
emamian
البصر وأثره على القلب والعاقبة
النظرة تزرع في القلب الشهوة
ممّا تسالم عليه العقلاء في كلّ زمان أنّ النظر الحرام أصل كثير من المصائب التي يقع فيها الناس، وقد روي عن الإمام أمير المؤمنين علي عليه السلام أنّه قال: "عمى البصر خير من كثير النظر"[1].
وأنت تعلم أيّها القارئ الكريم أنّ أيّ معصية من اللمم قد يفعلها الإنسان، وينتهي أثرها، لكن النظرة الحرام ليست كذلك، فلا ينتهي أثرها، إذ ليست القضية أنّك عندما تنظر إلى تلك الفتاة أو عندما تنظر الفتاة إلى ذاك الشاب تكتب عليهما سيّئة وينتهي الأمر عند هذا الحد، نعم هي سيّئة تُكتب عليهما وسيُحاسبان عليها، فإنْ شاء الله عفا عنهما بكرمه، أو عاقبهما بعدله لكن هناك ثمّة سؤال يطرح نفسه، وهو: هل تقف القضية عند هذا الحد؟
الجواب لا، فإنّ هذه النظرة يعقبها ما بعدها، فأنت تنظر النظرة ويزول أمامك من قد نظرت إليه، وفيما بعد يبدأ الشيطان بتحريك هذه الصورة في الذهن ويُزيّن صورة المنظور، ويجعله صنماً يعكف عليه القلب، ثم يعِدهُ ويُمنِّيه، ويوقد على القلب نار الشهوات، ويُلقي حطب المعاصي التي لم يكن يتوصّل إليها بدون تلك الصورة، ومن ثم تتدرّج الحالة إلى التفكير الطويل الذي يأسر لُبّ هذا الشاب أو تلك الفتاة، فيوصلهم إلى مرحلة تستولي فيها عليهم الشهوات، فيبحثوا عن سُبل قضائها، فإنْ قضوها فيما حرّم الله، وقعوا في المعصية التي تُغضب الباري سبحانه وتعالى، ووقوعهم في هذه المعصية يُسهّل لهم ما بعدها، ثم بعد ذلك يتدرّج بهم الأمر أكثر من السابق حتى يهويان في وادٍ سحيق، كان بدء السقوط فيه تلك النظرة العابرة التي كانت باباً عريضاً لمعصية الله عزَّ وجلَّ، وأعمت القلب عن الإبصار الحقيقي، ولذا ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال: "العيون طلائع القلوب".
كلّ الحوادث مبداها من النَّظَرِ ومعظمُ النار مِن مستصغَر الشَّرَرِ
كم نظرةٍ فَتَكَتْ في قلب صاحبها فَتْكَ السهامِ بِلا قوسٍ ولا وَتَر
والمرء ما دام ذا عين يقلبها في أعين الغيد موقوف على الخطرِ
يَسُرُّ مقلتَه ما ضَرَّ مهجتَه لا مرحباً بسرور جاء بالضَّرَرِ
كفى بها لصاحبها فتنة
إنّ غلبة الشهوة على عقل الإنسان، وقلبه تجعله يتخبّط في مستنقع آسن يصعب الخروج منه، وقد أطلق الإمام أمير المؤمنين عليه السلام وصفاً غير محمود على ذلك الإنسان الذي حَمّلَ قلبه دوام الحسرات، وأتعب عقله إلى يوم الممات عندما أذن لتلك الصورة التي التقطتها النظرة الحرام أن تنطبع في عقله وقلبه، وبالتّالي أضحت فكرة - شهوة - تُبنى عليها جملة من الأفكار السلبية، وذلك من اللحظة التي جعلها صاحبها جزءاً من منظومته الفكرية. وقد نَبَّه الإمام أمير المؤمنين علي عليه السلام إلى خطورة هذا الأمر، وذلك فيما روي عنه عليه السلام: "من أطلق ناظره أتعب حاضره، ومن تتابعت لحظاته دامت حسراته"[2].
ولأنّ العلاقة بين الشهوة والنظرة علاقة مترابطة متينة لا تنفكّ أبداً كان أخطر شيء على القلب إطلاق العنان للنظر؟! فالنظرة تُكلّم القلب كلماً بليغاً، وأكثر ما تدخل المعاصي على العبد من هذا الباب، وقد روي عن مولانا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "النظرة سهم من سهام إبليس مسمومة، فمن تركها من خوف الله أثابه جلّ وعزّ إيماناً يجد حلاوته في قلبه"[3]، والنكتة في إطلاق لفظ السهم على النظر هي تأثيره في قلب الناظر وإيمانه، كتأثير السهم الخارجي في الغرض، ومن هنا أُطلق عليه زنا العين[4].
فيا طرف قد حذّرتك النظرة التي خلست فما راقبت نهياً ولا زجراً
ويا قلب قد أرداك طرفي مرة فويحك لم طاوعته مرّة أخرى
ومن تأمّل كيف تزرع النظرة في القلب الشهوة، عَرف كيف ستُشغل القلب وتُنسيه مصالحه، فتُفسد الإيمان وتُنسي الآخرة والحساب، فينفرط على صاحب ذلك القلب أمرُه، ويقع في مرديات اتباع الهوى والغفلة، والحسرات، وقد قال الله تعالى: ﴿وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا﴾[5].
روي عن مولانا الإمام أمير المؤمنين علي عليه السلام أنّه قال: "إذا أبصرتْ العين الشهوة عمي القلب عن العاقبة"[6]، ولا يغيبنّ عنكم قول سيّدنا المسيح عليه السلام: "وإيّاكم والنظرة فإنّها تزرع في القلب الشهوة، وكفى بها لصاحبها فتنة، .."، ونختم هذا الفصل بما رواه الإمام الصادق عليه السلام عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: "طوبى لمن ترك شهوة حاضرة لموعد لم يره"[7].
طلائع القلوب، جمعية المعارف الإسلامية الثقافية
[1] الآمدي التميمي، غرر الحكم ودرر الكلم، ص464، والعلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج74، ص284.
[2] محمد بن محمد الشعيري، جامع الأخبار، ص93، الفصل الحادي والخمسون في النظر.
[3] محمد بن محمد الشعيري، جامع الأخبار، ص145، الفصل السابع والمائة، والحاكم في المستدرك، ج4، ص249.
[4] السيد أبو القاسم الخوئي، مصباح الفقاهة، ج1، ص214، المطبعة الحيدرية، النجف.
[5] سورة الكهف، الآية 28.
[6] الآمدي التميمي، غرر الحكم ودرر الكلم، ص285.
[7] الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان، الإختصاص، ص233.
كيف وُجدت الحضارة الإسلاميّة؟
السؤال الرئيسيّ الآن هو، كيف وُجدت الحضارة الإسلاميّة؟ ذهب البعض إلى القول بأنّها مستقاة من حضارة الفرس، وذهب البعض الآخر إلى أنّها مستقاة من الحضارة الرومانيّة، لكنّ هذه الآراء آراء جاهلة وصبيانيّة. لنفرض أنّ عشرة كتب نُقلت في الحضارة الإسلاميّة من حضارات أخرى، فهل يمكن بهذه الكتب العشرة بناء حضارة؟! وهل الحضارة الإسلاميّة بُنيت من خلال ترجمة الآثار اليونانيّة والرومانيّة والهنديّة؟! لا، فجوهر الحضارة الإسلاميّة كان نابعًا من ذاتها. بالطبع، الحضارة الحيّة تستفيد أيضًا من الآخرين.
السؤال هو: من أين أتى هذا العالم العامر، هذا الاستخدام للعلم، هذا الكشف لحقائق من الدرجة الأولى في عالم الوجود، عالم المادّة نفسه ـ الذي تحقّق على أيدي المسلمين؟ من أين أتى هذا الاستخدام للأفكار والعقول والأذهان، والأنشطة العلميّة العظيمة، وتأسيس الجامعات الكبرى بالمقاييس العالميّة في ذلك الزمان، وتأسيس عشرات الدول الغنيّة والقويّة في ذلك الزمان، والسلطة السياسيّة التي لا نظير لها على امتداد التاريخ؟ إنّكم على امتداد التاريخ، لا تجدون سلطةً سوى السلطة السياسيّة للإسلام، أصبحت، من قلب أوروبا إلى عمق شبه القارّة الهنديّة، دولةً واحدةً، وحكمتها سلطةٌ خالدة. لقد كان عصر القرون الوسطى في أوروبا، عصر الجهل والتعاسة لأوروبا. والأوروبيّون يسمّون القرون الوسطى بـ "عصر الظلام". وهذه القرون الوسطى نفسها التي كانت في أوروبا عصور الظلام، كانت عصر تألّق العلم في البلدان الإسلاميّة، ومن جملتها إيران. ولقد أُلّفت أساسًا، الكتب حول القرن الرابع الهجريّ ـ الذي كان عصر تألّق العلم ـ وجرت حوله الأبحاث. ما الذي ولّد مثل سلطة سياسيّة كهذه، وقوّة علميّة كهذه، وعالم منظّم وحكم كهذا، واستخدام كهذا لكافّة الطاقات البشريّة الحيّة والبنّاءة والفعّالة؟ إنّ هذه الأمور كانت نتيجةً لتعاليم الإسلام. المسألة هي مجرّد هذا[1].
الفتح، ليس بالسيف بل بسلاح الرحمة
تنتهي الحروب، لكنّ التجارب تبقى. في الحوادث الكبرى دروس للشعوب. هذا الدرس سوف يبقى في نفوس البشريّة وذاكرتها الخالدة، حيث: حضارة مع كلّ هذا الزهو، ومع كلّ هذا الادّعاء- تخرج مخفقة من شبّاك الامتحان. في الأعمال التي يمارسونها: إشعال الحروب والظلم والجور، والغرور والنشوة، التصرّفات غير العقلانيّة. البدء بالحروب، تهديد السلام، قتل الناس الأبرياء، إنفاق رؤوس الأموال الكثيرة لإشعال نار الحروب، وذلك أيضًا بذرائع واهية، هذه تجارب حضارة ما. قارنوا هذا بالحضارة الإسلاميّة، في عهد الخلفاء الراشدين: عندما فتح المسلمون مناطق غرب العالم الإسلاميّ، أي: مناطق بلاد الروم وسوريا الحاليّة، عاملوا اليهود والمسيحيّين في تلك المناطق معاملة، أدّت إلى اعتناق الكثير منهم الإسلام. في بلدنا إيران، استسلم الكثير من الناس من دون مقاومة، ذلك لأنّهم شاهدوا مروءة المسلمين ورحمتهم ومداراتهم للأعداء، لذا جاؤوا واعتنقوا الإسلام. في بلاد الروم، عندما جاء المسلمون، قال اليهود إنّنا طوال عمرنا لم نرَ يومًا جيّدًا كما اليوم. كان الحكم مسيحيًّا وكان يحلّل الظلم لهم، عندما جاء الإسلام، شعروا بالرحمة الإسلاميّة[2].
تأسيس الحضارة الإسلامية في فكر الإمام الخامنئي دام ظله، جمعية المعارف الإسلامية الثقافية
[1] خطاب القائد في لقاء قادة حرس الثورة الإسلاميّة (20/9/1994).
[2] خطاب القائد في لقاء الموظّفين الرسميّين (15/10/2001).
قمة الرياض تصدر بيانها الختامي وتؤكد على كسر الحصار على غزة
وأدان البيان، "العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وجرائم الحرب والمجازر الهمجية الوحشية واللاإنسانية التي ترتكبها حكومة الاحتلال الاستعماري خلاله وضد الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية المحتلة؛ بما فيها القدس الشرقية والمطالبة بضرورة وقفه فورًا، ورفض توصيف هذه الحرب الانتقامية دفاعًا عن النفس أو تبريرها تحت أي ذريعة".
وقرر البيان، "كسر الحصار على غزة وفرض إدخال قوافل مساعدات إنسانية عربية وإسلامية ودولية ،تشمل الغذاء والدواء والوقود إلى القطاع بشكل فوري، ودعوة المنظمات الدولية إلى المشاركة في هذه العملية وتأكيد ضرورة دخول هذه المنظمات إلى القطاع، وحماية طواقمها وتمكينها من القيام بدورها بشكل كامل ودعم وكالة الأمم المتحدة لدعم وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، ودعم كل ما تتخذه جمهورية مصر العربية من خطوات لمواجهة تبعات العدوان الإسرائيلي الغاشم على غزة ،وإسناد جهودها لإدخال المساعدات إلى القطاع بشكل فوري .
وطالب القرار، من "المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية" استكمال التحقيق في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي يرتكبها كيان الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني في جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة.
كما طالب قادة الدول الاسلامية والعربية في بيانهم، "إنشاء وحدتي رصد قانونيتين متخصصتين لتوثق الجرائم الإسرائيلية المرتكبة في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر 2023، وإعداد مرافعات قانونية حول جميع انتهاكات القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني التي ترتكبها "إسرائيل" السلطة القائمة بالاحتلال، ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وباقي الأراضي الفلسطينية المحتلة؛ بما فيها القدس الشرقية، على أن تقدم الوحدة تقريرها بعد 15 يوما من إنشائها لعرضها على مجلس الجامعة على مستوى وزراء الخارجية وعلى مجلس وزراء خارجية المنظمة، وبعد ذلك بشكل شهري".
وفي كلمته امام قمة الرياض اليوم، قال رئيس الجمهورية الاسلامية "اية الله السيد ابراهيم رئيسي" : إنّ كل مشاكلنا ستحل بالوحدة، ونريد أن نتخذ قراراً تاريخياً وحاسماً بشأن ما يحدث داخل الأراضي الفلسطينية؛ واصفا التطورات في غزة بانها "تجسيد للمواجهة بين محوري الشرف والشر.
كما اعرب "رئيسي" عن تقديره للسعودية التي تتولى الرئاسة الدورية الـ 14 لقمة دول منظمة التعاون الاسلامي، "لقاء استضافتها الاجتماع الاستثنائي في ظل المرحلة الحساسة الراهنة والتطورات والظروف الاقليمية الخطيرة بفعل الكيان الصهيوني وجرائمه داخل الاراضي المحتلة؛ مشيراً إلى أنّ "من شأن منظمة التعاون الإسلامي أداء دور صحيح يجسد معاني الوحدة والانسجام".
اول خطاب للرئيس الايراني ابراهيم رئيسي في الرياض
صورة تذكارية تعكس القوة العربية والاسلامية التي اجتمعت بشكل استثنائي وطارئ في الرياض لبحث العدوان الاسرائيلي على غزة.
قوة ما إن توحدت على كلمة لتزلزل العالم، فما بالك بالكيان الاسرائيلي... لكنّ الأمر يحتاج إلى افعال وليس أقوالاً هكذا يقول مراقبون.
زعماء العالم الاسلامي والعربي استعرضوا في خطاباتهم خطورة الوضع في قطاع غزة، واكدوا وجوب التحرك لوقف حمام الدم والإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني.
الأضواء سلطت على الرئيس الايراني ابراهيم رئيسي، الذي يزور السعودية للمرة الأولى بعد عودة العلاقات الدبلوماسية بين طهران والرياض، ومن منبر القمة قدّم رئيسي وهو واضع الكوفية عدة مقترحات لاتخاذ إجراءات عملية.
وقال الرئيس رئيسي:"يجب مقاطعة التجارة والتعاون مع الكيان الصهيوني ومقاطعة البضائع الإسرائيلية، وفي حال استمرت الجرائم الصهيوينة واستمرت الإدارة الاميركية بهذه الحرب غير العادلة فإنّ على الدول الإسلامية أن تساعد في تسليح الشعب الفلسطيني لمواجهة الكيان الصهيوني".
موقف الرئيس السوري بشار الأسد جاء متماهياً مع رؤية طهران لدعم الشعب الفلسيطيني، مشدداً على ضرورة ايقاف أي مسار تطبيعي مع الاحتلال.
وقال الرئيس الأسد:"الحد الادنی الذي نتملکه هو الادوات السياسية الفعلية لا البيانية وفي مقدمتها ايقاف أي مسار سياسي مع الکيان الصهيوني".
أمّا السعودية المستضيفة للقمة فطالبت على لسان ولي عهدها بالوقف الفوري للعدوان الاسرائيلي وبتوفير ممرات إنسانية.
وقال محمد بن سلمان:"هذا الامر يتطلب منا جميعاً جهداً جماعياً منسقاً للقيام بتحرک فعال لمواجهة هذا الوضع المؤسف وندعوا الی العمل معاً لفک الحصار لإدخال المساعدات الانسانية والاغاثية وتأمين المستلزمات الطبية للمرضی والمصابين في غزة".
أسلحة الكيان الإسرائيلي النووية طرحت كذلك في هذه القمة، فطالب الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالكشف عنها، مشيراً الى أنّ هذه المسألة لا يمكن المرور عليها مرور الكرام.
بينما تركز خطاب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على الوقف الفوري لإطلاق النار ومنع تهجير الفلسطينيين إلى خارج أرضهم.
وفي ظل غياب لأي تمثيل للفصائل الفلسطينية في قطاع غزة في هذه القمة، والتي تعتبر المعني الأول، خرج رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ليعبّر عن رفضه للحلول العسكرية والأمنية بعد أن فشلت جميعها، مطالباً مجلس الأمن بتحمل مسؤولياته.
وبالرغم من التكتل العربي والاسلامي الواسع، إلا أنّ مراقبين تحدثوا عن خلافات طفت على السطح بشأن شكل وطبيعة مخرجات هذه القمة، تجلّت بشكل واضح في تخفيض بعض الدول مستوى تمثيلها كالجزائر وتونس.
التيار الإسلامي بعد "طوفان الأقصى"
د. إسماعيل النجم
المتحدث باسم كتائب القسام أبو عبيدة في بيان مصور عن مجريات "طوفان الأقصى" (الجزيرة)
لم يكنْ صباح السَّابع من أكتوبر لسنة 2023 كغيره من الصباحات التي مرّت على هذه الأمّة، في ذلك اليوم تنفَّس الصبح عبق بساتين وأراضٍ تمّ وطؤُها من قِبل المقاومين لأوّل مرّة بعد أكثر من خمسة وسبعين عامًا من القهر والترحيل والإذلال والاحتلال، في هذا اليوم ملحمةٌ بطوليةٌ سطرتْها كتائب القسام الجناح العسكريّ لحركة حماس.
عقودٌ مرّت ونحن نقرأ قوله تعالى: (الّذي خَلَقَ الموْتَ والحياةَ َليبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا)، وهكذا علّمونا في الصغرِ أيام الكتاتيب ودورات تحفيظ القرآن الكريم، وأخبرونا أنّ الله- عزّ وجلّ- ذكرَ لنا الأحسن، ولم يذكر الأكثر؛ لأنّ أقرب الأعمال إليه هو أخلصُها وأصوبها.
في هذا التّاريخ المجيد كانت ملحمة (طوفان الأقصى) ضدّ عدوّ الأمةِ الأصيل في أرض المسرى، وباستنهاض القوى الحيّة في الأمة ودعمها بكلّ ما أُوتيت من أشكال الدعم.
هذه الملحمة لم تكن حربًا أهليةً بين مسلمين، لا فخر فيها ولا نصر، كما أنّها لم تكن عدوانًا على أبرياء أو مستضعفين، ولم تخرق الأعراف والمبادئ الإسلامية، والتي هي مبادئ وأعرافٌ إنسانيّة بالدرجة الأساس في الحروب والصراعات.
غزة هي درة تّاج المشروع الإسلامي الحضاري، وتمثل الإلهام لحركاتِ التغيير، وتقدر أن تعود بشباب الأمة إلى نموذجهم الحضاري والثوري رغم التوجهات والمؤامرات التي تسعى لتحطيم طموحهم وتطلّعاتهم المشروعة
قَدح "طوفانُ الأقصى" روحَ المقاومة مجددًا في الأمّة، وكانت هذه المرّة ليست كسابقاتها!، فالنموذج الحمساويّ امتاز بـ(العقلانية القتالية)، وهو أشدّ نموذجٍ يخشاه الكيان الصهيونيّ، ومن خلفه الغرب وأمريكا وصهاينة العرب. إنّها عقلانيةٌ هدفها واضحٌ، وقيادتها معروفةٌ، وتاريخها ناصع بالبياض وبالشهداء، لها رؤيةٌ إستراتيجيةٌ، وتعرف دائرة الصراع وحدوده، تمتلك تحالفاتٍ إقليميةً وعلاقاتٍ دوليةً، والأهم من ذلك جميعه هو أنّها تحظى بتأييد الشعوب العربية والمسلمة لها بوصفها حركة تحرر من الظلم والطغيان والاستبداد.
إنّ "حماس" تمتلك رصيدًا من دعم وتأييد النُخبة القائدة في الأمة من حركاتٍ وأحزابٍ وجمعياتٍ ومنظماتٍ، وكلّها تنظر إليها على أنّها النموذج الناجح في إدارة السياسة والسلاح معًا، لذلك يمكن تفسير ما حصل في صبيحة السابع من أكتوبر على أنه ثأر من كلّ الانتهاكات والجرائم الصهيونيّة التي تُدنّس بها أرضنا العربية الإسلاميّة، وهي ردّة فعل على الديمقراطيّة التي جاءَ بها الغرب، ثم انقلبوا وتآمروا عليها، ذلك لأنّ مخرجاتها كانت على غير ما كانوا يتمنّون من ظهور نخبةٍ جديدةٍ تكون مواليةً لهم ولمشاريعهم على ساحات الأمة.
جاء الربيع العربيّ ليزيل الطغاةَ وأدوات الاستعمار في بلداننا، حتى إذا فرحت الشعوب بربيعها انقلبوا عليه، وأحالوا الربيع خريفًا، وزجّوا بالشباب والنخبة من المجتمع في السجون، وأحرقوا الآخرين في الساحات، ونالت البعضَ الآخر رصاصات الغدر، وأحالوا الثورة إلى ذكريات مؤلمة.
غزة.. درة التاج
إنّ غزة هي درة التّاج للمشروع الإسلامي الحضاري، وتمثل الإلهام لحركاتِ التغيير، والقدرة على العودة بشباب الأمة إلى نموذجهم الحضاري والثوري على كلّ التوجهات والمؤامرات التي تسعى لتحطيم طموحهم وتطلّعهم المشروع، ولا عجبَ من محاولاتهم طمس هذا النموذج والتشكيك به، فهم يقصفون غزّة بعنفٍ وقوةٍ، وبلا رحمةٍ ولا إنسانيةٍ، وهم اليوم يتمنّون أن تنكسر غزة؛ لأنّهم يعلمون أن انتصار غزة يعني دخولَ الشّعوب إلى طور تغيير الخونة والمتخاذلين، وبداية العودة الثانية للمشروع الإسلامي بعد محاولات وأده وتدميره.
إنّ العدو اليومَ يعدّ العدة للقضاء على هذا النموذج العقلانيّ، وتحويله إلى رماد، مثلما فعلوا مع ربيعنا، إنهم في ورطة كبيرة، فنجاح "حماس" يعني أن يشتعل الربيع العربي من جديد ويعيدُ السياسيين الإسلاميين ليكونوا أملَ الشعوب المتعطشة للحرية؛ لأنه المشروع الذي سينجح فيما فشلت فيه كلّ الحكومات التي تحكم الشعوب بفتاوى السلاطين أو بتحالفات العِلمانيين معها.
يريدون حربًا برية يجتاحون فيها القطاع، ويحيلون الأمر إلى سلطة عميلة مرةً أخرى، فماذا نحن فاعلون؟!
لقد أثبت مسار هذه المعركة أنّ جيش المنافقين لا يقلّ عن العدو الخارجي، ومعالجته والتفكير بإزالته هي الخطوة الأولى في طريق النصر، ولا يكون ذلك إلا بوجود قيادات شابة وجريئة تبادر فتنفذ، لأنّ الأداء القيادي هو الشرارة القادحة لزناد العمل الإسلامي الواسع. لابدّ للشعوب والدول العربية والمسلمة والتنظيمات الإسلامية على وجه الخصوص أن تعي اللحظة التاريخية، وأن تحدد مفترق الطرق الذي تمرّ به الأمة، إنّ العالم قد تغير فعلًا، وإن الأمة التي تحيط بها ظروف كظروفنا وتنهض لمهمة كمهمتنا وتواجه واجبات كتلك التي نواجهها، هذه الأمّة لا ينفعها أن تتسلّى بالمسكنات أو تتعلّل بالآمال والأماني، وإنما عليها أن تعد نفسها لكفاح طويل، وصراع قوي شديد بين الحق والباطل، وبين الضار والنافع وبين صاحب الحق وبين غاصبيه، وبين سالك الطريق وناكبه، وبين الغيورين المخلصين والأدعياء المزيفين، فلا مناص من الدعم الكامل لصمود غزة، وتثبيت مقاوميها، والتخفيف عن سكانها المدنيين، وتحشيد الجهود وجمع الطاقات ونبذ الخلافات، وعدم إثارة النعرات الطائفية والقومية، وكلّ ذلك موازاةً مع التصعيد المدروس في الساحات كافة. هذه الأمور مجتمعة هي خريطة طريقٍ لكل من يريد أن ينصر هذه القضيّة، ويأمل أن تستعيد الأمة مجدها وعزها.
جاء (طوفان الأقصى) ليُثبت لنا مرة أخرى أن أخلاقيات الدول لا وجود لها في الصراع الوجودي والحضاري. ولذلك يقومون بخلط الأوراق ويُلبِسون الأمر على الشعوب، ويسعون إلى جعل ذلك هو العلاج الأنجع للحالة الميؤوس منها التي تمرّ بها الأمة اليوم من ضعف وهزيمة روحية ونفسية وهرولة نحو التطبيع مع العدوّ المجرم، ورغم هذا التلبيس والخلط فإنه ليس صعبًا إيجادُ الطريق الموصل للحلّ الناجع، من النهضة والاستدراك، عندها سينشأ جيلٌ قادرٌ على إحداث هذا التغيير كما يقول الجواهري.
سينهض من صميم اليأس جيلٌ مريـدُ البـأسِ جبـارٌ عنيد
يقـايضُ ما يكون بما يُـرَجَّى ويَعطفُ مـا يُراد لما يُريد
إنّ واجب الأمة في هذه الأوقات هو الحرص على توسيع دائرة الصراع، وهو الذي يتجنّبه العدوّ ويحذر منه ويخاف، وهذا التوسيع هدفُه بالحدّ الأدنى مشاغلة واستنزاف العدوّ، ولابدّ من الأفكار الإبداعية، والتكتيكات المتنوعة، من أجل زيادة هذا الضغط على العدوّ وأزلامه في الساحات كافة، وليس للأمة عُدَّة في هذا السبيل الموحشة إلا النفس المؤمنة، والعزيمة القوية الصادقة، والسخاء والتضحيات والإقدام عند المُلمات.
إنّنا نأسف لأنّ بيننا نفوسًا كثيرةً منا لا تزال هي تلك النفوس الناعمة اللينة المترفة التي تجرح خدَّيها نسماتُ الهواء، ولا تزالُ جموعُ فتياتنا وفتياننا -وهم عدة المستقبل ومعقد الأمل- حظها في هذه الحياة مظهرٌ فاخرٌ، أو حُلة أنيقة، أو مركبٌ فارهٌ أو لقبٌ أجوفُ، هذه النفوس اليوم بحاجة إلى علاج وتقويم وإصلاح، يوقظُ فيها الشعور الخامد ويغيّر الخلق الفاسد ويُبعِد الشحّ المقيم، وإن الآمال الكبيرة التي تطوف برؤوس المصلحين من رجالات هذه الأمة تطالبنا بإلحاح بضرورة تجديد نفوسنا وبناء أرواحنا، حتى لا نرى دون المعالي مركبًا. إننا في حاجة -والخطاب للشباب خاصةً- إلى إنتاج الرجال الذين تتوفر فيهم شرائط الرجولة الصحيحة من الرجال النابهين، أقوياء النفوس والإرادات، فكلّ رجل بهذه المواصفات يستطيع أن ينهض بأمة إن صحتْ نيّتُه واستقامتْ رجولته.
فالدعاة والشباب عليهم واجب وقتٍ عظيم؛ وهو أن يُديموا زخم المعركة ويحذّروا من تحوّل الحرب على غزة إلى حربٍ محدودةٍ منسيةٍ بمرور الأيام، ولْتَكُن جذوة النصرة والدعم متقدةً دائمًا، ولتكن أيامنا وساعاتنا كلها جُــمَعًا، ولتكن كلها في نصرة فلسطين إلى أن يقضي الله أمرًا كان مفعولًا، فلا عودة لعقارب الساعة إلى الوراء، وما بعد السابع مِنْ أكتوبر ليس كما قبله، وهذا الذي ينبغي أن نجعلَه عنوانًا في قادم أيامنا التي ستزهو ببشائر النصر والتمكين بإذن الله..
(الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ
المصدر:الجزیره
لا توجد معركة كاملة الشرعية من الناحية الإنسانية والأخلاقية والدينية كمعركة قتال الصهاينة
جاء ذلك في كلمته الامين العام لحزب الله لبنان السيد حسن نصر الله، خلال الاحتفال التكريمي الذي ينظمه حزب الله لشهداء طريق القدس، مساء اليوم الجمعة، وفي اول تصريح له بعد انطلاق عملية طوفان الاقصى البطولية في السابع من اكتوبر الماضي.
ورحّب نصر الله بالحضور الكبير والمهيب المشارك بهذا الاحتفال تكريما للشهداء وتجديدا للبيعة معهم؛ متوجها إلى عوائل الشهداء بالتبريك لنيل أعزائهم وأحبائهم هذا الوسام الإلهي، سائلا الله أن يتقبل من الجميع.
وأضاف : يمتد تبريكنا وعزاؤنا إلى كل عوائل الشهداء في كل مكان ارتقى فيه شهداء في معركة طوفان الأقصى، التي أصبحت ممتدة في أكثر من جبهة وساحة"؛ مشيرًا إلى أن "الشهداء هم الأحياء المستبشرون فهنيئًا لكل الشهداء للشهداء المقاتلين والمظلومين من الرجال والنساء والأطفال".
واضاف : لو أردنا أن نبحث عن معركة كاملة الشرعية من الناحية الإنسانية والأخلاقية والدينية، لن نجد معركة كمعركة القتال مع هؤلاء الصهاينة المحتلين لفلسطين؛ منوهًا الى أن "قوتنا الحقيقية في الإيمان والبصيرة والوعي والالتزام العميق بالقضية والاستعداد العظيم للتضحية لدى عوائل الشهداء".
وتابع السيد نصر الله : التحية كل التحية للشعب الاسطوري والذي لا نظير له في هذا العالم لأهل غزة، يعجز اللسان والبيان عن التعبير عن عظمة وجبروت وصمود شعب غزة وكذلك عن شعب الضفة الغربية.
كما وجه الامين العام لحزب الله لبنان، التحية إلى "كل الذين تضامنوا وساندوا ودعموا على مستوى العالم من دول عربية وإسلامية وأميركا اللاتينية، ونخص بالذكر السواعد العراقية واليمنية التي دخلت إلى قلب هذه المعركة المباركة".
واستطرد : انه معروف لكم وللعالم معاناة الشعب الفلسطيني منذ أكثر من 75 عاما، لكن أوضاع السنوات الأخيرة في فلسطين كانت قاسية جدًا وخصوصًا مع هذه الحكومة الحمقاء والغبية والمتوحشة، وهذه الحكومة المتطرفة قامت بالتشديد على الأسرى مما جعل الوضع الانساني سيئ جدًا.
وصرح : قرابة العشرين عامًا هناك أكثر من مليوني إنسان يعيشون في غزة في ظروف معيشية صعبة دون أن يحرّك أحد ساكنًا، وكانت سياسة العدو تزداد صلافة وطغيانا وقهرا، فلذلك كان لا بد من حدث كبير يهزّ الكيان الغاصب المستعلي وداعميه المستكبرين وخصوصًا في واشنطن ولندن"، مشسيرًا إلى "مخاطر عديدة تتهدد الضفة الغربية في ظل مشاريع الاستيطان الجديدة".
ولفت السيد نصر الله إلى، أن "عملية طوفان الأقصى العظيمة والمباركة كان قرارها وتنفيذها فلسطينيا مئة بالمئة، وأخفاها أصحابها عن الجميع حتى عن فصائل المقاومة في غزة، وأن سرّية العملية المطلقة هي التي ضمنت نجاحها الباهر من خلال عامل المفاجأة".
وأكد فضيلته، أن "هذا الإخفاء لم يزعج أحدًا في فصائل المقاومة على الإطلاق، بل أثنينا عليه جميعا وليس له أي تأثير سلبي على أي قرار يتخذه فريق أو حركة مقاومة في محور المقاومة"، كما أن "هذا الأداء من الإخوة في حماس ثبّت الهوية الحقيقية للمعركة والأهداف وقطع الطريق على الأعداء أن يزيفوا وخصوصًا عندما يتحدثون عن علاقات فصائل المقاومة الإقليمية".
ومضى الامين العام لحزب الله قائلا : معركة طوفان الأقصى وعدم علم أحد فيها تثبت أن هذه المعركة فلسطينية بالكامل من أجل شعب فلسطين وقضاياه وليس لها علاقة بأي ملف إقليمي ودولي.
كما شدد على، أن "ما حصل في طوفان الأقصى يؤكد أن إيران لا تمارس أي وصاية على الإطلاق على فصائل المقاومة، وأن أصحاب القرار الحقيقيين هم قيادات المقاومة ومجاهدوها".
ولفت إلى أن "العمل الكبير والعظيم في طوفان الأقصى أدى إلى حدوث زلزال على مستوى الكيان الصهيوني أمني وسياسي ونفسي ومعنوي، وكانت له تداعيات وجودية واستراتيجية وستترك آثارها على حاضر ومستقبل هذا الكيان"، مشيرًا إلى أنه "مهما فعلت حكومة العدو خلال الشهر الذي مضى وخلال الأسابيع المقبلة فلن تستطيع على الاطلاق أن تغير من آثار طوفان الاقصى الاستراتيجية على هذا الكيان".
كما رأى السيد نصر الله، أن عملية طوفان الأقصى كشفت عن الوهن والضعف في الكيان وأنها بحق أوهن من بيت العنكبوت.
وتابع سماحته "سارعت الإدارة الأميركية برئيسها ووزرائها وجنرالاتها لتمسك بهذا الكيان الذي كان يهتز ويتزلزل، من أجل ان يستعيد بعض وعيه ويقف على قدميه من جديد، وهو لم يتمكن حتى الآن من استعادة زمام المبادرة"، معتبرًا أن هذه السرعة الأميركية لاحتضان "اسرائيل" ومساندتها كشف وهن وضعف هذا الكيان.
وقال، "أن يأتي الجنرالات الأميركيون إلى الكيان وفتح المخازن الأميركية للجيش الاسرائيلي وطلب اسرائيل من اليوم الأول 10 مليارات دولار، فهل هذه دولة قوية وتملك قدرة الوقوف على قدميها؟".
وشدد الأمين العام لحزب الله على، أن "هذه النتائج يجب أن تُشرح وتُبيّن لنعرف أن التضحيات القائمة الآن في غزة والضفة وفي كل مكان أنها تضحيات مستحقة، وأن هذه النتائج أسست لمرحلة تاريخية جديدة لمصير دول المنطقة ولم يكن هناك خيار آخر، لذلك كان الخيار صائبًا وحكيمًا ومطلوبًا وفي وقته الصحيح ويستحق كل هذه التضحيات".
ونوّه إلى أنه كان واضحًا من الساعات الأولى لمعركة طوفان الأقصى أن العدو كان تائهًا وضائعًا، وأنه "أمام غزة والحادث المهول الذي تعرّض له العدو يبدو أن حكومات العدو لا تستفيد من تجاربها على الإطلاق".
السيد نصر الله، أشار إلى أن ما يجري اليوم جرى في السابق في لبنان عام 2006 وفي حروب متكررة في غزة مع فارق كمّي ونوعي ولكن من نفس الطبيعة، وأن من أهم الأخطاء التي ارتكبها "الإسرائيليون" ولا يزالون هو طرح أهداف عالية لا يمكنهم أن يحققوها أو يصلوا إليها.
ولفت السيد نصر إلى أن العالم سيكتشف أن أغلب من يقولون بأنهم مدنيون قتلهم الفلسطينيون قد قتلوا بسلاح الجيش الإسرائيلي الذي كان يتصرف بغضب وجنون، مشيرًا إلى أن حكومات العدو لا تستفيد من تجاربها على الإطلاق خصوصا مع في حروبهم مع المقاومة في فلسطين ولبنان، وأن من أهم الأخطاء التي ارتكبها العدو وترتكبها الآن هي طرح أهداف عالية لا يمكنهم أن يحققوها.
وأضاف "العدو الإسرائيلي لن يتمكن على الإطلاق من تحرير أسراه بدون علميات تبادل، والعدو الإسرائيلي أجبر على التوقف في حرب تموز والتنازل عن سقف أهدافه"، وتابع "قرابة شهر كامل منذ عدوانه على غزة لم يستطع العدو الإسرائيلي أن يقدم إنجازا واحدا".
وأشار سماحته إلى، أنه في عام 2006 وضعوا هدفًا يتمثل بسحق المقاومة في لبنان واستعادة الأسيرين من دون تفاوض وتبادل، ولمدة 33 يومًا لم يحققوا أهدافهم، واليوم في غزة الوضع نفسه لكن مع حجم الجرائم والمجازر.
كما أشار إلى أن ما يقوم به "الإسرائيلي" هو قتل الناس في غزة، فأغلب الشهداء هم من الأطفال والنساء من المدنيين ولا توجد حرمة لشيء، فالاسرائيلي يدمّر أحياء بكاملها، "وكلنا شاهدنا بأمّ العين بطولات المقاومين في غزة، فعندما يتقدم المقاوم ويضع العبوة على سطح الدبابة كيف سيتعامل العدو الاسرائيلي مع مقاتلين من هذا النوع؟".
ولفت سماحته إلى أن "المشاهد الآتية كل يوم وساعة من غزة تقول لهؤلاء الصهاينة مشاهد الرجال والنساء والأطفال الخارجين من تحت الأنقاض الصارخين لنصرة المقاومة بأنك لن تستطيع من خلال القتل والمجازر أن تصل إلى أي نتيجة".
وأكد السيد نصر الله أن "شهداء غزة وأطفالها والنساء اليوم يكشفون كل هذه الأقنعة الكاذبة التي ساهمت وسائل إعلام عالمية ودولية للتغطية عن هذا الكيان، وما يحصل في غزة يكشف المسؤولية الأميركية المباشرة عن كل هذا القتل والنفاق الأميركي".
وشدد على أن "ما يجري في غزة يعكس الطبيعة المتوحشة والهمجية للكيان الغاصب الذي زرعوه في منطقتنا"، وأن "مشاهد المجازر الآتية من قطاع غزة تقول لهؤلاء الصهاينة إن نهاية المعركة ستكون انتصار غزة وهزيمة العدو".
ولفت إلى أن "أميركا هي المسؤولة بالكامل عن الحرب الدائرة في غزة و"اسرائيل" هي أداة، فأميركا هي التي تمنع وقف العدوان على غزة وترفض أي قرار لوقف إطلاق النار، والأميركي هو الذي يدير الحرب في غزة، لذلك أتى قرار المقاومة الإسلامية في العراق بمهاجمة قواعد الاحتلال الأميركية في العراق وسوريا، وهو قرار حكيم وشجاع".
ورأى أن "واجب كل حرّ وشريف في هذا العالم أن يبيّن هذه الحقائق التي تحدثنا عنها في معركة الرأي العام والرأي العام العالمي بدأ ينقلب على هؤلاء الطغاة المجرمين الذين يقتلون الأطفال والنساء والرأي العام العالمي يرى ذلك.. ويجب أن يتحمل الكل مسؤوليته".
وأضاف نصر الله، "في العام 1948 عندما تخلى العالم عن الشعب الفلسطيني قام هذا الكيان ودفع الشعب الفلسطيني وكل شعوب المنطقة تداعيات وآثار قيام هذا القيام، ولبنان من أكثر الدول التي عانت من وجود هذا الكيان الغاصب".
وأكد، بأن "ما بعد عملية طوفان الأقصى ليس كما قبلها وهذا ما يحتم على الجميع تحمل المسؤولية، منوهًا إلى أن "هناك هدفان يجب العمل عليهما هما وقف العدوان على غزة والهدف الثاني أن تنتصر حماس في غزة".
كما راى بأن "انتصار غزة يعني انتصار الشعب الفلسطيني وانتصار الأسرى في فلسطين وكل فلسطين والقدس وكنيسة القيامة وشعوب المنطقة وخصوصًا دول الجوار"، كما أن "انتصار غزة هو مصلحة وطنية مصرية وأردنية وسورية وأولًا وقبل كل الدول هو مصلحة وطنية لبنانية".
ولفت الأمين العام لحزب الله، إلى أن "العدو يغرق في رمال غزة ولكنه يستقوي ويتهدد الشعب اللبناني بدماء الأطفال والنساء في غزة والمساجد والكنائس فيها".
وأكد سماحته، أن "المسؤولية على الجميع في كل العالم، وعلى الدول العربية والإسلامية أن تعمل على وقف العدوان على غزة"، مشيرًا إلى أن "البيانات والتنديدات لا تكفي وفي الوقت نفسه يتم إرسال النفط والغذاء إلى إسرائيل"، لافتًا إلى أن "على الحكومات العربية والإسلامية العمل من أجل وقف إطلاق النار وقطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل".
وتابع سماحته "عليكم العمل من أجل وقف العدوان على غزة ولا يكفي التنديد، بل اقطعوا العلاقات واسحبوا السفراء.. للأسف كان الخطاب في السابق اقطعوا النفط عن أميركا واليوم نطلب بوقف التصدير إلى اسرائيل"، متسائلًا "أليس فيكم بعض القوة حتى تفتحوا معبر رفح؟".
وأشار إلى أنه "بالرغم من كل التهديدات قام الشعب اليمني بعدة مبادرات وأرسل صواريخه ومسيّراته حتى لو أسقطوها، لكن في نهاية المطاف ستصل هذه الصواريخ والمسيّرات إلى إيلات وإلى القواعد العسكرية الاسرائيلية في جنوب فلسطين".
وقال الامين العام لحزب الله لبنان : لقد دخلنا معركة "طوفان الأقصى" منذ 8 تشرين الأول؛ مضيفًا "أخذنا علماً بعملية طوفان الأقصى، كما كل العالم، وسريعاً انتقلنا من مرحلة إلى مرحلة"، ولفت إلى أن "ما يجري على جبهتنا مهم ومؤثر جداً وهو غير مسبوق في تاريخ الكيان، ولن يتم الاكتفاء بما يجري على جبهتنا على كل حال".
وأضاف سماحته "المقاومة الاسلامية في لبنان منذ 8 تشرين الأول تخوض معركة حقيقية لا يشعر بها الا من هو موجود بالفعل في المنطقة الحدودية وهي معركة مختلفة في ظروفها وأهدافها واجراءاتها واستهدافاتها".
كما لفت سماحته إلى أن "الجبهة اللبنانية خففت جزءا كبيرا من القوات التي كانت ستسخر للهجوم على غزة وأخذتها باتجاهنا"، مضيفًا "لو كان موقفنا التضامن سياسيا والتظاهر لكان الإسرائيلي مرتاحًا عند الحدود الشمالية وكانت قواته ستذهب إلى غزة".
السيد نصر الله، قال : إن جبهة لبنان استطاعت أن تجلب ثلث الجيش الاسرائيلي إلى الحدود مع لبنان، وأن جزءًا مهمًا من القوات الصهيونية التي ذهبت إلى الجبهة الشمالية هي قوات نخبة، ونصف القدرات البحرية الإسرائيلية موجودة في البحر المتوسط مقابلنا ومقابل حيفا.
وتابع : ربع القوات الجوية مسخّرة باتجاه لبنان وما يقارب نصف الدفاع الصاروخي موجة باتجاه جبهة لبنان ونزوح عشرات الآلاف من سكان المستعمرات، وهذه العمليات على الحدود أوجدت حالة من القلق والتوتر والذعر لدى قيادة العدو وأيضًا لدى الأميركيين.
ونوّه سماحته إلى أن "العدو يقلق من إمكانية أن تذهب هذه الجبهة إلى تصعيد إضافي أو تتدحرج هذه الجبهة إلى حرب واسعة، وهذا احتمال واقعي ويمكن أن يحصل وعلى العدو أن يحسب له الحساب".
ولفت، إلى أن "هذا الحضور في الجبهة وهذا العمل اليومي يجعل العدو مردوعًا"، مشيرًا إلى أن "عمليات المقاومة في الجنوب تقول لهذا العدو الذي قد يفكر بالاعتداء على لبنان أو بعملية استباقية أنك سترتكب أكبر حماقة في تاريخ وجودك".
وأردف القول : هذه المشاهد في غزة ستجعلنا أكثر إيمانًا وقناعة بوجوب التحدي وعدم الاستسلام مهما كانت التحديات والتضحيات، يتحمل العدو اليوم كل عمليات المقاومة ويضبط إيقاعه لأن لديه خشية حقيقية من ذهاب الأمور إلى ما يخاف؛ مضيفًا "هذه العمليات على الحدود هي تعبير عن تضامننا مع غزة لتخفيف الضغط عنهم".
وتابع سماحته، "قيل لنا منذ اليوم الأول إذا فتحتم جبهة في الجنوب فالطيران الأميركي سوف يقصفكم، لكن هذا التهديد لم يغيّر من موقفنا أبدا".
وصرح الامين العام لحزب الله، "بدأنا العمل بهذه الجبهة وتصاعدها وتطورها مرهون بأحد أمرين أساسيين، الأمر الأول هو مسار وتطور الأحداث في غزة، والأمر الثاني هو سلوك العدو الصهيوني تجاه لبنان"، محذّرًا "العدو الصهيوني من التمادي الذي طال بعض المدنيين في لبنان وهذا سيعيدنا إلى المدني مقابل المدني".
وأضاف "أقول بكل شفافية وغموض بنّاء أن كل الاحتمالات في جبهتنا اللبنانية مفتوحة وأن كل الخيارات مطروحة ويمكن أن نذهب إليها في أي وقت من الأوقات، ويجب أن نكون جميعا جاهزين لكل الفرضيات المقبلة".
وتوجّه للأمريكيين بالقول "أساطليكم في البحر المتوسط لا تخيفنا ولن تخيفنا في يوم من الأيام، وأقول لكم إن أساطيلكم التي تهددون بها لقد أعددنا لها عدتها أيضًا"، وأضاف "الذين هزموكم في بداية الثمانينيات ما زالوا على قيد الحياة ومعهم اليوم أولادهم وأحفادهم".
وتابع، "من يريد منع قيام حرب أميركية يجب أن يسارع إلى وقف العدوان على غزة، وإذا حصلت الحرب في المنطقة فلا أساطيلكم تنفع ولا القتال من الجو ينفع"، وأضاف متوجهًا للأميركيين "في حال أي حرب إقليمية ستكون مصالحكم وجنودكم الضحية والخاسر الأكبر".
كما توجّه للشعب الفلسطيني ولكل المقاومين الشرفاء في المنطقة بالقول "ما زلنا نحتاج إلى وقت ولكننا ننتصر بالنقاط وهكذا انتصرنا في عام 2006 وفي غزة وهكذا حققت المقاومة في الضفة إنجازات".
وأردف، ان "المعركة هي معركة الصمود والصبر والتحمل وتراكم الإنجازات ومنع العدو من تحقيق أهدافه، ونحن جميعًا يجب أن نعمل لوقف العدوان على غزة وتنتصر المقاومة في غزة.. وأنا شخصيًا ومن موقع التجربة الشخصية مع الإمام الخامنئي الذي كرّر يقينه وإيمانه أن غزة ستنتصر وأن فلسطين ستنتصر، وهو الذي قال لنا ذلك في الأيام الأولى في عدوان تموز".
وختم بالقول : غزة ستنتصر وفلسطين ستنتصر وسنلتقي قريبًا للاحتفال بذلك.
نيويورك تايمز": ما الافتراضات الأربعة التي حطّمتها عملية "طوفان الأقصى"؟
صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية تشير إلى افتراضاتٍ عدّة دمّرتها معركة "طوفان الأقصى" التي انطلقت في 7 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري.
جرافة تفتح الطريق للمقاومين نحو المستوطنات الإسرائيلية المحيطة بقطاع غزة في معركة "طوفان الأقصى"
سلّطت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، مساء الإثنين، الضوء على أربعة افتراضات تخص الصراع العربي الإسرائيلي، نجحت عملية "طوفان الأقصى" بتدميرها.
"إسرائيل" فشلت في احتواء حماس
الافتراض الأول، هو "إمكانية احتواء حركة حماس في قطاع غزّة"، وإدارة الصراع معها من قبل "إسرائيل"، وذلك عبر استراتيجية اتبعها رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، والتي تهدف إلى تقسيم الفلسطينيين بين الضفة الغربية وقطاع غزة.
وكانت "إسرائيل" تعتقد أنّ حماس، سوف تُركّز بشكلٍ كبير على حكم القطاع مع ضمان عدم مواجهة "إسرائيل"، الأمر الذي من شأنه أن يقوّض قدرات حماس العسكرية.
وقالت الباحثة الإسرائيلية، نوا شوستيرمان دفير إنّ مفهوم "إدارة الصراع" أصبح مُعطلاً بعد "طوفان الأقصى".
"إسرائيل" فقدت تفوقها العسكري
ووفق "نيويورك تايمز"، فإنّ الافتراض الثاني الذي دّمرته "طوفان الأقصى"، هو أنّ "إسرائيل" لا تُقهر وتُحافظ على تفوقها العسكري، لافتةً إلى أن ذلك تم رغم أن "إسرائيل تملك الجيش الأفضل والأكثر تطوراً في الشرق الأوسط، مع التزام أميركي بإبقائه أكثر تقدماً من الناحية التكنولوجية".
ومع اعتبار "إسرائيل"، وفق الصحيفة، بأنّ لديها معلومات استخباراتية جيدة عن حماس، إلا أنّ الحركة ذات الموارد الأقل بكثير من واشنطن، "نفّذت هجوماً لم يكن من الممكن تصوّره على الإطلاق، وبالتالي حققت مفاجأةً استراتيجية كبرى"، ونجحت بهزيمة التكنولوجيا المنتشرة على طول قطاع غزّة "التي يفترض أنها لا تقهر".
وتضيف: "اعتماد إسرائيل بشكلٍ مفرط على التكنولوجيا، كان عاملاً أساسياً في هزيمتها، إذ نجحت حماس بإبقاء خططها سريّة، وهو بمثابة ضربة قوية لقدرات "إسرائيل" الاستخباراتية البشرية على الأرض في غزة".
العالم العربي يقف مع القضية الفلسطينية
كذلك، رأت الصحيفة أنّ الافتراض الثالث الذي دّمره "طوفان الأقصى" هو أنّ "العالم العربي مُتجاهل للقضية الفلسطينية"، إذ افترضت "إسرائيل" أنّ الدول العربية "تعترف بـها كحقيقة لا يُمكن إزالتها من المنطقة".
لكن هذا الإفتراض الإسرائيلي "باطل"، وفق الصحيفة، ولا سيما أنّ إيران شكلت مع حلفاءها حزب الله، وحماس، والجهاد الإسلامي "محور المقاومة"، الذي يدافع بشكلٍ أساسي عن القضية الفلسطينية وحضورها.
وحماس بعمليتها، أرادت إعادة القضية الفلسطينية إلى الطاولة، "وقد فعلت ذلك بكلّ قوّة"، بعدما أدّت العملية والعدوان الذي تلاها إلى اندلاع مظاهراتٍ ضخمة مؤيدة للفلسطينيين في المدن العربية "لم نشهدها منذ عقدٍ من الزمن".
الولايات المتحدة دخلت على خطّ الصراع
أما الافتراض الرابع، والأخير، هو أنّ الولايات المتحدة لا "يمكنها أن تتجاهل الشرق الأوسط". ورأى المؤرخ الإسرائيلي، غيرشوم جورنبرغ، إنّ إحدى "الروايات المُحطّمة هي أنّ أميركا، يُمكنها تحويل اهتمامها إلى القضايا الحقيقية في أماكن أخرى والتخلّي عن الشرق الأوسط".
وأضاف: "للأسف يا أميركا، الشرق الأوسط لم ينته بعد، ولا يمكنك تجاهل الحقائق الجيوسياسية، فإيران وروسيا ومصر لها مصالح في البحر الأبيض المتوسط منذ قرون".
بدروه، رأى المحلل الإسرائيلي، عكيفا إلدار أنّ "نتنياهو يحتاج إلى الولايات المتحدة للقيادة، ولتوجيه إسرائيل وتقديم الدعم لها".
كيف يبدو عالم ما بعد 7 أكتوبر؟
د. ياسين أقطاي
يحيى السنوار زعيم حركة حماس في قطاع غرة، تتهمه إسرائيل بأنه العقل المدبر وراء عملية "طوفان الأقصى"
لا جدوى من مقارنة يوم السّابع من أكتوبر 2023 بأي حدث آخر في التّاريخ. لا حرب الأيّام الستة في 1967، ولا حرب 1973 التي أعطت العربَ بعضَ الراحة، وساهمت في تأسيس نوع من الوضع الراهن المتمركز حول إسرائيلَ، ولا 11 سبتمبر 2011، أو غير ذلك من أحداث.
7 أكتوبر هو أيضًا حدثٌ فريد في تاريخ المقاومة ضدّ الاحتلال، فعلى مدى عقود كانت حماس تقود المقاومة ضد إسرائيل التي تلقى دعمًا غير مشروط من العالم المتحضّر. ولكن تبقى لعملية "طوفان الأقصى" خصوصيتُها سواء من حيث طريقة عمل رجال المقاومة، أو من حيث السياق التاريخيّ السياسيّ الذي تمّت فيه، وبالطبع من حيث الآثار التي ستترتب عليها.
من المعروف أنَّ الفلسطينيين كانوا يحافظون على مقاومتهم عند مستوى ردّ الفعل حتى الآن. في 7 أكتوبر، أخذوا زمامَ المبادرة، ربما للمرّة الأولى، وشنّوا هجومًا بهذا المستوى ضدّ قوات الاحتلال التي تمارس الإبادة الجماعية. وإذا كانوا لم يتمكّنوا من الإفلات من الوصم بـ"الإرهاب" رغم اكتفائهم بردّ الفعل في مواجهة هجمات بربرية، فمن الطبيعي أن ترتفع الأصوات اليوم لتوجّه لهم التهمةَ نفسَها بعد أن قاموا بمبادرتهم الهجومية الأولى، ولكن لن يكون لهذه الأصوات أثر فعّال هذه المرّة.
في الظّاهر لا يبدو أن شيئًا تغيّر، فإسرائيل ستلعب -كما اعتادت- دور ضحية الإرهاب الخسيس، وستتسوّل التعاطفَ العالميَّ بمآسيها نصف المكتملة، وكلما حصلت على قدر من هذا الدعم، استخدمته لرفع مستوى وحشيّتها وجرائمها ضدّ الإنسانية، ولمواصلة المجازر من حيث توقّفت.
لكنّ هناك شيئًا مختلفًا هذه المرّة، فزيادة إسرائيل ممارساتِها العدوانيةَ تشي بأنّها فقدت السيطرة على القوّة العقلية الاستراتيجية التي تنظّم استخدامَها القوَّةَ. وكما نعلم، القوة غير المنضبطة ليست قوّة. ويظهر استخدام إسرائيل هذه القوةَ غير المنضبطة، هدف حماس من القيام بهجومِها المباغت في هذا التوقيت الذي يجد الجميع صعوبةً في فهمه وتفسيره.
ويمكننا القول إنّ حماس التي تقود النضال، في قضية القدس والمسجد الأقصى والقضية الفلسطينية ككل، حقّقت مكاسب قويّة لا يمكن إنكارها بعد السّابع من أكتوبر. فقد كنّا في وضع استسلمت فيه معظم الدول العربية لنظام دولي كانت إسرائيل في مركزه. وقد بدأت قبول عملية "التّطبيع"، التي تعني الإقرار بشرق أوسط قائم على مركزية إسرائيلَ، وهذا يعني أنّ الضمّ الكامل للقدس التي تحتلّها إسرائيل كان سيعتبر "طبيعيًا". وانتهاكات إسرائيل للمسجد الأقصى- وهو من أهم المقدسات الإسلاميّة التي وردت في القرآن- سيتم قبولها في النهاية كحقّ "طبيعي" لإسرائيل، ولن يتم الطعن فيها بعد الآن. من أين أتت قدسية هذا المسجد على أي حال؟ هل قلتم سورة الإسراء؟ كيف يمكننا أن نعرف أنّ هذا المسجد هو المقصود في تلك السورة؟ أين علماء الدين الذين سيثبتون خلاف ذلك؟
لن يتم الاعتراض أيضًا على حصار غزة الذي تفرضه إسرائيل منذ 17 عامًا، ولن يتم طرحه على أي أساس، وسيُعتبر ترك القطاع تحت رحمة إسرائيل حتى يستسلم شعب غزة- البالغ عدده 2.5 مليون نسمة- أمرًا طبيعيًا. أليس شعب غزة يواصل مقاومته العبثيَّة التي لا تؤدي إلى أيّ نتيجة؟ يبدو الآن أنّه مجرد عناد فارغ، وبدلًا من ذلك، كان عليه أن يتخلّى عن المقاومة ويسلّم ويعطي الجميع وجهًا مريحًا.
بصراحة، كانت هناك رياح تهبّ لتجعل قضية فلسطين مملّة للعالم بأَسره، وتدفع الجميع لتوهّم أنّ إسرائيل على حقّ. بالطبع، كانت هذه الرياح هي التي حاولت إسرائيل وحاميتها الولايات المتحدة وأوروبا إثارتَها لسنوات بوسائلهم الإعلامية وسياساتهم ومكائدهم.
مع عملية السابع من أكتوبر، أظهرت حماس أولًا أن قضية فلسطين لن تنتهي بهذا الوضع الراهن. هناك انتهاكٌ فظيعٌ يكفي لقرن، ومذابح مستمرَّة، وانتهاك للمقدّسات الإسلامية، وحكم ديني متعصّب لا يتحمل أديانًا أخرى، والأهم من ذلك أن خطط الاحتلال الصهيونيّ لن تنتهي عند حدود فلسطين، بل ستنتشر تدريجيًا إلى دول المنطقة.
اعتبارًا من السابع من أكتوبر، عادت فلسطين وقبَّة الصخرة والقدس مرة أخرى أهم قضية في العالم كله. وفي مواجهة هذا العدوان واللامبالاة، هناك ضغط متزايد لتحقيق التضامن والتعاون والتقارب بين العالم الإسلامي، بعد أن توحَّد الغرب مع إسرائيل.
وهكذا، أظهرت حماس أيضًا أن قضية فلسطين هي تحذير من عقلية إجرامية تهدّد الأمن ليس في فلسطين وحدَها، بل في كل الشرق الأوسط، بل وفي العالم بأَسره. لم تكتفِ حماس بإظهار وجه إسرائيل الحقيقيّ للعالم مرّة أخرى، بل أظهرتهم في أبشع صور نواياهم ومؤامراتهم وحقائقهم التي كانوا يخفونها وراء مساحيق التجميل حتى الآن.
أسقطت العملية أيضًا ورقة التوت عن سوأة "العالم المتحضّر"، فهذا التسامح، بل والتشجيع، الذي تحظى به ممارسات الإبادة الجماعية الإسرائيلية من جانبهم، يدمّر سردية الحضارة الغربية الإنسانية والتقدمية والديمقراطية والتحررية التي يتشدّقون بها.
بالنسبة للغربيين، فإنّ حقوق الإنسان هي حقوق الأشخاص الذين ينتمون إلى نوعهم وحدَه. أما البقية فلا يُعتبرون بشرًا. الصمت الغربي تجاه هذا الوصف الذي قدّمه وزير الدفاع الإسرائيلي للفلسطينيين هو اعترافٌ بهذه الفكرة.
اعتبارًا من السابع من أكتوبر، أصبحت فلسطين وقبّة الصخرة والقدس مرة أخرى أهمّ قضية في العالم كله. في مواجهة هذا العدوان واللامبالاة، هناك ضغط متزايد لتحقيق التضامن والتعاون والتقارب بين العالم الإسلامي، بعد أن توحد الغرب مع إسرائيل. من المستحيل ألا تشعر جميع الدول الإسلامية بالإهانة والإقصاء من قبل الولايات المتحدة، التي تفضل إسرائيل على جميع الشعوب والبلدان الإسلامية. وحالة الإقصاء والإهانة تدفع بشكل لا مفرَّ منه إلى البحث عن تحالفات جديدة.
ثم هناك نتيجة اجتماعية أخرى لـ 7 أكتوبر لم يأخذها أحد في الاعتبار: إنها لحظة نهاية للاتجاه نحو العِلمانية. فها هي الولايات المتحدة وأوروبا- اللتان تدعيان العِلمانية- تتضامنان مع إسرائيل، استنادًا إلى ما جاء في الكتب المقدسة، وَفقًا لتفسيرات منحرفة. إن أمريكا ومن ورائها الغرب يفرضان تلك الرؤية الدينية على العالم دون السماح بمعارضة. ونتيجة لذلك، هناك رد فعل ديني لا مفرَّ منه في العالم الإسلاميّ، يدفع المسلمين أيضًا إلى دينهم وتاريخهم في مواجهة إسرائيل.
نحن نرى الآن رحابة ما لدينا من تعاليم جاء بها الإسلام لتسع كل الناس وتراعي حقوقهم مهما اختلفت دياناتهم، وهو ما نرى نقيضه من هؤلاء.
المصدر :الجزیره
ما أسباب انحناء العمود الفقري؟
قال الاتحاد العام الألماني لجمعيات طب العظام إن انحناء العمود الفقري يعد من المتاعب الصحية الشائعة لدى كبار السن، موضحا أنه يرجع إلى أسباب عدة، على رأسها ضمور العظام والعضلات المرتبط بالتقدم في العمر؛ حيث يفقد الجسم بدءا من سن الأربعين حوالي %1 من كتلة العظام والعضلات سنويا.
وأضاف الاتحاد أن الأسباب تشمل أيضا فقدان الأقراص الفقرية لمرونتها، وكسور الجسم الفقري نتيجة لهشاشة العظام.
وأشار إلى أن انحناء العمود الفقري يؤدي إلى تقوس الظهر، مما يزيد من صعوبة المشي بشكل منتصب؛ حيث يكون الجسم مائلا إلى الأمام. ونتيجة لانحناء الهيكل العظمي عادة ما تتقوس البطن إلى الخارج.
وبشكل عام، تؤدي هذه التشوهات إلى تغيرات في وضعية الجسم وتصبح المشية أبطأ وغير مستقرة، مما يرفع خطر السقوط، ومن ثم التعرض للكسور، التي قد تؤدي إلى قيود حركية تؤثر بالسلب على جودة الحياة بسبب عدم القدرة على الاعتماد على النفس في الحركة.
طرق العلاج
وعن طرق علاج انحناء العمود الفقري، أوضح الاتحاد أنه يمكن إعادة العمود الفقري إلى وضعه المنتصب من خلال جهاز تقويمي على شكل مشد تدعيم. وفي حالة الكسور الحادة والمؤلمة، يمكن اللجوء إلى الجراحة لتقويم الفقرات مرة أخرى.
وإلى جانب هذه التدابير، يمكن أن يساعد العلاج الطبيعي في تقوية العضلات في منطقة الظهر والبطن، مما يعمل على تخفيف العبء الواقع على العمود الفقري ويمنع المزيد من الكسور.
وفي حالة كسور العمود الفقري الناجمة عن هشاشة العظام، يمكن أيضا تناول الأدوية المعالجة لهشاشة العظام؛ حيث إنها لا تعمل على إبطاء المرض فحسب، بل يمكنها أيضا المساعدة في بناء العظام.
سبل الوقاية
وعن سبل الوقاية من انحناء العمود الفقري، أكد الاتحاد على أهمية تقوية عضلات البطن والظهر بصفة خاصة، إلى جانب إمداد الجسم بالكالسيوم، الذي يعمل على تقوية العظام، وكذلك البروتينات، التي تساعد على بناء العضلات.
ومن المهم أيضا شحن مخزون الجسم من فيتامين "د" المهم لصحة العظام، وذلك من خلال التعرض لضوء الشمس بانتظام، بالإضافة إلى إمكانية تناول المكملات الغذائية المحتوية عليه في حالة النقص الشديد، وذلك تحت إشراف الطبيب.
المصدر : الألمانية
غزة تفضح "إزدواجية المعايير" الغربية
نبيل الجبيلي
أوقع الهجوم الإسرائيلي على غزة مئات الضحايا وجلهم من النساء وأطفال
منذ انطلاق معركة "طوفان الأقصى" في السابع من الشهر الجاري، والحكومات الغربية وسائل إعلامها، يمارسون إزدواجية فاضحة في المعايير، تكاد تصل إلى حدود النفاق والرياء: انحياز إلى إسرائيل لا يُوصف، وتبنّي أكاذيب وتلفيق أخبار زائفة مع تناقل قصص عن قتل أطفال وقطع رؤوس وذبح واغتصاب إسرائيليات.. وكل ذلك من أجل تصوير إسرائيل على أنّها ضحية مظلومة، وقعت فريسة سهلة بين أنياب الفلسطينيين "المجرمين"!
خلال الصراع في أوكرانيا، اتهمت الدول الغربية، أولاً وقبل كل شيء، موسكو بممارسة (العدوان على دولة ذات سيادة)، فضلاً عن اتهامها باحتلال وقصف مرافق البنى التحتية
هذا الانحياز، دفع بالعديد من السياسيين والصحافيين العرب والأجانب وكذلك المؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي، إلى رفع شعار "إزدواجية المعايير". فأجرى العديد من بين هؤلاء مقارنات بين أسلوب تعاطي الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مع حالات مشابهة ومنها مثلاً الحرب في أوكرانيا والمسارعة إلى اتهام موسكو زوراً بارتكاب الجرائم والضغط من أجل إعلاء معايير حقوق الإنسان واحترام القانون الدولي.. وكيف أنهم أنفسهم يغضون الطرف اليوم، عن كل المخالفات الإسرائيلية لتلك القوانين والمعايير في قطاع غزة.
خلال الصراع في أوكرانيا، اتهمت الدول الغربية، أولاً وقبل كل شيء، موسكو بممارسة "العدوان على دولة ذات سيادة"، فضلاً عن اتهامها باحتلال وقصف مرافق البنى التحتية، من مستشفيات ومدارس ومنشآت للطاقة ومراكز حكومية مدنية، بلا أدلة ومن أجل أجندات سياسية باتت واضحة اليوم.
بينما تستهدف إسرائيل المنشآت المدنية، وتنفّذ هجمات واسعة النطاق على البنى التحتية المدنية في غزة، وكذلك في الضفة الغربية، الخالية من حركة "حماس" التي تتحجج بها إسرائيل من أجل قتل الفلسطينيين، وهذا يدل أنّ "حماس" لم تكن سوى حجة من أجل تنفيذ ما تطمح إليه إسرائيل، وهو تهجير الفلسطينيين من غزة، والتخلّص منهم إلى الأبد.
فوق ذلك، يقوم الجيش الإسرائيلي بـ"قصف عشوائي" شامل، لا يستثني الأفران ولا المدارس ولا حتى دور العبادة من مساجد وكنائس، ولم يكن آخر جرائمه إستهداف مستشفى المعمداني، ثم بعد أيام كنيسة القديس برفيريوس للروم الأرثوذكس التي تُعدّ ثالث أقدم كنيسة في العالم، فأوقع الهجوم مئات الضحايا، وجلهم من النساء وأطفال.. وبرغم ذلك لم يرَ الغرب ولا إعلامه كل هذه الممارسات!
على مدى الأيام الـ19 لاندلاع الحرب في غزة، توسعّ استخدام مصطلح "إزدواجية المعايير"، فكانت الدوائر الروسية من بين أولى الجهات الرسمية التي نبّهت من مغبة ممارسة تلك الازدواجية.
عدد من الصحافيين العرب والأجانب وكذلك رواد التواصل الاجتماعي قد نشروا تصريحات لمسؤولين غربيين تفضح أكاذيبهم، وتكشف انحيازهم الأعمى إلى جانب إسرائيل، وذلك من خلال عرض مقاطع فيديو تظهر حماستهم المفرطة في الوقوف ضد روسيا، ثم دفاعهم عن إسرائيل في إبادة أهل غزة
ثم خرج ممثل فلسطين في مجلس الأمن ليتحدث عن تلك الإزدواجية وسلب فلسطين "حق الدولتين" الذي تنكر له الإسرائيليون منذ ما يقارب 75 سنة.
وكذلك فعل وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، الذي قال بعيد جلسة مجلس الأمن المنعقدة للبحث في حرب غزة، إن إسرائيل تبدو كأنها فوق القانون الدولي، وحث على إنهاء ما وصفها بـ"المعايير المزدوجة" في التعامل مع الصراع في غزة.
وقبل السياسيين، كان عدد من الصحافيين العرب والأجانب وكذلك رواد التواصل الاجتماعي قد نشروا تصريحات لمسؤولين غربيين تفضح أكاذيبهم، وتكشف انحيازهم الأعمى إلى جانب إسرائيل، وذلك من خلال عرض مقاطع فيديو تظهر حماستهم المفرطة في الوقوف ضد روسيا، ثم دفاعهم عن إسرائيل في إبادة أهل غزة، ومنها تصريحات رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بداية الحرب في أوكرانيا.
في حينه أطلت فون دير لاين من كييف، واتهمت روسيا بقتل الأطفال وتفجير المدارس والمستشفيات والبنى التحتية، ودعت دول العالم إلى مواجهة ما اعتبرته في حينه "الإجرام الروسي"… ثم هي نفسها ظهرت قبل أيام في تل أبيب بمقطع فيديو وهي تعتمر خوذة، وتقف في صفّ الجهة القاتلة، وتقول: "نقدّم دعماً غير مشروط لإسرائيل من أجل الدفاع عن نفسها".
حتى إنّ موظفي الاتحاد الأوروبي لم يستطيعوا تحمّل هذه الازدواجية وتبرير القتل، فتوجهوا قبل أيام بكتاب إلى فون دير لاين (وقعه 842 مسؤولاً في المفوضية الأوروبية) واتهموها فيه بـ"إطلاق اليد لتسريع الجريمة في غزة"، كما انتقدوها على تهشيم مصداقية الاتحاد الأوروبي
على مدى تلك السنوات، أوجد الغرب لإسرائيل الحجج من أجل التمدّد استيطانياً، ثم اليوم يمنحونها الحق في "الدفاع عن النفس".. وكان آخر ذلك البيان المشترك المخزي، الذي وقعته كل من الولايات المتحدة الأميركية وكندا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا يوم الأحد الفائت
أمّا وزير الخارجية الأميركية أنطوني بلينك، فهو الآخر سقط في امتحان الحياد والموضوعية، حينما حضر على وجه السرع إلى تل أبيب معلناً وقوفه إلى جانب إسرائيل بصفته اليهودية قبل أن يكون وزيرَ خارجية الولايات المتحدة.
هذا الموقف المعطوف عن تبني البيت الأبيض بشكل متسرع روايات قتل الأطفال، ثم التراجع عنه بعد فضح الأكاذيب الإسرائيلية، أسقط صفة الولايات المتحدة كـ"وسيط نزيه ومحايد"، وجعلها طرفاً في الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، مما وضعها بالمصاف نفسه مع إسرائيل حيال تحمّل مسؤولة الجرائم التي تُرتكب بحق الفلسطينيين في غزة.
على مدى تلك السنوات، أوجد الغرب لإسرائيل الحجج من أجل التمدّد استيطانياً، ثم اليوم يمنحونها الحق في "الدفاع عن النفس"… وكان آخر ذلك البيان المشترك المخزي، الذي وقعته كل من الولايات المتحدة الأميركية وكندا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا يوم الأحد الفائت، ومُنحت إسرائيل من خلاله المزيد من الموافقة على الاستمرار في إبادة الفلسطينيين، فكان أقوى غاراتها على قطاع غزة في اليوم نفسه.
أما اليوم، وبعد انقضاء قرابة 19 يوماً على بدء الحرب، بدأ العالم الغربي يعود شيئاً فشيئاً إلى رشده. بدأ يقتنع بأن العنف لا يولّد إلاّ العنف، خصوصاً بعد الإجرام المنقطع النظير الذي أظهرته إسرائيل في الردّ على عملية 7 تشرين الأول (أكتوبر). استطاعت تلك "الردّة" الإعلامية، أن تكشف بعض الحقائق حول مقاربة الغرب للجرائم الإسرائيلية ومحاولة البحث لها عن مبررات، مقابل اتهام الفلسطينيين زوراً بـ"الإرهاب"