن الوجود، وسرّ من أسرار الحياة. بل لا يسعه إلّا أن يدرك أنّه النتيجة الطبيعية لحرّية الاختيار التي منحها الله عزّوجلّ لكلّ إنسان وجعلها مرتكزاً للابتلاء في الحياة الدنيا. وقد عدَّ الله عزّوجلّ الاختلاف آية من آياته التي يُهتدى بها إليه فقال: (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ) (الروم/ 22) وجعله في آية أخرى غاية من غايات الخلق: (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ) (هود/ 118-119) وقد اختلف المفسرون في تفسير قوله عزّوجلّ ولذلك خلقهم، فمنهم مَن ذهب إلى أنّ المقصود للاختلاف خلقهم وهو مُروى عن الحسن البصري. وقال مالك: خلقهم ليكونوا فريقين (فريق في الجنّة وفريق في السعير) وعلّق الفخر الرازي على الآية بتفصيل فقال: قال تعالى (وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ) وفيه ثلاثة أقوال: (القول الأوّل) قال ابن عباس: وللرحمة خلقهم، وهذا اختيار جمهور المعتزلة قالوا: ولا يجوز أن يقال: وللاختلاف خلقهم، ويدل عليه وجوه: الأوّل أنّ عود الضمير إلى أقرب المذكورين أولى من عوده إلى أبعدهما، وأقرب المذكورين ههنا هو الرحمة، والاختلاف أبعدهما. والثاني أنّه تعالى لو خلقهم للاختلاف وأراد منهم ذلك الإيمان، لكان لا يجوز أن يعذّبهم عليه، إذ كانوا مطيعين له بذلك الاختلاف. الثالث: إذا فسرنا الآية بهذا المعنى، كان مطابقاً لقوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ) (الذاريات/ 56)، فإن قيل لو كان المراد وللرحمة خلقهم لقال: ولتلك خلقهم ولم يقل ولذلك خلقهم، قلنا: إنّ تأنيث الرحمة ليس تأنيثاً حقيقياً، فكان محمولاً على الفضل والغفران كقوله (رَحْمَةِ رَبِّي) (الإسراء/ 100)، وقوله (إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) (الأعراف/ 56)، (والقول الثاني) أنّ المراد وللاختلاف خلقهم. (والقول الثالث) وهو المختار أنّه خلق أهل الرحمة للرحمة وأهل الاختلاف للاختلاف. روى أبو صالح عن ابن عباس أنّه قال: خلق الله أهل الرحمة لئلا يختلفوا، وأهل العذاب لأن يختلفوا، وخلق الجنّة وخلق لها أهلاً، وخلق النار وخلق لها أهلاً (انتهى كلام الرازي).
والذي أراه ولم أجده عند أحد من المفسرين هو أنّ المقصود لتكون لهم حرّية الاختلاف والقدرة عليه.
ومهما تكن الحال فإنّ للإسلام تصوّراً شاملاً للاختلاف في مستواه الإنساني العام. وهو إن لم يحرر في دراسة مستقلة إلّا أنّ استجلاءه متيسر من خلال كلّيات الإسلام ومبادئه العامّة. ومن أهم الأصول التي يمكن أن يُبنى عليها التصوّر الإسلامي للاختلاف على المستوى الإنساني ما يلي:
1- أنّ الاختلاف سنة كونية من سنّن الله عزّوجلّ في الوجود، وسرّ من أسرار الحياة التي لا يمكن أن تتصوّر بدونها، كما لا يمكن تصوّر زوالها في الحياة الدنيا إلّا بمعجزة إلهية.
2- أنّ الاختلاف جزء من الابتلاء الإلهي للإنسان في الحياة الدنيا، سواء أكان ذلك من خلال ما أودعه الله في طبائع الناس من اختلاف القدرات والملكات وما منحهم من حرّية الاختيار، أم من خلال ما نتج عن ذلك من اختلاف الملل والنحل ومناهج النظر والاستدلال والمعارف والعلوم.
3- أنّ حقّ الاختلاف مكفول للناس أجمعين ما لم يصدر عنهم بغي بأي صورة من الصور. والأصل في ذلك حرّية الدِّين التي أقرها الله عزّوجلّ للناس أجمعين، والنصوص في ذلك أكثر من أن تحصى في مثل هذه العجالة.
4- أنّ المعيار لاحترام الرأي المخالف هو التجرد من الأهواء وبذل الوسع في طلب الحقّ واجتناب البغي بكلّ صوره.
5- أنّ أمر من لم تبلغه الرسالة موكول إلى الله عزّوجلّ. وظنّنا أنّ الله لن يعذبه إذا كان متجرداً من الأهواء غير باغٍ وكان قد بذل وسعه في طلب الحقّ والأصل في هذا قول الله عزّوجلّ: (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا) (الإسراء/ 15) وقد ذهب إلى هذا أبو محمّد ابن حزم في (الأصول والفروع) حيث قال بعد أن أورد هذه الآية وقوله تعالى: (لأنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُلْ لا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ) (الأنعام/ 19)، قال: "فنصّ الله على أنّ النذارة إنما تلزم من بلغته وأنّه عالي لا يعذّب أحد إلّا بعد إرسال الرُّسل، فصح بهذا أنّ مَن لم تبلغه الدعوة إمّا لانقزاح مكانه، وإمّا لقصر مدته إثر مبعث النبيّ (ص)، فإنّه لا عذاب عليه ولا يلزمه شيء، وهذا قول جمهور أصحابنا.
6- أنّ كلّ رأي غير إسلامي منافٍ لما نعتقد هو ابتلاء من الله عزّوجلّ لصاحبه أوّلاً، وللناس، ونحن منهم، ثانياً وواجبنا تجاه صاحب هذا الرأي أن نبذل الوسع لتبيان الحقّ له بأحسن السُّبل التي نستطيعها.
7- أنّ نظرتنا إلى مخالفينا في أمور الدِّين هي نظرة إشفاق ورغبة صادقة في هدايتهم إلى الحقّ والخير، وهي نظرة نابعة من الشعور بالأخوة الإنسانية والمسؤولية الرسالية.
8- أنّنا مأمورون شرعاً ببذل الوسع لإبلاغ الناس ما نعتقد أنّه الحقّ، والواجب أن يكون إبلاغنا بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن والأصل في هذا قول الله عزّوجلّ: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) (النحل/ 125)، وقوله عزّوجلّ: (وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) (العنكبوت/ 46).
هذه جملة من الأصول الفكرية العامّة التي يجب أن تحكم اختلافنا مع غيرنا من غير المسلمين، ولا شك أنّ هناك أصولاً كثيرة غيرها، ولكن القصد هنا هو تبيان الخطوط العامّة والمعالم الكبرى.
اختلاف المسلمين فيما بينهم:
اختلط على كثير من المسلمين موضوع الاختلاف فلم يفرّقوا بين الاختلاف الذي نهت عنه النصوص، والاختلاف الذي لا مندوحة عنه والذي هو ضرورة بل رحمة في هذا الوجود، وقد نشأ هذا الخلط في نظري نتيجة لخلط آخر بين الرأي الناتج عن الهوى أو الذي لا يستند إلى دليل أو برهان، والرأي الناتج عن اجتهاد منضبط بالأصول الشرعية للاجتهاد. ومعلوم أنّ الإسلام وإن كان قد نهى عن الاختلاف الأوّل وغلظ القول في الزجر عنه، بل عدّه عملاً من أعمال الكفر، فإنّه نهى عن التقليد وحذّر منه وعدّه عملاً من أعمال الكفر أيضاً في بعض الأحيان وأوجب في المقابل الاجتهاد وجعله فرضا كفائياً وعينياً حسب الأهلية والقدرة.
وقد كان التطبيق العملي في حياة المسلمين دليلاً أبلغ على موقف الأُمّة من الاختلاف. فقد أجمعت جماهير المسلمين على مر العصور على قبول تعدّد آراء الأئمة المجتهدين، فتعدّدت مدارس المفسرين والمحدثين والأصوليين والفقهاء، بل تعدّدت مدارس النُّحاة والأدباء والمؤرخين وغيرهم. غير أنّ ذلك لم يمنع عدداً من المسلمين من الانزلاق في مزالق عدم التفريق بين الاختلاف المذموم والاختلاف المحمود، فأنكروا على مخالفيهم وتمادى بعضهم في ذلك ففسق قوماً وكفر آخرين ومن المؤسف أنّ عدداً من كبار الأئمة الذين أبدعوا في التنظير للاختلاف وتأصيله، وقعوا هم أنفسهم، عند التطبيق، فيما يخالف أصولهم. فهذا ابن حزم على الرغم من تأصيله الرائع لمسائل الاجتهاد في كتابه (الأحكام في أصول الأحكام)، وتأكيده المتكرر على وجوب الاجتهاد وذم التقليد وعلى عذر المجتهد المخطىء وكونه مأجوراً، بإذن الله، بنص الحديث، فإنّه قلماً التزم بهذا الأصل مع من خالفه الرأي من المجتهدين، بل كثيراً ما شنع عليهم وقسا في نقدهم وتجريحهم. وإذا كان هذا حال الأئمة الكبار فمن باب أولى أن يقع في هذه المزالق مَن هم دونهم، على أنّ هذه الحقيقة المُرة يجب أن لا تكون مبرراً للخطأ وإنما حافزاً للعمل على تجنّبه.
وإذا التزمنا بما ذكرناه في بداية هذا البحث من مكونات فقه الاختلاف، فإنّ أوّل ما تجب العناية به في فقه الاختلاف على المستوى الإسلامي، هو بلورة تصوّر فكري لاختلاف المسلمين فيما بينهم. وأهم الأصول العامّة التي يجب أن تُراعى في ذلك هي ما يلي:
1- أنّ الاختلاف كما كان سنة ماضية في الخلق وناموساً من نواميس الوجود، فهو كذلك ماضٍ في المسلمين في معظم شؤون حياتهم.
2- أنّ الاختلاف نوعان: نوع مذموم وهو ما كان نتيجة للهوى والقول بغير علم، أو ما كان متضمناً بغياً بأي صورة من الصور. ونوع محمود وهو ما كان نتيجة للاجتهاد المنضبط بجميع مستوياته.
3- أنّ من القضايا ما لا يجوز الاختلاف فيه، ومنها غير ذلك. وما لا يجوز الاختلاف فيه هو جملة الأمور القطيعة الثبوت القطيعة الدلالة وكلّ معلوم من الدِّين بالضرورة مما لا يحتمل إلّا رأياً واحداً. أمّا ما سوى ذلك فهو محل اجتهاد ونظر واختلاف، واختلاف الآراء فيه سائغ. وقد أوسع الشافعي هذه المسألة بحثاً في الرسالة. ومما قاله في ذلك: قال: "فإني أجد أهل العلم قديماً وحديثاً مختلفين في بعض أمورهم، فهل يسعهم ذلك؟ قال قلت: فقلت له الاختلاف من وجهين: أحدهما محرم، ولا أقول ذلك في الآخر. قال: فما الاختلاف المحرم؟ قلت: كلّ ما أقام الله به الحُجة في كتابه أو على لسان نبيّه منصوصاً بيناً لم يحل الاختلاف فيه لمن علمه. وما كان من ذلك يحتمل التأويل ويُدرك قياساً، فذهب المتأول أو القياس إلى معنى يحتمله الخبر أو القياس، وإن خالف غيره لم أقل إنّه يضيق عليه ضيق الخلاف في المنصوص. قال فهل في هذا حُجة تبيّن فرقك بين الاختلافين؟ قلت: قال الله في ذم التفرّق: (وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ) (البينة/ 4)، وقال جلّ ثناؤه: (لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ) (البقرة/ 213)، فذم الاختلاف فيما جاءتهم به البينات. فأمّا ما كلّفوا فيه الاجتهاد فقد مثلته لك بالقبلة والشهادة وغيرها. قال فمثّل لي بعض ما افترق عليه مَن روى قوله من السلف، مما لله فيه نص حكم يحتمل التأويل، فهل يوجد على الصواب فيه دلالة؟ قلت: قل ما اختلفوا فيه إلّا وجدنا فيه عندنا دلالة من كتاب الله وسنة رسوله، أو قياساً عليهما، أو على واحد منهما".
4- أنّ الاجتهاد في طلب الحقّ فرض على جميع المسلمين كلّ حسب استطاعته وهو بالنسبة لأصحاب الأهلية الفقهية إمّا أن يكون اجتهاداً مطلقاً أو اجتهاداً ترجيحياً أو اجتهاداً جزئياً. وبالنسبة لغير أصحاب الأهلية الفقهية يكون اجتهاداً في اختيار الفقيه المقلد. ولابدّ هنا من التفريق بين مسائل الاختلاف ومسائل الاجتهاد فليست كلّ مسائل الخلاف من مسائل الاجتهاد، بل كثير من مسائل الاختلاف إنما نشأت على غير دليل إمّا لهوى أو لقلة علم.
5- أنّ المجتهد إذا تجرّد وبذل وسعه في طلب الحقّ فإنّه مبرىء لذمته مأجور على اجتهاده، له أجران إن أصاب وله أجر إن أخطأ. والأصل في ذلك قول الرسول (ص): "إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر" وقد علّق ابن حجر (رحمه الله) على هذا الحديث في فتح الباري فقال: "قوله (أي البخاري) (باب أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ) يشير إلى أنّه لا يلزم من رد فتواه إذا اجتهد فأخطأ أن يأثم بذلك، بل إذا بذل وسعه أجر فإن أصاب ضوعف أجره. وهذا هو ما ذهبت إليه جماهير الفقهاء على مر العصور" ولابدّ من التنبيه هنا إلى أنّ الخطأ المشار إليه هنا هو الخطأ في الوصول إلى الحقّ. أمّا من حيث الاجتهاد فإنّ المجتهد مصيب باجتهاده في الحالين سواء وفق إلى الحقّ أم لم يوفق.
6- أنّ التجرّد وبذل الوسع في طلب الحقّ لا يؤديان بالضرورة إلى معرفة الحقّ دائماً، فقد يتجرّد الإنسان ويبذل وسعه ولا يوفقه الله إلى الحقّ لحكمة يراها.
7- أنّ الحقيقة المطلقة هي من علم الله عزّوجلّ وحده. وما نقطع به منها هو ما جاء به الوحي القطعي الثبوت القطعي الدلالة. وما سوى ذلك فليس مبنياً إلّا على غلبة الظن ورجحان الدليل.
8- أنّ اختلاف المسلمين فيما يسوغ الاختلاف فيه هو في جانب ابتلاء لهم، وفي جانب آخر رحمة لهم، وهو ابتلاء لما يشكله من تحدٍّ معرفي ومعاشي، وهو رحمة من حيث عدم المؤاخذة على الخطأ فيه ولما فيه من توسيع عليهم.
9- أنّ أهلية الاجتهاد قد تكون مطلقة، وقد تكون للترجيح بين المذاهب، وقد تكون في المذهب الواحد أو المسألة الواحدة. ومن المؤسف أنّ التصوّر الإسلامي للاجتهاد لدى كثير من المسلمين المتأخرين قد تشوّه حتى أصبح لا يرى من الاجتهاد إلّا الاجتهاد المطلق، وأصبح لذلك كلّ اجتهاد صادر عن غير مجتهد مطلق اجتهاداً مرفوضاً غير معترف به، بل انحرافاً يجب محاربته.
هذا في الجانب الفكري التصوّري، أمّا في الجانب الفقهي التشريعي وهو المتعلّق بما يجب على المسلم تجاه أخيه المسلم في مسائل الاختلاف، فإنّ أهم ما يجب أن يُراعى هو المسائل التالية:
1- أنّ الاجتهاد في طلب الحقّ فرض عين على كلّ مسلم حسب الاستطاعة وفي نطاق الأهلية الاجتهادية بمعناها الواسع.
2- أنّ المجتهد ملزم بما أداه إليه اجتهاده وإن كان مخالفاً لكثيرين غيره. فإن كان مجتهداً مطلقاً فلا يجوز له التقليد بأي حال من الأحوال وإلزامه بمقتضى اجتهاده أشد من غيره. وإن كان مرجحاً فهو ملزم بترجيحه، وإن كان مقلداً فهو ملزم بفتوى مَن يقلد. قال الشاطبي في الموافقات: "فأمّا المجتهد الناظر لنفسه فما أداه إليه اجتهاده فهو الحكم في حقّه" وقال ابن حزن في الإحكام: "فإذا قام البرهان عند المرء على صحّة قول ما - قياماً - فحقّه التدين به، والفتوى به، والعمل به، والدعاء إليه، والقطع أنّه الحقّ عند الله عزّوجلّ" ولا يُستثنى من ذلك إلّا الحالات التي يرى الحاكم المسلم فيها حمل الأُمّة على أحد الآراء في مسألة من المسائل لمصلحة عامّة. فعندئذ يسقط عنه الإلزام خاصّة إذا كان الأمر متعلقاً بعبادة جماعية أو معاملة عامّة.
3- لا يجوز الإنكار ولا التشنيع على المخالف فيما يجوز الاختلاف فيه مهما كان واضحاً للآخرين خطأ المخالف، ذلك أنّ الخطأ في الاجتهاد لا يستدعي المفارقة ولا التفسيق ولا التكفير مهما كان ذلك الخطأ، لعموم النصوص الواردة في ذلك، ومنها قول الله عزّوجلّ: (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ) (الأحزاب/ 5)، وقول الرسول (ص): "رفعَ عن أُمّتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه". قال ابن حزم: "فمَن حكم بقول ولم يعرف أنّه خطأ، وهو عند الله تعالى خطأ، فقد أخطأ ولم يتعمد الحكم بما يدري أنّه خطأ، فهذا لا جناح عليه في ذلك عند الله تعالى. وهذه الآية عموم دخل فيه المفتون والحكام والعاملون والمعتقدون، فارتفع الجناح عن هؤلاء بنص القرآن فيما قالوه أو عملوا به، مما هم مخطؤون فيه، وصح أنّ الجناح إنما هو على مَن تعمد بقلبه الفتوى أو التدين أو الحكم أو العمل بما يدري أنّه ليس حقّاً، أو بما لم يقده إليه دليل أصلاً".
4- أنّ الحكم على المسلمين هو على ظواهرهم فقط، أمّا النيات فعلمها عند الله عزّوجلّ وهو الوحيد المطلع عليها. وليس من واجب المسلم ولا من حقّه أن يسعى لاستكشافها.
5- الاختلاف المعتبر له أسباب كثيرة ذكرها عدد من الأئمة في مصنفات مستقلة أو ضمن مصنفاتهم الأصولية. ومن جوهر فقه الاختلاف الدراية بهذه الأسباب.
6- من أخطر وأهم ما واجهه المسلمون على امتداد تاريخهم الطويل ظاهرة التكفير الذي هو آخر مرحلة من مراحل الاختلاف بين المسلمين. وقد انزلق كثير من المسلمين في هذا المنزلق الخطير على الرغم من تعظيم الرسول (ص) لأمره وتحذيرهم منه في حقّ المسلم، وعلى الرغم من تأكيدات العلماء على خطورته وحثّهم على عدم التسرع فيه. ولا يزال الفقه الإسلامي في نظري مقصراً في تحرير هذه المسألة سواء من حيث تحديد ما يكفر به المسلم، أم من حيث تحديد ضوابط التكفير ومعاييره، ولئن كان كثير من العلماء قد فرّقوا بين إطلاق الكفر على القول أو الفعل وبين تكفير صاحبه، وذهبوا إلى أنّ الجزم بالأوّل لا يؤدي بالضرورة إلى الجزم بالثاني، فإنّ المسألة لا تزال في كثير من الأحيان عائمة غير منضبطة.
والذي يهمنا في هذا المجال تبيان أمرين: الأوّل: أنّ المجتهد إذا أداه اجتهاده إلى أمر كفري وهو لا يعلم أنّه كفر، فإنّه لا يكفر بذلك، وإنما يعد من الخطأ الذي لا يؤاخذ عليه بنص الشرع. والثاني: أنّ جماهير العلماء متفقة على عدم تكفير أحد من أهل القبلة بذنب أو خطأ.
أخيراً إنّ من فقه الاختلاف معرفة الآداب الإسلامية الواجبة في الحوار والجدل بين المسلمين فيما بينهم وبين المسلمين وغيرهم. فهي من مكارم الأخلاق التي بعث النبيّ (ص) ليتممها. وليس من المبالغة القول إنّ جزءاً كبيراً من اختلاف المسلمين وفرقتهم إنما نشأ بسبب عدم أو قلة التزامهم بأدب الحوار والجدل. وإنّ مستقبل المسلمين، في نظري، مرهون إلى درجة كبيرة بمدى قدرتهم على إدارة خلافاتهم بالأسلوب الذي يرتضيه ويقرره الإسلام وعلى الأُسس الشرعية المعتبرة. ولن يتحقق ذلك بنشر فقه الاختلاف فقط في أوساطهم والتواصي فيما بينهم بالالتزام به.►
المصدر: مجلة المسلم المعاصر العدد 60 يوليو لسنة 1991م
روحاني: سجلنا انتصارات في مواجهة الضغوط الاميركية
أكد الرئيس الإيراني حسن روحاني أن إيران قد سجلت انتصارات في مواجهة الضغوط الاميركية وذلك رغم ظروف الحرب الاقتصادية منذ ثلاث سنوات.
وألقى الرئيس الإيراني حسن روحاني كلمة مباشرة في مراسم الذكرى الـ42 لانتصار الثورة الإسلامية في إيران.
وقال روحاني في كلمته: نمر بظروف حرب اقتصادية منذ ثلاث سنوات.
وأضاف: سجلنا انتصارات في مواجهة الضغوط الاميركية.
ونوه روحاني: إذا كنا نخرج من الاتفاق النووي بعد انسحاب واشنطن منه لكان ترامب قد حصل على ما كان يريد.
وأشار إلى أنه و: قبل انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي سجلنا أعلى نسبة مئوية في النمو الاقتصادي، الأمر الذي أغضب الكيان الصهيوني والدول الرجعية.
وقال الرئيس الإيراني: رغم إجراءات الحظر لكننا واصلنا تدشين وإزاحة الستار عن المشاريع الاقتصادية والتنموية.
وفيما لفت إلى أن 9 ملايين قروي يتمتعون اليوم بالمياه الصالحة للشرب في إيران، أوضح أن الحكومة وخلال سبع سنوات عملت على توصيل الغاز والمياه الصالحة للشرب وزيادة طاقة الكهرباء للقرى في مختلف أنحاء البلاد.
وصرح الرئيس روحاني: ايران حققت ثورة في المجال الصحي وطفرة في قطاع الاتصالات.
وقال: في هذا العام وعلى الرغم من كل الضغوط حققنا 30 مليار دولار من إيرادات الصادرات غير النفطية.
وأضاف: سننجز مشاريع فريدة ومنقطعة النظير حتى نهاية دورة هذه الحكومة.
وشدد على أن الشعب الايراني صمد رغم ظروف جائحة كورونا والضغوط والتهديدات العسكرية.
وصرح الرئيس الإيراني حسن روحاني: في حربنا ضد كورونا سنكون في العام المقبل الطرف المنتصر.
وأضاف روحاني أن: الإمام الخميني علمنا أن نقرر لأنفسنا بالتصويت عبر الانتخابات.
وقال: لولا المؤامرات الصهيونية والأجنبية والحرب الاقتصادية لكانت الظروف في إيران أفضل بكثير من اليوم.
وفيما أشار إلى أن إيران تمكنت من اكتشاف المزيد من الذخائر النفطية والغازية، أضاف: السنوات القادمة ستكون الأفضل للشعب الإيراني.
ولفت الرئيس روحاني إلى أن: إيران اليوم مقتدرة اقتصاديا وعسكريا وهي أكبر قوة دفاعية في المنطقة.
وصرح الرئيس الإيراني أن: إيران على أتم الاستعداد لتنفيذ التزاماتها إذا عادت دول 5 زائدا 1 الى التزاماتها.