
emamian
مؤتمر الوحدة الاسلامية والخطاب الحضاري الأصيل
يحتفل العالم الاسلامي بجميع مذاهبه وطوائفه بميلاد النبي الاعظم سيد الخلق الحبيب المصطفى محمد (صلى الله عليه و آله وسلم) في ظروف بالغة التعقيد نتيجة لتواطؤ قوى الاستكبار العالمي مع بعضها البعض للاساءة الى ديننا الحنيف باستخدام مختلف الاساليب المعلنة والمستورة وسط انتشار الفتنة التكفيرية التي تحولت الى اداة للتشهير والتبشيع ضد الأمة كافة.
وفي هذه الاحوال لابد من خطاب اسلامي موحَّد يأخذ على عاتقه حماية الدين الاسلامي وقيمه ومنطلقاته الكريمة ممن يكيدون له ويعملون على استفزازه بسلوكيات تنم عن الحقد الدفين للرسول الاكرم (ص) وتضمر العداء للقرآن المجيد والاسلام العظيم وتسعى الى زعزعة معتقدات المؤمنين بهما لغاية في نفوس الاستكبار العالمي.
من المؤكد ان علماء الامة ومفكريها ونخبها السياسية والثقافية مطالبون اليوم وفي مواجهة هذه الهجمة المسعورة بتقديم الخطاب الاسلامي الحضاري الأصيل الذي يفند زيف الادعاءات الغربية الرامية الى تكريس مقولة الاسلام فوبيا ولاسيما بعدما احتل الاميركان والصهاينة دولا ومناطق حيوية في غرب آسيا تهدف الى حلبها من ثرواتها البترولية والاستحواذ على الطرق الاستراتيجية فيها وهو امر خلّف واقعا مريراً على مستوى ابناء الامة الاسلامية.
ولا يخفى ان الكيان الصهيوني الذي احتل فلسطين والقدس ومناطق شاسعة من سوريا ولبنان والاردن، يمارس دورا بغيضا على صعيد دعم الجماعات الارهابية المتطرفة واشاعة الفتنة الطائفية وهو يسعى الى اجبار البلدان المتخاذلة على الارتماء في احضان التطبيع والاعتراف بدولته الغاصبة والتزيين لها ايضا بالتخلي عن دعم المجاهدين والمقاومين بوجه التوسع الاميركي- الاسرائيلي في غرب آسيا.
لقد نجح الاستكبار العالمي في بث الفرقة والاختلاف والتنافر بين اوساط الامة الاسلامية وهو ما ادى بالنتيجة الى اضعاف صدى اصوات الحكماء والعقلاء والصالحين نتيجة طغيان صوت الفتنة والبغضاء والتطرف الارهابي بين ظهرانينا وفي المهاجر وهو ما يستدعى اليوم الاتفاق على استراتيجية موحدة تؤهل الشعوب للدفاع عن عقيدتهم ومقدساتهم وقيمهم النبيلة في مواجهة الدعايات الغريبة ـ الصهيونية المشربة بالحقد والكراهية ضد الرسول الاكرم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) والتي تجلت عبر الرسوم الكاريكاتورية وقبلها من خلال القيام بحرق القرآن الكريم وغير ذلك من الممارسات الخبيثة.
لقد ساهم الكثير من علماء الامة ودعاتهم وخطبائهم ومثقفيهم في العديد من مؤتمرات الفكر والوحدة الاسلامية ومنتديات الحوار بين الاديان وقد حققوا منجزات وحدوية مفيدة على مستوى تاصيل الحوار الحضاري وتحكيم لغة العقل والمنطق. وها هم يحتفلون اليوم باسبوع الوحدة الاسلامية عبر مؤتمر عالمي هو الرابع والثلاثين يُعقد عبر (الفيديو كنفرانس) بمبادرة المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية ومشاركة نحو ٢٠٠ شخصية عالمية.
انها فرصة جوهرية لكي يتفق العقلاء على بلورة خطاب واضح الاهداف والمعالم موجه للآخر المختلف معنا فكريا وايصال رسالة للمتجبرين ايضا في الغرب المتصهين مفادها ان مؤامراتهم العدوانية ستعود عليهم بالخيبة لان الاصل هو اننا امة محمدية اصيلة مبادئها التسامح والنبل والمحبة واننا نرفض العدوان على الامم والشعوب كما فعل الاستعمار والغزاة الغربيون والصهاينة طوال اكثر من ١٥٠ عاما مضت.
بقلم الكاتب والاعلامي
حميد حلمي البغدادي
قبسات من سيرة الامام الصادق عليه السلام في ذكرى ولادته
الإمام جعفر الصادق (ع) السادس من أئمة أهل البيت (عليهم السلام) عالم جليل وعابد فاضل من ذرية النبي الاكرم محمد (ص) وله مكانة جليلة عظيمة لدى جميع المسلمين، وصاحب المدرسة العملاقة في الفكر والمنهاج، وقد استطاع أن يؤسس في عصره اكبر مدرسة فقهية، فتتلمذ على يده العديد من العلماء من جميع الطوائف.
الإمام جعفر الصادق (علیه السلام)، معین لا ینضب، بحر عجاج، متلاطم الأمواج، لا یسبر غوره، ولا یدرک ضفافه. وقد تخرج علیه فطاحل العلماء، وأساتذة المدارس الفقهیة ورؤساء المذاهب، وقد تتلمذ علیه ونهل من نمیر علومه وغزیر معارفه الجم الکثیر، أمثال هشام ابن الحکم، ومؤمن الطاق، ومحمد بن مسلم، وأبان بن تغلب، وأبو بصیر، وحمران ابن أعین، وأبو حنیفة النعمان، ممن یطول ذکرهم، وقد ترجمنا لبعض الثقات منهم فی فصل الثقات من أصحابه ورواته یربو على الثلاثمائة وخمسین. وقد أخذ هؤلاء العلماء عنه علم الحدیث والفقه والأصول والتفسیر، بالإضافة إلى العلوم الأخرى التی توسع (علیه السلام) فی تدریسها کالأخلاق والفلسفة والطب والکیمیاء والریاضیات والفلک وغیرها من العلوم الإنسانیة والحیاتیة. وقد اعترف بفضله العلماء، منهم: أبو حنیفة، حیث قال: لولا السنتان لهلک النعمان ، یرید بذلک السنتین اللتین تتلمذ علیه فی الکوفة.
ومن الأمور التی لا یختلف فیها اثنان کون شخصیته (علیه السلام) ذات أبعاد متعددة وجوانب مختلفة ظاهرة کالشمس فی رابعة النهار، إذا فهو الرائد الذی من أتى بعده فهو عیال علیه، منه أخذ وبه اقتدى. وأما مدرسته التی انتهجها وسار علیها، فهی امتدادا لمدرسة جده المصطفى وأبیه المرتضى صلوات الله علیهم أجمعین، وهم الذین أسسوا قواعدها وشیدوا بناءها، ثم جاء من بعدهم الإمام الصادق (علیه السلام) فأسس مدرسته الکبرى فی الکوفة بعد مدرسة المدینة المنورة حرم جده، وأرسى قواعدها یلقی فیها علومه على تلامذته وطلاب علومه، حتى بلغ عددهم ما ینیف على الأربعة آلاف طالب وراوی للحدیث عنه. قال الوشاء: دخلت مسجد الکوفة فوجدت تسعمائة شیخ، کل منهم یقول: حدثنی جعفر بن محمد (الصادق). ولولا وجود شبح الإرهاب السیاسی والإرعاب الفکری الضارب أطنابه حین ذاک على العالم الإسلامی لمنع الحدیث روایة وتدوینا بصورة عامة، وعلى مدرسة أهل البیت ومن ینتمی إلیها بصورة خاصة، لوجدت علم آل محمد (صلى الله علیه وآله) یشع نوره إلى عنان السماء، ویضئ وجه العالم کله. لقد نشط أهل الحدیث والمفسرون، ودونت المجامیع الحدیثیة، وتطورت الدراسات الفقهیة وترکت آثارها وبصماتها على العلماء حتى نشأت المذاهب الفقهیة المتعددة، ومع کل ذلک فهم یقرون بأعلمیة الإمام الصادق (علیه السلام) ویذعنون لآرائه ومرجعیته. وکان أبو حنیفة یقول: ما رأیت أحدا أفقه من جعفر بن محمد الصادق، بعد أن سأله عن أربعین مسألة من المسائل المعقدة المختلفة فأجاب عنها کلها بیسر وقدرة مبینا مختلف أوجه الآراء فیها، کما روى تلک المسائل ابن حجر العسقلانی فی تهذیب التهذیب. أما تصدی الإمام (علیه السلام) لحرکة الزندقة والإلحاد والغلو وأهل البدع والأهواء التی برزت بأعنف صورها فی عصر الإمام الصادق (علیه السلام)، والتی کادت أن تجرف عددا کبیرا من المسلمین، غیر أن تصدی الإمام وأصحابه ووقوفهم بوجه تلک التیارات الجارفة، ومناظراتهم بالأدلة الدامغة والبراهین الساطعة والحجج الواضحة، حتى استطاع أن یفوت الفرصة علیهم، وإفهامهم فساد مذاهبهم وبطلان حججهم، منهم من ذعن وآمن، ومنهم من لج وکفر، وقد ازدهر فی عصره (علیه السلام) علم الکلام وکان فی طلیعة تلامیذه وأصحابه هشام بن الحکم ومؤمن الطاق وغیرهم. کما استقطب الإمام الصادق (علیه السلام) نخبة طیبة من خیار أصحابه وتلامیذه، وأودعهم علومه ومرویاته، وکانوا على درجة کبیرة من التقوى والثقة والصلاح والضبط، وقد ترجمت فی القسم الثانی من کتابی هذا ثلاثمائة وخمسین منهم فی فصل خاص بعنوان (الثقات من أصحابه ورواته (علیه السلام)). استمرت هذه المدرسة بعطائها السخی سنین متمادیة حتى لقفتها النجف الأشرف وانتقلت إلیها بانتقال العلامة الشیخ أبو جعفر الطوسی، حیث وجد فیها التربة الصالحة والقاعدة المهیئة والمستعدة لتکون خلیفة لمدرسة الکوفة، فوسع رحابها وثبت أرکانها حتى أصبحت عاصمة فقه آل محمد ومدرستهم على مدى ألف عام. وبعد وفاة الشیخ الطوسی استمرت المدرسة على ما کانت علیه من عطاء، إذ ترأسها ولده العلامة الشیخ محمد الطوسی، وبعد وفاته بمدة من الزمن انتقلت إلى الحلة فی زمن الشیخ ابن إدریس والعلامة الحلی.
وجاء دور المقدس الأردبیلی فاجتهد ووسع مدرسته فی النجف الأشرف حتى عادت المرجعیة ومدرسة آل محمد (صلى الله علیه وآله) الکبرى إلیها، واستمرت النجف فی عطائها وتحملت مسؤولیتها وبث إشعاعها العلمی على خیر وجه فی الحدیث والفقه واستنباطه من أصوله، کما توسعت فی علم التفسیر، حتى انتقلت إلى کربلاء المقدسة فی زمن العلامة الشیخ ابن فهد الحلی، وبعد الحرکة الأخباریة وتصدی العلامة المحقق البهبهانی لها انتقلت بعد ذلک مرة ثانیة إلى النجف الأشرف، وازدهرت فی زمن السید محمد مهدی بحر العلوم والعلامة الشیخ صاحب الجواهر وغیرهم من فطاحل العلماء، واستمرت فی عطائها فی بث إشعاعها إلى جنب مدرسة ری وقم التی أسسها الأشعریون فی القرن الثالث الهجری. وبعد تصدی الحکام الملحدین من البعثیین الظلمة لمدرسة النجف الأشرف، وقتل العلماء الأعلام کالشهید السید محمد باقر الصدر وغیره، واختطاف الأجلة من أعلامها والأساتذة من مدرستها کالعلامة الشیخ محمد تقی الجواهری وغیره، وتشرید وطرد الوافدین إلیها من العلماء الأفاضل والطلاب من الأقطار الإسلامیة، عند ذاک انتقلت معظم أرکانها إلى مدرسة قم المقدسة عش آل محمد (صلى الله علیه وآله) فی الجمهوریة الإسلامیة، فی عصرنا هذا، حتى یقضی الله ورسوله أمرا کان مفعولا وما هو خیر للأمة والمسلمین. وقد ذکرنا ذلک مفصلا فی باب (تأریخ الفقه الشیعی) من کتابنا هذا. ومن الأبعاد التی انتهجها الإمام الصادق (علیه السلام) فی سیاسته مع حکام الظلم والجور، فقد اتخذ السلبیة منهجا له، ومحاولة عدم الاصطدام بالسلطة والحکام الجائرین، مستفیدا من تجربة ثورة الشهیدین محمد بن عبد الله بن الحسن ذو النفس الزکیة وأخیه إبراهیم، ومن ثورة عمه الشهید زید بن علی. وعلى الرغم من منهجه السلبی، فکان یدعم کل ثورة یقوم بها الحسنیین أو الحسینیین ویشجعها مادیا ومعنویا، فکان یتحرک فی محوره بصورة لا تلفت النظر، وبأسالیب مختلفة لیوقظ الحس الثوری والسیاسی لدى الأمة، ویحذر أصحابه من الرکون إلیهم والتعاون معهم، ومقاطعتهم کأسلوب جدی من أسالیب السلبیة والمقاطعة مع الحکام الظلمة والسلطة الجائرة. ومع ذلک کله فإن أئمة أهل البیت (علیهم السلام) وحرصا منهم على مصلحة الإسلام العلیا، کانوا یسارعون فی مد ید العون للحکام الظلمة وإنقاذهم من المواقف الخطرة عندما تحدق بهم من قبل الحکومات الکافرة المحیطة بهم. کما حصل ذلک للحاکم الأموی عبد الملک بن مروان مع الدولة البیزنطیة الرومانیة، فی مشکلة منعه إدخال العملة الصلیبیة إلى بلاد الإسلام، وتهدید الرومان بشن حرب على البلاد الإسلامیة إن تم المنع. فاستنجد الحاکم الأموی بالإمام الباقر (علیه السلام) لإنقاذه من هذه الورطة، عند ذلک علمه الإمام کیفیة العمل على صب سکة العملة الإسلامیة بدلا من التعامل بالعملة الصلیبیة. وقد ذکرنا ذلک مفصلا فی کتابنا (الباقر محمد (علیه السلام)) وهو الجزء الثامن من (موسوعة المصطفى والعترة)، فراجع. وهذا الکتاب الذی بین یدیک عزیزی الباحث إنما هو نموذج موجز لترجمة حیاة کوکب دری ونجم ساطع من کواکب أئمة أهل البیت (علیهم السلام) ونجومهم الزاهرة، ألا وهو الإمام الناطق أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق (علیه السلام)، الذی ثنیت له الوسادة، واستطاع بث علومه الربانیة مقتبسا من علوم آبائه الطاهرین. وهو فی مجلدین من موسوعة المصطفى والعترة التاسع والعاشر، متخذا بذلک نهجا جدیدا فی البحث، مضیفا إلى فصوله: التفسیر العرفانی للقرآن،
والمنهج العرفانی فی أحادیثه، والثقات من أصحابه (علیه السلام)، وعلم الکیمیاء، وعلم نسبة الضوء والوقت، ومنهجه التربوی، وفصل فی حریة البحث فی الإسلام، ونشوء المذاهب والفرق الإسلامیة، وتأریخ تدوین الحدیث، وتأریخ الفقه الشیعی، والتصدی لحرکة الزندقة، ومنهجه السیاسی، وبحث فی حدیث من مات ولم یعرف إمام زمانه ... وغیرها من المباحث بطرق عدیدة وأسانید معتبرة، إلى غیر ذلک من الفصول. وقد بذلت فی تألیفه وتصنیفه من الجهد المضنی ما لا یعلمه إلا الله سبحانه وتعالى، فقد سهرت اللیالی فی تتبع المصادر واستخراج الأحادیث والروایات المسندة والموثوقة من الصحاح، والمسانید، والموسوعات الحدیثیة، والتأریخیة، والرجالیة، وغصت أعماق البحار حتى استطعت أن أستخرج هذه الدرر النضیدة من فضائل العترة الطاهرة، أقدمه لک عزیزی فی صحن الولاء جواهرا زاهرة ولآلی زاهیة. سائلا المولى القدیر، ورسوله الکریم وآله الطاهرین أن یتقبلوا منی هذا الیسیر لیکون ذخرا لی فی یوم عز فیه الناصر وعدم فیه الشافع، إلا رحمة الله تعالى، وشفاعة رسوله (صلى الله علیه وآله وسلم) وآله الطاهرین صلوات الله علیهم أجمعین، فهو حسبی . دار الهجرة - قم المشرفة حسین الشاکری ذکرى ولادته (علیه السلام) - 17 ربیع الأول عام 1416 ه
الفصل الأول:
ملامح شخصیة الإمام جعفر الصادق (علیه السلام)
الأسرة الکریمة:
الإمام أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق (علیه السلام) من أسرة کریمة، هی من أشرف وأسمى أسرة فی دنیا العرب والإسلام، تلک الأسرة التی أنجبت خاتم النبیین وسید المرسلین، محمد (صلى الله علیه وآله وسلم) وأنجبت عظماء الأمة من الأئمة، وأعلام العلماء، وهی على امتداد التأریخ لا تزال مهوى أفئدة المسلمین وغیرهم، ومهبط الوحی والإلهام، ومبعث منهج الحق الذی تماوج فی بطاح البیداء، وأودیة الجبال وسفوح الروابی، فکان نورا على شاطئ السلام من مطلع الشمس حتى مغربها، تلک الأسرة التی کان یقودها سید العرب عبد المطلب بن هاشم، حیث قال: لا ینزل المجد إلا فی منازلنا * کالنوم لیس له مأوى سوى المقل وکما قال شاعر العرب - الفرزدق -: من یعرف الله یعرف أولیة ذا * فالمجد من بیت هذا ناله الأمم من هذه الأسرة التی أغناها الله بفضله، تفرع عملاق هذه الأمة، ومؤسس نهضتها الفکریة والعلمیة، الإمام الصادق (علیه السلام)، وقد ورث من عظماء أسرته خصالهم العظیمة، وسجایاهم السنیة، فکانت صفاته الحمیدة مل ء فم الدنیا.
والده: الإمام أبو جعفر محمد بن علی الباقر، ابن الإمام السجاد زین العابدین علی بن الحسین الشهید سبط رسول الله (صلى الله علیه وآله وسلم) وسید شباب أهل الجنة ابن علی ابن أبی طالب أمیر المؤمنین (علیه السلام)، وهو غنی عن التعریف، ورث المجد کابرا عن کابر، ومن أجدر بالإمام جعفر الصادق (علیه السلام) أن یفتخر بهذا النسب الرفیع المقدس، ویترنم بقول الفرزدق: أولئک آبائی فجئنی بمثلهم * إذا جمعتنا - یا جریر - المجامع لم تمض فترة طویلة من اقتران السیدة أم فروة بالإمام محمد بن علی الباقر (علیه السلام)، حتى حملت وعمت البشرى أفراد الأسرة العلویة بالمولود الجدید، ولما أشرقت الأرض بنور ولادته سارعت القابلة لتزف البشرى إلى أبیه فلم تجده فی البیت، وإنما وجدت جده الإمام زین العابدین (علیه السلام)، فهنأته بالمولود الجدید وأخبرته القابلة بأن له عینین زرقاوین جمیلتین، فتبسم الإمام (علیه السلام) وقال: إنه یشبه عینی والدتی (1). وبادر الإمام السجاد (علیه السلام) إلى الحجرة فتناول حفیده فقبله، وأجرى علیه مراسیم الولادة الشرعیة، فأذن فی أذنه الیمنى، وأقام فی أذنه الیسرى. والبدایة المشرقة للإمام الصادق (علیه السلام) أن استقبله جده، الذی هو خیر أهل الأرض وهمس فی أذنیه نشید الولاء للإسلام الخالد.
والدته: السیدة المعظمة الجلیلة: فاطمة بنت القاسم بن محمد بن أبی بکر، وتکنى أم فروة، وأمها أسماء بنت عبد الرحمن بن أبی بکر، ولعل ذلک یفسر لنا معنى کلام الإمام (علیه السلام): لقد ولدنی أبو بکر مرتین. الکافی:... عن إسحاق بن جریر، قال: قال أبو عبد الله (علیه السلام): کانت أمی ممن آمنت واتقت وأحسنت، والله یحب المحسنین. قال (علیه السلام): وقالت أمی: قال أبی [الإمام الباقر (علیه السلام)]: یا أم فروة، إنی لأدعو الله لمذنبی شیعتنا فی الیوم واللیلة ألف مرة، لأنا نحن فیما ینوبنا من الرزایا نصبر على ما نعلم من الثواب، وهم یصبرون على ما لا یعلمون (1). مرضها: فی سنة تسعین من الهجرة انتشر مرض الجدری فی یثرب، فأصاب مجموعة کبیرة من الأطفال، وکان الإمام الصادق (علیه السلام) فی السنة السابعة أو العاشرة من عمره، فخافت علیه أمه من العدوی، ففرت به إلى الطنفسة من ریف المدینة. ولما استقرت السیدة أم فروة مع ابنها الصادق فقد أصیبت هی بهذا المرض دون أن تشعر به فی بادئ الأمر، فلما ظهرت علیها الأعراض، تنبهت إلى خطورة الموقف، ولم تهتم السیدة أم فروة بعلاج نفسها، وإنما کان همها الوحید إنقاذ ولدها جعفر فأبعدته عنها إلى مکان آخر، وأخذت تعانی آلام
أعراض المرض، وسریانه فی جسمها. ولما انتهى الخبر إلى الإمام الباقر (علیه السلام)، أوقف بحوثه ودروسه العلمیة واتجه لعیادة زوجته، وقبل أن یغادر المدینة زار قبر جده رسول الله (صلى الله علیه وآله وسلم) ودعا الله تعالى أن ینقذ زوجته أم فروة من هذا المرض. ولما انتهى إلیها عظم علیها مجیئه، وخافت علیه من العدوی، وشکرته على تصدعه لزیارتها، والتفت إلیها الإمام وبشرها بالسلامة، قائلا: لقد دعوت الله عز وجل عند قبر جدی رسول الله (صلى الله علیه وآله وسلم) أن ینجیک من هذا المرض، وإنی واثق أن جدی لا یردنی، وسیقضی لی حاجتی، فثقی بأنک ستشفین من هذا المرض، وأنا أیضا مصون منه إن شاء الله . واستجاب الله دعاء ولیه الإمام، فقد عوفیت السیدة أم فروة من مرضها، ولم یترک أی أثر على جسمها. ومن الجدیر بالذکر إن هذا المرض لا یصیب الکبار إلا نادرا، فإن أصابهم کان خطرا على حیاتهم فلا ینجو منه إلا القلیل (1).
مولده وصفاته
مولده:
لقد أشرقت نور الإمامة، وفجر الإمام العظیم ینابیع العلم والحکمة والأخلاق، ولقد ازدهرت دنیا الإسلام بهذا المولود العظیم الذی تفرع من شجرة النبوة والدوحة الهاشمیة، کما قال الشاعر: إذا ولد المولود منهم تهللت * له الأرض واهتزت إلیه المنابر إنه من معدن الحکمة والعلم، ومن بیت أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم
تطهیرا. لو کان یوجد عرف قبلهم * لوجدته منهم على أمیال إن جئتهم أبصرت بین بیوتهم * کرما یقیک مواقف التسآل نور النبوة والمکارم فیهم * متوقد فی الشیب والأطفال (1) اختلف المؤرخون فی سنة ولادة الإمام الصادق (علیه السلام)، وما أدری هل هذا الاختلاف مقصود ومتعمد، أو غیر مقصود؟ ولکن الثابت عند أئمة أهل البیت (علیهم السلام) وتأریخهم الراجح، أن ولادته کانت فی یوم السابع عشر من ربیع الأول سنة 82 ه على قول، أو غرة رجب، وفی أقوال أخرى أنه ولد بالمدینة المنورة سنة 80 ه أو سنة 83 ه. بعد استعراض هذه الأقوال، نقول: إن القول المشهور عند شیعة أهل البیت هو الیوم السابع عشر من شهر ربیع الأول، وهو الیوم الذی ولد فیه رسول الله (صلى الله علیه وآله وسلم)، کما هو ثابت عند أئمة أهل البیت، وأهل البیت أدرى بما فیه، ومجمل القول فإن أئمة السیر والتأریخ مجمعون على أن ولادته (علیه السلام) بین سنین ثلاثة 80 و82 و83 هجریة. اسمه وألقابه وکناه: الاسم: أما اسمه الشریف جعفر ، ونص کثیر من المؤرخین أن النبی (صلى الله علیه وآله وسلم) هو الذی سماه جعفر ولقبه ب الصادق .
ألقابه:
1 - الصادق: لقبه بذلک جده رسول الله (صلى الله علیه وآله وسلم) لأنه أصدق إنسان فی حدیثه وکلامه، وقیل أن المنصور الدوانیقی - ألد أعدائه - هو الذی أضفى علیه هذا اللقب، والسبب فی ذلک حسبما یقول الرواة: إن أبا مسلم الخراسانی طلب من الإمام الصادق (علیه السلام) أن یدله على قبر جده أمیر المؤمنین (علیه السلام) فامتنع، وأخبره أنه إنما یظهر القبر الشریف فی أیام رجل هاشمی یقال له - أبو جعفر المنصور - وأخبر أبو مسلم المنصور بذلک فی أیام حکومته وهو فی الرصافة ببغداد، ففرح بذلک المنصور وقال: هذا هو الصادق (1). 2 - الصابر (2): ولقب بذلک لأنه صبر على المحن الشاقة والخطوب المریرة التی تجرعها من خصومه الأمویین والعباسیین. 3 - الفاضل (3): لقب بذلک لأنه کان أفضل أهل زمانه وأعلمهم لا فی شؤون الشریعة وإنما فی جمیع العلوم. 4 - الطاهر (4): لأنه أطهر إنسان فی عمله وسلوکه واتجاهاته. 5 - عمود الشرف (5): لقد کان الإمام (علیه السلام) عمود الشرف، وعنوان الفخر والمجد لجمیع المسلمین. 6 - القائم (6): من ألقابه الشریفة، لقیامه بإحیاء الدین والذب عن شریعة
المسلمین. 7 - الکافل (1): إنما لقب بذلک لأنه کان کافلا للفقراء والأیتام والمحرومین، فقد قام بالإنفاق علیهم وإعالتهم. 8 - المنجی (2): من ألقابه الکریمة، المنجی من الضلالة، فقد هدى من التجأ إلیه، وأنقذ من اتصل به. هذه بعض ألقابه الکریمة التی تحکی بعض صفاته ومعالم شخصیته. کناه: وکنی الإمام الصادق (علیه السلام): 1 - أبو عبد الله. 2 - أبو إسماعیل. 3 - أبو موسى. اسمه جعفر، وفی المناقب ومحاسن البرقی: قال الصادق (علیه السلام) لضریس الکناسی: لم سماک أبوک ضریسا؟ قال: کما سماک أبوک جعفرا، قال: إنما سماک أبوک ضریسا بجهل، لأن لإبلیس ابنا یقال له ضریس، وإن أبی سمانی جعفرا بعلم، على أنه اسم لنهر فی الجنة، أما سمعت قول ذی الرمة؟: أبکى الولید أبا الولید أخا الولید فتى العشیرة * قد کان غیثا فی السنین وجعفرا غدقا ومیرة (3)
ویلقب بالصادق، ولم یلقبه بهذا اللقب أحد من الناس، بل لقبه بذلک جده رسول الله (صلى الله علیه وآله وسلم) الصادق الأمین الذی *(ما ینطق عن الهوى إن هو إلا وحی یوحى)*. کما روی ذلک فی علل الشرائع عن المفضل بن عمر، عن أبی حمزة الثمالی ثابت بن دینار، عن علی بن الحسین، عن أبیه، عن جده (علیهم السلام)، قال رسول الله (صلى الله علیه وآله وسلم): إذا ولد ابنی جعفر بن محمد بن علی بن الحسین بن علی بن أبی طالب، فسموه: الصادق، فإنه سیکون فی ولده سمی له، یدعی الإمامة بغیر حقها ویسمى کذابا (1). وکذا فی الخرائج والجرائح، وکفایة الأثر لعلی بن محمد علی الخزاز، حیث روى الأخیر فی ترجمة الإمام الصادق (علیه السلام) حدیثا مسندا عن أبی هریرة، عن النبی (صلى الله علیه وآله وسلم) أنه قال - فی حدیث طویل -: یخرج الله من صلبه - أی من صلب محمد بن علی الباقر (علیه السلام) - کلمة حق، ولسان صدق، فقال له ابن مسعود: فما اسمه یا نبی الله؟ قال: یقال له جعفر الصادق فی قوله وفعله، الطاعن علیه کالطاعن علی، والراد علیه کالراد علی. وفی معانی الأخبار للشیخ الصدوق: سمی الصادق صادقا لیتمیز من المدعی للإمامة بغیر حقها، وهو جعفر بن علی الهادی، إمام الفطحیة الثانیة (2). وقد بلغ من شهرته (علیه السلام) بهذا اللقب أنه صار کالاسم له، حتى أنه لیستغنی به عن ذکر اسمه ولقبه، ویعرف به إذا أطلق، ومن ثم جعلناه عنوان کتابنا:
الصادق جعفر ، وکذلک کنیته - بأبی عبد الله - صارت کالاسم له، یستغنى بها عن اسمه ولقبه لا سیما فی الأحادیث، ویلقب أیضا بالفاضل، والقائم، والکامل، والمنجی، وغیرها. ویکنى أبا عبد الله، وأبا إسماعیل، وأبا إسحاق، وأبا موسى، والکنیة الأولى هی أشهر کناه، وأکثرها ورودا فی الروایات والأحادیث. ولعل ذکره بغیر هذه الکنیة کان بدافع التقیة، فالظروف ما کانت تسمح بالتصریح باسم الإمام الصادق وکنیته المشهورة، ولهذا السبب کان البعض یستعمل الکنى غیر المشهور بها رعایة للظروف.
نبوغه وذکائه:
کان الإمام الصادق (علیه السلام) نابغة زمانه، وآیة من آیات الذکاء فی سنیه المبکرة من صباه، فلم یجاریه أحد بمثل سنه على امتداد الزمن، وقد کان یحضر دروس أبیه وهو یافع لم یتجاوز عمره الشریف ثلاث سنین، وقد فاق بتلقیه لدروس أبیه جمیع تلامیذه من کبار العلماء والرواة، مما أدهش الولید بن عبد الملک عندما زار المدینة المنورة ووقف على حوزة أبیه الإمام الباقر (علیه السلام) واستیعاب الإمام الصادق ما یلقیه أبوه من دروس، ومناقشته. ومن الجدیر بالذکر أن دروس الإمام الباقر (علیه السلام) وبحوثه لم تقتصر على علم الحدیث، والفقه، والتفسیر فحسب، وإنما شملت جمیع أنواع العلوم، من فلسفة، وطب، وعلم الکیمیاء، وعلم النجوم والجغرافیا، والفلک وغیرها. وقد ألم بها الإمام الصادق (علیه السلام) إلماما کاملا، ومما یدل على ذلک ما نقله الرواة أن الولید بن عبد الملک عندما زار المسجد النبوی بصحبة عامله على المدینة عمر بن عبد العزیز،
وقد رأى الإمام الباقر (علیه السلام) على المنبر یلقی دروسه ومحاضراته على تلامیذه، فسلم علیه، فرد الإمام السلام علیه، وتوقف عن الدرس تکریما له، فأصر الولید علیه أن یستمر فی تدریسه، وکان موضوع الدرس الجغرافیا فاستمع الولید، وبهر من ذلک فسأل الإمام ما هذا العلم؟! . فأجابه الإمام (علیه السلام): إنه علم یتحدث عن الأرض والسماء والشمس والنجوم. ووقع نظر الولید على الإمام جعفر الصادق، فسأل عامله عمر بن عبد العزیز: من یکون هذا الصبی بین الرجال؟! . فأجابه قائلا: إنه جعفر بن محمد ، وأسرع الولید قائلا: هل هو قادر على فهم الدرس واستیعابه؟ ، فعرفه عمر بما یملک الصبی من قدرات علمیة، قائلا: إنه أذکى من یحضر درس الإمام وأکثرهم سؤالا ونقاشا . بهر الولید وتعجب، فاستدعاه بالوقت، فلما مثل بادر قائلا: ما اسمک؟ ، أجابه الصبی بطلاقة قائلا: اسمی جعفر . وأراد الولید امتحانه، فقال له: أتعلم من کان صاحب المنطق ومؤسسه؟ فأجابه الصبی: کان أرسطو ملقبا بصاحب المنطق، لقبه إیاه تلامیذه وأتباعه . ووجه الولید إلیه سؤالا ثانیا قائلا: من صاحب المعز؟ ، فأنکر علیه الإمام ذلک وقال: لیس هذا اسما لأحد، ولکنه اسم لمجموعة من النجوم، تسمى ذو الأعنة (1). واستولت الحیرة والذهول على الولید، فلم یدر ما یقول، وتأمل کثیرا
لیستحضر مسألة أخرى یسأل بها سلیل النبوة، وحضر فی ذهنه السؤال الآتی، فقال له: هل تعلم من صاحب السواک؟ ، فأجابه على الفور: هو لقب عبد الله ابن مسعود صاحب جدی رسول الله (صلى الله علیه وآله وسلم) . ولم یستحضر الولید مسألة یسأل بها الإمام، ووجد نفسه عاجزا أمام هذا العملاق العظیم، فراح یبدی إکباره وإعجابه بالإمام الصغیر، ویرحب به وهو مرغم، وأمسک بیده، ودنا من الإمام الباقر (علیه السلام) یهنئه بولده قائلا: إن ولدک هذا سیکون علامة عصره (1). وصدق توسم الولید، فقد أصبح الإمام جعفر الصادق نابغة عصره وأعلمهم على الإطلاق. ولیس هناک تعلیل مقنع لهذه الظاهرة، التی اتصف بها سلیل النبوة فی حال طفولته، إلا قول شیعة أهل البیت من أن الله تبارک وتعالى منح أئمة أهل البیت (علیهم السلام) العلم والحکمة فی جمیع أدوار حیاتهم، کما منح أنبیائه ورسله، فإن الطفل بحسب تکوینه السایکولوجی من غیر الممکن أن تکون له مثل هذه القدرات العلمیة، ومهما اتصف بالذکاء الحاد. معرفته بجمیع اللغات: وکان من السمات البارزة التی تمیز بها فی ذکائه ونبوغه، تعلمه فی سنیه المبکرة لجمیع لغات العالم، وکان یتکلم مع أهل کل لغة کأنه واحد منهم، وهذه بعضها:
1 - النبطیة. 2 - العبریة. 3 - الفارسیة. 4 - معرفته بکل لغة. فقد روى أبان بن تغلب قال: غدوت من منزلی بالمدینة المنورة، وأنا أرید أبا عبد الله الصادق، فلما صرت بالباب وجدت قوما عنده لم أعرفهم، ولم أر قوما أحسن زیا منهم، ولا أحسن سیماء منهم [جالسین] کأن الطیر على رؤوسهم، [فکان] فجعل أبو عبد الله (علیه السلام) یحدثنا بحدیث فخرجنا من عنده، وقد فهم خمسة عشر نفرا، متفرقوا الألسن، منهم العربی، والفارسی، والنبطی، والحبشی، ، فقال العربی: حدثنا بالعربیة، وقال الفارسی: حدثنا بالفارسیة، وقال الحبشی: حدثنا بالحبشیة، وقال الصقلی: حدثنا بالصقلیة. وأخبر (علیه السلام) بعض أصحابه بأن الحدیث واحد، وقد فسره لکل قوم بلغتهم (1). ودار حدیث بین الإمام وبین عمار الساباطی باللغة النبطیة، فبهر عمار وراح یقول: ما رأیت نبطیا أفصح منک بالنبطیة . فقال (علیه السلام) له: یا عمار، وبکل لسان (2). ولقد ملک الإمام الصادق (علیه السلام) فی طفولته وشبابه وشیخوخته من النبوغ وقوة الذکاء ما لا یوصف، فقد فاق بهذه الظاهرة جمیع عباقرة الأرض.
هیبته ووقاره:
کانت الوجوه تعنو لهیبة الإمام الصادق (علیه السلام) ووقاره، فقد حاکى هیبة الأنبیاء، وجلالة الأوصیاء، وما رآه أحد إلا هابه لأنه کانت تعلوه روحانیة الإمامة، وقداسة الأولیاء، وکان ابن مسکان وهو من خیار الشیعة الثقات، لا یدخل علیه شفقة أن لا یوافیه حق إجلاله وتعظیمه، فکان یسمع ما یحتاج إلیه من أمور دینه من أصحابه، ویأبى أن یدخل علیه (1)، فقد غمرته هیبته. شمائله: فی المناقب: کان الإمام جعفر الصادق (علیه السلام) ربع القامة (2)، أزهر الوجه، حالک الشعر (3)، جعد أشم الأنف (4)، أنزع رقیق البشرة، دقیق المسربة (5)، على خده خال أسود، وعلى جسده خیلان حمرة (6). وفی الفصول المهمة: صفته معتدل [القامة] آدم (7).
وقد صدر کتاب حول الإمام الصادق (علیه السلام)، اشترک فی تألیفه عدد من الشخصیات الغربیة، باللغة الأجنبیة، وترجم الکتاب إلى عدة لغات منها العربیة والفارسیة، باسم الإمام الصادق عند علماء الغرب ، وفی ذلک الکتاب شرح واف حول شمائل الإمام وصفاته وعلومه (علیه السلام).
نقش خاتمه:
الله خالق کل شیء (1). عن أبی الحسن الرضا (علیه السلام)، قال: قوموا خاتم أبی عبد الله (علیه السلام) فأخذه أبی بسبعة، قال: قلت: بسبعة دراهم؟ قال: سبعة دنانیر (2). عن محمد بن عیسى، عن صفوان، قال: أخرج إلینا خاتم أبی عبد الله الصادق (علیه السلام)، وکان نقشه: أنت ثقتی فاعصمنی من خلقک (3). عن إسماعیل بن موسى، قال: کان خاتم جدی: جعفر بن محمد (علیه السلام) فضة کله، وعلیه: یا ثقتی قنی شر جمیع خلقک (4). ابن الصباغ المالکی: نقش خاتمه ما شاء الله لا قوة إلا بالله، أستغفر الله (5).
العدد القویة: نقش خاتمه: الله عونی وعصمتی من الناس وقیل نقشه: أنت ثقتی فاعصمنی من خلقک ، وقیل: ربی عصمنی من خلقه (1). هذه مجمل ما عثرنا علیها من الروایات الواردة بهذا الشأن.
وصیة الإمام الباقر لابنه الصادق (علیه السلام
) بعدة طرق، منها: الکافی، علی بن إبراهیم، عن محمد بن عیسى، عن یونس بن عبد الرحمن، عن عبد الأعلى، عن أبی عبد الله الصادق (علیه السلام)، قال: إن أبی (علیه السلام) استودعنی ما هناک (2). فلما حضرته الوفاة قال: ادع لی شهودا، فدعوت له أربعة من قریش، فیهم نافع مولى عبد الله بن عمر، فقال: اکتب: هذا ما أوصى به یعقوب بنیه: *(یا بنی إن الله اصطفى لکم الدین فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون)*. وأوصى محمد بن علی إلى جعفر بن محمد، وأمره أن یکفنه فی برده الذی کان یصلی فیه الجمعة وأن یعممه بعمامته، وأن یربع قبره، ویرفعه أربع أصابع، وأن یحل عنه أطماره عند دفنه. ثم قال - للشهود -: انصرفوا، رحمکم الله. فقلت له: یا أبت - بعدما انصرفوا - ما کان فی هذا بأن تشهد علیه؟ فقال: یا بنی؟ کرهت أن تغلب، وأن یقال: إنه لم یوص إلیه، فأردت أن تکون لک حجة (3).
فی ظلال جده وأبیه: أدرک الإمام الصادق (علیه السلام) خمسة عشر سنة من حیاة جده الإمام علی بن الحسین السجاد (علیه السلام)، وقد سمع الشیء الکثیر منه، ومنها: أدعیته المذکورة فی الصحیفة السجادیة. فقد قال الإمام الصادق (علیه السلام) یوما لابنه: قم یا إسماعیل، فأتنی بالدعاء الذی أمرتک بحفظه، فقام إسماعیل، فأخرج صحیفة کأنها الصحیفة التی دفعها إلی یحیى بن زید، فقبلها الإمام أبو عبد الله، ووضعها على عینیه، وقال: وهذا خط أبی، وإملاء جدی (علیه السلام) بمشهد منی مما یستفاد منه أنه کان یحضر مجلس جده الإمام زین العابدین (علیه السلام) ویستمع إلى أحادیثه وأمالیه. کما أن الإمام الصادق (علیه السلام) عاش فی خدمة والده وتحت ظله أربعا وثلاثین سنة، وکان یتبعه اتباع الفصیل أثر أمه، ویرافقه فی حله وترحاله، فی سفره وحضره، مرافقة التلمیذ أستاذه، وکان صامتا، ولا یتصرف فی شیء من الشؤون فی حضرة والده، وکثیرا ما کان الوالد یهدی لولده أفضل المواعظ، وأغلى النصائح، وأحسن الدروس فی الحکم والمعرفة. ولیس معنى ذلک أنه (علیه السلام) کان یجهل تلک الأمور، فقد یکون سرد المواعظ والنصائح من الإمام إلى آخر من قبیل إیاک أعنی واسمعی یا جارة . هذا ما کان من علاقة الإمام الصادق بجده وأبیه (علیهم السلام).
زوجاته وأخوته وأولاده
زوجات الإمام وجواریه:
أما ما یتعلق بزوجاته وجواریه، فقد تزوج بعدة حرائر، واشترى بعض الجواری، وإلیک بعض تفصیل ذلک. 1 - تزوج بالسیدة فاطمة بنت الحسین بن الإمام زین العابدین، فهی بنت عمه، وقیل: فاطمة بنت الحسین الأثرم ابن الإمام الحسن (علیه السلام) (1). 2 - أم حمیدة، أو حمیدة المصفاة البربریة. 3 - أم مالک بن أنس. کما فی المناقب : سأل سیف الدولة عبد الحمید المالکی قاضی الکوفة عن مالک؟ فوصفه وقال: وکان جربند جعفر الصادق، أی الربیب (2) (ابن الزوجة). 4 - أم أبی حنیفة (3). قال أبو عبد الله المحدث: إن أبا حنیفة من تلامذته، وإن أمه کانت فی حبال الإمام الصادق (4). 5 - أم وهب بن وهب أبی البختری. 6 - أم سالمة. وإلیک صفات بعض أحوال زوجاته. قال ابن شهرآشوب فی المناقب: حمیدة المصفاة، ابنة صاعد البربری، ویقال: إنها أندلسیة، أم ولد، تکنى لؤلؤة... الخ (5).
الکافی... عن المعلى بن خنیس: أن أبا عبد الله (علیه السلام) قال: حمیدة مصفاة من الأدناس، کسبیکة لذهب، ما زالت الأملاک تحرسها حتى أدیت إلی ، کرامة من الله لی والحجة من بعدی (1). الکافی... حدثنا عیسى بن عبد الرحمن، عن أبیه، قال: دخل ابن عکاشة ابن محصن الأسدی، على أبی جعفر (علیه السلام) وکان [ابنه] أبو عبد الله (علیه السلام) قائما عنده، فقدم إلیه عنبا [فأکل]. فقال لأبی جعفر (علیه السلام): لأی شیء لا تزوج أبا عبد الله فقد أدرک التزویج؟ قال (علیه السلام) - وبین یدیه صرة مختومة -: سیجئ نخاس (2) من أهل بربر فینزل دار میمون، فنشتری له بهذه الصرة جاریة. قال: فأتى لذلک ما أتى، فدخلنا یوما على أبی جعفر (علیه السلام) فقال: ألا أخبرکم عن النخاس الذی ذکرته لکم؟ قد قدم، فاذهبوا فاشتروا بهذه الصرة منه جاریة، قال: فأتینا النخاس، فقال: قد بعت ما کان عندی إلا جاریتین مریضتین إحداهما أمثل من الأخرى (3). قلنا: فأخرجهما حتى ننظر إلیهما، فأخرجهما. فقلنا: بکم تبیعنا هذه المتماثلة؟ قال: بسبعین دینارا، قلنا: أحسن، قال: لا أنقص من سبعین دینارا؟ قلنا له: نشتریها منک بهذه الصرة ما بلغت، ولا ندری ما فیها. ففککنا [الصرة] ووزنا الدنانیر فإذا هی سبعون دینارا، لا تزید ولا تنقص، فأخذنا الجاریة فأدخلناها على أبی جعفر (علیه السلام) وجعفر قائم فأخبرنا أبا جعفر بما کان، فحمد الله وأثنى علیه، ثم قال لها: ما اسمک؟ قالت: حمیدة.
فقال (علیه السلام): حمیدة فی الدنیا محمودة فی الآخرة، أخبرینی عنک أبکر أنت أم ثیب؟ قالت: بکر... فقال (علیه السلام): یا جعفر خذها إلیک، فولدت خیر أهل الأرض: الإمام موسى ابن جعفر (علیهما السلام) (1). وکذلک فی الخرائج والجرائح (2).
إخوته:
کان للإمام أبی جعفر الباقر (علیه السلام) أولاد من أمهات شتى، أکبرهم جعفر الذی یکنى به، وشقیقه عبد الله، وأمهما: أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبی بکر، وأمها أسماء بنت عبد الرحمن بن أبی بکر، کما أسلفنا، وإبراهیم، وعبید الله، درجا (3)، أمهما أم حکیم بنت أسد بن المغیرة الثقفیة، وعلی، وزینب، لأم ولد، وأم سلمة، لأم ولد. وقیل:إن زینب هی أم سلمة، حکاه صاحب أعلام الورى. وقال ابن شهرآشوب فی المناقب: أولاده سبعة، وعددهم. وکذا قال الشیخ المفید فی الإرشاد، إلا أنه قال: وعبد الله الأفطح (4)، ثم قال: درجوا کلهم إلا أولاد جعفر الصادق.
أولاده:
کان للإمام الصادق (علیه السلام) من الأولاد عشرة، من أمهات شتى، سبعة ذکور وثلاثة إناث، وقیل: أحد عشر بزیادة بنت أخرى، وهم: إسماعیل الأعرج - ویقال له: إسماعیل الأمین (1) - وعبد الله الأفطح وأسماء - وتکنى بأم فروة -، وهؤلاء الثلاثة اختلف فی أمهم، فقال المفید: إنها فاطمة بنت الحسین بن علی بن الحسین بن أبی طالب، وقال الحافظ الجنابذی: إنها فاطمة بنت الحسین بن علی بن أبی طالب، والإمام موسى بن جعفر الکاظم (علیه السلام) ومحمد الدیباج وإسحاق وفاطمة الکبرى - على خلاف -، وأمهم أم ولد اسمها حمیدة البربریة، والعباس وعلی العریضی وأسماء وفاطمة الصغرى، لأمهات شتى. وعن المناقب: أن أم فروة هی نفسها أسماء. وفی بحار الأنوار 40: 241، عن کشف الغمة: أما أولاده فکانوا سبعة: ستة ذکور وبنت واحدة، وقیل أکثر من ذلک، وعلى هذا یکون الخلاف فی أبنائه بین التسعة والأحد عشر. والمشهور ما ذکره الشیخ المفید طاب ثراه فی الإرشاد، قال: وکان أولاد أبی عبد الله (علیه السلام) عشرة، سبعة ذکور وثلاث إناث، وهم: إسماعیل، وعبد الله، وأم فروة، أمهم فاطمة بنت الحسین بن الحسن بن علی (علیهما السلام)، وموسى (علیه السلام)، وإسحاق، ومحمد لأم ولد (2)، والعباس، وعلی، وأسماء، وفاطمة، لأمهات شتى.
إسماعیل:
کان إسماعیل أکبر أولاد الصادق (علیه السلام)، وکان شدید المحبة له والبر به والإشفاق علیه (1). وقد کان قوم من الشیعة فی حیاة الإمام الصادق (علیه السلام) یظنون أنه القائم بعده، لمیل أبیه الشدید إلیه وإکرامه، ولأنه أکبر أولاده سنا، فمات فی حیاة أبیه (علیه السلام) فی العریض، وحمل على رقاب الناس إلى المدینة، ودفن فی البقیع. وکان إسماعیل رجلا کریما شجاعا جلیلا، یحبه الإمام الصادق (علیه السلام) لفضائله وفواضله. حتى إنه (علیه السلام) قال للمفضل بن عمر، وهو من وکلائه وخواص أصحابه الثقات - وأبو الحسن موسى (علیه السلام) غلام -: هذا المولود - یعنی موسى الکاظم - الذی لم یولد فینا مولود أعظم برکة على شیعتنا منه، ثم قال: لا تجف إسماعیل (2). وقال (علیه السلام): کان القتل قد کتب على إسماعیل مرتین، فسألت الله تعالى فی رفعه عنه فرفعه (3). وأقواله وأعماله التی کانت تنبئ عن ذلک الحب والعطف کثیرة، وحتى ظن قوم من الشیعة أنه القائم بعد أبیه بالإمامة، لذلک البر وتلک الرعایة، ولأنه أکبر إخوته سنا، وأکبر الإخوة سنا أحد علائم الإمامة، ولکن موته أیام أبیه أزال ذلک الظن. وأظهر الصادق (علیه السلام) بموت إسماعیل عجبا، فإنه بعد أن مات وغطی، أمر بأن یکشف عن وجهه وهو مسجى، ثم قبل جبهته وذقنه ونحره، ثم أمر به فکشف
وفعل به مثل الأول، ولما غسل وأدرج فی أکفانه أمر به فکشف عن وجهه ثم قبله فی تلک المواضع ثالثا، ثم عوذه بالقرآن، ثم أمر بإدراجه. وفی روایة أخرى أنه أمر المفضل بن عمر فجمع له جماعة من أصحابه حتى صاروا ثلاثین، وفیهم أبو بصیر وحمران بن أعین وداود الرقی، فقال لداود: اکشف عن وجهه، فکشف داود عن وجه إسماعیل، فقال: تأمله یا داود فانظره أحی هو أم میت؟ فقال: بل هو میت. فجعل یعرض على رجل رجل حتى أتى على آخرهم، فقال: اللهم اشهد. ثم أمر بغسله وتجهیزه، ثم قال: یا مفضل احسر عن وجهه، فحسر عن وجهه، فقال: حی هو أم میت؟ انظروه جمیعکم، فقالوا: بل هو یا سیدنا میت، فقال: شهدتم بذلک وتحققتموه؟ قالوا: نعم، وقد تعجبوا من فعله، فقال: اللهم اشهد علیهم. ثم حمل إلى قبره، فلما وضع فی لحده قال: یا مفضل اکشف عن وجهه، فکشف فقال للجماعة: انظروا أحی هو أم میت؟ فقالوا: بل میت یا ولی الله، فقال: اللهم اشهد. ثم أعاد علیهم القول فی ذلک بعد دفنه، فقال لهم: المیت المکفن المحنط المدفون فی هذا اللحد من هو؟ فقالوا: إسماعیل ولدک. فقال: اللهم اشهد (1). قد یعجب المرء من إصرار الإمام على أن یعرف الناس موت إسماعیل حتى لا تبقى شبهة ولا ریب بموته، ولکن لا عجب من أمر الإمام العالم بما سیحدث فی هذا الشأن، إنه یعلم أن قوما سیقولون بإمامته لأنه الأکبر زعما منهم إنه لم یمت، فما فعل ذلک إلا لیقیم الحجة علیهم، وقد کشف بنفسه (علیه السلام) عن هذا السر، فإنه قال بعد أن وضع إسماعیل فی لحده وأشهد القوم على موته: فإنه سیرتاب المبطلون،
یریدون إطفاء نور الله: ثم أومأ إلى موسى (علیه السلام)، ولما أن دفن إسماعیل وأشهدهم أخذ بید موسى فقال: هو حق والحق معه إلى أن یرث الله الأرض ومن علیها (1). وظهر على الصادق الحزن الشدید حین حضر إسماعیل الموت وسجد سجدة طویلة، ثم رفع رأسه فنظر إلى إسماعیل قلیلا ونظر إلى وجهه، ثم سجد أخرى أطول من الأولى، ثم رفع رأسه فغمضه وربط لحییه وغطى علیه ملحفته، ثم قام ووجهه قد دخله شیء عظیم حتى أحس ذلک منه من رآه، وعلى إثر ذلک دخل المنزل فمکث ساعة، ثم خرج على القوم مدهنا مکتحلا وعلیه ثیاب غیر التی کانت علیه، ووجهه قد تسرى عنه ذلک الأثر من الحزن، فأمر ونهى، حتى إذا فرغ من غسله دعا بکفنه فکتب فی حاشیته: إسماعیل یشهد أن لا إله إلا الله (2). فتعجب الناس من انقلاب حاله وذهاب ذلک الحزن الشدید، فبدر إلیه بعض أصحابه قائلا: جعلت فداک، لقد ظننا أننا لا ننتفع بک زمانا لما رأیناه من جزعک؟ فقال (علیه السلام): إنا أهل بیت نجزع ما لم تنزل المصیبة، فإذا نزلت صبرنا. وقدم لأصحابه المائدة وعلیها أفخر الأطعمة وأطیب الألوان ودعاهم إلى الأکل وحثهم علیه، ولا یرون للحزن أثرا على وجهه، فقیل له فی ذلک، فقال: وما لی لا أکون کما ترون وقد جاء فی خبر أصدق الصادقین: إنی میت وإیاکم. ولکنه لما حمل لیدفن تقدم سریره بغیر حذاء ولا رداء، وهذا أعظم شعار للحزن، وکان یأمر بوضع السریر على الأرض یکشف عن وجهه یرید بذلک تحقیق
موته لدى الناس، فعل ذلک مرارا إلى أن انتهوا به إلى قبره (1). ولما فرغ من دفنه جلس والناس حوله وهو مطرق، ثم رفع رأسه فقال: أیها الناس إن هذه الدنیا دار فراق، ودار التواء، لا دار استواء، على أن لفراق المألوفحرقة لا تدفع، ولوعة لا ترد، وإنما یتفاضل الناس بحسن العزاء وصحة الفکرة، فمن لم یثکل أخاه ثکله أخوه، ومن لم یقدم ولدا کان هو المقدم دون الولد، ثم تمثل بقول أبی خراش الهذلی: ولا تحسبن أنی تناسیت عهده * ولکن صبری یا أمیم جمیل (2) ولما مات إسماعیل استدعى الصادق (علیه السلام) بعض شیعته وأعطاه دراهم وأمره أن یحج بها عن ابنه إسماعیل، وقال له: إنک إذا حججت عنه لک تسعة أسهم من الثواب ولإسماعیل سهم واحد (3). ومات إسماعیل بالعریض (4) وحمل على الرقاب إلى المدینة (5) وقبره فیها معروف، هدمه حکام آل سعود الوهابیون کما هدم قبور آبائه الأئمة فی البقیع وإلى الیوم لم یسمح بإعادة البناء علیها. فتلک الأعمال من الصادق (علیه السلام) مع ابنه إسماعیل تدلنا على کبیر ما یحمل له من الحب والبر والعطف، وعلى ما کان علیه إسماعیل من التقوى والفضل، ولکن
هناک أحادیث قدحت فی مقامه ووصمت قدسی ذاته، وإنی لا أراها تعادل تلک الأحادیث السالفة، بل إن بعض الأخبار کشفت لنا النقاب عن کذب هذه الأخبار القادحة، أو أنها صدرت لغایات مجهولة لنا، فمن تلک الأحادیث الکاشفة، ما رواه فی الخرائج والجرائح عن الولید بن صبیح (1)، قال: جاءنی رجل فقال لی: تعال حتى أریک ابن إلهک (2). فذهبت معه، فجاء بی إلى قوم یشربون، فیهم إسماعیل ابن جعفر، فخرجت مغموما فجئت إلى الحجر فإذا إسماعیل بن جعفر متعلق بالبیت یبکی قد بل أستار الکعبة بدموعه، فرجعت أشتد فإذا إسماعیل جالس مع القوم، فرجعت فإذا هو آخذ بأستار الکعبة قد بلها بدموعه، قال: فذکرت ذلک لأبی عبد الله (علیه السلام)، فقال: لقد ابتلی ابنی بشیطان یتمثل على صورته. فهل یا ترى زکاة لإسماعیل أفضل من هذا الحدیث، فلا بد إذن من طرح الأحادیث القادحة أو حملها على غایات غیر ما دلت علیه بظاهرها، ولو کان إسماعیل کما قدحت فیه تلک الأحادیث لما لازمه الصادق (علیه السلام) فی الحضر والسفر، ولنحاه کما نحى ابنه عبد الله. ولما مات إسماعیل انصرف عن القول بإمامته من کان یظن أن الإمامة فیه بعد أبیه. وحدث القول بإمامته بعد أبیه الصادق، والقائلون بإمامته یسمون بالإسماعیلیة، وقد أشرنا وسنشیر إلى هذه الفرقة.
وذکر هنا الشیخ المفید طاب ثراه فی الإرشاد أن الذین أقاموا على حیاته شرذمة لم تکن من خاصة أبیه ولا من الرواة عنه وکانوا من الأباعد والأطراف، ولما مات الصادق (علیه السلام) انتقل فریق منهم إلى القول بإمامة موسى (علیه السلام) بعد أبیه، وافترق الباقون فریقین، ففریق منهم رجعوا عن حیاة إسماعیل، وقالوا بإمامة ابنه محمد بن إسماعیل، لظنهم أن الإمامة کانت فی أبیه، وأن الابن أحق بمقام الأب من الأخ، وفریق ثبتوا على حیاة إسماعیل، وهم الیوم شذاذ لا یعرف منهم أحد یومى إلیه، وهذان الفریقان یسمیان بالإسماعیلیة، والمعروف منهم الآن من یزعم أن الإمامة بعد إسماعیل فی ولده وولد ولده إلى آخر الزمان. وبالرغم من هذه التدابیر اللازمة والشواهد الواضحة، قام بعض الناس بالتشکیک فی موت إسماعیل، محاولین إثبات إمامته بعد أبیه. فکانت النتیجة تکوین مذهب جدید متشعب عن مذهب أهل البیت الشیعة الإمامیة، ومنفصل عنه، وهو مذهب الإسماعیلیة، وقد انقسم هذا المذهب إلى قسمین: ظاهریة: وهم المعروفون الیوم بالبهرة، وباطنیة وهم معروفون بالأغاخانیة، وهم منتشرون فی العالم، وخاصة فی بلاد الهند، وباکستان، وشرقی إفریقیا. ویعترفون فی مذهبهم بستة من أئمة أهل البیت (علیهم السلام) الاثنی عشر - حیث یقفون عند الإمام الصادق (علیه السلام) - ولا یعترفون بإمامة الستة الباقین (علیهم السلام). ولهم تأریخ مفصل، وأحکام فقهیة تختلف عن فقه شیعة أهل البیت الإمامیة اختلافا کثیرا، ولو أردنا الدخول فی التفصیل، لطال بنا المقال وخرجنا عن الاختزال.
المصدر : الحوزة اونلاین - حسین الشاکری
ما حقيقة الانقلاب السوداني ومن يكون وراءه؟
اكد مراسل قناة العالم احباط محاولة انقلابية في السودان خطط لها من قبل العميد ود ابراهيم الذي كان والياً في النيل الازرق ايام الرئيس المخلوع عمر البشير.
وقال مراسلنا طارق ابو شورة، ان العميد ود ابراهيم كان قد قام بمحاولة انقلابية ايام الرئيس المخلوع واحبطت آنذاك، مشيراً الى ان ود ابراهيم قريب جداً من الاسلاميين ومحل ترحيب من قبل العسكر كثيراً، واضاف، ان عمر البشير لم يتمكن من محاكمته وتم العفو عن ود ابراهيم مع مجموعة تسمى السائحون وهو فصيل في القوات المسلحة وهو تيار اسلامي.
ولفت مراسلنا الى ان هذه محاولة اخرى من قبل ولد ابراهيم قام بها ومعه علي مجوك الذي كان وزيراً للدولة ايام عمر البشير وقد تم القبض عليه في مدينة الكلابات على الحدود السودانية الاثيوبية حيث كان يعيش خارج البلاد، عاد الى دبي ومن ثم الى اديس ابابا وخطط للانقلاب الى حين تم القبض عليه.
واوضح مراسلنا ان هناك مجموعة من الانقلابيين الذين تحدثت عنهم الحكومة وقالت انها ستنشر مزيد من التفاصيل بعد اجراء تحقيقات وبعد القبض على البقية الذين شاركوا في هذا الانقلاب.
واعتبر مراسلنا ان المحاولات الانقلابية هي ردود فعل طبيعية للاوضاع القائمة في السودان، حيث كانت البداية نتيجة الاوضاع الاقتصادية والان الازمة التي نتجت عن تطبيع السودان مع كيان الاحتلال الاسرائيلي، مشدداً على ان التطبيع قد يكون السبب الرئيسي وراء محاولة الانقلاب.
هذا وكانت مصادر اعلامية سودانية، اعلنت إحباط القوات الأمنية عملية انقلاب جرى التخطيط لها من قبل بعض النظاميين والمتقاعدين وفصيل من الإسلاميين بقيادة العميد ود إبراهيم.
واكدت صحيفة السوادني أن القوات الامنية قامت بحملة اعتقالات واسعة؛ شملت القيادي في مجلس الصحوة الثوري "علي مجوك" الذي شغل منصب وزير الدولة؛ بعهد النظام المخلوع؛ برفقة عدد من الضباط النظاميين والمتقاعدين والإسلاميين، مؤكدة بأن ما يجري انقلاب ضد النظام القائم بأكمله.
يذكر أن العميد ود إبراهيم كان أحد المتهمين في محاولة انقلابية على نظام البشير عام الفين وثلاثة.
المصدر:العالم
طلب الشفاعة من غيره تعالى وشبهة الشرك
لا مرية في أنّ الشفاعة حق خاص بالله سبحانه، فالآيات القرآنية - مضافة إلى البراهين العقلية - تدل على ذلك، مثل آية: ﴿قُل لِّلَّـهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعا﴾([1]).
إلاّ أنّ في جانب ذلك دلت آيات كثيرة أُخرى على أنّ الله أذن لفريق من عباده أن يستخدموا هذا الحق، ويشفعوا - في ظروف وضمن شروط خاصة - حتى أنّ بعض هذه الآيات صرحت بخصوصيات وأسماء طائفة من هؤلاء الشفعاء، كقوله تعالى:
﴿وَكَم مِّن مَّلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّـهُ لِمَن يَشَاءُ وَيَرْضَىٰ﴾ ([2]).
كما أنّ القرآن أثبت لنبيِّ الإسلام «المقام المحمود»، إذ يقول: ﴿عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودً﴾([3]).
وقد قال المفسرون: إنّ المقصود بالمقام المحمود هو: مقام الشفاعة، بحكم الأحاديث المتضافرة التي وردت في هذا الشأن.
كل هذا مما اتفق عليه المسلمون، إنّما الكلام في أنّ طلب الشفاعة ممن أُعطي له حق الشفاعة كأن يقول: «يا رسول الله اشفع لنا» هل هو شرك أو لا؟
وليس البحث في المقام ـ كما ألمعنا إلى ذلك غير مرّة ـ في كون هذا الطلب مجدياً أو لا، إنّما الكلام في أنّ هذا الطلب هل هو عبادة أو لا؟
فنقول: قد ظهر الجواب مما أوضحناه في الأبحاث السابقة، فلو اعتقدنا بأنّ من نطلب منهم الشفاعة، لهم أن يشفعوا لمن أرادوا ومتى أرادوا وكيفما ارتأوا، دون رجوع إلى الإذن الإلهي أو حاجة إلى ذلك، فإنّ من المحتّم أنّ هذا الطلب والاستشفاع عبادة وإنّ الطالب يكون مشركاً حائداً عن طريق التوحيد، لأنّه طلب الفعل الإلهي وما هو من شؤونه من غيره.
وأمّا لو استشفعنا بأحد هؤلاء الشفعاء ونحن نعتقد بأنّه محدود مخلوق لله لا يمكنه الشفاعة لأحد إلّا بإذنه، فهذا الطلب لا يختلف عن طلب الأمر العادي ماهية، ولا يكون خارجاً عن نطاق التوحيد.
وإنّ تصوّر أحد أنّ هذا العمل، أعني: طلب الشفاعة من أولياء الله، يشبه - في ظاهره - عمل المشركين، واستشفاعهم بأصنامهم، فهو تصوّر باطل بعيد عن الحقيقة.
لأنّ التشابه الظاهري لا يكون أبداً معياراً للحكم، بل المعيار الحقيقي للحكم إنّما هو: قصد الطالب، وكيفية اعتقاده في حق الشافع، ومن الواضح جداً أنّ المعيار هو النيّات والضمائر، لا الأشكال والظواهر، هذا مع أنّ الفرق بين العملين واضح من وجوه:
أوّلاً: أنّه لا مرية في أنّ اعتقاد الموحّد في حق أولياء الله يختلف - تماماً - عن اعتقاد المشرك في حق الأصنام.
فإنّ الأصنام والأوثان كانت ـ في اعتقاد المشركين ـ آلهة صغاراً تملك شيئاً من شؤون المقام الإلوهي من الشفاعة والمغفرة، بخلاف أهل التوحيد فإنّهم يعتقدون بأنّ من يستشفعون بهم: عباد مكرمون لا يعصون الله وهم بأمره يعملون، وأنّهم لا يملكون من الشفاعة شيئاً، ولا يشفعون إلّا إذا أذن الله لهم أن يشفعوا في حق من ارتضاه.
وبالجملة فإنّ تحقق الشفاعة منهم يحتاج إلى وجود أمرين:
- أن يكون الشفيع مأذوناً في الشفاعة.
- أن يكون المشفوع له مرضياً عند الله.
فلو قال مسلم لصالح من الصالحين: (اشفع لي عند الله)، فإنّه لا يفعل ذلك إلّا مع التوجّه إلى كونه مشروطاً بالشرطين المذكورين.
ثانياً: أنّ المشركين كانوا يعبدون الأصنام مضافاً إلى استشفاعهم بها، بحيث كانوا يجعلون استجابة دعوتهم واستشفاعهم عوضاً عما كانوا يقومون به من عبادة لها، بخلاف أهل التوحيد فإنّهم لا يعبدون غير الله طرفة عين أبداً.
وأمّا استشفاعهم بأُولئك الشفعاء فليس إلّا بمعنى الاستفادة من المقام المحمود الذي أعطاه الله سبحانه لنبيّه في المورد الذي يأذن فيه الله، فقياس استشفاع المؤمنين بما يفعله المشركون ليس إلّا مغالطة. وقد مر غير مرّة أنّه لو كان الملاك التشابه الظاهري للزم أن نعتبر الطواف بالكعبة المشرفة، واستلام الحجر، والسعي بين الصفا والمروة، موجباً للشرك وعبادة للحجر.
مفاهيم القرآن السبحاني ج 1، آية الله الشيخ جعفر سبحاني
([1]) الزمر: 44.
([2]) النجم: 26.
([3]) الإسراء: 79.
ذكرى مولد الرسول الاعظم محمد (صلى الله عليه واله)
النبي محمّد بن عبد الله بن عبد المطّلب بن هاشم بن عبد مناف، وينتهي نسبه الشريف إلى النبي إبراهيم الخليل(ع)، ومن أسمائه (ص) في القرآن خاتم النبيين، الأُمِّي، المُزّمِّل، المُدّثِر، النذير، المُبين، الكريم، النور، النعمة، الرحمة، العبد، الرؤوف، الرحيم، الشاهد، المبشّر، النذير، الداعي، ويكنى أبو القاسم، أبو إبراهيم، ولقبه المصطفى.
تاریخ ولادته (صلى الله علیه وآله)ومکانها :17 ربیع الأوّل 40 عام قبل البعثة النبویة، الموافق 571 میلادی، مکّة المکرّمة.
وهو العام الذی یُسمّى بـ(عام الفیل)، حیث تعرّضت فیه مکّة لعدوان أبرهة الحبشی صاحب جیش الفیل، فجعل الله کیدهم فی تضلیل، کما ورد فی سورة الفیل من القرآن الکریم.
أُمّه السیّدة آمنة بنت وهب بن عبد مناف، زوجته السیّدة خدیجة بنت خویلد الأسدی، أُمّ السیّدة فاطمة الزهراء(علیها السلام)، وله زوجات أُخر.
مدّة عمره (صلى الله علیه وآله) ونبوّته: عمره 63 سنة، ونبوّته 23 سنة.
حملت به أُمّه أیّام التشریق، وقالت: فما وجدت له مشقّة حتّى وضعته.
ثمّ خرج أبوه عبد الله وأُمّه حامل به فی تجارة له إلى الشام، فلمّا عاد نزل على أخواله بنی النجّار بالمدینة، فمرض هناک ومات، ورسول الله (صلى الله علیه وآله) حمل.
وکان أبوه عبد الله فقیراً، لم یخلّف غیر خمسة من الإبل وقطیع غنم وجاریة اسمها برکة، وتکنّى أُمّ أیمن، وهی التی حضنت النبی (صلى الله علیه وآله)(1).
لمّا سمع عبد المطّلب ـ جدّ النبی (صلى الله علیه وآله)ـ بولادة النبی فرح فرحاً کثیراً، ودخل على السیّدة آمنة (رضی الله عنها)، وقام عندها یدعو الله ویشکر ما أعطاه، وقال:
الحمد لله الذی أعطانی ** هذا الغلام الطیّب الأردان
قد ساد فی المهد على الغلمان ** أُعیذه بالله ذی الأرکان
حتّى أراه بالغ البنیان ** أُعیذه من شرّ ذی شنان
من حاسد مضطرب العنان.
أرضعته أوّلاً ثویبة مولاة أبی لهب بلبن ابنها مسروح أیّاماً قبل أن تقدّم حلیمة السعدیة، وکانت أرضعت قبله (صلى الله علیه وآله) عمّه حمزة.
وکان رسول الله (صلى الله علیه وآله) والسیّدة خدیجة یکرماها، واعتقها أبو لهب بعد الهجرة، فکان (صلى الله علیه وآله) یبعث إلیها من المدینة بکسوة وصلة حتّى ماتت، فسأل عن ابنها مسروح، فقیل: مات، فسأل عن قرابتها، فقیل: ماتوا.
ثمّ أرضعته حلیمة بنت أبی ذؤیب السعدیة، من بنی سعد بن بکر، وکان أهل مکّة یسترضعون لأولادهم نساء أهل البادیة طلباً للفصاحة، ولذلک قال(صلى الله علیه وآله): «أنا أفصح من نطق بالضاد، بید أنّی من قریش واستُرضعت فی بنی سعد».
فجاء عشرة نسوة من بنی سعد بن بکر یطلبن الرضاع، وفیهنّ حلیمة، فأصبن الرضاع کلّهن إلّا حلیمة، وکان معها زوجها الحارث المکنّى أبا ذؤیب، وولدها منه عبد الله، فعرض علیها رسول الله(صلى الله علیه وآله)، فقالت: یتیم ولا مال له، وما عست أُمّه أن تفعل. فخرج النسوة وخلفنها، فقالت لزوجها: ما ترى قد خرج صواحبی، ولیس بمکّة غلام یسترضع إلّا هذا الغلام الیتیم، فلو أنّا أخذناه، فإنّی أکره أن أرجع بغیر شیء.
فقال لها: خذیه عسى الله أن یجعل لنا فیه خیراً، فأخذته فوضعته فی حجرها، فدرّ ثدیاها حتّى روی وروی أخوه، وکان أخوه لا ینام من الجوع. فبقی عندها سنتین حتّى فطم، فقدموا به على أُمّه زائرین لها، وأخبرتها حلیمة ما رأت من برکته فردّته معها، ثمّ ردّته على أُمّه وهو ابن خمس سنین ویومین.
وقدمت حلیمة على رسول الله(صلى الله علیه وآله) بعدما تزوّج، فبسط لها رداءه، وأعطتها خدیجة أربعین شاةً، وأعطتها بعیراً.
وجاءت إلیه (صلى الله علیه وآله) یوم حُنین، فقام إلیها وبسط لها رداءه، فجلست علیه.
من الکرامات الظاهرة عند ولادته (صلى الله علیه وآله) :
1ـ روى علی بن إبراهیم بن هاشم، عن أبیه، عن رجاله قال: «کان بمکّة یهودی یقال له یوسف، فلمّا رأى النجوم تُقذف وتتحرّک لیلة ولد النبی(صلى الله علیه وآله) قال: هذا نبی قد ولد فی هذه اللیلة؛ لأنّا نجد فی کتبنا إنّه إذا ولد آخر الأنبیاء رُجمت الشیاطین وحُجبوا عن السماء.
فلمّا أصبح جاء إلى نادی قریش فقال: هل وُلد فیکم اللیلة مولود؟ قالوا: قد ولد لعبد الله بن عبد المطّلب ابن فی هذه اللیلة، قال: فاعرضوه علیَّ. فمشوا إلى باب آمنة، فقالوا لها: أخرجی ابنک، فأخرجته فی قماطه، فنظر فی عینه وکشف عن کتفیه، فرأى شامة سوداء وعلیها شعیرات، فلمّا نظر إلیه الیهودی وقع إلى الأرض مغشیاً علیه، فتعجّبت منه قریش وضحکوا منه.
فقال: أتضحکون یا معشر قریش؟ هذا نبی السیف، لیبیرنکم، وذهبت النبوّة عن بنی إسرائیل إلى آخر الأبد. وتفرّق الناس یتحدّثون بخبر الیهودی».
2ـ قالت أُمّه السیّدة آمنة: لمّا قربت ولادة رسول الله(صلى الله علیه وآله) رأیت جناح طائر أبیض قد مسح على فؤادی، فذهب الرعب عنّی، وأتیت بشربة بیضاء وکنت عطشى فشربتها، فأصابنی نور عال.
ثمّ رأیت نسوة کالنخل طوالاً تحدّثنی، وسمعت کلاماً لا یشبه کلام الآدمیین، حتّى رأیت کالدیباج الأبیض قد ملأ بین السماء والأرض، وقائل یقول: خذوه من أعزّ الناس... فخرج رسول الله(صلى الله علیه وآله) رافعاً إصبعه إلى السماء.
ورأیت سحابة بیضاء تنزل من السماء حتّى غشیته، فسمعت نداءً: طوفوا بمحمّد شرق الأرض وغربها والبحار، لتعرفوه باسمه ونعته وصورته.
ثمّ انجلت عنه الغمامة، فإذا أنا به فی ثوب أبیض من اللبن، وتحته حریر خضراء، وقد قبض على ثلاث مفاتیح من اللؤلؤ الرطب، وقائل یقول: قبض محمّد على مفاتیح النصرة والریح والنبوّة.
ثمّ أقبلت سحابة أُخرى فغیّبته عن وجهی أطول من المرّة الأُولى، وسمعت نداءً: «طوفوا بمحمّد الشرق والغرب وأعرضوه على روحانی الجنّ والأنس والطیر والسباع، وأعطوه صفاء آدم، ورقّة نوح، وخلّة إبراهیم، ولسان إسماعیل، وکمال یوسف، وبشرى یعقوب، وصوت داود، وزهد یحیى، وکرم عیسى».
3ـ قالت السیّدة آمنة: «لمّا حملت به لم أشعر بالحمل ولم یصبنی ما یصیب النساء من ثقل الحمل، فرأیت فی نومی کأنّ آتٍ أتانی فقال لی: قد حملت بخیر الأنام، فلمّا حان وقت الولادة خفّ علیّ ذلک حتّى وضعته، وهو یتّقی الأرض بیدیه ورکبتیه، وسمعت قائلاً یقول: وضعت خیر البشر، فعوّذیه بالواحد الصمد من شرّ کلّ باغ وحاسد».
4ـ قال ابن عبّاس: «لمّا کانت اللیلة التی وُلد فیها النبی(صلى الله علیه وآله) ارتجّ إیوان کسرى، وسقط منه أربعة عشر شرافة، وغاضت بحیرة ساوة، وانقطع وادی السماوة، ولم تجرِ بحیرة طبریة، وخمدت بیوت النار».
وصف رسول الله ( صلى الله علیه وآله ) :
قال الإمام علی ( علیه السلام ) وهو یصف رسول الله ( صلى الله علیه وآله ) : ( کان نبیّ الله أبیض اللّون ، مشرباً حمرة ، أدعج العین ، سبط الشعر ، کثف اللّحیة ، ذا وفرة ، دقیق المسربة ، کأنّما عنقه إبریق فضّة ، یجری فی تراقیه الذهب ، له شعر من لبّته إلى سرّته کقضیب خیط إلى السرة ، ولیس فی بطنه ولا صدره شعر غیره ، ششن الکفّین والقدمین ، ششن الکعبین ، إذا مشى کأنّما یتقلّع من صخر إذا أقبل کأنّما ینحدر من صبب ، إذا التفت التفت جمیعاً بأجمعه کلّه .
لیس بالقصیر المتردّد ، ولا بالطویل المتمعّط ، وکأنّ فی الوجه تدویر ، إذا کان فی الناس غمرهم کأنّما عرقه فی وجهه اللؤلؤ ، عرقه أطیب من ریح المسک ، لیس بالعاجز ولا باللّئیم ، أکرم الناس عشرة ، وألینهم عریکة وأجودهم کفّاً ، من خالطه بمعرفة أحبّه ، ومن رآه بدیهة هابه ، عزّه بین عینیه ، یقول ناعته لم أر قبله ولا بعده ) .
وقال الإمام الحسن المجتبى ( علیه السلام ) : ( سألت خالی هند بن أبی هالة عن حلیة رسول الله ( صلى الله علیه وآله ) ؟ وکان وصّافاً للنبی ( صلى الله علیه وآله ) فقال : ( کان رسول الله ( صلى الله علیه وآله ) فخماً مفخماً ، یتلألأ وجهه تلألؤ القمر لیلة البدر ، أطول من المربوع ، وأقصر من المشذّب ، عظیم الهامة ، رجل الشعر إن انفرقت عقیقته فرق ، وإلاّ فلا یجاوز شعره شحمة أُذنیه ، إذاً هو وفرة ، أزهر اللّون ، واسع الجبین ، أزج الحواجب ، سوابغ من غیر قرن بینهما له عرق یدرُّه الغضب .
أقنى العرنین ، له نور یعلوه ، یحسبه من لم یتأمّله أشمّ ، کثَّ اللّحیة ، سهل الخدّین ، ضلیع الفم ، أشنب مفلّج الأسنان ، دقیق المسربة ، کأنّ عنقه جید دمیة فی صفاء الفضّة ، معتدل الخلق ، بادناً متماسکاً ، سواء البطن والصدر ، بعید ما بین المنکبین ضخم الکرادیس ، أنور المتجرّد ، موصول ما بین اللّحیة والسرّة بشعر یجری کالخطّ ، عاری الثدیین والبطن ممّا سوى ذلک ، أشعر الذراعین والمنکبین وأعالی الصدر ، طویل الزندین ، رحب الراحة .
ششن الکفّین والقدمین ، سائل الأطراف ، سبط القصب ، خمصان الأخمصین ، مسیح القدمین ، ینبو عنهما الماء ، إذا زال زال قلعاً ، یخطو تکفّؤاً ویمشی هوناً ذریع المشیة ، إذا مشى کأنّما ینحطّ فی صبب ، وإذا التفت التفت جمیعاً ، خافض الطرف نظره إلى الأرض أطول من نظره إلى السماء ، جلّ نظره الملاحظة ، یبدر من لقیه بالسلام ) .
من أسمائه (صلى الله علیه وآله) فی القرآن :
خاتم النبیین، الأُمِّی، المُزّمِّل، المُدّثِر، النذیر، المُبین، الکریم، النور، النعمة، الرحمة، العبد، الرؤوف، الرحیم، الشاهد، المبشّر، النذیر، الداعی
من وصایاه (صلى الله علیه وآله) :
1ـ قال(صلى الله علیه وآله):«یا علی، ثلاث من مکارم الأخلاق فی الدنیا والآخرة:أن تعفو عمّن ظلمک، وتصل من قطعک، وتحلم عمّن جهل علیک.
یا علی، بادر بأربع قبل أربع:شبابک قبل هرمک، وصحّتک قبل سقمک، وغناک قبل فقرک، وحیاتک قبل موتک».
2ـ قال(صلى الله علیه وآله):«جُبلت القلوب على حبّ من أحسن إلیها وبغض من أساء إلیها».
3ـ قال(صلى الله علیه وآله):«شرّ الناس من باع آخرته بدنیاه، وشرٌ من ذلک من باع آخرته بدنیا غیره».
4ـ قال(صلى الله علیه وآله):«طوبى لمن أنفق فضلات ماله وأمسک فضلات لسانه، طوبى لمن شغله عیبه عن عیوب الناس».
ثواب زیارته (صلى الله علیه وآله) :
1ـ قال رسول الله(صلى الله علیه وآله):«من أتانی زائراً کنت شفیعه یوم القیامة».
2ـ قال رسول الله(صلى الله علیه وآله):«من زارنی فی حیاتی أو بعد موتی کان فی جواری یوم القیامة».
3ـ قال رسول الله(صلى الله علیه وآله):«من زارنی بعد وفاتی کان کمن زارنی فی حیاتی، وکنت له شهیداً وشافعاً یوم القیامة».
4ـ قال رسول الله(صلى الله علیه وآله):«من زار قبری بعد موتی کان کمن هاجر إلیَّ فی حیاتی، فإن لم تستطیعوا فابعثوا إلیَّ السلام، فإنّه یبلغنی».
تاریخ وفاته (صلى الله علیه وآله)ومکانها :
28 صفر 11هـ، و دفن فی المدینة المنوّرة .
تولّى الإمام علی(علیه السلام)تجهیزه ولم یشارکه أحد فیه، فقام(علیه السلام) بتغسیله وتکفینه، والصلاة علیه ودفنه، ووقف على حافة قبره قائلاً:«إنّ الصبر لَجَمیل إلّا عنک، وإنّ الجزع لَقَبیح إلّا علیک، وإنّ المُصابَ بک لَجَلیل، وإِنّه بَعدَکَ لَقلیل».
المصدر : العالم
الوحدة لمواجهة الحرب الناعمة
يجب الإيمان بأن الوحدة والانسجام بين أركان القيادة وبين القيادة والشعب وبين المذاهب والتيارات الاسلامية من أهم عوامل القوة لمواجهة الحرب الناعمة. وينبغي عدم إعطاء أي ذريعة قد يستغلها العدو سواء عبر الخلافات الهامشية أو عبر سوء الأداء أو سوء التصريحات من قبل نخبة النظام أو القادة والمسؤولين في الجهة المستهدفة.
فأحد أهم أهداف ومخططات الحرب الناعمة تفكيك قوة الخصم وضرب موارده الناعمة. ويأتي هدف تفكيك القيادة وتغيير أولويات وسياسات النظام الإسلامي في إيران على رأس أهداف الحرب الناعمة.
كما أن ضرب موقع وزعامة وصورة وشرعية قائد الثورة والولي الفقيه الإمام الخامنئي دام ظله من أهم الأولويات الأمريكية والغربية والصهيونية على الإطلاق[1] بالنظر إلى معرفتهم الدقيقة بأهمية قائد الثورة ومواصفاته القيادية الرفيعة ودوره في حفظ كامل منظومة القيادة في إيران وتأثيره في الرأي العام على امتداد العالم الإسلامي[2]. ومن ثم فإن تفكيك اللحمة والثقة بين القيادة والشعب، وضرب التيارات الدينية والسياسية التي تشكل روافد للنظام يأتي في هذا الإطار...
كما تقع مخططات إشعال وتسعير الحرب الطائفية والمذهبية في إيران وفي المنطقة على نفس خارطة الأهداف.
ولهذا يندر أن نسمع خطبة لسماحة الإمام الخامنئي أعزه المولى من دون أن يشدد على أهمية وأد أي خلاف بين السنة والشيعة، وقد دعم سماحته مبادرات كثيرة منها اللقاء السنوي الذي يجمعه مع الشخصيات الإسلامية المشاركة في مؤتمرات التقريب، وتعزيز المسابقات القرآنية الدولية التي يشارك فيها أبناء المذاهب الإسلامية كافة والتي يعتبرها الإمام الخامنئي من المباردات الهامة في ترسيخ الوحدة الإسلامية[3] والفتوى الشهيرة والتاريخية التي أصدرها بتحريم أي إساءة للصحابة أو لأي رمز من رموز أهل السنة وغيرها.
وفي نفس الإطار تأتي الخلافات والصراعات داخل التيار والنظام الواحد..
وقد يسأل سائل: ما الذي تستفيده هذه القوى الكبرى من هذه الصراعات وما علاقتها بها؟ ولقائل أن يزعم أنه يجب علينا أن لا نرمي بمشاكلنا وأزماتنا على الخارج وينبغي عدم الاستناد الى نظريات المؤامرة.
والجواب يتضح لنا متى عرفنا حجم الطاقات الفكرية والسياسية والتنظيمية والإعلامية الهائلة التي تستنزف وتصرف من رصيد وقوة الأمة في المعارك الداخلية والصراعات والتنافسات غير المشروعة على مواقع النفوذ والسلطة، ويتكشف ذلك متى عرفنا حجم الأموال والجهود الأجنبية المبذولة التي تضخ لإحداث هذا الشقاق وهذه الصراعات، لأن من يدرس وثائق وأرشيف أجهزة الاستخبارات يعرف قدر تعويلها على هذه الإستراتيجيات، ويقتنع ولو متأخراً أنها ليست قضية مؤامرات وقصص من نسج الخيال، بل هي في صلب عمل ووظائف وتخطيط أجهزة الاستخبارات الأجنبية وخاصة[4] CIA ..
فالصراعات تؤثر على الأداء العام في المجالات السياسية والاقتصادية والإدارية، وتؤدي إلى تعطيل الكثير من الطاقات والمشاريع وإلى سوء في إنتاجية وفعالية المؤسسات، وإلى أخطاء وانحرافات كبرى في الأداء.
من هنا وجه سماحته عناية الجميع إلى التوجيه والتكليف الشرعي المناسب.
"ينبغي لوسائل الإعلام والنشطاء والسياسيين والمسؤولين الإبتعاد عن الخلافات الهامشية غير المبدئية، لأن الأولوية في البلاد اليوم هي لمواجهة الحرب الناعمة التي يشنها العدو والتي تستهدف بث الفرقة والتشاؤم بين أبناء الشعب، ومن أهم سبل مواجهة هذا الهجوم هو حفظ وتقوية البصيرة والروح التعبوية والمعنوية والأمل في المستقبل. وهذا لا يعني إنكار وجود المشاكل والأزمات، ولا يلغي ضرورة القيام بواجب الإصلاح والمعالجة"[5].
وأضاف سماحته "البلد يتقدم بالاتحاد ولا يتقدم بالتفرقة والانقسامات. وكما تلاحظون فإن شيئاً بسيطاً يحدث بين المسؤولين وإذا بالإذاعات الأجنبية تحلل وتضج وتفرح، والحال أن أساس القضية ليس بالأمر المهم، ولنفترض أن هناك اختلافاً في الأذواق والآراء والتصورات بين مسؤولين اثنين أو بين مجموعتين من المسوؤلين فهل ينبغي أن يؤثر هذا على سير العمل بالمشاريع"[6].
وأكد في خطاب آخر على أهمية إخفاء مظاهر الخلاف والضعف لو وجدت "لا ينبغي أن نظهر أمام العدو بمظهر الضعف لأنه ينتظر ذلك. حتى لو كانت هناك نقاط ضعف فيجب التستر عليها أمام الأعداء فما بالنا إذا لم يكن هناك نقاط ضعف أصلاً "[7]. وهذا لا يلغي القيام بواجب التبيّين أي إبانة الخطأ والتصحيح بصورة مناسبة وبدون التشهير الذي يستفيد منه العدو"[8].
وفي معرض تقدير حجم الأضرار المترتبة على هذه الخلافات أشار سماحته إلى حجم الامكانيات المادية والمعنوية التي بددت في خضم الصراعات والانقسامات الداخلية والذاتية في إيران، قال سماحته "لولا تهاون بعض الناس في منتصف الطريق لشهدت البلاد تطوراً أكثر في المجالات المادية والمعنوية"[9]...
وسنبرز نصاً يطابق ويؤكد ما ذهب إليه سماحة الإمام الخامنئي، قال صاحب كتاب القوة الناعمة جوزيف ناي "لقد سدد قادة الاتحاد السوفياتي أهم وأقسى الضربات بحق نظامهم جراء سوء أدائهم، وقد أسدوا للسياسة الأميركية خدمات لا تقدر بثمن"[10].
الحرب الناعمة – معالم رؤية الإمام الخامنئي دام ظله، جمعية المعارف الإسلامية الثقافية
[1] يراجع: للتوسع دراسة للباحث مايكل آيزنشتات المتخصص بالشؤون الإيرانية والخليجية، منشورة في عدة مواقع منها www.annabaa.org.
[2] يُراجع دراسة معهد راند للابحاث حول الولي الفقيه في النظام الاسلامي في ايران والسيناريوهات البديلة والعوامل التي تساهم في تشكيل مؤسسة ولاية الفقيه. نشرها موقع الجزيرة للدراسات بعنوان "المرشد المقبل لايران "www.aljazeera.net. تجدر الإشارة الى ان مؤسسة راند افتتحت فرعاً جديداً لها في دولة قطر !!
[3] خطاب لسماحة الإمام الخامنئي خلال لقائه المشاركين في المسابقات الدولة القرآنية بتاريخ 5/7/2011
[4] يراجع للتوسع التفصيلي كتاب "إرث من الرماد "للصحافي الاميركي تيم واينر الذي صدر حديثاً سنة 2010 وأرخ لتاريخ CIA ليتضح له حجم الخطط الموضوعة في هذا الاتجاه.
[5] خطاب لسماحة الإمام الخامنئي لدى استقباله أعضاء مجلس خبراء القيادة بتاريخ 24/9/2009
[6] خطاب لسماحة الإمام الخامنئي بتاريخ 23/4/2008.
[7] خطاب لسماحة الإمام الخامنئي بتاريخ 17/2/2007
[8] خطاب لسماحة الإمام الخامنئي خلال لقائه قادة الحرس الثوري بتاريخ 4/7/2011
[9] لقاء لسماحة الإمام الخامنئي مع رؤساء اتحادات الطلبة الإيرانيين في الخارج بتاريخ كانون الأول 2010.
[10] القوة الناعمة. مصدر سابق. ص. 83
المصدر:شبکه المعارف الاسلامیه
السيد نصر الله للسلطات الفرنسية: الاساءة لنبينا لا يمكن ان يقبل بها مسلم فعالجوا أساس المشكلة
قال الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله إن “حادثة مدينة نيس يدينها المسلمون بشدة من كل مواقعهم المختلفة في فرنسا واوروبا وفي كل مكان وهذه الحادثة يرفضها الاسلام ولا يجوز ان يحسبها احد على الاسلام الذي يحرم قتل او ايذاء الابرياء ، وكل حادثة مشابهة هي بالنسبة الينا كمسلمين مرفوضة ومدانة في اي مكان وقعت وايا كان المستهدف”، واضاف “لا يجوز للسلطات الفرنسية او غيرها ان تحمل مسؤولية جريمة ارتكبها شخص محدد لدين كامل او لاتباع هذا الدين، اذا كان مرتكب الجريمة مسلما فلا يجوز لاحد ان يحمل الاسلام والمسلمين مسؤولية هذه الجريمة”، واكد ان “هذا التصرف غير قانوني وغير اخلاقي لان من يرتكب الجريمة يتحمل هو المسؤولية”.
وأضاف السيد نصر الله في كلمة بمناسبة ذكرى ولادة الرسول محمد(ص) مساء الجمعة “عندما يتهم الرئيس الفرنسي الاسلام ويتحدث عن الارهاب الاسلامي، من يرتكب جريمة هو مجرم وليس الدين كله، اليوم الولايات المتحدة الاميركية ترتكب جرائم في كل انحاء العالم هل يخرج احد يقول ان هذا الارهاب الاميركي هو ارهاب مسيحي باعتبار او رئيس اميركا او غالبية الشعب من المسيحيين”، وتابع “نفس الامر ما فعلته فرنسا سابقا بالجزائر وما فعله غيرهم في ليبيا وغيرها من بلدان المنقطة، هل خرج احد وحمل المسؤولية للدين المسيحي او المسيحيين او السيد المسيح؟”، واوضح انه “لا شيء اسمه ارهاب اسلامي او فاشية اسلامية ومن يرتكب الجريمة هو المجرم”.
واشار السيد نصر الله الى ان “الفكر التكفيري الارهابي في منطقتنا حمته الدول الغربية واستخدام هذا النوع من الجماعات يجب ان يتوقف”، وتابع “المسألة بدات عندما قامت تلك المجلة الخبيثة بنشر رسوم مسيئة لنبي الاسلام وخرجت الاعتراضات ثم تطورت الى احداث مثل قتل المعلم الفرنسي”، واضاف “بدل ان تبادر السلطات الفرنسية لمعالجة الموضوع اعلنت حربا من هذا النوع واخذها العناد وان هذه حرية تعبير واننا سنكمل بالرسوم الساخرة وذلك من رأس الهرم”.
وقال السيد نصر الله “عندما تصر السلطات الفرنسية على الرسوم المسيئة للرسول(ص)، فماذا تقولون للمسلمين؟”، وتابع “هم يدعون انها حرية تعبير، فلو كان هذا هو الامر في فرنسا او اوروبا لكنا بحثا عن حل من زاوية اخرى، لانه يجب ان تقنعوا المسلمين ان هذا الإدعاء صادق لان لدينا الكثير من الشواهد في فرنسا واوروبا لممارسات رسمية تمنع وتقمع حرية التعبير وفي امور اقل حساسية من موضوع الاساءة للرسول”، ولفت الى انه “عندما يمس الامر باسرائيل فهنا تقف حرية التعبير لكن هذه الحرية تبقى مطلقة عندما تمس غيرهم”، ورأى ان “حرية التعبير في فرنسا واوروبا ليست مطلقة بل مقيدة بكثير من القيود”.
ووجه السيد نصر الله كلمة للسلطات الفرنسية، حيث قال “لا احد يفتش عن عداوات ومعارك جديدة ويجب ان تفكروا بمعالجة هذه الخطيئة التي تم ارتكابها ومعالجة الخطأ ليست خضوعا للارهاب”، واضاف “كونوا منصفين وعادلين والاساءة لكرامة نبينا لا يمكن ان يقبل بها مسلم وحتى الانظمة السياسية لا تستطيع امام شعوبها ان تغطي مسا بنبي هذه الشعوب”، وتابع “اسحبوا الذرائع وعالجوا اساس المشكلة ولا تسمحوا باستمرار هذه السخرية وهذا الانتهاك”.
ودعا السيد نصر الله “لاعتماد ما طرحه شيخ الازهر او شي قريب له عبر تجريم المس بمقدسات الامم او الاديان من خلال اعتماد تشريع عالمي ويوجد مخرجا لكل الحكومات في العالم التي تدعي وتتحدث عن حرية التعبير المطلقة”، وتابع “لا يجوز ان ندفع العالم وخصوصا الامة الاسلامية والدول الاوروبية نتيجة ادعاءات غير واقعية وغير صحيحة، بل على الجميع التعاون لمعالجة هذا الملف”.
وعن الحشود التي نزلت دفاعا عن رسول الله في اليمن، قال السيد نصر الله “بالرغم من الحصار والحرب والعدوان والاوبئة والامراض نجد هذه الجماهير الحاشدة للاحتفال بمولد الرسول والدفاع عن هذا النبي العظيم، للتعبير عن عمق ايمانهم وحبهم للرسول واستعدادهم للدفاع عن شرف الرسول”، وسأل “أليس في هذا دلالة ورسالة قوية يجب على الجميع التوقف عندها، على المسلمين في العالم التوقف عند هذه الرسالة”، وتابع “يقف هؤلاء لساعات يرددون الهتافات ويستمعون لقائدهم السيد العزيز عبد الملك الحوثي ويؤكدون التزامهم بالقضية الفلسطينية ودفاعهم عن الشعب الفلسطيني بمقابل المترفين والمرفهين الذين لم يدخلوا حربا مع العدو الاسرائيلي بل يسارعون للتخلي عن فلسطين والتطبيع مع العدوط، وتساءل “أليست هذه حجة إلهية شرعية جديدة؟ بينما الشعب اليمني يحتاج من يدافع عنه ويقف الى جانبه بمواجهة العدوان”.
وعن تأليف الحكومة، قال السيد نصر الله “نأمل ان يتمكن الرئيس المكلف بالتعاون مع رئيس الجمهورية من تشكيل حكومة بأسرع وقت”، وتابع “معطياتنا ان الامور ايجابية ومعقولة”، واكد “من جهتنا سنتعاون وسنسهل بقدر ما نستطيع وهناك الكثير مما ينقل في بعض وسائل الاعلام غير صحيح”، واضاف “الآن الوقت ليس للتناقضات بل للتعاون والانفتاح ما أمكن للوصول الى تشكيل حكومة”.
وعن ارتفاع الارقام بالاصابات بوباء كورونا، قال السيد نصر الله “وصلنا الى اعتاب الالفين اصابة يوميا وكل المستشفيات تصرخ واعداد الوفيات ترتفع يوما بعد يوم”، وتابع “تساهل بعض الناس بمسألة كورونا غير شرعي وهو حرام وهذه مسؤولية انسانية ترتبط بالجميع سواء بالتباعد الاجتماعي وارتداء الكمامة والتعقيم”، واضاف “يمكن التعايش من خلال الالتزام بالضوابط وإلا فإننا سنذهب الى واقع خطير جدا”.
من جهة ثانية، بارك السيد نصر الله للمسلمين في العالم وللشعب اللبناني وللجميع ذكرى ولادة الرسول الاعظم محمد بن عبد الله(ص) وولادة الامام جعفر الصادق(ع).
وقال السيد نصر الله “ولد النبي محمد فيما يعرف بعام الفيل، هذه الولادة المباركة كانت المقدمة الطبيعية لاعلان الرسالة الالهية الخاتمة حيث لا تبديل ولا تعديل بعدها”، وتابع “كانت المقدمة الطبيعية لولادة حياة انسانية حقيقية تخرج من الظلمات الى النور، كلنا يعرف ان للانبياء والرسل معجزاتهم وإنجازاتهم التي شهدتها عصورهم والاجيال التي عاصرتهم، وقد نقلت الينا عبر الكتب والقرآن الكريم”.
واضاف السيد نصر الله “كان للرسول محمد معجزات متنوعة شاهدها الناس في زمانه كما هو حال الانبياء السابقين، ولكن لرسول الله محمد معجزة خالدة الى يوم القيامة تشهدها كل الاجيال في كل الازمنة والامكنة، هذه المعجزة هي القرآن الكريم الذي ما زال محفوظا بكلماته وآياته دون اي تحريف او تزوير او تعديل منذ اكثر 1450 سنة”، وتابع “على الرغم من وجود الدواعي المختلفة لتزويره وتحريفه او تعديله، إن بقاء هذا الكتاب المقدس محفوظا هو بحد ذاته معجزة وهو تحقيق للوعد الالهي (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون(
ولفت السيد نصر الله الى ان “هذا النبي العظيم يحمل له جميع المسلمين من الحب والعشق والتقدير والاحترام والتقديس ما لا يحملونه لبشري آخر مع محبتهم لكل الانبياء والاوصياء”، وتابع “للمسلمين حب خاص لهذا الرجل العظيم”، واوضح “قد يختلف المسلمون فيما بينهم في مسائل كثيرة فقهية او سياسية وغيرها، لكن هناك نقاط ومسائل اجماعية لم يخرج عنها المسلمون طوال التاريخ من هذه النقاط هي ايمانهم حبهم لمحمد(ص) وانه سيد المرسلين وانه افضل الخلق والانسان الاكمل والاعظم واقرب المخلوقات لله تعالى واعزهم عنده”، واضاف “مع هذا الايمان يخالط حبه ايمانهم وقلوبهم وهو ليس ايمانا معرفيا او فلسفيا فقط وانما هناك علاقة روحية مميزة مع الرسول، وهم يعظمونه ويرون مكانته المميزة في الاخرة ولذلك لا يمكن للمسلمين ان يتحملوا اي اساءة او اهانة تتوجه لهذا الرسول العظيم ويرون الدفاع عنه اولوية تتقدم على اي امر آخر ولا يسعهم السكوت عنه ويتصرفون مع اي سلوك او اساءة للرسول الاعظم بطريقة مختلفة”.
المصدر: موقع المنار
التوجه لله في جوف الليل
إن لخلوة الليل تأثيراً عظيماً في إقبال النفس على الله، واستقبال رحمة الله تعالى، وما يجده الانسان في نفسه في الساعات المتأخرة من الليل من الاقبال على الله، والقدرة على استقبال رحمة الله تعالى قلما يجدها في وقت آخر. وقد جعل الله تعالى في هذه الساعات المتأخرة من الليل من البركة والرحمة ما لم يجعله في الساعات الاخرى من الليل والنهار.
وليس من شك، لمن يتأمل النصوص الاسلامية، أن الاوقات ليست سواء، فمن الاوقات ما تنفتح فيها أبواب الرحمة على الانسان أكثر من غيرها، ومن الاوقات ما تستنزل رحمة الله تعالى أكثر من غيرها، ومن أفضل هذه الاوقات، واكثرها حظاً من رحمة الله ساعات النصف الأخير من الليل.
يقول تعالي: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلا * نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلا * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلا * إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلا ثَقِيلا * إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْءًا وَأَقْوَمُ قِيل﴾([1]).
روى المفضل بن عمرو عن أبي عبدالله الصادق عليه السلام قال: «كان فيما ناجى الله به موسي بن عمران طايفة أن قال له: يا بن عمران، كذب من زعم انه يحبني، فإذا جته الليل نام عني، أليس كل محب يحب خلوة حبيبه؟ ها أنا يا بن عمران مطلع على إحباني، إذا جئتهم الليل حولت أبصارهم في قلوبهم ومثلت عقوبتي بين اعينهم، يخاطبوني عن المشاهدة، ويكلموني عن الحضور.
يا بن عمران، هب لي من قلبك الخشوع، ومن بدنك الخضوع، ومن عينيك الدموع، وادعني في الظلمات فإنك تجدني قريباً مجيباً»([2]).
وفي هذا النص مواضع للتأمل لا نريد أن نقف عندها طويلا. إن الليل يجن اولياء الله، ويسترهم عن زحمة الحياة وشواغلها، وكأنما الليل ينترع الانسان انتزاعاً من وسط شواغل الدنيا التي تشغله عن الانصراف والانقطاع الى الله، وتستره، وتجنه، وهذه هي فرصة خلوة الليل، حيث يخلو للانسان وجه الله عن كل شاغل وصارف، ويتمكن من الانقطاع إلى الله في هذه الخلوة.
ويكذب من يزعم أنه يحب الله، فإذا جنّه الليل نام عن مناجاة من يحب والقيام بين يديه، والتضرع عنده. أليس كل حبيب يحب الخلوة بحبيبه؟
إن زحمة النهار وشواغله الكثيرة والمتعددة تشتت أبصارنا وأسماعنا، فإذا جننا الليل، وانتزعنا من زحمة الحياة تجمع شتات أبصارنا وأسماعنا (التي شتتها النهار) وتحولت من الخارج الى الداخل، ومن زحمة الحياة في النهار الى داخل القلب، مصدر البصيرة والنور في حياة الانسان، فيجتمع شتات الابصار، ويتحول من الخارج الى الداخل، ويفتح الله على قلب الانسان حينئذ أبواب البصيرة والنور (إذا جنهم الليل حولت أبصارهم في قلوبهم)، وعندئذ يرى الانسان نفسه ماثلاً بحضرة الله، ويرى غضب الله تعالى ورحمته ماثلة أمامه، فإذا خاطب الله خاطبه عن مشاهدة وحضور لا عن بعد وغياب (يخاطبوني عن المشاهدة)، وإذا كلم الله بكلمه عن حضور، وليس عن غياب (ويكلموني عن الحضور) وتتمثل عقوبة الله تعالى وعذابه وغضبه بين عينيه (ومثلت عقوبتي بين أعينهم) فيسلبهم أنس حضور الحبيب والخلوة به ومخافة العقوبة الماثلة بين أعينهم راحة النوم، وكيف ينام من يري نفسه في خلوة الليل بحضور حبيبه، يناجيه، وبخاطبه؟ وكيف يغلب عليه النعاس وهو يرى عذاب الله ماثلاً بين عينيه؟
وهذه الحالة نتيجة طبيعية لتحول الأبصار من الخارج الى الداخل وتركزه وتجمعه في الليل بعد تشتته في النهار.
يقول أمير المؤمنين عليه السلام في الخطبة المعروفة بخطبة المتقين في وصف هذه الحالة من انقلاب الأبصار من الخارج الى القلب: «أما الليل فصافون أقدامهم تالين لأجزاء القرآن يرتلونها ترتيلاً، يحزنون به أنفسهم، ويستثيرون به دواء دائهم. فإذا مروا بآية فيها تشويق ركنوا إليها طمعاً، وتطلعت نفوسهم إليها شوقاً، وظنوا أنها نصب أعينهم، وإذا مروا بآية فيها تخويف أصغوا اليها مسامع قلوبهم، وظنوا أن زفير جهنم وشهيقها في أصول اذانهم، فهم حانون على أوساطهم مفترشون لجباههم واكفهم وركبهم وأطراف أقدامهم، يطلبون إلى الله تعالي فكاك رقابهم. وأما النهار فحلماء علماء أبرار أتقياء...»([3]).
وفي نهج البلاغة، قال أمير المؤمنين لنوف البكالي في صفة الليل: «يا نوف، إن داود عليه السلام قام في مثل هذه الساعة من الليل، فقال: إنها ساعة لا يدعو فيها عبد إلا استجيب له»([4]).
وعن رسول الله صلي الله عليه واله وسلم: «إذا كان آخر الليل يقول الله عز وجل: هل من داع فأجيبه؟ وهل من سائل فأعطيه سؤاله؟ وهل من مستغفر فأغفر له؟ هل من تائب فأتوب عليه؟».
الدعاء عند أهل البيت (عليهم السلام) سماحة الشيخ محمد مهدي الآصفي
([1])المزمل: 1 ـ 6.
([2])المجالس للمفيد: 214، وسائل الشيعة 4: 1125، ح: 8781.
([3]) نهج البلاغة، خطبة رقم 193.
([4]) نهج البلاغة القسم الثاني ص 165.
اسبوع الوحدة الاسلامية..فرصة لتوحيد القلوب ورص الصفوف
تفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع وسمي"#اسبوع_الوحدة_الإسلامية" و "#محمد_يجمعنا" مع انطلاقة الدورة الـ 34 من المؤتمر الدولي للوحدة الإسلامية في العاصمة الايرانية طهران والذي جاء هذا العام تحت عنوان "التعاون الإسلامي في مواجهة الكوارث والبلايا".
وأعلن الأمين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الشيخ حميد شهرياري اطلاق مؤتمر الوحدة الإسلامية بمشاركة 167 شخصية بارزة في العالم الإسلامي ومفكرين وخبراء التقريب بين المذاهب الاسلامية من 47 دولة و120 شخصية محلية سيلقون كلمتهم في المؤتمر خلال أسبوع واحد.
وانطلاقا من ما اسماها المؤتمر "خيانة القرن" المتمثلة بتطبيع بعض الدول علاقاتها مع الكيان الإسرائيلي وصولا إلى الاساءة لشخصية نبي الوحدة والسلام محمد "صلى الله عليه وآله" يتباحث العلماء المشاركين عن سبل لمواجهة هذه التحديات على المستويين الشعبي والعلمائي.
هذا ويتضمن المؤتمر الذي تستمر أعماله حتى الثلاثاء دراسة عدد من التحديات التي تهم الأمة بالإضافة إلى تسليط الضوء على دور الشهيد الفريق قاسم سليماني في وحدة وأمن العالم الإسلامي، بالإضافة إلى ازاحة الستار عن عدد من الكتب القيمة مثل فلسطين في وجدان علماء الإسلام لتكون كلمة الاختتام لقائد الثورة الإسلامية آية الله السيد علي خامنئي.
وأسبوع الوحدة الإسلامية نادى به مفجر الثورة الاسلامية الامام روح الله الخميني (قدس) وإحدى طروحاته حيث جعل من تاريخي ولادة الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، المشهورين عند أهل السنة والشيعة، وهما 12 و17 ربيع الأول، منطلقا إلى الوحدة بين المسلمين، فأعلن بينهما أسبوع الوحدة الإسلاميّة.
والإمام الراحل بهذا الطرح استثمر الخلاف ليكون عامل قوة، ونقطة التقاء فكري وحضاري، وهو رد منه لنبي الرحمة على هواة الفتنة، الراغبين في شق صف المسلمين، فقد تحول التاريخ محل الخلاف، إلى فرصة تجمع عشاق النبي الخاتم (ص)، مع محاولة شذاذ من المتأسلمين؛ قطع العلاقة الروحية والمعنوية بجد الحسنين عليهم جميعا الصلاة والسلام.
وهذه السنة يتزامن احتفال المسلمين حول العالم بذكرى مولد فخر الكائنات، نبي الأمة والرحمة المهداة للبشرية جمعاء محمد بن عبدالله صل الله عليه وآله سلم، مع اساءات بعض وسائل الاعلام الغربية (خاصة فرنسا ورئيسها) لنبي الاسلام، حيث يطالب المسلمون بوقفة واحدة لنصرة نبي الرحمة والسلام.
وكتب "محمد" في تغريدة على حسابه الخاص تحت هاشتاغ #اسبوع_الوحدة_الإسلامية "وفي إحدى كلمات الإمام الخامنئي مدّ ظلّه العالي اعتبر "أنّ إحدى الصدقات الجارية للثورة الإسلاميّة والتي تحقّقت ببركة عبقريّة الإمام الراحل رضوان الله عليه هي تخصيص أيام ذكرى ولادة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله بالوحدة الإسلاميّة".
قائد الثورة يدعو الحكومة لتخصيص حزم دعم لمتضرري كورونا
دعا قائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي الخامنئي الحكومة الايرانية لتخصيص حزم الدعم للمتضررين بسبب تفشي فيروس كورونا.
وخلال استقباله اليوم السبت، رئيس الجمهورية حسن روحاني واعضاء اللجنة الوطنية لمكافحة كورونا، اشاد سماحته باداء هذه اللجنة وقدم توصيات مهمة واكد ضرورة اتخاذ قرارات حازمة وسيادية واقناع الراي العام وتعاون جميع الاجهزة وكل المواطنين لمواجهة الاوضاع المؤسفة لتفشي جائحة كورونا التي تعم العالم كله.
وانتقد قائد الثورة الاسلامية بشدة وصراحة تصرف بعض الافراد تجاه الحكومة ورئيس الجمهورية والاساءة اليه قائلا: ان انتهاك الحرمة حرام شرعا، والانتقاد يختلف عن انتهاك الحرمة، خاصة وان البلاد الان بحاجة الى التعاون والوحدة والتلاحم اكثر من اي وقت مضى.
وفي مستهل حديثه اعتبر الهدف من هذا اللقاء الذي جرى بدعوة منه، هو الوضع المؤسف لتفشي مرض كورونا في البلاد وضرورة بذل جهود مضاعفة واستخدام مبادرات جديدة لمواجهة الفيروس واضاف: بطبيعة الحال فان القضية اساسا وكذلك الذروة الخريفية للفيروس تعم العالم كله وليست مختصة بايران فقط.
واشار آية الله الخامنئي الى كيفية ادارة مواجهة هذا الفيروس في الدول المختلفة واضاف: هنالك في بعض الدول مثل اميركا اسوأ سبل الادارة للمرض الا انه علينا العمل للعبور بافضل ادارة ممكنة من هذا الحدث المتعلق بارواح وصحة الشعب وامنه واقتصاده.
واعتبر "اتخاذ القرارات السيادية الحازمة" و"اقناع الراي العام" و"تعاون جميع الاجهزة وكذلك تعاون المواطنين" ضرورة للادارة الصحيحة والمناسبة واضاف: بطبيعة الحال فان هذا التعاون لا يختص بمكافحة كورونا فقط بل ينبغي ان يكون قائما في جميع القضايا خاصة السياسية منها لان البلاد التي تمتلك شعبا مقتدرا ونظاما حديث الظهور وخطابا جديدا تواجه بصورة طبيعية قضايا مهمة على الصعيدين العالمي والداخلي.
واكد قائد الثورة الاسلامية ضرورة الوحدة والتلاحم الداخلي في البلاد، واشار الى تصرف البعض في مواجهة الحكومة ورئيس الجمهورية شخصيا قائلا: هنالك بين هؤلاء الاخوة افراد جيدون الا ان هذا العمل خاطئ وهو امر اعلنه صراحة.
واعتبر آية الله الخامئني الانتقاد بانه يختلف عن انتهاك الحرمة واضاف: ان انتهاك الحرمة بين الناس حرام شرعا وتجاه المسؤولين هي اشد خاصة بين كبار مسؤولي البلاد.
واضاف: من الممكن ان يكون انتقادكم صائبا. انتقدوا فلا اشكالية في ذلك الا ان الانتقاد يختلف عن الاساءة وانتهاك الحرمة، لان مثل هذه التصرفات وانتهاك الحرمة هو اسلوب الاميركيين الذين فضحوا انفسهم في العالم في المناظرات والانشطة الاعلامية بحيث ان احد شخصياتهم السياسية البارزة يقول بان العالم ينظر الينا بهلع واستخفاف.
واكد قائد الثورة الاسلامية: ان اسلوبنا اسلامي وقرآني، اي انه يتم اعلان الانتقاد وليس انتهاك الحرمة، ولا بد من الحفاظ على حرمة رؤساء السلطات الثلاث ومسؤولي البلاد الذين يقدمون الخدمات للشعب.
واشاد سماحته باجراءات اللجنة الوطنية لمكافحة فيروس كورونا واللجان الفرعية التابعة لها، ووصف اداء الكوادر الصحية والطبية بانها باهرة جدا وجهاد في سبيل الله وقدم توصيات مهمة في هذا الصدد، اولها "ضرورة التدشين الفوري لمقر عملاني لتنفيذ قرارات اللجنة الوطنية لمكافحة كورونا ومراقبة التنفيذ".
واعتبر التوصية الثانية هي "محورية وزارة الصحة في تحديد حالات القيود" واضاف: انه حينما تحدد وزارة الصحة حالات القيود فانه على الاجهزة الاخرى الالتزام بذلك وتنفيذه دون الاخذ بنظر الاعتبار الامور الاخرى.
واعتبر سماحته السيطرة الدقيقة على منافذ الدخول الى البلاد وقيود السفر غير الضروري بين المدن مع اقناع المواطنين وتنفيذ الضوابط بصرامة في اسطول النقل في المدن والاجواء العامة، بانها من حالات القيود التي تقع المسؤولية الرئيسية للتنفيذ والمراقبة فيها على عاتق مجلس امن البلاد وقوى الامن الداخلي.
كما اكد ضرورة التعليم العام حول تفشي الفيروس وسبل الوقاية منه والاستفادة من طاقات المساجد والتعبئة بمحورية وزارة الصحة وتعاون وزارة الارشاد ومؤسسة الاذاعة والتلفزيون وكذلك المصادقة على فرض غرامات صارمة على الافراد الذين يرتكبون مخالفات كبيرة تجاه الضوابط الصحية.
واشار قائد الثورة الاسلامية الى الظروف المعيشية الصعبة لبعض الافراد بسبب تفشي فيروس كورونا واكد ضرورة تخصيص حزم دعم معيشية لهم من قبل الحكومة، واضاف: انه كذلك على الافراد المحسنين والمواطنين الاخرين الدخول الى الساحة والمسارعة بدعم اولئك الافراد، لان مثل هذا العمل يعد من افضل الاعمال وافضل سبل التقرب الى الباري تعالى.
ولفت الى اهمية الكشف عن الاصابة في الايام الاولى للتقليل من الاضرار والضحايا، مؤكدا ضرورة خفض مراجعات المواطنين للاجهزة التنفيذية من خلال زيادة الخدمات الالكترونية، داعيا القوى الايمانية والشبابية المخلصة للدخول الى الساحة ثانية من خلال اجراءاتها وخدماتها الطوعية في دعم كوادر التمريض وتعقيم الشوارع والساحات والاماكن العامة وارشاد الاسر ومساعدة المسنين.
واكد سماحته في الختام الاهمية الاعجازية للدعاء والتوسل الى الباري تعالى والاستغفار لدفاع البلايا، وقال: ان اعمالا كبرى جارية في البلاد حاليا وبتوفيق من الباري تعالى لم تستطع اي حادثة ايقاف الجمهورية الاسلامية ولكن يجب ازالة هذه العقبات التي تؤدي الى ابطاء الحركة.