كان من طليعة أهداف الاستعمار أوائل نفوذه في البلاد الشرقية والإسلامية هو إيقاع الفرقة بين المسلمين، لقد سلك وسائل مختلفة في إيجاد الفرقة بين الأخوة المسلمين في الأقطار الإسلامية، بدءا من ترسيخ المشاعر الوطنية وإذكاء دوافعها على نحو غير طبيعي (متطرف) وانتهاءا بتسعير نار الاختلافات المذهبية وغيرها.
بديهي أن دور الأنظمة الفاسدة التابعة للاستعمار، كان كبيرا جدا ومؤثرا الى أبلغ حد إذكاء هذه الفرقة.
إننا اليوم نشكل مجموعة تصل الى المليار مسلم، هي تعيش في مختلف النقاط التي يحتاج إليها العالم. بيد أننا نلاحظ أن المسلمين يعيشون مع ذلك أوضاعا غير طبيعية على الصعيد الاجتماعي السياسي دون المستوى المطلوب سواء، في البلاد التي يشكل المسلمون فيها ألأكثرية الغالبة، أو في البلاد التي يعيشون فيها كأقلية. يحصل ذلك في الوقت الذي يحث فيه الإسلام والقرآن المسلمين ويسوقهم نحو بلوغ أنواع الكمالات البشرية، ويدفعهم الى العالم والفضائل الاخلاقية العدالة الاجتماعية والعزة والقوة والاتفاق والوحدة وعدم الاستسلام أمام الضعوطات وأمثال ذلك مما إذا عملت به أمة من الأمم فإنها لن ترضى أن تعيش بمثل الوضع الذي يعيش فيه المسلمون اليوم.
يتضح إذا أن الوضع الذي يعيشه المسلمون اليوم في العالم الإسلامي وفي مختلف أنحاء العالم هو وضع غير طبيعي، كما انه لم يظهر نتيجة الصدفة، وإنما فرض على المسلمين.
منذ اليوم الأول الذي انطلقت فيه النهضة في إيران بقيادة إمامنا الكبير (الإمام الخميني) كان في طليعة الأهداف الأصلية التي تدعو إليها هي وحدة المسلمين في أنحاء العالم، قطع دابر القوى الظالمة عن ديار المسلمين، ولا زال هذا الهدف هو رسالة ثورتنا.
دأبت أجهزة الدعاية الصهيونية على إثارة الضجيج حولنا وهي تنسبنا الى الأصولية والأصولية إذا كانت بمعنى العودة الى الأصول والقواعد الإسلامية الأساسية، فهي تعد أعظم مفاخرنا. وعلى المسلمين في أي مكان من العالم يخشوا من اسم الأصولية أو يتجنبوه، ذلك أن أصول إسلام المقدسة هي ضمان سعادة الإنسان.
لقد دأب الاستعمار على تضعيف ارتباطنا الحياتي بالأصول. ذلك نحن نفخر بالعودة الى أصول الإسلام والقرآن([1]).
حين ننظر الى الساحة العالمية نحسّ أن هناك حركة إسلامية عظيمة تتنامى وتقوى على الأيام، فالمسار الزماني (العصر) يتحرك صوب القيم الإسلامية والمعنوية، ومسلموا العالم استيقظوا ولا زالت اليقظة تزداد، سواء أذعن الجبابرة المستكبرون لذلك أم لم يذعنوا، وسواء رضيت امريكا أم لم ترض. فهذه هي الحقيقة التي تقع في عالم اليوم. لذلك علينا أن نرصد أخطار هذه المرحلة.
على مدى قرون ترك المستبدون والمستعمرون والحكومات التابعة واعداء الإسلام، المسلمين في ذل وضعف حيث تتحرك القافلة باتجاه عزة المسلمين ويقظتهم علينا أن نكون على ثقة بأنّ الأعداء سينصبون كمائن خطيرة في الطريق، علينا أن نكون منها على حذر. واحدة من هذه الأخطار هي اختلاف الكلمة بين المسلمين.. الاختلاف بين الطوائف والمذاهب الإسلامية.. والاختلاف بين القوميات التي يتشكل منها المسلمون.
هل توجد في الدنيا المسلمين بقعة تخلو من أيادي الخونة وسعيهم لايجاد الفرقة وبث الاختلاف؟ وهل يوجد في العالم الإسلامي مكان لم توظف فيه العقول الاستكبارية النتنة، البسطاء والضعاف لخدمة أهدافها ؟
هدفنا القريب وخطوتنا الكبرى التي علينا أن نخطوها تتمثل بإيجاد الوحدة بين الطوائف والمذاهب الإسلامية، وبين مختلف جماعات المسلمين، بيد أنّ البعض اختار ان تكون رسالته هي ضرب طريق العزة الإسلامية من خلال إيجاد الفرقة.
علينا أن نتعرف على هؤلاء ونواجههم بذكاء وحكمة.
العالم الإسلامي والغزو الثقافي، جمعية المعارف الإسلامية الثقافية
([1]) حديث قائد الثورة في مراسم بيعة مجموعة من أبناء الشعب لسماحته، 22/4/1368.