
emamian
"كلنا مريم" يشكل لجنة قانونية للتصدي لجرائم الاحتلال ضد المرأة المقدسية
اللجنة ستعمل على ملاحقة جرائم الاحتلال الإسرائيلي المرتكبة ضد المرأة المقدسية (الجزيرة)
أعلن ملتقى "كلنا مريم" الدولي تشكيل لجنة قانونية دولية تضم خبيرات وحقوقيات وعاملات في مجال حقوق الإنسان من عدة دول حول العالم، لمتابعة جرائم جيش الاحتلال الإسرائيلي المرتكبة ضد المرأة المقدسية، والتصدي لها بالتعاون مع منظمات حقوقية عبر العالم.
وقالت رئيسة الملتقى هند المطوع إن اللجنة القانونية الدولية ستبذل كل ما في وسعها بالتعاون مع المؤسسات الحقوقية الفلسطينية والعربية والدولية، لملاحقة جرائم جيش الاحتلال واعتداءاته المتكررة بحق المقدسيات.
وأكدت أن اللجنة "ستسعى للإبقاء على حالة الاستنفار والتصدي لهذه الجرائم في كل الأروقة القضائية الدولية، وتسعى بكامل جهدها لحث المحاكم الدولية ذات الاختصاص ومنظمات حقوق الإنسان للقيام بواجبها والتصدي للممارسات المخالفة لكل القوانين والأعراف الدولية في هذه الظروف البالغة الحساسية".
وتتضمن مهام اللجنة القانونية الدولية التابعة لملتقى كلنا مريم، إعداد الدراسات القانونية حول أوضاع المرأة المقدسية، سعيا نحو مساعدتها في الحصول على حقوقها الإنسانية والقانونية ومنع الاعتداءات والانتهاكات التي تتعرض لها بشكل مستمر من قبل الاحتلال الإسرائيلي، والمطالبة بتنفيذ القوانين الدولية والإنسانية ونشر المعرفة بها وترويجها على نطاق واسع، بالإضافة إلى إصدار تقارير عن الانتهاكات لحقوق المرأة في مدينة القدس وتسليط الضوء على التقارير والاتفاقات العالمية الصادرة عن منظمات حقوق الإنسان.
ويهدف ملتقى "كلنا مريم" لتسليط الضوء على معاناة النساء المقدسيات، والمساهمة في دعمهن من خلال إحداث حالة من التفاعل العالمي لدعم صمودهن، والإسهام برفع الظلم الواقع عليهن.
ومريم شخصية رمزية مُستوحاة من واقع المرأة المقدسية التي تعاني أشد أنواع الظلم، وتسعى لمواجهة ممارسات الاحتلال في المدينة.
المصدر : الجزيرة
عبارات سحرية يقولها المتفائلون لإسعاد من حولهم
يمكن أن تكون العبارات الواقعة في منتصف المسافة بين "المودة الصادقة" و"الأدب الرسمي" أداة لتحسين الحياة، فكل كلمة نستخدمها يمكن أن يكون لها تأثير هائل على الآخرين، كما أن النبرة التي نتحدث بها تعكس شخصيتنا وتساهم بشكل كبير في نجاحاتنا.
فقد أظهرت دراسة لجامعة هارفارد أن "الكلمات الإيجابية التي يلقيها أحد الأشخاص يمكن أن تؤدي إلى إنتاج مادة كيميائية عصبية تسمى الأوكسيتوسين تعزز الطمأنينة النفسية وتجعل أدمغتنا تميل للاستجابة العاطفية أكثر".
ورغم أن اختيار الكلمات البناءة يخلق انطباعا يبدو عابرا لكنه يتحول مع الوقت إلى انطباع دائم، لذا يميل معظم الأشخاص الأكثر جاذبية في العالم إلى استخدام نفس العبارات الملهمة مرارا وتكرارا.
الكلمات الإيجابية من أعظم أدواتك إذًا، فحاول بذل الجهد لقول القليل منها يوميا لمدة أسبوع وستندهش من النتائج، وذلك كما فعل مايكل طومسون المدرب المهني مستشار الاتصالات الإسباني الذي لخص لنا أهم العبارات التي يحب الناس سماعها، وتأكد فقط من أن تكون مخلصا، ولا تقل شيئا من أجل مجرد قوله.
10 عبارات يحب الناس سماعها
عندما أراد طومسون أن يكون الناس من حوله سعداء وراضين جرب أن يدمج هذه الكلمات والعبارات القصيرة في أحاديثه اليومية:
1. كنت أفكر فيك: أفضل ما في هذه العبارة أنك تقول الحقيقة، فقد نفكر في غيرنا كل يوم، لكننا لا نخبرهم إلا إذا أردنا توطيد علاقتنا معهم، لذا عندما يحدثك أحدهم عن مشكلة ما تؤرقه ويفاجأ برسالة منك في اليوم التالي تقول له "كنت أفكر فيك، وآمل أن تكون بحال أفضل الآن" فسوف يزيد هذا محبته لك ويعزز مكانتك عنده ويجعل صداقتكما تدوم طويلا، فإن كنت تفكر في شخص ما فأخبره بذلك، وإذا اتصل بك فلا تتردد في قول "كم أنا سعيد باتصالك، لقد كنت على بالي".
2. ما رأيك في كذا؟ عندما تتحدث مع شخص ما عن موضوع ويتضح لك أنه يهمه، اطلب منه مشاركة أفكاره حول الموضوع، فمعظم الناس يحبون أن يستمعوا إلى كلمة "أشعر بالفضول لمعرفة تجربتك مع كذا وكذا"، كما يحبون الحديث عن دروسهم المستفادة، ويعجبهم أن يكون رأيهم محل تقدير بقول أحدهم "أريد مشورتك بأمر ما"، ويشعرون بالزهو عندما يجدون من يقدر وجهة نظرهم بقوله "هل تنصحني بكذا وكذا؟"، إنها الطريقة المثلى ليحمل لك الناس مشاعر جميلة، فالصداقات تستمر كلما منحنا الآخر فرصة لبدء الحديث عما يريده أو يعتقده أو يختبره.

3. أتعلم منك شيئا جديدا: فعندما يخبرك أحدهم بشيء يعجبك فلا تبخل أن تخبره كم هو مثير للاهتمام كأن تقول له "أحب طريقة تفكيرك"، "أتعلم منك شيئا جديدا في كل مرة"، "كيف لم أفكر بهذه الطريقة من قبل؟"، كلمات تبدو بسيطة لكنها تجعل الناس يشعرون بتفوقهم وتحلّق بهم بعيدا، فلا تفوت فرصة لتحقيق ذلك.
4. آخر مرة تحدثنا فيها أخبرتني بكذا وكذا: أعظم إطراء تقدمه لأحدهم هو أن تثبت له أنك كنت مصغيا لما كان يقوله، كأن تسأله عن أمر حدثك عنه وكان يشغله -ولو بعد شهر- بالقول "في آخر مرة تحدثنا أخبرتني عن كذا، كيف تسير الأمور بشأنه؟" أو "آخر مرة تحدثنا فيها أخبرتني عن مشروعك الجديد، كيف تجري أموره؟" أو "في المرة الأخيرة التي تحدثنا فيها أخبرتني أن والدتك ليست بصحة جيدة، آمل أنها بحال أفضل الآن"، لا تتخيل كم أن السؤال عن والدة صديقك أمر رائع.
5. لقد اتبعت نصيحتك: كم ستشعر الآخر برضاه عن نفسه عندما تخبره أنه كان سببا في أن تتخذ الوجهة الصحيحة باتباعك نصيحته، وأن ذلك أحدث فرقا كبيرا بالنسبة لك، فالناس يحبون أن نأخذ بنصائحهم، ويحبون أكثر أن نخبرهم أن كلماتهم كانت مفيدة، وكان لها تأثير إيجابي على حياتنا.
6. افتقدتك: كلما تباعدت المسافات وقل التواصل وفتح أحدهم هاتفه المحمول أو بريده الإلكتروني ووجد رسالة منك تخبره أنك تفتقده فسوف يسعده ذلك جدا، قد يستغرق الأمر ثواني لتكتب إلى صديق لك وتسأله عن حاله وتخبره أنك كنت تفكر فيه وتجعله يبتسم، لكنه يمنحك صداقة تدوم إلى الأبد.
7. أحب فيك كذا: كل شخص في العالم لا يخلو من بعض الصفات الرائعة، فقط بحثك عنها وإخباره عن مدى إعجابك بها واحترامك لها من خلال التعبير عن شيء محدد وخاص، كملاحظة تحقيقه تقدما في شيء كنت تعرف أنه مهم بالنسبة له، بالقول "كم هو رائع تحسن لغتك الإسبانية، أحترم جهدك لتحقيق ذلك"، أو "أنا معجب حقا بتعاملك مع الآخرين" فهذا مما يعطي العلاقة عمقا أكبر.

8. أحب حيويتك: لن تجد شخصا واحدا على الكوكب يتجاهل أحدا قال له "أنت تمتلك طاقة هائلة، أشعر دائما بالتحسن بعد قضاء وقت معك"، أو "تعجبني حيويتك"، أو "تعجبني إيجابيتك الدائمة"، قد تبدو هذه العبارات ساذجة قليلا لكنها أحد أفضل الأشياء التي يمكنك القيام بها لتقوية علاقاتك.
9. ذكرني هذا بك عندما رأيته: ربما تنفق من وقتك 10 ثوان لترسل إلى أحدهم مقالا قرأته أو شيئا شاهدته أو سمعته مشفوعا بكلمة "لقد ذكرني هذا بك"، دون أن تتوقع كم سيشعل هذا حماس صديقك، فالناس يعشقون الأشياء غير المتوقعة في الأوقات غير المتوقعة.
10. شكرا لذوقك، تبدو رائعا: إذا أردت أن تكسب صديقا لائقا وسعيدا فأصغِ إليه جيدا قبل أن تعارضه، ثم قل له "لقد مر وقت طويل مذ رأيتك، تبدو رائعا حقا"، "أو "شكرا لأنك جيد"، فبمثل هذه العبارات يطير الناس فرحا.
تأثيرات خطيرة على الصحة يسببها نقص النوم
يعد النوم أمرا حيويا مهما للبشر، إلا أن الكثيرين يجدون أنفسهم يجاهدون للحصول على قسط كاف منه.
وتتعدد الأسباب التي تجعل من الصعب على الأشخاص الخلود إلى النوم بسهولة دون المعاناة من الأرق والتقلب طوال الليل، وهذا الأمر قد يشكل مخاطر صحية خطيرة.
إقرأ المزيد
طريقة بسيطة تمكنك من حساب عدد ساعات النوم التي تحتاجها بالفعل
طريقة بسيطة تمكنك من حساب عدد ساعات النوم التي تحتاجها بالفعل
إليك 6 طرق يمكن أن تؤثر بها قلة النوم سلبا على صحتك:
- تضعف صحتك العقلية:
يمكن أن يؤثر النوم غير الكافي على مزاجك ويزيد من مستويات التوتر لديك.
وفي الواقع، الأشخاص الذين يعانون من الأرق هم أكثر عرضة للإصابة بالقلق النفسي السريري بـ 17 مرة من الأشخاص الذين لا ينامون. وقد يكون الأشخاص الذين يعانون من الأرق أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب بمقدار الضعف مقارنة بالأشخاص الذين ينامون جيدا.
وربما يكون هذا بسبب تأثير قلة النوم على قدرة الدماغ على تنظيم العواطف، والتي يمكن أن تؤدي إلى اضطرابات المزاج والتفكير السلبي.
وعلى سبيل المثال، قامت دراسة نشرت في Current Biology في عام 2007 بفحص المشاركين الأصحاء الذين حرموا من النوم لمدة 35 ساعة. وعندما تم عرض صور سلبية للمرضى المحرومين من النوم، كان لديهم نشاط أكثر في اللوزة، منطقة الدماغ التي تنظم العواطف ومستويات القلق، من المشاركين الذين لم يكونوا محرومين من النوم.
وبالإضافة إلى ذلك، وجدت الأبحاث أن 65% إلى 90% من البالغين الذين يعانون من الاكتئاب يعانون من مشاكل في النوم.
وفي حين أن قلة النوم يمكن أن تؤثر على صحتك العقلية، يمكن أن يسبب الاكتئاب أيضا الأرق ، ما يؤدي إلى دورة مفرغة.
- خفض الذاكرة والقدرة على التعلم:
وجد الباحثون أن خمس ساعات فقط من النوم المفقود في فترة 24 ساعة يمكن أن تقطع الاتصال بين الخلايا العصبية في الحصين، منطقة الدماغ المرتبطة بالذاكرة.
وفي دراسة صغيرة نشرت عام 2005 ، تم تعليم 12 مشاركا سليما في سن الجامعة سلسلة من حركات الأصابع وطلبوا تكرارها بعد 12 ساعة عندما قام التصوير بالرنين المغناطيسي بقياس موجات أدمغتهم.
ووجد الباحثون أن المخيخ، منطقة الدماغ التي تتحكم في الدقة، كانت أكثر نشاطا في المشاركين الذين ناموا خلال تلك الفترة الزمنية. وهذا يشير إلى أنه أثناء نومك، يتم تحويل الذاكرة إلى مناطق تخزين أكثر كفاءة في الدماغ.
وقد تضعف قلة النوم أيضا قدرة الدماغ على طرد بيتا أميلويد، وهو بروتين سام في السائل بين خلايا الدماغ يرتبط بفقدان الذاكرة ومرض ألزهايمر.
ويقول رامان مالهوترا، طبيب النوم والأستاذ المساعد في طب الأعصاب بكلية الطب بجامعة واشنطن: "إن عدم النوم الكافي في الليل سيصعب عليك تعلم الأشياء أو تذكرها لاحقا. النوم يساعد على بصمة الذكريات أو الأشياء التي تدرسها لمحاولة تذكرها في المستقبل".
- جعل فقدان الوزن أكثر صعوبة:
يمكن أن يؤدي عدم الحصول على سبع إلى ثماني ساعات من النوم كل ليلة إلى تنشيط نظام الكانابينويد الداخلي (endocannabinoid) في الجسم، ما يزيد من شهيتك للأطعمة الممتعة غير الصحية، مثل الحلوى.
وفي إحدى الدراسات الصغيرة التي أجريت على 14 شابا سليما، نُشرت في مجلة Sleep عام 2016، وجد الباحثون أن المشاركين الذين حصلوا على قسط كاف من النوم لمدة أربع ليال كان لديهم مستويات أعلى من مركبات الكانابينويد الداخلي (eCB) في فترة بعد الظهر من أولئك الذين حصلوا على نوم جيد في الليل. وتزيد مستويات الكانابينويد الداخلي المرتفعة الشهية والشغف للوجبات الخفيفة.
ووجدت الأبحاث أيضا أن قلة النوم تزيد من إفراز هرمون الغريلين، وهو الهرمون الذي يحفز الشهية، ويقلل من إفراز الليبتين، الهرمون الذي يجعلك تشعر بالشبع.
بالإضافة إلى ذلك، إذا كنت لا تحصل على قسط كاف من النوم، فقد تشعر بالإرهاق ولا تملك الطاقة لممارسة الرياضة بانتظام، ما قد يساهم أيضا في زيادة الوزن.
ووجدت دراسة صغيرة على 15 رجلا أصحاء، نشرت عام 2009 ، أن عدد ساعات أقل من النوم لمدة ليلتين على التوالي أدى إلى انخفاض كبير في النشاط البدني أثناء النهار.
- زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب:
يمكن أن يؤدي الحصول على أقل من سبع ساعات من النوم كل ليلة إلى زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب أو النوبات القلبية أو السكتة الدماغية بغض النظر عن عمرك ووزنك وما إذا كنت تدخن أم لا.
ووجدت الأبحاث أنه حتى الزيادات الصغيرة في مستوى ضغط الدم أثناء الليل يمكن أن تؤدي إلى زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب.
ويمكن أن يؤثر النقص المستمر في النوم أيضا على قدرة الجسم على تنظيم هرمونات التوتر، وقد يساهم هذا الضغط المزمن في الإصابة بنوبة قلبية بمرور الوقت.
- تسبب الحوادث الضارة:
في عام 2017 ، كان هناك ما يقدر بنحو 91 ألف حادث سيارة أبلغت عنها الشرطة شملت سائقين نائمين، في الولايات المتحدة، وأصيب نحو 50 ألف شخص وقتل ما يقرب من 800.
والقيادة أثناء النعاس تشبه القيادة تحت تأثير الكحول، حيث يبطئ وقت رد فعلك وإدراكك للأخطار، ويقلل من قدرتك على الانتباه لما تفعله.
ووفقا لدراسة نشرت في مجلة Sleep عام 2018، كان السائقون الذين كان لديهم أقل من أربع ساعات من النوم في فترة الـ 24 ساعة السابقة أكثر عرضة بنسبة 15.1 مرة لحادث سير من السائقين الذين ناموا سبع إلى تسع ساعات خلال الفترة نفسها.
كما يُعزا العديد من الحوادث المتعلقة بالعمل إلى قلة النوم. ويزيد احتمال تعرض العمال المحرومين من النوم لحوادث أثناء العمل بنسبة 70% ومزيد من احتمال الوفاة بسبب تلك الحوادث مرتين مقارنة بالعمال الذين يحصلون على راحة جيدة.
المصدر: إنسايدر
المساهمة في زواج الشباب
صدرت أوامر من النبي والمعصومين إلى المؤمنين على السعي في زواج الشباب المؤمن وأن يشتركوا في هذا الأمر المقدس ويبذلوا جهدهم حتى يجمعوا بين مؤمنين من حلال.
- عن النبي أنه قال: ومن عمل في تزويج بين مؤمنين حتى يجمع بينهما، زوّجه الله عزوجل ألف إمرأة من الحور، كل إمرأة من قصر من در وياقوت وكان له بكل خطوة خطاها، أو بكل كلمة تكلم بها في ذلك عمل سنة قيام ليلها وصيام نهارها ومن عمل في فرقة بين امرأة وزوجها كان عليه غضب الله ولعنته في الدنيا والآخرة وكان حقا على الله أن يرضخه بألف صخرة من نار، ومن مشى في فساد ما بينهما ولم يفرّق كان في سخط الله عزوجل ولعنته في الدنيا والآخرة، وحرم الله عليه النظر إلى وجهه.([1])
- وعن الصادق (عليه السلام) قال قال أميرالمؤمنين (عليه السلام): أفضل الشفاعات أن تشفع بين اثنين في نكاح حتى يجمع الله بينهما([2]).
- وعن الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) قال: ثلاثة يستظلون بظل العرش يوم القيامة يوم لا ظل إلاّ ظله، رجل زوج أخاه المسلم أو أخدمه أو كتم له سراً.([3])
- وعن إبراهيم بن محمد الهمداني قال: كتبت إلى أبي جعفر (عليه السلام) في التزويج، فأتاني كتابه بخطه، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا جاءكم من ترضون خلقه ودينه فزوّجوه. ﴿إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ﴾([4]).
- وعن الحسين بن بشار الواسطى، قال: كتبت إلى أبي جعفر (عليه السلام) أسأله عن النكاح فكتب الى: من خطب إليكم فرضيتم دينه وأمانته فزوّجوه. ﴿إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ﴾([5]).
النّبي يأمر عمرو بن ثقيف
روى النوري في المستدرك عن أنس بن مالك قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) جالسا فدخل عليه أعرابي وقال: يا رسول الله أيمنع سوادي ودمامة وجهي من دخول الجنة؟
قال: لا ما كنت خائفا من الله ومؤمنا برسوله.
فقال: يارسول الله والذي شرّفك بالنبوة، إني قبل ذلك بثمانية أشهر أقررت بأن الله واحد وأنّك رسوله بالحق.
فقال: أنت من القوم، لك ما لهم وعليك ما عليهم.
قال: فلم خطبت من هؤلاء الحاضرين فلم يجبني منهم أحد. ولا أرى مانعاً غير دمامة الوجه وسواد اللون، وإلّا فأنا في قومي بني سليم ذو حسب، وآبائي معروفون ولكن غلبني سواد أخوالي.
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): هاهنا عمرو بن وهب وكان رجلاً من ثقيف صعب الجانب وفيه أنفة.
فقالوا: لا يا رسول الله.
فقال للأعرابي تعرف داره؟
قال: نعم.
قال إذهب إلى داره ودقّ الباب دقاً رقيقاً، وإذا دخلت قل إنّ رسول الله أعطاني بنتك. وكانت له بنت ذات جمال وعقل وعفاف.
فجاء ودقّ الباب، فلما فتح ورأوا سواد وجهه ودمامته إشمأزوا منه، وأظهروا الكراهة.
فقال: إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) أعطاني بنتك، فزجروه وردوه رداً قبيحاً.
فقام وخرج. فلما خرج قالت البنت لأبيها: إذهب واستخبر الحال، فإن كان النبي (صلى الله عليه وآله) أعطانيه فإني راضية بما فعله رسول الله.
فذهب في إثر الرجل وأتى رسول الله وقد كان الرجل شكاه إليه.
فقال له رسول الله: يا هذا أنت الذي رددت رسولي؟
فقال يا رسول الله: فعلت وبئس ما فعلت، وأنا أستغفر الله، وإنّما رددته لأنّه كان رجلاً من العرب ظننته يكذب والآن يا رسول الله فاحكم في نفوسنا وبيوتنا وأموالنا وإنّا نعوذ بالله من غضبه وغضب رسوله.
فقال (صلى الله عليه وآله): قم يا أعرابي فإنّي أعطيتك بنته فاذهب إلى بيتها.
فقال الرجل: يا رسول الله، أنا رجل من العرب فقير وأستحيي أن أدخل بيت المرأ ويدي صفرة.
فقال (صلى الله عليه وآله): أمرر على ثلاثة من الصحابة وخذ منهم ما تحتاج إليه: إذهب إلى عند علي وعند عثمان وعبدالرحمن بن عوف فأتى علياً فأعطاه مائة درهم وكذا عثمان وعبدالرحمن...([6]).
النّبي يسعى في زواج جويبر
وعن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) في قصة جويبر وإرساله النبي إلي بعض رؤساء القبائل وأمره بتزويج إبنته من جويبر.
قال فيه: إنّ رجلاً كان من أهل اليمامة يقال له جويبر: أتى رسول الله (صلى الله عليه وآله) منتجعاً للإسلام، فأسلم وحسن إسلامه وكان رجلاً قصيراً دميماً محتاجاً عارياً وكان من قباح السودان إلى أن قال: وإن رسول الله نظر إلى جويبر ذات يوم برحمة له ورقة عليه فقال: لو تزوجت إمرأة فعفّت بها فرجك وإعانتك على دنياك وآخرتك.
فقال له جويبر: يا رسول الله بأبي أنت وأمي من يرغب فيّ فو الله ما من حسب ولا نسب ولا مال ولا جمال، فأيّة امرأة ترغب في؟!
فقال له رسول الله: يا جويبر إن الله قد وضع بالإسلام من كان في الجاهلية شريفاً، وشرّف بالإسلام من كان في الجاهلية وضيعاً وأعزّ بالإسلام من كان في الجاهلية ذليلاً، وأذهب بالإسلام ما كان من نخوة الجاهيلة وتفاخرها بعشايرها وباسق أنسابها، فالناس اليوم كلهم أبيضهم وأسودهم وقرشيّهم وعربيّهم وعجميّهم من آدم، وأنّ آدم خلقه الله من طين وأن أحب الناس إلى الله أطوعهم له وأتقاهم وما أعلم يا جويبر لأحد من المسلمين عليك اليوم إلاّ لمن كان أتقى لله منك وأطوع.
ثم قال له: إنطلق يا جويبر إلى زياد بن لبيد فإنّه من أشرف بني بياضة حسباً فيهم، فقل له: إنّي رسول الله إليك وهو يقول لك: زوج جويبراً إبنتك الدلفاء.
قال: فانطلق جويبر برسالة رسول الله إلى زياد بن لبيد وهو في منزله وجماعة من قومه عنده، فاستاذن فأذن له، وسلم عليه، ثم قال: يا زياد بن لبيد، إنّي رسول رسول الله إليك. في حاجة لي فأبوح بها أم أسرّها إليك؟
فقال له زياد: لا بل بح بها، فإنّ ذلك شرف لي وفخر.
فقال: إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول لك: زوّج جويبر إبنتك الدلفاء.
فقال له زياد: أرسول الله أرسلك إليّ بهذا يا جويبر؟
فقال: نعم، ما كنت لأكذب على رسول الله (صلى الله عليه وآله).
فقال له زياد: إنّا لا نزوّج فتياننا، إلاّ أكفاءنا من الأنصار.
فانصرف جويبر وهو يقول: والله ما بهذا نزل القرآن ولا بهذا ظهرت نبوة محمد (صلى الله عليه وآله).
فسمعت مقالته الدلفاء بنت زياد وهي في خدرها، فأرسلت إلى أبيها أن أدخل إلي، فدخل إليها، فقالت: يا أباه ما هذا الكلام الذي سمعته منك تحاور به جويبر؟
فقال لها: ذكر لي أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) أرسله وقال: يقول لك رسول الله (صلى الله عليه وآله): زوّج جويبر إبنتك الدلفاء.
فقالت له: وما كان جويبر ليكذب على رسول الله (صلى الله عليه وآله) بحضرته، فابعث الآن رسولاً يرد عليك جويبراً، فبعث زياد رسولاً فلحق جويبراً.
فقال له زياد: يا جويبر مرحبا بك إطمئن حتى أعود إليك. ثم انطلق زياد إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال له: بأبي أنت وأمّي إنّ جويبراً أتاني برسالتك وقال: أنّ رسول الله يقول لك: زوّج جويبر إبنتك الدلفاء، فلم ألن له في القول ورأيت لقاءك، ونحن لا نزوج إلاّ أكفاءنا من الأنصار.
فقال له رسول الله: يا زياد جويبر مؤمن والمؤمن كفؤ المؤمنة والمسلم كفؤ المسلمة، فزوّجه يا زياد ولا ترغب عنه.
قال: فرجع زياد إلى منزله ودخل على إبنته فقال لها: ما سمعه من رسول الله.
فقالت له: إنّك إن عصيت رسول الله كفرت. فزوّج جويبر إبنته الدلفاء فخرج زياد فأخذه بيده جويبر ثم أخرجه إلى قومه فزوّجه لى سنة الله وسنة رسول الله وضمن صداقه.
قال: فجهّزها زياد وهيأها، ثم أرسلوا إلى جويبر فقالوا له: ألك منزل فيسوقها إليك؟
فقال: والله ما لي من منزل.
قال: فهيّؤا لها منزلاً وهيّؤا فيه فراشاً ومتاعاً وكسوا جويبر ثوبين وأدخلت الدلفاء في بيتها وأدخل جويبر عليها مغتمّاً، فلما رآها نظر إلى بيت ومتاع وريح طيبة، قام إلى زاوية البيت فلم يزل تالياً للقرآن وراكعاً وساجداً حتى سمع النداء، فخرج. فلما كانت الليلة التالية فعل مثل ذلك، وأخفوا ذلك من زياد، فلما كان اليوم الثالث فعل مثل ذلك وأخبر بذلك أبوها، فانطلق الى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال له: بأبى أنت وأمي يا رسول الله، أمرتني بتزويج جويبر، ولا والله ما كان من مناكحنا ولكن طاعتك أوجبت علي تزويجه.
فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): فما الذي أنكرتم منه؟
فقال إنّا هيّأنا له بيتاً ومتاعاً وأدخلت بنتي البيت وأدخل معها مغتمّاً فما كلمها ولا نظر إليها ولا دنا منها، بل قام إلى زاوية البيت فلم يزل تالياً للقرآن راكعاً وساجداً حتى سمع النداء وخرج وفعل مثل ذلك في الليلة الثانية ومثل ذلك في الليلة الثالثة، فلم يدنوا منها ولم يكلمها إلى أن جئتك وما نراه يريد النساء. فانظر في أمرنا.
فانصرف زياد، وبعث رسول الله إلى جوبير فقال له: أما تقرب النساء؟ فقال له: جوبير بلى يا رسول الله إنّي لشبق منهم إلى نساء.
فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): قد خبّرت بخلاف ما وصفت به نفسك وقد ذكر لي أنّهم هيوأ لك بيتاً وفرشاً ومتاعاً وأدخلت عليك فتاة حسناء عطرة وأتيت مغتمّاً فلم تنظر إليها ولم تكلمها ولم تدنوا منها، فما دهاك إذاً؟
فقال له جويبر يا رسول الله: أدخلت بيتاً واسعاً ورأيت فراشاً ومتاعاً وفتاة حسناء عطرة، فذكرت حالي التي كنت عليها وغربتي وحاجتي ووضيعتي وكينونتي مع الغرباء والمساكين فأحببت إذ ولاّني الله ذلك أن أشكره على ما أعطانى، وأتقرب إليه بحقيقة الشكر، فنهضت إلى جانب البيت، فلم أزل في الصلاة تالياً للقرآن راكعاً وساجداً أشكر الله تعالى حتى سمعت النداء، فخرجت فلما أصبحت رأيت أن أصوم ذلك اليوم ففعلت ذلك ثلاثة أيام ولياليها ورأيت ذلك في جنب ما أعطاني الله عزوجل يسيراً ولكنيّ سأرضيه الليلة إن شاء الله تعالى، فأرسل رسول الله إلى زياد فأتاه فأعلمه بما قال جويبر. فطابت أنفسهم.
قال: ووفىٰ لهم جويبر بما قال.
ثم إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) خرج في غزوة له ومعه جويبر فاستشهد رحمه الله فما كان في الأنصار أيّم أنفق منها بعد جويبر([7]).
لفت نظر
لا بأس أن نلفت نظر القارىء الكريم إلى بعض النقاط التالية منها:
- أن على الآباء وهكذا على كل مسلم يشعر بالأخوة الإسلامية وخصوصاً على كل من يهمّه الأمر، أن يسعى لزواج الشّبان ولا يتساهلون في هذا الموضوع المهم وهذا مما أصر عليه النبى الكريم طيلة حياته خصوصاً في المدينة المنورة بحيث كان دائما يحث على الزواج ويطلب من الشبان أن يتزوجوا.
- وعلى الآباء أن يتركوا الأفكار الجاهلية، من تزويج بناتهم لفئة خاصة أو قبيلة خاصة، بل إذا جاء من يرضون دينه وتقواه وأخلاقه، يفسحوا له المجال ولا يردوه بالحجج الواهية، لأن في ذلك فتنة وفساد كبير كما قال الله تبارك وتعالى في كتابه.
- من الأفضل انّ المسلمين وخصوصاً والد الزّوج والزّوجة إذا كان بمقدورهم أن يمدّوا الشاب المؤمن ما أمكنهم من المال لتهيئة البيت وأثاثه ومتاعه وهذا كما فعله زياد بن لبيد حينما سمع من جويبر أنه لم يكن ذا مال.
- وعلى الشاب الذي إذا رأى تتابع نعم الله عليه أن يزيد في شكره، كما قال الله: ﴿ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذٰابِي لَشَدِيدُ ﴾([8]).
الزواج الموفق، الشيخ محمد جواد الطبسي
([1]) وسائل الشيعة ، ج 14 ، ص 27.
([2])وسيلة النجاة ( حاشية السيد الگلپايگاني ) ، ج 3 ، ص 145.
([3])وسائل الشيعة ، ج 14 ، ص 27.
([4])نفس المصدر ، ص 51 ؛ والآية في سورة الأنفال / 73.
([5]) نفس المصدر.
([6]) مستدرک الوسائل ج 14 ص 189.
([7]) ذرايع البيان، ج 1، ص 229.
([8]) سورة إبراهيم: ٧
الركائز التي ينبغي أن يقوم عليها الإصلاح
هناك أمور تُعتبر أساس الصلاح وأبوابه وركائزه، ينبغي التركيز عليها، لأنّنا إن نجحنا في فتح هذه الأبواب بالشكل الصحيح، ستكون كلّ مفردات الصلاح سهلة التناول، وممكنة التحقّق.
أمّا إن لم نوفّق لعلاج هذه الأساسات فلن يمكننا أن نبني بيتاً قويّاً يواجه الرياح، بل كلّ ما نبنيه ربّما ينهار أمام أوّل اختبار قاسٍ. فما هي هذه الأساسات:
1ـ بناء النفس
يقول الإمام الخمينيّ قدس سره: "لقد بُعث الأنبياء من قبل الله تبارك وتعالى لتربية الناس وبناء الإنسان. وتسعى جميع كتب الأنبياء ـ وخاصّة القرآن الكريم ـ من أجل تربية هذا الإنسان، لأنّه بتربية الإنسان يتمّ إصلاح العالم"([1]) .
ويقول أيضاً: "إنّ أيّ إصلاح يبدأ من الإنسان، فلو لم يتربَّ الإنسان فلن يتمكّن من تربية الآخرين... ولأنّ الأمور كانت بيد أشخاص لم يتربّوا تربية إسلاميّة ولم يبنوا أنفسهم، وبسبب هذا النقص الكبير، فإنّهم جرّوا بلادنا إلى ما هي عليه الآن وجرّونا إلى الموضع الّذي يتطلّب منّا سنوات طويلة للإصلاح إن شاء الله" ([2]) .
يجب أن نهتمّ ببناء هذا الإنسان بشكلٍ صحيح من البداية بتربيته وبنائه بالشكل الصحيح. فعمليّة الإصلاح تبدأ من الطفل الصغير لنؤمّن له أجواء الصلاح ومفرداته، ونصل به إلى حالة يستطيع عندها أن يقف ويعتمد على نفسه ليواجه كلّ الفساد الموجود حوله فيؤثّر بالمجتمع بإيجابيّاته ولا يتأثر بسلبيّات المجتمع، يقول الإمام الخمينيّ قدس سره: "إنّ النظام الوحيد والمدرسة الوحيدة الّلذان يهتمّان بالإنسان من قبل انعقاد نطفته وحتّى النهايّة ـ وطبعاً لا نهايّة له ـ هما مدارس الأنبياء" ([3]) .
ويقول أيضاً: "إن ما نادى به الأنبياء هو الإنسان ولا شيء غيره. يجب أن يكون كلّ شيء على شكل إنسان. إنّهم يريدون بناء الإنسان، وسوف يصلح كلّ شيء عندما يتمّ إصلاح الإنسان" ([4]) .
2ـ أهميّة الثقافة
يقول الإمام الخميني ّقدس سره: "إنّ ما يصنع الشعوب هو الثقافة الصحيحة" ([5]) .
ويقول كذلك: "إذا صحّت الثقافة صحّ شبابنا" ([6]) .
فالثقافة لها دور أساس في الإصلاح. ليس هذا فقط بل إنّ بداية الإصلاح يجب أن تكون من الثقافة، يقول الإمام الخمينيّ قدس سره: "إنّ السبيل لإصلاح أيّ بلد إنّما يبدأ من إصلاح ثقافته، فالإصلاح يجب أن يبدأ من الثقافة"([7]) .
فهي البدايّة الصحيحة الّتي تجعل كلّ الجهود الأخرى مثمرة، يقول الإمام قدس سره: "إنّ ثقافة أيّ مجتمع هي الّتي تحدّد أساساً هويّة ذلك المجتمع ووجوده، فإذا انحرفت الثقافة فإنّ المجتمع يكون أجوفَ فارغاً مهما حقّق من القوّة في الجوانب الاقتصاديّة والسياسيّة والصناعيّة"([8]) .
3ـ تقوية الجانب الروحيّ
يقول الإمام الخمينيّ قدس سره: "الإيمان يعني أن تعي قلوبكم وتصدّق تلك الأمور الّتي أدركتها عقولكم. وهذا يحتاج إلى المجاهدة حتّى تفهم قلوبكم أنّ العالم كلّه محضر لله، فنحن الآن في محضر الله، ولو أدرك قلبنا هذا المعنى بأنّنا الآن في محضر الله، وبأنّ هذا المجلس محضر لله، وإذا وجد قلب الإنسان هذا الأمر، فإنّه سيبتعد عن جميع المعاصي إذ إنّ سبب جميع المعاصي أنّ الإنسان لم يجد هذا الشيء"([9]) .
فالمعرفة العقليّة ضروريّة ولكنّها تبقى غير قادرة على مواجهة الامتحانات الصعبة ما لم تتعمّق وتصل إلى القلوب، فاحتلالها القلوب وتقوية هذا الجانب المعنويّ والروحيّ
هو الحاجز الّذي سيمنع الإنسان من الانحراف وسيدعوه للاستقامة على الدوام.
أساليب الإصلاح ووسائله
1 ـ الجهد المتواصل
إنّ عمليّة الإصلاح ليست عمليّة آنيّة وبرنامجاً مرحليّاً يبدأ بزمن وينتهي بزمن معيّن، بل هي عمليّة مستمرّة وجهد متواصل، فعمليّة الإصلاح هي جهاد مستمرّ.
يقول الإمام الخمينيّ قدس سره في "الأربعون حديثاً": "الإنسان هو ساحة صراع ونزاع مستمرّ بين معسكرين، يُريد أحدهما الانحطاط بالنفس إلى الظلام السفليّ، ويُريد الآخر رفعها إلى الأنوار العلويّة والسعادة الأبديّة".
2ـ الثقة بالنفس
يجب أن نزرع الثقة بأنفسنا وبديننا وبطاقاتـنا وبهويّتنا، لأنّ ذلك هو بداية الإصلاح في هذا الزمن الّذي انبهر فيه الناس بكلّ ما هو غربّي، حتّى لو كان مجرد فساد وانحـراف. فعليـنا فـي البداية أن نحمي مجتمعاتنا من هذه التبعيّة العمياء. وهذا لا يحصل ما لم يثق المجتمع بنفسه ويُبادر بنفسه للمعرفة الصحيحة والمسلكيّة المناسبة، يقول الإمام الخمينيّ قدس سره: "علينا أن نعتقد أنّنا كلّ شيء، وأنّنا لسنا أقلّ من سوانا، فنحن مطالبون بالعثور على هويّتنا الّتي قد أضعناها"([10]) .
ويقول قدس سره: "لا يظنّنّ شبابنا أنّ كلّ شيء موجود في الغرب، وأنّهم لا يملكون شيئاً"([11]) .
3ـ الترغيب والترهيب
سياسة الترغيب والترهيب (أو كما يقال عنها: سياسة العصا والجزرة) من السياسات المعروفة في هذا الزمن. فالترغيب لوحده غير كافٍ؛ لأنّ بعض الناس وصل فيهم الفساد والمرض إلى درجة كبيرة حتّى صاروا يفضلونه على أيّ ترغيب يمكن أن يقوم به الإنسان، وكذلك سياسة العصا والترهيب ليست كافية لأنّها ستولّد في نهاية الأمر انفجاراً وانقلاباً على كلّ شيء عند أدنى مناسبة.
فلا بدّ من المحافظة على التوازن بين هذين الأمرين، يقول الإمام الخمينيّ قدس سره: "الأنبياء العظام السابقون والرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم في الوقت الّذي يحملون فيه الكتب السماويّة في يد من أجل هداية الناس، كانوا يحملون السلاح في اليد الأخرى، فإبراهيم عليه السلام كان يحمل الصحف في يد، والفأس في يد أخرى للقضاء على الأصنام، وكان كليم الله موسى يحمل التوراة في يد والعصا في يد أخرى، تلك العصا الّتي أذلّت الفراعنة، وتحوّلت إلى أفعى وابتلعت الخائنين، وكان النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم يحمل القرآن في يد والسيف في الأخرى"([12]) .
4ـ الاهتمام بجيل الشباب
يقول الإمام الخمينيّ قدس سره: "إنّ الإسلام يولي تهذيب الأطفال والشبّان أهميّة لا يوليها أيّ شيء آخر"([13]) .
"من شبّ على شيءٍ شاب عليه". إنّ لسنّ الشباب أهميّة خاصّة لأنّه في هذه السن يحدّد الإنسان مبتنياته ومنهجيّته ومسلكيّته، فإصلاحه في هذا العمر أسهل وأصلب من تركه لإصلاحه بعد ذلك.
يقول الإمام الخمينيّ قدس سره: "أيّام الشباب هي ربيع التوبة حيث الذنوب أقلّ ثقلاً، وحيث كدورة القلب والظلمة الباطنيّة أقلّ، وحيث ظروف التوبة أسهل وأيسر"([14]) .
فهؤلاء الشباب هم علماء ومسؤولو المستقبل، وبأيديهم ستكون الأمور، فإن كانوا صالحين صلح المجتمع، يقول الإمام قدس سره: "إنّ هؤلاء الشبّان الّذين يُفترض أن يحافظوا في المستقبل على هذا البلد ويديروا شؤونه، يجب أن يصلحوا ويتربّوا تربية صحيحة"([15]) .
5ـ الإعلام
إنّ الإعلام له أهميّته الخاصّة في الإصلاح وفي تأمين الأجواء المناسبة له، ودفع الناس وتشجيعهم عليه وعلى ترك الفساد، فهو قادر على مخاطبة العقول والقلوب، وتعليم الممارسة وإيصال الرسالة بشكل عمليّ، من خلال النماذج الفنيّة الّتي يعرضها، حتّى قال عنه الإمام الخمينيّ قدس سره: "إنّ مسألة الإعلام من الأمور المهمّة إلى درجة يُمكن معها القول إنّ الإعلام قد احتلّ المرتبة الأولى بين القضايا الأخرى في العالم، بل يمكن القول إنّ الدنيا إنّما تقوم على عاتق الإعلام"([16]) .
وقد أوصى الإمام الخمينيّ قدس سره وأكّد على الاستفادة من الإعلام: "وصيّتي لوزارة الإرشاد في كلّ العصور ـ وخصوصاً في العصر الحاضر الّذي يتحلّى بخصوصيّة معينة ـ السعي لتقويّة إعلام الحقّ ضدّ الباطل"([17]) .
ويجب الاستفادة من كلّ وسائل الإعلام المتاحة، المرئيّة والمسموعة والمكتوبة. وعندما يتحدّث الإمام قدس سره عن المطبوعات يقول: "إنّ أهميّة المطبوعات مثل أهميّة الدماء الّتي تراق في الجبهات، وإنّ مداد العلماء أفضل من دماء الشهداء"([18]) . "يجب أن تكون المطبوعات مراكز للهداية"([19]) .
وعن الإذاعة والتلفزيون يقول: "إنّ دور الإذاعة والتلفزيون اليوم أكبر من دور جميع الأجهزة الأخرى...، يجب أن تكون الإذاعة والتلفزيون مربّياً لشبابنا، ومربّياً للشعب"([20]) .
إصلاح المجتمع، جمعية المعارف الإسلامية الثقافية
([1]) منهجيّة الثورة الإسلاميّة، ص 224.
([2]) منهجيّة الثورة الإسلاميّة، م. س، ص 243.
([3]) م. ن، ص 223.
([4]) م. ن، ص 182.
([5]) الكلمات القصار، الإمام الخمينيّ قدس سره، ص 234.
([6]) م. ن، ص 63.
([7]) الكلمات القصار، م. س، ص 235.
([8]) م. ن، ص 234.
([9]) منهجيّة الثورة الإسلاميّة، ص 224.
([10]) الكلمات القصار، الإمام الخمينيّ قدس سره، ص 90.
([11]) م. ن، ص 294.
([12]) منهجيّة الثورة الإسلاميّة، ص 56.
([13]) الكلمات القصار، الإمام الخمينيّ قدس سره، ص 292.
([14]) م. ن، ص 80.
([15]) م. ن.
([16]) الكلمات القصار، م. س، ص 237
([17]) م. ن، ص 64.
([18]) منهجية الثورة الإسلاميّة، ص 262.
([19]) الكلمات القصار، الإمام الخميني ّقدس سره، ص 240.
([20]) م. ن، ص 239.
الحصار والعقوبات ودروس المواجهة؟
لا شك أن الحصار يخنق، لكنه بحسب دراسة فرنسية لا يحقّق أهدافه طالما أن هناك اقتصاداً شبه مؤمّم مدعوماً ومُنتجاً، وطالما أن هناك حنكة سياسية تدير اللعبة على مستوى محور موحّد في المواجهة والمصير.
كما الأواني المُستطرقة يسير الضغط على دول محور المقاومة بالتزامُن وبالتراتب. وقد لا يكون من قبيل المُصادفة أن تأتي الضربة السيبرانية الموجّهة إلى "ناتنز" في إيران مع زيارة الوفد العراقي إلى لبنان في محاولةٍ لا يمكن أن نقول عنها إلا أنها محاولة لفك الحصار عن لبنان وعن سوريا، ولو رمزياً، كون هذه الأخيرة لن تفيد فائدة مادية كبيرة من مرور الصادرات بين بيروت وبغداد ذهاباً وإياباً. في حين أن الفائدة السياسية المعنوية ستكون تسجيل نقطة هامة على طريق فتح خط: طهران- بغداد- دمشق- بيروت.
خط قال عنه الراحل حافظ الأسد عام 1993 إنه الرد الاستراتيجي على توقيع اتفاقيات السلام مع "إسرائيل". (وذلك في مقابلة مع ياسر هواري في مجلة "أرابيز" الناطقة بالفرنسية).
رهان يعني ببساطة: إطباق الحصار على جميع الدول الأربع لخنقها وتركيعها، وبالمقابل سعي كل منها لفك الحصار.
الحصار، الإعلام والتركيع كلمات تُعيدنا إلى سنواتٍ طويلةٍ، منذ حصار العراق في التسعينات، بعدما كانت الحرب العراقية- الإيرانية وسيلة "الاحتواء المزدوج" الأميركي، وتُعيدنا إلى خطة طرحها نتنياهو بوضوح في برنامجه الانتخابي في عام 1993، خطة ضرب كل من العراق، السودان، ليبيا، سوريا وإيران، مُعتبراً أن هذا المُخطّط يجب أن يتحقّق قبل عام 2000 وإلا أصبح إخضاع إيران مُستحيلاً. (برنامج نتنياهو تحوّل إلى كتاب بالإنكليزية والفرنسية ونقلته الكاتبة إلى العربية بعنوان: "أمن وسلام – استئصال الإرهاب").
غير أن السؤال المهم يطرح - ونحن في مواجهة المرحلة الحالية من الحرب المُتمثّلة خاصة في الحصار- حول مدى نجاح كل من هذه الخطط.
عام 2000 لم يأت بما توقّعه نتنياهو بل بالهزيمة الإسرائيلية في لبنان والانسحاب من جنوبه، ومن ثم باندلاع الانتفاضة الفلسطينية.
واشنطن نجحت في احتلال العراق عام 2003 وأرادت أن تجعل منه منصّة لأمرين أساسيين: الشرخ المذهبي السنّي- الشيعي وإطلاق الشرق الأوسط الجديد. نجحت في الأول (وللأسف) وحاولت في الثاني بدءاً من الـ2005 والـ 1559، وللاستكمال كلّفت الدولة العبرية بحرب تموز الـ2006، لكنهما فشلتا معاً.
وانتقلت إلى الضغط السياسي الاقتصادي إلى أن جاءت الثورات المُلوَّنة التي التفّت على حتميّة التغيير في العالم العربي وانتقلت إلى الحروب الهجينة العنفية الإرهابية. لكن الرهان العسكري سقط في أهم بؤره، سوريا، من دون أن ينتهي الصراع الذي انتقل إلى الحرب الهجينة التي تمثل إحدى أبرز خصائص حروب الجيل الخامس.
في هذه الأخيرة يلعب الحصار الاقتصادي، الحرب الثقافية والحروب السيبرانية دوراً مركزياً. لذا كان من الطبيعي والمنطقي أن نراها تجتمع معاً على ساحاتنا، ومن الطبيعي أيضاً أن توظّف التطوّر التكنولوجي.
فهل ستنجح الحروب الهجينة الجديدة في ما فشلت فيه التقليدية؟ سؤال يتّضح أن على جوابه المرور بكل نوع من أنواع الحروب المذكورة، مما لا يتّسع له مقال. لذا فلنبدأ بالحصار، وهنا يعود بنا الأرشيف إلى العام 2007، الذي تلا فشل حرب تموز 2006، ما أدى إلى محاولة الالتفاف عبر وسائل أخرى سياسية (خاصة انتخاب رئيس الجمهورية) وأمنية (خاصة ما تعلق منها بشبكة اتصالات المقاومة).
في هذا العام كان مؤتمر شرم الشيخ الذي طالبت فيه وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس الدول العربية بتشكيل جبهة ضد إيران، و"رمي ثقلهم في هذه الجبهة على الساحة العراقية لأن إيران تشكّل العائق الأول أمام مصالح الولايات المتحدة في المنطقة"- كما قالت. لأجل ذلك عرض وزير الدفاع روبرت غيتس على دول الخليج شراء أسلحة بقيمة 20 مليار دولار.
هذا الضغط في إيران والعراق تزامَن مع تأجيج الخطاب التحريضي المذهبي السنّي- الشيعي في وسائل الإعلام الأطلسي والعربي التابع له. أما في لبنان فمع الحرب الشرسة على حزب الله بدءاً بشبكة اتصالاته، ومع ظهور تنظيم فتح الإسلام ومعارك مخيم نهر البارد. كما مع الفراغ الرئاسي والصراع العنيف حول الرئيس التوافقي.
مُصطلح عنى ضمناً ألا يكون الرئيس الجديد صديقاً لسوريا وألا يكون مرشّحاً لفريق 8 آذار الذي يضمّ المقاومة. كما عنى أن ترتّب وصوله قطر وفرنسا المُكلفتان أميركياً بالملف اللبناني- السوري. تكليفاً بدأ بمحاولات الاحتواء وانتهى بتمويل النصرة وأعمال التخريب التي تحصل اليوم في بلاد الأرز. هذا في حين كانت سوريا تتعرّض لأسوأ أنواع الضغط من تهمة اغتيال الحريري وسلسلة الاغتيالات التي تبعته وصولاً إلى تدمير ما أعلن أنه مفاعل نووي في دير الزور.
ضغط كان يستهدف اتجاهين: التعاون السوري مع الاحتلال الأميركي في العراق، والإذعان لمعاهدة سلام بالشروط الإسرائيلية. ما يستبطن قطع العلاقة مع المقاومة ومع إيران والمشاركة في حصارها.
في هذه الأجواء كان الحصار على إيران يشتدّ، مع وصول ساركوزي إلى الحُكم في فرنسا وزيارته الشهيرة للولايات المتحدة، زيارة حدّد الإعلام الفرنسي عناوينها بخمسة: العراق- إيران- سوريا- لبنان- دارفور. أما هدفها بحسب الصحف فهو تصحيح العلاقة بين باريس وواشنطن وإعادتها إلى ما يجب أن تكون عليه. وهذا التصحيح كان عنوان حملة ساركوزي الرئاسية، وعليه زار البيت الأبيض والإيباك قبل انتخابه. وهو ما ترجم، بعد أسبوعين من عودة الرئيس الفرنسي من واشنطن، في لقائه السنوي مع الدبلوماسيين الفرنسيين، حيث أعلن "رفضه التام لامتلاك إيران السلاح النووي".
في هذا التاريخ نشرت صحيفة لوموند تقريراً- دراسة بعنوان: "إيران ذهب أسود وزبائنية"، ويدور حول إمكانية أن تلقى إيران مصير الاتحاد السوفياتي؟ والجواب أن "تركيع الجمهورية الإسلامية يمر عبر طريقين: العقوبات وخفض سعر النفط".
في هذا التقرير- الدراسة اعتبر خبير الشؤون الإيرانية تييري كوفيل، أن الاقتصاد الإيراني يبدي مؤشّرات إيجابية رغم الأزمات المُتعدّدة والعقوبات، حيث أن النمو متواصل والميزان التجاري جيّد والاحتياطي النقدي مؤمَّن. لكن ليرد تالياً رد سلبي من ديني بوشار، الذي عمل طويلاً كسفير في أكثر من دولة في الشرق الأوسط، قبل أن يعود إلى فرنسا ويعمل في المركز الفرنسي للأبحاث الدولية (IFRI).
اعتبر بوشار أن "مشكلة الاقتصاد الإيراني تكمُن في كونه مؤمّماً يخلق القليل من فُرَص العمل، وكون شركاته تدفع القليل من الضرائب، كما أن الشركات الإنتاجية الحكومية التي تبتلع الدعم الحكومي هي محمية من المنافسة الأجنبية بفعل رفع الرسوم الجمركية على البضائع الأجنبية".
بعد تحليل طويل وموثّق بالأرقام يصل التقرير إلى أن الاقتصاد الإيراني قادر على الصمود طالما لم يتحقّق أمران: انخفاض سعر النفط الخام وإطباق حصار صارِم على الصادرات والواردات، مُستشهداً بتقرير حول إيران قدّمه عام 2006 لأكاديمية العلوم الأميركية (ASA) روجيه ستيرن الأستاذ في جامعة جون هوبكنز، ركّز على أهمية ضرب الدخل النفطي بما يتسبّب في عدم القدرة على الإنفاق على الاستثمار، بما يؤدّي إلى سقوط إيران عام 2015 ولكنه يردف أن الصقور الأميركيين لا يريدون الانتظار عشر سنوات، تكون كافية لامتلاك إيران السلاح النووي.
في يوم 25 نوفمبر/تشرين الثاني كان الرئيس الإيراني أحمدي نجاد يزور الولايات المتحدة لإلقاء كلمة في الأمم المتحدة وقبلها في جامعة كاليفورنيا، وكان وزير الخارجية الفرنسية برنار كوشنير يزور موسكو سعياً لإقناعها بفرض عقوبات على إيران وتسويق ذلك على أنه "عقوبات لتجنّب الحرب".
غير أن جميع الضغوط المذكورة كانت تشكّل خطوات في سياق الملف الإسرائيلي، ومن هنا وصل كل شيء إلى عقدة مؤتمر أنابوليس في نهاية 2007 وصلبها: لبنان- المقاومة، سوريا و"إسرائيل". ما ترجم بالضغط على سوريا للمشاركة في مؤتمر أنابوليس من دون طرح بحث حدودها مع الاحتلال الإسرائيلي. وما يفترض أن يستتبع ذلك من موقفها من المقاومة اللبنانية والفلسطينية وعلاقتها مع إيران.
توقّع انهيار إيران عام 2015، كان مصيره مصير توقّع نتنياهو بانهيارها عام 2000، وتوقّع تسليم سوريا في أنابوليس كان مصيره مشابهاً لتوقّع سقوطها خلال أسابيع عام 2012. وكذلك توقّع انهيار لبنان وشطب مقاومته عام 2006 – 2007.
رغم أن الثمن كان باهظاً للجميع ومتناسباً مع حجم التحدّي. أما الحصار، وهو عنوان المرحلة الحالية، فلا شك أنه يخنق، لكنه لا يحقّق أهدافه – بحسب الدراسة الفرنسية – طالما أن هناك اقتصاداً شبه مؤمّم مدعوماً ومُنتجاً، وطالما أن هناك سياسة حمائية تشكّل له سوراً وحنكة سياسية تدير اللعبة على مستوى محور موحّد في المواجهة والمصير.
الإمام الخامنئي حفظه الله ودوره في التصدّي للحرب الناعمة
تبيَّن أن القائد الخامنئي منذ سنة 2009م، بعد المشكلة التي أُثيرت بوجه الانتخابات الرئاسيَّة في إيران، وخلال سنتين، قد ألقى خمسة عشر خطاباً عن الحرب الناعمة، ولم أسمع مسؤولاً واحداً في كل العالم العربي والإسلامي يتحدَّث عن الحرب الناعمة، ولذلك، واعترافاً بالجميل والسَبْق وتسليط الضوء على هذا الأمر الخطير، رأيت من المناسب أن ألخِّص بشكل مكثَّف بعض ما قاله الإمام الخامنئي(حفظه الله ورعاه) ضمن محورين:
المحور الأول: ضرورة التنبُّه للقوة الناعمة. والمحور الثاني كيفية مواجهة القوة الناعمة.
يقول القائد عن ضرورة التنبه للقوة الناعمة:
1- "الحرب الناعمة حربٌ حقيقيةٌ في عالمنا المعاصر، رغم أن بعض الأشخاص ربما لا يرَوْنَها".
2- "إن أحد أهم المخطَّطات الرئيسة للأعداء تقوم على قلب حقائق البلاد".
3- "الحرب الناعمة عبارة عن تضليل الشعب -الرأي العام- بشعارات ظاهرها حق ولكن محتواها باطل وفاسد وإثارة الغبار في الجو السياسي للبلد".
4- "إنَّ الهدف المركزي للحرب الناعمة هو تحويل نقاط القوَّة والفُرَص إلى نقاط ضَعْف وتهديدات، وقلب حقائق البلاد"26.
إخترت هذه الإشارات الأربعة لتسليط الضوء على الحرب الناعمة من خلال أقوال الإمام الخامنئي(حفظه الله تعالى ورعاه).
أمَّا كيف تكون المواجهة؟ فسأختار بعض الأقوال من دون شرح لتبيان رؤية القائد(حفظه المولى) في المواجهة:
1- "ينبغي توعية وتثقيف الناس وكشف هذه الأهداف أمامهم".
2- "يجب العمل بصورة عكسيَّة لأهداف العدو"
3- "يجب مراعاة المصالح العليا في أخذ المواقف والتحركات والتدابير"، إذ يعْلَق الإنسان أحياناً في إطار المصالح الضيِّقة، فيهمل الكلِّيات، ويدخل في نفق الحرب الناعمة.
4- "على الجميع وخاصَّة الخواص، الانتباه كي لا تكون تصريحاتهم وإجراءاتهم تكملة لخطط وأهداف أعداء النظام".
5- "ينبغي لوسائل الإعلام والنشطاء والسياسيين والمسؤولين الابتعاد عن الخلافات الهامشية غير المبدئية، لأن الأولوية في البلاد اليوم هي لمواجهة الحرب الناعمة التي يشنها العدو، والتي تستهدف بث الفرقة والتشاؤم بين أبناء الشعب، ومن أهم سُبل مواجهة هذا الهجوم هو حفظ وتقوية البصيرة والروح المعنوية والتعبويَّة والأمل في المستقبل، وهذا لا يعني إنكار وجود المشاكل والأزمات، ولا يلغي ضرورة القيام بواجب الإصلاح والمعالجة".
6- "على النخب والخواص أن ينتبهوا كثيراً لأن صمتهم وانسحابهم في بعض الأحيان يساعد الفتنة". فـ: "الساكت عن الحق شيطانٌ أخرس".
7- "لا ينبغي الركون إلى وسائل الإعلام الأجنبية لفهم مجريات الأحداث، بل الصحيح هو مخالفة ما تأتي به هذه الإذاعات وفقاً لمقولة الإمام الخميني قدس سره "إنَّ قمة الرشد والنضوج الفكري هي في مخالفة الإذاعات الأجنبية المعادية". فـ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾.
8- "الشباب الجامعيون هم ضُبَّاط الحرب الناعمة أمام مؤامرات الغرب المعقَّدة". وهذه مسؤولية كبيرة على الشباب الجامعي.
وهنا لفتتني ملاحظة أوردها الإمام القائد في حديثه عمَّا حصل في سنة 2009 في إيران بعد الانتخابات الرئاسيَّة، قال: "لم تفاجئنا الفتنة ولكن فاجأنا تحرك بعض الأشخاص". كي لا يَظُن البعض أن الأمور لم تكن معروفة بالإجمال في إيران أو أنَّ الحرب الناعمة لم تُعرف إلاَّ في سنة 2009! لا، الحرب الناعمة موجودة سابقاً، ولكنها تبلورت في صيغة معينة سنة 2009 في الانتخابات الرئاسية، وتصدى لها أشخاص لم يكن بالحسبان أنهم سيكونون من الأدوات التي تستخدمها الحرب الناعمة.
كيف نواجه الحرب الناعمة، جمعية المعارف الإسلامية الثقافية
الاستعانة بالله والأخذ بالأسباب
إنّ حصر الاستعانة بالله سبحانه كحصر العبادة غير قابل للتخصيص، لأنّ كلّ شيء يساهم في تلبية حوائج الإنسان فجميعه من شؤون فاعليّة الله سبحانه، ومن جند الله الّذين هم علىٰ اُهبّة الاستعداد: ﴿لِلَّهِ جُنُودُ السَّماوَاتِ وَالأَرْض﴾[1] ولكلّ واحد منهم دور يؤدّيه في نظام الكون. ولذلك فإنّ موحّداً كإبراهيم (عليه السلام) يقول في أصل مسألة التوحيد: ﴿إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماوَاتِ وَالأَرْض﴾[2] وفي الاُمور العاديّة يقول: ﴿الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ ٭ وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ ٭ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِين﴾ .[3]
فالإنسان الموحّد يعدّ الله سبحانه هو الخالق والهادي والمطعم والساقي والشافي، ومن يعتقد أنّ الله خلق لنا الموادّ الأوّلية للطعام والدواء وأمثال ذلك وأنّنا مستقلّون في تركيبها وصناعتها وتحضيرها، فهذا هو من التفويض الباطل الّذي لايتناسب مع الربوبيّة المطلقة لله سبحانه علىٰ جميع عوالم الوجود.
فالمطعِم للإنسان والساقي والشافي هو الله. طبعاً انّ الله سبحانه يفعل هذه الاُمور عن طريق الأسباب الخاصّة، ومسبّب الأسباب هو أيضاً، ولذلك علّمونا أن نقول في الدعاء: «وقرّب فيه وسيلتي إليك من بين الوسائل».[4] وأسباب الاُمور ليست في عرض السببيّة الإلٰهيّة ولاتعدّ مستقلّة في سببيّتها، فالمطعم هو الله لا الطعام ولو كان المُطعم والمشبع هو الطعام لكان طعام (الضريع)[5] يغني أهل جهنّم من الجوع عند أكله في حين انّهم مهما أكلوا منه فإنّه لايرتفع عنهم الجوع أبداً: ﴿لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِن ضَرِيعٍ ٭ لاَ يُسْمِنُ وَلاَ يُغْنِي مِن جُوع﴾ .[6]
والله سبحانه يدبّر جميع الاُمور وقد أمرنا أن نقول: «باسم الله أموت وأحيىٰ»[7] عند الاخلاد الىٰ النوم، وأن نقول: «الحمد لله الّذي أحياني بعدما أماتني وإليه النشور»[8] عند الإستيقاظ، والهدف من تعليم الأدعية التوحيديّة هو جعل حياة الإنسان كلّها توحيديّة وبعيدةً ونقيّةً من الشرك. وحصر الاستعانة بالله يقتضي أن لايطلب الإنسان عوناً من غير الله وأن لايحسب نفسه معيناً ومغيثاً للآخرين، لأنّ المستعان الوحيد هو الله ﴿وَاللَّهُ الْمُسْتَعَان﴾ .[9]
تنويه: هناك بعض الآيات تأمر بالتعاون ومساعدة البعض للبعض الآخر وتوهم بأنَّ طلب العون والمدد والإستعانة وكذلك الإعانة والإغاثة أمر صحيح، مثل قوله تعالىٰ: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ﴾ .[10]
وينبغي أن يقال في جواب هذه الشبهة انّ مقتضىٰ التوحيد الأفعالي انّ جميع الأعمال الصالحة للمحسنين ترجع الىٰ الله، وانّ جميع الفاعلين هم من درجات وشؤون فاعليّة الله سبحانه. وكما انّ الله خلق الماء والطعام وجعل فيهما صفتي الإرواء والإشباع، كذلك خلق الإنسان المعين أيضاً ووهبه قدرة الإمداد والإعانة والإغاثة وفي الحقيقة هو آية الله، وكلّ هذه الأعمال هي من الصفات الفعليّة لله سبحانه والّتي تنتزع من مقام فعله وزائدة علىٰ الذات، وليست من الصفات الذاتيّة الّتي تنتزع من مقام ذات الله سبحانه. إذن فالإستعانة من كلّ شيء هي استعانة من وجه الله وفيضه، لاغير ذلك وليس هناك من معين مستقلّ في اعانته، والّذي ينال التوفيق لأعمال الخير يجب عليه أن يعتبر نفسه شأناً من الشؤون الإلٰهيّة في مقام فعل الله. إذن فالتعاون والاستعانة والاعانة كلّها في محور الفعل لا الذات، وحيث انّ الله ربّ العالمين يدبّر جميع ما في الكون فلا منافاة لها مع حصر الإستعانة بالله، وبهذا التوضيح لايبقىٰ مجال للقول بأنّ (ايّاك نستعين) في مورد العبادة وأمّا (تعاونوا علىٰ البرّ والتقوىٰ) فهي في مورد القضايا الإجتماعيّة.
وأمّا الذنب فبما انّه نقص وأمر عدميّ فهو لا علاقة له بالله سبحانه، ومنشأ كلّ معصية إمّا الجهل أو العجز أو سائر الاُمور العدميّة، والله سبحانه منزّه عنها جميعاً. والله سبحانه قد وضع الأسباب والوسائل تحت تصرّف الجميع سواء كانوا يريدون الدنيا أم يطلبون الآخرة: ﴿مَن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاَهَا مَذْمُوماً مَّدْحُوراً ٭ وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَىٰ لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولٰئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُوراً ٭ كُلاًّ نُّمِدُّ هٰؤُلاَءِ وَهٰؤُلاَءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُور﴾ .[11] فالبعض من الناس يريد (العاجلة) أي الدنيا العابرة، وبعض يطلب الآخرة والآجلة، والله سبحانه يعين ويُمِدُّ الفئتين ولا يمنع عطاءه عن أحد، لكنّ إعانة مريدي الدنيا هي لأجل إتمام الحجّة ﴿لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَة﴾[12] لأنّ الأدوات والوسائل اللازمة للعمل إذا لم توضع في يد المفسدين فإنّه لاتتوفّر الأرضيّة لامتحانهم واختبارهم. طبعاً انّ الإمدادات الغيبيّة خاصّة بالمؤمنين ولا معنىٰ لها في مجال المعصية، لأنّ المعصية لاتعود إلىٰ عالم الغيب والذنب لاينزل أبداً من نشأة التجرّد وباطن العالم.
وخلاصة القول انّ الربوبيّة المطلقة لله سبحانه لاتدع مجالاً لاستقلال ايّ فاعل، وبالرؤية التوحيديّة فإنّ جميع أعمال الخير هي فعله، وبذلك البيان السابق اتّضح الجواب علىٰ شبهة عدم الإنسجام بين الاستعانة بالصبر والصلاة في قوله تعالىٰ ﴿اسْتَعِينُوا بِالصَبْرِ وَالصَّلاَة﴾[13] وبين حصر الاستعانة بالله، لأنّ الاستعانة بالصلاة وباقي العبادات هي استعانة بشأن من الشؤون الإلٰهيّة وفعل من أفعال الله وارتباط مع (وجه الله) لا مع الغير. فالعبد والصلاة جسر يعبر بنا نحو الهدف، وإلاّ فإنّهما لا استقلال لهما في الإعانة والامداد.
آية الله الشيخ جوادي آملي
[1] . سورة الفتح، الآيتان 4 و7.
[2] . سورة الانعام، الآية 79.
[3] . سورة الشعراء، الآيات 78 ـ 80.
[4] . مفاتيح الجنان، دعاء اليوم 28 من شهر رمضان.
[5] . «الضريع» نبات شوكي في الصحراء. والّذين هم اليوم كالأنعام سيكون طعامهم غداً أشواك الصحراء.
[6] . سورة الغاشية، الآيتان 6 ـ 7.
[7] . البحار، ج73، ص202.
[8] . نفس المصدر، ص204.
[9] . سورة يوسف، الآية 18.
[10] . سورة المائدة، الآية 2.
[11] . سورة الاسراء، الآيات 18 ـ 20.
[12] . سورة الأنفال، الآية 42.
[13] . سورة البقرة، الآية 153.
قائد الثورة في رسالة إلى هنيّة.. إيران لن تدخر جهدا بدعم الشعب الفلسطيني لاستعادة حقوقه
اكد قائد الثورة الاسلامية أية الله السيد علي خامنئي في رسالة إلى رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، أن المحافظة على الوعي والوحدة بين الشعب الفلسطيني وفصائله، له دور مؤثر في إفشال خطط العدو"مشددا على أن إيران "لن تدخر جهداً لدعم الشعب الفلسطيني في استعادة حقوقه.
واضاف قائد الثورة أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية بحكم واجبها الديني والإنساني لن تدخر جهداً لدعم الشعب الفلسطيني المظلوم في استعادة حقوقه ودفع شر الكيان الصهيوني.
وشدد سماحته في رسالة وجهها إلى رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنيّة، حول آخر التطورات في فلسطين المحتلة أنّ "المحافظة على الوعي والوحدة والتلاحم بين الشعب الفلسطيني وفصائله، له دور مؤثر في إفشال خطط العدو".
وأشار سماحته إلى أن تيّار المقاومة والشعب الفلسطيني الشجاع قد تجاوزا التهديد وترغيب العدو، بفضل منطق العقل والخبرة، مبرزاً أنّ العدو بـ"استراتيجيته التوسعية يحاول تضييع الحقوق المشروعة للفلسطينيين عبر خديعة المفاوضات وخطة السلام والضغط الاقتصادي والحصار.
وقدم سماحته امتنانه إلى المجاهدين كون حركة المقاومة الفلسطينيّة قد هيأت بجهادها موجبات ضعف أميركا والكيان الصهيوني.
جاءت برقيّة السد خامنئي رداً على رسالة وصلته من هنيّة حول آخر التطورات على الساحة الفلسطينيّة، وفي سياق مخطط الكيان الصهيوني لضمّ أجزاء من الضفة الغربيّة المحتلّة، ومع تعرض قطاع غزة المحاصر لقصف إسرائيليّ مساء الإثنين.
ضمّ الضفّة خطأ استراتيجيّ قاتل
لا شكَّ في أنَّ الأسابيع والأشهر القادمة ستحمل الكثير من المتغيرات في المنطقة، فقرار "صفقة القرن" والبدء بإجراءات الضم، خطأ استراتيجي أميركي - إسرائيلي قاتل سيرتب تداعيات معقدة.
قرّر رئيس وزراء الكيان الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو، أن يعلن عن موعد تنفيذ قرار ضمّ أجزاء من الضفة الغربية (مطلع الشهر الحالي) قبل أن يتراجع عن قراره، وقد ظنّ أنه يستطيع استغلال العديد من العوامل الدولية، منها أنّ عامل الزمن في مصلحته، وأنّ البدء بالضم قد يكون أسهل الآن في ما لو بدأ به، فالصّراع على سوريا وفيها لا يزال قائماً، وكذلك الوضع في ليبيا، ومصر تصارع بقاءها من خلال نزاعها مع إثيوبيا على سد النهضة، واليمن يتصدى لعدوان مستمر منذ سنوات، والوضع العراقي متفجر باستمرار، والوهن والضعف الذي أصاب الدول العربية أصبح في أعلى درجاته، وأي خطوات محتملة بنظره تجاه دعم القضية الفلسطينية ستكون ضعيفة وغير فعّالة، وخصوصاً حرص بعض قادتها على استمرار كسب ود واشنطن. وبذلك، لا يمكن أن تقود هذه الدول أيّ خطوات تؤدي إلى رد فعل حقيقي لمواجهة المخططات الإسرائيلية.
ويعلم نتنياهو أنَّ جلّ ما صدر عن العرب حين أعلنت واشنطن أنَّ القدس عاصمة لـ"إسرائيل" في العام 2017، لم يتجاوز الصريخ الإعلامي، وبذلك، تكون الفرصة مؤاتية للاستمرار في قضم الأراضي الفلسطينية وغيرها، وخصوصاً أن علاقاته مع العديد من الدول العربية تستمر في النمو والتطور، ويجمعهم عدو افتراضي واحد مشترك، هو إيران.
ويدلّ على ذلك ما سبق لغولدا مائير أن قالته بعد إحراق المسجد الأقصى: "لم أنم طوال الليل. كنت خائفة من أن يدخل العرب إسرائيل أفواجاً من كل مكان، ولكن عندما أشرقت الشمس في اليوم التالي، علمت أن باستطاعتنا أن نفعل أي شيء نريده".
إنّ العالم منشغل بالعديد من القضايا، بعضها يتعلّق بالعلاقات المتوترة بين الصين والولايات المتحدة الأميركية، وبين تركيا ودول عربية وأوروبية، وبعضها يتعلَّق بقضايا أسعار النفط، وأخرى بالانتخابات والاستفتاءات وغيرها، ولكن الأهم كان انتشار فيروس كورونا.
ومن خلال الائتلاف الحكومي اليميني المتشدّد في "إسرائيل"، سعى نتنياهو إلى البدء بتطبيق "صفقة القرن"، مستفيداً من الوضع الدولي، معتبراً والرئيس ترامب أن هذه اللحظات تشكل فرصة تاريخية قد لا تتكرر في المستقبل، وخصوصاً أنّ الانتخابات الأميركية ستجري بعد أشهر قليلة من الآن، وأن فرص ترامب في الفوز آخذة بالتراجع، بل تميل إلى سقوطه، لكنَّه تراجع عن قراره قبل نصف ساعة من الإعلان عن السير بإجراءات الضم، وقرَّر تأجيل تنفيذ خطته، لا إلغاءها، لأسباب عديدة لم تكن في حسبان نتنياهو وترامب، فما الذي جرى؟
هناك جدل كبير جداً داخل الكيان الإسرائيلي، ليس على مبدأ الضم، فهو محسوم بالنسبة إليهم، ولكن حول توقيت حدوثه وحجمه والمناطق التي سيشملها.
كما أنَّ نتنياهو بحاجة إلى إجماع إسرائيلي في الحكومة على أيّ خطوة قبل اتخاذها، وخصوصاً مع وجود خلافات واضحة مع أطراف أمنية وسياسية داخل الحكومة، مثل رئيس الشاباك، ورئيس أركان جيش الكيان الإسرائيلي، ورئيس مجلس الأمن القومي، ورئيس الحكومة البديل، وبعض الأعضاء البارزين في "الأي باك" اليهودي، تتعلق بالخطوات القادمة، وكيفية اتخاذها، وإذا كانت تتم بتوافق مع أطراف عربية ودولية أو من دونه.
هناك تكاليف أخرى لا يمكن إغفالها، وهي أن ضم أجزاء من الضفة الغربية سيضع الإسرائيليين أمام خيارين، إما أن يمنحوا الفلسطينيين الجنسية الإسرائيلية الكاملة (في ما لو قبلوا ذلك) وهذا مستبعد كونه يمكّنهم من التفوق على اليهود من حيث العدد، وفي التصويت الانتخابي يوماً ما، وإما أن يُتركوا في مناطق مغلقة بأقل قدر من الحقوق، ما يعيد فتح ملف "إسرائيل" كدولة فصل عنصري.
إضافةً إلى ذلك، أغفل نتنياهو أيضاً الموقف الأوروبي من إجراءات الضم، ولو أن موقفهم يحتمل في النهاية السير وفق الركب الأميركي. كما أغفل المخاطر المحتملة على الواقع الميداني مع الفلسطينيين في الداخل والخارج، كالأردن، والذين لن يكون لديهم خيار سوى مقاومة الاحتلال ومقارعته بكل قوة، وكذلك التطورات وردود الفعل التي ستطرأ على تنفيذ هذه الإجراءات على دول الجوار، كسوريا وحزب الله.
إنَّ الفلسطينيين، وخارج نطاق حكومتهم، لا بدّ من أن يتحركوا باتجاه إشعال انتفاضة جديدة سرعان ما تتحول إلى تصعيد مسلَّح، وتشمل كل المناطق في الأراضي الفلسطينية، وتستهدف الجنود والمستوطنين والحافلات والسياحة وغيرها، ما سيدفع جيش الاحتلال الإسرائيلي من جديد إلى تصعيد المواجهة العسكرية معهم، وتنفجّر الأوضاع في المنطقة، لتتسع نحو سوريا ولبنان والأردن، فتنقلب إلى حرب إقليمية قد تمتد نتائجها إلى الداخل الأوروبي والخليجي، ما يقرّب الكيان الإسرائيلي من خيار هو الأسوأ في تاريخه ومستقبله تحت نطاق حرب قد تكون الأعنف، ويجعله من جديد محل ازدراء دولي.
في الجانب الدولي، طالب أكثر من ألف برلماني أوروبي حكوماتهم بالتدخّل لوقف المخطّط الإسرائيلي بضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة، معتبرين أنَّ هذه الإجراءات ستدمّر أي آمال للسلام في الشرق الأوسط، وأن خطة الضم ليست إلا انتهاكاً للقانون الدولي، في سابقة تهدد أسس العلاقات الدولية، مطالبين القادة الأوروبيين بالرد عليها بحزم.
وقد أعلنت منظمة العفو الدولية أن خطط "الضم" الإسرائيلية ترسيخ لقانون الغاب، ويجب إيقافها، وأن على السلطات الإسرائيلية أن تتخلى فوراً عن خططها لضمّ المزيد من الأراضي في الضفة الغربية المحتلة. كما أشار منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي إلى أنّ ضم الأراضي الفلسطينية ستكون له عواقب وخيمة على علاقات الاتحاد مع "إسرائيل".
وفي الجانب الأميركي، أغفل نتنياهو موقف جو بايدن، المرشّح الديموقراطي للرئاسة الأميركية أكثر حظاً في الفوز، والرافض لخطة الضم الإسرائيلية من طرف واحد، وكذلك العديد من الديموقراطيين الذين قد لا يدعمون حكومة الكيان الإسرائيلي بهذا الشأن.
أما الأمم المتّحدة، ومن خلال الاجتماع الافتراضي الذي أجراه مجلس الأمن الدولي لمناقشة خطة الضم، بمشاركة الأمين العام للأمم المتحدة، ومبعوثها للسلام في الشرق الأوسط، وأمين عام جامعة الدول العربية، ووزير الخارجية الفلسطيني، فضلاً عن مندوب الكيان الإسرائيلي في الأمم المتحدة، فقد شهدت شبه إجماع دولي (باستثناء الولايات المتحدة الأميركية) على إدانة الخطط الإسرائيلية، بوصفها خرقاً للقانون الدولي، وخطوة قد تقود إلى زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط وانهيار فرص السلام.
وقد تزامن ذلك مع رسالة وقَّعها أكثر من ألف برلماني أوروبي، تثير "مخاوف جدية" بشأن المقترحات الإسرائيلية، وتدعو إلى اتخاذ ردود مناسبة للتعامل معها، من دون الوصول إلى حد المطالبة صراحةً بفرض عقوبات على "إسرائيل" في حال قيامها بضم أراضٍ في الضفة الغربيّة.
لا شكَّ في أنَّ الأسابيع والأشهر القادمة ستحمل الكثير من المتغيرات في المنطقة، فقرار "صفقة القرن" والبدء بإجراءات الضم، خطأ استراتيجي أميركي - إسرائيلي قاتل سيرتب تداعيات كثيرة وكبيرة ومعقدة، وليس من السهولة بمكان تمريرها، وسيكون لها آثار مدمرة طويلة الأمد، بعضها متوقع، وبعضها الآخر لا يمكن التنبؤ به، وستجلب أثماناً اقتصادية وأمنية وعسكرية إقليمية ودولية قاسية للغاية، لتشمل جميع الفاعلين على الأرض، سواء الكيان الإسرائيلي أو دول الجوار، من سوريا ولبنان، وحتى العراق وإيران، وصولاً إلى أوروبا وروسيا.