
emamian
فی ذکری استشهاد الامام الجواد
يوافق آخر شهر ذي القعدة استشهاد الإمام محمد بن علي الجواد عليه السلام ،
إنه الإمام التاسع محمد وهو الأصغر بين الأئمة الاثني عشر، هو الجواد التقي القانع الزكي باب المراد ولد في العاشر من رجب المرجب عام 195هـ، أمه سبيكة القبطية، استشهد عن عمر ناهز الخامسة والعشرين، له من الأولاد الإمام علي الهادي عليه السلام وموسى، قاد الأمة سبعة عشر عاماً، ليقتل بالسم على يد زوجته أم الفضل بنت المأمون العباسي وبدفع من أخيها جعفر ويدفن بجوار جده في مقابر الهاشميين في بغداد والتي تسمى اليوم بالكاظمية نسبة إلى مرقد الإمامين موسى بن جعفر الكاظم وحفيده محمد الجواد عليهما السلام لذا أطلقت على المرقد اسم (الجوادين) أو (الكاظمين).
المولود العظيم:
وجاء إسماعيل بن إبراهيم للإمام الرضا عليه السلام وقال له: إنّ ابني في لسانه ثقل فأنا أبعث به إليك غداً تمسح على رأسه وتدعو له فإنه مولاك، فقال الرضا عليه السلام: (هو مولى أبي جعفر فابعث به غداً له).
وهكذا كان الإمام الرضا يوضع للناس مقام ابنه المبارك ويؤكد لهم أنّه لا يقل شأناً عنه عليه السلام.
امتحان الأمة:
فالمسلمون لأول مرة يمرون بهذا الوضع، فإن أغلبهم لم يتصور أن يكون حجّة الله صبياً، فاجتمع كبار الشيعة منهم الريان بن الصلب ويونس بن عبد الرحمن وصفوان بن يحيى وآخرون وخاضوا في الكلام حول المأزق الذي يمرون به حتى بكى بعضهم لشدة الحيرة.
فقال يونس: دعوا البكاء حتى يكبر هذا الصبي.
فقال الريان بن الصلت: إن كان أمر من الله جلّ وعلا فابن يومين مثل ابن مائة سنة وإن لم يكن من عند الله فلو عمّر الواحد من الناس خمسة آلاف سنة ما كان يأتي بمثل ما يأتي به السادة أو بعضه، وهذا مما ينبغي أن ينظر فيه.
علم الإمام الجواد عليه السلام:
فقد روي أنّ الإمام الجواد عليه السلام صعد المنبر في مسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد رحيل والده فقال: (أنا محمد بن عليّ الرضا، أنا الجواد، أنا العالم بأنساب الناس في الأصلاب، أنا أعلم بسرائركم وظواهركم وما أنتم صائرون إليه، علمٌ منحنا به من قبل خلق الخلق أجمعين وبعد فناء السماوات والأرضين، ولولا تظاهر أهل الباطل ودولة أهل الضلال ووثوب أهل الشك لقلت قولا تعجب منه الأولون والآخرون).
عبادة الإمام الجواد عليه السلام:
وقد رآه الحسين المكاري في بغداد وكان الإمام محاطاً بالتعظيم والتكريم من قبل الأوساط الرسمية والشعبية، فحدّث نفسه أنه لا يرجع إلى وطنه بل يقيم عند الإمام في هذه النعم، فعرف الإمام قصده فانعطف عليه وقال: (يا حسين خبر الشعير وملح الجريش في حرم جدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحبّ إليّ مما تراني فيه).
كرم الإمام الجواد عليه السلام:
لقد اشتهر عند الخاصة والعامة جود الإمام الجواد، بل لكثرة عطائه وسخائه قالوا أنه لقب بالجواد عليه السلام في حياته، ولقّب بـ (باب المراد) بعد وفاته لشدة قضاء الحوائج عند التماس قبره الشريف.
تلامذة مدرسة الإمام الجواد (عليه السلام):
جرى أئمتّنا الطّاهرون على سنّة النّبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) في بذل اقصى الجهد لتربية وتعليم النّاس، وينبغي الالتفات الى انّ علمهم هذا لا يمكن مقارنته بعمل المؤسّسات التّعليميّة، وذلك لانّ للمؤسّسات التّعليميّة وقتاً محدّداً للتّدريس والتعليم، وتكون معطّلة لا تقوم بأيّ خدمة خارج ذلك الوقت، بينما أئمّتنا المعصومون(عليهم السلام) مقيّدون بتعليم النّاس وهدايتهم في جميع الأوقات، وهم يعلّمون من يتّصل بهم بأقوالهم وافعالهم و أسلوب معاشرتهم وبكلّ ابعاد حياتهم اليوميّة، فكلّ من كان يحظى بمجالستهم وفي ايّ وقت فانّه يستيطيع التّمتّع بأخلاقهم وعلومهم، واذا كان لديه سؤال فهو يستطيع ان يطرحه، ويسمع الجواب عليه، ولم تكن الاسئلة محصورة بمجال معيّن، فأيّة مشكلة يواجهونها كانوا يستطيعون السّؤال عنها وسماع الجواب عليها.
ومع كلّ هذا فانّ بين هؤلاء الافراد المعدودين توجد شخصيّات لا معة نشير الى بعضهم كنموذج فحسب:
1 ـ عليّ بن مهزيار:
وهو من جملة الاصحاب المقرّبين للإمام الجواد (عليه السلام) ومن وكلائه، ويعتبر ايضاً من أصحاب الإمام الرّضا والإمام الهادي (عليهما السلام).
كان كثير العبادة، ونتيجةً لسجوده الطّويل فقد بدت آثار السّجود في جبهتة. فقد كان يسجد من طلوع الشّمس ولا يرفع رأسه من ذلك السّجود حتّى يدعو لألف شخص من المؤمنين ويطلب من الله تعالى لهم ما يطلبه لنفسه.
وكان عليّ بن مهزيار يعيش في الاهواز وقد ألفّ ما يزيد على ثلاثين كتابا، وقد وصل في مراتب الايمان والعمل الصّالح الى درجة راقية بحيث كتب اليه في احدى المرات الإمام الجواد (عليه السلام) رسالة تقدير وتكريم نتبرّك هنا بذكرها:
2 ـ احمد بن محمّد بن ابي نصر البزنطي:
وهو من اهل الكوفة ومن جملة خواصّ أصحاب الإمام الرّضا والإمام الجواد (عليهما السلام)، وكان رفيع المنزلة جدّاً عند هذين الإمامين المعصومين، وقد ألفّ عدّة كتب، من جملتها كتاب «الجامع»، ويعترف بفقاهته جميع علماء الشّيعة ويطمئنّون بوثاقته.
3 ـ زكريّا بن آدم:
وهو من أهل قم، ومزاره اليوم في مدينة قم معروف ومشهور ، ويعد من الاصحاب المقرّبين للإمام الرّضا والإمام الجواد (عليهما السلام)، وقد دعا له الإمام الجواد (عليه السلام) وعدّه من جملة أصحابه المقرّبين.
شقّتي بعيدة ولست اصل اليك في كلّ وقت فعمّن آخذ معالم ديني ؟ قال (عليه السلام): من زكريّا بن آدم القمّي المأمون على الدّين والدّنيا.
4 ـ محمّد بن إسماعيل بن بزيع:
وهو من أصحاب الإمام الكاظم والإمام الرّضا والإمام الجواد (عليهم السلام) ، ويعدّ من جملة الموّثقين عند الشّيعة.
نماذج من الكلمات الثّريّة للإمام (عليه السلام):
انّ كلام الائمّة المعصومين: (وهو شعاع من شمس علومهم) يعدّ ارشاداً واضحاً ومأموناً لعباد الله، وذلك لانّ هؤلاء الكرام مبّرءون من كلّ لون من ألوان الخطأ والانحراف واعوجاج السّليقة. وارشاد اتهم ليست مقصورة على بُعد واحد وإنّما هي ناظرة الى جميع الابعاد الوجوديّة للإنسان، وليست مختصّة بطبقة معيّنة، وإنّما هي تسوق جميع الطّبقات الى الكمال الإنسانيّ، وهي توقظ الفطرة وتبعثها في جميع المراتب.
وننقل هنا نماذج من كلام الإمام التّاسع أبي جعفر محمّد بن عليّ الجواد (عليهما السلام):
1 ـ «من استغنى بالله افتقر النّاس اليه، ومن اتّقى الله أحبّه النّاس ».
2 ـ «الكمال في العقل».
3 ـ «حسب المرء من كمال المرّوة ان لا يلقى احداً بمايكره» .
4 ـ «لا تعالجوا الامر قبل بلوغه فتندموا ولا يطولنّ عليكم الامل فتقسوا قلوبكم وارحموا ضعفاء كم واطلبوا من الله الرّحمة بالرّحمة فيهم».
5 ـ «من استحسن قبيحا كان شريكاً فيه»
6 ـ «العالم بالظّلم والمعين عليه والرّاضي شركاء».
7 ـ «من وعظ اخاه سرّاً فقد زانه، ومن وعظه علانية فقد شانه».
8 ـ القصد الى الله بالقلوب ابلغ من اثبات الجوارح بالاعمال».
9 ـ «يوم العدل على الظّالم أشدّ من يوم الجور على المظلوم».
10 ـ «عنوان صحيفة المسلم حسن خلقه»).
استقدام الإمام (عليه السلام) الى بغداد:
لقد خشي المعتصم من بقاء الإمام الجواد (عليه السلام) بعيداً عنه في المدينة، لذلك قرر استدعاءه الى بغداد، حتى يكون على مقربة منه يحصي عليه انفاسه ويراقب حركاته، ولذلك جلبه من المدينة، فورد بغداد لليلتين بقيتا من المحرم سنة عشرين ومائتين، وتوفي بها(عليه السلام) في ذي القعدة من هذه السنة[1].
لقد كان هذا الاستقدام بمثابة الاقامة الجبرية تتبعه عملية اكبر وهي التصفية الجسدية.
اغتيال الإمام الجواد (عليه السلام):
كان وجود الإمام الجواد (عليه السلام) يمثل خطراً على النظام الحاكم لما كان يملكه هذا الإمام من دور فاعل وقيادي للأمة، لذلك قررت السلطة أن تتخلّص منه مع عدم استبعادها وجود العلاقة بين الإمام القائد والتحركات النهضوية في الأمة.
فقد روى المؤرخون عن زرقان صاحب ابن أبي دؤاد قاضي المعتصم قوله: «رجع ابن أبي دؤاد ذات يوم من عند المعتصم وهو مغتمّ فقلت له في ذلك، فقال وددت اليوم اني قد مت منذ عشرين سنة، قال قلت له: ولم ذاك؟ قال: لما كان من هذا الأسود أبي جعفر محمد بن علي بن موسى اليوم بين يدي أمير المؤمنين، قال: قلت له: وكيف كان ذلك؟ قال: إن سارقاً اقرّ على نفسه بالسرقة، وسأل الخليفة تطهيره بإقامة الحدّ عليه، فجمع لذلك الفقهاء في مجلسه وقد أحضر محمد بن علي فسألناه عن القطع في آي موضع يجب أن يقطع؟ قال: فقلت: من الكرسوع.
قال: وما الحجة في ذلك؟ قال: قلت: لأن اليد هي الاصابع والكفّ الى الكرسوع[2]، لقول الله في التيمم ( فامسحوا بوجوهكم وأيديكم )[3] واتفق معي ذلك قوم.
وقال آخرون: بل يجب القطع من المرفق، قال: وما الدليل على ذلك؟ قالوا: لأن الله لمّا قال: ( وأيديكم الى المرافق ) في الغسل دلّ ذلك على ان حدّ اليد هو المرفق.
قال: فالتفت الى محمد بن علي (عليه السلام) فقال: ما تقول في هذا ياأبا جعفر؟ فقال: قد تكلم القوم فيه ياأمير المؤمنين، قال: دعني ممّا تكلموا به ! اي شيء عندك؟ قال: اعفني عن هذا ياأمير المؤمنين، قال: اقسمت عليك بالله لمّا اخبرت بما عندك فيه.
فقال: أمّا اذا أقسمت عليّ بالله اني اقول انهم اخطأوا فيه السنّة، فإن القطع يجب ان يكون من مفصل اُصول الاصابع، فيترك الكفّ، قال: وما الحجة في ذلك؟ قال: قول رسول الله: السجود على سبعة أعضاء: الوجه واليدين والركبتين والرجلين، فإذا قطعت يده من الكرسوع أو المرفق لم يبق له يد يسجد عليها وقال الله تبارك وتعالى: ( وان المساجد لله )[4] يعني بهذه الأعضاء السبعة التي يسجد عليها ( فلا تدعوا مع الله أحداً ) وما كان لله لم يقطع.
قال: فأعجب المعتصم ذلك وأمر بقطع يد السارق من مفصل الأصابع دون الكفّ.
قال ابن أبي دؤاد: قامت قيامتي وتمنّيت أني لم أك حيّاً.
قال زرقان: قال ابن أبي دؤاد: صرت الى المعتصم بعد ثالثة، فقلت: ان نصيحة أمير المؤمنين عليّ واجبة وانا أكلّمه بما أعلم أني ادخل به النار، قال: وما هو؟ قلت: اذا جمع أمير المؤمنين في مجلسه فقهاء رعيته وعلماءهم لأمر واقع من اُمور الدين، فسألهم عن الحكم فيه فأخبروه بما عندهم من الحكم في ذلك، وقد حضر مجلسه أهل بيته وقوّاده ووزراؤه وكتّابه، وقد تسامع الناس بذلك من وراء بابه، ثمّ يترك أقاويلهم كلهم لقول رجل شطر هذه الأمة بامامته، ويدّعون أ نّه أولى منه بمقامه ثم يحكم بحكمه دون حكم الفقهاء؟
قال: فتغير لونه وانتبه لما نبّهته له، وقال: جزاك الله عن نصيحتك خيراً. قال: فأمر اليوم الرابع فلاناً من وزرائه بأن يدعوه [ اي الجواد(عليه السلام)] الى منزله فدعاه فأبى ان يجيبه وقال(عليه السلام): قد علمت اني لا أحضر مجالسكم، فقال: إني انما ادعوك الى الطعام واحبّ ان تطأ ثيابي، وتدخل منزلي فأتبرّك بذلك، فقد احبّ فلان بن فلان من وزراء الخليفة لقاءك، فصار اليه، فلمّا طعم منها أحس السمّ فدعا بدابّته فسأله رب المنزل ان يقيم. قال(عليه السلام): خروجي من دارك خير لك، فلم يزل يومه ذلك وليله في خلفة حتى قبض (عليه السلام) »[5].
لقد كان الإمام الجواد (عليه السلام) يتوقع استشهاده بعد هذا الاستدعاء فقد روي عن اسماعيل بن مهران قوله: «لمّا اُخرج أبو جعفر (عليه السلام) من المدينة إلى بغداد في الدفعة الاولى من خرجتيه قلت له عند خروجه: جُعلت فداك، إني أخاف عليك من هذا الوجه، فإلى من الأمر بعدك؟ قال: فكرّ بوجهه اليّ ضاحكاً وقال: ليس حيث ظننت في هذه السنة.
فلمّا استدعي به الى المعتصم صرتُ اليه فقلتُ له: جُعلتُ فداك، أنت خارجٌ، فإلى من هذا الأمرُ من بعدك؟ فبكى حتى اخضلّت لحيته ثم التفتَ اليّ فقال: عند هذه يُخاف عليّ، الأمرُ من بعدي الى ابني علي»[6].
لقد درس المعتصم اكثر السبل التي يستطيع بها ان يصفي الإمام، فاعلية وأقلها ضرراً، فلم يجد افضل من اُم الفضل بنت أخيه المأمون للقيام بهذه المهمّة فهي التي تستطيع ان تقتله بصورة اكيدة دون ان تثير ضجة في الاُمة، مستغلاً نقطتين في شخصيتها، هما:
1- كونها تنتمي للخط الحاكم انتماءً حقيقياً، فهي بنت المأمون وعمّها المعتصم، وليست بالمستوى الايماني الذي يجعلها تنفك عن انتمائها النسبي هذا، لذلك كانت تخضع لتأثيراته وتنفذ ما يريده ضد الإمام.
2- غيرتها وحقدها على الإمام بسبب تسريه وتزوّجه من نساء اُخريات خصوصاً وانها لم تلد للامام وإنما رزق الإمام من غيرها ولده الهادي (عليه السلام).
ولقد كان أمر غيرتها شائعاً بين الناس لذلك قال المؤرخون: «وقد روى الناس ان اُم الفضل كتبت الى أبيها من المدينة تشكو أبا جعفر وتقول: انه يتسرى علي ويغيرني. فكتب اليها المأمون: يابنيّة انا لم نزوجك أبا جعفر لنحرّم عليه حلالاً، فلا تعاودي لذكر ما ذكرت بعدها»[7].
ولم تخل هذه الفترة من الاعتداءات الظاهرية على الإمام (عليه السلام) من أذناب السلطة، ومن ذلك ما فعله عمر بن فرج الرخجي الرجل المعادي لأهل البيت (عليهم السلام) والعامل عند السلطة العباسية. فمثلاً روى المؤرخون عن محمد بن سنان قوله: دخلت على أبي الحسن الهادي(عليه السلام) فقال: يامحمد حدث بآل فرج حدث؟ فقلت: مات عمر. فقال: الحمد لله على ذلك، أحصيت أربعاً وعشرين مرة، ثم قال: أو لا تدري ما قال ـ لعنه الله ـ لمحمد بن علي أبي؟ قال: قلت: لا، قال: خاطبه في شيء، فقال: أظنّك سكران، فقال أبي: اللهمّ إن كنت تعلم أني أمسيت لك صائماً فأذقه طعم الحرب وذلّ الأسر. فوالله إن ذهبت الأيام حتى حُرب ماله، وما كان له، ثم اُخذ أسيراً فهو ذا مات»[8].
استشهاد الإمام الجواد (عليه السلام)
تحدثنا عن دوافع المعتصم في اغتيال الإمام الجواد (عليه السلام) وعن اختياره اُم الفضل لتنفيذ الجريمة.
ومما يشير الى أسباب استغلال المعتصم لاُمّ الفضل وكيفية تحريضها على الاقدام على قتل الإمام (عليه السلام) ما روي من شدة غيرتها أيام أبيها وتوريطها لأبيها على ارتكاب جريمة قتل الإمام من قبل المأمون نفسه. [9]
قال أبو نصر الهمداني: «حدثتني حكيمة بنت محمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر عمّة أبي محمد الحسن بن علي (عليهما السلام).
قالت: لمّا مات محمّد بن عليّ الرّضا (عليه السلام) أتيت زوجته اُم عيسى[10] بنت المأمون فعزّيتها فوجدتها شديدة الحزن والجزع عليه تقتل نفسها بالبكاء والعويل، فخفت عليها ان تتصدّع مرارتها فبينما نحن في حديثه وكرمه ووصف خُلقه وما اعطاه الله تعالى من الشّرف والاخلاص ومَنَحَهُ من العزّ والكرامة، اذ قالت امّ عيسى: الا اخبرك عنه بشيء عجيب وأمر جليل فوق الوصف والمقدار؟ قلت: وما ذاك؟
قالت: كنت أغار عليه كثيراً وأراقبه ابداً وربما يسمعني الكلام فاشكو ذلك الى أبي فيقول يابنيّة احتمليه فانّه بضعة من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فبينما انا جالسة ذات يوم اذ دخلت عليّ جارية فسلّمت، فقلت: من انت؟ فقالت: انا جارية من ولد عمّار بن ياسر وانا زوجة أبي جعفر محمّد بن عليّ الرضا (عليه السلام) زوجك.
فدخلني من الغيرة ما لا اقدر على احتمال ذلك هممت ان اخرج واسيح في البلاد وكاد الشيطان ان يحملني على الإساءة اليها، فكظمت غيظي واحسنت رفدها وكسوتها، فلمّا خرجت من عندي المرأة نهضت ودخلت على أبي وأخبرته بالخبر وكان سكراناً لا يعقل. فقال: ياغلام عليّ بالسّيف، فاتى به، فركب وقال: والله لاقتلنّه فلمّا رايت ذلك قلت: انّا لله وانّا اليه راجعون، ما صنعت بنفسي وبزوجي وجعلت ألطم حرّ وجهي، فدخل عليه والدي وما زال يضربه بالسيف حتى قطعه.
ثم خرج من عنده وخرجت هاربة من خلفه فلم ارقد ليلتي فلمّا ارتفع النّهار اتيت أبي فقلت: اتدري ما صنعت البارحة؟ قال: وما صنعتُ؟ قلت: قتلتَ ابن الرّضا (عليه السلام)، فبرق عينه وغشي عليه ثم افاق بعد حين وقال: ويلك ما تقولين؟ قلت: نعم والله يا ابه دخلت عليه ولم تزل تضربه بالسّيف حتى قتلته، فاضطرب من ذلك اضطراباً شديداً وقال: عليّ بياسر الخادم فجاء ياسر.
فنظر اليه المأمون وقال: ويلك ما هذا الّذي تقول هذه ابنتي قال: صدقَتْ ياامير المؤمنين فضرب بيده على صدره وخدّه، وقال: انّا لله وانّا اليه راجعون هلكنا بالله وعطبنا وافتضحنا الى آخر الابد ويلك ياياسر فانظر ما الخبر والقصة عنه(عليه السلام)؟ وعجّل عليّ بالخبر فان نفسي تكاد ان تخرج السّاعة فخرج ياسر وانا ألطم حرّ وجهي، فما كان ياسر من ان رجع، فقال: البشرى ياامير المؤمنين. قال: لك البشرى فما عندك؟
قال ياسر: دخلت عليه فاذا هو جالس وعليه قميص ودواج وهو يستاك فسلّمت عليه وقلت: ياابن رسول الله اُحب أن تهب لي قميصك هذا اصلّي فيه واتبرك به، وانما اردت ان انظر اليه والى جسده هل به اثر السّيف فوالله كأنّه العاج الّذي مسّه صفرة ما به اثر. فبكى المأمون طويلاً وقال: ما بقى مع هذا شيء إنّ هذا لعبرة للأوّلين والآخرين.
وقال: ياياسر امّا ركوبي اليه واخذي السّيف ودخولي عليه فاني ذاكر له وخروجي عنه فلست اذكر شيئاً غيره ولا اذكر ايضاً انصرافي الى مجلسي فكيف كان امري وذهابي اليه، لعن الله هذه الابنة لعناً وبيلاً، تقدّم اليها وقل لها يقول لك ابوك والله لئن جئتني بعد هذا اليوم شكوت او خرجت بغير اذنه لانتقمنّ له منك.
ثم سر الى ابن الرّضا وابلغه عني السّلام واحمل اليه عشرين الف دينار وقدّم اليه الشهري الّذي ركبته البارحة، ثم أمر بعد ذلك الهاشميّين ان يدخلوا عليه بالسّلام ويسلّموا عليه. قال ياسر: فأمرت لهم بذلك ودخلت انا ايضاً معهم وسلّمت عليه وابلغت التّسليم ووضعت المال بين يديه وعرضت الشّهري عليه فنظر اليه ساعة ثم تبسّم.
فقال(عليه السلام): ياياسر هكذا كان العهد بيننا وبينه حتّى يهجم علي، اما علم ان لي ناصراً وحاجزاً يحجز بيني وبينه. فقلت: ياسيّدي ياابن رسول الله دع عنك هذا العتاب واصفح، والله وحق جدّك رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما كان يعقل شيئاًمن امره وما علم اين هو من ارض الله وقد نذر لله نذراً صادقاً وحلف ان لا يسكر بعد ذلك ابداً، فان ذلك من حبائل الشّيطان، فاذا انت ياابن رسول الله اتيته فلا تذكر له شيئاً ولا تعاتبه على ما كان منه.
فقال (عليه السلام): هكذا كان عزمي ورأيي والله، ثم دعا بثيابه ولبس ونهض وقام معه الناس اجمعون حتى دخل على المأمون فلمّا رآه قام اليه وضمّه الى صدره ورحّب به ولم يأذن لأحد في الدخول عليه ولم يزل يحدّثه ويستأمره، فلمّا انقضى ذلك قال أبو جعفر محمّد بن علي الرّضا (عليه السلام): «يا أمير المؤمنين»، قال: لبيّك وسعديك. قال: «لك عندي نصيحة فاقبلها».
قال المأمون: بالحمد والشكر فما ذاك ياابن رسول الله؟
قال(عليه السلام): احبّ لك ان لا تخرج باللّيل فإني لا آمن عليك من هذا الخلق المنكوس وعندي عقد تحصّن به نفسك وتحرّز به من الشرور والبلايا والمكاره والآفات والعاهات، كما انقذني الله منك البارحة ولو لقيت به جيوش الرّوم والتّرك واجتمع عليك وعلى غلبتك اهل الأرض جميعاً ماتهيّأ لهم منك شيء بإذن الله الجبّار. وان احببت بعثت به اليك لتحترز به من جميع ما ذكرت لك. قال: نعم، فاكتب ذلك بخطّك وابعثه اليّ، قال: نعم.
قال ياسر: فلمّا اصبح أبو جعفر (عليه السلام) بعث اليّ فدعاني فلمّا صرت اليه وجلست بين يديه دعا برقّ ظبي من ارض تهامة ثم كتب بخطّه هذا العقد.
ثم قال(عليه السلام): ياياسر احمل هذا الى امير المومنين وقل له: حتى يصاغ له قصبة من فضّة منقوش عليها ما اذكره بعده فإذا اراد شدّه على عضده فليشدّه على عضده الأيمن وليتوضّأ وضوءاً حسناً سابغاً وليصل اربع ركعات يقرأ في كلّ ركعة: فاتحة الكتاب مرّة وسبع مرّات: آية الكرسي وسبع مرات: شهد الله وسبع مرّات والشمس وضحاها وسبع مرّات: واللّيل اذا يغشى وسبع مرّات: قل هو الله احد.
فاذا فرغ منها فليشدّه على عضده الايمن عند الشّدائد والنوائب يسلم بحول الله وقوته من كلّ شيء يخافه ويحذره وينبغي ان لا يكون طلوع القمر في برج العقرب ولو انه غزى اهل الرّوم وملكهم لغلبهم باذن الله وبركة هذا الحرز.
وروي انه لمّا سمع المأمون من أبي جعفر في أمر هذا الحرز هذه الصفات كلّها غزا اهل الرّوم فنصره الله تعالى عليهم ومنح منهم من المغنم ما شاء الله ولم يفارق هذا الحرز عند كلّ غزاة ومحاربة وكان ينصره الله عزوجلّ بفضله ويرزقه الفتح بمشيّته انَّه وليّ ذلك بحوله وقوته ». [11]
ويقول المؤرخون إن اُم الفضل ارتكبت جريمتها بحقّ الإمام الجواد (عليه السلام) عندما سقته السمّ.
فقد روي: « أنّ المعتصم جعل يعمل الحيلة في قتل أبي جعفر (عليه السلام) وأشار على ابنة المأمون زوجته بأن تسمّه لأنّه وقف على انحرافها عن أبي جعفر (عليه السلام) وشدّة غيرتها عليه… فأجابته الى ذلك وجعلت سمّاً في عنب رازقي ووضعته بين يديه، فلمّا أكل منه ندمت وجعلت تبكي فقال: ما بكاؤك؟ والله ليضربنّك الله بفقر لا ينجبر، وبلاء لا ينستر، فماتت بعلّة في اغمض المواضع من جوارحها، صارت ناصوراً فانفقت مالها وجميع ما ملكته على تلك العلّة، حتى احتاجت الى الاسترفاد»[12].
وأثّر السمّ في الإمام تأثيراً شديداً حتى لفظ انفاسه الاخيرة ولسانه يلهج بذكر الله تعالى، وقد انطفأت باستشهاده شعلة مشرقة من الامامة والقيادة المعصومة في الاسلام.
لقد استشهد الإمام الجواد (عليه السلام) على يد طاغية زمانه المعتصم العباسي وقد انطوت بموته صفحة من صفحات الرسالة الاسلامية التي اضاءت الفكر ورفعت منار العلم والفضيلة في الأرض.
تجهيزه ودفنه:
وجُهّز بدن الإمام (عليه السلام) فغسّل واُدرج في اكفانه، وبادر الواثق والمعتصم فصليا عليه [13]، وحمل الجثمان العظيم الى مقابر قريش، وقد احتفت به الجماهير الحاشدة، فكان يوماً لم تشهد بغداد مثله فقد ازدحمت عشرات الآلاف في مواكب حزينة وهي تردد فضل الإمام وتندبه، وتذكر الخسارة العظمى التي مني بها المسلمون في فقدهم للامام الجواد (عليه السلام) وحفر للجثمان الطاهر قبر ملاصق لقبر جده العظيم الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) فواروه فيه وقد واروا معه القيم الانسانية، وكل ما يعتز به الانسان من المثل الكريمة[14].
عن أبي جعفر المشهدي باسناده عن محمد بن رضيّة عن مؤدّب لأبي الحسن]الهادي(عليه السلام)[، قال: «انه كان بين يدي يوماً يقرأ في اللوح اذ رمى اللوح من يده وقام فزعاً وهو يقول: انا لله وانا اليه راجعون مضى والله أبي (عليه السلام) فقلت: من اين علمت هذا؟ فقال(عليه السلام): من اجلال الله وعظمته شيء لا أعهده.
فقلت: وقد مضى، قال: دع عنك هذا ائذن لي ان ادخل البيت واخرج اليك واستعرضني بآي القرآن ان شئت اقل لك بحفظ، فدخل البيت فقمت ودخلت في طلبه اشفاقاً مني عليه وسألت عنه فقيل دخل هذا البيت وردّ الباب دونه وقال لي: لا تؤذن عليّ أحداً حتى أخرج عليكم.
فخرج(عليه السلام) الي متغيّراً وهو يقول: انا لله وانا اليه راجعون مضى والله أبي، فقلت: جعلت فداك، قد مضى فقال: نعم وتولّيت غسله وتكفينه وما كان ذلك لِيلَي منه غيري ثم قال لي: دع عنك واستعرضني آي القرآن ان شئت أفسر لك تحفظه»
فقلت: الاعراف. فاستعاذ بالله من الشيطان الرجيم ثم قرأ (بسم الله الرحمن الرحيم * واذ نتقنا الجبل فوقهم كانّه ظلّة وظنوا انه واقع بهم )[15].
عمره وتاريخ استشهاده
اما عمر الإمام الجواد(عليه السلام) حين قضى نحبه مسموماً فكان خمساً وعشرين سنة [16] على ما هو المعروف، وهو أصغر الائمة الطاهرين الاثني عشر(عليهم السلام) سنّاً، وقد أمضى حياته في سبيل عزة الاسلام والمسلمين ودعوة الناس الى رحاب التوحيد والايمان والتقوى.
واستشهد الإمام الجواد (عليه السلام) سنة ( 220 هـ ) يوم الثلاثاء لخمس خلون من ذي القعدة، وقيل: لخمس ليال بقين من ذي الحجة وقيل: لست ليال خلون من ذي الحجة، وقيل: في آخر ذي القعدة [17].
فسلام عليه يوم ولد ويوم تقلّد الإمامة وجاهد في سبيل ربّه صابراً محتسباً ويوم استشهد ويوم يبعث حيّاً.
متطلّبات عصر الإمام الجواد (عليه السلام)
بعد أن وقفنا في الفصلين السابقين على ملامح عصر الإمام الجواد(عليه السلام) وطبيعة تعامل الحكّام مع الإمام(عليه السلام) وخطّه الرسالي والجماعة الصالحة التي تقف الى جانب الإمام الحق الذي تمثّل مسيرته خطّ الهداية الربّانية للبشرية.. لابدّ أن نقف في هذا الفصل على مجمل متطلّبات عصر الإمام الجواد(عليه السلام) الخاص بظروفه ومستجداته الثقافية والسياسية والاجتماعية من خلال مجموعة المهام الرسالية التي جُعلت في الشريعة الإسلامية على عاتق أهل البيت(عليهم السلام) بشكل عام وعلى عاتق (التاسع منهم) الإمام الجواد بشكل خاص.
وذلك لأن أهل البيت(عليهم السلام) هم أهل بيت النبوّة والرسالة الذين ربّاهم الرسول(صلى الله عليه وآله) بيديه الكريمتين وجعلهم الدرع الحصينة التي تقي الرسالة من أن يتلاعب بها الحكّام ووعّاظ السلاطين بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله)، كما أنها تقي الاُمة الإسلامية من السقوط والتردّي الى المهوى السحيق، بعد أن أصبحت الاُمة الإسلامية هي الاُمة الحية التي لابدّ لها أن تحمل مشعل الحضارة الإسلامية والربّانية الى العالم أجمع، وقد مُنيت بصدمة كبيرة تمثّلت في الانحراف الذي طال القيادة السياسية والذي أخذ يستشري في سائر مجالات الحياة الإسلامية.
والإمام الجواد(عليه السلام) في عصره الخاص أمام مجموعة من الإنجازات التي حققها آباؤه الطاهرون في هذين الحقلين المهمّين، كما أنّه أمام مستجدات ومتغيّرات في الوضع السياسي والاجتماعي والديني بعد أن سمحت الدولة الإسلامية للتيارات المنحرفة لتعمل بحرّية في الساحة الإسلامية وذلك لأن الحكام المنحرفين قد استهدفوا إضعاف جبهة أهل البيت الرسالية دون مواجهة علنية سافرة.
والإمام الجواد(عليه السلام) لابدّ أن يوازن ويوائم بين المهامّ والمسؤوليات الرسالية من جهة، والامكانات وما يمكن تحقيقه في هذا الظرف الخاص من جهة اُخرى للاقتراب من الأهداف الكبرى والنهائية التي رسمتها له الشريعة وصاحبها وجعلت منه قيّماً رسالياً وقائداً ربّانياً قد نذر نفسه لله تعالى ولرسالته الخالدة.
النهایة
يثقون بتصريحاته أكثر من قادتهم.. نصر الله يضرب قادة الكيان بمقتل
ثمانٍ وثلاثون مرّت منذ بدء الحرب بين المقاومة اللبنانية وبين الكيان الإسرائيلي، أربعة عقودٍ خبر خلالها مجتمع الكيان الإسرائيلي أنّ كلَّ ما يقوله السيد حسن نصر الله وجدوه حقيقةً واقعة أمامهم، وأنّه لم يُهدد أبداً؛ بل كان يُنفذ مباشرةً، ولنا في قصف البارجة الإسرائيلية في حرب تموز خير دليلٍ على ذلك؛ وكيف كان السيد نصر الله يُبشر اللبنانيين بأن البارجة سوف تحترق وما هي إلّا ثوانٍ قليلة وقبل أن يُنهي خطابه؛ حتى بدأت النيران تأكل تلك البارجة.
على المقلب الآخر؛ فإنّ من يكذب مرّة وثانية وثالثة سيكون من المُحال تصديقه في قوله، وهذا الحال الذي يبدو عليه ساسة الكيان الإسرائيلي، فحتى جمهورهم الداخلي أو أعضاء الأحزاب التي يرأسونها ما عادوا يصدقونهم، وبالطبع فإنّ السبب هو ذاته، فلماذا يُصدق مجتمع الكيان الإسرائيلي السيد نصر الله في الوقت الذي يُكذّب به ساسته الذين ينتخبهم؟.
في البداية؛ لا بُدَّ من التأكيد على أنّ أبرز أسباب نجاح حزب الله ومن خلفه السيد حسن نصر الله هو شبكة المعلومات والاستخبارات الكبيرة التي يتمتع بها الحزب داخل الكيان الإسرائيلي، ناهيك عن أنّ الحزب درس قيادات الكيان السياسية وفهم طريقة تفكيرهم، وهو أمرٌ لا تستطيعه كل الدول العربية مجتمعة، ولهذا شهدنا انتصارات المقاومة في كل المواقع بعكس الجيوش العربية التي تجرّعت كؤوس الهزيمة في كل الحروب التي خاضتها.
أكثر من ذلك وعلى الرغم من امتلاء لبنان بالعملاء؛ غير أنّ الحصول على معلومة بخصوص حزب الله كان بمثابة المُستحيل، وحتى هذه اللحظة فإنّ جميع المعلومات الخاصة بتسليح الحزب أو عدد صواريخه أو قوّاته لا تزال طيّ الكتمان، ولم يستطع الكيان معرفة من يُقاتل.
ومن الأسباب التي جعلت السيد نصر الله موثوقاً لدى جمهور الكيان الإسرائيلي وهو أنّه لا يُشبه لا الزعماء العرب ولا زعماء الكيان، فالسيّد نصر قدّم ابنه "هادي" وقبل أبناء البقيّة شهيداً على درب المقاومة والتحرير في العام 1997، في الوقت الذي كان فيه أبناء القادة العرب وأبناء ساسة الكيان الإسرائيلي يدرسون أو يتسكّعون في شوارع أوروبا، وهو الأمر الذي مّيزه عن بقيّة الزعماء والقادة.
وعلى عكس التجاذبات السياسية في الكيان الإسرائيلي، أو حتى في الدول العربيّة؛ انحاز السيد نصر الله وحزبه إلى الشارع مُبتعداً عن العمل السياسي ومُقرراً البقاء في مقارعة الكيان الإسرائيلي وطرده من جميع الأراضي المُحتلة، وهو الأمر الذي لم يشهده مجتمع الكيان الإسرائيلي، بل على العكس فإنّ كل ساسة الكيان وأكثر ما يهمّهم هو الوصول إلى سُدّة الحكم ولو على حساب الجمهور الذي شهد العالم أجمع أنّ أيّاً من ساسة الكيان لم يسلم من المظاهرات التي طالبت باستقالتهم.
أكثر من ذلك؛ فإنّ تعامل السيد نصر الله مع جنوده من جهة، ومع جمهور المقاومة من جهةٍ أخرى سبب حالة من الصدمة في المجتمع الإسرائيلي، كونهم لم يشهدوا حالة كهذه، بل على العكس؛ فقد كان الانفصام التام من قيادة وساسة الكيان وبين الجمهور، وهو الأمر الذي رفع من مصداقية السيد نصر الله وأثبت للجميع أنّه لا يبحث عن منصب حكومي أو دورٍ سياسي.. إنّه رجل مقاومة.
أكثر من ذلك؛ فالكيان الإسرائيلي وعلى الرغم من أنّ تاريخ كيانه المُصطنع لا يزيد عن اثنين وسبعين عاماً، لكنه وعلى الرغم من ذلك أقدم من تاريخ تشكيل حزب الله؛ غير أنّ الحزب وعلى الرغم من عمره الصغير الذي لا يتجاوز ثمانٍ وثلاثين عاماً استطاع تشكيل مجتمع مُتكافل فالجميع للجميع، وهو الأمر الذي أثار حفيظة اليهود من جهة، ومن جهةٍ أخرى ازداد إعجابهم بالسيد نصر الله الذي تمكّن من فعل ذلك في وقتٍ قصير، في حين أنّ ساسة الكيان لم يستطيعوا صياغة عقدٍ اجتماعي أو مجتمعٍ مُتكافل بمرور ذلك الوقت، بل إنّ الانقسامات داخل مجتمع الكيان أصبحت ظاهرة للعلن، وبات ينقسم هذا المجتمع إلى مجتمعات صغيرة مُتكتلة على بعضها خشية انتقام باقي المجتمعات اليهودية داخل الكيان.
وفي النهاية؛ فإنّ الصدق الذي تحلّى به السيّد نصر الله دفع ممثل الجناح الأكثر تطرفاً في الليكود موشيه فيغلن ليؤكد أن السيد نصر الله أكثر صدقاً من الزعماء الإسرائيليين حيث يقول: "أنا لا أخشى من القول إن الجمهور الإسرائيلي عموماً أدرك خلال حرب تموز أنه إذا كان هناك زعيم يمكن تصديقه في هذا الصراع فهو زعيم العدو نصر الله لا قادتنا".
المصدر:الوقت
حتى لا تغرق في عرقك.. 10 أسرار لمواجهة التعرق الغزير في فصل الصيف
ارتداء الملابس الضيقة يتسبب في إعاقة حركة الهواء تحت الملابس (شترستوك(
يعاني الكثيرون من مشكلة التعرق الغزير، وخاصة خلال فصل الصيف. في التقرير التالي جمعنا نصائح بعض الخبراء التي قد تقلل من التعرق في الأيام الحارة.
تعد مشكلة التعرق الغزير من المشاكل المزعجة، خاصة لمن يعيشون في المناطق الحارة التي ترتفع فيها درجات الحرارة أغلب شهور السنة.
ولتقليل التعرق ينصح بالتالي:
1- تقليل شرب القهوة، وتقليل الوجبات التي تحتوي على البهارات الحارة مثل الفلفل الحار والكاري، إذ إنها قد تؤدي لزيادة التعرق لدى البعض.
2- تناول أطعمة مُرطبة مثل الفاكهة والزبادي والأطعمة التي تحتوي على الزنك، أو المكسرات، والتي تقلل من رائحة العرق الكريهة.
3- ارتداء ملابس مناسبة، إذ يتسبب ارتداء الملابس الضيقة في إعاقة حركة الهواء تحت الملابس، وهو ما يترتب عليه التعرق الشديد. لذلك ينصح بارتداء الملابس التي تترك منفذا للهواء والمصنعة من أقمشة طبيعية مثل الكتان.
4- ارتداء الملابس ذات الألوان الفاتحة لأنها تعكس نور الشمس وتقلل بذلك من التعرق، بعكس الملابس الداكنة التي تمتص الحرارة.
5- استعمال مزيل العرق الصحيح، والأفضل استخدام "مضادات التعرق" (Antiperspirant) وليس "مزيلات العرق" (Deodorant). وتشرح وكالة دويتشه فيله نقلا عن موقع مينز هيلث (Men’s Health) أن الفرق بينهما أن مزيل العرق يقوم فقط بالتغطية على رائحة العرق، بينما تقوم مضادات التعرق بتضييق الغدد العرقية تحت الإبط وبالتالي تقلل من إفراز العرق إلى حد كبير. وينصح باستعمال مضادات التعرق قبل النوم للحصول على أفضل النتائج.
اعلان
ويجب عدم استخدام مضادات التعرق بعد إزالة الشعر تحت الإبطين لما قد يسببه ذلك من التهابات جلدية لدى البعض.
6- الاستحمام بالمياه الفاترة، ومع أنه يستمتع البعض بالاستحمام بالمياه الدافئة أو الساخنة، لكن قد يزيد ذلك من مشكلة التعرق الدائم. إذ قد تتسبب المياه الساخنة في فتح المسام وتحفيز تكوّن العرق. لذلك فمن الأفضل الاستحمام بالمياه الفاترة أو الباردة التي تغلق المسام. كما ينصح باستخدام صابون مضاد للبكتيريا عند الاستحمام، فاختلاط البكتيريا مع العرق تتسب في رائحة العرق المزعجة.
7- الذهاب للساونا، وقد يبدو هذا غريبا، ولكن وفقا لموقع دويتشه فيله فإن الذهاب المتكرر للساونا يعوّد الجسم على تخفيض درجة حرارته تلقائيا، وهو ما سيقلل من تكوّن العرق على المدى الطويل. وينبه الموقع إلى أهمية تعويض ما يفقده الجسم من عرق بشرب الكثير من الماء بعد استعمال الساونا.
8- قد يساعد الخل في تقليل التعرق، وفقا لما نقل دويشته فيله عن موقع ريفانري 29 (Refinery 29) الذي يشيد بأثر الخل على منع التعرق، وينصح بتناول ملعقتين صغيرتين في الصباح، واحدة من الخل الأبيض وواحدة من خل التفاح.
9- الحفاظ على درجة حرارة محيطة مناسبة عبر تشغيل المكيف، أو وضع صحن من الثلج أمام المروحة لتقوم بتبريد الهواء بعض الشيء. كما ينصح بغلق الستائر في فترة النهار لمنع دخول أشعة الشمس للغرفة.
10- ينصح بتأجيل الأعمال البدنية الشاقة للمساء أو تأديتها في الصباح الباكر.
زيارة الطبيب عند التعرق الزائد عن الحد
إذا لم تنجح جميع النصائح السابقة، فيتعين على الشخص الذهاب للطبيب لحل مشكلة التعرق الغزير، ويمكن علاجها عن طريق حقن الأجزاء شديدة التعرق في الجسم بمادة "البوتوكس"، أو الخضوع لعملية جراحية لإزالة الغدد العرقية. وينصح أن تكون هذه الحلول آخر الحلول التي يتم اللجوء لها.
المصدر : دويتشه فيلله+ الجزیره
جدول لقاءات رئيس الوزراء العراقي في طهران
أعلن مساعد شؤون الاتصالات والاعلام في مكتب الرئاسة الايرانية علي رضا معزي عن جدول لقاءات رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي خلال زيارته المرتقبة الى طهران.
واشار معزي الى أن الكاظمي سيصل طهران الثلاثاء على رأس وفد رفيع المستوى وسيكون وزير الطاقة الايراني علي رضا اردكانيان في استقباله بمطار مهر آباد في العصامة طهران
وبعد استقبال الرئيس روحاني للكاظمي بشكل رسمي يبدأ الوفدان الرسميان للبلدين مباحثاتهم، وسيكون لرئيس الوزراء العراقي لقاء خاصا مع الرئيس روحاني.
سيعقب المباحثات بين الوفدين ولقاء الرئيس روحاني مباحثات مشتركة رفيعة المستوى بين البلدين يشارك فيها الكاظمي والنائب الأول للرئيس الايراني اسحاق جهانغيري.
ولفت معزي الى أن الكاظمي سيلتقي خلال زيارته لطهران التي ستستمر يومين بقائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي خامنئي، كما سيلتقي رئيس البرلمان الايراني محمد باقر قاليباف.
واشار الى أن وزراء الخارجية والنفط والكهرباء والمالية والدفاع والصحة ومستشار الأمن القومي سيرافقون الكاظمي لدى زيارته طهران.
المصدر:العالم
تونس في مأزق عدم الاستقرار والأزمة السياسية.. الأسباب والرؤى
تشعر أبو ظبي والرياض بقلق بالغ إزاء نجاح حزب النهضة، خاصة بعدما أصبح راشد الغنوشي، الذي يرأس الحزب، رئيساً للبرلمان التونسي، وقد دفعت هذه التطورات، محور ابو ظبي - الرياض، لبذل قصارى جهدهم لضرب الحزب وإبعاده عن المشهد السياسي التونسي.-في الوقت الذي تمت فيه الموافقة على استقالة رئيس الوزراء التونسي من قبل الرئيس قيس سعيد، دعا الأخير، الكتل البرلمانية إلى تسمية مرشحيها لمنصب رئيس الوزراء خلال العشرة أيام القادمة كحد أقصى. في حين طالبت أربع كتل سياسية مؤخرًا، من خلال مشروع قرار جديد، إلى سحب الثقة عن رئيس مجلس النواب راشد الغنوشي. لذلك يبدو أن تونس، باعتبارها الدولة التي كانت نقطة الانطلاق للثورات العربية "الربيع العربي" وتعتبر نموذجًا ناجحًا في الثورات العربية، تدخل في مأزق عدم الاستقرار السياسي ونشوب الصراعات الداخلية.
أسباب الأزمة السياسية في تونس
منذ بداية الأحداث المعروفة بـ"الربيع العربي" عام 2011 وما تلاها من حضور قوي للتيارات السياسية المقربة من جماعة الإخوان المسلمين في هذه الأحداث، حاول محور أبو ظبي - الرياض بجدية منع هذا التيار من الوصول الى السلطة في الدول العربية، خاصة في دول شمال إفريقيا.
وقد ركز هذا المحور، بعد مصر، بشكل رئيسٍ على تونس، ولم تتمكن تنازلات حزب النهضة التونسي من المبادئ والأسس التي كان من المتوقع أن يلتزم بها، من إعاقة مساعي أبو ظبي والرياض لإبعاد هذا التيار بشكل كامل من الساحة السياسية في تونس.
وفي هذا الصدد، تشعر أبو ظبي والرياض بقلق بالغ إزاء نجاح حزب النهضة، الذي فاز بـ 52 من أصل 217 مقعدًا في الانتخابات البرلمانية الأخيرة في تونس، والتي حاز خلالها حزب النهضة على أكثر المقاعد البرلمانية في البلاد، وأصبح راشد الغنوشي، الذي يرأس الحزب، رئيسا للبرلمان التونسي، وقد دفعت هذه التطورات، محور ابو ظبي - الرياض، لبذل قصارى جهدهم لضرب الحزب وإبعاده عن المشهد السياسي التونسي. وقد أصبح وجود راشد الغنوشي في رئاسة مجلس النواب التونسي مثيرًا للقلق بشكل متزايد على السعودية والإمارات، خاصة بعدما أعلن عن دعمه لدولة الوفاق في الأزمة الليبية. لذلك، توصلت أبو ظبي والرياض إلى استراتيجيتين رئيسيتين لمحاولة ضرب حزب النهضة الذي يرأسه الغنوشي:
1 - مساعي لتصنيف الإخوان المسلمين في تونس ضمن المجاميع الإرهابية: وفي هذا الصدد، تحاول الإمارات العربية المتحدة استغلال قدرات الأحزاب القريبة من هذه الدولة في البرلمان التونسي لوضع اسم الإخوان المسلمين على تصنيف الجماعات الإرهابية من أجل تهميش الوجهة القانونية لحزب النهضة وجعله غير شرعي ومن ثم اقصاءه. وفي هذا السياق، أعلن مؤخرا حزب "الدستور الحر"، الذي يملك 17 مقعداً في البرلمان والقريب من أبوظبي، أنه أرسل مشروع قانون إلى البرلمان لإدراج جماعة الإخوان المسلمين في قائمة الجماعات الإرهابية في تونس.
2. شن هجمات إعلامية ضد حزب النهضة: يلعب هذا الجزء من استراتيجية محور أبوظبي - الرياض دور إضفاء الشرعية على أي عمل يستهدف حزب النهضة، حيث يحاول الإعلام القريب من هذا المحور باستمرار، من خلال تشويه سمعة راشد الغنوشي وحزب النهضة، تمهيد الطريق لإقالته من رئاسة البرلمان، بالإضافة إلى محاولة تهميش حزب النهضة، من أجل تهيئة الأجواء والظروف نحو إجراء انتخابات مبكرة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن تعدد الأحزاب في البرلمان التونسي وفشل كل هذه الأحزاب في تحقيق أغلبية ملحوظة في البرلمان قد وفر أسبابًا للانقسام وعدم الاستقرار في الحكومة، بعبارة أخرى ، بالإضافة الى مخططات الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، فقد تسبب النظام السياسي التونسي وتعدد الأحزاب التي لا تستطيع تحقيق أغلبية كبيرة في البرلمان التونسي، بظهور عدم الاستقرار السياسي في تونس.
رؤية الأزمة السياسية في تونس
بالنظر إلى أن الكتل البرلمانية التونسية الأربعة التي طالبت بسحب الثقة عن راشد الغنوشي تمكنت من جمع 73 توقيعا من النواب، الا إن هذا العدد لا يكفي لإقالة رئيس البرلمان، ولكنه أظهر ارتفاعا ملحوظا في عدد التواقيه مقارنة بالمحاولة السابقة التي قام بها معارضو الغنوشي، حيث تمكنوا من جمع 26 توقيعا فقط، الأمر الذي يشير إلى أن رئاسة الغنوشي في خطر، وهذا لا يشير إلى مستقبل مستقر للبرلمان التونسي.
بالتأكيد على الرغم من أن إقالة رئيس البرلمان لا تتحقق الا بعد موافقة ما لا يقل عن 109 نائب (نصف زائد واحد من إجمالي النواب)، لكن يبدو أن اللوبي الإماراتي السعودي، إلى جانب أعمال ومواقف الغنوشي الأخيرة، وضعته أمام انتقادات حقيقية من قبل بعض النواب التونسيين، مما عرض منصبه كرئيس للبرلمان التونسي للخطر.
نظرا لهذه الظروف، يبدو أن مستقبل السياسية التونسية يتوقف بالدرجة الأولى على موقف برلمان البلاد وكذلك على النتائج التي ستسفر عنها المواجهة الحالية القائمة بين حزب النهضة والأحزاب القريبة من محور ابو ظبي - الرياض، لأن نوع النظام السياسي في تونس وتعدد أحزابه هو أمر ثابت في البلاد رغم أنه أدى الى زعزعة الاستقرار السياسي فيه، وبالتالي هو يتغير بتغير التأثير الخارجي عليه بالإضافة الى تأثره بكل ما يمس الهيكل السياسي في البلاد ويؤدي بالتالي الى حدوث زعزعة سياسية ونزاعات داخلية، وهو ما يعمل لأجله محور ابو ظبي - الرياض.
المصدر:الوقت
تبعية دار الإفتاء.. السيسي يحسم جولة في صراعه مع شيخ الأزهر
معركة جديدة يبدو أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي كسبها هذه المرة بمواجهة شيخ الأزهر أحمد الطيب، حيث وافق مجلس النواب على تعديلات لقانون دار الإفتاء، رغم اعتراضات الطيب وهيئة كبار العلماء.
ووافق النواب أمس الأحد على تعديل قانون تنظيم دار الإفتاء بما ينص على تبعيتها لمجلس الوزراء بدلا من وزارة العدل، واعتبارها كيانا دينيا مستقلا، وهو ما رفضه بعض النواب وممثل الأزهر باعتباره يمس استقلالية الأزهر.
وينهي القانون الطريقة التي اعتمدت عام 2012 في عهد الرئيس الراحل محمد مرسي والتي تقضي بانتخاب المفتي من خلال اقتراع سري مباشر، يصوت فيه أعضاء هيئة كبار العلماء التي يترأسها شيخ الأزهر.
في المقابل، يؤسس القانون لآلية مغايرة توقف سلطة هيئة كبار العلماء عند اختيار ثلاثة مرشحين للمنصب من داخل الهيئة أو من خارجها، ثم ترفع ترشيحاتها تلك لرئيس الجمهورية الذي منحه القانون سلطة مطلقة في الاختيار من بين المرشحين الثلاثة، كما منحه الحق في التمديد للمفتي بعد أن يبلغ السن القانونية.
من جهتها أكدت اللجنة المشتركة من لجان: الشؤون الدينية والأوقاف، والخطة والموازنة، والشؤون الدستورية بالبرلمان -في تقرير سابق- أن مشروع القانون يهدف إلى إعادة تنظيم دار الإفتاء ومنحها الشخصية الاعتبارية المستقلة والاستقلال.
ووفقا لتقرير اللجنة المشتركة، يهدف مشروع القانون لإعادة تنظيم كل ما يتعلق بالمفتي من حيث: وضعه الوظيفي، وإجراءات تعيينه واختياره، ومدة شغله للمنصب، والتجديد له، وسلطاته، واختصاصاته، ومن ينوب عنه في تسيير شؤون الدار بوجه عام في أحوال معينة.
مجلس النواب يوافق من حيث المبدأ على تعديلات قانون دار الإفتاء والتي تقضي بتبعيتها لوزارة العدل بدلًا من الأزهر الشريف وهو ما تعتبره هيئة كبار العلماء عدوانًا على الأزهر
مخالفة دستورية وكيان مواز
وخلال جلسة الموافقة على القانون، قال ممثل الأزهر محمد الضويني الأمين العام لهيئة كبار العلماء إن مشروع القانون يعتدي على اختصاصات الأزهر، مشيرا إلى أن أي هيئة دينية يتم إنشاؤها تعد جزءا لا يتجزأ من رسالة الأزهر "ومن يقُل بغير ذلك يشكل مخالفة صريحة للدستور" مطالبا بأن تكون تبعية دار الإفتاء للأزهر الشريف.
وحذر الضويني من تغول دار الإفتاء على الأزهر بقوله "إذا زرعت الفتنة والخلاف بين الأزهر الشريف والمؤسسات الدينية، وسمح لدار الإفتاء بالتغول على اختصاصات الأزهر الشريف، فلن نجني إلا خطابا متباينا".
وأوضح الأمين العام لهيئة كبار العلماء أن دار الإفتاء ليس لها استقلالية الرأي الشرعي، مشيرا إلى أن هناك مسائل يتم العودة فيها في الأساس لهيئة كبار العلماء، وأن (هذا) القانون -بالإضافة إلى مخالفته للدستور- يعمل على إنشاء كيان مواز للأزهر، وهو ما يتجاوز حدود الخلاف على الاختصاص.
ومساء السبت الماضي، نقلت وسائل إعلام محلية نص خطاب أرسله الأزهر لرئيس البرلمان علي عبد العال، يتضمن رأي هيئة كبار العلماء في القانون، مؤكدا أن مواد هذا المشروع تخالف الدستور وتمس باستقلالية الأزهر والهيئات التابعة له، وعلى رأسها هيئة كبار العلماء وجامعة الأزهر ومجمع البحوث الإسلامية.
وأوضح الخطاب أن الدستور نصّ على أن الأزهر هو المرجع الأساس في كل الأمور الدينية والشرعية التي في صدارتها الإفتاء.
وأضاف أنه غير صحيح ما ذكر في مقدمة القانون من أن هناك فصلا بين الإفتاء والأزهر منذ نحو 700 عام، وأن هناك كيانا مستقلا (دار الإفتاء) مؤكدا أن مقر الإفتاء في القدم كان في الجامع الأزهر.
وتابع أن جميع مناصب الإفتاء في مصر طوال العصر العثماني كانت في يد علماء الأزهر: وأشهرها إفتاء السلطنة والقاهرة والأقاليم، موضحا أن مشروع القانون المقترح تضمن عُدوانا على اختصاص هيئة كبار العلماء بالأزهر واستقلالها.
معركة جديدة
وقال مغردون ونشطاء إن القانون الجديد يعتبر معركة جديدة بين السيسي والطيب، وذلك في إطار المعارك المستمرة بين الطرفين، على غرار قضايا الطلاق الشفهي وما سمي تجديد الخطاب الديني ومسؤولية التراث عن العنف والإرهاب، وهي القضايا التي أثارت جدلا بين الطرفين، وبعضها كان على الهواء مباشرة.
وتعد السلطة الوحيدة التي لا يملكها السيسي أو يسيطر عليها بشكل تام هي سلطة تعيين شيخ الأزهر أو عزله، بفضل تحصين المنصب بعد جهود حثيثة قادها الطيب عام 2012 لإقرار تعديلات بعض أحكام القانون رقم 103 لسنة 1961، المتعلقة بإعادة تنظيم الأزهر والهيئات التي يشملها.
وفي يونيو/حزيران 2016، أطلق الطيب "إستراتيجية الأزهر" في الإصلاحِ والتَجديد، والتي تتضمن 15 محورا، وتعتمد على وسائل التواصل الحديثة سواء من خلال شبكات التواصل الاجتماعي أو المحطات الفضائية والصحف وغيرها.
لكنه طالما اشتكى من إغلاق القنوات التلفزيونية والصحف أبوابها أمام الأزهر ومشايخه، مشيرا إلى أنه "كانت هناك حملة على الأزهر الشريف" وأنها تصب في مصلحة "داعش"
لم يستطع نابليون المساس بالازهر الشريف و لم يستطع الاحتلال الانجليزي لمصر ان يمس الأزهر بسوء ولكن عصابة 23 يوليو 1952 هي من عبثت بالازهر فكانت البداية مع كبيرهم الحنجوري عبناصر الذي أمم
الأزهر و جعل تعيين شيخه من قبل رئيس الجمهورية ثم أخرهم الذي يحاول إغلاق الأزهر نهائياً.
ولا يترك السيسي مناسبة إلا يدعو فيها إلى ضرورة "تجديد الخطاب الديني" محمّلا مشيخة الأزهر مسؤولية الاستجابة لدعوته التي صرّح بها في الأول من يناير/كانون الثاني 2015، خلال احتفال الدولة بالمولد النبوي الشريف، مطالبا بما وصفها بثورة دينية لتغيير المفاهيم الخاطئة.
وخلال الاحتفال بالمولد النبوي العام الماضي، هاجم شيخ الأزهر ما وصفها بـ "الصيحات التي دأبت على التشكيك في قيمة السنة النبوية وفي ثبوتها وحجيتها والطعن في رواتها" كما هاجم الدعوات "المطالبة باستبعاد السنة جملة وتفصيلا من دائرة التشريع والأحكام والاعتماد على القرآن الكريم فحسب".
ويبدو أن خطاب شيخ الأزهر أثار حفيظة السيسي الذي أنهى كلمته المكتوبة، ثم اشتبك مع ما ذكره الطيب بشكل مباشر، مؤكدا أن خطاب شيخ الأزهر دفعه للحديث خارج السياق قليلا، مضيفا "أرجو ألا يفهم أحد كلامي على أنه إساءة إلى أي أحد".
وتساءل السيسي "من أساء إلى الإسلام أكثر: الدعوة إلى ترك السنة النبوية والاكتفاء بالقرآن فقط، أم الفهم الخاطئ والتطرف الشديد؟ ما سمعة المسلمين في العالم الآن؟".
ويعود الخلاف بين الطيب والسيسي إلى مواقف الأول الرافضة للعنف، والتي بدأت في أعقاب "أحداث الحرس الجمهوري" يوم 8 يوليو/تموز 2013 بعد خمسة أيام من الانقلاب الذي قاده السيسي عندما كان وزيرا للدفاع على الرئيس المنتخب (مرسي) حين قتل الجيش عشرات المعارضين. فقد طالب الطيب بفتح تحقيق قضائي، وتشكيل لجنة للمصالحة الوطنية، وإطلاق سراح جميع المعتقلين.
وكانت المرة الثانية في أعقاب فض اعتصام معارضي الانقلاب في ميدان رابعة العدوية يوم 14 أغسطس/آب 2013 بالقوة، مما أدى إلى مقتل وجرح آلاف الأشخاص، وأعلن الطيب حينها -في بيان صوتي- تبرؤه مما حدث، قبل أن يعتزل في مسقط رأسه بالأقصر.
وفي أعقاب تولي السيسي الحكم منتصف 2014، برزت الخلافات على السطح، وتحولت المؤتمرات التي تجمعه بشيخ الأزهر إلى ساحات مقارعة تتسم بالشد والجذب والهجوم الصريح والتلميح، فضلا عن أزمات متتالية مثل أزمة تكفير تنظيم الدولة، حيث رفض الطيب في 11 ديسمبر/كانون الأول 2014 تكفير التنظيم كما دعت وسائل الإعلام المحسوبة على النظام.
المصدرالجزیره
"آيا صوفيا" .. الجذور التاريخية والأبعاد السياسية (مقال)
على مر التاريخ، شكل الصرح التاريخي "آيا صوفيا" رمزا لحضارات وتاريخ المنطقة، حيث امتلكه السلطان محمد الفاتح بعد فتحه لمدينة إسطنبول عام 1453، قبل أن يقرر مجلس الوزراء التركي عام 1934 تحويل المكان من مسجد إلى متحف.
إسطنبول/ محمود عثمان
- على مر التاريخ، شكل الصرح التاريخي "آيا صوفيا" رمزا لحضارات وتاريخ المنطقة، حيث امتلكه السلطان محمد الفاتح بعد فتحه لمدينة إسطنبول عام 1453، قبل أن يقرر مجلس الوزراء التركي عام 1934 تحويل المكان من مسجد إلى متحف.
- هذا القرار ألغته المحكمة الإدارية العليا قبل أيام، ليوقع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على قرار يقضي بافتتاح المكان للعبادة مجددا بهد توقف دام 86 عاما.
- العديد من الدول الغربية وعلى رأسها الأوروبية أبدت ردود فعل رافضة للقرار التركي، لكن في المقابل أصرت أنقرة على أحقية قرارها واعتبرته "قرارا سياديا"، داعيةً تلكم الدول عن احترامه، كما لتركيا رسائل سياسية رغبت في توجيهها عبر افتتاح آيا صوفيا، منها أنها قوة إقليمية قادرة بمفردها على لعب دور دولي فعال، وليست عديمة الخيارات محكومة للاتحاد الأوربي والناتو فقط
ألقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، خطابًا تاريخيًا تزامنا مع إلغاء "المحكمة الإدارية العليا"، قرار مجلس الوزراء الصادر عام 1934، والقاضي بتحويل "آيا صوفيا" بمدينة إسطنبول من مسجد إلى متحف، وذلك عقب توقيعه قرارا بنقل تبعية الصرح التاريخي من وزارة الثقافة والسياحة إلى رئاسة الشؤون الدينية، من أجله فتحه للعبادة.
ويعد سند وقفية السلطان العثماني محمد الفاتح، أساسا للتصرف بملكية وممتلكات مسجد آيا صوفيا.
وفي محاولة منه لقطع الطريق أمام المشككين، أبدى الرئيس أردوغان استعداد بلاده لسماع جميع وجهات النظر الدولية حول هذه المسألة، وتفهم الآراء المطروحة على الساحة الدولية بهذا الصدد، شرط مراعاة أن الغرض الذي سيستخدم فيه المكان متعلق بحقوق السيادة التركية.
** الخطوات الإجرائية القانونية
إجرائيا، قامت "المحكمة الإدارية العليا" في تركيا، بإلغاء قرار مجلس الوزراء لعام 1934، القاضي بتحويل "آيا صوفيا" من مسجد إلى متحف. وبموجب القرار الصادر عن المحكمة عاد المكان ثانية إلى كونه مسجدا بعد 86 عاما، وبذلك يعود "آيا صوفيا" للخدمة كمسجد وفق ماهو مبُيّن في سند الوقف الذي أسسه السلطان العثماني محمد الفاتح، بعد فتحه إسطنبول عام 1453.
ووفق ما أعلنه الرئيس التركي، فإن افتتاح "آيا صوفيا" للعبادة سيكون في 24 يوليو/ تموز الجاري، عبر إقامة صلاة الجمعة، كما سيتم إلغاء رسوم الدخول إلى المسجد عقب رفع وضعية المتحف عنه.
ويعتبر آيا صوفيا ثالت مكان للعبادة عالميا من حيث استقبال الزوار، حيث يزيد عددهم عن ثلاثة ملايين زائر سنويا بمقابل مادي قدره 25 مليون دولار، تخلت عنه تركيا، ليبقى تراثا إنسانيا يزوره الجميع.
** الجذور التاريخية
يعتبر فتح إسطنبول وتحويل "آيا صوفيا" إلى مسجد، الحدث الأهم والأبرز في التاريخ الإسلامي التركي. فبعد حصار طويل دخل السلطان محمد الفاتح المدينة فاتحا في 29 مايو/أيار 1453، وتوجه مباشرة إلى آيا صوفيا، وغرس رايته هناك كرمز للفتح، ثم رمى سهما باتجاه القبة. وهكذا سجل فتحه، لينتقل بعدها إلى أحد زوايا المعبد فيسجد سجدة شكر ثم يصلي ركعتين، وبهذا تحول المكان من معبد إلى مسجد.
ويروي المؤرخون أن السلطان الفاتح تلا بيتين من الشعر عند وقوفه أمام منظر الخراب الذي حل بالصرح قال فيهما "عنكبوت ينسج ستارة في قصر قيصر.. وبومة تحرس في برج أفراسياب".
"آيا صوفيا" التي دخلها السلطان الفاتح، كانت قد بنيت للمرة الثالثة على أطلال كنيستين دمرتا وحرقتا خلال فترة الاضطرابات بالدولة البيزنطية، تحولت إلى جامع ودار للعبادة بعد ثلاثة أيام من فتح المدينة، حصيلة جهد مضن بذله الفاتح ليقيم صلاة الجمعة فيه.
وبفتحه إسطنبول، يكون محمد الفاتح قد حصل أيضا على لقب الإمبراطور الروماني، وبالتالي أصبح مالكا للعقارات المسجلة باسم الأسرة البيزنطية، ووفقا لهذا القانون، تم تسجيل آيا صوفيا باسم محمد الفاتح والوقف الذي أسسه، كما صدرت في فترة الجمهورية نسخة رسمية من سند الملكية المعد بالأحرف الجديدة (التي تكتب بها التركية الحالية)، ليسجل وضعه القانوني بشكل رسمي.
ولولا أن آيا صوفيا كانت ملكا للسلطان محمد الفاتح، لما كان له الحق في تسجيل هذا المكان باسمه قانونيا، ويقول السلطان محمد الفاتح، في واحدة من مئات صفحاته الوقفية التي يرجع تاريخها إلى 1 يونيو/ حزيران 1453، ما يلي:
"أي شخص قام بتغيير هذه الوقفية التي حولت آيا صوفيا إلى مسجد، أو قام بتبديل إحدى موادها، أو ألغاها أو حتى قام بتعديلها، أو سعى لوقف العمل بحكم الوقف الخاص بالمسجد من خلال أي مؤامرة أو تأويل فاسق أو فاسد، أو غير أصله، واعترض على تفريعاته، أو ساعد وأرشد من يقومون بذلك، أو ساهم مع من قاموا بمثل هذه التصرفات بشكل غير قانوني، أو قام بإخراج آيا صوفيا من كونه مسجدًا، أو طالب بأشياء مثل حق الوصاية من خلال أوراق مزورة، أو سجله (المكان) في سجلاته عن طريق الباطل أو أضافه لحسابه كذبًا، أقول في حضوركم جميعًا أنه يكون قد ارتكب أكبر أنواع الحرام واقترف إثمًا".
ويضيف: "من غيّر هذه الوقفية شخصًا كان أوجماعة، عليه أو عليهم إلى الأبد لعنة الله والنبي والملائكة والحكام وكل المسلمين أجمعين، ونسأل الله ألا يخفف عنهم العذاب، وألا ينظر لوجوههم يوم الحشر، ومن سمع هذا الكلام، وواصل سعيه لتغيير ذلك، سيقع ذنبه على من يسمح له بالتغيير، وعليهم جميعًا عذاب من الله، والله سميع عليم".
وقد سعى جميع السلاطين العثمانيين، الذين خلفوا السلطان محمد الفاتح، إلى إضفاء مزيد من الجمال على مدينة إسطنبول وعلى "آيا صوفيا" التي عرفت مع مرور الزمن بمسجد المدينة الكبير بعد الإضافات التي ألحقت بها من أطرافها، لتغدو مجمعا يقدم خدماته للمؤمنين عبر العصور.
وحتى اسم الصرح التاريخي الذي يعني "حكمة الرب" بقي كما هو ولم يتم تغييره، بل احتل مكانة خاصة في أفئدة الشعب التركي على مر العصور، ومحبة خاصة توارثتها الأجيال.
** أيا صوفيا أيقونة التاريخ التركي
حظيت "آيا صوفيا" بمكانة خاصة عند الأدباء والشعراء، إذ سبق للشاعر التركي يحيى كمال بياتلي، أن كتب مقالا عام 1922 قال فيه إن "هذه الدولة لها أساسان معنويان، أولها الأذان من مآذن آيا صوفيا وهي مازالت تصدح، والثانية تلاوة القرآن الكريم أمام الخرقة الشريفة (بردة النبي الكريم بقصر طوب قابي في إسطنبول) وهي مازالت تتلألأ".
وقد ألفت أشعار كثيرة، كتبها أدباء وشعراء أتراك، تغنوا بآيا صوفيا كأيقونة لفتح إسطنبول، كالكاتب والشاعر والمفكر التركي نجيب فاضل قصاكورك، عندما قال "من تراودهم المخاوف ببقاء الأتراك في هذا الوطن.. هم أنفسهم الذين تراودهم الشكوك من إعادة فتح آيا صوفيا للعبادة من جديد".
وكذلك ذكر الكاتب التركي عثمان يوكسل سردنغتشيت، مقالة قد تمت محاكمته وإعدامه بسببها تحت عنوان "آيا صوفيا" قال فيها "آيا صوفيا ! أيها المعبد العظيم، لا تقلق سيحطم أحفاد الفاتح كل الأصنام، ويحولونك إلى مسجد، ويتوضأون بدموعهم ويخرون سجدًا بين جدرانك، وسيصدح التهليل والتكبير ثانية بين قبابك، وسيكون هذا الفتح الثاني، وسيكتب الشعراء عنه الملاحم، وسيصدح الآذان من جديد وأصوات التكبير من تلك المآذن الصامتة اليتيمة، وستتوهج شرفات مآذنك بالأنوار تقديسًا لله وشرف نبيه، حتى أن الناس سيظنون أن الفاتح بعث من جديد. كل هذا سيحدث يا آيا صوفيا، والفتح الثاني سيكون بعثًا بعد موت، هذا أمر أكيد لا تقلق، وهذه الأيام باتت قريبة، ربما غدًا أو أقرب من غد".
** سيبقى أيا صوفيا تراثا إنسانيا
في خطابه بهذه المناسبة، أعلن الرئيس أردوغان بأن "مسجد آيا صوفيا سيبقى تراثا مشتركًا للإنسانية ، يفتح أبوابه أمام الجميع من مواطنين وأجانب مسلمين وغير مسلمين، شأنه في ذلك شأن جميع مساجدنا، وسيواصل احتضان الجميع بشكل أكثر صدقا وأصالة. وندعو الجميع إلى احترام القرار الذي اتخذته الهيئات القضائية والتنفيذية في تركيا، وأي موقف يتجاوز التعبير عن الآراء، انتهاك للسيادة، ومن ثم ننتظر من تلك الدول نفس التفهّم حول حفاظ تركيا على حقوقها التاريخية والقانونية. فهذه الحقوق لا تعود لـ 50 أو 100 سنة، وإنما 567 سنة".
** آيا صوفيا والحريات الدينية
ثمة من يعارض إعادة آيا صوفيا لمسجد، بذريعة الحريات الدينية، وتكفي الإشارة بهذا الخصوص إلى وجود أكثر من 453 كنيسة وكنيسا مفتوحا للعبادة في تركيا، يقصدها المسيحيون وغيرهم من شتى البلدان، وهذا العدد يفوق ما لدى أوربا مجتمعة من جوامع ومساجد إسلامية.
إبان حكم الحزب الواحد، في بداية تأسيس الجمهورية التركية، أصدرت الحكومة مرسومًا يقضي أن تكون المسافة بين المسجد والمسجد 500 مترا على الأقل. هذا المرسوم كان هدفه إغلاق "آيا صوفيا" أمام العبادة. بعد ذلك وبتاريخ 1 فبراير/ شباط 1935، تم الإعلان عن تحويل المكان إلى متحف وفتحه أمام الزوار.
وخلال السنوات التي أغلق فيها آيا صوفيا أمام العبادة تعرض لعمليات تغيير ممنهجة لمعالمه، فقد هدمت الجامعة التي كانت موجودة بالمكان، المبنية من طرف السلطان الفاتح، وكانت تعد أول جامعة عثمانية، ثم تم تقطيع السجاد النادر المفروش على الأرضية، ليوزع هنا وهناك، وأخذت الشموع العتيقة وتم صهرها.
وكان هناك نية بعدم إبقاء أي أثر من "آيا صوفيا" عندما كان مسجدا، كادوا يهدمون حتى مآذنه، حيث تم تدمير المأذنة الصغيرة لآيا صوفيا التي بنيت في عهد السلطان بايزيد الثاني، وعندما رأى المؤرخ الصحفي إبراهيم حقي قونيالي أن الدور قادم على آيا صوفيا، قام بنشر تقرير على الفور قال فيه: إن هذه المآذن تعد الداعم لقبة المسجد، وإذا تم تدمير هذه المآذن فإن آيا صوفيا ستنهار أيضا، عندها توقفوا عن التدمير.
** الأبعاد السياسية لعودة جامع أيا صوفيا
داخليا، ثمة برود طرأ على علاقة حزب العدالة والتنمية بالشارع المتدين المحافظ، تجلى ذلك في انتخابات بلدية إسطنبول، بعد المحللين يربطون قرار أيا صوفيا بترميم تلك العلاقة، حيث سعى الرئيس أردوغان إلى التأكيد على أنه ما زال مجددا ومنفذا لوعوده دون خشية من أحد، وأنه مازال قادراً على اتخاذ قرارات جريئة مستقلة، تلبي رغبات قواعده الانتخابية وتحقق أحلامهم التاريخية.
الأمر الآخر هو قطع الطريق على منافسيه السياسيين القدامى والجدد من كسب ود الشارع المتدين المحافظ، وكذلك ما سيثيره هذا القرار من ضجة إيجابية وسلبية حوله، من شأنه قطع الطريق على محاولة المعارضة تسويق أكرم إمام أوغلو رئيس بلدية إسطنبول، أو أحدا غيره، للمنافسة في انتخابات الرئاسة المقبلة.
خارجيا، في بداية الثلاثينيات واجهت تركيا تهديداً إيطالياً وبلغارياً مع تنامي الفاشية وزيادة التوترات الناتجة عن الخلافات الحدودية التي خلفتها الحرب العالمية الأولى. استغل رئيس وزراء اليونان آنذلك، ذلك فطلب من رئيس وزراء تركيا آنذاك جلال بيار، تحويل مسجد آيا صوفيا، الذي يعتبره اليونانيون الأرثوذكس كنيستهم المسلوبة، إلى متحف، مقابل قبول الدول الأعضاء بحلف البلقان بانضمام تركيا إليه. ليستحسن مصطفى كمال أتاتورك الفكرة، واتخذ مجلس الوزراء قراراً بتحويل المسجد إلى متحف، وفعلا تم توقيع اتفاقية حلف البلقان في نفس العام بمشاركة تركية.
تتركز ردود الأفعال الناقدة لقرار افتتاح آيا صوفيا للعبادة، الصادرة عن العديد من الحكومات الغربية والشرقية، على أمرين، الأول هو تحقيق تركيا استقلالاً كاملاً في القرار، والثاني هو المركزية السياسية الإسلامية لتركيا. لذلك رأينا أن التصريحات الرافضة والمنتقدة، لم تأتِ من الدول ذات الأغلبية الأرثوذوكسية فحسب، بل جاءت من جميع الأطراف التي تريد من تركيا أن تبقى دولة وظيفية تؤدي الدور المطلوب منها، لا قوة إقليمية لها مصالحها وأجندتها المستقلة.
هذا القرار شكل رسالة واضحة للاتحاد الأوربي، الذي ما زالت غالبية دوله تنظر لتركيا بعين أيديولوجية لا تخلو من عقد الحروب الصليبية، رسالة مفادها بأن تركيا قد سئمت من سياسات التسويف والمماطلة والكيل بمكيالين وازدواجية المعايير التي ينتهجها الاتحاد حيال انضمامها لعضويته. وأن صبر تركيا بدأ ينفذ، وأنها كقوة إقليمية قادرة بمفردها على لعب دور دولي فعال، وأنها ليست عديمة الخيارات محكومة للاتحاد الأوربي والناتو فقط، وأن كسب تركيا حليفا خير لهم من خسارتها.
المصدر:الاناظول
البرلمان المصري يوافق على نشر قوات مسلحة في مهام قتالية بالخارج
مجلس النواب المصري يوافق على إرسال عناصر من القوات المسلحة المصرية في مهام قتالية خارج حدود الدولة، وعلى نشر "قوات للدفاع عن الأمن القومي على جبهات عربية استراتيجية".
وافق مجلس النواب المصري بإجماع آراء الأعضاء الحاضرين على إرسال عناصر من القوات المسلحة المصرية في مهام قتالية خارج حدود الدولة المصرية، "للدفاع عن الأمن القومي المصري في الاتجاه الاستراتيجي العربي ضد أعمال الميلشيات الإجرامية المسلحة والعناصر الإرهابية الأجنبية إلى حين انتهاء مهمة القوات"، وفق بيان صدر عنه اليوم الإثنين.
ووافق أيضاً على نشر "قوات للدفاع عن الأمن القومي على جبهات عربية استراتيجية".
وعملاً بحكم المادة 152 من الدستور والمادة 130 من اللائحة الداخلية للمجلس، دعا علي عبد العال رئيس المجلس، أعضاء المجلس للانعقاد في جلسة سرية حضرها 510 من أعضاء المجلس، "للنظر في الموافقة على إرسال عناصر من القوات المسلحة المصرية في مهام قتالية خارج حدود الدولة المصرية، للدفاع عن الأمن القومي المصري في الاتجاه الاستراتيجي العربي ضد أعمال الميلشيات الإجرامية المسلحة والعناصر الإرهابية الأجنبية إلى حين انتهاء مهمة القوات".
وتم استعراض خلال هذه الجلسة، مخرجات اجتماع مجلس الدفاع الوطني المنعقد صباح أمس الأحد برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي والتهديدات التي تتعرض لها الدولة من الناحية الغربية، وما يمثله ذلك من تهديد للأمن القومي المصري.
وأكد مجلس النواب على "أن الأمة المصرية على مر تاريخها أمة داعية للسلام لكنها لا تقبل التعدي عليها أو التفريط في حقوقها وهي قادرة بمنتهى القوة على الدفاع عن نفسها وعن مصالحها وعن أشقائها وجيرانها من أي خطر أو تهديد، وأن القوات المسلحة وقيادتها لديها الرخصة الدستورية والقانونية لتحديد زمان ومكان الرد على هذه الأخطار والتهديدات" .
وكان المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية قد قال منذ قليل، إن "الاتصال بين الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والمصري عبدالفتاح السيسي تناول آخر مستجدات القضية الليبية، حيث استعرض الأخير موقف مصر الاستراتيجي الثابت تجاه القضية الليبية".
في حين نقلت وكالة رويترز عن الرئاسة المصرية إن السيسي وترامب اتفقا على تثبيت وقف إطلاق النار في ليبيا وعدم التصعيد تمهيداً للبدء في تفعيل الحوار والحلول السياسية.
المصدر:المیادین
الاتفاقية الايرانية الصينية تبطل الحظر الأميركي
في الوقت الذي تمضي فيه الاتفاقية الايرانية الصينية مراحلها الأولية؛ فإن الهجمات الكثيفة ضدها تدلل على أن الممتعضين من هذا الموضوع ليسوا قليلين.
التحليل:
لقد تم الاعلان عن الاتفاقية الصينية الايرانية في الوقت الذي كان يعتقد فيه الكثيرون أن السبيل الوحيد الذي بقي أمام ايران جراء الحظر الشديد الذي تفرضه الولايات المتحدة ضدها هو اما التفاوض أو الانهيار، غير أن آفاق الاتفاقية وعزم البلدين على تفعيل ما جاء فيها يبين أن ما يروج له خلاف الواقع وأن الطرق في العالم لا تنتهي كلها الى الولايات المتحدة وقرارات البيت الأبيض.
وخلافا لنظرة الكثيرين فان العالم اليوم عالم التعاون المتبادل، وفي هذا العالم فان كل دولة تستطيع استثمار تعاملها مع الاخرين وفق قدراتها وامكانياتها ومصادرها، وفي الوقت الذي تحافظ فيه على استقلالها وتحصين سيادتها فانها تمضي قدما في مسيرها الخاص بها. وفي هذا الاطار يبدو أن السبب الرئيسي في امتعاض بعض الدول من الاتفاقية الايرانية الصينية يعود الى اختيار ايران لمثل هكذا طريق في عالم ما يسمى بالاحادية ليكون الطريق الذي سلكته ايران نموذجا جديدا تنتهجه سائر الدول وخاصة تلك الدول التي تعتقد أن غضب الولايات المتحدة يعني نهاية العالم.
يعتقد ترامب أن فرض الحظر على ايران، وتطبيق قانون قيصر على سورية، وتضييق الخناق الاقتصادي على لبنان بذريعة وجود حزب الله، وفرض الحصار الكامل على اليمن، وممارسة الضغوط القصوى على فلسطين؛ تجعل هذه الدول تستسلم امامه، وبذلك ينهار ويتلاشى محور المقاومة، بينما لا الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي ولا تطبيق قانون قيصر ولا ممارسة الضغوط على سائر أعضاء محور المقاومة حقق النتائج التي كان يتوخاها ترامب، بل الملفت في كل ذلك أن السياسة التي تنتهجها ايران في اتفاقيتها مع الصين تزف البشرى في الآفاق لسائر دول العالم بأنها في الوقت الذي تتمسك فيه بمواقفها ومبادئها فانها تستطيع أن تسلك سبيلا جديدا ينأى عن الضغوط والقرارات الغربية.
المتوقع من الآن فصاعدا أن تتوسع دائرة الاحتجاج والاعتراض الاميركي والغربي ضد الاتفاقية آنفة الذكر، وربما ستصل الى أبعاد أخرى ولا تقتصر على المجال الاعلامي والحرب الناعمة، ومن الطبيعي فانه كلما تزايد الاعتراض من هذا النوع فانه يدلل على أن الحظر يواجه طرقا مسدودة جديدة.
يمكن القول أنه ليس هناك منفذا لخرق الحظر المفروض على ايران وسائر محور المقاومة لم تغلقه الولايات المتحدة الأميركية، الا أن الاتفاقية الجديدة بين ايران والصين برهنت على أنه يمكن سحق الحظر الاميركي.
المصدر:العالم
وسائل إعلام إسرائيلية: الاتفاق الصيني – الإيراني المقترح أخبار سيئة
- الكاتب: لاهاف هاركوف
- المصدر: جيروزاليم بوست
صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية تتحدث في مقال لها عن العلاقات الإيرانية الصينية، وتشرح كيف تهدد هذه العلاقة "إسرائيل" لأن أي دولار "يدخل إلى النظام الإيراني يمكن إنفاقه على الأرجح ضدّ "إسرائيل".
مع عمل إيران والصين على صفقة اقتصادية وأمنية تبلغ قيمتها مليارات الدولارات لمدة 25 عاماً، لدى "إسرائيل" أسباب عديدة للقلق وحتى التوجّس. الاتفاق المقترح، الذي سُرّب إلى صحيفة "نيويورك تايمز" وأوردته السبت، سيؤدي إلى علاقة عسكرية أوثق بين طهران وبكين، بما في ذلك تدريبات عسكرية مشتركة، وبحث وتطوير أسلحة وتبادل معلومات استخبارية. كما أنه سيزيد الاستثمارات الصينية في المصارف والاتصالات والمواصلات الإيرانية، مثل المطارات وسكك الحديد.
وبحسب ما ورد ستحصل الصين في المقابل على إمدادات مخفضة [الثمن] من النفط الإيراني.
تصف الوثيقة البلدان على أنهما "دولتان آسيويتان عريقتان ... لهما رؤية مماثلة، ستعتبر إحداهما الأخرى شريكة استراتيجية". لم يؤكّد أيّ من الجانبين علانية أن الوثيقة حقيقية، أو أنهما وقّعا عليها أو أن هناك أيّ اتفاق من هذا القبيل. لدى سؤاله حول اتفاق مع إيران في الأسبوع الماضي، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية تشاو ليجيان: "الصين وإيران تتمتعان بصداقة تقليدية، وكان الجانبان على اتصال بشأن تطوير العلاقات الثنائية. نحن على استعداد للعمل مع إيران لدفع التعاون العملي بشكلٍ مطّرد".
في غضون ذلك، هناك جدل عام في إيران حول ما إذا كان الاتفاق يمكن أن يكون فخّاً للديون، حيث عارضه الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد. كان الاتفاق قيد التنفيذ منذ فترة طويلة - اقترحه الزعيم الصيني شي جين بينغ لأول مرة في زيارة إلى طهران في عام 2016 - ومن المرجح أن يتعلق توقيت التقدم الأخير بكون إيران ضعيفة اقتصادياً بشكل خاص هذه الأيام.
وفقاً لكاريس ويت [إسرائيلية]، المديرة التنفيذية لشركة SIGNAL، وهي مؤسسة فكرية تركز على العلاقات الصينية - الإسرائيلية: "هذا مؤشر على المقاربة الصينية، (لتحديد) مكمن الضعف، ثم البحث بصبر عن طرق للاستفادة منه".
الصين ستستفيد كثيراً من الاتفاق إلى جانب خصم على الغاز فيما أسعار الطاقة تنخفض على أيّ حال. الاتفاق يتناسب مع مبادرة الحزام والطريق الصينية لبناء البنية التحتية في جميع أنحاء العالم، مع جلب إيران إلى مدار نفوذها. كما أنها ستدعم العملة الرقمية الصينية الجديدة E-RMB كوسيلة لتجاوز الأنظمة الأميركية وتقليل قوة الدولار - وهي طريقة أخرى يمكن أن يضر بها الاتفاق "إسرائيل" إذا آتى ثماره. بالإضافة إلى ذلك، ستكتسب الصين القوة والنفوذ في إيران، وهي بطاقة دبلوماسية يمكن أن تلعبها حيال بالولايات المتحدة وحشد نفوذ أكبر في الخليج.
بالنسبة لـ "إسرائيل"، إمكانية الضرر الكامنة في مثل هذا الاتفاق واضحة. تقول ويت: "أي دولار يدخل إلى النظام الإيراني هو دولار يمكن إنفاقه على الأرجح ضدّ إسرائيل". ويتضح هذا بشكلٍ خاص عندما يتعلّق الأمر بتعزيز الجيش الإيراني من خلال التعاون مع الصين. تحويل أي من الموارد الجديدة إلى جيش إيران من المحتمل – وعلى الأرجح – سيوجّه ضد "إسرائيل".
جزء آخر من الاتفاق قد يكون بيع أسلحة مكثّف لإيران. تقرير حديث لوزارة الدفاع الأميركية قال إن الصين تسعى لبيع إيران طائرات هليكوبتر هجومية وطائرات نفّاثة مقاتلة ودبابات، والمزيد بمجرد انتهاء حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة في تشرين أول/أكتوبر.
وقالت ويت إنه في حين أنه قد يجد الإسرائيليون ومؤيدو "إسرائيل" صعوبة في تصديق ذلك، فإن الحكومة الصينية لا تعتقد حقاً أن إيران تشكّل خطراً على "إسرائيل": "تصوّر الصين هو أن إيران لا تعني ما تقوله عن تدمير "إسرائيل". الصين لا تعتبر إيران تهديداً وجودياً لـ "إسرائيل"، وأن إيران تقول فقط (إنها تريد تدمير إسرائيل) لكي تأخذها مراكز القوى العالمية على محمل الجدّ".
"إسرائيل" والولايات المتحدة تضغطان على أعضاء مجلس الأمن الدولي لتمديد حظر الأسلحة المفروض على إيران الذي بدأ بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA)، الاتفاق النووي لعام 2015 بين إيران والقوى العالمية. وقد استشهدت "إسرائيل" والولايات المتحدة بانتهاكات طهران للاتفاق ومحاولاتها المستمرة لبناء برنامجها النووي، الذي انتقدته الوكالة الدولية للطاقة الذرية إيران مراراً وتكراراً في الأسابيع الأخيرة، فضلاً عن رعايتها للإرهاب والحرب من خلال وكلاء من حول الشرق الأوسط.
لكن السفير الصيني لدى الأمم المتحدة زانغ جون قال في الأسبوع الماضي إن بلاده تعارض المحاولات الأميركية لتفعيل آلية "إعادة فرض العقوبات" التي وضعتها خطة العمل الشاملة المشتركة [الاتفاق النووي].
أدت عودة العقوبات الأمريكية في 2018 إلى أزمة اقتصادية كبيرة في إيران وما تلا ذلك من عدم استقرار سياسي. وقد مكّن هذا المتشددين من القول إن إيران لم يكن عليها أبداً في المقام الأول أن تعقد صفقة تشمل الولايات المتحدة. لقد فازوا بأغلبية حاسمة في البرلمان الإيراني في انتخابات هذا العام.
لكنها أدت أيضاً إلى خروج المتظاهرين إلى الشوارع هذا العام، احتجاجاً على حكومة تستخدم أموالها لدفع ثمن الحروب في دول أخرى بدلاً من مساعدة شعبها. يقول الخبراء أن النظام لا يحظى بشعبية كما كان منذ الثورة الإسلامية.
من الواضح أن حملة "أقصى ضغط" في الولايات المتحدة كان لها تأثير كبير على إيران، لكن التدفق الهائل للاستثمارات الصينية سيقطع شوطاً طويلاً في عكسها، مما يخفف الضغط بشكل فعال. هناك قلق آخر يتعلق بمشاركة الشركات الصينية في مشاريع بنى تحتية في "إسرائيل" وإيران. هذا يجري بالفعل، لكن اتفاقية الـ 25 سنة ستعمق هذه العلاقات.
تحقيق أجرته صحيفة "جيروزاليم بوست" في الشهر الماضي وجد أن ثلاثًا من المجموعات الست الدولية التي تقدّمت بعرض للمناقصة لبناء خطين للسكك الحديدية الخفيفة في تل أبيب، تشمل شركات مملوكة للصينيين عملت أيضاً في مشاريع سكك حديدية في إيران. وتشمل هذه الشركات المملوكة للدولة شركة الصين لهندسة السكك الحديدية، وشركة الصين لهندسة الموانئ، وشركة الصين لبناء الاتصالات وشركة الصين لبناء السكك الحديدية.
وحذرّ تقرير صادر عن معهد "راند" للأبحاث هذا العام من أنه بسبب علاقات الصين الوثيقة مع إيران، يمكن للحكومة الصينية أن يكون لديها شركات تتبادل الأفكار مع طهران حول "إسرائيل" لكسب امتياز ونفوذ. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للصين استخدام الشركات العاملة في "إسرائيل" وإيران من أجل التأثير السياسي على "إسرائيل"، كما هو الحال في عام 2013 عندما اشترطت زيارة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى بكين بوقف مسؤولي الدفاع عن الشهادة في دعوى قضائية اتحادية في نيويورك ضدّ بنك الصين بسبب غسل أموال إيرانية لحماس والجهاد الإسلامي.
مصدر في وزارة الخارجية الأميركية قال إن الولايات المتحدة تنتظر لترى ما سيظهره الاتفاق الفعلي، وستواصل اتخاذ إجراءات ضد أي شركة صينية تخرق العقوبات. على سبيل المثال، الولايات المتحدة تقاضي باتهاماتٍ جنائية المدير التنفيذي لشركة الاتصالات الصينية هواوي، مينغ وانزهو، لمحاولته تجنب العقوبات الأميركية عن طريق إخفاء استثمارات في إيران.
مكتب رئيس الوزراء [نتنياهو] رفض التعليق على هذا الأمر، ولكن من المرجّح أنه ينظر بعين القلق إلى الاتفاق الصيني – الإيرانية.
المصدر : جيروزاليم بوست.