emamian

emamian

  
هناك أمور تُعتبر أساس الصلاح وأبوابه وركائزه، ينبغي التركيز عليها، لأنّنا إن نجحنا في فتح هذه الأبواب بالشكل الصحيح، ستكون كلّ مفردات الصلاح سهلة التناول، وممكنة التحقّق.
 
أمّا إن لم نوفّق لعلاج هذه الأساسات فلن يمكننا أن نبني بيتاً قويّاً يواجه الرياح، بل كلّ ما نبنيه ربّما ينهار أمام أوّل اختبار قاسٍ. فما هي هذه الأساسات:
 
1ـ بناء النفس
 يقول الإمام الخمينيّ قدس سره: "لقد بُعث الأنبياء من قبل الله تبارك وتعالى لتربية الناس وبناء الإنسان. وتسعى جميع كتب الأنبياء ـ وخاصّة القرآن الكريم ـ من أجل تربية هذا الإنسان، لأنّه بتربية الإنسان يتمّ إصلاح العالم"([1])  .
 
ويقول أيضاً: "إنّ أيّ إصلاح يبدأ من الإنسان، فلو لم يتربَّ الإنسان فلن يتمكّن من تربية الآخرين... ولأنّ الأمور كانت بيد أشخاص لم يتربّوا تربية إسلاميّة ولم يبنوا أنفسهم، وبسبب هذا النقص الكبير، فإنّهم جرّوا بلادنا إلى ما هي عليه الآن وجرّونا إلى الموضع الّذي يتطلّب منّا سنوات طويلة للإصلاح إن شاء الله" ([2])  .
 
يجب أن نهتمّ ببناء هذا الإنسان بشكلٍ صحيح من البداية بتربيته وبنائه بالشكل الصحيح. فعمليّة الإصلاح تبدأ من الطفل الصغير لنؤمّن له أجواء الصلاح ومفرداته، ونصل به إلى حالة يستطيع عندها أن يقف ويعتمد على نفسه ليواجه كلّ الفساد الموجود حوله فيؤثّر بالمجتمع بإيجابيّاته ولا يتأثر بسلبيّات المجتمع، يقول الإمام الخمينيّ قدس سره: "إنّ النظام الوحيد والمدرسة الوحيدة الّلذان يهتمّان بالإنسان من قبل انعقاد نطفته وحتّى النهايّة ـ وطبعاً لا نهايّة له ـ هما مدارس الأنبياء" ([3])  .
 
ويقول أيضاً: "إن ما نادى به الأنبياء هو الإنسان ولا شيء غيره. يجب أن يكون كلّ شيء على شكل إنسان. إنّهم يريدون بناء الإنسان، وسوف يصلح كلّ شيء عندما يتمّ إصلاح الإنسان" ([4])  .
 
2ـ أهميّة الثقافة
 يقول الإمام الخميني ّقدس سره: "إنّ ما يصنع الشعوب هو الثقافة الصحيحة" ([5])  .
 
ويقول كذلك: "إذا صحّت الثقافة صحّ شبابنا" ([6])  .
 
فالثقافة لها دور أساس في الإصلاح. ليس هذا فقط بل إنّ بداية الإصلاح يجب أن تكون من الثقافة، يقول الإمام الخمينيّ قدس سره: "إنّ السبيل لإصلاح أيّ بلد إنّما يبدأ من إصلاح ثقافته، فالإصلاح يجب أن يبدأ من الثقافة"([7])  .
 
فهي البدايّة الصحيحة الّتي تجعل كلّ الجهود الأخرى مثمرة، يقول الإمام قدس سره: "إنّ ثقافة أيّ مجتمع هي الّتي تحدّد أساساً هويّة ذلك المجتمع ووجوده، فإذا انحرفت الثقافة فإنّ المجتمع يكون أجوفَ فارغاً مهما حقّق من القوّة في الجوانب الاقتصاديّة والسياسيّة والصناعيّة"([8])  .
 
3ـ تقوية الجانب الروحيّ
 يقول الإمام الخمينيّ قدس سره: "الإيمان يعني أن تعي قلوبكم وتصدّق تلك الأمور الّتي أدركتها عقولكم. وهذا يحتاج إلى المجاهدة حتّى تفهم قلوبكم أنّ العالم كلّه محضر لله، فنحن الآن في محضر الله، ولو أدرك قلبنا هذا المعنى بأنّنا الآن في محضر الله، وبأنّ هذا المجلس محضر لله، وإذا وجد قلب الإنسان هذا الأمر، فإنّه سيبتعد عن جميع المعاصي إذ إنّ سبب جميع المعاصي أنّ الإنسان لم يجد هذا الشيء"([9]) .
 
فالمعرفة العقليّة ضروريّة ولكنّها تبقى غير قادرة على مواجهة الامتحانات الصعبة ما لم تتعمّق وتصل إلى القلوب، فاحتلالها القلوب وتقوية هذا الجانب المعنويّ والروحيّ
 
هو الحاجز الّذي سيمنع الإنسان من الانحراف وسيدعوه للاستقامة على الدوام.
 
أساليب الإصلاح ووسائله
 
1 ـ الجهد المتواصل
 إنّ عمليّة الإصلاح ليست عمليّة آنيّة وبرنامجاً مرحليّاً يبدأ بزمن وينتهي بزمن معيّن، بل هي عمليّة مستمرّة وجهد متواصل، فعمليّة الإصلاح هي جهاد مستمرّ.
 
يقول الإمام الخمينيّ قدس سره في "الأربعون حديثاً": "الإنسان هو ساحة صراع ونزاع مستمرّ بين معسكرين، يُريد أحدهما الانحطاط بالنفس إلى الظلام السفليّ، ويُريد الآخر رفعها إلى الأنوار العلويّة والسعادة الأبديّة".
 
2ـ الثقة بالنفس
 يجب أن نزرع الثقة بأنفسنا وبديننا وبطاقاتـنا وبهويّتنا، لأنّ ذلك هو بداية الإصلاح في هذا الزمن الّذي انبهر فيه الناس بكلّ ما هو غربّي، حتّى لو كان مجرد فساد وانحـراف. فعليـنا فـي البداية أن نحمي مجتمعاتنا من هذه التبعيّة العمياء. وهذا لا يحصل ما لم يثق المجتمع بنفسه ويُبادر بنفسه للمعرفة الصحيحة والمسلكيّة المناسبة، يقول الإمام الخمينيّ قدس سره: "علينا أن نعتقد أنّنا كلّ شيء، وأنّنا لسنا أقلّ من سوانا، فنحن مطالبون بالعثور على هويّتنا الّتي قد أضعناها"([10])  .
 
ويقول قدس سره: "لا يظنّنّ شبابنا أنّ كلّ شيء موجود في الغرب، وأنّهم لا يملكون شيئاً"([11]) .
 
3ـ الترغيب والترهيب
 سياسة الترغيب والترهيب (أو كما يقال عنها: سياسة العصا والجزرة) من السياسات المعروفة في هذا الزمن. فالترغيب لوحده غير كافٍ؛ لأنّ بعض الناس وصل فيهم الفساد والمرض إلى درجة كبيرة حتّى صاروا يفضلونه على أيّ ترغيب يمكن أن يقوم به الإنسان، وكذلك سياسة العصا والترهيب ليست كافية لأنّها ستولّد في نهاية الأمر انفجاراً وانقلاباً على كلّ شيء عند أدنى مناسبة.
 
فلا بدّ من المحافظة على التوازن بين هذين الأمرين، يقول الإمام الخمينيّ قدس سره: "الأنبياء العظام السابقون والرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم في الوقت الّذي يحملون فيه الكتب السماويّة في يد من أجل هداية الناس، كانوا يحملون السلاح في اليد الأخرى، فإبراهيم عليه السلام كان يحمل الصحف في يد، والفأس في يد أخرى للقضاء على الأصنام، وكان كليم الله موسى يحمل التوراة في يد والعصا في يد أخرى، تلك العصا الّتي أذلّت الفراعنة، وتحوّلت إلى أفعى وابتلعت الخائنين، وكان النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم يحمل القرآن في يد والسيف في الأخرى"([12])  .
 
4ـ الاهتمام بجيل الشباب
 يقول الإمام الخمينيّ قدس سره: "إنّ الإسلام يولي تهذيب الأطفال والشبّان أهميّة لا يوليها أيّ شيء آخر"([13])  .
 
"من شبّ على شيءٍ شاب عليه". إنّ لسنّ الشباب أهميّة خاصّة لأنّه في هذه السن يحدّد الإنسان مبتنياته ومنهجيّته ومسلكيّته، فإصلاحه في هذا العمر أسهل وأصلب من تركه لإصلاحه بعد ذلك.
 
يقول الإمام الخمينيّ قدس سره: "أيّام الشباب هي ربيع التوبة حيث الذنوب أقلّ ثقلاً، وحيث كدورة القلب والظلمة الباطنيّة أقلّ، وحيث ظروف التوبة أسهل وأيسر"([14]) .
 
فهؤلاء الشباب هم علماء ومسؤولو المستقبل، وبأيديهم ستكون الأمور، فإن كانوا صالحين صلح المجتمع، يقول الإمام قدس سره: "إنّ هؤلاء الشبّان الّذين يُفترض أن يحافظوا في المستقبل على هذا البلد ويديروا شؤونه، يجب أن يصلحوا ويتربّوا تربية صحيحة"([15])  .
 
5ـ الإعلام
 إنّ الإعلام له أهميّته الخاصّة في الإصلاح وفي تأمين الأجواء المناسبة له، ودفع الناس وتشجيعهم عليه وعلى ترك الفساد، فهو قادر على مخاطبة العقول والقلوب، وتعليم الممارسة وإيصال الرسالة بشكل عمليّ، من خلال النماذج الفنيّة الّتي يعرضها، حتّى قال عنه الإمام الخمينيّ قدس سره: "إنّ مسألة الإعلام من الأمور المهمّة إلى درجة يُمكن معها القول إنّ الإعلام قد احتلّ المرتبة الأولى بين القضايا الأخرى في العالم، بل يمكن القول إنّ الدنيا إنّما تقوم على عاتق الإعلام"([16])  .
 
وقد أوصى الإمام الخمينيّ قدس سره وأكّد على الاستفادة من الإعلام: "وصيّتي لوزارة الإرشاد في كلّ العصور ـ وخصوصاً في العصر الحاضر الّذي يتحلّى بخصوصيّة معينة ـ السعي لتقويّة إعلام الحقّ ضدّ الباطل"([17])  .
 
ويجب الاستفادة من كلّ وسائل الإعلام المتاحة، المرئيّة والمسموعة والمكتوبة. وعندما يتحدّث الإمام قدس سره عن المطبوعات يقول: "إنّ أهميّة المطبوعات مثل أهميّة الدماء الّتي تراق في الجبهات، وإنّ مداد العلماء أفضل من دماء الشهداء"([18])  . "يجب أن تكون المطبوعات مراكز للهداية"([19])  .
 
وعن الإذاعة والتلفزيون يقول: "إنّ دور الإذاعة والتلفزيون اليوم أكبر من دور جميع الأجهزة الأخرى...، يجب أن تكون الإذاعة والتلفزيون مربّياً لشبابنا، ومربّياً للشعب"([20])  .
  
إصلاح المجتمع، جمعية المعارف الإسلامية الثقافية

([1]) منهجيّة الثورة الإسلاميّة، ص 224.
([2]) منهجيّة الثورة الإسلاميّة، م. س، ص 243.
([3]) م. ن، ص 223.
([4]) م. ن، ص 182.
([5]) الكلمات القصار، الإمام الخمينيّ قدس سره، ص 234.
([6]) م. ن، ص 63.
([7]) الكلمات القصار، م. س، ص 235.
([8]) م. ن، ص 234.
([9]) منهجيّة الثورة الإسلاميّة، ص 224.
([10]) الكلمات القصار، الإمام الخمينيّ قدس سره، ص 90.
([11]) م. ن، ص 294.
([12]) منهجيّة الثورة الإسلاميّة، ص 56.
([13]) الكلمات القصار، الإمام الخمينيّ قدس سره، ص 292.
([14]) م. ن، ص 80.
([15]) م. ن.
([16]) الكلمات القصار، م. س، ص 237
([17]) م. ن، ص 64.
([18]) منهجية الثورة الإسلاميّة، ص 262.
([19]) الكلمات القصار، الإمام الخميني ّقدس سره، ص 240.
([20]) م. ن، ص 239.

 

الأحد, 12 تموز/يوليو 2020 02:10

الحصار والعقوبات ودروس المواجهة؟

لا شك أن الحصار يخنق، لكنه بحسب دراسة فرنسية لا يحقّق أهدافه طالما أن هناك اقتصاداً شبه مؤمّم مدعوماً ومُنتجاً، وطالما أن هناك حنكة سياسية تدير اللعبة على مستوى محور موحّد في المواجهة والمصير.    

كما الأواني المُستطرقة يسير الضغط على دول محور المقاومة بالتزامُن وبالتراتب. وقد لا يكون من قبيل المُصادفة أن تأتي الضربة السيبرانية الموجّهة إلى "ناتنز" في إيران مع زيارة الوفد العراقي إلى لبنان في محاولةٍ لا يمكن أن نقول عنها إلا أنها محاولة لفك الحصار عن لبنان وعن سوريا، ولو رمزياً، كون هذه الأخيرة لن تفيد فائدة مادية كبيرة من مرور الصادرات بين بيروت وبغداد ذهاباً وإياباً. في حين أن الفائدة السياسية المعنوية ستكون تسجيل نقطة هامة على طريق فتح خط: طهران- بغداد- دمشق- بيروت.

خط قال عنه الراحل حافظ الأسد عام 1993 إنه الرد الاستراتيجي على توقيع اتفاقيات السلام مع "إسرائيل". (وذلك في مقابلة مع ياسر هواري في مجلة "أرابيز" الناطقة بالفرنسية).

رهان يعني ببساطة: إطباق الحصار على جميع الدول الأربع لخنقها وتركيعها، وبالمقابل سعي كل منها لفك الحصار. 

الحصار، الإعلام والتركيع كلمات تُعيدنا إلى سنواتٍ طويلةٍ، منذ حصار العراق في التسعينات، بعدما كانت الحرب العراقية- الإيرانية وسيلة "الاحتواء المزدوج" الأميركي، وتُعيدنا إلى خطة طرحها نتنياهو بوضوح في برنامجه الانتخابي في عام 1993، خطة ضرب كل من العراق، السودان، ليبيا، سوريا وإيران، مُعتبراً أن هذا المُخطّط يجب أن يتحقّق قبل عام 2000 وإلا أصبح إخضاع إيران مُستحيلاً. (برنامج نتنياهو تحوّل إلى كتاب بالإنكليزية والفرنسية ونقلته الكاتبة إلى العربية بعنوان: "أمن وسلام – استئصال الإرهاب").

غير أن السؤال المهم يطرح - ونحن في مواجهة المرحلة الحالية من الحرب المُتمثّلة خاصة في الحصار- حول مدى نجاح كل من هذه الخطط. 
عام 2000 لم يأت بما توقّعه نتنياهو بل بالهزيمة الإسرائيلية في لبنان والانسحاب من جنوبه، ومن ثم باندلاع الانتفاضة الفلسطينية.

واشنطن نجحت في احتلال العراق عام 2003 وأرادت أن تجعل منه منصّة لأمرين أساسيين: الشرخ المذهبي السنّي- الشيعي وإطلاق الشرق الأوسط الجديد. نجحت في الأول (وللأسف) وحاولت في الثاني بدءاً من الـ2005 والـ 1559، وللاستكمال كلّفت الدولة العبرية بحرب تموز الـ2006، لكنهما فشلتا معاً.

وانتقلت إلى الضغط السياسي الاقتصادي إلى أن جاءت الثورات المُلوَّنة التي التفّت على حتميّة التغيير في العالم العربي وانتقلت إلى الحروب الهجينة العنفية الإرهابية. لكن الرهان العسكري سقط في أهم بؤره، سوريا، من دون أن ينتهي الصراع الذي انتقل إلى الحرب الهجينة التي تمثل إحدى أبرز خصائص حروب الجيل الخامس.

في هذه الأخيرة يلعب الحصار الاقتصادي، الحرب الثقافية والحروب السيبرانية دوراً مركزياً. لذا كان من الطبيعي والمنطقي أن نراها تجتمع معاً على ساحاتنا، ومن الطبيعي أيضاً أن توظّف التطوّر التكنولوجي.

فهل ستنجح الحروب الهجينة الجديدة في ما فشلت فيه التقليدية؟ سؤال يتّضح أن على جوابه المرور بكل نوع من أنواع الحروب المذكورة، مما لا يتّسع له مقال. لذا فلنبدأ بالحصار، وهنا يعود بنا الأرشيف إلى العام 2007، الذي تلا فشل حرب تموز 2006، ما أدى إلى محاولة الالتفاف عبر وسائل أخرى سياسية (خاصة انتخاب رئيس الجمهورية) وأمنية (خاصة ما تعلق منها بشبكة اتصالات المقاومة).

في هذا العام كان مؤتمر شرم الشيخ الذي طالبت فيه وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس الدول العربية بتشكيل جبهة ضد إيران، و"رمي ثقلهم في هذه الجبهة على الساحة العراقية لأن إيران تشكّل العائق الأول أمام مصالح الولايات المتحدة في المنطقة"- كما قالت. لأجل ذلك عرض وزير الدفاع روبرت غيتس على دول الخليج شراء أسلحة بقيمة 20 مليار دولار. 

هذا الضغط في إيران والعراق تزامَن مع تأجيج الخطاب التحريضي المذهبي السنّي- الشيعي في وسائل الإعلام الأطلسي والعربي التابع له. أما في لبنان فمع الحرب الشرسة على حزب الله بدءاً بشبكة اتصالاته، ومع ظهور تنظيم فتح الإسلام ومعارك مخيم نهر البارد. كما مع الفراغ الرئاسي والصراع العنيف حول الرئيس التوافقي.

مُصطلح عنى ضمناً ألا يكون الرئيس الجديد صديقاً لسوريا وألا يكون مرشّحاً لفريق 8 آذار الذي يضمّ المقاومة. كما عنى أن ترتّب وصوله قطر وفرنسا المُكلفتان أميركياً بالملف اللبناني- السوري. تكليفاً بدأ بمحاولات الاحتواء وانتهى بتمويل النصرة وأعمال التخريب التي تحصل اليوم في بلاد الأرز. هذا في حين كانت سوريا تتعرّض لأسوأ أنواع الضغط من تهمة اغتيال الحريري وسلسلة الاغتيالات التي تبعته وصولاً إلى تدمير ما أعلن أنه مفاعل نووي في دير الزور.

ضغط كان يستهدف اتجاهين: التعاون السوري مع الاحتلال الأميركي في العراق، والإذعان لمعاهدة سلام بالشروط الإسرائيلية. ما يستبطن قطع العلاقة مع المقاومة ومع إيران والمشاركة في حصارها.     

في هذه الأجواء كان الحصار على إيران يشتدّ، مع وصول ساركوزي إلى الحُكم في فرنسا وزيارته الشهيرة للولايات المتحدة، زيارة حدّد الإعلام الفرنسي عناوينها بخمسة: العراق- إيران- سوريا- لبنان- دارفور. أما هدفها بحسب الصحف فهو تصحيح العلاقة بين باريس وواشنطن وإعادتها إلى ما يجب أن تكون عليه. وهذا التصحيح كان عنوان حملة ساركوزي الرئاسية، وعليه زار البيت الأبيض والإيباك قبل انتخابه. وهو ما ترجم، بعد أسبوعين من عودة الرئيس الفرنسي من واشنطن، في لقائه السنوي مع الدبلوماسيين الفرنسيين، حيث أعلن "رفضه التام لامتلاك إيران السلاح النووي". 

في هذا التاريخ نشرت صحيفة لوموند تقريراً- دراسة بعنوان: "إيران ذهب أسود وزبائنية"، ويدور حول إمكانية أن تلقى إيران مصير الاتحاد السوفياتي؟ والجواب أن "تركيع الجمهورية الإسلامية يمر عبر طريقين: العقوبات وخفض سعر النفط". 

في هذا التقرير- الدراسة اعتبر خبير الشؤون الإيرانية تييري كوفيل، أن الاقتصاد الإيراني يبدي مؤشّرات إيجابية رغم الأزمات المُتعدّدة والعقوبات، حيث أن النمو متواصل والميزان التجاري جيّد والاحتياطي النقدي مؤمَّن. لكن ليرد تالياً رد سلبي من ديني بوشار، الذي عمل طويلاً كسفير في أكثر من دولة في الشرق الأوسط، قبل أن يعود إلى فرنسا ويعمل في المركز الفرنسي للأبحاث الدولية (IFRI).

اعتبر بوشار أن "مشكلة الاقتصاد الإيراني تكمُن في كونه مؤمّماً يخلق القليل من فُرَص العمل، وكون شركاته تدفع القليل من الضرائب، كما أن الشركات الإنتاجية الحكومية التي تبتلع الدعم الحكومي هي محمية من المنافسة الأجنبية بفعل رفع الرسوم الجمركية على البضائع الأجنبية".   

بعد تحليل طويل وموثّق بالأرقام يصل التقرير إلى أن الاقتصاد الإيراني قادر على الصمود طالما لم يتحقّق أمران: انخفاض سعر النفط الخام وإطباق حصار صارِم على الصادرات والواردات، مُستشهداً بتقرير حول إيران قدّمه عام 2006 لأكاديمية العلوم الأميركية (ASA) روجيه ستيرن الأستاذ في جامعة جون هوبكنز، ركّز على أهمية ضرب الدخل النفطي بما يتسبّب في عدم القدرة على الإنفاق على الاستثمار، بما يؤدّي إلى سقوط إيران عام 2015   ولكنه يردف أن الصقور الأميركيين لا يريدون الانتظار عشر سنوات، تكون كافية لامتلاك إيران السلاح النووي.  

في يوم 25 نوفمبر/تشرين الثاني كان الرئيس الإيراني أحمدي نجاد يزور الولايات المتحدة لإلقاء كلمة في الأمم المتحدة وقبلها في جامعة كاليفورنيا، وكان وزير الخارجية الفرنسية برنار كوشنير يزور موسكو سعياً لإقناعها بفرض عقوبات على إيران وتسويق ذلك على أنه "عقوبات لتجنّب الحرب".       

غير أن جميع الضغوط المذكورة كانت تشكّل خطوات في سياق الملف الإسرائيلي، ومن هنا وصل كل شيء إلى عقدة مؤتمر أنابوليس في نهاية 2007 وصلبها: لبنان- المقاومة، سوريا و"إسرائيل". ما ترجم بالضغط على سوريا للمشاركة في مؤتمر أنابوليس من دون طرح بحث حدودها مع الاحتلال الإسرائيلي. وما يفترض أن يستتبع ذلك من موقفها من المقاومة اللبنانية والفلسطينية وعلاقتها مع إيران. 

توقّع انهيار إيران عام 2015، كان مصيره مصير توقّع نتنياهو بانهيارها عام 2000، وتوقّع تسليم سوريا في أنابوليس كان مصيره مشابهاً لتوقّع سقوطها خلال أسابيع عام 2012. وكذلك توقّع انهيار لبنان وشطب مقاومته عام 2006 – 2007.

رغم أن الثمن كان باهظاً للجميع ومتناسباً مع حجم التحدّي. أما الحصار، وهو عنوان المرحلة الحالية، فلا شك أنه يخنق، لكنه لا يحقّق أهدافه – بحسب الدراسة الفرنسية – طالما أن هناك اقتصاداً شبه مؤمّم مدعوماً ومُنتجاً، وطالما أن هناك سياسة حمائية تشكّل له سوراً وحنكة سياسية تدير اللعبة على مستوى محور موحّد في المواجهة والمصير.    

تبيَّن أن القائد الخامنئي منذ سنة 2009م، بعد المشكلة التي أُثيرت بوجه الانتخابات الرئاسيَّة في إيران، وخلال سنتين، قد ألقى خمسة عشر خطاباً عن الحرب الناعمة، ولم أسمع مسؤولاً واحداً في كل العالم العربي والإسلامي يتحدَّث عن الحرب الناعمة، ولذلك، واعترافاً بالجميل والسَبْق وتسليط الضوء على هذا الأمر الخطير، رأيت من المناسب أن ألخِّص بشكل مكثَّف بعض ما قاله الإمام الخامنئي(حفظه الله ورعاه) ضمن محورين:

 

المحور الأول: ضرورة التنبُّه للقوة الناعمة. والمحور الثاني كيفية مواجهة القوة الناعمة.

 

يقول القائد عن ضرورة التنبه للقوة الناعمة:

 

1- "الحرب الناعمة حربٌ حقيقيةٌ في عالمنا المعاصر، رغم أن بعض الأشخاص ربما لا يرَوْنَها".

 

2- "إن أحد أهم المخطَّطات الرئيسة للأعداء تقوم على قلب حقائق البلاد".

 

3- "الحرب الناعمة عبارة عن تضليل الشعب -الرأي العام- بشعارات ظاهرها حق ولكن محتواها باطل وفاسد وإثارة الغبار في الجو السياسي للبلد".

 

4- "إنَّ الهدف المركزي للحرب الناعمة هو تحويل نقاط القوَّة والفُرَص إلى نقاط ضَعْف وتهديدات، وقلب حقائق البلاد"26.

 

إخترت هذه الإشارات الأربعة لتسليط الضوء على الحرب الناعمة من خلال أقوال الإمام الخامنئي(حفظه الله تعالى ورعاه).

 

أمَّا كيف تكون المواجهة؟ فسأختار بعض الأقوال من دون شرح لتبيان رؤية القائد(حفظه المولى) في المواجهة:

 

1- "ينبغي توعية وتثقيف الناس وكشف هذه الأهداف أمامهم".

 

2- "يجب العمل بصورة عكسيَّة لأهداف العدو"

 

3- "يجب مراعاة المصالح العليا في أخذ المواقف والتحركات والتدابير"، إذ يعْلَق الإنسان أحياناً في إطار المصالح الضيِّقة، فيهمل الكلِّيات، ويدخل في نفق الحرب الناعمة.

4- "على الجميع وخاصَّة الخواص، الانتباه كي لا تكون تصريحاتهم وإجراءاتهم تكملة لخطط وأهداف أعداء النظام".

 

5- "ينبغي لوسائل الإعلام والنشطاء والسياسيين والمسؤولين الابتعاد عن الخلافات الهامشية غير المبدئية، لأن الأولوية في البلاد اليوم هي لمواجهة الحرب الناعمة التي يشنها العدو، والتي تستهدف بث الفرقة والتشاؤم بين أبناء الشعب، ومن أهم سُبل مواجهة هذا الهجوم هو حفظ وتقوية البصيرة والروح المعنوية والتعبويَّة والأمل في المستقبل، وهذا لا يعني إنكار وجود المشاكل والأزمات، ولا يلغي ضرورة القيام بواجب الإصلاح والمعالجة".

 

6- "على النخب والخواص أن ينتبهوا كثيراً لأن صمتهم وانسحابهم في بعض الأحيان يساعد الفتنة". فـ: "الساكت عن الحق شيطانٌ أخرس".

 

7- "لا ينبغي الركون إلى وسائل الإعلام الأجنبية لفهم مجريات الأحداث، بل الصحيح هو مخالفة ما تأتي به هذه الإذاعات وفقاً لمقولة الإمام الخميني قدس سره "إنَّ قمة الرشد والنضوج الفكري هي في مخالفة الإذاعات الأجنبية المعادية". فـ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾.

 

8- "الشباب الجامعيون هم ضُبَّاط الحرب الناعمة أمام مؤامرات الغرب المعقَّدة". وهذه مسؤولية كبيرة على الشباب الجامعي.

 

وهنا لفتتني ملاحظة أوردها الإمام القائد في حديثه عمَّا حصل في سنة 2009 في إيران بعد الانتخابات الرئاسيَّة، قال: "لم تفاجئنا الفتنة ولكن فاجأنا تحرك بعض الأشخاص". كي لا يَظُن البعض أن الأمور لم تكن معروفة بالإجمال في إيران أو أنَّ الحرب الناعمة لم تُعرف إلاَّ في سنة 2009! لا، الحرب الناعمة موجودة سابقاً، ولكنها تبلورت في صيغة معينة سنة 2009 في الانتخابات الرئاسية، وتصدى لها أشخاص لم يكن بالحسبان أنهم سيكونون من الأدوات التي تستخدمها الحرب الناعمة.

 

كيف نواجه الحرب الناعمة، جمعية المعارف الإسلامية الثقافية

الأحد, 12 تموز/يوليو 2020 02:03

الاستعانة بالله والأخذ بالأسباب

إنّ حصر الاستعانة بالله سبحانه كحصر العبادة غير قابل للتخصيص، لأنّ كلّ شيء يساهم في تلبية حوائج الإنسان فجميعه من شؤون فاعليّة الله سبحانه، ومن جند الله الّذين هم علىٰ اُهبّة الاستعداد: ﴿لِلَّهِ جُنُودُ السَّماوَاتِ وَالأَرْض﴾[1] ولكلّ واحد منهم دور يؤدّيه في نظام الكون. ولذلك فإنّ موحّداً كإبراهيم (عليه السلام) يقول في أصل مسألة التوحيد: ﴿إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماوَاتِ وَالأَرْض﴾[2] وفي الاُمور العاديّة يقول: ﴿الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ ٭ وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ ٭ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِين﴾ .[3]

فالإنسان الموحّد يعدّ الله سبحانه هو الخالق والهادي والمطعم والساقي والشافي، ومن يعتقد أنّ الله خلق لنا الموادّ الأوّلية للطعام والدواء وأمثال ذلك وأنّنا مستقلّون في تركيبها وصناعتها وتحضيرها، فهذا هو من التفويض الباطل الّذي لايتناسب مع الربوبيّة المطلقة لله سبحانه علىٰ جميع عوالم الوجود.

فالمطعِم للإنسان والساقي والشافي هو الله. طبعاً انّ الله سبحانه يفعل هذه الاُمور عن طريق الأسباب الخاصّة، ومسبّب الأسباب هو أيضاً، ولذلك علّمونا أن نقول في الدعاء: «وقرّب فيه وسيلتي إليك من بين الوسائل».[4] وأسباب الاُمور ليست في عرض السببيّة الإلٰهيّة ولاتعدّ مستقلّة في سببيّتها، فالمطعم هو الله لا الطعام ولو كان المُطعم والمشبع هو الطعام لكان طعام (الضريع)[5] يغني أهل جهنّم من الجوع عند أكله في حين انّهم مهما أكلوا منه فإنّه لايرتفع عنهم الجوع أبداً: ﴿لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِن ضَرِيعٍ ٭ لاَ يُسْمِنُ وَلاَ يُغْنِي مِن جُوع﴾ .[6]

والله سبحانه يدبّر جميع الاُمور وقد أمرنا أن نقول: «باسم الله أموت وأحيىٰ»[7] عند الاخلاد الىٰ النوم، وأن نقول: «الحمد لله الّذي أحياني بعدما أماتني وإليه النشور»[8] عند الإستيقاظ، والهدف من تعليم الأدعية التوحيديّة هو جعل حياة الإنسان كلّها توحيديّة وبعيدةً ونقيّةً من الشرك. وحصر الاستعانة بالله يقتضي أن لايطلب الإنسان عوناً من غير الله وأن لايحسب نفسه معيناً ومغيثاً للآخرين، لأنّ المستعان الوحيد هو الله ﴿وَاللَّهُ الْمُسْتَعَان﴾ .[9]

تنويه: هناك بعض الآيات تأمر بالتعاون ومساعدة البعض للبعض الآخر وتوهم بأنَّ طلب العون والمدد والإستعانة وكذلك الإعانة والإغاثة أمر صحيح، مثل قوله تعالىٰ: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ﴾ .[10]

وينبغي أن يقال في جواب هذه الشبهة انّ مقتضىٰ التوحيد الأفعالي انّ جميع الأعمال الصالحة للمحسنين ترجع الىٰ الله، وانّ جميع الفاعلين هم من درجات وشؤون فاعليّة الله سبحانه. وكما انّ الله خلق الماء والطعام وجعل فيهما صفتي الإرواء والإشباع، كذلك خلق الإنسان المعين أيضاً ووهبه قدرة الإمداد والإعانة والإغاثة وفي الحقيقة هو آية الله، وكلّ هذه الأعمال هي من الصفات الفعليّة لله سبحانه والّتي تنتزع من مقام فعله وزائدة علىٰ الذات، وليست من الصفات الذاتيّة الّتي تنتزع من مقام ذات الله سبحانه. إذن فالإستعانة من كلّ شيء هي استعانة من وجه الله وفيضه، لاغير ذلك وليس هناك من معين مستقلّ في اعانته، والّذي ينال التوفيق لأعمال الخير يجب عليه أن يعتبر نفسه شأناً من الشؤون الإلٰهيّة في مقام فعل الله. إذن فالتعاون والاستعانة والاعانة كلّها في محور الفعل لا الذات، وحيث انّ الله ربّ العالمين يدبّر جميع ما في الكون فلا منافاة لها مع حصر الإستعانة بالله، وبهذا التوضيح لايبقىٰ مجال للقول بأنّ (ايّاك نستعين) في مورد العبادة وأمّا (تعاونوا علىٰ البرّ والتقوىٰ) فهي في مورد القضايا الإجتماعيّة.

وأمّا الذنب فبما انّه نقص وأمر عدميّ فهو لا علاقة له بالله سبحانه، ومنشأ كلّ معصية إمّا الجهل أو العجز أو سائر الاُمور العدميّة، والله سبحانه منزّه عنها جميعاً. والله سبحانه قد وضع الأسباب والوسائل تحت تصرّف الجميع سواء كانوا يريدون الدنيا أم يطلبون الآخرة: ﴿مَن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاَهَا مَذْمُوماً مَّدْحُوراً ٭ وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَىٰ لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولٰئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُوراً ٭ كُلاًّ نُّمِدُّ هٰؤُلاَءِ وَهٰؤُلاَءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُور﴾ .[11] فالبعض من الناس يريد (العاجلة) أي الدنيا العابرة، وبعض يطلب الآخرة والآجلة، والله سبحانه يعين ويُمِدُّ الفئتين ولا يمنع عطاءه عن أحد، لكنّ إعانة مريدي الدنيا هي لأجل إتمام الحجّة ﴿لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَة﴾[12] لأنّ الأدوات والوسائل اللازمة للعمل إذا لم توضع في يد المفسدين فإنّه لاتتوفّر الأرضيّة لامتحانهم واختبارهم. طبعاً انّ الإمدادات الغيبيّة خاصّة بالمؤمنين ولا معنىٰ لها في مجال المعصية، لأنّ المعصية لاتعود إلىٰ عالم الغيب والذنب لاينزل أبداً من نشأة التجرّد وباطن العالم.
وخلاصة القول انّ الربوبيّة المطلقة لله سبحانه لاتدع مجالاً لاستقلال ايّ فاعل، وبالرؤية التوحيديّة فإنّ جميع أعمال الخير هي فعله، وبذلك البيان السابق اتّضح الجواب علىٰ شبهة عدم الإنسجام بين الاستعانة بالصبر والصلاة في قوله تعالىٰ ﴿اسْتَعِينُوا بِالصَبْرِ وَالصَّلاَة﴾[13] وبين حصر الاستعانة بالله، لأنّ الاستعانة بالصلاة وباقي العبادات هي استعانة بشأن من الشؤون الإلٰهيّة وفعل من أفعال الله وارتباط مع (وجه الله) لا مع الغير. فالعبد والصلاة جسر يعبر بنا نحو الهدف، وإلاّ فإنّهما لا استقلال لهما في الإعانة والامداد.
 
آية الله الشيخ جوادي آملي

[1] . سورة الفتح، الآيتان 4 و7.
[2] . سورة الانعام، الآية 79.
[3] . سورة الشعراء، الآيات 78 ـ 80.
[4] . مفاتيح الجنان، دعاء اليوم 28 من شهر رمضان.
[5] . «الضريع» نبات شوكي في الصحراء. والّذين هم اليوم كالأنعام سيكون طعامهم غداً أشواك الصحراء.
[6] . سورة الغاشية، الآيتان 6 ـ 7.
[7] . البحار، ج73، ص202.
[8] . نفس المصدر، ص204.
[9] . سورة يوسف، الآية 18.
[10] . سورة المائدة، الآية 2.
[11] . سورة الاسراء، الآيات 18 ـ 20.
[12] . سورة الأنفال، الآية 42.
[13] . سورة البقرة، الآية 153.

اكد قائد الثورة الاسلامية أية الله السيد علي خامنئي في رسالة إلى رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، أن المحافظة على الوعي والوحدة بين الشعب الفلسطيني وفصائله، له دور مؤثر في إفشال خطط العدو"مشددا على أن إيران "لن تدخر جهداً لدعم الشعب الفلسطيني في استعادة حقوقه.

واضاف قائد الثورة أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية بحكم واجبها الديني والإنساني لن تدخر جهداً لدعم الشعب الفلسطيني المظلوم في استعادة حقوقه ودفع شر الكيان الصهيوني.

وشدد سماحته في رسالة وجهها إلى رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنيّة، حول آخر التطورات في فلسطين المحتلة أنّ "المحافظة على الوعي والوحدة والتلاحم بين الشعب الفلسطيني وفصائله، له دور مؤثر في إفشال خطط العدو".

وأشار سماحته إلى أن تيّار المقاومة والشعب الفلسطيني الشجاع قد تجاوزا التهديد وترغيب العدو، بفضل منطق العقل والخبرة، مبرزاً أنّ العدو بـ"استراتيجيته التوسعية يحاول تضييع الحقوق المشروعة للفلسطينيين عبر خديعة المفاوضات وخطة السلام والضغط الاقتصادي والحصار.

وقدم سماحته امتنانه إلى المجاهدين كون حركة المقاومة الفلسطينيّة قد هيأت بجهادها موجبات ضعف أميركا والكيان الصهيوني.

جاءت برقيّة السد خامنئي رداً على رسالة وصلته من هنيّة حول آخر التطورات على الساحة الفلسطينيّة، وفي سياق مخطط الكيان الصهيوني لضمّ أجزاء من الضفة الغربيّة المحتلّة، ومع تعرض قطاع غزة المحاصر لقصف إسرائيليّ مساء الإثنين.

الثلاثاء, 07 تموز/يوليو 2020 04:50

ضمّ الضفّة خطأ استراتيجيّ قاتل

لا شكَّ في أنَّ الأسابيع والأشهر القادمة ستحمل الكثير من المتغيرات في المنطقة، فقرار "صفقة القرن" والبدء بإجراءات الضم، خطأ استراتيجي أميركي - إسرائيلي قاتل سيرتب تداعيات معقدة.

قرّر رئيس وزراء الكيان الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو، أن يعلن عن موعد تنفيذ قرار ضمّ أجزاء من الضفة الغربية (مطلع الشهر الحالي) قبل أن يتراجع عن قراره، وقد ظنّ أنه يستطيع استغلال العديد من العوامل الدولية، منها أنّ عامل الزمن في مصلحته، وأنّ البدء بالضم قد يكون أسهل الآن في ما لو بدأ به، فالصّراع على سوريا وفيها لا يزال قائماً، وكذلك الوضع في ليبيا، ومصر تصارع بقاءها من خلال نزاعها مع إثيوبيا على سد النهضة، واليمن يتصدى لعدوان مستمر منذ سنوات، والوضع العراقي متفجر باستمرار، والوهن والضعف الذي أصاب الدول العربية أصبح في أعلى درجاته، وأي خطوات محتملة بنظره تجاه دعم القضية الفلسطينية ستكون ضعيفة وغير فعّالة، وخصوصاً حرص بعض قادتها على استمرار كسب ود واشنطن. وبذلك، لا يمكن أن تقود هذه الدول أيّ خطوات تؤدي إلى رد فعل حقيقي لمواجهة المخططات الإسرائيلية.

ويعلم نتنياهو أنَّ جلّ ما صدر عن العرب حين أعلنت واشنطن أنَّ القدس عاصمة لـ"إسرائيل" في العام 2017، لم يتجاوز الصريخ الإعلامي، وبذلك، تكون الفرصة مؤاتية للاستمرار في قضم الأراضي الفلسطينية وغيرها، وخصوصاً أن علاقاته مع العديد من الدول العربية تستمر في النمو والتطور، ويجمعهم عدو افتراضي واحد مشترك، هو إيران. 

ويدلّ على ذلك ما سبق لغولدا مائير أن قالته بعد إحراق المسجد الأقصى: "لم أنم طوال الليل. كنت خائفة من أن يدخل العرب إسرائيل أفواجاً من كل مكان، ولكن عندما أشرقت الشمس في اليوم التالي، علمت أن باستطاعتنا أن نفعل أي شيء نريده". 

إنّ العالم منشغل بالعديد من القضايا، بعضها يتعلّق بالعلاقات المتوترة بين الصين والولايات المتحدة الأميركية، وبين تركيا ودول عربية وأوروبية، وبعضها يتعلَّق بقضايا أسعار النفط، وأخرى بالانتخابات والاستفتاءات وغيرها، ولكن الأهم كان انتشار فيروس كورونا. 

ومن خلال الائتلاف الحكومي اليميني المتشدّد في "إسرائيل"، سعى نتنياهو إلى البدء بتطبيق "صفقة القرن"، مستفيداً من الوضع الدولي، معتبراً والرئيس ترامب أن هذه اللحظات تشكل فرصة تاريخية قد لا تتكرر في المستقبل، وخصوصاً أنّ الانتخابات الأميركية ستجري بعد أشهر قليلة من الآن، وأن فرص ترامب في الفوز آخذة بالتراجع، بل تميل إلى سقوطه، لكنَّه تراجع عن قراره قبل نصف ساعة من الإعلان عن السير بإجراءات الضم، وقرَّر تأجيل تنفيذ خطته، لا إلغاءها، لأسباب عديدة لم تكن في حسبان نتنياهو وترامب، فما الذي جرى؟

هناك جدل كبير جداً داخل الكيان الإسرائيلي، ليس على مبدأ الضم، فهو محسوم بالنسبة إليهم، ولكن حول توقيت حدوثه وحجمه والمناطق التي سيشملها.

كما أنَّ نتنياهو بحاجة إلى إجماع إسرائيلي في الحكومة على أيّ خطوة قبل اتخاذها، وخصوصاً مع وجود خلافات واضحة مع أطراف أمنية وسياسية داخل الحكومة، مثل رئيس الشاباك، ورئيس أركان جيش الكيان الإسرائيلي، ورئيس مجلس الأمن القومي، ورئيس الحكومة البديل، وبعض الأعضاء البارزين في "الأي باك" اليهودي، تتعلق بالخطوات القادمة، وكيفية اتخاذها، وإذا كانت تتم بتوافق مع أطراف عربية ودولية أو من دونه.

هناك تكاليف أخرى لا يمكن إغفالها، وهي أن ضم أجزاء من الضفة الغربية سيضع الإسرائيليين أمام خيارين، إما أن يمنحوا الفلسطينيين الجنسية الإسرائيلية الكاملة (في ما لو قبلوا ذلك) وهذا مستبعد كونه يمكّنهم من التفوق على اليهود من حيث العدد، وفي التصويت الانتخابي يوماً ما، وإما أن يُتركوا في مناطق مغلقة بأقل قدر من الحقوق، ما يعيد فتح ملف "إسرائيل" كدولة فصل عنصري.

إضافةً إلى ذلك، أغفل نتنياهو أيضاً الموقف الأوروبي من إجراءات الضم، ولو أن موقفهم يحتمل في النهاية السير وفق الركب الأميركي. كما أغفل المخاطر المحتملة على الواقع الميداني مع الفلسطينيين في الداخل والخارج، كالأردن، والذين لن يكون لديهم خيار سوى مقاومة الاحتلال ومقارعته بكل قوة، وكذلك التطورات وردود الفعل التي ستطرأ على تنفيذ هذه الإجراءات على دول الجوار، كسوريا وحزب الله.

إنَّ الفلسطينيين، وخارج نطاق حكومتهم، لا بدّ من أن يتحركوا باتجاه إشعال انتفاضة جديدة سرعان ما تتحول إلى تصعيد مسلَّح، وتشمل كل المناطق في الأراضي الفلسطينية، وتستهدف الجنود والمستوطنين والحافلات والسياحة وغيرها، ما سيدفع جيش الاحتلال الإسرائيلي من جديد إلى تصعيد المواجهة العسكرية معهم، وتنفجّر الأوضاع في المنطقة، لتتسع نحو سوريا ولبنان والأردن، فتنقلب إلى حرب إقليمية قد تمتد نتائجها إلى الداخل الأوروبي والخليجي، ما يقرّب الكيان الإسرائيلي من خيار هو الأسوأ في تاريخه ومستقبله تحت نطاق حرب قد تكون الأعنف، ويجعله من جديد محل ازدراء دولي.

في الجانب الدولي، طالب أكثر من ألف برلماني أوروبي حكوماتهم بالتدخّل لوقف المخطّط الإسرائيلي بضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة، معتبرين أنَّ هذه الإجراءات ستدمّر أي آمال للسلام في الشرق الأوسط، وأن خطة الضم ليست إلا انتهاكاً للقانون الدولي، في سابقة تهدد أسس العلاقات الدولية، مطالبين القادة الأوروبيين بالرد عليها بحزم.

وقد أعلنت منظمة العفو الدولية أن خطط "الضم" الإسرائيلية ترسيخ لقانون الغاب، ويجب إيقافها، وأن على السلطات الإسرائيلية أن تتخلى فوراً عن خططها لضمّ المزيد من الأراضي في الضفة الغربية المحتلة. كما أشار منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي إلى أنّ ضم الأراضي الفلسطينية ستكون له عواقب وخيمة على علاقات الاتحاد مع "إسرائيل".

وفي الجانب الأميركي، أغفل نتنياهو موقف جو بايدن، المرشّح الديموقراطي للرئاسة الأميركية أكثر حظاً في الفوز، والرافض لخطة الضم الإسرائيلية من طرف واحد، وكذلك العديد من الديموقراطيين الذين قد لا يدعمون حكومة الكيان الإسرائيلي بهذا الشأن.

أما الأمم المتّحدة، ومن خلال الاجتماع الافتراضي الذي أجراه مجلس الأمن الدولي لمناقشة خطة الضم، بمشاركة الأمين العام للأمم المتحدة، ومبعوثها للسلام في الشرق الأوسط، وأمين عام جامعة الدول العربية، ووزير الخارجية الفلسطيني، فضلاً عن مندوب الكيان الإسرائيلي في الأمم المتحدة، فقد شهدت شبه إجماع دولي (باستثناء الولايات المتحدة الأميركية) على إدانة الخطط الإسرائيلية، بوصفها خرقاً للقانون الدولي، وخطوة قد تقود إلى زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط وانهيار فرص السلام. 

وقد تزامن ذلك مع رسالة وقَّعها أكثر من ألف برلماني أوروبي، تثير "مخاوف جدية" بشأن المقترحات الإسرائيلية، وتدعو إلى اتخاذ ردود مناسبة للتعامل معها، من دون الوصول إلى حد المطالبة صراحةً بفرض عقوبات على "إسرائيل" في حال قيامها بضم أراضٍ في الضفة الغربيّة. 

لا شكَّ في أنَّ الأسابيع والأشهر القادمة ستحمل الكثير من المتغيرات في المنطقة، فقرار "صفقة القرن" والبدء بإجراءات الضم، خطأ استراتيجي أميركي - إسرائيلي قاتل سيرتب تداعيات كثيرة وكبيرة ومعقدة، وليس من السهولة بمكان تمريرها، وسيكون لها آثار مدمرة طويلة الأمد، بعضها متوقع، وبعضها الآخر لا يمكن التنبؤ به، وستجلب أثماناً اقتصادية وأمنية وعسكرية إقليمية ودولية قاسية للغاية، لتشمل جميع الفاعلين على الأرض، سواء الكيان الإسرائيلي أو دول الجوار، من سوريا ولبنان، وحتى العراق وإيران، وصولاً إلى أوروبا وروسيا. 

ممثل حركة "حماس" في لبنان أحمد عبد الهادي، يسلّم مسؤول الملف الفلسطيني في "حزب الله" النائب السابق حسن حب الله، رسالة من رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنيّة إلى السيد حسن نصر الله، يدعو فيها إلى "توحيد الصف والجهد للتصدي لخطر ضمّ الضفة وصفقة القرن".

أشار رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنيّة، إلى "الأخطار المحدقة بالقضيّة الفلسطينية والمنطقة جراء المخططات الإسرائيليّة بضمّ أجزاء من الضفّة".

هنيّة وفي رسالة إلى الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله، سلّمها ممثل حركة "حماس" في لبنان أحمد عبد الهادي، إلى مسؤول الملف الفلسطيني في حزب الله النائب اللبناني السابق حسن حب الله، دعا إلى "توحيد الصف والجهد للتصدي لهذه المخاطر". 

جاء ذلك خلال زيارة وفد من حركة "حماس" برئاسة عبد الهادي، لحب الله، حيث أكد المجتمعون رفضهم لـ"قرار الاحتلال بضمّ الضفة الغربيّة"، معتبرين أن هذا القرار هو "عدوان على الشعب الفلسطيني، يستلزم من الجميع الوقوف صفاً واحداً لمواجهة هذا المخطط الخطير". 

المجتمعون شددوا على أنّ الشعب الفلسطيني "قادر على التصدي لهذه المخططات"، كما دعوا الدول العربيّة والإسلاميّة وأحرار العالم إلى "التحرك العاجل للجم اعتداءات الاحتلال وعدوانه المتواصل على الشعب الفلسطيني". 

وفيما يتعلق بأوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، تحدث عبد الهادي عن أنهم "يعيشون أوضاعاً اقتصادية صعبة"، داعياً إلى "ضرورة إقرار الحقوق المدنيّة والإنسانيّة لشعبنا في لبنان"، مطالباً وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) بـ"القيام بدورها وإطلاق خطة إغاثيّة عاجلة للاجئين". 

بدوره، أكد حب الله "دعم حزب الله للشعب الفلسطيني ومقاومته في التصدي للمشاريع التي تنتقص من حقوقه"، مؤكداً أن مثل هذه المشاريع "لن يكتب لها النجاح بفضل مقاومة الشعب الفلسطيني ودعمه من قبل أحرار العالم". 

كما شدد حب الله على "بذل حزب الله جهوداً للتخفيف من المعاناة الإنسانيّة للشعب الفلسطيني في لبنان"، منوّهاً بــــــ"الموقف والجهد الفلسطيني في تحييد الوجود الفلسطيني عن الدخول في التجاذبات اللبنانيّة الداخليّة، وفي منع استخدام العنصر الفلسطيني مع طرف ضد أيّ طرف آخر". 

يذكر أنّ المرشد الإيراني السيّد علي خامنئي، أكد في رسالة إلى رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنيّة أمس الأحد، أن "المحافظة على الوعي والوحدة بين الشعب الفلسطيني وفصائله، له دور مؤثر في إفشال خطط العدو"، مشدداً على أنّ بلاده "لن تدخر جهداً لدعم الشعب الفلسطيني في استعادة حقوقه".

الثلاثاء, 07 تموز/يوليو 2020 04:47

حركة حماس تشكر قائد الثورة الاسلامية

أعربت حركة حماس عن تقديرها لرسالة قائد الثورة الاسلامية الى اسماعيل هنية مؤكدة مواصلة المقاومة حتى افشال مخطط الضم.

ولفت القيادي في حركة "حماس"، إسماعيل رضوان، إن سماحة قائد الثورة الاسلامية أكد في رسالته لرئيس المكتب السياسي للحركة، اسماعيل هنية، دعم الشعب الفلسطيني ومقاومته.

وثمّن في حديث له مع الميادين، رسالة سماحة قائد الثورة الاسلامية واعتبرها "تمثل دعماً استراتيجياً للشعب الفلسطيني وتدلل على الدعم المتواصل للقضية".

وأضاف رضوان أن "مخطط الضم لن يمر وكل الخيارات مفتوحة أمام المقاومة"، مؤكداً أن "الدعم السياسي والعسكري والمادي الذي تقدمه إيران سيكون له ترجمة مباشرة في مواجهة الاحتلال".

وأوضح أن "الموقف المبدئي الداعم من إيران يعطينا أملاً بأن المستقبل لنا"، مشدداً على حرص "حماس" على "الاستمرار في دعم محور المقاومة ووحدة الأمة".

هذا واكد قائد الثورة الاسلامية أية الله السيد علي خامنئي في رسالة إلى رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، أن المحافظة على الوعي والوحدة بين الشعب الفلسطيني وفصائله، له دور مؤثر في إفشال خطط العدو"مشددا على أن إيران "لن تدخر جهداً لدعم الشعب الفلسطيني في استعادة حقوقه.

واضاف قائد الثورة أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية بحكم واجبها الديني والإنساني لن تدخر جهداً لدعم الشعب الفلسطيني المظلوم في استعادة حقوقه ودفع شر الكيان الصهيوني.

المصدر:العالم

أتمنى أن تذكروا  المصادر التي روت حديث الثقلين بلفظ (وسنتي)

الجواب:

 

ورد حديث كتاب الله وسنة نبيه أو (سنتي) في بعض المصادر وبعدة طرق نقتصر بذكر المشهور دون من ذكره بلا إسناد سوى ما رواه مالك في موطئه بلاغاً، وهو أقدم الكتب الحديثة التي ذكرته ولكن من دون سند. حيث أن مالك ذكر بعض الأحاديث في موطئه من دون اسناد وقال فيها مباشرة: بلغنا عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال, وهذا الطريق غير ثابت ولا يحتج به بالإجماع حيث أنه قد يكون موضوعاً مكذوباً.

وحكم الشيخ المحدث السلفي الألباني على هذا الطريق بأنه معضل, وهو ما سقط من سنده اثنان فأكثر.

 

أما بقية الطرق التي لها إسناد فهي:

أولاً: رواية الحاكم في (المستدرك 1/ 93) عن إبن عباس: مرفوعاً: إني قد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبداًً كتاب الله وسنة نبيه (صلى الله عليه وآله). وإسناده تالف ففيه عكرمة المرمي بالكذب والمتهم بكونه من الخوارج.

وفيه أبو أويس المتهم بالكذب أيضاً, وكذلك إبنه إسماعيل إبن أبي أويس متهم بالكذب, وإن حاول البعض الدفاع عنهم لكونه من رواة الصحيح.

 

ثانياً: رواية الحاكم في مستدركه أيضاً (1/ 93) عن أبي هريرة: يرفعه إلى النبي (صلى الله عليه وآله): إني قد تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما أبداً كتاب الله وسنتي ولن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض.

وهذا الإسناد تالف أيضا ً حيث أن فيه صالح بن موسى الطلحي وهو متفق على ضعفه حيث قال إبن معين: ليس بشيء، وفي رواية: ليس بثقة, وقال أبو حاتم عنه: منكر الحديث جداً كثير المناكير عن الثقات. وقال البخاري: منكر الحديث. وقال النسائي: لا يكتب حديثه, وقال عنه في رواية أخرى: متروك الحديث. وقال أبو نعيم عنه: متروك يروي المناكير.

ثم إن هذا الطريق للحديث قد يكون محرفاً أو مصحفاً فقد رواه البزار بنفس الإسناد وقال فيه (صلى الله عليه وآله): خلفت فيكم كتاب الله ونسبي... وليس (وسنتي) !

 

ثالثاً: رواية الخطيب البغدادي في كتابه (الفقيه والمتفقه 1/ 94) عن أبي سعيد الخدري: مرفوعاً بلفظ: إني قد تركت فيكم الثقلين كتاب الله وسنتي.

وإسناده تالف أيضاً حيث أن فيه سيف بن عمر التميمي الذي كان مشهوراً بالكذب ووضع الحديث واختلاق الحكايات والأحداث والأشخاص. حيث قال أبو حاتم: متروك الحديث، وقال أبو داود: ليس بشيء, وقال ابن حبان: يروي الموضوعات عن الأثبات. ونقل إبن حبان عن ابن نمير قوله فيه: وكان سيف يضع الحديث وكان قد اتهم بالزندقة . وقال الدار القطني عنه: متروك. وقال الحاكم فيه: إتهم بالزندقة وهو في الرواية ساقط. وقال أبو نعيم: متهم في دينه مرمي بالزندقة ساقط الحديث لا شيء.

بالإضافة إلى وجود شخص ضعيف آخر في السند وهو شعيب بن إبراهيم التميمي.

 

رابعاً: رواية أبو الشيخ في كتابه (طبقات المحدثين باصبهان 2/288): عن أنس بن مالك: مرفوعاً: لقد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا كتاب الله وسنة نبيه.

وسنده تالف أيضاً حيث أنه فيه: هشام بن سلمان وقد ضعفه ابن حبان فقال: منكر الحديث جداً ينفرد عن الثقات بالمناكير الكثيرة وعن الضعفاء بالأشياء المقلوبة على قلة روايته، لا يجوز الإحتجاج به فيما وافق الثقات فكيف إذا انفرد؟

وروايته هنا عن يزيد الرقاشي فقال ابن عدي فيه: وأحاديثه عن يزيد (الرقاشي) غير محفوظة. وضعفه أيضاً موسى بن إسماعيل.

وفي سنده أيضاً يزيد الرقاشي وهو مطعون به جداً,حيث قال شعبة عنه: لئن أقطع الطريق أحب إلي من أن أروي عن يزيد الرقاشي، وفي رواية أخرى قال شعبة: لئن أزني أحب إلي من أن أروي عن يزيد الرقاشي. وقال عنه الفسوي وأبو أحمد الحاكم: متروك الحديث، وكذا قال النسائي، ولكنه في رواية ثانية قال عنه: ليس بثقة وضعفه إبن مسعود والدارقطني والبرقاني وابن معين أيضاً.

فتبين بأن هذه الرواية ليس لها إسناد يفرح به أو تقوم به حجة وإن تعددت طرقه حيث أن طرقه أحدها أضعف من الآخر وكلها فيها متهمون بالكذب فلا يزيد الحديث والحال هذه.الإ ضعفا.

 

تعليق على الجواب

ذكرتم أن الألباني ضعف حديث ((وسنتي)) لكني وجدته في كتابه ((سلسلة الأحاديث الصحيحة)) يقول بأنه صحيح والعلم عند الله فهل لكم أن تزودونا بالمصدر؟

الجواب:

 

أولاً: لم نطلع على حديث (وسنتي) معنوناً باستقلال, ضمن الأحاديث الصحيحة في السلسلة وإنما المقصود هو ما أورده ضمن كلامه على حديث الثقلين بالمتن المشهور (وعترتي أهل بيتي).

 

ثانياً: إن هذا الحديث (وسنتي) ورد بعدة طرق ضعيفة, أذكر لك منها طريقاً واحداً وهو مصب كلام الألباني:

إن الحديث ورد عن الإمام مالك مرسلاً والحديث المرسل وبلا سند لا يحتج به وقد قال عنه الألباني (حديث معضل), والحديث المعضّل ما يسقط من سنده اثنان فأكثر فكيف بهذا الحديث الذي لا سند له, والألباني يعترف بأن الحديث ضعيف أو مضعف, بالإضافة إلى هذا فلو تأملت أيها الأخ السائل إلى استعراض الحديث بلفظ (وعترتي), (أهل بيتي), (أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي, فالذوق العربي والفطرة السليمة ميالة إلى هذا الحديث بحكم هذهِ التأكيدات خصوصاً وأن الحديث صحيح وسليم وتقويه شواهد كثيرة وأسانيد متنوعة وطرق كثيرة, فأنك تجد ص355, وص356, وص357, ص358, كلها يتحدث فيها الألباني عن صحة هذا الحديث من أحمد والطبراني, وأبن أبي عاصم ويقول: (إسناده صحيح ورجاله رجال الصحيح), نقلاً عن أحمد والطبراني والطحاوي في أخراج الحديث من طريق علي بن ربيعة, وهو مع كل هذا لا يزال يذكر الشواهد والمقويات والمؤيدات والطرق كما عن ابن عباس ويقول بأنه شاهد قوي, بعد كل هذا نجد الألباني يذكر من يضعف هذا الحديث بأنه ناشئ في هذه الصنعة, ويرد على كلّ من يضعّف هذا الحديث سنداً ومتناً.

 

ثالثاً: ثم يعمد الألباني إلى حديث مالك محاولاً تقويته بعد أن ضعفه بنفسه بالحديث الأصل (وعترتي) والذي هو المحور الذي يدور عليه المتن والسند, فيحمل ما هو قوي ومعتمد وأصل على ما هو فرع وغير صحيح ويجعله شاهداً, وهذا لا يجوز عند أهل العلم والحديث والطريق الذي سلكه كان من خلال التأويل الذي عمد إليه فإنه أول لفظة أهل البيت بأنها تعني المتمسكون بالكتاب والسنة لا بل المقصود بالذات السنّة في الحديث وكذلك جعلها أحد الثقلين, وهذا فيه مؤنة زائدة لا بل تجاوز على الحديث الأصل.

 

رابعاً: من كل ما مضى يتبين أن ما حاوله الألباني لا يتم وفق مباني علم الحديث ولا يمكن له أن يقوي حديث ضعيف السند بهذه الطريقة.

فأن حديث وعترتي قوي صحيح بنفسه وما كان من أسانيده ضعيفاً يتقوى بالصحيح منها والشواهد التي يأتي بها لتقوية حديث ضعيف يجب أن تكون بنفس المعنى والمضمون من حيث الظهور. والقاعدة الصحيحة أنه لو أراد تقوية حديث وسنتي أن يأتي بشاهد قوي فيه نفس المعنى والمضمون لكي يقوي ما كان سنده ضعيفاً. لا أن يأتي إلى حديث صحيح بمعنى آخر, ويتعسف في تأويله حتى يقوي به ما أراده من الحديث الضعيف فما هذا إلا من الهوى والتعسف والميل, هذا ما من حيث السند.

ولو أراد الأنصاف لكان يجب عليه أن يحمل ويفسر متن حديث وسنتي الضعيف سنداً على ما ثبت من الحديث الصحيح من قوله (صلى الله عليه وآله) وعترتي ويجمع بينهما بحمل السنة على السنة الصحيحة المنقولة عن أهل البيت (عليهم السلام) وهذا هو الأوفق بالذوق والظهور والجمع العرفي.

والخلاصة: فأن الألباني أعترف بضعف أسانيد وسنتي وما حوله من تأويل لا نوافق عليه, فلنا ما اعترف به من ضعف سند الحديث وله ما أدعاه من تأويل للحديث.

ودمتم في رعاية الله

 

تعليق على الجواب

هل تعدد طرق حديث وسنتي وصل به إلى التواتر؟

لأن التواتر يغني عن البحث في السند كما هو معلوم؟

الجواب:

ان ما ذكر من الطرق الى الحديث كتاب الله وسنتي ليس فيه اسانيد تحقق التواتر فمثلا رواه الحاكم مرفوعا وكذلك الخطيب البغدادي لان تحقق السند يحتاج الى ذكر جميع طبقات الرواة الى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وهذا لا يمكن اثباته.

بل ان التواتر حصل في حديث كتاب الله وعترتي لتعدد طرقه من السنة والشيعة ففي غاية المرام وصلت احاديثه من طرق السنة الى (39) حديثا ومن طرق الشيعة الى (82) حديثا (راجع الاصول العامة للفقه المقارن 165).

هل توجد طرق غير هذه تعضد من رواية وسنتي؟

الجواب:

اخي العزيز ما ذكرناه وخرجناه هنا لن تجده في مكان اخر بل ان الشيخ الالباني خاتمة المحدثين وما يطلق عليه محدث العصر اكتفى بذكر ثلاثة طرق في تخريجه حيث قال عنه في اثناء تخريجه لحديث الثقلين كتاب الله وعترتي وتصحيحه بنفسه وطرقه قال 4/357 ضمن كلامه عن حديث رقم 1761 في سلسلة لحاديثه الصحيحة : وله شواهد أخرى من حديث أبي هريرة عند الدارقطني ( ص 529 ) والحاكم ( 1 / 93 ) والخطيب في الفقيه والمتفقه ( 56 / 1 ) . وابن عباس عند الحاكم وصححه، ووافقه الذهبي وعمرو بن عوف عند ابن عبد البر في ( جامع بيان العلم: 2 / 24، 110 ) وهي وإن كانت مفرداتها لا تخلو من ضعف فبعضها يقوي بعضا، وخيرها حديث ابن عباس . أ هـ )

نقول: ويبدو ان الرواية الاخيرة (طريق عمرو بن عوف) هو نفسه طريق الموطأ البلاغ .

يقول البعض وجود احتمال من أن المقصود بعبد الله بن سبأ هو عبد الله بن وهب.

لكن هناك رأي آخر من أن المقصود به هو عمار لأسباب، لأن لفظة عبد الله تطلق على أي شخص وهو من صنعاء وان أمه سوداء، لذلك كان يسمى بابن السوداء ولم يكن غيره يسمى بذلك، ولأنه كان يدعو الى وصية الإمام علي (ع) وان كبار الصحابة كانوا مؤيدين عمار بن ياسر في ذلك مثل أبا ذر وسلمان المحمدي والمقداد. لكن حاولوا ان يموهوا الحقيقة فكانوا يعبرون عنه بابن السوداء لان ذكر عمار مع الإمام علي (ع) يرجح كفة الإمام لان النبي (ص) قال لعمار (تقتلك الفئة الباغية).

ومن ذكر هذا الرأي بأن عمار هو ابن سبأ الدكتور علي الوردي .

فما صحة هذا القول وما هو الرد عليه إن كان غير صحيح؟

الجواب:

ان أحتمال كون عبد الله بن سبأ هو الخارجي عبد الله بن وهب الراسبي أحتمال يمكن أن يعتد به وقد ذكره عدة محققين مشيرين إلى أوجه التشابه بينهما .

وأما كونه هو الصحابي عمار بن ياسر فهو بعيد واما البعد فيأتي من:

1- كون عمار صحابي معروف ولد في مكة وان كان أصله من سبأ من اليمن، وعبد الله بن سبأ يهودي أسلم بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) لا يعرف له نسب جاء من صفاء.

2- كان لعمار مكانة مميزة لا يمكن لأحد تجاهلها خاصة مع الأحاديث التي قبلت بشأنه منها (تقتله الفئة الباغية) وقد استشهد في صفين، والقصة معروفه، وإما ابن سبأ فقد نسب إليه النفي من قبل الإمام إلى المدائن أو الإحراق بالنار.

3- نسبت لابن سبأ رحلات وتنقلات لم تذكر لعمار بن ياسر.

4- نسبت لابن سبأ أقوال يعارض بها علي(عليه السلام) ولم يكن عمار ليقبل ذلك.

5- نسبت لابن سبأ فرقة ولم يرد في التأريخ ولا في الفرق أن ذكر وجود أتباع لعمار، نعم كان محترماً مسموع الكلمة ولكن هذا غير تزعم فرقة.

6- الإخلاف الواضح إلى حد التناقض بينهما في رواياتنا فإن روايات الكشي تعتبر بأن ابن سبأ كذاب ملعون بينما عمار في المرتبة العالية من السمو والرفعة عند الشيعة وفي رواياتهم.

7- لا توجد أي رواية يمكن أن تطابق بين الشخصين أو فعليهما حتى تقول بأن التمويه كان الإسم فقط.