كلما اقتربنا من موعد اعلان بنود "صفقة القرن" تتكشف تفاصيل أكثر وخبايا عن هذه "الصفقة" التي قد تغير وجه المنطقة لعقود طويلة، لاسيما وأن هناك تواطئ كبير من قبل بعض الأنظمة العربية لتمرير هذه الصفقة المشؤومة التي تم اعدادها في الغرف المغلقة الامريكية- الاسرائيلية، ويبدو أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالإضافة إلى المرشحين الاسرائيليين للانتخابات المقبلة بنيامين نتنياهو و ورئيس تحالف "أزرق أبيض" بيني غانتس، يمضون بقوة نحو التحريض لإعلان هذه الصفقة في أقرب وقت ممكن على اعتبار أن هذا الاعلان سيكون محطة فاصلة في مستقبل هؤلاء الثلاثة.
ما يوقف تنفيذ هذه الخطة حتى اللحظة في الحقيقة هي الشعوب العربية والأنظمة المقاومة التي تقف خلفها وتساندها في دفاعها المشروع عن حقها في العيش الكريم في بيئة آمنة بما يتوافق مع الحق والعدالة الدولية ومقررات الأمم المتحدة بخصوص النزاع القائم بين الفلسطينيين والاسرائيليين، ولكن ومع الأسف مساندة بعض الأنظمة العربية الرجعية لترامب وصهره كوشنر في تمرير هذه الصفقة وصمت البعض الآخر عنها يُعقد المسألة أكثر فأكثر ولكن صمود المقاومة والشعب كان السبب الرئيسي في تحول هذه الصفقة إلى مجرد كلام يتم بثه في الاعلام هنا وهناك وتصريح هنا وهناك للحصول على مكاسب شخصية سياسية لهؤلاء المطبلين لصفقة القرن.
تطورات "الصفقة"
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب متحمس جداً لإعلان صفق القرن بأي ثمن كان، خاصة وأنه ينتظر استحقاق انتخابي غير مضمون بالنسبة له بالتزامن مع سلسلة الغضب منه في أمريكا على مستوى النخبة السياسية والدعوات المستمرة لمحاكمته ومحاسبته، لذلك من وجهة نظره فإن الاعلان عن هذه الصفقة قد يعيد الكرة الى ملعبه ويمكنه من اعادة السيطرة على زمام الامور ويبعد اضواء الاعلام عن فضائحه.
وبالنسبة لآخر تصريحاته فيما يخص صفقة القرن، فقد قال ترامب، إن واشنطن ستعلن خطة السلام في الشرق الأوسط، المعروفة إعلاميًا باسم "صفقة القرن" بين الفلسطينيين والإسرائيليين "قبل" اجتماعه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ومنافسه زعيم حزب أزرق أبيض بيني غانتس، يوم الثلاثاء في البيت الأبيض.
في المقابل كشفت مصادر إعلامية عبرية النقاب، يوم الأربعاءالماضي، عن أن رئيس الحكومة الإسرائيلية المنتهية ولايته بنيامين نتنياهو، توجه إلى الإدارة الأمريكية للحصول على موافقتها بشأن ضم منطقتي الأغوار وشمال البحر الميت إلى السيادة الإسرائيلية، قبل الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية "كنيست"، المقررة في الثاني من آذار/مارس المقبل، وقبل نشر خطة "صفقة القرن".
وتعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي المنتهية ولايته بنيامين نتنياهو، مساء الثلاثاء، بتوقيع اتفاقيات سلام "تاريخية" مع مزيد من الدول العربية، وبضم جميع الكتل الاستيطانية بالقدس والضفة الغربية المحتلة.
جاء ذلك في كلمة له خلال إطلاقه الحملة الانتخابية لحزب الليكود بقيادته، استعدادا لخوض انتخابات الكنيست (البرلمان) المقررة في الثاني من مارس/ آذار المقبل، بحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت".
وقال نتنياهو إنه يتعهد بـ "توقيع اتفاقات سلام تاريخية مع المزيد من الدول العربية، وتشكيل تحالف دفاعي مع الولايات المتحدة، وكبح إيران نهائيا"، دون مزيد من التفاصيل.
ماذا تتضمن صفقة القرن بحسب التسريبات المنتشرة حولها
أولا يجب أن نذكر ان الاستيطان الإسرائيلي، الذي يلتهم مساحات كبيرة من أراضي الضفة الغربية (بما فيها القدس الشرقية)، يمثل العقبة الأساسية أمام استئناف مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، المتوقفة منذ أبريل/نيسان 2014.
وتحول ضم أجزاء من الضفة الغربية ومنطقة الأغوار إلى "السيادة الإسرائيلية"، إلى حالة سجال وتنافس محموم في الحملات الانتخابية للأحزاب الإسرائيلية، بعد أن كانت غائبة عن المشهد الانتخابي الذي استحوذ عليه فساد نتنياهو ومسألة الحصانة البرلمانية للتهرب من المحاكمة في قضايا فساد.
ورغم عدم الإفصاح عن بنود "صفقة القرن"، فإن ملامح الخطة المعدلة التي تستبعد إقامة دولة فلسطينية، تشير إلى موافقة الإدارة الأميركية على ضم الكتلة الاستيطانية بما يتماشى مع الإجماع الإسرائيلي، إلى جانب ضم الأغوار، وفرض السيادة الإسرائيلية على أجزاء من الضفة الغربية، ونقل السفارة الأميركية لمقر دائم بالقدس، بما يتناغم مع طرح نتنياهو وأحزاب اليمين.
وتتضمن الخطة عدم وجود سيطرة للسلطة الفلسطينية على الحدود، وستكون هناك سيطرة إسرائيلية كاملة على القدس. ووفق القناة 12 فإن بنود الصفقة، تشمل أيضاً فرض السيادة الإسرائيلية على المناطق المفتوحة المسماة (C)، والموافقة على كافة المتطلبات الأمنية الإسرائيلية. وأشارت القناة، إلى أنه سيجري خلال الصفقة عملية محدودة لتبادل الأراضي بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، وسيتم تعويض الفلسطينيين بأراض في النقب.
وفي قضية خطيرة أيضاً تمس الملايين من الشعب الفلسطيني المهجّر من أرضه قسرا، فإنه ووفق الصفقة، فلا تعويض للاجئين الفلسطينيين، كما كشفت القناة، مع احتمالية لاستيعاب محدود لعدد قليل منهم.
وذكرت القناة (12) العبرية أن الخطة جاءت وفقًا لكل المطالب الأمنية الإسرائيلية، مضيفة إلى أن الخطة تتضمن مطالبة الفلسطينيين بالاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية وجعل قطاع غزة منزوع السلاح، ونزع أسلحة حماس والاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل.
بطبيعة الحال، تقول التقارير الإخبارية إن الأردن يحتج على صفقة القرن لأنها تتجاهل حق إعادة النازحين الفلسطينيين الذين تتجاوز أعدادهم عشرات الالاف والذين يعيشون في هذا البلد ولن يذهبوا من الأردن وفقًا لخطة دونالد ترامب ، لكن من المفترض أن يصبح الاردن وطنهم البديل.
في الختام؛ بنود "صفقة القرن" ومع الأسف يتم العمل على تطبيقها عبر جهات عربية تضغط على جهات عربية أخرى بأوامر خارجية وهذا الأمر سيكلف الجميع الكثير في المستقبل لأن واشنطن وبالتعاون مع الصهاينة مصرة على اعادة تشكيل المنطقة وفق الرؤى التي تبحث عنها وتتناسب مع مصالحها، ولكن ماذا يضمن لهذه الدول أن تكون مدنهم وبلادهم في المستقبل بمنأى عن اطماع الصهاينة والولايات المتحدة الامريكية، لطالما ان "اسرائيل" لديها خطة واضحة فيما يخص انشاء دولتها بين الفرات والنيل، هل سيتمكن هؤلاء من الاعتراف يوما ما أنهم ساهموا في تصفية القضية الفلسطينية لأجل البقاء على كرسي "العرش".