
emamian
لماذا يحاصرون إيران ويصمتون حيال تركيا؟
موفق محادين
ما الذي يفسر حصار العالم الرأسمالي، الأميركي – الأوروبي، لدولة قاتلت الإرهاب نيابة عنه، والصمت حيال دولة احتضنت الإرهاب ولا تزال؟
تنظّم تركيا وتجنّد عشرات الآلاف من المرتزقة والإرهابيين، وتفتح لهم معسكراتها ومطاراتها، وتلعب مع أوروبا لعبة اللاجئين وتدفعهم إليها، ومن ضمنهم الخلايا الإرهابية، وتثير القلاقل وبؤر التوتر مع كلّ جيرانها، وتضع يدها على الموروث الإغريقي الذي يعود أصلاً إلى اليونان براً وبحراً.
ورغم ذلك، يكاد الأوروبيون لا يلامسون الحد الأدنى من التحفظ على هذا السلوك، ناهيك بالموقف الأميركي المتواطئ كلياً مع تركيا، كما ظهر في تحريضها الأخير على إشعال الحرب ضد أرمينيا، كمقدمة لاستبدال خط الغاز الروسي إلى أوروبا بالخطّ الآذري الذي تسيطر عليه الشركات الأميركية واليهودية.
في المقابل، إن الفصائل التي يحسبها الأوروبيون على إيران، هي التي تصدّت للإرهاب وقاتلته وهزمته، وقدمت آلاف الشهداء في هذه المعركة. وفي حين قامت تركيا بالتحريض على أرمينيا، ودعمت أذربيجان بالسلاح والقوات وبمرتزقتها التركمان والسوريين الإرهابيين، أخذت إيران (الشيعية) موقفاً معتدلاً، بل إن تياراً واسعاً فيها وقف إلى جانب أرمينيا المسيحية، وليس إلى جانب أذربيجان الشيعية، فما الذي يفسر حصار العالم الرأسمالي، الأميركي – الأوروبي، لدولة قاتلت الإرهاب نيابة عنه، والصمت حيال دولة احتضنت الإرهاب ولا تزال؟
أولاً، الموقف من الكيان الصهيوني واليهودية العالمية التي تسيطر على البورصة والبيوتات المالية الدولية، وثانياً موقع هذه الدولة أو تلك في منظومة السوق والشبكات الرأسمالية العالمية.
في ما يخصّ العامل الأول، وفي مقابل رفض إيران الاعتراف بالكيان الصهيوني، ودعم سوريا والمقاومة الفلسطينية واللبنانية التي تواجه هذا الكيان، تعترف تركيا به، وتتبادل معه التمثيل الدبلوماسي والاقتصادي والتنسيق في صناعات عسكرية عديدة، كما أنّ الغالبية الساحقة من سكان الكيان الصهيوني (الأشكنازيم) من أصول تركية (يهود الخزر)، وفق كتابات المؤرخين اليهود، أمثال كوستلر وفريدمان، ووفق كتابات المفكر المصري جمال حمدان في كتابه "اليهود أنثروبولوجياً"، وكذلك ما ورد في سيرة قسطنطين ورحلة ابن فضلان. كما نعرف أن النهضة الرأسمالية التركية الحديثة انطلقت من البنك العثماني الذي تأسّس أواخر القرن التاسع عشر على يد عائلات مالية أوروبية ويهودية، أشهرها عائلة روتشيلد.
ولعلّ الأخطر في حسابات العقل الإمبريالي حول تركيا والكيان الصهيوني، هو سيناريو التقاسم الوظيفي بينهما للشرق (كانتونات ومحميات صهيونية وولايات عثمانية)، وذلك وفق مشروع اليهودي برنار لويس، مهندس الانبعاث العثماني الجديد.
أما العامل الثاني، موقع كل من تركيا وإيران في المنظومة الرأسمالية العالمية، فما يقف خلف الحصار الرأسمالي لإيران التي دعمت كل القوى التي واجهت الإرهاب، وخلف الصمت حيال تركيا، أكبر راعية للإرهاب في المنطقة، هو موقع الأخيرة في المنظومة الرأسمالية العالمية اقتصادياً ومالياً وعسكرياً، وهو الموقع الذي بدأ يترسخ مع أسلاف رجب طيب إردوغان من الطورانيين المتأسلمين، مندريس وأوزال، إذ قام هؤلاء الأسلاف، كما إردوغان، بالخضوع التام للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي وبرامج الخصخصة الواسعة، ناهيك بفتح تركيا أراضيها للقواعد العسكرية الأميركية والانخراط في حلف الأطلسي، وهو ما سمح لتركيا، وخصوصاً في عهد إردوغان، بأن تعمّق انتماءها إلى النظام الرأسمالي، ولا سيما القوى الرأسمالية المتوسطة، مستفيدة مما يعرف بتقسيم العمل الرأسمالي الدولي، الناجم بدوره عن تخلص الإمبرياليات الكبرى من خطوط الإنتاج التي تقصيها الثورة المعلوماتية وما يسمى اقتصاد المعرفة والأتمتة.
بهذا المعنى، تركيا دولة رأسمالية متوسطة التطور، مع عضوية أطلسية وعلاقات دبلوماسية واقتصادية وعسكرية وأمنية مع تل أبيب، تستخدم الدين لاستغفال شعوب الشرق، وهو تخطيط مطبوخ في دوائر البرجوازية الكبرى التي تحكم تركيا بقناع إردوغاني، وهي برجوازية الأناضول.
في المقابل، إن إيران اقتصادياً أقرب إلى رأسمالية الدولة والقطاع العام الأقل ارتباطاً بالسوق الرأسمالي وعالم الشركات و"البزنس"، كما أنَّ "الاقتصاد الوقفي" التاريخي الناجم عن مقاربات مذهبية، حصّنها من الانفلات الواسع نحو فلسفة السوق والليبرالية الجديدة، ناهيك برفضها إقامة أية قواعد أطلسية على أراضيها، ما حصَّن سيادتها واستقلالها السياسي أيضاً.
يُضاف إلى كلّ ذلك عاملان، هما السيطرة على السياسات والأدوات المالية والنقدية، وسيطرة الدولة على الموارد الكبرى، مثل النفط والغاز وغيرهما، وحرمان الشركات الرأسمالية من نهبها والتحكّم بها.
بهذا المعنى، فإنّ إيران عكس تركيا تماماً، فهي دولة سيدة مستقلة مناهضة للسياسات الإمبريالية والصهيونية، وقادرة على تكييف سياساتها والدفاع عن سيادتها وحماية ذلك بعلاقات مع المحيط الاقتصادي - السياسي الكبير حولها، مثل الصين وروسيا ودول البريكس عموماً
المصدر:الميادين
بيان الخارجية الايرانية بشأن انتهاء الحظر التسليحي
أعلنت وزارة الخارجية عن انتهاء سريان الحظر الدولي على تسلحها اعتبارا من الأحد، مشددة على أنها لا ترى مكانا لأسلحة الدمار الشامل في استراتيجيتها الدفاعية.
وقالت الخارجية الإيرانية، في بيان أصدرته ليل الأحد، إن رفع حظر التسلح سيسمح لإيران باستيراد وتصدير السلاح وإجراء التعاملات المالية المرتبطة بذلك وفقا لسياساتها الدفاعية.
وأوضحت الوزارة أن انتهاء حظر التسلح على إيران يتم بشكل آلي ولا يحتاج لبيان أو قرار جديد من مجلس الأمن الدولي.
وأشارت إلى أنه يمكن لإيران منذ اليوم تأمين أي أسلحة أو معدات تلزمها ومن أي مصدر كان ودون أي قيود قانونية وبناء على الحاجات الدفاعية.
وأكدت الخارجية الإيرانية: "لن نعترف بفرض أي قيود مالية أو اقتصادية أو في مجال الطاقة والتسلح".
وأوضحت الوزارة مع ذلك أن إيران تعتمد على نفسها في الدفاع ولا ترى زيادة في شراء الأسلحة لأنها تتوقع رفع حظر السلاح.
وشددت الوزارة على أن إيران تمكنت من تأمين حاجاتها الدفاعية في السابق وستواصل سياستها هذه، وتابعت: "لا مكان للأسلحة غير التقليدية وأسلحة الدمار الشامل في استراتيجية إيران الدفاعية".
كما أضافت أنه "لا مكان لاستيراد الأسلحة التقليدية بشكل عشوائي في السياسة الدفاعية الإيرانية".
وقالت إن "إيران لم تكن البادئة بأي جرب في التاريخ المعاصر على الرغم من الخلافات وتفوقها في القوة"، وأردفت: "تجارة الأسلحة المربحة بين الدول الغربية وبعض دول المنطقة أدت بشكل لافت إلى ارتكاب جرائم الحرب في الشرق الأوسط كالعدوان على اليمن".
وأشارت الخارجية الإيرانية إلى أن الدول الأعضاء في الأمم المتحدة ملزمة بسن قوانينها وأنظمتها بقرار رفع حظر التسلح عن إيران على الرغم من جهود واشنطن لتقويص مصالح طهران في الاتفاق.
وقالت إن على الولايات المتحدة أن تتخلى عن نهجها المدمر تجاه القرار 2231، وتابعت: "على واشنطن العودة إلى الامتثال الكامل بالتزاماتها بموجب ميثاق الأمم المتحدة، ووقف الأعمال المخالفة للقانون الدولي وتجاهل النظام الدولي، وتجنب إثارة عدم الاستقرار في غرب آسيا".
ووقعت إيران عام 2015 مع الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا اتفاقا لتسوية قضية البرنامج النووي الإيراني نص على رفع العقوبات الدولية عن الجمهورية الإسلامية وإلغاء الحظر على تسلحها في غضون 5 سنوات.
وتعارض الولايات المتحدة، التي قرر رئيسها الحالي، دونالد ترامب، سحبها من الاتفاق النووي في 2018، إلغاء الحظر على شراء إيران أسلحة من الخارج، كما تصر على فرض العقوبات الدولي على البلاد.
المصدر:العام
الإمام الحسن (عليه السلام) والدفاع عن القيم
* المعارضة من جانب جبهة الإمام الحسن (عليه السلام)
كانت جميع محاولات الإمام الحسن (عليه السلام) بعد الصلح تصب في مخالفة ما يقوم به معاوية ويمكن تقسيم نشاطات الإمام (عليه السلام) إلى قسمين أساسيين نذكرهما باختصار:
ألف: النشاط الديني ونشر ثقافة الإسلام:
تجمع المحدثون والعلماء حول الإمام (عليه السلام) بعد عودته إلى المدينة. وكانوا إما من صحابة رسول الله (صلى الله عليه وآله) والإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) أو من التابعين والمجموعات الأخرى. أما أبرز هؤلاء: الأحنف بن قيس، الأصبغ بن نباته، جابر بن عبد الله الأنصاري، جعيد الهمداني، حبة بن جوين العرفي، حبيب بن مظاهر، حجر بن عدي، رشيد الهجري، رفاعة بن شداد، زيد بن أرقم، سليمان بن صرد الخزاعي، سليم بن قيس الهلالي، عامر بن واثلة بن أسقع، عباية بن عمرو بن رهبى، قيس بن عباد، كميل بن زياد، حارث بن الأعور بن بنان، المسين بن نجبه الفزارى وميثم بن يحيى التمار وهؤلاء من جملة أصحاب الرسول (صلى الله عليه وآله).
وكان هناك أشخاص آخرون أمثال: أبو الأسود الدؤلي، أبو إسحاق بن كليب السبيعي، أبو مخنف، جابر بن خلد، جارود بن منذر، حبابة بنت جعفر، سويد بن غفلة، مسلم بن عقيل و...
فقد اجتمع هؤلاء من أماكن مختلفة فكان بما كسبوه من تربية علمية ومعنوية سدوداً منيعة أمام مؤامرات معاوية[1].
وعندما كان يحضر أحد الأشخاص من المدينة إلى الشام كان يسأله معاوية عن الإمام الحسن (عليه السلام) وكانوا يجيبون. يقول ابن صباغ المالكي في هذا الخصوص: «وكان إذا صلى الغداة في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) جلس في مجلسه يذكر الله حتى ترتفع الشمس ويحبس إليه من يجلس من سادات الناس يحدثهم... ويجتمع الناس حوله فيتكلم بما يشفي غليل السائلين ويقطع حجج المجادلين...»[2].
طبعاً كان الإمام (عليه السلام) مجهزاً بسلاح العلم لهذا النوع من النشاطات وهو علمه الذي ورثه عن جده رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأبيه أمير المؤمنين (عليه السلام)، لذلك يقول الإمام الصادق (عليه السلام): «لما صالح الحسن بن علي (عليه السلام) معاوية جلسا بالنخيلة فقال معاوية: يا أبا محمد بلغني أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يخرص النخل فهل عندك من ذلك علم، فإن شيعتك يزعمون أنه لا يعزب عنكم علم شيء في الأرض ولا في السماء؟ فقال الحسن (عليه السلام): إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يخرص كيلاً وأنا أخرص عدداً فقال معاوية: كم في هذه النخلة؟ فقال الحسن (عليه السلام): أربعة آلاف بسرة وأربع بسرات.
فأمر معاوية بها فصرمت وعدت فجاءت أربعة آلاف وثلاث بسرات. فقال: والله ما كذبت ولا كذبت فنظر فإذا في يد عبد الله بن عامر بن كريز بسرة ثم قال: يا معاوية أما والله لولا أنك تكفر لأخبرتك بما تعمله وذلك أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان في زمان لا يكذب وأنت تكذب وتقول: متى سمع من جده على صغر سنه، والله لتدعن زياد أو لتقتلن حجراً ولتحملن إليك الرؤوس من بلد إلى بلد...»[3].
ب - بعض الإجراءات في مواجهة معاوية
كان الإمام (عليه السلام) يقوم ببعض الأنشطة التي يراد منها مواجهة ما يمارسه معاوية حيث كانت تدل هذه الأنشطة على وجود تباين بين جبهتي الحق والباطل. طبعاً وجود الإمام كان عاملاً هاماً وأساسياً في منع الكثير من الانحرافات. من هنا نجد أن الضغط الكبير على الشيعة قد حصل بعد شهادة الإمام (عليه السلام). ولعل من أبرز الأنشطة التي قام بها الإمام (عليه السلام).
1 - الدفاع عن الشيعة:
يمكن الإشارة إلى موارد متعددة في هذا الإطار، لعل أبرزها دفاع الإمام (عليه السلام) عن أنصاره في مقابل سلطة معاوية. فكان الإمام (عليه السلام) هو الملجأ الوحيد لأصحابه.
غضب والي الكوفة (زياد بن أبيه) على سعيد بن أبي سرح الكوفي فطلب زياد إحضاره فهرب إلى المدينة والتجأ إلى الإمام (عليه السلام).
فقام زياد باعتقال عائلة سعيد ووضعها في السجن، وصل الخبر إلى الإمام (عليه السلام) فكتب إلى زياد بن أبيه: «أما بعد فإنك عمدت إلى رجل من المسلمين له ما لهم وعليه ما عليهم فهدمت داره وأخذت ماله وحبست أهله وعياله فإن أتاك كتابي هذا فابن له داره واردد عليه ماله...»[4].
وكتب زياد بن أبيه إلى الإمام (عليه السلام) قائلاً: «من زياد بن أبي سفيان إلى الحسن بن فاطمة: أما بعد: فقد أتاني كتابك تبدأ فيه بنفسك قبلي وأنت طالب وأنا سلطان وأنت سوقة وتأمرني فيه بأمر المطاع المسلط على رعيته. كتبت إليّ في فاسق آويته. إقامة منك على سوء الرأي ورضا منك بذلك، وايم الله لا تسبقني به ولو كان بين جلدك، ولحمك وإن نلت بعضك غير رفيق بك ولا مدع عليك فإن أحب لحم على أن آكله للحم الذي أنت منه، فسلمه بجريرته إلى من هو أولى به منك، فإن عفوت عنه لم أكن شفعتك فيه، وإن قتلته لم أقتله إلا لحبه أباك الفاسق، والسلام».
فلما ورد الكتاب على الحسن (عليه السلام) قرأه وتبسم وكتب إلى معاوية وجعل كتاب زياد عطفه. قرأها معاوية فكتب إلى زياد: «أما بعد، فإن الحسن بن علي بعث إليَّ بكتابك إليه.. من ذلك إلى الحسن تشتم أباه، وتعرض له الفسق ولعمري إنك الأولى بالفسق من أبيه.. فإذا ورد عليك كتابي فنحل ما في يديك لسعيد بن أبي سرح وابن له داره واردد عليه ماله ولا تعرض له...»[5].
2 - الدفاع عن القيم
سنحاول في هذا المقطع الإشارة إلى أن أهم القيم التي دافع عنها الإمام، الولاية والإمامة التي حاول معاوية استعمال شتى الوسائل والأساليب للتعرض لها. أما موقف الإمام (عليه السلام) فتجلى في ما يلي:
1 - 2 ـ توضيح وتبيين ما يتمتع به أمر المؤمنين علي (عليه السلام) من قداسة عندما كان يلجأ معاوية إلى إهانة الإمام علي (عليه السلام) بحضور الإمام الحسن (عليه السلام) أو عندما كان يترك أصحابه يتعرضون للإمام. كان الإمام الحسن (عليه السلام) يلجأ لتبيين الحق والرد على الإهانات دفاعاً عن مشروعية الإمامة وحاكمية الإمام علي (عليه السلام)، من أبرز المواقف التي صرح بها الإمام الحسن (عليه السلام) في مجلس معاوية، الإشارة إلى ما ذكره رسول الله (صلى الله عليه وآله) في حجة الوداع: «أيها الناس أني قد تركت فيكم ما لم تضلوا بعده كتاب الله فاحلّوا حلاله وحرموا حرامه واعلموا بمحكمه وآمنوا بمتشابهه وقولوا آمنا بما أنزل الله من الكتاب وأحبوا أهل بيتي وعترتي وولوا من والاهم وانصروهم على من عاداهم وأنهما لم يزالا فيكم حتى يردا عليَّ الحوض يوم القيامة ثم دعا وهو على المنبر علياً فاجتذبه بيده وقال: اللهم وال من والاه وعاد من عاداه اللهم من عادى علياً فلا تجعل له في الأرض مقصداً ولا في السماء مصعداً واجعله في أسفل درك من النار... أنت الزائد عن حوض يوم القيامة تذود عنه كما يذود أحدكم الغريبة من وسط ابله.. إنما مثل أهل بيتي فيكم كسفنية نوح من دخل فيها نجا ومن تخلف عنها غرق...»[6].
2 - 2 ـ التعرض لخلافة غير الأهل لها.
حاول الإمام (عليه السلام) توضيح عدم لياقة معاوية للخلافة، لذلك كتب في رسالة له: «أقسم بالله لو أن الناس بايعوا أبي حين فارقهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأعطتهم السماء قطرها، والأرض بركتها، وما طمعت فيها يا معاوية، فلما خرجت من معدنها تنازعتها قريش بينها، فطمعت فيها الطلقاء، وأبناء الطلقاء: أنت وأصحابك، وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما ولت أمة أمرها رجلاً وفيهم من هو أعلم منه إلا لم يزل أمرهم يذهب سفالاً حتى يرجعوا إلى ما تركوا»[7].
وقد ذكر الإمام الحسن (عليه السلام) معاوية بأنه غير لائق للخلافة فقال: «أما الخليفة فمن سار بسيرة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وعمل بطاعة الله عزَّ وجلَّ، وليس الخليفة من سار بالجور، وعطل السنن، واتخذ الدنيا أماً وأباً، وعباد الله خولا، وماله دولا، ولكن ذلك أمر ملك أصاب ملكاً فتمتع منه قليلاً، وكان قد انقطع عنه»[8].
3 - 2 ـ إعلانه السأم من حكومة الفاسدين
كان الإمام (عليه السلام) يشك في حكومة وخلافة أشخاص فاسدين، وكان يعلن سأمه وتأففه من ولاة هذه الحكومة. ينقل أن الإمام (عليه السلام) كان يطوف بالمسجد الحرام عندما شاهد حبيب بن مسلمة الفهري.
قال الحسن (عليه السلام) لحبيب بن مسلمة الفهري: رب مسير لك في غير طاعة قال: أما مسيري إلى أبيك فلا، قال: ولكنك أطعت معاوية على دنيا قليلة، فلئن كان قام بك في دنياك لقد قعد بك في آخرتك فلو كنت إذا فعلت شراً قلت خيراً كنت كما قال الله عزَّ وجلَّ: «خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً» ولكنك كما قال: «كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون»[9].
4 - 2 ـ توضيح مشروعية حكومة الإمام أمير المؤمنين علي (عليه السلام)
كان الإمام الحسن (عليه السلام) يؤكد في خطاباته المتكررة على مشروعية حكومة الإمام أمير المؤمنين علي (عليه السلام) ليقدم بذلك إجابات على ما يلقيه معاويه من اتهامات وتشكيك في مشروعية حكومة الإمام (عليه السلام). وكان الإمام الحسن (عليه السلام) يعتمد على أقوال رسول الله (صلى الله عليه وآله) في توضيح إمامة أمير المؤمنين (عليه السلام) كتنصيبه يوم غدير خم[10].
5 - 2 ـ توضيح أحقيته بالحكومة
صحيح أن الإمام الحسن (عليه السلام) عمل على توضيح مشروعية الإمام علي (عليه السلام) ومع ذلك وضح للجميع أحقيته للحكومة في مقابل الادعاءات التي كان ينشرها معاوية حيث كان يتحدث بعدم لياقة الإمام الحسن (عليه السلام) للخلافة. وفي هذا الإطار اعتلى الإمام الحسن (عليه السلام) المنبر بحضور معاوية وقام في الناس خطيباً فقال: «أيها الناس من عرفني فأنا الذي يعرف ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن علي بن أبي طالب، ابن عم نبي الله، أول المسلمين إسلاماً، وأمي فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وجدي محمد بن عبد الله نبي الرحمة»[11].
وعندما طلب منه معاوية اعتلاء المنبر والإعلان أمام الناس عن إيداعه الخلافة عند معاوية، قال: «أنا أولى الناس بالناس في كتاب الله وعلى لسان نبي الله»[12].
6 - 2 ـ الاستعداد للحرب من جديد
المعروف أن معاوية نقض الصلح مرات ومرات، لذلك يمكن القول بأن الإمام (عليه السلام) كان على استعداد لقتال معاوية من جديد لو تهيأت له الإمكانات الضرورية، من هنا يعتقد البعض أن سبب تسميم الإمام (عليه السلام) اعتقاد معاوية باستعداده للقتال من جديد[13].
إن ما طالعناه هو جزء بسيط من التعارض القائم بين جبهتي الحق والباطل. وإن ما كان يقوم به الإمام الحسن (عليه السلام) وضع الشك عند معاوية من أن الخطر الوحيد على بني أمية هو الإمام الحسن بن علي (عليه السلام) ، لذلك بدأ معاوية التفكير باغتيال الإمام (عليه السلام)، فعمل أكثر من مرة على دس السم إليه.
ينقل الحاكم النيسابوري بسند قوي عن أم بكر بنت مسور: «كان الحسن بن علي سمّ مراراً كل ذلك يغلب حتى كانت المرة الأخيرة التي مات فيها كان يختلف كبده فلم يلبث بعد ذلك إلا ثلاثاً حتى توفي»[14].
في هذا الإطار يوضح ابن أبي الحديد السبب الأساسي الذي دفع معاوية إلى قتل الإمام الحسن (عليه السلام): «أراد معاوية البيعة لابنه يزيد، فلم يكن عليه شيء أثقل من أمر الحسن بن علي وسعد بن أبي الوقاص، فدس إليهما سماً فماتا منه»[15].
يقول الإمام الصادق (عليه السلام) بأن جعدة - لعنة الله عليها - جاءت بالسم إلى المنزل وكان الإمام (عليه السلام) صائماً فلما حان الإفطار طلب اللبن، فوضعت جعدة السم فيه. فعندما شرب اللبن، صرخ بعد لحظات قائلاً: «عدوة الله! قتلتيني قتلك الله والله لا تصيبين مني خلفاً، ولقد غرك وسخر منك، والله يخزيك ويخزيه».
ثم يقول الإمام الصادق (عليه السلام): «فمكث (عليه السلام) يومان ثم مضى، فغدر بها معاوية ولم يف لها بما عاهد عليه»[16].
تدوين: أ. آشوري، مبلغان - بتصرّف
[1] بحار الأنوار، ج42، ص110 - 112؛ ناسخ التواريخ. ج5، ص245 - 247.
[2] الفصول المهمة، ص159.
[3] بحار الأنوار، ج43، ص329؛ الخرائج، ج2، ص573؛ العدد القوية، ص42.
[4] شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد، ج4، ص72.
[5] المصدر نفسه، ص73.
[6] بحار الأنوار، ج44، ص70 - 86، ح1.
[7] المصدر نفسه، ج44، ص63.
[8] الاحتجاج، الطبرسي، ج1، ص419؛ الخرائج والجرائح، ص218.
[9] أحكام القرآن، أحمد بن علي الرازي، ج4، ص355؛ نور الثقلين، ج5، ص532.
[10] جلاء العيون، ص442؛ بحار الأنوار، ج44، ص70 - 86.
[11] الأمالي، للشيخ الصدوق، ص150.
[12] جلاء العيون، ص442.
[13] الغدير، ج11، ص8.
[14] المستدرك على الصحيحين، ج3، ص173.
[15] شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد، ج16، ص49.
[16] بحار الأنوار، ج44، ص154.
الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي في زمن الحكومة العلوية
فيما يتعلق بالإصلاح الاقتصادي والاجتماعي في زمن أمير المؤمنين (عليه السلام) يمكن ملاحظته في اتجاهين:
أولاً ـ إلغاء مظاهر الاستئثار:
وقف أمير المؤمنين (عليه السلام) موقفاً حاسماً تجاه القطائع التي جعلها عثمان ملكاً لأوليائه وأعوانه وولاته الاُمويين، فبنوا القصور، واتخذوا الدور، وانصرفوا إلى الترف والدعة واللهو، فاشتروا الجواري والقيان، وارتكبوا المحرمات، وتحوّلت أموال المسلمين إلى طعمة لقلّه قليلة من المتنفّذين الذين أطلق عثمان العنان لهم في الاستئثار بحقوق الناس، ولقد حذّر أمير المؤمنين (عليه السلام) عثمان من هذا الواقع قبل مقتله.
روى الواقدي في كتاب (الشورى) عن ابن عباس أنه (عليه السلام) قال لعثمان: «وانظر هل بقي من عمرك إلّا كظمء الحمار، فحتى متى وإلى متى! ألا تنهى سفهاء بني أمية عن أعراض المسلمين وأبشارهم وأموالهم! والله لو ظلم عامل من عمالك حيث تغرب الشمس لكان إثمه مشتركاً بينه وبينك.
قال ابن عباس: فقال عثمان: لك العتبى، وافعل واعزل من عمالي كلّ من تكرهه ويكرهه المسلمون، ثمّ افترقا، فصدّه مروان بن الحكم عن ذلك، وقال: يجترئ عليك الناس، فلا تعزل أحداً منهم!»([1]).
وقد أعلن أمير المؤمنين (عليه السلام) سياسته المالية القائمة على عدم الأثرة قبل البيعة، وشدّد على أن يكون ذلك شرطاً أساسياً فيها، وكأنه يعلم أن تلك السياسة ستكون سبباً من أسباب نكث البيعة من قبل الطبقة المتنفّذة من قريش.
قال (عليه السلام): «إنكم قد اختلفتم إلي، وأتيتم وإني قائل لكم قولاً إن قبلتموه قبلت أمركم، وإلّا فلا حاجة لي فيه. قالوا: ما قلت من شيء قبلناه إن شاء الله، فجاء فصعد المنبر، فاجتمع الناس إليه، فقال: اني قد كنت كارهاً لأمركم فأبيتم إلّا أن أكون عليكم، ألا وأنه ليس لي أمر دونكم إلّا أن مفاتيح مالكم معي، ألا وإنه ليس لي أن آخذ منه درهماً دونكم، رضيتم؟ قالوا: نعم. قال: اللهم اشهد عليهم، ثم بايعهم على ذلك»([2]).
والأمر الآخر في هذا السياق هو قراره بردّ قطائع عثمان إلى المسلمين في اليوم الثاني من البيعة.
روى الكلبي مروية مرفوعة إلى أبي صالح، عن ابن عباس (رضي الله عنه): «أن علياً (عليه السلام) خطب في اليوم الثاني من بيعته بالمدينة، فقال: ألا إن كل قطيعة أقطعها عثمان، وكل مال أعطاه من مال الله، فهو مردود في بيت المال، فإن الحق القديم لا يبطله شيء، ولو وجدته وقد تزوج به النساء، وفرق في البلدان، لرددته إلى حاله، فإن في العدل سعة، ومن ضاق عنه الحق فالجور عليه أضيق»([3]).
قال الكلبي: «فبلغ ذلك عمرو بن العاص، وكان بأيلة من أرض الشام، أتاها حيث وثب الناس على عثمان، فنزلها فكتب إلى معاوية: ما كنت صانعاً فاصنع، إذ قشرك ابن أبي طالب من كل مال تملكه كما تقشر عن العصا لحاها»([4]).
وخلال حكومته (عليه السلام) لم يكن يستأثر بشيء من الفيء، ولا يخصّ به حميماً ولا قريباً([5])، وكان يقول (عليه السلام): «والله لأن أبيت على حسك السعدان مسهّداً، وأجرّ في الأغلال مصفّداً، أحبُّ إليّ من أن ألقى الله ورسوله يوم القيامة ظالماً لبعض العباد، وغاصباً لشيء من الحطام. وكيف أظلم أحداً لنفس يسرع إلى البلى قفولها، ويطول في الثرى حلولها؟!
والله لقد رأيت عقيلاً وقد أملق حتى استماحني من برّكم صاعاً، ورأيت صبيانه شعث الشعور، غبر الألوان من فقرهم، كأنما سوّدت وجوههم بالعظلم، وعاودني مؤكّداً، وكرّر عليّ القول مردداً، فأصغيت إليه سمعي، فظنّ أني أبيعه ديني، وأتبع قياده مفارقاً طريقي، فأحميت له حديدةً، ثم أدنيتها من جسمه ليعتبر بها، فضجّ ضجيج ذي دنف من ألمها، وكاد أن يحترق من ميسمها. فقلت له: ثكلتك الثواكل يا عقيل، أتئن من حديدةٍ أحماها إنسانها للعبه، وتجرّني إلى نار سجّرها جبّارها لغضبه، أتئنّ من الأذى، ولا أئنّ من لظى؟!»([6]).
وكان (عليه السلام) شديداً في مراقبة عمّاله ومحاسبتهم إذا بدر منهم أيّ مظهر من مظاهر الاستئثار بحقوق المسلمين، وحريصاً على تطبيق هذه السياسة إلى آخر المدى. فمن كتاب له (عليه السلام) إلى مصقلة بن هبيرة الشيباني ـ وهو عامله على أردشير خرّه ـ: «بلغني عنك أمر إن كنت فعلته فقد أسخطت إلهك، وأغضبت إمامك ؛ أنك تقسم فيء المسلمين الذي حازته رماحهم وخيولهم، وأريقت عليه دماؤهم، فيمن اعتامك من أعراب قومك. فوالذي فلق الحبّة، وبرأ النسمة، لئن كان ذلك حقاً لتجدنّ بك علي هواناً، ولتخفنّ عندي ميزاناً. فلا تستهن بحقّ ربك، ولا تصلح دنياك بمحق دينك فتكون من الأخسرين أعمالاً. ألا وإن حقّ من قبلك وقبلنا من المسلمين في قسمة هذا الفيء سواء، يردون عندي عليه ويصدرون عنه»([7]).
ثانياً ـ المساواة:
كان علي (عليه السلام) رائد العدالة ومثلها الأعلى، وقد حرص على تطبيقها بكلّ ما أُوتي من قوّة، باعتباره قاعدة أساسية تضمن التكافل بين أبناء الدين الواحد، وتقضي على أسباب الفقر. قال (عليه السلام): «إن الله سبحانه فرض في أموال الأغنياء أقوات الفقراء، فما جاع فقير إلّا بما متّع به غني، والله تعالى سائلهم عن ذلك»([8]).
من هنا انتصف للمستضعفين من أصحاب الثراء والسلطان، وكان ديدنه توزيع ما يرد بيت المال على المسلمين في حينه، بحيث لا يختزن فيه شيئاً حتى الرغيف والخيط والإبرة، وكان يرشّه بعد أن يفرغه ويصلي فيه ركعتين، ومضى في هذا السبيل إلى آخر الشوط.
كان نظام العطاء في حكومة الرسول (صلى الله عليه وآله) يقوم على أساس التسوية بين المسلمين كافة، ولا فرق فيه بين المولى والسيد ولا الأسود والأبيض، ولما ولي عمر بن الخطاب ألغى نظام التسوية في توزيع العطاء، وحدّد معايير فضّل فيها بعض الناس على بعض، منها: السابقة والهجرة والنسب وغيرها، ففضّل السابقين على غيرهم، وفضّل المهاجرين من قريش على غيرهم من المهاجرين، وفضّل المهاجرين كافة على الأنصار كافة، وفضّل العرب على العجم، وفضّل الصريح على المولى([9]). وبقي نظام العطاء على هذا المنوال في زمان عثمان لكنه فضّل بني أمية على غيرهم، وكان ولاته يأخذون لأنفسهم ما يشاؤون بلا حساب ودون رقيب، فصار النظام الطبقي نظاماً بشعاً أدّى إلى تداعيات وخيمة، منها نشوء طبقة مترفة تستأثر برؤوس الأموال على حساب الأكثرية المسحوقة، فوصلت ثروات بعض كبار المسلمين بالملايين في الوقت الذي يعيش الغالبية الحرمان والكفاف. وكان ذلك أحد الأسباب الأساسية التي جعل الناس يثورون على عثمان.
وحينما ولي أمير المؤمنين علي (عليه السلام) أعلن قراره القاضي بالمساواة التامة بين الناس في العطاء، من أجل إشاعة العدل في توزيع الثروة وإلغاء كافة أسباب التمايز بين الناس، فكان قرار انتزاع قطائع بني اُمية وقرار التسوية من أول القرارات التي اتخذها علي (عليه السلام) في اليوم التالي من البيعة وطبّقه عملياً في اليوم الثالث، وتحمل مزيداً من العناء في هذا السبيل.
قال (عليه السلام) في خطبته في اليوم التالي للبيعة: «ألا لا يقولن رجال منكم غداً قد غمرتهم الدنيا فاتخذوا العقار، وفجّروا الأنهار، وركبوا الخيول الفارهة، واتخذوا الوصائف الروقة، فصار ذلك عليهم عاراً وشناراً، إذا ما منعتهم ما كانوا يخوضون فيه، وأصرتهم إلى حقوقهم التي يعلمون، فينقمون ذلك، ويستنكرون ويقولون: حرمنا ابن أبي طالب حقوقنا!
ألا وأيما رجل من المهاجرين والأنصار من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) يرى أن الفضل له على من سواه لصحبته، فإن الفضل النير غداً عند الله، وثوابه وأجره على الله، وأيما رجل استجاب لله وللرسول، فصدّق ملّتنا، ودخل في ديننا، واستقبل قبلتنا، فقد استوجب حقوق الإسلام وحدوده.
فأنتم عباد الله، والمال مال الله، يقسم بينكم بالسوية، لا فضل فيه لأحد على أحد، وللمتقين عند الله غداً أحسن الجزاء، وأفضل الثواب، لم يجعل الله الدنيا للمتقين أجراً ولا ثواباً، وما عند الله خير للأبرار. وإذا كان غداً ـ إن شاء الله ـ فاغدوا علينا، فإن عندنا مالاً نقسمه فيكم، ولا يتخلفنّ أحد منكم، عربي ولا عجمي، كان من أهل العطاء أو لم يكن، إلّا حضر، إذا كان مسلماً حراً. أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.
قال ابن أبي الحديد: قال شيخنا أبو جعفر: وكان هذا أول ما أنكروه من كلامه (عليه السلام)، وأورثهم الضغن عليه، وكرهوا إعطاءه وقسمه بالسوية.
فلما كان من الغد، غدا وغدا الناس لقبض المال، فقال لعبيد الله بن أبي رافع كاتبه: ابدأ بالمهاجرين فنادهم، وأعطِ كل رجل ممن حضر ثلاثة دنانير، ثم ثنِّ بالأنصار فافعل معهم مثل ذلك، ومن يحضر من الناس كلهم الأحمر والأسود فاصنع به مثل ذلك.
فقال سهل بن حنيف: ياأمير المؤمنين، هذا غلامي بالأمس، وقد أعتقته اليوم. فقال: نعطيه كما نعطيك، فأعطى كل واحد منهما ثلاثة دنانير، ولم يفضّل أحداً على أحد، وتخلّف عن هذا القسم يومئذٍ طلحة، والزبير، وعبد الله بن عمر، وسعيد بن العاص، ومروان بن الحكم، ورجال من قريش وغيرها»([10]).
وكان من نتائج هذا الإجراء أن أخذ بعض من بايعه يتسلل من المدينة ليلتحق بمعاوية هرباً من العدل، وطفق طلحة والزبير وغيرهما يعلنون الاحتجاج ويظهرون الخلاف على سياسة علي (عليه السلام) القاضية بتطبيق نظام التسوية، فقام أبو الهيثم وعمار وأبو أيوب وسهل بن حنيف وجماعة معهم، فدخلوا على علي (عليه السلام)، فقالوا: يا أمير المؤمنين، انظر في أمرك، وعاتب قومك، هذا الحي من قريش، فإنهم قد نقضوا عهدك، وأخلفوا وعدك، وقد دعونا في السرّ إلى رفضك، هداك الله لرشدك! وذاك لأنهم كرهوا الاُسوة، وفقدوا الأثرة، ولما آسيت بينهم وبين الأعاجم أنكروا واستشاروا عدوّك وعظّموه، وأظهروا الطلب بدم عثمان فرقة للجماعة وتألفاً لأهل الضلالة. فرأيك!
فخرج علي (عليه السلام) فدخل المسجد، وصعد المنبر مرتدياً بطاق، مؤتزراً ببرد قطري، متقلداً سيفاً، متوكئاً على قوس، فقال: أنا أبو الحسن ـ وكان يقولها إذا غضب ـ ثم قال: ألا إن هذه الدنيا التي أصبحتم تمنونها وترغبون فيها، وأصبحت تغضبكم وترضيكم، ليست بداركم ولا منزلكم الذي خُلقتم له، فلا تغرنّكم فقد حذرتموها، واستتموا نعم الله عليكم بالصبر لأنفسكم على طاعة الله، والذلّ لحكمه جلّ ثناؤه، فأما هذا الفيء فليس لأحد على أحد فيه أثرة، وقد فرغ الله من قسمته، فهو مال الله، وأنتم عباد الله المسلمون، وهذا كتاب الله به أقررنا، وله أسلمنا، وعهد نبينا (صلى الله عليه وآله) بين أظهرنا، فمن لم يرضَ به فليتولّ كيف شاء، فإن العامل بطاعة الله والحاكم بحكم الله لا وحشة عليه»([11]).
وهكذا يريد علي (عليه السلام) أن يغرس في نفوسهم التطلّع إلى أجر الآخرة، وينزع عنها حبّ الدنيا وزخرفها، ولكن النفوس أبت العدل لما طال بها المقام على نظام الاستئثار على حساب الملايين الجائعة.
ولم يثنِ علي (عليه السلام) أي شيء عن تطبيق برنامجه الإصلاحي الثوري، لقد كان موقفاً أصيلاً تمسّك به إلى آخر الشوط، مما جعل بعض الأطراف تتصدّى لمحاربته، لأنها رأت أنه يهدّد مكانتها الاجتماعية، ويلغي امتيازاتها الطبقية، فنقضوا بيعته، وفارقوا طاعته، وشهروا السيوف في وجه الحق والعدل والمساواة التي ينشدها علي (عليه السلام)، أعلنوا الحرب تحت ستار الطلب بدم عثمان في حين كانوا أول الناس تأليباً عليه، وشمّر علي (عليه السلام) عن ساعد الحرب، فكان قتال الناكثين والقاسطين والمارقين في الجمل وصفين والنهروان، كما أخبره سيد المرسلين (صلى الله عليه وآله).
المصدر: معالم الإصلاح عند أهل البيت عليهم السلام - بتصرّف
([1]) شرح ابن أبي الحديد 9: 15.
([2]) تاريخ الطبري 4: 428 ـ حوادث سنة 35.
([3]) شرح ابن أبي الحديد 1: 269.
([4]) شرح ابن أبي الحديد 1: 270.
([5]) الاستيعاب 3: 48.
([6]) نهج البلاغة: 346 الخطبة 224.
([7]) نهج البلاغة: 415 الكتاب 43.
([8]) نهج البلاغة: 533 ـ الحكمة 328.
([9]) راجع: شرح ابن أبي الحديد 8: 111.
([10]) شرح ابن أبي الحديد 7: 37.
([11]) شرح ابن أبي الحديد 7: 40.
13-10-2020
نخالة: المقاومة قادرة على تجاوز التحديات وموقف "الجامعة العربيّة" منحاز للصهاينة
- الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد نخالة في الذكرى الـ33 لانطلاق الحركة يشدد على ضرورة سحب الاعتراف بالكيان الصهيوني وإعادة بناء منظمة التحرير لتصبح الإطار الوطني الفلسطيني، ويدعو إلى صياغة برنامج وطني فلسطيني.
أكد الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد نخالة في الذكرى الـ33 لانطلاق الحركة، أن الأخيرة "أثبتت قدرتها على تجاوز التحديات ولم تضعفها لا الاغتيالات ولا الضغوط ولا الظروف".
وقال نخالة إن "المقاومة مستمرة وبكافة أشكالها، وهي لم تتوقف حتى امتلكت القدرة على قصف عاصمة الكيان وكل مدنه، وأثبت أخواننا في كل المواقع أنهم على قدر المسؤولية وأنهم مصرون على الاستمرار بطريق الجهاد".
وأضاف أن "هناك تغييرات دولية بالغة التعقيد وسط إعادة رسم التحالف الدولي بإشراف أميركي وقح، وموجة التطبيع تأتي في إطار إعادة ترتيب المنطقة بهدف إدخالها بيت الطاعة الإسرائيلي، وهدفها هو إعادة بناء المنطقة على أساس المصالح الإسرائيلية عبر إلغاء هويتنا وتاريخنا وعقيدتنا".
وتابع: "بسلامهم الوهم يريدون تفكيك المنطقة، وقد تقدموا للأسف بذلك في خطوة خطيرة، أما موقف جامعة الدول العربية فهو مؤشر على ضعف الموقف العربي الجامع والكيان بدا مقبولاً أكثر من قضيتنا".
كما أكد الأمين العام "للجهاد" تحالف الحركة "مع كل قوى المواجهة والمقاومة للمشروع الأميركي والصهيوني في المنطقة والعالم"، وقال "واثقون من أن شعوبنا هي مع فلسطين والقدس، وما زلنا نراهن عليها في رفض مشروع القبول بالكيان".
نخالة أشار إلى أن "مبادرة الاستسلام الأميركية التي حاولت واشنطن تمريرها لقيت رفضاً فلسطينياً جامعاً"، وشدد على ضرورة "سحب الاعتراف بالكيان الصهيوني وإعادة بناء منظمة التحرير لتصبح الإطار الوطني الفلسطيني الشامل على أسس تنظيمية جديدة".
كذلك اعتبر نخالة أن "المرحلة التي يعيشها شعبنا ما زالت مرحلة تحرر، والأولوية هي للمقاومة بأشكالها كافة، ومن دون الوحدة الفلسطينية لن يستطيع شعبنا تجاوز المرحلة الراهنة"، مؤكداً "رفض أي دعوة للانطلاق بما يشبه اتفاق أوسلو، وخط دفاعنا الأول هو الشعب الفلسطيني".
ودعا القيادي الفلسطيني إلى "صياغة برنامج وطني فلسطيني"، رافضاً "العودة إلى مخرجات اتفاق أوسلو"، وقال إن "ذهابنا إلى الاتفاق الوطني جاء بعد فشل هذا المشروع باعتراف الأفرقاء، وأولويتنا هي لصياغة برنامج وطني مقاوم، ولا أولوية لأي شيء آخر".
وفي السياق نفسه، قال نخالة إن "الوحدة الوطنية هي صمام الأمان لقضيتنا، ولم نكن سنتخلف عن تلبية هذا النداء، وهي كفيلة بالخروج من المأزق الذي تمر به قضيتنا حتى الوصول إلى برنامج وطني، كما علينا التخلي عن الأوهام بحصول متغيرات إقليمية وقناعتنا هي المقاومة التي أثبتت جدواها".
وحول انتخابات المجلس الوطني، قال إن "حركة الجهاد الإسلامي ستشارك فيها بشرط أن تكون مفصولة عن المجلس التشريعي"، وفق تصريحات أمين عام الحركة.
نخالة أكد أيضاً أن "منظمة التحرير التي تسعى الحركة أن تكون جزءاً منها لا تعترف بالكيان وتقطع أي اتفاقات سابقة"، وقال لن "نكون جزءاً من مجلس تشريعي يعترف بـ"إسرائيل"، ويجب أن يكون ملتزماً بالمشروع الوطني الفلسطيني"، مشدداً على أن "الجهاد"، لن "تعرقل أي اتفاقيات أو تفاهمات داخلية أساسها عدم الاعتراف بإسرائيل".
وأكد مشاركة الحركة بفعالية كبيرة في كل النشاطات الشعبية المتفق عليها، مشدداً على أن "فصائل المقاومة ستبقى عصية على التطبيع، وما زلنا في ميدان المعركة، وسيبقى شعبنا شامخاً بمقاومته ورافضاً لكل الحلول التي تتجاوز حقوقه التاريخية".
ودعا "مقاتلي فصائل المقاومة إلى البقاء على الجهوزية الكاملة"، وقال "لن نألو أي جهد من أجل تحرير كل الأسرى ونحمل الاحتلال كامل المسؤولية عن حياتهم وخصوصاً الأسير ماهر الأخرس".
وقال متوجهاً لأنصار المقاومة إن "ما وصلت إليه حركة الجهاد هو بفضل تضحياتكم وأمانة دماء الشهداء والجرحى ومعاناة الأسرى".
المصدر:الميادين
حفظت القرآن وهي طفلة..إليكم حكاية "النابغة الايرانية" حنانة خلفي
حفظت القرآن ورتلته في سنّ صغيرة وتتحضر لدراسة الماجستير وهي بعد في الــ 14 من عمرها.. ماذا تعرفون "النابغة الإيرانية" حنانة خلفي؟
قالت وكالة "إرنا" الإيرانية، إن "نابغة القرآن الكريم حنانة خلفي (14 عاماً)، تسعى للمشاركة في امتحان قبول الجامعة لنيل درجة الماجستير في علوم القرآن والحديث، بالتزامن مع دراستها في الصف الثامن في المرحلة المتوسطة.
حنانة التي بدأت بقراءة القرآن منذ سن الرابعة، حصلت على درجة البكالوريوس في علوم القرآن والحديث لنجاحها في حفظ القرآن الكريم.
وبحسب "إرنا" فقد نجحت حنانة في حفظ القرآن كاملاً خلال عامين فقط، ثم وبتشجيع من قائد الثورة السيد على الخامنئي، "بدأت حنانة بتسجيل تلاوتها للقرآن بكامله بصوتها، ليتم توزيعه تجارياً ولتكون بذلك أول فتاة إيرانية تقوم بهذه الخطوة".
وإضافة إلى جمال صوتها وحسن تلاوتها لكتاب الله، فقد وهبها الله ملكة استحضار اسم السورة ورقم الآية ومكية كانت أم مدنية وموقعها من المصحف، مع ذكر أول آية بالصفحة وآخر آية فيها، وهي تعمل حالياً على تعلم ترجمة القرآن الكريم.
ويؤكد والد الطفلة الإيرانية إن "الحفظ يحتاج إلى الكثير من الجهد والتنظيم، إذ لا يمكن للإنسان أن يتوفق بدونهما"،مضيفاً أن "الهدف من حفظ القرآن ليس الحفظ فحسب، بل تدبر الآيات والعمل بها ايضاً".
ورأى والد حنانة أن "أفضل وقت للتربية والحفظ هو وقت الطفولة خاصة من عمر الرابعة إلى الثامنة، كما أن حفظ القرآن برأيي هو أمر سهل جداً وبحاجة إلى تنظيم فقط، إضافة إلى توفيق إلهي".
يذكر أن حنانة المولودة داخل أسرة يحفظ ثلاثة من أفرادها القرآن كاملاً، وتقسم باقي وقتها بين قراءة للموشحات الاسلامية ولعب بالدمى.
وشاركت حنانة في مسابقات كثيرة حازت في جميعها المركز الأول وحظيت بموافقة الحكومة على تسجيل القرآن الكريم بصوتها ونشره وتوزيعه في قرص مضغوط.
المصدر:الميادين
الثلاثاء.. اجتماع ثلاثي مرتقب بين العراق ومصر والأردن
كشفت وسائل إعلام عراقية، عن لقاء ثلاثي مرتقب بين وزراء خارجية العراق ومصر والأردن في القاهرة.
وذكرت صحيفة "الصباح" العراقية أن "اجتماعا مرتقبا سيجرى في القاهرة يجمع وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين بنظيريه المصري سامح شكري والأردني أيمن الصفدي لتكملة بحث الاتفاقيات التي وقع عليها قادة الدول الثلاث في شهر أب/ أغسطس الماضي.
وأوضحت الصحيفة أن الوفد العراقي سيلتقي أيضا خلال زيارته للقاهرة بالمسؤولين الحكوميين المصريين من أجل التنسيق لعقد اجتماع اللجنة العراقية – المصرية المشتركة برئاسة رئيسي وزراء البلدين في بغداد قريبا كما سيلتقي الوفد العراقي بالأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط لمناقشة آخر المستجدات على الساحة العربية.
وكان قد اجتمعا رؤساء الدول الثلاث من قبل شهر اغسطس الماضي، لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين الأردن ومصر والعراق، إضافة إلى بحث القضايا الإقليمية.
كما بحثا آليات التعاون والتنسيق بهدف الحد من انتشار وباء كورونا، والتخفيف من آثاره الإنسانية والاقتصادية.
المصدر:العالم
إعلام إسرائيلي: وفد سوداني من 40 شخصية جماهيرية يتحضّر لزيارة "إسرائيل"
في ظل الاتصالات لتطبيع العلاقات، وسائل إعلام إسرائيلية تؤكد أنه يجري التحضير لزيارة وفد سوداني مؤلف من 40 "شخصية جماهيرية لإسرائيل" الشهر المقبل. وتشير إلى أن عضو البرلمان السابق أبو القاسم بورطوم هو من يقف خلف هذه المبادرة.
أكدت وسائل إعلام إسرائيلية أنه في ظل الاتصالات لتطبيع العلاقات، يجري التحضير لزيارة وفد سوداني مؤلف من 40 "شخصية جماهيرية لإسرائيل" الشهر المقبل.
وأشارت وسائل الإعلام إلى أنه من المفترض أن يتضمن الوفد رياضيين وفنانين ورجال أعمال، موضحةً أن "من يقف خلف المبادرة هو عضو البرلمان السابق ورجل الأعمال السوداني أبو القاسم بورطوم".
وفي حديث مع قناة "كان" الإسرائيلية، قال بورطوم إنه على اتصال مع جهات غير رسمية في "إسرائيل" بشأن المسألة، مضيفاً "لم تنسق بعد الزيارة مع السلطات في الخرطوم، لكن القانون المحلي لا يمنع مثل هذه الزيارة".
وبشأن المبادرة والزيارة، أكد بورطوم أنه "يجب كسر المانع النفسي لدى المواطن السوداني والمواطن الإسرائيلي"، وفق تعبيره.
إلى ذلك، لفت إلى أن زيارة من هذا النوع يمكن أن تقرب بين "الشعوب"، قائلاً "لا يوجد أي عداوة وكراهية بين "إسرائيل" والسودان".
كما أكدت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن بورطوم دعى الجهات الرسمية في "إسرائيل" للسماح بإجراء هذه الزيارة.
وفي وقت سابق، نقل مراسل الميادين عن مصادر، طرح شروط إسرائيلية-أميركية-إماراتية على السودان، في موضوع التطبيع، بينها أن يضم الوفد المطبع وزير العدل السوداني الذي يحمل الجنسية الأميركية، والذي سبق أن عمل مستشاراً في مكاتب أميركية وخليجية.
وتضمنّت الشروط وعددها 47، إمكانية أن يكون السودان وطناً بديلاً لتوطين الفلسطينيين، والسيطرة الأميركية في البحر الأحمر السوداني عن طريق جنوب السودان، إضافةً إلى منع السلطات السودانية من منح الشركات الصينية أي استثمار.
يشار إلى أن القيادي في حزب المؤتمر الشعبي السوداني إدريس سليمان، أكد أن "الشعب السوداني بجميع أطيافه يرفض التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي".
وأكد رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك في وقت سابق أن قضية تطبيع بلاده للعلاقات مع "إسرائيل" تبدو "معقدة، وتحتاج إلى توافق مجتمعي"، رافضاً ربط عملية التطبيع بقضية شطب اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.
وكانت القوى السودانيّة الفاعلة ناقشت خلاصات اجتماعات أبو ظبي، التي جمعت رئيس مجلس السيادة في السودان عبد الفتاح البرهان بمسؤولين إماراتيين وإسرائيليين، لدفع السودان إلى التطبيع مع "إسرائيل".
المصدر:الميادين
أزمة "كاراباخ" نحو الهدوء الحذر.. ما حقيقة الدور التركي؟ وما علاقة "مجاهدي خلق"؟
مع الإعلان عن وقف لإطلاق النار في إقليم ناغورنو كاراباخ، يطرح السؤال عن النتائج العسكرية والسياسية، فمن الخاسر ومن الرابح وفي ظل إنجازات ميدانية غير واضحة، هل ينجح التفاهم الحالي في تأسيس حل جذري للأزمة بين أذربيجان وأرمينيا؟
بعد أسبوعين من انطلاق شرارة المعارك بين أرمينيا وأذربيجان في إقليم ناغورنو كاراباخ، يوافق المتحاربون على وقف مؤقت لإطلاق النار.
تطور جوهري في مسار الأزمة لا تلغيه الخروقات من كلا الطرفين، لكن المفارقة أنه ليس واضحاً ما تحقق بالفعل في الميدان.
أي اتفاق على وقف لإطلاق النار يقتضي موافقة الطرفين، إما لرغبة بالخروج من مأزق الحرب، أو لالتقاط الأنفاس تحضيراً لجولة جديدة، لكن يأتي إعلان وقف إطلاق النار في إقليم ناغورنو كاراباخ، أشبه بمحطة لتقييم الجوانب العسكرية والسياسية لنتائج المعركة الأخيرة، ويبدو أن لا تغييرات ميدانية كبيرة واستراتيجية تحققت خلال جولة القتال، وعليه ليس واضحاً ما أنجز من الأهداف المعلنة لأذربيجان.
باكو التي لم تخف منذ بدء المعارك هدفها في استعادة إقليم ناغورنو كاراباخ ورفضها التفاوض مع يريفان قبل أن تقبل الأخيرة بوضع جدول زمني للانسحاب من أراضي أذربيجان، ظاهر الأمر لا يشير إلى أن هذه الأهداف تحققت على الأرض، على الرغم من إعلان أنقرة السريع عن دعمها باكو والاستعداد للمشاركة العسكرية المباشرة في الحرب إلى جانب أذربيجان.
وظاهر الأمر أيضاً، أن الدعم الإسرائيلي لأذربيجان كان بلا جدوى والدخول السريع على خط الأزمة بصفقات سلاح تجاوزت الـ5 مليارات دولار، لم تمكن أذربيجان من حسم الصراع، فيما لم تتأخر أرمينيا أيضاً في الاستجابة ووقف إطلاق النار ربما لرغبتها في الحفاظ على حالة الاستقرار التي كانت قائمة هناك أو ربما بسبب مكاسب ميدانية حققتها باكو دفعت بيريفان للقبول بالتفاوض.
أما في الجانب السياسي لجهة تحديد الرابحين والخاسرين من الدول الكبيرة في الإقليم، فإذا كانت موسكو وطهران حققتا ما تصران عليه منذ بدء الحرب، وهو وقف إطلاق النار والتفاوض، فإن السؤال يبقى ما الذي حققته أنقرة في هذه الجولة من الصراع؟
رئيس تحرير صحيفة "إيران ديبلوماتيك" عماد ابشناس، قال إن أذربيجان لم تحصل على الدعم الذي تتمناه من الأذريين الإيرانيين بسبب علاقتها بـ"إسرائيل".
وأضاف ابشناس ، أنه يمكن اعتبار أن إيران وروسيا ربحتا من خلال إفهام أذربيجان بعدم إدخال "إسرائيل" و"الناتو" للمنطقة، مشيراً إلى أن الروس أرادوا إفهام الأذاريين أنه لن يعجبهم تواجد الناتو و"إسرائيل" في حديقتهم الخلفية.
أبشناس كشف أنه "تم ابلاغ أذربيجان من إيران وروسيا أن بقاء الدواعش على أراضيها قد يعالج بتدخل عسكري إذا اضطر الأمر"، مؤكداً أن إيران لديها معلومات دقيقة عن مشاركة مقاتلين من "مجاهدي خلق" بالمعارك مع الأذريين.
ولفت إلى أن إيران وروسيا "يضغطان على جورجيا لأنها سمحت لتركيا نقل المسلحين عبر أجوائها"، مشدداً على أن "الأتراك نقلوا بعض المقاتلين الإيغور إلى أذربيجان".
وقال أبشناس إنه "في هذه الحرب لم يتطوع أي من الإيرانيين الأذريين للقتال مع أذربيجان بسبب وجود الإرهابيين هناك"، منوهاً إلى أن "الروس فرضوا وقف إطلاق النار على أذربيجان وأرمينيا".
من جهته، مدير المركز العربي للدراسات السياسية والاجتماعية، رياض الصيداوي، قال إنه "من المفروض أن مشاكل الحدود تحل سياسياً".
وأضاف الصيداوي أنه لا يعتقد أنه تحقق أي شيء كبير على المستوى العسكري، مشيراً إلى أن "العامل الجديد في حرب كاراباخ ادخال تركيا للدواعش في المعركة".
الصيداوي اعتبر أن "العلاقة الروسية التركية في ظاهرها صداقة وفي جوهرها صراع كبير"، لافتاً إلى أن "روسيا منعت تقسيم سوريا من خلال تدخلها الإيجابي في المنطقة".
وأكد الصيداوي أن العلاقات الروسية الإيرانية "مبنية على الثقة والتعاون"، مضيفاً أن العلاقة بين روسيا وتركيا "علاقة صداقة تخفي حقيقة الصراع".
المستشار في أكاديمية ناصر، نصر سالم، قال بدوره إن "الخسائر نتيجة الحرب في كاراباخ لحقت بأرمينيا وأذربيجان".
وأضاف سالم أن "أذربيجان كما دول سابقة في الاتحاد السوفياتي تعتبر إسرائيل الباب الملكي لواشنطن"، لافتاً إلى أنه "لا يمكن حل المشكلة في كاراباخ عسكرياً".
سالم أشار إلى أن "المجتمع الدولي لن يقبل بإنهاء الأزمة في كاراباخ من خلال تصفية شعب أو طرده من أرضه"، مشدداً على أنه "لا مفر من الحل السياسي الذي ينهي الأزمة في كاراباخ"
المصدر:الميادين
77 يوماً من الإضراب عن الطعام.. الأسير ماهر الأخرس بوضع "خطر للغاية"
الأسير ماهر الأخرس يدخل يومه الـ77 في إضرابه المفتوح عن الطعام رفضاً لاعتقاله الإداري، ورئيس نادي الأسير الفلسطيني يقول للميادين إن وضع الأسير خطر للغاية، ومدير جمعية "واعد" للأسرى الفلسطينيين يشير إلى أن السجون ستكون أمام حراك قوي.
أكد رئيس نادي الأسير الفلسطيني قدورة فارس أن وضع الأسير ماهر الأخرس "خطر للغاية".
كما قال نادي الأسير في منشور على "فيسبوك" أمس إن "الأسير ماهر الأخرس من جنين دخل يومه 76 على التوالي في إضرابه المفتوح عن الطعام، رفضاً لاعتقاله الإداري، وسط ظروف صحية بالغة الخطورة، ويواصل الاحتلال احتجازه حتى اليوم في مستشفى "كابلان" الإسرائيلي، ويرفض الاستجابة لمطلبه والمتمثل بإنهاء اعتقاله الإداري".
ونشر النادي في وقت سابق، فيديو للأسير يوجه فيها "وصيته لأهله وشعبه".
بالتزامن، قال مدير جمعية "واعد" للأسرى الفلسطينيين عبد الله قنديل إن "السجون ستكون اليوم أمام حراك قوي، وأن أعداداً من الأسرى ستباشر الإضراب منذ فجر اليوم".
وأضاف قنديل أن "هناك تدخلاً مصرياً وأممياً في قضية الأسير الأخرس، لكنه لم يسفر عن أي نتيجة حتى اللحظة".
كتائب الشهيد أبو علي مصطفى، الجناح العسكري للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، قالت من جهتها إن "أسرانا خط أحمر، والمساس بهم بمثابة إعلان حرب".
وأكدت أنها "لن تقف مكتوفة الأيدي أمام ممارسات الاحتلال الهمجية بحق أسرانا، والتي كان آخرها استمرار عزل القائد وائل الجاغوب، واستمرار تعنت إدارة السجون في قضية الأسير ماهر الأخرس، والذي ما زال مضرباً عن الطعام منذ أكثر من شهرين".
وشددت على أن "الاحتلال سيدفع الثمن باهظاً إذا ما استمر في سياساته تجاه أسرانا وتجاهله لحقوقهم".
وكانت محامية الأسير ماهر الأخرس قالت أمس إن "وضعه محزن وصعب للغاية وأنا خائفة جداً على صحته".
وفي وقت سابق، قالت المحامية إن الأسير رفض العرض الإسرائيلي للإفراج عنه في 26 تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل بشكلٍ مطلق وطالب بالإفراج عنه فوراً.
هذا وأكد المسؤول الإعلامي في حركة الجهاد الإسلامي داوود شهاب، أمس السبت، أنّ دفاع الحركة عن الأسير ماهر الأخرس، هو دفاع عن كل الشعب الفلسطيني.
وقال "سنقف مع الأسير الأخرس حتى يخرج منتصراً ولن نسمح للاحتلال بالاستفراد به".
وأضاف "لن نترك الأسير الأخرس وحده في هذه المواجهة والمعركة وعلينا جميعاً أن نكون معه ونسانده".
بدورها، أعلنت زوجة الأسير الأخرس الإضراب عن الطعام منذ أيام في مستشفى "كابلان" بالداخل المحتل، تضامناً مع زوجها.
وكشفت تغريد الأخرس في وقت سابق أن الاحتلال حاول إرغامه بالقوة على تناول الطعام لكنه رفض وأصر على مواصلة إضرابه، مناشدة "كل الأحرار المساعدة في الإفراج عنه، والضغط على الاحتلال بكل الوسائل، فزوجي لن يتنازل عن الإضراب إلا بالحرية أو الشهادة".
وكان الأسير ماهر الأخرس (49 عاماً) وصف للميادين الآلام المبرحة التي يعانيها.
المصدر:الميادين