
emamian
قائد الثورة يشيد بجهود قوى الامن الداخلي في ايران
أشاد القائد العام للقوات المسلحة اية الله السيد علي خامنئي في رسالة بمناسبة أسبوع قوى الامن الداخلي في ايران بجهود وخدمات منتسبي هذه القوة.
ان القائد العام للقوات المسلحة اية الله السيد علي خامنئي اشاد في رسالة اليوم الثلاثاء بمناسبة أسبوع قوى الامن الداخلي بجهود وخدمات منتسبي هذه القوة.
وخاطب قائد الثورة الاسلامية في رسالته قائد قوى الامن الداخلي العميد حسين اشتري بالقول : ابلغ سلامي لجميع منتسبي قوى الامن الداخلي المتميزين والمجدين والخدومين .
واضاف سماحته : ان شعبنا العزيز ممتن للجهود الدؤوبة والمساعي التي يبذلها المخلصون الذين يخدمون المواطنين والبلاد، واليوم يشعرون بالاقتدار الممزوج بالرحمة في اوساط قوى الامن الداخلي للجمهورية الاسلامية الايرانية ويرحبون بمبادرات قوى الامن الداخلي في التصدي للمنكر.
علي (عليه السلام) والتفاني في سبيل الحق
إن النقطة المهمة في هذه الصفحة من التاريخ هي ما قام به علي (عليه السلام) من تفان في سبيل الحق، والحقيقة.
إن التفاني في سبيل الحق من شيمة الرجال الذين أحبّوا الحق وعشقوه بكل وجودهم وكيانهم.
إن الذين يغضون نظرهم عن كلّ شيء من أشياء الدنيا ويضحُّون بالنفس والمال والشخصية، ويستخدمون كل طاقاتهم المادية والمعنوية في سبيل خدمة الحق، واحيائه، واقامته هم ولا شك من عشاق الحق والحقيقة الصادقين.
انهم يرون كمالهم وسعادتهم في هدفهم، وهذا هو الّذي يدفعهم إلى أن يصرفوا النظر عن الحياة العابرة، والعيش الموقت، ويلتحقوا بركب الحياة الواقعيّة الأبدية.
إنّ مبيت عليّ (عليه السلام) في فراش رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) في تلك الليلة الرهيبة لَنمُوذجٌ بارزٌ من هذا الحبّ الحقيقيّ للحق، والعشق الصادق للحقيقة، فان الدافع وراء التطوّع لمثل هذه المهمة الخطيرة لم يكن إلاّ حبّ «عليّ» لبقاء الإسلام الّذي يكفل سعادة المجتمع، ويضمن ازدهار الحياة، لا غير.
إن لهذه التضحية والتفاني من القيمة العظمى بحيث مدحها اللّه تعالى في كتابه العظيم، ووصفها بأنها كانت تضحية صادقة لكسب مرضاة اللّه، فإن الآية التالية نزلت ـ حسب رواية اكثر المفسرين ـ في هذا المورد: «وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَشْري نَفْسَهُ ابْتِغآء مَرْضاتِ اللّهِ وَاللّهُ رؤوفٌ بِالْعِباد»([1]).
إن عظمة هذه الفضيلة واهمية هذا العمل التضحويّ العظيم دفعت بكبار علماء الإسلام إلى اعتبارها واحدة من أكبر فضائل الامام علي (عليه السلام) وإلى أن يَصِفُوا بها علياً بالفداء والبذل والايثار، وإلى أن يعتبروا نزول الآية المذكورة في شأنه من المسلّمات كلّما بلغ الحديث في التفسير والتاريخ إليها([2]).
إنَّ هذه الحقيقة مما لا ينسى أبداً فإنه من الممكن إخفاء وجه الواقع والتعتيم عليه بعض الوقت إلا أنه سرعان ما تمزق أشعةُ الحقيقة الساطعة حجبَ الاوهام، وتخرج شمس الحقيقة من وراء الغيوم.
إنّ معاداة معاوية لأهل بيت النبوة وبخاصة للامام أمير المؤمنين (عليه السلام) مما لا يمكن النقاش فيه.
فقد أراد هذا الطاغية من خلال تطميع بعض صحابة النبيّ (صلى الله عليه وآله) أن يلوّث صفحات التاريخ اللامعة ويخفي حقائقه بوضع الاكاذيب، ولكنه لم يحرز في هذا السبيل نجاحاً.
فقد عمد «سمرة بن جندب» الّذي أدرك عهد رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) ثم انضمّ بعد وفاته (صلى الله عليه وآله) إلى بلاط معاوية بالشام، عمد إلى تحريف الحقائق لقاء أموال أخذها من الجهاز الأموي، الحاقد على أهل البيت.
فقد طلب منه معاوية بإصرار أن يَرقى المنبر ويكذّب نزول هذه الآية في شأن علي (عليه السلام)، ويقول للناس إنها نزلت في حق قاتل عليّ (أي عبد الرحمان بن ملجم المرادي)، ويأخذ في مقابل هذه الأكذوبة الكبرى، وهذا الاختلاق الفظيع الّذي أهلك به دينه مائة ألف درهم.
فلم يقبل «سمرة» بهذا العرض ولكن معاوية زاد له في المبلغ حتّى بلغ أربعمائة ألف درهم، فقبل الرجل بذلك فقام بتحريف الحقائق الثابتة، مسوداً بذلك صفحته السوداء اكثر من ذي قبل وذلك عندما رقى المنبر وفعل ما طلب منه معاوية([3]).
وقبل السامعون البسطاء قوله، ولم يخطر ببال أحد منهم أبداً ان (عبد الرحمان بن ملجم) اليمنيّ لم يكن يوم نزول الآية في الحجاز بل لعلّه لم يكن قد وُلِدَ بعد آنذاك، فكيف يصح؟!
ولكن الحقيقة لا يمكن ان تخفى بمثل هذه الحجب الواهية، ولا يمكن ان تنسى بمثل هذه المحاولات العنكبوتية الرخيصة.
فقد تعرّضت حكومة معاوية وتعرض أهلها وانصارها للحوادث، واندثرت آثار الاختلاق والافتعال الّذي وقع في عهده المشؤوم، وطلعت شمس الحقيقة والواقع من وراء حجُبُ الجهل والافتراء مرة اُخرى، واعترف اغلبُ المفسرين الأجلّة([4]) والمحدّثين الافاضل ـ في العصور والادوار المختلفة، بأن الآية المذكورة نزلت في «ليلة المبيت» في بذل علي (عليه السلام) ومفاداته النبيّ (صلى الله عليه وآله) بنفسه([5]).
سيد المرسلين (صلى الله عليه وآله) - ج 1، آية الله الشيخ جعفر سبحاني
([1]) البقرة : 207.
([2]) مسند احمد : ج 1 ، ص 87 ، وكنز العمال : ج 6 ، ص 407 ، وقد نقل كتاب الغدير : ج 2 ، ص 47 ـ 49 طبعة لبنان مصادر نزول هذه الآية في شأن علي (عليه السلام) على نحو التفصيل ، فراجع.
([3]) لاحظ شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد : ج 4 ، ص 73.
([4]) شرح نهج البلاغة : ج 13 ، ص 262 ، ولقد أعطى ابن ابي الحديد حقّ الكلام حول هذه الفضيلة.
([5]) سمرة بن جندب من العناصر المجرمة في الحكومة الاموية ، ولم يكتف سمرة بتحريف الحقائق وقلبها بما ذكرناه ، بل أضاف إلى ذلك ـ حسب رواية ابن ابي الحديد ـ أمراً آخر أيضاً إذ قال : ونزل في شأن « عليّ » قول اللّه : « وَمِنَ الناس من يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ في الحَياةِ الدُنيا ويشهدُ اللّه على ما في قلبهِ وَهُو ألَدُّ الخِصام » ( البقرة : 204 ).
ومن جرائم هذا الرجل انه قتل يوم وُلّيَ البصرة على عهد زياد بن أبيه العراق ثمانية آلاف
المصدر:شبكه المعارف الاسلاميه
ضرورة العمل وذمّ التّكاسل
نستلهم من ثقافتنا الدينيّة أنّ النشاط والعمل ضرورةٌ من ضرورات الحياة التي لا يمكن التخلّي عنها بوجهٍ، فالمجتمع الذي يسوده الكسل، وتنتشر فيه البطالة، سوف تتزلزل أركانه. كما نستوحي منها ضرورة اشتراك جميع أبناء المجتمع في الجهد الإنتاجي بشكلٍ مباشرٍ أو غير مباشرٍ، وكذلك وجوب تحمُّلهم مسؤولية ما فرضته عليهم الشّريعة العادلة من تكاليف([1]) . لذلك، فإنّ الكسل، والبطالة، والحياة الاتّكاليّة، هي أُمورٌ ذمّتها تعاليمنا الدينيّة، وقبّحتها أشدَّ تقبيحٍ، بل لُعِن مَن يتّكل على الآخرين، حيث قال الإمام موسى الكاظم عليه السلام: "إنّ اللهَ لَيُبغِضُ العبدَ النَّوّامَ، وإنّ اللهَ لَيُبغِضُ العبدَ الفارِغَ"([2]) .
وكما قال رسول الله صلى الله عليه وآله: "مَلعونٌ مَلعونٌ مَن ألقَى كَلَّهُ عَلى النّاسِ"([3]) .
ولو تصفّحنا التاريخ لوجدنا أنّ أنبياء الله تعالى عليهم السلام وأولياءه الصالحين عليهم السلام كانوا مثالاً يُحتذى وأُسوةً صالحةً، للعمل الحثيث، وتأمين متطلّبات الحياة بعرق الجبين، فقد أعاروا العمل أهمّيّةً بالغةً، وعدّوا ثوابه أعظم من ثواب المجاهدين في سبيل الله تعالى، إذ أشار الإمام عليّ بن موسى الرضا عليه السلام إلى هذا الأمر بقوله: "الذي يَطلُبُ مِن فَضلِ اللهِ ما يَكُفُّ بهِ عيالَهُ، أعظَمُ أجراً مِن المجاهدِ في سبيلِ اللهِ"([4]) .
إذن، الروايات ذات الصّلة بهذا الموضوع([5]) تؤكّد جميعها على أنّ العمل الحثيث خصلةٌ من خصال أنبياء الله تعالى وأوليائه الصالحين عليهم السلام، إذ أنّهم يعدّونه عبادةً، كما أنّهم ذمّوا البطالة والتكاسل بشدّةٍ.
وبالطبع، علينا أن نتّخذ الروايات الكثيرة التي تحفّز على العمل الحثيث، منهجاً نتّبعه في اختيار نوع العمل الذي يناسبنا، اقتداءً بأنبياء الله تعالى وأوليائه الصالحين عليهم السلام الذين كانت لهم نشاطاتٌ على جميع المستويات، مثل: التجارة، والمضاربة، والزراعة، وتربية الماشية، والسقاية، وما إلى ذلك من أعمالٍ كريمةٍ شجّعوا العباد على مزاولتها([6]) .
فن التدبير في المعيشة - رؤية قرآنية روائية، جمعية المعارف الإسلامية الثقافية
([1]) السبحاني، جعفر: الخطوط الأساسيّة للاقتصاد الإسلامي(سيماى اقتصاد إسلامى)، ط1، لام، منشورات مؤسّسة الإمام الصادق عليه السلام للأبحاث والتعليم، 1378هـ.ش، ص40.
([2]) ابن بابويه، محمد بن علي بن الحسين(الصدوق): من لا يحضره الفقيه، تصحيح وتعليق علي أكبر الغفاري، ط2، قم المقدّسة، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المقدّسة، 1404 هـ.ق، ج3، كتاب المعيشة، كسب الحجام وكاهته، ح3635.
([3]) الكليني، الكافي، م.س، ج4، أبواب الصدقة، باب كفاية العيال...، ح9، ص12.
([4]) الكليني، الكافي، م.س، ج5، كتاب المعيشة، باب من كدّ على عياله، ح2، ص88.
([5]) الكليني، الكافي، م.س، ج5، كتاب المعيشة، باب ما يجب من الاقتداء بالأئمّة عليهم السلام، ص73-77.
([6]) م.ن.
المصدر:شبكه المعارف الاسلاميه
سلطات نيويورك تستعد لأعمال شغب محتملة بعد الانتخابات
أعلن عمدة مدينة نيويورك بيل دي بلاسيو أن سلطات المدينة الأمريكية الكبرى تستعد لاضطرابات وأعمال شغب محتملة في المدينة بعد انتخابات الرئاسة في 3 نوفمبر المقبل.
وقال دي بلاسيو خلال مؤتمر صحفي له، يوم الثلاثاء، ردا على سؤال بهذا الصدد إن السلطات تناقش مثل هذا السيناريو، مضيفا أن "هذا العمل جار في إدارة الشرطة ومجلس البلدية".
وتابع قائلا إن السلطات تتوقع أن تعبر أعداد كبيرة من الناس عن موقفهم في الشوارع بعد الانتخابات. وقال: "يجب أن نحمي حقهم في الاحتجاج السلمي... لكننا لن نتسامح مع العنف".
وكان مسؤول رفيع في شرطة نيويورك قد أعلن في وقت سابق أن الشرطة ستضع المئات من عناصرها في حالة التأهب اعتبارا من 26 أكتوبر لمنع وقوع أي حوادث في الأماكن العامة عشية الانتخابات.
وأوضح أن الشرطة لا تتوقع أي أخطار محددة، لكن هناك جدلا حادا داخل البلاد بشأن الانتخابات المقبلة.
المصدر: تاس
أهل السلوك والتزوّد بالنعم الإلهية الباطنية
مايكون لذيذاً ومتناسباً مع حواسّ الإنسان الظاهريّة أو الباطنيّة وقواه الإدراكيّة أو الحركيّة يسمّىٰ «نِعمة». والقرآن يعدّ جميع النِعَم من الله سبحانه: ﴿وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّه﴾[1] ويقول بأنّها فوق العدّ والإحصاء: ﴿وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهاَ﴾.[2] ويقول أمير المؤمنين (عليه السلام): «لايُحصي نَعماءه العادّون».[3]
والنِعَم بعضها ظاهريّ وبعضها الآخر معنويّ وباطنيّ: ﴿وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَة﴾[4] والنعمة المطلوبة في سورة الحمد طبقاً للأدلّة والشواهد القرآنيّة ليست نعمة ظاهريّة وإنّما هي نعمة باطنيّة، وهي الّتي بالتنعّمِ بها أصبح السالكون من أصحاب الصراط السويِّ والمستقيم، وراحوا يتحرّكون بسهولة علىٰ الصراط الّذي هو أدقّ من الشَعرة وأحدُّ من السيف، لأنّ اجتياز مثل هذا الطريق ليس هيّناً علىٰ أحد دون تزوّده بالنعمة الإلٰهيّة الباطنيّة.
وهذه الأدلّة علىٰ نحو الإختصار مايلي:
- القرآن الكريم من جهة يعدّ النِعَم الظاهريّة كالمال والبنين زينة الحياة الدنيا: ﴿الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْياَ﴾[5] ومن جهة اُخرىٰ يحصر فائدتها ونفعها في الحياة الدنيا: ﴿يَوْمَ لاَ يَنفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُون﴾.[6] وبالجمع بين الآيتين يظهر أنّ زاد السلوك وعامل وصول السالكين نحو لقاء الحقّ هو النِعَم الإلٰهيّة الباطنيّة.
- المتنعّمون بالنعم الباطنيّة هم الأنبياء والصدّيقون والشهداء والصالحون، وأغلب هؤلاء لم يتمتّع بالنعم الظاهريّة.
- أنّ التمتّع بالنعم الظاهريّة هو السبب في بعض الأحيان للوقوف في وجه المنعَم عليهم، ومن هنا فقد أمسوا من جملة المغضوب عليهم ومن الضالّين.
فالقرآن الكريم يعدّ السرَّ في طغيان جماعة من الكفّار هو تمتّعهم بالأموال والبنين: ﴿أَن كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ ٭ إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِين﴾.[7] كذلك يقول للرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله): ﴿وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيل﴾.[8] ويقول أيضاً إنّ النعمة تؤدّي بالإنسان إلىٰ الإعراض والاستكبار: ﴿إِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأىٰ بِجَانِبِه﴾.[9]
ومع انّ بني اسرائيل قد أغدق الله عليهم نعماً كثيرة: ﴿يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُم﴾[10] ولكنّهم اذلاّء ومغضوب عليهم: ﴿ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّه﴾.[11] وحول بعض المهلكين يقول انّهم كانوا يمتلكون النعم الوفيرة: ﴿وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً إِنَّهُمْ جُندٌ مُغْرَقُونَ ٭ كَمْ تَرَكُوا مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ٭ وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ ٭ وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِين﴾.[12]
وعليه فإنّ النعم المادّية الّتي ينشغل الإنسان بها، امّا فتنة وابتلاء (وسيلة للاختبار) أو عذاب إلٰهيّ وبالنتيجة فهي عقبة ومانع في طريق الوصول إلىٰ الله وليست عوناً وزاداً ووسيلة للسلوك إلىٰ الله.
ويتّضح من الشواهد السابقة انّ المقصود من (أنعمت عليهم) هو النعم المعنويّة والباطنيّة الّتي اُعطيت للأنبياء والصدّيقين والشهداء والصالحين وبيّنها القرآن الكريم في مواضع عديدة.
آية الله الشيخ جوادي آملي
[1] . سورة النحل، الآية 53.
[2] . سورة النحل، الآية 18.
[3] . نهج البلاغة، الخطبة 1، المقطع 1.
[4] . سورة لقمان، الآية 20.
[5] . سورة الكهف، الآية 46.
[6] . سورة الشعراء، الآية 88.
[7] . سورة القلم، الآيتان 14 ـ 15.
[8] . سورة المزمّل، الآية 11.
[9] . سورة الاسراء، الآية 83.
[10] . سورة البقرة، الآية 40.
[11] . سورة البقرة، الآية 61.
[12] . سورة الدخان، الآيات 24 ـ 27.
الهجرة النبوية وصفحة التاريخ الأولى
انتهت المراحلُ الاُولى لنجاة رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) وفق تخطيط صحيح، بنجاح، فقد لجأ رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) في منتصف اللّيل إلى غار ثور، واختبأ فيه، وبذلك أفشل محاولة المتآمرين عليه.
ولقد كان رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) طوال هذا الوقت مطمئناً لا يحسُّ في نفسه بأيّ قلق أو إظطراب، حتّى انه طمأن رفيقَ سفره عندما وجده مضطرباً في تلك اللحظات الحساسة بقوله: «لا تَحْزَنْ اِنَّ اللّه مَعَنا»([1]).
وبقي هناك ثلاث ليال محروساً بعين اللّه تعالى ومشمولا بعنايته ولطفه، وكان يتردّد عليه (صلى الله عليه وآله) في هذه الاثناء علىٌ (عليه السلام) وهند ابن ابي هالة (ابن خديجة) على رواية الشيخ الطوسي في أماليه، وعبد اللّه بن أبي بكر وعامر بن فهيرة راعي اغنام أبي بكر (بناء على رواية كثير من المؤرّخين).
يقول ابن الاثير: كان عبد اللّه بن ابي بكر يتسمَّع لهما بمكة نهاره ثم يأتيهما ليلا، وكان يرعى غنمه نهاره على مقربة من الغار، وكان إذا غدا من عندهما عفى على أثر الغنم([2]).
يقول الشيخ الطوسي في أماليه: عند ما دخل علي (عليه السلام) وهند على رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) في الغار (بعد ليلة الهجرة) أمر رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) عليّاً أن يبتاع بعيرين له ولصاحبه، فقال أبو بكر: قد كنتُ أعددت لي ولك يا نبي اللّه راحلتين نرتحلهما إلى يثرب.
فقال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): إني لا آخذهما ولا أحدهما إلاّ بالثمن. ثم أمر (صلى الله عليه وآله) عليّاً (عليه السلام) فدفع إليه ثمن البعيرين([3]).
وكان من جملة وصايا رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) لعليّ (عليه السلام) في الغار في تلك الليلة ان يؤدي أمانته على أعين الناس ظاهراً وذلك بأن يقيم صارخاً بالابطح غدوة وعشياً: ألا من كان له قبل محمّد أمانة أو وديعة فليأت فلنؤدِ إليه أمانته([4]).
ثم أوصاه (صلى الله عليه وآله) بالفواطم (والفواطم هن: فاطمة الزهراء بنت رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) الحبيبة لديه، والأثيرة عنده، وفاطمة بنت أسد اُمّ عليّ (عليه السلام) وفاطمة بنت الزبير ومن يريد الهجرة معه من بني هاشم)، وأمره بترتيب أمر ترحيلهم معه إلى يثرب وتهيئة ما يحتاجون إليه من زاد وراحلة.
وهنا قال (صلى الله عليه وآله) عبارته الّتي تذرَّع بها ابن تيمية في دليله الأول: «انهم لن يصلوا من الآن اليك يا عليّ بأمر تكرهه حتّى تقدم عليَّ».
فالملاحظ للقارئ هو أن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) إنما قال هذه العبارة عندما أمره بأداء أمانته، وذلك بعد انقضاء قضية ليلة المبيت.
أي انه أمر علياً بذلك، وقال له تلك العبارة وهو يتهيّأ للخروج من غار ثور.
يقول الحلبي في سيرته: «وصى رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) في احدى الليالي وهو بالغار علياً رضي اللّه عنه بحفظ ذمته وأداء أمانته ظاهراً على أعين الناس»([5]).
وثم ينقل عن مؤلف كتاب «الدر» ما يقتضي أنه اجتمع به عند خروجه من الغار.
وخلاصة القول: انه مع رواية شيخ جليل من مشائخ الشيعة الإمامية كالشيخ الطوسي بالاسناد الصحيحة أن الأمر بردّ الودائع والامانات صدر من جانب النبيّ (صلى الله عليه وآله) إلى عليّ (عليه السلام) بعد ليلة المبيت لا يحقّ لنا أن نعارض هذا النقل الصحيح، ونعمد إلى إلهاء العامّة بالتوافه، وأما رواية مؤرخي اهل السنة هذا المطلب بشكل آخر يوحي ظاهرُه بأن جميع وصايا النبيّ (صلى الله عليه وآله) لعليّ تمت في ليلة واحدة هي ليلة الهجرة (ليلة المبيت) فقابلٌ للتفسير والتوجيه، لأنه لا يبعد أن عنايتهم كانت مركزة على رواية أصل الموضوع، ولم يكن لظرف صدور هذه الوصايا والأوامر ووقت بيانها أهمية عندهم.
الخروج من الغار:
هيّأ علي (عليه السلام) بأمر النبيّ ثلاث رواحل ودليلا امينا يدعى أريقط ليترحلوها إلى المدينة، ويدلّهم الدليل على طريقها وأرسل كل ذلك إلى الغار.
ولما سمع النبيّ (صلى الله عليه وآله) رغاء البعير أو نداء الدليل نزل هو وصاحبه من الغار وركبا البعيرين وتوجها من أسفل مكة إلى «يثرب» سالكين إلى ذلك الخط الساحلي، وقد جاء ذكر المنازل الّتي مرّا بها في السيرة النبوية لابن هشام([6]) وفي الهوامش المثبتة على التاريخ الكامل لابن الاثير([7]).
صفحةُ التاريخ الاُولى:
أجل لقد حلّ الظلام في كل مكان، ولملمت الشمس اشعتّها الذهبية من هذا الوجه من الكرة الأرضية لتوجّهها إلى الوجه الاخر منها.
وعاد جماعة من رجال قريش الذين سلكوا كل طريق في مكة وضواحيها بحثاً عن النبيّ، ثلاثة أيام، بلياليها، إلى بيوتهم ومنازلهم متعبين مرهقين، وقد يئسوا من الظفر بالجائزة (وهي مائة من الإبل) الّتي وضعتها سادة قريش جائزةً لمن يأخذ محمّداً أو يدل على مكانه، واُعيد فتح طريق مكة ـ المدينة الّتي اُغلقت لهذه الغاية بعد اليأس من الظفر برسول اللّه (صلى الله عليه وآله)([8]).
وفي هذه اللحظات بالذات بلغ نداء الدليل الّذي كان يصطحب معه ثلاث رواحل ومقداراً من الطعام، إلى مسمع رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) ورفيقه وهما في الغار وقد كان يقول بصوت خافت: لابد أن نتخد من ظلام هذا الليل ستراً، ونسرع في الخروج من حدود المكيّين، ونختار طريقاً يقلّ سالكوه ولا يهتدي إليه أحد.
ويبدأ تاريخ المسلمين من العام الّذي تضمَّن تلك الليلة بالضبط، وجعل المسلمون يقيسون كل ما يقع من الحوادث بذلك العام وبذلك يحددون تاريخه وزمان حدوثه.
سيد المرسلين (صلى الله عليه وآله) – ج1، آية الله الشيخ جعفر سبحاني
([1]) التوبة: 40.
([2]) الكامل في التاريخ: ج 2، ص 73 مع تصرف.
([3]) أمالي الشيخ: ج 2، ص 82.
([4]) الكامل: ج 2، ص 73. السيرة الحلبية: ج 2، ص 53.
([5]) السيرة الحلبية: ج 2، ص 35.
([6]) السيرة النبوية لابن هشام: ج 1، ص 491.
([7]) الكامل في التاريخ: ج 2، ص 75.
([8]) تاريخ الطبري: ج 2، ص 104.
هذا ما يحدث لجسمك عند تناول الزنجبيل كل يوم لمدة شهر
لم نكن نعلم أن الزنجبيل صحي للغاية
نعلم جميعًا أن الفواكه والخضروات مفيدة للغاية لنا. من المعروف أننا يجب أن نتناول الاطعمة الملونة عدة مرات في اليوم ، ولكن هل تعلم أن بعض التوابل لها أيضًا فوائد صحية عديدة؟ خذ الزنجبيل ، على سبيل المثال. عندما تأكل الزنجبيل كل يوم، له الكثير من الفوائد الجيدة لجسمك.
الزنجبيل
الزنجبيل هو نوع من التوابل، يتميز بطعم قوي للغاية. الزنجبيل ليس لذيذًا جدًا فحسب ، بل لديه أيضًا الكثير من الصفات الجيدة. يحتوي الزنجبيل على سكر الزنجبيل ، الشوغول ، الزنجبرين ومجموعة كاملة من الفيتامينات والمعادن. لذلك ليس من المستغرب أن للزنجبيل تاريخا طبيا طويلا، اذ تم استخدامه لعلاج جميع أنواع الأمراض منذ قرون. بالإضافة إلى ذلك ، يساعد تناول الزنجبيل بانتظام في الحفاظ على صحة جسمك.
الصفات الجيدة
يحتوي الزنجبيل على مادة سكر الزنجبيل ، وهي مادة نشطة حيويًا تساعد على تقليل الأعراض المرضية مثل الغثيان والقيء. تساعد هذه المادة أيضًا على تقليل تورم المفاصل. يحتوي الزنجبيل أيضًا على الشوغول ، وهي مادة لها تأثير مسكن يساعد أيضًا في مكافحة السرطان وأمراض القلب. الزنجبرين المتواجد في الزنجبيل جيد بشكل خاص لعملية الهضم. ولكن ليس هذا فقط: الزنجبيل له أيضًا تأثير مضاد للسكري ويحسن وظائف المخ والجهاز المناعي.
مع حلول موعد رفع حظر السلاح.. إيران: أولويتنا السلام والاستقرار
بمناسبة انتهاء الحظر التسليحي على إيران فجر يوم الأحد، المتحدث باسم وزارة الخارجية الايرانية سعيد خطيب زادة، يقول إن "السلام والاستقرار في المنطقة من أولويات بلاده الاساسية".
أكد المتحدث باسم الخارجية الايرانية سعيد خطيب زادة، في تغريدة عبر حسابه على "تويتر"، بمناسبة انتهاء الحظر التسليحي فجر يوم الأحد، أن "إيران بإنتاجها محلياً أكثر من ٩٠% من احتياجاتها الدفاعية لا تحتاج إلى الاعتماد على الخارج".
وأكد المتحدث باسم الخارجية أن "السلام والاستقرار في المنطقة من أولويات بلاده الاساسية".
من جهته، قال وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف، في تغريدة باللغة العربية عبر حسابه على "التويتر"، إنه "تنتهي اليوم تلقائياً حسب اتفاقية 2231 القيود المفروضة على التسلح في بلدي".
تنتهي اليوم تلقائياً حسب اتفاقية 2231 القيودالمفروضةعلى التسلح في بلدي. ليس غريباً أن نعارض التسلح العشوائي فالسلاح في إيران لطالما كان دفاعيا لم يفتعل الحروب ولم يعث فساداً كما يفعل الاخرون. نؤمن بأن الأمان يتحقق بإرادة شعبنا واكتفائها الذاتي، اهدافنا سلمية و دفاعية دائما.
ولفت ظريف إلى أنه "ليس غريباً أن تعارض بلاده التسلح العشوائي فالسلاح في إيران لطالما كان دفاعياً لم يفتعل الحروب ولم يعث فساداً كما يفعل الآخرون".
وأصدرت وزارة الخارجية الإيرانية، بياناً، في مناسبة رفع الحظر التسليحي المفروض على إيران، قائلةً إن "انتهاء الحظر التسليحي لا يحتاج لبيان أو قرار جديد من مجلس الأمن الدولي".
ولفتت الخارجية الإيرانية إلى أنه في التاريخ المعاصر "لم تكن إيران البادئة في أي حرب"، مضيفةً أن "طهران تلفت انتباه دول العالم كافة إلى جدولة تنفيذ القرار 2231".
كذلك، قالت الخارجية في بيانها، إنه "يجب على على واشنطن التخلي عن نهجها التخريبي تجاه القرار 2231 والالتزام الكامل بالقرارات الأممية"، موضحةً أنه "يجب عليها أيضاً الكف عن تجاهل القوانين الدولية وزعزعة الأمن في منطقة غرب آسيا".
وتناول الرئيس الإيراني حسن روحاني الحظر التسليحي على بلاده في وقت سابق، قائلاً "عشر سنوات من الحظر التسليحي سينتهي، وهذا سيحصل بفضل المساعي التي بذلها الشعب الإيراني".
وكان مجلس الأمن الدولي رفض في 15 آب/أغسطس الماضي مشروع القرار الأميركي الرامي إلى تمديد حظر الأسلحة المفروض على إيران، والذي يبطل مفاعيل قرار مجلس الأمن 2231 القاضي برفع العقوبات عن إيران، والصادر في العام 2015.
وعارضت غالبية الدول الأعضاء في مجلس الأمن، مشروع القرار الأميركي، بتمديد حظر التسليح على إيران وشراء الأسلحة منها.
وأخفقت الولايات المتحدة في محاولتها لتمرير مشروع القرار بعد اعتراض روسيا والصين، وامتناع بريطانيا وفرنسا وألمانيا و8 أعضاء آخرين عن التصويت.
وحذرت واشنطن في وقت سابق من أن رفع حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على إيران، سيؤدي إلى "تصعيد العنف في الشرق الأوسط".
كذلك، دان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، فشل مجلس الأمن في التوصل إلى قرار لتمديد حظر السلاح على إيران، مؤكداً مواصلة بلاده "العمل في هذا الاتجاه".
وأكدت روسيا والصين دعمهما لإيران في ما يتعلق بـ"رفع حظر الأسلحة". وفيما شددت الصين على حق إيران في امتلاك "برنامج دفاع صاروخي"، رأت روسيا أن "الولايات المتحدة تنتهج سياسة أحادية هدفها الضغط على الشعب الإيراني".
الولايات المتحدة كانت تسعى جاهدة للضغط على مجلس الأمن من أجل تمرير مقترحها المتعلق بتمديد حظر السلاح المفروض على إيران، والذي من المقرر أن ينتهي في تشرين الاول/أكتوبر المقبل.
وبعد فشلها في مجلس الأمن، أعلنت الولايات المتحدة في 20 أيلول/سبتمبر الماضي، أن العقوبات الأممية ضد إيران دخلت حيز التنفيذ مرة أخرى، على الرغم من رفض المنظمة لهذا الأمر، مهددة الدول التي لن تنفذ العقوبات بـ"عواقب".
وقال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، في بيان: "ترحب الولايات المتحدة اليوم، بعودة جميع عقوبات الأمم المتحدة التي ألغيت سابقًا ضد إيران، الراعي الرئيسي للإرهاب ومعاداة السامية في العالم"، على حد قوله.
وأشار البيان إلى أن "كل عقوبات الأمم المتحدة تقريباً تم تفعيلها ضد إيران وهي تتضمن تمديداً دائماً لحظر بيع الأسلحة".
ويذكر أن حظر الأسلحة المفروض على إيران ينتهي في 18 تشرين الأول/أكتوبر 2020 (غداً الأحد)، وذلك بموجب بنود الاتفاق النووي المبرم عام 2015، والذي انسحبت منه الولايات المتحدة عام 2018.
المصدر:الميادين
محمد (صلى الله عليه وآله) الرحمة
قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾1
حينما يموت الإنسان يحزن أحباؤه ويحيون ذكراه، ولكن ما أن تمضي السنون حتى ينساه الناس، ويصبح في خبر كان، لكن حينما يكون للإنسان قضية ورسالة، فإنّه يحيى وتحيى ذكراه بحجم تلك القضية وامتداد تلك الرسالة، فإذا كانت الرسالة خالدة، فإنّ ذكرى ذلك الإنسان تخلد.
مِن هنا خلدت ذكرى رحيل سيّد بني البشر محمد (صلى الله عليه وآله)؛ لأنّه –إضافةً إلى كونه الإنسان الكامل- صاحب الرسالة الخالدة فخلد بخلودها.
ففي الثامن والعشرين من شهر صفر تتجدّد الذكرى ليبحث الذاكر في كتاب الخلود عن شأن من أُنزل إليه، فيرى كلام الله في شخصه مدحاً لم يبلغه مدح وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ2، ويرى في غاية الرسالة غاية تجاوزت مدى بصر وبصيرة الإنسان ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾3.
وتتجلّى هذه الرحمة في أنحاء كثيرة من حياة خاتم الأنبياء (صلى الله عليه وآله)، نعرض منها:
أ-الرحمة في وجوده
نقرأ في تاريخ الأنبياء:
- أنَّ قوم نوح (عليه السلام) كفروا بنيّهم، فأغرقهم الله تعالى بالطوفان.
- أنَّ قوم هود (عليه السلام) عصوا نبيّهم، فأزالهم الله تعالى بريح صرصر باردة.
- أنَّ قوم صالح (عليه السلام) تمرّدوا على نبيّهم، فأبادهم الله تعالى بصيحة الغضب الجبرائيلية.
- أنَّ قوم لوط (عليه السلام) شذّوا عن تعاليم نبيّهم، فهدم الله تعالى عليهم تلك المدينة.
أمّا قوم رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقد اختلف الأمر فيهم، فمع وجود ما يشبه تلك المعاندات والآثام والمعاصي لم يحصل طوفان إغراق، ولا ريح إزالة، ولا صيحة إبادة، ولا قلب مدن. ما السرّ في ذلك؟
روي عن ابن عباس أن سبب ذلك يرجع إلى قول الله تعالى ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾4، إذ قال: "كان محمد (صلى الله عليه وآله) رحمة لجميع الناس فمن آمن به وصدّق به سعد، ومن لم يؤمن به سلم مما لحق الأمم من الخسف والغرق"5.
ب-الرحمة للكافرين به
ونقرأها في محطات عديدة أيضاً من حياته الشريفة، منها:
1- في مكّة: رماه كفّارها بالحجار فأدموه، قالت خديجة: فداك أبي وأمي دع الدم يقع على الأرض، فقال (صلى الله عليه وآله): "أخشى أن يغضب ربّ الأرض على من عليها"6.
2- في الطائف: لحقه الناس فأدموه، فإذا به (صلى الله عليه وآله) يقول: "اللهم اهدِ قومي فإنّهم لا يعلمون".
3- استخفت به أهل ثقيف فآذوه، فحضره ملك الجبال، ليأمره بإهلاكهم، فقال (صلى الله عليه وآله): "بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله "7.
4- حين فتح مكّة قال سعد بن عبادة: "اليوم يوم الملحمة، اليوم تُسبى الحرمة"، فقال (صلى الله عليه وآله): "اليوم يوم الرحمة"8.
ج- الرحمة لأهل الكتاب
ونقرأها في محطات عديدة أيضاً من سيرته، منها:
تقاضاه يهوديّ، وكان قد أقرضه مالاً، ولم يكن عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) مال، فقال اليهوديّ: "لا أفارقك يا محمّد حتى تقضيني، فقال (صلى الله عليه وآله): إذاً أجلس معك، فجلس معه حتى صلّى في ذلك الموضع الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة والغداة، وكان أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) يتهدّدونه ويتواعدونه، فنظر رسول الله صلى الله عليه وآله إليهم فقال: ما الذي تصنعون به؟ فقالوا: يا رسول الله، يهوديّ يحبسك؟ فقال صلى الله عليه وآله: لم يبعثني ربي عز وجل بأن أظلم معاهداً ولا غيره، فلمّا علا النهار، قال اليهودي: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وشطر مالي في سبيل الله، أما والله ما فعلت بك الذي فعلت إلا لأنظر إلى نعتك في التوراة؛ فإني قرأت نعتك في التوراة: محمد بن عبد الله مولده بمكة ومهاجره بطيبة، وليس بفظّ، ولا غليظ ولا سخَّاب، ولا متزين بالفحش، ولا قول الخناء، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وهذا مالي، فاحكم فيه بما أنزل الله"9.
د- الرحمة للحيوان
ونقرأها أيضاً في العديد من محطات تأريخه، منها:
ما ذكره أحد أصحابه عبد الرحمن بن عبد الله قائلاً: "كنّا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فانطلق لحاجته فرأينا حمرة (طائراً) معها فرخان فأخذنا فرخيها، فجاءت الحمرة فجعلت تفرش، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "من فجع هذه بولدها؟ ردّوا ولدها إليها"
هـ-الرحمة للمؤمنين
وقد نصّ الله تعالى عليها في قوله تعالى: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾10.
ومن مشاهد تلك الرحمة:
1- روي أن رجلاً أسود كان يكنس المسجد، فمات، فسأل رسول الله (صلى الله عليه وآله) عنه، فقالوا: مات، فقال (صلى الله عليه وآله):" أفلا كنتم آذنتموني به، دلّوني على قبره"، فأتى قبره فصلّى عليه.
2- وعن أحد أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله):" كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم وعليه برد غليظ الحاشية فجذبه أعرابي بردائه جذبة شديدة حتى أثرت حاشية البرد في صفحة عاتقه ثم قال يا محمد احمل لي على بعيري هذين من مال الله الذي عندك فإنك لا تحمل لي من مالك ولا من مال أبيك، فسكت النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثم قال (المال مال الله وأنا عبده - ثم قال ويقاد منك يا أعرابي ما فعلت بي) قال لا، قال (لم؟) قال لأنك لا تكافئ بالسيئة السيئة فضحك النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثم أمر أن يحمل له على بعير شعير وعلى الآخر تمر"11
3- خفّف النبيّ صلاته وأسرع، فسأله الناس: هل حدث في الصلاة شيء؟، فأجاب (صلى الله عليه وآله): "أوما سمعتم صراخ الصبي "!
و- الرحمة للعيال
ورد عن أنس:"ما رأيت أحداً كان أرحم بالعيال من رسول الله".
ورد أنّه (صلى الله عليه وآله) كان يقول:
- البنت في البيت رحمة.
- احبّوا صبيانكم وارحموهم
- من قبّل ولده كتب الله له حسنة
وورد أنّه قال أحدهم: "إن لي عشرة من الولد، ما قبّلت أحد منهم"، فقال (صلى الله عليه وآله):"من لا يَرحم، لا يُرحم"
رسول الرحمة بعد رحيله
تستمر رحمة رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعد وفاته، بأمور جليلة منها:
أ- زيارة المؤمن له
ما شرّعه الله وحثّ عليه من زيارة مرقده الشريف.
1- عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): "من أتاني زائراً كنت شفيعه يوم القيامة"12
2- عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) للإمام الحسين (عليه السلام): "يا بني، من زارني حيّاً أو ميتاً، أو زار أباك، أو زار أخاك، أو زارك كان حقّاً عليّ أن أزوره يوم القيامة وأخلصه من ذنوبه"13
3- عن الإمام أبي جعفر (عليه السلام) في جواب من سأله:" ما لمن زار رسول الله (صلى الله عليه وآله)، قال (عليه السلام): له الجنّة."14
ب- زيارته للمحتضر
ورد عن الإمام أبي جعفر (عليه السلام):"من ختم القران بمكة لم يمت حتى يرى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ويرى منزله من الجنة".
ج- شفاعته يوم القيامة
أخبرني الروح الأمين أنَّ الله لا إله غيره إذا وقف الخلائق وجمع الأولين والآخرين أتي بجهنم تقاد بألف زمام، أخذ بكل زمام مائةُ ألف ملك من الغلاظ الشداد ولها هدّة وتحطم وزفير وشهيق، وإنها لتزفر الزفرة، فلولا أنَّ الله عزّ وجل أخّرها إلى الحساب لأهلكت الجميع، ثم يخرج منها عنق يحيط بالخلائق البرّ منهم والفاجر، فما خلق الله عبداً من عباده... إلا وينادي يا ربّ، نفسي نفسي وأنت تقول: يا ربّ، أمتي أمتي 15
من صفة الرحمة التي جعلها الله تعالى غاية لإرسال خاتم الأنبياء (صلى الله عليه وآله) أراد الله تعالى أن تتجلّى هذه الصفة بين المؤمنين ليكونوا متراحمين مع بعضهم البعض، وتنحصر شدّتهم على أعداء الله والدين، على قاعدة قوله تعالى:
﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ﴾16
الشيخ د. أكرم بركات
1- الأنبياء، 7
2- القلم، 4
3- الأنبياء، 7
4- الأنبياء، 7
5- القرطبي، تفسير القرطبي، ج11، ص 350.
6- المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، ج18، ص 243.
7- صحيح مسلم، ج5، ص 181.
8- المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، ج21، ص 109.
9- المجلسي، بحار الأنوار، ج16، ص 217.
10- التوبة 128.
11- القاضي العياض، الشفا بتعريف حقوق المصطفى ج1، ص 108.
12- الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، ج4، ص 548.
13- المصدر السابق نفسه
14- المصدر السابق نفسه
15- الكليني، الكافي، ج8، ص 312.
16- الفتح 29
ما معنى التوحيد في الخالقية؟
من مراجعة القرآن الكريم يتضح أنّ هذا الكتاب السماوي لا يعرف خالقاً مستقلاً أصيلاً إلّا الله، وأمّا خالقية ما سواه فهي في طول خالقيته وليس له استقلال في الخلق والإيجاد، وإليك فيما يلي طائفة من الآيات التي تشهد بهذا الأمر:
﴿قُلِ اللَّـهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ﴾1.
﴿اللَّـهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ﴾2 .
﴿ذَٰلِكُمُ اللَّـهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لَّا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ﴾3 .
﴿ذَٰلِكُمُ اللَّـهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ﴾4.
﴿هُوَ اللَّـهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ﴾5.
﴿أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ﴾6.
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّـهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّـهِ﴾7.
﴿أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّـهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾8.
ولا يمكن أن تكون هناك عبارات أوضح من هذه العبارات في إفادة المقصود وهو: أنّ كل الأشياء - بذاتها وآثارها - معلولة لله ومخلوقة له سبحانه.
فهو الذي خلق الشمس والقمر والنار، وهو الذي أعطاها النور والضوء والحرارة، وأقام ارتباطاً وثيقاً بين هذه الآثار وتلك الأشياء.
وبالتالي فهو الذي أعطى للأسباب سببيّتها وللعلل علّيتها.
إنّ القرآن يرى بحكم نظرته الواقعية بأنّ كل ما في هذه الحياة من سماء وكواكب وأرض وجبال وصحراء وبحر، وعناصر ومعادن، وسحاب ورعد وبرق وصاعقة، ومطر وبرد، ونبات وشجر، وحجر وحيوان وإنسان، وغيرها من الموجودات غير مستقلة في التأثير، وإنّ كل ما ينتسب إليها من الآثار ليست لذوات هذه الأسباب، وانّما ينتهي تأثير هذه المؤثرات إلى الله سبحانه.
فجميع هذه الأسباب والمسببات رغم ارتباطها بعضها ببعض - بحكم العلية - فهي مخلوقة لله جميعاً، فإليه تنتهي العلية وإليه تؤول السببية وهو معطيها للأشياء.
ولا شك أنّ البشر هو أيضاً ذو آثار وأفعال، كالأكل والشرب والقيام والقعود وغيرها من الأفعال، وكلّها مرتبطة بالإنسان نفسه، فهي أفعاله الاختيارية التي يتعلّق بها الأمر والنهي.
ولكنّه ليس مستقلاً في فعله وأثره، فكما أنّ فعله يعد فعلاً له ومرتبطاً به، فهكذا يعد فعله فعلاً لله سبحانه ومرتبطاً به بحكم كون وجوده وما أُعطي من القوى والطاقات مستندة إلى الله سبحانه، وعلى ذلك فلا يمكن أن يكون فعل العبد مرتبطاً بالعبد ومنقطعاً عن الله، إذ كيف يكون ذات الشيء مرتبطاً ويكون فعله منقطعاً، فإنّ غير المستقل بالذات غير مستقل في الفعل، والمستقل في الذات مستقل في الفعل أيضاً.
وبعبارة أُخرى: انّ المراد من كون أفعال العباد مخلوقة لله ليس هو كونها فعلاً له سبحانه بلا مشاركة العبد، بل المراد هو عدم استقلال العبد والعلل كلها في مقام الإنشاء والإيجاد وإلّا لزم أن يكون في صفحة الوجود فاعلون مستقلون في الفعل والإيجاد وهو بمنزلة الشرك.
وبذلك يرتفع الاستيحاش عن القول بأنّ أفعال العباد مخلوقة لله، إذ ليس المراد انّه سبحانه فاعل دونهم كما ليس المراد أنّها أفعال لهم دونه سبحانه، بل هي أفعال له تعالى من جهة وأفعال لهم من جانب آخر.
وقد أوضحه بعض المحقّقين بالمثال التالي الذي يوضح موقف كل من مذهبي الجبر والتفويض وما هو الحق من الأمر بين الأمرين، فلنفرض أنّ إنساناً أعطى لأحد سيفاً مع علمه بأنّه يقتل به نفساً، فالقتل إذا صدر منه لا يكون مستنداً إلى المعطي بوجه، فإنّه حين صدوره يكون أجنبياً عنه بالكلية غاية الأمر أنّه هيّأ بإعطائه السيف مقدمة إعدادية من مقدمات القتل، وهذا واقع التفويض.
كما أنّه لو شد آلة جارحة بيد الإنسان المرتعش بغير اختيار، فأصابت الآلة من جهة الارتعاش نفساً فجرحته، فالجرح لا يكون صادراً من ذاك الإنسان المرتعش، بإرادته واختياره، بل هو مقهور عليه في صدوره منه، وهذا واقع الجبر وحقيقته.
وإذا فرضنا أنّ يد الإنسان مشلولة لا يتمكّن من تحريكها إلّا مع إيصال الحرارة إليها بالقوة الكهربائية، فأوصل رجل القوة إليها بواسطة سلك يكون أحد طرفيه بيد المولى، فاختار ذلك الإنسان قتل نفس والموصل يعلم بذلك، فالفعل بما انّه صادر من الإنسان المشلول باختياره يعد فعلاً له، وبما أنّ السلك بيد الموصل وهو الذي يعطي القوة للعبد آناً فآناً فالفعل مستند إليه، وكل من الإسنادين حقيقي من دون أن يكون هناك تكلّف أو عناية، وهذا هو واقع الأمر بين الأمرين، فالأفعال الصادرة من المخلوقين بما أنَّها تصدر منهم بالإرادة والاختيار، فهم مختارون في أفعالهم؛ وبما أنّ فيض الوجود والقدرة والشعور من مبادئ الفعل يجري عليهم من قبل الله تعالى آناً فآناً، فأفعالهم منتسبة إلى خالقهم9.
إنّ هناك طائفة من الآيات القرآنية تبيّن هذه الحقيقة بنحو آخر وهو أنّه ليس الله تعالى خلق الأشياء فقط، بل هو الذي قدر تأثير كل شيء وخلق له «حدوداً» خاصة، وغايات معينة مثل قوله تعالى:
﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرً﴾10.
﴿رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ﴾11.
﴿الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّىٰ õ وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَىٰ﴾12.
هذه الآيات وما قبلها تبيّن «التوحيد الخالقي» بوضوح ولا تعترف بخالق أصيل ومستقل إلّا الله، كما أنّها لا تعترف بمقدّر أصيل للأشياء وهاد واقعي لها غيره سبحانه.
ما هو معنى الخالقية؟
ماذا يراد من أنّ الله سبحانه هو الخالق الوحيد وانّ الذوات والأشياء وما يتبعها من الأفعال والآثار حتى الإنسان وما يصدر منه، مخلوقات لله سبحانه بلا مجاز ولا شائبة عناية؟
إنّ الوقوف على تلك الحقيقة القرآنية يتوقف على تحليل معنى الخلق لغة واستعمالاً.
إنّ لفظة «الخلق» تارة يراد منها «التقدير» وأُخرى الإبداع والإيجاد، والميزان في ذلك هو إنّه إذا قيل: خلق هذا من ذاك وذكرت معه المادة القابلة للصياغة والتصوير والنحت والتكوين يراد منه التقدير، قال سبحانه حاكياً عن سيدنا المسيح عليهالسلام: ﴿أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّـهِ﴾13.
يقال: خلقت الأديم للسقاء، إذا قدرته، ويقال أيضاً: خلق العود: سوّاه14.
وأمّا إذا تعلّق الخلق بالشيء ونسب إليه من دون أن تقترن بمادة خاصة، فيراد منه الإبداع والإيجاد من كتم العدم، كقوله سبحانه: ﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرً﴾15.
نعم دلت البراهين الفلسفية على أنّ «الخلق» لا ينفك عن الإيجاد والإبداع حتى في القسم الأوّل، فإنّ المادة وإن كانت موجودة لكن الصورة لا شك إنّها أبداعية قطعاً، كقوله سبحانه: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلً﴾16.
ولعلّه لذلك اكتفى ابن فارس في مقاييسه في توضيح معنى الخلق بالمورد الأوّل أي التقدير ولم يذكر المورد الثاني اعتماداً بأنّ التقدير لا ينفك عن الإيجاد والإبداع كما أنّ الإيجاد لا ينفك عن التقدير، كما صرح بقوله: ﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرً﴾17.
مفاهيم القرآن، العلامة الشيخ جعفر السبحاني
1- الرعد: 16.
2- الزمر: 62
3-غافر: 62.
4- الأنعام: 102.
5- الحشر: 24.
6- الأنعام: 101.
7- فاطر: 3.
8- الأعراف: 54.
9- أجود التقريرات: 1 / 90.
10- الفرقان: 2.
11- طه: 50.
12- الأعلى: 2 3.
13- آل عمران: 49.
14- المقاييس لابن فارس: 2 / 214، والقاموس المحيط: مادة خلق.
15- الفرقان: 2.
16- غافر: 67.
17- الفرقان: 2.