emamian

emamian

الخميس, 11 شباط/فبراير 2021 03:53

دور المحبّة في تكوين الأُسرة

 السيِّد سامي خضرا

 

مفهوم (الحبّ) من المفاهيم التي حُرِّفت وأصبح لها أكثر من معنى بل ربّما معاني مغايرة لمقصدها الأساسي. والمفاهيم التي باتت تُفهم خطأً بسبب العولمة الإعلامية، والاستشراق الممنهج، وغلبة الأعداء.. هي كثيرة كمفهوم الشجاعة والجرأة، والزُّهد، والعلم والانفتاح والتمدُّن والحضارة والحرّية.

أمّا الحبّ في الإسلام، فهو الحالة النفسية الشعورية التي تتوجه إلى شخص أو مجموعة على أساس إلهيّ محض تماماً، كما أنّ البغض لا يكون إلّا بناءً على أوامر إلهيّة محضة، تعبُّداً لله عزّوجلّ ورِقاً.‏ بتعبير آخر، إنّ الحبّ في الله سبحانه، والبغض في الله عزّوجلّ، من عناوين الإسلام الأساسية التي لا يستقيم الإيمان إلّا بها، بل لا يكون المؤمن مؤمناً إلّا بها.‏

وغفلة الناس عن هذا العنوان الأساسي، لا يؤثِّر على موقعه في دين الإسلام، كما هي الكثير من المفاهيم المُغيَّبة أو المعطَّلة، والتي سوف تعود يوماً، عندما تُملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت ظلماً وجوراً.‏ فعن الإمام الصادق (ع) قال: «مَن أحبّ لله، وأبغض لله، وأعطى لله، فهو مِمَّن كَمُلَ إيمانُه».‏ وفي نص آخر عن مولانا الباقر (ع) قال:‏ «إذا أردتَ أن تعلم فيك خيراً، فانظر إلى قلبك، فإن كان يُحبُّ أهلَ طاعة الله، ويُبغض أهل معصية الله ففيك خيرٌ والله يُحبُّك، وإن كان يُبغضُ أهل طاعة الله ويُحبُّ أهل معصيته، فليس فيك خير والله يبغضك، والمرء مع مَن أحبّ».

ولاشكّ أنّ هذا الحبّ ينحسب على الأُسرة كلِّها، خاصّة إذا ارتوى بعذب أخلاقيات الإسلام المختلفة، والتي يُصرُّ الأعداء على سلبنا إيّاها، وهي أغلى ما نملك، والتي منها:‏

صلة الرحم، الرأفة، التراحم، التزاور، البر بالوالدين، إجلال ذي الشيبة المسلم، إجلال الكبير، التعاطف.

إنّ شجرة (الحبّ) الحقيقي بحسب مفهوم الإسلام، وما يتفرَّع عنها من أغصان، هي التي جعلت الأُسرة مترابطة متماسكة، يُجلُّ صغيرُها كبيرَها، ويرأف كبيرُها على صغيرها.‏

فتماسكت الأُسرة وتحابَبَتْ وكان العطفُ والحنان والرعاية والتكافل هو الأساس والحاكم، إلى درجة النهي عن قول (أُفٍّ﴾ (الإسراء/ 23) أو النظرة الحادّة المؤذية إلى الوالدين.‏

بل أكثر من ذلك: شاء الله جلّ جلاله أن يسري الحبّ الإلهيّ الذي أمرنا به إلى تمام الأرحام والقٌربات، فذكرت الأدعيةُ مراراً جُمل التوفيق والرحمة والغفران (للأهل والولد).‏

﴿رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ﴾ (نوح/ 28)، ﴿رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾ (الإسراء/ 24)، واجزهما بالإحسان إحساناً، وبالسيِّئات عفواً وغفراناً.

بل لا ينتهي حقّهما بالموت، فالمسنون الوارد في حقِّهما، الدُّعاء لهما، وحتى الأجداد والجدات فهم آباء وأُمَّهات أيضاً الدُّعاء لهم، والترحم، والصدقة وزيارة قبورهم، وحبّ مَن كانوا يُحبُّون في حياتهم، ومهما كان الفعل في جنبهم عظيماً، بَقِيَ في مقابل حقِّهم صغيراً.‏

ويرى المتتبِّع لتفصيل الواجبات والمستحبّات التي حثَّ الشرع الإسلامي على تطبيقها على صعيد الأقارب والأرحام، أنّ هناك أُموراً يتميَّز بها هذا الدِّين دون الأديان والعقائد (والحضارات) الأُخرى.‏

فالبسمةُ مطلوبةٌ بين أفراد الأُسرة، خاصّة تجاه الأب (وإن علا) والأُمّ (وإن علت)، كذلك المصافحة، وتقبيل الأيدي، التي هي عادة أصبحت شبه مهجورة في أيّامنا هذه، وخدمتهم، وعدم مخاطبتهم بطريقة خشنة أو جافة، وهو الذي بدأ ينتشر للأسف في مجتمعاتنا تقليداً للمجتمع الغير مسلم، وكفايتهم بالمال مع القدرة دون أن يطلبوا ذلك.‏

بل من روائع دين الإسلام عنوان (بر الوالدين) وطاعتهم، إلى حدِّ أنْ كان العقوق لهما معصية كبيرة، لا يأمن صاحبها في دنياه فضلاً عن أُخراه.‏

وعندما تحدَّث الإمام الصادق (ع) عن الإحسان للوالدين، قال: «الإحسان، أن تُحسن صحبتهما، وأن لا تُكلِّفهما أن يسألاك شيئاً ممّا يحتاجان إليه وإن كانا مُسْتَغْنيين».‏ حتى ورد أنّهما لو ضرباك فقُل لهما «غفر الله لكما».‏ وفي شتّى الحالات «لا تملأ عينيك من النظر إليهما إلّا برحمة ورِقَّة، ولا ترفع صوتك فوق أصواتهما».

أمّا فيما يتعلّق بسائر أفراد الأُسرة، فالحبّ بينهما حقيقي، وليس لمصلحة آنية أو عابرة، لأنّ المنطلق إيماني ملزمٌ، له آثار في الدُّنيا والآخرة.‏ وورد عن الباقر (ع): «إنّ الرحم معلَّقةٌ يوم القيامة بالعرش تقول اللهم صِلْ مَن وَصَلني واقطعْ مَن قطعني».‏

فالأُسرة المسلمة علاقتها مع بعضها البعض انصياعٌ لأمر الله جلّ جلاله، وخضوعٌ لإرادته، وتقرُّبٌ لمرضاته جلّ وعلا، فالكلُّ يُحبّ الكلّ، حبّاً في الله ورغبة في الثواب، فأفراد الأُسرة الإسلامية يطمئنُّون أن الله سبحانه مريدٌ لهذا الفعل، فيفعلون، أو مُريدٌ لترك هذا الأمر فيتركون.

وقد ورد في الأحاديث الكثيرة جدّاً، أنّ صلة الرحم تُنمِّي الأموال، وتدفع البلوى، وتطيل في العمر، وتُهِّون الحساب وسكرات الموت، وتزيد في الرزق، وتُعمرِّ الديار.

الخميس, 11 شباط/فبراير 2021 03:51

بالعدل تستقيم حياة الأسرة

 السيد علي فضل الله

 

(إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُون) (النّحل/ 90). الإسلام هدفه، كما الأديان السّماويّة، إقامة العدل الذي يحتاج إليه كلّ البشر، والذي ينبغي أن يدخل إلى كلّ السّاحات، وخصوصاً ساحة التّنشئة الأولى، التي يُبنى فيها الإنسان ليصبح على ما يصبح عليه في المستقبل.

ولأنّ الظّلم لا يطاق، ولأنّ الظّلم بشع، لهذا يصبح غياب العدل في الأسرة كما قال الشّاعر:

      وظلمُ ذوي القربى أشدُّ مضاضةً******على المرءِ من وَقْعِ الحُسامِ المُهنَّدِ

 

العدل أساس أيّ سلطة

إنَّ العلاقات داخل الأسرة محكومة بطبيعة عفويّة تلقائيّة؛ علاقة غير رسميّة، علاقة تحكمها مسبقاً المقبوليّة والخضوع وخفض الجناح وعدم الرّغبة بالتمرّد، وما إلى هنالك من احترام سلطة الأهل من قبل الأولاد، أو احترام موقعيّة الزّوج بالنّسبة إلى الزّوجة، أو الزّوجة بالنّسبة إلى الزّوج، وهكذا.

لهذا، يجب أن يحضر العدل بقوّة في كلّ تفاصيل جوّ البيت، وأن ينساب طبيعيّاً، ويجب أن يعي أصحاب هذه السّلطة الأمر جيّداً، لأنّ السّلطة خطرة، فكيف إذا كانت على أناسٍ أنت تنفق عليهم، ولا مجال للاعتراض، فيصبح حال أفراد البيت حال من لا يجد عليك ناصراً إلا الله. لهذا، مطلوب أن يشيع في الأسرة مناخ العدل، لأنّه يستحيل أن نُدخل القضاء والمحاكم والقوانين لتفصل بين الزّوج والزّوجة، أو بين الأب وأولاده، وبين الأولاد وأمّهم، وهكذا، كما يحصل الآن في المجتمعات الغربيّة، حيث باتت ساحة الأسرة كساحة المصنع أو المعمل أو المؤسّسات، بلا روح، والقوانين هي السّائدة فقط.

 

العلاقة الزّوجيّة عدل ورحمة

والبداية هي بالعلاقة الزّوجيّة، حيث إنّ هذه العلاقة، إن تحقّق فيها العدل، فإنّنا نستغني عن كثيرٍ من المطالبة بالقوانين لرفع الغبن عن الزّوجات، لأنّ الأمور لن تصل إلى هذا الحدّ. وعظمة الإسلام، أنّه أضاف إلى شروط العدل خلطةً أخرى، فهو جعل العدل في العلاقة الزّوجيّة ممزوجاً بالمودّة والرّحمة والمعروف والسّكن، فالزّوج الّذي يخاف الله ويخشى ألا يكون عادلاً، لن يغشّ زوجته، ولن يبخل عليها أو يقسو، وأيضاً لن يعنّفها. لا وجود للعنف في قاموس البيت المؤمن، لماذا؟ لأنّه بيت تحكمه الآية: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً) (الرّوم/ 21) ، وكذلك الأمر بالنّسبة إلى الزّوجة، فهي إن قدّرت ظروف زوجها، وكانت عادلةً في الحكم على تصرّفاته، وفي تقدير حاجاته وتفهّمها، فإنّ الكثير من المشاكل ستزول ولن تستمرّ.

 

الزّوج شريك وليس حاكماً

قبل أن تفتّشوا عن القوانين الجامدة بموادّها المتشعّبة، فتّشوا عن العدل، ربّوا أولادكم عليه، اِجعلوه البوصلة لضبط كلّ مشاكل العلاقة في الأسرة. إنّ السّلطة الأبويّة أو الذّكوريّة في مجتمعنا، لا تزال، للأسف، تُمارس بكثير من التعنّت... فعندما يتعلّق الأمر بحقوق الرّجل، تصبح الأمور على المسطرة وبالميزان الدّقيق، وعندما يتعلّق الأمر بحقوق المرأة، فإنَّ الموضوع يتمّ غضّ النّظر عنه، فأين العدل في أن تعتبر وقت راحتك مقدّساً، ووقت راحتها ليس كذلك؟ أن تعتبر أنّ الطّريقة الّتي تفكّر فيها أنت هي التي يجب أن تحكم، ولا تستمع إلى من يشاركك هذه الحياة؟ فعدم أخذ الرّأي هو أيضاً ظلم، وعدم أخذ رغبات الآخر الّذي يعيش معك بعين الاعتبار، هو الظّلم بعينه...

وفي هذا المجال، ندعو الزّوج إلى النّظر بكلّ مسؤوليّة إلى شريكة حياته الّتي أفنت حياتها في سبيل تأمين الحياة الكريمة له ولأولاده، وعليه الالتفات إلى حفظها من بعده، كي لا تبقى عالةً على أولادها، وخصوصاً أنّها هي من ساعدته على تأمين ظروف الإنتاج.

 

العدل بين الأولاد

والحديث عن العدل في البيت أيضاً، يأخذنا إلى الحديث عن العدل مع الأولاد. وعظمة الإسلام في هذا الموضوع، أنّه لاحظ العدل في أبسط الأمور، بدءاً من النّظرة، وصولاً إلى العطاء والهديّة، إضافةً إلى الرّعاية، والاهتمام، والحبّ، والتّشجيع، والمكافأة، وإدخال الفرح والسّرور، وتبادل الحديث، وحتّى النّظرة والابتسام، وقد كثُرت الأحاديث في ذلك، ففي الحديث عن رسول الله (ص): «إنَّ الله يحبّ أن تعدلوا بين أولادكم، كما يحبّ أن تعدلوا مع أنفسكم».

ولذلك، عندما أبصر رسول الله (ص) رجلاً له ولدان قبّل أحدهما وترك الآخر، قال له رسول الله (ص): «هل واسيت بينهما؟»، أي هل ساويت؟

وفي الحديث أيضاً: «اعدلوا بين أولادكم في النُّحْل (أي العطاء)، كما تحبّون أن يعدلوا بينكم في البرّ واللّطف».

وورد في السّيرة عن النّعمان بن بشير، وهو أحد صحابة رسول الله (ص)، أنّه قال: أعطاني أبي عطيّةً، فقالت لي أمّي عميرة بنت رواحة: لا أرضى أن تأخذ هذه حتّى يشهد على ذلك رسول الله (ص)، (لاحظوا موقف هذه الأمّ التي لم ترض أن يتصرّف زوجها بظلم مع أولادها). يكمل الرّجل ويقول: فأتى والدي إلى رسول الله ليشهده على عطيّته ويثبّتها لي... فقال له رسول الله (ص): «أكلّ أولادك أعطيت؟»، قال أبي: لا. فقال رسول الله (ص): «اذهب، فإنّي لا أشهد على جور».

لقد كان رسول الله قاطعاً وحاسماً في رفضه التّمييز بين الأولاد، وكان يرى في التّمييز إخلالاً بكيان الأسرة وتماسكها وترابطها، فالولد الّذي يشعر بالغبن داخل الأسرة من أبيه أو أمّه، سيتحوَّل عنده هذا الشّعور إلى حقدٍ دفينٍ تجاه من عليه واجب احترامه وتقديره والإحسان إليه، وعلى إخوته الّذين يراهم أخذوا حقّاً له، فمن الجور أن تعطي بغير عدل، وهو خلاف التّقوى، والرّسول قال: «اتّقوا اللّه واعدلوا بين أولادكم».

 

الابنة قبل الابن

لا يمكن أن نتحدّث عن عدلٍ داخل الأسرة، إلا ونتحدّث عن العدل المطلوب بين الأولاد الذّكور والإناث. وإنَّه بحمد الله، ونتيجة الوعي، صارت مظاهر التذمّر من أن يرزق المرء بالبنت أقلّ من السّابق، ونريدها أن تُمحى نهائيّاً، فالله يرزقنا البنين كما البنات، وآن الأوان لأن نخلّف مظاهر التّمييز بين الذّكر والأنثى وراءنا.

وهنا، ندعو الأهل إلى إدخال مستقبل الفتاة في الحساب، ولا سيّما على مستوى التّعليم والعمل وتأمين حياتها، كما ندعوهم إلى عدم التدخّل في التّقسيم الشّرعيّ الدّيني للإرث، الّذي يراعي حقوق الذّكر والأنثى. وفي حال أرادوا أن يتدخّلوا، فلا بأس، ولكن ليتدخّلوا بالعدل ولحساب البنت، ليزيدوا من نصيبها وليس العكس، وخصوصاً أنّ الجميع بات يدرك، وبالتّجربة، أنّ البنت هي الّتي تحفظ أهلها، وغالباً أكثر من الابن، وتضحّي لأجل ذلك، وتنفق عليهم... علماً أنّ الإسلام رفع من مكانة البنت، عندما أعاد إليها إنسانيّتها المفقودة، وأشار إلى قدراتها وإمكاناتها، ودعا إلى إعطائها حقّها في الرّعاية والاهتمام والتّشجيع، وتوفير الفرص من دون تمييز... ففي الحديث عن رسول الله: «من كانت له ابنة فلم يهنها، ولم يؤثر ولده الذّكر عليها، أدخله الله الجنّة البتّة».

 

حقّ الخادمة

وفي حديثنا عن العدل داخل البيت، صار لزاماً علينا في أيّامنا هذه، بل أصبحت الحاجة ماسّةً إلى الحديث عن عدل كلّ أفراد الأسرة مع الّذين يخدمون في هذه المنازل، فقد يؤخذ على مجتمعاتنا أنّها تتصرّف مع الخادمات ومدبّرات المنازل بخلفيّات تمييزيّة، تصل إلى حدّ العنصريّة، فقد تعيش تحت رحمة حتّى الصّغار في الأسرة، الّذين يتعلّمون من الكبار، فلا يحترمون لها وقت راحة، ولا قدرات ذهنيّة أو جسديّة.

إنَّ علينا كمجتمع إيمانيّ أن نبرهن عن رقيّنا، فلا نظلم من هاجروا من أجل أقدس قيمة، وهي العمل وكسب العيش الكريم، ولأجله يعانون الغربة، ويبتعدون عن أهلهم وأوطانهم وأطفالهم. إنَّ ظلم أولئك لهو من الجور الّذي حذَّر الإسلام منه، إنَّنا مدعوّون إلى أن نقدّم أنموذجاً في حسن التّعامل مع هؤلاء، أن نؤدّي حقوقهم كاملة، وأن نحسن إليهم، فلا نتذاكى عليهم أو نلتفّ من أجل فرض شروطنا.

إنَّ الموضوع يحتاج إلى تدقيق وإعادة نظر، وألا نكون من الذين يغصبون حقّ المستضعفين، وسنُطالب به يوم القيامة. والرّسول كان قد أوصى أصحابه بالخدم، حينما قال عنهم: «إخوانكم، جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان له أخوه تحت يده، فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا يكلّفه ما يغلبه، فإن كلّفه ما يغلبه فليعنه».

لنجعل من أسرنا مدارس ومعاهد لبناء قيمة العدل، ننطلق منها لبناء وطن العدل، وأمّة العدل، فالأسرة التي لا يسود فيها جوّ العدل، ستُخرّج ظَلَمَةً صغاراً، والصّغار سيكبرون ويصبح الظّلم ديدنهم، إلّا من رحم ربّي

انطلقت اليوم الاربعاء في ايران مسيرات الاحتفال بالذكرى الـ 42 لانتصار الثورة الإسلامية، مع مراعاة الضوابط الصحية لمنع انتشار فيروس كورونا.

العالم - إيران

وخَرجت المسيرات الرمزية بالسيارات والدراجات النارية في العاصمة طهران ومختلَف محافظات البلاد.

ورفع الايرانيون الأعلام عاليا، مؤكدين تمسكَهُم بمبادئ الثورة ومكتسباتها، ومجددين البيعة لقائد الثورة الإسلامية آية الله السيد علي خامنئي.

كما رفع المشاركون في المسيرات صور الشهيدين الفريق قاسم سليماني والحاج ابو مهدي المهندس، مشددين على الصمود في وجه الاستكبار العالمي.

مسيرات طهران في ذكرى انتصار الثورة الاسلامية

وافاد مراسل قناة العالم محمد لاجوردي في طهران، ان العاصمة الايرانية طهران احتفلت في الذكرى 42 لانتصار الثورة الاسلامية بمسيرات رمزية من خلال مشاركة شعبية بالسيارات واستعراض الدراجات النارية والتوجه نحو ساحة الحرية من 22 طريقا رئيسياً في طهران نظراً للبروتوكولات المتعلقة بمكافحة فيروس كورونا.

وقال مراسلنا: ان الشعب يرغب بالحفاظ على مبادئ الثورة بأي شكل من الاشكال رغم الجائحة والمشاكل الاقتصادية، للدفاع عن قيم مبادئ الثورة الاسلامية، رغم الصعوبات التي يعانيها الشعب منذ انتصار الثورة الاسلامية ولحد الان.

واعتبر ان مسيرات (22 بهمن) يوم انتصار الثورة الاسلامية تعكس الارادة الوطنية للشعب الايراني، والتي تجسدت في الانجازات العلمية والعسكرية والثقافية، وتم توصل الى مرتبة علمية والتقدم في تقنية النانو والخلايا الجذعية. مشيراً الى ان الجمهورية الاسلامية خلال عمر الثورة تمكنت من صناعة حوالي 90 بالمائة من ما تحتاجه من الصواريخ والمعدات العسكرية.

الثورة الاسلامية، صرخة في وجه نظام التبعية العالمي

هذا وأكد الاكاديمي الدكتور مسعود فكري ان الثورة الاسلامية في ايران، كانت صرخة بوجه نظام التبعية للقوی الشرقية والغربية في العالم.

وقال الدكتور فكري وهو استاذ في جامعة طهران، في حديث لقناة العالم ان العالم كان منقسماً علی قطبين إبان الثورة الاسلامية، هما الغرب برئاسة الولايات المتحدة والشرق برئاسة الاتحاد السوفيتي.

وأضاف الدكتور فكري ان الاستقلالية، كانت غائبة في ذلك الزمان وكان علی الدول الانتماء الی احد القطبين الشرقي والغربي وكانت القوی الغربية والشرقية تتدخل في جميع سياسات الدول المنتمية اليها.

وأكد ان تشكيل منظمات كمنظمة دول عدم الانحياز جاء من أجل التخلص من النظام القطبي الذي كانت مسلطاً علی العالم.

وبيّن ان هذا العصر يسمی بعصر الامام الخميني لأن ثورته لم تكن ثورة ايرانية أو اسلامية قط، بل كانت ثورة انسانية جوهرها الاستقلال والحرية وعدم الخضوع والتبعية للشرق والغرب.

شاهد بالفيديو..

الثورة الاسلامية، مصدر الهام لشعوب العالم

أكد عضو مركز الهدف للتحليل السياسي في العراق، صباح العقيلي ان الثورة الاسلامية في ايران، تعتبر مصدر الهاماً لكل شعوب العالم.

وقال العقيلي في حديث لقناة العالم ان الولايات المتحدة حاولت اخماد الثورة الاسلامية بتحريك نظام صدام المقبور لكنه فشل في مهمته رغم دعم الكيان الصهيوني ودول الخليج الفارسي.

وأوضح ان دول الخليج (الفارسي)، انتبهت لخطأها فيما بعد في مسألة دعم المقبور صدام ضد ايران وعرفت انه كان اداة من أدوات الاستكبار العالمي ضد الثورة الاسلامية في ايران.

وأكد ان الثورة الاسلامية في ايران رسخت مبادئ الاسلام الاصيل وأبطلت شكوك البعض بأن الاسلام غير قادر ان یكون منظومة للحكم.

مدير مرکز افق للتحليل: الثورة الاسلامية في ايران، معجزة القرن العشرين

من جهته اعتبر مدير مرکز افق للتحليل في العراق، جمعة العطواني ان الثورة الاسلامية في ايران، کانت معجزة القرن العشرين.

وقال العطواني في حديث لقناة العالم ان العالم کان منقسماً علی ایديولوجيتين؛ الشيوعية في الشرق والرأسمالية في الغرب واذا بثورة اسلامية في ايران، تنتصر بقيادة رجل دين وشکلت منظومة سياسية فکرية عسکرية وامنية يمکن لها ان تظاهي هذين القطبين.

وأوضح ان الامام الخميني کان معجزة القرن، لأنه قاد الامة، بمجرد الفکر والتوکل علی الله عزوجل، فانتصر وسط ذهول قطبين تمتلک قدرات وامکانيات عسکرية هائلة.

وأکد ان جميع المحاولات لوأد الثورة الاسلامية والتي بدأت منذ الأشهر الاولی بعد انتصار الثورة، فشلت، فبعدما حشد الغرب، أدواته في المنطقة وحرک نظام البعث الصدامي المقبور ضد الجمهورية الاسلامية فشنوا حرباً مفروضة عليها استمرت لثمانِ سنوات بدعم السعودية والدول الخليجية وتبعها حصار اقتصادي مطبق علی ايران ولکن هذا المحاولات فشلت بفضل حکمة قادة الثورة الامام الخميني ثم ایه الله خامنئي.

ما سرّ المشاركة الكبيرة للشباب الايراني بذكرى انتصار الثورة الاسلامية؟

كما افادت مراسلة قناة العالم سليمة عيسى في طهران، ان الشعب الايراني احيا ذكرى 42 لانتصار الثورة الاسلامية اليوم الاربعاء، والتي طالما تميز فيها الايرانيون بمسيرات رمزية حاشدة عبر عنها بالدراجات النارية والسيارات في مشهد نادر عن الاعوام السابقة.

وقالت مراسلتنا: انه تم ملاحظة حضور الشباب بكثافة في هذا الحدث الشعبي الوطني، مشيرة الى ان هذ الجيل لم يعاصر الثورة الاسلامية حين انبثاقها ولكنه يشارك اليوم في المسيرات الرمزية ليعبر عن ذات الروح الثورية التي جاءت بها الثورة الاسلامية، وايضا ليؤكد تمسكه بها وعدم الرضوخ لأي املاءات غربية والتدخل الاجنبي والمضي قدماً في تطوير البلاد في المجالات كافة تحت اي ظرف خاصة من ظروف الحظر والعقوبات المفروضة والتي استطاعت ايران خلاله من ان تحوله الى فرصة ازدهار سواء على الصعيد العلمي والتقني والدفاعي والعسكري والصاروخي.

مشهد المقدسة في ذكرى انتصار الثورة الاسلامية

هذا وافاد مراسل قناة العالم امير جابر في مدينة مشهد المقدسة شمال شرقي ايران: ان المدينة المقدسة شهدت احتفالات رمزية بمناسبة الذكرى 42 لانتصار الثورة الاسلامية حضرها المواطنون بالسيارات والدراجات النارية الى الشارع المؤدي لمرقد الامام علي بن موسى الرضا "عليه السلام".

وقال مراسلنا: ان المسيرات الرمزية لاحياء ذكرى انتصار الثورة الاسلامية، جاءت نتيجة لقرار من لجنة مكافحة كورونا حرصاً على سلامة المواطنين في ايران، مشيراً الى ان باقي المدن الايرانية سيتم مشاركة المواطنين في المسيرات مع الحرص على التباعد الاجتماعي، فيما ستبث خلالها كلمات المسؤولين من بينهم عضو مجلس مصلحة تشخيص النظام سعيد جليلي عبر التلفزيون المحلي.

واكد مراسلنا ان مدينة مشهد المقدسة تعتبر من المدن الثورية التي شهدت في سبعينات القرن الماضي مسيرات منددة بحكم الشاه، وانتصرت فيها الثورة بعدما سيطر الثوار على مفاصل المدينة والمؤسسات الحكومية قبل شهر من اعلان انتصار الثورة الاسلامية في العاصمة طهران، مشيراً الى انه خلال احياء مراسم عشرة الفجر اقيمت عشرات المراسيم والاحتفالات بثتها مواقع التواصل، وان جائحة كورونا لم تسمح بمشاركة جماهيرية في هذه المناسبة الوطنية الكبيرة في ايران.

ماذا احتوت رسالة مدينة اصفهان لادارة بايدن؟

وافادت مراسلة قناة العالم فاطمة بويردة في مدينة اصفهان، ان مسيرات ذكرى 42 لانتصار الثورة الاسلامية قد انطلقت في ثاني كبرى مدن ايران بعد مشهد المقدسة والتي تعرف بنصف الدنيا وثاني مدينة صناعية بعد العاصمة طهران.

واوضحت مراسلتنا، ان المسيرات حملت تحديات الثورة على مدى اربعة عقود التي مرت على ايران منذ اول يوم لعملية اقتحام السفارة الامريكية في طهران وقطع العلاقات الدبلوماسية مع الولايات المتحدة الامريكية، اضافة الى تحديات الحرب المفروضة على ايران لمدة 8 سنوات، كلفتها خسائر بشرية ومادية كبيرة.

واضافت مراسلتنا، ان ايران حولت التحديات والحصار الى تقنية علمية وقدرات عسكرية وصاروخية، مشيرة الى ان الشعب الايراني رفع شعارات حول الاتفاق النووي الايراني طالب فيها الادارة الامريكية الجديدة، بلا للحوار دون رفع العقوبات، ولا لمفاوضات خارج اطار اتفاق عام 2015 او اضافة اطراف جديدة الى الاتفاق النووي، داعين ادارة بايدن بان تمارس الدبلوماسية القصوى عوضاً عن العقوبات القصوى.

اسباب استمرار استهداف الثورة الاسلامية من قبل الغرب

كما أكد مسؤول العلاقات الخارجية بحركة الجهاد الاسلامي، محفوظ منور ان الثورة الاسلامية بدأت بالانتصار للمستضعفين واليوم تستمر علی نفس النهج.

وقال محفوظ منور في حديث لقناة العالم ان الثورة الاسلامية، لم تكن ثورة لايران، بل كانت ثورة الايرانيين لمستضعفي العالم.

وأوضح ان الثورة الاسلامية منذ اللحظة الاولی كانت تضع مسألة أمر مستضعفي العالم نصب أعينها خاصة قضية الشعب الفلسطيني الذي بادرت بإخلاء السفارة الاسرائيلية في ايران من أجله وسلمتها للفلسطينيين.

وهنأ مسؤول العلاقات الخارجية بحركة الجهاد الاسلامي ذكری الانتصار لقائد الثورة الاسلامية والدولة الايرانية مؤكداً ان الشعب الايراني لايزال يتحمل الصعاب والحصار والجوع وحتی منع الامكانيات العالمية لمكافحة جائحة كورونا، لانه ثابت وصامد علی نهج الثورة.

وأوضح منور ان استمرار استهداف الثورة الاسلامية من قبل الغرب، يأتي بسبب الدور الايراني في المنطقة والعالم وفي وقوفها الی جانب كل المظلومين وخاصة الشعب الفلسطيني.

هذا ما حدث لإيران بعد الخروج من تحت مظلة اميرکا

هذا وأکد النائب في البرلمان الايراني علي أکبر علي زاده ان خروج ايران من تحت المظلة الاميرکية جعلها شجرة عظيمة تعيش تحت ظلها شعوب عدة في المنطقة.

وقال علي اکبر علي زاده في حديث لقناة العالم الاخبارية:"علمنا الامام الخميني (رض) ان لانهاب الموت وأن ننزل للساحات وان نثق بأنفسنا".

وأضاف علي زاده:"قدمنا الکثير من الشهداء ولکننا لم نعود تحت مظلة العبودية الاميرکية وبقينا احراراً رغم الحروب التي فرضت علينا ورغم اغتيال ابناءنا وعلماءنا ورغم الحصار الاقتصادي".

وأکد ان هذا الصمود، جعل من الشعب الايراني شعباً شامخاً وشجرة عظيمة تظل بظلالها علی شعوب المنطقة لاسيما في فلسطين واليمن والعديد من البلدان، بحيث أصبح المحتل الصهيوني يهاب هذه الشعوب".

ايران، احدی 4 دول تتحدث بلغة الارقام

اكد مدير عام مؤسسة القدس الدولية، خلف المفتاح ان ايران، احدی اربع دول تتحدث بلغة الارقام وهذه احدی انجازات الثورة الاسلامية.

وقال خلف المفتاح في حديث لقناة العالم ان رئيس الجمهورية الايراني حسن روحاني، تحدث في خطابه بمناسبة انتصار الثورة الاسلامية بلغة الارقام في مجال النفط والغاز والبنی التحتية والعلم، وهذا شئ مهم، فالثورة تكتسب شرعيتها من انجازاتها وهذه الانجازات تجعل المواطن جاهز للدفاع عن الثورة والتفاني من أجلها.

وقال المفتاح:"ايران من أفضل اربع دول تتحدث بلغة الارقام والرقم يتحول الی كائن حي، فهنيئاً للشعب الايراني بهذه الانجازات"، فنحن في دول الشرق لم نتعود علی لغة الارقام لان القادة والساسة يكتفون بالخطابات الحماسية.

ورأی مدير عام مؤسسة القدس الدولية ان الغرب كان يحاول ان يُصور الاسلام بأنه حالة متخلفة وانه عالم ما قبل الحداثة ولكن الثورة الاسلامية الايرانية جاءت وأثبتت ان الاسلام يتعامل مع العصر وهذه من أهم انجازات الثورة الاسلامية.

مدينة قم المقدسة في ذكرى انتصار الثورة الاسلامية

وافاد مراسل قناة العالم محمد جواد ارويلي في مدينة قم المقدسة جنوب العاصمة طهران، ان اهالي المدينة المقدسة انطلقوا بمسيرات رمزية في احتفالات بمناسبة الذكرى 42 لانتصار الثورة الاسلامية.

وقال مراسلنا: ان هذه المدينة لطالما كانت مهد انطلاق الثورة الاسلامية، وشوارعها كانت يوما ما شاهدة على احداث وتطورات ووقائع الثورة الاسلامية المباركة، مشيراً الى ان مسيرات هذا العام تميزات عن الاعوام السابقة في ظل الظروف الاستثنائية التي فرضتها جائحة كورونا، الا ان الجميع مصر على احياء هذه المناسبة ونزل الى الشوارع بالسيارات والدراجات النارية والهوائية.

واكد مراسلنا ان الجميع يؤكد تمسه بمبادئ الثورة الاسلامية ويعبر عن حبه وولائه لمفجر الثورة الاسلامية الامام الخميني "قدس سره" ويجدد البيعة للامام الخامنئي، وان الجميع قد رفع اعلام الجمهورية الاسلامية وبعض السيارات رفعت صور للشهيدين القائدين الحاج قاسم سليمان وابو مهدي المهندس، اضافة الى يافطات كتب عليها "الموت لامريكا" و"الموت لاسرائيل" الشعار المبدئي والاساسي للثورة الاسلامية.

ولفت مراسلنا الى ان قضايا العالم الاسلامي كانت حاضرة وبقوة في هذه المسيرات بدءا من اليمن ومرورا بالعراق ولبنان وسوريا وتؤكد على ضرورة الحفاظ على مكتسبات الثورة الاسلامية من التقنية العلمية والنووية والصاروخية في المجالات.

وأنطلقت صباح الیوم في الساعة العاشرة بحسب التوقيت المحلي مسيرات رمزية بالدراجات النارية والسيارات للاحتفال بذكرى الثورة في العاصمة طهران وكل المدن الإيرانية.

وكان الشعب الإيراني قد أطلق مساء أمس هتافات "الله اكبر"، وازدانت سماء البلاد بالألعاب النارية، كما أقيمت احتفالات في عموم مساجد البلاد مع مراعاة الضوابط الصحية.

وقدمت قناة العالم الاخبارية اليوم الاربعاء تغطية خاصة بالذكرى الـ 42 لانتصار الثورة الإسلامية في إيران.

اعتبر رئيس السلطة القضائية الايرانية آية الله ابراهيم رئيسي الانسجام والتكاتف من اهم حاجات العالم الاسلامي اليوم.

جاء ذلك في تصريح ادلى به السيد رئيسي اليوم الاربعاء في بغداد خلال استقباله حشدا من علماء السنة والشيعة وامين عام الحزب الاسلامي والشخصيات المؤثرة في الساحة السياسية والاجتماعية في العراق.

ونقل رئيس السلطة القضائية الايرانية تحيات قائد الثورة الاسلامية الى الشعب العراقي، معربا عن امله ان يبقى المجتمع الاسلامي محصنا من فتن ومؤمرات الاعداء.

واعتبر آية الله رئيسي معرفة العدو وتعزيز الوعي في المجتمع بانهما من مسؤولية علماء الدين واشار الى ان الاعداء اليوم يسعون اليوم لبث التفرقة في صفوف العالم الاسلامي واضاف: ان الجمهورية الاسلامية الايرانية تؤكد على استراتيجية الوحدة والانسجام بين المسلمين ويتوجب على الجميع العمل لتحقيق هذه الاستراتيجية.

وقال: ان الانسجام والتكاتف يعدان اليوم من اهم حاجات العالم الاسلامي ونعتبر اي تفرقة بانها مضرة للمسلمين وهي كالسم الخطير.

واعتبر ممارسات الارهابيين بانها شبيهة بممارسات الصهاينة واضاف: ان هذه الزمر تدعي الاسلام في حين ترتكب اكبر الجرائم.

واكد رئيس السلطة القضائية الايرانية ضرورة طرد الاميركيين على اساس قرار البرلمان العراقي واضاف: مادام الاميركيون متواجدين في المنطقة فان المنطقة لن ترى الامن لانهم يقومون باعمال شريرة اينما تواجدوا.

واعتبر تحصين الشباب والمجتمع العراقي وإعداد القوى البشرية من مسؤولية الفقهاء وعلماء الدين واكد بان من مسؤولية علماء الدين ايضا خدمة الناس وقال: انه الى جانب الاهتمام ببناء الانسان للتحرك نحو الحضارة الاسلامية الحديثة فانه ينبغي الاهتمام ايضا بحل مشاكل المواطنين في مجال العمل والحياة.

المصدر:العالم

مفوضية الانتخابات أعربت عن جاهزيتها لإجراء الانتخابات القادمة وغرفة عمليات تحرير سرت - الجفرة تمنت للسلطة الجديدة التوفيق والسير بليبيا إلى بر الأمان..

 

وليد عبد الله

تواصل، السبت، الترحيب الليبي بمخرجات ملتقى الحوار السياسي الذي انعقد في جنيف السويسرية، وشهد انتخاب سلطة تنفيذية جديدة.

وقالت المفوضية العليا للانتخابات الليبية في بيان نشرته على صفحتها الرسمية بـ"فيسبوك": "نبارك النجاح الذي تحقق بانتخاب سلطة تنفيذية جديدة في البلاد تمهيدا لإجراء الانتخابات العامة المقرر عقدها في 24ديسمبر/ كانون الأول 2021".

وأعربت عن "تطلعها للعمل مع الحكومة عن قرب للوفاء بالتعهدات والالتزامات التي قطعها أعضاءها وهم يستعرضون رؤيتهم وبرامجهم السياسية الرامية إلى تحقيق ودعم متطلبات الاستحقاقات الانتخابية المقبلة".

وأكدت "استعدادها وجاهزيتها للوفاء بمهامها التي أوكلها الإعلان الدستوري، وتحمل مسؤولياتها نحو تنفيذ انتخابات ترتقي لتوقعات الشعب الليبي وآماله".

وتعهدت المفوضية "ببذل قصارى جدها لتمكين جميع الليبيين من ممارسة حقهم في التصويت والمشاركة في انتخابات حرة ونزيهة تعبر نتائجها عن التمثيل الحقيقي لمجتمعنا العريق مجتمع التسامح والتآخي".

بدوره، قال العميد الهادي دراه الناطق باسم غرفة عمليات تحرير سرت - الجفرة للأناضول: "نبارك الخطوة الكبيرة التي قامت بها الأمم المتحدة في اختيار رئيس للمجلس الرئاسي الجديد ورئيس للحكومة".

وأضاف: "نتمنى للسلطة الجديدة التوفيق، وتجنيب ليبيا الخراب والدمار، والسير بها إلى بر الأمان".

وحول اجتماعات اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) قال دراه: "نحن على استعداد تام لفتح الطريق وتنفيذ بنود اتفاق اللجنة العسكرية، في حال أقرت اللجنة ذلك"، متمنيا تحقيق شروط ومطالب الاتفاق بسحب المرتزقة وإزالة الألغام.

وفي وقت سابق، السبت، أعلنت اللجنة العسكرية الليبية المشتركة "5+5"، اتفاقها على نزع الألغام من سرت (غرب) والطرق المؤدية إليها، بدءا من الأربعاء.

وتضم اللجنة العسكرية المشتركة 5 أعضاء من الحكومة الليبية المعترف بها دوليا، و5 من طرف مليشيا الانقلابي حفتر.‎‎

والجمعة، أسفر تصويت أجراه أعضاء ملتقى الحوار الليبي، برعاية أممية بجنيف، عن فوز قائمة تضم عبد الحميد دبيبة رئيسا للوزراء، ومحمد يونس المنفي رئيسا للمجلس الرئاسي، بجانب موسى الكوني وعبد الله حسين اللافي، عضوين في المجلس.

بينما فشلت قائمة كانت تضم عقيلة صالح، حليف حفتر، كرئيس للمجلس الرئاسي، في الحصول على ثقة أعضاء المجلس.

وقالت المبعوثة الأممية إلى ليبيا بالإنابة ستيفاني وليامز، بعد التصويت الجمعة، إن أمام دبيبة 21 يوما لتقديم تشكيلة حكومته إلى مجلس النواب من أجل منحها الثقة، وفي حالة تعذر ذلك يتم تقديمها لملتقى الحوار الوطني.

وستتولى القائمة الفائزة في التصويت، إدارة شؤون البلاد مؤقتا، حتى إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في 24 ديسمبر/كانون الأول 2021.

المصدر:الاناظول

يميل مراقبون إلى ترجيح اتخاذ السعودية خطوات استباقية لتخفيف توترات متوقعة مع الإدارة الأمريكية الجديدة.

 

 

إسطنبول/ إحسان الفقيه

يدرك ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أن علاقات بلاده مع الولايات المتحدة دخلت منعطفا "غير مريح" مع انتهاء ولاية الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ومجيء جو بايدن إلى البيت الأبيض.

كما يدرك أنه على السعودية تقديم تنازلات "مؤلمة" في ملفات عدة، منها ما يتعلق بملف حقوق الإنسان، ومآلات الحرب الأهلية في اليمن، وغير ذلك مما أثاره بايدن خلال حملته الانتخابية، وتأكيدات مسؤولين أمريكيين في إدارته على ضرورة "إعادة تقييم" العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية.

يميل مراقبون إلى ترجيح اتخاذ السعودية خطوات استباقية لتخفيف توترات متوقعة مع الإدارة الأمريكية الجديدة.

فبعد أكثر من ثلاثة أعوام على قطع جميع أشكال العلاقات مع دولة قطر، ورفض السعودية للوساطة الكويتية وعدم استجابتها لعدد من المبادرات الأمريكية، قررت المملكة والدول الشريكة فتح الأجواء والمنافذ البرية واستئناف العلاقات مع الدوحة وإنهاء المقاطعة.

وفي ما بدا أنها محاولة منها لتجنب أي مسار تصادمي مع الإدارة الأمريكية، سارعت السعودية إلى إجراء عدد من المحاكمات لمعتقلي الرأي وناشطات حقوق الإنسان، بمن فيهم الطبيب وليد فتيحي الأمريكي من أصول سعودية.

وسبق للرئيس الأمريكي جو بايدن أن وصف السعودية في عام 2019 بأنها دولة "منبوذة".

كما دعا إلى مساءلة المسؤولين السعوديين عن حادثة اغتيال جمال خاشقجي في القنصلية السعودية بإسطنبول في 2 أكتوبر/ تشرين أول 2018، وتعهد بوقف بيع الأسلحة للسعودية التي تقود تحالفا يضمها إلى جانب الإمارات ودول أخرى في اليمن منذ مارس/ آذار 2015.

وأوقفت الولايات المتحدة "مؤقتا" مبيعات الأسلحة إلى كل من السعودية والإمارات لإعطاء الفرصة للإدارة الجديدة لمراجعة القرارات التي اتخذتها الإدارة الأمريكية السابقة.

وقال وزير الخارجية الأمريكية أنتوني بلينكين إن بايدن وعد بإنهاء الدعم للحملة العسكرية السعودية في اليمن في وقت قصير للغاية.

لكن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية وصف قرار الإيقاف المؤقت بأنه "إجراء إداري روتيني" يُظهر التزام الإدارة الأمريكية بالشفافية، بالإضافة إلى ضمان أن تفي مبيعات الأسلحة بالأهداف الاستراتيجية الأمريكية المتمثلة في بناء شراكات أمنية على أسس المصالح المتبادلة.

غير أن مسؤولين سعوديين، مثل وزير الخارجية فيصل بن فرحان آل سعود، يبدون تفاؤلا بأن تكون العلاقات مع الإدارة الجديدة بالولايات المتحدة "علاقات ممتازة"، وأنهم سيواصلون محادثاتهم مع واشنطن بشأن الملف النووي والصواريخ البالستية الإيرانية.

وترفض طهران العودة إلى الاتفاق النووي قبل رفع عقوبات "الضغط الأقصى" التي فرضتها الإدارة السابقة بعد الانسحاب من الاتفاق في مايو/ أيار 2018، وهو القرار الذي اتخذه الرئيس السابق دونالد ترامب ورحبت به السعودية والإمارات وإسرائيل وغيرهم من حلفاء الولايات المتحدة وشركائها بالمنطقة.

ومؤخرا وجّه عشرة من المشرعين الديمقراطيين رسالة إلى وزير الخارجية بلينكين لإعادة تقييم أوسع للعلاقة مع السعودية، بما في ذلك رفع السرية عن تقرير مخابراتي حول اغتيال جمال خاشقجي.

وتنفي السعودية أي دور لولي العهد في اغتيال خاشقجي، وتُحمّل مجموعة "مارقة" المسؤولية عن الاغتيال والقيام به دون علم أو موافقة قادة المملكة أو ولي العهد.

وحجب ترامب نتائج توصلت إليها المخابرات الأمريكية حول الحادثة، على الرغم من طلبات الكونغرس بتقديم تقرير مفصل عنها، وهو ما وعدت بتقديمه المديرة الجديدة للاستخبارات الوطنية، أفريل هينز، خلال جلسة استماع في مجلس الشيوخ سيحدد موعدها لاحقا.

ومن الملفات الأخرى التي طالب بها المشرعون الأمريكيون، الإفراج عن مواطنين أمريكيين محتجزين في السعودية، وتجميد صفقات تسليم أسلحة هجومية تستخدمها الرياض في الحرب باليمن، إضافة إلى إلغاء تصنيف جماعة الحوثي على لائحة المنظمات الإرهابية الأجنبية، وهو القرار الذي اتخذته إدارة ترامب قبل يوم واحد من تسليم السلطة للإدارة الجديدة.

وطيلة أربع سنوات واجه دونالد ترامب الكثير من الضغوط لوقوفه إلى جانب حليفيه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، واستخدامه حق النقض ضد مشاريع قرارات توصي بوقف مبيعات الأسلحة للسعودية والإمارات، ودفاعه عن السعودية وولي عهدها في قضية اغتيال خاشقجي .

ومع حقيقة المصالح الأمريكية في السعودية والدور السعودي في تأمين المزيد من تلك المصالح، إلا أن هناك قلقا واضحا لدى المسؤولين السعوديين من تخلي الولايات المتحدة عن مصالحها المشتركة مع السعودية، والعودة إلى الاتفاق النووي مع ايران، ووقف مبيعات الأسلحة، والتشديد على سجل المملكة في مجال حقوق الإنسان.

في مقابل ذلك، أشار وزير الخارجية الأمريكي بلينكين أن السعودية بلد "شريك"، كما أن وزارة الدفاع الأمريكية تنوي استخدام قاعدتين جويتين سعوديتين وميناء واحد على البحر الأحمر لتعزيز قدراتها في مواجهة التوترات مع إيران.

وتسعى السعودية للتعاقد مع شركات الدعاية ومجموعات الضغط لتحسين صورتها لدى الإدارة الأمريكية الجديدة، واستعادة بعض نفوذها الذي خسرته في أعقاب اتهامات صريحة لولي العهد محمد بن سلمان بالمسؤولية المباشرة عن اغتيال جمال خاشقجي، وتوقيف المعارضين والناشطين والمفكرين، والحرب في اليمن.

وكشفت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية عن تعاقد السعودية مع 16 شركة على الأقل للاستفادة من خدماتها بتعزيز المصالح السعودية في الولايات المتحدة.

وتزامنا مع وصول جو بايدن إلى البيت الأبيض، كشفت وسائل إعلام أمريكية مطلع ديسمبر/ كانون الأول الماضي، أن السعودية بدأت حملات ضغط داخل مؤسسات صنع القرار الأمريكي تحسبا لمواقف أكثر صرامة قد يتخذها بايدن ضد المملكة.

ووفقا لوسائل إعلام أمريكية، فإن السعودية أنفقت على الشركات ومجموعات الضغط ما لا يقل عن 30 مليون دولار منذ اغتيال جمال خاشقجي.

من المحتمل أن تؤدي جماعات الضغط إلى بعض النجاحات في استمرار الأعضاء الجمهوريين في الكونغرس على مواقفهم الإيجابية من السعودية.

كما يتوقع أن توظف إسرائيل علاقاتها في مراكز اتخاذ القرار الأمريكي لصالح السعودية، حيث تشير تقارير أمريكية أن السعودية دعمت وشجعت الخطوات التطبيعية لدول حليفة لها، مثل الإمارات والبحرين وكذلك المغرب والسودان.

وتعتقد إسرائيل أن التحولات المتوقعة في سياسات بايدن تجاه السعودية يمكن أن تلحق ضررا في الاستراتيجيات الإسرائيلية المناهضة لتعميق النفوذ الإيراني، والحريصة على الحفاظ على التنسيق والتعاون الإقليمي في المنطقة لمواجهة التهديدات الإيرانية المحتملة.

المصدر:الاناظول

أكد مستشار رئيس مجلس الشورى الاسلامي أن النهوض بالتعاون الإيراني الروسي إلى مستوى استراتيجي وزيادة التفاعل الاقتصادي من أهم أهداف زيارة محمد باقر قاليباف لموسكو غدا الاحد وقال انه سيقوم بنقل رسالة قائد الثورة الاسلامية الى الحكومة الروسية .

و إشارة بابك نكاهداري ، مستشار رئيس مجلس الشورى الاسلامي إلى زيارة رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف لروسيا وقال: "إن رئيس مجلس الشورى الإسلامي سيتوجه يوم غد الاحد الى موسكو على رأس وفدا رفيع المستوى تلبية لدعوة من رئيس مجلس الدوما الروسي فيشيسلاف فالودين في زيارة تستغرق ثلاثة أيام ، حيث سيقوم الى جانب تسليم رسالة قائد الثورة الاسلامية اية الله السيد علي الخامنئي للحكومة الروسية ، بلقاء نظيريه في الدوما ومجلس الشيوخ والمسؤولين الاقتصاديين والتجاريين والسياسيين والأمنيين .

وشدد على أن الارتقاء بالعلاقات الإيرانية الروسية إلى مستوى استراتيجي هو من أهم أهداف هذه الزيارة وقال ان الاجتماعات المختلفة المختلف في مجال القضايا الاقتصادية والعلاقات التجارية جزء مهم من برنامج زيارة رئيس البرلمان الى روسيا .

وفي إشارة إلى تدني مستوى التبادل التجاري بين طهران وموسكو ، أضاف نكاهداري :ان قاليباف سيبحث أيضًا عن كثب تحديات ومشاكل التجارة بين البلدين في لقاء مع ناشطين اقتصاديين إيرانيين وروس لوضع الخطط اللازمة لتحسين مستوى التبادل التجاري والاقتصادي.

وفي إشارة إلى الأهداف الاقتصادية الأخرى لزيارة رئيس البرلمان لروسيا أكد انه بالإضافة إلى تعزيز التعاون الاقتصادي في اطار العلاقات الثنائية ، سيجري بحث تعزيز العلاقات التجارية في اطار الاتحاد الاوراسي الذي تعتبر إيران عضوا مراقبا فيه ، وكذلك مناقشة ممر الشمال والجنوب .

وتابع: إن قاليباف سيجتمع يوم الاثنين في اليوم الأول من زيارته ،رئيس الدوما الروسي وكذلك سيلتقي مفكري معهد الدراسات الشرقية لهذا البلد.

 

تحتفل ايران هذه الايام بالذكرى الثانية والاربعين لإنتصار الثورة الاسلامية ، الثورة التي قلبت المعادلات الدولية، وغيرت وجه المنطقة، بعد ان إنتصرت للمظلومين، وناهضت الظالمين، ورفضت تصفية القضية الفلسطينية، تكالبت عليها قوى الشر، وعلى رأسها الثالوث المشؤوم ، امريكا و"اسرائيل" والرجعية العربية، ففرضوا عليها حروبا وعقوبات، لوأدها واعادة ايران الى بيت الطاعة، الامريكي "الاسرائيلي".

الذكرى الـ42 لإنتصار الثورة الاسلامية، لها نكهة مميزة هذا العام، بعد خروج ايران مرفوعة الرأس من منازلة اكثر الادارات الامريكية عنصرية ويمينية وتطرفا وصهيونية، واشدها عداء للثورة الاسلامية، خلال العقود الاربعة الماضية، وهي ادارة الرئيس الامريكي المجنون دونالد ترامب، وفريقه المتصهين حتى العظم، والذي كان يضم امثل جون بولتون ، ومايك بومبيو.

المراقب لاداء ادارة ترامب المعتوه، خلال السنوات الاربع الماضية، يدرك ان الهدف الاول والاخير، من وراء صناعة "ترامب"، من قبل الدولة الامريكية العميقة، وتوفير الظروف له لدخول البيت الابيض، كان اسقاط نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية، وكل ما قيل عن اهداف اخرى لهذه الادارة ليست سوى ذر للرماد في العيون.

الدولة الامريكية العميقة، واللوبي الصهيوني في امريكا، الصهيونية العالمية والكيان الاسرئيلي واذياله من عرب التطبيع والخنوع، تجاوزوا كل الخطوط الحمراء في عدائهم للجمهورية الاسلامية، واستخدموا كل اسلحتهم وامكانياتهم ونفوذهم، من اجل اسقاط النظام الاسلامي في ايران، او على الاقل تركيعه.

الصعود الملفت لنجم ترامب الارعن، وصعود الصهيوني الحاقد مايك بومبيو، واختيار الصهيوني العتيد جون بولتون، والكلب الصهيوني المسعور جيمس ماتيس ، ومن لف لفهم ، لم يكن صدفة، بل وفق برنامج تم الاعداد له بدقة، لاسقاط الجمهورية الاسلامية في ايران، اما عن طريق الحرب، كما كان يدعو بولتون، واما عن طريق الحصار والتجويع عبر سياسة الضغوط القصوى، كما كان يدعو بومبيو.

في ذات السياق لم يكن صدفة "تبرع" ولي لعهد السعودي باكثر من نصف ترليون دولار لترامب، و هرولة عرب التطبيع في الارتماء في حضن نتنياهو، من اجل تشكيل حلف "ناتو عربي سني اسرائيلي" ، بقيادة ابن سلمان ونتنياهو، وتحت اشراف ترامب وفريقه المتصهين، وهي تطورات تزامنت مع خروج ترامب من الاتفاق النووي، وفرض عقوبات غير مسبوقة على الشعب الايراني طالت حتى الغذاء والدواء.

ابن سلمان ونتنياهو، عقدا آمالا كبيرة على ادارة ترامب اليمينية الصهيونية المتطرفة، لمواجهة ايران عسكريا، وكان هذا الامل قائما ليس في الايام القليلة التي كانت متبقية لادارة ترامب فحسب ، بل حتى في الساعات الاخيرة، فكانا يمنيان النفس بان يقدم ترامب على شن هجوم عسكري ضد ايران، ولكن ذهب ترامب وشلته من المجانين الى مزبلة التاريخ، وبقيت حسرة مهاجمة ايران، تنخر عقليّ وقلبيّ ابن سلمان ونتنياهو.

من حق ابن سلمان ونتنياهو ان ينصبا سرادق العزاء على "أملهما"، الذي مات برحيل ترامب، فهما يعلمان جيدا، ان عليهما ان ينتظرا عقودا طويلة، لتأتي ادارة بجنون ورعونة وتطرف وصهيونية ادارة ترامب، التي ضحت حتى بمصالح امريكا، من اجل تحقيق مصالح الصهيونية العالمية، الا انها ورغم ذلك رحلت دون ان تحقق اُمنية الصهيونية، التي "صُنعت" ادارة ترامب من اجل تحقيقها، وهو مهاجمة ايران واسقاط الجمهورية الاسلامية.

ذهب ترامب المخبول ، وبومبيو الثرثار، وبولتون الحاقد، وماتيس المسعور، وبقيت الجمهورية الاسلامية في ايران، التي تعيش هذا الايام الذكرى الثانية والاربعين لانتصار ثورتها الاسلامية المجيدة، منيعة مهيبة الجانب، برجالها، الذين زرعوا الخوف والهلع في قلوب، اكثر ادارة امريكية ارهابية مجرمة، وارغموها على دفن فكرة مهاجمة ايران والى الابد، وتركوا إيتام ترامب، ابن سلمان ونتنياهو، يعضان اصابع الندم.

سعيد محمد - العالم

د. محمد علي آذرشب

 

لا يرتبط هذا الموضوع بعلم الاقتصاد فلستُ من المتخصصين فيه، بل يُعالج مسألة حضارية، وينظر إلى الاقتصاد من منظار حضاري، أو من منظار مذهبي حسب تعبير الشهيد الصدر الذي يقسم الدراسة الاقتصادية إلى علمية ومذهبية. الأولى ترتبط بمعادلات لا يختلف فيها العلماء، والثانية ترتبط بالأساس الذي تقوم عليه حضارة الإنسان، وهذا الأساس هو نظرة الإنسان إلى الكون والحياة. وفي هذا اللون الثاني جرى الاختلاف بين المدارس الفكرية، وأدى إلى ظهور مدارس اقتصادية مختلفة في التأريخ.
والمسألة الاقتصادية تحتل دوراً مهماً في دراسات المهتمين بقضايا العالم الإسلامي، لما يعاني منه المسلمون من تخلف اقتصادي وفشل في خطط التنمية الاقتصادية رغم وجود ثروات متراكمة في المنطقة الإسلامية.
والتطور الاقتصادي لا يعني طبعاً تجمع الثروة، لأنّ العالم الإسلامي متخلف اقتصادياً رغم تراكم ثرواته، بل المقصود به ربط الإنسان بالطبيعة ربطاً يستطيع من خلاله أن يحقق نمواً اقتصادياً، ويجعل المجتمع ذا بنية اقتصادية قوية تُغنيه عن التطفل على غيره من البلدان واستجدائها.
تناول المهتمون بقضايا العالم الإسلامي مسألة التطور الاقتصادي والتنمية الاقتصادية من وجهة النظر المذهبية، وحاولوا أن يستكشفوا الأسباب الحضارية للتخلف القائم بين المسلمين. يرى كثير من الباحثين الغربيين أنّ هذا التخلف الاقتصادي يعود إلى روح التوكل واحتقار المادة والاستسلام للقدر والاعتماد على الفُرَص، والعجز عن الخلق والإبداع الموجودة بين المسلمين.
يؤيد هذه النظرة الوضع القائم في العالم الإسلامي بكل ما يحيطه من تخلف في جميع مناحي الحياة، وما يدبّ فيه من ضعف وهوان، وما تعج به الثقافة الشعبية المعاصرة من روح كسل وبَطَر ولا مبالاة.
ويقف الباحثون المسلمون مدافعين عن الإسلام تجاه هذه الدعوى بأساليب مختلفة، أهمها:
1 ـ أسلوب الاستدلال بالنصوص الدينية.
2 ـ أسلوب استعراض التأريخ الإسلامي.
3 ـ صياغة النظرية الإسلامية.
4 ـ مهاجمة الحضارة الغربية.
5 ـ محاولة استكشاف الأسباب الحقيقية للتخلف.

1 ـ أسلوب الاستدلال بالنصوص الدينية:
لا يخفى على باحث في الإسلام أنّ المسلمين ينظرون إلى النصوص الدينية في القرآن والسنة على أنّها منهج لتنظيم أمور حياتهم في كل المجالات الخاصة والاجتماعية، والإنسان المسلم يرى نفسه مسؤولاً أمام الله في تطبيق هذه النصوص وتنفيذها بدقة. ومن هنا فإنّ لهذه النصوص دوراً مهماً في صياغة حركة الإنسان وروابطه بالمجتمع والطبيعة. ومن حق الباحث أن يعود إليها ليرى كيف وجه الإسلام أبناءه في حقل التنمية الاقتصادية.
في هذه النصوص نرى تأكيداً على أنّ ما في الأرض من نِعَم مادية إنما هي من عطاء الله للإنسان، فهي كلها إذن خيرات مصدرها الخير المطلق سبحانه، والإنسان المسلم بطبيعة تربيته يطلب الخير.
قال سبحانه: (...وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ...) (الإسراء/6).
(وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا) (نوح/12).
وقال: (رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا) (الإسراء/66).
(...وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ...) (الحديد/25).
(وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الأرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ...) (الأعراف/10).
(وَالأرْضَ وَضَعَهَا لِلأنَامِ) (الرحمن/10).
كما نرى في نصوص الكتاب العزيز حثاً على ابتغاء فضل الله والحركة من أجل استثمار مواهب الطبيعة:
(فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ...) (الجمعة/10).
(وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلا مِنْ رَبِّكُمْ...) (الإسراء/12).
وثمة نصوص تربط بين (الخبز) وهو رمز الوفرة الاقتصادية والاكتفاء الذاتي في لغة هذه النصوص وبين حياة الدين واستمرار مسيرة الإنسان الروحية نحو الله. فعن النبي (ص): (اللهم بارك لنا في الخبز، ولا تفرّق بيننا وبينه)، وعنه (ص): (فلولا الخبز ما صلينا...) ، وعنه: (فلولا الخبز ما صلينا ولا صمنا).
والنصوص الدينية ـ من جهة أخرى ـ تحثّ على العمل، وتجعل الحركة في طلب الرزق عبادة والإهمال والكسل مفسدة وعبثاً، قال سبحانه:
(...هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الأرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا...) (هود/19).
وعن رسول الله (ص) أنه قبّل يوماً يد عامل وقال: (طلب الحلال فريضة على كل مسلم ومسلمة. ومن أكل من كَدّ يده مرّ على الصراط كالبرق الخاطف. ومن أكل من كدّ يده نظر الله إليه بالرحمة ثم لا يعذبه أبداً. ومن أكل من كدّ يده حلالاً فتح له أبواب الجنة يدخلها من أيها شاء)، وفي الحديث الشريف: (ما من مسلم يزرع زرعاً أو يغرس غرساً فيأكل منه إنسان أو طير أو بهيمة إلا كانت له به صدقة).
وتذهب النصوص إلى إعطاء العمل الاقتصادي نفسه قيمة سامية بغض النظر عن معطياته المادية، ففي الحديث: (إن قامت الساعة وفي يد أحدكم الفسيلة فإن استطاع أن لا تقوم الساعة حتى يغرسها فليغرسها).
ويتحدث صادق أهل البيت جعفر بن محمد (ع) للمفضل بحديث يبين فيه أنّ سنة الحياة تقتضي الحركة من أجل الإنماء الاقتصادي وإلا فإنّ المجتمع يسقط في فراغ يتبعه عبث وفساد، فيقول: (وعلم يا مفضل... وجعل (الله)الخبز متعذراً لا يُنال إلا بالحيلة والحركة، ليكون للإنسان في ذلك شغل يكفه عما يخرجه إليه الفراغ من الأشَرِ والعبث).
وتقرنُ بعض النصوص الفقر بالكفر، وهذا يعني أنّ الأمة الفقيرة، أي الأمة التي تفتقد الحركة لاستثمار مواهب الطبيعة، هي أمة لا تصلح أن تكون مؤمنة. فالإيمان يقتضي الحركة على طريق الغني المطلق سبحانه، فعن النبي (ص): (كاد الفقر أن يكون كفراً).
وروى الصادق (ع) عن النبي (ص) أنّه نادى الصلاة جامعة. فاجتمع الناس، فصعد النبي (ص) المنبر، فنعى إليهم نفسه، فقال: (أذكّر الله الوالي من بعدي على أمتي... ولم يُفقرهم فيُكفرهم).
والنهي عن الكسل والتكاسل في طريق طلب المعيشة وردت فيه نصوص كثيرة، وكلها تدعو إلى حركة دائبة على طريق تحسين الوضع الاقتصادي الفردي والاجتماعي. من ذلك: قوم الإمام علي (ع): (إن الأشياء لما ازدوجت ازدوج الكسل والعجز فنتج بينهما الفقر). فالكسل حالة نفسية تُضعف همة الإنسان عن طلب مبتغاه، ويقترن بها العجز عن بلوغ الغايات في الواقع العملي. ونتيجة كل ذلك الفقر، الفقر في كل ما يحتاجه الفرد وتحتاجه الجماعة لمواصلة مسيرة الحياة بعزة وكرامة.
وعن الإمام الصادق (ع) قال: (لا تكسلوا في طلب معايشكم فإن آباءنا قد كانوا يركضون فيها ويطلبونها).
والنصوص في كل هذه المجالات كثيرة جداً. وأختتمُ هذا الاستعراض بنص رائع عن أمير المؤمنين (ع) فيما رواه الصادق، قال: (مَن وجد ماءً وتراباً ثم افتقر فابعده الله). أي إنّ من طبيعة الإنسان المسلم الذي يسير في طريق الكامل المطلق سبحانه أن يستثمر مواهب الطبيعة ويتفاعل معها. فالماء والتراب رمزان لهذه المواهب الطبيعية. ولا يمكن أن يتوفر (الماء) و (التراب) و (الإيمان) ثم يفتقر الإنسان. وإذا توفر العنصران الأولان ثم افتقر فلابد أن يكون الخلل في العنصر الثالث.
هذه النصوص أسهمت بدون شك على مر العصور في صياغة ذهن الإنسان المسلم، وجعلته يتعامل مع الطبيعة تعاملاً فاعلاً وفق معايير الإسلام، وكانت وراء ما شهدته الحضارة الإسلامية من ازدهار في عصورها الذهبية.
وإذ نحن في صدد استعراض النصوص لابد أن نشير إلى بعض الروايات التي تنظر إلى التعامل مع المادة والحياة نظرة سلبية، وتحث الإنسان المسلم على ترك حب الدنيا نظير قول الرسول (ص): (مَن أحب دنياه أضرّ بآخرته).
وعن الصادق (ع): (رأس كل خطيئة حب الدنيا).
وعن الصادق (ع) أيضاً: (أبعد ما يكون العبد من الله عزوجل إذا لم يهمه إلا بطنه وفرجه).
وعن أمير المؤمنين علي (ع): (إن من أعون الأخلاق على الدين الزهد في الدنيا).
هذه النصوص يمكن أن نفهمها في ضوء النصوص السابقة على أنّها دعوة للكف عن الشَرَه والتكالب والصراع في التعامل مع مواهب الطبيعة، ودعوة إلى التعامل مع المادة وفق أخلاقيات الإسلام الإنسانية، لا وفق ما تفرزه طبيعة هذا التعامل من استئثار وشح وحرص واكتناز. إنّها دعوة لأن يكون الإنسان ـ وهو يتعامل مع المادة ـ سيد هذا الكون، والمتحكم في المادة وفي مسير استثمارها.

2 ـ أسلوب استعراض التأريخ الإسلامي:
سجّل التأريخ الإسلامي، في قرونه الأولى ـ بشكل خاص ـ صوراً رائعة من تفاعل الإنسان المسلم مع مواهب الطبيعة، ففجر الأرض واستثمرها وساح فيها واكتشف معالمها، وتطلع إلى السماء وتعرّف على مواقع نجومها. وركّب المواد وشخّص خصائصها، وغار في داخل جسم الإنسان وفهم طبيعة فسلجة أعضائه، وتعرّف على دائه ودوائه، ومارس عمارة المدن والطرق والجسور والسدود فأبدع فيها، ولم يمض على عصر صدر الإسلام زمن طويل حتى شهد العالم الإسلامي حضارة يشهد على عظمتها علماء الغرب ويقفون أمامها وقفة احترام وإجلال.
ومن المستشرقين الذين ألّفوا في هذا المجال جورج سارطون في كتابه (الثقافة العربية في رعاية الشرق الأوسط)، وكتابه (تأريخ العلم القديم في العصر الذهبي)، وجويدي في كتابه (علم الشرق وتأريخ العمران)، والدويميلي في كتابه (العلم عند العرب)، وكارلو نلينو في كتابه (علم الفلك ـ تأريخه عند العرب في القرون الوسطى).
وممن كتب في هذا المجال أيضاً: قدري حافظ طوقان في كتبه: (العلوم عند العرب)، و(تراث العرب العلمي في الرياضيات والفلك) و(التفكير العلمي عند العرب)، و(أثر العرب في تقدم الفلك). وجرجي زيدان في كتابه (تأريخ التمدن الإسلامي)، ومحمد كرد علي في كتابه (الإسلام والحضارة الغربية)، وغيرهم كثير.
وهنا أودّ أن أقف عند ملاحظتين على هذا الأسلوب:
الأولى: أنّها ركزت ـ سواء من قبل المستشرقين أو من قبل أكثر العرب ـ على دور (العرب) في بناء الحضارة الإسلامية، لا (المسلمين)، وهذا التركيز لا أظنه عفوياً، كما لا أحسن الظن فيه، فأقول: إنّ المقصود بالعرب كل مَن تكلم العربية من المسلمين، فالنزعة القومية واضحة في هذه الأبحاث، وأعتقد أنّها جاءت ضمن الموجة التي خطط لها الغرب وسار ضمنها العالم الإسلامي في جعل الأطروحة القومية مكان الطرح الإسلامي، ومن ثم جعل الدويلات التي نشأت بعد اتفاقيات التقسيم تتغنى بأمجادها وتسكر على أنغام ذكريات ماضيها من دون أن تتقدم خطوة في مضمار الحضارة، ثم إنسلخ هذه الحضارة عن الإطار الإسلامي يبعد أذهان المسلمين عن الطاقة المحركة الهائلة التي أوجدت هذه الحضارة في الماضي ويمكن أن توجدها في المستقبل.
الثانية: إنّ الحديث عن أمجاد الماضي يجب أن يكون ضمن خطة شاملة تستهدف دفع المسيرة الإجتماعية نحوا لحركة، عندئذ سيكون مثل هذا الحديث قادراً على منح الفرد المتحرك ثقةً بنفسه وقدرةً على مواصلة الطريق من دون كلل أو ملل. أما إذا لم يكن ضمن هذه الخطة فإنّه يتحول إلى انتفاخ وَرَمي يبعد الأذهان عن التفكير في تخلف الواقع الراهن وعلاج هذا التخلف. وتحضرني هنا ملاحظة للمرحوم عباس محمود العقاد على الحروب الصليبية يذكر فيها أنّ الحروب الصليبية أضرت العالم الإسلامي من جهتين: الأولى: انّها أنهكت جسم العالم الإسلامي واستنزفت طاقاته وقواه المادية والبشرية، والثانية: إنّها بسبب ما حققته من انتصارات عسكرية أورثت الأمة الاسلامية إفراطاً في الثقة برجحانها وإفراطاً في سوء الظن بأعدائها، وقد كان هذا هو باب الخطر الجسيم إلى عدة قرون، قامت أوروبا بعدها مقام القيادة وتخلف الشرق، وليس أخطر على الأمم من الاكتفاء بالذات، والاعتزاز بالرجحان في أمثال هذه الظروف.
والعبارة الأخيرة للعقاد صادقة في مجال التركيز على أمجاد الماضي، من دون أن ترافقه خطة نهوض وتحريك ودفع نحو الهدف المنشود.

3 ـ صياغة النظرية الإسلامية:
لكل مدرسة فكرية نظريتها الخاصة للتعامل مع الطبيعة، وهذه النظرية تشكل الأساس الذي يتحرك عليه الإنسان والمجموعة البشرية لبناء الحضارة.
وصاغ المفكرون الإسلاميون نظرية (الاستخلاف) لتعبر في جانب منها عن الإطار الإسلامي لتعامل الإنسان مع الطبيعة. (الإنسان بوجه عام مستخلف من الله في هذه الأرض لعمارتها واستثمار خيراتها، سلّطه الله عليها فأعطاه القدرة على تسخيرها وتسخير سائر الكون لمنافعه بما وهبه من الحواس والعقل وسائر الصفات الجسمية والعقلية التي تجعله أهلاً لذلك على تفاوت بين أبناء البشر).
الآيات الكريمة التي تستند إليها هذه النظرية كثيرة، منها:
(وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأرْضِ خَلِيفَةً...) (البقرة/30).
(وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الأرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ...) (الأنعام/165).
(...وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ...) (الحديد/7).
ووفق هذه النظرية يتحمل الإنسان المسلم مسؤولية القيام بأعباء الخلافة في الأرض، مسؤولية الخلق والإبداع والتصرف في قوانين الطبيعة واستخدامها بقدر ما وهبه الله من قدرة، ولا يمكن لإنسان يعيش هذا المفهوم أن يظل خاملاً متواكلاً غير متفاعل مع قوانين الكون والطبيعة، وغيرَ عامل على تسخيرها على طريق تحقيق مسؤوليات الخلافة.
يقول السيد الشهيد الصدر عن هذا المفهوم: (... ولا أعرف مفهوماً أغنى من مفهوم الخلافة لله في التأكيد على قدرة الإنسان وطاقاته التي تجعل منه خليفة السيد المطلق في الكون، كما لا أعرف مفهوماً أبعد من مفهوم الخلافة لله عن الاستسلام للقدر والظروف لأنّ الخلافة تستبطن معنى المسؤولية تجاه ما يُستخلف عليه، ولا مسؤولية بدون حرية وشعور بالاختيار والتمكن من التحكم في الظروف. وإلا فأي استخلاف هذا إذا كان الإنسان مقيداً أو مسيّراً...)؟!

4 ـ مهاجمة الحضارة الغربية:
حين صحا العالم الإسلامي في العصر الحديث من سباته راح يفكر في سبيل لاستعادة وجوده، لكن تفكيره كان ممزوجاً بآثار النوم الطويل وبروح الهزيمة التي مُني بها على يد المستعمر. وما كانت هزيمة العالم الإسلامي اقتصادية وعسكرية فحسب، بل ونفسية أيضاً، ومن هنا راح ـ مدفوعاً بروح الهزيمة ـ يستجدي المناهج الغربية ليجد فيها البلسم لجراحه. وبذلك عمّق روح الهزيمة في حياته السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وواجه الفشل الذريع في تطبيق الوصفات الغربية وخاصة في مجال التنمية الاقتصادية. وأمام هذا الانبهار بروح الغرب اتخذ بعض المفكرين الإسلاميين أسلوب مهاجمة الحضارة الغربية، وأرادوا بهجومهم هذا أن يخاطبوا الإنسان المسلم قائلين له: إنّ العالم بأجمعه يعيش اليوم حالة تخلف حضاري، لا العالم الإسلامي وحده. وهذا اللون من الخطاب يبعد عن المسلمين روح الإحساس بالهزيمة ويدفعهم نحو التأصيل الحضاري في عملية التنمية الاقتصادية.
يقول الشهيد سيد قطب: (إنّ مقياس الرقي الحضاري في نظر الإسلام هو حين يقوم (الإنسان) بالخلافة عن (الله) في أرضه على وجهها الصحيح: بأن يخلصَ عبوديته لله ويخلص من العبودية لغيره، وأن يحقق منهج الله وحده، ويرفض الاعتراف بشرعية منهج غيره، وأن يحكم شريعة الله وحدها في حياته وينكر تحكيم شريعة سواها، وأن يعيش بالقيم والأخلاق التي قررها الله له ويسقط القيم والأخلاق المدعاة، ثم بأن يتعرف بعد ذلك كله إلى النواميس الكونية التي أودعها الله هذا الكون المادي، ويستخدمها في ترقية الحياة، وفي استنباط خامات الأرض وأرزاقها وأقواتها التي أودعها الله إياها، وعجل تلك النواميس أختامها، ومنح الإنسان القدرة على فضِّ هذه الأختام بالقدر الذي يلزمه له في الخلافة... أي حين ينهض بالخلافة في الأرض على عهد الله وشروطه، ويصبح يفجر ينابيع الرزق ويصنع المادة الخامة، ويقيم الصناعات المتنوعة، ويستخدم ما تتيحه له كل الخبرات الفنية التي حصل عليها الإنسان في تأريخه كله... حين يصبح وهو يصنع هذا (ربانياً) يقوم بالخلافة عن الله ـ على هذا النحو ـ عبادة لله... يكون هذا الإنسان كامل الحضارة ويكون هذا المجتمع قد بلغ قمة الحضارة).
وهذا يعني أنّ الغرب اليوم متخلف حضارياً رغم تطوره الصناعي والاقتصادي.
ومن المفكرين مَن يرى أنّ الحضارة الغربية تعاني أزمة أخلاقية، وهذه الأزمة ناتجة عن افتقادها المقاييس الإنسانية في التوجه، ولذلك فهي غير قادرة على حل مشكلة البشرية.
يقول مالك بن نبي: (لا شك أنّ الآلات الحاسبة التي استخدمها الإنسان الحديث لتكون مقياس حضارته عجيبة رائعة، شريطة أن لا تندس حبة من الرمل بين أجزاء المحرك... إذ إنّ بعض حبات الرمل التي تسبب خطأ في الحساب قد تؤدي إلى ملايين القتلى وما لا حدّ له من الهدم والتخريب.. واحتكاك طفيف بين أجزاء الماكنة الحسابية كشف عن أزمة السرطان الأخلاقي الذي يلتهم الحضارة، ودلل بشكل لا يقبل الشك أنّ النهضة الفنية وحدها عاجزة برسومها ومعادلاتها عن حلّ المشكلة الإنسانية).
ونرى في كتب الإسلاميين استدلالات كثيرة على لسان المفكرين الأوروبيين أنفسهم بشأن أزمة الحضارة الغربية، كما فعل سيد قطب في كتابه: (المستقبل لهذا الدين)، حيث نقل كثيراً عن الدكتور الكسيس كاريل في كتابه (الإنسان ذلك المجهول) وعن دالس في كتابه (حرب أم سلام).

5 ـ محاولة استكشاف أسباب التخلف:
حين يعالج الباحثون الإسلاميون أسباب مشكلة التخلف الاقتصادي في العالم الإسلامي، يرفضون أن تكون قلة الثروات أو الإمكانات البشرية من هذه الأسباب، فأندنوسيا ـ على سبيل المثال ـ تملك من هذه الثروات ما لا تمتلكه اليابان، ولكن أين أندنوسيا من اليابان في مجال التنمية الاقتصادية؟!
ويجمع الباحثون الإسلاميون على أن سبب التخلف الاقتصادي في العالم الإسلامي وفشل خطط التنمية في البلاد الإسلامية يعود إلى غياب الإسلام عن ساحة الحياة في هذه البلاد. ولا يمكن للإنسان المسلم أن يسجل نجاحاً في حقل ممارسة نشاطات التنمية الاقتصادية إلا في ظل النظام الإسلامي، وفي ظل توجه حضاري إسلامي.
يقول الشهيد الصدر: (حين نريد أن نختار منهجاً أو إطاراً عاماً للتنمية الاقتصادية داخل العالم الإسلامي يجب أن نأخذ هذه الحقيقة أساساً ونفتش في ضوئها عن مركب حضاري قادر على تحريك الأمة وتعبئة كل قواها وطاقاتها للمعركة ضد التخلف، ولابد حينئذ أن نُدخل في هذا الحساب مشاعر الأمة ونفسيتها وتأريخها وتعقيداتها المختلفة).
ويقصد بالحقيقة المذكورة أعلاه: (إنّ حاجة التنمية الاقتصادية إلى منهج اقتصادي ليست مجرد حاجة إلى إطار من أطر التنظيم الاجتماعي تتبناه الدولة فحسب... ولا يمكن للتنمية الاقتصادية والمعركة ضد التخلف أن تؤدي دورها المطلوب إذا اكتسبت إطاراً يستطيع أن يدمج الأمة ضمنه وقامت على أساس يتفاعل معها. فحركة الأمة كلها شرط أساسي لإنجاح أي تنمية اقتصادية وأي معركة شاملة ضد التخلف لأنّ حركتها تعبير عن نموها ونمو ارادتها وانطلاق مواهبها الداخلية).
ثم يتحدث السيد الصدر عن الأخلاقية الماثلة في وجدان الأمة الإسلامية، ويرى أنّ هذه الأخلاقية (يمكن الاستفادة منها في المنهج الاقتصادي داخل العالم الإسلامي، ووضعه في إطار يواكب تلك الأخلاقية لكي تصبح قوة دفع وتحريك كما كانت أخلاقية مناهج الاقتصاد الأوروبي الحديث عاملاً كبيراً في إنجاح تلك المناهج لما بينها من انسجام).
فسلبيات التنمية الاقتصادية تعود ـ إذن ـ إلى انفصال المناهج الاقتصادية المطبقة حديثاً في العالم الإسلامي عن المزيج الحضاري بكل ما فيه من عقيدة وتأريخ للأمة. وهذه الظواهر المشهودة من الزهد أو القناعة أو الكسل تعود إلى انفصال الأرض عن السماء. (أما إذا أُلبست الأرض إطار السماء، وأُعطي العملُ مع الطبيعة صفة الواجب ومفهوم العبادة فسوف تتحول تلك النظرة الغيبية لدى الإنسان المسلم إلى طاقة محركة وقوة دفع نحو المساهمة بأكبر قدر ممكن في رفع المستوى الاقتصادي).
ومن المفكرين مَن يرى أنّ (مسألة المسائل) التي تحول دون التقدم والتنمية في العالم الإسلامي هي السلطة السياسية. ويرى أنّ هذه السلطة السياسية تفرز سلوكيات خاصة تحول دون تحرك المجتمع نحو الهدف المنشود ونحو التضحية من أجل هذا الهدف.
وإنما تشكل السلطة السياسية عقبة في طريق حركة المجتمع بسبب الغربة بين السلطة والمجتمع، وهذه الغربة (تدفع النُخَب المسيطرة إلى السلوك إزاء المجتمع سلوك الخائف الباطش. إنها ترشو بعض الفئات التي تعتقد تأثيرها في مسألة بقائها في السلطة، وتستعين بها على المجتمع، وتعمل على نهب ثروات مجتمعاتها شأن مَن (يموت) أو (يرحل غداً). وبسبب هذه الغربة أيضاً (فإنّ الحاكمين في دار الإسلام يرتكبون أخطاء كثيرة في مجال فهم تأريخ مجتمعهم ورغباته وتطلعاته المستقبلية).
هذه السلطة تشكل ـ إذن ـ عقبة حضارية في المجتمع الإسلامي ولولاها لتحرك المجتمع الإسلامي نحو أهدافه المنشودة مدافعاً عن شخصيته وكرامته وعزته. يذكر رضوان السيد مثالين شاهدهما بنفسه عن موقفين من مواقف الشعب المصري تجاه التحديات الاقتصادية اتخذ منهما الشعب المصري المسلم نهجين متباينين: (الأول: عام 1965م ـ 1966م عندما شاع في الشارع المصري أنّ الولايات المتحدة قطعت هبات القمح عن البلاد. والثاني: عام 1977م عندما حدثت الاضطرابات الاجتماعية التي عُرفت بثورة الخبز. تلقت جماهير الشارع المصري مخاوف وإشاعات نقص الخبز والمجاعة في المناسب الأولى بغضب وحماس واستعداد للتضحية، وثارت وخربت في المناسبة الثانية لرفع غير كبير لأسعار المواد الغذائية).
ثم يعلل الكاتب سبب التمايز بين هذين الموقفين، فيقول: (كانت الجماهير في المناسبة الأولى مقتنعة (بحق أو بغير حق) أنّ الاجراءات الأمريكية موجهة ضدها هي، وضد جهود التنمية والمستقبل في البلاد. بينما اعتقدت في المناسبة الثانية أنّه ليس هناك مسوغ للتضحية مهما صغرت. (إنّ مجتمعاتنا التي لم تعتد الرفاه أو الدلال، مستعدة للتضحية بكل مرتخص وغال إذا اقتنعت أنّ ذلك يدفع العدو الخارجي، أو يؤمن المستقبل لأطفالها وأجيالها القادمة. لكن كيف نطلب إلى هذه الفئات الاجتماعية أن تضحي بالقليل والكثير من أجل لا شيء أو من أجل استقرار الحاكمين واستمرارهم فقط))؟!
ويرى الكاتب أنّ السلطة السياسية في العالم الإسلامي تحول دون اندماج الأمة باطارها الحضاري، ومن ثم تحول دون التحرك نحو المستقبل: (إنّ مجتمعاتنا الإسلامية هي مجتمعات تأريخية من الطراز الأول، فما تزال أمجاد الماضي ومسؤولياته العالمية تتنزى في أعماقها وتهبها قوة على البقاء وآمالاً عراضاً في المستقبل، وهذا إن اقتنعت أنّ السلطة سلطتها هي والمستقبل مستقبلها هي).
 
المثل الأعلى والتنمية الاقتصادية:
لاحظنا فيما سبق تأكيداً على ضرورة (الحركة)، حركة الأمة من أجل تحقيق التنمية الاقتصادية. وهذه الحركة هي أساس الحضارة. ويمكننا أن نقول من دون أن نخشى زللاً: إنّ الأمة المتحضرة هي الأمة المتحركة. وكل الحضارات نشأت على أثر حركة الأمم، ولذلك نشأت الحضارات الكبرى عقب الهجرات البشرية. وشاءت سنة الكون أن تكون اللبنة الأولى لإقامة الحضارة الإسلامية أرض المدينة المنورة، أرض الهجرة.
والإسلام إنما شيد حضارته الكبرى حينما حرر المجموعة المسلمة مما يكبلها ويقيدها ويصدها عن الحركة. وقال لها: (وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ...) (الحج/78)، (...فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا) (النساء/71)، (قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى...) (سبأ/46)، (قُلْ سِيرُوا فِي الأرْضِ...) (الأنعام/11)، (فَسِيحُوا فِي الأرْضِ...) (التوبة/2)، (...فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ...) (البقرة/148)، (...قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا...) (النساء/97)، (...وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأرْضُ...) (البقرة/251).
هذا الدفع العظيم للحركة نحو (مثل أعلى) وضعه الإسلام نُصب أعين الجماعة المسلمة هو الذي خلق الحضارة الجديدة.
وهنا أرى من اللازم أن أستعرض بايجاز نظرية القرآن الكريم في حركة المجتمع ـ كما استنبطها الشهيد الصدر (رضوان الله عليه) ـ وهي نظرية نشوء الحضارات بتعبير آخر، لنرى أنّ الأمة المسلمة هي الأمة المتحركة على طريق لا نهائي للتطور التكاملي، يكون فيها مجال التطور والإبداع والنمو قائماً أبداً ودائماً.

وفق هذه النظرية تنقسم المجتمعات البشرية إلى ثلاثة أصناف:
1 ـ صنف فقد الرؤية المستقبلية وأصبحت حياته تكرارية لا تقدم فيها ولا تطور ولا إبداع.
2 ـ مجتمع وضع نصب عينيه طموحاً مستقبلياً محدوداً.
3 ـ مجتمع اتجه على طريق تكاملي لا نهائي.
والاختلاف بين هذه المجتمعات يعود إلى (المثل الأعلى) الذي تتبناه، أو إلى (الإله) الذي تعبده بالتعبير القرآني.
المجتمع الأول: مثله الأعلى مستمد من واقع ما تعيشه الجماعة البشرية من ظروف وملابسات، ويتحول هذا الواقع من أمر محدود إلى هدف مطلق لا تتصور الجماعة شيئاً وراءه. وفي هذه الحالة تكون حركة التأريخ حركة تكرارية، ولا يكون المستقبل إلا تكراراً للواقع والماضي.
وتعود هذه الحالة في المجتمع إلى سببين:
الأول: سبب نفسي، هو الألفة والعادة والخمول والضياع. والقرآن الكريم يعرض صوراً كثيرة من وقوف هذه المجتمعات بوجه دعوات الأنبياء بسبب هذه الألفة والعادة والجمود على الواقع: (...قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ...) (البقرة/170)، (...أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ) (هود/62).
والسبب الثاني: يعود إلى التسلط الفرعوني. والفراعنة يجدون في كل تطلع مستقبلي زعزعة لوجودهم ومراكزهم، ولذلك يريدون أن يوجهوا كل الناس نحو عبادتهم، ويحصروا رؤية الناس في رؤيتهم. يقول سبحانه: (وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلأ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي...) (القصص/38)، (...قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلا سَبِيلَ الرَّشَادِ) (غافر/29).
والنوع الثاني من المجتمعات: مثله الأعلى، أو إلهه مشتق من طموح الأمة ومن تطلعها نحو المستقبل وإلى الإبداع والتطوير، لكنه مثل أعلى محدود يحوله الإنسان إلى مطلق. ويستطيع هذا المثل الأعلى أن يحقق للمجتمع من النمو بقدر إمكاناته المستقبلية، لكنه سرعان ما يصل إلى حدوده القصوى ويستنفد أغراضه ويتحول إلى عائق للمسيرة.
ولقد رأينا في عمرنا القصير فشل كثير من هذه المثل العليا في الاستمرار بمسيرة المجتمع نحو كماله المنشود، بعد أن استطاعت تحقيق حركة اجتماعية محدودة على هذه المسيرة. فالحرية في العالم الغربي بعد أن حققت شوطاً في مضمار الإبداع والتطوير تحولت إلى مأساة بشرية تهدد العالم اليوم بخطر السحق والإبادة والدمار. والاشتراكية التي رفع الشرق شعارها استطاعت أنت حرك طموحات المستضعفين زمناً، لكنها كانت كبيت العنكبوت انهار بنفخة البيريسترويكا (...وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) (العنكبوت/41). ويعبر القرآن عن هذه المثل العليا بأنّها (...كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ) (النور/39).
والنوع الثالث: مثله الأعلى هو (الله) سبحانه وتعالى. والكائن المحدود في مثل هذا المجتمع يتحرك على طريق لا ينتهي. ومجال الإبداع والتطور التكاملي أمام الإنسان في مثل هذا المجتمع لا نهائي. والتغيير الذي يحدث في هذه الحركة كمي وكيفي لا مجال لذكره في هذا الاستعراض العاجل. والحركة الضخمة التي شهدتها فترة صدر الإسلام كانت بفضل انفجار الطاقات الخلاقة على طريق هذا المثل الأعلى. وكل ما شهده التأريخ الإسلامي من حضارة وازدهار علمي واقتصادي وتفاعل بين الإنسان المسلم والطبيعة إنما كان من آثار تلك الدفعة الهائلة التي تحرك بها المجتمع الإسلامي في عصوره الأولى. وهذا العطاء مستمر حتى يومنا هذا رغم ما أحاط بالأمة المسلمة من هزيمة نفسية وخمول وخمود وسيطرة فرعونية.
إنّ ظاهرة الثورة الإسلامية في ايران أحيطت بأحقاد المتفرعنين وإعلامهم. وهذه الأحقاد فوتت على العلماء والباحثين فرصة دراسة الجوانب الإيجابية من هذه الظاهرة الفريدة العجيبة. القضاء على طاغوت إيران المدعوم من كل القوى المتعملقة في العالم، والدفاع الطويل المرير عن الدولة الإسلامية أمام أحقاد عالمية متراكمة مجهزة بأحدث ألوان الإبادة أمر شاهدته عيون كل الباحثين والعلماء. ولكن قل أن وقف أحد منهم للتعمق في دراسة هذا الحادث العظيم. ما أداه الإسلام في إيران الثورة في حقل الهدم والبناء يشكل أنصع وثيقة على قدرة هذا الدين في دفع مسيرة التأريخ حينما يضع أمام المسيرة البشرية المثل الأعلى المطلق الحق سبحانه وتعالى.
وأنا واثق لو أنّ الله سبحانه قدر لهذه المسيرة أن تبقى مصونة من الانحراف الداخلي والغزو الخارجي فإنّها تستطيع أن تخلق بين الإنسان والطبيعة علاقات جديدة يكون فيها الإبداع والإنماء مقروناً بالخير والسعادة والسلام.

ـ تلخيص واستنتاج:
1 ـ إنّ مشكلة العالم الإسلامي في مجال التنمية الاقتصادية لا تعود إلى قلة الامكانات المادية والبشرية، بل تعود إلى عدم وجود الطاقة الحركية بين المسلمين.
2 ـ إن المسلمين يمتلكون بين ظهرانيهم طاقة كامنة تتمثل في الدين المبين، ويشهد التأريخ أنّ هذه الطاقة الكامنة لو تفجرت لخلقت أفضل وأروع ألوان التفاعل بين الإنسان والطبيعة.
3 ـ الإنماء الاقتصادي لا يتحقق إلا ضمن حركة حضارية تشمل كل جوانب الحياة الاجتماعية.
4 ـ هذه الحركة الحضارية لا يمكن أن تتحقق إلا بشد الفرد والجماعة إلى مثل أعلى. وإذا انشدت المسيرة إلى المثل الأعلى الحق المطلق سبحانه، فإنّ مسيرتها ستكون مصونة من أي تلكؤ أو توقف أو عدوان.
5 ـ كل العوائق التي تحول دون اندماج الأمة بعقيدتها وإيمانها وعواطفها وتأريخها إنما تعمل على ابتعاد الأمة عن شخصيتها وذاتها وحركتها الحضارية، وبالتالي عن تحقيق الإنماء الاقتصادي في بلدانها.
6 ـ إنّ الصحوة التي تعم العالم الإسلامي اليوم تبشر بولادة حضارية إنسانية جديدة تحمل كل مقومات الإبداع والتطوير والتعامل الفاعل مع الطبيعة وتبتعد عما بليت به الحضارة المادية من صراع دموي وتكالب محموم وإبادة ودمار.

المصدر: مجلة الفكر الإسلامي/العددالخامس/1415 هجري

مظاهرة خرجت في صنعاء قبل أيام للتنديد بقرار إدراج الحوثيين على قائمة الإرهاب (رويترز)

أكد الحوثيون اليوم السبت أن إعلان الولايات المتحدة بدء شطبهم من لائحة الإرهاب "خطوة متقدمة" لتحقيق السلام في اليمن، كما اعتبرته إيران "خطوة نحو تصحيح أخطاء الماضي".

وقال عبد الإله حجر مستشار رئيس "المجلس السياسي الأعلى للحوثيين" لوكالة الصحافة الفرنسية إن "إلغاء التصنيف خطوة متقدمة في اتجاه السلام. لأنه إذا كانت الإدارة حريصة على تحقيق السلام فلا بد أن يتحرك المبعوث الخاص الذي عينه (الرئيس الأميركي جو) بايدن، وإذا أراد أن يتحرك فعليه التحرك مع الأطراف جميعها".

ورأى حجر أن إدارة بايدن بدأت بداية جيدة، لأنها أوفت بوعودها، "وهذه بادرة جيدة". لكنه أشار إلى أن مصداقية هذه القرارات لن تتحقق إلا إذا ثبتت في الواقع، وشعر بها الشعب اليمني في فك الحصار وإيقاف الحرب، حسب قوله.

وفي السياق، قالت وزارة الخارجية الإيرانية إن "وقف الدعم للتحالف السعودي -إذا لم يكن مناورة سياسية- فيمكن أن يكون خطوة نحو تصحيح أخطاء الماضي".

وكان متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية أعلن الجمعة أن إدارة بايدن أبلغت الكونغرس رسميا بنية وزير الخارجية أنتوني بلينكن شطب الحوثيين من لائحة الإرهاب.

كما سبق أن عين بايدن الدبلوماسي المخضرم تيموثي ليندركينغ مبعوثا لبلاده في اليمن، وأعلن أيضا الخميس إنهاء الدعم الأميركي للعمليات الهجومية التي يقودها التحالف السعودي الإماراتي في اليمن.

وقبل أيام من مغادرة الإدارة السابقة البيت الأبيض الشهر الماضي، أعلن وزير الخارجية الأميركي السابق مايك بومبيو قرار إدراج المتمردين الحوثيين على لائحة الإرهاب، مبررا ذلك بصلتهم بإيران، وكذلك بهجوم دام على المطار في عدن في 30 ديسمبر/كانون الأول الماضي.

المصدر : وكالات