
emamian
الطائرة الأكثر تعقباً في العالم تحط في مطار تايبيه
بعد ساعات من الترقب والتخمين، حطت طائرة رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي في مطار تايبيه لتصبح الطائرة الأكثر تعقباً في العالم.
تصعيد سياسي وعسكري يشهده المحيط الهادئ، واضعاً العلاقات بين بكين وواشنطن على كف عفريت.
الخارجية الصينية نددت بالزيارة واعتبرتها انتهاكا خطيرا لسيادة ووحدة الاراضي الصينية وتمثل انتهاكا خطيرا لمبدأ "صين واحدة" والبيانات الثلاثة المشتركة بين الصين والولايات المتحدة التي وقعت عام 1972.
وقالت الناطقة باسم الخارجية الصينية، هوا تشونيينغ:"نحن علی استعداد لمواجهة التحدي واذا کان الجانب الاميرکي يتمسک بعناد بسوء سلوکه فإن الصين ملزمة باتخاذ اجراءات حازمة وقوية لحماية سيادتها الوطنية".
البيت الابيض سارع الى القول ان زيارة بيلوسي ليست تهديدا للسيادة الصينية، ورد على تهديدات بكين، بأنها لا تخيفه وعلى الصين اذا اتبعت نهجا خاطئا ان تتحمل مسؤولية عواقبه.
وكان البيت الابيض اعتبر ان الزيارة لن تمس بالعقيدة الامريكية تجاه الصين واحدة.
وقال الناطق باسم البيت الأبيض جون كيربي:"إن لبيلوسي الحقّ في زيارة تايوان ما من سبب لتقوم بكين بتأزيم هذه الزيارة التي لا تخلّ بالعقيدة الأميركية العائدة إلى زمن طويل".
الرئيس الصيني شي جي بينغ نظيره الامريكي جو بايدن قبل ايام من ان اللعب القضية التايوانية هو لعب بالنار، وترجمة ذلك، قيام الجيش الصيني بنشر سلاح فريد من نوعه وهو أول مركبة انزلاقية تفوق سرعتها سرعة الصوت في العالم يتم إطلاقها من الأرض ومصممة للمهام المضادة للسفن مع فئة جديدة من صواريخ "DF-17" وإلى جانب تحليق الطائرات وإبحار السفن الحربية الصينية قرب خط الوسط في الممر المائي ذي الحساسية الشديد تجري المقاتلات الصينية ومنذ أيام مناورات تكتيكية في مضيق تايوان. هذا الاستنفار الصيني ترافق مع تمركز أربع سفن حربية أمريكية، بينها حاملة طائرات، في المياه شرقي الجزيرة واعلان البحرية الأمريكية أنها عمليات انتشار اعتيادية لكنها قادرة على التعامل مع أي احتمال.
الدب الروسي لم يقف مكتوف الأيدي واتهم الولايات المتحدة بـزعزعة العالم ووصف زيارة بيلوسي بالاستفزازية التي ستضع واشنطن في مسار تصادمي بكين.
بدروها اكدت الخارجية الايرانية ان سلوك اميركا الاستفزازي المتمثل بالتدخل في شؤون الصين الداخلية وانتهاك سيادتها، يمثل انموذجا لتدخلها بشؤون دول العالم، مشددة على احترام سيادة الدول وهو احد المبادئ الاساسية لميثاق الامم المتحدة.
السيد نصر الله: لايمكن التفكيك بين المقاومة وكربلاء
أكد الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله انه “لا يمكن التفكيك بين المقاومة الإسلامية وبين كربلاء وبين عاشوراء وبين الإمام الحسين عليه السلام وبين السيدة زينب عليها السلام ومن معهما في كربلاء”، واوضح “عندما نتحدث عن المقاومة الإسلامية في لبنان خلال 40 عام من عمل وجهاد وصبر وتضحيات وثبات وانتصارات وإنجازات أن كل ما عندنا هو من عاشوراء الإمام الحسين عليه السلام”.
وقال السيد نصر الله في المجلس العاشورائي المركزي في الضاحية الجنوبية مساء الجمعة “من خلال إحياء عاشوراء وعيشها والتواصل معها كانت دائما تمد مسيرتنا والناس بالقوة والعنفوان والحماسة والصبر والثبات والاستعداد للتضحية وبالأمل والثقة بالله”، واوضح “هذا ما شهدناه ونشهده حتى اليوم وعلى مدى 40 عاما وخصوصا في المحطات القاسية والصعبة والحادة”.
واضاف السيد نصر الله “لا بد من التبريك للمسلمين جميعا بقدوم عام هجري جديد”، وتابع “نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل العام الجديد أفضل عليكم جميعا وعلى المسلمين وعلى اللبنانيين جميعا وعلى شعوب المنطقة”.
وتابع السيد نصر الله “شهدنا في الأربعين عاما الماضية أي منذ عام 1982 تطورًا كبيرًا نوعًا وكمّا في الاحياءات”، وقال السيد نصر الله “اليوم أيضا نبقى مع الحسين عليه السلام في هذا الشكل من أشكال البقاء وهو إحياء المناسبة”، وتابع “أسأل الله أن نوفق جميعا وفي كل المناطق وبكل الوسائل والإمكانيات المتاحة لإحياء هذه المناسبة بشكل أفضل وأنفع وأجدى وبما يرضي الله سبحانه وتعالى”، وأوضح “أنا بالعادة بعاشوراء أركز على الموضوعات ذات الطابع الديني والثقافي والتعبوي ولا أتناول الموضوعات السياسية التي نتركها لليوم العاشر، فإذا جد جديد خلال هذه الليالي واحتجنا إلى تعليق ما على حدث ما يستحق التعليق نحكي إن شاء الله لكن الأصل هو هذا النمط من الكلمات التي أكون في خدمتكم من خلالها”.
وقال “العزاء لكل العائلات التي فقدت أعزاء خلال الأسابيع القليلة الماضية من إخوة وأخوات وآباء وأمهات”، واضاف “أقتصر على ذكر السادة العلماء سماحة السيد محمد علي الأمين وسماحة الشيخ محمد أمين باقر وسماحة السيد علي السيد عبد اللطيف فضل الله وسماحة السيد علي الحسيني، وأتقدم إلى عائلاتهم الشريفة والكريمة والى أحبائهم وأعزائهم بأحر التعازي”.
الحسين عليه السلام ثورة لم تكتمل
أ. د. خالد عليوي العرداوي
قد يستغرب البعض من العنوان أعلاه، متسائلا كيف يمكن لثورة حصلت قبل 1380 سنة ان تكون غير مكتملة لحد الان، بعد هذا التاريخ الطويل من انطلاقها الاول؟
قطعا، لهذا التساؤل وجاهته ومبرراته إذا كنا نفهم ما جرى في العاشر من محرم الحرام سنة 61 للهجرة النبوية بمقاييس الثورات الاعتيادية التي ألفها البشر في علاقاتهم فيما بينهم من جهة، او بينهم وبين حكامهم من جهة أخرى، والتي تقترن بتحولات سريعة وتقلبات عنيفة غالبا ما تنتهي الى نتائج تخالف الأهداف النبيلة التي انطلقت منها. اما عندما نقف إزاء ثورة وثائر بوزن الحسين عليه السلام الروحي والاجتماعي، وفي زمن حرج من تاريخ ظهور الإسلام، فالأمر بحاجة الى دراسة وتأمل بطريقة اخرى. لا نريد الخوض طويلا في الحديث عن شخصية الحسين عليه السلام وظروف خروجه على السلطة؛ لأن هذا الامر بات معلوما للقاصي والداني، وقد ملئ الحديث فيه ملايين الصفحات من الكتب عبر التاريخ، ولكن طالما ذكرنا ان الثورة الحسينية لم تكتمل، فمن حق القارئ ان يحصل على تفسير لذلك ولو بشكل مختصر.
يدل تاريخ الثورات على اختلاف اشكالها ومنطلقاتها على ان أي ثورة لا توصف بكونها ثورة ما لم تقود الى احداث تغيير جذري في المجتمع الذي تحصل فيه، حتى تكون الأمور بعد الثورة مختلفة تماما عما كانت عليه قبلها، على مستوى السياسة والاجتماع والاقتصاد والثقافة. هكذا فعلت الثورة الفرنسية 1789م ، والثورة الامريكية 1775م ، والثورة البلشفية 1917م ... وعندما نتحدث عن ثورة قام بها الحسين عليه السلام قد نوصف من قبل بعض المختصين في علم الاجتماع والسياسة بكوننا مغالين او مبالغين، بحجة أن الحدث اقرب الى تمرد منه الى ثورة، لأن مظاهر الثورة لم تتحقق فيه، فالسلطة الظالمة لم تتغير واستمرت بالوجود لأكثر من ثمانين سنة لاحقة، وحتى السلطة التي اعقبتها لم تختلف عنها كثيرا في سيرتها واستمرت بالوجود لأكثر من 500 سنة اخرى، ونفس الحجة سيتم ايرادها بشكل أو آخر عن تأثير الثورة في مجالات الحياة الأخرى المرتبطة بالثقافة والاجتماع والاقتصاد... وانكار هذه الحجج من قبل المحبين للحسين عليه السلام والتمادي بالقول انها ثورة حصلت وحققت أهدافها في الزمان والمكان الذي جرت فيه لن يسلم من الطعن. اما الزعم ان الحدث هو نهضة او حركة او قضية فذلك سيبعده عن مراميه الصحيحة ويضعف قوة زخمه وتأثيره، حتى لو جادل أصحاب هذا الرأي بالقول: ان المفردات الأخيرة لها بعد أوسع وأعمق من بعد الثورة، وذلك لأسباب كثيرة يعرفها المختصون بعلم السياسة، وقد يناصرهم في ذلك زملاء لهم من علم الاجتماع.
إذا، البديل الأنسب هو ان نطلق على ما جرى وبثقة تامة انه ثورة. ثورة استطاعت في وقتها ان تحرك جمود المجتمع وتعصف بسلبيته، وتنزع عن السلطة شرعيتها وتضليلها، وتلهم اخرين للخروج عليها ومقارعتها والصراخ في وجهها. ولكن فهم حدود ثورة الامام الحسين عليه السلام بهذا الشكل فقط فيه ظلم كبير لها، لأن حدودها ابعد من ذلك، وأكثر أهمية، وعدم بلوغ الحدود الاخيرة يجعلها مستمرة وغير مكتملة. والسؤال هو كيف؟
الحسين عليه السلام كفكرة
لم يكن الحسين عليه السلام مجرد حدث مأساوي تعرض له انسان برئ وشريف وعظيم الشأن نتيجة حماقة واستبداد وسوء السلطة الحاكمة، بل هو فكرة شعارها الحرية وهدفها السلام والكرامة للبشر في ظل حكومة عادلة لا بغي فيها ولا تجاوز على الحقوق والحريات. وكانت هذه الفكرة ولا زالت حلم الفلاسفة، ولحن الشعراء والادباء، وطموح بني البشر بصرف النظر عن اديانهم ومذاهبهم واعراقهم وتوجهاتهم الفكرية. ولكن ليس كل البشر مستعدين للتضحية من اجل هذه الفكرة؛ لأسباب كثيرة اما جهلا او طمعا او خوفا ... فأراد الحسين عليه السلام أن يضرب للناس مثلا، قل نظيره، في التضحية من اجل ما يؤمن به. فكان الموت في سبيل الحرية كرامة وسعادة، والعيش مع الظلم والعبودية برما وشقاء لا يقوى على تحمله الانسان الحر. نعم كان الحسين الانسان حرا تماما وغير مستعد للتنازل عن حريته، لذا لم يستجب الى الإغراء او التهديد المنتج للعبودية والممهد للطغيان. ولأن الثورة الحسينية تحمل هذه الفكرة فلا يمكن ان تكون قد حققت أهدافها في ظل تاريخ طويل من العبودية والظلم في بلاد المسلمين وغيرهم، بل ومع وجود هذا الكم الهائل من العنف الذي نراه اليوم بين البشر اتجاه بعضهم البعض لأسباب مختلفة.
ان بقاء حالة الظلم والعنف بين الناس، مع وجود بشر مستعدين للتنازل عن حريتهم والعيش حياة الذل في نير الاستبداد والفساد، يعني بقاء الثورة الحسينية غير مكتملة، وبقاء ثوارها يستصرخون الناس لينتصروا لكرامتهم المهانة، وحقوقهم المسلوبة.
الحسين عليه السلام وفهم الدين
عادة يعمد البعض الى انتقاد المسلمين لأنهم تأخروا كثيرا في القيام بحركة اصلاح ديني، كما حصل في حركة الإصلاح البروتستانتي المسيحي في القرن الخامس عشر وما تلاه، ويعدون هذا الامر سببا في تأخر المسلمين في الوقت الحاضر. الا ان الحقيقة المسكوت عنها او التي يجري تجاهلها واغفالها ان المسلمين سبقوا غيرهم كثيرا في اجراء حركة الإصلاح الديني من خلال ثورة الحسين عليه السلام، والتي نرى انها مكملة للجهد الجبار الذي قام به من قبل والده الامام علي وأخيه الامام الحسن عليهما السلام، وقد حدث كل ذلك في أقل من خمسين سنة بعد ظهور الإسلام كدين ودولة، مما يعد أمرا لافتا تماما ومذهلا لم يحصل بهذه السرعة والعمق والتأثير في تاريخ اية ديانة أخرى. وذهب الكثير من المسلمين الى تسمية ما حصل بالفتنة الكبرى ولا يسميها بتسميتها الصحيحة كحركة وثورة إصلاحية، وربما انخداع بعضهم بالتسمية الأولى كان بحسن نية لغرض عدم المس بقدسية بعض الصحابة، لأن عقله الطيب غير قادر على امتلاك الجرأة التامة لنقد من يراه مقدسا، او لعدم ادراكه لهدف السلطة الظالمة –آنذاك-ورغبتها في تصوير الامر كفتنة يحتمل كلا طرفيها الصواب والخطأ، او لكونه جزءا من البناء الضال الذي تمت الثورة عليه.
على أي حال، ولأجل عدم تكرار أخطاء الماضين او قلة جرأتهم، علينا التركيز على ما أراد الحسين عليه السلام ان يقوله لنا ولم نفهمه بدقة؟
ان من يفهم حركة الاحداث في زمن الامام الحسين عليه السلام يدرك تماما ان السلطة الظالمة –آنذاك-قد لبست لباس الدين لتشريع وجودها واستمرار حكمها، وان من اعطى لهذه السلطة القدرة على فعل ذلك لم يكن عامة الناس وبسطائهم، بل رجال دين كبار داخل المؤسسة الدينية نفسها-ان جاز لنا هذا التعبير-، مما يعني أن لبس عمامة الدين لم يكن كافيا لمنع انحراف صاحبها. لذا، يمكن القول: ان من قتل الحسين عليه السلام تشريعا كان رجال دين فاسدين، اما من قتله تنفيذا بعد ذلك فقد كان سلطة سياسية منحرفة وفاسدة توظف الدين حسب اهوائها ومصالحها.
إذا فهمنا الامر بهذا الشكل، سنجد ان الثورة الحسينية سعت الى نزع القدسية عن المقدس المنحرف مهما كانت درجته، فضلا عن نزع الشرعية عن السلطة السياسية المستبدة مهما كانت شعاراتها الدينية، وجعلت أمثال هؤلاء اهداف مشروعة للخروج عليهم بقوة اليد والكلمة. ان فهم ما جرى على انه ثورة الدين الصالح، على دين الانحراف والهوى، وثورة الانسان على الظلم مهما علا رمزه وخدع بشعاره، يجعلنا عند التأمل في تاريخ المسلمين الماضي والحاضر نجد انهم عاشوا ويعيشون خدعة مستمرة وتضليلا لا انعتاق منه بسبب حكومات توظف الدين لمصلحتها بطريقة ظالمة ملعونة، ورجال لبسوا عمامة الدين (مقدسين) ليشرعنوا حالة الظلم وانعدام العدل التي يعيشها الناس، بحجج شتى منها: ان الخروج على الحاكم وولي الامر فتنة عمياء ومفسدة مرة، او ان من اشتدت وطأته وجبت طاعته مرة ثانية، او لكون ولي الامر ظل الله على الأرض مرة ثالثة... متناسين ان هدف أي دين سماوي بعد توحيد الله سبحانه وتعالى هو أسعاد البشر وعيشهم برفاه وحرية وكرامة على سطح الأرض، وان أي ادعاء ديني يجلب الشقاء والذل وامتهان الكرامة يكون صاحبه متهما والسلطة الناجمة عنه باغية مهما كانت مسوغاتها والقائمين عليها.
ان الثورة الحسينية هي اصلاح ديني قبل ان تكون اصلاح اجتماعي وسياسي، وعدم إدراك حقيقة هذا الإصلاح والعمل عليه سيبقيها ثورة مستمرة وغير مكتملة الا بتأسيس فهم جديد للدين يربط بلوغ الايمان الصحيح بتحقيق السعادة والعدالة والقيم الإنسانية بين الناس، لتغدو الأرض جنة حقيقية، ولا يبقى حلم الجنة معلقا لما بعد موت الانسان، في حين يحيا حياة ظالمة يعيش جحيمها وبؤسها مع كل نفس من أنفاسه.
الحسين عليه السلام وقضية السلطة
لا اعرف لماذا حاول الكثير من المحبين والمتحيزين للحسين عليه السلام الفصل بينه وبين السلطة، فكرروا ولا زالوا القول ان الرجل ليس طالب سلطة ولم يخرج من اجلها، طبعا لا أنكر حسن النية وراء هذه المواقف، ولكن لو جردنا الثورة الحسينية من سعيها وراء السلطة فما الذي يبقيها ثورة؟ وسيكون الأمر وكأن الحسين عليه السلام خرج من المدينة الى الكوفة لرحلة استجمام حاشاه؟ او للهرب من السلطة الظالمة؟ او ان الاف الكتب التي وصلته من اهل الكوفة كانت تطلب الإفتاء منه ولم تكن تدعوه لقيادة الناس وإدارة امورهم العامة؟
لقد كانت السلطة ولا زالت محورا جوهريا ومهما في الثورة الحسينية، خرج ثوارها على سلطة ظالمة ليقيموا بدلها سلطة عادلة، وكانت كتب اهل الكوفة تدور حول نزع سلطة يزيد وامثاله لإقامة سلطة جديدة يكون على رأسها الحسين عليه السلام.
ان مشكلة المسلمين التاريخية والحاضرة هي ان حكامهم فاسدين، وسلطاتهم مستبدة، واي اصلاح اجتماعي او ثقافي او اقتصادي لا يمكن الامل بتحقيقه مع بقاء هؤلاء الحكام في مناصبهم، وبقاء هذا السلطات على طبيعتها المستبدة، لذا من الطبيعي ان يكون هدف أي مصلح انساني كبير هو السلطة شاء ام ابى. ثم ان انكار طلب السلطة على الحسين عليه السلام وعلى أي طالب اصلاح يعني تجريده من أمضى أسلحته وأكثرها تأثيرا وقوة، واعطاء الارجحية لأعدائه قطعا، فضلا عن كون هذا الرأي من أكثر الآراء اسعادا للحكام الفاسدين، فماذا يعنيهم من شأن المصلحين طالما ان السلطة التي يمسكونها آمنة ولا تواجه تهديدا جديا.
وعليه، فمن المفيد جدا للكتاب والمثقفين أي يعيدوا النظر في هذا الموضوع، وان يعملوا على الربط ربطا محكما بين الثورة الحسينية وسعي ثوارها الى اسقاط السلطة الظالمة لإقامة سلطة عادلة يديرونها عن جدارة. وهذا المنطلق، بالتأكيد سيجعل بقاء مئات الملايين من البشر خاضعين ومستكينين لحكام فاسدين وسلطات فرعونية يعني ان الثورة لم تكتمل، وان هدفها لن يتحقق الا بإسقاط كل الحكومات الفاسدة وإقامة حكومات عادلة رشيدة تدار من أناس شرفاء يعملون لخير الشعوب التي يحكمونها بإخلاص وقوة وأمانة.
الحسين عليه السلام والثقافة الجنائزية
اجدني في هذه الفقرة مضطرا الى الاقتباس من عالم النفس المشهور الدكتور (كارل يونغ) قوله: " لو كان الانسان مدركا لعيبه، لكانت لديه دائما فرصة لتنقية نفسه منه ... بينما لو كبت عيبه وعزله عن الواعية (الشعور)، لم يصحح ابدا، فضلا عن انه يظل عرضة للانفجار في لحظة غفلة. وفي جميع الأحوال، يشكل عقبة خفية تفسد علينا أكثر مساعينا قصدا" (يونغ، الدين في ضوء علم النفس، ص 93-94).
ويبدو ان ما جذبني الى هذا الاقتباس رغبتي في عدم التغافل عن العيب الذي تتركه الثقافة الجنائزية على فعل التغيير في الثورة الحسينية، وهو عيب يجب تلافيه او إعادة تنظيمه بطريقة صحيحة. فمشكلة الثقافات الجنائزية انها ثقافات حسية بدائية، منفعلة غير فاعلة، تركز على حدث المصيبة أكثر من التركيز على أسباب حصولها، تذرف الدموع كثيرا على موت المصلح بعد ان تكون قد أسلمته رغبة ام رهبة الى سيوف اعدائه. وواجهت الثورة الحسينية هذه الثقافة البائسة منذ اليوم الأول لها عندما دخلت رؤوس الثوار الى الكوفة وبدأت أصوات أهلها تعلو بالعويل والبكاء، وكأن أصحابها لم يقترفوا ذنبا، ولم يقصروا في نصر من رفع راية الإصلاح والثورة. بل، ربما ظنوا ان البكاء يكفي لغسل العار، او محو الذنوب.
ومن الوجوه السلبية الأخرى للثقافة الجنائزية، هي وبحكم بدائيتها تركز على الأشخاص أكثر من تركيزها على المبادئ، فتبدأ بتقديس المصلحين وتفخيمهم بطريقة تجعل هذا الامر هدفا بحد ذاته، لا كونه غاية مطلوبة تماما، ولكن بالتوازي مع العمل بالمبادئ التي حملها المصلح وضحى بنفسه في سبيلها، وعندها لن يكون للتقديس والتفخيم أي فائدة طالما ان النتيجة ان المبادئ بقت معطلة. ووجدنا عند النظر في تاريخ القبائل والأمم والشعوب التي تسود فيها ثقافة الجنائز انه مع مرور الزمن يصبح الالتفاف حول الضحية المقدسة مجرد رمز لهويتها، حتى لو كان فعل الناس مخالفا تماما للمبادئ التي حصلت التضحية في سبيلها. وهذا الامر طبيعي جدا، فذرف الدموع وإعلان الانتماء للمقدس بالكلام أيسر كثيرا واقل تكلفة نفسية وعملية من حمل مبادئه وتحويلها الى منهج عملي. لذا ليس غريبا ان تجد حكومات، وافرادا ينادون بحب الحسين عليه السلام فيما سلوكهم على الأرض يضعهم في صف اعدائه. ومع التأكيد على انه ليس الهدف هنا نزع العاطفة من الثورة الحسينية، كون وجود العاطفة مهم جدا في بقاء جذوتها متقدة وملهمة ومحفزة، الا أن الهدف كشف القناع عن العاطفة العمياء المنافقة، تلك العاطفة التي تعمل على تجريد الثورة من قدرتها العملية على التغيير، وبقاء مبادئها مجرد شعارات شفاهية لا تقوم بدورها الحقيقي في بناء الانسان والعمران في مجتمعاتنا، وتحرير الثورة من سطوة الثقافة الجنائزية سيكون عاملا مهما في تحقيق أهدافها التي قامت من اجلها.
أخيرا، نقول: ان الحسين عليه السلام هو ثائر عالمي قبل ان يكون ثائرا إسلاميا، وان استيعاب ثورته بشكل صحيح وبلوغها اهدافها، سيجلب الخير لكل البشرية، وسيوقظ الضمير الإنساني بشكل فاعل يسمح بتحرير الانسان من قيود عبوديته، ليعيش حرا كريما وبسعادة وسلام مع أخيه الانسان.
أعلى مقامات التسليم
جسّد الإمام الحسين (عليه السلام) أعلى درجات الارتباط بالله، فقد كان المثل الأعلى لمقامات التوكّل والتفويض والرضا والتسليم.
وفي أعظم موقف، وطفله الرضيع بين يديه، رماه حرملة بن كاهل الأسديّ بسهم فذبحه في حجر الحسين، فتلقّى الحسين (عليه السلام) دمه حتّى امتلأت كفّه منه، ثمّ رمى به إلى السماء، ثمّ قال: «هوّن عليّ ما نزل بي أنّه بعين الله»، قال الإمام الباقر (عليه السلام): «فلم يسقط من ذلك الدم قطرة إلى الأرض»[1].
فالإمام الحسين (عليه السلام) وصل إلى مرتبة التسليم، وإلى درجة لا يرى فيها نفسه، بل لا يرى إلّا الله، يقول (عليه السلام) في دعاء عرفة: «متى غبتَ حتّى تحتاج إلى دليل يدلّ عليك؟... عميت عينٌ لا تراك عليها رقيبًا»[2].
وهو ملقًى في آخر لحظات عمره الشريف، وقد أضعفته كثرة الجراح، وتفتّت كبده من حرارة الشمس ولهيب التراب، يناجي ربّه: «اللّهمّ، متعالي المكان، عظيم الجبروت، شديد المحال، غنيّ عن الخلائق، عريض الكبرياء، قادر على ما تشاء، قريب الرحمة، صادق الوعد، سابغ النعمة، حسن البلاء، قريب إذا دُعيت، محيط بما خلقت، قابل التوبة لمن تاب إليك، قادرٌ على ما أردت، ومدركُ ما طلبت، وشكورٌ إذا شُكرت، وذكورٌ إذا ذُكرت، أدعوك محتاجًا، وأرغب إليك فقيرًا، وأفزع إليك خائفًا، وأبكي إليك مكروبًا، وأستعين بك ضعيفًا، وأتوكّل عليك كافيًا، احكم بيننا وبين قومنا، فإنّهم غرّونا وخدعونا وخذلونا وغدروا بنا وقتلونا، ونحن عترة نبيّك، وولد حبيبك محمّد بن عبد الله، الذي اصطفيته بالرسالة، وائتمنته على وحيك، فاجعل لنا من أمرنا فرجًا ومخرجًا، برحمتك يا أرحم الراحمين»[3].
قال أبو مخنف: وبقي الحسين ثلاث ساعات من النهار ملطّخًا بدمه، رامقًا بطرفه إلى السماء، وينادي: «يا إلهي، صبرًا على قضائك، ولا معبود سواك، يا غياث المستغيثين»[4].
زاد عاشوراء للمحاضر الحسينيّ - الإصدار الثامن عشر، مركز المعارف للتأليف والتحقيق
[1] العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، مصدر سابق، ج45، ص46. (ينقله عن ابن طاووس، السيّد رضيّ الدين عليّ بن موسى الحسينيّ، اللهوف في قتلى الطفوف، أنوار الهدى، إيران - قم، 1417ه، ط1، ص69).
[2] العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، مصدر سابق، ج64، ص142.
[3] الشيخ الطوسيّ، مصباح المتهجّد، مصدر سابق، ص827-828.
[4] القندوزيّ، الشيخ سليمان بن إبراهيم الحنفيّ، ينابيع المودّة لذوي القربى، تحقيق السيّد عليّ جمال أشرف الحسينيّ، دار الأسوة للطباعة والنشر، إيران - قم، 1416ه، ط1، ج3، ص82.
استثمر كالمحترفين.. أفضل 10 نصائح لإدارة أموالك في سن الـ20
معظم الأشخاص في العشرينيات من عمرهم يميلون إلى إنفاق أموالهم على كل ما يرغبون فيه (غيتي)
إن أفضل ما يمكن لشخص أن يفعله في العشرينيات من عمره هو التعامل بجدّية مع شؤونه المالية.
وفي تقرير نشره موقع "إنفستد والت" (Invested wallet)، يستعرض الكاتب تيد كونسمان عددا من النصائح التي من شأنها أن تساعدك على إدارة أموالك الشخصية في العشرينيات من عمرك.
وتطرّق الكاتب إلى الأسباب التي يمكن أن تحول دون تحقيق أهدافك المالية في هذه المرحلة العمرية، مثل الديون الطلابية الكبيرة، ونقص المعرفة المالية، والعمل في وظيفة منخفضة الأجر.
تأجيل إشباع الرغبات الشرائية
إن معظم الأشخاص في العشرينيات من عمرهم يميلون إلى إنفاق أموالهم على كل ما يرغبون فيه. وفي الواقع، عندما تكون أصغر سنًّا، فإن الإشباع الفوري عادة ما يسيطر عليك.
ونبّه الكاتب إلى أن الإنفاق غير المدروس والعشوائي للأموال يمكن أن يوقعك في بعض المشاكل المالية التي يمكن أن تؤثر في مستقبلك المالي، وذكر أن من شأن التدرب على تأخير إشباع الرغبة في الشراء أن يغير طريقة إنفاقك للمال.
يمكنك تدريب نفسك على ذلك من خلال:
- الانتظار ما بين 24 و48 ساعة قبل إجراء عمليات الشراء الكبيرة المحتملة، لأنك يمكن أن تُغيّر رأيك في هذه المدة.
- حساب الأموال التي تنفقها.
- تحديد كيف يمكن أن يؤثر ما تشتريه على حياتك أم إنه يحقق مجرد سعادة وقتية.
وفي الواقع، إن التحكم في الرغبة في الحصول على كل شيء تريده ليست معركة سهلة. وإذا تمكنت من تحسين قراراتك المالية في وقت مبكر، سيبدأ صافي ثروتك يتزايد.
التركيز على الدخل والادّخار والاستثمار والمصاريف
البعض محظوظون بالحصول على رواتب كبيرة في وقت مبكر من حياتهم، لكن هذا ليس القاعدة. وفي ما يأتي المجالات الأربعة التي يجب التركيز عليها في هذه المرحلة العمريّة:
- الدخل: وفقا لـ "سمارت أسيت" (SmartAsset)، يبلغ متوسط رواتب الأشخاص في الولايات المتحدة الذين تراوح أعمارهم بين 20 و24 سنة 29 ألفا و770 دولارًا، إلى 41 ألفا و951 دولارا لمن أعمارهم بين 25 و34 سنة. هذا الرقم ليس سيئًا، ولكن إذا كنت ترغب أن تحسّن وضعك المالي فأنت بحاجة إلى التركيز على زيادة دخلك.
- المدّخرات: إلى جانب تحسين دخلك، يجب أن تركز على الادّخار أيضًا. يمكنك إنشاء صندوق طوارئ لتغطية أي نفقات غير متوقعة أو فواتير مفاجئة أو فقدان وظيفة. إنها واحدة من أهم النصائح المالية في عشرينياتك.
- الاستثمار: ابدأ الاستثمار مبكرا في شركتك، أو افتح حساب تقاعد فردي، وكلما بكّرت في استثمار جزء من أموالك في العمل، كانت مدخرات التقاعد أكثر. قد يكون من الصعب تخصيص بعض الأموال للتقاعد عندما يكون راتبك قليلا ولديك ديون وتدرك أن الأعوام لا تزال طويلة أمامك، ولكن حتى لو بدأت باستثمار جزء صغير في سوق الأسهم، سيؤثر ذلك بشكل كبير على عائداتك المالية.
- النفقات: عليك أن تشرع في الاهتمام بنفقاتك. ما فواتيرك الشهرية؟ علام تنفق أموالك أكثر؟ كيف يمكنك تقليص النفقات لتوفير المزيد؟ بناء على ذلك، يتعين عليك استخدام جدول بيانات بسيط لتدوين نفقاتك ومراقبتها باستمرار.
ابدأ التعلم
نصح الكاتب بتثقيف نفسك ماليا في العشرينيات من عمرك ومعرفة كيفية إدارة الشؤون المالية ووضع الميزانية، بتخصيص ساعة أو ساعتين كل أسبوع للتعلم. ويمكن أن يشمل ذلك قراءة كتاب أو بعض المجلات المالية أو الاستماع إلى المدونات الصوتية المالية وغيرها. واحرص على جعل تعلم مهارات التمويل أولوية، حتى لو لم تكن ممتعة لك.
وإذا واظبت على التعلم، فإن مهاراتك المالية سوف تتحسن وهذا يجب أن يكون دافعا لك. ومن أبرز المواضيع المالية التي يتعين عليك الاطلاع عليها:
- إدارة الأموال
- الاستثمار للمبتدئين
- بناء الثروة
- تغيير طريقة تفكيرك
توقف عن الاهتمام بما يمتلكه أصدقاؤك
على الرغم من أن الحياة الاجتماعية تعدّ جزءا مهما من حياتك خاصة في العشرينيات من عمرك، فإنها قد تؤدي أيضًا إلى تبنّي عادات مالية سيئة. فقد يخرج أصدقاؤك لتناول الطعام أو يطلبون منك مرافقتهم، ويتجاذبون أطراف الحديث عن أحدث التقنيات، وشراء سيارة جديدة، والسفر، وما إلى ذلك.
لكن مهما كان ما يفعله أصدقاؤك جذابًا لا تحاول مجاراتهم، لأنهم سيغرقون أنفسهم في الديون من أجل مواكبة العصر غير مبالين باحتياجاتهم المالية المستقبلية، فلا تكن مثلهم. وتعدّ منصات التواصل الاجتماعي من أبرز العوامل المسهمة في هذا الوضع فضلا عن الضغط الاجتماعي.
التخطيط المالي في العشرينيات من العمر
من أجل إنشاء خطة مالية في العشرينيات من العمر، عليك البدء في التفكير في الأهداف المالية القصيرة والطويلة المدى. وهذا من شأنه أن يساعدك على اتخاذ قرارات فعالة تساعدك في تعزيز مدخراتك، وإنشاء خطة تقاعد، واعتماد إستراتيجيات استثمار للمساعدة على تنمية محفظتك.
سوف تتغير أهدافك المالية على مرّ السنين، لكن التخطيط منذ العشرينيات من العمر من شأنه أن يساعدك على تصور المسار الصحيح لتحقيق أهدافك.
افهم قيمة الفائدة المركبة مبكرا
عندما تشرع في استثمار الأموال وبناء محفظة استثمارية، قد يبدو لك أنك لا تربح الكثير، والتفكير المفرط في ضرورة ادّخار الكثير من الأموال من أجل التقاعد أمر منهك. بدلًا من ذلك، عليك أن تفهم كيف تعمل الفائدة المركبة وسبب أهميتها.
كلما بدأت استثمار أموالك في وقت مبكر زادت الفائدة المركبة. فعلى سبيل المثال، إذا قمت باستثمار ألف دولار سنويا بمتوسط عائد 7%، ستجني 43 ألفا و865 دولارًا في غضون 20 عامًا. أي إنه بحلول 40 عامًا، سيكون لديك أكثر من 213 ألف دولار.
إتقان فن دفع الفواتير في الوقت المحدد
إذا كانت هناك مهارة مالية يجب أن تتقنها في العشرينيات، فهي كيفية دفع الفواتير في الوقت المحدد باستمرار. في هذه المرحلة، يجب أن تكون مسؤولًا عن تغذية تكاليف وضروريات حياتك الشخصية، ومن المهم تنظيم نفقاتك وتحديد جدول لسداد فواتيرك.
يمكن أن تؤثر المدفوعات أو الفواتير المتأخرة تأثيرا كبيرا في درجة الائتمان الخاصة بك لمدة طويلة، وهو ما يعني مواجهة صعوبات في الحصول على القروض وبطاقات الائتمان والرهون العقارية.
انتبه إلى درجة ائتمانك
إن تدنّي درجة الائتمان من شأنه أن يعيق الحصول على أفضل معدلات الفائدة على القروض، أو التقدم بطلب للحصول على بطاقات الائتمان، أو الحصول على شقة. لذلك من المهم جدا الحفاظ على درجات ائتمانية جيدة، لكنك تحتاج إلى بناء سجل ائتماني أيضًا، وإلا فستجد صعوبة في تنفيذ بعض الأمور.
ابحث عن نشاط جانبي
بغض النظر عن مدى أهمية وظيفتك أو مهاراتك في سوق العمل، فإن احتمال خسارة عملك يظل واردًا. والتمتع بنشاط جانبي يدرّ دخلا إضافيا من شأنه مساعدتك على سداد الديون في وقت أسرع، وتوفير مزيد من المال، وزيادة الاستثمار، ومن المرجح أن يصبح عملًا مربحًا جدًّا لك، فلا تتردد في البحث عن طريقة جديدة لكسب مزيد من المال واستخدام مهاراتك للحصول على وظيفة إضافية.
كن خبيرًا في "أساسيات المال"
في العشرينيات من العمر، لا تحتاج إلى أن تكون خبيرًا ماليًّا في كل شيء، لكن هناك "أساسيات" من الضروري أن تكون على معرفة واسعة بها عندما يتعلق الأمر بالمال.
وعلى الرغم من أن بعض هذه العناصر قد تبدو مألوفة، فإننا غالبًا ما نغفل عنها وعن أهميتها، ومن بينها:
- كيفية فتح حساب جار.
- كيفية فتح حساب ادّخار.
- بطاقة الائتمان مقابل بطاقة السحب المباشر من الرصيد.
إن إتقان هذه المجالات سيساعدك على اتخاذ خيارات أفضل في ما يتعلق بأموالك، في حين تنمّي معرفتك بأساسيات المال. وحتى إذا كنت متمكنا منها، لن تضرّك المراجعة أبدا.
أفضل نصيحة مالية لعشرينياتك
إن أفضل نصيحة ماليّة لشخص في العشرينيات من العمر هي بدء الاستثمار في نفسه. ربما تكون قد فعلت ذلك بالفعل من خلال الالتحاق بكلية التجارة، لكن لا تتوقف عند هذا الحد؛ خصص وقتًا وطاقة للتعلم وارتكاب بعض الأخطاء وتحمل بعض المخاطر الصغيرة. سيعود عليك الاستثمار في نفسك بالعديد من الفوائد لبقية حياتك.
أبعاد حركة الإمام الحسين (عليه السلام) في كلمات قائد الثورة الاسلامية
الإمام الحسين (عليه السلام) لدى خروجه من المدينة كتب وصيته التاريخية لأخيه محمد بن الحنفية والتي قال فيها: «إني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً، إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي».
أهم أهداف الإمام الحسين (عليه السلام)
فأبو عبد الله (عليه السلام) قد أوصى أخاه محمداً بن الحنفية، مرّتين: الأولى عند خروجه من المدينة، والثانية عند خروجه من مكّة، وأتصوّر أنّ هذه الوصيّة كانت عند خروجه من مكّة في شهر ذي الحجّة ـ فبعد الشهادة بوحدانية الله ورسالة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و... يقول الإمام (عليه السلام): «وإنّي ما خرجت أشراً ولا بطراً ولا ظالماً ولا مفسداً وإنّما خرجت أريد الإصلاح في أمّة جدّي» أي أريد الثورة لأجل الإصلاح لا للوصول إلى الحكم حتماً أو للشهادة حتماً، والإصلاح ليس بالأمر الهيّن، فقد تكون الظروف بصورة بحيث يصل الإنسان إلى سدّة الحكم ويمسك بزمام السلطة وقد لا يمكنه ذلك ويستشهد، وفي كلتا الحالتين فالثورة تكون لأجل الإصلاح. ثمّ يقول (عليه السلام): «أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر وأسير بسيرة جدّي». والإصلاح يتمّ عن هذا الطريق، وهو ما قلنا إنّه مصداق للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
إنَّ الحسين بن علي (عليه السلام) لم يتوجه إلى كربلاء بهدف القتال؛ فالذي يذهب إلى ميدان القتال لابد له من الجنود؛ ولكن الإمام الحسين بن علي (عليه السلام) كان قد حمل معه أهل بيته من النساء والأطفال، مما يعني أن حادثة ستقع في ذلك المكان وستدغدغ عواطف البشرية على طول التاريخ حتى تتضح عظمة ما قام به الإمام الحسين. لقد كان الإمام الحسين يدري أن أعداءه حقراء وسفهاء، وكان يرى أن الذين جاؤوا لقتاله ليسوا سوى شرذمة من أراذل وأوباش الكوفة طمعاً في الحصول على عطية تافهة وحقيرة هي التي دفعتهم إلى هذا المسلك وارتكاب مثل هذه الجريمة العظمى، وكان يعلم بما سيحلّ بنسائه وأبنائه. فالإمام الحسين لم يكن غافلاً عن كل هذا، ولكنه لم يكن مستعداً للاستسلام والعودة عن قراره، بل كان يحثّ على مواصلة الطريق مما يدل على أهمية هذا الطريق وعظمة هذا العمل.
لقد وردت عبارة في زيارة أربعين الإمام الحسين (عليه الصلاة والسلام) تنطوي على مغزى عميق وهي جديرة بالتأمل والتدبر كسواها من العبارات الكثيرة الواردة في مثل هذه الزيارات والأدعية، وإنني أود اليوم وبمناسبة ذكرى تاسوعاء وعزاء سيد الشهداء التحدث قليلاً بشأن هذه العبارة في الخطبة الأولى، حيث إنها ناظرة إلى أهداف النهضة الحسينية. وهذه العبارة هي «وبذل مهجته فيك». وقد وردت في زيارة الأربعين التي تأتي فقراتها الأولى على صورة دعاء يناجي به المتكلم المولى سبحانه وتعالى فيقول «وبذل مهجته فيك» أي الحسين بن علي (عليهما السلام) «ليستنقذ عبادك من الجهالة وحيرة الضلالة». فهذا هو أحد جوانب القضية وهو المتعلق بصاحب النهضة أي الحسين بن علي (عليه السلام). وأما الجانب الآخر فيرد في الفقرة التالية التي تقول «وقد توازر عليه من غرّته الدنيا وباع حظه بالأرذل الأدنى» في وصف للواقفين على الجبهة المضادة، وهم الذين غرتهم الدنيا بالمطامع المادية والزخارف والشهوات والأهواء النفسية فباعوا حظهم من السعادة الدنيوية والأخروية بالأرذل الأدنى. وهذه هي خلاصة النهضة الحسينية.
أبعاد حركة الإمام الحسين (عليه السلام)
يدرك المرء أن بإمكانه النظر إلى النهضة الحسينية بمنظارين في الواقع، وكلاهما صحيح، سوى أن مجموعهما يكشف عن الأبعاد العظيمة لهذه النهضة؛ فالنظرة الأولى تكشف عن الحركة الظاهرية للحسين بن علي، والتي قام بها في مواجهة حكومة فاسدة ومنحرفة وظالمة وقمعية وهي حكومة يزيد. وأما باطن القضية وعمقها فتكشف عنه النظرة الثانية، وهي الحركة الأعظم والأعمق لأنها ضد جهل الإنسان وضلالته. فمع أن الإمام الحسين قام بمقارعة يزيد في الواقع، إلا أن هذه المقارعة الواسعة التاريخية لم تكن ضد يزيد الفرد الفاني الذي لا يساوي شيئاً، بل كانت ضد جهل الإنسان وانحطاطه وضلالته وذلّه، وهو ما يكافحه الإمام الحسين في الحقيقة.
ونهضة الإمام الحسين لها بعدان آخران يمكن أن يسفر كل منهما عن نتيجة طيبة؛ الأول: أن يستطيع الإمام الحسين (عليه السلام) التغلب على حكومة يزيد واسترداد السلطة من يد أولئك الذين يقمعون الناس ويتلاعبون بمصيرهم ووضع الأمور في نصابها الصحيح؛ فلو كان قد حدث ذلك لتغيرت مسيرة التاريخ. وأما الثاني فكان عدم تمكن الإمام الحسين من إحراز هذا النصر السياسي والعسكري لأي سبب من الأسباب، وعندئذ لم يكن أمامه سوى استبدال القول بالدم والمظلومية وتحمّل الخسارة التي لن ينساها التاريخ على مدى الزمان، لتبقى كلمته تياراً جارفاً لا ينقطع إلى أبد الدهر. وهذا هو ما فعله الإمام الحسين. وفي الحقيقة فلو كان الذين يدعون الإمام قد وقفوا موقفاً آخر غير الذي اتخذوه مع الإمام الحسين لتحقق البعد الأول للثورة ولاستطاع الإمام الحسين إصلاح الدنيا والآخرة في ذلك الوقت، ولكنهم قصروا في حقه! أما لماذا قصروا، وكيف قصروا، فإن ذلك من الأبحاث الطويلة والمريرة، وقد تحدثت عن بعض جوانبه منذ عدة سنوات تحت عنوان (الخواص والعوام)؛ أي من الذين قصروا، وعلى من يقع هذا التقصير، وكيف كان، وأين كان؟ وهو ما لا أريد الخوض فيه مرة أخرى. وعلى هذا الأساس فقد وقع التقصير من البعض وهو ما حال دون تحقق الهدف الأول، بينما تحقق الهدف الثاني، وهو ما لم يكن بوسع أية قوة كانت سلبه من الإمام الحسين، حيث إن قوة التوجه إلى ميدان الشهادة، والتضحية بالنفس والأعزة، هو ذلك الحدث العظيم الذي تضاءلت وتلاشت أمام عظمته قوة العدو وعظمته، وهو الذي يمنح الشمس المزيد من الازدهار والتألّق يوماً بعد آخر في عالم الإسلام ويحيط بكل البشرية.
خطر سلطة يزيد على الإسلام
إنَّ يزيد الحاكم لم يكن على علاقة مع الناس، ولم يكن من أهل العلم، ولم يكن تقياً ولا نقياً ولا حكيماً، كما لم تكن له سابقة في الجهاد في سبيل الله، ولم يكن يؤمن قدر ذرة بمعنويات الإسلام، ولم يكن يتصرف في سلوكه كالإنسان المؤمن، ولم يكن قوله كأقوال الحكماء؛ أي أنه كان عارياً عن أي شبه برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). وفي مثل هذه الظروف سنحت الفرصة للإمام الحسين ليقوم بثورته، وهو الإمام الذي كان يجب أن يخلف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في أداء مهمته.
خصائص واقعة كربلاء
علينا الإمعان والتأمّل قليلاً في قضية الإمام الحسين (عليه السلام).
لقد ثار الكثيرون في العالم وقتلوا وكان لهم قادة، وكان بينهم الكثير من أبناء الأنبياء والأئمة (عليهم السلام)، لكن سيد الشهداء (عليه السلام) فرد واحد، وواقعة كربلاء فريدة في نوعها، ومكانة شهداء كربلاء منحصرة بهم، لماذا؟
إن إحدى خصائص هذه الواقعة هي أنَّ خروج الإمام الحسين (عليه السلام) كان خالصاً للّه، ولإصلاح المجتمع الإسلامي، وهذه خصيصة هامّة. فعندما يقول الإمام (عليه السلام): «إني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا ظالماً ولا مفسداً» فمعناه أن ثورتي لم تكن للرياء والغرور وليست فيها ذرّة من الظلم والفساد، بل «إنّما خرجت لطلب الإصلاح في اُمّة جدّي» أي أن هدفي هو الإصلاح فقط ولا غير.
إن القرآن الكريم حينـما يخـاطب المسلمـين في صدر الإسلام يقول: {ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطراً ورئاء الناس} ، وهنا الإمام (عليه السلام) يقول: «إني لم أخرج أشراً ولا بطراً». تأمّلوا جيداً، فهنا نهجان وخطّان. فالقرآن يقول لا تكونوا مثل الذين خرجوا «بطراً» أي غروراً وتكبّراً، ولا أثر للإخلاص في تحرّكهم، وإنّما المطروح في هذا المنهج الفاسد هو «أنا» و«الذات»، و«رئاء الناس»، أي انّه تزيَّنَ ولبس الحلي وامتطى جواداً غالياً وخرج من مكّة وهو يرتجز، إلى أين؟ إلى الحرب، التي يهلك فيها أمثال هؤلاء أيضاً، فهذا خطّ .
وهناك خطّ ونهج آخر ومثاله ثورة الإمام الحسين (عليه السلام)، والتي لا وجود للـ«أنا» وللـ«ذات» والمصالح الشخصية والقومية والحزبية فيها أبداً، إذاً هذه أول خصّيصة من خصائص ثورة الحسين بن علي (عليه السلام).
فكلّما ازداد الإخلاص في أعمالنا كلّما ازدادت قيمتها، وكلّما ابتعدنا عن الإخلاص كلّما اقتربنا من الغرور والرياء والعمل للمصالح الشخصية والقومية، وكلّما ازدادت الشوائب في الشيء كلّما أسرع في الفساد، فلو كان نقيّاً وخالصاً لما فسد أبداً.
وإنْ أردنا إعطاء مثال بالأمور المحسوسة، نقول: إذا كان الذهب خالصاً ونقياً فلا يقبل الفساد والصدأ أبداً، وإنْ كان مخلوطاً بالنحاس والحديد وبقية المواد الرخيصة الثمن، احتمل الفساد أكثر، فهذا في المادّيات. أمّا في المعنويات فانّ هذه المعادلة أكثر دقّة، إنما نحن لا نفهمها بسبب نظرتنا المادية، لكن يدركها أهل الفن والبصيرة، وانّ اللّه تعالى هو الناقد في هذه الواقعة، «فانّ الناقد بصير»، فوجود شائبة بمقدار رأس إبرة في العمل يقلّل من قيمة العمل بالمقدار نفسه، وحركة الإمام الحسين (عليه السلام) من الأعمال التي ليست فيها شائبة ولو بمقدار رأس إبرة، لذا هو باقٍ إلى الآن وسيبقى خالداً إلى الأبد. فمن توقّع خلود اسم وذكر أبي عبد اللّه الحسين (عليه السلام) وأنصاره في التاريخ؟ أولئك الذين قُتِلوا غرباء في تلك الصحراء وحيث دفنوا فيها رغم كلّ الإعلام المعادي في ذلك الوقت، وكيف أنهم أحرقوا المدينة بعد استشهاد هذا العظيم بسنة في واقعة الحرّة، أي أنهم نتفوا الورود بعد أن خرّبوا الروضة، فمن توقّع أن يفوح عطرها؟ وبأيّة قاعدة مادّية يُتصور بقاء وردة في هذه الروضة؟ لكن تلاحظون انّه كلما مرّ الزمان عليها كلّما أصبحت تلك الروضة أكثر عطراً.
فهناك أناس لا يعتقدون بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي هو جدّ الحسين (عليه السلام) والحسين سائر على نهجه، ولا يعتقدون بأبيه علي (عليه السلام) ولا يؤمنون بحرب الحسين (عليه السلام)، لكنهم يقبلون الحسين (عليه السلام) ويعظّمونه، فهذا هو الخلوص، وهذه هي النكتة الأولى.
وفي ثورتنا العظيمة كان الإخلاص سبباً لبقائها، ذلك الجوهر الخالص الذي كان الإمام مظهره. ارجعوا إلى تلك الذكريات وتلك التضحيات في سوح الحرب، ذلك الحر المهلك في الصحاري والبراري، ذلك الشتاء القارس في الجبال، ذلك الرعب والخوف والخطر المستمر في سوح القتال، تلك المحاصرة، قلة القوات التي كنّا نتحمّس كثيراً لإعداد عدد قليل منها، عدم امتلاك الأسلحة حيث كنا نركض وراء مسدس أو قذيفة. تذكّروا كلّ هذا واستشعروا تلك الأيام، لتدركوا لماذا كانت كلّ هذه المؤامرات ضدّ الثورة؟ ولماذا تستمر إلى الآن؟ لكن بقيت هذه الشجرة راسخة.
إن هذا الجوهر (الإخلاص) هو الذي حفظها، إن إخلاص الإمام (ره) والشعب خاصة إخلاص أولئك المقاتلين في سوح القتال ـ وانتم من أفضلهم وأمثلهم ـ هو الذي حفظ الثورة ودعم استمرارها، إذاً هذه نكتة يجب الاهتمام بها دائماً ، وأنا أحوج من غيري إلى هذا الاهتمام.
إن النكتة الأخرى في ثورة الحسين (عليه السلام) ـ وهي مهمة أيضاً ـ وهذه النكتة وإنْ كانت ترجع إلى قوة الإخلاص، لكنها في نفسها مهمة نظراً لوضعنا اليوم، وهذه النكتة هي غربة الحسين (عليه السلام)، فلا يوجد في أيّة واقعة من الوقائع الدامية في صدر الإسلام غربة ووحدة كما في واقعة كربلاء، فمن رغب فليتأمل في تاريخ الإسلام. إنني أمعنت جيداً فلم أجد واقعة كواقعة كربلاء. ففي حوادث صدر الإسلام وغزوات النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وحروب أمير المؤمنين (عليه السلام) كانت حكومة ودولة وجنود يشاركون في الحرب، ومن ورائهم أدعية الأمهات، آمال الأخوات، تقدير الحضور وتشجيع القيادة العظيمة للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أو لأمير المؤمنين (عليه السلام)، كانوا يضحّون بأنفسهم أمام النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهذا ليس صعباً. فكم من شبابنا قدّموا أرواحهم لدى سماعهم نداءاً من الإمام، وكم منّا من يأمل في إشارة من الولي الغائب (عج) لنضحّي بأنفسنا. فعندما يرى الإنسان القائد بعينه ويشاهد تقدير وثناء من خلفه ويعلم انه يقاتل ليهزم العدو ويأمل بالنصر، فإنّه يقاتل براحة أكبر، وهكذا حرب ليست صعبة، طبعاً هناك حوادث في التاريخ فيها الغربة نسبياً كحوادث أبناء الأئمة والحسنيّون في عصر الأئمة عليهم السلام، لكن هؤلاء كانوا يعملون في ظلّ إمام كالإمام الصادق (عليه السلام)، والإمام موسى بن جعفر (عليهما السلام)، وكالإمام الثامن (عليه السلام)، وقائدهم وسيّدهم حاضر يسندهم ويتفقّد عيالهم، فكان الإمام الصادق (عليه السلام) يأمرهم بقتال الحكام الفسدة ويقول «وعليّ نفقة عياله» وكان المجتمع الشيعي ظهراً لهم، وبالنهاية كان لهم أمل خلف ساحات الحرب، لكن في واقعة كربلاء، فانّ أس القضية ولب لُباب الإسلام المقبول من الجميع أي الإمام الحسين (عليه السلام) في ميدان الحرب، ويعلم هو وأصحابه انه سيستشهد ولا أمل له في أي أحد في هذا العالم الواسع وهو غريب ووحيد. ومن رجالات الإسلام ذلك اليوم من لا يغتمّ لقتل الحسين (عليه السلام) بل يعتبر وجوده مضراً بحاله، ومنهم من لا يبالي بالقضية وإن حزن لقتله (عليه السلام) (كعبد اللّه بن جعفر وعبد اللّه بن عباس وأمثالهم).
عظمة واقعة كربلاء
إنّ أس القضية ولب لُباب الإسلام المقبول من الجميع هو أنَّ الإمام الحسين (عليه السلام) وأصحابه كانوا يعلمون انه سيستشهد ولا أمل له في أي أحد في هذا العالم الواسع وهو غريب ووحيد. ومن رجالات الإسلام ذلك اليوم من لا يغتمّ لقتل الحسين (عليه السلام) بل يعتبر وجوده مضراً بحاله، ومنهم من لا يبالي بالقضية وإن حزن لقتله (عليه السلام) (كعبد اللّه بن جعفر وعبد اللّه بن عباس وأمثالهم).
فلم يكن للإمام (عليه السلام) أدنى أمل بمن هم خارج ميدان القتال المليء بالمحن، فما كان موجوداً فهو في ميدان القتال فقط. والأمل مقتصر على هذا الجمع، والجمع مسلّم للشهادة، وبعد الاستشهاد لا يقام لهم مجلس فاتحة حسب الموازين الظاهرية، فيزيد متسلّط على كلّ شيء ، وتُساق نسائهم أسارا ولا يُرْحَم أطفالهم «لا يوم كيومك يا أبا عبد اللّه» فلولا الإيمان والإخلاص والنور الإلهي في قلب الحسين ابن علي (عليهما السلام) والذي بعث الحرارة في قلوب الصفوة المؤمنة حوله لما تحقّقت تلك الواقعة، فانظروا إلى عظمة هذه الواقعة.
منـزلة شهداء واقعة كربلاء
يمكن مقارنة شهدائنا بشهداء بدر وحنين واُحد وشهداء صفين والجمل، بل شهدائنا أرفع منـزلة من كثير من هؤلاء الشهداء، لكن بشهداء كربلاء، فلا. فلا يقارن أحد بشهداء كربلاء، لا اليوم ولا في الماضي، لا في صدر الإسلام ولا أبداً إلى أن يشاء اللّه . إنّ هؤلاء هم صفوة الشهداء، فلا نظير لعلي الأكبر ولحبيب بن مُظاهر. فهذه واقعة كربلاء ـ أعزّتي ـ وهذه هي القاعدة الراسخة والمتينة التي حفظت الإسلام على مدى ألف وثلاثمائة وعدّة سنوات رغم كلّ العداء له. فهل تتصورون أن الإسلام يبقى لولا تلك الشهادة وذلك اليوم وتلك الواقعة العظمي؟ بل تيقّنوا بمحو الإسلام في أتون الأحداث، نعم قد يبقى العنوان كدين تاريخي مع عدد قليل من الأتباع في زاوية من زوايا العالم، وقد يبقى اسم وذكر للإسلام لكن تمحى حقيقته. انظروا إلى الإسلام في هذا العصر كيف انّه حيّ وبنّاء. وكيف تتفاءل الشعوب بأنواره الساطعة بعد (1400) سنة، وكلّ هذا من بركات واقعة كربلاء ومن استشهاد الإمام الحسين (عليه السلام).
عزّة وشموخ الإمام الحسين (عليه السلام)
إن سلوك الإمام الحسين منذ خروجه من المدينة وحتى يوم استشهاده في كربلاء كان منطوياً على المعنويات والعزة والشموخ وفي نفس الوقت مغموراً بالعبودية والتسليم المطلق لأمر الله، وهكذا كان دائماً وفي كل المراحل. ففي ذلك اليوم الذي جاءته مئات وربما آلاف الرسائل تحمل نداء القائلين بأنهم شيعته وأنصاره وأنهم في الكوفة والعراق بانتظار وصوله، فإنه لم يصب بالغرور. وعندما قال «خطَّ الموت على ولد آدم مخطّ القلادة على جيد الفتاة» فإنه كان يتحدث عن الموت ولم يهدد الأعداء وينذرهم بالويل والثبور، كما أنه لم يقم بترغيب أصحابه ولم يقم بتقسيم مناصب الكوفة بينهم. لقد كانت حركته حركة إسلامية مفعمة بالعلم والمعرفة والعبودية والتواضع في ذلك اليوم الذي مد فيه الجميع إليه أيديهم وأظهروا له الود والإخلاص. وحتى في كربلاء عندما حاصره ثلاثون ألفاً من الأراذل والأوباش مع أصحابه الذين لم يبلغوا المائة وهددوه هو ومن معه من أعزائه بالموت كما هددوا نساءه وحرمه بالأسر، فإن هذا الرجل الإلهي والعبد الرباني العزيز في الإسلام لم تبدُ عليه ذرة من الاضطراب.
يقول ذلك الراوي الذي ينقل أحداث يوم عاشوراء التي تناقلتها الألسن والكتب «فو الله ما رأيت مكسوراً أربط جأشاً من الحسين». فالإنسان يلتقي الكثيرين في ميادين الحرب المختلفة وفي الساحات الاجتماعية والعرصات السياسية وسواها من المجالات الأخرى التي تضم ذوي الابتلاءات المختلفة؛ ولكن الراوي يحكي عن عدم مشاهدته لأحد مثل الحسين بن علي في موقفه هذا، حيث نـزلت عليه شتى المصائب غير أنه واجهها بوجه مستبشر قاطع، مما يدل على قوة العزيمة ورسوخ الإرادة والتوكل على الله. فهذه هي العزة الإلهية، وهذا هو الموقف الذي خطّه الإمام الحسين في سجل التاريخ.
إن الحسين (عليه السلام) مصباح الهدى وسفينة النجاة
عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قـال: «حسين منّي وأنا مـن حسين». وعنه (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال: «الحسين مصباح الهدى وسفينة النجاة».
إنّني اليوم وبمناسبة يوم عاشوراء، سأتحدّث عن ثورة الحسين (عليه السلام)، وإنّه لشيء عجيب، إذ أنّ حياتنا مليئة بذكر الحسين (عليه السلام)، وإنّنا نشكر الله على ذلك.
لقد قيل الكثير عن نهضة هذا العظيم، لكنّ الإنسان كلّما فكّر وتدبّر في هذا الموضوع، كلّما اتّسع مجال التفكير والبحث والتحقيق والمطالعة عنده، فقد بقي الكثير ممّا لم يقال عن هذه الحادثة العظيمة والعجيبة الّتي لا نظير لها. فعلينا أن نتدبّر ونتفكّر فيه ثمّ نقوله للآخرين.
لو نظرنا الحادثة منذ أن خرج أبو عبد الله (عليه السلام) من المدينة وتوجّه نحو مكّة إلى أن استُشهد في كربلاء، لأمكننا أن نقول إنّ الإنسان يستطيع عدّ مائة درس مهمّ في هذا التحرّك الّذي استمرّ أشهر معدودة فقط. ولا أودّ القول آلاف الدروس وإن أمكن قول ذلك حيث تعتبر كلّ إشارة من ذلك الإمام العظيم درساً، لكن عندما نقول مائة درس أي لو أردنا أن ندقّق في هذه الأعمال لأمكننا استقصاء مائة عنوان وفصل، وكلّ فصل يعتبر درساً لأمة وتاريخ وبلد ولتربية النفس وإدارة المجتمع وللتقرّب إلى الله. هكذا هو الحسين بن علي (أرواحنا فداه وفداء اسمه وذكره) كالشمس الساطعة بين القديسين، أي إن كان الأنبياء والأئمّة والشهداء والصالحين كالأقمار والأنجم، فالحسين (عليه السلام) كالشمس الطالعة بينهم، كلّ ذلك لأجل هذه الأمور.
وإلى جانب المائة درس هذه، هناك درس رئيسي في هذا التحرّك، سأسعى لتوضيحه لكم وهو لماذا ثار الحسين (عليه السلام)؟ لماذا ثرت يا حسين رغم كونك شخصيّة لها احترامها في المدينة ومكّة، ولك شيعتك في اليمن، إذهب إلى مكان لا عليك بيزيد ولا ليزيد عليك شيء، تعيش وتعبد الله وتبلِّغ؟
هذا هو السؤال والدرس الرئيسي، ولا نقول إنّ أحداً لم يشر إلى هذا الأمر من قبل، فقد حقّقوا وتحدّثوا كثيراً في هذه القضيّة، وما نودّ قوله اليوم ـ وفي رأيي ـ هو استنتاج جامع ورؤية جديدة للقضيّة.
إنّ البعض القول: إنّ هدف ثورة أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) هو إسقاط حكومة يزيد الفاسدة وإقامة حكومة بدلها.
هذا القول شبه صحيح وليس خطأ، لأنّه لو كان القصد من هذا الكلام هو أنّ الحسين (عليه السلام) ثار لأجل إقامة حكومة وعندما يرى عدم إمكانيّة ذلك، يقول لم نتمكّن من ذلك، فلنرجع.
إنّ من يثور لأجل إقامة حكومة، سيستمرّ مادام يرى إمكانية ذلك، فإن احتمل عدم الإمكان أو عدم وجود احتمال عقلائي، فوظيفته أن يرجع. فالّذي يقول إنّ هدف الإمام (عليه السلام) من هذه الثورة هو إقامة الحكومة العلويّة الحقّة، فهذا غير صحيح؛ لأنّ مجموع هذا التحرّك لا يدلّ على ذلك. وسأبين ذلك لاحقاً.
والبعض على العكس من ذلك، قالوا: ما الحكومة؟ إنّ الحسين كان يعلم بعدم تمكّنه من إقامة الحكومة، إنّه جاء لأجل أن يقتل ويستشهد. لقد شاع هذا الكلام على الألسن كثيراً فترةً من الزمن، وكان البعض يصنع ذلك بتعابير جميلة، ثمّ رأيت أنّ بعض كبار العلماء قد قالوا ذلك أيضاً، فهذا لا يعتبر كلاماً جديداً وهو أنّ الإمام (عليه السلام) ثار لأجل أن يستشهد، لأنّه رأى أنّه لا يمكنه عمل شيء بالبقاء، فقال يجب أن أعمل شيئاً بالشهادة.
هذا الرأي أيضاً لا يوجد في المصادر الشرعيّة الإسلاميّة ما يؤّيد حجّة إلقاء الإنسان نفسه للقتل. إنّ الشهادة الّتي نعرفها في الشرع المقدّس والآيات والروايات معناها أن يتحرّك الإنسان ويستقبل الموت لأجل هدف مقدّس واجب أو راجح، هذه هي الشهادة الإسلاميّة الصحيحة. أمّا أن يتحرّك الإنسان لأجل أن يقتل فلا، إذن هذا الأمر وإن كان فيه جانباً من الحقيقة لكن لم يكن هدف الحسين (عليه السلام).
إذن ـ باختصار ـ لا يمكننا القول: إنّ الحسين (عليه السلام) ثار لأجل إقامة الحكومة، ولا أن نقول: إنّه ثار لأجل أن يستشهد. وإنّني أتصوّر أنّ القائلين بأنّ الهدف هو الحكومة أو الهدف هو الشهادة قد خلطوا بين الهدف والنتيجة. فالهدف لم يكن ذلك، بل كان للإمام الحسين (عليه السلام) هدف آخر، كان الوصول إليه يتطلّب طريقاً وحركة تنتهي بإحدى النتيجتين: الحكومة أو الشهادة، وكان الإمام مستعدّاً لكلتا النتيجتين، فقد أعدّ مقدّمات الحكم وكذا مقدّمات الشهادة، فإذا تحقّق أيّ منهما، كان صحيحاً، لكن لم يكن أيّ منهما هدفاً، بل كانا نتيجتين.
إذن ما هو الهدف؟ أقول باختصار ثم أبداً بتوضيحه قليلاً.
لو أردنا بيان هدف الإمام الحسين (عليه السلام)، فينبغي أن نقول هكذا: إنّ هدف ذلك العظيم كان أداء واجب عظيم من واجبات الدين لم يؤّده أحد قبله، لا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ولا أمير المؤمنين (عليه السلام) ولا الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام)، واجب يحتلّ مكاناً مهمّاً في البناء العام للنظام الفكري والقيمي والعملي للإسلام. ورغم أنّ هذا الواجب مهمّ وأساسي، لكنّه لماذا لم يُقَمْ بهذا الواجب حتّى عهد الإمام الحسين (عليه السلام)؟ كان ينبغي على الإمام الحسين (عليه السلام) القيام بهذا الواجب ليكون درساً على مرّ التاريخ، مثلما أنّ تأسيس النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) للحكومة الإسلاميّة أصبح درساً على مرّ تاريخ الإسلام، ومثلما أصبح جهاد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في سبيل الله درساً على مرّ تاريخ المسلمين وتاريخ البشريّة إلى الأبد. فكان ينبغي أن يُودّي الإمام الحسين (عليه السلام) هذا الواجب ليصبح درساً عمليّاً للمسلمين على مرّ التاريخ.
ولماذا قام الإمام الحسين (عليه السلام) بهذا الواجب؟ لأنّ أرضية هذا العمل قد مُهِّدت في زمن الإمام الحسين (عليه السلام)، فلو لم تمهّد هذه الأرضيّة في زمن الإمام الحسين (عليه السلام)، كأن مُهّدت ـ وعلى سبيل المثال ـ في زمن الإمام علي الهادي (عليه السلام) لقام الإمام علي الهادي (عليه السلام) بهذا الواجب، لصار هو ذبيح الإسلام العظيم، ولو اتّفق ذلك في زمن الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام) لقام به، أو اتّفق في عصر الإمام الصادق (عليه السلام) لقام به الإمام الصادق (عليه السلام)، لكنّ لم يتّفق ذلك في زمن الأئمّة حتّى عصر الغيبة إلاّ في عصر الإمام الحسين (عليه السلام).
إذن كان الهدف أداء هذا الواجب، فعندها تكون نتيجة أداء الواجب أحد الأمرين إمّا الوصول إلى الحكم والسلطة وكان الإمام الحسين (عليه السلام) مستعدّاً لذلك؛ ليعود المجتمع كما كان عليه في عصر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمير المؤمنين (عليه السلام)، أو يصل إلى' الشهادة وكان الإمام الحسين مستعدّاً لها أيضاً.
فإنّ الله قد خلق الحسين والأئمة بحيث يتحمّلون مثل هذه الشهادة لمثل لهذا الأمر، وقد تحمّل الإمام الحسين (عليه السلام) ذلك. هذا خلاصة الأمر.
وأمّا توضيح هذا الأمر:
انظروا أيّها الإخوة والأخوات المصلّون الأعزّاء، إنّ النبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ وكذا أيّ نبيّ ـ عندما بعث، أتى بمجموعة من الأحكام، بعضها فرديّة لإصلاح الفرد، وبعضها اجتماعية لبناء المجتمعات البشريّة وإدارة الحياة البشريّة. هذه المجموعة من الأحكام يقال لها النظام الإسلامي. فعندما نـزل الإسلام على القلب المقدّس للنبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم)، فجاء بالصلاة والصوم والزكاة والإنفاقات والحجّ والأحكام الأسرية والعلاقات الفرديّة، ثمّ جاء بالجهاد في سبيل الله وإقامة الحكومة والنظام الاقتصادي وعلاقات الحاكم بالرعيّة ووظائف الرعية تجاه الحاكم. هذه المجموعة من الأحكام عرضها الإسلام على البشر، وبيّنها النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم): «ما من شيء يقرّبكم إلى الجنّة ويبعدكم من النار إلاّ وقد أمرتكم به». ولم يبيّن النبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) كلّ ما يسعد الإنسان والمجتمع الإنساني فحسب، بل طبّقها وعمل بها، فقد أقام الحكومة الإسلاميّة والمجتمع الإسلامي، وطبّق الاقتصاد الإسلامي، وأقيم الجهاد واستحصلت الزكاة، فشيّد نظاماً إسلاميّاً وأصبح النبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) وخليفته من بعده معمار وقائد هذا النظام. كان الطريق واضحاً وبيّناً، فوجب على الفرد وعلى المجتمع الإسلامي أن يسير في هذا الطريق وعلى هذا النهج، فإن كان كذلك بلغ الناس الكمال، أصبحوا صالحين كالملائكة، وذهب الظلم والشرّ والفساد والفرقة والفقر والجهل بين الناس، ووصل الناس إلى السعادة الكاملة ليصبحوا عباد الله الكُمّل.
حسناً، يبقى ـ هنا ـ سؤال وهو: لو صرفت يد أو حادثة القطار الّذي سيّره النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) عن مسيره، فما هو التكليف؟؟ لو انحرف المجتمع الإسلامي وبلغ الانحراف درجةً بحيث خيف انحراف أصل الإسلام والمبادئ الإسلاميّة ـ لأنّ الانحراف على قسمين، فتارة ينحرف الناس، وهذا ما يقع كثيراً، لكن تبقى أحكام الإسلام سليمة، وتارة ينحرف الناس ويفسد الحكّام والعلماء ومبلّغو الدِّين، فيحرّفوا القرآن والحقائق، وتبدّل الحسنات سيّئات والسيّئات حسنات. ويصبح المعروف منكراً والمنكر معروفاً، ويحرَّف الإسلام 180 درجة ـ فلو اُبتلي النظام والمجتمع الإسلامي بمثل هذا الأمر، فما هو التكليف حينئذ؟
لقد بيّن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وحدّد القرآن التكليف ﴿من يرتدّ منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبّهم ويحبّونه أذلّة على المؤمنين أعزّة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم﴾. إضافة إلى آيات وروايات كثيرة أخرى.
لكن هل تمكّن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من العمل بهذا الحكم الإلهي؟ كلاّ، لأنّ هذا الحكم الإسلامي يُطبّق في عصر ينحرف فيه المجتمع الإسلامي ويبلغ حدّاً يخاف فيه من ضياع أصل الإسلام، والمجتمع الإسلامي لم ينحرف في عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولم ينحرف في عهد أمير المؤمنين بتلك الصورة، وكذا في عهد الإمام الحسن (عليه السلام) عندما كان معاوية على رأس السلطة، وإن ظهرت الكثير من علائم ذلك الانحراف، لكنّه لم يبلغ الحدّ الّذي يخاف فيه على أصل الإسلام. نعم، يمكن أن يقال إنّه بلغ في برهة من الزمن الحدّ، لكن في تلك الفترة لم تتاح الفرصة ولم يكن الوقت مناسباً للقيام بهذا الأمر.
إنّ هذا الحكم الّذي يعتبر من الأحكام الإسلاميّة لا يقلّ أهمّية عن الحكومة ذاتها، لأنّ الحكومة تعني إدارة المجتمع، فلو انحرف المجتمع وفسد، وتعطّل الحكم الإلهي، ولم يوجد عندنا حكم وجوب تغيير الوضع وتجديد الحياة أو بتعبير اليوم (الثورة)، فما الفائدة في الحكومة في الإسلام. فالحكم الّذي يرتبط بإرجاع المجتمع المنحرف إلى الخطّ الصحيح لا يقلّ أهمّية عن الحكومة ذاتها، ويمكن أن يقال إنّه أكثر أهمّية من جهاد الكفّار ومن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الطبيعيين في المجتمع الإسلامي، بل وحتّى من العبادات الإلهيّة العظيمة كالحج. لماذا؟ لأنّ هذا الحكم ـ في الحقيقة ـ يضمن إحياء الإسلام بعد أن أشرف على الموت أو مات وانتهى.
حسناً، مَنْ الّذي يجب عليه أداء هذا الحكم وهذا التكليف؟
الإمام الحسين (عليه السلام) عِبرة وعَبرة
هذا اليوم هو يوم عاشوراء وهـذه أيّام بكاء ونعي. إنّ كربلاء كلّها عزاء ومصائب، وحوادث عاشوراء كلّها بكاء وألم، منذ نـزول الحسين (عليه السلام) بأرض كربلاء، وخُطبه، أقواله، وأشعاره، وإخباره بقتله، مخاطبته لأخته زينب وإخوته وأعزّته، كلّها مصائب إلى ليلة عاشوراء ويوم عاشوراء. ولأجل أن أشرك نفسي في هذه الضيافة الحسينيّة العظيمة قليلاً سوف أنعى ببعض الكلمات. وبما أنّ شعبنا ضحّى بالكثير من الشباب في سبيل الله، وقد يتواجد بين جموع المصلّين الآلاف ممّن قدّموا شبابهم، فرأيت أن أذكر مصيبة شباب الحسين (عليه السلام).
حسناً إنّنا نوصي الجميع بقراءة النعي من متن الكتب.
ويوم عاشوراء وهو بالنسبة لأبناء الأمة في إيران إضافة إلى ما فيه من دروس، يوم شكر أيضاً، شكر للّه سبحانه وتعالى أن وُضع شرعة الجهاد الّتي سار عليها الحسين (عليه السلام) ليصون الأمة من الذلّ والهوان، الشكر له سبحانه وله المنّة أن جعل الأمة في إيران تقتدي بالإمام الحسين (عليه السلام)، وتستلهم من روح عاشوراء ما يُعينها على تسجيل ملحمة بطوليّة كبرى من ملاحم الثائرين الرساليين في التاريخ.
لقد قلت ذات مرّة حول العبر المستخلصة من قضية الإمام الحسين (عليه السلام) : إنّنا بالإضافة إلى استلهامنا الدروس من هذه الواقعة، فإنّنا نستخلص العبر منها، فالدروس تقول لنا ماذا يجب فعله، لكنّ العبر تقول أيّة حادثة وقعت وأيّها قد تقع..
والعبرة في قضية الإمام الحسين (عليه السلام) هي عندما يتأمّل الإنسان في تأريخ المجتمع الإسلامي، ذلك المجتمع الذي كان يرأسها شخص غير عادي كرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، هذا النبي الذي كان يتمتّع بقدرة تفوق إدراك البشر، والمرتبط بالوحي الأزلي والحكمة الفريدة اللامتناهية، والمجتمع الذي حكمه بعد ذلك علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، حيث أصبحت المدينة والكوفة مركَزَي هذه الحكومة العظيمة، فما الذي حدث بعد ذلك؟ وأيّة جرثومة دخلت بدن هذا المجتمع حتّى قتل الحسين بن علي (عليه السلام) في ذلك المجتمع وبين هؤلاء الناس وبتلك الصورة بعد مضي نصف قرن على وفاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وعشرين سنة على شهادة أمير المؤمنين (عليه السلام)، فما الذي حدث، وكيف ؟! وما حدث ليس بحقّ ابن مجهول، بل بحقّ من كان يحتضنه النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) في الصغر، ويُصعده معه على المنبر ويخطب في الناس، بحقّ من قال في حقّه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «حسين منّي وأنا من حسين»، كذا كانت العلاقة وثيقة بين الأب والابن، ذلك الابن الذي كان ركناً من أركان حكومة أمير المؤمنين (عليه السلام) في الحرب والصلح والسياسة، وكان كالشمس الساطعة.
إلاّ أنّ أمر ذلك المجتمع قد آل إلى أن يحاصر ابن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وذلك الإنسان البارز العزيز صاحب العمل والتقوى والشخصية المفخرة، صاحب ذلك الدرس في المدينة والكثير الأصحاب والأنصار والمحبّين، وشيعته كثيرون في مختلف مناطق العالم الإسلامي، ثم يُقتل عطشاناً بتلك الصورة الفجيعة لا لوحده فقط، بل مع جميع رجاله حتّى الطفل البالغ من العمر ستة أشهر، وتُساق نساؤه وأطفاله أسارا يطاف بهم من مدينة إلى مدينة.
مواقف الوفاء والبصيرة في يوم عاشوراء
إن الذي يبدو من كافة الشواهد والأدلة هو أن أبا الفضل العباس كان آخر من استشهد قبل الإمام الحسين من المجاهدين، باستثناء الطفل البالغ ستة أشهر من عمره أو الصبي البالغ أحد عشر عاماً. وكانت تلك الشهادة فداءً لعمل عظيم أقدم عليه، ألا وهو جلب الماء للعطاشى في خيام أبي عبد الله الحسين. وبالنظر في تلك الزيارات والتمعن في تلك الكلمات الواردة عن الأئمة (عليهم السلام) بشأن أبي الفضل العباس، فإننا نكتشف أنه تم تأكيد خصلتين: الأولى البصيرة، والثانية الوفاء. فأين تكمن بصيرة أبي الفضل العباس؟ لقد كان أولئك جميعاً من أولي البصائر، إلاّ أنه كشف عن بصيرة أكبر؛ ففي يوم تاسوعاء، أي في عصر مثل هذا اليوم، عندما سنحت له الفرصة للخلاص من هذا البلاء حيث اقترحوا عليه الاستسلام في مقابل إعطائه الأمان، فانه كان شهماً لدرجة أفحمت الأعداء، وقال لهم: وهل أتخلى عن الحسين؟! الويل لكم! أفّ لكم ولأمانكم هذا! وثمة نموذج آخر لبصيرته، وذلك عندما أمر ثلاثة من إخوته الذين كانوا معهم بالتقدم قبله إلى ميدان الحرب والجهاد حتى بلوغ الشهادة. فإنكم على علم بأنهم كانوا أربعة إخوة من أم واحدة، وهم: أبو الفضل العباس ـ الأخ الأكبر ـ وجعفر وعبد الله وعثمان. فأن يضحي المرء بإخوته الثلاثة أمام عينيه من أجل الحسين بن علي دون التفكير في أمه المحزونة أو الاكتفاء بواحد منهم حفاظاً على مشاعر أمه والاهتمام بمصير إخوته الصغار ومن سيعولهم في المدينة المنورة، فهذه هي البصيرة.
وأما وفاء أبي الفضل العباس فقد تجسد لدى بلوغه شريعة الفرات دون أن يشرب قطرة من مائه؛ فالمشهور على كل الألسنة هو أن الإمام الحسين (عليه السلام) بعث بأبي الفضل لجلب الماء، إلاّ أن الذي شاهدته من الروايات المعتبرة الواردة في كتب مثل (الإرشاد) للمفيد، و(اللهوف) لابن طاووس فلقد جاء في هذه الكتب المعتبرة أن العطش كان قد اشتدّ بالصبية والصبايا وبلغ مبلغه من حرم آل البيت، فذهب الإمام الحسين وأبو الفضل معاً في طلب الماء، وتوجها إلى شريعة الفرات لعلّهما يحصلان على بعض الماء. فهذان الاثنان من الأخوة الشجعان والأقوياء كانا معاً دائماً في ساحة القتال، أي الإمام الحسين بعمره الذي يشرف على الستين عاماً ولكنه لا يشق له غبار في البسالة والقوة، وأخوه الشاب أبو الفضل العباس الذي جاوز الثلاثين بقليل من عمره بما يتميز به من خصال يعرفها الجميع. فهذان الأخوان لم يفارق أحدهما الآخر في ساحة الحرب، وكان كل منهما يحمي ظهر الآخر عند اشتداد القتال وتخلل صفوف الأعداء أملاً في الوصول إلى الفرات وجلب الماء. وخلال هذه الجولة من المعركة شعر الإمام الحسين فجأة بأن العدو قد فصل بينه وبين أخيه العباس لدى اشتداد القتال؛ وفي هذه المعمعة كان أبو الفضل قد اقترب من الماء ووصل إلى شريعة النهر. وكما جاء في الروايات، فإنه ملأ قربةً بالماء للعودة بها إلى الخيام؛ وفي مثل هذه الحالة يعطي كل واحد الحق لنفسه بأن يروي ظمأه، ولكن أبا الفضل العباس أظهر وفاءه في هذا الموقف الصعب. فعندما غرف غرفة من الماء ذكر عطش الحسين، وتذكر صيحات: العطش .. العطش .. التي أطلقها الصبية والصبايا، وربما تذكر بكاء علي الأصغر الظمآن، فلم يشرب وألقى الماء وغادر الشريعة. وحينئذ وقعت تلك الأحداث عندما سمع الإمام الحسين (عليه السلام) فجأة صوت أخيه قادماً من وسط جند الأعداء وهو يصيح: «يا أخاه أدرك أخاك».
السير على نهج الإمام الحسين (عليه السلام)
أيها الإخوة والأعزاء! فلو حافظنا على رسالة الإمام الحسين حيّةً ونابضة، ولو أدركنا العظمة الكامنة في اسم الإمام الحسين، ولو تطلعنا لهذه النهضة واعتبرناها حدثاً إنسانياً عظيماً على مدى التاريخ، لأعاننا كل ذلك على مواصلة الطريق والتقدم إلى الإمام وعلى ألاّ نحيد عن درب الإمام الحسين وعلى تحقيق ما رسمناه من أهداف بلطف الله، وسيبلغ الشعب الإيراني آماله إن شاء الله. لقد جعل الله تعالى اسم الإمام الحسين (عليه السلام) مجلّلاً بالعظمة وحافظ على واقعة كربلاء حيّة في التاريخ. وإن ما قلته لا يعني أننا نعمل على جعل اسم الإمام الحسين عظيماً، كلاّ، فهذا الحدث أعظم من أن تغطي عليه كافة أحداث الزمان أو أن تمحو رسمه من صفحات التاريخ.
خلود واقعة كربلاء
بلغ الإمام الحسين (عليه السلام) وأصحابه ـ الذين نلطم على صدورنا ونبكي لأجلهم ونحبّهم أكثر من أبنائنا ـ قمة الغربة، وكانت نتيجة بقاء وحيوية الإسلام الى اليوم. إذاً واقعة كربلاء حيّة وباقية ليس في مجرد قطعة أرض صغيرة فقط وإنّما في منطقة مترامية الأطراف في محيط الحياة البشرية.
إنّ كربلاء موجودة في كلّ شيء؛ في الأدب، في الثقافة، في السنن والآثار، في الاعتقادات، في القلوب.
التأكيد على إعلاء كلمة الإمام الحسين (عليه السلام)
إنّ اجتماعكم اجتماع أثير لدي، إذ بإمكانه إعلاء الكلمة الحسينية وأن يعبّد هذا الطريق المبارك إن شاء اللّه، طبعاً إنّ طريق الحسين (عليه السلام) لم يُغلق أبداً في بلادنا واُمّتنا طوال القرون، ولم يتمكّن المخالفون والمعاندون من فعل شيء.
إنَّ هذا الطريق مليء بالبركات، ولو أنّ علماء الدين والمبلغين والخطباء سعوا في هذا الطريق بما يليق بشهر محرم وأبدعوا وابتكروا وقاموا بجهود مخلصة مصحوبة بالأعمال الفكرية والعلمية القيّمة لازدادت البركات على ما كانت عليه بأضعاف مضاعفة. لذا فعلينا جهد إمكاننا أن نسعى جميعاً في هذا المجال.
المصدر : دار الولاية للثقافة والإعلام
قائد الثورة يؤكد اهمية صلاة الجمعة في حشد ورص الصفوف
الإمارات تكشفت حقيقة تعهدها ببناء ملعب في كفر قاسم بالاراضي المحتلة
كشفت دولة الإمارات، حقيقة تعهدها ببناء ملعب في كفر قاسم أو في أي ناد آخر في كيان الاحتلال الاسرائيلي.
وقالت السفارة الإماراتية في "إسرائيل"، عبر حسابها على "تويتر"، إن "الإمارات لم تتعهد ببناء ملعب في كفر قاسم أو في أي نادٍ آخر في إسرائيل".
وأكدت السفارة التزامها بالتواصل مع كافة أطياف المستوطنين في هذا الكيان المحتل.
وشددت السفارة الإماراتية، على أنها "هي المعنية بالإعلان عن النشاطات أو الفعاليات ذات الصلة"، وذلك بعد انتشار تقارير صحفية افادت أن الإمارات تعتزم إقامة ملعب في مدينة كفر قاسم.
ووقع حكومة الاحتلال الاسرائيلي والإمارات في أيلول/سبتمبر 2020 اتفاق تسوية برعاية الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، تبعه التوقيع على العديد من الاتفاقيات في مجالات مختلفة بينها الطيران والسياحة والاستثمار والتجارة والرياضة وغيرها.
المصدر العالم:
اقبال دول الخليج الفارسي على ايران وفرص النهوض بالمنطقة
لم تهدر أي منطقة من العالم طاقاتها وامكانياتها وثرواتها وقرارها وكنوزها الانسانية مثل منطقة الخليج الفارسي خلال العقود الماضية، ولولا هذا التفريط لكانت هذه المنطقة الآن القلب النابض للعالم وأنموذجا للتطور والرقي امتدت اعناق الأمم الاخرى اليها.
حروب وغزوات واراقة أنهر من الدماء واصطفافات وشراء مئات المليارات من الدولارات من الاسلحة بل الآلاف، وتكديسها والاستعانة بقوى اجنبية كبرى ضد الشقيق والصديق والجار، شهدتها هذه المنطقة منذ ان قرر النظام البعثي العراقي المجرم ان يلطخ يده بيد الشرفاء والاحرار من ابناء الشعب العراقي ومن ثم الشعب الايراني مدعوما بمن دعمه، والحبل على الجرار الى يومنا هذا حيث ارتوت ارض هذه المنطقة بدماء الكويتيين والبحرانيين واليمنيين و...
هاجرت عقول هذه المنطقة للخارج وأصبحت مليئة بالقواعد العسكرية الاجنبية وهؤلاء الاسياد الاطلسيون فعلوا كل شيء لمنع تطور دول هذه المنطقة علميا واقتصاديا وسياسيا وتنمية بشرية فقط لكي تبقى دولها تحت السيطرة وسهلة الحلب لثرواتها التي أسمنت بنوك اميركا وبريطانيا والدول الغربية فيما تحتضن المنطقة افقر دولة عربية وافقر شعب واسوأ مجاعة ومأساة انسانية و...
ما نذكره ليس نبشا للماضي، لكن من الضروري ادراك حجم وعمق هذه الكارثة لكي يشتد العزم على طي صفحة الماضي وعدم العودة اليها بعد المتغيرات العالمية التي حتمت على دول المنطقة ان تبحث عن مصالحها الحقيقية على وجه السرعة قبل ان يفوتها القطار في زمن، لا يدري أحد ما تخبئه المرحلة القادمة.
خلال الايام الماضية صدرت اشارات لا يمكن وصفها الا بالايجابية من قبل دول عربية في الخليج الفارسي ومنها السعودية والامارات والكويت تجاه الجمهورية الاسلامية الايرانية حيث ابلغ السعوديون الحكومة العراقية برغبتهم في الحوار السياسي العلني مع ايران وطلبوا من العراق استضافة وترتيب لقاء مباشر بين وزيري الخارجية الايراني والسعودي في بغداد وذلك بعد 5 جولات من المفاوضات غير العلنية والتي عقدت على المستوى الامني.
ويوم امس الثلاثاء أكد وزير الخارجية الكويتي احمد ناصر الصباح ، أن القيادة السياسية في الكويت تريد طي صفحة الماضي وتعزيز العلاقات مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية. واعرب الوزير الكويتي في اتصال هاتفي مع نظيره الايراني عن تقديره لمبادرة ايران لتطوير العلاقات مع دول المنطقة، مفندا التكهنات التي اُطلقت قبيل القمة والزاعمة أنها موجهة ضد إيران، مشددا على أن تصريحات زعماء المنطقة أكدت دوما على ضرورة إقامة العلاقات الجيدة مع إيران والحفاظ عليها.
وفي الامارات أعرب وزير الخارجية يوم أمس الثلاثاء ايضا، عن الامل باتخاذ خطوات كبرى لتنمية العلاقات مع ايران.
وفي محادثات هاتفية مع نظيره الايراني، أشار الشيخ عبدالله بن زايد وزير الخارجية الإماراتي إلى المصالح المشتركة لدى البلدين في تنمية العلاقات بينهما، معتبرا رفع مستوى التمثيل السياسي بأنه يأتي في إطار أهمية تطوير العلاقات بين البلدين الجارين ورغبة الشعبين الشقيقين وإرادة كبار .
وأردف الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان: إن سلام إيران واستقرارها وخيرها وشرفها باعتبارها جارة وشقيقة لنا، هو أمر مهم للغاية بالنسبة لنا، لأنه كذلك يترك أثرا إيجابيا على بلادنا، معربا عن أمله باتخاذ خطوات كبرى في المستقبل لتنمية العلاقات بين الجانبين.
اما سلطنة عمان فقد سعت منذ أمد بعيد الى التوسط لحل الخلافات والازمات، كما ان دولة قطر تلعب ايضا دورا ايجابيا للتوسط لحل الخلافات والأزمات، والعراق ايضا ورغم مشاكله الداخلية يسعى الى القيام بالوساطات للتقريب وتجاوز الازمات، وقد شكر وزير الخارجية الايراني المساعي الحميدة هذه.
لقد بات واضحا ان قادة دول المنطقة ادركوا اهمية دور ايران واهمية بناء علاقات ايجابية معها بسبب عدة عوامل ومنها تطور ايران في مختلف المجالات السياسية والاستراتيجية والعلمية والعسكرية واستحالة احتوائها كما كان يريد الاميركيون.
ولا نظن بأن اعادة الامور الى مجاريها ستحدث بين ليلة وضحاها ولكن ان تأتي متأخرة أفضل من لا تأتي ابدا، وحرصا على نجاح الخطوات التقاربية الايجابية ينبغي الوقوف عند النقاط التالية:
- الشؤون الثنائية بين ايران وبين كل دولة من الدول التي تريد التقارب معها شأن يخص أصحاب الشأن، لكن بقاء اليمن نازفا و سوريا مدمرة ولبنان محاصرا والشعب البحريني مهضوما والعراق غارقا في مشاكل سياسية تغذيها التدخلات الاجنبية، هي عقد ينبغي حلها لانها شئنا ام أبينا ستمنع الحل الحقيقي في المنطقة.
- لقد سبقتنا تل أبيب وقامت بتفخيخ مسار التقارب الايراني الخليجي، بمد خيوط التعاون الامني التطبيعي مع بعض الدول في المنطقة وزرع مكاتب امنية، لتفجر الازمات بين هذه الدول وايران حينما شاءت وبكبسة زر من بعيد، وقد قالها وزير الامن الايراني يوم أمس الثلاثاء بأن "اية دولة تحوي وكرا يعمل ضد امننا لن يكون بمأمن عن الرد الايراني".
- لن يصمت الكيان الصهيوني ولا اميركا حيال هذا التقارب، وهم الذين جاؤوا الى جدة السعودية من اجل خطة تباعد ونسج احلاف عسكرية وامنية، وسيقوم هؤلاء بهجمة عكسية، وما الاجتماع العسكري الاميركي القطري قبل أيام في الدوحة واعلان الاميركيين من هناك بأنهم درسوا مع القطريين الطائرات المسيرة الايرانية وان مهمتم هي التصدي لقوة الطائرات المسيرة الايرانية الا خطوة من خطوات الهجوم العكسي هذا لاعادة عقارب الساعة الى الوراء.
- اعتبار التعاون الاقتصادي والتجاري والمالي بين دول المنطقة هو رمز نجاح خطة التقارب السياسي، وقيام المعنيين بأخذ هذه النقطة بعين الاعتبار ، خاصة وسط التطورات على الساحة الدولية التي اظهرت بان منطقة الخليج الفارسي هي مفتاح الفوز في المواجهة العالمية المحتدمة، فمهما قيل فان مجيء قادة قطبي المواجهة العالمية في آن واحد الى هذه المنطقة له معنى واضح.
- ضرورة اعتبار القضية الفلسطينية والاقصى الشريف القضية الاولى والاهم لكافة المسلمين والتوجه نحو اسناد الشعب الفلسطيني في مقاومته وصموده، لأن شرف الامة رهن بهذه القضية ومن دون الشرف لا معنى للاقتصاد والرقي والتطور ورغد العيش و ما شابه، ولايقيم الآخرون شأنا لأمة لاتصون شرفها.
واخيرا نقول ان سياسة الحكومة الايرانية الجديدة لتعزيز العلاقات مع الجوار يبدو انها تسجل نجاحا ملحوظا، واليد الايرانية الممدوة نحو دول المنطقة يمكن اعتبارها حبل انقاذ لمصلحة الجميع، وخير البرّ عاجله.
بقلم: فريد عبدالله
هل يحق للأبناء منع والدهم المسن من الزواج؟
تحقيق: ثناء عبدالعظيم
الجليس والأنيس والرعاية والاهتمامات، من أهم مبررات زواج المسن. فالزواج حق شرّعه رب العالمين لكل إنسان. لكن، متى يصبح زواج الأب المسن غير مرغوب فيه من جانب الأبناء؟ وهل من حقهم أن يمنعوه. الأب المسن يحتاج إلى الرعاية والاهتمام. لذا، فهو قد يفكر في الزواج حتى يجد شريكة تؤنس وحدته وتشاركه ما تبقى من عمره. إلا أن هذا الأمر لا يلقى قبولاً من جانب الأبناء. فمنهم من يقف في وجه والده رافضاً أن يمارس حقه في الزواج، ومنهم من يلجأ إلى القضاء مطالباً بالحجر على والده مُشككاً في أهليته وكفاءته العقلية، ومنهم من يذهب إلى أبعد من ذلك، فيهدد والده بالاعتداء عليه. فهل يحق للأبناء منع والدهم المسن من الزواج؟ وما الاعتبارات التي تدعوهم إلى رفض تلك الزيجة والتوجس منها؟ وهل صحيح أن موافقة أبناء على زواج والدهم المسن تخضع لأعراف وتقاليد لا تحيد عنها، كأن تكون زوجته مريضة وعاجزة، أو متوفاة، أو مطلقة؟ - زواج مصلحة: الخبير في شؤون التراث، فالح حنظل يبلغ من العمر 65 عاماً، وهو يرفض أن يتزوج بعد هذه السن، مبرراً ذلك بقوله: "إن على المسن أن يراعي شعور أبنائه وبيته والمجتمع ككل"، ويشير حنظل إلى "أن ثمة تغيراً طرأ على نظرة الفرد والمجتمع إلى زواج المسن. ففي حين كان هذا الزواج يعد مقبولاً في الزمن الماضي، حيث لم يكن يحق للأبناء حرمان والدهم من الزواج، كما لم يكن يحق لهم مجرد الاعتراض على ذلك، حتى وإن كانت العروس شابة صغيرة في السن". ويضيف متابعاً: "نجد حالياً أنّ الثقافة المجتمعية المعاصرة والأعراف الحديثة، لم تعد ترتاح إلى زواج المسن، وما يتراوح بين 75 و80 في المئة من الأبناء في البيوت العربية، يعارضون زواج الأب المسن، حتى ولو كانت أمهم مطلقة، ويحاولون أن يصرفوه عن فكرة الزواج مرة أخرى". ينفي فالح حنظل "وجود أي أساس شرعي أو قانوني يستند إليه الأبناء في رفضهم زواج والدهم المسن، حيث يمنح الشرع والقانون الرجل حرية الزواج بأكثر من امرأة". لكنه يضيف معقباً: "من الأفضل للرجل المسمن أن يصرف نظره عن موضوع الزواج إذا تأكد من رفض أبنائه للأمر وتيقن من عدم موافقتهم. وحتى في حالة موافقتهم، فإنه يتعين عليه أن يختار للزواج مَن تناسبه في السن، فمن غير المعقول لرجل بلغ الستين أن يتزوج بشابة صغيرة ليبدأ معها الحياة. فمن المؤكد أنّ الأبناء سوف ينظرون إلى هذا الزواج على أنّه زواج مصلحة، والتجارب الواقعية أثبتت فشل الأغلبية العظمى من هذه الزيجات بعد الاستيلاء على أموال الأب". - الخوف على الميراث: "رفض الأبناء لهذا الزواج يرتبط بخوفهم على الميراث". وجهة نظر يتبناها محمد المعيني (موظف)، الذي يتابع موضحاً: "أنّ الأبناء يخشون من زوجة الأب التي قد تكون من خارج إطار العائلة أو من جنسية مختلفة. لذا، فإن تفكير الأبناء يتجه نحو احتمالات عديدة تتعلق بممتلكات والدهم. فمن الممكن أن تنجب زوجة الأب الصغيرة تلك، أخاً لهم، يشاركهم في الميراث. ومن الممكن أن تحكم سيطرتها على الأب وتجبره على التنازل لها عن ممتلكاته، لترحل بعدها تاركة إياه فقيراً معدماً في حاجة إلى من يرعاه". ويؤكد المعيني "أن مثل هذه السيناريوهات السلبية تقف وراء الموقف المعارض، الذي يتخذه معظم الأبناء تجاه والدهم المسن". - السماح بالزواج: من وجهة نظر أخرى، يكشف عباس فرض الله (موظف علاقات عامة) أنّه لن يعارض رغبة والده المسن متى أراد الزواج، إلا أنّه يضع شرطاً وحيداً لذلك، يقول: "شرطي الوحيد هو أن أطمئن إلى اختيار والدي في ما يتعلق بالإنسانية التي يرغب في الزواج بها، وأتأكد من أنها تتزوجه من أجل رعايته والعناية به وليس طعماً في أمواله". - الحاجة إلى الرعاية: بينما يقول محمد إبراهيم (عضو "منتدى الشارقة للتطوير"): "إنّ الأب المسن في حاجة إلى اهتمام ورعاية خاصة، وراحة نفسية، وشعور بالاستقلالية، فضلاً عن حاجته إلى الوجود بقرب إنسان يشعر براحة حقيقية تجاهه، فإذا وقع اختيار الأب على سيدة جديرة بالثقة، وقادرة على رعايته والعناية به، فلا يصح أن يمانع الأبناء مثل هذا الزواج". ويضيف موضحاً: "أنّ التوجس من زوجة الأب الجديدة ومن تأثيرها في العلاقة بين الأب وأبنائه، إضافة إلى الخوف على الميراث، والقلق بشأن عدم حصول والدهم على الرعاية والعناية اللازمة، ثلاثة أسباب رئيسية تفسر الموقف المعارض الذي يبادر الأبناء إلى اتخاذه بمجرد أن يعلن والدهم المسن عن رغبته في الزواج. ويُضاف إلى تلك الأسباب سبب رابع في حال كانت والدتهم لا تزال على قيد الحياة، وهو يتمثل في إشفاقهم على والدتهم من الضرر النفسي والمادي الذي قد يلحق بها من جراء زواج والدهم عليها". - الحجر على حرِّية الأب: إذا كان الرجل يرى أن من حق والده المسن أن يتزوج، فهل للمرأة رأي آخر في المقابل؟ تقول منى الحاج (ربة بيت): "ليس من حق الأبناء الحجر على حرِّية والدهم المسمن متى أراد الزواج، فمن حق كل إنسان أن يعيش ويختار شريك حياته، ومن الطبيعي أن يشعر الرجل الذي فقد زوجته بالوحدة والفراغ، وأن يحتاج إلى من يؤنس وحدته، خاصة بعد زواج الأبناء". وتضيف: "إنّ الأبناء يرفضون هذا الزواج، إما خوفاً من إنجاب والدهم لوريث جديد يشاركهم في الميراث، أو خوفاً من المسؤولية المادية المضاعفة التي يمكن أن تُلقى على عاتقهم في حالة كانوا هم الذين يقومون بإعالة والدهم". - شعور أناني: من جهتها، تؤكد كوثر غطاس (موظفة) "أن رفض الأبناء زواج والدهم المسن ينم عن شعور بالأنانية"، لافتة إلى أنّ "الأب الذي تعب من أجل تربية أبنائه، من حقه أن يعيش حياته بالطريقة التي يراها مناسبة، ولا يحق لهؤلاء الأبناء أن يمنعوه، خصوصاً أنّ الدين والعرف يكفلان للرجل حرية الزواج، خاصة بعد وفاة زوجته أو طلاقها أو عجزها". وتؤكد غطاس "أنّ الأبناء مهما اجتهدوا في خدمة والدهم ورعايته، إلا أنهم قد يعجزون عن الوفاء باحتياجاته وتعويضه عن أشياء هو في حاجة إليها". - أنيس وجليس: ليس لدى رحاب محمد (ربة بيت) "أي مشكلة" في زواج والدها المسن، "شرط أن يختار إنسانة تحافظ على ماله وتهتم به"، حيث تقول: "أنا الابنة الوحيدة لوالدي، وقد تزوجت، وسافرت مع زوجي إلى مكان آخر، وأصبح والدي يعيش بمفرده في بلد آخر، ومن حقه أن يحظى بشريك يؤنسه". وترى رحاب "أن لدى الآباء الوعي الكافي، وهم يعرفون مخاطر الزواج في سن متقدمة. لذا، يجب عدم التشكيك في قدرتهم على اتخاذ القرار الصحيح. ولذلك، يتعين على الأبناء ألا يحرموا والدهم المسن من ممارسة حقه الطبيعي في الزواج، وحتى إذا شعروا بأي خطورة أو أمر غير مريح بشأن اختيار الأب، فمن واجبهم فقط أن ينصحوه، وذلك من منطلق خوفهم عليه وحرصهم على راحته وسعادته، على أن يتركوا له بعد ذلك حرية اتخاذ القرار بنفسه". - شروط: بدورها، تلتمس أنوار كمال (ربة بيت) مزيداً من المبررات التي تجعلها تؤيد فكرة زواج الأب المسن، فهي ترى أنّ "الأب تعب على تربية أبنائه حتى كبروا، وأصبح لدى كل منهم حياته الخاصة ومشاغله والتزاماته التي يتفهمها الأب جيِّداً، لكن هذه المشاغل والالتزامات التي يتفهمها الأب جيِّداً، قد تحول بينهم وبين رعاية والدهم والعناية به بالشكل الأمثل". وتشير إلى أنّه "في هذه الحالة، يعطيه الشرع الحق في الزواج، شرط أن تكون هناك أسباب تستدعي ذلك". وتلفت أنوار إلى أنّ "السبب الرئيسي وراء ممانعة الأبناء زواج والدهم المسن، يعود إلى أسباب مادية بحتة، ترتبط بخوفهم على الميراث". - حق طبيعي: في حين تعتبر بشرى الكندي (ربة بيت) "أن من حق المسن أن يمارس حياته الطبيعية، لأن زوجات الأبناء يرفضون رعاية الأب المسن إذا كان مريضاً". لذا، تؤكد بشرى "من الأفضل للأطراف كافة، أن يتزوج الأب، شرط أن يرتبط بسيدة في سن مناسبة ومن عائلة معروفة لدى الأبناء". - المنع بالقوة: في المقابل تعترض داليا نشأت (ربة بيت) على فكرة زواج الأب المسن، وتقول: "يمكن له أن يتزوج في حال وفاة الأُم أو طلاقها، فمن غير المقبول أن يتزوج أبي بينما أمي لا تزال على قيد الحياة وتقوم بواجباتها نحوه". وتضيف: "من حقي أن أمنع والدي من الزواج بكل الوسائل، سواء بالنصح، أم بالتهديد، أم القانون إذا أقدم على الزواج". - أرفض زوجة الأب: من ناحيتها، تقول ديما عزام: "أنا ضد زواج أبي المسمن حتى لو كانت أمي غير موجودة في حياته، مادمت أقوم بواجباتي نحوه وأرعاه وأقوم بخدمته". وتضيف: "أرفض أن تدخل امرأة أخرى حياة والدي، وأن تحتل مكان أمي في قلبه. أما إذا أصر على الزواج، فيمكن أن أسدي إليه النصح، لكن الأمر لا يمكن أن يصل إلى حد أن أقاطعه أو أتخذ ضده موقفاً معادياً إذا أصر على الزواج، لأنّه في النهاية يبقى والدي الذي أنجبني ورباني". - المنع بقوة القانون: "يحق للأبناء منع والدهم المسن من الزواج بالقانون في حالة واحدة فقط"، هذه الحالة، توضحها حنان قابل (ربة بيت) بقولها: "يحق للأبناء أن يلجأوا إلى حكماء العائلة لمنع الأب من الزواج إذا كان قد بلغ من الكبر عتياً، بحيث أصبح غير واعٍ لتصرفاته وقراراته، وإذا لم تفلح هذه الخطوة فيمكن منعه بالقانون. أما إذا كان الأب يتمتع بكامل قواه العقلية، ويستطيع القيام بكل واجباته الزوجية، والإنفاق على بيتين، إذا كان عنده زوجة أولى، فمن حقه الزواج". - لا يحق لهم منعه: حول أسباب رفض الأبناء زواج والدهم المسن، يقول رئيس قسم الإصلاح والتوجيه الأسري جاسم المكي: "إنّ الأبناء لا يمكنهم منع والدهم من الزواج متى أراد ذلك، لكن إذا شعر الأبناء بالخوف وعدم الطمأنينة من هذه الزيجة، فعليهم أن ينصحوه، فإن لم يستجب يمكن مراجعة الجهات المختصة". ويضيف المكي لافتاً إلى أنّه "لا يوجد نص في القانون يمنع الرجل من الزواج، كما أنّ الإبن لا يستطيع منع والده من الزواج إذا كان في كامل قواه العقلية، لأنّ الأب مسؤول عن الابن وليس العكس، وهنا لن تأخذ المحكمة بالحجر، كما أنّ العادات والتقاليد والشرع ترفض جميعها أن يتقدم الابن إلى المحكمة لطلب الحجر على الأب أو التحكم في حرِّيته بينما هو يتمتع بكامل أهليته". ويضيف المكي موضحاً أن "مواد القانون، مستمدة من الشريعة الإسلامية، والقانون لم يأت بما يخالف الشريعة، والشرع يدعو إلى حفظ الأعراض والأموال والدماء، ولا يجوز أن يغتصب شخص أموال شخص آخر". ويؤكد المكي "أنّ الشرع أعطى الابن الحق في الحفاظ على أموال والده، كما أوجب عليهاحترامه، فلا يستطيع أن يحجر عليه وهو في كامل أهليته وقواه العقلية، إلا إذا كان الأب يستعمل ما يذهب هذه الأهلية كالمسكرات والمخدرات، وبهذه التصرفات يسهل على الآخرين الاحتيال عليه بأخذ توقيعات منه على توكيلات وعقود من دون أي يدري". ويقول: "يمكن للابن في هذه الحالة أن يمنعه من الزواج بامرأة تحتال عليه". ويضيف: "إن قرار الحجر على الأب من تخصص المحكمة، ويصدر بعد إقرار اللجنة الطبية المعتمدة في الدولة". - الهدف من الزواج: وينتقل جاسم المكي إلى نقطة أخرى من الموضوع موضحاً أنّ "النسب يعتبر من الأمور المهمة، وعندما يختار الأب زوجة من عائلة لا تليق بمستواه الاجتماعي، وربما يرزق منها بأبناء سيصبحون إخواناً لأبنائه، فمن حق الأبناء أن ينصحوا والدهم بالحفاظ على العائلة، لأن ذلك يؤذي الأسرة. كما أن فارق السن من الأمور التي يعترض عليها الأبناء، كأن يتزوج والدهم بمن تصغره بفارق كبير في السن، فلا يصح أن يتزوج أب عمره 70 سنة بامرأة شابه في العشرين". ويؤكد "أنّ القاضي أو المأذون الشرعي لا يسمحان بإجراء العقد في هذه الحالة، لأنّ الزواج غير متكافئ، وغير مبني على الديمومة"، ويختم موضحاً: "أنّ الزواج ليس رعاية وعناية فقط، ولكن فيه حق الفراش أيضاً، وأن تقبل شابة صغيرة الزواج برجل مسن، ربما بسبب ظروف قاهرة أجبرتها على ذلك". - الرحمة سمة العلاقة الأبوية: "زواج المسن له شروط"، تقول مديرة إدارة التنمية الأسرية في وزارة الشؤون الاجتماعية، فوزية طارش، وإذ تعدد تلك الشروط، تقول: "قد يكون الأب في سن تسمح له بالزواج، ويحتاج إلى وجود رفيقة في حياته تؤنس وحدته ولا تجعله يشعر بالفراغ". وتضيف: "إنّ الأبناء يتمنون لوالدهم طول العمر والصحة، ولكنهم يفكرون في المستقبل ويخشون أن تدخل حياته امرأة أخرى تأخذ مكان والدتهم، خاصة إذا كانت صغيرة في السن". وتذكر حالة رجل مسن تزوج بامرأة آسوية، كانت تذهب به إلى أبنائه عندما كان يمرض، وتتركه لديهم حتى يشفى". وتؤكد طارش "أن صفة الزواج في هذه الحالة انتهت لأنّ العلاقة قائمة على المصلحة الشخصية لتلك المرأة وطمعها في أموال الأب". وتتابع موضحة أنه "في مثل هذه الحالات يقع صدام بين الأب والأبناء نتيجة تأكدهم من حدوث استغلال للأب ونية مسبقة من جانب الزوج على الاستيلاء على أمواله، ولكن يبقى أنّ المجتمع الإسلامي فيه عادات وتقاليد لا تسمح بمثل هذا الصدام، ومهما تبلغ شدة الرفض من جانب الأبناء، إلا أنه لا يصل إلى تلك القسوة التي نشهدها في المجتمعات الغربية، فالرحمة لاتزال موجودة بين الآباء والأبناء". - حق المسن في الزواج: "القانون لا يمنع زواج الرجل المسن إلا إذا كان فاقداً للأهلية"، تقول المحامية مريم الحنطوبي، لافتة إلى أنّه "ليس من حق الأبناء أن يمنعوا والدهم المسن من الزواج، لأن من حقه شرعاً أن يتزوج ويختار شريكة حياته". وتوضح "أن هناك أسباباً تدعو الرجل المسن إلى الزواج، كأن تكون زوجته متوفاة أو عاجزة، أو أن يكون مريضاً ويحتاج إلى من يرعاه". وتؤكد الحنطوبي "أن هناك زوجات صغيرات يشترطن على الرجل المسن أن يشتري لهنّ بيتاً وسيارة وأن يؤمن حياتهنّ، خوفاً من أبنائه الكبار. فيكتشف الأبناء بعد وفاته أنه باع كل أملاكه من أجلها، وإن ميراثه آل بالكامل لها". وتضيف: "إنّ الأبناء يمكن أن ينصحوا الأب إذا اتضح أن من يريد الزواج بها احتالت على آخرين قبله، أو أنها ليست من عائلة تناسبهم. أما إذا كانت مناسبة للأب في العمر، فليس من حقهم أن يمنعوه، فالقانون لا يمنع الرجل من الزواج حتى ولو كان على سرير المرض".