المذهب الحنفی

قيم هذا المقال
(0 صوت)
المذهب الحنفی

مذهب فقهی اسلامی من المذاهب الاربعة لأهل السنة ، ینسب الى الإمام ابی حنیفة النعمان بن ثابت المتوفَّى سنة 150 هـ فی بغداد، وقد اعتمد غایة الاعتماد على (الرأی) و(القیاس) وعمل بآراء هذا المذهب فی أغلب البلاد الاسلامیة.

المذهب الحنفی

مذهب فقهی اسلامی من المذاهب الاربعة لأهل السنة ، ینسب الى الإمام ابی حنیفة النعمان بن ثابت المتوفَّى سنة 150 هـ فی بغداد، وقد اعتمد غایة الاعتماد على (الرأی) و(القیاس) وعمل بآراء هذا المذهب فی أغلب البلاد الاسلامیة.

عوامل الظهور

ـ اشتد الخلاف فی زمن الدولة الامویة بین اهل الرأی وأهل الحدیث وکانت الدولة الامویة تدعم فی ذلک اهل الحدیث، واستمر هذا الخلاف حتى سقوط الامویین وقیام الدولة العباسیة التی اخذت تعتمد الموالی وتقربهم حتى تبلور تیار الحنفیة، والتف حوله الموالی واصبح المذهب الرسمی للدولة العباسیة.
ـ اخذت الدولة العباسیة تغدق بالعطاء والهدایا على اهل الرأی فحاول بعض علماء هذا الاتجاه تأیید وجهة نظر الدولة ودعمها فی بروز هذا التیار (الحنفیة) ونشوئه.
ـ مؤسس هذا المذهب هو ابا حنیفة حیث خرج على الناس بمذهب جدید، فیه حریة العقل واستعمال الرأی والقیاس، وقد تمیز بمقدرة فائقة الاستنباط فأحدثت افکاره تیاراً استقطب الکثیر من المؤیدین له.

النشأة والتطور

ـ حاول العباسیون اضفاء طابع الانتماء الدینی على دولتهم والایحاء للرای العام بأنهم أحق بالامر من خصومهم الامویین فاظهروا الاتصال الوثیق بین الدین والدولة وکونوا من احکام الشریعة دستوراً ونظاماً تسیر علیه الدولة سیراً صوریاً، فقربوا العلماء وجعلوا القضاء بید أهل الرأی من أهل العراق حتى ولی ابو یوسف القضاء وهو تلمیذ أبی حنیفة فکانت للمذهب الحنفی حظوة واسعة فی الشهرة والانتشار.
ـ ان وجود رجالات حملوا على عاتقهم نشر المذهب أمثال ابی یوسف قاضی القضاة فی زمن الرشید ساعد على انتشار هذا المذهب انتشاراً واسعاً، حیث تولى القضاء لثلاثة من الخلفاء العباسیـین منذ ایام المهدی ثم الهادی ثم الرشید.
ـ حِظیَ الفقه الحنفی بمحمد بن الحسن الشیبانی الذی دوّن فقه هذا المذهب وسجله، وکذلک محمد بن شجاع الثلجی الذی کان یحتج بفقه الحنفیة واظهر علله وقواه بالحدیث، فساعد هذان الامران على انتشار هذا المذهب على صعید العالم الاسلامی.

الافکار والمعتقدات

اعتمد هذا المذهب افکاراً ومعتقدات من أهمها :

ـ الاصول عند الحنفیة هی : « الکتاب والسنة واجماع الصحابة والقیاس والاستحسان والعرف ».
ـ اهم مصادر التشریع عندهم هو الاخذ بالقیاس حتى عرفوا به وتمیزوا عن بقیة المذاهب.
ـ زعموا : ان الایمان هو المعرفة بالله ورسوله والاقرار بما جاء من عند الله فی الجملة دون التفسیر.
ـ قالوا : بجواز قبول الجزیة من عبدة الاصنام مستثنین العرب منهم.
ـ افـتى ابو حنیفة بوجوب نصرة زید بن علی بن الحسین (علیه السلام) وحمل المال الیه والخروج معه على اللص المتغلب المسمى بالامام والخلیفة.
ـ أغلقوا باب الاجتهاد مکتفین باجتهاد الائمة السابقین وصار عصرهم عصر تقلید واختیار من کتب السابقین.
ـ قالوا بعدم جواز الحجر على السفیه ولا على ذی الغفلة لانهم یرون ان الشخص ببلوغه عاقلاً سواء کان سفیهاً ام غیر سفیه فإنه قد بلغ حد الانسانیة المستقلة.
ـ ذهب فقهاؤهم الى انه لایجوز للجنب مس التوراة وهو محدث.
ـ قالوا : بجواز الصلاة خلف الفاسق وغیره.
ـ قالوا فی الکفر والشرک هما اسمان واقعان على معنیین وان کل شرک کفر ولیس کل کفر شرکاً، وقالوا : لاشرک الا من جعل لله شریکا، واما الیهود والنصارى فکفار لامشرکون وسائر الملل کفار مشرکون.
ـ کان من مبدئهم اعمال عقولهم فیما اذا روی فی المسألة قولان او اکثر فی الصحابة فیختارون منها أعدلها أو اقربها الى الاصول العامة وعدم الاعتداد بأقوال التابعین الا ان یوافقوا اجتهادهم.
ـ جاهروا فی العراق بوجوب نصرة ابراهیم اخی ذی النفس الزکیة بل ان الامر وصل بهم الى ان ثبطوا بعض قواد المنصور عن الخروج لحرب ابراهیم.
ـ قالوا : ان للمرأة الولایة الکاملة فی الزواج فکما ان الولایة المالیة تثبت لها کاملة فکذلک ولایة الزواج، ثم انهم قرروا المساواة بین الرجل والمرأة، فکما ان له الولایة الکاملة فی شأن الزواج فلها ایضا الولایة على نفسها فی شأن الزواج.
ـ قالوا انه لایکفر ولا یفسق مسلم بقول قاله فی اعتقاد او فتیا، وان کل من اجتهد فی شیء من ذلک فدان بما رأى انه الحق، فهو مأجور على کل حال، ان اصاب الحق فله اجران وان أخطأ فأجر واحد.
ـ کان لهم فی الحدیث مسلک خاص وهو التشدید فی قبول الحدیث والتحری عنه وعن رجاله حتى یصح، وکانوا لایقبلون الخبر عن رسول الله الا اذا رواه جماعة عن جماعة.
ـ من الامور الظاهرة فی فقه مذهب الحنفیة (الحیل الشرعیة)، وقد اصبحت باباً واسعاً من ابواب هذا الفقه فی مذهبهم حتى وضعوا فیما بعد حیلاً للهروب من کل الالتزامات.

أبرز الشخصیات

1 ـ النعمان بن ثابت (ابو حنیفة)
2 ـ ابو یوسف (قاضی القضاة)
3 ـ محمد بن الحسن الشیبانی
4 ـ محمد بن شجاع الثلجی
5 ـ زفر بن هذیل
6ـ محب الدین بن محمد الهندی
7 ـ الحسن بن زیاد اللؤلئی الکوفی
8 ـ جمال الدین الحصیری الحنفی

الانتشار ومواقع النفوذ :

انتشر المذهب الحنفی فی العراق وفی اغلب الاقطار الاسلامیة بشکل متفاوت، فترکیة والبانیة وسکان بلاد البلقان وترکستان (بخارى) هم على المذهب الحنفی بصورة غالبة، وفی افغانستان یؤلفون نصف أهل السنة بل هذا المذهب هو اوسع المذاهب الاسلامیة انتشاراً علىالاطلاق.

أحداث ووقـائع :

ـ کان للحنفیة موقف عداء معروف من الامویین حتى ان یزید بن عمر بن هبیرة الفزاری امیر العراقَیْنِ قد استقدم ابا حنیفة لکی یلی القضاء بالکوفة ایام مروان بن محمد آخر ملوک بنی امیة فأبى علیه فضربه مئة سوط وعشرة، کل یوم عشرة سیاط، وهو على الامتناع فلما رأى ذلک خلى سبیله.
ـ یروى انه لما خرج زید بن علی بالکوفة على هشام بن عبد الملک قال ابو حنیفة : « ظاهى خروجه خروج رسول الله یوم بدر » فقیل له : لم تخلفت عنه ؟ قال : حبسنی عنه ودائع الناس، عرضتها على ابن ابی لیلى فلم یقبل فخفت ان اموت مجهلاً.
ـ فی العصر العباسی استدعى المنصور ابا حنیفة من الکوفة لانه اتهم بالتشیع لابراهیم اخی محمد ذی النفس الزکیة فحبسه خمسة عشر یوماً ثم سمه فمات.

من ذاکرة التاریخ :

ـ قال الامام جعفر بن محمد الصادق (علیه السلام) لابی حنیفة : یانعمان ما الذی تعتمد علیه فیما لم تجد فیه نصا من کتاب الله ولا خبراً عن رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) ؟ فقال : أقیسه على ماوجدت من ذلک، قال الامام الصادق (علیه السلام) : ان اول من قاس ابلیس فأخطأ اذ أمره الله بالسجود لآدم (علیه السلام) فقال : « انا خیر منه خلقتنی من نار وخلقته من طین »، فرأى النار اشرف من الطین فخلده ذلک فی العذاب المهین، أی نعمان ایهما اطهر المنی ام البول ؟ قال : المنی، قال قد جعل الله فی البول الوضوء وفی المنی الغسل ولو کان یحمل على القیاس لکان الغسل فی البول.
وإیهما اعظم عند الله، الزنى ام قتل النفس ؟ قال قتل النفس، قال الامام الصادق (علیه السلام) : قد جعل الله فی قتل النفس شاهدین وفی الزنى اربعة ولو کان على القیاس لکان الاربعة شهداء فی القتل لانه اعظم، وایهما اعظم عند الله الصلاة ام الصوم ؟ قال الصلاة، قال الامام : فقد امر رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) الحائض ان تقضی الصوم ولاتقضی الصلاة ولو کان على القیاس لکن الواجب ان تقضی الصلاة، فاتق الله یانعمان ولاتقس.
جاء جماعة من اهل المدینة ابا حنیفة لیناظروه فی القراءة خلف الامام (وابو حنیفة یقول بعدم قراءة المأموم)، فقال لهم لایمکننی مناظرة الجمیع، فولوا الکلام اعلمکم فأشاروا الى واحد، فقال : هذا أعلمکم ؟ والمناظرة معه کالمناظرة معکم ؟ قالوا : نعم، قال : والحجة علیه کالحجة علیکم ؟ قالوا نعم، قال : ان ناظرته لزمتکم الحجة لانکم اخترتموه فجعلتم کلامه کلامکم، وکذا نحن اخترنا الامام فقراءته قراءتنا.

خلاصة البحث :

ـ الحنفیة مذهب فهی اسلامی من مذاهب اهل السنة الاربعة ینسب الى النعمان بن ثابت (ابی حنیفة)، وقد اعتمد على القیاس والرأی فی استنباطاته ومعتقداته.
ـ قامت الدولة العباسیة بتقریب اصحاب الرأی من الموالی واصبح هذا المذهب هو المذهب الرسمی للدولة العباسیة.
ـ اخذت الدولة العباسیة تغدق العطایا والهدایا على اهل الرای فانساق بعض علماء هذا الاتجاه وراء الدولة العباسیة مؤیداً وداعماً لها وساعد ذلک على انتشار هذا المذهب وتثبیت ارکانه.
ـ حاول العباسیون اضفاء طابع دینی على دولتهم فقربوا العلماء وجعلوا القضاء بید اهل الرأی من اهل العراق حتى ولی تلمیذ ابی حنیفة (ابو یوسف) القضاء فکان للمذهب حظوة واسعة فی الشهرة والانتشار.
ـ الاصول عند المذهب الحنفی هی الکتاب والسنة واجماع الصحابة والقیاس والاستحسان والعرف.
ـ اهم مصادر التشریع عندهم هو القیاس حتى تمیزوا به عن بقیة المذاهب.
ـ افتى ابو حنیفة بوجوب نصرة زید بن علی بن الحسین وحملوا المال الیه کما نصروا ابراهیم واخاه ذا النفس الزکیة.
ـ اجازوا الصلاة خلف الفاسق وغیره.
ـ استدعى المنصور العباسی ابا حنیفة من الکوفة لانه اتهم بالتشیع لابراهیم ومحمد ذی النفس الزکیة فحبسه خمسة عشر یوما ثم امر بسمه فمات. ـ انتشر المذهب الحنفی فی العراق وفی اغلب الاقطار الاسلامیة فاغلب المسلمین فی ترکیة والبانیة وسکان البلقان وترکستان (بخارى) هم على المذهب الحنفی وفی افغانستان یؤلفون نصف اهل السنة.
المصدر :
تحقیق راسخون 2014

 

قراءة 1568 مرة