emamian

emamian

السبت, 02 كانون1/ديسمبر 2023 16:16

دليل الإسلام والإيمان في القرآن

1- حقيقة الإسلام:

قال تعالى في خطابه لأبي الأنبياء (ع): (إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ * وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (البقرة/ 131-132).

- التطبيق الحياتي: ملّة إبراهيم (ع) هي ملّة التوحيد، والانقياد، والإخلاص لله، وملّة الإسلام قديمة دعا إليها الأنبياء جميعاً، فالإسلام – لغةً – الخضوع والانقياد للمُسلَّم إليه (الله)، وليس كلّ إسلام إيمان، لكن كلّ إيمان إسلام.

قال تعالى: (قَالَتِ الأعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا) (الحجرات/ 14)، فالإسلام ظاهر، والإيمان باطن، والإسلام شهادة والإيمان عمل.

والإسلام هو الدِّين، قال تعالى: (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإسْلامُ...) (آل عمران/ 19).

ووصيّة إبراهيم (ع) دائميّة، نحن مشمولون بها، ومدعوّون للالتزام بالإسلام والمداومة عليه حتّى الموت؛ لأنّه دين الحقّ الذي اصطفاهُ لنا ربّنا.

قال عزّوجلّ: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (آل عمران/ 85).

فالإسلام لله دين إنساني لا تحلّ المشكلة الاجتماعية العالمية إلّا به، السبب واضح ومهم، وهو أنّه ليس أطروحة حلّ وبشرية، بل هو أطروحة حلّ ربانية.

قال جلّ وعلا: (وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا) (النساء/ 125).

وقال سبحانه: (وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الأمُورِ) (لقمان/ 22).

إسلام الوجه: الخضوع التام والاستسلام الكلِّي بحيث يترك المسلم وجهه لله تعالى أن يحدِّد له وجهته.

قال تعالى: (وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) (البينة/ 5).

2- حقيقة الإيمان:

قال تعالى: (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) (البقرة/ 177).

- التطبيق الحياتي: الإيمان هو أن يتحوّل الإنسان المسلم إلى شخصية إسلامية: بفكرٍ إسلامي، وعاطفة إسلامية، وسلوك إسلامي، وعلاقات إسلامية، ومواقف منسجمة مع الدِّين الذي هو عماد هذه الشخصية.

البرُّ هنا يرتبط بالجانب العملي للحياة، والبرّ العملي (وهو التوسّع في فعل الخير)، برٌّ فكري وعقيدي، فالعقيدة الإسلامية هي التي تعطي العمل دوافعه، فلا يكتفي المؤمن بالإيمان دون العمل. والإسلام ينظر إلى الخير من خلال نموذجه المجسّد له، والمؤمن الذي يعيش الجفاء والجفاف والسلبية هو في غفلة من إيمانه.

الإيمان كلُّ يتجزّأ، والشخصية الإسلامية تُمثِّل منظومة قيمية: إيمان بالله ورسالاته ورسله، والانفتاح على حاجات الناس، والصِّلة بالله من خلال (الصلاة)، لتتفجّر معاني الخير والشعور بالمسؤولية، والعطاء العملي (الزكاة)، و(الوفاء بالعهد)، تعبيراً عن الصِّدق الداخلي، ومراعاةً لسلامة المجتمع في علاقاته، و(الصِّدق) في المواقف العملية كونه يُجسِّد الحقيقة، و(التقوى) التي غايتها رضا الله دائماً.

تلك هي الأسس التي ننطلق منها نحو حياة خيِّرة.

وقال عزّوجلّ: (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ) (العنكبوت/ 2-3).

- التطبيق الحياتي: الإيمان عملٌ كلّه، وفكرٌ يتحرّك في العقل والقلب والحياة، فلابدّ من دليل يدلّ عليه، فهل يكفي أن يقول شخص عن نفسه إنّه بَطَل ونُصدِّقُ ادِّعاءه، أم أنّنا نطالبه بإثبات حقيقة بطولته؟!

- التجربة الحيّة تُظهر الجانب الخفيّ من شخصية الإنسان، وعند الامتحان يُكرَم المرءُ أو يُهان، وكلّ امتحان تقوية للإيمان، وإبراز لأفضل ما هو موجود من خصال داخل الإنسان المؤمن. إنّ النار تُنَقِّي الذهب ليكون خالصاً من الشوائب، فيغدو معدناً نفيساً، والماس أصله فحم، ولكنّه من شدّة الضغط والحرارة يتحوّل إلى ألماس غالي الثمن، وكذلك المؤمن المُبتلى.

إنّ الابتلاءات والامتحانات التي نتعرّض لها، تُبَيِّنُ (الإيمان الشكلي) من (الإيمان الحقيقي) والسباحة ضدّ التيّار شأن الأقوياء، وأمّا الضعفاء فيسبحونَ في المياه الهادئة، ومع مجرى التيار.

معنى الآية التي تريد أن تقولها، هي: إنّ الدخول في الإسلام ليس نزهة، وليس استرخاءً وليس هروباً من مواقع تزدحم فيها مشامل الحياة، بل هو حركةٌ في داخل المعاناة، ورحلة إلى الله في الدّروب الشائكة، وبالتالي فلا يتساقط من الغربال (المنخل) سوى الناعم من الحبوب.

 

أهمية البروتين لا تقتصر على بناء العضلات فقط

يُعد البروتين واحداً من 3 عناصر أساسية - إضافةً إلى الكربوهيدرات والدهون - لأجسادنا تُسمى بـ"المُغذيات الكبرى الثلاث" Macronutrients، وعادةً ما ترتبط سيرته بالبناء العضلي وإصلاح الخلايا التالفة.

من الناحية العلمية؛ فالبروتين عبارة عن مركب كيميائي مُعقد، يتكون من وحدات بناء أصغر حجمًا تُسمى "الأحماض الأمينية"، وهذه الأحماض بدورها ليست سوى مركبات عضوية تتكون من النيتروجين والكربون والأكسجين والهيدروجين، إضافة إلى سلسلة جانبية "Side chain" تتغير من حمض أميني لآخر.

وبشكل أساسي، تحتاج أجسادنا إلى 20 نوعاً من الأحماض الأمينية مُقسّمة ما بين الأحماض الأمينية الأساسية والأحماض الأمينية غير الأساسية. (المزيد عنهما في فقرة البروتين الحيواني والنباتي).

وتلعب البروتينات أدواراً محورية في أجسادنا؛ فالأجسام المضادة Antibodies - التي تحمينا من البكتيريا والفيروسات - ومعظم الإنزيمات - المسؤولة عن آلاف التفاعلات الكيميائية في أجسادنا - وبعض أنواع الهرمونات - مثل هرمون النمو GH - ليست سوى بروتين بالأساس، ولولاها جميعاً لما كنا لنعيش يوماً آخر.

 

كم غراما نحتاج من البروتين؟

تتفق دراسات كثيرة على أن النسبة اليومية المطلوبة من البروتين هي 0.8-0.9 غرام لكل كيلوغرام واحد من وزننا، مما يعني - تقريبًا - أننا لا يجب أن نُخصص أقل من 10% من سعراتنا الحرارية للبروتين. فعلى سبيل المثال، إذا كنت تتناول 2000 سعرة حرارية باليوم، فإن نسبتك من البروتين يجب ألا تقل عن الـ 50 غراماً.

ملحوظة: كل غرام من البروتين به 4 سعرات حرارية؛ أي إنك في المثال السابق ستحتاج إلى ما لا يقل عن 200 سعرة حرارية بروتينية المصدر في اليوم الواحد.

ولكن، يجب أن تعلم أن ضمور العضلات - نقص الكتلة العضلية - يبدأ عادةً ما بين سن 40-50 عامًا، وهذا يعني أن احتياجك من البروتين سيزيد بمجرد وصولك إلى تلك المرحلة، كم ستحتاج حينها من البروتين؟ حوالي 1.2 غرام/ كيلوغرام من وزنك، وهذا بحسب دراسة منشورة في دورية "Nutrients"؛ فهذه النسبة - حسب الدراسة - قد تقيك من ضمور العضلات وتحافظ على صحة العضلات والعظام لديك.

الشيء نفسه تقريباً ينطبق على الرياضيين الذين يتمرنون بشكل مُنتظم بغية زيادة الكتلة العضلية، أو حتى الحفاظ عليها، بل في الواقع يحتاج هؤلاء من 1.2 إلى 1.5 غرام من البروتين لكل كيلوغرام من وزنهم.

 

كيف أحصل على البروتين؟ وما الفرق بين البروتين الحيواني والنباتي؟

بعيداً عن المكملات الغذائية والبروتين الخام، سنتحدث عن الحصول على احتياجنا من البروتين من الأطعمة فقط، ولكن دعونا أولاً نُفرّق بين شيئين؛ أفضل الأطعمة الغنية بالبروتين وأفضل الأطعمة من حيث جودة البروتين بها، فجودة البروتين تتفاوت من مصدرٍ لآخر ولكي نحكم على جودتها، علينا أن ننظر جيدًا إلى الأحماض الأمينية التي تكونها.

ذكرنا في فقرة التعريف بالبروتين أن هناك نوعين أساسيين من الأحماض الأمينية، هُما الأحماض الأمينية الأساسية Essential Amino Acids "وهي الأحماض التي لا تستطيع أجسادنا أن تكونها ولهذا يجب الحصول عليها من مصدر خارجي"، والأحماض الأمينية غير الأساسية Non-essential Amino Acids، تُصنّعها أجسادنا من تلقاء نفسها ولا تحتاج إلى الحصول عليها من مصدرٍ خارجي".

أما الأحماض الأمينية الأساسية فعددها 9، وبالنسبة لغير الأساسية فعددها 11، ما يعطينا في النهاية ما مجموعه 20 حمض أميني مثلما ذكرنا أيضًا في نفس الفقرة.

بالنسبة لمصادر الغذاء الغنية بالبروتين، فكثيرة جداً ومتنوعة ما بين الحيوانية والنباتية؛ فهناك اللحوم والأسماك والدجاج والألبان والبيض وما إلى ذلك من المنتجات الحيوانية، وهناك البقوليات "مثل العدس والفاصوليا والحمص والفول السوداني" والمكسرات والكينوا وغيرها من المصادر النباتية الأخرى، وهنا يطرح سؤالٌ نفسه: ما الفرق؟

 

الفرق بين البروتين الحيواني والنباتي

يكمن الفرق الأكبر بين البروتين الحيواني والنباتي في أن المصادر الحيوانية المعروفة تحتوي على الأحماض الأمينية الأساسية، ما يجعلها أكثر جودة وفائدة لأجسادنا.

على الجانب الآخر يعيب الكثير من مصادر البروتين النباتية أنها غير مكتملة الأحماض الأمينية؛ فالفاصوليا والعدس والمُكسرات والحبوب الكاملة عادةً ما ينقصها حمض أميني أساسي واحد على الأقل، ما يجبر النباتيين أو أي شخص يريد الاعتماد على المصادر النباتية كمصدرٍ للبروتين، أن ينوعوا فيها بشكل كبير حتى يحصلوا على الفائدة الكاملة من البروتين.

لهذا السبب إن كنت تريد الحصول على حصتك اليومية من البروتين وتضمن الاستفادة الكاملة منها، فعليك بالمصادر الحيوانية، مثل صدور الدجاج التي تحتوي على 13.5 غرام من البروتين لكل 52 غراماً منها "بشرط أن تكون مطبوخة ومنزوعة الجلد بالطبع".

وقبل أن ننتقل إلى فقرتنا الأخيرة - والمهمة جداً -، دعونا نتحدث بشكل عملي عن طريقة الحصول على ما يزيد عن الـ 100 غرام من البروتين من خلال وجبات يوم كامل، صحية، ومتنوعة بين المصادر الحيوانية والنباتية:

 

وجبة الإفطار:

-  بيضتان مسلوقتان "حوالي 12 غراما من البروتين".

-  نصف كوب من الزبادي اليوناني "حوالي 10 غرامات من البروتين".

-  كوب من عصير التوت البري "حوالي 4 غرام من البروتين".

وجبة الغداء:

- 100 غرام من صدور الدجاج "حوالي 26 غرام من البروتين".

- 170 غرام من الأرز البني "حوالي 4 غرام من البروتين".

- نصف كوب من الخضراوات المطبوخة "حوالي 2 غرام من البروتين".

وجبة العشاء:

- عُلبة تونة 140 غرامًا "حوالي 26 غراماً من البروتين".

- نصف كوب من العدس "حوالي 9 غرامات من البروتين".

- 30 غرام من المكسرات "حوالي 6 غرامات بروتين".

ملحوظة: إن كنت تريد أن تسير على نظام غذائي، فلا تسر على هذا الجدول دون أن ترجع إلى الطبيب، فعلى الرغم من أن هذا نظام صحي، فإنَّ حالتك قد تستدعي بعض التعديلات.

 

ماذا سيحدث إن تناولت أكثر من احتياجك من البروتين؟

تعتمد أنظمةٌ غذائية على البروتين بشكل مبالغ فيه للدرجة التي تُجبر البعض على تناول 200-400 غرام من البروتين في اليوم الواحد فقط، وهذا أكثر من الحد الموُصَّى به بأضعاف! فصحيحٌ أن هذا العنصر الغذائي هو الأفضل من حيث قلة السعرات الحرارية والحفاظ على الحجم العضلي، ولكنه مثل أي شيء آخر؛ إذا زاد عن حده تحولت فوائده إلى أضرار.

يكفي أن أخبرك أن الاعتماد على البروتين بشكل مُفرط قد يؤدي إلى إجهاد الكُلى والكبد، فضلاً على فقدان كميات كبيرة من الكالسيوم، ما قد يزيد من فرص الإصابة بهشاشة العظام، وهذا هو العكس تمامًا مما يُفترض بالبروتين أن يفعله، أليس كذلك؟

السبت, 02 كانون1/ديسمبر 2023 16:08

ماذا يحدث للجسم عند شُرب القهوة كلّ يوم؟

 

ماذا يحتوي فنجان القهوة؟

تحتوي القهوة على العديد من المواد الكيميائية النباتية والبوليفينول، كما يحتوي الفنجان الواحد من القهوة على 80 - 100 مغم من الكافيين، وهذه الأرقام مهمة لأنَّ الحد الأقصى المسموح به من الكافيين هو 400 مغم يومياً، ومِنْ ثَمَّ فتأثيرات القهوة الجسدية حال شُربها كلّ يوم مرهونٌ بكميتها؛ نفعاً أو ضرراً.

 

فوائد شُرب القهوة كلّ يوم

إذا كُنت تحتسي فنجانًا واحدًا من القهوة كلّ يوم، فسوف تتمتَّع بفوائد صحية عديدة بلا شك، فالقهوة مليئة بالعناصر الغذائية، مثل فيتامين ب 2، والمغنيسيوم، ومضادات الأكسدة. كما ربطت دراساتٌ عِدَّة بين الاستهلاك المُنتظِم للقهوة وقلة خطر الوفاة بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية.

 

تشمل فوائد شُرب القهوة يومياً ما يلي:

1- الوقاية من مرض السكري

اقترحت بعض الدراسات أنَّ احتساء 3 - 4 فناجين من القهوة يومياً، يخفض خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني بنسبة 25%، وذلك بالمقارنة مع من لا يشربون أي قهوة، أو يكتفون بأقل من فنجانَين يومياً.

لكن لا تتوهَّم أنَّ القهوة كافية لتفادي مرض السكري رغم الانخراط في تناول السكريات، أو الاعتماد على أنظمة غذائية غير صحية، فالثابت أنَّ شُرب القهوة ذو أثرٍ إيجابيٍ في مستويات السكر واستجابة الأنسولين، ويُرجَّح أنّ ذلك بسبب خصائص القهوة المضادة للأكسدة والمضادة للالتهابات.

وتُعدّ القهوة أغنى المصادر بحمض الكلوروجينيك، الذي ثبت دوره في تقليل مستويات السكر في الدم في عدد من الدراسات الحيوانية، لكن هذا التأثير بحاجةٍ إلى التحقُّق منه عن كثب عبر دراساتٍ إنسانية.

 

2- تعزيز طاقة الجسم

لو لم يكُن في احتساء القهوة فائدة تُرجى سوى تعزيز طاقة الجسم، لكفى ذلك؛ إذ يُعدّ الكافيين مُضاداً للإرهاق والتعب، مُجدِّداً لنشاط الجسم، وباعثًا للحيوية.

يقوم الكافيين بهذه التأثيرات عبر نشاطه المُضاد لمُستقبِلات الأدينوسين في الدماغ، ما يُعزِّز اليقظة والنشاط. وحسب موقع "verywellfit"، فإنَّ السيدات اللاتي تناولن 250 مغم من الكافيين بانتظام، تحسَّن انتباههن، وكذلك قلّ شعورهنّ بالتعب.

أمَّا الرجال، فلكبر بنيتهم الجسدية عن السيدات، فقد يحتاجون إلى كميةٍ أكبر من الكافيين؛ لبلوغ نفس التأثير وتعزيز طاقة الجسم.

 

3- الحماية من أمراض القلب والأوعية الدموية

تحتشد العديد من العناصر الغذائية في القهوة، مثل حمض الكلوروجينيك، ومُركَّبات الفينول المُقاوِمة للالتهابات، والمانعة للتخثُّر "الجلطات"، وقد تُسهِم هذه المواد في ضبط ضغط الدم، ومستويات السكر في الدم أيضًا.

يُؤدِّي كلُّ ذلك قطعاً إلى تقليل خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، لكن ينبغي الحذر من شُرب القهوة إن كُنت مُصاباً بارتفاع ضغط الدم الخارج عن السيطرة، ويُشدَّد في ذلك الحذر مع الكميات الكبيرة من القهوة.

وقد أكَّدت دراسةٌ منشورة في مجلة الكيمياء الزراعية والغذائية "The Journal of Agricultural and Food Chemistry" على أنَّ الاعتياد على 3 - 5 فناجين من القهوة كلّ يوم، يُقلِّل خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية بنسبة 15%.

 

4- تحسين الأداء الرياضي

أشارت الجمعية الدولية للتغذية الرياضية "The International Society of Sports Nutrition" إلى أنَّ تحصيل مكملات الكافيين يُعزِّز الأداء الرياضي من عِدّة نواح، مثل:

    التحمُّل العضلي.

    القفز.

    الركض.

    تمارين القهوة.

    أداء الرماية.

    الأنشطة المتعلقة بالتمارين الرياضية الهوائية.

أغلب الظن أنَّ ذلك بسبب قدرة الكافيين على تنشيط الجهاز العصبي المركزي، إضافةً إلى تعزيز الانقباض العضلي، كما أنَّ الكافيين يخفض الشعور بالألم، ما يسمح بأداء التمارين الرياضية بقوةٍ أكبر ولفترةٍ أطول.

وخلص الباحثون إلى أنَّ القهوة المحتوية على الكافيين لها هذه التأثيرات، لكن تحديد الجرعة اليومية لأداء التمارين الرياضية ليس فيه كلمة شافية بعد؛ لاختلاف مقادير الكافيين بين أنواع القهوة المختلفة.

 

5- الوقاية من مرض ألزهايمر

نظرًا لغنى القهوة بمضادات الأكسدة، فإنَّها قد تُساعِد على الوقاية من مرض ألزهايمر، الذي قد يُداهِم بعض الناس مع كبر السن، وتُوجَد بعض الأدلة على ذلك حسب المجلة الدولية للعلوم الجُزيئية "International Journal of Molecular sciences"، فإنَّ استهلاك الكافيين بانتظام يُقلِّل خطر الإصابة بالأمراض التنكُّسية العصبية، مثل مرض ألزهايمر ومرض باركنسون.

 

6- تحسين المزاج

أظهرت الدراسات أنَّ احتساء القهوة يُسهِم في تحسين المزاج في غضون 30 دقيقة فقط من شُربها، وقد أدَّى شُرب القهوة العادية بانتظام - حسب الدراسات - إلى تحسُنٍ مزاجيٍ أفضل مقارنةً مع احتساء القهوة منزوعة الكافيين.

 

7- الحفاظ على الغدة الدرقية

وجدت دراسةٌ منشورة عام 2023 في "Nutritions Journal" علاقة بين استهلاك الكافيين بكمية متوسطة وتحسُّن وظائف الغدة الدرقية لدى من يُعانُون اضطراباتٍ أيضية.

وللدقة كان تحصيل 9.97 - 264.97 مغم من الكافيين يوميًا ذا صلةٍ إيجابية بمستويات الهرمون المُنبِّه للدرق "TSH".

 

مخاطر شُرب القهوة كلّ يوم

قد تتعرَّض لآثارٍ جانبية ومخاطر لم تأتِ على بالك مع الإفراط في شُرب القهوة، فالآمن شُرب 3 - 5 فناجين من القهوة أو ما لا يُجاوز 300 - 400 مغم يوميًا، وإلَّا فقد تزداد فرص الإصابة ببعض الأضرار، مثل:

 

1- القلق

ارتبط الاستهلاك المُفرط للكافيين بالقلق، كما ربطت مجلة "Cureus" في دراسةٍ أُجريت على طُلَّاب الجامعات، بين زيادة استهلاك الكافيين وتزايُد مُعدَّل إصابتهم بالقلق، إضافةً إلى اضطرابات النوم، وضعف الشهية.

 

2- التعرُّض للكسر

تُصِيب هشاشة العظام أكثر من 20% من السيدات إثر تخطِّي أعمارهنّ الخمسين عامًا، وهي من أبرز أسباب كسر العظام.

وقد أشارت بعض البيانات على استحياءٍ إلى الأثر السلبي لاستهلاك الكافيين على صحة العظام، ومن ذلك ما نُشِر في هشاشة العظام الدولية "Osteoporosis international" عام 2022، كاشفًا عن العلاقة بين الجرعة المُتناوَلة من القهوة وكسر الورك، بما يُوحِي بتزايُد خطر الإصابة بالكسر مع زيادة المقدار المُتناوَل من القهوة.

 

3- ارتفاع ضغط الدم "محتمل غير مُؤكَّد"

مبدئيًا لا يُنصَح من يُعانِي ارتفاع ضغط الدم باحتساء القهوة بانتظام إلَّا بعد استشارة الطبيب، فعلى الأمد القصير من احتساء القهوة بانتظام، قد يزداد ضغط الدم مؤقتاً حسب بعض الدراسات.

أمَّا احتساء القهوة على الأمد الطويل، فلا يُؤدِّي إلى ارتفاعٍ مستمرٍ في ضغط الدم، ولا حتى يزيد خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم، لكن ينبغي لمن يُعانُون ارتفاع ضغط الدم استشارة الطبيب قبل احتساء القهوة.

 

4- الاعتماد على الكافيين

لأنَّ كافيين القهوة مُنبِّه، فقد يُؤدِّي التعوُّد على احتساء القهوة إلى الاعتماد على الكافيين، ما قد يجعل بعض الناس عُرضةً لأعراض انسحاب الكافيين عند التوقف فجأةً عن احتساء القهوة بعد الانتظام على شُربها.

 

هل من الآمن احتساء القهوة يوميًّا؟

نعم، من الآمن احتساء القهوة كل يوم؛ لما تحمله من مزايا عديدة لصحة الجسم، لكن ينبغي ألَّا يحتسي المرء أكثر من 3 - 5 فناجين من القهوة يوميًّا، فهذا كافٍ ومفيد وآمن.

 

نصائح للتمتّع بالقهوة كلّ يوم

ختاماً إليك بعض النصائح للتمتُّع بمذاق القهوة كلّ يوم:

    تجنُّب احتساء القهوة في وقت متأخر بعد الظهر أو المساء؛ لأنَّ الكافيين قد يظلّ في الجسم لـ 5 ساعات ويُبقِيك مستيقظًا، ويحول بينك وبين النوم إن رغبت فيه.

    أضِف بعض القرفة إلى قهوتك، فهي تُساعِد في ضبط نسبة السكر في الدم، وكذلك الكوليسترول، كما أنَّها تُضفِي نكهة لذيذة إلى القهوة.

    لا تُكثِر من السُكر المُضاف إلى القهوة، بل يُفضَّل أن يكون ملعقة صغيرة أو أقل لكل فنجان، وتُوصِي الإرشادات الغذائية للأمريكيين بعدم تناول أكثر من 50 غم من السكر المُضاف يومياً.

وسبق سماحته ان قام بشرح خطة إجراء استفتاء شعبي في الأراضي الفلسطينية المحتلة في عدة فقرات حيث سنتطرق هنا إلى أﻫﻢ ﻣﺎ ﺟﺎء فيها:

1- سيكون لجميع سكان فلسطيين الاصليين الذين كانوا مقيمين فيها منذ 100 عام ، بما في ذلك المسلمين والمسيحيين واليهود، الحق في المشاركة في استفتاء تقرير المصير.

2- سيكون لممثلي الشعب الفلسطيني من المسلمين والمسيحيين واليهود دور أساسيا وإداريا في جميع مراحل التخطيط وتنفيذ المشروع.

3- بهدف تسهيل مشاركة جميع الفلسطينيين اينما تواجدوا في الاراضي المحتلة او خارجها، وخاصة اللاجئين، في هذا الاستفتاء، سيتم تنفيذ المشروع العالمي لتحديد الهوية والتعداد السكاني وتسجيل الهوية الشاملة لجميع السكان الأصليين لفلسطين في الداخل والدول الأخرى؛حيث ستتولى منظمة دولية بحضور ممثلين عن الشعب الفلسطيني مهمة تنفيذ هذا المشروع.

4- كما سيتم تشكيل لجنة دولية بإشراف ومشاركة الأمم المتحدة وبحضور ممثلي الشعب الفلسطيني لتنفيذ الخطة المذكورة والتركيز على القضايا الأساسية لفلسطين بما فيها التاريخية والسيادية والإقليمية إلى جانب قضايا المدينة المقدسة.

5- فيما سيتم تشكيل صندوق دولي بمساعدة أعضاء المجتمع الدولي تحت إشراف اللجنة المذكورة لتعزيز ودعم تنفيذ هذه الخطة.

ويذكر بان هذا المشروع يقوم على قاعدة الديمقراطية الرائجة المعترف بها في العالم، ولا يستطيع أحد أن يشكك في رقيه ونجاعته.

قائد الثورة الإسلامية استقبل، اليوم الأربعاء، في حسينية الإمام الخميني (رض)، الرياضيين الحائزين على ميداليات في دورة الألعاب الآسيوية والبارا آسيوية.

وخلال اللقاء قال سماحته، إذا أردت أن أقدم لكم أيها الرياضيون ملخصاً عن هذه التطورات الأخيرة، فالجملة هي كما يلي: الكيان الصهيوني تلقى ضربة قاضية في طوفان الأقصى.

وأضاف، أي أن حماس، ليس كحكومة ودولة لديها العديد من الامكانيات، بل كمجموعة مسلحة، تمكنت من توجيه ضربة قاضية للحكومة الصهيونية الغاصبة بكل ما تملكه من امكانات.

وتابع: حتى اليوم، لم يستطيعوا التلص من الضغط والعار الذي جلبته لهم هذه الهزيمة. نعم، إنهم يظهرون القوة؛ لكن أين؟ إن استعراض القوة هذا لا قيمة له في مستشفى المرضى في غزة، أو في المدرسة في غزة، أو على رؤوس المشردين في غزة. هذا يشبه خسارة ذلك الرياضي في الملعب، الرياضي الذي يهاجم جماهير الفريق الخصم للانتقام وتعويض الخسارة، وإهانتهم وضربهم. لا يوجد شيء أكثر فضيحة مما فعله الكيان الصهيوني.

وأضاف: إن الخسارة الفادحة، تلك الخسارة الفادحة التي تلقاها الكيان الصهيوني لن يعوضها القصف، فمثل هذا القصف سيقصر من عمر هذا الكيان الغاصب، لن يمر هذا الظلم والقسوة دون رد.

وأشار آية الله الخامنئي إلى أن العالم كله فهم اليوم سبب رفض الرياضيين الإيرانيين مواجهة الجانب الصهيوني في المسابقات. لقد فهم العالم ذلك بالفعل لأنه مجرم، لأنه يلعب لصالح حكومة إجرامية ويأتي إلى المسابقات ومساعدته هي مساعدة للكيان الإرهابي والإجرامي.

وفي بداية اللقاء، ثمن قائد الثورة الاسلامية الرياضيين والحائزين على الميداليات في البلاد، قائلا : إن تقلد الميدالية مؤشر وعلامة جهدكم، أود أن أشكر السيدة التي حملت العلم الإيراني في هذه الدورة من الالعاب الآسيوية بالحجاب الكامل وأظهرت هوية وشخصية المرأة الإيرانية أمام العالم.كما أشكر الرياضية التي رفضت مصافحة رجل اجنبي أثناء تسليم الميدالية وأهمية هذه الهوامش لا تقل عن الرياضة نفسها، بل أكثر.

وأضاف: أشكر السيدة التي صعدت على المنصة مع طفلها وحصلت على وسامها، وقال: هذه خطوة رمزية؛ وهذه الحركة في العالم تدل علي احترام المرأة لدور الأسرة والأمومة.

وأعرب سماحته عن تقديره للرياضيين الذين يدعمون الشعب الفلسطيني المظلومح مصرحا : أشكر المنتخب الوطني الذي دخل الملعب مع الكوفية رمزا للدفاع عن المظلومين، والرياضيين الذين اتخذ كل منهم موقفا داعما لفلسطين.

وأضاف: كما أشكر الرياضيين الذين تبرعوا بميدالياتهم لأطفال غزة، ولشهداء المستشفى الذي كان موقع لإظهار قيام الكيان الصهيوني في خلق الكارثة ، وللرياضيين الذين رفضوا مواجهة الجانب الصهيوني.

وقال اليوم يتبين صحة عملهم؛ وحقيقة هذه الأمور واضحة اليوم أكثر من أي وقت مضىو. تُظهر هذه الأعمال الوجه المتميز والمنطقي والواثق من نفسه للشعب الإيراني أمام أنظار مئات الملايين من الأشخاص الذين يشاهدون الرياضة، وهذا جزء من القوة الوطنية لإيران.

وأشار قائد الثورة الإسلامية إلى ازدواجية المعايير لدي المؤسسات الدولية تجاه مختلف الحوادث وأكد: هناك أشياء كثيرة يجب أن نقولها للمسؤولين الرياضيين الدوليين وننتقدهم كثيراً. ويجب التعامل مع هذه الاعتراضات بشكل عادل يوما ما.

وأضاف: تقف القوى الاستعمارية والاستثمارية والمتغطرسة  اليوم خلف جميع المراكز الدولية تقريبًا وتمنع إجراء تحقيق عادل. ولكن يومًا ما، إن شاء الله، سيتم التعامل مع هذه الأمور بشكل عادل.

وتابع: يقولون إن الرياضة ليست سياسية، ولكن عندما يحتاجون إلى تسييس الرياضة، فإنهم يسيسون الرياضة بأسوأ طريقة؛ موضح، بانه "يتم منع دولة ما من المشاركة في جميع الأحداث الرياضية الدولية بمختلف الذرائع، لماذا؟! لأنها قاتلت في مكان ما؛ لكنهم يتجاهلون 5000 طفل شهيد في غزة، ألا يجب أن تصبح الرياضة هناك سياسية ؟

وأضاف: تمنع دولة ما  من المشاركة في البطولات العالمية بحجة الحرب ويتم تجاهل جرائم الحرب التي ترتكبها حكومة ما بشكل كامل؛ ولا يمنعون تلك الحكومة من دخول الساحة الدولية بسبب ارتكابها جريمة الإبادة الجماعية.

وتابع: اليوم ادرك العالم كله سبب عدم رضا الرياضيين الإيرانيين عن مواجهة الجانب الصهيوني في الميدان. لأنه مجرم وهو يقوم بالرياضة وينزل للميدان لصالح حكومة مجرمة؛ ومساعدته هي مساعدة للكيان الإرهابي والإجرامي.

الجمعة, 24 تشرين2/نوفمبر 2023 15:04

كيف يظلم الإنسان نفسه وغيره؟

ظلم الإنسان نفسه:
الذي يفهم من لفظ الظلم وجود ظالم صدر منه الظلم، ومظلوم وقع عليه الظلم فمن هو الظالم، ومن هو المظلوم؟ إنه هذا الإنسان المسكين، هو الظالم والمظلوم، ظلم نفسه وأوبقها، وظلم عباد الله عزّ وجلّ، فأساء إليهم، وأساء إلى نفسه وظلمها بما يُعرّضها من العقوبات في الدنيا والآخرة، وذلك بقطع صلتها مع الله تعالى، وبإهمال توجيهها إلى طاعة الله، وتقويمها بالخلق الكريم، والسلوك الرضي، ممّا يزجّها في متاهات الغواية والضلال، فتبوء آنذاك بالخيبة والخسران كما عبّر الله تعالى في الفرقان: ﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا﴾[1]، وقال عزّ وجلّ: ﴿وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾[2]، وقال سبحانه: ﴿سَاء مَثَلاً الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَأَنفُسَهُمْ كَانُواْ يَظْلِمُونَ﴾[3]. وقال تعالى: ﴿إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾[4].
 
وظلم العبد لنفسه يكون فيما بينه وبين ربّه، ويتحقّق ذلك عندما يقطع العبد الصلة النورانية بينه وبين نور السموات والأرض الذي مثل نوره كمشكاة فيها مصباح. والظلم خلاف الضياء والنور، ويتحقّق ذلك من خلال تقصير العبد الظالم لنفسه في المسارعة لتنفيذ أوامر الله تعالى، وفي الجرأة على إتيان نواهيه.
 
أعلم أخي المسلم: أنك إذا تعدّيت حدود الله ببصرك، فنظرت به إلى الحرام، فقد عملت سوءً وظلمت نفسك، وإذا تعدّيت حدود الله بأذنك فسمعت بها الحرام من الغناء أو الكذب أو الغيبة أو النميمة، فقد عملت سوءً وظلمت نفسك، وإذا تكلّمت بلسانك كلاماً يسخط الله فقد عملت سوءً وظلمت نفسك، وإذا بطشت بيدك أو مددتها على ما لا يحل، فقد عملت سوءً وظلمت نفسك، وعندما تسمع الأذان وتنام، ولا تقوم لتصلّي، فقد عملت سوءً وظلمت نفسك، لأنّ الله دعاك إلى إنقاذ نفسك فظلمتها.
 
الذي يهجر القرآن، ولا يقرأه ظالم لنفسه، لأنّه فوّت على نفسه من الحسنات ما لا يعلمها إلا الله تعالى الذي لا يذكر الله، ولا يدعوه، ولا يهتم بأمر المسلمين ولا يهتم بهذا الدين ظالم لنفسه الخ.
 
قال مولانا الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: "ألّا وإنّ الظلم ثلاثة: فظلم لا يُغفر، وظلم لا يُترك، وظلم مغفور لا يُطلب، أمّا الظلم الذي لا يُغفر، فالشرك بالله. قال الله تعالى: ﴿إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ﴾[5]، وأمّا الظلم الذي يُغفر، فظلم العبد نفسه عند بعض الهنات، وأمّا الظلم الذي لا يُترك فظلم العباد بعضهم بعضاً القصاص هناك شديد، ليس هو جرحاً بالمدى ولا ضرباً بالسياط، ولكنّه ما يستصغر ذلك معه.."[6].
 
ظلم العبد لغيره:
أي الظلم الذي بينه وبين الناس، وإياه قصد الله تعالى بقوله: ﴿وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ * وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ* إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾[7]، وهو ظلم لا يمكن الخروج منه، والتخلّص من شؤمه وإثمه بمجرّد الإقلاع والندم، بل يكون الخلاص منه بردّ المظالم إلى أهلها، أو استباحتهم منها، وإلا كان القصاص يوم القيامة بالحسنات والسيئات، وليس بالدينار والدرهم، وكفى بهذا حاجزاً عن الظلم، وكفى به رادعاً وواعظاً للعبد المسلم في أن يتخفّف من حقوق العباد، ويخرج من هذه الدنيا سالماً لا يطلبه أحد من العباد بمظلمة في دين أو نفس أو مال أو عرض، فقد روى أبو بصير الإمام الصادق عليه السلام قال: "أما إنّه ما ظفر بخير من ظفر بالظلم. أما إنّ المظلوم يأخذ من دين الظالم أكثر ممّا يأخذ الظالم من مال المظلوم، ثم قال: من يفعل الشر بالناس، فلا ينكر الشر إذا فُعل به.."[8].
 
وكي لا يمتطي الظالم سفينة الغفلة، فيرد موارد الهلاك، بجرأته على حقوق الآخرين بادر رحمة الله المهداة للعالمين بإغلاق كل المنافذ على الظلم والظالمين، وذلك من خلال فصل خطابه، وعظيم جوابه فروى عنه حفيده الإمام أبو جعفر الباقر عليه السلام عن آبائه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم: "ألا أنبّئكم بالمؤمن ؟ المؤمن من ائتمنه المؤمنون على أموالهم وأمورهم، والمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر السيئات فترك ما حرّم الله"[9]، وقال حفيده العظيم الإمام أبو عبد الله الصادق عليه السلام: "المسلم أخو المسلم هو عينه ومرآته ودليله لا يخونه ولا يخدعه، ولا يظلمه ولا يكذبه ولا يغتابه[10].
 


[1] سورة الشمس، الآيات 7-10.
[2] سورة البقرة، الآية 57.
[3] سورة الأعراف، الآية 177.
[4] سورة يونس، الآية 44.
[5] سورة النساء، الآية 48.
[6] أبن أبي الحديد المدائني، شرح نهج البلاغة، ج 10، ص 34، طبعة 1 ـ دار الكتب العلمية.
[7] سورة الشورى، الآيات 40 - 42.
[8] الشيخُ مُحمّدْ بن الحسن الحُر العاملي، وسائل الشيعة، ج 16، ص49، تحقيق ونشر مؤسسة آل البيت عليهم السلام، ط2، مطبعة - مهر - إيران، 1414هـ، باب تحريم الظلم، ح9.
[9] العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ، تحقيق علي أكبر الغفاري، نشر مؤسسة الوفاء - لبنان، ط2، 1983م، باب وصايا الإمام الباقر عليه السلام ج 64، ص 302.
[10] الحُرّ العامِليّ، وسائل الشيعة، ج 12، ص181 ـ 205.

الجمعة, 24 تشرين2/نوفمبر 2023 14:59

آداب الدعاء المستجاب

1. التوجّه إلى القبلة: من الآداب التي ينبغي للدَّاعي أن يُراعيها، أن يتوجّه أثناء الدُّعاء إلى القبلة ببدنه، ويترك استدبارها بل التلفَّتَ يَمنةً ويسرة. فقد جاء في الروايات أنَّ: "رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أتى الموقف بعرفة، واستقبل القبلة، ولم يزل يدعو حتّى غربت الشّمس"[1].
 
2. حسن الظنّ بالله تعالى: قال تعالى: ﴿ٱدعُونِي أَستَجِب لَكُم﴾[2]، وفي آية أخرى: ﴿أَمَّن يُجِيبُ ٱلمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكشِفُ ٱلسُّوءَ﴾[3].
 
3. البكاء والتباكي: وقد قال الإمام الصادق عليه السلام لأبي بصير: "إن خفتَ أمراً يكون أو حاجة تُريدها، فابدأ بالله ومَجِّدهُ واثنِ عليه كما هو أهله، وصلِّ على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وَسَل حاجتَكَ، وتباكَ ولو مثل رأس الذباب، إنّ أبي كان يقول: إنّ أقربَ ما يكون العبدُ من الرّب عزَّ وجل وهو ساجدٌ باكٍ"[4].
 
4. تكرار الدُّعاء: تُستحبّ معاودة الدُّعاء وكثرة تكراره مع تأخّر الإجابة، فعن أبي جعفر عليه السلام: "إنَّ المؤمن ليسأل الله حاجةً فيؤخّر عنه تعجيلَ إجابته، حبّاً لصوته واستماع نحيبه"[5]. إنّ حُسن الظنّ بالله من شُعب معرفته سبحانه، فعلى الدَّاعي أن يُحسن الظّن باستجابة دعائه.
 
5. الإقرار بالذنوب: على الدَّاعي أن يعترف بذنوبه مقرّاً، مذعناً، تائباً عمَّا اقترفه من خطايا، وما ارتكبه من ذنوب، فقد روي عن الإمام الصادق عليه السلام: "إنَّما هي مدحة، ثمّ الثناء، ثمّ الإقرار بالذنب، ثمّ المسألة، إنَّه والله ما خرج عبد من ذنب إلّا بالإقرار"[6].
 
عدم استجابة الدعاء
أحياناً، مهما دعا الإنسان لا يُستجاب له. فما العلّة؟ لقد حلّت لنا الروايات في ديننا هذه المشكلة. فقد جاء في رواية أنّ الإمام علي عليه السلام قال: "قلتُ: اللهمّ، لا تحوجني إلى أحد من خلقك، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا عليّ، لا تقولنّ هكذا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما من أحد إلا وهو محتاجإلى النّاس، قال: فقلتُ: كيف أقول يا رسول الله؟ قال: قل اللهمّ لا تحوجني إلى شرار خلقك، قلتُ: يا رسول الله، ومَن شرار خلقه؟ قال: الذين إذا أعطوا منّوا، وإذا منّوا عابوا"[7].

إنّ أحد شروط استجابة الدعاء هو أن نقرأه بحضور قلب. أحياناً يكون الدعاء لقلقة لسان، جملاً من قبيل: "يا ربّ سامحنا!"، "يا ربّ وسّع علينا رزقنا!" "يا ربّ اقضِ ديننا". قد يدعو الإنسان عشر سنوات هكذا، دون أن يُستجاب له أبداً. هذا لا يُفيد. فمن شروط الدعاء هو ما تفضّل به الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: "إذا دعا أحدكم فليجتهد وليخلص فإنَّ الله لا يقبل الدُّعاء من قلبٍ لاه"[8] [9].
 


[1]  الفيض الكاشاني، محمد بن المرتضى المولى محسن، المحجة البيضاء في تهذيب الإحياء، تحقيق وتعليق علي أكبر الغفاري، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين، إيران قم المشرفة، لا.ت، ط2، ج2، ص288.
[2]  سورة غافر، الآية 60.
[3]  سورة النمل، الآية 62.
[4]  الشيخ الكليني، الكافي، ج2، ص483، باب البكاء، ح10.
[5]  المصدر نفسه، ج2، ص488، باب من أبطأت عنه الإجابة، ح1.
[6]  الشيخ الكليني، الكافي، ج2، ص484، باب الثناء قبل الدعاء، ح3.
[7]   الزمخشري، أبي القاسم محمود بن عمر، ربيع الأبرار ونصوص الأخبار، تحقيق عبد الأمير مهنا، مؤسسة الأعلمي، لبنان بيروت، 1992م، ط1، ج3، ص80.
[8]  ابن عبد البر، أبي عمرو يوسف بن عبد البر النمري، التمهيد، تحقيق مصطفى بن أحمد العلوي و‏محمد عبد الكبير البكري، نشر وزارة عموم الأوقاف والشؤون الإسلامية، المغرب، 1387هـ، لا.ط، ج7، ص15.
[9]   الإمام الخامنئي قدس سره، خطبة صلاة الجمعة في طهران، 17/2/1995م.

قد يخطر للوهلة الأولى، أنّ مُفردة الثّقة والتّوكُّل على الله هي من مفردات السّلوك الفرديّ للإنسان مع الله سبحانه وتعالى، أمّا أن تكون ميزة جماعيّة تُشكّل علامة على خطّ ثوريّ وحركيّ، فهذا أمرٌ يشرحه الإمام الخامنئيّ دام ظله، فيقول: "الثّقة بصِدق وعد الله، والنُّقطة الّتي تُقابلها هي عدم الثّقة بالقوى المُستكبرة والمُهيمنة في العالَم، هذا هو أحد أركان مدرسة الإمام المتمثّل في الاتّكال على قدرة الله، فقد وعد الله تعالى المؤمنين، ولعن من لا يؤمن بهذا الوعد في قوله: ﴿وَلَعَنَهُمُ اللّهُ﴾"[1]، ﴿غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِم﴾[2]، وهم أولئك ﴿الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا﴾"[3].
 
ويقول في مورد آخر: "إنّ من ركائز فِكْر الإمام الخمينيّ العظيم، الإيمان بوعد الله والتّصديق به، حيث قال سبحانه: ﴿إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ﴾[4]. والنُّقطة المُقابلة لذلك (لسوء الظّنّ بالله) هي عدم الاعتماد على إغراءات الأعداء والمستكبرين والقوى العالميّة مُطلقًا، وهذا ما هو مشهود في عمل الإمام وسلوكه وخطاباته بالكامل. ولقد أدّى هذا الاتّكال على قدرة الله والثّقة به إلى أن يكون الإمام الخمينيّ العظيم صريحًا واضحًا في اتّخاذ المواقف الثوريّة، حيث كان الإمام يتحدّث بصراحة، ويُبيّن ما كان يعتقد به دونما غموض وإبهام، وذلك لاتّكاله على الله، لا لأنّه لم يكن يعلم بأنّ ذلك سيؤول إلى أن تنزعج القوى الكبرى وتثور ثائرتها، بل كان يعلم بذلك، ولكنّه كان يُؤمن بقدرة الله ومَدَدِه ونَصْرِه"[5].
 
الدّفاع عن المظلومين والمُستضعفين داخل الأمّة في وجه الطّبقات الحاكمة:
وهو من الأمور المميّزة لهذا الخطّ والنّهج، يقول الإمام الخامنئيّ دام ظله: "لعلّ الدّفاع عن المستضعفين من أكثر المواضيع الّتي تناولها الإمام في كلماته، وهو من الخطوط البيّنة في رؤية الإمام، ومن الأصول المسلَّمة، حيث يدعو الجميع إلى العمل وبذل الجهد لاستئصال الفقر، والسّعي في مساعدة المحرومين لإنهاء حالة الحرمان، ومساندة المحرومين بكلّ وسعهم. وكان من جانب آخر يُحذّر المسؤولين من التخلُّق بأخلاق أهل القصور، والّذي وردت الإشارة إليه في القرآن الكريم أيضًا: ﴿وَسَكَنتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ﴾[6]. وكان يؤكّد مرارًا على الاعتماد والثّقة بوفاء الطّبقات الضّعيفة، ويُكرّر القول بأنّ سكّان الأكواخ والفقراء والمحرومين هم الّذين ملؤوا السّاحات، برغم حرمانهم، من دون اعتراض، وهم الّذين يحضُرون في ميادين الخطر، بينما الطّبقات المُترفة هي أكثر من تُبدي استياءها وتبرُّمها حين تقع الحوادث وتظهر المشاكل في كثيرٍ من الأحيان"[7].
 


[1] سورة التوبة، الآية 68.
[2] سورة المجادلة، الآية 14.
[3] سورة الفتح، الآية 6.
[4] سورة محمّد، الآية 7.
[5] خطاب الإمام الخامنئيّ دام ظله، الذّكرى السّادسة والعشرين لرحيل الإمام الخمينيّ قدس سره 04/06/2015م.
[6] سورة إبراهيم، الآية 45.
[7] خطاب الإمام الخامنئيّ دام ظله، الذّكرى السّادسة والعشرين لرحيل الإمام الخمينيّ قدس سره 04/06/2015م.

الجمعة, 24 تشرين2/نوفمبر 2023 14:56

لماذا العُجب هو بذرة الرذائل؟

ومن مفاسده الأخرى، أنّه يدفع الإنسان إلى الرياء، لأنّ الإنسان بصورة عامّة إذا استصغر أعماله وجدها لا شيء، ووجد أخلاقه فاسدة، وإيمانه لا يستحقّ الذكر، وعندما لا يكون معجباً بنفسه ولا بصفاته ولا بأعماله، بل وجد نفسه وجميع ما يصدر عنها سيّئاً وقبيحاً، لا يطرحها ولا يتظاهر بها، فإنّ البضاعة الفاسدة تكون سيّئة وغير صالحة للعرض، ولكنّه إذا رأى نفسه كاملاً وأعماله جيّدة، فإنّه يندفع إلى التظاهر والرياء، ويعرض نفسه على الناس.
 
وهناك مفسدة أخرى هي أنّ هذه الرذيلة تؤدّي إلى رذيلة الكِبر المهلكة، وتبعث على ابتلاء الإنسان بمعصية التكبّر، .. وتنشأ من هذه الرذيلة مفاسد أخرى أيضاً بصورة مباشرة وغير مباشرة، وشرح ذلك يوجب التفصيل. فليعلم المعجب أنّ هذه الرذيلة هي بذرة رذائل أخرى، ومنشأ لأمور يُشكّل كلّ واحد منها سبباً للهلاك الأبديّ والخلود في العذاب، فإذا عرف هذه المفاسد بصورة صحيحة ولاحظها بدقّة، ورجع إلى الأخبار والآثار الواردة بشأنها عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وأهل البيت ذلك القائد عليه السلام أجمعين، "فمن المحتّم أن يعتبر الإنسان نفسه ملزماً بالنهوض لإصلاح النفس، وتطهيرها من هذه الرذيلة واستئصال جذورها من باطن النفس"[1].
 
العجب مقرون بالغرور
"أمّا القسم الآخر - الذي يُشكّل القسم الأعظم من البشر - فإنّهم عندما يرون في أنفسهم امتيازاً عن الآخرين فإنّهم يتفاخرون ويختالون قائلين: نعم، نحن هكذا! وهذه هي حالة العُجْب. فالشيطان يتسلّل إلى نفس الانسان من هذه الثغرة ويصرعه أرضاً بقوّة شديدة حتّى أنّه يبقى مترنّحاً لمدّة من الزمن.
 
فالعُجب هو آفة ذميمة للغاية، وهو يقترن غالباً بالغرور، فالإنسان الـمُعجَب بنفسه لا يُقيم وزناً للآخرين ويعتقد أنّ كلّ ما يفهمه ويُدركه هو غاية ما توصّل إليه العقل البشريّ من العلم الصحيح وما من أحد غيره يفهم ما يفهمه هو، وهو ينكر على الآخرين كلّ ما يطرحونه خلافاً لرأيه بل ولا يرى فيه ما يستحقّ الإصغاء إليه أساساً، وهكذا يُبتلى بالغرور. وإنّ من أهمّ العوامل التي تسوق المرء إلى جهنّم هو الغرور الذي يكون منشؤه العُجب.
 
لكن ما هو السبيل إلى معالجة هذه الآفّة الخطيرة؟ بالطبع إنّ كلّ شخص يدّعي بعض الامتيازات لنفسه. فالإنسان الذي لا يدّعي أيّ امتياز لنفسه فهو متورّط بشكل من أشكال الكفران وعدم إدراك آلاء الله عزّ وجلّ، فلقد خصّ الله تعالى كلّ شخص بامتياز خاصّ. لكنّ الانسان إذا لم يعمد إلى ترويض صفة حبّ الذّات في نفسه فسوف تقوده إلى ما ذكرنا من الآثار"[2].

علاج العُجْب بمعرفة النفس
"إنّ أنجع طريقة لعلاج العُجب هي أن يلتفت الانسان أكثر إلى نقائصه. يقول أمير المؤمنين عليه السلام في هذا الصدد: "ما لابن آدم والعُجب! وأوّله نطفة مذرة، وآخره جيفة قذرة، وهو بين ذلك يحمل العذَرة"[3]، فإنّ بدايته ماء فاسد، ونهايته جيفة متعفّنة قذرة وهو بينهما يحمل القاذورات والفضلات. فما الذي يُمكن أن يتفاخر به موجود كهذا؟
 
إذن فهي أفضل طريقة يتخلّص بها المرء من العُجب وحبّ النفس والغرور والكبر. وقد أشار القرآن الكريم في بضعة مواطن إشارة لطيفة إلى هذا الموضوع، فقال عزّ من قائل: ﴿أَوَلَمْ يَرَ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ﴾[4]، أي فإذا هو يُخاصمنا ويتفوّه بالكلام علينا (ينكر المعتقدات الصحيحة ويُجادل في أحكامنا).
 
يقول الإمام محمّد الباقر عليه السلام في هذا الحديث: "سُدّ سبيل العُجب بمعرفة النفس". فإذا أردت إغلاق باب العُجب بوجهك فما عليك إلاّ أن تعرف نفسك، ولقد طُرحت قضيّة "معرفة النفس" في أدبنا الدينيّ بصور مختلفة، وقد أورد المرحوم العلاّمة الطباطبائيّ (رضوان الله تعالى عليه) في الجزء السادس من تفسيره "الميزان" في ذيل تفسير الآية الشريفة: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ﴾[5] مباحث عميقة وقيّمة للغاية تحت عنوان معرفة النفس. لكنّه يظهر أنّ المراد من معرفة النفس في هذا الحديث الشريف هو معنىً أكثر بساطة، فمن شأن هذا التأمّل أن يُعينك على عدم الابتلاء بالعُجب والغرور. بالطبع قد يكون لهذا الكلام زوايا وأبعاد مختلفة، وإنّ معرفة كلّ زاوية، وبُعد من معرفة النفس تكون ذات أثر في نفي العُجْب بمعنى من المعاني"[6].
 


[1] الإمام السيد روح الله الموسوي الخميني قدس سره، الأربعون حديثاً، الحديث الثالث.
[2] من محاضرة لسماحة آية الله الشيخ مصباح اليزديّ ألقاها في مكتب الإمام الخامنئي في قم بتاريخ 13 آب، 2011 م.
[3] الآمدي التميمي، غرر الحكم، الحكمة 7087.
[4] سورة يس، الآية 77.
[5] سورة المائدة، الآية 105.
[6] من محاضرة لسماحة آية الله الشيخ مصباح اليزديّ ألقاها في مكتب الإمام الخامنئي في قم بتاريخ 13 آب، 2011 م.

الجمعة, 24 تشرين2/نوفمبر 2023 14:53

آداب السجود لقاصدي السلوك

في مقام السجود يدّعي المصلّي السالك أنه ليس في دار الوجود من موجود إلا الحق تعالى وهذا هو التوحيد الذاتي الذي يتحقق في السجود كما أشرنا، وسر ذلك يعود الى كون وضعية السجود تنفي ظهور أي شيء وحتى نفس المصلّي، ولا يبقى في المحضر إلا الله تعالى.
 
وعن السجود يقول الإمام الخميني: "وهو عند أصحاب العرفان وأرباب القلوب ترك النفس وغمض العين عمّا سوى الحق، والتحقق بالمعراج اليونسي الذي حصل بالغوص في بطن الحوت بالتوجّه إلى أصله بلا رؤية الحجاب، وفي وضع الرأس على التراب إشارة إلى رؤية جمال الجميل في باطن قلب التراب وأصل عالم الطبيعة.
 
وآدابه القلبية عرفان حقيقة النفس وأصل جذر وجوده ووضع أم الدماغ وهي مركز سلطان النفس وعرش الروح على أدنى عتبة مقام القدس ورؤية عالم التراب عتبة لمالك الملوك.
 
فسرّ الوضع السجودي غمض العين عن النفس وأدب وضع الرأس على التراب إسقاط أعلى مقامات نفسه من العين ورؤيتها أقل من التراب"[1]. "...ووضع رؤساء الأعضاء الظاهرة التي هي محال الإدراك وظهور التحريك والقدرة وهي الأعضاء السبعة أو الثمانية على أرض الذلّة والمسكنة علامة التسليم التام وتقديم جميع قواه والخروج من الخطيئة الآدمية"[2].
 
فالسجود هو تعبيرٌ من المصلي عن تركه لرؤية نفسه وعن إغماض عينه عمّا سوى الحق تعالى، فعندما يسجد المصلّي فإنه لا يرى شيئاً حتى نفسه ويكون في وضعٍ ملائمٍ تماماً للتوجّه بكليّته إلى مالك الملوك.
 
فالسرّ في الوضع السجودي هو إغماض العين عن النفس، ووضع الرأس على التراب هو بحدّ ذاته إسقاطٌ لأعلى مقامات النفس (وهو الرأس)، ورؤيتها أقلّ من التراب.
 
والسرّ في وضع الأعضاء الظاهرة أي مواضع السجود - وهي محالّ الإدراك والتحريك والقدرة لدى الإنسان - على الأرض هو إعلان الذلّة والمسكنة والتسليم التام من العبد لمولاه وتقديم جميع قواه لله تعالى.
 
ولذلك فإن الآداب القلبية للسجود تكمن في معرفة حقيقة النفس وأصل وجود الإنسان وتذكّر نشأته بوضع الرأس على التراب الذي هو أصل الإنسان.
 
ومن الآداب القلبية للسجود إظهار الفقر والمتربة والمسكنة وإظهار كمال الخضوع والتذلّل والتواضع، وترك الاستكبار والعجب وإرغام الأنف عبر وضع الجبهة وهي مركز سلطان النفس وأشرف ما في الإنسان على أدنى عتبة لمالك الملوك وهي التراب[3].
 
فإذا قوي تذكّر هذه المعاني في القلب فإنّه ينفعل بها تدريجياً، فتحصل لديه حالةٌ هي حالة الفرار من النفس وترك رؤية النفس، ونتيجة هذه الحال حصول حالة الأنس بالله تعالى وبعبادته وتتحقّق الغاية من الصلاة المعراجية.
 
وينبغي أن لا يدّعي السالك هذه المعاني إن لم يكن متحققاً بها فعلاً، وإنّما عليه أن يتمسّك بعناية الحق جلّ وعلا ويسأله العفو عن تقصيره بالذلّة والمسكنة، لأن هذا المقام مقامٌ خطيرٌ جداً في نظر أرباب المعرفة.
 
ويمكن لنا أن نطّلع على آداب السجود في روايةٍ شريفةٍ واردةٍ عن الإمام الصادق عليه السلام: "ما خسر والله من أتى بحقيقة السجود ولو كان في العمر مرّة واحدة، وما أفلح من خلا بربّه في مثل ذلك الحال تشبيهاً بمخادع نفسه غافلاً لاهياً عمّا أعدّه الله للساجدين من أنس العاجل وراحة الأجل. ولا بعد عن الله أبداً من أحسن تقرّبه في السجود، ولا قرب إليه أبداً من أساء أدبه وضيّع حرمته بتعلّق قلبه بسواه في حال سجوده. فاسجد سجود متواضعٍ لله تعالى ذليلٍ علم أنه خلق من ترابٍ يطؤه الخلق وأنه اتّخذك (ركب) من نطفةٍ يستقذرها كلّ أحد وكوّن ولم يكن. وقد جعل الله معنى السجود سبب التقرب إليه بالقلب والسرّ والروح فمن قرب منه بعد من غيره، ألا ترى في الظاهر أنه لا يستوي حال السجود إلا بالتواري عن جميع الأشياء والاحتجاب عن كل ما تراه العيون؟ كذلك أمر الباطن فمن كان قلبه متعلّقاً في صلاته بشيءٍ دون الله تعالى فهو قريب من ذلك الشيء بعيدٌ عن حقيقة ما أراد الله منه في صلاته، قال عزّ وجلّ: ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه.. وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: قال الله تعالى: لا أطّلع على قلب عبدٍ فأعلم فيه حبّ الإخلاص لطاعتي لوجهي وابتغاء مرضاتي إلا تولّيت تقويمه وسياسته ومن اشتغل بغيري فهو من المستهزئين بنفسه ومكتوبٌ اسمه في ديوان الخاسرين"[4].
 
وقد جمع عليه السلام في هذا الحديث الشريف بين الأسرار والآداب، والتفكّر فيه يفتح للسالك إلى الله طرقاً من المعرفة ويقرع السمع بحقيقة الأنس والخلوة مع الحق وترك غير الحق.
  
[1] الإمام الخميني، الآداب المعنوية للصلاة، الباب السادس في الإشارة الإجمالية إلى أسرار السجود وآدابه،الفصل الأول.
[2] م. ن، الآداب المعنوية للصلاة، الباب السادس في الإشارة الإجمالية إلى أسرار السجود،الفصل الثالث.
[3] راجع الإمام الخميني، الآداب المعنوية للصلاة، الباب السادس في الإشارة الإجمالية إلى أسرار السجود،الفصل الثالث.
[4] العلّامة المجلسي، بحار الأنوار، ج 82، ص 136.