
emamian
تونس: سعيّد يعيّن أحمد الحشاني رئيساً للحكومة خلفاً لبودن
أنهى الرئيس التونسي، قيس سعيّد، قُبيل منتصف ليل الثلاثاء مهمّات رئيسة الوزراء نجلاء بودن وعيّن خلفاً لها مسؤولاً سابقاً في البنك المركزي هو أحمد الحشاني، طالباً منه مواجهة "تحدّيات كبيرة".
ولم يُعطِ أيّ سبب رسمي لقرار سعيّد إنهاء مهمّات بودن، لكنّ عدداً من وسائل الإعلام المحلية سلّط الضوء على استياء سعيّد من نقص في عدد من المواد في البلاد، ولا سيّما نقص الخبز في المخابز المدعومة من الدولة.
وجاء في مقطع فيديو وبيان نشرتهما الرئاسة أنّ سعيّد "قرّر مساء اليوم.. إنهاء مهام السيّدة نجلاء بودن رمضان" التي كانت أوّل امرأة تقود حكومة في تونس.
وكان الحشاني يعمل في البنك المركزي التونسي ودرس في كلّية الحقوق في جامعة تونس حيث كان سعيّد مدرّساً، حسبما قال رئيس الحكومة الجديد في صفحته بموقع "فيسبوك".
وعلى الفور، أدّى رئيس الحكومة الجديد، اليمين الدستوريّة أمام سعيّد، حسبما أظهر مقطع الفيديو الذي نشرته الرئاسة.
وفي أعقاب تأديته اليمين، تمنّى له سعيّد "التوفيق في هذه المسؤوليّة التي سيتحمّلها في هذا الظرف بالذّات".
وقال سعيّد إنّ هناك "تحدّيات كبيرة لا بدّ أن نرفعها بعزيمة صلبة وبإرادة قويّة للحفاظ على وطننا وعلى دولتنا وعلى السلم الأهلي".
في الأيام الأخيرة، عُقِدت اجتماعات عدّة داخل الحكومة، وبين الرئيس والوزراء، بشأن مشاكل نقص الخبز المدعوم في مناطق عدّة.
وذكرت وسائل إعلام أنّ سعيّد قال في الآونة الأخيرة إنّ "الخبز خطّ أحمر بالنسبة إلى التونسيّين"، وأنه يخشى تكرار أحداث الخبز التي أودت بحياة 150 شخصاً عام 1984 في عهد الحبيب بورقيبة.
يشار إلى أنّ الرئيس كلّف نجلاء بودن، في 29 أيلول/سبتمبر 2021، بتشكيل الحكومة الجديدة، لتكون بذلك أول امرأة تتولى هذا المنصب الرفيع في تاريخ تونس الحديث.
صلح الحسن ونهضة الحسين شيئان نابعان من هدف واحد
لقد تنازل الحسن بن علي لمعاوية وسالمه ، في وقت كان يجتمع عنده من الأنصار والجيوش ما يمكنه من مواصلة القتال. وفي المقابل خرج أخوه الحسين ـ رضي الله عنه ـ على يزيد في قلة من أصحابه، في وقت كان يمكنه فيه الموادعة والمسالمة.
فلا يخلو أن يكون أحدهما على حق، والآخر على باطل؛ لأنه إن كان تنازل الحسن مع تمكنه من الحرب (حقاً) كان خروج الحسين مجرداً من القوة مع تمكنه من المسالمة (باطلاً)، وإن كان خروج الحسين مع ضعفه (حقاً) كان تنازل الحسن مع ( قوته) باطلاً!
وهذا يضع الشيعة في موقف لا يحسدون عليه؛ لأنهم إن قالوا : إنهما جميعا على حق، جمعوا بين النقيضين، وهذا القول يهدم أصولهم. وإن قالوا ببطلان فعل الحسن لزمهم أن يقولوا ببطلان إمامته، وبطلان إمامته يبطل إمامة أبيه وعصمته؛ لأنه أوصى إليه، والإمام المعصوم لا يوصي إلا إلى إمام معصوم مثله حسب مذهبهم.
وإن قالوا ببطلان فعل الحسين لزمهم أن يقولوا ببطلان إمامته وعصمته، وبطلان إمامته وعصمته يبطل إمامة وعصمة جميع أبنائه وذريته؛ لأنه أصل إمامتهم وعن طريقه تسلسلت الإمامة، وإذا بطل الأصل بطل ما يتفرع عنه(۱).
والجواب عن هذا الكلام من خلال المراجعة والقراءة لما دار بين الامام الحسن عليه السلام وبين معاوية.
واول شيء يرد في الكلام أن معاوية بن ابي سفيان ليس خليفة حتى يبايعه الحسن عليه السلام او يتنازل له عن الخلافة بل هو ملك بنص حديث النبي صلى الله عليه واله وسلم حيث قال:” الخلافة ثلاثون عاما ثم يكون بعد ذلك الملك” يقول سفينة راوي الحديث:” أمسك خلافة أبي بكر سنتين وخلافة عمر عشر سنين وخلافة عثمان اثنتي عشر سنة وخلافة علي ست سنين”(۲).
وفي حديث حذيفة عن النبي صلى الله عليه واله وسلم انه قال:” تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها اذا شاء ان يرفعها ثم تكون خلافة على منهاج النبوة فتكون ما شاء الله ان تكون ثم يرفعها اذا شاء ان يرفعها ثم تكون ملكا عاضا..”(۳).
وفي حديث اخر عن النبي صلى الله عليه واله وسلم أنه قال:” خلافة النبوة ثلاثون سنة ثم يؤتي الله الملك أو ملكه من يشاء”(۴).
قال الزمخشري:” الملك العضوض: الذي فيه عسف وظلم للرعية كأنه يعضهم عضا. ومنه قولهم: عضتهم الحرب وعضهم السلاح”(۵).
وقال ابن منظور :” ملك عضوض: شديد فيه عسف وعنف. وفي الحديث: ثم يكون ملك عضوض ، اي يصيب الرعية فيه عسف وظلم ، كأنهم يعضون فيه عضا.
والعضوض من ابنية المبالغة. وفي رواية: ثم يكون ملك عضوض ، وهوجمع عض بالكسر ، وهو الخبيث الشرس. وفي حديث أبي بكر: وسترون بعدي ملكا عضوضا”(۶).
وقد ذكر العلماء أن بني أمية ملوك وأن أول الملوك معاوية بن أبي سفيان، ففي مسند الطيالسي عن سفينة قال:” فمعاوية كان أول الملوك”(۷).
وفي مصنف ابن أبي شيبة:” قال معاوية: أنا أول الملوك”(۸).
وفي البداية والنهاية:” حدثنا أبو نعيم حدثنا ابن أبي عتيبه عن شيخ من أهل المدينة قال: قال معاوية: أنا أول الملوك.
وقال ابن ابي خيثمة: حدثنا هارون. . عن ابن شوذب قال: كان معاوية يقول: أنا أول الملوك واخر خليفة.
قلت والسنة أن يقال لمعاوية ملك ولا يقال له خليفة لحديث سفينة”(۹).
وفي مصنف ابن ابي شيبة عن سعيد بن جمهان قلت لسفينة:” ان بني امية يزعمون أن الخلافة فيهم.
قال: كذب بنو الزرقاء بل هم ملوك من شر الملوك ، وأول الملوك معاوية”(۱۰).
وقالوا:” كان عمر اذا نظر الى معاوية قال: هذا كسرى العرب”(۱۱).
ومن جانب اخر نرى أن الخلافة لا تصح في الطلقاء كما أخبر بذلك عمر بن الخطاب وقرره حيث قال:” هذا الامر في اهل بدر ما بقي منهم احد ثم في اهل احد ما بقي منهم احد ثم في كذا وكذا وليس فيها لطليق ولا لولد طليق ولا لمسلمة الفتح شيء”(۱۲).
وعن عمر أنه قال لاهل الشورى:” لا تختلفوا فانكم ان اختلفتم جاءكم معاوية من الشام وعبد الله بن أبي ربيعة من اليمن فلا يريان لكم فضلا لسابقتكم ، وان الامر هذا لا يصلح للطلقاء ولا لابناء الطلقاء”(۱۳).
فالخلاصة فيما قدمناه هي:
۱- ان النبي صلى الله عليه واله وسلم حدد خلافة النبوة بثلاثين سنة وما بعدها يكون الملك.
۲- ان الملك الذي يحكم الامة بعد الثلاثين هو ملك عضوض.
۳- ان الملك العضوض هو الملك الذي تسفك فيه الدماء وتهتك فيه الاعراض ويتعدى فيه على حدود الله تعالى.
۴- ان معاوية بن ابي سفيان من الطلقاء ، والطلقاء لا تحل لهم الخلافة كما شهد بذلك الصحابة وعلى راسهم عمر بن الخطاب.
۵- ان معاوية بن ابي سفيان شهد على نفسه انه ما قاتلهم على الصيام والصلاة واقامتها وانما قاتل من اجل ان يتامر عليهم حيث خطب فقال:” ما قاتلنا لتصوموا ولا
تصلوا ولا لتحجوا او تزكوا قد عرفت انكم تفعلون ذلك ، ولكن انما قاتلناكم لاتامر عليكم ، وقد اعطاني الله ذلك وانتم كارهون”(۱۴).
وفي هذا الساق يقول ابو الاعلى المودودي:” كان امتلاك معاوية لاعنة الحكم مرحلة انتقالية على طريق تحول الدولة الاسلامية من الخلافة الى الملك ، ولقد فهم أهل البصيرة تلك المرحلة فقالوا: نحن على ابواب الملك ، لذلك نجد سعد بن أبي وقاص يخاطب معاوية بعد البيعة فيقول له:” السلام عليك ايها الملك.
قال: وما عليك ان قلت يا امير المؤمنين؟
قال: والله ما احب اني وليتها بما وليتها به”(۱۵).
وكان معاوية نفسه يفهم هذه الحقيقة فقال ذات مرة: انا اول الملوك. بل ان ابن كثير يقول: انها لسنة ان يلقب بالملك بدل تلقيبه بالخليفة ، لان النبي صلى الله عليه واله وسلم تنبا بذلك فقال:” الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم تكون ملكا”. وهذه المدة انتهت في ربيع الاول عام ۴۱ هجرية حين تنازل الحسن رضي الله عنه عن الخلافة لمعاوية.
هنا بقيت الفرصة الاخيرة امام عودة الخلافة على منهاج النبوة مرهونة بطريقة تعيين من سياتي بعد معاوية ، فاما أن يترك معاوية للناس اختيار من يرونه بتشاورهم ورضاهم فيما بينهم ، واما ان يرى أن تعيين خليفته في حياته امرا ضروريا لسد باب النزاع ، فيجمه أهل العلم والخير من المسلمين ليقرروا أن معاوية عهد لابنه يزيد بولاية العهد…
وأول من هذا على معاوية المغيرة بن شعبة ، وكان معاوية يريد عزله من على الكوفة ، فلما علم بذلك سافر الى دمشق وقابل يزيد وقال له:” انه قد ذهب أعيان أصحاب النبي صلى الله عليه واله وسلم وكبراء قريش وذووا اسنانهم ، وانما بقي ابناؤهم ، وأنت من أفضلهم وأحسنهم رأيا واعلمهم بالسنة والسياسة ، ولا أدري ما يمنع أمير المؤمنين من ان يعقد لك البيعة”.
فحدث يزيد اباه بذلك فدعا المغيرة وسأله ما هذا الذي قلت ليزيد؟
قال: يا امير المؤمنين قد رأيت ما كان من سفك الدماء والاختلاف بعد عثمان وفي يزيد منك خلف فاعقد له فان حدث بك حادث كان كهفا للناس وخلفا منك ولا تسفك الدماء ولا تكون هناك فتنة.
فسأله معاوية: ومن لي بهذا؟
قال: اكفيك أهل الكوفة ويكفيك زياد أهل البصرة وليس بعد هذين المصرين أحد يخالفك.
ثم رجع المغيرة الى الكوفة واسترضى عشرة رجال بثلاثين الف درهم على ان يذهبوا في شكل وفد يكلم معاوية في امر يزيد ، وذهب هذا الوفد وعلى رأسه موسى بن المغيرة بن شعبة الى دمشق وادى مهمته على خير وجه ، فاستدعى معاوية موسى بعد ذلك وسأله: بكم اشترى أبوك من هؤلاء دينهم؟
قال: بثلاثين الف درهم.
قال معاوية: لقد هان عليهم دينهم”(۱۶).
وعلى هذا فلا يمكن ان نقول بان معاوية خليفة لان الحسن عليه السلام صالحه وتنازل له عن الخلافة ، لانه ليس بخليفة كما دل على ذلك حديث سفينة من ان الخلافة ثلاثون سنة ، بل معاوية ممن اخرج الخلافة من كونها خلافة الى ملك عضوض كما يدل عليه حديث سفينة ايضا ، ومعاوية طليق لايمكن ان يكون خليفة كما شهد بذلك الصحابة ومنهم عمر بن الخطاب ، ومعاوية لم ينازع الامام علي عليه السلام والحسن عليه السلام من اجل احقاق الحق واقامة شعائر الدي بل نازعهم من اجل الملك والتسلط على رقاب المسلمين كما اقر واعترف بذلك معاوية نفسه.
فلا يمكن بعد هذا ان نقول ان الحسن عليه السلام تنازل له عن الخلافة واصبح خليفة للمسلمين.
على ان الحسن عليه السلام هو الخليفة كما دل على ذلك حديث سفينة وكما شهد له الموافق والمخالف انه الذي بويع بالخلافة بعد ابيه علي بن ابي طالب عليه السلام ، فمن ينازعه بعد ذلك يكون معاندا مخالفا باغيا يجب عليه الرجوع الى الحق ، وان لم يرجع قوتل حتى يجبر على الحق ، فلايمكن بعد ذلك ان نحكم بان هذا الباغي الواجب المقاتلة هو الخليفة.
واذا رجعنا الى شروط المصالحة بين الحسن عليه السلام ومعاوية ونظرنا فيها نلاحظ الامور التالية.
۱- ان يسلم اليه ولاية امير المؤمنين على ان يعمل فيه بكتاب الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه واله وسلم وسيرة الخلفاء الصالحين.
۲- وليس لمعاوية بن ابي سفيان ان يعهد لاحد من بعده عهدا ، بل يكون الامر من بعده شورى بين المسلمين.
۳- وعلى ان الناس امنون حيث كانوا من ارض الله في شامهم وعراقهم وتهامهم وحجازهم.
۴- وعلى ان اصحاب علي وشيعته امنون على انفسهم واموالهم ونسائهم واولادهم.
وعلى معاوية بن ابي سفيان بذلك عهد الله وميثاقه وما اخذ على احد من خلقه بالوفاء بما اعطى الله من نفسه.
۵- وعلى انه لا يبغي للحسن بن علي ولا لاخيه الحسين ولا لاحد من اهل بيت النبي صلى الله عليه واله وسلم غائلة سرا وعلانية ولا يخيف احدا منهم في افق من الافاق(۱۷) .
وفي رواية ابن المطهر المقدسي قال:” فكتب اليه معاوية: اما بعد فانت اولى بهذا الامر واحق به لقرابتك وكذا وكذا ، ولو علمت انك اضبط له واحوط على حريم هذه الامة واكيد للعدو لبايعتك ، فاسال ما شئت. وبعث اليه بصحيفة بيضاء مختومة في اسفلها ان اكتب فيها ما شئت ، فكتب الحسن اموالا وضياعا وامانا لشيعة علي ، واشهد على ذلك شهودا من الصحابة.
وكتب في تسلم الامر كتابا على ان يعمل بكتاب الله وسنة نبيه وسيرة الخلفاء الماضين ، وان لا يعهد بعده الى احد ويكون الامر شورى واصحاب علي امنين حيثما كانوا” (۱۸) .
واذا رجعنا الى الشرط الاول نرى معاوية خارج منه اصلا لان كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه واله وسلم وسيرة الخلفاء ترفض الخلافة ان تكون عند الطلقاء ، بل راينا النبي صلى الله عليه واله وسلم يحكم بان معاوية من الملوك وليس من الخلفاء وشهد بذلك معاوية نفسه.
فالشرط الاول منتف اصلا ولا يمكن لمعاوية تطبيقه لانه لا تحل له الخلافة حسب ما تقدم.
وبالنسبة للتعرض للحسن عليه السلام ، فقد ذكر المؤرخون والمحدثون ان:” سبب موته ان زوجته جعدة بنت الاشعث بن قيس سقته السم”(۱۹).
وقال العظيم ابادي:” وكان وفاة الحسن رضي الله عنه مسموما ، سمته زوجته باشارة يزيد بن معاوية سنة تسع واربعين أو خمسين”(۲۰).
وقال ابن كثير:” وقد سمعت بعض من يقول: وكان معاوية قد تلطف لبعض خدمه ان يسقيه سما… وروى بعضهم ان يزيد ين معاوية بعث الى جعدة بنت الاشعث ان سمي حسنا وأنا بعده ، ففعلت”(۲۱).
ومن هنا هيا معاوية بن ابي سفيان الارضية لاستخلاف ابنه يزيد شارب الخمور واللاعب بالقرود والمبيح لدماء المسلمين قال ابن سعد:”قال ابو وائل: أترى معاوية يرى أنه يرجع الى يزيد بعد الموت فيراه في ملكه”(۲۲).
وعند ابن اعثم:” فارسل مروان الى وجوه اهل المدينة فجمعهم في المسجد الاعظم ، ثم صعد المنبر فحمد الله واثنى عليه وذكر الطاعة وحض عليها وذكر الفتنة وحذر منها.
ثم قال في بعض كلامه: ايها الناس ان امير المؤمنين قد كبر سنه ، ورق جللده وعظمه ، وخشي الفتنة من بعده ، وقد أراه الله رأيا حسنا ، وقد أراد أن يختار لكم ولي عهد يكون من بعده لكم مفزعا ، يجمع به الالفة ويحقن به الدماء ، وأراد أن ذلك من مشورة منكم وتراض فماذا تقولون؟
فقال الناس من كل جانب: انا لا نكره ذلك اذا كان لله فيه رضا.
فقال مروان: انه قد اختار لكم الرضا الذي يسير فيكم بسيرة الخلفاء الراشدين المهديين وهو ابنه يزيد.
قال: فسكت الناس وتكلم عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق وقال: كذبت والله يا مروان وكذب من أمرك بهذا ، والله ما يزيد برضا ولكن يزيد ورأيه هرقلية”(۲۳).
وقال يزيد الكندي:” ايها الناس ان امير المؤمنين هذا ، واشار بيده الى معاوية ، قاد الملك ، فاذا مات فوارث الملك هذا واشار بيده الى يزيد فمن ابى فهذا واشار بيده الى السيف.
فقال له: اجلس فأنت سيد الخطباء.
ثم قام الحصين بن نمير السكوني فقال: يا معاوية والله لئن لقيت الله ولم تبايع ليزيد لتكونن مضيعا للامة.
فالتفت الى الاحنف بن قيس معاوية وقال: يا ابا بحر ما يمنعك من الكلام؟
فقال: يا امير المؤمنين أنت أعلمنا بيزيد في ليله ونهاره ومدخله وخرجه وسره وعلانيته ، فان كنت تعلمه لله عز وجل ولهذه الامة رضا فلا تشاور فيه أحدا من الناس ، وان كنت تعلم لله غير ذلك فلا تزوده الدنيا وأنت ماض الى الاخرة ، فان قلنا ما علينا أن نقول وسمعنا وأطعنا..”(۲۴).
واما ابند الاخر وهو الامان لشيعة علي بن ابي طالب فايضا لم يلتز به معاوية بن ابي سفيان كما هو مسطور في التاريخ فقد قتل حجر بن عدي واصحابه (۲۵) ، وقتل عمرو بن الحمق الخزاعي(۲۶) ، وقتل عبد الرحمن بن عديس البلوي ، والحضرميين(۲۷).
فصدق كلام النبي صلى الله عليه واله وسلم في معاوية حينما قال:” ويل لهذه الامة من معاوية ذي الاستاة”(۲۸).
فالحسن عليه السلام تنازل لمعاوية عن الخلافة ، لكنه لم يرض به خليفة لانه لا تصح فيه الخلافة ولا تجوز، وشرط عليه شروط المصالحة التي لم يف معاوية بواحد منها البته ، بل ضرب بها عرض الجدارپف واخذ يحكم امة الاسلام بالحديد والنار، من قتل الصحابة الاخيار وتتبع شيعة علي الكرار، وقطع الارزاق واموال بيت المال عن اهلها وبذلها لانصاره من أهل الشام.
بل اخذ يدفع الاموال الى الروم قال سعيد بن عبد العزيز:” ان الروم صالحت معاوية على ان يؤدي اليهم مالا..”(۲۹).
فهو يقاتل الامام علي والحسن عليهما السلام ، وينازعهم امرا ليس له ، وفي مقابل ذلك يدفع للروم الاموال والجزية.
ومن جانب اخر استطاع معاوية أن يجمع حوله طلاب الدنيا والمرتزقة وجيرهم في خدمته وطاعته قال الذهبي:” وخلف معاوية خلق كثير يحبونه ويتغالون فيه ويفضلون ، اما قد ملكهم بالكرم والحلم والعطاء ، واما قد ولدوا في الشام على حبه ، وتربى أولادهم على ذلك . وفيهم جماعة يسيرة من الصحابة وعدد كثير من التابعين والفضلاء ، وحاربوا معه أهل العراق ، ونشاوا على النصب ، نعوذ بالله من الهوى”(۳۰).
وجيش الحسن عليه السلام لم يكن بتلك الالفة والاجتماع ، قال الشيخ المفيد:” وورد على الحسن عليه السلام كتاب قيس بن سعد يخبره بما صنع عبيد الله بن العباس ، فازدادت بصيرة الحسن عليه السلام بخذلان القوم له ، وفساد نيات المحكمة فيه بما اظهروه له من السب والتكفير واستحلال دمه ونهب أمواله ، ولم يبق معه من يأمن غوائله الا خاصة من شيعته وشيعة أبيه أمير المؤمنين عليه السلام ، وهم جماعة لا تقوم لاجناد الشام. فكتب اليه معاوية في الهدنة والصلح ، وأنفذ اليه بكتاب أصحابه التي ضمنوا له فيها الفتك به وتسليمه اليه ، واشترط على نفسه في اجابته الى صلحه شروطا كثيرة وعقد له عقودا كان الوفاء بها مصالح شاملة ، فلم يثق به الحسن عليه السلام وعلم احتياله بذلك واغتياله ، غير أنه لم يجد بدا من اجابته الى ما التمس من ترك الحرب وانفاذ الهدنة ، لما كان عليه أصحابه مما وصفناه من ضعف البصائر في حقه والفساد عليه والخلف منهم له ، وما انطوى كثير منهم عليه في استحلال دمه وتسليمه الى خصمه ، وما كان في خذلان ابن عمه له ومصيره الى عدوه ، وميل الجمهور منهم الى العاجلة وزهدهم في الاجلة”(۳۱).
وذكر ابن الاثير عن ابن دريد قال:” قام الحسن بعد موت أبيه أمير المؤمنين فقال بعد حمد الله عز وجل: انا والله ما ثنانا عن أهل الشام شك ولا ندم وانما كنا نقاتل أهل الشام بالسلامة والصبر ، فسلبت السلامة بالعداوة والصبر بالجزع ، وكنتم في منتدبكم الى صفين ودينكم أمام دنياكم فأصبحتم اليوم ودنياكم أمام دينكم ، ألا وانا لكم كما كنا ولستم لنا كما كنتم ألا وقد أصبحتم بين قتيلين: قتيل بصفين تبكون له ، وقتيل بالنهروان تطلبون بثأره ، فأما الباقي فخاذل ، وأما الباكي فثائر ألا وان معاوية دعانا الى أمر ليس فيه عز ولا نصفه ، فان أردتم الموت رددناه عليه ، وحاكمناه الى الله عز وجل بظباء السيوف ، وان أردتم الحياة قبلناه وأخذنا لكم الرضاء. فناده القوم من كل جانب: البقية البقية ، فلما أفردوه أمضى الصلح”(۳۲).
وقال سبط بن الجوزي:” لم يصالح الحسن معاوية رغبة في الدنيا وانما صالحه لما رأى أهل العراق يريدون الغدر به ، وفعلوا معه ما فعلوا ، فخاف منهم أن يسلموه الى معاوية.
والدليل على أنه خطب بالنخيلة قبل الصلح فقال: أيها الناس ان هذا الامر الذي اختلفت فيه انا ومعاوية انما هو حق أتركه ارادة لاصلاح الامة ، وحقنا لدمائها ، وان أدري لعله فتنة لكم ومتاع الى حين”(۳۳).
وصرح الامام الحسن عليه السلام برأيه مرات عدة أمام أهل الكوفة قبل الصلح فقال من جملة كلام له عليه السلام:” والله ما سلمت الامر اليه الا أني لم أجد أنصارا ، ولو وجدت أنصارا لقاتلته ليلي ونهاري حتى يحكم الله بيني وبينه ، ولكني عرفت أهل الكوفة وبلوتهم ولا يصلح لي منهم من كان فاسدا ، وانهم لا وفاء لهم ولا ذمة في قول ولا فعل ، انهم لمختلفون ويقولون لنا ان قلوبهم معنا ، وان سيوفهم لمشهورة علينا”(۳۴).
وغير ذلك الكثير المسطور في صحفات التاريخ ، فهؤلاء الذين سرقوا متاع الحسن عليه السلام الذي يعد بدراهم معدودة كيف يكون حالهم اذا وضع الذهب في طريقهم ، وأذن لهم أن يأخذوه ، نظير خدمة ما يقدمونها الى جهاز معين.
والحسن عليه السلام حينما بويع بالخلافة اشترط عليهم ان يسمعوا ويطيعوا ، فيحاربوا اذا حارب ويسالموا اذا سالم ، لكنهم سالموا قبل ان تبدأ الحرب وخذلوه حينما اراد النهوض الى قتال معاوية.
والصلح جائز ومباح مع الكفار فضلا عن البغاة الذين شهدوا الشهادتين لكنهم يحاربون اولياء الله تعالى من أجل دنيا يردونها.
واما نهضة الحسين عليه السلام فهي لاتعارض صلح الامام الحسن عليه السلام ، لان معاوية نقض شروط الصلح فيمكن للحسين القيام ومنابذة معاوية بن ابي سفيان. هذا من جانب ، ومن جانب اخر فان الظروف التي اكتنفت الحسين عليه السلام تختلف عما اكتنفت الحسن عليه السلام ، حيث رأينا فيما تقدم أن معاوية عرض الصلح على الحسن عليه السلام فاختبر الحسن اصحابه فراهم ليسوا أهل حرب وناجزة ، فرضي بعرض معاوية ، لانه الاحسن من الدخول في امر لا فائدة منه الا انتصار معاوية ومقتل خلص صحابة الامام علي عليه السلام والشيعة.
وهذا ما يدل عليه كلام الامام الحسين عليه السلام حينما قدم عليه المسيب بن عتبة الفزاري في جماعة بعد وفاة الحسن ودعوه الى خلع معاوية وقالوا له:” قد علمنا رأيك ورأي أخيك فقال: اني لارجو أن يعطي الله أخي على نيته في حبه الكف ، وأن يعطيني على نيتي في حبي جهاد الظالمين.
وكتب مروان الى معاوية: اني لست امن أن يكون حسين مرصدا للفتنة ، واظن يومكم من حسين طويلا.
فكتب معاوية الى الحسين: ان من أعطى الله صفقة يمينه وعهده لجدير بالوفاء ، وقد أنبئت أن قوما من أهل الكوفة قد دعوك الى الشقاق ، وأهل العراق من قد جربت قد أفسدوا على أبيك واخيك ، فاتق الله واذكر الميثاق ، فانك متى تكدني أكدك. فكتب اليه الحسن: أتاني كتابك وأنا بغير الذي بلغك عني جدير ، والحسنات لا يهدي لها الا الله ، وما أردت محاربة ولا عليك خلافا ، وما أظن لي عند الله عذرا في ترك جهادك ، وما أعلم فتنة أعظم من ولايتك أمر هذه الامة”(۳۵).
بينما في نهضة الحسين عليه السلام فان يزيد اراد من الحسين عليه السلام البيعة وان يتبعه ويؤمن بخلافته ، فقد أرسل يزيد كتابا الى والي المدينة يذكر فيه:” اما بعد فان معاوية كان عبد الله من عباده أكرمه الله واستخلفه وخوله ومكن له ثم قبضه الى روحه وريحانه ورحمته وغفرانه ،عاش بقدر ومات بأجل.. وقد كان عهد الي عهدا وجعلني له خليفة من بعده ، وأوصاني أن أحدث ال ابي تراب بال ابي سفيان ، لانهم أنصار الحق وطلاب العدل ، فأذا ورد عليك كتابي هذا فخذ البيعة على أهل المدينة.
ثم كتب في صحيفة صغيرة كأنها أذن فأرة: أما بعد فخذ الحسين بن علي وعبد الرحمن بن أبي بكر وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن عمر بن الخطاب أخذا عنيفا ليست فيه رخصة ، فمن أبى عليك منهم فاضرب عنقه وابعث الي برأسه.
فلما ورد كتاب يزيد على الوليد بن عتبة وقرأه قال: انا لله وانا اليه راجعون ، يا ويح الوليد بن عتبة من أدخله في هذه الامارة ، ما لي وللحسين بن فاطمة. ثم بعث الى مروان بن الحكم فأراه الكتاب فقرأه واسترجع ، ثم قال: يرحم الله أمير المؤمنين معاوية ، فقال الوليد: أشر علي برأيك في هؤلاء القوم كيف ترى أن أصنع؟
فقال مروان: ابعث اليهم في هذه الساعة فتدعوهم الى البيعة والدخول في طاعة يزيد ، فان فعلوا قبلت ذلك منهم ، وان أبوا قدمهم واضرب أعناقهم قبل أن يدروا بموت معاوية فانهم ان علموا ذلك وثب كل رجل منهم فأظهر الخلاف ودعا الى نفسه ، فعند ذلك أخاف أن يأتيك من قبلهم ما لا قبل لك به وما لا يقوم له الا عبد الله بن عمر ، فاني لا أراه ينازع في هذا الامر أحدا الا أن تأتيه الخلافة فيأخذها عفوا ، فذر عنك ابن عمر وابعث الى الحسين بن علي وعبد الرحمن بن أبي بكر وعبد الله بن الزبير فادعهم الى البيعة مع أني لأعلم أن الحسين بن علي خاصة لا يجيبك الى بيعة يزيد أبدا ولا يرى له عليه طاعة ، ووالله لو كنت في موضعك لم أراجع الحسين بكلمة واحدة حتى أرضرب رقبته كائنا في ذلك ما كان.
قال: فأطرق الوليد بن عتبة الى الارض ساعة ثم رفع رأسه وقال: يا ليت الوليد لم يولد ولم يكن شيئا مذكورا.
قال: ثم دمعت عيناه فقال له عدو الله مروان: أوه أيها الامير لا تجزع مما قلت لك فان ال ابي تراب هم الاعداء في الدهر لم يزالوا ، وهم الذين قتلوا الخليفة عثمان بن عفان ، ثم سار الى أمير المؤمنين فحاربوه ، وبعد فاني لست امن يا امير المؤمنين انك ان لم تعاجل الحسين بن علي خاصة ان تسقط منزلتك عند أمير المؤمنين يزيد..”(۳۶).
فالحسن عليه السلام لم يكن عنده انصارا واعوانا والا فما توانا عن جهاد معاوية كما صرح بذلك فيما قدمناه ، بينما الحسين عليه السلام وجد انصارا واعوانا على حرب يزيد فلذلك قام باحياء شعيرة الجهاد ومقارعة الظالمين.
والنقطة الاخرى أن يزيد يختلف عن معاوية من ناحيتين:
الناحية الاولى: وجود الصحابة في عصر معاوية وهم حملة الدين والمحافظين على السيرة الصحيحة للامة ، فلا يستطيع معاوية اظهار الزيغ والانحراف بشكل علني بل كانت يده مبسوطة في الشام اما المدينة والعراق فلا يستطيع التغيير فيهما لوجود بعض الصحابة الاخيار. اما في زمن يزيد فالصحابة قد قل وجودهم اما بسبب القتل أو الموت ، ودخلنا في عصر جديد كثر فيه التابعين.
الناحية الثانية: أن يزيد مستهترا تماما خصوصا وأنه تربى عند المسيحين أخواله ، وكان يتحامل على اتباع علي بن أبي طالب كثيرا بحيث طلب من كعب بن جعيل ان يهجو الانصار ، لان الانصار كان اغلبهم يميلون الى علي بن ابي طالب عليه السلام ، وخرجوا معه لحرب معاوية في صفين ، فرفض كعب وارشده الى الاخطل الشاعر النصراني ، فاغدق عليه بالاموال وأخذ يهجو الانصار(۳۷).
وكان مشتهرا بالفجور والفسوق كما قدمناه حتى ان ابيه اوصاه بالتستر فلم يستطع.
والشهادة الاخرى هي شهادة الصحابة من أهل المدينة الذين خرجوا على يزيد حيث قال عبد بن حنظلة الذي بايعوه اهل المدينة على خلع وحرب يزيد قال:” فوالله ما خرجنا على يزيد حتى خفنا أن نرمى بالحجارة من السماء ان رجلا ينكح الامهات والبنات والاخوات ، ويشرب الخمر ويدع الصلاة. والله لو لم يكن معي أحد من الناس لابليت لله فيه بلاء حسنا ، فتولاثب الناس يومئذ يبايعون من كل النواحي..”(۳۸).
وقال البلاذري في وصف مجون يزيد:” كان يزيد بن معاوية اول من أظهر شرب الشراب والاستهتار بالغناء والصيد واتخاذ القيان والغلمان ، والتفكه بما يضحك منه المترفون من القرود والمعاقرة بالكلاب والديكة”(۳۹).
وقال المسعودي:” وكان يزيد صاحب طرب وجوارح وكلاب وقرود وفهود ومنادمة على الشراب ، وجلس ذات يوم على شرابه وعن يمينه ابن زياد ، وذلك بعد قتل الحسين فأقبل على ساقيه فقال:
اسقني شربة تسقي مشاشي ثم مل فاسق فاسق مثلها ابن زياد.
صاحب السر والامانة عندي ولتسديد مغنمي وجهادي.
ثم أمر المغنين فغنوا به. وغلب على أصحا بيزيد وعماله ما كان يفعله من الفسوق.
وفي أيامه ظهر الغناء بمكة والمدينة ، واستعملت الملاهي ، وأظهر الناس شرب الشراب. وكان له قرد يكنى بأبي قيس يحضره مجلس منادمته ويطرح له متكئا ، وكان قردا خبيثا وكان يحمله على أتان وحشية قد ريضت وذللت لذلك بسرج ولجام ، ويسابق بها الخيل يوم الحلبة. .”(۴۰).
فالحسن والحسين عليهما السلام كلاهما ينبعان من منبع واحد ، ومتربان على قواعد الدين والسرع الحنيف ، واخذا من جدهم الرسول الاكرم وامهم فاطمة الصديقة وابيهم الفارق علي عليهما السلام ، ونهجهم رافض للظلم والبغي بشتى أنواعه ، الا ان الظروف لم توات الحسن عليه السلام واتت الحسين عليه السلام.
لكن الذين اشريوا حب الامويين لابد لهم من ان يناقشوا حتى في الواضحات ، بل وابده البديهات.
وعجبا لامة تدافع عن معاوية الذي حارب عليا والحسن عليهما السلام ، وتبكي على يزيد الذي قتل الحسين عليه السلام.
__________________
۱- الشبهة منقولة من كتاب( اسئلة قادت شباب الشيعة الى الحق) رقم الشبهة ۸۴٫
۲ – راجع الحديث في المصادر التالية: مسند احمد۲۲۰:۵ ،كتاب السنة:۵۴۹ ، صحيح ابن حبان۳۶:۱۵٫
۳ – مسند احمد۲۷۳:۴ ، وعنه الهيثمي في مجمع الزوائد۱۸۹:۵ وقال:” رواه احمد في ترجمة النعمان والبزار اتم منه والطبراني ببعضه في الاوسط ورجاله ثقات”.
۴ – سنن ابي داود۴۰۱:۲ ، كتاب السنة: ۵۵۰ وصححه محقق الكتاب الشيخ الالباني.
۵ – الفائق في غريب الحديث۳۷۴:۲٫
۶ – لسان العرب۱۹۱:۷ فصل العين المهملة.
۷ – مسند الطيالسي:۱۵۱
۸ – المصنف لابن ابي شيبة ۲۸۰:۷ ، الاستيعاب ۱۴۲۰:۳ ، سير أعلام النبلاء ۱۵۷:۳٫
۹ – البداية والنهاية۱۴۴:۸٫
۱۰ – المصنف لابن أبي شيبة ۳۵۵:۸٫
۱۱ – راجع الاستيعاب۳۸۶:۴ ، سير أعلام النبلاء۱۳۴:۳ ، تاريخ الاسلام۳۱۱:۴٫
۱۲ – أسد الغابة۳۸۸:۴ ، الطبقات الكبرى۳۴۲:۳ ، فتح الباري۱۷۸:۱۳٫
۱۳ – الاصابة في تمييز الصحابة۷۰:۴٫
۱۴ – سير اعلام النبلاء۱۴۶:۳ ، البداية والنهاية۱۳۱:۸٫
۱۵ – الكامل في التاريخ۴۰۹:۳٫
۱۶ – الخلافة والملك: ۹۳-۹۴٫
۱۷ – كتاب الفتوح۲۹۱:۴٫
۱۸ – البدء والتاريخ ۲۳۶:۵٫
۱۹ – الاستيعاب ۱۴:۲٫
۲۰ – عون المعبود ۱۲۷:۱۱٫
۲۱ – البداية والنهاية ۴۷:۸٫
۲۲ – الطبقات الكبرى ۹۷:۶٫
۲۳ – كتاب الفتوح ۳۳۵:۴٫
۲۴ – كتاب الفتوح۳۳۴:۴ ، الكامل في التاريخ۵۰۸:۳٫
۲۵ – المصنف لابن ابي شيبة ۴۱۱:۲٫
۲۶ – الطبقات الكبرى ۲۵:۶٫
۲۷ – كتاب المحبر:۴۷۹٫
۲۸ – المعجم الكبير۱۷۶:۱۷٫
۲۹ – فتوح البلدان ۱۸۸:۱٫
۳۰ – سير أعلام النبلاء۱۲۸:۳٫
۳۱ – الارشاد۱۴:۳٫
۳۲ – أسد الغابة۱۳:۲ ، الكامل في التاريخ۴۰۶:۳٫
۳۳ – أعيان الشيعة ۵۷۰:۱٫
۳۴ – الاحتجاج ۱۳:۲٫
۳۵ – البداية والنهاية ۱۷۴:۸ ، تهذيب الكمال ۴۱۳:۶٫
۳۶ – كتاب الفتوح ۱۱:۵٫
۳۷ – أسد الغابة ۲۸۶:۳٫
۳۸ – الطبقات الكبرى ۶۶:۵٫
۳۹ – انساب الاشراف: ۱۲۷۷٫
۴۰ – مروج الذهب ۶۷:۳٫ ۲۰۱۰-۰۵-۰۱ ۱۴:۱۸:۰۲٫
لماذا البكاء على الإمام الحسين (ع)
الملخص
لقد جسدت ملحمة عاشوراء أروع سلسلة من الأحداث البطولية التي مرت عبر التاريخ والعصور؛ جمعت فيها أسمى الأثر الإنسانية في التضحية، والشجاعة، والعطاء في هذه النهضة الحسينية، ومما لا شك فيه أن الشيعة الامامية أصحاب مذهب أهل البيت (عليهم السلام) متهمين بالتمادي والإفراط في حب الإمام الحسين (عليه السلام) وعلى كثرة إقامة التعازي ومجالس الذكر لمصيبة الإمام الحسين (عليه السلام) كل عام .
والسؤال يفرض نفسه هنا : لماذا نبكي حسينا؟
– ولماذا البكاء على الإمام الحسين (عليه السلام) بالذات دون غيره من الأئمة الأطهار(عليهم السلام)؟
– ما كل هذا التعظيم، مع ان هنالك شخصيات إسلامية كثيرة، لها دور وشأن كبير عبر مرور التاريخ، ولهم دروس وعبر، فما هي الخصوصية؟
– هل نحن نبكي حسينا كشخص؛ أو نبكي على ضياع الحكومة الإسلامية؟
– هل نبكي على الحسين كالمظلوم الوحيد في العالم – وهناك ملايين أمام اعيننا – أم نبكي الظلم ، والجور، والهوان بشكل عام والحسين ليس إلا أبرز نموذج لكل ذلك؟
هذا ما نود بيانه في هذا المقال مع بيان الأسباب الحقيقية، والمغزى من البكاء على الإمام الحسين بن علي (عليه السلام) بالذات، والاستمرار بتخليد هذه الذكرى، ورفع الاتهامات التي طرحها المخالفين لمذهب أهل البيت (عليهم السلام) وإجلاء الصورة الحفية عن هذه الحقيقة بصورة جديدة، لتبلور لنا محور الواقعة، والأسباب التي جعلت منها ذكرى خالدة بين أهل الأرض والسماء.
الكلمات الرئيسية: الإمام الحسين(عليه السلام)، البكاء، الشرك، المشروعية، عاشوراء
المقدمة
عاشوراء يطلق على اليوم العاشر من محرم في السنة الهجرية الإسلامية، ويطلق أيضا على واقعة شهادة الإمام الحسين (عليه السلام) في كربلاء، في السنة الواحدة والستين الهجرية، وما يرتبط بهذه الأيام التسعة الأولى من شهر محرم – فهي أيام حزن تقام فيها مراسيم الحزن والعزاء – تذرة بتلك الواقعة الأليمة، وتطل علينا هذه الذكرى الخالدة عاما بعد عام.
عندما يتذكر المسلم ما جرى في ذلك اليوم من مصائب على ذرية رسول الله (عليه السلام) من عطش الحسين (عليه السلام) وأهله وأصحابه، ورؤية الحسين(عليه السلام) لأهله وأحباه صرعى أمامه وبقائه وحيدا، وذبح الحسين كما يذبح الكبش وهو سبط النبي (صلى الله عليه واله) وريحانته وسيد شباب أهل الجنة… ورفع رأس الحسين ورؤوس القتلى على الرماح… وحرق الخيام وإيذاء النساء والأطفال وسبيهم وكأنهم ليسوا ذرية رسول الله (صلى الله عليه واله)… عندما يتذكر المؤمنون كل ذلك، فإنه من الطبيعي أن ينبعث من قلوبهم ما لا يتمالكون أنفسهم… فتحترق قلوبهم ألما وتسيل دموعهم حزنا على هذا المصاب الجليل الذي لم يشهد التاريخ مثله…
البكاء على الإمام الحسين (عليه السلام)
لقد جسدت ملحمة عاشوراء أروع سلسلة من الأحداث البطولية التي مرت عبر التأريخ والعصور؛ جمعت فيها أسمى المآثر الإنسانية في التضحية، والشجاعة، والعطاء في هذه النهضة الحسينية، وهو ما أشار اليه الإمام الحسين(عليه السلام) بقوله:
( إني لم أخرج أشرا ولا بطرا ولا مفسدا ولا ظالما وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر وأسير بسيرة جدي وأبي علي بن أبي طالب ).
يقول الإمام الحسين (عليه السلام) : مخاطبا أعدائه: ” لا والله لا أعطيكم بيدي ُعطاء الذليل ولا أفر فرار العبيد”.
وقال الحسين (عليه السلام) في موقف آخر:
الموت أولى من ركوب العار والعار أولى من دخول النار
فعندما تتمزق الأمة عن مسارها، والسلطان عن منهج الحق، والنظام السياسي عن الطريق السوي؛ حينئذ لا بد على الأنسان المسؤول أن ينهض بواجبه ليصحح الانحراف، ويدعو الأمة الى الصراط المستقيم.
ومما لا شك فيه ولا ريب؛ أن الشيعة الإمامية أصحاب مذهب أهل البيت (عليهم السلام)
متهمين بالتمادي والإفراط في حب الإمام الحسين، وعلى كثرة إقامة التعازي ومجالس الذكر لمصيبة الإمام الحسين (عليه السلام) كل عام.
والسؤال يفرض نفسه: لماذا نبكي حسينا؟!
وهل أن البكاء مشروع في الإسلام؟
البكاء على الإمام الحسين(عليه السلام) بالذات دون غيره من الأئمة الأطهار(عليهم السلام). يثير التسائل عن شأن هذا التعظيم، وهذه الخصوصية المحصورة في هذه الشخصية العظيمة دون غيره.
علما ان أباه علي بن أبي طالب(عليه السلام) أعظم شأنا، وأفضل درجة منه، ومن غيره.
وماذا يجدي البكاء والحزن طول هذه السنين المريرة، ولماذا هذا التمادي والإفراط، مع أن هنالك شخصيات ُسلامية كثيرة، لها دور وشأن كبير عبر مرور التاريخ، ولهم دروس وعبر فما هي الخصوصية؟
هذا ما نود بيانه وتوجيه كلامنا نحوه، والتعرض اليه بشيء من التفصيل. وكذلك بيان الأسباب الحقيقية، أو المغزى من البكاء على الإمام الحسين(عليه السلام) بالذات، والاستمرار بتخليد هذه الذكرى، ورفع الاتهامات التي طرحها المخالفين لمذهب أهل البيت(عليهم السلام) وجلاء الصورة الخفية عن هذه الحقيقة، بصورة جديدة، تبلور لنا محور الواقعة، والأسباب التي جعلت منها ذكرى خالدة بين أهل الأرض والسماء.
حرمة البكاء على الميت
في البدء نود أن نسلط الضوء على المزاعم التي طرحت من قبل المخالفين، والمعادين لمذهب أهل البيت (عليهم السلام) وتوجيه التهم والافتراءات، أو تأويل الآيات القرآنية، والأحاديث وتوجيهها بشكل يؤيد مزاعمهم، وصدق ادعائاتهم الباطلة كما هي العادة.
ذهب بعض المسلمين الى أن البكاء على الميت حرام، وغير مشروع؛ لأن الخليفة عمر بن الخطاب روى عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) : “إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه” .
وروى مسلم عن عبد الله بن عمر أن حفصة بكت على عمر، فقالت: مهلا يا بنية! ألم تعلمي أن رسول الله قال: “إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه” .
وروى البخاري ومسلم عن ابن أبي مليكة قال: توفيت ابنة لعثمان بمكة، وجئنا لنشهدها، وحضرها ابن عمر وابن عباس وإني لجالس بينهما فاذا صوت من الدار.
فقال عبد الله بن عمر لعمرة بن عثمان: ألا تنتهي عن البكاء؟ فإن رسول الله قال: “إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه:
فقال ابن عباس: قد كان عمر يقول بعض ذلك. ثم حدث قال: لما أصيب عمر دخل صهيب يبكي يقول: وا أخاه وا صلحباه! فقال عمر: يا صهيب ! لا تبكي علي! وقد قال رسول الله :”إن الميت يعذب ببعض بكاء أهله عليه” .
وقد أنكرت عائشة أن يكون النبي قال هذه الأحاديث، لظنها أنها تتعارض مع قوله تعالى: قوله تعالى: ” ولا تزر وازرة وزر أخرى” .
وقالوا وهذه بعض الأحاديث الواردة في هذا، مع بيان معناها الصحيح الذي لا يتعارض مع هذه الآية، وجواب العلماء على اعتراض أم المؤمنين عائشة.
قال النووي: وأجمعوا كلهم على اختلاف مذاهبهم على أن المراد بالبكاء هنا بصوت ونياحة لا مجرد دمع العين. أما رد عائشة رضي الله عنها هذه الأحاديث، فهو اجتهاد منها، حيث ظنت أن عمر وابنه قد وهما وأخطأ، وأن هذه الأحاديث معارضة لقول الله تعالى:” ولا تزر وازرة وزر أخرى” .
قال القرطبي: إنكار عائشة ذلك وحكمها على الراوي بالتخطئة أو النسيان أو أنه سمع بعضا ولم يسمع بعضا بعيد، لأن الرواة لهذا المعنى من الصحابة كثيرون وهم جازمون فلا وجه للنفي مع أمكان حمله على محمل صحيح.
فأن قيل: كيف حلفت بناء على غلبة ظنها أن عمر وابنه عبد الله وهما، والحلف على غلبة الظن جائز. قاله النوري رحمه الله بمعناه.
فقالوا بعدم جواز البكاء على الميت والنياحة ورفع الصوت إلى غير ذلك من الأحاديث.
مشروعية البكاء على الميت في الإسلام
إن الحزن والبكاء ليسا أمرين اختياريين؛ يستطيع الإنسان الاتيان بهما ساعة يشاء، ويمتنع عنهما ساعة يشاء؛ بل هما أمران خارجان عن الإرادة المباشرة للإنسان. فإذا أردناهما كان عليه أن يهيأ نفسه لهما باستذكار ما يولد في قلبه من مشاعر الحزن ودواعي البكاء.
والبكاء ظاهرة إنسانية ينفس الإنسان مما يختزنه من هموم وأحزان ومشاعر، وما يساوره من انفعالات تملك أحاسيسه ومشاعره؛ فيعبر عنها بالدموع، وهذه الدموع قد تكون فرح، أو خوف، أو حزن، أو خشية والاسباب كثيرة.
هنالك روايات ذكرت ضمن كتب المخالفين، وفي الصحاح، والتي يقرون بصحتها، وروايات كثيرة؛ روايات تبين مشروعية البكاء على الميت، منها:
ذكر النسائي في سننه في كتاب الجنائز قوله: أن رسول الله زار قبر أمه آمنة بنت وهب فبكى عند القبر وأبكى من حوله.
أقول: إذا كان رسول الله قد بكى على الموتى فكيف يكون البكاء على الميت محرما، وغير مشروع؟
وقد صنعه الرسول بنفسه، وفعل الرسول(صلى الله عليه وآله) يعتبر إقرارا، والإقرار سنه؛ لأن فعل الرسول، أو حتى سكوته عن الفعل إقرار منه وسنة فعلية.
روي في صحيح البخاري في كتاب فضائل الصحابة قال: صعد رسول الله (ص) المنبرـ وذكر واقعة مؤته، وقال: “لقد أخذ الراية زيد بن حارثة وأصيب، ثم أخذ الراية جعفر بن أبي طالب وأصيب، ثم أخذ الراية عبد الله بن رواحه وأصيب، ثم بكى رسول الله ودموعه تذرف على خديه”.
السؤال هو:
-إذا كان البكاء على الميت غير مشروع أو حرام فلماذا بكى رسول الله(صلى الله عليه وآله)؟
روى البخاري في “كتاب الجنائز” عن عبد الله بن عوف أنه قال: أدخلنا على رسول الله وولده إبراهيم يجود بنفسه، فرأينا رسول الله يبكي، قلنا: ما يبكيك يا رسول الله؟
قال: إنها رحمة العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا لفرقك يا إبراهيم لمحزونون.
فالرسول في هذه الرواية يبكي على ولده إبراهيم، واما الحديث الذي رواه الخليفة عمر بن الخطاب، فإن السيدة عائشة ترفض هذا الحديث كما بينا.
وفي رواية أخرى في صحيح البخاري، في كتاب الجنائز إنه قال: لما أصيب الخليفة عمر بن الخطاب، دخل صهيب يبكي فقال الخليفة: يا صهيب لا تبك، فاني سمعت رسول الله يقول:” إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه”، فلما مات عمر بلغ كلامه عائشة، فقالت: لا، ما هكذا قال رسول الله، وإنما قال رسول الله: “إن الكافر ليزيده الله عذابا ببكاء أهله عليه” .
ثم قالت عائشة: حسبنا كتاب الله، القرآن يقول: “ولا تزر وازرة وزر أخرى”
فالبكاء على الميت مشروع، وهنالك روايات كثيرة وردت في بكاء الرسول(صلى الله عليه وآله) على فاطمة بنت أسد، أم أمير المؤمنين.
والدليل على مشروعية البكاء، والحزن ما ورد في القرآن الكريم قوله تعالى: وتولى عنهم وقال يا أسفي على يوسف وأبيضت عيناه من الحزن فهو كظيم قالوا تالله تفتأ تذكر يوسف حتى تكون خرضا أو تكون من الهالكين” .
روى الزمخشري عن رسول الله(ص) أنه سأل جبرائيل: “ما بلغ من وجد يعقوب على يوسف؟
قال: وجد سبعين ثكلى.
قال: فما كان له من الأجر؟
قال: أجر مائة شهيد وما ساء ظنه بالله ساعة قط” .
وعلق الزمخشري على الحديث قائلا: فإن قلت كيف جاز لنبي الله أن يبلغ به الجزع ذلك المبلغ؟
قلت: إن الإنسان مجبول على أن لا يملك نفسه عند الشدائد من الحزن، ولذلك حمد صبره، وان يضبط نفسه حتى لا يخرج الى ما لا يحسن، ولقد بكى رسول الله على ولده إبراهيم.
وقال: القلب يجزع، والعين تدمع، ولا نقول ما يسخط الرب، وإنا عليك يا إبراهيم لمحزونون.
كذلك قوله تعالى: “قل لا اسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى”
وإن أبرز مصاديق مودة قربى النبي (صلى الله عليه وآله) هو البكاء والحزن على ما أصابهم من ظلم وغدر وأذى.
قال السيد الديباجي: ” وقد ورد في الأخبار عن النبي وعن الأئمة الأطهار انه يستحب في تسلية المصاب أن يظهروا عند صاحب المصيبة الحزن والكآبة، حيث أن ذلك من السنة المؤكدة.
فكيف إذا أردنا أن نسلي صاحب الرسالة وهو شاهد علينا بنص القرآن، ونعزيه في مصاب قرة عينه وفلذة كبده في مصابه الجلل التي ما أتت مصيبة كمثلها من أول الدنيا ولا تأتي إلى آخر الدهر، وهي مصيبة ما أعظمها وأعظم رزيتها في الإسلام وفي السماء والأرض.
لم بكاء وليس الضحك إذا كان الحسين قد نال سعادته؟
ردا على السؤال، لا بد من القول بأن البكاء-على الرغم من ظاهره- أساسا تلميع لمشاعر الإنسانية والسيطرة على القلوب.
فمن السهل جدا أن تضحك الناس الملايين برسالة نصية غضون ثوان، لكن الإبكاء أمر شاق ويحتاج إلى تمهيدات معينية، لأن البكاء يكمن في طبقات أعمق من القلب والتي لا يمكن التوغل فيها بسهولة. الناس لا يبكون لأحد إلا إذا تأثرت قلوبهم من حاله بشدة، فيبكي الرجل في وفاة أمه أو طفله ليس إلا، ولكن مثل وفاة ابن عم صديق فلا.
فإذا كان مؤسسة ما قادرة على السيطرة على عبرات شعب، فهي في الواقع، أستلمت مفاتيح قلوبهم وأنفسهم. وبالتالي فمن أفضل الطرق للحفاظ على مأساة عاشوراء في أعماق قلوب الأمة الاسلامية وإحياء قيمها هو البكاء، فلا يمكن تحقيق أي شيء من هذا القبيل بواسطة الضحك والسرور.
بالإضافة إلى ذلك، انه لأمر جيد التنويه إلى أننا حتى لو نظرنا من وجهة السعادة والسرور، فإن البكاء لا يعني الشعور باليأس والاكتئاب. وخلافا لظاهر البكاء فإن تأثيره الإيجابي والمتفائل، ودوره في التوسع والانبساط الروحي أعمق بكثير من الضحك والدعابة، وربما هذا هو السبب انه يشعر الإنسان بعد البكاء بخفة وتوسع روحيا، بخلاف الضحك والتنكيت حيث يثير الملل والكآبة أخيرا.
لماذا نبكي حسينا؟
-أولا:
إن الشيعة عندما يظهرون العزاء ويجددون هذه الفجيعة، فإنهم أيضا يتعلمون منها دروسا جمة. فمن كربلاء تعلمنا اباء الضيم والظلم، والشهامة والشجاعة، وحرية الرأي والفكر، والتنفر من الأخلاق الدنيئة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والوقوف مع الحق والتضحية بكل شيء من أجله، ولإيثار… وغيرها من الدروس والعبر.
-ثانيا:
البكاء على الإمام الحسين (عليه السلام) وتجديد مصابه يعتبر نوع من التأييد لنهضته والإقرار بهدفه.
يقول الإمام الحميني (قدس سره): إن البكاء على الشهيد يعد إيفاء على اتقاد جذوة الثورة وتأججها، وما ورد في الروايات من أن من بكى أو تباكى أو تظاهر بالحزن فأن أجره الجنة، إنما يفسر بكون هذا الشخص يساهم في صيانة نهضة الإمام الحسين (عليه السلام).
والسر في تكرار هذا الحداد كل عام انه ملحمة تنتمي للبشرية جمعاء، ويجب أن تتكرر كل عام لتكون محفوظة للناس من جميع الأعمار والأعصار؛ لأن الشعارات والأهداف والدروس التي يمكن استخراجها من قيام أبي عبد الله (عليه السلام) تستهدف جميع الشعوب والطوائف والأعراق من المسلمين وغير المسلمين، فإن شعارات وأهداف الإمام الحسين (عليه السلام) في ملحمة عاشوراء هي ما يتفق مع طبيعة كل إنسان خر في وجه هذه المعمورة.
أورد الشيخ محمد جواد مغنية في كلمة قيمة للسيد محسن الأمين العاملي حيث قال: أما الحسين فقدم نفسه وأبناءه حتى ولده الرضيع، وقدم إخوته وأبناء أخيه وأبناء عمه قدمهم جميعا للقتل، وقدم أمواله للنهب وعياله للأسر ليفدي دين جده.
إن الحسين معظم، حتى عند الخوارج أعداء أبيه، فأنهم يقيمون له مراسم الذكرى والحزن يوم عاشوراء في كل عام. ولو أنصف المسلمون ما عدوا طريقة الشيعة في إقامة الذكرى لسيد الشهداء.
فهل كان الحسين دون جاك دارك التي يقيم لها الفرنسية الذكرى في كل عام؟ وهل عملت جان دارك لفرنسا ما عمله الحسين لأمة جده؟
فلقد سن لهم نهج الحرية والاستقلال، ومقاومة الظلم، ومعاندة الجور، وطلب العز، ونبذ الجور، وعدم المبالاة بالموت في سبيل الغايات السامية.
هذا، الى ما يرجوه المسلم من الثواب يوم الحساب على الحزن والبكاء لقتل الحسين، فلقد نعاه جده لأصحابه، وبكى لقتله قبل وقوعه، وبكى معه أصحابه، وفيهم أبو بكر وعمر، فيما رواه الماوردي الشافعي في ” أعلام النبوة” .
وقد حث أئمة أهل البيت الطاهر شيعتهم وأتباعهم على البكاء وإقامة الذكرى والعزاء لهذه الفاجعة الأليمة في كل عام، وهم نعم القدوة، وخير من اتبع، وأفضل من اقتفى أثره، وأخذت منه سنة رسول الله(صلى الله عليه وآله) لأنهم أحد الثقلين، وباب حطة الذي من دخله كان آمنا، ومفتاح باب مدينة العلم الذي لا يؤتى إلا منه.
-ثالثا:
إننا لا نبكي حسينا، بل نبكي الإسلام
إن الإمام الحسين (عليه السلام) ليس هو الإمام الحسين بن علي (عليه السلام) لشخصه بل إنه يتمثل بالإسلام ذاته.
إنه نور الله في أرضه؛ لأنه تبارك وتعالى أعزنا بنوره بالإسلام دينا، وهذا الدين الذي حمله جده المصطفى محمد (صلى الله عليه وآله) وأدى أمانة التبليغ، وأتمها بولاية أمير المؤمنين (عليه السلام).
إذ لا يعقل أن يترك الدين سدى بعد وفاة النبي محمد(صلى الله عليه وآله) فلا بد من خليفة وإمام بعده، والإمامة تتطلب العصمة، والعصمة تقتضي النص، وهي أمر خفي لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى، فيجب أن يكون تنصيبه من قبل الله سبحانه، لأنه العالم بأفعال الإنسان، وعصمته من الخطأ دون غيره، لذلك أنزلت آية الولاية: “إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون”.
الاستنتاج
نحن أساسا لا نحزن ولا نأسف لقيام الإمام الحسين (عليه السلام) وشهادته في سبيل الله، لأننا نعتقد انه قد حقق مهمته الإلهية بأحسن وجه، وحصل على أعلى المقامات الإنسانية. فلم يكن هنالك خسران للإمام الحسين (عليه السلام)، ولكن المجتمع الإسلامي تكبد خسائر كبيرة في هذا الصدد.
في الواقع، نحن نقيم حدادا على أنفسنا قبل أن نقيم حدادا على الحسين. لماذا آل أمر المسلمين إلى مثل هذه الكارثة في المجتمع الإسلامي؟
إذن استشهاد الإمام الحسين (عليه السلام) على الرغم من انه سعادة فردية له ولأصحابه الكرام، إلا أنه كارثة بالنسبة للمجتمع الإسلامي، ومأساة بالنسبة للإنسان بما هو إنسان.
ويحق لنا أن نسال ماذا كان هدف الحسين(عليه السلام) وماذا كانت القضية التي يعمل من اجلها؟
أما لو كان هدفه شخصيا يتمثل في رغبته في إسقاط يزيد ليتولى هو بنفسه الخلافة التي كان يطمع اليها، ما وجدنا فيه هذا الإصرار على التقدم نحو الكوفة رغم وضوح تفرق الناس من حوله، واستسلامهم لابن زياد، وحملهم السلاح في أعداد كثيرة لمواجهته والقضاء عليه.
إن أقصر الناس نظرا كان يدرك أن مصيره لن يختلف عما آل إليه فعله، ولو كان الحسين بهذه المكانة من قصر النظر لعاد إلى مكة ليعمل من جديد للوصول إلى منصب الخلافة.
فالهدف إذن ليس هدفا شخصيا، وإنما الأمر أمر الأمة، والقضية كانت للحق، والإقدام إقدام الفدائي الذي أراد أن يضرب المثل بنفسه في البذل والتضحية، ولم يكن إصرار الحسين على التقدم نحو الكوفة بعد ما علم من تخاذل أهلها ونكوصهم عن الجهاد إلا ليجعل من استشهاده علما تلتف حوله القلة التي كانت لا تزال تؤمن بالمثل وتلتمس في القادة من ينير لها طريق الجد في الكفاح، وتحريكا لضمائر المتخاذلين القاعدين عن صيانة حقوقهم ورعاية صوالحهم.
فنحن نبكي الظلم، والجور، والهوان، نبكي ونذكر دائما جور الحكام وتسلطهم في حكم الجاهلية، والأحكام العرفية وإهمال الناس لحكم الله في الأرض. لم يمنع الإمام الحسين(عليه السلام) عن إقامة حكومة الله في الأرض فحسب، بل قيل له: يا حسين اخضع لأمر الخليفة أمير المؤمنين يزيد بن معاوية !!!
هذه هي المأساة، وهذه هي الأزمة التي مرت بها الأمة الإسلامية.
إنما أراد الإمام الحسين(عليه السلام) إقامة حكومة جده رسول الله (صلى الله عليه وآله) إقامة نور الله في الأرض، فمنع من هذا الحق. فكانت شهادته خالدة، وكان انتصار الدم على السيف، وانتصار الفضيلة على الرذيلة، وغلبة الإسلام الأصيل على الإسلام المزور.
حقا إن الدماء الطاهرة التي روت أرض كربلاء قد أنبتت منارا للشرفاء الذين يؤمنون بالإسلام منهجا وعقيدة.
تأثير الصلح الحسني في الجهاد الحسيني
لقد جاهد الإمام علي أمير المؤمنين ( عليه السلام ) الناكثين ، و المارقين و القاسطين . . ثم كان ما يسمى بـ ” صلح ” أو عقد و عهد الإمام الحسن عليه السلام ، الذي ألجأته الظروف إلى عقده مع معاوية .
و اللافت : أن هذا العهد قد حقق إنجازا عظيما على صعيد تأكيد الحق ، و ترسيخ الشرعية فيما يرتبط بإمامة أهل البيت عليهم السلام ، و سلب ذلك عن الطرف الآخر ، و انتزاع اعتراف خطي منه بأنه باغ و متغلب ، حين أكدت بنوده على :
1- أن الحق لا بُدَّ أن يعود للإمام الحسن عليه السلام ، ثم من بعده للإمام الحسين عليه السلام .
2- أن ليس لمعاوية أن يعهد لأحد من بعده .
3- أن لا يقيم الإمام الحسن عليه السلام شهادة عند معاوية .
4- أن لا يسميه أمير المؤمنين . .
5- أن يعمل بكتاب الله و سنة نبيه .
6- أن لا يذكر علياً إلا بخير .
7- أن يكون أصحاب علي و شيعته آمنين حيث كانوا من أرض الله .
8- أن يكون الناس جميعاً آمنين حيث كانوا من أرض الله .
و ثمة شروط أخرى ذكرها المؤرخون أيضاً .
و قد كان معاوية يعلم أن نقض أي بند من هذه البنود سيحرمه من صفة الشرعية ، و سيظهر وفقا لما تعهد به من أهلية الإستمرار في ذلك الموقع .
و قد أعطى معاوية هذه الشروط ، و هو يرى نفسه أنه الأقوى ، و أنه هو المنتصر ، و خزائن الأموال بيده ، و الجيوش تحت أمرته ، و الناس رهن إشارته . . و معه و من ورائه الأخطبوط الأموي المنتشر في طول البلاد و عرضها ، الذي ما فتئ لم يزل يعمل على هدم ما يبنيه علي و ولده ، و على تثبيت أمر معاوية و ترسيخه .
و في مقابل ذلك فإن جيش الإمام الحسن عليه السلام كان مفكك العرى ، متفرق الأهواء ، يضم حتى فلول الخوارج ، الموتورين على يد أبيه أمير المؤمنين عليه السلام . . و قد ظهرت في هذا الجيش الخيانات الكبرى حتى من أقرب الناس إلى الإمام الحسن عليه السلام نسباً ، و هو عبيد الله بن العباس الذي ذبح له عمال و أنصار معاوية طفلين ، و لكن ذلك لم يمنعه من بيع دينه لمعاوية بمليون درهم فقط ، حيث نسي ولديه ، بعد أن نسي ربه ، و خان إمامه .
و اللافت أن بنود هذا العهد لتبطل أمر معاوية حتى قبل أن يبدأ ، إذ أننا لو أخذنا بنداً واحداً من هذه البنود ، و هو البند الذي يشترط أن لا يقيم الإمام الحسن عليه السلام شهادة عند معاوية ، فإن هذا البند الذي لا يخطر على بال أحد أن يذكر في صلح بهذه الخطورة ، تحقن به دماء ألوف من المسلمين ، و لا يخطر على بال أحد أن يكون هناك حديث عن إقامة شهادة عند قاض ، قد لا يحتاج إليها على مدى عمر الإنسان كله ، و لو لمرة واحدة ، فضلا عن أن يسجل ذلك في هذا الصلح الخطير .
نعم إننا لو لاحظنا ذلك لرأينا : أن معاوية يقبل بأن لا يقيم الإمام الحسن عليه السلام عنده حتى الشهادة ، مع أنه يعلم : أن الشهادة قد لا تزيد على حفظ حق إنسان مّا في أرض أو فرس ، أو الاقتصاص للطمة أو جرح .
و ذلك الشرط إنما يعني إبطال أمر معاوية من أساسه ، حتى قبل أن يتصدى و يمارس أمور الحكم ، لأن معنى هذا الشرط أن معاوية :
إما غير قادر على معرفة أحكام الله ، و لو في مثل هذه الأمور الجزئية و البسيطة ، فكيف يتصدى إذن لموقع خلافة الرسول صلى الله عليه و آله ، الذي يعني لزوم أداء مهماته صلى الله عليه و آله في تعليم الدين ، و بيان شرائعه و أحكامه ، و في التصدي للشبهات ، و حل المعضلات ؟
و إما أن معاوية كان يعرف كيف يقضي بين الناس ـ لكنه لم يكن مأموناً على القضاء بالحق .
فمن لا يؤمن على القضاء في فرس ، أو دار ، أو لطمة أو نحو ذلك ، فهل يؤمن على دماء الأمة ، و أعراضها و أموالها ، و على دينها و مستقبلها ؟
و إذا كان معاوية لا يستطيع أولا يؤتمن على القضاء بهذا المستوى فيكف يفي بتعهداته بالعمل بالكتاب و السنة ؟
و إذا كان هو المؤسس و الأساس لدولة بني أمية ، فقد اتضح أن هذا الأساس لا يملك ما يؤهله لهذا الموقع باعتراف منه ، و بتوقيع عهد و عقد مع من ينكر له أي حق فيما يدعيه . . ثم إنه يسجل ذلك و يوقع عليه في مقام لا بُدَّ له فيه من وضع النقاط على الحروف بكل دقة و حرص . . و حيث لا مجال للتغاضي ، و لا للغفلة و لا للتسامح .
فإذا كان هذا البند يعطينا ذلك كله فما بالك بسائر البنود ؟ ! مثل أن لا يسميه الإمام الحسن عليه السلام بأمير المؤمنين ، فمن كان رأس أهل الإيمان ، لا يرضاه أميرا للمؤمنين ، فهل يرضاه أميراً له ؟ ! .
كما أنه هو بنفسه يسجل : أن ليس لأحد من ولده ، و لا من قومه أي حق في هذا الأمر . . بل الأمر يرجع إلى الحسن ، ثم للحسين عليهما السلام .
و بعدما تقدم يتضح : أن إمامة الإمامين الحسن و الحسين عليهما السلام تصبح مفروضة و لازمة ، بمقتضى جميع الأعراف ، و عند سائر الأمم .
فالحسنان عليهما السلام بنظر المسلم الملتزم إمامان: قاما أو قعدا ، بمقتضى نص رسول الله صلى الله عليه و آله.
و الحسن عليه السلام هو وصي أبيه سلام الله عليه ، كما سجله لنا التاريخ أيضاً ( راجع الحياة السياسية للإمام الحسن عليه السلام ) و ذلك يكفي حجة على من يرى لزوم العهد من الخليفة السابق للاحق .
أضف إلى ما تقدم : أن هذا العقد الذي تم بين الإمام الحسن عليه السلام و معاوية لا بُدَّ من الوفاء به حتى عند أهل الجاهلية .
بل إن كل المجتمعات الإنسانية حتى التي لا تدين بدين اصلاً تحتم الإلتزام به ، و لا تجيز نقضه .
و ذلك لأن المجتمعات الإنسانية تعتبر الوفاء بالالتزامات والعهود والعقود أساسا لبناء حياتهم في مختلف المجالات ، حتى السياسية والإجتماعية منها ، وعلى وفق هذه الرؤية ومن هذا المنطلق تنظم علاقاتها بالأمم و الشعوب ، و الجماعات .
و لا تجد أحدا يجيز لأحد الطرفين نقض العهد و العقد إلا بالتراضي و التوافق ، و الاتفاق مع سائر الأطراف .
يزيد هو الباغي :
و بذلك يتضح لكل أحد وفق هذا المنطق الشرعي ، و العقلي ، و العقلاني ، و الإنساني ، أن يزيد بن معاوية هو الباغي على الحسين عليه السلام ، و هو الخارج عليه ، حتى لو أعلن أبوه معاوية نقضه للعهد . فإن العهد لا ينتقض بذلك .
بل إن العهد نفسه قد سلب معاوية حق نقض العهد لو توهم جاهل أن له أي حق في ذلك .
و ذلك حين صرح بقوله : و لا يحق لمعاوية أن يعهد لأحد من بعده .
فترة تأسيس الدين :
و من جهة أخرى نقول :
لقد كانت الفترة التي تلت وفاة رسول الله صلى الله عليه و آله . . هي فترة تأسيس الدين ، و ترسيخ دعائمه ، و تقرير أحكامه و شرائعه ، و سياساته و قيمه .
فكل ما يقال و يمارس في هذه الفترة سوف يصبح جزءً من الدين ، و ستتداوله الأجيال ، حقا كان أو باطلا .
و حتى لا يبقى الباطل وحده هو سيد الموقف ، و المطروح للتداول ، كان لا بُدَّ لأمير المؤمنين عليه السلام و الخلص من أصحابه من أن يشاركوا في هذا التأسيس ، و أن يطرحوا للناس الحق الذي يسعى الآخرون ، إما لتجاهله و الابتعاد عنه ، أو للعبث و التلاعب به .
و لذلك دخل عمار ، و سلمان ، و حذيفة ، و مالك الأشتر ، و أضرابهم في مناصب الدولة ، فتولى عمار الكوفة ، و سلمان المدائن ، و حذيفة كان قائداً للجيوش الفاتحة ، في فتوح نهاوند المعروف بفتح الفتوح ، و كان هو السبب في زوال ملك الأكاسرة .
و شارك الأشتر في الحروب معهم ، وشترت عينه فيها فقيل له الأشتر ـ و لا شك في أن ذلك كان برضى من أمير المؤمنين عليه السلام ، أو بتوجيه منه .
و قد كان عليه السلام يسعى لحفظ التوازن و الهدوء في العلاقة مع الخلفاء .
و كان يحضر مجالسهم ، و يشارك في بيان مسائل الدين ، و حل معضلات الأمور ، حتى لقد كثر قول عمر : لولا علي لهلك عمر .
و لكن الأمر كان أعظم من ذلك أيضاً .
فقد كان الخلفاء يدّعون : أن لهم ما للرسول صلى الله عليه و آله ، و أنهم يقومون بما يقوم به ، فلهم القضاء ، و الحكم ، و قيادة الجيوش ، و تعليم الناس أحكام دينهم ، و تربيتهم ، و سياستهم و تدبير أمورهم .
تماماً كما كان ذلك لرسول الله صلى الله عليه و آله . بل لقد زعموا أن لهم حق التشريع في الدين ، و الفتوى بآرائهم فيه
و قد مارسوا ذلك بالفعل ، و منعوا الناس من رواية حديث رسول الله صلى الله عليه و آله ، و من كتابته و تدوينه ، و حبسوا كبار الصحابة بالمدينة ، و استعاضوا عن سنة الرسول صلى الله عليه و آله ، و أقواله و سيره ، بثقافات أهل الكتاب ، و ملأوا عقول الناس بها ، و منعوا الناس من السؤال عن معاني القرآن ، و من كتابة تفسيره .
ثم إنهم قد عملوا على أن يضفوا على أنفسهم هالة من القداسة ، لا مجال لاختراقها ، فكان من آثار هذه القداسة أن أصبحت سياسات الخلفاء هذه دينا يدان به و شرعاً يتبع .
و كانت النتيجة هي ما ذكرنا من أنه لم يبق من الدين إلا رسمه ، و من الإسلام إلا اسمه .
فكان لا بُدَّ من إسقاط هذه الهالة ، و إسقاط قناع الزيف عن وجوه أولئك المجرمين .
و قد قام أمير المؤمنين عليه السلام بما كان يمكن القيام به في هذا السبيل ، فأعاد التأكيد على الخطوط العامة ، و أصحر للناس بالعقائد الحقة ، و بين سياسات الإسلام تجاه كل هذا الواقع الذي يواجهه . . و حارب الناكثين و المارقين و القاسطين .
و جاء الإمام الحسن عليه السلام ليخطوا الخطوات التي أتيح له أن يخطوها أيضاً في نفس هذا الإتجاه ، فأنجز الصلح الذي تحدثنا عنه آنفاً .
و لم يبق إلا أن يحدث الزلزال الذي فرض على الأمة أن تراجع حساباتها ، بعد أن سقط القناع المزيّف الذي حاول الغاصبون و الطامعون أن يستروا به حقيقتهم .
و أفاق الناس على واقعهم المرير ، ليجدوا أن ثقافة أهل الكتاب هي التي تهيمن عليهم ، بعد أن سلبت منهم معارف الإسلام ، و ليجدوا أنهم يقدسون أشد الناس انحرافاً عن الله .
أو أعظمهم طغياناً عليه .
و ليجدوا أن الذين يقدسونهم ليسوا هم الأمناء على وحي الله سبحانه و تعالى ، و لا هم العالمون بشرايعه سبحانه.
و ليجدوا . . و ليجدوا . . إلى ما لا نهاية . .
و قد جاءت حركة الإمام الحسين عليه السلام الجهادية بصورة لا تقبل التأويل ، و لا مجال فيها لإثارة أية شبهة أو لبس ، فأسقطت هالة القداسة ، و فرضت على الناس أن يعيدوا النظر في كل شيء ، و أن يبحثوا عن الإسلام و أهله ، و أن يميزوا بين مصادر المعرفة فيه من جديد . . و أصبح هذا الأمر هو الوظيفة المفروضة على كل إنسان إلى يوم القيامة .
لماذا الحسين و لماذا على يزيد بالذات :
هذا ، و لقد كان الناس يعرفون الكثير الكثير مما أخبر به النبي صلى الله عليه و آله عن مصير أبي عبد الله الحسين عليه السلام ، و كانوا قد عرفوا أيضا الحسين عليه السلام ، و أخاه و أباه سلام الله عليهم أجمعين . . عرفوهم في ممارساتهم ، و في توجهاتهم ، و في كل حالاتهم .
و عرفوا في مقابل ذلك : رموز الشجرة الملعونة و أهدافها ، و سيرتها ، و وقفوا على حالاتها .
و كذلك على حالات و سير و أخلاق خصوم أهل البيت عليهم السلام بصورة عامة ، الذين يريدون أن يكونوا ملوكاً جبارين .
و الناس أيضا . . قد عرفوا بنود صلح الإمام الحسن عليه السلام مع معاوية .
و قرأوا على صفحات الواقع و التجربة ، و المعايشة القريبة ، خصائص الشخصية العلوية ، و الحسنية، و الحسينية.
و هم أهل بيت النبوة سلام الله عليهم .
ثم إن الناس قد قرأوا أيضاً على صفحات الواقع و التجربة ، و المعايشة القريبة خصائص خصوم أهل البيت عليهم السلام ، من أمثال معاوية و يزيد و غيرهما .
ثم إن الناس كذلك . . قد رأوا بأم أعينهم كيف أن هذا الباغي و المعتدي ، و المدعي لمقام خلافة الرسول صلى الله عليه و آله لا يتحمل حتى أن يرفض إنسان واحد الإنقياد له مع أنه هو المعتدي على حق هذا الإنسان ، و مع أن أباه بالذات قد سجل أن لا حق له ، و لا لأحد من ولده في هذا الأمر ، و أنه الحسين بالذات هو صاحب الحق .
نعم . . إن يزيد لم يتحمل حتى أن يرفض هذا الإنسان بالذات و الإنقياد له . فراح يلاحقه بثلاثين ألف مقاتل إلى قلب الصحراء ، ليقتله مع أهل بيته ، و ثلة يسيرة جدا من أصحابه ، و يسبي نساءه و أطفاله .
رغم أنه من أهل بيت النبوة ، و سيد شباب أهل الجنة الحسين عليه السلام بالذات ، فكيف ـ يا ترى ـ سيتعامل مع سائر الناس ، لو بدرت منهم أية بادرة مهما كانت تافهة و صغيرة ؟ ! .
المعايير هي الأقوى و الأبقى في الأمة :
ثم إن الإمام الحسين عليه السلام قد أعطى للمعايير الفطرية و العقلية ، و الإنسانية قوتها و فاعليتها ، حين قال للناس في بداية حركته الجهادية :
“إنا أهل بيت النبوة ، و معدن الرسالة ، و مختلف الملائكة ، بنا فتح الله و بنا يختم .
و يزيد رجل شارب الخمور ، و قاتل النفس المحترمة ، معلن بالفسق ، و مثلي لا يبايع مثله ” .
و لتوضيح هذه الكلمة الشريفة نقول :
إنه لا ريب في أن قاتل النفس المحترمة لا يمكن أن يكون هو الأمين على دماء الناس ، فهل يؤمن على أعراضهم و أموالهم ؟ !.
ثم على مصيرهم و مستقبلهم ، و يصبح هو الحاكم المتصرف في ذلك كله ؟ ! .
و هو لا يملك ـ بسبب معاقرته للخمر ـ في أوقات كثيرة ، حتى التوازن العقلي ، الذي يحمي قراره من الضعف و الرعونة ، و من أن يكون قرارا مدمرا للأمة ، أو ملحقاً بها و بمستقبلها أضرارا فادحة على أقل تقدير .
هذا فضلا عن أن شارب الخمور ، لا يمكن أن يحفظ الأسرار الخطيرة التي منها ما يلامس مستقبل الأمة و حياتها ، حيث لا يجد الذي يتعاطى المسكرات أي وازع و رادع ، من عقل أو دين عن البوح بها لغير أهلها .
ثم إنه إذا كان معلناً بالفسق أيضاً ، و لا يخجل بفسقه و فجوره ، فإنه لا يعتبر المنكر منكراً ، ليتصدى لدفعه و إزالته من الواقع العام ، كما أن من يكون كذلك لا يتوقع منه أن يربي الأمة على مكارم الأخلاق .
و يغرس فيها خصال الخير و الصلاح و يقودها إلى مواقع العزة و الكرامة و السؤود .
و في الطرف المقابل نجد : أن الحسين عليه السلام هو من أهل بيت النبوة ، على حد هذا التعبير المنقول عنه عليه السلام.
و اختيار كلمة النبوة قد جاء ليشير إلى الوحي الإلهي ، الذي هو مصدر المعارف و العلوم الغيبية ، و لم يقل : ” أهل بيت النبي ” حتى لا يتوهم أن المراد الإشارة إلى الارتباط به كشخص ، لأجل نسب ، أو سبب عادي قد يناله أناس آخرون .
فإذا كان يزيد أو غير يزيد يدّعي أنه خليفة لرسول الله صلى الله عليه و آله ، و له صلاحياته ، فمن أين يمكنه أن يثبت لنفسه هذا المقام إلا من طريق الوحي و النبوة ؟ و أهل بيت النبوة عليهم السلام ينكرون عليه ذلك .
و الحسين عليه السلام هو المصدر و المرجع للناس كلهم ، و هو الذي لا بُدَّ أن يؤخذ منه التشريع و الأحكام الإلهية . . لأنه معدن الرسالة . . أي الأصل و المنشأ الذي تؤخذ منه سنن و أحكام الرسالة و مضامينها خالصة من الأغيار ، و صافية من الشوائب ، فلا يستطيع يزيد و لا غير يزيد أن يرد عليه ما يخبر به من أحكام الله سبحانه و تعالى و شرائعه ، لأنه أعرف الناس بما يوافق الشرع أو يخالفه .
و الحسين عليه السلام أيضا هو من نشأ في بيت الطهارة ، و القداسة ، و الإيمان ، البالغ أعلى الدرجات في ذلك ، حتى صار بيته مختلف الملائكة .
و لا يستطيع أحد أن يدّعي لنفسه أو لبيته هذا المستوى من الطهارة أبداً ، فهل يستطيع أن يدّعي ذلك يزيد الذي نشأ في بني كلب ، حيث لا دين ، و لا هدى ، بل مفاهيم الجاهلية و أحكامها ، هي المهيمنة ، و الطاغية . و الأهواء و الشهوات و المآثم هي السلوك العام ، و هي القائد و السائق في مختلف الحالات ، و في شتى المجالات ؟ ! .
بنا فتح الله و بنا ختم :
و يستمر الإمام الحسين في كلماته الهادية تلك فيؤكد على أن الله سبحانه قد فتح أبواب الهداية و الصلاح و الإصلاح للأمة بالحسين ، و بأهل بيت النبوة عليهم السلام .
و سيختم بهم عليهم السلام على يد ولي الله الأعظم الحجة القائم المهدي صلوات الله و سلامه عليه ، فما معنى أن ينازع يزيد ، أو غير يزيد هؤلاء الصفوة الذين يمثلون خط الهداية الإلهية للبشرية ؟ ! .
و إذا كان يزيد و غيره ممن سبقه أو لحقه من غير أهل البيت يستطيع أن يدّعي للناس أنهم ليسوا أولى بالنبي صلى الله عليه و آله منه ، و لا أعرف بشرائعه ، و لا أليق بمقامه ، و لا أجمع للصفات و المزايا المطلوبة في من يفترض فيه أن يأخذ موقع الرسول ( صلى الله عليه و آله ) ، و يضطلع بمهماته ، فقد يجد من يصدقه في ذلك .
و لكن هل يستطيع أن يدّعي هؤلاء ذلك في مقابل الحسين عليه السلام ، و لاسيما بملاحظة كل هذا الذي ذكرناه ، و بملاحظة : ما ذكرناه من دلالات صلح الإمام الحسن عليه السلام ؟ .
صبر وصمود الإمام الحسين (ع) ليلة عاشوراء
وفي ليلة عاشوراء التي حَفلت بعظيمِ المكاره والمصائب والأرزاء ، والتي لا يُعهد لها مثيل في تاريخ البشرية ، نرىٰ وقد برزَ الصبرُ فيها ، وصار أحدَ سِماتها ، وصفةً قد تحلىٰ بها أصحابُها ، حتىٰ أصبحَ كلُ واحد منهم كالجبل الأصم لا تهزه العواصف و مِنْ بينهم سيدُ شباب أهل الجنة ـ صلوات الله عليه ـ الذي كُلما ازداد الموقف شدةً ازداد صبراً و إشراقةً.
يقول الأربلي : شجاعةُ الحسين عليه السلام يُضربُ بها المثل ، وَ صبرُه في مأقط الحرب أعجزَ والاواخر الأوائلَ والأواخر(1).
وكما قيل : إن في بشاشة وَجه الرئيس أثراً كبيراً في قوُة آمال الأتباع و نشاط أعصابهم ، فكان أصحابه كلما نظروا إليه عليه السلام ازدادوا نَشاطاً و صمُوداً ، هَذا مع ما هو فيه ـ صلوات الله عليه ـ من البلاء العظيم والخطب الجسيم في ليلة لم تمر عليه بأعَظمَ منها ، حيث يرَى الأعداءَ قد اجتمعوا لقتاله و قتال أهل بيته ، و هو يَرىٰ أهلهَ يرقبونَ نزولَ البلاء العظيم مع ما هُم فيه من العطش الشديد ، بلا زادٍ ولا ماء حتىٰ ذَبُلت شِفاهُهُم و غارت عيونُهم ، و بُحّت أصواتهم ، و ذعُرتْ أطفالهم ، وارتاعت قلوبهم ، في وَجَل شديد علىٰ فراق الأحبة وفقد الأعزة ، و مَنْ يرىٰ ذلك كيف لا ينهار ولا يضعُف ولا تقل عزيمته و هو يرىٰ ما يَبعثُ على الالم و يُحطِّم القُوىٰ !!
إلا أن الحسين عليه السلام الذي كان يَلحظ ذلك بعينه ، لا تجد أثراً من ذلك في نفسه بل كان يزدادُ صبراً و عزيمةً ، و تحمل تلك الأعباء الثقيلة ، و تسلح بالصبر على الأذىٰ في سبيل الله تعالىٰ و هو القائل : و مَنْ رَدَّ عليَّ هذا أصبرُ حتى يقضي الله بيني و بين القوم بالحق و هو خير الحاكمين (2) فكان عليه السلام نعم الصابر المحتسب عند الله تعالىٰ.
وقد جاء في الزيارة عن الإمام الصادق عليه السلام : و صَبرتَ على الأذىٰ في جنبه محتسباً حتىٰ أتاك اليقين (3).
و ناهيك تعجب ملائكة السماء من صبره كما جاء في الزيارة : وقد عجبت من صبرك ملائكةُ السموات (4).
وكان يقول عليه السلام في أوقاتِ الشدة يوم عاشواء و هو متشحّط بدمه : صَبراً علىٰ قضائك يا رب لا إلهَ سِواكَ ، يا غِياثَ المستغيثين (5) ما لي ربٌّ سواك ولا معبود غيرك صبراً علىٰ حكمك (6) و ناهيك عن موقفه المرير و هو يُشاهد مقتلَ رضيعه الصغير و هو يقول : اللهم صبراً و احتساباً فيك (7).
و كيف لا يكونُ صابراً محتسباً و هو من الذين عناهم الله تعالىٰ في قوله : ( وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا ) (8) و قوله : ( وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا ) (9).
فالحسين عليه السلام شخصيةٌ منفردةٌ بجميع صفات الكمال ، و تجسدت فيه كلُ صور الأخلاق ، وقد أراد عليه السلام أن يضفي من كماله علىٰ أصحابه و أهل بيته بوصاياه لهم بالصبر الجميل ، و توطين النفس ، و احتمال المكاره ، ليستعينوا بذلك في تحمُّل الأعباء و مكابدة الآلام ، وليحوزوا علىٰ منازل الصابرين و ما أعَداللهُ لهم.
فأما أصحابه فقد أوصاهم 7 مراراً بالصبر والتسلُّح به في مواجهة النوائب والمحن ، والصبر علىٰ حدِّ السيف وطعن الأسنَّة و علىٰ أهوال الحرب.
وكما لا يخفىٰ أن هذا ليس بالأمر السهل إذ أن مواجهة ذلك يحتاج إلى التدرُّع بالصبر والحزم ، و عدم الجزع من أهوال المعركة والثبات عند القتال ، و عدم الاستسلام أو الانهزام ، فإذا ما تسلح المقاتل بالصبر كان في قمة المواجهة ، لا يبالي بما يلاقيه و ما يتعرَّض إليه من ألم السنان و جرح الطعان.
ولذا نادى ـ صلوات الله عليه ـ فيمن تبعه من الناس ـ في بعض المنازل ـ قائلاً لهم : أيها الناسُ فمَنْ كان منكم يصبر على حدِّ السيف وطعن الأسنة فليقُمْ معنا و إلا فلينصرف عنَّا (10).
فإذا كان المقاتل لا صبر له علىٰ ذلك كيف يثبت في ساحة القتال حينما يرى أهوال المعركة إنّ هذا و أمثاله لا يؤمن منه الجزع ، فإما أن ينهزمَ أو يستسلم للأعداء.
وهنا لا ننسى تأكيد القرآنُ الكريم في هذا الجانب إذ حثّ المجاهدين في سبيل الله تعالى علىٰ التحلَّي بالصبر والثبات في ساحة القتال قال تعالىٰ : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا ) (11) ، وقال تعالىٰ : ( إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ ) (12) ، وقال تعالىٰ : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) (13).
و من الواضح أن نجد الحسين عليه السلام في هذه الليلة ـ استعداداً للمواجهة ـ أن يوصي أصحابه بذلك ويرغبهم في احتمال المكاره قائلاً لهم : فإن كنتُم قد وطأتم أنفسكم علىٰ قد وطّأتُ عليه نفسي ، فاعلمُوا أن الله إنما يَهبُ المنازلَ الشريفةَ لعبادة باحتمال المكاره ، و إن الله و إن كان قد خَصَّني مع مَنْ مضىٰ من أهلي الذين أنا آخِرهُم بَقاءً في الدُنيا من الكرامات ، بما سَهّل معها علىٰ احتمال الكريهات ، فإنَّ لكم شطرَ ذلك من كرامات الله ، واعلموا أن الدُنيا حُلوها مرٌ ، و مرُّها حُلوٌ ، والانتباه في الاخرة ، والفائزُ من فاز فيها والشقي من يشقىٰ فيها (14).
الأمر الذي أثَّر في نفُوسهم وزاد في تَحمُّلهم ، حتىٰ أوقفهم علىٰ غامض القضاء ، وكَشف عن أبصارهم فرأوا منازلهم من الجنة و ما حباهُم الله تعالىٰ من النعيم.
كما أوصاهم عليه السلام بهذا أيضاً و نحوه بعد ما صلَّىٰ بهم الغداةً قائلاً لهم : إن الله تعالىٰ أذنَ في قتلكم و قتلي في هذا اليوم ، فعليكم بالصبر والقتال (15).
و كذلك لما رآهم وقد تناوشتهم السيوف وقف عليه السلام قائلاً لهم : صَبراً يا بَني عُمومتي صبراً يا أهل بيتي ، لا رأيتُم هَواناً بعد هذا اليوم أبداً (16).
و كذا يوصي غلاماً له وقد قُطعت يده ، فضَمّهُ إليه قائلاً له : يا بن أخي اصبرعلىٰ ما نَزلَ بك واحتسب في ذلك الخير (17).
وفي رواية أنه يقول بعد ما يُقتل طفله الرضيع و يضع كفيه تحتَ نحره : يا نفس اصبري ، واحتسبي فيما أصابَكِ (18).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- كشف الغمة للإربلي : ج 2 ص 2ظ .
2- بحار الأنوار : ج 44 ، ص 33ظ .
3- بحار الأنوار : ج 98 ، ص 293 و ج 98 ، ص 256.
4- بحار الأنوار : ج 98 ، ص 24ظ .
5- أسرار الشهادة : ج 3 ، ص 68.
6- مقتل الحسين للمقرم : ص 283.
7- معالي السبطين : ج 1 ، ص 343.
8- سورة السجدة : الآية 24.
9- سورة الإنسان : الآية 12.
10- ينابيع المودة : ص 338 ، كلمات الإمام الحسين : ص 348.
11- سورة آل عمران : الآية 2ظ ظ .
12- سورة الأنفال : الآية 65.
13- سورة الأنفال : الآية 45.
14- أسرار الشهادة للدربندي : ج 2 ، ص 223.
15- كامل الزيارات لابن قولويه : ص 73 ، بحار الأنوار : ج 45 ، ص 86.
16- مقتل الحسين للخوارزمي : ج 2 ، ص 27 ، بحار الأنوار : ج 45 ، ص 36.
17- وقعة الطف : ص 254 ، الإرشاد للشيخ المفيد : ص 241.
18- تظلم الزهراء : ص 2ظ 3 ، معالي السبطين : ج 1 ، ص 423.
ما معنى كلام الإمام زين العابدين(عليه السلام): «أنا ابن مكّة ومنى، أنا ابن مروة وصفا…»؟
إنّ الإمام زين العابدين(عليه السلام) هو من فرع تلك الشجرة الطاهرة، ومن سلالة الأنبياء والأوصياء، وهنا يشير الإمام(عليه السلام) إلى أهمّ المعالم الإسلامية التي هي: «مكّة ومنى ومروة والصفا»، وهذه هي المقدّسات للمسلمين، ولمّا عبّر عن كونه ابنها، فهو يريد أن يُشير إلى أنّه المصداق الأكمل لها، فهي معالم صامتة، والإمام حجّة الله الناطق، كما أنّ القرآن الكتاب الصامت، والإمام هو الكتاب الناطق.
فأشار الإمام(عليه السلام) بعباراته هذه، وفي جمعٍ من الناس الذين كانوا يتصوّرون أنّهم خوارج، فبيّن أنّه هو الأصل لهذه المعالم التي يقدّسها المسلمون، ليعرّف شخصه لهم ومَن هو، وبذلك فاق أهل الشام من غفلتهم، وعرفوا أنّهم ليسوا بخوارج(۱).
__________________
۱ـ مناقب آل أبي طالب ۳/ ۳۰۵، لواعج الأشجان: ۲۳۴.
تصدرت وسوم #القرآن_الكريم و#المصحف_الشريف منصات التواصل الاسلامي
ونشرت مجموعة دنماركية متطرفة مقطع فيديو لعملية الإساءة للقرآن الكريم والعلم العراقي وحرقهما أمام السفارة العراقية في كوبنهاغن على مواقع التواصل الاجتماعي امس الجمعة
وذكرت وكالة "الأناضول" أن أعضاء المجموعة التي تطلق على نفسها "Danske Patrioter" (الوطنيون الدنماركيون) قد رفعوا لافتات معادية للإسلام، ورددوا شعارات مسيئة للمقدسات الاسلامية .
وقام أنصار المجموعة ببث الاساءة التي استهدفت المصحف الشريف على المباشر عبر حساب المجموعة على منصة "فيسبوك".
وزعمت المجموعة إنها نفذت عملية الاساءة احتجاجا على مهاجمة السفارة السويدية في بغداد.
وقامت المجموعة بتنفيذ عمليتها الدنيئة وسط إجراءات أمنية مشددة اتخذتها الشرطة .
وتجدر الإشارة إلى أن المجموعة سبق لها انتهاك حرمة القرآن الكريم والعلم التركي أمام السفارة التركية لدى كوبنهاغن.
وقام المدعو سلوان موميكا، أمس الخميس، بالاساءة للمصحف الشريف والعلم العراقي أمام سفارة بغداد لدى ستوكهولم، في واقعة هي الثانية له، بعدما نفذ عملية أولى أواخر يونيو الماضي، عقب سماح السلطات السويدية له باستهداف مقدسات المسلمين.
وقوبل هذا الاجراء المهين المتمثل بانتهاك حرمة المقدسات بردود فعل قوية في غالبية الدول الاسلامية، تجسدت في اقامة مظاهرات منددة بالخطوة امام السفارات السويدية واستدعاء السفير السويدي أو طرده والدعوات لقطع العلاقات أو مقاطعة السلع السويدية.
وقد تفاعل كتاب وناشطون وصحفيون مع الوسوم هذه.. حيث غرد الناشط "أصيلYF16" : "المصحف الشريف ثمين علينا كمسلمين وللذي يسيئ له أو يقوم بحراقة فنحن اعداءه علينا جميعا مقاطعة المنتجات واغلاق السفارات ومحاربة هذي الفئة الظالة التي لاتحترم الاديان وشعوبها الشاذين عليهم للعنة الله".

وغردت الناشطة "أمنة محمود":"لامجاملة مع عقيدتنا ولايمكن السكوت بأي شكل من الأشكال على الانتهاكات السويدية التي تطال القرآن الكريم ويجب على الدول ان تجهر العداء لهذه الدويلة".

وأكد الناشط الآخر في تغريدته "ما يقومون به من حرق ل#المصحف_الشريف واحد من أهدافهم في ذلك هي: ضرب قدسية القرآن في نفوس المسلمين وترويض الأمة إلى عدم المبالاة تجاه أي إساءة إلى مقدساتها وإلى كل ما يمثل رمزية لها في دينها.. هل تلاحظون الترويض خلال مرتين فقط!!"

وجاء في تغريدة للمغردة بعنوان "Layal H. Mansour ||| #الإستقامة_نهجاً" سنحميه بأرواحنا، بقلوبنا، بدمائنا، بفلذات أكبادنا
{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}
#القران_الكريم
#حسينيون_حماة_القران

كما جاء في تغريدة أخرى للمغرد "فاطِمٰ": - سَنَحمي هَذا المِصْحَفَ بِفَلذاتِ أَكْبادِنا
#لحافظون
#القران_الكريم
#نحمي_قرآننا_بدمائنا

غرد ناشط أخر اسمه "abbas amrullah": هتافات الانتصار للقرآن الكريم والإسلام ترتفع من مآتم وحسينيات البحرين التي لطالما اتهمونا فيها بالشرك والكفر والطعن بالقرآن !
نهج شيعة اهل البيت هو هذا، القرآن والعترة الطاهرة
#السويد
#القران_الكريم





ضباط الانقلاب في النيجر يتهمون فرنسا بالسعي للتدخل عسكرياً
اتّهم العسكريون الانقلابيون في النيجر فرنسا بالرغبة في التدخل عسكرياً لإعادة الرئيس محمد بازوم إلى مهامه.
وقال المتحدث باسم المجلس العسكري الكولونيل أمادو عبد الرحمن، اليوم الإثنين، خلال تصريحات أدلى بها عبر التلفزيون الرسمي، "في إطار بحثها عن سبل ووسائل للتدخّل عسكرياً في النيجر، عقدت فرنسا بتواطؤ مع بعض أبناء النيجر، إجتماعاً مع هيئة أركان الحرس الوطني في النيجر للحصول على الأذونات السياسية والعسكرية اللازمة".
وأضاف المجلس العسكري، الذي سيطر على السلطة في النيجر، الأسبوع الماضي،" إنّ الحكومة التي تمّت الإطاحة بها سمحت لفرنسا بتنفيذ ضربات لمحاولة تحرير الرئيس محمد بازوم".
وأشار أنّ "وزير الخارجية وقّع وثيقة تخول فرنسا شن هجمات على القصر الرئاسي لتحرير الرئيس بازوم".
الاتحاد الأوروبي
بدوره،حمّل مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، اليوم الإثنين، الانقلابيين في النيجر مسؤولية أي هجوم تتعرض له سفارات الدول الأجنبية، معرباً عن دعم التكتل للإجراءات الاقتصادية العقابية التي أعلنتها دول غرب أفريقيا في حقّ نيامي.
وقال بوريل في بيان "نحمّل الانقلابيين مسؤولية أي هجوم يطال المدنيين، أو المراكز الدبلوماسية والموظفين فيها"، وذلك غداة تجمّع الآلاف من مؤيدي الانقلاب خارج السفارة الفرنسية.
وأشار الى أن الاتّحاد "سيدعم بسرعة وبحزم" قرارات الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إكواس) التي قررت تعليق كل المبادلات التجارية والمالية مع النيجر.
اقرأ أيضاً: انقلاب النيجر.. لماذا يُقلق فرنسا والولايات المتحدة الأميركية؟
وأعلنت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا "إيكواس"، أمس الأحد، فرض عقوبات على النيجر، وإيقاف جميع المعاملات التجارية والمالية بين الجمهورية الأفريقية وجميع الدول الأعضاء فيها، بالإضافة إلى تجميد أصولها في البنوك المركزية لدول المجموعة.
من جهتهم، حذّر قادة الانقلاب في النيجر، من أي تدخل عسكري في بلادهم، في بيان نشر أمس عبر التلفزيون الرسمي، معتبرين أنّ قمة "إيكواس" تهدف إلى "المصادقة على خطة عدوان ضد النيجر من خلال القيام بتدخل عسكري وشيك في العاصمة نيامي بالتعاون مع دول أفريقية ليست أعضاء في المنظمة وبعض الدول الغربية".
بدوره، طالب الاتحاد الأفريقي جيش النيجر بـ"العودة إلى ثكناته وإعادة السلطة الدستورية" خلال 15 يوماً، في حين أعلن الاتحاد الأوروبي، وقف المساعدات الاقتصادية، وتعليق التعاون الأمني مع النيجر.
من جهتها، أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية أنّ باريس تعلّق "كل أنشطتها لتقديم مساعدة تنموية ودعم للموازنة" للنيجر، بعد الانقلاب العسكري ضد الرئيس محمد بازوم، وذلك بعد اجتماع لمجلس الدفاع مع الرئيس إيمانويل ماكرون.
ورفض الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، الانقلاب العسكري في النيجر خلال زيارته بابوا غينيا الجديدة، وادّعى أنّه "يُشكّل خطراً" على المنطقة، ودعا إلى "الإفراج" عن الرئيس بازوم.
يُشار إلى أنّ باريس ركّزت استراتيجيتها الجديدة تجاه أفريقيا على النيجر بعد انسحاب قواتها من مالي وبوركينا فاسو، وذلك بهدف تنفيذ أهدافها الجيوسياسية في غربي أفريقيا.
وتحتل النيجر المركز الرابع عالمياً في إنتاج اليورانيوم، فالنيجر تضيء فرنسا باليورانيوم، إذ تُغطي 35% من الاحتياجات الفرنسية من هذه المادة، وتساعد محطاتها النووية على توليد 70% من الكهرباء.
وعلّقت، عملياتها الإنسانية في النيجر، بعد يوم واحد من الانقلاب العسكري، "لعدم إمكان رحلاتها الإنسانية الطيران داخل البلاد"، وفقاً لما أعلنه المتحدث باسم الأمين العام للمنظمة، ستيفان دوجاريك.
وتُعَدُّ النيجر، وهي دولة غير ساحلية في غربي أفريقيا، من أكثر البلدان التي تُعاني انعدام الاستقرار في العالم، وهي شهدت أربعة انقلابات منذ الاستقلال عن فرنسا في عام 1960، بالإضافة إلى عدد من محاولات الانقلاب. وكان آخر الانقلابات في شباط/فبراير 2010 ضد الرئيس مامادو تانجا.
رغم الإدانات.. السويد تمنح الإذن لتحرّك آخر يتخللّه حرق نسخة من المصحف
منحت الشرطة السويدية الإذن لإقامة احتجاج قبالة البرلمان، اليوم الإثنين، ينوي منظموه حرق نسخة من المصحف، وسيكون الأحدث في سلسلة تحركات شهدت إساءة للمصحف، والتي أثارت ردود فعل غاضبة في دول العالم الإسلامي.
وينظّم التحرك الجديد العراقي سلوان نجم الذي سبق أن انضم إلى مواطنه سلوان موميكا في تحركين أقامهما الأخير خلال الفترة الماضية، وقام خلالهما بالإساءة إلى المصحف وحرق نسخة منه أمام مسجد والسفارة العراقية.
ونقلت صحيفة "إكسبرسن" السويدية عن نجم قوله إنّه سيقوم بحرق نسخة من المصحف "مراراً حتى حظره" في البلاد.
وشهدت العلاقات الدبلوماسية بين السويد وعدد من دول الشرق الأوسط والعالم الإسلامي توتراً في الأسابيع الماضية بعدما أجازت الشرطة إقامة تحركات تخللها إحراق لنسخ من المصحف الشريف.
وقام موميكا (37 عاماً) في أواخر حزيران/يونيو، بإحراق نسخة من المصحف خارج أكبر مسجد في ستوكهولم. وبعد نحو شهر، أقام تحرّكاً مماثلاً خارج مقر السفارة العراقية في السويد.
وأثار ما قام به موميكا انتقادات واسعة في الدول الاسلامية. ففي بغداد اقتحم محتجون سفارة السويد وأضرموا النيران فيها.
وطردت الحكومة العراقية السفيرة السويدية وقطعت علاقاتها الدبلوماسية مع ستوكهولم، كما أعلن اليمن مقاطعته للمنتجات السويدية، وقامت دول أخرى باستدعاء سفراء ستوكهولم لديها للاحتجاج.
كما شهد لبنان واليمن وإيران والعراق مسيرات منددة بإلإساءة للمصحف الشريف.
وأكّد الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله،في ذكرى العاشر من محرم، أنّ حكومتي السويد والدنمارك وكل العالم عليهم فهم "أنّنا أمة لا تتحمل الاعتداء والإساءة إلى رموزها ومقدساتها"، داعياً المسلمين إلى معاقبة المسئين إلى المصحف.
كذلك، أكد قائد حركة أنصار الله، السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، أنّ "ما يقوم به اللوبي اليهودي في الدول الغربية، من إحراق وتمزيق لنسخ عن المصحف، هو ذروة الكفر والاعتداء على الإسلام والمسلمين"
واليوم، قال رئيس الوزراء السويدي، أولف كريستيرسون، إنّ السويد تواجه "أصعب وضع أمني، منذ الحرب العالمية الثانية"، بعد فعاليات حرق نسخة من المصحف الشريف.
وقال كريستيرسون، بعد لقائه مع نظيرته الدانماركية، ميتي فريديريكسن، إنّ حكومته تناقشت مع الحكومة الدانماركية الوضع على خلفية الإساءة للمصحف، مضيفاً "أنّنا في الوقت الحالي، نواجه أصعب وضع أمني، منذ الحرب العالمية الثانية".
المقداد وأمير عبد اللهيان: على واشنطن الخروج من سوريا قبل إجبارها على ذلك
أكد وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، أنّ "من الأفضل للجيش الأميركي أن ينسحب من سوريا، قبل أن يتم إجباره على ذلك"، مشيراً إلى أنّ "القوات الأميركية موجودة بين الحدود السورية والأردنية والعراقية من أجل منع التعاون والتنقل" بين الدول الثلاث.
وفي مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، في العاصمة الإيرانية طهران، توجه المقداد إلى الأميركيين بقوله: "إنّ جرائمكم لا يمكن أن تستمر، والشعب السوري لن يتحمّل ذلك إلى ما لا نهاية"، مؤكداً وجود "مئات وآلاف الوسائل التي تعلّمناها من أجل قهر المعتدي".
وأكد المقداد أنّ دمشق وأصدقاءها "ليسوا عاجزين عن إنهاء وجود داعش"، مطالباً بـ"رحيل التحالف الدولي، الذي لا يخدم سوى غايات إسرائيل".
ودعا وزير الخارجية السوري "كل الدول العربية إلى التوقف عن دعم الإرهاب، وعن انتهاك حقوق الإنسان والشعوب"، مشيراً إلى أنّ "قوات سوريا الديمقراطية انفصالية ومجرمة، ولا تريد الخير لبلادنا".
وتابع: "نريد لأي قوة أجنبية غير مشروعة أن ترحل عن أرضنا، كي تكون هناك علاقات طيبة بين الشعبين السوري والتركي".
وأكد المقداد أيضاً أنّ "الجولان جزء لا يتجزأ من سوريا، وهو سيعود إلى وطنه الأم"، لافتاً إلى أنّ "الممارسات الإسرائيلية الإجرامية لم تقتصر على فلسطين، وإنّما امتدت لتصل إلى الشعب السوري".
وعمّا يعيشه الاحتلال الإسرائيلي اليوم، قال المقداد إنّ "الأزمات تتعمّق، ونحن سعداء بالإنجازات التي يحققها الشعب الفلسطيني"، ودان الجرائم الإسرائيلية وكل من يبرّرها".
أما فيما يتعلق بقضية اللاجئين السوريين، فأشار المقداد إلى أنّ "الجهات الغربية تدفع في اتجاه عدم حلها، وهي تقول لهم دائماً ألا يعودوا إلى بلدهم".
وشدد وزير الخارجية السوري على أنّ ثمة دولاً غربية "ما زالت رؤوسها حامية، ولا تريد التقارب بين الدول العربية وسوريا"، مشيراً إلى أنّها توعّدت بفرض عقوبات على الدول العربية التي تعيد علاقاتها بدمشق".
وأضاف أن "أشقاءنا العرب لن يخضعوا للابتزاز الغربي، وهناك اتصالات بالدول العربية كي تكون علاقاتنا بها بعيدة عن الدور الأميركي".
وأشاد المقداد بالدبلوماسية النشطة لإيران، مشيرة إلى أنّه تمت اليوم مناقشة كل أنواع التعاون والتطورات السياسية، ولا سيما مباحثات أستانة واللجنة الرباعية.
أمير عبد اللهيان: نطالب بالخروج الفوري للقوات الأميركية من سوريا
بدوره، أكد وزير الخارجية الإيراني أنّ "السلام في سوريا لا يمكن تحقيقه إلا من خلال وقف تدخل الدول الأجنبية فيها".
وطالب أمير عبد اللهيان بـ"الخروج الفوري للقوات الأميركية من سوريا"، مشدداً على أنّ "وجود القوات الأجنبية المحتلة فيها لن يجلب الأمن".
وأكد أمير عبد اللهيان أيضاً "ضرورة استمرار مباحثات أستانة، ونحن متفقون على ذلك"، لافتاً إلى أنّ "الاجتماعات بين إيران وسوريا وتركيا وروسيا هي السبيل الأفضل إلى تحقيق الأمن".
وصرّح وزير الخارجية الإيراني بأنّ "الكيان الصهيوني هو المصدر الأول لزعزعة استقرار المنطقة"، لافتاً إلى أنّ "مسؤوليه أدركوا أنّه لن تمرّ أي خطوة مزعزعة للأمن من جانبهم من دون رد".
وقال أمير عبد اللهيان إنّ بلاده "تواصل جهودها لاستقرار الأمن والسلام في المنطقة"، مشيراً إلى وجود "مشاريع متعددة مع الحكومة السورية، في مختلف المجالات، وهي في جدول أعمال مباحثات البلدين".
وأضاف أن"البلدَين في صدد تنفيذ التوافقات التي حدثت خلال زيارة الرئيس إبراهيم رئيسي لسوريا".
وأمس الأحد، وصل وفد سياسي واقتصادي سوري رفيع المستوى إلى إيران، لمتابعة تنفيذ اتفاقات التعاون الثنائية الموقعة بين البلدين، خلال الزيارة الأخيرة للرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، لسوريا.
ويضمّ الوفد وزير الخارجية، فيصل المقداد، ووزير الاقتصاد، محمد سامر الخليل، ووزير الاتصالات، إياد الخطيب.
وكان السفير السوري لدى طهران، شفيق ديوب، كد أنّ وفداً اقتصادياً رفيع المستوى من بلاده سيصل إلى إيران، للمشاركة في اجتماعات اللجنة الاقتصادية المشتركة، ومتابعة تنفيذ مذكرات التفاهم الـ15 الموقعة خلال زيارة رئيسي لسوريا، في أيار/مايو الماضي.
وأفاد ديوب بأنّ أعمال الاجتماعات الاقتصادية المشتركة ستستمر حتى نهاية هذا الأسبوع، على أن تُتابع خلالها كل الملفات والقضايا المشتركة بين البلدين، وتقويم ما نُفِّذ من مذكِّرات التفاهم الموقعة قبل شهرين، فضلاً عن تنفيذ توجيهات الرئيس السوري، بشار الأسد، والمتعلقة بتطوير العلاقات بين البلدين في كل المجالات.