
Super User
موسكو تؤكد سيطرة النظام السوري على الاوضاع
أعلن نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف اليوم الثلاثاء إن السلطة في سوريا لم تفقد السيطرة على الوضع، مؤكدا فشل التوقعات بهذا الشأن.
واضاف بوغدانف في تصريح للصحافيين ان التوقعات التي ساقتها بعض المصادر في بداية الازمة عن احتمال انتصار المعارضين للرئيس السوري بشار الاسد قد فشلت، مشيرا الى ان السلطة لم تفقد السيطرة على الوضع.
وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أكد مؤخرا أن ازاحة الرئيس السوري بشار الأسد من الحكم مستحيلة التحقيق.
وأشار نائب وزير الخارجية الروسية إلى ان "روسيا لا تستبعد إجراء إتصالات جديدة مع المعارضة السورية في القريب العاجل بما في ذلك جهات لم تتصل بها سابقاً، حتى مع مجموعات من المعارضة السورية لم يسبق أن إتصلنا بها أبداً"، مضيفاً اننا "مستعدون لإستقبال ممثلين عن مختلف المجموعات في موسكو، وكلهم مرحّب بهم".
وقال ان "موسكو لا تستبعد تقليص طاقمها الدبلوماسي في سوريا"، موضحاً ان "الوضع تغيّر وأوقفنا عمل قنصليتنا العامة في حلب لأسباب أمنية كما هو واضح، وبذلك فإن كل شيء ممكن، فالجانب الروسي سيتصرف حسب الأوضاع"، مشيراً إلى "وجود خطط تحرّك لجميع السيناريوهات".
كما أشار إلى انه "تحدث مع السفير الروسي في دمشق، الذي لاحظ هدوءاً لافتاً في الأيام الأخيرة".
اسرائيل: اليمين يفشل في حصد غالبية مريحة لتشكيل الحكومة
أصيب بنيامين نتنياهو بخيبة أمل كبيرة، أمس، مع انتهاء الانتخابات التي أرادها لتعزيز سيطرته على مقاليد الحكم، إذ تحولت إلى انتكاسة في الحجم التمثيلي، ليس فقط لقائمته «الليكود بيتنا»، بل أيضاً لعموم معسكر اليمين
خلافاً لمعظم التوقعات التي سبقتها وواكبتها، لم تخل الانتخابات الإسرائيلية من مفاجآت، كان أبرزها اقتحام الحزب الناشئ «يوجد مستقبل» المشهد السياسي بقوة، حاصداً ثاني أكبر كتلة نيابية قوامها، بحسب النتائج النموذجية التي نشرتها محطات التلفزة الإسرائيلية أمس، 19 مقعداً، فيما بقي «الليكود بيتنا» متصدراً القوائم الفائزة، لكن من موقع الخاسر لأكثر من ربع حجمه التمثيلي، متراجعاً من 42 مقعداً في الكنيست المنحل إلى نحو 31 مقعداً في الكنيست الحالي.
أما بقية الأحزاب، فقد راوحت عند الحدود التي رسمتها لها استطلاعات ما قبل الانتخابات، حيث حل حزب العمل ثالثاً مع نحو 17 مقعداً، فيما تشارك كل من «شاس» الأصولي و«البيت اليهودي» اليميني المتطرف المكان الرابع مع نحو 12 مقعداً لكل منهما، وهي حال «الحركة» الوسطي و«ميريتس» اليساري اللذين تشاركا المكان الخامس مع نحو 7 مقاعد لكل منهما، يليهما «يهدوة هاتوراة» الأصولي مع نحو 6 مقاعد، بينما بقيت الأحزاب العربية الثلاثة مع كتلة مؤلفة من نحو 10 مقاعد. أما «كديما»، الذي كان الحزب الأكبر في الكنيست المنحل، فقد اختفى عن الحلبة جراء عدم تمكنه من تجاوز نسبة الحسم.
وبرغم أن الأرقام المتقدمة ليست نهائية، بانتظار أن تعلن الأخيرة اليوم، فإن السوابق تشير إلى أن النتائج النموذجية التي تجريها محطات التلفزة، وهي عبارة عن استطلاعات لآراء الناخبين عند خروجهم من مراكز الاقتراع، عادة ما تكون قريبة جداً من الواقع وتعكس الحجم التمثيلي الحقيقي للأحزاب مع فوارق ضئيلة.
وعلى هذا الأساس، بنى المعلقون والمسؤولون الحزبيون في إسرائيل مواقفهم أمس، حيث كان العنوان الأبرز لكل التحليلات هو شدة التعقيد الذي أصاب الخريطة الحزبية الإسرائيلية لجهة إمكان تركيب حكومة مستقرة تمتلك حداً أدنى من التجانس بين مكوناتها. حتى إن البعض تحدث عن «فوضى حزبية» وعن «غابة ائتلافية» أفضت إليها الانتخابات، فيما لم يستبعد عدد كبير من السياسيين احتمال اللجوء إلى تكرار الانتخابات خلال فترة قصيرة بسبب حالة التشظي الحزبي وتعدد مراكز الثقل بين الكتل في الكنيست الجديد.
وفي الواقع، فإنه من الناحية العملية يمكن القول إن أبرز ما أفضت إليه انتخابات أمس هو خلو الساحة الحزبية في إسرائيل من حزب كبير مهيمن، يشكل بؤرة ارتكاز تتجمع حولها بقية الأحزاب في أي ائتلاف حكومي. ويتأكد هذا الاستنتاج لدى استحضار حقيقة أن «الليكود بيتنا» هو قائمة شراكة انتخابية بين حزب الليكود من جهة، وحزب «إسرائيل بيتنا» الذي يتزعمه أفيغدور ليبرمان.
أما على مستوى التقسيم وفقاً لمعيار المعسكرات، فيمكن القول إن نتائج الانتخابات استقرت على توازن هش بين معسكر اليمين الذي تراجع من 65 في الكنيست المنحل إلى 61 في الكنيست المنتخب، ومعسكر الوسط _ يسار الذي بات يعدّ 59 مقعداً، بضم الأحزاب العربية إليه. وأول ما يعنيه ذلك هو أن اليمين يتمتع بكتلة مانعة تحول أن يشكل معسكر الوسط _ يسار الحكومة، إلا أن المفارقة أن اليمين من جهة أخرى لا يملك القدرة على تشكيل حكومة مستقرة وحده، وسيكون مضطراً للتحالف مع أحزاب من المعسكر الآخر.
ومهما تكن تركيبة الائتلاف الحكومي المقبل، فإن النقطة الأكيدة هي أن حزب «يوجد مستقبل» سيكون حجر الزاوية فيه. وبرغم أن السيناريوهات الأكثر ترجيحاً لهذا الائتلاف تميل إلى أن يكون برئاسة نتنياهو، إلا أنه من الناحية النظرية ثمة إمكانية لفرضيات أخرى تقوم على خيار انضمام الأحزاب الأصولية إلى معسكر الوسط.
وكان نتنياهو قد سارع ليل أمس إلى سحب البساط من تحت أقدام منافسيه من خلال التعامل بمنطق الأمر الواقع مع كونه رئيس الوزراء المقبل، حين وجه الشكر للجمهور الإسرائيلي على الفرصة التي وفرها له «للمرة الثالثة كي أقود دولة إسرائيل». وفي خطاب احتوائي، أعلن نتنياهو عن شروعه في مشاورات ائتلافية لتشكيل «حكومة واسعة قدر الإمكان»، محدداً خمسة مبادئ مركزية لها هي: «قوة أمنية في مواجهة التحديات الكبرى التي تواجهنا وعلى رأسها التهديد النووي الإيراني، مسؤولية اقتصادية لن نتنازل عنها للتعامل مع الأزمة الاقتصادية العالمية، مسؤولية سياسية والسعي الدائم لسلام حقيقي، زيادة المساواة في توزيع عبء الخدمة العسكرية، وخفض الأكلاف المعيشية».
إلا أن رئيسة حزب «العمل»، شيلي يحيموفيتش، شددت في خطاب ما بعد إعلان النتائج على عزمها على تشكيل كتلة مانعة في مواجهة «الليكود بيتنا» وتحدثت عن وجود «فرصة كبيرة جداً لتشكيل حكومة بديلة لحكومة نتنياهو». ولمحت يحيموفيتش إلى الإطار الائتلافي لهذه الحكومة عبر إشارتها إلى محادثات أجرتها مع كل تسيبي ليفني، زعمية «الحركة»، ويائير لبيد، زعيم «يوجد مستقبل»، وزهافا غلؤون، زعيمة «ميريتس»، والأحزاب الأصولية.
وكانت إسرائيل قد شهدت أمس يوماً انتخابياً ماراتونياً تجند خلاله رؤساء الكتل والنشطاء لحث الجمهور على المشاركة التي بلغت نسبتها 66,6 %.
وتميز اليوم الانتخابي بتوتر بلغ الذروة، وهو ما انعكس في تنافس الأحزاب على كل صوت حتى الساعات الأخيرة، ومواصلة النشطاء الحزبيين جهودهم من أجل إقناع المترددين للتوجه الى صناديق الاقتراع. وجاء التعبير الأبرز عن حالة التوتر التي انتابت نتنياهو من خلال رسالة وضعها على صفحة الفايسبوك الخاصة به قبل ساعتين من إغلاق صناديق الاقتراع، دعا فيها مناصريه إلى التصويت تحت عنوان «حكم الليكود في خطر».
اوباما يؤدي اليمين رئيسا للولايات المتحدة للمرة الثانية
ادى الرئيس الاميركي باراك اوباما الاحد اليمين الدستورية كرئيس لبلاده لولاية ثانية امام وزير "العدل" الاميركي جون روبرتس في مراسم خاصة في البيت الابيض، بحسب ما ذكرت "وكالة الصحافة الفرنسية".
وردد اوباما نص القسم المخطوط مسبقا "أقسم بأن أخلص في أداء عملي رئيسا للولايات المتحدة وسأفعل كل ما بوسعي للحفاظ على دستور الولايات المتحدة وحمايته والدفاع عنه فليساعدني الله".
وذكرت الوكالة الى ان "روبرتس قرأ كل جملة من القسم بصوت مرتفع ليكرره اوباما من بعده وقد رفع يده اليمنى بينما وضع اليسرى على نسخة من الانجيل"، واضاف انه "في نهاية المراسم التي استغرقت أقل من دقيقة عانق اوباما زوجته وابنتيه ماليا وساشا".
يذكر ان اوباما سيؤدي اليمين مرة اخرى في حفل علني امام مبنى الكونغرس الاميركي الاثنين.
باريس: سنبقى في مالي "حتى دحر الإرهاب"
اعلن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، السبت، ان فرنسا ستبقى في مالي "كل الوقت الضروري من أجل دحر الإرهاب".
وقال الرئيس الفرنسي "يطرح علي مراراً السؤال: كم من الوقت سيدوم ذلك؟ أجيب: الوقت الضروري لدحر الارهاب في هذا الجزء من افريقيا". وأضاف أنه سيطلب من البرلمان "التصويت على مبدأ هذا التدخل إذا كان سيطول".
وتابع "المحكّ بالنسبة الينا ليس في السيطرة على أرض او زيادة نفوذنا او البحث عن أي مصلحة تجارية أو اقتصادية، لقد ولى هذا الزمن". وأضاف ان "فرنسا ليست وحدها، أولاً لأنها مدعومة من الدول الاوروبية التي تقدم لنا كل أنواع المساعدة، وثانياً لأننا نعمل مع الدول الافريقية".
وتطرق الى مسألة احتجاز الرهائن في الجزائر، وقال ان هذا الحدث هو "حجة إضافية" تبرر التدخل في مالي.
وبدوره اعلن وزير الدفاع الفرنسي جان ايف لودريان ان الهدف من التدخل العسكري الفرنسي في مالي هو "استعادة كامل اراضي" هذا البلد، وقال في مقابلة مع القناة الخامسة في التلفزيون الفرنسي "الهدف هو الاستعادة الكاملة لمالي. ولن نترك جيوبا"، مضيفا ان ان القوات المالية "لم تستعد بعد" مدينة ديابالي.
"أصابع خفية" من الخارج تتدخل في الوضع بالعراق
أكد نائب رئيس الوزراء العراقي الأسبق وجود "أصابع خفية" من الخارج تتدخل في الوضع بالعراق وتريد خلط الأوراق، موضحا أن الجزء الأكبر من الأزمة يخص البرلمان وأن الحكومة لا تتحمل وحدها مسؤولية التقصير، مؤكدا إن العراقيين لا يسمحون لتركيا وغيرها بالتدخل في الشأن العراقي.
وقال سلام الزوبعي: اعترف بوجود "اصابع خفية تتدخل بالامور وتريد أن تخلط الأوراق"، ولكننا وصلنا وبجهد قياسي رائع الى القيادات الحقيقية والشرعية والممثلة لهذه التظاهرات.
واعتبر أن هناك مطالب مشروعة لدى المتظاهرين ومظالم وتقصير كبير، مشيرا الى أن الحكومة لا تتحمل وحدها المسؤولية، وأن هناك جزءا كبيرا من هذه المتطلبات يخص البرلمان والقضاء، وجزء مهم وحيوي وفعال وملح يخص الحكومة.
وتابع الزوبعي: هذه الأصابع الخفية تريد أن تحرف المظاهرات عن دورها لتخلط الأوراق وتنتهي بقلب نظام أو قلب حكومة أو ما شابه ذلك، ونحن العراقيون لا نتحمل هذه الإرهاصات، ونريد الإصلاح والنظر بالمظالم وإرجاع الحقوق.
واشار الى أن هذه التظاهرات أخذت بعدا كبيرا، وسببت معاناة كبيرة للعراقيين، موضحا أن سبب تأخر الرد على حقوق الجماهير هو تدخل برلمانيين وبعض التنفيذيين ممن أرادوا أن يركبوا الموجة، قائلا إن جهود المتظاهرين هي التي منعتهم من ذلك.
واوضح أن هناك 13 متطلبا، وأن بعض السياسيين حاولوا "التلاعب بهذه المتطلبات ليحققوا مكاسب سياسية" من خلالها، قائلا إنه تم تشكيل لجنة متخصصة لدراسة هذه المتطلبات وتم مناقشتها فقرة فقرة، ووجدنا أن "ما يخص الحكومة ربما لا يتعدى أربع نقاط"، وأن الجزء الأكبر يخص البرلمان الذي عودنا على "المشاكسة المستمرة والصفقات التي خلف الابواب".
وقال الزوبعي: في ما يخص الجانب التنفيذي فرئيس الوزراء عازم جدا وأمر بإجراءات حقيقية على الأرض، وكانت الإجراءات فاعلة وسريعة جدا لتشكيل غرفة عمليات ساخنة من وزير الدفاع ووزير الداخلية ولجنة سباعية يرأسها الشهرستاني تهتم بأمور الخدمات، كما أن هناك أحد عشر لجنة قضائية مستعجلة للنظر بأمور المعتقلين.
وأضاف: نحن لا نسمح لتركيا ولا لأي دولة غيرها أن تتحكم بالأجندة العراقية أو تتحكم بمصدر القرار، والعراقيون بعد عشر سنوات من التضحية والدماء يصرون على أن يكون القرار عراقي وعدم السماح بتدخل الأجندة الخارجية، وكل الذين يحاولون التدخل بالشأن العراقي سوف يجدون انفسهم خارج اللعبة وسيجدون انفسهم غير محترمين لدى شعوبهم.
دمشق مطمئنة: الرياح السياسية والعسكرية تتبدّل
بعد أقل من شهرين تكمل الأزمة السورية عامها الثاني. الرئيس الأميركي باراك أوباما طالب للمرة الأولى برحيل نظيره السوري بشار الأسد في 18 آب عام 2011. مر على ذاك الموقف عام و6 أشهر. سبقه إلى ذلك الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في 28 أيار 2011. لم يرحل الرئيس السوري، وبينهما تحدث الأتراك وقادة عرب مرات عديدة عن قرب الرحيل. وها هو وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يؤكد «أن رحيل بشار الأسد مستحيل»، ويتبعه مستشار مرشد الجمهورية الإسلامية في إيران للشؤون الدولية علي اكبر ولايتي بالقول إن «الأسد خط أحمر»، ثم يخرج وزير الخارجية السوري وليد المعلم لينفي كل ما قيل سابقاً (بما في ذلك ما قاله نائب الرئيس فاروق الشرع)، ويؤكد أن من يريد رحيل الأسد يتسبب في استمرار الحرب السورية.
يستنتج المرء مما تقدم، أن محور روسيا إيران سوريا قد صمد ولعله يتجه إلى تحقيق انجازات أمنية وسياسية تدفع إلى التساؤل فعلياً عن أسباب ومآل ما حصل، أسباب
قد تنعكس قريباً على مستقبل الوضع اللبناني وما يجري الإعداد له من قوانين انتخابية وغيرها. فمن موسكو وطهران إلى سوريا ولبنان، ثمة قناعة بأن ما يجري في سوريا الآن هو تجليات حرب كونية باردة، وأن دمشق باتت ساحة انتصار أو هزيمة واحد من المشروعين، ما لم تحصل تسوية كبيرة.
الذين زاروا الأسد في الأيام الأخيرة فوجئوا بحجم الاطمئنان عنده. يتحدث الرئيس من قصره (الذي لم يغادره خلافاً لما قيل) عن الوضع الحالي من منطلق أن المعادلة انقلبت. يقول إن الدولة ستستمر بترسيخ أقدامها حتى ولو طالت الحرب. يشرح أن المعركة ما عادت بين سلطة ومعارضة وإنما بين الدولة و «إرهابيين» وان القتال سيستمر حتى القضاء عليهم مهما كلف الأمر.
لم يتخل الرئيس مطلقاً عن ثقته بنظامه وجيشه. لم يشك لحظة واحدة بثبات الحليف الروسي على المستوى الدولي والحليف الإيراني في الإقليم. يبتسم مراراً، يمرر مزحة على طريقته الهادئة المخالفة لاشتعال الجبهات السورية. يقول بلهجة المطمئن: «قلت منذ البداية إن تحالفنا مع الروس إستراتيجي لا يتغير عند المنعطفات، اعتقد كثيرون أننا نبالغ». هذا التحالف انطلق فعلياً منذ العام 2007 وترسخ وقويت دعائمه فصار سداً منيعاً أمام أية محاولات لضرب سوريا عبر مجلس الأمن أو الأمم المتحدة أو خارجهما.
لا قلق عند الأسد من تمدد المعارضة المسلحة في الجسد السوري. لديه من القرائن الكثيرة التي تؤكد أن الجيش قادر على حسم عدد من المعارك المؤجلة. جغرافية سوريا سمحت للإعلام المناهض للنظام السوري بتصوير الأمر على انه سقوط حتمي للمنظومة الأمنية. الديموغرافيا السورية لا تسمح للجيش بالبقاء في الكثير من المناطق التي يحسمها. هو يضرب ويقتل الكثير من المسلحين ثم ينسحب. يعود مسلحون آخرون. لكن الأسد واثق من أن «البيئة الحاضنة آخذة بالتغيير الجذري». كثيرون يساعدون الجيش في العثور على مخابئ المسلحين. في الآونة الأخيرة قتل مئات المسلحين بعد مساعدة الأهالي.
تفاؤل الأسد أمام زواره في الأسابيع الماضية يتقاطع مع جملة من المعطيات الدولية والإقليمية أبرزها:
[ قلق أميركي فعلي من تمدد «جبهة النصرة» والجهاديين على حساب المعارضة «المقبولة غربياً». يرافقه شبه يقين من أن الجيش السوري الذي لم ينشق عنه سوى جزء بسيط جداً في خلال نحو عامين ما عاد قابلاً للتفكك. ينسحب الأمر على السلك الديبلوماسي السوري الذي فاجأ، كما الجيش، السفير الأميركي السابق في دمشق روبرت فورد. هذا الديبلوماسي الأميركي الذي جاهد لإحداث اختراقات كبيرة في المؤسستين الأمنية والديبلوماسية، والذي كان منذ الشهر الثاني للأزمة السورية يمني النفس بإقناع ضباط وشخصيات سياسية علوية بالانشقاق، قال قبل أيام، وهو يرفع يديه صوب السماء أمام احد الضيوف، «لا أدري كيف سيرحل الأسد، هو قد لا يرحل مطلقاً، لا يريد الرحيل». قالها بمرارة الفاشل. الصدى نفسه قد يتردد في دوائر غربية وبينها في الخارجية الفرنسية.
الحركات الجهادية ليست مزحة. «انقلب الكثير من السحر على السحرة»، يقول مسؤول سوري رفيع. فوجئ الأميركيون ومعهم بعض الأوروبيين بأن سماحهم بمرور بعض الجهاديين عبر الحدود الأوروبية ثم التركية فاق التوقعات. من سيناء إلى العراق وسوريا وصولاً إلى الأردن وشمال لبنان يتعمق العامل الجهادي القاعدي في جسد الشرق. لا بد إذاً من غض الطرف عن عمليات الجيش السوري ضد هؤلاء. كلما قتل الجيش من الجهاديين كلما خفف عبئاً عن الغرب.
[ التورط الفرنسي في مالي، وخطف الغربيين في الجزائر، وفشل تحرير الرهينة في الصومال، أيقظ كل ذلك الدول الغربية من سباتها. حصلت اتصالات مكثفة في الأيام القليلة الماضية بين باريس وواشنطن ولندن وبعض الدول العربية لتسريع خطوات تطويق هذا المد الجهادي. صدرت مواقف فرنسية تقول إن بعض الدول العربية مسؤولة عن تعزيز هذا المناخ الجهادي القاعدي. توجهت أصابع الاتهام إلى من دعم تسليح «القاعدة» في ليبيا. سيصدر كتاب خطير في الأيام القليلة المقبلة في باريس يتحدث عن الدور القطري في عدد من الدول العربية وفي التأثير على فرنسا وغيرها. يوقع الكتاب إعلاميان بارزان وخبيران بشؤون المنطقة هما جورج مالبرونو وكريستيان شينو. من الصعب انتظار دور فرنسي مباشر في الأزمة السورية قبل مرور أشهر طويلة على هذا الخطأ الديبلوماسي والأمني في غرب أفريقيا.
[ تغيير في الموقف العربي. ملك الأردن عبدالله الثاني قال صراحة لشخصين على الأقل هما عبد الباري عطوان، صاحب جريدة «القدس العربي»، وناهض حتر، الكاتب الأردني المقبل على دور سياسي يساري في بلاده، إن الأسد باق وإن المعادلة آخذة بالتغيير. الاستخبارات الأردنية قالت أمراً مماثلا للاستخبارات اللبنانية والسورية. ثمة اتصالات بعيدة عن الأضواء تجري مع السعودية ساهمت في تعديل بعض الرياح بين الرياض ودمشق. لم يصل الأمر إلى نتائج كبيرة بعد ولكنها بداية جيدة. الكلام عن السعودية في دمشق لا يشير إلى طرف مركزي، يحكى عن أطراف متعددة في الدولة ويقال إن احد ابرز هذه الأطراف له رأي مخالف للتدخل في سوريا. وحدها قطر لا تزال المتهم الأبرز في دمشق حتى ولو بقي الكلام عن السعودية وتركيا حاضراً في حديث وليد المعلم. نقل مسؤولون جزائريون وعراقيون ولبنانيون ومصريون استياءً فعلياً من «التعنت» القطري حيال تسليح المعارضة.
[ تفاهم روسي أميركي على الكثير من التفاصيل بشأن الأزمة السورية، رافق ذلك تغييرات جوهرية في إدارة أوباما. يستند هذا التفاهم أساساً إلى اتفاق جنيف. لا بد إذاً من تسوية تضم النظام الحالي وأطراف المعارضة. دمشق قابلة بإعادة تفعيل مهمة الأخضر الإبراهيمي ولكن بشروطها. موسكو لن تقبل مطلقاً الضغط على الأسد للتخلي عن السلطة. أكد لافروف صراحة لنظرائه الأوروبيين في الأسابيع الماضية أن الأسد لا يزال يحظى بشعبية كبيرة في سوريا تسمح له بالترشح وربما النجاح في الانتخابات المقبلة. الإيرانيون قالوا للروس صراحة أن لا مجال للتفكير بإجبار الأسد على الرحيل. ها هو علي اكبر ولايتي، احد أهم الشخصيات المقربة من المرشد السيد علي خامنئي، يقول صراحة إن «الأسد خط أحمر». ومن يزور طهران يسمع كلاماً أقوى بكثير من هذا، لا يوازيه سوى نقمة اكبر على قطر ودورها، ولوم شديد على تركيا. ولايتي تعمد التصريح بذلك قبل يومين لقناة «الميادين».
[ الدور التركي آخذ بالتراجع، رغم ضرورة استمرار التصريحات المناهضة للأسد. يشعر رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان بحجم المأزق. تتردد معلومات في باريس عن احتمال إبعاد وزير الخارجية أحمد داوود أوغلو في المرحلة المقبلة. يبدو أن النظام السوري نجح كثيراً في تعزيز التفاهم مع الأكراد. بات مقاتلو «حزب العمال الكردستاني» سداً منيعاً أمام التحرك التركي. المسؤولون الأمنيون السوريون مرتاحون جداً لـ«حزب العمال الكردستاني». يحكى عن مفاجآت مقبلة عند الحدود. يؤكد مسؤول في حلف شمال الأطلسي أن إرسال «الباتريوت» إلى تركيا هو لحمايتها وليس للهجوم. أنقرة قلقة إذاً على أمنها بعدما كان أردوغان، ولفترة طويلة، سيد «المبشرين» بسقوط قريب للأسد. هل كان اغتيال الناشطات الكرديات الثلاث في باريس من قبيل الصدفة؟
[ ثمة معلومات كثيرة يسمعها زائر سوريا عن تغييرات محتملة في السعودية وقطر. يقال إن المملكة، التي شنت حرباً إعلامية شعواء مع الإمارات والكويت على الإخوان المسلمين في مصر وتونس، تعيش مرحلة التمهيد الفعلي لما بعد الملك عبدالله. واشنطن ترعى حالياً مرحلة استبدال الجيل السابق من قادة السعودية بجيل من الشباب. في صحيفة «واشنطن بوست» قبل فترة مقال مفصل عن ذلك. صحة الرجل ما عادت تساعد. يحكى أيضاً عن استعدادات في الدوحة لمرحلة التغييرات السياسية المقبلة وسط كلام عن صحة الأمير.
قد يسمع زائر دمشق تحليلات حول كل هذه المتغيرات، ولكن الأهم يبقى الخيار العسكري في الوقت الراهن. استئصال الجهاديين والمقربين من «القاعدة» صار أولوية. حتى الكلام عن المعارضة «المعتدلة» ما عاد مسموعاً كثيراً. فهؤلاء برأي القيادات السورية فقدوا الكثير من أهمية حضورهم على الساحة الداخلية، «تركوا الساحة لمقاتلين لا يعرفون عن الإصلاح والحريات والديموقراطية شيئاً»، ولم يتخذوا المواقف في الوقت المناسب. هذا كلام يتردد كثيراً في دمشق من رأس هرم السلطة حتى المفاصل الأساسية.
ومع ذلك فالحل السياسي مطروح. يقول زوار الأسد إنه في كل مرة يتحدث عن الإصلاح إنما يعيد السائل إلى خطابه الأخير. يقول إنه قدم مشروعاً متكاملاً في دار الأوبرا. تحدث عن الدستور والميثاق والاستفتاء والانتخابات. هذه أمور جوهرية متفق عليها أصلاً مع الروس. موسكو ارتاحت لخطابه. شكلت إدارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سداً منيعاً أمام الهجمات الغربية والعربية على الخطاب. ذهبت الإدارة الروسية ابعد من ذلك، اعتبرت أن خطاب الأسد هو أقصى ما يقدمه النظام وأنه بات على المعارضة تقديم تصورها للحل.
كل ما تقدم مهم، ولكن الأهم أن صورة المعركة على الأرض آخذة في التغيير. دخلت معطيات جديدة وإستراتيجيات عسكرية. تعلم الجيش من بعض الأخطاء السابقة. أحكمت القبضة على المفاصل الأمنية التي كانت تمر عبرها بعض الاختراقات بدواعي الفساد المالي. تم تشكيل لجان شعبية تدربت بشكل مكثف في الأشهر الماضية. وضعت شبكة معلومات وتجهيزات تنصت وغيرها (بمساعدة روسية كبيرة)، نافست كل المساعدات الغربية للمعارضة المسلحة. اتخذت إجراءات لحماية ذاتية في مناطق الأقليات. يقال إن ما حققته اللجان الشعبية في بعض المناطق تخطى ما انتظره الجيش.
ترافق كل ذلك مع إجراءات اقتصادية ساهمت فيها روسيا وإيران والعراق، وصولاً إلى دول أخرى لا مجال لذكرها الآن. يحكى عن صفقة لإعادة الإعمار تم التوافق عليها مع الروس. دخلت عوامل نفطية على الخط. لم يوقف ذلك من استفحال الأزمة الاقتصادية ولكن الوضع كان سيكون أسوأ بكثير لو لم تتخذ هذه الإجراءات. الهم الاقتصادي كبير ولكن الأسد يبدو واثقاً من الخطوات المقبلة. في كل المناطق التي حصلت فيها تسويات، ومنها مثلا حمص، يصار إلى تحسين أوضاع المواطنين. ثمة أمل في تسويات مقبلة في حلب تجنب المدينة حروباً جديدة. أوضاع اللاجئين والنازحين دفعت البعض إلى إعادة مد جسور مع النظام.
كيف يمكن توظيف التقدم السياسي لاحقاً؟
مع استمرار تشديد القبضة الأمنية على الأرض، ستبدأ سلسلة من الاجتماعات للمعارضة في الخارج. ثمة أمل معلق على ما تعده هيئة التنسيق ورئيسها في الخارج الدكتور هيثم مناع في جنيف. هذا المعارض، الأكثر ثباتاً على موقفه الرافض للحلول العسكرية ولعسكرة الثورة وللتدخلات الخارجية، التقى حتى الساعة أكثر من 32 وزير خارجية. الطلبات عليه كثيرة، وخصوصاً من الخليج، هذه الأيام. سيشرف مناع على اجتماع قريب في جنيف (هو نفسه الذي لم يعقد سابقاً في سانت ايجيدو الايطالية). يقال إنه سيكون أهم مما كان منتظراً في الاجتماع السابق. قد تنضم إليه شخصيات من النظام (ربما من مجلس الشعب) وشخصيات أخرى تدور في فلك الإخوان المسلمين. اجتماعات كهذه تعقد برعاية روسية وتعاون أوروبي وترحيب إيراني ومن بعض دول الخليج المناهضة لدور كبير للإخوان المسلمين. من المنتظر أن يتبع ذلك خطوات سياسية بين السلطة والمعارضة. روسيا وإيران والسعودية ومصر على الخط. تركيا مضطرة لأن تتبع ذلك.
تستند موسكو إلى مثل هذه اللقاءات والتحركات لتقول لواشنطن، أن لا سبيل لوقف الحرب في سوريا سوى واحد: تطبيق اتفاق جنيف ونقل الصلاحيات لحكومة مشكلة من كل الأطراف والإعداد للانتخابات المقبلة. وليس مقبولاً منع الأسد من المشاركة في الانتخابات.
الخيارات واضحة، إما القبول بهذه التسوية ووقف الحرب، بما في ذلك وقف دعم المسلحين، وإما حرب تطول، ولا شيء يشير إلى احتمال تغيير المعادلة سوى إذا نجح المسلحون في اغتيال الأسد بمساعدة غربية. لذلك قالت موسكو وبعدها طهران إن الأسد خط احمر. يبدو الأسد بالنسبة للعاصمتين ضمانة بقاء النظام.
في اللقاءات المصرية السعودية الأخيرة، وكذلك في الاتصالات غير المعلنة على الخط المصري الإيراني السعودي التركي، تتقدم القناعة يوماً بعد آخر بأن لا حل سوى بتسوية سياسية يشارك فيها الجميع، بمن فيهم الأسد.
ماذا عن لبنان؟
يحلو لبعض المسؤولين السوريين التذكير بأن اتفاقات دولية، وخصوصاً مع فرنسا، هي التي جاءت بالرئيس ميشال سليمان رئيساً وأن مواقفه ليست مفاجئة، فهو كما رئيس الحكومة نجيب ميقاتي اعتقدا لوهلة باحتمال سقوط قريب للنظام. يقولون إن اللبنانيين يخطئون دائما في تصديق الغرب حين يتحدث عن تغييرات. يبقى ميقاتي في دمشق أفضل موقفاً من سليمان، لكن الأسئلة كبيرة. لا رضى ولا نقمة على المسؤولين اللبنانيين وإنما كثير من العتب، خصوصاً لسماحهم بتهريب السلاح وبهجومهم على السفير السوري. «سمحت لنا الأزمة السورية باكتشاف من هم أصدقاؤنا الفعليون» يقول مسؤول سوري، لن ننسى هذه الدروس مطلقاً.
يحلو للمسؤولين السوريين أيضاً الإشارة إلى أن زيارة رئيس جبهة النضال وليد جنبلاط إلى روسيا تعني الكثير في الوقت الراهن. الرجل بالنسبة لهم بدأ تحولاً كبيراً يريده من عاصمة كبيرة. يقولون إنه فهم أن الرياح في الأزمة السورية سارت بعكس أشرعته. يشيرون بشيء من الابتسام إلى الانقسام اللبناني حول قانون الانتخابات، والى المواعيد التي ضربها رئيس الحكومة السابق سعد الحريري للعودة إلى لبنان ولم تتم. هم واثقون أن عودته ستكون نتيجة تفاهم سوري مع السعودية. هذا ليس قريباً. يقول احدهم إن القوانين السورية لا شك متقدمة كثيراً على قانون الستين وتوابعه. يؤكد بعضهم أن «دمشق لن تنسى من وقف معها، تماماً كما لن تنسى من ساهم في سفك الدماء». هل ثمة ترجمة فعلية لذلك؟ ....الصمت سيد الموقــف يرافقه تســـريب معلومة عن شخصيات لبنانية مناهضة للأســـد حاولـــت فتح خطـــوط في الشهرين الماضيين.
يناقض كل هذا المشهد ما يقوله مسؤول امني لبناني كبير، من أن النظام السوري سيسقط بعد شهرين. تماماً كما كان يقول أوباما وساركوزي وأردوغان.
مرة جديدة يتبين أن مصالح الدول أقوى من عذابات الشعوب. خصوصاً إذا ما تعلق الأمر بالعرب، وبانتظار التسوية، فإن الحرب لا تبدو قريبة الانتهاء.
انتخابات إسرائيل; نتنياهو يستنهض جمهور اليمين
مع بدء جنود جيش الاحتلال الإدلاء بأصواتهم، واستمرار تراجع شعبية كتلة الليكود ــ إسرائيل بيتنا، حاول رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو استفزاز الناخب اليميني بالقول إن حزب الله، وإيران، وحماس يراقبون ما إذا كان حزب الليكود ستزداد مقاعده أم ستتراجع في الانتخابات
افتتح جيش الاحتلال، أمس، في تل أبيب أول صندوق اقتراع يستخدمه جنوده للإدلاء بأصواتهم في إطار انتخابات الكنيست المقبلة. على أن يعقبه افتتاح أكثر من 800 صندوق اقتراع في مختلف القواعد العسكرية، إلى جانب صناديق ثابتة ومتحركة لتمكين الجنود من الإدلاء بأصواتهم.
وعشية البدء الفعلي بالتصويت، حاول نتنياهو استفزاز الجمهور الإسرائيلي عامة والناخب اليميني خاصة، من خلال القناة الثانية، بهدف دفعه للتصويت لصالح كتلة الليكود ــ إسرائيل بيتنا، التي يترأسها، عبر القول إنّ «إيران وحزب الله اللبناني وحركة حماس يتابعون الانتخابات، لأنهم يريدون أن يعرفوا شيئاً واحداً: ما إذا كان الحزب الحاكم قد كبر أو صغر»، مضيفاً إنّ هؤلاء الأعداء «يريدون إسرائيل ضعيفة ومنقسمة»، وليس بإمكان دولة لها أعداء كثر كإسرائيل أن تحتمل بأن يحكمها حزب ضعيف. وأعاد نتنياهو استحضار التهديد النووي الإيراني، على أنّه سيكون أولويته خلال توليه رئاسة الحكومة المقبلة. كما تناول نتنياهو التهديد الإيراني، خلال لقائه مع وفد من الكونغرس الأميركي ضمّ مندوبين عن الحزبين الجمهوري والديموقراطي، أوّل من أمس، بالقول إنّ مشكلة العالم هي إيران نووية وليس البناء الاستيطاني في القدس. ووجّه نتنياهو نقداً ضمنياً لسياسة الرئيس الأميركي باراك أوباما إزاء إيران، بالقول إنّ «التاريخ لن يسامح الذين يتهاونون في الوقوف أمام تحول إيران إلى قوة نووية».
ويسود شعور بـ«الضغط» داخل حزب الليكود، نتيجة استطلاعات الرأي الأخيرة، الأمر الذي رفع منسوب المخاوف داخل الحزب، وأدّى إلى حالة من التوتّر تمثلت بمقاطعة بعض الوزراء لزملائهم وتبادل تحمّل المسؤولية. وأظهر استطلاعان أجرتهما صحيفتا «هآرتس» و«يديعوت أحرونوت» حصول حزب نتنياهو على 32 مقعداً، وهو أقل عدد متوقع له حتى الآن، وهو أقل بعشرة مقاعد عما حصل عليه الائتلاف، الذي قاده الحزب عام 2009 مع حزب إسرائيل بيتنا عندما خاضا الانتخابات وحدهما.
ورأت جهات داخل الليكود، أنّه لو تحققت توقعات استطلاعات الرأي الأخيرة، فإن ذلك سيشكل «فشلاً ذريعاً»، وسيلقي بظلاله على استقرار الحكومة المقبلة وإدارتها.
بدوره، أكد وزير الخارجية المستقيل، أفيغدور ليبرمان، خلال لقاء مغلق في بئر السبع، أنّ إسرائيل لن توقف الاستيطان في القدس، لافتاً إلى أنّ الخلافات مع الولايات المتحدة «ليست جديدة». وأكد أنّ إسرائيل تتمتع بالتعاون الوثيق مع واشنطن في مختلف المجالات. ودعا نتنياهو إلى تشكيل حكومة بعد الانتخابات تركّز اهتماماتها على الاقتصاد، والسكن، وتحقيق المساواة في تحمّل عبء الخدمة العسكرية أو المدنية.
وتوقع ليبرمان أنّ تنال قائمة الليكود ــ إسرائيل بيتنا 40 مقعداً، معتبراً أنّ استطلاعات الرأي مضلّلة، ودعا الناخبين الى التصويت لصالح الأحزاب الرئيسية. كما هاجم السياسة الدولية تجاه إيران، محذّراً من أنّ العالم يفضّل تأجيل المشكلة الإيرانية وعدم إنهائها، فيما إسرائيل لن تستطيع أن تسلّم بإيران نووية. ودعا إلى فعل كل شيء من أجل أن يدرك العالم أنّه لا يمكن العيش مع إيران نووية.
من جهة أخرى، دعت جامعة الدول العربية، في بيان صادر عن «قسم فلسطين والأراضي العربية المحتلة»، فلسطينيي 48 إلى المشاركة الإيجابية والمكثفة في الانتخابات الإسرائيلية البرلمانية المقبلة، كما أعرب البيان عن بالغ القلق إزاء المؤشرات الحالية بشأن الانتخابات المقبلة للكنيست الإسرائيلي، والتي تدلل على وجود بدايات لسياسة مقبلة لشرعنة التطهير العرقي وسيطرة العنصرية، تحت شعار أنّ «العربي خطر على إسرائيل».
ورأت الجامعة، أيضاً، أنّ عدم المشاركة الواسعة لفلسطينيي 48، سيؤثر على ما يجري في الكنيست، من محاولات لإمرار العديد من القوانين العنصرية ضد العرب بسهولة ويسر. ووفقاً لذلك، شدّدت الجامعة على ضرورة أن يكون صوت الفلسطينيين عالياً وقوياً في هذه الانتخابات، حتى تستند عليه منظمات المجتمع المدني، والمنظمات الحقوقية، والقانونية، والبرلمانية في العالم لمواجهة هذه القوانين.
وحذّرت الجامعة، في بيانها، من «أنّنا أمام بدايات لسياسة إسرائيلية قادمة تعتمد التطهير العرقي، وسيطرة العنصرية على كلّ ما يخصّ ما هو غير يهودي، وبشكل خاص عرب 48، وسيكون للكنيست المقبلة دور في إصدار هذه التشريعات والقوانين»، وبالتالي فإن هذا الأمر الخطير، يستوجب أن تقابله معارضة قوية داخل الكنيست تتصدى لهذه المحاولات، وكشفها ونقلها إلى برلمانات العالم والرأي العام الدولي.
سوريا: عودة إلى الميدان
بعد معلومات عن تغييرات جذرية أدخلت على عمل الجيش السوري وأدائه أخيراً، وفيما تلوح في الأفق جولة دبلوماسية جديدة بقيادة الطرف المعادي لسوريا عربياً ودولياً، تدخل سوريا مرحلة جديدة يُخشى أن تزيد من دموية الصراع القائم فيها
تتّجه سوريا صوب مرحلة جديدة، ميدانياً وسياسياً. المناخات الدبلوماسية الخارجية لا تشير أبداً إلى تسوية قريبة، لكنّ هناك مَن يتحرك من مكانه ولو ببطء. الموفد العربي والدولي الأخضر الإبراهيمي حصل على تثبّت لكون أيّ حل سيقوم على أساس نظام جديد. لكنه لم يحصل على التنازلات التي يحتاج إليها من جانبي الحكم والمعارضة. كما يعيش مراوحة في الجدال الدبلوماسي من حوله. وهو يفسّر الأمر بأنه انعكاس للواقع الميداني.
على الأرض، برزت تطورات جديدة على أداء الجيش النظامي بعد فشل «غزوة دمشق»، والواقع، بحسب مصادر متعددة، أن تغييرات جذرية طرأت على آليات العمل والتخطيط وحتى التنفيذ، وإن الجهد الخاص بعمل الاستخبارات العسكرية قد تقدّم وأتاح للجيش تحقيق «نجاحات ميدانية» في مناطق عدّة من ريف دمشق ومنطقة حمص. ودفعت القراءة الجديدة إلى قرارات بالتخلّي عن «جهود لا طائل منها» أي إخلاء نقاط وعدم الدخول في مواجهات عسكرية في مناطق مختلفة، وخصوصاً في مناطق الشمال.
الأوساط الدبلوماسية تشير إلى أن خطاب الرئيس السوري بشار الأسد الأخير في دار الأوبرا، وحصيلة محادثات الإبراهيمي في جنيف، كانت ذروة المرحلة الأخيرة، وكانت حصيلة الواقع الميداني المستجدّ. وبالتالي فإنّ النتيجة التي لا تحسم الجدال سوف تفتح الباب أمام أسئلة حول المرحلة التالية، وسط معلومات عن أن الطرف المعادي للنظام في سوريا، من تركيا إلى السعودية إلى قطر عربياً، وفرنسا ودول أوروبية والولايات المتحدة دولياً، يمهّد لجولة دبلوماسية جديدة متوقّعة خلال الأسابيع المقبلة.
وحسب المعلومات، فإن جهود القوى المعادية للحكم السوري تنصبّ مجدداً على الآتي:
أولاً: رفع معنويات الائتلاف السياسي المعارض، والدفع نحو خطوة عملانية جديدة تتمثّل في تشكيل حكومة مؤقتة، موعودة بأن تحظى بدعم من عواصم عربية وإقليمية ودولية وباعترافها.
ثانياً: محاولة توحيد المجموعات العسكرية المقاتلة تحت قيادة واحدة من جديد، واللجوء إلى حصر الإمدادات المالية والعسكرية بقيادة يُتّفق عليها، ما يؤدي بنظر هذه الجهات إلى منع الفوضى القائمة حالياً.
ثالثاً: تجميد البحث في ملف النصرة، والسعي إلى تفاهمات ميدانية تحول دون استمرار المواجهات المتفرقة بين مقاتلين من النصرة ومقاتلين من مجموعات أخرى، وخصوصاً في مناطق إدلب وريف حلب.
رابعاً: السعي إلى التعويض عن فشل «غزوة دمشق» بعملية نوعية، سواء من خلال عمل أمني يستهدف قيادات أساسية في النظام، أو من خلال عمل ميداني يوسّع رقعة سيطرة المسلحين في بعض المناطق، وسط رجحان كفّة اللجوء إلى عمليات القتل العشوائي من خلال تفجيرات في مناطق سيطرة قوات النظام.
على الجبهة المقابلة، يراهن الجانبان الروسي والإيراني على مزيد من «الواقعية» في نظرة دول عربية وإقليمية معنية بالأزمة. وكان لافتاً تخلي إيران عن الدبلوماسية المعهودة إزاء دول الخليج، وشن المستشار الأبرز لمرشد الثورة، الدكتور علي أكبر ولايتي، حملة مباشرة على دولة قطر، وإظهاره في الوقت نفسه مرونة تجاه تركيا والسعودية، بينما يجري الحديث عن دور مصري هدفه احتواء أيّ انقسام داخل الجبهة العربية، من خلال إعادة الملف إلى الجامعة العربية وربطه بمهمة الأخضر الإبراهيمي.
ميدانياً، تشير المعطيات الواردة من دمشق إلى أن قوات النظام تسعى إلى تحقيق خطوات هدفها الإمساك مجدداً بكل منطقة دمشق وريفها، وكذلك منطقة حمص وريفها. ما يعني توقّع عمليات عسكرية من الغوطة الشرقية إلى بعض المناطق المتصلة بالجنوب، إلى منطقة القصير وقرى في ريف حمص. وسوف يكون لنتائج هذه المواجهات انعكاسات أساسية على المرحلة المقبلة...
تبدو سوريا الغارقة في أزمة دموية غير مسبوقة، على موعد مع فصل دموي جديد، في ظل استمرار الانقسام الداخلي، واشتداد المواجهة الخارجية أيضاً.
الإمام الحسن العسكري و التمهيد لقضية الإمام المهدي (ع) _ 2
الخطوة الرابعة:
وتمثّلت في الاشهاد على ولادة الإمام المهدي(عليه السلام) ووجوده وحياته.
فعن أبي غانم الخادم أنه ولد لأبي محمد ولد فسمّاه محمّداً فعرضه على أصحابه يوم الثالث -وقال: هذا صاحبكم من بعدي وخليفتي عليكم وهو القائم الذي تمتدّ إليه الأعناق بالانتظار، فإذا امتلأت الأرض جوراً وظلماً فملأها قِسطاً وعدلا[1].
وعن عمرو الأهوازي أن أبا محمّد أراه ابنه وقال: هذا صاحبكم من بعدي[2].
وعن معاوية بن حكيم ومحمد بن أيّوب بن نوح ومحمد بن عثمان العمري(رضي الله عنه) أنهم قالوا: عرض علينا أبو محمد الحسن بن علي(عليهما السلام) ونحن في منزله وكنّا أربعين رجلاً فسئل عن الحجة من بعده فخرج عليهم غلام أشبه الناس به فقال:
هذا إمامكم من بعدي وخليفتي عليكم، أطيعوه ولا تتفرّقوا من بعدي في أديانكم فتهلكوا، أما إنّكم لا ترونه بعد يومكم هذا[3] قالوا: فخرجنا من عنده فما مضت إلاّ أيام قلائل حتى مضى أبو محمد(عليه السلام) .
الخطوة الخامسة:
وهي إجابات الإمام المهدي(عليه السلام) على اسئلة شيعته في حياة أبيه حيث تكشف عن قابلياته الرّبانية التي يختص بها أولياء الله.
وممّا حدّث به أحمد بن اسحاق حين سأل الإمام الحسن العسكري عن علامة يطمئن إليها قلبه حول إمامة المهدي(عليه السلام) حين اراه إيّاه وقد كان غلاماً كأنّ وجهه القمر ليلة البدر من أبناء ثلاث سنين.. : أن الغلام نطق بلسان عربيّ فصيح فقال: أنا بقية الله في أرضه والمنتقم من أعدائه فلا تطلب أثراً بعد عين يا أحمد ابن اسحاق[4].
وقد حفلت مصادر الحديث الإمامي بكرامات الإمام المهدي(عليه السلام) مع سعد بن عبدالله القمي العالم الإمامي الذي كان قد احتار في أجوبة مسائل عويصة قد اُلقيت عليه حتى لحق بأحمد بن اسحاق صاحب أبي محمد الحسن العسكري(عليه السلام) وذهبا معاً الى الإمام العسكري(عليه السلام) ودخلا عليه وابنه محمد المهدي(عليه السلام) بين يديه وأمره بإخبار أحمد بن اسحاق بهدايا شيعته التي جاء بها ثم اُخبر سعد بن عبدالله بما كان قد جاء له من المسائل العويصة التي أشكلت عليه[5].
وهكذا كراماته لابراهيم بن محمد بن فارس النيسابوري حين أخبره عمّا في ضميره[6].
الخطوة السادسة:
وهي تخطيطه(عليه السلام) لتسهيل الارتباط بالإمام المهدي(عليه السلام) في غيبته الصغرى من خلال اعتماده وكلاء قد وثّقهم لدى شيعته فأصبحوا حلقة وصل مأمونة بين الإمام المهدي(عليه السلام) واتباعه من دون أن يتجشّموا الأخطار والصعاب لذلك.
فقد حدّث محمد بن اسماعيل وعلي بن عبدالله الحسنيان أنّهما دخلا على أبي محمد الحسن(عليه السلام) بسرّ من رأى وبين يديه جماعة من أوليائه وشيعته حتى دخل عليه بدر خادمه فقال: يا مولاي بالباب قوم شعث غبر، فقال لهم: هؤلاء نفر من شيعتنا باليمن..ثم ساق حديثاً طويلاً حتى انتهى الحديث الى أن الحسن(عليه السلام) قال لبدر: فامض فأتنا بعثمان بن سعيد العمري، فما لبثنا إلاّ يسيراً حتى دخل عثمان فقال له سيدنا أبو محمد(عليه السلام): إمض يا عثمان فإنّك الوكيل والثقة والمأمون على مال الله واقبض من هؤلاء النفر اليمنيين ما حملوه من المال، ثم ساق الحديث الى أن قالا: ثم قلنا بأجمعنا: يا سيّدنا والله إنّ عثمان لمن خيار شيعتك ولقد زدتنا علماً بموضعه من خدمتك وأنّه وكيلك وثقتك على مال الله تعالى، قال: نعم واشهدوا عليّ انّ عثمان بن سعيد العمري وكيلي وأنّ ابنه محمداً وكيل ابني مهديّكم[7].
وقد كان عثمان بن سعيد الوكيل الأوّل للإمام المهدي(عليه السلام) بعد استشهاد الإمام الحسن العسكري(عليه السلام) ثم أصبح محمّد بن عثمان وكيله الثاني كما هو المعروف في ترتيب النواب الأربعة للإمام المهدي (عليه السلام) .
الخطوة السابعة:
وتمثّلت في النصوص التي هيّأت أتباع أهل البيت(عليهم السلام) لاستقبال الوضع الجديد الذي سيحلّ بهم عند غيبة الإمام المهدي(عليه السلام) لئلاّ يفاجأوا باُمور لا يعرفون كيفية التعامل معها مثل ما يحصل بعد الغيبة من الحيرة والاختلاف بين الشيعة، وما ينبغي لهم من الصبر والانتظار للفرج والثبات على الايمان والدعاء للإمام (عليه السلام) ولتعجيل فرجه الشريف.
وتكفي هذه الخطوات السبعة للتمهيد اللازم لتصبح قضية الإمام المهدي(عليه السلام) قضية واقعية تعيشها الجماعة الصالحة بكل وجودها رغم الظروف الحرجة التي كانت تكتنف الإمام المهدي(عليه السلام).
الهوامش"
[1] كمال الدين: 2/431 .
[2] الكافي: 1/328.
[3] كمال الدين: 2/435 .
[4] كمال الدين: 2/384.
[5] كمال الدين: 2/454.
[6] إثبات الهداة: 3/700 .
[7] غيبة الطوسي: 215 .
الإمام الحسن العسكري و التمهيد لقضية الإمام المهدي (ع) _ 1
إنّ أهم انجاز للإمام العسكري(عليه السلام) هو التخطيط الحاذق لصيانة ولده المهدي(عليه السلام) من أيدي العتاة العابثين الذين كانوا يتربصون به الدوائر منذ عقود قبل ولادته، ومن هنا كانت التمهيدات التي اتّخذها الإمام(عليه السلام) بفضل جهود آبائه السابقين (عليهم السلام) وتحذيراتهم تنصب أوّلاً على إخفاء ولادته عن أعدائه وعملائهم من النساء والرجال الذين زرعتهم السلطة داخل بيت الإمام(عليه السلام)، الى جانب إتمام الحجة به على شيعته ومحبّيه وأوليائه.
ففي مجال كتمان أمر الإمام المهدي(عليه السلام) عن عيون أعدائه فقد أشارت نصوص أهل البيت(عليهم السلام) الى أنه ابن سيدة الإماء[1] وأنه الذي تخفى على الناس ولادته، ويغيب عنهم شخصه. وفي هذه النصوص ثلاث إرشادات أساسية تحقق هذا الكتمان، أوّلها أنّ اُمّه أمة وهي سيدة الإماء وقد مهّد الإمام الهادي(عليه السلام) لهذه المهمة باختيار زوجة من سبايا الروم للإمام الحسن العسكري(عليه السلام) ولم تكن للزواج أية مراسم ولا أية علامة بل كل ما تحقق قد تحقق بعيداً عن أعين كثير من المقرّبين.
وقد خفيت الولادة حتى على أقرب القريبين من الإمام، فإنّ عمّة الإمام(عليه السلام) لم تتعرّف على حمل اُم الإمام المهدي(عليه السلام) فضلاً عن غيرها، ومن هنا كانت الولادة في ظروف سرّية جداً وبعد منتصف الليل، وعند طلوع الفجر وهو وقت لا يستيقظ فيه إلاّ الخواص من المؤمنين فضلاً عن غيرهم.
وقد خطّط الإمام العسكري(عليه السلام) ليبقى الإمام المهدي(عليه السلام) بعيداً عن الأنظار كما ولد خفية ولم يطلع عليه إلاّ الخواص أو أخصّ الخواص من شيعته.
وأما كيفية إتمام الحجّة في هذه الظروف الاستثنائية على شيعته فقد تحقّقت ضمن خطوات ومراحل دقيقة.
الخطوة الاُولى: النصوص التي جاءت عن الإمام العسكري(عليه السلام) قبل ولادة المهدي(عليه السلام) تبشيراً بولادته.
الخطوة الثانية: الإشهاد على الولادة .
الخطوة الثالثة: الاخبار بالولادة ومداولة الخبر بين الشيعة بشكل خاص من دون رؤية الإمام(عليه السلام).
الخطوة الرابعة: الإشهاد الخاص والعام بعد الولادة ورؤية شخص المهدي(عليه السلام) .
الخطوة الخامسة: التمهيد لرؤية الإمام المهدي(عليه السلام) خلال خمس سنوات من قبل بعض خواصّ الشيعة والارتباط به عن كثب وتكليفه مسؤولية الإجابة على اسئلة شيعته المختلفة وإخباره عمّا في ضميرهم وهو في المهد أو في دور الصبا من دون أن يتلكّأ في ذلك. وهذا خير دليل على إمامته وانه حجة الله الموعود والمنتظر.
الخطوة السادسة: التخطيط للارتباط بالإمام المهدي(عليه السلام) بواسطة وكلاء الإمام العسكري(عليه السلام) الذين أصبحوا فيما بعد وكلاء للإمام المهدي(عليه السلام) بنفس الاُسلوب الذي كان معلوماً لدى الشيعة حيث كانوا قد اعتادوا عليه في حياة الإمام الحسن العسكري(عليه السلام).
الخطوة السابعة: البيانات والأحاديث التي أفصحت للشيعة عمّا سيجري لهم ولإمامهم الغائب في المستقبل وما ينبغي لهم أن يقوموا به.
ومن هنا نفهم السرّ في كثرة هذه النصوص وتنوّع موضوعاتها إذا ما قسناها الى نصوص الإمام الهادي(عليه السلام) حول حفيده المهدي(عليه السلام) ولاحظنا قصر الفترة الزمنية التي كانت باختيار الإمام العسكري وهي لا تتجاوز الست سنوات بينما كانت إمامة الهادي(عليه السلام) تناهز الـ (34) سنة ممّا يعني أنها كانت ستة أضعاف مدة امامة ابنه العسكري(عليه السلام).
الخطوة الاُولى:
لقد جاءت النصوص المبشّرة بولادة المهدي(عليه السلام) عن أبيه الإمام الحسن العسكري(عليه السلام) تالية لنصوص الإمام الهادي(عليه السلام) التي ركّزت على أنه حفيد الهادي(عليه السلام) وأنّه ابن الحسن العسكري(عليه السلام) وانّ الناس سوف لا يرون شخصه ولا يحلّ لهم ذكره باسمه، وأنه الذي يقول الناس عنه أنه لم يولد بعد، وأنّه الذي يغيب عنهم ويرفع من بين أظهرهم وأنه الذي ستختلف شيعته الى أن يقوم، وعلى الشيعة أن تلتفّ حول العلماء الذين ينوبون عنه وينتظرون قيامه ودولته ويتمسّكون بأهل البيت(عليهم السلام) ويظهرون لهم الولاء بالدعاء والزيارة وانه الذي سيكون إماماً وهو ابن خمس سنين[2].
وإليك جملة من هذه النصوص المبشّرة بولادته:
1 ـ روى الصدوق عن الكليني انّ جارية أبي محمد(عليه السلام) لمّا حملت قال لها: ستحملين ذكراً واسمه محمّد وهو القائم من بعدي[3].
2 ـ روى في اثبات الهداة عن الفضل بن شاذان أن محمد بن عبدالجبار سأل الإمام الحسن عن الإمام والحجة من بعده فأجابه: إنّ الإمام وحجة الله من بعدي ابني سميُّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) وكنيّه، الذي هو خاتم حجج الله وآخر خلفائه. فسأله ممّن هو؟ فقال: من ابنة ابن قيصر ملك الروم، إلاّ أنّه سيولد ويغيب عن الناس غيبة طويلة ثم يظهر[4].
3 ـ روى الطوسي أن جماعة من شيعة الإمام الحسن العسكري وفدوا عليه بسرّ من رأى فعرّفهم على وكيله وثقته عثمان بن سعيد العمري ثم قال لهم: واشهدوا عليّ أن عثمان بن سعيد العمري وكيلي وانّ ابنه محمّداً وكيل ابني مهديّكم[5].
4 ـ وعن عيسى بن صبيح أنه حين كان في الحبس دخل عليه الإمام الحسن العسكري فقال له:لك خمس وستون سنة وشهر ويومان، وكان معه كتاب دعاء فيه تاريخ مولده ففتحه ونظر فيه واكتشف صدق الإمام ودقة خبره، ثم قال له الإمام(عليه السلام): هل رزقت ولداً؟ فأجابه بالنفي فدعا له الإمام(عليه السلام) قائلاً: اللهمّ ارزقه ولداً يكون له عضداً فنعم العضد الولد ثم تمثل(عليه السلام):
من كان ذا عضد يُدرك ظلامته إن الذليل الذي ليست له عضد
إن الذليل الذي ليست له عضد إن الذليل الذي ليست له عضد
ثم سأل الإمام عمّا إذا كان له ولد فأجابه الإمام(عليه السلام) قائلاً: إي والله سيكون لي ولد يملأ الأرض قسطاً وعدلاً فأمّا الآن فلا[6].
الخطوة الثانية:
لقد قام الإمام الحسن(عليه السلام) بالإشهاد على الولادة فضلاً عن إخباره وإقراره بولادته وذلك إتماماً للحجّة بالرغم من حراجة الظروف وضرورة الكتمان التام عن أعين الجواسيس الذين كانوا يرصدون دار الإمام وجواريه قبل الولادة وبعدها.
إن السيدة العلوية الطاهرة حكيمة بنت الإمام الجواد واُخت الإمام الهادي وعمّة الإمام الحسن العسكري(عليهم السلام) قد تولّت أمر نرجس اُم الإمام المهدي(عليه السلام) في ساعة الولادة[7].
وصرّحت بمشاهدة الإمام المهدي بعد مولده[8] وصرّح الإمام العسكري(عليه السلام) بأنها قد غسّلته[9]. وساعدتها بعض النسوة مثل جارية أبي علي الخيزراني التي أهداها الى الإمام العسكري(عليه السلام) ومارية ونسيم خادمة الإمام العسكري[10].
الخطوة الثالثة:
وتمثّلت هذه الخطوة بإخبار الإمام(عليه السلام) شيعته بأنّ المهدي المنتظر(عليه السلام) قد وُلد، وحاول نشر هذا الخبر بين شيعته بكلّ تحفّظ.
ولدينا ثمانية عشر حديثاً يتضمّن كلّ منها سعي الإمام(عليه السلام) لنشر خبر الولادة بين شيعته وأوليائه، وهي ما بين صريح وغير صريح قد اكتفى فيه الإمام(عليه السلام) بالتلميح حسب ما يقتضيه الحال.
فمنها الخبر الذي صرّح فيه الإمام الحسن(عليه السلام) بعلّتين لوضع بني العباس سيوفهم على أهل البيت(عليهم السلام) واغتيالهم من دون أن يكونوا قد تصدّوا للثورة العلنية عليهم حيث جاء فيه:
فسعوا في قتل أهل بيت رسول الله(صلى الله عليه وآله) وإبادة نسله طمعاً منهم في الوصول الى منع تولّد القائم أو قتله، فأبى الله أن يكشف أمره لواحد منهم إلاّ أن يتمّ نوره ولو كره الكافرون[11].
وقد تضمّن هذا الحديث الإخبار بولادته خفيةً ليتم الله نوره.
ومنها ما حدّث به سعد بن عبدالله عن موسى بن جعفر بن وهب البغدادي أنه خرج توقيع من أبي محمد(عليه السلام) جاء فيه: زعموا أنهم يريدون قتلي ليقطعوا هذا النسل، وقد كذّب الله عزّ وجل قولهم والحمدلله[12].
وحين قتل الزبيري قال الإمام(عليه السلام) في توقيع خرج عنه: هذا جزاء من اجترأ على الله في أوليائه، يزعم أنه يقتلني وليس لي عَقب، فكيف رأى قدرة الله فيه؟![13].
وعن أحمد بن إسحاق بن سعد أنه قال: سمعت أبا محمد الحسن بن علي العسكري(عليهما السلام) يقول: الحمدلله الذي لم يخرجني من الدنيا حتى أراني الخلف من بعدي، أشبه الناس برسول الله(صلى الله عليه وآله) خَلقاً وخُلقاً، يحفظه الله تبارك وتعالى في غيبته ثم يُظهره الله فيملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما مُلئت جوراً وظُلماً[14].
وعن أحمد بن الحسن بن اسحاق القمي قال: لمّا ولد الخلف الصالح(عليه السلام) ورد عن مولانا أبي محمد الحسن بن علي الى جديّ أحمد بن اسحاق كتاب فإذا فيه مكتوب بخط يده(عليه السلام) الذي كانت ترد به التوقيعات عليه وفيه: ولد لنا مولود فليكن عندك مستوراً وعن جميع الناس مكتوماً فإنا لم نظهر عليه إلاّ الأقرب لقرابته والوليّ لولايته...[15].
وفي سنة سبع وخمسين ومائتين خرج عيسى بن مهدي الجوهري مع جماعة الى سامراء بعد أن كانوا قد زاروا قبر الحسين(عليه السلام) بكربلاء وقبر أبي الحسن وأبي جعفر الجواد في بغداد وبشّرهم اخوانهم المجاورون لأبي الحسن وأبي محمد(عليهما السلام) في سرّ من رأى بولادة المهدي(عليه السلام)، فدخلوا على أبي محمد(عليه السلام) للتهنئة، وأجهروا بالبكاء بين يديه قبل التهنئة وهم نيّف وسبعون رجلاً من أهل السواد فقال لهم الإمام(عليه السلام) ـ من جملة ما قال: ـ
انّ البكاء من السرور من نعم الله مثل الشكر لها... ثم أراد عيسى بن مهدي الجوهري أن يتكلم فبادرهم الإمام(عليه السلام) قبل أن يتكلّموا، فقال: فيكم من أضمر مسألتي عن ولدي المهدي(عليه السلام) وأين هو؟ وقد استودعته الله كما استودعت اُم موسى موسى(عليه السلام)... فقالت طائفة: اي والله يا سيّدنا لقد كانت هذه المسألة في أنفسنا[16].
وقد أمر الإمام(عليه السلام) بعض وكلائه بأن يعقّوا عن ولده المهدي(عليه السلام) ويطعموا شيعته، والعقيقة له إخبار ضمني بولادته(عليه السلام). بل جاء التصريح في بعضها بالولادة حيث كتب لبعضهم ما نصّه: عقّ هذين الكبشين عن مولاك وكل هنّأك الله وأطعم إخوانك...[17].
الهوامش:
[1] راجع معجم أحاديث الإمام المهدي: 4/196 ـ 200 .
[2] راجع معجم أحاديث الإمام المهدي(عليه السلام): 4/195 ـ 218 .
[3] كمال الدين: 2/408 .
[4] اثبات الهداة: 3/569 .
[5] غيبة الطوسي: 215 .
[6] الخرائج: 1/478.
[7] كمال الدين: 2/424 .
[8] الكافي: 1/330 .
[9] كمال الدين: 2/434 .
[10] كمال الدين: 2/430 و 431 .
[11] اثبات الهداة: 3/570 .
[12] كمال الدين: 2/407.
[13] الكافي: 1/329 .
[14] كمال الدين: 2/418 .
[15] كمال الدين: 2/433 .
[16] الهداية الكبرى: 68، واثبات الهداة: 3/572.
[17] اثبات الوصية: 221 .