
emamian
حكومة الكاظمي تكتمل.. البرلمان العراقي يمنح 7 وزراء الثقة
مجلس النواب العراقي يصوّت بالأغلبية على منح الثقة للوزراء الـ7 المرشحين من قبل رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، لتكتمل بذلك التشكيلة الوزارية بعد شهر من نيل الحكومة الثقة.
أقر مجلس النواب العراقي، اليوم السبت، بقية الحقائب الوزارية الشاغرة في حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، مع موافقته على تولي إحسان عبد الجبار إسماعيل منصب وزير النفط، وعلى الأسماء الأخرى المرشحة لـ6 مناصب وزارية كانت شاغرة.
وأكد الكاظمي عبر "تويتر" أن استكمال "الكابينة الوزارية بتصويت مجلس النواب على الأسماء التي قدمناها، هو دافع إضافي لتنفيذ المنهاج الوزاري، والإيفاء باستحقاقات المرحلة والالتزام بوعودنا أمام شعبنا الذي ينتظر الأفعال لا الأقوال".
استكمالُ الكابينة الوزارية بتصويت مجلس النواب على الأسماء التي قدمناها، هو دافع اضافي لتنفيذ المنهاج الوزاري، والإيفاء باستحقاقات المرحلة والالتزام بوعودنا أمام شعبنا الذي ينتظر الأفعال لا الأقوال.
أشكرُ مجلس النواب على تجديد الثقة بالحكومة، خطُ شروعٍ جديد نقطعه بحزم وثبات.
وتولى الكاظمي رئاسة الوزراء الشهر الماضي، بعد جمود سياسي دام 5 أشهر، بعدما استقال سلفه عادل عبد المهدي بسبب الاحتجاجات.
ووزير النفط الجديد هو رئيس شركة "نفط البصرة" التي تديرها الحكومة، وتشرف على عمليات إنتاج وتصدير النفط في الحقول الجنوبية للبلاد.
ويجيء تعيينه في وقت يشارك فيه العراق في محادثات "أوبك+"، التي اتخذت قراراً فيما يتعلق بتمديد تخفيض الإنتاج النفطي، وسط أزمة جائحة كورونا وانخفاض أسعار البترول العالمية.
وأدى الوزراء الجدد اليمين القانونية أمام البرلمان، بحضور رئيس البرلمان محمد الحلبوسي ورئيس الحكومة، حيث أعلن الأخير أن "استكمال تصويت مجلس النواب على الأسماء التي قدمناها، دافع إضافي لتنفيذ المنهاج الوزاري".
المصدر:المیادین
بنود اتفاق القاهرة بين السيسي وحفتر وصالح
خرج اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وقائد "الجيش الوطني الليبي" خليفة حفتر ورئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح في القاهرة اليوم بإعلان جاء فيه:
- التأكيد على وحدة وسلامة الأراضي الليبية واستقلالها واحترام كافة الجهود والمبادرات الدولية وقرارات مجلس الأمن والتزام كافة الأطراف بوقف إطلاق النار اعتبارا من 8 يونيو الجاري.
- ارتكاز المبادرة على مخرجات مؤتمر برلين والتي نتج عنها حلا سياسيا شاملا يتضمن خطوات تنفيذية واضحة (المسارات السياسية والأمنية والاقتصادية) واحترام حقوق الإنسان واستثمار ما انبثق عن المؤتمر من توافقات بين زعماء الدول المعنية بالأزمة الليبية.
- استكمال أعمال مسار اللجنة العسكرية (5+5) بـ جنيف برعاية الأمم المتحدة، وقيام الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بإلزام كل الجهات الأجنبية بإخراج المرتزقة الأجانب من كافة الأراضي الليبية وتفكيك الميليشيات وتسليم أسلحتها حتى تتمكن القوات المسلحة بالتعاون مع الأجهزة الأمنية من الاضطلاع بمسؤولياتها ومهامها العسكرية والأمنية في البلاد.
- العمل على استعادة الدولة الليبية لمؤسساتها الوطنية مع تحديد الآلية الوطنية الليبية الملائمة لإحياء المسار السياسي برعاية الأمم المتحدة واستثمارا لجهود المجتمع الدولي لحل الأزمة الليبية.
- إعادة سيطرة الدولة على كافة المؤسسات الأمنية ودعم المؤسسة العسكرية، مع تحمل الجيش الوطني مسؤولياته في مكافحة الإرهاب وتأكيد دوره بالتعاون مع الأجهزة الأمنية والشرطية لحماية السيادة الليبية واستعادة الأمن في المجال البحري، والجوي، والبري.
- قيام كل إقليم من الأقاليم الثلاث بتشكيل مجمع انتخابي يتم اختيار أعضائه من مجلسي النواب والدولة الممثلين لكل إقليم بجانب شيوخ القبائل والأعيان ومراعاة نسبة تمثيل مقبولة للمرأة والشباب والنخب السياسية من المثقفين والنقابات بحيث تجتمع اللجان الثلاث تحت رعاية الأمم المتحدة ويتم التوافق عليها ويتولى كل إقليم اختيار الممثل الخاص به سواء بالتوافق أو بالانتخاب وذلك في مدة لا تتجاوز 90 يوم.
- قيام كل إقليم باختيار ممثله للمجلس الرئاسي ونائب لرئيس الوزراء من ذوي الكفاءة والوطنية بهدف تشكيل مجلس رئاسة من رئيس ونائبين ومن ثم قيام المجلس الرئاسي بتسمية رئيس الوزراء ليقوم بدوره هو ونائبيه بتشكيل حكومة وعرضها على المجلس الرئاسي تمهيدا لإحالتها لمجلس النواب لمنحها الثقة.
- يقوم المجلس الرئاسي باتخاذ قراراته بالأغلبية، عدا القرارات السيادية المتعلقة بالقوات المسلحة فيتم اتخاذ القرارات أو البث في المقترحات التي يقدمها القائد العام للجيش في هذه الحالة بالإجماع وبحضور القائد العام.
- حصول كل إقليم على عدد متناسب من الحقائب الوزارة طبقا لعدد السكان عقب التوافق على أعضاء المجلس الرئاسي الجديد وتسمية رئيس الحكومة على ألا يجمع أي إقليم أكثر من رئاسة للسلطات الثلاث (المجلس الرئاسي، مجلس النواب، مجلس الوزراء) بحيث يحصل إقليم طرابلس على 9 وزارات، وإقليم برقة على 7 وزارات وإقليم فزان على 5 وزارات على أن يتم تقسيم الستة الوزارات السيادية على الأقاليم الثلاث بشكل متساوي وزارتين لكل إقليم مع تعيين نائبين لكل وزير من الإقليمين الآخرين. - قيام الأمم المتحدة بالإشراف على المجمعات الانتخابية بشكل عام لضمان نزاهة سير العملية الخاصة باختيار المرشحين للمجلس الرئاسي.
- على المجتمع الدولي إخراج المرتزقة الأجانب من كافة الأراضي الليبية.
ناصر حاتم - القاهرة
المصدر:روسیاالیوم
أميركا تستعد لتظاهرات في نهاية الأسبوع وغضب إزاء انتهاكات جديدة
الاحتجاجات الأميركية مستمرة وعدد من الولايات تستعد لتظاهرات نهاية الأسبوع، والرئيس الأميركي يثير جدلاً جديداً في كلام "على لسان فلويد"، ومنافسه جو بايدن يقول إن تصريحات ترامب "حقيرة صراحة".
مع دخول الاحتجاجات الأميركية أسبوعها الثاني، تستعد الولايات المتحدة لتظاهرات حاشدة في عطلة نهاية الأسبوع للتنديد بالعنصرية وبوحشية الشرطة.
ويتوقع تنظيم تظاهرات حاشدة اليوم، ومنها في واشنطن، ومن المرتقب أن يشارك فيها عشرات آلاف الأشخاص. فيما نزل الآلاف إلى الشوارع في أنحاء أميركا لليوم العاشر على التوالي من التظاهرات المناهضة للعنصرية.
وستنظم السبت أيضاً في ريفورد بكارولاينا الشمالية، مراسم تكريم لجورج فلويد الأميركي ذو البشرة السوداء، الذي قتل على يد رجل أبيض داس على رقبته حتى الموت، مما أدى إلى الاحتجاجات في شتى الولايات والمدن الأميركية.
وتأتي هذه المراسم، في الولاية التي ولد فيها، في أعقاب مراسم أولى أجريت في مينيابوليس الخميس.
وأثار الرئيس دونالد ترامب مزيداً من الجدل مع حديثه، أمس الجمعة، عندما تحدث في كلمة له حول "أرقام التوظيف الإيجابية لشهر أيار/مايو" والتي اعتبرها انجازاً و"يوم عظيم" لفلويد، مضيفاً أن "آمل أن ينظر جورج إلى الأسفل الآن ويقول إن هذا شيء رائع بالنسبة لبلدنا.. هذا يوم رائع بالنسبة له. إنه يوم رائع بالنسبة للجميع".
ووصف المرشح الديموقراطي للانتخابات الرئاسية جو بايدن، تصريحات ترامب بأنها "بصراحة حقيرة"، وقال "كلمات جورج فلويد الأخيرة -لا أستطيع أن اتنفس- ترددت في أنحاء أمتنا وفي أنحاء العالم". وأضاف في تغريدة "أن يسعى الرئيس لينسب له كلاماً لم يقله أمر حقير صراحة".
وحمّل بايدن منافسه في الانتخابات الرئاسية المقبلة، مسؤولية تفاقم الأزمة في البلاد، معتبراً أن ترامب "غير مؤهل" بطريقة خطيرة لإدارة البلاد في هذه الأزمة.
واعتبر نائب الرئيس السابق باراك أوباما في خطاب "أن يحاول الرئيس وضع كلمات أخرى على لسان جوروج فلويد، هو أمر بغيض بصراحة".
وأثار موقفه هذا انتقادات غير مسبوقة من جانب قادة سابقين في الجيش، بينهم وزير الدفاع السابق جيم ماتيس. واتخذ وزير الدفاع الحالي مارك إسبر مسافة من تلك التصريحات، معتبراً أنه لا يجب نشر الجيش.
رئيسة بلدية واشنطن، موريل باوزر، بدورها كتبت عبارة "حياة السود مهمة" التي أصبحت شعاراً للاحتجاجات الأميركية ضد العنصرية، بأحرف عملاقة على الطريق المؤدي إلى البيت الأبيض، قبيل وصول الحشود.
وأعادت باوزر تسمية هذه المنطقة خارج البيت الأبيض باسم ساحة "حياة السود مهمة"، وأزاحت الستار عن لوحة جدارية عملاقة بعد أن غردت برسالة دعت فيها ترامب إلى "سحب كل قوات الشرطة والقوات العسكرية التي نشرت بشكل استثنائي من مدينتنا
في سياق متصل، تصاعد الغضب عقب انتشار تسجيل مصور يظهر المزيد من انتهاكات رجال تطبيق القانون بحق المتظاهرين.
وأوقف شرطيان في بوفالو بنيويورك، عن العمل بدون أجر، بعد أن ظهرا في مقطع فيديو يدفعان محتجاً عمره 75 عاماً سقط وأصيب بجرح في رأسه.
وقال رئيس بلدية المدينة، بايرون براون، الذي نشر العقوبة على "تويتر"، إنه ومفوض الشرطة "شعرا باستياء" شديد بعد مشاهدة الفيديو.
وقال بيان للشرطة في وقت سابق إن الرجل الذي فقد وعيه ونزف بشدة من الرأس "تعثر وسقط".
وفي انديانابوليس، فتحت الشرطة تحقيقاً بعد نشر شريط فيديو يظهر 4 شرطيين على الأقل يضربون امرأة بالهراوات ويرشونها بكرات الفلفل مساء الأحد.
أما في نيويورك، فأفادت عدة تقارير إعلامية أن شرطيي المدينة انهالوا الخميس بالضرب على عشرات المتظاهرين المسالمين الذين خالفوا حظر التجول في برونكس بعد محاصرتهم، بحيث لم يتركوا لهم مكاناً يهربون إليه.
وأعلن مفوض الشرطة في نيويورك، ديرموت شي، وقف شرطيان عن العمل في أعقاب "العديد من الحوادث المثيرة للاستياء"، أحدهما لدفعه امرأة وقعت أرضاً والثاني لإزالة القناع الواقي لرجل ورشه برذاذ الفلفل. والحادثان موثقان في تسجيل مصور.
وقال رئيس بلدية نيويورك، بيل دي بلازيو، الذي فرض حظر التجول الليلي طيلة الأسبوع الماضي بعد عمليات نهب واسعة النطاق في بداية الأسبوع، إن شرطة نيويورك تتحلى "بضبط النفس"، في حين أكدت صحيفة "نيويورك تايمز" إن "الشرطة باتت في حالة انفلات".
وأطلقت حادثة مقتل فلويد، موجة من الاحتجاجات لم تشهد البلاد لها مثيل منذ اغتيال مارتن لوثر كينغ جونيور عام 1968.
شهدت بعض التظاهرات في أيامها الأول أعمال شغب لكنها باتت سلمية إلى حد كبير، وتم رفع حظر التجول في واشنطن ولوس أنجلوس ومدن أخرى، لكنها في نيويورك ستتواصل لليالي الثلاث المقبلة.
المصدر:المیادین
ميادين عقيدة التوحيد
أجمل الإمام الخامنئي (دام ظله) التوحيد كرؤية وقدمه في رسالته "روح التوحيد" من خلال الميادين التالية:
أ. التوحيد على صعيد التصوّر
بما يعني من وحدة جميع العالم وانسجامه وائتلاف أجزائه وعناصره، ممّا يكشف عن وحدة الخالق المدبّر ﴿مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ﴾(9). كما يكشف أنّ للعالم هدفًا ويقوم على أساس حساب وانضباط دقيق، وأنّ لكلّ جزء من أجزاء العالم روحًا ومعنًى ﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاء وَالأرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاَعِبِينَ﴾(10). فكلّ ما في الوجود يوحِّد الله طائعًا، ﴿إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ إِلاَ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْد﴾(11).
ب. التوحيد على صعيد الفهم للإنسان
وهو يعني وحدة أبناء البشر وتساويهم في ارتباطهم بالله سبحانه، فالله إله الجميع ولا ميزةً لفرد على آخر أو لشعب على شعب إلّا بالعمل الصالح والسعي والمثابرة في خدمة الناس التزامًا بأحكام الله سبحانه ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ﴾(12).بناءً على ذلك، فإنّ الله جهّز الناس جميعًا بكافّة إمكانات الرقيّ والسموّ والتكامل.
وعليه، فكلّ سيطرة لغير الله على الناس هي نحو من العبوديّة الممقوتة، والتوحيد يرفض هذا الشكل من الحياة، ويعتبر الإنسان عبدًا لله فقط، ويحرّره من العبوديّة والرضوخ لكلّ نظام، بل لكلّ عامل مسيطر يضع نفسه مكان الله. فالتوحيد يعني التسليم لله وحده، ويستتبع ذلك رفض كلّ سلطة غير سلطة الله مهما كان شكلها ونوعها ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلاَ للهِ أَمَرَ أَلاَ تَعْبُدُوا إِلاَ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ﴾(13).
ج. التوحيد كحاكم على علاقات الإنسان
إنّ الإنسان في الرؤية التوحيديّة التي يقدّمها الإمام الخامنئي، جزء منسجم مع محيط العالم الذي يلفّه ويحويه، وهو في الوقت الذي تتحكّم فيه قوانين هذا العالم، فإنّه يتميّز بقوانين خاصّة تنسجم مع السنن الكونيّة العامّة. فالإنسان يتمتّع بقوّة إرادة وقدرة اختيار، وعليه أن يطوي طريقه الفطريّ الطبيعيّ عن اختيار، لأنّه طريق سموّه وكماله. وهذا يعني أنّه قادر على الانحراف عن هذا الطريق الطبيعيّ ﴿فَمَنْ شَاء فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاء فَلْيَكْفُرْ﴾(14).
وعليه، فالتوحيد هو الدعوة للإنسان للانسجام والتوازن مع قوانين وسنن العالم ﴿أَفَغَيْرَ دِينِ اللهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ﴾(15).
د. التوحيد على صعيد النظم الإنسانيّة
ومفاده سلب كلّ نظام يستقلّ عن الإرادة الإلهيّة في إدارة حياة الإنسان، وأنّ الله هو الحاكم في حياة الناس وإدارتها. عليه، فإنّ ولاية الإنسان على الإنسان لو قامت على أساس حقٍّ مستقلٍّ وبدون مسؤوليّة لاستلزمت الظلم والطغيان والعدوان، الفرد الحاكم والجهاز الحاكم لا يستطيع أن يتخلّص من الانحراف والطغيان والإفراط إلّا إذا كانت زمام الأمور معطاة بيد هذا الفرد أو هذا الجهاز من قبل سلطة عُليا ضمن إطار مسؤوليّات متناسبة. وهذه السلطة العليا في المدرسة الدينيّة هي الله المحيط بكلّ شيء علمًا ﴿لاَ يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلاَ فِي الأرْضِ﴾(16). بناءً عليه، فقد حدّد ضمن هذا القسم التوحيديّ جملة مهام ملقاة على كاهل الإنسان وأمام وجدانه الإنسانيّ في علاقته مع الناس على أسس توحيديّة منها:
- أنّ الحكم خاص بالله، ينفّذه من أرادهم الله، وهم منفّذون وحفظةً للقوانين الإلهيّة: ﴿قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَتَّخِذُ وَلِيّاً فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلاَ يُطْعَمُ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾(17)، ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾(18).
- أنّ كلّ ما يمتلكه الإنسان إن هو إلّا أمانةً من الله المالك الأوحد وضعها بيد الإنسان ليستثمرها فيما يرضي الله وخدمة الناس وللاستعانة بها على طريق السموّ والتكامل.
- وظيفة الإنسان في نعم الله وكنوز الأرض هو استثمارها بشكل صحيح وعادل، وفتح مغاليق كنوزها، والناس في هذه الغاية متساوون.
- أنّ وظيفة الموحّد هو كسر صنميّة الآلهة المزيّفة ونزع الأصفاد والأغلال عن نفوس الناس وإراداتهم الخلاّقة.
بناءً على ذلك، فقد اعتبر الإمام الخامنئي أنّ أكثر الناس تضرّرًا، وبالتالي عدائيةً لمنهج التوحيد هم أكثر الطغيان والاستكبار ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إِلَهَ إِلاَ اللهُ يَسْتَكْبِرُونَ﴾(19).
ويقوم الإمام الخامنئي باستعراض عشرات الآيات من كلام الله العزيز بشأن الاستكبار، فيقول: نستطيع أن نفهم المستكبر على النحو التالي: الجناح المسيطر في المجتمع الجاهليّ، الماسك – دون استحقاق – بزمام السلطة السياسيّة والاقتصاديّة، واستمرارًا لاستثماره وتسلّطه الجائر يمسك أيضًا بزمام الأفكار والمعتقدات المسيطرة على الأذهان، ويعمل بأساليب متنوّعة على ملء الأذهان بأفكار تدفع الأفراد إلى الاستسلام له وإلى الانسجام مع الأوضاع القائمة، وهذا المستكبر يهبّ لمقارعة كلّ دعوة إلى التوعية، فما بالك إذا كانت الدعوة انقلابيّة تغييريّة.
وحتّى تُستكمل صورة العرض النظريّ للمستكبرين – حسب الفهم الخاص بالنهج التوحيديّ – فلا بدّ من تحديد من هم المستضعفون وما معنى العبوديّة، ذلك أنّ أيّ نظام جاهليّ ينقسم إلى طبقتين: مستكبرة ومستضعفة، والدين الذي يتبنّاه الناس في المجتمعات الجاهليّة هو الشرك، لارتباطهم بآلهة متعدّدة بتعدّد مراكز القوّة والسيطرة التي تستثمر الناس على طريق أهوائها. فالشرك إن هو إلّا تأليه أفراد إلى جانب الله أو بدلًا من الله، وبتعبير آخر، هو إيكال أمور الحياة إلى غير الله.
أمّا التوحيد، فإنّه يقع في النقطة المقابلة للشرك تمامًا، إذ يرفض كلّ هذه الآلهة، ويرفض التسليم لها، بل يقاوم سيطرتها، ويحصّن القلوب من الركون إليها، ويدفع إلى إزالتها وطردها، ويشدّ الكائن الإنسانيّ بكلّ وجوده إلى الله، ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اُعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾(20)، وفي ذلك، التأكيد على "الإيمان بحاكميّة الله وحدها في الحياة، ورفض الآلهة المزيّفة، والارتباط به وحده وتمزيق كلّ قيود العبوديّة الأخرى".
أخيرًا، فإنّ مقتضى معنى العبوديّة، حسب النهج التوحيديّ، يقول فيه الإمام الخامنئي:
نخلص إلى أنّ العبادة في المفهوم القرآنيّ هي: الاتباع والتسليم والطاعة المطلقة أمام قدرة واقعيّة أو وهميّة، طوعًا ورغبةً أو كرهًا وإلزامًا، مع الشعور بالتقديس والثناء المعنوي أو بدونه، هذه القدرة هي المعبود وهذا المطيع هو العبد والعابد. من خلال المفاهيم المتقدّمة يتبيّن معنى لفظة الألوهيّة ولفظة الله باعتبارهما تعبيرًا عن كلمة المعبود(21).
سماحة الشيخ شفيق جرادي، من مقالة: الرؤية التوحيديّة وقيم الحضارة الإسلاميّة – بتصرّف يسير
(9) سورة الملك، الآية 3.
(10) سورة الأنبياء، الآية 16.
(11) سورة مريم، الآية 93.
(12) سورة الحجرات، الآية 13.
(13) سورة يوسف، الآية 40.
(14) سورة الكهف، الآية 29.
(15) سورة آل عمران، الآية 83.
(16) سورة سبأ، الآية 3.
(17) سورة الأنعام، الآية 14.
(18) سورة المائدة، الآية 55.
(19) سورة الصافّات، الآية 35.
(20) سورة النحل، الآية 36.
(21) الإمام الخامنئي، روح التوحيد، مصدر سابق.
المصدر:شبکه المعارف الاسلامیه
ملامح العالم الجديد
أصبح الناطقون الرسميون الصينيون يشكّلون جزءاً من الحضور الإعلامي اليومي، كما أنّ المسؤولين الصينيين يقفون بالمرصاد لكلّ تصريح وتصرّف يغمز باتجاههم صراحةً أو ضمناً بشكل مباشر أو غير مباشر من قبل الولايات المتحدة الأميركية.
وسط الصّخب والجلبة اللذين يعتريان العالم على أكثر من صعيد وفي مواضيع مختلفة، ربما ليس من السهل أبداً أن نتابع الخطّ البياني لاختلاف المواقف السياسية لأيّ بلد من البلدان لأنّ المشهد معقّد ومتشابك ومتذبذب أيضاً، لكن ومع ذلك فإنّ حضور الصين على المستوى الإعلامي العالمي قد سجّل ارتفاعاً مضطرداً في الأشهر القليلة الماضية.
فقد أصبح الناطقون الرسميون الصينيون يشكّلون جزءاً من الحضور الإعلامي اليومي، كما أنّ المسؤولين الصينيين يقفون بالمرصاد لكلّ تصريح وتصرّف يغمز باتجاههم صراحةً أو ضمناً بشكل مباشر أو غير مباشر من قبل الولايات المتحدة الأميركية.
ومن الواضح اليوم أنّ الصين باتت تشكّل هاجساً حقيقياً للرئيس ترامب وللمعنيين في الولايات المتحدة، وكأنّ فيروس كورونا أسقط القناع عن القلق الذي كان يعتري الولايات المتحدة من الصين، لأنّ أداء الصين في مكافحة هذا الوباء قد سجّل تميّزاً تقنياً ومجتمعياً وسياسياً وأخلاقياً لم تتمكن أيّ دولة في العالم أن تقاربه.
فللمرّة الأولى تُصدر وزارة الخارجية الصينية تقريرها: "Reality Check" تدقيق واقعي لادّعاءات الولايات المتحدة حول فيروس كورونا؛ بحيث إنها فنّدت هذه الادعاءات واحدةً تلوَ الأخرى، وبرهنت بما لا يقبل الشكّ أنّ كلّ التهم التي تكيلها الولايات المتحدة لها من تسرّب الفيروس من مختبرات ووهان، إلى التستّر على انتشاره، إلى التقصير في دقّ ناقوس الخطر للعالم، إلى قتل الطبيب الذي أعلن عنه، أنّ هذه التهم جميعها لا تستند إلى أيّ حقيقة واقعية، وأنها تُهم ملفّقة تماماً، وأنّ الصين منها براء.
ومع ذلك لم يكتفِ ترامب حتى في مؤتمره الصحافي الأخير يوم الجمعة في 29 أيار/مايو من إعادة ترديد بعض هذه التهم، وتحميل المسؤولية للصين، وكأنه لا يسمع إلّا الصوت الذي ينطلق من رأسه ومن رؤوس شركائه في الاستهداف والمنظور.
ولكنّ عدم ثقته حتى بما يدّعيه تظهر في تحريكه ملفات أخرى ضدّ الصين، وعلى رأسها مسألة تايوان وهونغ كونغ؛ إذ تحاول الولايات المتحدة أن تجعل من تايوان عضواً في منظمة الصحة العالمية لمقارعة الصين، كما تحاول أن تتدخّل في شؤون هونغ كونغ مع تهديد المملكة المتحدة بمنح إقامات دائمة لأهالي هونغ كونغ، وبهذا فقد اكتمل المثلث الغربي في التدخل بشؤون الصين الداخلية وتلفيق التهم لها سواء بحجّة كورونا أو تايوان أو هونغ كونغ، وتتّضح الرسالة هنا أنّ الخوف من الصين هو الأساس في تسمية المواضيع، وأنّ الهدف الوحيد هو محاولة إضعاف الصين، ومنعها من أن تكون قطباً عالمياً أساسياً يوازي أو يفوق بأهميته الولايات المتحدة الأمريكية.
وفي آخر مؤتمر صحافي، أشار ترامب إلى أنه قد يفرض عقوبات على المسؤولين الصينيين إذا لم يأخذوا بالاعتبار تحذيرات الولايات المتحدة لهم.
وهنا يبرز الموضوع الأهمّ في هذا السياق: ماذا ستفعل الولايات المتحدة إذا ما حذت الدول المتضرّرة من العقوبات غير القانونية المفروضة عليهم حذوَ إيران، وبدأت تتحدّى هذه العقوبات القسرية، التي لا صبغة قانونية لها، ولا تندرج في إطار القانون الدولي والشرعية الدولية؟
لقد قامت إيران بسابقة ستشكّل نهجاً للدول الصاعدة والمتضرّرة من صلف وعدم أحقية عقوبات الولايات المتحدة على الدول لأنّ هذه العقوبات هي مجرّد مرآة للهيمنة والتسلط على قرار الدول المستقلّة، وكلّ ما تهدف إليه هو تجويع شعوب هذه الدول أو الضغط عليها بشتّى الوسائل لكي تغيّر من طبيعة الحكم فيها، وتستبدل المتمسّكين بسيادة بلدانهم وقرارها المستقلّ بآخرين متواطئين معها ومستعدّين أن يجعلوا بلدانهم رهينة للسيد الأميركي مقابل استلام السلطة، كما هي حال غوايدو في فنزويلا، وآخرين يشبهونه في البلدان التي تقع تحت مطرقة العقوبات الأميركية.
إنّ إرسال الجمهورية الإسلامية الإيرانية بواخرها إلى فنزويلا رغم العقوبات الأميركية يعتبر سابقة في غاية الأهمية، وملمحاً أساسياً من ملامح العالم الجديد سوف يتكرّر في مناطق أخرى في العالم، وقد يكون هذا هو الحلّ الأمثل لإظهار عجز الولايات المتحدة عن تنفيذ قرارات جائرة لا تستندُ إلى منطق أو قانون أو شرعة دولية، وكلّ ما تعبّر عنه هو الهيمنة الفظّة والإملاء على الآخرين بقوّة السلاح أو الاقتصاد أو التهديد والوعيد.
والحقيقة الساطعة هنا هي أنّ العالم قد تغيّر بالفعل، ولكنّ الذين يعتبرون أنفسهم سادته واعتادوا على نهب ثرواته وسلب الشعوب حقوقها في ثروات أرضها يرفضون الاعتراف بأنّه قد تغيّر، ويحاولون استجماع قواهم، التي تدهورت أيضاً دون أن يتمكّنوا من الاعتراف بذلك، للإبقاء على صورة المتحكّم في العالم.
فماذا يعني اليوم أن يدعوَ بعض الأوروبيين إلى وحدة الموقف الأوروبي، والدعوة للحوار مع الصين، بينما تتخذ الولايات المتحدة إجراءات يومية ضدّ الصين؟ هل يعتقد عاقل أنّ الاتحاد الأوروبي قادر على توحيد موقفه إلّا في فرض العقوبات على سوريا، فهذه هي الوحيدة اليوم التي نشهدها لعمل أوروبي ما عدا ذلك فقد انفرط عقد الاتحاد الأوروبي، وكان ذلك واضحاً جداً في مواجهة فيروس كورونا؛ إذ إنّ الصين وروسيا مدّتا يد المساعدة لعدد من الدول الأوروبية بينما لم نشهدْ مبادرة أوروبية تجاه أعضاء الاتحاد.
ولو اتخذت الدول المتضرّرة من العقوبات والدول الصاعدة مثل الصين وروسيا مبادرات مشابهة لتلك التي اتخذتها الجمهورية الإسلامية الإيرانية لأصبحت كلّ هذه العقوبات التي تصدرها الولايات المتحدة وأوروبا بحقّ الدول والشعوب لا ترتكز إلى الشرعية الدولية، وليس لديها أيّ صفة قانونية، فلا شكّ أنه من حقّ هذه الدول ألّا تلتزم بها، وأن تسير بعلاقاتها مع الدول التي تقع عليها هذه العقوبات سيراً طبيعياً فتصبح هذه العقوبات حبراً على ورق.
إنّ الورقة الأساسية التي تتمكّن فيها الولايات المتحدة من فرض عقوباتها هي ورقة الدولار، ولكن إذا ما قرّرت هذه الدول تبادل البضائع مقابل بضائع أو مقابل الذهب أو مقابل عملات محلية، فإنّ سطوة الولايات المتحدة وقدرتها على تنفيذ هذه العقوبات ستتهاوى.
واللافت في الموضوع أنّ أصحاب القرار في الولايات المتحدة لم ينتبهوا إلى خروج المارد، وأنه لا يمكن لهم أن يعيدوا هذا المارد إلى حيث كان، كما لم ينتبهوا إلى تأثيرات أداء هذا المارد حتى على وضعهم الداخلي، فمع أنّ عدداً من كتّاب السلطة في الولايات المتحدة حاولوا أن يسيئوا لتجربة الصين في مكافحة كورونا، وأنها صادرت الحريات الشخصية، وأنّ الغرب يخشى على حرياته وديمقراطيته، فإنّ الحقيقة الناصعة هي أنّ الصين أبهرت العالم بنموذجها الكُفء وبالتزام شعبها بقرارات حكومته وبحرص هذه الحكومة على حياة كلّ من هو على أرض الصين من صينيين وأجانب، وعلى روح التطوّع والتفاني التي تحلّى بها شعب الصين، وعلى الاهتمام البالغ بإنقاذ كلّ حياة بشرية.
بينما بلغ عدد العاطلين عن العمل في الولايات المتحدة قرابة أربعين مليوناً، كانت الصين توصل الطعام مجاناً لكلّ المحجورين في بيوتهم ومدنهم.
والمواطن الأميركي واكب كلّ هذه الحالات، وشهد أنّ ما يتعرّض له في بلده من عنصرية أو فقر أو بطالة لا ينسجم مع الادّعاء بأنّه يتمتّع بأفضل حقوق الإنسان في الدنيا، ومن هنا فإنّ مظاهرات وشغب مينيابوليس هي جرس إنذار من القاعدة إلى القمّة بأنّ العالم قد تغيّر، وأنّ الناس قد تغيّروا وأنّ الحكومات الغربية لا تستطيع أن تستمرّ بأساليبها العنصرية والقمعية سواء داخل المدن الأميركية وضدّ الأميركيين من أصل أفريقي، أو ضدّ شعوب ودول بعينها على الساحة الدولية.
لقد جدّد الاتحاد الأوروبي مؤخراً عقوباته على الجمهورية العربية السورية دون أدنى وجه حقّ، وفي هذا التجديد عدوان على لقمة عيش المواطن السوري ودعم مباشر للإرهابيين الذين استهدفوا سوريا، وفشلوا في استهدافهم، ولكنّ هذه العقوبات تصبح حبراً على ورق إذا ما تكاتفت القوى التي ضاقت ذرعاً بهذه الأساليب، وقرّرت ألّا تنفّذ هذه العقوبات، وأن تخترع السبل والطرائق لتبقي على علاقاتها الحيوية مع سوريا، وفي جميع المجالات، وينسحب هذا الأمر على كلّ حلفاء الدول التي طالتها هذه العقوبات.
أي أنّ المطلوب اليوم ليس مطالبة الغرب برفع العقوبات لأنه لن يرفعها، بل اجتراح السبل لتجاهل هذه العقوبات والإبقاء على التبادل التجاري والإنساني والعمل السياسي. إنّ هذا يعني الالتفاف حول الصين وروسيا وإيران والعمل مع الصين بالمنظومة المجتمعية والسياسية والأخلاقية والتي برهنت على مدى قرون أنّ الهيمنة لا تندرج في إطار قاموسها، وأنها تؤمن بخير البشرية جمعاء، وأنّ الرخاء يجب أن يعمّ على الجميع كي يدوم.
إنّ العالم على مفترق طرق اليوم، ولا شكّ أنّ "حزام واحد طريق واحد" هو أقصر الطرق وأفضلها لتشكّل هذا العالم الجديد على أسس مختلفة عن تلك التي أفرزتها الحرب العالمية الثانية على أسس تقوم على الندّية واحترام الدول صغيرها وكبيرها، واحترام إنسانية الإنسان، والتخلّص من هذا النفاق والإعلام الكاذب الذي لا يمتّ إلى واقع البلدان والشعوب بصلة.
ولا شكّ أنّ ما قامت به إيران تجاه فنزويلا وما تقوم به الصين وروسيا يومياً من مقاومة الهيمنة والاستكبار يصبّ حصراً في هذا الاتجاه. فإلى غدٍ أكثر إشراقاً يشرق من الشرق.
المصدر:المیادین
كيف نواجه الفساد؟
إنّ الفساد ليس مسألة عابرة تعرض على مكان خاصّ ثمّ تزول، بل هو مرض خبيث مستشرٍ في جسم الأمّة، وانتزاعه ليس أمراً يسيراً، بل هو عسير وغير ممكن من دون وضع برامج متكاملة لمواجهته، وبيان وجهه الأسود وتشجيع الناس على تركه مع وضع البدائل الشرعيّة المناسبة، لأنّ الطاقة والوقت إن لم تصرفهما في الحلال فستجد الحرام قد ملأهما، لأنّ الحلال والحرام أشبه بالنقيضين اللذين إذا ارتفع أحدهما ثبت الآخر مكانه.
وفي هذا الإطار علينا ملاحظة عدّة أمور نبّه عليها الإمام الخميني قدس سره:
1 ـ عموميّة المواجهة
كلّ الناس مكلّفون بالقيام بهذه الوظيفة؛ فحالة الفساد لا يستطيع أن يواجهها إلّا حالة صلاح ودعوة للصلاح تقف أمام أمواجها وتصدّ رياحها. فعمل الفرد إذا لم يتحوّل إلى حالة عامّة تلقي بظلالها على المجتمع لن يكون كافياً لتغيير وجهة المجتمع من الفساد إلى الصلاح.
يقول الإمام الخمينيّ قدس سره: "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب على كافّة أبناء الشعب"([1]) .
فالمجتمع كلّه عليه أن يقوم بهذه الوظيفة حتّى تثمر بالشكل المطلوب.
2 ـ مواجهة الفساد من أوّل ظهوره
علينا أن نرصد الفساد لنواجهه من أوّل ظهوره، حيث يُمكن محاصرته قبل انتشاره في الأمّة ويمكن قطعه قبل قوّة ساعده. يقول الإمام الخمينيّ قدس سره: "إذا لم تقفوا بوجه الفساد منذ بداية ظهوره، فليس من المستبعد أن نعود إلى ما كنّا عليه في السابق"([2]) .
3 ـ تحطيم معاقل الفساد
"إنّ من يعمل على إفساد المجتمع ولا يرعوي عن ذلك إنّما هو غدّة سرطانيّة يجب فصلها عن المجتمع"([3]) .
الإنسان الحكيم يجب أن يُفكّر في البداية كيف يوقف مصانع الفساد عن عملها، لتقف عند حدّ معيّن يبدأ بالتناقص بشكلّ تدريجيّ ليتمّ الإصلاح النهائيّ بعد فترة.
يقول الإمام قدس سره: "كان مجيء النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم لتحطيم هذه المعاقل وقلع جذور الظلم، ومن جانب آخر ولأنّ الهدف بسط التوحيد، فقد قام صلى الله عليه وآله وسلم بهدم مراكز عبادة غير الخالق جلّ وعلا، ومراكز عبادة النار وأطفأ نيرانهم"([4]) .
إصلاح المجتمع، جمعية المعارف الإسلامية الثقافية
([1]) الكلمات القصار، م. س، ص 105.
([2]) الكلمات القصار، م. س، ص 27 .
([3]) م. ن، ص 104.
([4]) منهجيّة الثورة الإسلاميّة، ص 52.
المصدر:شبکه المعارف الاسلامیه
حفظ الصراط المستقيم
لقد تكررت موضوعات كثيرة في القرآن الكريم. على سبيل المثال مسألة "الشيطان" كعدو دائم.. ومسائل من قبيل: الكفار، الأعداء، والأعمال التي قاموا بها ومواجهتهم للأنبياء؛ هي مسائل تكررت كثيرًا. وليس هذا التكرار دون غرض وجيه. وإذا لم يكن هناك نقطة استثنائية مهمة فلا يحصل كل هذا التكرار فيها. ينبغي علينا أن نبحث عن هذه الامور: أنه ما هو الشيء الأكثر أهمية في حياتنا فنجده ونفكر به ونتعرف عليه ونسعى إليه.
إن مسألة "اهدنا الصراط المستقيم" التي نكررها في الصلاة خاصة مع الالتفات إلى التأكيد الموجود في السورة على هذا الموضوع أمر مهم جدًا. ووجه ذلك وسببه، هو أن حفظ الصراط المستقيم في حياة البشر في الأساس مسألة مهمة واقعًا. بالطبع ليس الكلام هنا حول الشخص الذي أضاع الطريق منذ البداية أو أنه لم يجده – وهو محل حديث الآية، ولن أتعرض له- إلا أن من ظفر بطريق الهداية هو دائمًا في معرض الانحراف عن هذا الطريق خلال الأربعين سنة أو الخمسين أو الستين أو الثمانين سنة! وهذه خسارة ما بعدها خسارة! افرضوا أنكم بعد سعي وجهد حثيث قد وجدتم من بين العديد من العناوين والخطوط خطًا مستقيمًا نحو الهدف الذي هو بالنسبة إليكم في غاية الأهمية، وتصوروا احتمال الوقوع في الضياع والضلالة عند كل خطوة عند السعي وحين العمل. يستدعي هذا الهاجس أن يقوم الإنسان دائما باتخاذ تدابير معينة، وهذه هي مسألة حفظ الصراط المستقيم.
... الإستقامة! لها معنى سهلٌ وممتنع أيضًا. تبدو سهلة ويمكن فهمها بالنظرة الأولى، ولكن عند التأمل ودقة النظر نرى عمق معناها؛ كما أن تحديدها وتشخيصها إلى حد ما صعب؛ وكذلك إن رعايتها في العمل أمر هام جدا.
إذا ما استقمتم ستشملكم الهداية. الاستقامة تعني وتد القدم ورسوخها في الاستمرار والسير في الطريق المستقيم. أن نقول "اهدنا الصراط المستقيم" مع التأكيد والتشديد. انظروا إلى بداية السورة "بسم الله الرحمن الرحيم" فهي معرفة من المعارف. بالطبع، قصة "بسم الله" قصة مهمة لأن الاسم هنا ليس بمعنى ذلك الشيء الذي نفهمه من معنى الاسم. الاسم يعني المظهر؛ جيد، إن لذات الباري المقدس مظاهر متعددة للتجلي، فهو يتجلى أحيانًا باسم الرحمانية –والتعبير هنا بالطبع من ضيق الخناق- ويطلق"الرحمان" بهذا الاعتبار على الذات المقدسة للخالق؛ وكذلك تتجلى الذات المقدسة للخالق بتجلي آخر وهو "الرازقية" وبهذا الاعتبار فالذات المقدسة للرب هو الرزاق "هو الرزاق ذو القوة المتين". أحيانًا لا يكون البحث في صفات الذات أو صفات الفعل بل البحث هو ذات المقدس الخالق. عندما يريدون طرحه والبحث فيه فهو "الله" الاسم، ومشهور بين العلماء بأن الاسماء المقدسة للخالق هي اسم الإسم. والإسم يعني هو ذلك الظهور والتجلي الخاص الذي هو للذات المقدسة للإله بحيث يبيّن هذا التجلي بتعبير كلمة "الله" أو كلمة "الرحمن" أو "الرحيم". وهذه اسم الإسم.
إذا فالإسم هو ذلك الظهور وذلك التجلي. عندما تقولون "بسم الله"، فهذه الباء هي باء الاستعانة. وبرأيي هي ليست باء السببية وذلك الشيء الذي ذكروه لها. الــ"باء" هي بمعنى الالتصاق والتعلق بذات الرب المقدس - ولعل كلمة استعانة ليست صحيحة أيضًا- فكل عالم الوجود متعلق به ومرتبط وقائم به، ومستند إلى ذاته المقدسة حيث "لو امتنع عن القيام بالعالم لزال وفسد" . هذه هي باء "بسم الله"! لذلك ورد في الروايات أن كل "بسم الله" قد جمعت في بائها، لأنه لولا الباء لن يكون لذلك التعلق والالتصاق والارتباط معنىً. "بسم الله الرحمن الرحيم" هو نفسه ذكر. وليس مقدمة أذكار أخرى ليتصور الإنسان أنه مقدمة لذكرٍ غيره - أي بالاستعانة باسمك أبدأ بهذا العمل- لا، فهو نفسه ذكر مستقل! ففي بعض وصايا الأذكار يوصون بــ "بسم الله الرحمن الرحيم" كذكر .. إذا فـ "بسم الله الرحمن الرحيم" هو شرح وعرض لمعرفة، بيان لمعرفة من المعارف الإلهية العظيمة، ثم "الحمد لله رب العالمين"، "الرحمن الرحيم" و"مالك يوم الدين"، كلها من هذا القبيل.
بداية طلبنا وحاجتنا من إله العالم في أول القرآن - في سورة الحمد- من كلمة "إياك نعبد وإياك نستعين"، وفيها معارف عظيمة جدًا. وقد ورد في التعبير أن المصداق الكبير للاستعانة، هو ما يأتي في الآية الثانية "اهدنا الصراط المستقيم". فكأن كل هذه المقدمات هي مقدمة لهذه العبارة "اهدنا الصراط المستقيم". ثم يوضح الصراط المستقيم فيقول "صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين" ما هو الصراط المستقيم؟ إنه الصراط الذي أنعمه على أشخاص.
حسن، لقد أنعم الله على الكثير من الناس. يقول تعالى: "فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين" ]النساء/69[. فالله تعالى أنعم على النبيين والصديقين والشهداء والصالحين. وفي مكان آخر يقول: "يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين" ]البقرة: 122.47[. فالله تعالى أنعم على بني إسرائيل وهذا التعبير "يا بني اسرائيل اذكروا نعمتي" ورد مرتان في سورة البقرة؛ وهناك غيره أيضًا، حيث جاء في شخص "إذ يقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتق الله" هو زيد بن الحارث. بالطبع فإن إنعام الله تعالى على الأشخاص لا يبين شيئًا يمكن للإنسان بواسطته أن يفهم معنى "الصراط المستقيم". لذلك يقال بيننا - نحن طلاب الحوزة- أنه جعل له قيدًا احترازيًا.
في آية: "صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم" فهؤلاء "الذين أنعمت عليهم" الذين ليسوا موردًا للغضب؛ وتعبير "غير المغضوب عليهم" صفة أولى لـ "الذين أنعمت عليهم"؛ وهي صفة فئة من الناس الذين أنعمت عليهم –وانا أطلب منك أن تجعلني على طريقهم- هي "غير المغضوب عليهم". مثلما أن بني إسرائيل قد وقعوا موردًا للغضب؛ "غضب الله عليهم" التي وردت في القرآن. "ولا الضالين" ولا من الذين ضلوا. لا يكفي أن يكون الله قد أنعم على شخص. ينبغي أن لا يكون الذي أنعم الله عليه موردًا للغضب الإلهي ولا من الضالين ايضا.
حسن؛ من هم الذين غضب الله عليهم؟ جاء في الروايات أنهم بنو إسرائيل؛ فهم الذين وقعوا مورد "أنعمت عليهم" وكذلك "المغضوب عليهم" ولا يريد الله سبحانه منا أن نسلك سبيلهم. كما أن المراد من "الضالين" أيضا النصارى؛ وقد صرَّح القرآن أنهم ضلوا.
وعليه؛ فلدينا من بين موارد "الذين أنعمت عليهم" مورد غضب أيضًا. وكذلك لدينا منهم موارد ضلال. متى أصبح الذين "أنعمت عليهم" مورد غضب الباري؟ لم يكن هؤلاء في البداية من المغضوب عليهم؛ لكن فيما بعد أصبحوا موردَ الغضب. ما الذي حدث حتى أصبحوا كذلك؟ هذا هو عدم الاستقامة؛ عدم المراقبة وعدم الدقة! أنه نتيجة تلك المواقف التي تحرف طريق الإنسان دون أن يشعر وتضله ويرتكب المحذور. على سبيل المثال، لنفترض بعض الوقائع التي حصلت مع النبي موسى عليه السلام مثل خرق القانون في قضية يوم السبت أو لجاجة أصحابه أو كثرة إراقتهم لدماء الأنبياء "وقتلهم الأنبياء بغير حق"(النساء:155)! بالطبع هذه الأمور حصلت تدريجيًا؛ ولم يحصل أي منها في البداية [بنحو دفعي[ لم يكن الأمر بهذا النحو.
الاستقامة والبصيرة، مقتطف من كلمات سماحة الإمام القائد السيد علي الخامنئي (دام ظله) حول البصيرة والاستقامة
المصدر:شبکه المعارف الاسلامیه
أية انعكاسات لانسحاب واشنطن من معاهدة "الأجواء المفتوحة"؟
انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية الأجواء المفتوحة يُبرز إلى الواجهة ضرورات أمنية إضافية لدى كلٍ من واشنطن، وموسكو وبروكسل. مخاطر جديدة تُضاف إلى سابقاتها وتُصيب جهود بناء الثقة بين القوى الكُبرى في الصميم. فكيف ستتأثّر كل واحدة من هذه القوى بالقرار الأميركي؟
انسحابٌ أميركي جديد من معاهدة دولية. خبرٌ لم يعد غريباً على مُتابعي النَسَق الأميركي المُرتبط بإدارة الرئيس دونالد ترامب وأسلوبه تجاه العلاقات الخارجية، وقضايا الأمن القومي. المعاهدة هذه المرة لم تكن سوى اتفاقية "الأجواء المفتوحة" المُبرَمة مع روسيا و32 دولة أغلبها منضوية في حلف شمال الأطلسي "الناتو" (بالإضافة إلى قرغيزيا التي وقّعت الاتفاقية ولم تصادق عليها)، والتي أعلن ترامب قرار انسحاب بلاده منها في 21 أيار/مايو، وقد مرّ على توقيعها 18 عاماً، لتُضاف إلى معاهدتين أخريين قرّر ترامب الانسحاب منهما منذ استلامه مقاليد الحُكم في عام 2016 (انسحب ترامب من الاتفاق النووي الذي أبرم مع إيران في 2015، ومن معاهدة الصواريخ النووية متوسّطة المدى مع روسيا التي تعود إلى 1988). بالإضافة إلى انسحابه من اتفاقية باريس للمناخ، وهي واحدة من الاتفاقيات التي لها أثر حاسم على البيئة العالمية بصورةٍ مباشرة، وعلى الأمن العالمي الذي يتزايد الترابُط بينه وبين قضايا البيئة بشدّة.
ويزيد هذا الانسحاب من مخاطر تفكيك قواعد الأمن المُتّفق عليها بين الولايات المتحدة والقوى الغربية من جهة، وروسيا من جهةٍ ثانية، مع ما يتضمّنه ذلك من تهديدات للأمن الأوروبي بالدرجة الأولى، والأمن العالمي عبر الأطلسي تالياً.
الذريعة الأميركية أرادها ترامب أن تكون على شكل عدم وفاء موسكو بالالتزامات التي تنصّ عليها الاتفاقية، ما يُضفي تهديداً جديداً على حال التزام واشنطن بمعاهدة "ستارت" الجديدة للحد من كمية الصواريخ النووية لدى كلٍ من البلدين. وهذا إن أضيف إلى تصريحات وزير الخارجية الصيني الأخيرة التي تتحدَّث عن نشوب حرب بارِدة بين بلاده والولايات المتحدة، ستكون له مفاعيل ومخاطر أخرى، غير تلك التي تظهر حتى الآن.
فالبيئة الاستراتيجية بين القوى الكُبرى تتحرّك بسرعةٍ، على وَقْع خطواتٍ أحادية الجانب، أغلبها يسبق بها ترامب القوى الأخرى، فتردّ هذه الأخيرة بإجراءاتٍ مُقابلة، الأمر الذي باتت له انعكاساتٌ ملموسة وشديدة على الثقة بقدرة القوى الكبرى على حفظ الأمن الدولي، من باب حفظ العلاقات المُشتركة بينها، فضلاً عن قُدرتها على إدارة نظامٍ عالمي يشكّل ضمانةً أمنية للقوى الأقلّ شأناً.
وتسير هذه الأحداث في مجرى أكثر اتّساعاً يتضمّن أزماتٍ عالمية بالغة الخطورة، ليس أقلّها انتشار فايروس "كوفيد19" وتهديده حياة ملايين البشر، وضربه لقُدرات الدول الاقتصادية، بمُوازاة أزمة مالية عالمية باتت تؤْرِق المُتابعين وقادة الرأي وصانعي السياسة عبر العالم كله.
ما هي اتفاقية الأجواء المفتوحة؟
إن اتفاقية "الأجواء المفتوحة" بين روسيا والولايات المتحدة و32 دولة أخرى، تسمح لجيوش البلدان الموقّعة عليها بتنفيذ عدد مُحدّد من الرحلات الاستطلاعية فوق بلدٍ عضو آخر بعد وقتٍ قصيرٍ من إبلاغه بالأمر (72 ساعة). على أن تتم مشاركة المعلومات التي يتم جمعها من إحدى الدول الأعضاء مع بقية الدول، مثل تحرّكات القوات والتدريبات العسكرية ونشر الصواريخ.
ويمكن لهذه الجيوش من خلال طائراتها مسح الأراضي تحتها، وجمع المعلومات والصوَر للمنشآت والأنشطة العسكرية. وذلك بهدف تمكين الجيوش في هذه البلدان من معرفة معلومات أكثر عن جيوش الدول الأخرى الشريكة في الاتفاقية، الأمر الذي يفترض به أن يُقلّل من احتمالات المواجهة بينها.
لكن هذا الهدف الكامن خلف فكرة الاتفاقية لا يبدو سهل التحقّق. فالدول المُتنافِسة بطبيعة دورها وحجمها واستعداداتها العسكرية، يمكن أن تستخدم مضامين الاتفاقية من أجل الإطلاع على مكامن ضعف الدول الأخرى، وبالتالي التجهّز للإستجابة لها في استعداداتها العسكرية المستقبلية، على قاعدة غياب الثقة المُتزايد بين هذه الدول. فالولايات المتحدة تعتقد بأن روسيا لا تسمح برحلات جوية أميركية، فوق المناطق التي تعتقد واشنطن أن موسكو تنشر فيها أسلحة نووية متوسّطة المدى وقد تشكّل تهديداً لدول الاتحاد الأوروبي. وفي المقابل، تشكو روسيا من الأمر نفسه لدى الولايات المتحدة، فيما تبدو الدول الأوروبية أكثر الأطراف تأثّراً بانعكاسات الخلل في التطبيق، وفجوات الثقة بين العملاقين المُتنافسين تاريخياً في الحرب الباردة السابقة.
ترامب يُريد لعب "الغولف" بهدوء
وفي الوقت الذي تعتبر فيه روسيا أن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاقية يشكّل ضربةً قاسية للأمن الأوروبي، فإن وزارة الدفاع الأميركية ترى أن روسيا "تنتهك بشكل صارخ ومتواصل التزاماتها" الواردة في الاتفاقية، وأنها تطبّق المعاهدة "بأساليب تساهم في تهديد الولايات المتحدة والحلفاء والشركاء عسكرياً".
وترامب الذي يريد لعب "الغولف" بهدوء، أزعجه تحليق طائرة روسية فوقه أثناء مُمارسة هواياته، بحسب ما أوردته صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية عقب إعلانه عن قراره، حيث تمّت الطلعة الجوية الروسية بموجب الاتفاقية فوق منتجعه للغولف في "بيدمينستر" في نيوجيرسي قبل ثلاث سنوات.
الحزب الديمقراطي الأميركي المستعدّ دائماً لالتقاط هفوات ترامب الاستراتيجية بسرعةٍ يرى في الخطوة الأخيرة "هديةً" للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على أساس أنها تُسهم بإبعاد واشنطن عن حلفائها الأوروبيين، وتدفعهم إلى ضرورة التوافق مع موسكو لضمان أمنهم.
والمعاهدة التي اقترحها لأول مرة الرئيس الأميركي الأسبق دوايت أيزنهاور عام 1955، كان المُراد منها تخفيف توتّرات الحرب الباردة، وبناء قاعدة من الثقة بين قطبيّ العالم آنذاك. لكن توقيعها لم يتم إلا عام 1992 بعد انهيار الاتحاد السوفياتي السابق، لتدخل حيّز التنفيذ في عام 2002.
أهميّة المعاهدة للدول المختلفة
لقد تمّ التوقيع على معاهدة "الأجواء المفتوحة" قبل ظهور تقنية التصوير بالأقمار الصناعية المتقدّمة التي تعدّ حاليًا الوضع المفضّل لجمع المعلومات الاستخبارية. ومع ذلك، توفر طائرات المراقبة معلومات أساسية لايزال يتعذّر جمعها بواسطة أجهزة استشعار الأقمارالصناعية، مثل بيانات التصوير الحراري، كما يوضح تقرير في مجلة "إيكونوميست".
وتبرز استفادة دول الاتحاد الأوروبي من شراكتها الاستراتيجية مع الولايات المتحدة بمعزل عن هذه الاتفاقية، نظراً لأن واشنطن تملك بنية تحتية عسكرية فضائية واسعة النطاق ومتفوقة، الأمر الذي يزيد من حاجة الأوروبيين لبيانات الأقمار الصناعية السرية، والتي سيكون من الصعب الحصول عليها مقارنة بسجلات مراقبة اتفاقية "الأجواء المفتوحة" التي تجب مشاركتها مع جميع الأعضاء الآخرين.
ويمكن أن يؤثر انسحاب روسيا بالمقابل- رداً على الانسحاب الأميركي- سلباً على الأوروبيين، الذين يعتمدون على بيانات الاتفاقية لتتبّع تحرّكات القوات الروسية في منطقة البلطيق. وهذا ما أشار إليه قادة ديمقراطيون كبار حين تحدّثوا عن "هدية ترامب لبوتين" في الرسالة التي وجّهوها إلى بومبيو ووزير الدفاع مارك إسبر.
أما واشنطن نفسها، فقد استفادت من هذه المعاهدة بحسب تقرير "إيكونوميست" بدرجةٍ عالية، حيث قام جيشها بنحو 201 مهمة مراقبة فوق روسيا وحليفتها روسيا البيضاء. بالإضافة إلى طلعات كثيرة فوق أوكرانيا منذ عام 2014 الذي شهد اندلاع النزاع فيها، والذي كان لروسيا وحلفائها الأوكرانيين دور كبير فيه. هذه الاستفادة تبقى حاضرة في بال القادة الأميركيين في المستقبل. فوزير الخارجية مايك بومبيو أكّد عقب إعلان الانسحاب أن بلاده ستعيد النظر في قرارها، إذا أظهرت روسيا عودة إلى الامتثال الكامل لمضامين الاتفاقية.
موقف روسيا
تبدو روسيا مُتحفّظةً بعض الشيء في التعاطي مع القرار الأميركي الجديد. لكن تقديرها لانعكاساته عليها لا بد من أن يأخذ بالحسبان أنه سيلقي بلائمة الأوروبيين على واشنطن، الأمر الذي قد يزيد من الشقاق المُتّسع في الآونة الأخيرة بين القوى الأوروبية الرئيسة وأميركا. خصوصاً وأن الجماعات اليمينية واليسارية في أوروبا تبدو في بحثٍ دائمٍ عن أسباب جديدة تستطيع من خلالها إقناع الرأي العام الأوروبي بضرورة بلورة شخصية أوروبية مستقلّة عن الأميركيين في مختلف الشؤون، بما فيها مسائل الأمن القومي.
ولأن التدابير التي تسمح بها هذه الاتفاقية لم تعد فائقة الأهمية من الناحية الأمنية (بعد تطوّر تقنيات الأقمار الصناعية وبسبب محدودّية الطلعات التي تسمح بها لكل واحدة من الدول الأعضاء)، فإن جانبها المتعلّق ببناء الثقة بات أكثر أهمية من ذي قبل. ومع ذلك فإن مفاعيل الاتفاقية كانت مهمة جداً بالنسبة إلى الأوروبيين خلال الأزمة الأوكرانية. وهذا ما يمكن رؤيته من جانب روسيا على أنه نقطة إيجابية يمكن الاستفادة منها من جرّاء انسحاب واشنطن أحادي الجانب، خصوصاً وأن التطوّر التقني في الأقمار الصناعية بات يشكّل مساراً مهماً من مسارات العمل الحثيث لدى الجيش الروسي وقوى الاستخبارات هناك، الأمر الذي يشير إلى خياراتٍ واسعةٍ من البدائل لدى موسكو عن فوائد البقاء ضمن "الأجواء المفتوحة".
ولطالما رفضت روسيا تزايد القيود على رحلاتها بموجب المعاهدة، والتي تهدف بالأساس إلى الحد من حركتها فوق مناطق النزاعات؛ وبالمقابل فإن الأميركيين وحلفاءهم الأوروبيين يسعون بصورةٍ مُتزايدة إلى تطويق روسيا من خلال توسّع حلف شمال الأطلسي. وفي وقتٍ يشكّك فيه أحد الأطراف في الائتلاف الحاكم في ألمانيا بوجود أسلحة نووية أميركية في أوروبا، فإن تمسّك الأوروبيين بالمعاهدة، بعد انسحاب الولايات المتحدة منها سيدفع بالكرملين إلى الخروج منها أيضاً.
وفي الواقع، حاول العديد من الدول الأوروبية إنقاذ الاتفاقية من خلال معالجة قضايا الامتثال بزيادة نشاط اللجنة الاستشارية للمعاهدة. لكن ذلك لم يفلح في حماية الإطار الذي لا يزالون يرون فيه ضماناً إضافياً لأمنهم الذي تتزايد التهديدات المُحْدِقة فيه، مع تزايُد حدّة المُنافسة بين القوى الكبرى على الأسواق والموارد والتوسّع الجيوسياسي، والنَهم إلى النفوذ والسيطرة العابرة للقارات. وهذه التنافُسية الحادّة لم يبدُ في الآونة الأخيرة أنها تقيم اعتباراً لرأي الأوروبيين بالدرجة المرغوب بها.
ولا يبدو أن هناك أفقاً واضحاً لما يمكن للأوروبيين القيام به لإقناع روسيا بالبقاء في إطار المعاهدة، بعد انسحاب الولايات المتحدة منها. ومع ذلك، فإن محاولاتهم قد تتركّز على التواصل مع روسيا البيضاء لمحاولة إقناعها بالبقاء، كون هذه الأخيرة كانت قد تقدّمت بطلب للحصول على حصص مستقلّة (عن حصّة روسيا) وفاعلة من الطلعات الجوية التي تتيحها الاتفاقية. فعلى الرغم من عدم قدرة روسيا البيضاء على تقديم الضمانات المُطمئنة للأوروبيين، والتي لا يمكن لأحد غير موسكو أن يقدّمها، لكن باستطاعتها – من وجهة نظر أوروبية- أن تُسهم في إظهار موسكو وحيدةً فيما لو لحقت بالولايات المتحدة وانسحبت من الاتفاقية. وعلى هذا الأساس، تتزايد تعقيدات مواقف الأطراف الثلاثة، أوروبا وروسيا والولايات المتحدة، بعد قرار ترامب هذا.
وأبعد من ذلك، فإن إضافة هذا الانسحاب إلى سياق الانسحابات السابقة من معاهدات أكثر أهمية، سيفضي إلى تفكّك نظام المعاهدات التي كانت تشكّل حداً أدنى من شبكة أمانٍ تعاقدية بين هذه الأطراف، الأمر الذي سيزيد من تسارُع الانزلاق نحو عالمٍ بلا قيود، سيُسرّع بدوره في تحديد معالم النظام العالمي الجديد، أو قُل حال اللانظام التي دخل العالم في طورها، قبل أن يكتمل رَسْم القواعد الجديدة.
المصدر :المیادین
الغيبة من أخطر الذنوب
إن رأس مال الإنسان المهم في حياته ماء وجهه وحيثيته، وأي شئ يهدده فكأنما يهدد حياته بالخطر. وأحيانا يعد اغتيال وقتل الشخصية أهم من اغتيال الشخص نفسه، ومن هنا كان إثمه أكبر من قتل النفس أحيانا. إن واحدة من حكم تحريم الغيبة أن لا يتعرض هذا الاعتبار العظيم للأشخاص ورأس المال آنف الذكر لخطر التمزق والتلوث وأن لا تهتك حرمة الأشخاص ولا تلوث حيثياتهم، وهذا مطلب مهم تلقاه الإسلام باهتمام بالغ!
والأمر الآخر إن الغيبة تولد النظرة السيئة وتضعف العلائق الاجتماعية وتوهنها وتتلف رأس مال الاعتماد وتزلزل قواعد التعاون "الاجتماعي"! ونعرف أن الإسلام أولى أهمية بالغة من أجل الوحدة والانسجام والتضامن بين أفراد المجتمع، فكل أمر يقوي هذه الوحدة فهو محل قبول الإسلام وتقديره، وما يؤدي إلى الإخلال بالأواصر الاجتماعية فهو مرفوض، والاغتياب هو أحد عوامل الوهن والتضعيف... ثم بعد هذا كله فإن الاغتياب ينثر في القلوب بذور الحقد والعداوة وربما أدى أحيانا إلى الاقتتال وسفك الدماء في بعض الأحيان.
والخلاصة أننا حين نقف على أن الاغتياب يعد واحدا من كبائر الذنوب فإنما هو لآثاره السيئة فردية كانت أم اجتماعية! وفي الروايات الإسلامية تعابير مثيرة في هذا المجال نورد هنا على سبيل المثال بعضا منها:
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "إن الدرهم يصيبه الرجل من الربا أعظم عند الله في الخطيئة من ست وثلاثين زنية يزنيها الرجل وأربى الربى عرض الرجل المسلم"([1]). وما ذلك إلا لأن الزنا وإن كان قبيحا وسيئا، إلا أن فيه جنبة حق الله، ولكن الربا وما هو أشد منه كإراقة ماء وجه الإنسان وما إلى ذلك فيه جنبة حق الناس.
وقد ورد في رواية أخرى أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) خطب يوما بصوت عال ونادى: "يا معشر من آمن بلسانه ولم يؤمن بقلبه! لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم فإنه من تتبع عورة أخيه تتبع الله عورته ومن تتبع الله عورته يفضحه في جوف بيته"([2]).
كما ورد في حديث ثالث أن الله أوحى لموسى (عليه السلام) قائلا: "من مات تائبا من الغيبة فهو آخر من يدخل الجنة، ومن مات مصرا عليه فهو أول من يدخل النار"([3]).
كما نقرأ حديثا آخر عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: "الغيبة أسرع في دين الرجل المسلم من الأكلة في جوفه"([4]). وهذا التشبيه يدل على أن الاغتياب كمثل الجرب الذي يأكل اللحم، فإنه يذهب بالإيمان بسرعة.
ومع الالتفات إلى أن بواعث الغيبة ودوافعها أمور متعددة كالحسد والتكبر والبخل والحقد والأنانية وأمثالها من صفات دميمة وقبيحة يتضح السر في سبب كون الغيبة وتلويث سمعة المسلمين وهتك حرمتهم لها هذا الأثر المدمر لإيمان الشخص.
والروايات الإسلامية في هذا الصدد كثيرة، ونختتم بحثنا هذا بذكر حديث آخر نقل عن الإمام الصادق (عليه السلام) إذ يقول: "من روى على مؤمن رواية يريد بها شينه وهدم مروته ليسقط من أعين الناس أخرجه الله من ولايته إلى ولاية الشيطان فلا يقبله الشيطان"([5]).
إن جميع هذه التأكيدات والعبارات المثيرة إنما هي للأهمية القصوى التي يوليها الإسلام لصون ماء الوجه وحيثية المؤمنين الاجتماعية، وكذلك للأثر المخرب - الذي تتركه الغيبة - في وحدة المجتمع والاعتماد المتبادل في القلوب، وأسوأ من كل ذلك أن الغيبة تسوق إلى إشعال نار العداوة والبغضاء والنفاق وإشاعة الفحشاء في المجتمع. لأنه حين تنكشف عيوب الناس الخفية عن طريق الغيبة لا تبقى لها خطورة في أعين الناس ويكون التلوث بها في غاية البساطة!
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي، بتصرّف يسير
([1]) المحجة البيضاء، ج 5، ص 253.
([2]) المصدر السابق، ص 252.
([3]) المصدر السابق.
([4]) أصول الكافي، ج 2، باب الغيبة، الحديث 1 - الآكلة نوع من الأمراض الجلدية.
([5]) وسائل الشيعة، ج 8، الباب 157، الحديث 2، الصفحة 608.
المصدر:شبکه المعارف الاسلامیه
اشتباكات بين الشرطة الأميركية والمتظاهرين أمام البيت الأبيض في واشنطن
اشتباكات بين الشرطة الأميركية ومتظاهرين أمام البيت الابيض واحتجاجات في مدن عديدة، وترامب يجدّد التهديد باستخدام القوّة العسكرية.
دارت اشتباكات بين الشرطة الأميركية والمتظاهرين أمام البيت الأبيض في واشنطن، إثر إضرام بعضهمُ النيران في منطقة قريبة منه، هذا وتواصلت الاحتجاجات في عدد من المدن منها مينيابوليس ونيويورك ولوس أنجلوس وغيرها.
بالتزامن، أعلن حاكم ولاية أريزونا فرض حظر للتجوال لمدة أسبوع، كما أعلن حاكم ولاية فرجينيا حالة الطوارئ واستدعاء الحرس الوطنيّ. فيما أكدت شرطةُ لوس أنجلوس اعتقال نحو 400 شخص بتهم مختلفة.
وأعاد الرئيس الأميركيُّ دونالد ترامب نشر تغريدة لهُ على "تويتر" اتّهم فيها وسائل إعلام أميركية ببثّ أخبار مضللة أكثر من أيّ دولة أجنبية.
كما أعاد نشر تغريدة هدّد فيها باستخدام القوّة العسكرية اذا لم يكنْ حكامُ الولايات أكثر حزمًا في القيام بعملهم، مؤكداً أنّ حكومته ستُصنّفُ جماعة "أنتيفا" المناهضة للفاشية منظّمةً إرهابية.
إلى ذلك كشفت "نيويورك تايمز" أنّ موظّفي الخدمة السرية نقلوا ترامب إلى مخبأ تحت الأرض لوقت قصير عندما اقتربت الاحتجاجاتُ من البيت الأبيض.
في غضون ذلك أبلغ البيت ُالأبيضُ موظفيه عبر البريد الإلكترونيّ بتجنّب الحضور بسبب الاحتجاجات المستمرّة وبأنه لايزالُ في حالة تأهّب أمنيّ.
يأتي ذلك، فيما قال وزيرُ العدل الأميركيُّ وليام بار إنه تمّ اختطافُ أصوات الاحتجاجات السلمية والمشروعة من قبل عناصر متطرّفين، مؤكّداً أنه سيتمُّ توجيه الأجهزة الفيدرالية لاعتقال المحرّضين واتّهامهم بانتهاك القانون الفيدراليّ.
ودعا المرشّح الرئاسي الديموقراطي جو بايدن المحتجّين إلى عدم استخدام العنف مع اشتداد المواجهات في عدد من المدن الأميركية.
وفي بيان له قال بايدن إنّ الاحتجاج على ممارسات الشرطة الوحشية بعد قتل فلويد أمر صائب وضروريّ، معتبراً أن الإحراق والتدمير لا طائل منهما.
المصدر:المیادین