مواعظ حسنة

قيم هذا المقال
(0 صوت)
مواعظ حسنة

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وشرائطه ؟    

الدعوة إلى الحق هي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهي واجب على جميع المسلمين.

لكن ما المقصود من الدعوة للحق بالتحديد؟

إن الدعوة للحق هي الدعوة للالتزام بالأحكام الشرعية التي تنقسم إلى واجب ومحرم ومستحب ومكروه ومباح.

فهناك خمسة أحكام إلهية شرعية لا بد أن يتصف عمل الإنسان بأحدها وهي:

1ـ الواجب: وهو العمل المطلوب فعله والذي لا يرضى الله تعالى بتركه ويستحق الإنسان العقاب الأخروي إذا تركه.

2ـ المستحب: وهو العمل المطلوب فعله ولكن يأذن الله تعالى بتركه ولا يستحق الإنسان العقاب الأخروي إذا تركه.

3ـ المباح: وهو لم يطلب الله تعالى من الإنسان فعله أو تركه.

4ـ الحرام: وهو العمل الذي نهى الله تعالى الإنسان عن ارتكابه فإذا ارتكبه الإنسان استحق النار والعذاب الأخروي.

5ـ المكروه: وهو العمل الذي نهى الله تعالى الإنسان عن ارتكابه ولكنه في نفس الوقت يأذن بفعله, ولا يستحق الإنسان النار والعذاب الأخروي إذا ارتكبه.

فيجب دعوة الناس إلى فعل الواجب وترك الحرام, ويستحب دعوتهم لفعل المستحبات وترك المكروهات.

فحركة الدعوة إلى الالتزام بالأحكام الشرعية سواء كانت واجبة " فعل الواجب وترك الحرام" أو كانت مستحبة " فعل المستحب وترك المكروه " تسمى أمر بمعروف ونهي عن منكر.

متى يجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟

عندما نتحدث عن فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قد يبادر الكثير من الناس ليتساءل عن وجوب أداء هذه الفريضة في حال إمكانية تعرض الإنسان لموقف سلبي أو خوف الضرر, أو ليبادر آخرون ليسألوا عن بعض الحالات التي لا أمل في إمكانية التأثير فيها, كما لو استنفذنا كل الطرق للنهي عن منكر ما ولم نصل إلى نتيجة. فهل يجب الاستمرار والنهي مرة بعد أخرى رغم علمنا بعدم تأثر الطرف المقابل؟

الله سبحانه وتعالى لا يريد لنا الضرر, ولا يريد لنا أن نشغل أنفسنا ونستنزف أوقاتنا في مورد معين لا فائدة منه, لذلك وضع قيوداً وشرائط لوجوب هذه الفريضة, فإن تحققت هذه الشرائط يجب على الإنسان أن يبادر ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر, وإذا لم تتحقق سقط عنه التكليف, وبالإضافة إلى الشروط العامة التي تشترط في كل تكليف كالبلوغ والعقل هناك شرائط أخرى خاصة بهذا الباب يجب توفرها ويمكن تلخيصها بما يلي:

 

1ـ العلم والمعرفة

العلم والمعرفة هي من الشرائط الأساسية للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, وهذا الشرط يجب تحققه في طرفين:

علم الآمر الناهي: فيجب عليك أن تتعلم أولا ما هو الحلال وما هو الحرام وما هو الواجب وما هو المباح, فإذا استطعت أن تميز بينها بشكل واضح تتصدى لمهمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, وأما مع عدم علمك وشكك وترددك في أن هذا الأمر هو واجب أولا وذاك الآخر محرم أم مباح, فلا تستطيع أن تأمر الناس مع شكك به.

 

2ـ احتمال التأثير

فإذا كان يائساً من إمكانية التأثير بأي أسلوب كان, سقط الوجوب عنه, ولا يكفي الظن بعدم التأثير إذا لم يصل إلى حالة اليأس من ذلك. فيجب عليه النهي عن المنكر حتى لو ظن بعدم التأثير.

وهناك عدة نقاط ينبغي الإلتفات إليها:

أ: إذا كان التأثير لا يحصل إلاّ مع تكرار النهي عن المنكر عدة مرات وجب النهي عن المنكر.

ب: لو علم احتمال تأثيره في تقليل المعصية لا قلعها, يجب عليه ذلك.

ج: إذا كان التأثير لا يحصل إلا إذا نهاه عن المنكر علناً وأمام الناس, فان كان الفاعل متجاهراً بمعصيته جاز نهيه أمام الناس بل يجب ذلك, وإما إن لم يكن متجاهراً فيشكل شرعاً نهيه أمام الناس.

د: إذا كان التأثير لا يحصل إلا من خلال ارتكاب المحرم في نهيه لا يجوز ذلك وسقط وجوب النهي عن المنكر, إلا إذا كان المنكر مهم جداً لا يرضى الله به كيفما كان كقتل النفس المحترمة, فلو توقف على الدخول في الدار المغصوبة مثلاً وجب الدخول.

 

3ـ الأمن من الضرر

يجب أن لا يكون هناك ضرر مترتب على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فإذا علم أو حتى احتمل الضرر ـ احتمال يترتب عليه الخوف عادة ـ لم يجب ذلك.

والمقصود من الضرر هو الضرر المادي المتوجه على النفس أو العرض أو المال, سواء كان سيصيب نفس الآمر الناهي أو غيره من المؤمنين.

ومثل احتمال الضرر المادي احتمال الوقوع في الحرج والشدة.

احتمال الضرر يرفع التكليف إذا لم نكن متيقنين بفائدة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, أي أن هذا الشرط مختص بالأمر والنهي في صورة احتمال التأثير.

أما إذا كنا متأكدين من التأثير فعلينا أن نقوم بتقييم المنكر والضرر ونقدم الأهم, فيمكن في بعض الحالات تقديم النهي عن المنكر حتى لو كنا متأكدين من تضررنا بسبب ذلك.

هذا في المنكرات العادية وأما الأمور الخطيرة جداً التي لا يرضى بها الله بحال من الأحوال فتهون النفوس عندها وتجب حتى لو أدّت للاستشهاد, كحفظ نفوس المسلمين وأعراضهم والمنع من محو آثار الإسلام وشعائره كبيت الله الحرام ففي مثل هذه الأمور يجب ملاحظة الأهم ولا يكون مجرد الضرر رافعاً للتكليف.

 

4 ـ الإصرار على الاستمرار " ولو مرة واحدة"

فيجب أن نعلم انه لا زال مستمراً على هذه المعصية مصراً عليها, أو على الأقل نعلم بأنه كان يبني على ذلك, ففي هذه الصورة يجب نهيه عن المنكر.

وأما إذا علمنا انه ترك هذه المعصية لم يجب نهيه عنها, ويمكن معرفة ذلك من خلال اظهاره التوبة والندامة, أو من خلال قيام بينة على ذلك " شهادة عدلين" أو حصول العلم والاطمئنان لدينا بسبب من الأسباب, بل يكفي مجرد ظننا أو حتى الشك بأنه ترك هذه المعاصي " إذا لم يظهر منه الإصرار عند ارتكاب المعصية على الاستمرار بها " ففي هذه الصورة يسقط الوجوب أيضاً.

وإذا علما قصده ارتكاب معصية معينة فالظاهر وجوب نهيه وان لم يرتكبها إلى الآن.

قراءة 1455 مرة