إنّ لهذه التوسُّلات الموجودة في الزيارات المختلفة -والتي لبعضها أسانيد جيّدة- قيمة عالية. فالتوسُّل والتوجّه والأُنس بهذا الإنسان العظيم عن بُعد لا يعني أن يدّعي أحدٌ أنّني سأصل إلى محضره أو أسمع صوته؛ أبداً ليس الأمر كذلك، فأغلب ما يُقال في هذا المجال ادّعاءاتٌ: إمّا أن تكون كذباً، أو أنّ مَن يقولها لا يكذب ولكن يتخيّل. لقد شاهدنا أشخاصاً لم يكونوا كاذبين، ولكن كانوا يتخيّلون، وقد نُقلت تخيّلاتهم لهذا وذاك كوقائع! فلا ينبغي الإذعان لمثل هذه الأمور. إنّ الطريق الصحيح هو الطريق المنطقيّ. وذاك التوسُّل توسُّلٌ عن بُعد. والتوسُّل الذي يسمعه الإمام منّا سيقبله إن شاء الله ولو كنّا نتحدّث مع مخاطبنا عن بُعد، فلا إشكال في ذلك. والله تعالى يوصل سلام المسلّمين ونداء المنادين إلى هذا الجليل. فهذه التوسُّلات وهذا الأُنس المعنويّ جيدٌ جدّاً وضروريّ[1].
فليجعل كلّ واحدٍ من أبناء مجتمعنا توسُّله بوليّ العصر وارتباطه به، ومناجاته معه، وسلامه عليه، وتوجّهه إليه، تكليفاً وفريضةً، ولْيَدْعُ له كما لدينا في الروايات، وهو الدعاء المعروف «اللهمّ كن لوليّك»، الّذي يُعدّ من الأدعية الكثيرة الموجودة، ويوجد زياراتٌ في الكتب هي جميعاً، بالإضافة إلى وجود البعد الفكريّ والوعي والمعرفة، يوجد فيها أيضاً بعدٌ روحيّ وقلبيّ وعاطفيّ وشعوريّ وهو ما نحتاج إليه أيضاً. إنّ أطفالنا وشبابنا ومجاهدينا في الجبهة يحصلون على الروحيّة والمعنويّات بالتوجّه والتوسُّل بإمام الزمان ويفرحون ويتفاءلون. وببكاء الشوق ودموعه المنهمرة يقرّبون قلوبهم إليه، وهم بذلك يعطفون نظر الحقّ وعنايته إليهم، مثلما أنّ ذلك يتحقّق مع الإمام ويجب أن يكون موجوداً[2].
يا إمام الزمان! أيّها المهديّ الموعود المحبوب عند هذا الشعب! يا سلالة الأنبياء الأطهار! ويا وارث كلّ الثورات التوحيديّة والعالميّة! إنّ شعبنا هذا قد انبعث بذكرك واسمك واختبر لطفك في حياته وفي وجوده. أيّها العبد الصالح لله! إنّنا اليوم بحاجة إلى دعائك الّذي ينبعث من قلبك الإلهيّ والربّانيّ الطاهر ومن روحك القدسيّة من أجل انتصار هذا الشعب وهذه الثورة، ونحتاج إلى يد القدرة الإلهيّة الّتي جُعلت فيك لتساعد هذا الشعب.
«عزيزٌ عليّ أن أرى الخلق ولا تُرى»، يا إمام الزمان إنّه لصعبٌ جدّاً علينا أن نرى أعداء الله في هذا العالم وفي هذه الطبيعة المترامية الّتي هي لعباد الله الصالحين، ونتلمّس آثار وجود أعداء الله ولكن لا نراك أنت ولا ندرك فيض حضورك.
اللهمّ! بمحمّد وآل محمّد نُقسم عليك أن تليّن قلوبنا بذكر إمام الزمان دائماً[3].
أوصي بالمداومة على الأدعية والمناجاة، التي كان وما زال أبناء شعبنا يمارسونها والتي تضاعفت -والحمد للّه- كثيراً بعد انتصار الثورة على نحو أفضل لكي يوفّقوا لنيل ألطاف ذلك الإمام العظيم. فالإمام المعصوم حاضر وغير غافل أو منعزل عن أمّته وشيعته، إنّه حاضر بيننا، ومن خلال التوسُّل والاستغاثة به سيوفق الناس لإصابة طريق الرشاد والهداية والفتح إن شاء اللّه[4].
[1] كلمة الإمام الخامنئيّ في تاريخ ١٨/٤/١٣٩٠ هـ.ش (٩/٧/٢٠١١م).
[2] كلمة الإمام الخامنئيّ في تاريخ ٢١/٠١/١٣٦٦ هـ.ش (١٠/٤/١٩٨٧م).
[3] كلمة الإمام الخامنئيّ في تاريخ ٠٦/٠٤/١٣٥٩.
[4] كلمة الإمام الخامنئيّ في تاريخ ٠٨/٠٢/١٩٩١م.