
emamian
المباهلة بخير أهل الأرض
تقع منطقة نجران على سبع مراحل من مكّة إلى جهة اليمن. وكل أهل نجران نصارى، صالحهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكتب إليهم قبل أن ينزل عليه: ﴿طس﴾[1]، و﴿إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾[2]، ما يلي: "بسم إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب، من محمّد النبيّ إلى أسقف نجران وأهل نجران، إن أسلمتم فإنّي أحمد إليكم إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب. أما بعد، فإنّي أدعوكم إلى عبادة الله من عبادة العباد، وأدعوكم إلى ولاية الله من ولاية العباد، فإن أبيتم فالجزية، فإن أبيتم فقد آذنتكم بحرب والسلام"[3].
فاجتمع زعماء نصارى نجران وحكماؤهم يتدارسون أمر كتاب النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم الذي يدعوهم فيه إلى الإسلام، فأجمع أهل الرأي منهم على أن يبعثوا شرحبيل بن وداعة الهمداني، وجماعة، فيأتيانهم بخبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
فاستقبلهم النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، وعرض عليهم الإسلام، وتلا عليهم آيات من القرآن، فامتنعوا وكثر الحِجَاج معهم. فلمّا أصبحوا عادوا إليه، فقرأ عليهم الآيات، فأبوا أن يقرؤوا. فأمر تعالى نبيّه الكريم صلى الله عليه وآله وسلم بمباهلتهم، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مشتملًا على الحسن والحسين عليهما السلام في خميلة له، وفاطمة الزهراء عليها السلام تمشي خلفه، وعليّ بن أبي طالب عليه السلام خلفها، فقال النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: "اللهم هؤلاء أهل بيتي"، "إن أنا دعوت فأمّنوا أنتم"[4].
وخرج النصارى يقدمهم أسقفهم، فلمّا رأى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أقبل بمن معه، سأل عنهم فقيل له: "هؤلاء أعزّ الناس عليه، وأقربهم إلى قلبه"، فقال له أهل نجران: "لم لا تباهلنا بأهل الكرامة والكبر، وأهل الشارة ممّن آمن بك واتّبعك؟!"، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: "أجل، أباهلكم بهؤلاء خير أهل الأرض، وأفضل الخلق". ولم يصحب النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم أحدًا من المسلمين سوى أهل بيته عليهم السلام هؤلاء الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرًا. فقال أسقفهم: "إني لأرى وجوهًا لو سألوا الله أن يزيل جبلًا من مكانه لأزاله، فلا تباهلوا فتهلكوا"[5]. وبعد امتناع وفد نصارى نجران عن الدخول في الملاعنة، وتقرّر ضرب الجزية عليهم، انصرفوا. وكتب له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كتابًا أقرّهم فيه على دينهم، ولم يتدخل في شؤونهم، فأعطاهم ذمّته في أمور كثيرة كلّها لمصلحتهم، وكان الكاتب لهذا الكتاب هو عليّ بن أبي طالب عليه السلام. ولما قبض النجرانيّون كتابهم انصرفوا إلى نجران[6].
السيرة النبوية المباركة، دار المعارف الإسلامية الثقافية
[1] سورة النمل، الآية 1.
[2] سورة النمل، الآية 30 .
[3] الصالحي الشامي، سبل الهدى والرشاد، ج6، ص415، ابن كثير، البداية والنهاية، ج5، ص53، اليعقوبي، تاريخ اليعقوبيّ، ج2، ص65، ابن قيم الجوزية، زاد المعاد، ج3، ص39، ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، ج2، ص50.
[4] ابن البطريق، عمدة عيون صحاح الاخبار في مناقب إمام الأبرار، ص132، ص188، السيد ابن طاووس، الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف، ص45، ص129، الصالحي الشامي، سبل الهدى والرشاد، ج6 ص419، 64.
[5] علي بن إبراهيم القمي، تفسير القمّيّ، ج1، ص104، العياشي، تفسير العياشيّ، ج1، ص176، الشيخ المفيد، الإرشاد، ج1، ص166، مسلم النيسابوري، صحيح مسلم، ج7، ص120، ابن كثير، البداية والنهاية، ج5، ص54، ابن شهر آشوب، مناقب آل أبي طالب، ج3، ص368، أبو نعيم، أحمد بن عبد الله، دلائل النبوّة، لا.ت، لا.ط، ص298، الحاكم الحسكاني، شواهد التنزيل، ج1، ص123، الخوارزمي، المناقب، ص59، فرات بن إبراهيم الكوفي، تفسير فرات الكوفي، ص14، الحاكم النيسابوري، المستدرك على الصحيحين، ج3، ص150، ابن الأثير، أسد الغابة، ج4، ص26، البيهقي، السنن الكبرى، ج7، ص63، الشيخ الطوسي، التبيان في تفسير القرآن، ج2، ص485، ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج2، ص392.
[6] اليعقوبي، تاريخ اليعقوبيّ، ج2، ص82، البلاذري، فتوح البلدان، ج1، ص78، الحموي، معجم البلدان، ج5، ص269، ابن أبي شيبة، المصنف، ج14، ص550.
كيف تكون أعمالنا صالحة؟
إنّ ما يمضي قدمًا بالإنسان في مسيرة القرب إلى الله هو العمل الصالح، والعمل الصالح هو العمل الذي فيه مرضاة الله، وهو حرث الآخرة كما قال أمير المؤمنين عليه السلام: "الْعَمَلَ الصَّالِحُ حَرْثُ الْآخِرَة"[1].
وورد عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام أنّه قَالَ: "إِنَّكُمْ لَا تَكُونُونَ صَالِحِينَ حَتّى تَعْرِفُوا، وَلَا تَعْرِفُوا حَتّى تُصَدِّقُوا، وَلَا تُصَدِّقُوا حَتّى تُسَلِّمُوا أَبْوَابًا أَرْبَعَةً لَا يَصْلُحُ أَوَّلُهَا إِلَّا بِآخِرِهَا، ضَلَّ أَصْحَابُ الثَّلَاثَةِ، وَتَاهُوا تَيْهًا بَعِيدًا، إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالى لَا يَقْبَلُ إِلَّا الْعَمَلَ الصَّالِحَ، وَلَا يَقْبَلُ اللَّهُ إِلَّا الْوَفَاءَ بِالشُّرُوطِ وَالْعُهُودِ، فَمَنْ وَفى لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِشَرْطِه، واسْتَعْمَلَ مَا وَصَفَ فِي عَهْدِه، نَالَ مَا عِنْدَه، واسْتَكْمَلَ مَا وَعَدَه. إِنَّ اللَّه تَبَارَكَ وتَعَالَى أَخْبَرَ الْعِبَادَ بِطُرُقِ الْهُدَى، وشَرَعَ لَهُمْ فِيهَا الْمَنَارَ، وأَخْبَرَهُمْ كَيْفَ يَسْلُكُونَ، فَقَالَ: ﴿وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى﴾[2].[3]
ويُطلَق العمل الصالح في المصطلح القرآنيّ على العمل الطيّب والصالح في نفسه، الذي يقوم به الفرد بنيّة التقرّب إلى الله ونيل رضاه، فمثل هذا العمل هو الذي يرتقي بالإنسان، ويتسلّق به سُلَّم الكمال، ويسمّى هذا العمل في الثقافة الإسلاميّة والقرآنيّة "عبادة".
ولا تُطلق العبادة على الصلاة والصيام والحجّ وما شابهها فقط، بل إنَّ كلّ عمل صالح وحَسَنٍ في ذاته ويُفعل بنيّة نيل رضى الله، سيكون عبادة، كما ورد عن أبي عبد الله عليه السلام حيث قال: "مِن أشدّ ما فرض الله على خلقه ذِكرُ الله كثيرًا، ثمَّ قال: لا أعني سبحان الله والحمد لله ولا إله إلّا الله والله أكبر، وإن كان منه، ولكنّ ذكر الله عندما أحلّ وحرّم، فإن كان طاعة عمل بها، وإن كان معصية تركها"[4].
وهذا المعنى هو المراد من العبادة في الآية الكريمة ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾[5]. إنّ الهدف المرسوم للإنسان هو القرب من الله، وما يرفع الإنسان إلى مقام القرب هو أعماله الصالحة، ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ﴾[6].
الأعمال التي تقرّب من الله
إنّ الإيمان الكامل هو الذي يكون القلب معه لله وحده دون سواه، فتكون جميع تحرّكات هذا الإنسان إلهيّة، وعندها يصبح في أعلى درجات الاستعداد لاستقبال ألطاف الحقّ ومواهبه السنيّة.
أمّا الوسيلة الفضلى لنيل هذه الدرجة من الإيمان وتعميقها وترسيخها في القلب، فهي العمل الصّالح، ﴿وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُوْلَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى﴾[7].
التربية الإيمانية، دار المعارف الإسلامية الثقافية
[1] الشيخ الكليني، الكافي، ج5، ص57.
[2] سورة طه، آية 82.
[3] الشيخ الكليني، الكافي، ج1، ص445.
[4] المجلسي، محمد تقي، روضة المتّقين في شرح من لا يحضره الفقيه، ج12، ص74.
[5] سورة الذاريات، الآية 56.
[6] سورة فاطر، الآية 10.
[7] سورة طه، الآية 75.
20-07-2022
الاجتماع الثلاثي في طهران.. هل سنشهد خرقا في الموقف التركي حول سوريا؟
تحمل هذه القمة معها أهمية مضافة، كونها تعقد لترتيب العلاقة البينية للدول الضامنة لاستانا، وسط تباين واضح في ملفات كثير، وقراءات متعددة ومواقف وتحالفات، بالإضافة الى توافق لإيجاد حل للحرب المفروضة على سوريا، بالرغم من عدم التزام تركيا الدائم بمخرجات هذه القمم، وتهديد انقرة بعدوانها الخامس على سوريا، بذريعة إقامة المنطقة الامنة على طول الحدود وبعمق 30 كلم. هذا الحراك يترافق مع رفض ايراني روسي للعملية العسكرية التركية، وتبذل الدولتان جهود استثنائية على المستوى السياسي والدبلوماسي، مترافقة مع تحركات ميدانية لإنهاء هذه التهديدات، لتكون قمة الفرصة الأخيرة قبل العدوان التركي، فأنقرة التي يرتبط موقفها بالموقف الأمريكي، تختبر من خلاله صراع الإيرادات، معتمدة على موقف امريكي غامض، في الوقت الذي يدرك التركي تماما، ان لديه احمال زائدة من وجود الإرهابيين، والتنصل من تعهدات كثيرة، والمماطلة بتنفيذ التزامات، ويعي تماما انه لن يستطع هذه المرة دفع ثمن العدوان على شمال سوريا، ولو على المستوى السياسي.
القمة الثلاثية في هذه الظروف، بالرغم من العلاقة الملتبسة التي تربط التركي مع الروسي والايراني، تحاول رتق العيوب التركية، واذابة جبل الجليد حول التباينات الحادة بين الأطراف، وبالذات فيما يخص الشمال السوري ومسار استانا، وتشكل اختبار حقيقي لهذا المسار الممتد لسنوات، ما يعني انها أكثر من لقاء الضرورة بين الرؤساء الثلاثة، وقمة اكثر من المتاح سياسياً، في ظل ادراك المشاركين فيها، ان ما يجمعهم في هذا الطروف السياسية الصعبة، في الإقليم والعالم، اكبر بكثير مما يفرقهم، ما يجعل هذه القمة التي اعد لها بشكل جيد، ستتيح المساهمة في انهاء ملفات شائكة، ومنها العدوان التركي والتزامات انقرة في ادلب، والجميع يعي ان عدم التوافق سيكون مكلفا هذه المرة على الأقل، خصوصا ان هناك الكثير من دول المنطقة تتربص فشل الجهود السياسية والدبلوماسية الروسية والإيرانية، تجاه الازمة السورية.
ليتبادر السؤال الى الاذهان، هل تحمل القمة بادرة حسن نية تركية لفتح افاق المصالحة بين انقرة ودمشق، ولأي مدى انقرة مستعدة لحل المشكلة الكردية مع دمشق، ام انها ستبقى مواقفها دون خرق يذكر واصطفاف غير منطقي الى جانب الامريكي، هل سيستمع الاتراك لمطالب الدولة السورية، بوقف دعم المجموعات المسلحة والانسحاب من الاراضي السورية، والخفاظ على وحدة اراضيها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية؟.
وهنا لا بد ان نذكر ان الجميع في المنطقة ينتظر مخرجات هذه القمة، وان الرهان هو على مسار استانا بشكل كامل، وليس على اللقاء الثلاثي فقط، كون هذه القمة تحاكي اقصى الممكن في الالتزامات السياسية التي لا مفر منها في بعض الأحيان، ولا ينفع الا التعاطي معها بجدية، والرهان فعلا هو على الصبر الإيراني والروسي، الذي يعول عليه، والذي يعمل دبلوماسيا وسياسيا منذ اطلاق تركيا التهديدات، لمنع انزلاق المنطقة للحرب، بالإضافة الى محاولة محمومة للحفاظ على صيغة استانا، والابتعاد عن الافخاخ التركية الدائمة لتفجير هذه الصيغة، وان المرحلة هذه لا تتحمل التأجيل وترحيل المشاكل والخلافات الى وقت لاحق، بل المطلوب الفاعلية في حلها، بالذات هذا الجموح التركي في الحديث عن الامن القومي، والذي تقلد فيه الإدارة التركية، ما تتخذه الولايات المتحدة الامريكية ذريعة في كل عدوان تشنه على أي شعب او دولة.
حسام زيدان
تونس تستعد للاستفتاء على مشروع الدستور الجديد.. والرئيس 'سعيد' يتابع الأمر
وذكر بيان للرئاسة التونسية أن ذلك جاء خلال استقبال سعيد، بقصر قرطاج، وزير الدفاع الوطني عماد مميش.
وأبلغ الرئيس التونسي، وزير الدفاع الوطني تقديره للجهود التي بذلتها المؤسسة العسكرية في إطفاء الحريق الذي شبّ بجبل بوقرنين بالضواحي الجنوبية لتونس العاصمة، واستدعى تدخل طائرات مروحية تونسية إلى جانب قوات الدفاع المدني للسيطرة عليه.
يذكر أن رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس فاروق بو عسكر، أكد الالتزام بالحياد خلال الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد المقرر له 25 يوليو الجارى.
جاء ذلك خلال زيارة بو عسكر، لمقر الهيئة الفرعية للانتخابات بمدن سوسة والقيروان والمنستير والذي واكب خلالها عملية تشكيل رؤساء مراكز ومكاتب الاقتراع وأعضاء المكاتب استعدادًا للاستفتاء.
وعاين رئيس الهيئة، خلال جولته، عملية تجهيز المواد الانتخابية والاستعدادات الجارية لتوزيعها على مراكز الاقتراع.
جدير بالذكر أن الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد سيجرى داخل تونس في 25 يوليو الجارى، على أن يجري أيام 23 و24 و25 من نفس الشهر للتونسيين المقيمين بالخارج.
قائد الثورة لاردوغان: أي هجوم على سوريا سيضر بتركيا والمنطقة برمتها
وأشار سماحته الى تصريحات الرئيس التركي واظهار كرهه وانزجاره من الجماعات الارهابية قائلا انه يجب معارضة الارهاب لكن الهجوم العسكري في سوريا سيعود بالنفع على الارهابيين وان هؤلاء الارهابيون ليسوا حصرا بجماعة واحدة.
وردا على طلب الرئيس التركي بتعاون ايراني من اجل مكافحة الجماعات الارهابية قال سماحة القائد الخامنئي "نحن سنتعاون معكم في مكافحة الارهاب".
واكد سماحة قائد الثورة الاسلامية ان ايران تعتبر أمن تركيا وحدودها من أمنها، مخاطبا الرئيس التركي "انتم ايضا اعتبروا أمن سوريا من أمنكم، ان قضايا سوريا يجب حلها بالتفاوض وعلى ايران وتركيا وسوريا وروسيا حل هذه المسألة بالحوار".
وشدد آية الله العظمى الخامنئي على ان عزة وعظمة الامة الاسلامية رهن بتجاوز الخلافات في الأذواق، واليقظة ازاء السياسات الرامية لبث الخلافات، مشددا على ان احد عوامل ايجاد الخلافات وخلق العداء في المنطقة هو الكيان الصهيوني الغاصب الذي يحظى بالدعم الاميركي ايضا.
واعتبر سماحة قائد الثورة الاسلامية فلسطين بأنها القضية الاولى للعالم الاسلامي ، مؤكدا انه رغم اقبال بعض الحكومات على العلاقات مع الكيان الصهيوني لكن الشعوب تناهض بعمق هذا الكيان الغاصب.
وشدد قائد الثورة الاسلامية على ضرورة عدم الركون لاميركا والكيان الصهيوني قائلا " اليوم لا يستطيع الكيان الصهيوني ولا اميركا ولا الآخرون ان يوقفوا الحركة المتجذرة للفلسطينيين وان عاقبة الامور ستؤول لصالح الشعب الفلسطيني".
كما اشار سماحة الامام الخامنئي في هذا اللقاء الى قضية اقليم كاراباخ مبديا ترحيبه بعودة كاراباخ الى جمهورية أذربيجان، لكنه اضاف "اذا كانت هناك سياسة لاغلاق الحدود الايرانية الارمينية فان الجمهورية الاسلامية ستعارض ذلك لأن هذه الحدود هي طريق للمواصلات منذ آلاف السنين.
واعتبر آية الله العظمى الخامنئي تعزيز التعاون بين ايران وتركيا في جميع قضايا المنطقة مفيدا وضروريا واضاف "نحن قد دافعنا دوما عن حكومتكم في القضايا الداخلية وامام التدخلات وكما قلتم انتم ايضا نحن أصدقاء لبعضنا البعض في الأوقات الصعبة ، وندعو للشعب التركي المسلم".
وفي هذا اللقاء الذي حضره ايضا الرئيس الايراني السيد ابراهيم رئيسي قدم اردوغان تهانيه لقائد الثورة الاسلامية بمناسبة حلول عيدي الأضحى والغدير السعيدين واعتبر وحدة الامة الاسلامية وتعزيز التضامن بين ايران وتركيا ضروريا، قائلا: ان تركيا لم تسكت ابدا امام الاجحاف ضد ايران وان الاخوة بين ايران وتركيا يجب ان تتعزز في المجالات كافة.
وأكد اردوغان ان تركيا عارضت دوما وستعارض الحظر الاحادي ضد ايران، قائلا: ان بلاده تدعم مطالبات ايران المشروعة في الاتفاق النووي وتشجع الشركات التركية للاستثمار في ايران.
واشار الرئيس التركي الى مواجهة ايران وتركيا للارهابيين طوال السنين الماضية قائلا: ان الجماعات الارهابية في سوريا تتلقى دعما تسليحيا ثقيلا من جانب الدول الغربية كألمانيا وبريطانيا وفرنسا وخاصة اميركا.
وقال اردوغان ان موقف تركيا ازاء وحدة الاراضي السورية واضح ، مضيفا " نتوقع من الحكومة السورية ان تطلق العملية السياسية، وان القضية السورية مدرجة بشكل خاص في اجتماعات آستانة ونأمل التوصل الى نتائج جيدة.
بوتين في طهران، زيارة أصابت الاميركيين بالهلع
استضافت طهران هذه القمة الثلاثية التي شارك فيها ايضا الرئيس التركي رجب طيب اردوغان ليل الثلاثاء الماضي، وفي هذا السياق كتب المتحدث باسم وزارة الخارجية الايرانية ناصر كنعاني في صفحته على التويتر "ان منطقتنا وبدلا من التحالفات الهشة ومنظومات الدفاع الجوي غير الناجحة تحتاج الى السلام والتعاون الاقليمي لارساء الامن الجماعي وان السلام والاستقرار والتنمية المشتركة يمكن التوصل اليها عبر الحوار والتعاون المشترك وبعيدا عن التدخلات الاجنبية".
لقد وصل الرئيس الروسي عصر الثلاثاء 19 يوليو الى مطار مهرآباد غربي العاصمة الايرانية طهران في خامس زيارة له الى ايران منذ وصوله الى سدة الحكم في روسيا، وفو وصوله الى طهران توجه الرئيس الروسي الى المجمع الرئاسي والتقى هناك الرئيس الايراني آية الله السيد ابراهيم رئيسي، وقد ناقش الرئيسان مستجدات العلاقات الثنائية التي شهدت تطورا وقفزة في الفترة الاخيرة وخاصة في المجالات الاقتصادية والامنية والبنى التحتية والطاقة والتجارة والصناعة، وقد أعرب الرئيسان عن ارتياحهما ازاء هذا التقدم مؤكدين العزم على الاستمرار والتعزيز المضطرد للعلاقات.
وفي غروب يوم الثلاثاء ذهب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للقاء قائد الثورة الاسلامية آية الله العظمى السيد علي الخامنئي، وقد اكد سماحته أثناء اللقاء ان الأحداث العالمية تظهر حاجة إيران وروسيا للتعاون المتزايد والمتبادل.
وشدد قائد الثورة الإسلامية خلال لقائه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والوفد المرافق له مساء اليوم (الثلاثاء)، على ضرورة تفعيل التفاهمات والاتفاقيات بين البلدين واعتبر أنه من الضروري توخي اليقظة تجاه سياسات الغرب الخادعة ، ولفت إلى أن التعاون طويل الأمد بين إيران وروسيا يعود بالنفع على البلدين.
وأكد آية الله السيد علي الخامنئي في هذا اللقاء أن الأحداث العالمية تظهر حاجة إيران وروسيا لزيادة التعاون المتبادل، وأضاف: هناك تفاهمات واتفاقيات كثيرة بين البلدين، منها في قطاع النفط والغاز، يجب متابعتها وتنفيذها حتى النهاية.
واعتبر التعاون الاقتصادي بين إيران وروسيا، خاصة في أعقاب الحظر الغربي، بانه ضروري ويخدم مصلحة كلا البلدين، وفيما يتعلق بالأحداث في أوكرانيا، قال: الحرب مقولة قاسية وصعبة، وان الجمهورية الاسلامية الايرانية ليست مسرورة على الإطلاق من ان يعاني منها الناس العاديين، لكن في حالة أوكرانيا، إذا لم تأخذ زمام المبادرة، فإن الطرف الآخر سيتسبب بمبادرته باندلاع الحرب.
واكد قائد الثورة الاسلامية أن الغربيين يعارضون تماما وجود روسيا قوية ومستقلة، واعتبر الناتو بأنه كيان خطير، وأضاف: إذا كان الطريق مفتوحا أمام الناتو، فهو لا يعرف حدودا، وإذا لم يتم إيقافه في أوكرانيا، فانه سيشعل نار حرب مماثلة بعد فترة بذريعة شبه جزيرة القرم.
واعتبر آية الله السيد علي الخامنئي: بالطبع ان أمیركا والغرب اليوم أضعف من ذي قبل، وعلى الرغم من مساعيهما ونفقاتهما الكبيرة، فإن نجاح سياساتهما في منطقتنا، بما في ذلك في سوريا والعراق ولبنان وفلسطين قد تضاءل بشكل كبير.
ووصف سماحته القضية السورية بأنها بالغة الاهمية، مؤكداً على موقف الجمهورية الإسلامية الرافض للهجوم العسكري على هذا البلد وضرورة منعه، وقال: ان هناك قضية أخرى مهمة في الشأن السوري هي احتلال المناطق الخصبة والغنية بالنفط. شرق الفرات من قبل الأمیركيين، والتي يجب حل هذه المسألة بطردهم من تلك المنطقة.
وندد آية الله السيد علي الخامنئي بتدخل الكيان الصهيوني في شؤون المنطقة وأشاد بمواقف الرئيس الروسي الأخيرة ضد الصهاينة.
وشدد سماحته على أن الجمهورية الإسلامية الايرانية لن تتسامح أبدًا مع السياسات والبرامج التي تؤدي إلى إغلاق الحدود بين إيران وأرمينيا.
واعتبر قائد الثورة الاسلامية التعاون طويل الأمد بين إيران وروسيا يصب بقوة وبعمق في صالح البلدين وقال للسيد بوتين: ان سيادتكم والرئيس الايراني كلاكما اصحاب مبادرة ومتابعة ، ومن هنا فإن هذا التعاون بين البلدين في هذه المرحلة ينبغي ان يصل الى ذروته .
وضمن تأكيده لما قاله الرئيس الروسي حول ضرورة بدء تشغيل خط سكة حديد رشت - أستارا ، اعتبر هذا العمل استكمالاً لخط النقل بين الشمال والجنوب ويخدم البلدين .
كما اعتبر آية الله السيد علي الخامنئي أن اليقظة ضرورية ضد خداع الغرب وقال: الأمريكيون هم متغطرسون وماكرون وان أحد أسباب انهيار الاتحاد السوفيتي السابق يكمن في خداعه أمام السياسات الأمريكية ، بالطبع ،ان روسيا في عهدكم حافظت على استقلالها .
كما ايد سماحته على سياسة اعتماد العملات الوطنية في العلاقات بين البلدين واستخدام عملات أخرى بدلاً من الدولار ، وقال: يجب إقصاء الدولار تدريجياً من مسار المعاملات العالمية ، وهذا ممكن تدريجيا.ً
وفي هذا اللقاء الذي حضره أيضًا الرئيس الايراني ، قال بوتين عن الأحداث في أوكرانيا: "لا أحد يؤيد الحرب وان ازهاق أرواح الناس العاديين مأساة كبيرة ، لكن سلوك الغرب جعلتنا لا خيار أمامنا سوى الرد "
واستعرض الرئيس الروسي عوامل وجذور الخلافات بين روسيا وأوكرانيا ، لا سيما الأعمال الاستفزازية للغرب والولايات المتحدة في السنوات الأخيرة ، بما في ذلك الانقلاب في أوكرانيا ، وكذلك سياسة التوسع لحلف الناتو ، على الرغم من التزاماتهم السابقة بتجنب اي توسع باتجاه روسيا . وقال ان بعض الدول الأوروبية قالت إننا ضد عضوية أوكرانيا في الناتو ، لكننا وافقنا على ذلك بضغط أمريكي ، مما يدل على افتقارها للسيادة والاستقلال.
واعتبربوتين اغتيال الجنرال سليماني بانه انموذج اخر على شرور الأمريكيين ، وفي جانب آخر من خطابه ، إشارة إلى العقوبات الغربية ضد روسيا ، وقال: هذه العقوبات هي في ضرر الغرب ، ومن نتائجها خلق مشاكل مثل ارتفاع أسعار النفط وأزمة الإمدادات الغذائية
وإشار الرئيس الروسي إلى إساءة استخدام الولايات المتحدة لأداة الدولار لفرض الحظر على الدول الأخرى ونهبها ، واعتبر أن ذلك يضر بهم ويضعف الثقة العالمية بهذه العملة وتحرك الدول صوب اعتماد العملات البديلة ، وقال: روسيا وإيران تعملان على ابتكار اساليب جديدة لاعتماد العملات الوطنية في العلاقات بين البلدين.
واعتبر الرئيس الروسي ، وضمن تاييده مواقف قائد الثورة الاسلامية بشأن منطقة القوقاز ، اعتبر مواقف البلدين من الملف السوري ، بما في ذلك معارضة الهجوم العسكري على شمال هذا البلد ، متطابقة تماما مع بعضهما البعض وقال: يجب أن تكون منطقة شرق الفرات تحت سيطرة القوات العسكرية السورية.
وكان الرئيس الروسي اول مسؤول أجنبي هنأ الرئيس الايراني السيد ابراهيم رئيسي على انتخابه لرئاسة الجمهورية في العام الماضي، وقد اشار بوتين في رسالة التهنئة الى حسن الجوار وعلاقات الصداقة بين ايران وروسيا معربا عن امله في ان يشهد عهد الحكومة الايرانية الجديدة تعزيزا متزايدا للتعاون الثنائي بين الدولتين، وفي شهر يناير الماضي زار الرئيس الايراني ابراهيم رئيسي موسكو ليومين وفي 29 مايو الماضي التقى الرئيسين مرة اخرى خلال قمة الدول المشاطئة لبحر خزر في عشق آباد بتركمنستان.
وبالتزامن مع زيارة بوتين لطهران اظهرت استطلاعات الراي ان اكثر من نصف الروس يؤيديون تعزيز العلاقات السياسية والعسكرية مع ايران كما ان 47 منهم يؤيدون دراسة التجربة الايرانية في مواجهة الضغط والحظر الغربي والاستفادة منها.
وقد اثارت زيارة بوتين لطهران ردود فعل في العالم وخاصة في اميركا حيث قالت المتحدثة باسم البيت الابيض "كارين جان بيير" ان زيارة بوتين لطهران تظهر عدم رغبته بايقاف حرب اوكرانيا مضيفة "ان بوتين بات معزولا ويحتاج الى ايران ونحن نريد زيادة الحظر المفروض على روسيا والذي سيشمل خلال الفترة المقبلة اشخاصا ومؤسسات أكثر.
لا دخل لاميركا في العلاقات الايرانية الروسية
استفسر مراسل وكالة أنباء فارس رأي المتحدث باسم وزارة الخارجية الايرانية ناصر كنعاني خلال مؤتمره الصحفي الاسبوعي يوم الاربعاء، بتعليقات البيت الابيض وكذلك تعليق روبرت مالي على زيارة بوتين لطهران عندما قال ان على ايران ان تفكر اما في الاعتماد على روسيا بشكل اكبر واما العودة للاتفاق النووي، حيث رد كنعاني قائلا "ان العلاقات الايرانية الروسية كبلدين مستقلين وجارين واقليميين هي علاقات ثنائية بالكامل ومبنية على المصالح الثنائية ولا دخل للادارة الاميركية فيها ولا يحق لها ابداء الراي في العلاقات الايرانية الثنائية مع الدول الاخرى ، ان هذه العلاقات بين ايران وروسيا هي بناءة ومنطقية وتثبت بانها تعود بالنفع على البلدين وهي بناءة ايضا فيما يخص الاقليم، وان نتيجة مثل هذه العلاقات البناءة هي مشهودة في تدعيم وتثبيت عملية السلام والاستقرار والامن في سوريا والمكافحة المشتركة للارهاب وهذا دور بناء لم نرى قيام اميركا به ابدا، ان العلاقات المستقلة بين ايران وروسيا ستستمر في هذا الاطار.
اما رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية ويليام بيرنز فقد قال يوم امس الخميس امام الاجتماع أسبين الامني ان رؤية مشاهد لقاء الرئيس الروسي بوتين مع سماحة قائد الثورة الاسلامية لم تثر عنده مشاعر الحنين للماضي (حسب تعبيره) و"الحقيقة ان الروس والايرانيين يحتاجون بعضهما البعض الان، فالبلدين يعانيان من حظر قاس ويبحثان عن الخروج من العزلة السياسية"، حسب قوله.
وادعا رئيس السي أي ايه "ان زيارة بوتين الى طهران تظهر بأن هناك مشاكل في الصناعات العسكرية الروسية وهناك مجال محدود يمكن ان يساعدوا بعضهما البعض".
وكان مستشار الأمن القومي الأميركي جاك سوليفان قد ادعا يوم السبت الماضي أن وفدا روسيًّا زار طهران مرتين على الأقل في هذا الصيف، وذلك لمعاينة الطائرات المسيّرة المقاتلة التي ستسلمها طهران إلى موسكو، حسب قوله.
وعرض سوليفان صورا مزعومة وقال انهاالتقطت في يونيو/حزيران وتظهر الطائرات من دون طيار الإيرانية التي اطلع عليها الوفد الروسي في ذلك اليوم، ويشير ذلك إلى استمرار الاهتمام الروسي بامتلاك طائرات مسيرة إيرانية مقاتلة
وكان روبرت مالي قد قال ايضا رداً على سؤال حول تقارير إعلامية زعمت بيع إيران طائرات مسيّرة لروسيا لاستخدامها في العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا، أنّ "هذا يشير إلى موقف تريد فيه إيران بيع طائرات مسيّرة لروسيا، على عكس موقفها السابق المحايد تجاه الصراع بين أوكرانيا وروسيا".
وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، قال بدوره، بعد تصريحات سوليفان، إنّ بلاده "ترفض ادّعاءات أميركا بخصوص بيع إيران مئات الطائرات المسيّرة لروسيا
كما علّقت وزارة الخارجية الروسية على الأمر، مؤكدةً أنّ "صفقة المسيّرات الإيرانية لروسيا تضليل إعلامي أميركي، رافق جولة الرئيس جو بايدن في الشرق الأوسط".
وبعد زيارة بوتين لطهران عاد وزير الدفاع الاميركي لويد ىستين وكرر هذه المزاعم قائلا " نوصي طهران بان لا تقوم بمثل هذا الامر".
اما وكالة ريانوفستي الروسية فقد اوردت تحليلا جاء فيه انه بالتزامن مع زيارة بوتين الى طهران فان روسيا وايران مستعدتان لاطلاق شراكة استراتيجية ويمكن لروسيا ان تتعلم من ايران دروسا لتكوين هوية دون الاعتماد على الغرب.
اما مجلة نيوزويك الاميركية فقد اوردت يوم الاربعاء ان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين زار طهران وهي اول زيارة له الى الخارج منذ اندلاع الحرب الاوكرانية وهذا نوع جديد من التحالف في وجه الغرب يمكن ان يتحداه ويضغط عليه.
وفي هذا السياق صرح الباحث في الشؤون الاوراسية "مهدي خورسند" لوكالة انباء فارس "ان الاميركيين شاهدوا تجربة التقارب الايراني الروسي الوثيق في سوريا وامام داعش وان الاميركيين هم الان قلقون من مبادرة ايران لدعم روسيا في الحرب التي فرضت عليها ومن الطبيعي ان يكون النصر حليف المحور الروسي الايراني وان سبب خوف هؤلاء هو هذا الانتصار.
قائد الثورة :يجب طرد الأمريكان من منطقة شرق الفرات في سوريا / يجب إبعاد الدولار تدريجياً عن مسار المعاملات العالمية
وأفادت وكالة تسنيم الدولية للانباء، ان قائد الثورة الإسلامية سماحة آية الله السيد علي الخامنئي خلال استقباله الرئيس الروسي السيد فلاديمير بوتين و الوفد المرافق اكد له على ضرورة تفعيل التفاهمات و العقود بين البلدين مشددا على ضرورة التحلي باليقظة ازاء سياسات الغربية المخادعة مبينا ان التعاون الطويل الامد بين ايران وروسيا سيصب لصالح البلدين.
واكد سماحته أن الأحداث العالمية تظهر حاجة إيران وروسيا لزيادة التعاون المتبادل، مضيفا أن هناك تفاهمات واتفاقيات كثيرة بين البلدين، منها في قطاع النفط والغاز، يجب متابعتها وتنفيذها حتى النهاية معتبرا التعاون الاقتصادي بين إيران وروسيا، خاصة في أعقاب الحظر الغربي، ضروريا ومصلحة لكلا البلدين.
و شدد قائد الثورة على أن الغرب يعارض تماما أن تكون روسيا قوية ومستقلة،معتبرا الناتو بأنه تكتل خطير، وأضاف: لو فتح الطريق أمام الناتو فهو لن يعرف حدودا، وإذا لم يتم إيقافه في أوكرانيا، لشن الحرب فيما بعد بذريعة أحداث شبه جزيرة القرم.
وأشار إلى أن أميركا والغرب باتا اليوم أضعف من ذي قبل، وعلى الرغم من الجهود والتكاليف الكبيرة لكن نجاح سياساتهما في منطقتنا بما في ذلك في سوريا والعراق ولبنان وفلسطين قد تضاءل بشكل كبير.
وفيما يتعلق بالأحداث في أوكرانيا، قال سماحته : إن الحرب قضية قاسية وصعبة، والجمهورية الإسلامية ليست مسرورة على معاناة الناس العاديين منها، لكن في حالة أوكرانيا لو لم تأخذوا أنتم بزمام المبادرة فإن الطرف الآخر كان يتسبب في حرب بأخذه بالمبادرة.
واعتبر القضية السورية بأنها بالغة الأهمية، مؤكداً على موقف الجمهورية الإسلامية الرافض للهجوم العسكري على هذا البلد وضرورة منعه، وقال: القضية المهمة الأخرى في الشأن السوري هي احتلال المناطق الخصبة والغنية بالنفط بشرق الفرات من قبل الأميركيين، والتي يجب حل هذه المسألة بطردهم من تلك المنطقة.
وندد بتدخل الكيان الصهيوني في شؤون المنطقة، وأشاد بمواقف الرئيس الروسي الأخيرة ضد الصهاينة.
وشدد على أن الجمهورية الإسلامية لن تتسامح أبدا مع السياسات التي تؤدي إلى إغلاق الحدود بين إيران وأرمينيا.
ودعا قائد الثورة إلى التعاون طويل الأمد بين إيران وروسيا بشكل وعميق لصالح البلدين وقال مخاطبا الرئيس بوتين: فخامتكم والرئيس جمهوريتنا كلاكما أهل عمل ومتابعة، لذلك فإن التعاون بين البلدين يجب أن يصل إلى ذروته في هذه الفترة.
وتأكيدا لما قاله الرئيس الروسي حول ضرورة بدء تشغيل خط سكك حديد رشت - آستارا، اعتبر هذا المشروع استكمالاً لخط النقل شمال-جنوب واصفا إياه بالمفيد للبلدين.
وشدد آيةالله خامنئي إلى أن اليقظة ضد خداع الغرب أمر ضروري، وقال: الأميركان متعنتون وماكرون في نفس الوقت، وإحدى أسباب انهيار الاتحاد السوفيتي السابق كان انخداعه بالسياسات الأمريكية، لكن بالطبع حفظت روسيا استقلالها خلال فترة تبنيكم للرئاسة.
وأشاد بسياسة استبدال العملات الوطنية في العلاقات الاقتصادية بين البلدين واستخدام عملات أخرى بدلاً من الدولار، وقال: يجب إبعاد الدولار تدريجياً عن مسار المعاملات العالمية، وهذا ممكن تدريجياً.
وفي هذا اللقاء الذي حضره الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، قال بوتين عن الأحداث في أوكرانيا: "لا أحد يؤيد الحرب، وخسارة الناس العاديين أرواحهم مأساة كبيرة، لكن سلوك الغرب قد جعلنا لن يكون أمامنا خيار سوى الرد".
وسرد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين جذور الخلافات بين روسيا وأوكرانيا، لا سيما الأعمال الاستفزازية للغرب والولايات المتحدة في السنوات الأخيرة، بما في ذلك الانقلاب في أوكرانيا، وكذلك سياسة التوسع لحلف الناتو، على الرغم من التزاماته السابقة بتجنب أي توسع تجاه روسيا، وقال إن: الدول الأوروبية قالت إننا ضد عضوية أوكرانيا في الناتو، لكننا وافقنا على ذلك بضغط أميركي، مما يدل على عدم سيادتها واستقلالها.
وذكر بوتين باغتيال الشهيد اللواء قاسم سليماني كمثال آخر على شرور الأميركيين، وفي جزء آخر من خطابه وفي إشارة إلى العقوبات الغربية ضد روسيا، وقال إن: كانت هذه العقوبات بضرر بالغرب، وكانت النتيجة مشاكل مثل ارتفاع أسعار النفط وأزمة الإمدادات الغذائية.
وفي إشارة إلى إساءة استخدام الولايات المتحدة لأداة الدولار لحظر الدول الأخرى ونهبها، اعتبر الرئيس الروسي أن ذلك يضر بهم ويضعف الثقة العالمية بهذه العملة وحركة الدول لاستخدام العملات البديلة، وقال: إن روسيا وإيران تصممان طرقاً لاستخدام العملات الوطنية في العلاقات بين البلدين.
ووصف الرئيس الروسي مواقف قائد الثورة الإسلامية بشأن منطقة القوقاز، ومواقف البلدين من الملف السوري، بما في ذلك معارضة الهجوم العسكري على شمال هذا البلد، بأنها متوافقة تماما، وقال: يجب أن تكون منطقة شرق الفرات تحت سيطرة قوات الجيش السوري.
واعتبر بوتين أن التعاون بين البلدين يتقدم في جميع القطاعات والمشاريع، وأضاف: إيران وروسيا تحاربان بشكل مشترك الإرهاب في سوريا، وفي المجال العسكري نحاول أيضا تطوير التعاون بين البلدين، فضلا عن التعاون والمناورات الثلاثية مع الصين.
لماذا يُعتبر عيد الغدير هو عيد الله الأكبر؟
لطالما وقف في وجه حراك الغدير حراكان آخران عملا على حرف المجتمع عن مساره الأساسي الذي يؤدي إلى هدايته وسعادته:
1 - المروّجون للتكفير: مناصرو هذا الحراك سعوا ويسعون لتبديل قضية الغدير إلى مجرّد قضيّة شيعيّة. بيد أن "الغدير قضيّة إسلاميّة؛ ليست مجرّد قضيّة شيعيّة، في تاريخ الإسلام، تحدّث النبي الأكرم بحديث معيّن وقام بعمل معيّن حيث أنّ هذا العمل وهذا الحديث يتمتّعان بأبعاد متعدّدة تنطوي على درس ومعنى. لا يمكن أن نقول بأنّ يستفد الشيعة فقط من الغدير وحديثه؛ وأن لا يستفيد سائر المسلمون من هذا المضمون الغني المتواجد في طيّات هذا الكلام النبوي الشريف والذي هو غير منحصر في مرحلة معيّنة". "أو أنّهم التجؤوا إلى بثَّ الفرقة والخلاف بين المذاهب الإسلامية من خلال نشرهم التفاسير والتحاليل التفريقية والمناقضة للوحدة".
2 - مناصرو الإسلام العلماني: الحراك الثاني المواجه للغدير هم مبلّغو الإسلام العلماني الذين عملوا - من خلال التفاسير الفردانية التي تقتصر على القيام بالمناسك والواجبات الدينيّة- على تهميش وحتى نبذ حادثة الغدير، وعلى إبعاد الدين عن التدخّل في المجال العام والقضايا الحكوميّة. بيدَ أنّ حادثة الغدير ردٌّ على ادّعاء هذا الحراك الباطل. "أولئك الأشخاص الذين سعوا لفصل الإسلام عن المسائل الاجتماعيّة والسياسيّة، وحاولوا حصر الإسلام بالمسائل الشخصيّة والمسائل المتعلقة بحياة الأفراد - وفي الواقع كانوا ينظرون نظرة علمانية للإسلام، وقد سعى إعلام العدو وأدواته أيضاً للترويج لهذه الرؤية بين المسلمين على طول التاريخ – إنّ قضية الغدير هي الجواب والردّ على هؤلاء، فإنّ النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم في ذلك الموقع الحساس، وفي آخر أشهر حياته وبناءً للتعاليم الإلهيّة والتكليف الإلهي بيّن مسألة أساسيّة ومهمّة، وهي عبارة عن التعرّض لمسألة الحكومة بعد زمان النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم". مع أنّه سابقاً "أثبت الإسلام من خلال تأسيسه للحكومة في المدينة وتشكيل المجتمع المدني النبوي أنَّ الإسلام لا يقتصر على النّصح والموعظة والدعوة اللسانية. يريد الإسلام لحقائق الأحكام الإلهية أن تتحقق في المجتمع".
يأتي ادعاء أنصار الإسلام العلماني هذا في ظل "كون أكثر حكومات العالم علمانية بالرغم من كل ما تدعيه -سواء أعلمت أم لم تعلم- تمسك بين يديها دنيا وآخرة الناس... أجساد وأرواح الناس تحت تصرفها".
لذلك: “قال أمير المؤمنين (عليه السلام): "فَإن أَطَعتُموني فَإنّي حامِلُكم، إن شاءَ اللهُ، عَلى سَبيلِ الجَنَّة" …. هذا هو هدف الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: إيصال الناس إلى الجنّة، سواء على الصعيد الفكري (للناس)، أو على صعيدهم الروحي والقلبي، أو على صعيد حياتهم الاجتماعيّة".
"إنّني أشدّد على هذه النقطة لأنّه يُسمع أحيانًا، هنا وهناك، عندما يجري الحديث عن الهداية والإرشاد وبيان حقائق الدين وما إلى ذلك، من يقول: يا سيّدي، وهل من واجبنا أن نأخذ الناس إلى الجنة؟ نعم، نعم، هو كذلك. هذا هو الفرق بين الحاكم الإسلاميّ وسائر الحكام. لا يدور الكلام هنا عن التعسّف والضغوط والإكراه، إنّما هو كلام عن المساعدة. إنّ فطرة البشر ميّالة للسعادة ويجب أن نفتح الطريق ونُسهّل الأمور للناس ليستطيعوا إيصال أنفسهم إلى الجنّة. هذا هو واجبنا".
الغدير يحمل للأمة الإسلامية في مواجهة هذين الانحرافين رسالتين هامّتين: الأولى هي أنّه العامل المؤدّي إلى وحدة المجتمع الإسلامي والثانية هي أنّه مُبلّغ الإسلام السياسي في مواجهة العلمانيين. لهذا السبب أطلق اسم "عيد الله الأكبر" على عيد الغدير من بين كافة المناسبات والأعياد الدينيّة." لماذا؟ لأنّ تكليف الأمة الإسلامية في مجال الهداية وفي مجال الحكومة حُدّد في حادثة الغدير.
مقتطفات من خطابات للإمام الخامنئي (دام ظله)
أمين الوحي في غدير خم
لما انتهت مراسيم الحج، وتعلم المسلمون مناسكه عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، قرّر رسول الله (صلى الله عليه وآله) الرحيل عن مكة، والعودة الى المدينة، فأصدر أمرا بذلك.
ولما بلغ موكب الحجيج العظيم إلى منطقة «رابغ»([1]) التي تبعد عن «الجحفة»([2]) بثلاثة أميال نزل أمين الوحي جبرئيل على رسول الله (صلى الله عليه وآله) بمنطقة تدعى «غدير خم» وخاطبه بالآية التالية: «يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ»([3]).
إن لسان الآية وظاهرها يكشف عن أن الله تعالى ألقى على عاتق النبي (صلى الله عليه وآله) مسئولية القيام بمهمة خطيرة، وأي أمر اكثر خطورة من أن ينصب عليا (عليه السلام) لمقام الخلافة من بعده على مرأى ومسمع من مائة ألف شاهد.
من هنا أصدر رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمره بالتوقّف، فتوقفت طلائع ذلك الموكب العظيم، والتحق بهم من تأخّر.
لقد كان الوقت وقت الظهيرة، وكان الجو حارا الى درجة كبيرة جدا، وكان الشخص يضع قسما من عباءته فوق رأسه والقسم الآخر منها تحت قدميه، وصنع للنبي (صلى الله عليه وآله) مظلة وكانت عبارة عن عباءة القيت على أغصان شجرة، (سمرة) وصلّى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالحاضرين الظهر جماعة، وفيما كان الناس قد احاطوا به صعد (صلى الله عليه وآله) على منبر اعدّ من أحداج الإبل وأقتابها، وخطب في الناس رافعا صوته وهو يقول:
«الحمد لله ونستعينه ونؤمن به ونتوكّل عليه ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، الذي لا هادي لمن ضلّ ولا مضلّ لمن هدى وأشهد ان لا إله إلاّ هو وأن محمّدا عبده ورسوله.
أمّا بعد، أيّها الناس قد نبّأني اللطيف الخبير أنّه لم يعمّر نبي إلاّ مثل نصف الذي قبله، وإني أوشك أن ادعى فأجيب وأني مسئول وانتم مسئولون فما ذا انتم قائلون؟
قالوا: نشهد أنّك قد بلّغت ونصحت وجهدت فجزاك الله خيرا قال (صلى الله عليه وآله):
«ألستم تشهدون أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمّدا عبده ورسوله وأنّ جنّته حق وأنّ الساعة آتية لا ريب فيها وأنّ الله يبعث من في القبور»؟
قالوا: بلى نشهد بذلك.
قال (صلى الله عليه وآله):
«اللهمّ اشهد».
ثم قال (صلى الله عليه وآله):
«إنّي تارك فيكم الثقلين ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا أبداً».
فنادى مناد: بأبي أنت وأمّي يا رسول الله، وما الثقلان؟
فقال (صلى الله عليه وآله): «كتاب الله سبب طرف بيد الله وطرف بأيديكم فتمسكوا به والآخر عترتي وإنّ اللطيف الخبير نبّأني أنّهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض فلا تقدموهما فتهلكوا ولا تقصّروا عنهما فتهلكوا».
وهنا أخذ بيد «عليّ» (عليه السلام) ورفعها حتى رؤي بياض آباطهما وعرفه الناس اجمعون ثم قال:
«أيّها الناس من أولى الناس بالمؤمنين من انفسهم؟».
قالوا: الله ورسوله أعلم.
فقال (صلى الله عليه وآله):
«إن الله مولاى وأنا مولى المؤمنين وأنا أولى بهم من أنفسهم فمن كنت مولاه فعليّ مولاه([4])، اللهمّ وال من والاه، وعاد من عاداه وانصر من نصره، واخذل من خذله واحب من احبه وابغض من ابغضه وادر الحق معه حيث دار»([5]).
سيد المرسلين (صلى الله عليه وآله)، آية الله المحقق الشيخ جعفر السبحاني
([1]) رابغ تقع الآن على الطريق بين مكة والمدينة.
([2]) من مواقيت الاحرام وتنشعب منها طرق المدنيين والمصريين والعراقيين.
([3]) المائدة: 67.
([4]) لقد كرر النبي (صلى الله عليه وآله) هذه العبارة ثلاث مرات دفعا لأي التباس أو اشتباه.
([5]) راجع للوقوف الكامل على مصادر هذا الحديث المتواتر موسوعة الغدير للعلامة الاميني.
فيمن نزلت آية التبليغ؟
قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾[1].
1- تدل الآية الشريفة في نفسها على أن ما أمر النبي (صلى الله عليه وآله) بتبليغه أمر خطير، يعادل في أهميته وخطورته تبليغ الرسالة كلها، ولذلك وردت في صورة التهديد. وقد حاول أكثر علماء العامة أن يصرفوها عن هذه الدلالة، بدعوى أنها أمر له ببيان الأحكام المتعلقة بأهل الكتاب وحالهم، وأن الله يعصمه منهم فلن يتمكنوا من ان يقتلوه أو يؤذوه، مستفيدين لذلك من السياق حيث إن أكثر آيات سورة المائدة تتحدث عن اليهود والنصارى.
2- إلا أن هذا المعنى لا يستقيم، لأن السورة، والآية بالخصوص، قد نزلت بعد حجة الوداع، يوم غدير خم، بعدما انكسرت شوكة أهل الكتاب، ولم يعد لهم أي خطر يخشى، وقوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاس﴾ صريح أنه (صلى الله عليه وآله)، كان يتوجس من إبلاغ أمر يهدد حياته من قبل أناس يمكنهم أن يبطشوا به، أو يثيروا فتنة بوجهه، وهو ما لا يمكن أن يحصل من أهل الكتاب.
3- إن الآية الشريفة، وبملاحظة مكان وزمان وسبب نزولها وما ترتب عليه، تدل على نصب علي (عليه السلام) لإمامة المسلمين بعده، حيث بادر النبي إلى إعلان ولايته وإمامته للمسلمين، قائلا: "من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه"، فلقيه عمر فقال له: هنيئا لك يا ابن أبي طالب أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة[2].
وعن أبي سعيد الخدري قال: نزلت هذه الآية: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّك﴾، يوم غدير خم في علي بن أبي طالب (عليه السلام)[3].
4- ذهب بعض مفسري العامة إلى أن المراد أنه مأمور بإبلاغ أي حكم من الأحكام، ذلك ان الأحكام كلها متساوية الأهمية، بحيث لو كتم أي واحد منها كان بمثابة كتمان الجميع[4].
وجوابه ظاهر، فإن ذلك وإن كان مقبولا في نفسه، من جهة أن أحكام الدين مترابطة في ما بينها ولا يمكن التفكيك بينها، ولكن قوله والله يعصمك من الناس، بمثابة التطمين له (صلى الله عليه وآله)، بمعنى أن الموضوع المأمور بإبلاغه يرتبط بالناس وعلاقاتهم، وإلا فليس لكل الأحكام أبعاداً اجتماعية أو سياسية، ربما تنعكس على جماعة الناس، فيهددوا حياة النبي (صلى الله عليه وآله) نتيجة لها.
ولا بد من الإشارة إلى أن مثل هذا التفسير يتضمن إنكار نزولها بحق علي (عليه السلام) وولايته، حيث لم يشر صاحبه إلى هذا الأمر من قريب أو بعيد.
5- قال الفخر الرازي: "واعلمو أن المراد من الناس هنا الكفار، بدليل قوله تعالى ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾[5]".
والجواب أنه خلاف الظاهر، بملاحظة سبب نزولها وظروفها كما تقدم، حيث أن الكفار لم يكن لهم قوة تمكنهم من فعل ذلك حينها، بل المراد من الناس مطلق من اتصف بالإنسانية سواء كان مؤمنا أم كافرا، أي لم تلحظ خصوصية الإيمان أو الكفر فيهم.
ويظهر هذا الأمر جليا بملاحظة الاستعمالات القرآنية، حيث استعمل لفظ الناس في الأعم، إلا إذا قامت قرينة خاصة على إرادة أحدهما، وهي مفقودة في المقام، فالحمل على الأعم هو المتعين.
وأما ذيل الآية الشريفة فلا يشكل قرينة أو دليلا على ما زعمه الفخر الرازي، بل الظاهر أنه وصفهم بالكفر من جهة رفضهم لهذا المأمور به، خصوصا بعد ملاحظة أن ظروف وملابسات نزول الآية الشريفة، بعد استتباب الأمر للمسلمين، وسقوط مقالة المشركين، وإعلان الكثيرين منهم الدخول في الإسلام، والله تعالى أعلم.
وأما مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) فهي مجمعة على أن الآية الشريفة نزلت بشأن ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)، وأنها مرتبطة بحادثة غدير خم، التي رواها الشيعة والسنة متواترة بما يزيد عن مائة طريق.
سماحة الشيخ حاتم اسماعيل (رحمه الله)
[1] سورة المائدة، آية: 67
[2] التفسير الكبير، الفخر الرازي، ج12، ص49
[3] أسباب النزول، الواحدي، ص139
[4] تفسير البيضاوي، ج1، ص444
[5] التفسير الكبير، الفخر الرازي، ج12، ص50