الشبهة الثالثة أوالتسائل الثالث المرأة في بعض النصوص... ؟!
وردت في جملة من النصوص الإسلامية، أحاديث تصف المرأة بأوصاف تعبّر عن دونيتها ونقصانها، قبل الإجابة عن هذه الشبهة لابد وأن نعلّق ـ بكلمة قصيرة على هذه النصوص والأحاديث التي تكرس بشكل عام النظرة الدونية للمرأة.
* * * * *
نقول: إن هذه النصوص ليست بكثيرة، ويمكن مناقشتها على أساس مبدأين معروفين، وهما: في مدى صحة هذه النصوص من الناحية السندية، وفي ما هو مضمونها وحقيقة دلالتها، سنبحث عن هذين المبدأين باختصار:
البحث عن مدى صحة هذه النصوص، وصحة نسبتها إلى قائلها، إذ بإجراء المعايير والضوابط الحديثية المذكورة في علم دراية الحديث وعلم الرجال، يظهر أن معظمها ضعيف وغير معتبر شرعاً ولا مجال لتوسع في هذا البحث في هذا المختصر.
البحث في أدلة هذه النصوص
أما البحث في مضمون هذه النصوص ودلالتها؛ فلا بد أن نقول:
أولاً: إن هذه النصوص على فرض عدم إمكان تأويلها أو حملها على محمل يتفق مع روح الإسلام ونظريته - بشكل عام- إلى المرأة ومكانتها ودورها، فلابد من ردّها وعدم قبولها عرضه، لما اتفق عليه المسلمون بأن كل ما خالف كتاب الله عزّ وجلّ والسنة القطعية فهو زخرف يضرب بعرض الحائط - على حد تعبير بعض الروايات عن أهل البيت عليهم السلام هذا من جهة عامة، أما من جهة دلالة الروايات المذكورة على انتقاص المرأة ودونيتها فغير واضح، يحتاج إلى بيان وتوضيح، وهذا ما سنقوم به في هذا الكتاب.
ثانياً: إن هذه النصوص التي تصف المرأة بالنقص والشر والدونية، وإن كان ظاهرها التعميم، وصدور الحكم على وجه الإطلاق، إلا أن هذا العموم، وذلك الإطلاق يمكن أن يقيد ويخصص، وأن يكون الحكم صادراً في صنف خاص من النساء، وذلك الصنف هو النساء اللواتي يتعصبن لرأيهن، ولا يتعقلن ولا يتفهمن القانون والحكم الإلهي، لا أن المرأة التي تخضع للمشورة، والرجوع في كل قرار تتخذه لما يمليه عليها دينها، إن هذا الصنف لا يمكن وصفه بالنقص والدونية.
ثالثاً: من المحتمل جداً أنَّ هذه النصوص ليست ناظرة إلى ذات المرأة وحقيقتها، فهي لا تقرر ذم المرأة في ذاتها وأصل خلقتها، بل ناظرة إلى القابلية والشأنية، بمعنى أن المرأة بلحاظ أنها من أعظم مفاتن الرجل، ولها أكبر التأثير على نفسه، لذا قال تعالى: «زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ النِّساءِ» ([1])، فكانت المؤثر الأكبر على قرارات الرجال، وميولهم وأخلاقهم، ولأجل الحيطة على الرجال كان لابد من التحذير من هذه القابلية، والشأنية للمرأة. إلا إذا كانت هذه المرأة مؤمنة وصالحة، وخاضعة للشريعة المقدسة، وعدّلت هذه الأهلية والقابلية. وفي الأبحاث القادمة نقدم نماذج من تلك النصوص، ونناقش كل واحدة منها على حدة.
[1] ـ آل عمران: 14.