emamian

emamian

الثلاثاء, 16 حزيران/يونيو 2020 21:05

التعصّب الممدوح والمذموم

 عن الإمام الصادق عليه السلام، قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: مَن كان في قلبه حبّة من خردل من عصبيّة، بعثه الله تعالى يوم القيامة مع أعراب الجاهليّة"[1].

 

تمهيد

إنّ التعصّب هو أن يدعو الرجل إلى نصرة عصبته (قرابته) والتألّب معهم على من يناويهم، ظالمين كانوا أو مظلومين، والعصبيّ هو من يعين قومه على الظلم ويغضب لعصبته ويحامي عنهم[2].

 

وقد سُئِل الإمام علي بن الحسين عليهما السلام عن العصبيّة، فقال: "العصبيّة التي يأثم عليها صاحبها أن يرى الرجل شرار قومه خيراً من خيار قوم آخرين، وليس من العصبيّة أن يحبّ الرجل قومه، ولكن من العصبية أن يعين قومه على الظلم"[3].

 

وهي من أخطر النزعات وأفتكها في تشـتّت المسلمين وتفرّقهم، وإضعاف طاقاتهم، الروحيّة والمادّيّة، وقد حاربها الإسلام، وحذّر المسلمين من مفاسدها وآثارها السلبيّة على الجميع، يقول الإمام الصادق عليه السلام: "مَن تعصَّب، عصَّبه الله بعصابة من نار"[4].

 

أوّلاً: إمام المتعصّبين

للتعصّب أساس يعود تاريخه إلى افتخار الشيطان على أبينا آدم عليه السلام بخلقه، حيث تعصّب لأصله، ويحكي القرآن الكريم قوله: ﴿خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ﴾[5].

 

فإبليس إمام المتعصّبين، والعصبيّة من جنوده المودية إلى الهلاك، لأنّها تسلك بصاحبها سبيل الضلال والغيّ، وتبعده عن طريق الحقّ والرشاد.

 

وقد ذمّ أميرُ المؤمنين عليه السلام إبليس قائلاً: "فافتخر على آدم بخلقه، وتعصّب عليه لأصله، فعدوُّ الله إمام المتعصّبين وسلف المستكبرين الذي وضع أساس العصبيّة ونازع الله رداء الجبريّة، وادّرع لباس التعزّز، وخلع قناع التذلّل"[6].

 

وفي حديث آخر: "اعترته الحميّة، وغلبت عليه الشقوة، وتعزّز بخلقه النار، واستوهن خلق الصلصال"[7].

 

ثانياً: التعصّب للحقّ

لا ريب أنّ العصبيّة الذميمة التي نهى الإسلام عنها هي: التناصر للباطل، والتعاون على الظلم، والتفاخر بالقيم الجاهليّة.

 

أمّا التعصّب للحقّ، والدفاع عنه، والتناصر لتحقيق المصالح الإسلاميّة العامّة، كالدفاع عن الدين، وحماية الوطن، وصيانة كرامات المسلمين وأنفسهم وأموالهم، فهو التعصّب المحمود الباعث على توحيد الأهداف والجهود، وتحقيق العِزة والمنعة للمسلمين.

 

قال الإمام زين العابدين عليه السلام: "إنّ العصبيّة التي يأثم عليها صاحبها، أن يرى الرجل شرار قومه خيراً من خيار قوم آخرين، وليس من العصبيّة أن يحبّ الرجل قومه، ولكِن من العصبيّة أن يعين قومه على الظلم"[8].

 

وعنه عليه السلام أنّه قال: "لم يدخل الجنّة حميّة غير حميّة حمزة بن عبد المطلب؛ وذلك حين أسلم غضباً للنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم"[9].

 

ولقد هاجم أمير المؤمنين عليه السلام الروح العصبيّة، مبيّناً التعصّب الممدوح في خطبة القاصعة قائلاً: "فإن كان لا بدّ من العصبيّة، فليكن تعصبّكم لمكارم الخصال ومحامد الأفعال ومحاسن الأمور، الّتي تفاضلت فيها المُجداء النُجداء من بيوتات العرب ويعاسيب القبائل... فتعصّبوا لخلال الحمد من الحفظ للجوار والوفاء بالذمام والطاعة للبرّ، والمعصية للكِبْر، والأخذ بالفضل، والكفّ عن البغي"[10].

 

وعنه عليه السلام أنّه قال: "إن كنتم لا محالة متعصّبين، فتعصّبوا لنصرة الحقّ وإغاثة الملهوف"[11].

 

ثالثاً: عاقبة العصبيّة

أ. الخروج من الإيمان

لأنّ الإيمان هو التصديق بالقلب، والعمل بالحقّ والعدل، كما جاء في الحديث الشريف عن الإمام الرضا عليه السلام: "وهو معرفة بالقلب، وإقرار باللسان، وعمل بالأركان"[12].

 

وهذا يعني أنّ العصبيّة ستصادم الحقّ وتعاكسه، أي إنّها ستتعارض مع الإيمان؛ لأنّ من الإيمان العمل والسير على مقتضى الحقّ والانصاف، فحلول العصبيّة في القلب ينفي الحقّ والإيمان؛ لأنّ المتعصِّب سيأخذُ جانباً معروفاً مسبقاً ويدافع عنه، حتّى وإن لم يكن على الحقّ!

 

وقد نصَّت الرِّواية عن الإمام الصَّادق عليه السلام على ذلك: "من تَعصَّب أو تُعُصِّبَ له فقد خلع ربقة الإيمان من عنقه"[13].

وجعل الله تعالى التعصّب وصفاً لقلوب الكافرين، حيث قال: ﴿إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ﴾[14].

 

وعن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: "إنّ الملائكة كانوا يحسبون أنّ إبليس منهم، وكان في علم الله أنّه ليس منهم، فاستخرج ما في نفسه بالحميّة والغضب، وقال: خلقتني من نار وخلقته من طين"[15].

 

ب- الحشر مع الأعراب

قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "مَن كان في قلبه حبّة من خردل من عصبيّة، بعثه الله يوم القيامة مع أعراب الجاهليّة"[16].

 

ج- استحقاق النار

عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: "من تعصّب، عصّبه الله عزّ وجلّ بعصابة من نار"[17].

 

رابعاً: الإسلام دين التناصر

جاء الإسلام، والناس متفرّقون شيعًا وأحزابًا وقبائل، فجمع الله به الناس، وألَّف به بين قلوبهم: قال الله تعالى: ﴿وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانً﴾[18].

 

وعن الإمام الباقر عليه السلام أنّه قال: "صعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المنبر يوم فتح مكّة، فقال: أيّها الناس، إنّ الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهليّة وتفاخرها بآبائها، ألا إنّكم من آدم عليه السلام، وآدم من طين، ألا إنّ خير عباد الله عبدٌ اتّقاه، إنّ العربيّة ليست باب والد، ولكنّها لسان ناطق، فمن قصر به عمله، لم يبلغه حسبه، ألا إنْ كان دم كان في الجاهليّة أو إحنة[19]، فهي تحت قدمي هذه إلى يوم القيامة"[20].

 

وقد ربَّى الإسلام أبناءه على استشعار أنّهم أفراد في مجموعة، وأنّهم أجزاء من هذه الجماعة الكبيرة، فالمسلم بشعوره أنّه جزء من الجماعة يحبّ للأجزاء الأخرى مثل ما يحبّ لنفسه.

 

فإنّ انتماء المسلم للجماعة يترتّب عليه حقوق وواجبات، ومن أعظمها واجب التناصر بين المسلمين.

 

وقد أوصى أمير المؤمنين عليه السلام ولديه الحسن والحسين عليه السلام بقوله: "وكونا للظالم خصماً، وللمظلوم عَوْناً"[21]. وعنه عليه السلام أيضاً: "أحسن العدل نصرة المظلوم"[22].

 

وعن الإمام زين العابدين عليه السلام أنّه قال: "اللهمّ، إنّي أعتذر إليك من مظلوم ظُلِم بحضرتي، فلم أنصره"[23].

 

الإنسان والمجتمع، دار المعارف الإسلامية الثقافية

 

[1] الشيخ الكلينيّ، الكافي، مصدر سابق، ج2، ص308.

[2] ابن منظور، لسان العرب، مصدر سابق، ج‏9، ص‏232، 233.

[3] الشيخ الكلينيّ، الكافي، مصدر سابق، ج2، ص308.

[4] المصدر نفسه.

[5] سورة الأعراف، الآية 12.

[6] نهج البلاغة، مصدر سابق، ص 286.

[7] المصدر نفسه، ص 42.

[8] الشيخ الكلينيّ، الكافي، مصدر سابق، ج2، ص308.

[9] الشيخ الكلينيّ، الكافي، مصدر سابق، ج2، ص308.

[10] نهج البلاغة، مصدر سابق، ص 295.

[11] الليثيّ الواسطيّ، عيون الحكم والمواعظ، مصدر سابق، ص163.

[12] الحرّ العامليّ، وسائل الشيعة، مصدر سابق، ج15، ص329.

[13] الشيخ الكلينيّ، الكافي، مصدر سابق، ج2، ص307.

[14] سورة الفتح، الآية 26.

[15] الشيخ الكلينيّ، الكافي، مصدر سابق، ج2، ص308.

[16] المصدر نفسه.

[17] المصدر نفسه.

[18] سورة آل عمران، الآية 103.

[19] الإحنة: الشحناء.

[20] الشيخ الكلينيّ، الكافي، مصدر سابق، ج8، ص246.

[21] نهج البلاغة، مصدر سابق، ص421.

[22] الليثيّ الواسطيّ، عيون الحكم والمواعظ، مصدر سابق، ص113.

[23] الإمام زين العابدين عليه السلام، الصحيفة السجّاديّة الكاملة، مؤسّسة النشر الإسلاميّ التابعة لجماعة المدرِّسين بقم المشرَّفة، إيران - قم، 1404 - 1363 ش، لا.ط، ص187.

الثلاثاء, 16 حزيران/يونيو 2020 21:01

البعد الشمولي في العبادة

حـين نلاحظ العبادات المختلفة في الاسلام نجد فيها عنصر الشمول لجوانب الحياة المتنوعة، فلم تـخـتص العبادات بأشكال معينة من الشعائر، ولم تقتصر على الاعمال التي تجد مظاهر التعظيم للّه سـبـحـانـه وتـعالى فقط، كالركوع والسجود والذكر والدعاء، بل امتدت الى كل قطاعات النشاط الانـساني. فالجهاد عبادة وهو نشاط اجتماعي، والزكاة عبادة وهي نشاط اجتماعي مالي، والخمس عـبـادة وهو نشاط اجتماعي مالي ايضا، والصيام عبادة وهو نظام غذائي، والوضوء والغسل عبادتان وهـمـا لـونان من تنظيف الجسد. وهذا الشمول في العبادة يعبر عن اتجاه عام في التربية الاسلامية يـستهدف ان يربط الانسان في كل اعماله ونشاطاته باللّه تعالى، ويحول كل ما يقوم به من جهد صالح إلـى عبادة مهما كان حقله ونوعه، ومن أجل إيجاد الاساس الثابت لهذا الاتجاه وزعت العبادات الثابتة على الحقول المختلفة للنشاط الانساني، تمهيدا الى تمرين الانسان على ان يسبغ روح العبادة على كل نـشـاطاته الصالحة، وروح المسجد على مكان عمله في المزرع او المصنع اوالمتجر او المكتب، مادام يعمل عملا صالحا من اجل اللّه سبحانه وتعالى.

 

وفـي ذلك تختلف الشريعة الاسلامية عن اتجاهين دينيين آخرين، وهما اولا الاتجاه الى الفصل بين الـعـبـادة والـحياة، وثانيا: الاتجاه الى حصر الحياة في اطار ضيق من العبادة، كما يفعل المترهبون والمتصوفون.

 

امـا الاتـجاه الاول الذي يفصل بين العبادة والحياة فيدع العبادة للاماكن الخاصة المقرر لها، ويطالب الانـسـان بأن يتواجد في تلك الاماكن ليؤدي للّه حقه ويتعبد بين يديه، حتى اذا خرج منها الى سائر حقول الحياة ودع العبادة وانصرف الى شؤون دنياه، الى حين الرجوع ثانية الى تلك الاماكن الشريفة.

 

وهـذه الـثـنائية بين العبادة ونشاطات الحياة المختلفة تشل العبادة وتعطل دورها التربوي البناء في تطوير دوافع الانسان، وجعلها موضوعية، وتمكينه من أن يتجاوز ذاته ومصالحه الضيقة في مختلف مـجـالات الـعـمل. واللّه سبحانه وتعالى لم يركز على أن يعبد من أجل تكريس ذاته وهو الغني عن عـبـاده، لـكي يكتفي منهم بعبادة من هذا القبيل، ولم ينصب نفسه هدفا وغاية للمسيرة الإنسانية لكي يـطـاطىء الانـسـان رأسه بين يديه في مجال عبادته وكفى، وإنما أراد بهذه العبادة أن يبني الانسان الصالح القادر على أن يتجاوز ذاته ويساهم في المسيرة بدور أكبر. ولا يتم التحقيق الامثل لذلك الا اذا امتدت روح العبادة تدريجا الى نشاطات الحياة الاخرى، لان امتدادها يعني ـ كما عرفنا ـ امتداد الـمـوضـوعـية في القصد والشعور الداخلي بالمسؤولية في التصرف، والقدرة على تجاوز الذات وانسجام الانسان مع إطاره الكوني الشامل مع الأزل والأبد اللذين يحيطان به.

 

ومـن هنا جاءت الشريعة ووزعت العبادات على مختلف حقول الحياة، وحثت على الممارسة العبادية فـي كل تصرف صالح، وافهمت الانسان بأن الفارق بين المسجد الذي هو بيت اللّه، وبين بيت الانسان ليس بنوعية البناء أو الشعار، وانما استحق المسجد ان يكون بيت اللّه لانه الساحة التي يمارس عليها الانـسان عملا يتجاوز فيه ذاته ويقصد به هدفا اكبر من منطق المنافع المادية المحدودة، وان هذه الـساحة ينبغي ان تمتد وتشمل كل مسرح الحياة. وكل ساحة يعمل عليه الانسان عملا يتجاوز فيه ذاته ويقصد به ربه والناس اجمعين، فهي تحمل روح المسجد.

 

وامـا الاتـجاه الثاني الذي يحصر الحياة في اطار ضيق من العبادة، فقد حاول ان يحصر الانسان في المسجد، بدلا عن ان يمدد معنى المسجد ليشمل كل الساحة التي تشهد عملا صالحا لانسان.

 

ويـؤمـن هذا الاتجاه بأن الانسان يعيش تناقضا داخليا بين روحه وجسده، ولا يتكامل في احد هذين الجانبين الا على حساب الجانب الاخر. فلكي ينمو ويزكو روحيا يجب ان يحرم جسده من الطيبات، ويقلص وجوده على مسرح الحياة، ويمارس صراعا مستمرا ضد رغباته وتطلعاته الى مختلف ميادين الحياة، حتى يتم له الانتصار عليها جميعا عن طريق الكف المستمر والحرمان الطويل، والممارسات العبادية المحددة.

 

والـشـريـعـة الاسلامية ترفض هذا الاتجاه ايضا لانها تريد العبادات من اجل الحياة، فلا يمكن ان تـصـادر الحياة من أجل العبادات. وهي في الوقت نفسه تحرص على أن يسكب الانسان الصالح روح الـعـبـادة فـي كـل تـصرفاته ونشاطاته، ولكن لا بمعنى أن يكف عن النشاطات المتعددة في الحياة، وتـحـصر نفسه بين جدران المعبد، بل بمعنى ان يحول تلف النشاطات الى عبادات. فالمسجد منطلق لـلانسان الصالح في سلوكه اليومي، وليس محددا لهذا السلوك، وقد قال النبي (صلى الله عليه وآله) لأبي ذر: (ان استطعت ان لا تاكل ولا تشرب الا للّه فافعل).

 

وهكذا تكون العبادة من اجل الحياة، ويقدر نجاحها التربوي والديني بمدى امتدادها مضمونا وروحا الى شتى مجالات الحياة.

 

نظرة عامة في العبادات، آية اللّه الشهيد السيد محمد باقر الصدر

الجمعة, 12 حزيران/يونيو 2020 20:27

اليقين العباديّ وآثاره

استناداً الىٰ الآية الكريمة: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ الْيَقِين}[1] فإنّ اليقينَ ثمرة وفائدة العبادة وليسَ هو الحد العدمي لها. وهنا لابدّ أن نأتي علىٰ بيان هذه الحقيقة وهي انّ اليقين الّذي يحصل بواسطة العبادة يختلف عن اليقين الّذي يحصل من البحث العلمي أو رؤية المعجزة.

 

اليقين يحصل من طرق متعدّدة، واليقين الناتج من عوامل وأسباب مختلفة ليس في درجة واحدة، مثلاً اليقين الّذي حصل لفرعون وأعوانه برؤية معجزة عصا موسىٰ لم يكن ذلك اليقين الّذي يهديهم ويخرجهم من الظلمات الىٰ النور. فعندما تحوّلت عصا موسىٰ الىٰ ثعبان يسعىٰ وابتلع سحر السَحرة اتّضح لفرعون وملائه انّ موسىٰ (عليه السلام) علىٰ حقّ، لكنّ اُولئك مع ما حصل لهم من اليقين فقد أنكروا آيات الله البيّنة والمُبيِّنة: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِين}.[2] كذلك اليقين العلميّ للعلماء الّذين هم بغير عمل فإنّه لا أثر له، لكنّ نور اليقين الّذي يضيء بمصباح العبادة ويشعّ علىٰ روح العابد فهو مؤثّر ومنقذ للعابد.

 

وانّ سرَّ ومنشأ فساد الإنسان واستسلامه للذنب هو انّ الذنوب قد اكتست بغطاء من حلاوة اللذّات، والإنسان الساذج والمغفّل يرىٰ هذا الغطاء والقشر الخارجيّ ويعجز عن رؤية باطنه فيتقدّم نحوه رغبة وشوقاً الىٰ ذلك الغطاء الحلو فيقع في فخّ الباطن. وأمّا اُولئك الّذين بلغوا نور اليقين بالعبادة فلديهم قدرة علىٰ رؤية الباطن والخارج، فلا يدنّسون انفسهم أبداً بالذنب الّذي باطنه سمّ مهلك ونار محرقة.

 

واُولئك الّذين نالوا بالعبادة (علم اليقين) ستصبح لديهم القدرة علىٰ رؤية نار جهنّم كما يعلن ذلك القرآن بصراحة: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ... ٭ ... كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ ٭ لَتَرَوُنَّ الْجَحِيم}.[3]

 

اُولئك الّذين تحرّروا من فخّ التكاثر[4] وتزيّنوا بعلم اليقين الّذي هو ثمرة العبادة (وليس البرهان والإستدلال) فهم يرون جهنّم الآن، كما انّ أنصار سيّد الشهداء (عليه السلام) في ليلة عاشوراء وبعد ان صمّموا وعقدوا العزم علىٰ نصرة الإمام، فقد رأوا بواسطة الإمام منازلهم في الجنّة: (وهذا لايعني أنّهم قد قاتلوا مع الإمام بسبب رؤية الجنّة وطمعاً بها).

 

إذن فاليقين الحاصل من العبادة هو الشهود، وبما انّ درجاته لاحدّ لها، فالهدف النهائيّ من العبادة أيضاً لاحدَّ له أيضاً.

 

آية الله الشيخ جوادي آملي

 

[1] . سورة الحجر، الآية 99.

[2] . سورة النمل، الآية 14.

[3] . سورة التكاثر، الآيات 1 ـ 6.

[4] . انّ الجميع مبتلىٰ بالتكاثر الاّ القليل من الناس: «كلّ القوم ألهاهم التكاثر» (البحار، ج75، ص152) فالبعض مبتلىٰ بالتكاثر في المال، والبعض مبتلىٰ بالتكاثر في الأولاد والقبيلة، وآخرون ممّن يعملون في مجال العلم والثقافة مبتلون بالتكاثر في المستمع والتلميذ والقارئ والمأموم و... فالشيطان لم ينصب فخّ التكاثر للأثرياء وعبيد المال فحسب، فلا يُتوهم انّ مدارس العلم وساحات الثقافة خالية من التكاثر. وفي القيامة سيظهر جليّاً انّ الإهتمام بإقبال المأمومين والتلاميذ وإدبارهم وأمثال ذلك ماذا يجلب من العذاب.

الجمعة, 12 حزيران/يونيو 2020 20:23

عبد العظيم الحسني

الاسم    عبدالعظيم

تاريخ الميلاد     173 هـ

تاريخ الوفاة      15 شوال سنة 252 هـ

مكان الدفن      مدينة الري

مدة حياته        79 سنة

الألقاب الشاه عبد العظيم، والسيد الكريم

الأب    عبد الله بن علي القافة

الأم      هيفاء بنت إسماعيل

الزوج   بنت عمه خديجة بنت القاسم

الأولاد  محمد وأم سلمة

 

 

العباس بن علي(ع) · زينب الكبرى · علي الأكبر · فاطمة المعصومة . السيدة نفيسة · السيد محمد · عبد العظيم الحسني · أحمد بن موسى · موسى المبرقع ·

 

عبد العظيم بن عبد الله بن علي بن حسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب، من علماء السادة الحسنيين، ينتهي نسبه إلى الإمام الحسن المجتبى (ع) بأربع وسائط. و يعد من كبار المحدثين، وقد عاصر أربعة من أئمة الشيعة (ع) في القرنين الثاني والثالث الهجري. مدفنه في مدینة الري في إيران.

محتويات

 

    1 هويته الشخصية

    2 معاصرته لبعض الأئمة (ع)

    3 فضله ومنزلته

    4 كلمات الأئمة (ع) في حقّه

    5 منزلته العلمية

    6 رواياته

    7 هجرته إلى الري

    8 وفاته

    9 قبره وثواب زيارته

    10 ما كُتب عن شخصيته

    11 وصلات خارجية

    12 الهوامش

    13 المصادر والمراجع

 

هويته الشخصية

 

ولد عبد العظيم الحسني سنة 173 هـ[1] وقد اختلفت كلمة المترجمين حول محل ولادته. أبوه عبد الله بن علي القافة، وأمّه بنت إسماعيل بن إبراهيم المعروفة بهيفاء.[2]

 

    نسبه

 

ينتهي نسبه إلى الإمام الحسن المجتبى (ع)، قال النجاشي: لمّا مات وجُرّد ليغسل، وُجد في جيبه رقعة فيها ذكر نسبه، فإذا فيها: أنا أبو القاسم عبد العظيم بن عبد الله بن علي بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب (ع).[3]

 

وقال محمد باقر الداماد: يكفيه ما له من النسب الطاهر والشرف الباهر.[4]

 

    زوجته وأبناؤه

 

تزوج من بنت عمّه خديجة بنت القاسم بن حسن الأمير المكنى بأبي محمد، فأنجبت له ولده محمداً وابنته أم سلمة.[5]

 

وقال الشيخ عباس القمي في ترجمة أحد أبنائه: كان محمد رجلاً عظيماً ، اشتهر بالزهد والعبادة.[6]

معاصرته لبعض الأئمة (ع)

 

قال الشيخ آقا بزرك الطهراني: إن السيد عبد العظيم الحسني عاصر كلا من الإمام الرضا، والإمام الجواد، والإمام الهادي (عليهم السلام) وتوفي زمن الإمام الهادي (ع).[7] إلاّ أنّ السيد الخوئي لم يقبل بمعاصرته للإمام الرضا (ع)،[8] فيما ذهب الشيخ الطوسي إلى القول بمعاصرته للإمام العسكري (ع)،[9] وذهب عزيز الله العطاردي أنه عاصر أربعة من الأئمة (ع) وهم الكاظم، والإمام الرضا، والإمام الجواد، والإمام الهادي (عليهم السلام).[10]

فضله ومنزلته

 

ترجم له العلامة الحلي قائلا: «كان عابدا ورعا، له حكاية تدل على حسن حاله»، وقال محمد بن بابويه: إنّه كان مرضيا.[11]

 

ونقل المحدث النوري عن رسالة الصاحب بن عباد أنّه ذو ورع ودين، عابد معروف بالأمانة، وصدق اللهجة، عالم بأمور الدين، قائل بالتوحيد والعدل، كثير الحديث والرواية.[12]

كلمات الأئمة (ع) في حقّه

 

أثنى عليه الإمام الهادي (ع) حينما خاطبه بقوله: «مرحبا بك يا أبا القاسم أنت ولينا حقاً – دينك- دين الله الذي ارتضاه لعباده فاثبت عليه ثبتك الله بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخره».[13]

منزلته العلمية

 

روي عن أبي حَماد الرازي: دخلتُ على علي بن محمد الهادي (ع) بسُرَّ مَنْ رأَى فسأَلتهُ عن أَشياءَ من الحلال والحرام فأَجابني فيها فلمَّا وَدَّعْتُهُ قال لي: يا حَمَّادُ إِذا أَشكلَ عليكَ شي‏ءٌ من أَمر دينك بناحيتك فسل عنهُ عبدَ العظيمِ بن عبد اللَّهِ الحسنيَّ وأَقرأْهُ منِّي السَّلام».[14]

رواياته

 

روي عنه في المصادر الحديثية أكثر من مائة رواية مما يكشف عن كثرة رواياته، وقد أكد الصاحب بن عباد هذه القضية بقوله: «كثير الحديث والرواية».

 

يروي عن أبي جعفر محمد بن علي بن موسى (الجواد)، وعن ابنه أبي الحسن (الهادي) صاحب العسكر (ع) ولهما إليه الرسائل.[15] وله كتب منها كتاب خطب أمير المؤمنين [16] وكتاب يوم وليلة[17] يظهر أنه في أعمال اليوم والليلة المروية عن الأئمة الأطهار (ع) مع الأذكار الخاصة التي يستحب للمكلف الإتيان بها على مدار اليوم والليلة،[18] وله كتاب مشهور بكتاب روايات عبد العظيم الحسني.[19]

 

وقد روى عنه الكثير من رجالات الشيعة، جمعها الشيخ الصدوق في كتاب أسماه جامع أخبار عبد العظيم الحسني.[20]

 

وروى عن الإمام الرضا (ع) روايتين مباشرة وبلا واسطة، وروى ست وعشرين رواية عن الإمام الجواد (ع) وتسع روايات عن الإمام الهادي (ع)، وبلغت الروايات التي يرويها بالواسطة (65) رواية.

هجرته إلى الري

 

عاصر الحسني فترة حكم المتوكل الذي اتسم بالتنكيل والتشديد على أهل البيت (ع) وأتباعهم وقد تعرض الرجل للتنكيل والرقابة الشديدة من قبل رجال المتوكل ولما انتقل الحكم إلى المعتز شعر الحسني بالخطر يحيط به فترك سامراء وبأمر من الإمام الهادي (ع) متوجها إلى الري.

 

وذهب البعض إلى أن الرجل ترك سامراء متوجها إلى خراسان لزيارة قبر الإمام الرضا (ع) ولكنه توقف في الري لزيارة حمزة بن موسى بن جعفر (ع) واختفى هناك.[21]

 

ونقل النجاشي القصة عن أحمد بن محمد بن خالد البرقي قائلاً: «كان عبد العظيم ورد الري هاربا من السلطان، وسكن سربا في دار رجل من الشيعة في سكة الموالي، فكان يعبد الله في ذلك السرب، ويصوم نهاره، ويقوم ليله، وكان يخرج مستترا فيزور القبر المقابل قبره، وبينهما الطريق، ويقول هو قبر رجل من ولد موسى بن جعفر (ع). فلم يزل يأوي إلى ذلك السرب، ويقع خبره إلى الواحد بعد الواحد من شيعة آل محمد (ع) حتى عرفه أكثرهم».[22]

وفاته

 

قيل أن الحسني توفي في 25 شوال سنة 252 هـ في زمن الإمام الهادي (ع).[23] وفي كيفية وفاته روايتان:

 

    الأولى ترى أنّ الرجل مات حتف أنفه وأن موته كان طبيعيا.

    فيما تذهب الرواية الأخرى إلى مقتله شهيدا. وهذا ما أكدته رواية النجاشي: مرض عبد العظيم ومات.[24]

 

وذهب الشيخ الطوسي إلى نفس الرأي حيث قال: مات عبد العظيم بالري وقبره هناك.[25]

 

وللطريحي رواية أخرى يؤكد فيها أنّ الرجل مات شهيدا وأنّه دفن حيا في الري.[26]

 

إلا أنّ الواعظ الطهراني يصرّح بأنّه لم يعثر بعد المتابعة في كتب الرجال والأنساب على خبر صحيح يدل على موته شهيداً.[27]

قبره وثواب زيارته

حرم شاه عبدالعظیم.jpg

 

روى المحدث النوري أن رجلا من الشيعة رأى في المنام كأن رسول الله (ص) قال: إنّ رجلا من ولدي يحمل غدا من سكة الموالي، فيدفن عند شجرة التفاح، في بستان عبد الجبار بن عبد الوهاب .

 

فذهب الرجل ليشتري الشجرة، وكان صاحب البستان رأى أيضا رؤيا في ذلك، فجعل موضع الشجرة مع جميع البستان وقفا على أهل الشرف والتشيّع يدفنون فيه،[28] ومن هنا عرف مكان ضريحه بمسجد الشجرة.[29]

 

وروى الشيخ الصدوق في فضل زيارته: أنّ رجلا دخل على أبي الحسن علي بن محمد الهادي (ع) من أهل الري، فقال له: «أين كنت؟» قال: زرت الحسين (ع). قال: «أما إنك لو زرت قبر عبد العظيم عندكم لكنت كمن زار الحسين بن علي (ع) ».[30]

ما كُتب عن شخصيته

 

هناك مجموعة مؤلفات كُتبت حول شخصية السيد عبد العظيم رضي الله عنه قامت مؤسسة دار الحديث بطباعتها في موسوعة باسم مؤتمر السيد عبد العظيم عليه السلام الذي أقيم في مدينة الري في شعبان 1434 / خرداد 1392، وهي في 29 مجلداً، منها:

 

    رسالة في فضل سيدنا عبد العظيم الحسني المدفون بالري، تأليف الصاحب بن عباد.

    أخبار عبد العظيم بن عبد الله بن علي بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب (ع)، تأليف الشيخ الصدوق، سمّاه في الذريعة "حياة عبد العظيم الحسني".

    جنات النعيم في أحوال سيدنا الشريف عبد العظيم، عربي، تأليف الملا إسماعيل الكزازي الأراكي المتوفى سنة 1236 هـ .

    التذكرة العظيمية، عربي، تأليف الحاج الشيخ محمد إبراهيم الكلباسي المتوفى سنة 1362 هـ .

    عبد العظيم الحسني حياته ومسنده، عزيز الله عطاردي القوچاني، المتوفى في رمضان 1435 هـ .

    الخصائص العظيمية في أحوال السيد أبى القاسم عبد العظيم بن عبد الله الحسني عليه السلام، تأليف الشيخ جواد بن الشيخ مهدي اللاّريجاني المتوفى سنة 1355 هـ .

    مسند حضرت عبد العظيم حسني، فارسي، تأليف الشيخ عزيز الله عطاردي قوچانی، مترجم من كتابه السابق.

    مجموعة مقالات (فارسية وعربية) لمؤتمر السيد عبد العظيم الحسني عليه السلام.

 

    عبد العظيم الحسني، العالم الفقيه والمحدّث المؤتمن سيرته ومسنده، عربي، تأليف أحمد بن حسين العبيدان، معاصر.

 

وصلات خارجية

 

    نص وصوت زيارة عبدالعظيم

 

الهوامش

 

آقا بزرك الطهراني، الذريعة، ج 7، ص 169.

ابن عنبة، عمدة الطالب، ص 94.

النجاشي، رجال النجاشي، ص 248.

الميرداماد، الرواشح السماوية ص 86.

الواعظ الكجوري، جنة النعيم، ج 3، ص 390؛ ابن عنبة، عمدة الطالب، ص 94

القمي، منتهى الآمال، ج 1، ص 585.

آقا بزرك الطهراني، الذريعة، ج 7، ص 190.

الخوئي، معجم رجال الحديث، ج 11، ص 53.

الطوسي، رجال الطوسي، ص 401.

العطاردي، عبد العظيم الحسني حياته ومسنده، ص 37.

العلامة الحلي، خلاصه الأقوال، ص 226.

المحدث النوري، خاتمه المستدرك، ج 4، ص 404.

الصدوق، الأمالي، ص 419 ــ 420؛ ابن فتال النيشابوري، روضة الواعظين، ص 31 ــ 32.

المحدث النوري، مستدرك الوسائل، ج 17، ص 321.

العطاردي، مسند الإمام الجواد، ص 302.

النجاشي، رجال النجاشي، ص 247.

آقا بزرك الطهراني، الذريعة، ج 7، ص 190.

الواعظ الكجوري، جنه النعيم، ج 5، ص 182.

المحدث النوري، خاتمه المستدرك، ج 4، ص 404.

الصدوق، الهداية، ص 174 (المقدمة).

الواعظ الكجوري، جنة النعيم، ج 4، ص 131.

النجاشي، رجال النجاشي، ص 248.

آقا بزرك الطهراني، الذريعة، ج 7، ص 290.

النجاشي، رجال النجاشي، ص 248.

الطوسي، الفهرست، ص 193.

الطريحي، المنتخب، ص 8.

الواعظ الكجوري، جنة النعيم، ج 5، ص 360.

المحدث النوري، خاتمة المستدرك، ج 4، 405.

ابن عنبة، عمدة الطالب، ص 94.

 

    الصدوق، ثواب الأعمال، ص 99.

 

المصادر والمراجع

 

    ابن عنبة، جمال الدين، عمدة الطالب في انساب آل أبي طالب، نجف، المطبعة الحيدرية، 1380 هـ.

    الحلي، حسن بن يوسف، خلاصة الأقوال في معرفة الرجال، تحقيق جواد قيومي، د.م، نشر الفقاهة، 1417 هـ.

    الخوئي، أبو القاسم، معجم رجال الحديث، د.م، د.ن، 1413 هـ.

    الصدوق، محمد بن علي، الأمالي، قم، مؤسسة البعثة، 1417 هـ.

    الصدوق، محمد بن علي، الهداية، قم، مؤسسة الإمام الهادي، 1418 هـ.

    الصدوق، محمد بن علي، ثواب الأعمال وعقاب الأعمال، قم، الشريف الرضي، 1368 هـ ش.

    الطريحي، فخر الدين، المنتخب في جمع المراثي والخطب، النجف، د.ن، 1369 هـ ش.

    الطهراني، آقا بزرگ، الذريعة إلى تصانيف الشيعة، بيروت، دار الأضواء، 1403 هـ.

    الطوسي، محمد بن الحسن، الفهرست، تحقيق جواد قيومي، بلا مكا، نشر الفقاهة، 1417 هـ.

    القمي، الشيخ عباس، منتهى الآمال في تواريخ النبي والآل، قم، دليل ما، 1379 هـ ش.

    النجاشي، احمد بن علي، رجال النجاشي، قم، مؤسسة النشر الإسلامي، 1416 هـ.

    النوري، ميرزا حسين، خاتمة مستدرك الوسائل، قم، آل البيت، 1415 هـ.

    النوري، ميرزا حسين، مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل، بيروت، آل البيت، 1408 هـ.

    النيسابوري، محمد بن الفتال، روضة الواعظين، قم، الشريف الرضي، د.ت.

    الواعظ الكجوري، محمد باقر بن إسماعيل، روح وريحان أو جنة النعيم والعيش السليم في أحوال السيد عبد العظيم الحسني، قم، دار الحديث، 1382 هـ ش.

    عطاردي، عزيز الله، عبد العظيم الحسني حياته ومسنده، قم، دار الحديث، 1383 هـ.

    عطاردي، عزيز الله، مسند الإمام الجواد (ع)، مشهد، آستان قدس رضوي، د.ت.

    مير داماد، محمد باقر بن محمد، الرواشح السماوية، تحقيق: نعمة الله جليلي، دار الحديث، 1422 هـ 1380 هـ ش.

الجمعة, 12 حزيران/يونيو 2020 20:19

عباد الرحمن والتنزه من العلو والكبر

يقول تعالى: وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا ([1]).

 

إن أول صفة ل‍: "عباد الرحمن" هو نفي الكبر والغرور والتعالي، الذي يبدو في جميع أعمال الإنسان حتى في طريقة المشي، لأن الملكات الأخلاقية تظهر نفسها في حنايا أعمال وأقوال وحركات الإنسان بحيث أن من الممكن تشخيص قسم مهم من أخلاقه - بدقة - من أسلوب مشيته. نعم، إنهم متواضعون، والتواضع مفتاح الإيمان، في حين يعتبر الغرور والكبر مفتاح الكفر. لقد رأينا بأم أعيننا في الحياة اليومية، وقرأنا مرارا في آيات القرآن أيضا، أن المتكبرين المغرورين لم يكونوا مستعدين حتى ليصغوا إلى كلام القادة الإلهيين، كانوا يتلقون الحقائق بالسخرية، ولم تكن رؤيتهم أبعد من أطراف أنوفهم، ترى أيمكن أن يجتمع الإيمان في هذه الحال مع الكبر؟! نعم، هؤلاء المؤمنون، عباد ربهم الرحمن، والعلامة الأولى لعبوديتهم هو التواضع... التواضع الذي نفذ في جميع ذرات وجودهم، فهو ظاهر حتى في مشيتهم. فإذا رأينا أن إحدى أهم القواعد التي يأمر الله بها نبيه هي ولا تمش في الأرض مرحا، إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا([2]) فلنفس هذا السبب أيضا، وهو أن التواضع روح الإيمان. حقا إذا كان للإنسان أدنى معرفة بنفسه وبعالم الوجود، فسيعلم كم هو ضئيل حيال هذا العالم الكبير، حتى وإن كانت رقبته كالجبال، فإن أعلى جبال الأرض أمام عظمة الأرض أقل من تعرجات قشر (النارنج) بالنسبة إليها، تلكم الأرض التي هي نفسها لا شئ بالنسبة إلى الأفلاك العظيمة. ترى أليست هذه الحالة من الكبر والغرور، دليلا على الجهل المطلق!؟ نقرأ في حديث رائع عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، أنه كان يعبر أحد الأزقة يوما ما، فرأى جماعة من الناس مجتمعين، فسألهم عن سبب ذلك فقالوا: مجنون شغل الناس بأعمال جنونية مضحكة، فقال: رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أتريدون أن أخبركم من هو المجنون حقا، فسكتوا وأنصتوا بكل وجودهم فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): " المتبختر في مشيه، الناظر في عطفيه، المحرك جنبيه بمنكبيه، الذي لا يرجى خيره ولا يؤمن شره، فذلك المجنون، وهذا مبتلى! ". الصفة الثانية ل‍ " عباد الرحمن " الحلم والصبر، كما يقول القرآن في مواصلته هذه الآية وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما. السلام الذي هو علامة اللامبالاة المقترنة بالعظمة، وليس الناشئ عن الضعف.

 

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي

 

([1]) "هون" مصدر، وهو بمعنى الناعم والهادي المتواضع، واستعمال المصدر في معنى اسم الفاعل هنا للتوكيد، يعني أنهم في ما هم عليه كأنهم عين الهدوء والتواضع.

([2]) سورة الإسراء، الآية 37

لما لم تفلح جميع محاولات قريش في ثني النبي (صلى الله عليه وآله) عن دعوته المباركة، ولا في إقناع أبي طالب (عليه السلام) بالتخلي عنه وعن نصرته، ولا في منع الناس من الدخول في الإسلام، عبر وسائل الترهيب تارة والترغيب أخرى، أجمعوا أمرهم على حرمانهم ومقاطعتهم اقتصادياً، والتضييق عليهم في المأكل والمشرب والملبس، وهي آخر وسيلة وأمل لهم، يرجون أن يحصلوا منه على نتيجة مرضية لهم، فإن الإنسان مهما تحمل من الآلام، إلا أن تحمله للجوع والعطش محدود، وهذا ظاهر بمجرد الالتفات إلى طبائع البشر وسلوكهم في الحياة عبر التاريخ، بل ان مجمل الحروب التي حصلت في التاريخ كانت ذات طابع اقتصادي أولا وبالذات، ولو أن النبي (صلى الله عليه وآله) ثبت على موقفه فلن يكون بمقدور اتباعه الصبر على ذلك، والموت في سبيله، ولو فرض ذلك، فإن صراخ الأطفال وأنينهم، تحت ضغط الجوع، ربما دفعهم إلى الاستسلام والتراجع، لعدم قدرتهم على تحمل عذابات أطفالهم أمام أعينهم، فإن العاطفة كثيراً ما تتغلب على العقل في مقامات كهذه، وهو ما يغير المعادلة لمصلحة قريش حسب زعمهم.

فقرروا إدارة الحرب بشكل آخر، من خلال المقاطعة الاقتصادية، وحرمان المسلمين من أدنى مقومات العيش، بعد أن لم تفلح كافة الأساليب الأخرى، فكتبوا في شهر محرم من السنة السابعة للبعثة صحيفة تعاقدوا عليها، ووقع عليها أربعون من شيوخهم، وكتبوا فيها أنهم لا يزوجون بني هاشم وبني عبد المطلب ولا يتزوجون منهم، ولا يبيعونهم ولا يبتاعون منهم، ولا يجتمعوا معهم على أمر من الأمور، أو يسلموا لهم رسول الله ليقتلوه، وإلا فإنهم سيموتون جوعا وعطشا، وبالتالي فلا يتحمل أحد مسؤولية قتلهم، وإما أن يتراجع النبي (صلى الله عليه وآله) عن دعوته وتنتهي المشكلة، وختموها بخواتيمهم وعلقوها في داخل الكعبة.

 

وأمر أبو طالب بني هاشم أن يدخلوا برسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى الشعب، واستمر هذا الحصار حتى السنة العاشرة، والهاشميون يتضورون جوعا وعطشا، لا يقدرون أن يخرجوا من الشعب إلا في الموسم، أي في شهر رجب أثناء العمرة، وفي شهر ذي الحجة أثناء موسم الحج.

 

وعملت قريش على منع الوافدين إلى مكة من أن يبيعوهم أو يبتاعوا شيئا من الهاشميين، فكانوا يشترون منهم ما يريدون بيعه بأغلى الأثمان، وإن كانت خيالية لا يحلم بها الوافدون، حتى لا يقدر الهاشميون على شراء شيء منهم.

 

بل عمدوا إلى وضع مراقبين حول الشعب حتى لا يدخل إليهم أحد شيئا، إلا ما كان يأتيهم سرا عن عيون الرقابة.

 

وكان المسلمون ينفقون أثناء هذه المدة من أموال أبي طالب وخديجة، حتى نفذت واضطروا أن يقتاتوا بورق الشجر، وكان أطفالهم يتضورون جوعا أمام أعين القرشيين، دون أن يهتز لهم جفن، أو يتحرك بهم عرق من عاطفة.

 

وهنا لا بد أن نشير إلى مسألة ترتبط بأبي طالب (عليه السلام) وهي أنه لو مات كافرا كما يقولون([1])، فما هو الداعي له ليتحمل كل هذه المشاق والأذى بهذا المستوى، وهو لا يأمل الحصول على جاه ولا سلطان ولا غير ذلك، لقاء هذه التضحية والمجاهدة المنقطعة النظير في تاريخ الإنسانية، وما استلزمته معاندة قريش ومخاصمتها من آثار عليه على المستوى الشخصي والمادي، وهو في سن الشيخوخة، والمؤرخون يصرحون بأنه مات عن عمر قارب الستة وثمانين سنة، بل في الشعب كان يأمر ابنه علياً (عليه السلام) أن ينام مكان النبي (صلى الله عليه وآله)، يعني في أواخر عمره، وقد تقدم ذكرها.

 

ولو فرض جدلا طمعه بمثل ذلك، أو أنه كان يدافع عنه حمية وتعصبا، فهل من الممكن أن تصل الحمية بالمرء أن يدفع ابنه الذي من صلبه إلى الموت بدلا عنه؟!.

 

نهاية الصحيفة:

وأخيراً، وبعد ثلاث سنوات من الحصار، ظهرت المعجزة الإلهية، فجاء النبي (صلى الله عليه وآله) إلى عمه أبي طالب، وأخبره بأن الأرضة قد أكلت كل ما في الصحيفة، ولم يبق فيها إلا ما كان إسما لله تعالى.

 

فجاء أبو طالب ومعه بعض الهاشميين إلى قريش، وقال لهم، وقد ظنوا أنه جاء مستسلماً لهم، ابعثوا إلى صحيفتكم لعله يكون بيننا وبينكم صلح فيها، فبعثوا وأتوا بها، فلما وضعت وعليها أختامهم، قال أبو طالب لهم: أتنكرون منها شيئا؟

قالوا: لا.

قال: إن ابن أخي حدثني ولم يكذبني قط، أن الله قد بعث على هذه الصحيفة الأرضة، فأكلت كل قطيعة واثم، وتركت كل اسم هو لله، فإن كان صادقا أقلعتم عن ظلمنا، وإن يكن كاذبا ندفعه إليكم فقتلتموه.

 

وتجلت في هذا الموقف حكمة أبي طالب، وحنكته العالية، حيث ألزم قريشا بموقف صعب، لا يمكنها التملص منه ومن مفاعيله وتبعاته، وظنت قريش أنها حصلت على ما تريد، فصاح الناس: أنصفتنا يا أبا طالب.

 

فلما فتحت الصحيفة فإذا هي كما أخبر رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فكبر المسلمون، وبهت المشركون، فقال أبو طالب: أتبين لكم أينا أولى بالسحر والكهانة؟.

 

فأسلم يومئذ كثير من الناس كما يذكر الرواة، ولكن قريشا ظلت على موقفها ونقضت اتفاقها مع أبي طالب (عليه السلام)، حتى جاء بعضهم ونقضوا الصحيفة، فخرج الهاشميون من الشعب.

 

سماحة الشيخ حاتم اسماعيل

 

([1]) تاريخ الإسلام ج1 ص91.

في الوقت الذي يؤكد الرأي العام العراقي على طرد القوات الأجنبية و-خاصة الامريكية- من البلاد، تحاول مصادر غربية وأمريكية ان تبدي نتائج ما يسمى بالحوار الاستراتيجي بين العراق والولايات المتحدة على أنها تقليل عدد القوات العسكرية الاجنبية في العراق وليس انسحابها.

التحلیل:

قال متحدث باسم ما يسمى الائتلاف الدولي بقيادة واشنطن عشية عقد الحوار الاستراتيجي العراقي- الأمريكي إن عدد القوات الاجنبیة انخفض ​​إلى 1200 بينما زعمت صحيفة نيويورك تايمز أن عدد القوات الأمريكية في العراق قد ينخفض ​​إلى 300 جندي ما يشير الى إعداد نوع من جدول الأعمال لهذه المحادثات مسبقا.

والحقيقة هي أنه ، خلافا لمزاعم صحيفة نيويورك تايمز، ان عدد قوات الاحتلال الأمريكي في العراق هو ضعف العدد المعلن بعدة مرات بمختلف العناوين العسكرية والأمنية والهندسية والخدمية وغيرها .

وفي حين وافق البرلمان العراقي على طرد القوات الأمريكية من العراق قبل بضعة أشهر، نری عشیة عقد الحوار الاستراتیجي ان المجموعات العراقية والأحزاب والشعب تؤكد بوضوح وشفافیة على ضرورة تنفيذ هذا القرار البرلماني مشددین أن المحادثات يجب أن لا تنحرف عن إرادة الشعب العراقي في طرد المحتلین. لكن یبدو ان فلسفة المفاوضات ، من وجهة النظر الأمريكية -وفي اطار مفروض- هي البقاء في العراق وعدم الانسحاب منه.

-للعراق في حد ذاته العديد من عوامل الجذب للأميركيين لابقاء قواتهم فيه لكن فرض السیطرة علی محور المقاومة في ظل التواجد الامريكي في العراق، يضاعف عزم الولايات المتحدة على استغلال المحادثات لمصلحتها.

وتظهر تركيبة الفريق الأمريكي المفاوض في الحوار الاستراتيجي أن 3 من أعضاءه متخصصون بشكل خاص في شؤون الحظر على إيران.

على الرغم من أن انخفاض أسعار النفط وموضوع مكافحة فيروس كورونا قد فاقم الوضع الاقتصادي في العراق في الوقت الراهن، إلا أن افتقار البنى التحتية في هذا البلد، وتردي الوضع المعيشي والاقتصادي فيه يرتبط بشكل خاص الى تواجد الاحتلال الأمريكي في العراق منذ 17 عامًا. الامر الذي يجب الا يتم التغافل عنه من قبل المفاوضين العراقيين وحكومة بغداد.

- وأخيراً ، وبالنظر إلى أن الشعب العراقي قد ينتظر نتائج حضور المسؤولين الحكوميين في هذه المحادثات فإن إثارة قضايا مثل خفض رواتب المتقاعدين وعائلات الشهداء وربما الموظفين في ظل هذه الظروف الاقتصادية الصعبة يمكن أن تصرف الانتباه عن المطلب الرئيسي في هذه الأيام وهو طرد المحتلين.

وعلى الرغم من أن الحكومة العراقية قدمت عدة تفسيرات لهذ القرار ، قائلة إن المبلغ المستقطع سيبقى في ذمة الدولة، على شكل أموال مدخرة تدفع إلى الموظفين مستقبلاً بعد اجتياز الأزمة ، يبدو أن هذه التفسيرات لم تقنع المواطنين بعد. وأوضح دليل على ذلك هو تحديد يوم الاثنين المقبل في العراق موعدا للتظاهر ضد قرار الاستقطاع من الرواتب.

وينصح بعض الخبراء العراقيين الحكومة بالتعويض عن عجز الموازنة من مصادر غير رواتب المتقاعدين والموظفين الحكوميين.

الجمعة, 12 حزيران/يونيو 2020 09:12

العفّة وأهمّيّتها في تقويم السلوك

قال تعالى: ﴿وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ﴾[1].

 

وعن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال: "العفاف يصون النفوس، وينزّهها عن الدنايا"[2].

 

العفّة هي التوسّط في جلب كلّ كمال أو منفعة، وطرفاه الشره والخمود[3]. وهي من أهمّ الفضائل الإنسانيّة والأخلاقيّة على السواء.

 

وفي لسان العرب: العِفّة: الكَفُّ عمّا لا يَحِلّ ويَجْمُلُ. عَفَّ عن المَحارِم والأطْماع الدَّنِية[4].

 

وقال علماء الأخلاق: إنّ العفّة هي حصول حالة للنفس، تمتنع بها من غلبة الشهوة، وإنّها انقياد الشهوة للعقل.

 

وفي الآثار الشريفة، عن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال: "الصبر عن الشهوة، عفّة"[5].

 

 قيمة العفّة في الإسلام

لقد تحدّثت الروايات الواردة عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليهم السلام عن قيمة العفّة العظيمة، وكونها صفة إنسانيّة وخلقيّة رفيعة ينبغي أن يهتمّ بها الإنسان في تربيته لنفسه، وسلوكه مع الآخرين، وذلك لما يترتّب على سجيّة العفّة من الآثار الطيّبة والحميدة، حتّى وضعت العفيف بمنزلة الملائكة، ووُصف العفاف بأنّه أفضل العبادة، فعن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال: "أفضل العبادة العفاف"[6].

 

وعنه عليه السلام: "عليك بالعفاف، فإنّه أفضل شِيَمِ الأشراف"[7].

 

وعنه عليه السلام في وصيّته لمحمّد بن أبي بكر، لمّا ولّاه مصر: "يا محمّد بن أبي بكر، اعلم أنّ أفضل العفّة، الورع في دين الله والعمل بطاعته..."[8].

 

وعنه عليه السلام أنّه قال: "ما المجاهد الشهيد في سبيل الله بأعظم أجراً ممّن قدر فعفّ، لكاد العفيف أن يكون ملَكاً من الملائكة"[9].

 

 مـَنشأ العفّة ومواردها

تحدّثت الروايات عن منشأين أساسيّين للعفّة، هما:

أ- العقل: فعن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال: "من عقل عفَّ"[10].

ب- الرضا: وعنه عليه السلام أيضاً: "الرضا بالكفاف يؤدّي إلى العفاف"[11].

 

أمّا موارد العفّة فكثيرة، نشير إلى بعضٍ منها:

 

  1. العفّة عن السؤال (إظهار الفقر والحاجة)

يقول تعالى: ﴿لِلْفُقَرَاء الَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ﴾[12].

وعن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال: "العفاف زينة الفقر"[13].

 

2- التعفّف بالستر

يقول تعالى: ﴿وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاء اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾[14].

 

3- العفّة عن الشهوة المحرّمة

يقول تعالى: ﴿وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ﴾[15].

 

وعن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال: "زكاة الجمال العفاف"[16].

 

4- عفة البطن والفرج

وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "أحبّ العفاف إلى الله تعالى عفاف البطن والفرج"[17].

 

وعن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال: "إذا أراد الله بعبد خيراً، عفّ بطنه وفرجه"[18].

 

وعن الإمام الباقر عليه السلام أنّه قال: "ما عُبد الله بشيء أفضل من عفّة بطنٍ وفرج"[19].

 

 آثار العفاف

أ- حُسن الأوصاف

عن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال: "مَن عفّت أطرافه، حسُنت أوصافه"[20].

وعن الإمام الباقر عليه السلام: "أمّا لباس التقوى فالعفاف، إنّ العفيف لا تبدو له عورة، وإن كان عارياً من الثياب، والفاجر بادي العورة، وإن كان كاسياً من الثياب، يقول الله: ﴿وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ﴾[21]"[22].

 

ب- القناعة

عن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال: "على قدر العفّة تكون القناعة"[23].

 

وعنه عليه السلام: "ثمرة العفّة، القناعة"[24].

 

ج- الغيرة

عن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال: "دليل غيرة الرجل، عفّته"[25].

 

د- الصبر على الشهوات

عن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال: "العفّة تضعف الشهوة"[26].

 

هـ- زكاة الأعمال

عن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال: "بالعفاف تزكو الأعمال"[27].

 

و- محبّة الله

عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "إنّ الله يحبّ عبده الفقير المتعفّف ذا العيال"[28].

وعن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال: "إنّ الله سبحانه وتعالى يحبّ الحييّ المتعفِّف التقيّ الراضي"[29].

 

ح- دخول الجنّة

عن الإمام الرضا عليه السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "أوّل من يدخل الجنّة: شهيدٌ، وعبدٌ مملوك أحسن عبادة ربّه ونصح لسيّده، ورجلٌ عفيفٌ متعفّف ذو عبادة"[30].

 

صفة الشيعة

عن المفضّل، قال: قال الإمام الصادق عليه السلام: "إيّاك والسفلة! فإنّما شيعة عليّ من عفّ بطنه وفرجه، واشتدّ جهاده، وعمل لخالقه، ورجا ثوابه، وخاف عقابه، فإذا رأيت أولئك، فأولئك شيعة جعفر"[31].

 

وهو من صفات المتّقين، فعن أمير المؤمنين عليه السلام في صفة المتّقين: "حاجاتهم خفيفة، وأنفسهم عفيفة"[32].

 

 الإنسان والمجتمع، دار المعارف الإسلامية الثقافية

 

[1] سورة النور، الآية 60.

[2] الليثيّ الواسطيّ، عيون الحكم والمواعظ، مصدر سابق، ص21.

[3] مستفاد من السيّد الطباطبائيّ، الميزان في تفسير القرآن، مصدر سابق، ج1، ص379.

[4] ابن منظور، لسان العرب، مصدر سابق، ج9، ص352.

[5] الليثيّ الواسطيّ، عيون الحكم والمواعظ، مصدر سابق، ص58.

[6] الشيخ الكلينيّ، الكافي، مصدر سابق، ج2، ص79.

[7] البروجرديّ، السيّد حسين الطباطبائيّ، جامع أحاديث الشيعة، لا.ن، إيران - قم، 1399ه، لا.ط، ج14، ص277.

[8] العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، مصدر سابق، ج77، ص390.

[9] ابن أبي الحديد، عبد الحميد بن هبة الله‏، شرح نهج البلاغة، تحقيق وتصحيح محمّد أبو الفضل إبراهيم، نشر مكتبة آية الله المرعشيّ النجفيّ‏، إيران - قم، 1404ه‏، ودار إحياء الكتب العربيّة - عيسى البابيّ الحلبيّ وشركاه، 1378ه - 1959م، ط1، ج20، ص233.

[10] الليثيّ الواسطيّ، عيون الحكم والمواعظ، مصدر سابق، ص428.

[11] المصدر نفسه، ص27.

[12] سورة البقرة، الآية 273.

[13] نهج البلاغة، مصدر سابق، ص479.

[14] سورة النور، الآية 60.

[15] سورة النور، الآية 33.

[16] الليثيّ الواسطيّ، عيون الحكم والمواعظ، مصدر سابق، ص275.

[17] الحلواني، نزهة الناظر وتنبيه الخاطر، تحقيق ونشر مدرسة الإمام المهديّ عليه السلام، إيران - قم، 1408، ط1، ص30.

[18] الليثيّ الواسطيّ، عيون الحكم والمواعظ، مصدر سابق، ص131.

[19] الشيخ الكلينيّ، الكافي، مصدر سابق، ج2، ص79.

[20] الليثيّ الواسطيّ، عيون الحكم والمواعظ، مصدر سابق، ص464.

[21] سورة الأعراف، الآية 26.

[22] العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، مصدر سابق، ج68، ص272.

[23] الليثيّ الواسطيّ، عيون الحكم والمواعظ، مصدر سابق، ص327.

[24] المصدر نفسه، ص208.

[25] المصدر نفسه، ص249.

[26] الليثي، الواسطي، عيون الحكم والمواعظ، مصدر سابق، ص67.

[27] المصدر نفسه، ص187.

[28] الحرّ العامليّ، وسائل الشيعة، مصدر سابق، ج20، ص39.

[29] الليثيّ الواسطيّ، عيون الحكم والمواعظ، مصدر سابق ص142.

[30] المفيد، الشيخ محمّد بن محمّد بن النعمان، الأمالي، تحقيق حسين الأستاد ولي، علي أكبر الغفاري، دار المفيد للطباعة والنشر والتوزيع، لبنان - بيروت، 1414 - 1993م، ط2، ص99.

[31] الشيخ الكلينيّ، الكافي، مصدر سابق، ج2، ص233.

[32] نهج البلاغة، مصدر سابق، ص303.

الرئيس السوري يعفي رئيس الحكومة الحالي عماد خميس من منصبه، ويكلف حسين عرنوس بمهام رئاسة مجلس الوزراء.

أصدر الرئيس السوري بشار الأسد اليوم الخميس، مرسوماً أعفى بموجبه رئيس مجلس الوزراء عماد خميس من منصبه.

وكلف الأسد حسين عرنوس بمهام رئيس مجلس الوزراء إضافة لمهامه كوزير للموارد المائية.

ويشغل عرنوس منصب وزير الموارد المائية منذ العام 2018، وشغل قبلها منصب وزير الأشغال العامة والاسكان بين 2013 و2018.

وكان قبلها محافظاً للقنيطرة عام 2011، وقبلها محافظاً لدير الزور عام 2009، كما شغل عرنوس منصب مدير عام المؤسسة العامة للمواصلات الطرقية منذ عام 2004 حتى 2009.

ويذكر أن عرنوس من مواليد محافظة إدلب عام 1953، وتخرج من كلية الهندسة المدنية في جامعة حلب عام 1978.

ويأتي ذلك بالتوازي مع بدء العمل بـ"قانون قيصر" الأميركي الذي دخل حيز التنفيذ مطلع هذا الشهر.

ويستهدف "قانون قيصر"، بالإضافة إلى الحكومة السورية، جميع الأفراد والشركات الذين يقدمون التمويل أو المساعدة لسوريا، كما يستهدف عدداً من الصناعات السورية بما في ذلك تلك المتعلقة بالبنية التحتية والصيانة العسكرية وإنتاج الطاقة.

مع اقتراب تنفيذ قانون "قيصر" في الـ17 من الشهر الحالي يشتد الخناق على الشعب السوري الذي لايزال يقاوم منذ 9 سنوات وحتى كتابة هذه السطور ولم تستطع الولايات المتحدة ولا غيرها ارضاخه لا بالترغيب ولا بالترهيب ولكن واشنطن هذه المرة تلعب لعبة قذرة تستهدف من خلالها قوت الشعب وحاجاتهم الأساسية لجعلهم ينتفضون على الحكومة ومن ثم على النظام وصولا لاسقاطه بعد ان فشلت ادارة ترامب والادرات السابقة في تطويع الدولة السورية لخدمتها كما هو الحال بالنسبة للأنظمة الخليجية وبالتالي على دمشق تحمل عصيانها أوامر البيت الأبيض وانتمائها لمحور المقاومة الذي تحاول واشنطن عزلها عنه منذ عدة عقود ولكن دمشق لاتزال صامدة.

الدولة السورية رفضت جميع العروض التي قدمت لها للابتعاد عن محور المقاومة والتي وصلت الى مليارات الدولارات، ولكن دمشق تعلم ان التنازل والابتعاد عن خطها المقاوم يعني بطبيعة الحال نهاية سيادتها وكرامتها، لأن جميع الذين رضخوا للولايات المتحدة الأمريكية وتنازلوا لها كان مصيرهم محتوم، ومنهم صدام حسين والقذافي والبشير وغيرهم، والجميع تمت محاصرتهم اقتصاديا تمهيدا لجرهم نحو الاستسلام.

الولايات المتحدة الامريكية لم تخفي وقوفها خلف انهيار الاقتصاد السوري، وجاء ذلك على لسان جيمس جيفري المبعوث الأمريكي الى سوريا، جيفري الذي وضع سوريا أمام مجموعة خيارات منها الابتعاد عن المقاومة واخراج ايران من سوريا وتعديل سلوكها، ردت عليه اليوم سوريا عبر وزارة الخارجية والمغتربين السورية وقالت أن تصريحات جيفري تشكل اعترافاً صريحاً من الإدارة الأمريكية بمسؤوليتها المباشرة عن معاناة السوريين، وإن تشديد العقوبات هو الوجه الآخر للحرب المعلنة على سوريا بعد ترنح المشروع العدواني أمام الهزائم المتتالية لأدواته من المجموعات الإرهابية.

وبيّن مصدر رسمي في الوزارة أن هذه التصريحات تؤكد مجدداً أن الولايات المتحدة تنظر إلى المنطقة بعيون إسرائيلية، لأن المطالب التي يتحدث عنها جيفري هي مطالب اسرائيلية قديمة متجددة لفرض سيطرتها على المنطقة مشيراً إلى أن "هذه السياسة الأمريكية التي تشكل انتهاكاً سافراً لأبسط حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني سوف تفشل مجدداً أمام إصرار السوريين على التمسك بسيادة وطنهم واستقلالية خياراتهم السياسية والاقتصادية".

وشدد المصدر على أنه "لو كان هناك شرعية دولية حقيقية وتضامن عربي لكان من الواجب محاسبة الإدارة الأمريكية على هذه السياسة التي تستهدف الإنسان السوري في حياته اليومية".

الكلام الأخير من وزارة الخارجية مهم جدا بهذا الخصوص، حيث يجب على الدول العربية أن تكفر عن ذنبها بمحاصرة الشعب السوري وايصاله الى الوضع الذي هو عليه اليوم، حيث تم اخراج سوريا من الجامعة العربية التي هي أوائل المؤسسين لها وقامت دول عربية بدعم جماعات ارهابية مسلحة داخل سوريا لاسقاط النظام السوري، واليوم استسلمت جميع هذه الدول لفكرة اسقاط النظام، وبدأت تعيد علاقاتها مع دمشق، ولكنها حتى اللحظة لم تتخذ اي قرار جريء لمساعدة الشعب السوري وتخفيف معاناته وانما بقيت صامتة حيال كل المؤامرات التي تحيكها واشنطن ضد سوريا، ولو كان هناك رأي عربي موحد لما كان الاقتصاد السوري على ما هو عليه اليوم.

ومن يعتقد ان قانون "قيصر" سيستهدف سوريا فقط فهو واهم، لان دمشق لديها ارتباطات مع الكثير من الدول المجاورة ولاسيما لبنان وعندما تخنق واشنطن دمشق فهي تفعل الامر ذاته على بيروت، وبطبيعة الحال سوف يتأثر الاردن والعراق وغيرها من الدول، ولا يمكن التخمين بماذا ستكون ردة فعل سوريا تجاه هذا الحصار، وقد يكون رد دمشق موجع على الارض، وقد يؤدي ردها الى اخراج امريكا من كامل الاراضي السورية، خاصة في حال وصلت دمشق الى مرحلة لم يعد هناك ما تخسره.

قانون قيصر في ظاهرة لصالح اسرائيل والولايات المتحدة الامريكية ولكنه في نفس الوقت سيكون اختبار قوي لدمشق وعلاقتها مع محور المقاومة وقد يأتي الرد صاعقا من دمشق وحلفائها، وفي حال كانت تبحث واشنطن عن غزو دمشق فلن يكون بمقدورها القيام بذلك في ظل تماسك الجيش اسوري ووجود قوى كبرى تدافع عن دمشق على الاراضي السورية.

الفوضى هي ما تبحث عنه واشنطن في سوريا واستمرار هذه الفوضى هو المهم بالنسبة لها، فهي استشعرت ان دمشق بدأت تتعافى وتنفض عنها غبار الحرب وبالتالي لابد من اعادتها الى نقطة الصفر، وبعد عجزها عسكريا، وجدت ان الطريقة الافضل هي ضرب الاقتصاد لدفع الشعب للنزول الى الشارع والمطالبة باسقاط النظام.

ارضاخ سوريا لن يكون امرا سهلا خاصة في ظل وجود حلفائها، ستكون الايام المقبلة قاسية على الشعب السوري، وفي حال الصمود ستكون النتائج افضل بألف مرة من جر الامور نحو الفوضى، لان النتائج مجهولة بالدرجة الاولى وليس هناك حلول واضحة في الافق، وبالتالي فإن الفوضى ل تخدم الشعب السوري، في المقابل على الحكومة أن تفعل جميع مؤسساتها لخدمة المواطن السوري وتذليل العقبات التي تستهدف لقمة عيشه.

الوحدة هي المطلوبة، وعلى الدول العربية المساهمة بهذا الامر، لأن انهيار دمشق يعني انهيار بيروت وهكذا دولة خلف دولة حتى تصل واشنطن الى مبتغاها بنشر الفوضى الخلاقة، وتقسيم الشرق الاوسط الى دويلات بما يخدم مصالح العدو الصهيوني.

الصمود مرهون بعدة عوامل اساسها الشعب الذي عليه ان يحدد خياراته بشكل واضح أمام التحولات القادمة على المنطقة، وعلى الحكومة كما ذكرنا ان تتخذ سلسلة قرارات لخدمة هذا الشعب الذي تحمل ويلات الحرب لعشر سنوات متتالية وبقي صامدا وهو اليوم يعاني في لقمة عيشه وهذا امر خطير على الدولة السورية توفير جميع الامكانات اللازمة لمنع ذهاب الامور الى اماكن لاتحمد عقباها.