يعرف العلم اصطلاحاً بأنّه كلّ نوع من المعارف أو التطبيقات. وهو مجموع مسائل وأصول كليّة تدور حول موضوع أو ظاهرة محددة وتعالج بمنهج معين وينتهي إلى النظريات والقوانين.
ويعرف أيضاً بأنّه «الاعتقاد الجازم المطابق للواقع وحصول صورة الشيء في العقل».
ويشمل هذا المصطلح، في استعماله العام أو التاريخي، مجالات متنوعة للمعرفة، ذات مناهج مختلفة مثل الفلك (علم الفلك) والنحو (علم النحو)، إلى آخر الأنواع المختلفة للعلوم. ويعتمد العلم في جوهره على توضيح طبيعة المادة، وعلى شرح العلاقات بين الكائنات الحية، والتفاعلات التي تتم بموجبها العديد من المتغيرات، والبحث المنطقي عن أسباب تشكل الظواهر المختلفة في الطبيعة وفي الكائنات.
وعندما يتحلى الإنسان بالعقلية العلمية فإنه غالباً ما يجيد الحوار حول أي موضوع يتعرض له، لأنه يتناوله وفقاً لمنطق عقلي، ويحاول أن يوجد المبررات العلمية والمعرفية التي يثبت بها آراءه.
وعلى العكس من ذلك فإنّ الذهنية المغلقة التي نشأت على التلقين والحفظ بلا فهم ولا تدرب على المنطق والحجة العلمية، عادة ما تكون ذهنية ضيقة الأفق، لا تمتلك القدرة على الإقناع، ترى الأمور من منظور واحد فقط، ومثل هذه العقلية إذا ما دخلت سجالاً أو حواراً فإنّها غالباً، لا تمتلك الأسس البديهية للحوار والسجال، لذلك عادة ما يعلو صوت صاحبها، وقد يكون الحديث متشنجاً وصاخباً، وهو انعكاس طبيعي لقلة المعرفة ولغياب العقلية العلمية والمنطق العلمي.
وإذا ما تابعنا الأغلبية العظمى من البرامج الحوارية التي تعرضها شاشات الفضائيات العربية في أي موضوع سياسي أو ثقافي أو اجتماعي فإنّنا سنلاحظ دائماً أن الحوارات تتسم بالعصبية، والتشنج، وفقدان قدرة المتحدث على الإقناع، وخلو الحديث من الحجج والبراهين.
وهي ظواهر وسمت فترات الانحطاط والتردي في ثقافتنا العربية، على امتداد تاريخها.
مثل هذه الظواهر هي نتاج طبيعي لثقافة أحادية تعتمد على التلقين، والحفظ، وغياب المنطق، وعلى الفكرة الواحدة، وتصور أن ما يظنه الشخص بديهياً في ذاته كنتيجة لغياب مفاهيم التسامح وثقافة التعددية.
إن حضور العلم في حياتنا ليس مقصوراً على فكرة إيجاد مجتمع علمي، يبني نهضته، ويستعيد أمجاده على العلوم والبحث العلمي، فقط، لكنه أيضاً ضرورة لاستعادة فضيلة الحوار، كدليل دامغ على قدرة المجتمعات العربية على الحوار والتفكير العلمي، كوسيلة أساسية لأي مجتمع يبحث عن النهضة.